دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٣

دلائل الصدق لنهج الحق14%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-356-x
الصفحات: 420

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 420 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 214445 / تحميل: 4822
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٣

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٣٥٦-x
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

قال المصنّف ـ طاب ثراه ـ(١) :

ومنها : إنّه يلزم عدم الوثوق بوعده ووعيده ؛ لأنّه لو جاز منه فعل القبيح لجاز منه الكذب ، وحينئذ ينتفي الجزم بوقوع ما أخبر بوقوعه من الثواب على الطاعة والعقاب على المعصية ، ولا يبقى للعبد جزم بصدقه ، بل ولا ظنّ به ؛ لأنّه لمّا وقع منه أنواع الكذب والشرور في العالم ، كيف يحكم العقل بصدقه في الوعد والوعيد؟! وتنتفي حينئذ فائدة التكليف ، وهو الحذر من العقاب ، والطمع في الثواب.

ومن يجوّز لنفسه أن يقلّد من يعتقد جواز الكذب على الله تعالى ، وأنّه لا جزم بالبعث والنشور ، ولا بالحساب ولا بالثواب ولا بالعقاب؟! وهل هذا إلّا خروج عن الملّة الإسلامية؟!

فليحذر الجاهل من تقليد هؤلاء ، ولا يعتذر بأنّي ما عرفت مذهبهم ، فهذا عين مذهبهم وصريح مقالتهم ، نعوذ بالله منها ومن أمثالها.

ومنها : إنّه يستلزم نسبة المطيع إلى السفه والحمق ، ونسبة العاصي إلى الحكمة والكياسة ، والعمل بمقتضى العقل ، بل كلّما ازداد المطيع في طاعته وزهده ورفضه للأمور الدنيوية ، والإقبال على الله تعالى بالكلّيّة ، والانقياد إلى امتثال أوامره واجتناب مناهيه ، نسب إلى زيادة الجهل والحمق والسفه! وكلّما ازداد العاصي في عصيانه ، ولجّ في غيّه وطغيانه ، وأسرف في ارتكاب الملاهي المحرّمة ، واستعمال الملاذّ المزجور عنها

__________________

(١) نهج الحقّ : ٨٧.

٢١

بالشرع ، نسب إلى العقل والأخذ بالحزم

لأنّ الأفعال القبيحة إذا كانت مستندة إليه تعالى جاز أن يعاقب المطيع ويثيب العاصي ، فيتعجّل المطيع بالتعب ولا تفيده طاعته إلّا الخسران ، حيث جاز أن يعاقبه على امتثال أمره ويحصل في الآخرة بالعذاب الأليم السرمد والعقاب المؤبّد ، وجاز أن يثيب العاصي فيحصل بالربح في الدارين ، ويتخلّص من المشقّة في المنزلتين!

ومنها : إنّه تعالى كلّف المحال ؛ لأنّ الآثار كلّها مستندة إليه تعالى ، ولا تأثير لقدرة العبد ألبتّة ، فجميع الأفعال غير مقدورة للعبد ، وقد كلّف ببعضها فيكون قد كلّف ما لا يطاق.

وجوّزوا بهذا الاعتبار ، وباعتبار وقوع القبيح منه تعالى ، أن يكلّف الله تعالى العبد أن يخلق مثله تعالى ومثل نفسه ، وأن يعيد الموتى في الدنيا كآدم ونوح وغيرهما ، وأن يبلع جبل أبي قبيس(١) دفعة ، ويشرب ماء دجلة في جرعة ، وأنّه متى لم يفعل ذلك عذّبه بأنواع العذاب.

فلينظر العاقل في نفسه : هل يجوز له أن ينسب ربّه تعالى وتقدّس إلى مثل هذه التكاليف الممتنعة؟! وهل ينسب ظالم منّا إلى مثل هذا الظلم؟! تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

ومنها : إنّه يلزم منه عدم العلم بنبوّة أحد من الأنبياءعليهم‌السلام ؛ لأنّ دليل

__________________

(١) جبل أبي قبيس : هو اسم الجبل المشرف على مكّة المكرّمة ، قيل : سمّي باسم رجل من مذحج كان يكنّى أبا قبيس ، وقيل : كنّاه النبيّ آدمعليه‌السلام بذلك حين اقتبس منه هذه النار التي بأيدي الناس ، وكان في الجاهلية يسمّى « الأمين » لأنّ الحجر الأسود كان مستودعا فيه أيّام الطوفان.

انظر : معجم البلدان ١ / ١٠٣ رقم ١٥٩ ، مراصد الاطّلاع ٣ / ١٠٦٦ ، وانظر مادّة « قبس » في : لسان العرب ١١ / ١١ ، تاج العروس ٨ / ٤٠٥.

٢٢

النبوّة هو : أنّ الله تعالى فعل المعجزة عقيب الدعوة لأجل التصديق ، وكلّ من صدّقه الله تعالى فهو صادق ، فإذا صدر القبيح منه لم يتمّ الدليل.

أمّا الصغرى : فجاز أن يخلق المعجزة للإغواء والإضلال.

وأمّا الكبرى : فلجواز أن يصدّق المبطل في دعواه.

ومنها : إنّ القبائح لو صدرت عنه تعالى لوجبت الاستعاذة [ منه ] ؛ لأنّه حينئذ أضرّ [ على البشر ] من إبليس لعنه الله تعالى ، وكان الواجب ـ على قولهم ـ أن يقول المتعوّذ : أعوذ بالشيطان الرجيم من الله تعالى!

وهل يرضى العاقل لنفسه المصير إلى مقالة تؤدّي إلى التعوّذ من أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين ، وتخليص إبليس من اللعن والبعد والطرد؟!

نعوذ بالله من اعتقاد المبطلين ، والدخول في زمرة الضالّين ، ولنقتصر في هذا المختصر على هذا القدر.

* * *

٢٣

وقال الفضل (١) :

قد عرفت في ما سبق مذهب الأشاعرة في عدم صدور القبيح من الله تعالى ، وأنّ إجماع الملّيّين منعقد على أنّه تعالى لا يفعل القبيح فكلّ ما أقامه من الدلائل قد ذكرنا أنّه إقامة الدليل في غير محلّ النزاع ، فإنّ المدّعى شيء واحد.

وهم يسندونه بالقبح العقلي.

والأشاعرة يسندونه إلى أنّه لا قبيح منه ولا واجب عليه(٢) .

ثمّ إنّ المعتزلة لو أرادوا من نسبة فعل القبيح إليه تعالى أنّه يخلق القبائح من أفعال العباد ـ على رأي الأشاعرة ـ فهذا شيء يلزمهم ؛ لأنّ القبائح من الأشياء كما تكون في الأعراض كالأفعال ، تكون في الجواهر والذوات فالخنزير قبيح ، والعقرب والحيّة والحشرات قبائح ، وهم متّفقون أنّ الله يخلقهم.

فكلّ ما يلزم الأشاعرة يلزمهم في خلق القبائح الجوهريّة.

وإن أرادوا أنّه يفعل القبائح ، فإنّ هذا شيء لم يلزم من كلامهم ولا هو معتقدهم كما صرّحنا به مرارا.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ١ / ٤٠٣.

(٢) انظر الصفحة ٧ من هذا الجزء.

٢٤

وأقول :

قد سبق أنّ قول الأشاعرة بعدم صدور القبيح منه سبحانه ليس بمعنى أنّه لا يوجد القبائح ، بل بمعنى أنّه لا يقبح منه القبيح وإن صدر منه ، كالزنا ، والقيادة ، والكفر ، ونحوها!(١) .

وحينئذ فيرد عليهم كلّ ما ذكره المصنّف ، إذ ليس الإشكال ناشئا من تسمية ما يصدر عنه من القبيح قبيحا ، بل من جهة القول بصدوره عنه وإيجاده له.

فيكون استنادهم في دفع المحالات إلى أنّه لا قبيح منه ، تقريرا للزومها بعبارة ظاهرها مليح وباطنها قبيح.

وأمّا قوله : « وإن أرادوا أنّه يفعل القبائح ، فإنّ هذا شيء لم يلزم من كلامهم » إلى آخره

ففيه ما مرّ من أنّ فعل القبيح وخلقه بمعنى واحد ، وتعدّد الألفاظ لا أثر له ، فإنّ الإشكال ناشئ من قولهم بإيجاد الله سبحانه للقبائح ، ولا لتسميته خلقا لا فعلا(٢) .

على أنّه لا وجه لامتناعهم من نسبة الفعل إليه تعالى ، بعد إنكارهم للحسن والقبح العقليّين في الأفعال.

وأمّا قوله : « فهذا شيء يلزمهم »

__________________

(١) انظر ج ٢ / ٣٣٢ من هذا الكتاب.

(٢) راجع الصفحة ٩ من هذا الجزء.

٢٥

فمردود بأنّ الخنزير والحشرات ليست قبائح حقيقة ؛ لما فيها من المصالح الكثيرة ، بخلاف قبائح الأعمال فإنّها شرور ومفاسد في الكون.

نعم ، لمّا كان الخنزير والحشرات مؤذية ، أو لا تلائم الطباع ، سمّيت شرورا وقبائح عند من يخفى عليه وجه الحكمة في خلقها والمصالح الثابتة فيها ، وإلّا فالله أجلّ من أن يخلق القبيح ، تبارك الله أحسن الخالقين.

* * *

٢٦

إنّه تعالى يفعل لغرض وحكمة

قال المصنّف ـ رفع الله درجته ـ(١) :

المطلب الرابع

في أنّ الله تعالى يفعل لغرض وحكمة

قالت الإمامية : إنّ الله تعالى إنّما يفعل لغرض وحكمة وفائدة ومصلحة ترجع إلى المكلّفين ، ونفع يصل إليهم(٢) .

وقالت الأشاعرة : إنّه لا يجوز أن يفعل شيئا لغرض ، ولا لمصلحة ترجع إلى العباد ، ولا لغاية من الغايات(٣) .

ولزمهم من ذلك محالات :

منها : أن يكون الله تعالى لاعبا عابثا في فعله ، فإنّ العابث ليس إلّا الذي يفعل لا لغرض وحكمة بل مجّانا ، والله تعالى يقول :( وَما خَلَقْنَا السَّماءَ

__________________

(١) نهج الحقّ : ٨٩.

(٢) الذخيرة في علم الكلام : ١٠٨ وما بعدها ، تقريب المعارف : ١١٤ وما بعدها ، قواعد المرام في علم الكلام : ١١٠.

(٣) الاقتصاد في الاعتقاد ـ للغزّالى ـ : ١١٥ ، نهاية الإقدام في علم الكلام : ٣٩٧ ، محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين : ٢٩٦ ، المواقف : ٣٣١ ، شرح المواقف ٨ / ٢٠٢.

٢٧

وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ ) (١) ( رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً ) (٢) .

والفعل الذي لا لغرض للفاعل فيه باطل ولعب ؛ تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

* * *

__________________

(١) سورة الأنبياء ٢١ : ١٦.

(٢) سورة آل عمران ٣ : ١٩١.

٢٨

وقال الفضل (١) :

قد سبق أنّ الأشاعرة ذهبوا إلى أنّ أفعال الله تعالى ليست معلّلة بالأغراض ، وقالوا : لا يجوز تعليل أفعاله بشيء من الأغراض والعلل الغائيّة(٢) .

ووافقهم على ذلك جماهير الحكماء وطوائف الإلهيّين.

وذهبت المعتزلة ومن تابعهم من الإمامية إلى وجوب تعليلها(٣) .

ومن دلائل الأشاعرة : إنّه لو كان فعله تعالى لغرض ، من تحصيل مصلحة أو دفع مفسدة ، لكان هو ناقصا لذاته ، مستكملا بتحصيل ذلك الغرض ؛ لأنّه لا يصلح غرضا للفاعل إلّا ما هو أصلح له من عدمه ؛ وذلك لأنّ ما يستوي وجوده وعدمه بالنظر إلى الفاعل ، أو كان وجوده مرجوحا بالقياس إليه ، لا يكون باعثا على الفعل ، وسببا لإقدامه عليه بالضرورة.

فكلّ ما كان غرضا وجب أن يكون وجوده أصلح للفاعل وأليق به من عدمه ، وهو معنى الكمال.

فإذا يكون الفاعل مستكملا بوجوده ناقصا بدونه(٤) ، هذا هو الدليل.

وذكر هذا الرجل أنّه يلزم من هذا المذهب محالات :

منها : أن يكون الله تعالى لاعبا عابثا.

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ١ / ٤٢٤.

(٢) راجع ج ٢ / ٣٤٦ من هذا الكتاب.

(٣) المحيط بالتكليف : ٢٦٣ ، وانظر : ج ٢ / ٣٤٥ من هذا الكتاب.

(٤) انظر : شرح المواقف ٨ / ٢٠٢ ـ ٢٠٣.

٢٩

والجواب الحقيقي : إنّ العبث ما كان خاليا عن الفوائد والمنافع ، وأفعاله تعالى محكمة متقنة مشتملة على حكم ومصالح لا تحصى ، راجعة إلى مخلوقاته تعالى ، لكنّها ليست أسبابا باعثة على إقدامه ، وعللا مقتضية لفاعليّته ، فلا تكون أغراضا له ولا عللا غائية لأفعاله تعالى حتّى يلزم استكماله بها ، بل تكون غايات ومنافع لأفعاله وآثارا مترتّبة عليها ، فلا يلزم أن يكون شيء من أفعاله تعالى عبثا خاليا عن الفوائد.

وما ورد من الظواهر الدالّة على تعليل أفعاله تعالى ، فهو محمول على الغاية والمنفعة دون الغرض والعلّة(١) .

* * *

__________________

(١) انظر : شرح المواقف ٨ / ٢٠٥.

٣٠

وأقول :

لم ينف الحكماء كلّي الغرض ، وإنّما نفوا الغرض الذي به الاستكمال كما يدلّ عليه كلمات بعضهم(١) ، وهذا الدليل الذي ذكره الخصم وأخذه أتباعهم من ظواهر كلماتهم.

وقد أجاب الإمامية عن هذا الدليل بما قاله نصير الدينرحمه‌الله في التجريد : « ولا يلزم عوده إليه »(٢) .

يعني أنّ الغرض لا يلزم عوده إلى الله تعالى ، بل يجوز أن يعود إلى مصلحة العبد أو نظام الموجودات بما تقتضيه الحكمة.

وأشار إليه المصنّفرحمه‌الله بقوله : « إنّما يفعل لغرض وحكمة وفائدة ومصلحة ترجع إلى المكلّفين ».

فقولهم في هذا الدليل : « لا يصلح غرضا للفاعل إلّا ما هو أصلح له من عدمه » ظاهر البطلان ، فإنّ الحكيم المحسن لا يحتاج في داعيه للفعل إلى أكثر من حصول المصلحة لعبده ، أو احتياج النظام إليه ، فيكون الغرض كمالا للفعل ، ودليلا على كمال ذات الفاعل ؛ لأنّه يشهد بحكمته وإحسانه ، ولو فعل لا لغرض لكان ناقصا عابثا.

وقد قسّم الأشاعرة قسمة غير عادلة ، حيث اكتفوا لأنفسهم في مقام

__________________

(١) انظر مثلا : تهافت التهافت : ٤٩١ ، شرح التجريد : ٤٤٣ ، وقد مرّ ذلك في ج ٢ / ٣٤٧ ه‍ ١.

(٢) تجريد الاعتقاد : ١٩٨.

٣١

أفعاله تعالى بمجرّد الإرادة بلا غرض أصلا ، ولم يكتفوا منّا بالغرض العائد إلى العبد أو النظام.

وقالوا : إنّ الاكتفاء به خلاف الضرورة كما سمعته في دليلهم(١) .

وما قيل : إنّ الغرض علّة لعلّيّة العلّة الفاعليّة ، فلو كان لفعله تعالى غرض لاحتاج في علّيّته إليه ، والمحتاج إلى الغير مستكمل به.

ففيه : إنّ هذا الاحتياج ليس من استكمال الذات في شيء ، بل هو من باب شرط الفعل أو شرط كماله نظير احتياجه في علّيّته للكائنات إلى إمكانها ، واحتياجه في كونه رازقا إلى وجود من يرزقه ، وفي تعلّق علمه إلى ثبوت المعلومات.

على أنّ الأشاعرة قائلون باحتياجه في أفعاله تعالى إلى صفاته الزائدة على ذاته ، وإنّه مستكمل بها(٢) فما بالهم يستبشعون من استكماله تعالى بالغرض لو فرض به استكمال لذاته؟!

فإن قلت : نرى بعض الأشياء بلا غرض ولا مصلحة كإماتة الأنبياء ، وإبقاء إبليس ، وتخليد الكفّار بالنار.

قلت : لا ريب أنّ موت الأنبياء مصلحة لهم لخلاصهم من مكاره الدنيا ووصولهم إلى الدرجات العليا ، وهو غرض راجح لهم ، كما أنّ بقاء إبليس مصلحة للمؤمنين بمجاهدتهم له الموجبة لفوزهم بالأجر ، مع أنّ به تمييز الخبيث من الطيّب وتمحيص الناس ، فينال كلّ امرئ استحقاقه ، قال

__________________

(١) انظر الصفحة ٢٩ من هذا الجزء.

(٢) تمهيد الأوائل : ٢٢٧ ، الملل والنحل ١ / ٨١ ـ ٨٢ ، المواقف : ٢٧٩ ، شرح المواقف ٨ / ٤٤ ـ ٤٥.

٣٢

تعالى :( الم * أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ) (١) .

كما أنّ بقاء إبليس مصلحة له بطول تمكينه من التوبة الخالصة المخلّصة له من غضب الله وعقابه ، ولا ينافيه إخباره سبحانه بأنّه يدخل النار لإمكان كونه مشروطا بعدم التوبة.

وأمّا تخليد أهل النار ، فمع أنّه فرع حكمة الوعيد ، مشتمل على مصلحة للمؤمنين ، لكونه زيادة في نعيمهم وسرورهم بخلاصهم من مثله وتشفّيهم من أعدائهم ، قال تعالى :( فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ) (٢) .

هذا ، ونقل عن شيخهم الأشعري دليل آخر مضحك ، كما حكاه السيّد السعيد ـ مع ردّه ـ عن السيّد معين الدين الإيجي الشافعي(٣) ، في رسالته التي ألّفها لتحقيق مسألة الكلام

قال : « إعلم أنّه ـ رضي الله عنه ـ قد يرعوي إلى عقيدة جديدة بمجرّد اقتباس قياس لا أساس له ، مع أنّه مناف لصرائح القرآن وصحاح الأحاديث ، مثل : إنّ أفعال الله تعالى غير معلّلة بغرض ، ودليله كما صرّح به في كتبه أنّه يلزم تأثّر الربّ عن شعوره بخلقه.

__________________

(١) سورة العنكبوت ٢٩ : ١ و ٢.

(٢) سورة المطفّفين ٨٣ : ٣٤.

(٣) هو : محمّد بن صفي الدين عبدالرحمن بن محمّد بن عبدالسلام معين الدين الإيجي الصفوي الشيرازي الشافعي ، ولد سنة ٨٣٢ ه‍ وتوفّي سنة ٩٠٦ ه‍ ، له تصانيف عديدة منها : جوامع التبيان في تفسير القرآن ، كتاب تهافت الفلسفة ، حاشية على التلويح للتفتازاني.

انظر : هديّة العارفين ٦ / ٢٢٣ ، معجم المؤلّفين ٣ / ٤٠١ رقم ١٤٠٠٤.

٣٣

وأنت تعلم أنّه لا يشكّ ذو فكرة(١) أنّ علمه تعالى بالممكنات والغايات المترتّبة عليها صفة ذاتية ، وفعله موقوف على صفة ذاتية ، وكم من الصفات الذاتية موقوفة على صفة مثلها ، وتعالى جدّ ربّنا عن أن يحصل له بواسطة شعوره بغاية شوق وانفعال في ذاته الأقدس كما في الحيوانات »(٢) .

والأولى في ردّه أن يقال : إنّه إن أراد بتأثّره تعالى حصول الانفعال له ، فهو غير لازم من القول بالغرض.

وإن أراد به أنّ الغرض يكون داعيا له إلى الفعل ، فهو المطلوب ، ولا بأس به أصلا.

ثمّ إنّه لا مناص للأشاعرة عن القول بالغرض ؛ لأنّهم قالوا بحجّية القياس(٣) ، وهو لا يتمّ إلّا إذا كانت التكاليف التي هي من أفعاله تعالى معلّلة بالأغراض ، إمّا لكون العلّة في القياس غرضا كما في أكثر المقامات ، أو لاستلزامها للغرض ، بلحاظ أنّ سببية الشيء لأن يكلّف سبحانه اختيارا تستدعي وجود غرض له ملازم لتلك العلّة ، وإلّا فكيف صارت علّة لفعل الله وهو التكليف؟!

على أنّ الالتزام بثبوت علّة لفعل من أفعاله تعالى وإن لم تكن علّة غائية ، يستلزم القول بصحّة الأغراض ؛ لأنّ النقص المفروض يأتي أيضا

__________________

(١) في المصدر : « مرّة » ، والمرّة ، القوّة وشدّة العقل ؛ انظر : لسلن العرب ١٣ / ٧٤ مادّة « مرر ».

(٢) إحقاق الحقّ ١ / ٤٣٢ ـ ٤٣٣.

(٣) التبصرة في أصول الفقه : ٤١٩ مسألة ٣ ، المستصفى من علم الأصول ٢ / ٢٣٤ ، المحصول في علم أصول الفقه ٢ / ٢٤٥ ، الإحكام في أصول الأحكام ـ للآمدي ـ ٣ / ١٦٤ وما بعدها ، المواقف : ٣٦.

٣٤

من تلك العلّة ؛ لأنّها تستدعي حاجته في فعله إليها.

فلا بدّ من القول بأنّ الحاجة إلى العلّة لا تستوجب النقص سواء كانت العلّة غائية أم لا.

وأمّا ما ذكره في الجواب عن العبث ؛ فهو عين ما في « شرح المواقف »(١) .

وفيه : إنّ الفعل إذا تجرّد عن الغرض كان عبثا ولعبا وإن اشتمل في نفسه على مصلحة ، ضرورة أنّ من استأجر أجيرا على فعل فيه مصلحة ، ولكن لم يستأجر لغرض المصلحة بل مجّانا وبلا غاية له ولا لغيره ، عدّ عابثا لاعبا.

على أنّ قوله : « أفعاله تعالى محكمة متقنة مشتملة على حكم ومصالح » إلى آخره

إنّ أراد به أنّ ذلك أمر لازم ، فهو لا يتمّ على قولهم : « لا يجب عليه شيء ، ولا يقبح منه شيء »!

وإن أراد أنّه أمر اتّفاقي ، فكيف يتنزّه الله سبحانه عن اللعب أي الخلق بلا مصلحة ، ويراه عيبا عليه ، والحال أنّه يجوز عليه أن يخلق ما لا مصلحة فيه؟!

* * *

__________________

(١) شرح المواقف ٨ / ٢٠٤ ـ ٢٠٥.

٣٥

قال المصنّف ـ رحمه الله تعالى ـ (١) :

ومنها : إنّه يلزم أن لا يكون الله سبحانه محسنا إلى العباد ، ولا منعما عليهم ، ولا راحما لهم ، ولا كريما في حقّ عباده ، ولا جوادا ، وكلّ هذا ينافي نصوص الكتاب العزيز ، والمتواتر من الأخبار النبوية ، وإجماع الخلق كلّهم من المسلمين وغيرهم ، فإنّهم لا خلاف بينهم في وصف الله تعالى بهذه الصفات على سبيل الحقيقة لا على سبيل المجاز.

وبيان لزوم ذلك : إنّ الإحسان إنّما يصدق لو فعل المحسن نفعا لغرض الإحسان إلى المنتفع ، فإنّه لو فعله لغير ذلك لم يكن محسنا ؛ ولهذا لا يوصف مطعم الدابّة لتسمن حتّى يذبحها بالإحسان في حقّها ، ولا بالإنعام عليها ، ولا بالرحمة ؛ لأنّ التعطّف والشفقة إنّما يثبتان مع قصد الإحسان إلى الغير لأجل نفعه لا لغرض آخر يرجع إليه.

وإنّما يكون كريما وجوادا لو نفع الغير للإحسان وبقصده ، ولو صدر منه النفع لا لغرض لم يكن كريما ولا جوادا ؛ تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

فلينظر العاقل المنصف من نفسه ، هل يجوز أن ينسب ربّه عزّ وجلّ إلى العبث في أفعاله ، وأنّه ليس بجواد ولا محسن ولا راحم ولا كريم؟! نعوذ بالله من مزالّ الأقدام ، والانقياد إلى مثل هذه الأوهام.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٨٩.

٣٦

وقال الفضل (١) :

جوابه : منع الملازمة ؛ لأنّ خلوّ الفعل عن الغرض لا يستدعي كون الفاعل غير محسن ولا راحم ولا منعم.

فإنّ معنى الغرض ما يكون باعثا للفاعل على الفعل ، ويمكن صدور الإحسان والرحمة والإنعام من الفاعل من غير باعث له ، بل للإفاضة الذاتية التي تلزم ذات الفاعل.

نعم ، لو كان خاليا من المصلحة والغاية لكان ذلك الفعل عبثا.

وقد بيّنّا أنّ أفعاله تعالى مشتملة على الحكم والغايات والمصالح ، فلا تكون أفعاله عبثا.

وأمّا قوله : « إنّ التعطّف والشفقة إنّما يثبتان مع قصد الإحسان إلى الغير لأجل نفعه »

فإن أراد بالقصد الغرض والعلّة الغائيّة ؛ فممنوع.

وإن أراد الاختيار وإرادة إيصال الإحسان إلى المحسن إليه بالتعيين ؛ فذلك في حقّه تعالى ثابت ، وهذا لا يتوقّف على وجود الغرض والعلّة الغائيّة.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ١ / ٤٣٤.

٣٧

وأقول :

منع الملازمة مكابرة ظاهرة ، ضرورة أنّ الفعل لا لغاية وغرض ، عبثّ ، والعبث لا يكون إحسانا وإنعاما وكرما ، بل مع قطع النظر عن العبث لا يكون الفعل بنفسه إحسانا بلا قصد الإحسان ، وإلّا لكان كذلك وإن صدر لغاية أخرى ، كما في مثال المصنّف بمطعم الدابّة ؛ وهو خلاف الضرورة.

قال الشاعر :

لا تمدحنّ ابن عبّاد وإن هطلت

كفّاه بالجود سحّا يخجل الدّيما(١)

فإنّها خطرات من وساوسه

يعطي ويمنع لا بخلا ولا كرما(٢)

فإنّه جعل عطاءه الوافر لا لغاية الإحسان والفضل ، ليس من الكرم ، وإن أساء وأجحف في حقّ ابن عبّاد.

وأمّا ما ذكره في الشقّ الثاني ، فهو عين القول بالغرض ؛ لأنّ إرادة إيصال الإحسان إلى المحسن إليه عبارة عن قصد الداعي ، والداعي هو الغرض.

* * *

__________________

(١) السّحّ : الصّبّ المتتابع الكثير ، وهنا كناية عن العطاء الكثير المتواصل ؛ انظر : لسان العرب ٦ / ١٨٨ مادّة « سحح ».

والدّيم ، جمع ديمة : المطر الدائم في سكون بلا رعد ولا برق ، وهي هنا على المجاز : العطاء الدائم المستمرّ ؛ انظر : لسان العرب ٤ / ٤٤٦ و ٤٥٨ مادّتي « دوم » و« ديم ».

(٢) البيتان لأبي بكر الخوارزمي في هجاء الوزير الصاحب بن عبّاد ؛ انظر ديوانه : ٤٠٩ ـ ٤١٠ رقم ٢١٤ ، وانظر : مرآة الجنان ٢ / ٣١٤ ، شذرات الذهب ٣ / ١٠٥.

٣٨

قال المصنّف ـ طيّب الله رمسه ـ(١) :

ومنها : إنّه يلزم أن تكون جميع المنافع التي جعلها الله تعالى منوطة بالأشياء غير مقصودة ولا مطلوبة لله تعالى ، بل وضعها وخلقها عبثا.

فلا يكون خلق العين للإبصار ، ولا خلق الأذن للسماع ، ولا اللسان للنطق ، ولا اليد للبطش ، ولا الرجل للمشي ، وكذا جميع الأعضاء التي في الإنسان وغيره من الحيوانات.

ولا خلق الحرارة في النار للإحراق ، ولا الماء للتبريد ، ولا خلق الشمس والقمر والنجوم للإضاءة ، ومعرفة الليل والنهار للحساب.

وكلّ هذا مبطل للأغراض والحكم والمصالح ، ويبطل علم الطبّ بالكلّيّة ، فإنّه لم يخلق الأدوية للإصلاح ، ويبطل علم الهيئة ، وغيرها.

ويلزم العبث في ذلك كلّه ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٩٠ ـ ٩١.

٣٩

وقال الفضل (١) :

إذا قلنا : إنّ أفعاله تعالى محكمة متقنة ، مشتملة على حكم ومصالح لا تحصى ، هي راجعة إلى مخلوقاته ، لا يلزم أن تكون منافع الأشياء غير مقصودة لله تعالى

بل هو الحكيم خلق الأشياء ورتّب عليها المصالح ، وقبل خلق الأشياء قدّرها ودبّرها ، ولكن ليست أفعاله محتاجة إلى علّة غائيّة كأفعالنا [ الاختيارية ]

فإنّا لو فقدنا العلّة الغائيّة لم نقدر على الفعل الاختياري ، وليس هو تعالى كذلك ؛ للزوم النقص والاحتياج

بل الآثار والمصالح تترتّب على أفعاله من غير نقص الاحتياج إلى العلّة الغائية الباعثة للفاعل ، ولولاها لم يتصوّر الفعل الاختياري من الفاعل(٢) .

هذا هو المطلوب من كلام الأشاعرة ، لا نفي منافع الأشياء ، وأنّها لم تكن معلومة لله تعالى وقت خلق الأشياء

مثلا : اقتضت حكمة خلق العالم أن يخلق الشمس مضيئة ، وفي إضاءتها منافع للعباد ، فالله تعالى قبل أن يخلق الشمس كان يعلم هذه المنافع المترتّبة عليها لخلقها ، وترتّب المنافع عليها من غير احتياج إلى

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ ١ / ٤٣٦.

(٢) شرح المواقف ٨ / ٢٠٤.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

بن البطريق(١) من طريق الشيخ الجليل الحافظ ربع السنة أحمد بن حنبل بالإسناد الذي له إليه في مسنده قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثنا أبي قال حدثنا ابن نمير وأبو أحمد(٢) الزبيري قالا حدثنا العلاء بن صالح عن المنهال بن عمر(٣) عن عمارة(٤) بن عبد الله قال سمعت علياعليه‌السلام يقول أنا عبد الله وأخو رسوله قال ابن نمير في حديثه وأنا الصديق الأكبر لا يقولها بعد قال أبو أحمد بعدي إلا كاذب مفتر ولقد صليت قبل الناس سبع سنين قال أبو أحمد ولقد أسلمت قبل الناس بسبع سنين(٥) .

وتقرير العمل بهذه الرواية - ما رويناه(٦) من طريق القوم من أن الحق معه.

وبالإسناد قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثنا محمد

__________________

(١) عمدة عيون صحاح الاخبار: ٢٢٠.

(٢) في المصدر: بزيادة: هو.

(٣) في المصدر: عمرو وكذا في « العمدة ».

(٤) في المصدر: عباد وكذا في « العمدة ».

(٥) فضائل الصحابة: ٢ / ٥٨٦ و ٥٨٧ حديث ٩٩٣. وايضا النسائي في خصائصه: ص ٣.

روى بسنده عن عمرو بن عباد بن عبد الله قال: قال علي عليه‌السلام : انا عبد الله واخو رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم وانا الصديق الاكبر لا يقولها بعدي الا كاذب، امنت قبل الناس سبع سنين.

ورواه ايضا ابن جرير الطبري في تاريخه: ٢ / ٥٦ والمحب الطبري في الرياض النضرة: ٢ / ١٥٥. وذكر المتقى في كنز العمال: ٦ / ٤٠٥.

قال: عن سليمان بن عبد الله عن معاذة العدوية قالت: سمعت عليا عليه‌السلام وهو يخطب على منبر البصرة يقول: انا الصديق الاكبر، امنت قبل ان يؤمن ابو بكر، واسلمت قبل ان يسلم.

وذكر هذا ايضا الذهبي في ميزان الاعتدال: ١ / ٤١٧ والمحب الطبري في الرياض النضرة: ٢ / ١٥٧.

(٦) مرت الاشارة اليه ص (٩٧).

٢٨١

قال حدثنا الحسن بن عبد الرحمن الأنصاري قال حدثنا عمر بن سميع(١) عن ابن أبي ليلى(٢) عن أبيه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الصديقون ثلاثة حبيب بن موسى النجار وهو(٣) مؤمن آل يس وحزقيل(٤) مؤمن آل فرعون وعلي بن أبي طالب الثالث وهو أفضلهم(٥) وقد رويناه عن الثعلبي(٦) ورواه الشيخ يحيى(٧) عن ابن المغازلي(٨) .

إذا عرفت هذا فأين التعلق بما لا يعرف أصله من التعلق بما يعرف أصله من طريق من لا يستغش ولا يتهم.

قال وإن جميع الأمة قالت يا خليفة رسول الله(٩) .

وهذه نطقات عاجز عن إقامة البراهين فيتعلق بالدعوى مع العلم بعدم الموافقة من جماعة المسلمين عليها وإن الإجماع مع دفع العوارض التي في هذا المقام وتحصيله استقراء(١٠) في مقام الممتنع فكيف في مثل هذا المقام والعيان يخالفها.

وذكر(١١) أشعارا تساعده وإن استشهادا بشعر في مدح رئيس اجتمع أكثر

__________________

(١) ن: جميع، وكذا في المصدر.

(٢) في المصدر: عن اخيه عيسى بن عبد الرحمن بن ابي ليلى، عن ابيه.

(٣) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.

(٤) ج: حزبيل. والمصدر: خرتيل.

(٥) فضائل الصحابة: ٢ / ٦٢٧ و ٦٢٨ حديث ١٠٧٢ وذكر حديثا ثانيا يختلف مع ما ذكر باللفظ، انظر ص: ٦٥٥ و ٦٥٦ حديث ١١١٧.

(٦) الكشف والبيان: مخطوط.

(٧) عمدة عيون صحاح الاخبار: ٢٢٢.

(٨) مناقب ابن المغازلي: ٣٤٥ حديث ٢٩٣.

(٩) العثمانية: ١٢٣.

(١٠) ن: اسفرا.

(١١) العثمانية: ١٢٤.

٢٨٢

الناس عليه طريف(١) إذ الشعراء يميلون إلى الجانب الذي تحصل أغراضهم(٢) يذمون الممدوح ويمدحون المذموم( أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ ) إلى آخر السورة(٣) .

وعارض (٤) بالاعتماد على قول رشيد الهجري(٥) والسيد الحميري(٦)

__________________

(١) ن: ظريف.

(٢) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن، وفيها: يشاءون.

(٣)( وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ. أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ. وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) الشعراء ٢٢٤ حتى ٢٢٧.

(٤) العثمانية: ١٢٨.

(٥) من اصحاب أمير المؤمنين الاوفياء وكان يحمل علم البلايا والمنايا.

قال النجاشي وبسنده عن ابي حيان البجلي عن قنواء بنت رشيد الهجري قال: قلت لها: اخبريني ما سمعت من ابيك؟ قالت: سمعت ابي يقول: اخبرني امير المؤمنين عليه‌السلام فقال يا رشيد كيف صبرك اذا ارسل اليك دعي بني امية فقطع يديك ورجليك ولسانك؟ قلت: يا امير المؤمنين اخر ذلك الى الجنة؟ فقال: يا رشيد انت معي في الدنيا والآخرة.

قالت: فو الله ما ذهبت الايام حتى ارسل اليه عبيد الله بن زياد الدعي، فدعاه الى البراءة من امير المؤمنين عليه‌السلام فابى ان يبرأ منه، فقال له الدعي، فباي ميتة قال لك تموت؟ فقال له: اخبرني خليلي انك تدعوني الى البراءة منه فلا ابرأ فتقدمني فتقطع يدي ورجلي ولساني.

فقال: والله لاكذبن قوله فيك.

قال: فقدموه فقطعوا يديه ورجليه وتركوا لسانه، فحملت اطراف يديه ورجليه فقلت: يا ابت هل تجد الما لما اصابك؟ فقال: لا يا بنية الا كالزحام بين الناس، فلما احتملناه واخرجناه من القصر اجتمع الناس حوله فقال: ايتوني بصحيفة ودواة اكتب لكم ما يكون الى يوم الساعة، فارسل اليه الحجام حتى يقطع لسانه، فمات رحمة الله عليه في ليله.

قال: وكان امير المؤمنين عليه‌السلام يسميه رشيد البلايا، وكان قد القى اليه علم المنايا والبلايا وكان حياته اذا لقي الرجل قال له: فلان انت تموت بميتة كذا وتقتل انت يا فلان بقتلة كذا وكذا فيكون كما يقول رشيد. و ( رشيد ) بضم الراء مصغرا.

انظر: تنقيح المقال: ١ / ٤٣١ رجال الكشي: ١ / ٢٩٠ رجال ابن داود: ٩٥.

(٦) هو اسماعيل بن محمد بن يزيد بن وداع الحميري الملقب بالسيد.

٢٨٣

ومنصور النمري(١) .

__________________

ولد من ابوين اباضيين ناصبيين عدوين لامير المؤمنينعليه‌السلام .

قال ابو الفرج الاصفهاني: كان منزلهما بالبصرة في غرفة بني ضبة وكان السيد يقول: طالما سب امير المؤمنين في هذه الغرفة. فاذا سئل عن التشيع عن اين وقع له؟ قال: غاصت عليّ الرحمة غوصا.

ولادته في عمان - واد قريب من الشام - ونشأ في البصرة في بيت ابويه وحين ارشد انتقل الى بيت الامير عقبة بن سلم، وظل في كنفه الى ان مات والداه فغادر البصرة الى الكوفة واخذ فيها الحديث عن الاعمش وتربى هناك وعاش مدة مديدة وهو يعتنق مذهب الكيسانية القائلين بامامة محمد بن الحنفية وغيبته وله في ذلك شعر، ثم ادركته السعادة ببركة الإمام الصادق صلوات الله عليه حتى قال قصيدته الشهيرة.

تجعفرت باسم الله والله اكبر

وايقنت ان الله يعفو ويغفر

توفي السيد بالرميلة ببغداد في خلافة الرشيد ودفن في جنينة ناحية من الكرخ وارخ سنة وفاته المرزباني بسنة ١٧٣ ونقله القاضي المرعشي في مجالسه عن خط الكفعي.

وشعره في اهل البيت كثير جدا منه القصيدة العينية الشهيرة.

لام عمرو باللوى مربع

طامسة اعلامها بلقع

انظر: الاغاني: ٧ / ٣٠ لسان الميزان: ١ / ٤٣٨ العقد الفريد: ٢ / ٢٨٩، تنقيح المقال: ١ / ١٤٢.

(١) هو منصور بن سلمة بن الزبرقان النمري -

ولد في راس العين في الشام وكان مع الرشيد مقدما وكان يمت اليه بام العباس بن عبد المطلب وهي نمرية واسمها: نتيلة.

وكان مع هذا شيعيا مواليا لاهل البيت عليهم‌السلام وهو القائل من قصيدة يرثي بها الحسين عليه‌السلام .

شاء من الناس راتع هامل

يعللون النفوس بالباطل

تقتل ذرية النبي ويرجون

جنان الخلود للقاتل

ويلك يا قاتل الحسين لقد

بؤت بحمل ينوء بالحامل

وهو القائل ايضا:

آل النبي ومن يحبهم

يتطامنون مخافة القتل

امنوا النصارى واليهود وهم

عن امة التوحيد في ازل

٢٨٤

والذي يقال على هذا الكلام وقد يظنه معارضا قويا وليس به إن أولئك المادحين مدحوا والدولة لمن مدحوه قائمة ونجومها ناجمة ورشيد مدح والأرواح من شيعة أمير المؤمنين تختطف اختطاف العقبان البغاث وكان رشيد أحدهم قطع ابن زياد يديه ورجليه وقطع لسانه وصلبه وقد كان أمير المؤمنينعليه‌السلام أخبره بذلك وأخبر به ابن زياد لعنه الله وبعد ذلك لم ينزع عن بغضته(١) ومسبته أسوة بقوم صالح.

والحميري مدح والخليفة المنصور بن العباس وهو عدو هذا البيت يصطلم أرواح أكابره مجدا في هدم سور مفاخره.

والنمري كان على ما أرى في أيام الرشيد وما يتخيل لي(٢) أن بني أمية كثرته(٣) في اصطلامهم وترشيفهم كئوس حمامهم(٤) فأين المادح وهو آمن راغب من المادح وهو خائف آيس مع أن الذين أشار إليهم إن أوردوا(٥) أشعار من ذكر فليس على جهة البرهان فإن كان الجاحظ توهم غير ذلك فقد غلط.

وتعلق بقول ابن عباس لعائشة نحن سمينا أباك صديقا(٦) وهذا إن ثبت فمعناه بطريقنا(٧) سمي أبوك صديقا والقرائن دالة على ذلك إذ فنون

__________________

الا مصاليت ينصرونهم

بظبا الصوارم والقنا الذابل

انشد الرشيد هذه القصيدة بعد موته فقال: لقد هممت ان انبشه ثم احرقه انظر: الشعر والشعراء: ٧٣٦ الاغاني: ١٢ / ١٦ تاريخ بغداد: ١٣ / ٦٥ وطبقات ابن المعتز: ٢٤٢.

(١) ن: بغضه.

(٢) ق: اليّ.

(٣) ن: كسرته.

(٤) ق: جماجمهم.

(٥) ن: اذ اورد.

(٦) العثمانية: ١٢٨.

(٧) ن: بطريقتنا.

٢٨٥

[ كلمات ](١) ابن عباس تشهد - لأمير المؤمنينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعلو الدرجات الساميات وأنه الشمس التي(٢) لا تكسفها يد الحادثات الصادق في اللهجات وأن حال بني هاشم مع الذي تقدم عليهم ظاهر في المعاينات.

قال ثم الذي كان من تأمير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - أبا بكر عليه حين ولاه الموسم وبعثه(٣) على الحاج سنة تسع وبعث عليا يقرأ(٤) آيات من سورة براءة وكان(٥) الإمام وعلي المأموم وكان أبو بكر الدافع(٦) ولم يكن لعلي أن يدفع(٧) حتى يدفع أبو بكر(٨) .

والذي يقال على هذا إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعثه على الموسم مقدما حيث عرف أنه لا طعن ولا ضرب ولا قتال ولا حرب أميرا على من كان بعثه إليهم وليس لأمير المؤمنين صلوات الله عليه نصيب في تقديمه عليه إذ لم يكن عزم رسول الله أن يبعثه إلى مكة قبل أمر الله برد أبي بكر وأخذ الآيات منه فلما أخذها منه وفيها نوع منابذة للكفار بعث بها مع من لا يهاب اللقاء ولا يخاف الأعداء(٩) .

وإذا اعتبر هذا المعنى دل على فضيلة أمير المؤمنين على من سواه وأن غيره لا يسد مسده ولا ينهض معناه بمعناه وما برهانه على أن أبا بكر

__________________

(١) لا توجد في: ن.

(٢) ج وق: الذي.

(٣) في المصدر: وبعثه اميرا على الحاج.

(٤) في المصدر بزيادة: على الناس.

(٥) المصدر: وكان ابو بكر الإمام.

(٦) في المصدر بزيادة: بالموسم.

(٧) المصدر: ن يندفع.

(٨) العثمانية: ١٢٩.

(٩) ن: الاغراء.

٢٨٦

كان الإمام وعلي المأموم وأنه لم يكن لعلي أن يدفع وقد بينا دفعه عن ذلك بأنه ولاه الموسم على الجماعة الذين بعث إليهم و(١) لم يكن علي صلوات الله عليه ممن جرى في خاطره المقدس أن يكون في جملتهم حاضرا مع جماعتهم.

ثم الوجه المانع(٢) لكونه كان أميرا على أمير المؤمنين قدوة للدافعين ما ثبت من كونه صلّى الله عليه مسمى الله من رسول الله بأمير المؤمنين فإذن هو أمير كل من ثبت كونه مؤمنا من المؤمنين إلى يوم الدين.

مع أن أبا الفرج الأصفهاني الأموي روى(٣) في إسناد(٤) متصل بعبد الله(٥) بن عمر ما يشهد بأن(٦) رسول الله خير أبا بكر على لسان أمير المؤمنين أن يتوجه مع علي وعلي أمير عليه أو يرجع فرجع وما ذكر أنه عاد(٧) .

وأما أنه إمام في الصلاة(٨) فإنهم يروون أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال يؤمكم أقرؤكم ولا يختلف الناس في أن أمير المؤمنين أقرأ من أبي بكر رضوان الله عليه وهذا مما لا يحتاج إلى برهان يدل عليه و(٩) لأنه

__________________

(١) ما بين المعقوفتين لا توجد في: ن.

(٢) ن: الساطع.

(٣) ما نزل من القرآن في أهل البيت: مخطوط.

(٤) ق: باسناد.

(٥) ق: الى عبد الله.

(٦) ق: ان.

(٧) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن ويوجد فيها: امامته.

(٨) قال الجاحظ: ثم الذي كان من تفضيله عليه وعلى الناس جميعا ايام شكاته حيث امره ان يؤم الناس ويقوم مقامه في صلاته وعلى منبره حتى ان عائشة وحفصة ارادتا صرف ذلك عنه لعلل سنذكرها في موضعها ان شاء الله فقال النبي (ص): اليكن عني صواحب يوسف، ابى الله ورسوله الا ان يصلي ابو بكر. انظر: العثمانية: ١٣٠.

(٩) لا يوجد في: ن.

٢٨٧

بما أسلفنا وبغيره مما تركنا كان(١) أفضل منه والمفضول لا يتقدم على من هو أفضل في كل شيء منه ولأنا قد روينا أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال إنه إمام المتقين(٢) فكل من ثبت أنه متق فهو إمامه بالنص فكيف يتقدم المأموم الإمام والعجز السنام(٣) .

وصادم الجاحظ ولم أكن تأملت كلامه في وجه بما أن مصادمة علي بقراءة الآيات لم يكن أبو بكر خاليا من خطر قراءتها لأنه الأمير(٤) .

والجواب بما أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه المخاطر وأنه صاحب الخطر بها والأمير المشار إليه عيال عليه.

وأورد على فضيلة أمير المؤمنين بكون رسول الله قال لا يؤديها إلا أنا أو رجل مني بأنه لم يكن بحضرته أبو بكر(٥) والذي يقال على هذا أنه كذب بيان ذلك:

من مسند ابن حنبل يرفع الحديث إلى أنس بن مالك أن رسول الله بعث براءة مع أبي بكر إلى أهل مكة فلما بلغ ذا الحليفة بعث إليه فرده وقال لا يذهب بها إلا رجل من أهل بيتي فبعث علياعليه‌السلام (٦)

__________________

(١) ق: فان.

(٢) مرت الاشارة اليه ص: (١١١).

(٣) السنام: حدبة في ظهر البعير كناية عن ان الداني لا يساوي السامي.

(٤) العثمانية: ١٣٠.

(٥) العثمانية: ١٣٠.

(٦) فضائل الصحابة: ٢ / ٦٤١ وايضا رواه الترمذي في صحيحه: ٢ / ١٨٣.

بسنده عن انس بن مالك قال: بعث النبي صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ببراءة مع ابي بكر ثم دعاه فقال: لا ينبغي لاحد ان يبلغ هذا الا رجل من اهلي فدعا عليا عليه‌السلام فاعطاه اياه.

ورواه ايضا النسائي في خصائصه: ص ٢٠ واحمد بن حنبل في مسنده: ٣ / ٢٨٣ والسيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالى ( بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ ) .

٢٨٨

وفي غير هذه الرواية من طريق ابن حنبل:

__________________

وايضا الترمذي في صحيحه: ٢ / ١٨٣.

بسنده عن ابن عباس قال: بعث النبي صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ابا بكر وامره ان ينادي بهؤلاء الكلمات ثم اتبعه عليا عليه‌السلام فبينا ابو بكر في بعض الطريق اذ سمع رغاء ناقة رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم القصواء فخرج ابو بكر فزعا فظن انه رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم فاذا هو علي عليه‌السلام فدفع اليه كتاب رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم وامر عليا عليه‌السلام ان ينادي بهؤلاء الكلمات ( الحديث ).

النسائي في خصائصه: ص ٢٠.

روى بسنده عن زيد بن يثيع عن علي عليه‌السلام : ان رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلم بعث ببراءة الى اهل مكة مع ابي بكر، ثم اتبعه بعلي عليه‌السلام فقال له: خذ الكتاب فامض به الى اهل مكة، قال: فلحقه فأخذ الكتاب منه فانصرف ابو بكر وهو كئيب فقال لرسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم: انزل فيّ شيء؟ قال: لا، الا اني امرت ان ابلغه انا او رجل من اهل بيتي.

تفسير ابن جرير: ١٠ / ٤٦.

روى بسنده عن زيد بن يثيع قال: نزلت براءة فبعث بها رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم ابا بكر ثم ارسل عليا عليه‌السلام فاخذها منه، فلما رجع ابو بكر قال: هل نزل فيّ شيء؟

قال: لا، ولكني امرت ان ابلغها انا او رجل من اهل بيتي.

وايضا تفسير ابن جرير: ١٠ / ٤٧.

روى بسنده عن السدي قال: لما نزلت هذه الآيات الى رأس اربعين آية بعث بهن رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم مع ابي بكر وامره على الحج، فلما سار فبلغ الشجرة من ذي الحليفة اتبعه بعلي عليه‌السلام فاخذها منه، فرجع ابو بكر الى النبي صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم فقال: يا رسول الله بابي انت وامي انزل في شأني شيء؟ قال: لا ولكن لا يبلغ عني غيري او رجل مني.

احمد بن حنبل في مسنده: ١ / ٣.

روى بسنده عن زيد بن يثيع عن ابي بكر: ان النبي صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم بعثه ببراءة لاهل مكة لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة الا نفس مسلمة، من كان بينه وبين رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم مدة فاجله الى مدته، والله برئ من المشركين ورسوله، قال: فسار بها ثلاثا ثم قال لعلي عليه‌السلام : الحقه فرد عليّ ابا بكر

٢٨٩

قال رجل لو لا أن يقطع(١) الذي بيننا وبين ابن عمك من الحلف فقال علي لو لا أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمرني ألا أحدث شيئا حتى آتيه لقتلتك(٢) .

ومن تفسير الثعلبي من حديث مطول فخرج عليعليه‌السلام على ناقة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العضباء حتى أدرك أبا بكر بذي الحليفة فأخذها(٣) منه فرجع أبو بكر إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال يا رسول الله بأبي أنت وأمي(٤) أنزل في شيء قال لا ولكن لا يبلغ عني غيري أو رجل مني(٥) .

__________________

وبلغها انت، قال: ففعل، قال: فلما قدم على النبي صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ابو بكر بكى وقال: يا رسول الله حدث فيّ شيء؟ قال: ما حدث فيك الا خير ولكن امرت ان لا يبلغه الا انا او رجل مني.

ذكره ايضا المتقي في كنز العمال: ١ / ٢٤٦ والمحب الطبري في ذخائر العقبى: ص ٦٩ وقد ذكر ايضا الحاكم في مستدركه: ٣ / ٥١ واحمد بن حنبل في مسنده: ١ / ٥١ وايضا في: ١ / ٣٣٠ والسيوطي في الدر المنثور.

(١) ق: نقطع.

(٢) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل قال:

حدثنا ابو الجهم، العلاء ابن موسى الباهلي سنة سبع وعشرين ومائتين قال: حدثنا سواء بن مصعب، عن عطية العوفي، عن ابي سعيد الخدري، قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ابا بكر بسورة براءة على الموسم، واربع كلمات الى الناس فلحقه علي في الطريق فاخذ السورة والكلمات، فكان علي يبلغ وابو بكر على الموسم، فاذا قرأ السورة، نادى: الا لا يدخل الجنة الا نفس مسلمة ولا يقرب المسجد مشرك بعد عامه هذه، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلم عقد، فاجله مدته حتى قال رجل: لو لا ان نقطع الذي بيننا وبين ابن عمك من الحلف، لبدأنا بك، فقال علي: لو لا ان رسول الله امرني ان لا احدث شيئا حتى اتيه لقتلتك. انظر: فضائل الصحابة: ٢ / ٦٤٠.

(٣) ق ون: واخذها.

(٤) ج ون: زيادة ( يا رسول الله ).

(٥) الكشف والبيان: مخطوط.

٢٩٠

فإذا عرفت هذا بأن لك بهت(١) الجاحظ أو جهله وكل محذور.

ثم بيان(٢) نقصه في البصيرة أنه فرق في غير موضع الفرق إذ كلمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يبلغها عني إلا رجل مني لا يفرق الحاصل منها بين حضور أبي بكر وغيبته.

واعترض على لسان العثمانية تفضيل علي بهذه الكلمة بما أن العقود وحلها ترجع إلى الحال أو بعض رهطه كأخ وابن عم(٣) وهذه دعوى لا نعرفها ولا دليل عليها وعلى قود ما قال كانت تقف حال من لا نسب له قريبا(٤) في هذه الصورة(٥) .

وذكر تقديمه له في الصلاة(٦) ولا يعرف(٧) برهان ذلك وليست الإمامة عندهم في الصلاة برهان الفضيلة التامة.

وقال حاكيا فيما(٨) يدل على تفضيل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليا قوله يوم غدير خم وهو قابض على يده وقد أشخصه قائما لمن بحضرته من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم عاد من عاداه ووال من والاه

__________________

(١) ق: ( كذب ) بدل ( بهت ).

(٢) ن: بان.

(٣) قال الجاحظ: وقد زعم ناس من العثمانية ان النبي (ص) لم يقل ذلك لعلي تفضيلا منه له على غيره في الدين ولكن النبي (ص) عامل العرب على مثل ما كان بعضهم يتعرفه من بعض، وكعادتهم في عقد الحلف وحل العقد فكان السيد منهم اذا عقد لقوم حلفا او عاهد عهدا لم يحل ذلك العقد غيره او رجل من رهطه دنيا كاخ او ابن او عم او ابن عم لذلك قال النبي (ص) ذلك القول. انظر العثمانية: ١٣٠.

(٤) لا يوجد في: ق.

(٥) ج وق: الصور.

(٦) العثمانية: ١٣٠.

(٧) ق: نعرف.

(٨) ج ون: فمما.

٢٩١

وقوله: « أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ».

وقوله اللهم ائتني بأحب الناس إليك يأكل معي من هذا الطير ثلاثا كل ذلك يحجبه أنس طمعا أن يكون أنصاريا فأبى الله إلا أن يجعله الآكل والآتي والأحب.

ومن ذلك أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما(١) آخى بين أصحابه فقرن بين الأشكال وقرد(٢) بين الأمثال جعله أخاه(٣) من بين جميع أمته.

وذكر ما حاصله أن المناط الأقوم الإنصاف(٤) يريد بذلك التسوية بين إثبات ما روي في فضل أمير المؤمنين وفضل غيره في كلام بسيط يأتي بعده فنون أحاديث في فضل جماعة من الصحابة.

والذي أقول عند هذا منصفا إن الحال في الروايات والانتفاع بها ينقسم قسمين أحدهما فيما يرجع إلى البناء عليها والثاني فيما يرجع إلى الإلزام بها.

فأما الذي ينتفع به فهو ما ثبتت عدالة رواته(٥) أو كان المخبرون به متواترين وأما ما يرجع إلى الإلزام فمهما كان مما يتعين على الخصم الالتزام(٦) به فإذا وردت رواية تختص بمذهب(٧) ناصرة له فلا تخلو أن تكون من طريق قويم أو لا قويم فإن كان قويما فلا تخلو أن يكون بمقام الموافقة للخصم عليها أو لا فإن كان الأول كانت حجة في نفس الأمر

__________________

(١) في المصدر: ( حين ) بدل ( لما ).

(٢) ج: فرد وقرد اي جمع.

(٣) المصدر: اخا.

(٤) العثمانية: ١٣٤.

(٥) ق: راوية.

(٦) ق: الالزام. ن: التزام.

(٧) ق: مذهب.

٢٩٢

حجة على الخصم وإن لم يوافق الخصم عليها ولا تلزم(١) قواعده فليست حجة على الخصم(٢) وهي نافعة للمذهب الذي وردت من(٣) جهته وإن كانت واردة لا من طريق قويم وليست حجة عند أربابها ولا عند خصومهم وإن كانت واردة من جهة الخصم ناصرة لمذهب خصمه كانت حجة عليه يلزم بها وقرينة نافعة لخصمه الذي لا يعتمد اعتمادا تاما(٤) على روايته.

وإذا تقرر ذلك فإذا روى خصمنا حديثا ناصرا لنا كان حجة عليه لا محالة إذا كان مما يبنى عليه.

أو نقول إنه نوع حجة وإن لم يكن الحديث معتبرا بما أن التهمة زائلة عنه فالضعيف مما يرويه خصمنا بمقام القوي لهذه العلة.

وإن روى حديثا في نصرته كان بمقام التهمة لا يحتج به علينا كما إذا روينا حديثا من جهتنا نصادم به خصمنا فإنه لا يخصمه(٥) وهو باق على مذهبه إلا أن يقول يتعين عليه النظر في أصل المذهب ليبنى على ما رويناه وذلك لا ينفع في بادئ المدافعات بل هو شيء يرجع إلى ما ينبغي للعاقل أن يعتمد عليه من تحرير المقاصد.

وإن روى الخصم لنا [ له ](٦) وعليه كان الترجيح لما عليه إذا كان ثبتا(٧) إلزاما وصحة لبعد التهمة وإن كان غير ثبت فقد ذكرنا ما فيه من كون ذلك أرجح فيما يتعلق بنا لبعده عن التهمة إذ المدلس لا يتهم لنا إذا كان من جهتهم.

__________________

(١) ق وج: والا يلزم.

(٢) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ج.

(٣) ن: عن.

(٤) ن: تماما.

(٥) ن: يخصه.

(٦) لا توجد في: ن.

(٧) ن: بنا.

٢٩٣

وإذا عرفت هذا فنقول أما حديث الغدير وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في شأن علي(١) من كنت مولاه إلى آخره فإن الشيخ الحافظ المعظم ربع المنتسبين إلى السنة أحمد بن حنبل روى بإسناده الذي لا أعرف فيه رافضيا(٢) كما يقول في قصة الغدير وفي سياقه يقول البراء بن عازب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخذ بيد علي فقال ألستم تعلمون أني( أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ ) (٣) مِنْ أَنْفُسِهِمْ قالوا بلى قال ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى فأخذ(٤) بيد علي فقال اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه فلقيه عمر بعد ذلك فقال هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة(٥)

وبإسناده الذي لا أعرف فيه رافضيا(٦) كما زعم مرفوعا إلى زيد بن أرقم وقال في السياق فقال النبي أولستم تعلمون أولستم تشهدون أني

__________________

(١) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٢) من سند احمد بن حنبل، قال: حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل عن ابيه، قال: حدثني ابي، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا علي بن زيد، عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم في سفر، فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا، الصلاة جامعة، وكسح لرسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم تحت شجرتين، فصلى الظهر واخذ بيد عليعليه‌السلام الحديث.

(٣) ق وج: ولي المؤمنين.

(٤) ن: واخذ.

(٥) مسند احمد بن حنبل: ٤ / ٢٨١.

ورواه ايضا ابن ماجة في صحيحه: ١٢ والمتقي الهندي في كنز العمال: ٦ / ٣٩٧ والمحب الطبري في الرياض النضرة: ٢ / ١٦٩.

(٦) مسند احمد، قال: حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل، عن ابيه قال: حدثني ابي، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا ابو عوانة، عن المغيرة، قال: عن ابي عبيدة، عن ميمون: ابي عبد الله قال: قال زيد بن ارقم - وانا اسمع -: نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] بواد يقال له

٢٩٤

أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فمن كنت مولاه(١) إلى آخره.

وبإسناده عن أبي الطفيل وذكر نحوه وفي آخره اللهم وال من والاه وعاد من عاداه(٢)

وبإسناده عن أبي الطفيل عن أبي السريحة أو زيد بن أرقم شعبة الناسي قال من كنت مولاه فعلي مولاه(٣) .

[ وبإسناده عن رياح بن الحرث(٤) وسمع أن أبا أيوب روى عن النبي من

__________________

وادي خم فامر بالصلاة، فصلاها بهجير، ثم قال: فخطبنا وظلل لرسول الله صلى الله عليه [ وآله ] بثوب، على شجرة سمرة ( شجرة صغار الورق قصار الشوك ياكلها الناس - لسان العرب ) من الشمس فقال النبي الحديث.

(١) مسند احمد بن حنبل: ٤ / ٣٧٢ وذكره ايضا في فضائله: ٢ / ٦٨٢ حديث ١١٦٧.

(٢) والحديث كما جاء في مسند احمد: ٤ / ٣٧٠ قال:

حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل، قال حدثنا عبد الله، قال: حدثني ابي، قال: حدثنا حسين ابن محمد وابو نعيم، قالا: حدثنا فطر عن ابي الطفيل قال: جمع علي عليه‌السلام الناس في الرحبة، ثم قال: انشد بالله كل امرئ مسلم سمع رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] يقول يوم غدير خم: ما سمع لما قام، فقام ثلاثون من الناس. وقال ابو نعيم: فقام الناس كثير، فشهدوا حين اخذ بيده فقال للناس: اتعلمون اني ( أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) ؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال من كنت مولاه فهذا مولاه الحديث. ورواه النسائي في خصائصه: ٢٤، والمحب الطبري في الرياض النضرة: ٢ / ١٦٩.

(٣) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل: ٢ / ٥٦٩ حديث ٩٥٩ قال:

حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل، قال: حدثنا ابي قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، قال: سمعت ابا الطفيل يحدث عن ابي السريحة او زيد بن ارقم شك شعبة - عن النبي (ص) انه قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. قال سعيد بن جبير: وانا قد سمعت مثل هذا عن ابن عباس قال محمد: اظنه قال وكتمه.

(٤) مسند احمد بن حنبل: ٥ / ٤١٩.

قال: حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل، قال: حدثنا ابي، قال: حدثنا يحيى بن ادم، قال:

حدثنا حنش بن الحارث بن لقيط النخعي الاشجعي، عن رياح الحرث، قال: جاء رهط الى

٢٩٥

كنت مولاه فعلي مولاه ](١)

وبإسناده عن زاذان وأنه سمع ثلاثة عشر رجلا فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه(٢) .

وبإسناده عن عطية العوفي عن زيد بن أرقم وروى نحو هذا عن النبي(٣)

__________________

عليعليه‌السلام بالرحبة، فقالوا: السلام عليك يا مولانا، قال: كيف اكون مولاكم وانتم قوم عرب؟ قالوا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فان هذا مولاه، قال رياح: فلما مضوا، اتبعتهم وسألت من هؤلاء، قالوا، نفر من الانصار فيهم ابو ايوب الانصاري.

وذكر هذا ايضا في فضائله: ٢ / ٥٧٢ حديث ٩٦٧ وفيه فهذا مولاه.

(١) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٢) مسند احمد: ١ / ٨٤.

قال: حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل قال: حدثنا ابي، حدثنا ابن نمير، قال: حدثنا عبد الملك، عن ابي عبد الرحيم الكندي. عن زاذان ابي عمر، قال: سمعت عليا عليه‌السلام يقول في الرحبة وهو ينشد الناس: من شهد رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] يوم غدير خم وهو يقول ما قال فقام ثلاثة عشر رجلا. فشهدوا انهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وهو يقول: من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

وذكره ايضا في فضائله: ٢ / ٥٨٥ حديث ٩٩١ والهندي في كنز العمال: ٦ / ٤٠٧.

(٣) مسند احمد: ٤ / ٣٦٨.

حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل، قال: حدثني ابي، قال: حدثني ابن نمير، قال: حدثنا عبد الملك يعني ابن ابي سليمان، عن عطية العوفي، قال: اتيت زيد بن ارقم، فقلت له: ان ختنا لي حدثني عنك بحديث في شأن علي يوم غدير خم، فانا احب ان اسمعه منك، فقال: انكم معشر اهل العراق، فيكم ما فيكم، فقلت له: ليس عليك مني بأس قال: نعم كنا بالجحفة، فخرج رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] الينا ظهرا وهو آخذ بعضد علي عليه‌السلام فقال ايها الناس: الستم تعلمون اني ( أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) ؟ قالوا: بلى، قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، قال: فقلت هل قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال: انما اخبرك كما سمعت.

وذكره ايضا في فضائله: ٢ / ٥٨٦ حديث ٩٩٢. وكذلك ذكره المتقي الهندي في كنز العمال: ٦ / ٣٩٠.

٢٩٦

وقال إنما أخبرك بما سمعته.

وبإسناده عن سعيد بن وهب(١) قال نشد علي الناس فقام خمسة أو ستة من أصحاب النبيعليه‌السلام فشهدوا أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال من كنت مولاه فعلي مولاه(٢) .

وبإسناده عن أبي إسحاق سمعت عمر وزاد فيه أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره وأحب من أحبه(٣) وأبغض من أبغضه(٤) .

وبإسناده عن البراء بن عازب(٥) قال أقبلنا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع وقال في السياق عن النبيعليه‌السلام في علي اللهم وال من والاه وعاد من عاداه فلقيه عمر فقال هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة(٦)

__________________

(١) ن: وهيب.

(٢) مسند احمد بن حنبل: ٥ / ٣٦٦.

وذكره في فضائل الصحابة ايضا: ٢ / ٥٩٨ و ٥٩٩ حديث ١٠٢١ وذكره ايضا النسائي في خصائصه: ٢٢ والهيثمي في مجمعه: ٩ / ١٠٤.

(٣) في المصدر بزيادة: قال شعبة: او قال.

(٤) انظر فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل: ٢ / ٥٩٩ حديث ١٠٢٢.

(٥) ن: وهو ابن عازب وكذلك في المصدر.

(٦) فضائل الصحابة: ٢ / ٦١٠ حديث ١٠٤٢.

قال: حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل، حدثنا ابراهيم، قال: حدثنا حجاج، قال: حدثنا حماد، عن علي بن زيد، عن عدي بن ثابت، عن البراء: وهو ابن عازب، قال: اقبلنا مع النبي صلّى الله عليه [ وآله ] في حجة الوداع حتى كنا بغدير خم، فنودي فينا: الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] تحت شجرتين فاخذ بيد علي عليه‌السلام فقال: الست اولى بالمؤمنين من انفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: الست اولى بكل مؤمن من نفسه؟

قالوا: بلى يا رسول الله، قال: هذا مولى من انا مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه فلقيه عمر فقال: هنيئا لك يا ابن ابي طالب اصبحت وامسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.

٢٩٧

وبإسناده عن زيد بن أرقم عن النبيعليه‌السلام في شأن علي من كنت مولاه فعلي مولاه(١) .

وبإسناده عن طاوس عن أبيه عن النبيعليه‌السلام يقول في شأن علي من كنت مولاه فعلي مولاه(٢) .

وبإسناده عن بريدة(٣) عن أبيه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كنت مولاه فعلي مولاه(٤) .

وبإسناده عن بريدة عن النبيعليه‌السلام يقول في شأن علي من كنت مولاه فعلي مولاه(٥) .

__________________

(١) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل: ٢ / ٦١٣ حديث ١٠٤٨.

حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل، قال: حدثنا علي بن الحسن قال: حدثنا ابراهيم بن اسماعيل، قال: حدثنا ابي، عن ابيه عن سلمة بن كهيل، عن ابي ليلى الكندي، انه حدثه قال: سمعت زيد بن ارقم يقول - ونحن ننتظر جنازة - فسأله رجل من القوم، فقال: ابا عامر اسمعت رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] يوم غدير خم يقول لعلي عليه‌السلام : من كنت مولاه فعلي مولاه؟ قال: نعم، قال ابو ليلى، فقلت لزيد بن ارقم: قالها رسول الله؟ قال: نعم قد قالها له اربع مرات.

(٢) فضائل الصحابة لابن حنبل: ٢ / ٥٩٢ حديث ١٠٠٧.

حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل، قال: حدثني ابي، عن ابيه، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن ابن طاووس عن ابيه، قال: لما بعث رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] عليا عليه‌السلام الى اليمن، خرج بريدة الاسلمي معه فعتب علي عليه‌السلام في بعض الشيء فشكاه بريدة الى رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] فقال (ص) من كنت مولاه فعلي مولاه.

(٣) ن: ابي بريدة.

(٤) فضائل الصحابة: ٢ / ٥٦٣ حديث ٩٤٧.

(٥) مسند احمد بن حنبل: ٥ / ٣٤٧.

حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل قال: حدثني ابي، قال: حدثنا الفضل بن دكين، قال: حدثنا ابن ابي غنية، عن الحسن، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن بريدة قال: غزوت مع علي عليه‌السلام ، الى اليمن، فرأيت منه جفوة فلما قدمت على رسول الله (ص) ذكرت عليا فتنقصته فرأيت وجه رسول الله يتغير فقال يا بريدة: الست ( أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ

٢٩٨

ورواه ابن مردويه من طرق كثيرة جدا وهو ممن لا يتهم على نفسه وأهل نحلته وهو أحد الحفاظ فمما روى فيه عن عمر الإقرار له بأنه مولاه فربما كانت رواية ابن مردويه خمس كراريس زائدا فناقصا.

ورويت في بعض أسفاري يقول من رويت عنه عمي(١) روى عنه نقله شيخ المحدثين وأحد أئمة المسلمين أحمد بن حنبل من ست طرق(٢) ومن الجمع بين الصحاح الستة - لرزين العبدري إمام الحرمين من صحيح أبي داود السجستاني وهو كتاب السنن(٣) ومن صحيح الترمذي عن أبي سريحة وزيد بن أرقم(٤) ونقله الدارقطني في جامعه عن عمر بن الخطاب من طريقين(٥) .

وعن ابن عباس من طريق آخر وعن عدي بن ثابت من طريق واحد. وساقه الإمام الحافظ النسائي في كتابه خصائص أمير المؤمنينعليه‌السلام من تسع طرق عن زيد بن يثيع من طريقين وعن زيد بن أرقم من طريقين وعن البراء بن عازب من طريق واحد وعن ابن حصين من طريق عبد الله بن عمر(٦) .

وساقه أبو جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير

__________________

أَنْفُسِهِمْ ) ؟ قلت: بلى يا رسول الله: فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. وذكره ايضا في فضائل الصحابة: ٢ / ٥٨٤ حديث ٩٨٩.

(١) ن: عمر.

(٢) انظر فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل: ٢ / ٥٦٣ و ٥٧٢ و ٥٨٥ و ٥٨٦ و ٥٩٣ و ٥٩٦ و ٥٩٧ و ٥٩٨ و ٦١٠ و ٦١٣.

(٣) الجمع بين الصحاح الستة: ( على ما في كتاب العمدة: ١٠٣ ).

(٤) صحيح الترمذي: ٥ / ٦٣٣.

(٥) عنه البحار: ٣٧ / ١٥٧.

(٦) خصائص امير المؤمنين عليه السلام: الاحاديث ١٠ و ٧٩ و ٨١ و ٨٣ و ٨٤ و ٨٨ و ٩٣ و ٩٤ و ٩٥ و ٩٦ و ٩٨ و ٩٩.

٢٩٩

والتاريخ الكبير من خمسة وسبعين طريقا(١) .

ورواه أبو بكر الجويني(٢) من مائة وخمسة وعشرين طريقا(٣)

ابن عبدة(٤) رواه من مائة وخمس طرق

الحافظ أبو بكر بن مردويه(٥) يرويه عن مائة نفر من أصحاب رسول الله منهم نساء خمس

الحافظ أبو العلاء الهمداني(٦) يقول أنا أرويه عن مائتين وثلاثين

__________________

(١) عنه في البحار: ٣٧ / ١٥٧.

(٢) لم اعثر على ترجمة له.

(٣) عنه في البحار: ٣٧ / ١٥٧.

(٤) ج: ابن عنده وابن عبدة هو قاضي القضاة ابو عبيد الله محمد بن عبدة بن حرب العباداني البصري. حدث عن جماعة منهم: علي بن المديني وهدبة بن خالد وعبد الاعلى بن حماد وكامل بن طلحة. كما حدث عنه عبد العزيز بن جعفر الخرقي وعلي بن لؤلؤ الوراق وابو حفص ابن الزيات وغيرهم. بقي الى سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة. وعاش نيفا وتسعين سنة. انظر:تاريخ بغداد: ٢ / ٣٧٩ وميزان الاعتدال: ٣ / ٦٣٤ والوافي بالوفيات: ٣ / ٢٠٣ سير اعلام النبلاء: ١٤ / ٤٠٨.

(٥) عنه في البحار: ٣٧ / ١٥٧.

(٦) هو صدر الحفاظ ابو العلاء الحسن بن احمد بن الحسن العطار الهمداني الاديب المقري ذكره منتجب الدين ووصفه بالعلامة في علم الحديث والقراءة ولد يوم السبت ١٤ ذي الحجة سنة ٤٨٨ وتوفي ليلة الخميس ١٩ ( ١ و ١١ ) جمادي الاولى سنة ٥٦٩.

قرأ على الحافظ ابي علي الحداد الاصفهاني وعلى مقري واسط ابي العز القلانسي وقرأ عليه جماعة منهم ابناءه: عبد البر ومحيي الدين محمد واحمد وعبد الغني والحافظ ابن عساكر والحافظ منتجب الدين وابن شهر اشوب السروي والموفق بن احمد اخطب خطباء خوارزم وغيرهم له كتاب « مولد امير المؤمنين عليه‌السلام » و « الهادي في معرفة المقاطع والمبادي » و « زاد المسافر » وغير ذلك انظر: فهرست منتجب الدين ترجمة رقم ١٤٢ وتذكرة الحفاظ: ١٣٢٤ وطبقات القراء: ١ / ٢٠٤ رياض العلماء: ١ / ١٥١ روضات الجنات: ٢ / ٩٠.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420