دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٦

دلائل الصدق لنهج الحق3%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-359-4
الصفحات: 582

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 582 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 135888 / تحميل: 5461
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٦

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٣٥٩-٤
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

لا تحصى(١) .

هذا ، وأمّا ما حكاه المصنّفرحمه‌الله في صدر كلامه عن « مسند أحمد » فقد رواه في « الاستيعاب » بترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام عن سعيد بن المسيّب ، قال : ما كان أحد من الناس يقول : « سلوني » غير عليّ بن أبي طالب(٢) (٣) .

__________________

الرضاعليه‌السلام ٢ / ٧١ ـ ٧٢ ح ٢٩٨ ، الأمالي ـ للصدوق ـ : ٤٢٥ ح ٥٦٠ وص ٤٧٢ ح ٦٣٢ وص ٦١٩ ح ٨٤٣ ، الأمالي ـ للطوسي ـ : ٤٣١ ح ٩٦٤ وص ٤٨٣ ح ١٠٥٥ وص ٥٧٧ ـ ٥٧٨ ح ١١٩٤ ، الإرشاد ١ / ٣٣.

(١) كقوله تعالى :( وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ ) سورة الرعد ١٣ : ٤٣ ، فإنّها نزلت في عليّ ٧ ؛ وقد روى الجمهور ذلك كما تقدّم في ج ٥ / ١١٧ وما بعدها من هذا الكتاب ؛ فراجع!

وقول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لبضعته سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ٣ : «أوما ترضين أنّي زوّجتك أقدم أمّتي سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلماً » ؛ انظر : مسند أحمد ٥ / ٢٦

وقول الإمام عليّعليه‌السلام نفسه : « علّمني ألف باب ، يفتح كلّ باب ألف باب » ؛ انظر : تاريخ دمشق ٤٢ / ٣٨٥ ، فرائد السمطين ١ / ١٠١ ح ٧٠ ، شرح المقاصد ٥ / ٢٩٧.

وقول عائشة : « أما إنّه أعلم الناس بالسنّة » ؛ انظر : الاستيعاب ٣ / ١١٠٤.

(٢) تقدّم آنفا في الصفحة ١٧١ ، وانظر : الاستيعاب ٣ / ١١٠٣.

(٣) نقول : وقد توسّع السيّد عليّ الحسيني الميلاني ـ حفظه الله ورعاه ـ في دراسة حديث مدينة العلم دراسة مفصّلة ، سندا ودلالة ، طرقا ومتنا ، وتناول كلّ المباحث المتعلّقة بألفاظه وتصحيح أسانيده ، وتفنيد ما أثير حوله من إشكالات وشبهات ، وذلك في الأجزاء ١٠ ـ ١٢ من موسوعته « نفحات الأزهار » ؛ فراجع!

وانظر : تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات ٣ / ٣٠٩ ـ ٣١٠ و ٣٣٨ ـ ٣٤٤.

كما إنّ الحافظ أحمد بن محمّد بن الصدّيق الغماري الحسني ، المتوفّى سنة ١٣٨٠ ه‍ ، قد صنّف كتابا بهذا الصدد أسماه : « فتح الملك العلي بصحّة حديث باب مدينة العلم علي » ، جمع فيه طرقه ، وسلك فيه مسلكا مبتكرا أثبت فيه

١٨١

٢٠ ـ حديث : من آذى عليّا فقد آذاني

قال المصنّف ـ أعلى الله مقامه ـ(١) :

العشرون : في « مسند أحمد » من عدّة طرق ، أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «من آذى عليّا فقد آذاني (٢)

أيّها الناس! من آذى عليّا بعث يوم القيامة يهوديّا أو نصرانيّا » (٣) .

* * *

__________________

صحّة الحديث بتسعة مسالك ، وأبطل جميع الأكاذيب والادّعاءات بعدم صحّة سند الحديث ؛ فراجع!

(١) نهج الحقّ : ٢٢٢.

(٢) مسند أحمد ٣ / ٤٨٣ ، وانظر : فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ ٢ / ٧٨٤ ـ ٧٨٥ ح ١٠٧٨ ، التاريخ الكبير ٦ / ٣٠٦ ـ ٣٠٧ رقم ٢٤٨٢ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٥٠٢ ح ٤٥ ، مسند البزّار ٣ / ٣٦٦ ح ١١٦٦ ، مسند أبي يعلى ٢ / ١٠٩ ح ٧٧٠ ، مسند الشاشي ١ / ١٣٤ ح ٧٢ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٩ / ٣٩ ح ٦٨٨٤ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٢ ح ٤٦١٩ ، معرفة الصحابة ٤ / ١٩٩٦ ح ٥٠١٣ ترجمة عمرو بن شأس الأسلمي / رقم ٢٠٤٧ ، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٥ / ٣٩٥ ، الاستيعاب ٣ / ١١٠١ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٢٠٢ ـ ٢٠٤ ، فوائد سمّويه : ٨٤ ح ٨٠ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ١٤٩ ح ١٧٦ وص ١٥٤ ح ١٨١ وص ٣٢٨ ح ٣٤٤ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٢٩.

(٣) مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٩٧ ح ٧٦.

١٨٢

وقال الفضل(١) :

لا شكّ أنّ عليّا سيّد الأولياء ، وقد جاء في الحديث : «من عادى لي وليّا فقد آذنته بالحرب »(٢) .

فإذا كان معاداة أحد من الأولياء وأذاه محاربة مع الله تعالى ، فكيف لا يكون إيذاء سيّد الأولياء موجبا لدخول النار؟! ولكن لا يدلّ هذا على النصّ.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٧ / ٤٦١.

(٢) صحيح البخاري ٨ / ١٨٩ ح ٨٩ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ١٠ / ٢١٩.

١٨٣

وأقول :

لم أجد فعلا في « مسند أحمد » تمام الحديث ، وإنّما وجدت فيه صدره(١) عن عمرو بن شاش(٢) ، أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «من آذى عليّا فقد آذاني ».

ورواه الحاكم عنه أيضا في « المستدرك » وصحّحه(٣) .

ورواه البخاريّ في « تاريخه » ، كما حكاه عنه في « كنز العمّال »(٤) .

ورواه أيضا في « الاستيعاب » بترجمة أمير المؤمنين ، وزاد فيه : «ومن آذاني فقد آذى الله تعالى »(٥) ، وهو يقتضي وجوب طاعة عليّعليه‌السلام ؛ لأنّ عصيانه يؤذيه بالضرورة ، ووجوب طاعته على الإطلاق يقتضي عصمته وإمامته.

وإذا ضممت إلى الحديث قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً ) (٦) علمت حال الناكثين والقاسطين.

__________________

(١) ص ٤٨٣ ج ٣. منهقدس‌سره .

(٢) كذا في الأصل وكنز العمّال ، وفي مسند أحمد والمستدرك على الصّحيحين والتاريخ الكبير والإكمال ـ للحسيني ـ : ٣١٦ رقم ٦٥٣ : « شاس » ؛ فلاحظ!

(٣) ص ١٢٢ من الجزء الثالث [ ٣ / ١٣٢ ح ٤٦١٩ ]. منهقدس‌سره .

(٤) كنز العمّال ١١ / ٦٠١ ح ٣٢٩٠١ ، وانظر : التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ٦ / ٣٠٧ رقم ٢٤٨٢.

(٥) الاستيعاب ٣ / ١١٠١.

(٦) سورة الأحزاب ٣٣ : ٥٧.

١٨٤

أمّا بقيّة الحديث ، وهي : «من آذى عليّا بعث يهوديا أو نصرانيا » ، فيشهد لصحّتها ما حكاه المصنّفرحمه‌الله في « منهاج الكرامة » ، عن أخطب خوارزم ، بسنده عن معاوية بن حيدة القشيري ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعليّعليه‌السلام : «من مات وهو يبغضك مات يهوديّا أو نصرانيّا »(١) .

وما حكاه السيوطي في « اللآلئ » ، عن العقيلي ، بسنده عن بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جدّه ، مرفوعا : «من مات وفي قلبه بغض لعليّ فليمت يهوديّا أو نصرانيّا »(٢) .

وزعم ابن الجوزي أنّه موضوع ؛ لأنّ في سنده الجارود بن يزيد وعليّ بن قرين(٣)

ولكنّ السيوطي تعقّبه بذكر رواية للديلمي أخرجها عن بهز بسندين خليّين ، عن الجارود وابن قرين ، قال فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا عليّ! ما كنت أبالي من مات من أمّتي وهو يبغضك مات يهوديّا أو نصرانيّا »(٤) .

فهذه الأخبار متّفقة في المعنى مع ذيل الرواية التي حكاها المصنّفرحمه‌الله عن « مسند أحمد » ؛ لأنّ بغض عليّ إيذاء له.

ولا ريب بصحّة هذه الروايات ؛ لما تقدّم من أنّ بغض عليّعليه‌السلام

__________________

(١) منهاج الكرامة : ١٥٧ ، وانظر : مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٩٦ ح ٧٤ ، ولم نجده في مصنّفات أخطب خوارزم المطبوعة.

(٢) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣٣٥ ، وانظر : الضعفاء الكبير ـ للعقيلي ـ ٣ / ٢٥٠ رقم ١٢٤٨ ، فردوس الأخبار ٢ / ٢٧٦ رقم ٥٩٨٩.

(٣) الموضوعات ١ / ٣٨٥.

(٤) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣٣٥ ، وانظر : فردوس الأخبار ٢ / ٤٨٢ ح ٨٣١٢.

١٨٥

علامة النفاق(١) ، ومن الواضح أنّ المنافق بمنزلة اليهود والنصارى(٢) .

ومن الغريب مسارعة ابن الجوزي للحكم بوضع الأخبار ، بمجرّد اشتمال سندها على ضعيف أو متّهم عنده ؛ فإنّه على هذا ينبغي أن يحكم بوضع رواياتهم جميعا ، حتّى أخبار الصحاح الستّة ؛ إذ لا يخلو خبر عندهم ـ إلّا النادر ـ من اشتمال سنده على ضعيف ، كما أشرنا إليه في المقدّمة(٣) ، وهذا ممّا لا يرتضيه أصحابه.

ولعلّه إنّما يفعل ذلك في خصوص أخبار فضائل إمام الهدى انحرافا عنه ، وهو غير بعيد!

وأمّا الحديث الذي ذكره الفضل ، وهو : «من آذى لي وليّا فقد آذنته بحرب » ، فليس بمنزلة قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من آذى عليّا فقد آذاني » إلى آخره ؛ لأنّ معنى الحديث الذي ذكره : من آذى لي وليّا فليستعدّ للعقوبة ، وهذا ليس بمنزلة إيذاء عليّعليه‌السلام ، الذي هو إيذاء لله ورسوله ، وموجب للعنة الله في الدنيا والآخرة والعذاب المهين ، والبعث على اليهوديّة أو النصرانيّة ؛ فإنّ هذا لا يكون إلّا في إيذاء من هو بمنزلة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وإمام الوقت.

* * *

__________________

(١) راجع مبحث الحديث ١٦ : « لا يحبّك إلّا مؤمن ، ولا يبغضك إلّا منافق » في الصفحات ١٤٧ ـ ١٥١ من هذا الجزء.

(٢) روى الطبراني في المعجم الأوسط ٤ / ٣٨٩ ح ٤٠٠٢ عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فسمعته وهو يقول : « يا أيّها الناس! من أبغضنا أهل البيت حشره الله يوم القيامة يهوديّا »! فقلت : يا رسول الله! وإن صام وصلّى؟! قال : « وإن صام وصلّى وزعم أنّه مسلم ».

(٣) راجع مبحث « مناقشة الصحاح الستّة » في ج ١ / ٤١ وما بعدها من هذا الكتاب.

١٨٦

٢١ ـ حديث تزويج عليّ من فاطمة

قال المصنّف ـ أعلى الله درجته ـ(١) :

الحادي والعشرون : في مسند أحمد بن حنبل ، أنّ أبا بكر وعمر خطبا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمةعليها‌السلام ، فقال : « إنّها صغيرة » ، فخطبها عليّ فزوّجها منه(٢) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٢٢.

(٢) فضائل الصحابة ـ لأحمد بن حنبل ـ ٢ / ٧٦١ ـ ٧٦٢ ح ١٠٥١ ، وانظر : سنن النسائي ٦ / ٦٢ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٣ / ٢٦٥ ح ٥٣٢٩ وج ٥ / ١٤٣ ح ٨٥٠٨ ، المعجم الكبير ٤ / ٣٤ ح ٣٥٧١ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٩ / ٥١ ح ٦٩٠٩ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٨ / ١٦ رقم ٤٠٩٧ ، المستدرك على الصحيحين ٢ / ١٨١ ح ٢٧٠٥ ، مشكاة المصابيح ٣ / ٣٦٠ ح ٦١٠٤ ، مجمع الزوائد ٩ / ٢٠٤ ، موارد الظمآن : ٥٤٩ ح ٢٢٢٤.

١٨٧

وقال الفضل(١) :

صحّ في الأخبار أنّ أبا بكر وعمر خطبا فاطمة ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّي أنتظر أمر الله فيها »(٢)

، ولم يقل : « إنّها صغيرة »(٣) .

وهذا افتراء على أحمد بن حنبل ، وكلّ من قال هذا فهو مفتر على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وناسبا(٤) للكذب إليه ، فإنّ فاطمة كانت وقت الخطبة كبيرة ؛ لأنّها ولدت عام عمارة الكعبة.

والعجب من هذا الرجل أنّه يبالغ في احتراز الأنبياء عن الكذب وينسب الكذب الصراح إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله !

نعوذ بالله من هذا ، وإنّه خبّاط خبط عشواء(٥) .

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٧ / ٤٦٣.

(٢) انظر : موارد الظمآن : ٥٤٩ ـ ٥٥٠ ح ٢٢٢٥ ، وفيه أنّ عمر قال لأبي بكر حكاية عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّه ينتظر أمر الله فيها ».

(٣) انظر : موارد الظمآن : ٥٤٩ ح ٢٢٢٤ ، وفيه : أنّ أبا بكر وعمر خطبا فاطمةعليها‌السلام فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّها صغيرة » ؛ فخطبها عليّ فزوّجها منه.

(٤) كذا في الأصل.

(٥) العشواء : الناقة التي لا تبصر بالليل ؛ وهذا من الأمثال السائرة ، يضرب مثلا للمتهافت في الشيء ، وللسادر الذي يركب رأسه ولا يهتمّ لعاقبته ، كالناقة العشواء التي لا تبصر ، فهي تخبط بيديها كلّ ما مرّت به.

انظر : جمهرة الأمثال ١ / ٤٤١ رقم ٧٧٢ ، مجمع الأمثال ١ / ٤٥٩ رقم ١٣٧٧ وج ٣ / ٥٢٠ رقم ٤٦٦٠ ، لسان العرب ٩ / ٢٢٦ مادّة « عشا ».

١٨٨

وأقول :

ما نقله المصنّفرحمه‌الله عن « المسند » قد رواه بعينه النسائيّ في أوائل « كتاب النكاح » من سننه ، في باب « تزوّج المرأة مثلها في السنّ »(١) .

ورواه الحاكم في « المستدرك » في كتاب النكاح(٢) ، وصحّحه على شرط الشيخين ، ولم يتعقّبه الذهبي(٣) .

والحقّ أنّها تزوّجت وهي صغيرة ؛ لأنّها ولدت بعد البعثة بإجماعنا(٤) .

واختاره الحاكم في « المستدرك » ، فإنّه عنون(٥) بقوله : « ذكر ما ثبت عندنا من أعقاب فاطمة وولادتها » ، ثمّ روى أنّها ولدت سنة إحدى وأربعين من مولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يتعقّبه الذهبي.

وروى أيضا(٦) أنّها ماتت وهي ابنة إحدى وعشرين سنة ، وولدت على رأس إحدى وأربعين من مولد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وروى في « الاستيعاب » ـ بترجمة فاطمةعليها‌السلام ـ أنّها ولدت سنة

__________________

(١) سنن النسائي ٦ / ٦٢.

(٢) ص ١٦٧ من الجزء الثاني [ ٢ / ١٨١ ح ٢٧٠٥ ]. منهقدس‌سره .

(٣) نقول : لقد غفل ابن روزبهان أو تغافل ـ كعادته ـ عن ورود قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّها صغيرة » في جملة كبيرة من مصادر الجمهور ؛ فراجع ذلك في ما مرّ آنفا في الهامش رقم ٢ من الصفحة ١٨٧.

(٤) انظر مثلا : تاريخ أهل البيت : ٧١ ، الكافي ١ / ٥٢٠ ، إعلام الورى ١ / ٢٩٠ ، مناقب آل أبي طالب ٣ / ٤٠٥.

(٥) ص ١٦١ ج ٣ [ ٣ / ١٧٦ ح ٤٧٦٠ ]. منهقدس‌سره .

(٦) ص ١٦٣ من الجزء المذكور [ ٣ / ١٧٨ ح ٤٧٦٥ ]. منهقدس‌سره .

١٨٩

إحدى وأربعين من مولد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنكح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة عليّا بعد وقعة أحد(١) .

فعلى هذا كلّه تكون حين تزويجها صغيرة ابنة اثنتي عشرة سنة تقريبا.

ويروى عندنا أنّها تزوّجت وهي ابنة تسع(٢) ، وقد يوافقه ما في « الاستيعاب » بترجمة خديجةعليها‌السلام ، قال : « قال الزبير : ولد لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله القاسم ، وهو أكبر ولده ، ثمّ زينب ، ثم عبد الله ، وكان يقال له : الطيّب ، ويقال له : الطاهر ، ولد بعد النبوّة ، ثمّ أمّ كلثوم ، ثمّ فاطمة »(٣) .

فإنّ فاطمةعليها‌السلام إذا ولدت بعد الطاهر وأمّ كلثوم ، وكلاهما بعد النبوّة ، لم يبعد أن يكون تزويجها وهي ابنة تسع.

وزعم بعضهم أنّ سنّها يوم تزوّجت خمس عشرة سنة وخمسة أشهر ونصف ، كما ذكره في « الاستيعاب » بترجمتها(٤) .

واختاره ابن حجر في « الصواعق » ، قال في أوّل الباب الحادي عشر : « تزويج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة من عليّ أواخر السنة الثانية من الهجرة على الأصحّ ، وكان سنّها خمس عشرة سنة ونحو نصف سنة »(٥) .

وكيف كان ، فهي صغيرة ، إمّا حقيقة ، أو بالإضافة إلى الشيخين ،

__________________

(١) الاستيعاب ٤ / ١٨٩٣ رقم ٤٠٥٧.

(٢) تاج المواليد : ٩٧ ـ ٩٨ ، وانظر : تاريخ الأئمّة : ٦ ، مسارّ الشيعة : ٣٦ ، مناقب آل أبي طالب ٣ / ٤٠٥.

(٣) الاستيعاب ٤ / ١٨١٨ رقم ٣٣١١.

(٤) الاستيعاب ٤ / ١٨٩٣ رقم ٤٠٥٧.

(٥) الصواعق المحرقة : ٢١٨ ب‍ ١١ في فضائل أهل البيت النبوي.

١٩٠

فلا يكذّب قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّها صغيرة ».

نعم ، هو عذر إقناعي ، والعذر الحقيقي أنّهما ليسا أهلا لها ، ولذا زوّجها من عليّعليه‌السلام بأثر هذا العذر.

ويشهد له ( ما في ) « الصواعق » ، في الفصل الأوّل من الباب المذكور ، في أثناء الكلام على الآية الحادية عشرة(١) ، عن أبي داود السجستاني ، قال : « إنّ أبا بكر خطبها فأعرضصلى‌الله‌عليه‌وآله عنه ، ثمّ عمر فأعرض عنه ، فأتيا عليّا فنبّهاه إلى خطبتها ، فجاء فخطبها ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله :ما معك ؟ » الحديث ، ثمّ قال : « وأخرج أحمد وأبو حاتم نحوه »(٢) .

وحكى في « كنز العمّال »(٣) ، عن ابن جرير ، عن أنس ، أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أعرض عن أبي بكر ، فرجع إلى عمر وقال : هلكت ؛ وأعرض عن عمر ، فرجع إلى أبي بكر وقال : إنّه ينتظر أمر الله فيها.

فإنّ إعراض النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عنهما دليل على عدم أهليّتهما لها ، وإنّه من سخط عليهما ، لطلبهما ما لا يليق بهما ، ولذا قال أبو بكر : « هلكت ».

وفي « الكنز » أيضا(٤) ، عن ابن جرير ، قال : « وصحّحه » ، والدولابي في « الذرّيّة الطاهرة » ، عن عليّعليه‌السلام ، قال : خطب أبو بكر وعمر فاطمة إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأبى عليهما ، فقال عمر : أنت لها » الحديث.

__________________

(١) كذا في الأصل ، ولعلّه تصحيف ، والصحيح : الثانية عشرة.

(٢) الصواعق المحرقة : ٢٤٩ الآية ١٢ ، جواهر العقدين : ٣٠١ و ٣٠٢ ، الرياض النضرة ٣ / ١٤٢ ـ ١٤٣ ، ذخائر العقبى : ٦٧ ـ ٦٨ ، وانظر : المعجم الكبير ٢٢ / ٤٠٨ ـ ٤١٠ ح ١٠٢١ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٩ / ٤٩ ح ٦٠٩٥.

(٣) ص ١١٣ ج ٧ [ ١٣ / ٦٨٤ ح ٣٧٧٥٥ ]. منهقدس‌سره .

(٤) ص ٣٩٢ من الجزء السادس [ ١٣ / ١١٤ ح ٣٦٣٧٠ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : الذرّيّة الطاهرة : ٩٣ ح ٨٣.

١٩١

وفي « الصواعق » ، في أوّل الباب المذكور ، عن أحمد وابن أبي حاتم ، عن أنس ، قال : « جاء أبو بكر وعمر يخطبان فاطمة إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فسكت ولم يرجع إليهما شيئا ، فانطلقا إلى عليّ يأمرانه بطلب ذلك » الحديث(١) .

ثمّ قال : « وفي رواية أخرى عن أنس أيضا ، عند أبي الخير القزويني الحاكمي : خطبها بعد أن خطبها أبو بكر ثمّ عمر ، فقال : قد أمرني ربّي بذلك » الحديث(٢) .

وفي هذا دلالة أخرى على عدم أهليّتهما للتزويج بسيّدة النساء ؛ فإنّ منعهما ـ دون عليّعليه‌السلام بأمر الله ـ كاشف عن أنّ النظر في أمرها راجع إلى الله سبحانه مع وجود أبيها سيّد النبيّين ، الذي هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم.

كما عرفه عمر حيث قال في رواية ابن جرير المذكورة : « إنّه ينتظر أمر الله فيها » ، وليس ذلك إلّا لعظم شأنها عند الله تعالى وكرامتها عليه ، فلا يزوّجها إلّا بمن هو أهل لها ويليق بقدرها الرفيع ، فزوّجها في السماء بسيّد أوليائه ؛ وهو أدلّ دليل على فضله على الشيخين عند الله عزّ وجلّ وعند رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ والأفضل أحقّ بالإمامة.

ويا هل ترى أنّ الله تعالى يصون عنهما تزويج فاطمة ، ولا يعقبه ضرر ظاهرا ، وهو يرضى أن تزف إليهما إمامة الأمّة والحكم في الدين والدنيا ، والنفس والنفيس؟!

وأعظم من هذه الأحاديث في الدلالة على عدم أهليّتهما للزهراء

__________________

(١) الصواعق المحرقة : ٢١٨.

(٢) الصواعق المحرقة : ٢١٨ و ٢١٩.

١٩٢

وللإمامة ، ما في « اللآلئ المصنوعة » ، عن العقيلي والطبراني معا ، عن عليّ ابن عبد العزيز ، عن أبي نعيم ، عن موسى بن قيس الحضرمي ، عن حجر ابن عنبس ، قال : « خطب أبو بكر وعمر فاطمة ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله :هي لك يا عليّ ، لست بدجّال »(١)

فإنّ قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لست بدجّال » تعريض بالشيخين بأنّهما دجّالان لا يصلحان لتزويج فاطمة ، ولا للإمامة بالضرورة ؛ ولذا هاجت حميّة ابن الجوزي فقال : « موضوع ، موسى من الغلاة في الرفض »(٢) .

وتعقّبه السيوطي بقوله : « روى له أبو داود ، ووثّقه ابن معين ، وقال أبو حاتم : لا بأس به ».

ثمّ قال السيوطي : « والحديث أخرجه البزّار » ، وذكر أيضا في سنده موسى بن قيس ، ثمّ حكى عن الهيثمي في « زوائده » أنّه قال : « رجاله ثقات ، إلّا أنّ حجرا لم يسمع من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله »(٣) .

وفيه : إنّه لو سلّم أنّ حجر بن عنبس لم يسمع من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فهو ممّن أسلم في أيامهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيكون راويا عن الصحابة ، ولا يضرّ إرساله(٤) .

__________________

(١) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣٣٤ ، وانظر : الضعفاء الكبير ـ للعقيلي ـ ٤ / ١٦٥ رقم ١٧٣٦ ، المعجم الكبير ٤ / ٣٤ ح ٣٥٧١ وليس فيه : « لست بدجّال ».

(٢) الموضوعات ١ / ٣٨٢.

(٣) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣٣٤ ، وانظر روايته في : سنن أبي داود ١ / ٢٦٠ ح ٩٩٧ وج ٤ / ٣١٠ ح ٥٠٣٥ ، مجمع الزوائد ٩ / ٢٠٤.

وانظر : الثقات ـ لابن حبّان ـ ٧ / ٤٥٥ ، تاريخ أسماء الثقات ـ لابن شاهين ـ : ٣٠٥ رقم ١٢٩١ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٤٢١ رقم ٧٢٨٥.

(٤) راجع ترجمته في : معرفة الصحابة ـ لأبي نعيم ـ ٢ / ٨٩٤ رقم ٧٧١ ، الاستيعاب ١ / ٣٣٢ رقم ٤٨٨ ، أسد الغابة ١ / ٤٦٢ رقم ١٠٩٤.

١٩٣

٢٢ ـ حديث : إجلس يا أبا تراب

قال المصنّف ـ أعلى الله منزلته ـ(١) :

الثاني والعشرون : في « الجمع بين الصحيحين » ، أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دخل على ابنته فاطمة فقبّل رأسها ونحرها ، وقال : أين ابن عمّك؟

قالت :في المسجد .

فوجد رداءه قد سقط عن ظهره ، وخلص التراب إلى ظهره ، فجعل يمسح عن ظهره التراب ويقول : « إجلس يا أبا تراب » مرّتين(٢) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٢٢.

(٢) الجمع بين الصحيحين ـ للحميدي ـ ١ / ٥٥٤ ح ٩١٦ ، وانظر : صحيح البخاري ٥ / ٨٨ ـ ٨٩ ح ١٩٩ وج ٨ / ١١٣ ح ٥٣ ، صحيح مسلم ٧ / ١٢٤ ، مسند أحمد ٤ / ٢٦٣ ، مسند الروياني ٢ / ١٢١ ح ١٠١٥ وص ١٢٣ ح ١٠٢١ ، المعجم الكبير ٦ / ١٤٩ ح ٥٨٠٨ وص ١٦٥ ح ٥٨٧٠ ، الكنى والأسماء ـ للدولابي ـ ١ / ٨ ، تاريخ الطبري ٢ / ١٤ ـ ١٥ ، مقاتل الطالبيّين : ٤٠ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن أخي تبوك ، المطبوع مع « مناقب الإمام عليّعليه‌السلام » لابن المغازلي ـ : ٣٤٠ ح ١٤ ، معرفة علوم الحديث : ٢١١ ، معرفة الصحابة ـ لأبي نعيم ـ ١ / ٧٧ ح ٢٩٢ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٢ / ٤٤٦ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٦٠ ـ ٦١ ح ٦ و ٧.

١٩٤

وقال الفضل(١) :

هذا حديث صحيح ، وهو من تلطّفات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لأمير المؤمنينعليه‌السلام وإظهار المحبّة له ، ولا يثبت به النصّ.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٧ / ٤٦٥.

١٩٥

وأقول :

نعم ، هو من تلطّفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله وحبّه لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، ولكن تلطّفه به حال نومه في المسجد من دون إشعار بالكراهة ، دليل على عدم كراهة النوم له فيه ، وعلى مساواته للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في الحكم والطهارة ، كما يفيده حديث سدّ الأبواب إلّا بابه(١) ، وقد سبق وجه دلالته على إمامتهعليه‌السلام (٢) .

مضافا إلى دلالة هذا الحديث على شدّة زهده البالغ أقصى الغايات ، الذي يمتاز به على سائر أهل الدرجات ؛ لأنّه من بيت النعمة والشرف ، وابن شيخ البطحاء(٣) ،

__________________

(١) راجع الصفحة ١٠٥ وما بعدها من هذا الجزء.

(٢) راجع الصفحة ١١٧ وما سبقها من هذا الجزء.

(٣) شيخ البطحاء : لقب أبي طالبعليه‌السلام ، حامي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكافله ، وناصره ، الذي رمي ظلما بالشرك ، وما ذاك إلّا بغضا لابنه عليّعليه‌السلام ؛ وكيف يكون مشركا وأحاديث الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله الثابتة تشهد بإيمانه ، ولطالما أثنى عليه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله عندما سأله عمّه العبّاس : ما ترجو لأبي طالب؟ قال : كلّ الخير أرجو من ربّي.

مضافا إلى ذلك الأدلّة الأخرى ، النقلية والعقلية ، التي أثبتها الإمامية وغيرهم في عشرات الكتب والرسائل التي ألّفوها لإثبات إيمانه ، ومن هذه الأدلّة :

١ ـ إنّ الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يفرّق بين أبي طالب وبين زوجه فاطمة بنت أسد وهي عاشر من أسلم ، فلم تزل معه حتّى توفّي ؛ إذ لو كان مشركا لفرّق بينهما كما فعل مع غيره ، وقد قال تعالى : ( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ) ( وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا ) سورة البقرة ٢ : ٢٢١ ، وقال سبحانه : ( فَإِنْ

١٩٦

__________________

عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ ) سورة الممتحنة ٦٠ : ١٠.

٢ ـ إنّ الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله حزن لوفاته ، حتّى إنّه سمّى عام وفاته ووفاة زوجه السيّدة خديجة الكبرى ب‍ « عام الحزن » ؛ ومحال أن يحزن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله على مشرك أو كافر وهو المعصوم بنصّ القرآن الكريم( وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلأَوَحْيٌ يُوحى ) ، ومعلوم أنّ قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وفعله وتقريره حجّة وسنّة يجب التسليم لها والعمل بها والاهتداء بهديها.

٣ ـ إنّ أبا طالب كان يأمر ابنه جعفرا أن يصلّي مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وابنه عليّ عليه‌السلام ، ولا يعقل أن يكون هذا الأمر من مشرك لمسلم.

٤ ـ وقد ورد أنّ أبا بكر جاء بأبيه أبي قحافة إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عام الفتح يقوده ، وهو شيخ كبير أعمى ، فقال رسول الله : ألا تركت الشيخ حتّى نأتيه ؟! فقال : أردت يا رسول الله أن يأجره الله! أما والذي بعثك بالحقّ لأنا كنت أشدّ فرحا بإسلام عمّك أبي طالب منّي بإسلام أبي ، ألتمس بذلك قرّة عينك ؛ فقال : صدقت.

٥ ـ ويوم الدار ، لمّا جمع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وجوه قريش وبلّغهم بآية( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) ضحك القوم وقالوا لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع!

ولا يمكن توجيه قولهم هذا إليه لو لم يكن مسلما.

٦ ـ إجماع أهل البيت عليهم‌السلام على إيمانه ، وإجماعهم حجّة ؛ لحديث الثّقلين وغيره من الأخبار المتواترة عند الفريقين.

هذا فضلا عمّا ورد في أشعاره من التصريح بالإيمان ، فقد قال :

فخير بني هاشم أحمد

رسول الإله على فترة

وقال :

وعرضت دينا قد علمت بأنّه

من خير أديان البرية دينا

وقال :

مليك الناس ليس له شريك

هو الوهّاب والمبدي والمعيد

ومن فوق السماء له لحقّ

ومن تحت السماء له عبيد

وأمّا الروايات الواردة في تعذيب أبي طالب ، فهي روايات مكذوبة موضوعة ،

١٩٧

وبيضة البلد(١) ، مع ما هو عليه من علوّ النفس وعزّتها ، وما هو فيه من الشجاعة وريعان الشباب.

فيكون ذلك الزهد منه دليلا على فضل إيمانه ومعرفته ، وزيادة تقواه ويقينه.

__________________

وأسانيدها معلولة بجرح أحد رواتها أو أكثر ، أو بعلّة أخرى كالإرسال والانقطاع وغيرهما.

انظر في ما يخصّ تفريق الزوجين إذا أسلم أحدهما : صحيح البخاري ٧ / ٨٦ ـ ٨٧ ح ٣٢ وباب « إذا أسلمت المشركة أو النصرانية » ، سنن أبي داود ٢ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩ ح ٢٢٣٨ ـ ٢٢٤٠ ، سنن الترمذي ٣ / ٤٤٧ ـ ٤٤٩ ح ١١٤٢ ـ ١١٤٤ ، سنن النسائي ٦ / ١٨٥ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٦ / ١٨٢ ح ٤١٤٧ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٨ / ٢٥ رقم ٤٠٩٨ ، الاستيعاب ٤ / ١٧٠١ رقم ٣٠٦١ ، أسد الغابة ٥ / ١٨٥ رقم ٦٠٣٥ ، المدوّنة الكبرى ٢ / ٢١٢ ـ ٢١٣ ، كتاب الأمّ ٥ / ٩ تحريم المسلمات على المشركين ، المغني ـ لابن قدامة ـ ٧ / ٣٦٣ ، شرح فتح القدير ٣ / ٤١٨ ـ ٤٢١.

وانظر لما خلا ذلك : تفسير الطبري ٩ / ٤٨٣ ـ ٤٨٤ ح ٢٦٨٠٦ ، مجمع البيان ٧ / ٣١٩ ، الحجّة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب : ٣١٩ ، ديوان أبي طالب : ٨٧ و ١٥٨ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١٤ / ٦١ ـ ٨٤ ، معجم ما ألّف عن أبي طالبعليه‌السلام ـ المنشور في مجلّة « تراثنا » ، العدد المزدوج ٦٣ ـ ٦٤ ، السنة ١٦ ، رجب ١٤٢١ ه‍ ـ : ١٦٣ ـ ٢٣٣ ، وغيرها.

(١) بيضة البلد : عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ؛ لأنّه فرد ليس أحد مثله في الشرف.

قالت أخت عمرو بن عبد ودّ ترثيه ، وتذكر قتل عليّ إيّاه يوم الخندق :

لو كان قاتل عمرو غير قاتله

بكيته ما أقام الروح في جسدي

لكنّ قاتله من لا يعاب به

وكان يدعى قديما بيضة البلد

كما أنّ من معاني بيضة البلد : السّيّد ، والرجل الكريم ، وواحد البلد الذي يجتمع إليه ويقبل قوله ، والرجل الفرد ليس أحد مثله في شرفه.

انظر : الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد ١ / ١٠٨ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ٣٥ ـ ٣٦ ح ٤٣٣٠ ، لسان العرب ١ / ٥٥٣ و ٥٥٤ مادّة « بيض » ، تاج العروس ١٠ / ٢١ مادّة « بيض ».

١٩٨

٢٣ ـ أحاديث : كسر الأصنام ،

وصكّ الولاية ،

وردّ الشمس ،

وغيرها

قال المصنّف ـ قدّس الله روحه ـ(١) :

الثالث والعشرون : روى الجمهور من عدّة طرق ، أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حمل عليّا حتّى كسر الأصنام من فوق الكعبة(٢) .

وأنّه لا يجوز على الصراط إلّا من كان معه كتاب بولاية عليّ بن أبي طالب(٣) .

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٢٣.

(٢) السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ١٤٢ ح ٨٥٠٧ ، مسند أحمد ١ / ٨٤ و ١٥١ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٨ / ٥٣٤ ح ٩ ، مسند أبي يعلى ١ / ٢٥١ ح ٢٩٢ ، المستدرك على الصحيحين ٢ / ٣٩٨ ح ٣٣٨٧ وج ٣ / ٦ ح ٤٢٦٥ ، موضّح أوهام الجمع والتفريق ٢ / ٤٩٩ ـ ٥٠٠ رقم ٤٨٨ ، تاريخ بغداد ١٣ / ٣٠٢ و ٣٠٣ رقم ٧٢٨٢ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ١٩٣ ح ٢٤٠ ، مجمع الزوائد ٦ / ٢٣ ، كنز العمّال ١٣ / ١٧١ ح ٣٦٥١٦.

(٣) انظر : تاريخ أصبهان ١ / ٤٠٠ رقم ٧٥٥ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ١٤٠ ح ١٥٦ وص ١٤٧ ـ ١٤٨ ح ١٧٢ وص ٢١٨ ـ ٢١٩ ح ٢٨٩ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ٧١ ح ٤٨ ، مقتل الحسينعليه‌السلام : ٧١ ح ١١ ، الرياض النضرة ٣ / ١٣٧ ، ذخائر العقبى : ١٣١ ، فرائد السمطين ١ / ٢٨٩ ح ٢٢٨ وص ٢٩٢ ح ٢٣٠ ، الصواعق المحرقة : ١٩٥.

١٩٩

وأنّه ردّت له الشمس بعدما غابت ، حيث كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نائما على حجره ودعا له بردّها ليصلّي عليّ العصر ، فردّت له(١) .

وأنّه نزل إليه سطل(٢) عليه منديل ، وفيه ماء ، فتوضّأ للصلاة ، ولحق بصلاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) .

وأنّ مناديا من السماء نادى يوم أحد :

__________________

(١) المعجم الكبير ٢٤ / ١٤٤ ح ٣٨٢ وص ١٤٧ ـ ١٥٢ ح ٣٩٠ و ٣٩١ ، مشكل الآثار ٢ / ٧ ح ١٢٠٧ و ١٢٠٨ وج ٤ / ٢٦٨ ح ٣٨٥٠ و ٣٨٥١ ، الذرّيّة الطاهرة : ١٢٩ ح ١٥٦ ، الشفا بتعريف حقوق المصطفى ١ / ٢٨٤ ، شرح الشفا ـ للقاري ـ ١ / ٥٨٩ ـ ٥٩٢ ، قصص الأنبياء ـ للثعلبي ـ : ٢٤٩ ، أعلام النبوّة ـ للماوردي ـ : ١٤٩ ، فيض القدير ٥ / ٥٦١ ـ ٥٦٢ شرح ح ٧٨٨٩ ، زين الفتى ٢ / ٥٠ ـ ٥٦ ح ٣٣١ و ٣٣٢ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ١٢٦ ـ ١٢٧ ح ١٤٠ و ١٤١ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ٣٠٦ ـ ٣٠٧ ح ٣٠١ و ٣٠٢ ، تاريخ دمشق ٧٠ / ٣٦ رقم ٩٤٠٩ ، المنتقى من مناقب المرتضى : ١١١ ـ ١١٢ ح ٢٤ و ٢٥ ، تفسير الفخر الرازي ٣٢ / ١٢٧ ، التدوين في أخبار قزوين ٢ / ١٤٦ رقم ١١١٥ ، ذيل تاريخ بغداد ـ لابن النجّار ـ ١٧ / ١٥٤ ـ ١٥٥ رقم ٣٩٠ ، تذكرة الخواصّ : ٥٣ ، كفاية الطالب : ٣٨٣ ـ ٣٨٧ ، التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة ـ للقرطبي ـ : ١٥ ، الرياض النضرة ٣ / ١٤٠ ، فرائد السمطين ١ / ١٨٣ ح ١٤٦ ، مجمع الزوائد ٨ / ٢٩٦ ـ ٢٩٧ ، كشف اللبس عن ردّ الشمس : ٨٩ ـ ١٠٨ ح ١ ـ ١٧ ، الصواعق المحرقة : ١٩٧ ، كنز العمّال ١٢ / ٣٤٩ ح ٣٥٣٥٣.

(٢) السّطل ـ وجمعها : سطول ـ : طسيسة صغيرة ، يقال إنّها على هيئة التّور ، لها عروة كعروة المرجل ؛ انظر مادّة « سطل » في : لسان العرب ٦ / ٢٥٩ ، تاج العروس ١٤ / ٣٤٥.

والتّور : إناء صغير من صفر أو حجارة ، كالإجانة ، يشرب فيه وقد يتوضّأ منه ؛ انظر مادّة « تور » في : لسان العرب ٢ / ٦٣ ، تاج العروس ٦ / ١٣٥.

(٣) مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ١٢٥ ح ١٣٩ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ٣٠٤ ح ٣٠٠ ، كفاية الطالب ٢٨٩ ـ ٢٩١ ، ينابيع المودّة ١ / ٤٢٨ ـ ٤٢٩ ح ٦.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582