دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٦

دلائل الصدق لنهج الحق10%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-359-4
الصفحات: 582

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 582 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 136091 / تحميل: 5468
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٦

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٣٥٩-٤
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

فاطمةعليها‌السلام وفيه معاجز غريبة، وفيه: أن الوليمة كانت ثلاثة أيام.

[١٦٥٠٤] ٧ - علي بن إبراهيم في تفسيره: في قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ ) (١) الآية، قال: فإنه لما أن تزوج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بزينب بنت جحش وكان يحبها، فأولم ودعا أصحابه الخبر.

[١٦٥٠٥] ٨ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: عن أنس أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله تزوج حفصة أو بعض أزواجه، فأولم عليها بتمر وسويق.

[١٦٥٠٦] ٩ - وعنه أيضا قال: حضرت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وليمة ليس فيها خبز ولا لحم،(١) ، أتي بالأنطاع فبسطت، ثم أتي بتمر وسمن فأكلوا، وليس التمر لرسول ( الله صلى الله عليه وآله ) كثيرا.

٣٣ -( باب استحباب الخطبة للتزويج)

[١٦٥٠٧] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « كل نكاح لا خطبة فيه، فهو كاليد الجذاء »(١) .

[١٦٥٠٨] ٢ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله أخبرنا محمد حدثني موسى

__________________

٧ - تفسير القمي ج ٢ ص ١٩٥.

(١) الأحزاب ٣٣: ٥٣.

٨ - مكارم الأخلاق ص ٢١٢.

٩ - مكارم الأخلاق ص ٢١٢.

(١) في المصدر زيادة: قيل: فماذا كان؟ قال.

الباب ٣٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٠٣ ح ٧٤٣.

(١) في المصدر: الجذماء.

٢ - الجعفريات ص ٩٢.

٢٠١

قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمدعليهما‌السلام قال: « كان أبي إذا زوج أو تزوج يقول:

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به ومن شرور أنفسنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل الله فما له من هاد، وأشهد أن لا إله الا هو وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ان الله كان عليكم رقيبا( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) (١) ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ‌ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَ‌سُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ) (٢) إن فلان بن فلان قد ذكر فلانة بنت فلان، فزوجوه على ما أمر الله به من إمساك بمعروف أو تسريح باحسان، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم، قال جعفر بن محمدعليهما‌السلام : وربما اختصر، فتكلم وتشهد وصلى على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يقرأ ».

[١٦٥٠٩] ٣ - الشيخ المفيد في رسالة المهر، والصدوق في الفقيه: خطب أبو طالبعليه‌السلام لما تزوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بخديجة بنت خويلد، أن خطبها إلى أبيها ومن الناس من يقول: إلى عمها فأخذ بعضادتي الباب، ومن شاهده من قريش حضور، فقال: الحمد لله الذي جعلنا من زرع إبراهيم، وذرية إسماعيل، وجعل لنا بيتا محجوجا، وحرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شئ، وجعلنا الحكام على الناس في بلدنا الذي نحن فيه، ثم إن ابن أخي محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ( صلى الله عليه

__________________

(١) آل عمران ٣: ١٠٢.

(٢) الأحزاب ٣٣: ٧٠، ٧١.

٣ - رسالة المهر للمفيد ص ١٠، والفقيه ج ٣ ص ٢٥١ ح ١١٩٨.

٢٠٢

وآله )، لا يوزن برجل من قريش إلا رجح، ولا يقاس بأحد منهم(١) إلا عظم عنه، وإن كان في المال قل فان المال رزق سائل(٢) وظل زائل، وله في خديجة رغبة(٣) لها فيه رغبة(٤) ، والصداق ما سألتم، عاجله وآجله من مالي، وله خطر عظيم وشأن رفيع، لسان شفيع جسيم الخبر.

[١٦٥١٠] ٤ - وروى هذه الخطبة ابن شهرآشوب في مناقبه: عن جماعة كثيرة، هكذا الحمد لله الذي جعلنا من زرع إبراهيم، الخليل، ومن ذرية الصفي إسماعيل، وضئضئ(١) معد، وعنصر مضر، وجعلنا خزنة(١) بيته وسواس حرمه، وجعل مسكننا بيتا محجوجا وحرما آمنا، وجعلنا الحكام على الناس وساق الباقي قريبا منه.

[١٦٥١١] ٥ - الشيخ أبو الحسن البكري في الأنوار: في خبر طويل في تزويج خديجة إلى أن قال فقال خويلد: ما الانتظار عما طلبتم؟ اقضوا الامر، فإن الحكم لكم وأنتم الرؤساء والخطباء والبلغاء والفصحاء، فليخطب خطيبكم ويكون العقد لنا ولكم، فقام أبو طالبعليه‌السلام ، فأشار إلى الناس ان انصتوا فأنصتوا، فقال: الحمد لله الذي جعلنا من نسل إبراهيم الخليل، وأخرجنا من سلالة إسماعيل، وفضلنا وشرفنا على جميع العرب، وجعلنا في حرمه، وأسبغ علينا من نعمه، وصرف عنا شر نقمته، وساق الينا الرزق من كل فج عميق ومكان سحيق، والحمد لله على ما أولانا، وله الشكر على ما أعطانا، وما به حبانا، وفضلنا على الأنام،

__________________

(١) في الحجرية: « رعيته »وما أثبتناه من المصدرين.

(٢) في الفقيه: عائل، وفي رسالة المهر: حائل.

(٣، ٤) في الحجرية: « رغبته »وما أثبتناه من المصدرين.

٤ - المناقب ج ١ ص ٤٢.

(١) في الحجرية: « وضيفئ »وما أثبتناه من المصدر والضئضئ: النسل والعقب ( النهاية ج ٣ ص ٦٩ ومجمع البحرين ج ١ ص ٢٧٢ ).

(٢) في المصدر: حضنة.

٥ - الأنوار ص ٣٣٤ باختلاف في اللفظ.

٢٠٣

وعصمنا عن الحرام، وأمرنا بالمقارنة والوصل، وذلك ليكثر منا النسل، وبعد: فاعلموا يا معاشر من حضر، أن ابن أخينا محمد بن عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خاطب كريمتكم الموصوفة بالسخاء والعفة، وهي فتاتكم المعروفة، المذكور فضلها الشامخ، وهو قد خطبها من أبيها خويلد على ما تحب من المال، ثم نهض ورقة وكان إلى جانب أخيه خويلد وقال: يزيد مهرها المعجل دون المؤجل، أربعة آلاف دينار ذهبا، ومائة ناقة سود الحدق حمر الوبر، وعشر حلل، وثمانية وعشرين عبدا، وأمة وليس ذلك بكثير عليكم، قال له أبو طالب، رضينا بذلك، فقال خويلد: قد رضيت وزوجت خديجة بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فقبل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عقد النكاح الخبر.

[١٥٦١٢] ٦ - السيد المحدث التوبلي في مدينة المعاجز: نقلا من مسند فاطمةعليها‌السلام عن الشريف أبي محمد الحسن بن محمد العلوي المحمدي النقيب قال، حدثني أبو الحسن محمد بن هارون التلعكبري قال: حدثني أبي ( رضي الله عنه ) قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن أبي الغريب الضبي(١) قال حدثنا محمد بن زكريا بن دينار العاني قال: حدثنا شعيب بن واقد، عن الليث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام )، عن جابر قال: « لما أراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يزوج فاطمة علياعليهما‌السلام قال: له أخرج يا أبا الحسن إلى المسجد، فإني خارج في أثرك فمزوجك بحضرة الناس، وذاكر من فضلك ما تقر به عينك، قال عليعليه‌السلام : فخرجت من عند رسول ( الله صلى الله عليه وآله ) وأنا لا أعقل فرحا وسرورا، واستقبله أبو بكر وعمر قالا: ما وراءك يا أبا الحسن؟ فقلت: يزوجني رسول الله ( صلى الله

__________________

٦ - مدينة المعاجز ص ١٤٥.

(١) في الطبعة الحجرية: الصبي، وقد ورد استظهار: الضبي وهو الصواب « راجع معجم رجال الحديث ج ٢ ص ٢٣٠ ».

٢٠٤

عليه وآله ) فاطمةعليها‌السلام ، وأخبرني أن الله قد زوجنيها، وهذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خارج في أثري، ليذكر بحضرة الناس، ففرحا وسرا، فدخلا معي في المسجد، قال عليعليه‌السلام : فوالله ما توسطناه حتى لحق بنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأن وجهه يتهلل فرحا وسرورا، فقال: أين بلال؟ قال: لبيك وسعديك يا رسول الله، ثم قال: أين المقداد؟ فأجاب: لبيك يا رسول الله، ثم قال: أين سلمان فأجاب: لبيك يا رسول، الله ثم قال: أين أبو ذر؟ فأجاب: لبيك يا رسول الله، فلما مثلوا بين يديه قال: انطلقوا بأجمعكم فقوموا في جنبات المدينة، واجمعوا المهاجرين والأنصار والمسلمين، فانطلقوا لامر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فجلس على أعلى درجة منبره، فلما حشد المسجد بأهله، قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فحمد الله وأثنى عليه، فقال: الحمد لله الذي رفع السماء فبناها، وبسط الأرض فدحاها، فأثبتها بالجبال فأرساها، أخرج منها ماءها ومرعاها، الذي تعاظم عن صفات الواصفين، وتجلل عن تعبير لغات الناطقين، وجعل الجنة ثواب المتقين، والنار عقاب الظالمين، وجعلني نقمة للكافرين ورحمة ورأفة للمؤمنين، عباد الله انكم في دار أمل، وعد وأجل، وصحة وعلل، دار زوال وتقلب أحوال، جعلت سببا للارتحال، فرحم الله امرء قصر من أمله، وجد في عمله: وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوته، ليوم فاقته، يوم يحشر فيه الأموات وتخشع له الأصوات، وتذكر الأولاد والأمهات، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى يوم يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ‌ مُّحْضَرً‌ا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا ) (٢) ( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّ‌ةٍ خَيْرً‌ا يَرَ‌هُ ﴿٧﴾ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّ‌ةٍ شَرًّ‌ا يَرَ‌هُ ) (٣) يوم يبطل فيه الأنساب، ويقطع فيه الأسباب، ويشتد فيه على

__________________

(٢) آل عمران ٣: ٣٠.

(٣) الزلزال ٩٩: ٧، ٨.

٢٠٥

المؤمنين الحساب، ويدفعون عن العذاب( فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ‌ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُ‌ورِ‌ ) (٤) أيها الناس، ان الأنبياء حجج الله في أرضه، الناطقون بكتابه، العاملون بوحيه، وان الله عزو جل أمرني أن أزوج كريمتي فاطمة بأخي وابن عمي وأولى الناس بي، علي بن أبي طالب ( عليه لاسلام ) وأن الله قد زوجه في السماء بشهادة الملائكة، وأمرني أن أزوجه وأشهدكم على ذلك، ثم جلس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قال: قم يا علي فاخطب لنفسك، قال: يا رسول الله أخطب وأنت حاضر، قال: اخطب فهكذا أمرني ربي، أن آمرك أن تخطب لنفسك، ولولا أن الخطيب في الجنان داود، لكنت أنت يا علي، ثم قال: النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أيها الناس اسمعوا، قول نبيكم إن الله بعث أربعة آلاف نبي لكل نبي وصي، وأنا خير الأنبياء ووصيي خير الأوصياء، ثم أمسك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وابتدأ عليعليه‌السلام فقال: الحمد لله الذي ألهم بفواتح علمه الناطقين، وأنار بثواقب عظمته قلوب المتقين، وأوضح بدلائل أحكامه طرق الفاضلين وأنهج بابن عمي المصطفى العالمين، وعلت دعوته دواعي الملحدين، واستظهرت كلمته على بواطل المبطلين، وجعله خاتم النبيين وسيد المرسلين، فبلغ رسالة ربه وصدع بأمره، وبلغ عن الله آياته، والحمد لله الذي خلق العباد بقدرته، وأعزهم بدينة، وأكرمهم بنبيه محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ورحم وكرم وشرف وعظم، والحمد لله على نعمائه وأياديه، وأشهد أن لا إله إلا الله، شهادة تبلغه وترضيه، وصلى الله على محمد وآل محمد صلاة تربحه وتحظيه(٥) » الخبر.

[١٦٥١٣] ٧ - ابن شهرآشوب في المناقب: خطب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على المنبر في تزويج فاطمةعليها‌السلام خطبة رواها يحيى بن

__________________

(٤) آل عمران ٣: ١٨٥.

(٥) من الحظوة: أي تقربه إليك وتسعده بك ( النهاية ج ١ ص ٤٠٥ ).

٧ - المناقب ج ٣ ص ٣٥٠.

٢٠٦

معين في أماليه، وابن بطة في الإبانة، باسنادهما عن أنس بن لمالك مرفوعا، ورويناها عن الرضاعليه‌السلام (١) : « الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع بسلطانه، المرهوب من عذابه، المرغوب إليه فيما عنده، النافذ أمره في أرضه وسمائه، الذي خلق الخلق بقدرته، وميزهم بأحكامه، وأعزهم بدينه، وأكرمهم بنبيه محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم إن الله جعل المصاهرة نسبا لاحقا، وأمرا مفترضا وشج(٢) بها الأرحام، وألزمها الأنام، فقال تبارك اسمه وتعالى جده:( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرً‌ا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرً‌ا وَكَانَ رَ‌بُّكَ قَدِيرً‌ا ) (٣) فأمر الله يجري إلى قضائه، وقضاؤه، يجري إلى قدره، ولكل قدر أجل، كتاب( يَمْحُو اللَّـهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) (٤) » الخبر.

[١٦٥١٤] ٨ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: مثله، وقال: ثم جلس النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: « يا علي قم واخطب لنفسك فقام أمير المؤمنين عليعليه‌السلام وخطب بهذه الخطبة: « الحمد لله الذي قرب من حامديه، ودنا من سائليه، ووعد الجنة من يتقيه، وانذر بالناس من يعصيه، نحمده على قديم احسانه وأياديه، حمد من يعلم أنه خالقه وبارئه، ومميته ومحييه، وسائله عن مساويه، ونستعينه ونستهديه، ونؤمن به ونستكفيه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تبلغه وترضيه، وأن محمدا عبده ورسوله، صلاة تزلفه وتجليه، وترفعه وتصطفيه، إن خير ما أفتتح به وأختتم قول الله تعالى:( وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ

__________________

(١) في المصدر زيادة: فقال.

(٢) في الحجرية: ويثح، وفي نسخة: وينتج، وفي المصدر: وشح والظاهر أن الصواب ما أثبتناه، والمراد اشتباك الأرحام وترابطها، جاء في لسان العرب ج ٢

(٣) الفرقان ٢٥: ٥٤.

(٤) الرعد ١٣: ٣٩.

٨ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٤ ص ٩٥.

٢٠٧

وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ) (١) الآية » الخبر.

[١٦٥١٥] ٩ - الصدوق في الأمالي: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن سلمة بن الخطاب، عن إبراهيم بن مقاتل، عن حامد بن محمد، عن عمر بن هارون، عن الصادق، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « لقد هممت بتزويج فاطمة ابنة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أن قال ثم أمر الله ملكا من ملائكة الجنة يقال له: راحيل، ليس في الملائكة أبلغ منه، فقال: اخطب يا راحيل، فخطب بخطبة لم يسمع بمثلها أهل السماء ولا أهل الأرض » الخبر.

[١٦٥١٦] ١٠ - وفي تفسيره الشيخ أبي الفتوح: أن الله تعالى أمر أن ينصب منبر الكرامة في البيت المعمور، وهو المنبر الذي خطب عليه آدم يوم علمه الله الأسماء، وأن ينزل إليه ملائكة السماء السابعة والسادسة، وأن يصعد إليه ملائكة السماء الدنيا والثانية والثالثة.

[١٦٥١٧] ١١ - وفيه: وفي مناقب ابن شهرآشوب: وقد جاء في بعض الكتب أنه خطب راحيل في البيت المعمور، في جمع من أهل السماوات السبع، فقال: الحمد لله الأول قبل أولية الأولين: الباقي بعد فناء الباقين(١) ، نحمده إذ جعلنا ملائكة روحانيين وبربوبيته مذعنين، وله على ما أنعم علينا شاكرين، حجبنا من الذنوب، وسترنا من العيوب، وأسكننا في السماوات، وقربنا إلى السرادقات، وحجب عنا النهم للشهوات، وجعل

__________________

(١) النور ٢٤: ٣٢.

) أمالي الصدوق ص ٤٤٨ ح ١.

(١) في الحجرية: « سلمة بن كهيل »وما أثبتناه من المصدر هو الصواب « راجع معجم رجال الحديث ج ٨ ص ٢٠٥ و ج ١٥ ص ٢١٧ وجامع الرواة ج ١ ص ٣٧٢ ».

١٠ - تفسير أبي الفتوح ج ٤ ص ٩٢ باختلاف يسير.

١١ - المناقب ج ٣ ص ٣٤٧، وتفسير أبي الفتوح ج ٤ ص ٩٢.

(١) في المناقب: العالمين.

٢٠٨

نهمتنا وشهوتنا في تهليله وتسبيحه، الباسط رحمته، الواهب نعمته، جل عن إلحاد أهل الأرض من المشركين، وتعالى بعظمته عن إفك الملحدين، ( أنذرنا بأسه، وعرفنا سلطانه، توحد فعلا في الملكوت الأعلى، واحتجب عن الابصار، وأظلم نور عزته الأنوار، وكان من إسباغ نعمته واتمام قضيته، أن ركب الشهوات في بني آدم، وخصهم بالأمر اللازم، ينشر لهم الأولاد، وينشئ لهم البلاد، فجعل الحياة سبيل ألفتهم، والموت غاية فرقتهم، وإلى الله المصير(١) ، اختار الملك الجبار صفوة كرمه وعظمته، لامته سيدة النساء، بنت خير النبيين، وسيد المرسلين، وإمام المتقين، صاحب المقام المحمود، واليوم المشهود، والحوض المورود، فوصل حبله بحبل رجل، من أهله صاحبه المصدق دعوته، المبادر إلى كلمته علي الوصول بفاطمة البتول بنت الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قال الله عز وجل: زوجت عبدي من أمتي(٣) فاشهدوا ملائكتي.

[١٦٥١٨] ١٢ - بعض المناقب القديمة من بعض معاصري الكليني، في خبر سبي الفرس وتزويج شهر بانويه من أبي عبد اللهعليه‌السلام إلى أن قال فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام لحذيفة بن اليمان، وكان كبير القوم في المجلس: « أتخطب يا حذيفة فخطب » وزوجت من الحسينعليه‌السلام .

[١٦٥١٩] ١٣ - أحمد بن أبي طالب الطبرسي في الاحتجاج: عن الريان بن شبيب قال: لما أراد المأمون أن يزوج ابنته أم الفضل: أبا جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، بلغ ذلك العباسيين فغلظ عليهم إلى أن قال ثم

__________________

(٢) ما بين القوسين ليس في المناقب.

(٣) في المناقب: زوجت فاطمة أمتي من علي صفوتي.

١٢ - رواه ابن شهرآشوب في مناقبه ج ٤ ص ٤٨، وعنه في البحار ج ٤٥ ص ٣٣٠ ح ٣ ورواه الطبري في دلائل الإمامة ص ٨٢.

١٣ - الاحتجاج ص ٤٤٣.

٢٠٩

أقبل يعني المأمون إلى أبي جعفرعليه‌السلام فقال له: أتخطب يا أبا جعفر؟ فقال: « نعم يا أمير المؤمنين » فقال له المأمون: اخطب لنفسك جعلت فداك فقد رضيت لنفسي، وأنا مزوجك أم الفضل ابنتي، وإن رغم(١) ( أنوف )(٢) قوم لذلك، فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « الحمد لله إقرارا بنعمته، ولا إله إلا الله إخلاصا لوحدانيته، وصلى الله على محمد سيد بريته، والأصفياء من عترته، أما بعد فقد كان من فضل الله على الأنام، أن أغناهم بالحلال عن الحرام، فقال سبحانه( وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَ‌اءَ يُغْنِهِمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) (٣) ثم إن محمد بن علي بن موسى، يخطب أم الفضل بنت عبد الله المأمون، وقد بذل لها من الصداق مهر جدته فاطمة بنت محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو خمسمائة درهم جيادا، فهل زوجته يا أمير المؤمنين بها على هذا الصداق؟ » فقال المأمون: نعم، فزوجتك يا أبا جعفر أم الفضل ابنتي على الصداق المذكور، فهل قبلت النكاح؟ فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « قد قبلت ذلك ورضيت به » الخبر.

ورواه علي بن إبراهيم في تفسيره: عن محمد بن الحسن، عن محمد بن عون النصيبي قال: لما أراد المأمون إلى آخره(٤) ورواه المفيد في الارشاد: عن الحسن بن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن الريان بن شبيب، مثله(٥) .

[١٦٥٢٠] ١٤ - علي بن الحسين المسعودي في إثبات الوصية: عن علي بن

__________________

(١) في الحجرية: « رعم »وما أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) النور ٢٤: ٣٢.

(٤) تفسير القمي ج ١ ص ١٨٢.

(٥) ارشاد المفيد ص ٣١٩.

١٥ - إثبات الوصية ص ١٨٩.

٢١٠

إبراهيم، عن هاشم، عن أبيه، عن الريان بن شبيب خال المأمون قال: لما أراد المأمون أن يزوج أبا جعفرعليه‌السلام ابنته إلى أن قال وقال المأمون: تخطب يا أبا جعفر لنفسك، فقامعليه‌السلام فقال: الحمد لله منعم النعم بنعمته، والهادي إلى فضله بمنه، وصلى الله على محمد خير خلقه، الذي جمع فيه من الفضل ما فرقه في الرسل قبله، وجعله تراثه إلى ما خصه بخلافته، وسلم تسليما وهذا أمير المؤمنين زوجني ابنته، على ما جعل الله للمسلمات على المسلمين، إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، وقد بذلت لها من الصداق ما بذله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأزواجه، وهو خمسمائة درهم، ونحلتها من مالي مائة ألف ألف درهم، زوجني يا أمير المؤمنين « فروي أن المأمون قال: الحمد لله إقرارا بنعمته، ولا إله إلا الله إخلاصا لعظمته، وصلى الله على محمد عبده وخيرته، وكان من قضاء الله على الأنام، أن أغناهم بالحلال عن الحرام، فقال:( وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ ) (١) الآية، ثم إن محمد بن عليعليه‌السلام خطب أم الفضل بنت عبد الله، وبذل لها من الصداق خمسمائة درهم، وقد زوجته، فهل قبلت يا أبا جعفر؟ فقال أبو جعفرعليه‌السلام : قد قبلت هذا التزويج بهذا الصداق » الخبر.

[١٦٥٢١] ١٥ - الحسن الطبرسي في المكارم: ويستحب أن تخطب بخطبة الرضاعليه‌السلام تبركا لأنها جامعة في معناها، وهي(١) : « الحمد الله الذي حمد في الكتاب نفسه، وافتتح بالحمد كتابه، وجعل الحمد أول محل(١) نعمته، واخر جزاء أهل طاعته، وصلى الله على محمد خير البرية، وعلى آله أئمة الرحمة ومعادن الحكمة، والحمد لله الذي كان في بيانه الصادق وكتابه

__________________

(١) النور ٢٤: ٣٢.

١٥ مكارم الأخلاق ص ٢٠٦ باختلاف يسير.

(١) في الحجرية: « وهو »وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في نسخة: جزاء.

٢١١

الناطق، أن من أحق الأسباب بالصلة وأولى الأمور(٣) بالتقدمة، سببا أوجب نسبا، وأمرا أعقب غنى، فقال جل ثناؤه:( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرً‌ا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرً‌ا وَكَانَ رَ‌بُّكَ قَدِيرً‌ا ) وقال جل ثناؤه:( وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَ‌اءَ يُغْنِهِمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) (٥) ولو لم يكن في المناكحة والمصاهرة آية منزلة ولا سنة متبعة، لكان ما جعل الله فيه من بر القريب وتالف البعيد، ما رغب فيه العاقل اللبيب، وسارع إليه الموفق المصيب، فأولى الناس بالله من اتبع أمره، وأنفذ حكمه، وأمضى قضاءه، ورجا جزاءه، ونحن نسأل الله تعالى أن يعزم لنا ولكم على أوفق الأمور، ثم إن فلان بن فلان، من قد عرفتم مروءته وعقله وصلاحه ونيته وفضله، وقد أحب شركتكم، وخطب كريمتكم فلانة، وبذل لها من الصداق كذا، فشفعوا شافعكم وانكحوا خاطبكم، في يسر غير عسر، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ».

٣٤ -( باب جواز التزويج بغير بينة، في الدائم والمنقطع واستحباب الاشهاد والاعلان)

[١٦٥٢٢] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه سئل عن عقد النكاح بغير شهود، قال: « إنما ذكر الله الشهود في الطلاق، فإن لم يشهد في النكاح فليس شئ فيما بينه وبين الله، ومن أشهد فقد توثق للمواريث، وأمن(١) خوف عقوبة

__________________

(٣) في الحجرية: « الامر »وما أثبتناه من المصدر.

(٤) الفرقان ٢٥: ٥٤.

(٥) النور ٢٤: ٣٢.

الباب ٣٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢١٩ ح ٨١٧.

(١) في الحجرية: « ومن »وما أثبتناه من المصدر.

٢١٢

السلطان، والشهادة في النكاح أوثق وأعدل وعليه العمل ».

[١٦٥٢٣] ٢ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه مر ببني زريق فسمع عزفا، فقال: « ما هذا؟ » فقالوا: يا رسول الله، نكح فلان، فقال: كمل دينه، هذا النكاح لا السفاح، ولا نكاح في السر، حتى يرى دخان، أو يسمع حس دف ».

٣٥ -( باب جواز التزويج بغير ولي)

[١٦٥٢٤] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليه‌السلام أنه قال: في رجل تزوج امرأة بغير ولي، ولكن تزوجها بشاهدين، فقال عليعليه‌السلام : « النكاح جائز صحيح، إنما جعل الولي ليثبت الصداق ».

٣٦ -( باب أنه لا يجوز الدخول بالزوجة حتى تبلغ تسع سنين، فإن فعل قبل ذلك فعيب أو أفضاها ضمن، وحكم الدخول بالأمة قبل ذلك)

[١٦٥٢٥] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن عبد الكريم، عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: « لا تدخل المرأة على زوجها حتى يأتي لها تسع سنين أم عشر ».

[١٦٥٢٦] ٢ - وعن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٠٥ ح ٧٤٩.

الباب ٣٥

١ - الجعفريات ص ١٠٠

الباب ٣٦

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧١.

٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧١.

٢١٣

عليه‌السلام ، قال: « إذا تزوج الرجل بالجارية وهي صغيرة، فلا يدخل بها حتى يكون لها تسع سنين ».

[١٦٥٢٧] ٣ - وعن النصر، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « لا يدخل بالجارية، حتى يأتي لها تسع سنين أو عشر ».

[١٦٥٢٨] ٤ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليه‌السلام ، أنه قال: « من تزوج جارية صغيرة، فلا يطأها حتى تبلغ تسع سنين ».

[١٦٥٢٩] ٥ - أبو علي في أماليه: عن أبيه الشيخ الطوسي، عن الحسين بن عبيد الله الغضائري، عن الصدوق، عن أبيه، عن محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن صفوان، عن موسى بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: « لا تدخل بالجارية حتى تتم لها تسع سنين أو عشر سنين ». وقال سمعته يقول: « تسع أو عشر ».

٣٧ -( باب كراهة الرهبانية، وترك الباه، كذا اللحم والطيب)

[١٦٥٣٠] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « جاء عثمان بن مظعون إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: يا رسول

__________________

٣ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧١.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢١٤ ح ٧٨٦. ٥ بل الصدوق في الخصال ص ٣٢٠، وعنه في البحار ج ١٠٣ ص ٢٨٨، علما بأن الحديث الذي قبله في البحار عن أمالي الطوسي، والسند المذكور أعلاه ملفق من الحديثين، فراجع.

الباب ٣٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٩٠ ح ٦٨٨.

٢١٤

الله، قد غلبني حديث النفس، ولم أحدث شيئا حتى أستأمرك(١) ، قال: بم حدثتك نفسك يا عثمان؟ قال: هممت أن أسيح في الأرض، قال: فلا تسح فيها، فإن سياحة أمتي المساجد، قال: هممت أن أحرم اللحم على نفسي، فقال: فلا تفعل، فإني لأشتهيه وآكله، ولو سألت الله أن يطعمنيه كل يوم لفعل، قال: وهممت أن أجب(١) نفسي، قال: يا عثمان ليس منا من فعل ذلك بنفسه ولا بأحد، إن وجاء(٣) أمتي الصيام، قال: وهممت أن أحرم خولة على نفسي يعني امرأته قال: لا تفعل يا عثمان » الخبر.

[١٦٥٣١] ٢ - وعن جعفر بن محمدعليه‌السلام ، أنه سئل عن رجل دخله الخوف من الله، حتى ترك النساء والطعام الطيب، ولا يقدر على أن يرفع رأسه إلى السماء تعظيما لله، فقالعليه‌السلام : « أما قولك في ترك النساء، فقد علمت ما كان لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منهن، وأما قولك في ترك الطعام والطيب، فقد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يأكل اللحم والعسل، وأما قولك أنه دخله الخوف من الله حتى لا يستطيع أن يرفع رأسه(١) ، فإنما الخشوع في القلب، ومن ذا يكون أخشع وأخوف لله من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فما كان يفعل هذا، وقد قال الله عز وجل( لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَ‌سُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْ‌جُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ‌ ) (٢) ».

__________________

(١) في الحجرية: « استأمرك »وما أثبتناه من المصدر.

(٢) الجب بفتح الجيم وتشديد الباء: قطع الذكر ( النهاية ج ١ ص ٢٣٣ ).

(٣) الوجاء: الخصاء، شبه الصوم به لأنه يكسر الشهوة ( النهاية ج ٥ ص ١٥٢ ومجمع البحرين ج ١ ص ٤٣٠ ).

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٩٣ ح ٧٠٢.

(١) في المصدر زيادة: إلى السماء.

(٢) الأحزاب ٣٣: ٢١.

٢١٥

٣٨ -( باب استحباب تخفيف مؤونة التزويج، وتقليل المهر، وكراهة تكثيره)

[١٦٥٣٢] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: من « يمن المرأة تيسير نكاحها، وتيسير رحمها ».

[١٦٥٣٣] ٢ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « أفضل نساء أمتي أقلهن مهرا، وأحسنهن وجها وعفة(١) ».

[١٦٥٣٤] ٣ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « إن كان الشؤم في شئ، ففي المرأة والدار والدابة ».

[١٦٥٣٥] ٤ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل نساء أمتي، أصبحهن وجها وأقلهن مهرا ».

٣٩ -( باب استحباب صلاة ركعتين لمن أراد التزويج، والدعاء بالمأثور عند ذلك، والتسمية عند الجماع)

[١٦٥٣٦] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله أخبرنا محمد، حدثي موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه عن جده

__________________

الباب ٣٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٢١ ح ٨٢٥.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٩٧ ح ٧٢٤.

(١) في المصدر: أصبحهن وجها، وأقلهن مهرا.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٩٨ ح ٧٢٧.

٤ - الجعفريات ص ٩٢.

الباب ٣٩

١ - الجعفريات ص ١٠٩.

٢١٦

علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « من أراد منكم التزويج فليصل ركعتين، فليقرأ فيهما فاتحة الكتاب ويس، فإذا فرغ من الصلاة فليحمد الله تعالى وليثن عليه، وليقل: اللهم ارزقني زوجة ودودا ولودا شكورا غيورا، إن أحسنت شكرت، وإن أسأت غفرت، وإن ذكرت الله تعالى أعانت، وإن نسيت ذكرت، وإن خرجت من عندها حفظت، وإن دخلت عليها سرتني، وإن أمرتها أطاعتني، وإن أقسمت عليها أبرت قسمي، وإن غضبت عليها أرضتني، يا ذا الجلال والاكرام، هب لي ذلك فإنما أسألكه ولا آخذ إلا ما مننت وأعطيت، وقال: من فعل ذلك أعطاه الله ما سأل » الخبر.

[١٦٥٣٧] ٢ - الصدوق في المقنع: فإذا أردت التزويج فصل ركعتين، واحمد الله وارفع يديك وقل: اللهم إني أريد أن أتزوج، فقدر لي من النساء أعفهن فرجا، وأحسنهن خلقا، وأحفظهن لي في نفسها ومالي، وأوسعهن رزقا، وأعظمهن بركة، وقيض لي منها ولدا طيبا، تجعله لي خلفا صالحا في حياتي وبعد موتي، وإذا دخلت عليك فخذ بناصيتها واستقبل بها القبلة فقل: اللهم بأمانتك أخذتها، وبكلماتك استحللت فرجها، فإن قضيت لي منها ولدا فاجعله مباركا تقيا، من شيعة آل محمدعليهم‌السلام ، ولا تجعل للشيطان فيه شركا ولا نصيبا.

[١٦٥٣٨] ٣ - الشيخ إبراهيم الكفعمي في الجنة: في خواص سورة الفرقان قال: من كتب منها قوله:( رَ‌بَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّ‌يَّاتِنَا قُرَّ‌ةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا أُولَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْ‌فَةَ بِمَا صَبَرُ‌وا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّ‌ا وَمُقَامًا ) (١) من كان عزبا وأراد التزويج، فليصم ثلاثة أيام، ويقرأ كل ليلة عند أخذ مضجعة الآيات

__________________

٢ - المقنع ص ٩٨.

٣ - مصباح الكفعمي ص ٤٥٧.

(١) الفرقان ٢٥: ٧٤ ٧٦.

٢١٧

احدى وعشرين مرة، ويسأل الله تعالى الإجابة يقول ذلك كل شهر، فإنه سبحانه يسهل له التزويج.

[١٦٥٣٩] ٤ - وقال في سورة طه: من جعلها معه، ومضى إلى قوم يريد التزويج منهم زوجوه.

قلت: ويظهر من مجموعة الشهيد وغيرها، أن ما نقل من الخواص، مروي من الصادقعليه‌السلام والله العالم.

٤٠ -( باب كراهة التزويج والقمر في العقرب، وفي المحاق)

[١٦٥٤٠] ١ - علي بن أسباط في نوادره: عن إبراهيم بن محمد بن حمران، عن أبيه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « من سافر وتزوج والقمر في العقرب، لم ير الحسنى ».

[١٦٥٤١] ٢ - الصدوق في المقنع: ولا تتزوج والقمر في العقرب، فإنه من فعل ذلك لم ير الحسنى.

[١٦٥٤٢] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام « واتق التزويج إذا كان القمر في العقرب، فإن أبا عبد اللهعليه‌السلام قال: من تزوج والقمر في العقرب، لم ير خيرا أبدا ».

__________________

٤ - مصباح الكفعمي ص ٤٥٥.

الباب ٤٠

١ - نوادر علي بن أسباط ص ١٢٤.

٢ - المقنع ص ١٠٦.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣١.

٢١٨

٤١ -( باب استحباب الدخول على طهر، وصلاة ركعتين والدعاء بالمأثور، ووضع اليد على ناصيتها، واستقبال القبلة حال الدعاء)

[١٦٥٤٣] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن عليعليه‌السلام ، أن رجلا قال له: يا بن رسول الله جعلت فداك إني رجل كبير(١) السن كما ترى، وقد تزوجت امرأة بكرا صغيرة ولم أدخل بها، وأنا أخاف إن دخلت ( على فراشي )(٢) أن تكرهني لكبري، قال أبو جعفرعليه‌السلام إذا دخلت عليك فمرها قبل ذلك أن تكون على طهارة، وكن أنت كذلك، ثم لا تقربها حتى تصلي ركعتين(٣) ثم احمد الله وصل على رسوله وعلى أهل بيته، وادع ومرهم أن يؤمنوا على دعائك، وقل: اللهم ارزقني ألفها وودها ورضاها بي، وارزقها ذلك منى، واجمع بيننا على أحسن اجتماع، وأيمن ائتلاف، فإنك تحب الحلال وتكره الحرام والخلاف ».

[١٦٥٤٤] ٢ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « إذا زفت إلى الرجل زوجته وأدخلت(١) إليه، فليصل ركعتين، وليمسح على ناصيتها، ثم ليقل: اللهم بارك لي فيها ولها في، وما جمعت بيننا فاجمع بيننا في خير ويمن وبركة وسعادة وعافية، وإذا جعلتها فرقة فاجعلها فرقة إلى كل خير(٢) ، الحمد لله الذي هدى ضلالتي، وأغنى فقري، ونعش خمولي،

__________________

الباب ٤١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢١١ ح ٧٧٣.

(١) في الحجرية: « كثير »وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: علي فرأتني.

(٣) في المصدر زيادة: ومرهم أن يأمروها أيضا أن تصلي ركعتين.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢١٠ ح ٧٧٢.

(١) في الحجرية: « ودخلت »وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر زيادة: ثم ليقل.

٢١٩

وأعز ذلتي، وآوى عيلتي، وزوج عزبتي، وأخدم مهنتي، وآنس وحشتي، رفع خسيستي، حمدا كثيرا طيبا مباركا على ما أعطيت يا رب، وعلى ما قسمت، وعلى ما أكرمت ».

[١٦٥٤٥] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا دخلت عليك فخذ بناصيتها واستقبل القبلة بها، وقل اللهم بأمانتي أخذتها، وبميثاقي استحللت فرجها، اللهم فارزقني منها ولدا مباركا سويا، ولا تجعل للشيطان فيه شركا ولا نصيبا ».

[١٦٥٤٦] ٤ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن عليعليه‌السلام ، قال: « من أراد منكم التزويج إلى أن قال فإذا زفت زوجته ودخلت عليه، فليصل ركعتين ثم ليمسح يده على ناصيتها، ثم ليقل: اللهم بارك لي في أهلي وبارك لهم في، وما جمعت بيننا فاجمع بيننا في خير ويمن وبركة، وإذا جعلتها فرقة فاجعلها فرقة إلى خير، فإذا جلس إلى جانبها فليمسح بناصيتها ثم ليقل: الحمد لله الذي هدى ضلالتي، وأغني فقري، ونعش خمولي، وأعز ديني(١) وآوى عيلتي، وزوج أيمتي، وحمل رحلي، وأخدم مهنتي، وآنس وحشتي، ورفع خسيستي، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه على ما أعطيت، وعلى ما قسمت، وعلى ما وهبت، وعلى ما أكرمت(٢) ».

[١٦٥٤٧] ٥ - السيد فضل الله الراوندي في نوادره: بإسناده عنهعليه‌السلام ، مثله إلى قوله: « إلى خير ».

__________________

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣١.

٤ - الجعفريات ص ١٠٩.

(١) في نسخة: ذلتي.

(٢) في الحجرية: « ما أكرهت » وما أثبتناه من المصدر.

٥ - نوادر الراوندي ص ٤٨.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

في حرم الله! فإنّي أشهد لسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «يحلّها ويحلّ به رجل من قريش ، لو وزنت ذنوبه بذنوب الثّقلين لوزنها ».

وروى البخاري في تفسير سورة « براءة »(١) ، عن ابن عبّاس ، قال : إنّ الله كتب ابن الزبير وبني أميّة محلّين.

أقول :

هو من أكبر الذنوب ؛ فقد روى البخاري في « كتاب البيوع »(٢) ، عن ابن عبّاس ، أنّ رسول الله قال : «إنّ الله حرّم مكّة ، ولم تحلّ لأحد قبلي ، ولا لأحد بعدي ، وإنّما حلّت لي ساعة من نهار ».

ورواه أيضا في « كتاب المغازلي » وغيره(٣) .

وقال في « الاستيعاب » بترجمة ابن الزبير : كان فيه خلال لا تصلح معها الخلافة ؛ فإنّه كان بخيلا ، ضيّق العطن(٤) ، سيّئ الخلق ، حسودا ، كثير الخلاف(٥) .

وقال ابن أبي الحديد في « شرح النهج »(٦) : « كان شديد البخل ، يطعم الجند تمرا ويأمرهم بالحرب ، فإذا فرّوا من وقع السيوف لامهم

__________________

(١) من كتاب التفسير من صحيحه ، في باب قوله تعالى :( ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ ) [ ٦ / ١٢٧ ح ١٨٥ ]. منهقدس‌سره .

(٢) في باب ما قيل في الصّوّاغ [ ٣ / ١٢٧ ح ٤٢ ]. منهقدس‌سره .

(٣) صحيح البخاري ٥ / ٣٠٩ ح ٣١٦ ، وج ٣ / ٣٨ ح ٤٠٨ كتاب الحجّ.

(٤) رجل رحب العطن : أي رحب الذّراع كثير المال واسع الرّحل ، وضيّق العطن كناية عن البخل ؛ انظر : لسان العرب ٩ / ٢٧٣ مادّة « عطن ».

(٥) الاستيعاب ٣ / ٩٠٦ رقم ١٥٣٥.

(٦) ص ٤٨٧ ج ٤ [ ٢٠ / ١٢٣ ]. منهقدس‌سره .

٢٨١

وقال : أكلتم تمري وعصيتم أمري ».

وذكر المؤرّخون أشياء كثيرة تشهد بفسقه وسوء ذاته ، كتركه الصلاة على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أربعين جمعة قائلا : إنّ له أهيل سوء(١) !

وكفاك من فسقه حربه لمن حربه حرب لله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن نفاقه بغضه الشديد له ، وقد مرّ مرارا أنّ بغض عليّ علامة النفاق(٢) .

هذا في ما انتخبه من خلفائهم وزعم أنّهم من أهل الصلاح ، فكيف حال غيرهم؟!

ولا أفسد من مذهب يلتزم أهله بعدم صلاح من تجب طاعتهم طول الدهر سوى اثني عشر ، فتدبّر!

* * *

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ٢٠ / ١٢٧.

(٢) راجع مبحث الحديث السادس عشر في الصفحات ١٤٧ ـ ١٥١ من هذا الجزء.

٢٨٢

المبحث الخامس

في بعض فضائل عليّ

قال المصنّف ـ أعلى الله درجته ـ(١) :

المبحث الخامس : في ذكر بعض الفضائل التي تقتضي وجوب إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام .

هذا باب لا يحصى كثرة.

روى أخطب خوارزم من الجمهور ، بإسناده إلى ابن عبّاس ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لو أنّ الرياض أقلام ، والبحر مداد ، والجنّ حسّاب ، والإنس كتّاب ، ما أحصوا فضائل عليّ بن أبي طالب »(٢) .

فمن يقول عنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مثل هذا ، كيف يمكن ذكر فضائله؟!

لكن لا بدّ من ذكر بعضها ؛ لما رواه أخطب خوارزم أيضا ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّ الله جعل لأخي عليّ فضائل لا تحصى كثرة ، فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرّا بها ، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٣١.

(٢) مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ٣٢ ح ١ وص ٣٢٨ ح ٣٤١ ؛ وانظر : كفاية الطالب : ٢٥١ ، فرائد السمطين ١ / ١٦ ، ينابيع المودّة ٢ / ٢٥٤ ح ٧١٣ وقال : « رواه صاحب الفردوس ».

٢٨٣

وما تأخّر.

ومن كتب فضيلة من فضائله ، لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة رسم.

ومن استمع إلى فضيلة من فضائله ، غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالاستماع.

ومن نظر إلى كتاب من فضائله ، غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر.

ثمّ قال : النظر إلى عليّ عبادة ، وذكره عبادة ، ولا يقبل الله إيمان عبد إلّا بولايته والبراءة من أعدائه »(١) .

* * *

وقد ذكرت في كتاب « كشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين » ، أنّ الفضائل

إمّا قبل ولادته : مثل ما روى أخطب خوارزم ـ من علماء الجمهور ـ ، عن ابن مسعود ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لمّا خلق الله آدم ونفخ فيه من روحه عطس آدم ، فقال : الحمد لله ؛ فأوحى الله تعالى إليه : حمدني عبدي ، وعزّتي وجلالي لو لا عبدان أريد أن أخلقهما في دار الدّنيا ما خلقتك.

__________________

(١) مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ٣٢ ـ ٣٣ ح ٢ ؛ وانظر : كفاية الطالب : ٢٥٢ ، فرائد السمطين ١ / ١٩.

٢٨٤

قال : إلهي فيكونان منّي؟

قال : نعم يا آدم ، ارفع رأسك وانظر!

فرفع رأسه فإذا مكتوب على العرش : لا إله إلّا الله ، محمّد نبيّ الرحمة ، وعليّ مقيم الحجّة ، من عرف حقّ عليّ زكا وطاب ، ومن أنكر حقّه لعن وخاب.

أقسمت بعزّتي وجلالي ، أن أدخل الجنّة من أطاعه وإن عصاني ، وأقسمت بعزّتي ، أن أدخل النار من عصاه وإن أطاعني »(١) .

والأخبار في ذلك كثيرة(٢) .

* * *

__________________

(١) كشف اليقين : ٧ ـ ٨ ، وانظر : مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ٣١٨ ح ٣٢٠.

(٢) راجع ـ مثلا ـ الصفحة ٥ والصفحة ١٢ وما بعدها من هذا الجزء.

٢٨٥

وقال الفضل(١) :

لا يشكّ مؤمن في فضائل عليّ بن أبي طالب ، ولا في فضائل أكابر الصحابة ، كالخلفاء ؛ فإنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قد خصّ كلّ واحد منهم بالفضائل التي كانت فيه ، وهي مذكورة في كتب الصحاح.

وكما إنّ هذا الرجل يذكر فضائل أمير المؤمنين من كتب أصحابنا ، كذلك كلّ على حسب مرادهم يذكرون فضائل من يريدون من الخلفاء الراشدين.

ولكن يشترط في ذكر الفضائل ، أن يروى من الصحاح المعتبرة ، ومن العلماء الّذين اعتمدهم الناس ، ويكونوا(٢) صاحب قول مقبول ، ويعرفون سقيم الأخبار من صحيحها ، وجيّدها من رديئها ، ومقبولها من مردودها.

فإنّ الممارس لفنّ الحديث ، المبالغ في التتبّع والاقتفاء ، لا يخفى عليه صحّة الحديث ، وضعفه ، ووضعه ؛ فإنّ المنكر(٣) والشاذّ(٤) معلومان موسومان بوسم الشذوذ ؛ لأنّها غير المألوفة مثل هذه الأحاديث.

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ : ٤٢٩ الطبعة الحجرية.

(٢) كذا في الأصل ، وهو غير غريب من الفضل ، فكلامه هنا مختلّ من الناحيتين اللغوية والنحوية ؛ والصحيح ـ لغة ونحوا ـ أن يقال : « ويكونون أصحاب قول مقبول » ؛ فلاحظ!

(٣) الحديث المنكر : هو ما رواه غير الثقة مخالفا لما عليه المشهور.

(٤) الحديث الشاذّ : هو ما رواه الثقة مخالفا لما عليه المشهور.

٢٨٦

والأخبار التي يرويها عن أخطب خوارزم أثر النكر والوضع ظاهر عليها ، بحيث لا يخفى على المتدرّب في فنّ الحديث.

فإنّ هذه المبالغة التي نسبها للنبيّ في فضائل عليّ بقوله : «لو أنّ الرياض أقلام ، والبحر مداد ، والجنّ حسّاب ، والإنس كتّاب ، ما أحصوا فضائل عليّ بن أبي طالب » لا يخفى على الماهر في فنّ الحديث أنّ هذا ليس من كلام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ولينصف المنصف المتدرّب في معرفة الأخبار ، أنّ من شأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يبالغ مثل هذه المبالغة في مدح أحد من المخلوقين ، وهذا من أوصاف الخالق ،( قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي ) (١) ؟!

ثمّ إنّ لفظ « الفضائل » لا يوجد في كلمات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومحال أن يحكم المحدّث أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله تكلّم بلفظ « الفضائل » ، فإنّ هذا من ألفاظ المحدثين المولّدين وليس من كلام العرب.

والمحدّث لا يخفى عليه أنّ هذا موضوع ، وأكثر ما ذكر من مناقب الخوارزمي موضوعات.

وأمّا الحديث الذي رواه الخوارزمي عن ابن مسعود ، وهو أنّ الله خلق آدم لأجل محمّد وعليّ ، وأنّ العاصي لله إن أطاع عليّا فهو من أهل النجاة ، والمطيع بعد أن عصى عليّا فهو من أهل النار(٢) ، فقد تحتّم الحكم بأنّه من الموضوعات ؛ لأنّه مخالف لحكم الشرع ، فإنّ عليّا عبد من عباد

__________________

(١) سورة الكهف ١٨ : ١٠٩.

(٢) تقدّم آنفا في الصفحتين ٢٨٤ ـ ٢٨٥ ؛ فراجع!

٢٨٧

الله تعالى ، وهو ليس بأكرم على الله من محمّد ، ومن اعتقد أنّ عليّا أكرم على الله من محمّد فهو كافر بالله العظيم ، ولا يرتاب في هذا أحد من المؤمنين.

ومحمّد لا يمكن أن يدّعى فيه أنّ من أطاعه وعصى الله فهو من أهل النجاة ؛ لأنّ طاعة الله وطاعة رسوله واحد ، فكيف يمكن الدعوى أنّ من أطاع عليّا وإن عصى الله فهو من أهل النجاة؟!

وهذا من موضوعات غلاة الرفضة ، ذكره هذا الرجل الرافضي ، ولا اعتداد بهذا النقل ولا اعتبار.

ثمّ إنّ كلّ ما يذكره من هذه الفضائل ـ وإن صحّ ـ لا يدلّ على وجوب إمامته ، كما لا يخفى.

* * *

٢٨٨

وأقول :

يرد عليه أمور :

الأوّل : إنّ قوله : « كلّ على حسب مرادهم يذكرون فضائل من يريدون » إلى آخره

خطأ ظاهر ؛ لأنّ ذكرنا لفضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام من كتبهم يفيدنا حجّة عليهم ، بخلاف ذكرهم لفضائل أصحابهم من كتبهم ؛ فإنّه لا يفيدهم حجّة علينا ، لا سيّما مع معارضتها بما في كتبهم من مطاعنهم.

الثاني : إنّ قوله : « ولكن يشترط في ذكر الفضائل أن يروى من الصحاح » إلى آخره

مخالف لما ذكره ابن حجر في أوائل الفصل الأوّل من كتابه المسمّى ب‍ « تطهير الجنان واللسان عن الخطور والتفوّه بثلب معاوية بن أبي سفيان » ، قال بعد نقل حديث في فضل معاوية : « فإن قلت : هذا الحديث المذكور سنده ضعيف ، فكيف يحتج به؟!

قلت : الذي أطبق عليه أئمّتنا الفقهاء والأصوليّون والحفّاظ أنّ الحديث الضعيف حجّة في المناقب »(١) .

ثمّ إنّه إن أراد بالصحاح : صحاحهم الستّة ، فهو ظاهر البطلان ؛ إذ ليست الرواية عنها شرطا في الأحكام فضلا عن الفضائل.

وإن أراد بها الأخبار الصحيحة ـ وإن لم توجد في صحاحهم الستّة ،

__________________

(١) تطهير الجنان واللسان : ١٦.

٢٨٩

كالأخبار التي استدركها الحاكم في « المستدرك » ، ورواها الضياء في « المختارة » ـ فهو أيضا باطل ؛ إذ ليست الفضائل بأعظم من الأحكام.

وقد اكتفوا في ثبوتها بغير الأخبار الصحيحة ؛ لعدم انحصار الحجّة بها ؛ فإنّ الخبر الحسن كاف في الثبوت ، وكذا الخبر الكثير الطرق ؛ فإنّ الأخبار إذا كثرت في معنى واحد ، قوّى بعضها بعضا ، وصارت حجّة وإن كان سند كلّ منها ضعيفا.

ونحن كما رأيت نذكر كثيرا من أخبار الصحاح الستّة ، ومستدرك الحاكم ، ومسند أحمد ، ونحوها من كتبهم المعتبرة عندهم ، ونذكر غيرها ممّا يؤيّد بعضها بعضا ، أو قامت قرينة على قوّتها ، والجميع حجّة عليهم.

الثالث : إنّ ما جعله أمارة للوضع ـ من المبالغة الواقعة في ما حكى عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لا محلّ له ؛ إذ لا مبالغة فيه ، ولا سيّما إذا أريد عدم إحصاء الثواب على فضائله ، لا عدم إحصاء أنفسها ، فإنّ من كان عبارة عن الإيمان كلّه وله ضربة واحدة تعدل عبادة الثّقلين ، لا يكون ذلك مبالغة في حقّه.

وهل يكون ذلك مبالغة في من هو نفس النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأخوه ، وعديل القرآن؟!

على أنّهم رووا نحو ذلك في حقّ الشيخين ، وما حكموا بوضعه! فقد نقل ابن حجر في « الصواعق »(١) ، عن أبي يعلى ، عن عمّار بن ياسر ، قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أتاني جبرئيل آنفا فقلت : يا جبرئيل! حدّثني بفضائل عمر بن الخطّاب.

__________________

(١) في الفصل ٣ من الباب ٣ [ ص ١٢١ ح ١٠١ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : مسند أبي يعلى ٣ / ١٧٩ ح ١٦٠٣ ، مجمع الزوائد ٩ / ٦٨.

٢٩٠

فقال : لو حدّثتك بفضائل عمر منذ لبث نوح في قومه ما نفدت فضائل عمر ، وإنّ عمر حسنة من حسنات أبي بكر ».

ومن أعجب العجب روايتهم لهذا الحديث عن عمّار ، وهم يعلمون انحرافه عن خلفائهم وسوء رأيه فيهم ، فلو رووه عن غيره لكان أولى لهم!

ومن هذا الحديث ونحوه ، يعلم وجود لفظ « الفضائل » عندهم في ما نسبوه إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وقد روى أحمد في « مسنده »(١) ، عن ابن عمر ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حديثا قال في آخره : «وركعتا الفجر حافظوا عليهما ، فإنّهما من الفضائل »(٢) .

__________________

(١) ص ٨٢ من الجزء الثاني. منهقدس‌سره .

وفي مسند أحمد ٣ / ٤٣٨ عن معاذ بن أنس ، عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، أنّه قال : «أفضل الفضائل أن تصل من قطعك » ، وفي سنن أبي داود ٤ / ٣٥٢ ح ٥١٩٦ قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «هكذا تكون الفضائل ».

فلاحظ وتدبّر!

(٢) نقول ـ علاوة على ما نمّقه يراع الشيخ المظفّرقدس‌سره ـ :

إن ما ادّعاه الفضل من أن لفظ « الفضائل » ليس من كلام العرب ، وأنّه من كلام المحدثين المولّدين ؛ ليس بصحيح ؛ فإنّ لفظ « الفضائل » عربيّ فصيح قد ورد في كلام العرب القدماء الّذين يستشهد بكلامهم وأشعارهم على اللغة ، ومنه قول عنترة بن شدّاد العبسي الشاعر الجاهلي :

فضائل عزم لا تباع لضارع

وأسرار حزم لا تذاع لعائب

و « الفضائل » ـ على وزن « الفعائل » إحدى صيغ منتهى الجموع ـ : جمع الفضيلة خلاف النقيصة ؛ وهي الدرجة الرفيعة في الفضل.

ويجمع على هذا الوزن شيئان :

١ ـ اسم مؤنّث على أربعة أحرف قبل آخره حرف مدّ زائد ، سواء كان مؤنّثا بالعلامة ، أم كان بلا علامة ، مثل : صحيفة صحائف ، وعجوز عجائز.

٢٩١

الرابع : إنّ قوله : « هذا من أوصاف الخالق »

لا يعرف له معنى ، ولعلّه يريد أنّ الله جلّ وعلا يوصف بأنّه متكلّم بكلمات لا تنفد بنفاد البحر ، فكيف يقال : إنّ عليّا متّصف بفضائل لا تحصى وإن كان البحر مدادا؟!

وفيه ما لا يخفى.

الخامس : إنّ قوله : « أكثر ما ذكر من ( مناقب الخوارزمي ) موضوعات »

دعوى بلا دليل ، وطعن مجمل غير مقبول.

السادس : إنّ حكمه بوضع حديث ابن مسعود خطأ ، ويعلم وجهه بعد بيان مقدّمة ، فنقول :

لا شكّ أنّ الإقرار بالله وبنبوّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله شرط للإيمان ، وكذا الإقرار بإمامة عليّعليه‌السلام ؛ بناء على أنّ إمامته بنصّ الله ورسوله ، وأنّها كالنبوّة ، أصل من أصول الدين ، لكنّ الإقرار بها فرع الإقرار بالله ورسوله ، ومن أقرّ بها تمّ إيمانه ، ومن لم يقرّ بها كان ناقص الإيمان وإن أقرّ بالله ورسوله.

فإذا عرفت هذا ، عرفت أنّ من أطاع عليّا عارفا بحقّه ـ كما هو المراد بالحديث ـ كان مؤمنا مطيعا لله ورسوله بطاعة عليّعليه‌السلام ؛ لأنّ طاعته له ـ بما هو إمام من الله تعالى ـ مستلزمة للإيمان بهما وطاعتهما ، فيكون صالحا لدخول الجنّة وإن عصى الله في بعض الأحكام ، وعصى بها عليّا

__________________

٢ ـ صفة على وزن فعيلة بمعنى فاعلة ، مثل : كريمة كرائم.

انظر : تاج العروس ١٥ / ٥٧٨ مادّة « فضل » ، جامع الدروس العربية ٢ / ٥٥ ـ ٥٦ ، جواهر الأدب : ٥٠٩ ، ديوان عنترة : ٤٠.

٢٩٢

أيضا ؛ لأنّ عصيانه ـ حينئذ ـ عصيان مؤمن أهل للغفران.

كما أنّ من عصى عليّا جاحدا لإمامته ، عاص لله ورسوله ، ومحلّ لدخول النار وإن أطاعهما في الظاهر(١) ؛ لأنّ طاعته لهما ليست طاعة مؤمن حتّى تكون مقبولة ، كمن أطاع الله في الظاهر وعصى رسول الله جاحدا لرسالته ، كأهل الكتاب.

فصحّ ما في الحديث من قوله سبحانه : «أقسمت أن أدخل الجنّة من أطاعه وإن عصاني ، وأن أدخل النار من عصاه وإن أطاعني »(٢) أي في الظاهر.

كما يصحّ القول بأنّ من أطاع عليّا كان من أهل النجاة والجنّة ، وإن عصى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّ من عصى عليّا كان من أهل النار وإن أطاع رسول الله في الظاهر.

وذلك كلّه لا ينافي أكرميّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله من عليّعليه‌السلام ، كما هو ظاهر.

وبالجملة : المراد بالحديث : أنّ من أطاع الله في الظاهر ، وعصى عليّا منكرا لحقّه ، فهو من أهل النار ؛ لعدم إيمانه.

وأنّ من أطاع عليّا عارفا بحقّه ، فهو من أهل الجنّة ، وإن عصى الله في بعض الفروع ؛ لأنّ عصيانه عصيان مؤمن ، فيكون أهلا للمغفرة والرحمة.

فذلك إشارة إلى إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وأنّ الإقرار بها شرط للإيمان ، وأنّه لا عبرة بطاعة المسلمين ظاهرا الّذين لم يقرّوا بالنصّ

__________________

(١) أي وإن صام وصلّى وحجّ وزكّى.

(٢) تقدّم آنفا في الصفحة ٢٨٥.

٢٩٣

على عليّعليه‌السلام واتّبعوا غيره وعصوه ، وإن كانت طاعة الله ورسوله وخليفته في الواقع واحدة ، ومعصيتهم الواقعيّة معصية واحدة.

ويشهد لإرادة الإمامة من الحديث ، وصفه لعليّ في ما كتب على العرش ، بأنّه مقيم الحجّة في عرض وصف الله تعالى بالوحدانية ، ومحمّد بالنبوّة(١) ، فإنّه من أوضح ما يدلّ على الإمامة!

مضافا إلى تصريحه بأنّ محمّدا وعليّا علّة لخلق ادم ؛ فإنّه دليل الفضل على آدم ، فضلا عن الأمّة.

فلا بدّ أن يكون عليّ سيّدها وإمامها ، بل علّة خلقها بالأولويّة ، كما قالعليه‌السلام في « نهج البلاغة » بكتابه إلى معاوية : «نحن صنائع الله ، والناس بعد صنائع لنا »(٢) .

ثمّ إنّ الخبرين الأوّلين ظاهران أيضا في إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام ؛ لاقتضائهما فضله على غيره ، مع تصريح ثانيهما بأنّ الله تعالى لا يقبل إيمان عبد إلّا بولايته والبراءة من أعدائه ، كما هو شأنّ الإمام ؛ ولذا كان بغضه علامة النفاق.

هذا ، وقد نقل الذهبيّ هذين الخبرين في « ميزان الاعتدال » بترجمة محمّد بن أحمد بن عليّ بن الحسن بن شاذان ، عن نور الهدى أبي طالب الزيني ، ثمّ قال بعد الخبر الثاني : « هذا من أفظع ما وضع ، ولقد ساق خطيب خوارزم من طريق هذا الدجّال ابن شاذان أحاديث كثيرة باطلة سمجة ركيكة في مناقب عليّ ؛ من ذلك بإسناد مظلم ، عن مالك ، عن

__________________

(١) راجع مبحث حديث المؤاخاة ، في الصفحة ١٢٢ وما بعدها من هذا الجزء.

(٢) نهج البلاغة : ٣٨٦ رقم ٢٨.

٢٩٤

نافع ، عن ابن عمر ، مرفوعا :من أحبّ عليّا أعطاه الله بكلّ عرق في بدنه مدينة في الجنّة »(١) .

وهذه المؤاخذة لابن شاذان ، إنّما هي لروايته في فضل أمير المؤمنين ما لا يتحمّله اعتقاد الذهبيّ فيه ، وإلّا فالرجل لا ذنب له سواه.

وقد عرفت في مقدّمة الكتاب ، أنّ رواية الشخص لفضائل أمير المؤمنين دليل على وثاقته ، ولا فظاعة ولا ركاكة في هذه المناقب التي يسطع من خلالها نور إمامة المرتضى عند من عرف بعض حقّه(٢) .

وقد نقل سبط ابن الجوزي في أوائل « تذكرة الخواصّ » نحو أوّل الحديثين ، عن ابن عبّاس(٣) .

ونقله في « ينابيع المودّة » ، في الباب السادس والخمسين ، آخر المناقب السبعين(٤) ، التي حكاها عن كتاب إمام الحرم الشريف بمكّة أبي جعفر أحمد بن عبد الله الطبري الآملي الشافعي(٥) ، رواه عن الديلمي

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٦ / ٥٥ رقم ٧١٩٦.

(٢) راجع : ج ١ / ٧ ـ ٢٥ من هذا الكتاب.

(٣) تذكرة الخواصّ : ٢٣.

(٤) كتاب « السبعين في مناقب أمير المؤمنين » ، للسيّد علي بن شهاب الدين بن محمّد بن عليّ الحسيني الهمداني ، الصوفي ، المولود سنة ٧١٤ ه‍ ، والمتوفّى سنة ٧٨٦ ه‍ ، طاف في البلاد ، وجال في الآفاق ، له مؤلّفات ، منها : كتاب « مودّة القربى ».

انظر : الذريعة ١٢ / ١٣٢ رقم ٨٩٨ ، أهل البيت عليهم السلام في المكتبة العربية : ٢٠٩ ـ ٢١٢ رقم ٣٥٥.

(٥) هو الإمام الحافظ المحدّث المفتي أبو جعفر محبّ الدين أحمد بن عبد الله بن محمّد بن أبي بكر بن محمّد بن إبراهيم الطبري الآملي المكّي الشافعي ( ٦١٥ ـ ٦٩٤ ه‍ ).

٢٩٥

في « الفردوس »(١) .

وأمّا الحديث الثاني ، فأكثر مضامينه قد وردت من عدّة طرق ، ولا سيّما قوله : «النظر إلى عليّ عبادة » ، فإنّه ورد مستفيضا بلفظه ، أو بلفظ : «النظر إلى وجه عليّ عبادة »(٢) .

وقد أخرجه الحاكم في « المستدرك »(٣) ، بطريق عن عمران بن حصين ، وطريقين عن ابن مسعود ، وصحّحها جميعا ، وتعقّبه الذهبي بعد حديث عمران ، وأحد حديثي ابن مسعود بقوله : « ذا موضوع » ، ولم يذكر له علّة!

وغاية ما يوجّه به : دعوى أنّ بعض رجال الحديثين ضعيف ، وهو لا يستوجب الوضع ، ولا سيّما مع الإقرار بصحّة الحديث الثالث.

__________________

فقيه الحرم بمكّة ومحدّث الحجاز ، نشأ بمكّة حيث ولد وطلب العلم وسمع الكثير ورحل إلى البلاد ، كان زاهدا كبير الشأن ، درّس وصنّف كتبا مفيدة ، منها كتابه : ذخائر العقبى في فضائل ذوي القربى.

انظر : تذكرة الحفّاظ ٤ / ١٤٧٤ رقم ١١٦٣ ، العبر ٣ / ٣٨٢ ، مرآة الجنان ٤ / ١٦٨ ، طبقات الشافعية الكبرى ـ للسبكي ـ ٨ / ١٨ رقم ١٠٤٦ ، طبقات الشافعية ـ للأسنوي ـ ٢ / ٧٢ رقم ٧٩٦ ، النجوم الزاهرة ٨ / ٦٢.

(١) ينابيع المودّة ٢ / ٢٥٤ ح ٧١٣.

(٢) انظر : المعجم الكبير ١٠ / ٧٦ ـ ٧٧ ح ١٠٠٠٦ وج ١٨ / ١٠٩ ـ ١١٠ ح ٢٠٧ ، أخبار القضاة ـ لوكيع ـ ٢ / ١٢٣ ، حلية الأولياء ٢ / ١٨٣ وج ٥ / ٥٨ ، تاريخ بغداد ٢ / ٥١ رقم ٤٤٨ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ١٩٦ ـ ١٩٩ ح ٢٤٤ ـ ٢٥٤ ، محاضرات الأدباء ٢ / ٤٩٥ ، فردوس الأخبار ٢ / ٣٧٥ ح ٧١١٧ و ٧١١٨ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٣٥٠ ـ ٣٥٥ ، التدوين ـ للرافعي ـ ٢ / ٤٤ رقم ٨٦٧ ، مجمع الزوائد ٩ / ١١٩ ، عمدة القاري ١٦ / ٢١٥ ، كنز العمّال ١١ / ٦٠١ ح ٣٢٨٩٥ وص ٦٢٤ ح ٣٣٠٣٩.

(٣) ص ١٤١ من الجزء الثالث [ ٣ / ١٥٢ ح ٤٦٨١ ـ ٤٦٨٣ ]. منهقدس‌سره .

٢٩٦

وقد سبقه إلى دعوى الوضع إمامه في النصب ابن الجوزي(١) ،

__________________

(١) إنّ محقّقي أهل السنّة ونقّادهم لا يعتدّون بكلام ابن الجوزي ، ولا يعبأون بقدحه وطعنه في الأحاديث ؛ لأجل تسرّعه في الحكم بالوضع على مجموعة كبيرة منها ، فإنّ كبار علماء القوم في علم الحديث نصّوا على اشتمال كتابيه « الموضوعات » و « العلل المتناهية » على الصحاح والحسان من الأحاديث ، بل منها أحاديث أخرجها الشيخان وغيرهما من أرباب الصحاح والمسانيد والسنن ؛ هذا فضلا عن طعنهم فيه لنصبه وتعصّبه

١ ـ قال عنه ابن الأثير ( ت ٦٣٠ ه‍ ) : « وكان كثير الوقيعة في الناس ، لا سيّما في العلماء المخالفين لمذهبه ، والموافقين له! ». انظر : الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٧٦ حوادث سنة ٥٩٧ ه‍.

٢ ـ وقال ابن الصلاح ( ت ٦٤٣ ه‍ ) : « ولقد أكثر الذي جمع في هذا العصر الموضوعات في نحو مجلّدين ، فأودع فيها كثيرا ممّا لا دليل على وضعه ». انظر :

مقدّمة ابن الصلاح : ٥٩ وفي طبعة : ٢٧٩.

٣ ـ وقال سبط ابن الجوزي ( ت ٦٥٤ ه‍ ) ـ في معرض الكلام على حديث ردّ الشمس ـ : « إنّ قول جدّي : ( هذا حديث موضوع بلا شكّ ) دعوى بلا دليل ».

انظر : تذكرة الخواصّ : ٥٤.

٤ ـ وقال بدر الدين بن جماعة ( ت ٧٣٣ ه‍ ) : « وصنّف الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي كتابه في الموضوعات ، فذكر كثيرا من الضعيف الذي لا دليل على وضعه ». انظر : المنهل الروي : ٥٤.

٥ ـ وقال ابن كثير ( ت ٧٧٤ ه‍ ) : « وقد صنّف الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي كتابا حافلا في الموضوعات ، غير إنّه أدخل فيه ما ليس منه ، وخرج عنه ما كان يلزمه ذكره ، فسقط عليه ، ولم يهتد إليه ». انظر : الباعث الحثيث : ٧٥.

٦ ـ وقال ابن حجر العسقلاني ( ت ٨٥٢ ه‍ ) ـ في معرض الكلام على حديث سدّ الأبواب ـ : « قول ابن الجوزي : إنّه باطل ، وإنّه موضوع ؛ دعوى لم يستدلّ عليها إلّا بمخالفة الحديث الذي في الصحيحين ، وهذا إقدام على ردّ الأحاديث الصحيحة بمجرّد التوهّم ». انظر : القول المسدّد : ٥٣.

٧ ـ وقال كذلك : « وقد أورد ابن الجوزي هذا الحديث [ أي حديث سدّ الأبواب ] في الموضوعات وأخطأ في ذلك خطأ شنيعا ، فإنّه سلك في ذلك

٢٩٧

كما ذكره السيوطي في « اللآلئ المصنوعة » ، مع أنّ ابن الجوزي ذكر له سبعة عشر طريقا ، عن أبي بكر ، وعثمان ، وابن مسعود ، ومعاذ ، وابن عبّاس ، وجابر ، وأبي هريرة ، وأنس وثوبان ، وعمران ، وعائشة ؛ واحتجّ للوضع بضعف بعض رواة بعضها ، والجهل بآخرين.

وتعقّبه السيوطي بالجواب عن بعض من طعن بهم ، وبإخراج عشرة طرق أخرى عن كثير من هؤلاء الصحابة ، منها روايات الحاكم الثلاث(١) .

وليت شعري ، كيف يكون الحديث موضوعا مع استفاضة طرقه وصحّة بعضها؟!

__________________

ردّ الأحاديث الصحيحة بتوهّمه المعارضة ». انظر : فتح الباري ٧ / ١٨.

٨ ـ وقال السيوطي ( ت ٩١١ ه‍ ) : « وقد أكثر جامع الموضوعات فذكر في كتابه كثيرا ممّا لا دليل على وضعه ، بل هو ضعيف ، بل وفيه الحسن والصحيح ، وأغرب من ذلك أنّ فيها حديث من صحيح مسلم قال الذهبي : ربّما ذكر ابن الجوزي في الموضوعات أحاديث حسانا قويّة ». انظر : تدريب الراوي ١ / ٢٧٨.

٩ ـ وقال السمهودي ( ت ٩١١ ه‍ ) ـ في معرض الكلام على حديث الثّقلين ـ : « ومن العجيب ذكر ابن الجوزي له في ( العلل المتناهية )! فإيّاك أن تغترّ به ، وكأنّه لم يستحضره حينئذ إلّا من تلك الطريق الواهية ، ولم يذكر بقيّة طرقه ، بل في صحيح مسلم وغيره ، عن زيد بن أرقم ، قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم » انظر : جواهر العقدين : ٢٣٢.

١٠ ـ وقال القاري ( ت ١٠١٤ ه‍ ) : « ولكن تعقّبه [ أي : ابن الجوزي ] العلماء في كثير من الأحاديث التي ذكرها في كتابه ». انظر : شرح شرح نخبة الفكر : ٤٤٧.

ولمزيد التفصيل انظر : نفحات الأزهار ٢ / ٤٩ ـ ٥٤ وج ١١ / ١١٨ ـ ١٢٩ وج ١٢ / ١٣٥ ـ ١٣٨.

(١) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣١٣ ـ ٣١٧ ، وانظر : الموضوعات ١ / ٣٥٨ ـ ٣٦١.

٢٩٨

والحال أنّ الكثرة وحدها كافية في الاعتبار ، ولكنّ التعصّب فرس جموح(١) !

* * *

__________________

(١) فرس جموح : هو الذي إذا حمل لا يردّه لجام ، والجموح من الرجال : الذي يركب هواه فلا يمكن ردّه ؛ انظر مادّة « جمح » في : لسان العرب ٢ / ٣٤٦ ، تاج العروس ٤ / ٢٩.

٢٩٩

فضائله حال الولادة

قال المصنّف ـ أعلى الله مقامه ـ(١) :

وإمّا حال ولادته

فإنّه ولد يوم الجمعة ، الثالث عشر من شهر رجب ، بعد عام الفيل بثلاثين سنة ، في الكعبة ، ولم يولد فيها أحد سواه قبله ولا بعده(٢) .

وكان عمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثين سنة(٣) ، فأحبّه وربّاه ، وكان يطهّره وقت غسله ، ويوجره(٤) اللبن عند شربه ، ويحرّك مهده عند نومه ، ويناغيه في يقظته ، ويحمله على صدره ، ويقول :هذا أخي ، ووليّي ، وناصري ، وصفيّي ، وذخري ، وكهفي ، وصهري ، وزوج كريمتي ، وأميني على وصيّتي ، وخليفتي.

وكان يحمله دائما ويطوف به جبال مكّة وشعابها وأوديتها.

رواه صاحب كتاب « بشائر المصطفى » من الجمهور(٥) .

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٣٢.

(٢) الكافي ١ / ٥١٤ ، الإرشاد إلى معرفة حجج الله على العباد ١ / ٥ ، تهذيب الأحكام ٦ / ١٩ ، كشف الغمّة ١ / ٥٩ ، إعلام الورى ١ / ٣٠٦ ، الفصول المهمّة : ٣٠.

(٣) وقيل : ثمان وعشرين سنة ، أي إنّ عمر أمير المؤمنينعليه‌السلام وقت البعثة اثنتي عشرة سنة كما في إقبال الأعمال : ١٥٥ ب‍ ٨ الفصل ٥١ في فضل صوم ثلاثة عشر يوما من رجب.

(٤) الوجر : جعل الماء أو الدواء في وسط حلق الصبي ؛ انظر : لسان العرب ١٥ / ٢٢٠ مادّة « وجر ».

(٥) انظر : كشف الغمّة ١ / ٦٠ ـ ٦١.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582