دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٦

دلائل الصدق لنهج الحق3%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-359-4
الصفحات: 582

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 582 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 136072 / تحميل: 5468
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٦

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٣٥٩-٤
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

( رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ ) (١) ».

وليت شعري ، كيف يتصوّر ثبات أبي بكر في ذلك اليوم الهائل وحومة الحرب الطاحنة وما أصاب ولا أصيب؟!

أتراهم ينعون شلل أصبع طلحة ، ولا ينعون جرح أبي بكر لو أصيب؟!

وكيف يسلم وهو قد ثبت للحرب ومحاماة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو يرى ما جنى عليه الكافرون؟! ولا سيّما قد زعم أولياؤه أنّه قرين النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في طلب قريش له ، حتّى بذلوا في قتله ما بذلوا في قتل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) !

وأمّا تكذيب الفضل للمصنّفرحمه‌الله في دعوى أنّ أبا بكر عانهم يوم حنين ، فمن الجهل ؛ لأنّ الرازي والزمخشري ذكرا من الأقوال : إنّ أبا بكر هو القائل : « لن نغلب اليوم عن(٣) قلّة »(٤) .

وروى القوشجي في « شرح التجريد » ، عند تعرّض المصنّف لغزاة حنين ، قال : « سار النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في عشرة آلاف ، فتعجّب أبو بكر من كثرتهم وقال : ( لن نغلب اليوم لقلّة ) ، فانهزموا بأجمعهم ، ولم يبق مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله سوى تسعة نفر : عليّ ، والعبّاس ، وابنه الفضل ، وأبو سفيان

__________________

(١) سورة الأعراف ٧ : ٨٩.

(٢) زعموا فضيلة اختلقوها له! استندوا فيها إلى قوله تعالى :( إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ ) سورة التوبة ٩ : ٤٠ ؛ انظر مؤدّى ذلك في العثمانية : ٢٨ وما بعدها.

(٣) كذا في الأصل ، وفي المصدرين : « من » ؛ وكلاهما بمعنى!

(٤) تفسير الفخر الرازي ١٦ / ٢٢ ، تفسير الكشّاف ٢ / ١٨٢.

٤٢١

ابن الحارث ، ونوفل بن الحارث(١) ، وربيعة بن الحارث(٢) ، وعبد الله بن الزبير(٣) ، وعتبة ومعتّب(٤) ابنا أبي لهب.

__________________

(١) هو : أبو الحارث نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب بن هاشم القرشي الهاشمي ، ابن عمّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان أسنّ من إخوته ومن سائر من أسلم من بني هاشم ، أسر يوم بدر وفداه عمّه العبّاس ، وقيل : بل هو الذي فدى نفسه برماح كانت له ، ثمّ أسلم وهاجر أيّام الخندق ، وقيل : بل أسلم يوم فدى نفسه ، شهد فتح مكّة وحنينا والطائف ، آخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بينه وبين العبّاس ، وكان ممّن ثبت يوم حنين مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأعان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم حنين بثلاثة آلاف رمح ، توفّي بالمدينة سنة ١٥ ه‍.

انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٤ / ٣٣ رقم ٣٤٧ ، معرفة الصحابة ـ لأبي نعيم ـ ٥ / ٢٦٨٧ رقم ٢٨٩٧ ، الاستيعاب ٤ / ١٥١٢ رقم ٢٦٤٢ ، أسد الغابة ٤ / ٥٩٣ رقم ٥٣١٠.

(٢) هو : أبو أروى ربيعة بن الحارث بن عبد المطّلب بن هاشم القرشي الهاشمي ، كان أسنّ من عمّه العبّاس بسنتين ، كان غائبا بالشام حين خرج المشركون إلى بدر فلم يشهدها معهم ، ثمّ أسلم مع عمّه العبّاس وأخيه نوفل أيّام الخندق ، شهد مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فتح مكّة والطائف وحنين ، وتوفّي بالمدينة سنة ٢٣ ه‍ أيّام عمر ابن الخطّاب بعد أخويه نوفل وأبي سفيان.

انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٤ / ٣٥ رقم ٣٤٨ ، معرفة الصحابة ـ لأبي نعيم ـ ٢ / ١٠٨٥ رقم ٩٤٣ ، الاستيعاب ٢ / ٤٩٠ رقم ٧٥٦ ، أسد الغابة ٢ / ٥٧ رقم ١٦٣٥.

(٣) هو : عبد الله بن الزبير بن عبد المطّلب بن هاشم القرشي الهاشمي ، لا عقب له ، ويروى أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول له : ابن عمّي وحبّي ؛ استشهد يوم أجنادين سنة ١٣ ه‍ ، ووجد عنده عصبة من الروم قد قتلهم ، ثمّ أثخنته الجراح فمات ، وكان أوّل من برز يومئذ ، وكانت سنّه يوم توفّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نحوا من ثلاثين سنة.

انظر : جمهرة النسب ١ / ٢١ ، الاستيعاب ٣ / ٩٠٤ رقم ١٥٣٤ ، التبيين في أنساب القرشيّين : ١٤٠ ، أسد الغابة ٣ / ١٣٧ رقم ٢٩٤٦ ، الإصابة ٤ / ٨٩ رقم ٤٦٨٤.

(٤) في المصدر : « مصعب » ، وهو تصحيف ظاهر.

٤٢٢

فخرج أبو جرول وقتله عليّ ، فانهزم المشركون ، وأقبل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وسار نحو العدوّ ، فقتل عليّ منهم أربعين وانهزم الباقون وغنمهم المسلمون »(١) .

ومن المعلوم أنّ الإصابة بالعين تحصل من نحو هذا التعجّب ؛ ولذا ساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله : « لن نغلب اليوم عن قلّة ».

قال السيوطي في « الدرّ المنثور » : أخرج البيهقي في « الدلائل » ، عن الربيع ، أنّ رجلا قال يوم حنين : « لن نغلب اليوم عن قلّة » ، فشقّ ذلك على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأنزل الله :( وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ ) (٢) (٣) .

ونحوه في « حاشية صحيح البخاري » للسندي(٤) .

والظاهر أنّ الراوي أراد بالرجل أبا بكر ، وعبّر عنه برجل احتشاما له في مثل المقام ، كما يشهد له التصريح باسمه في بعض الروايات!

وقول الفضل : « كيف يعين أبو بكر أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان ذلك اليوم شيخ المهاجرين؟! » إلى آخره

خطأ ؛ إذ لا يستبعد ذلك ممّن لم ينشأ على الحروب ومقارعة الجيوش ، ولا تتوقّف إصابة العين على العداوة ، بل تنشأ من أمور نفسيّة في العائن!

__________________

(١) شرح تجريد الاعتقاد : ٤٨٧.

(٢) سورة التوبة ٩ : ٢٥.

(٣) الدرّ المنثور ٤ / ١٥٨ ، وانظر : دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٥ / ١٢٣.

(٤) حاشية السندي على صحيح البخاري ٣ / ١١٠ ب‍ ٥٦.

٤٢٣

راجع شرح ابن أبي الحديد لقولهعليه‌السلام : «العين حقّ »(١) (٢) .

وأمّا ما زعمه الفضل من أنّ أبا بكر كان صاحب رايتهم يوم حنين ، فلم أجد أحدا قاله أو رواه ، وإنّما صاحبها عليّعليه‌السلام .

روى الحاكم(٣) ، عن ابن عبّاس ، قال : « لعليّ أربع خصال ليست لأحد : هو أوّل عربي وأعجمي صلّى مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو الذي كان لواؤه معه في كلّ زحف ، والذي صبر معه يوم المهراس(٤) ، وهو الذي غسّله وأدخله قبره ».

وروى الحاكم أيضا(٥) ، عن مالك بن دينار ، قال : « سألت سعيد بن جبير : من كان حامل راية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟! ـ إلى أن قال : ـ فقال : كان حاملها عليّ ، هكذا سمعت من عبد الله بن عبّاس ».

ثمّ قال الحاكم : « هذا صحيح الإسناد ، وله شاهد من حديث زنفل

__________________

(١) ص ٤٣٠ من المجلّد الرابع [ ١٩ / ٣٧٢ الخطبة ٤٠٨ ]. منهقدس‌سره .

(٢) فمن العجيب ما جعله الرازي والزمخشري قولا لبعضهم ـ وإن استبعده الرازي ـ [ انظر : تفسير الفخر الرازي ١٦ / ٢٢ ، تفسير الكشّاف ٢ / ١٨٢ ] ، وهو أنّ الذي تعجّب من الكثرة وقال : « لن نغلب اليوم من قلّة » هو رسول الله!! فما أجرأهم على الله ورسوله!! كيف ينسبون إليه هذه الكلمة الدالّة على عدم التوكّل على الله ، وعلى صدور العين منه ، الكاشفة عن خبث النفس؟!

وكلّ هذا حفظا لشأن أبي بكر! فهم مرّة ينسبون الكلمة إلى رجل مجمل تبعيدا لها عن أبي بكر ومرّة ينسبونها إلى سيّد النبيّين ، المطهّر من كلّ عيب ، تبعيدا لها عن الدلالة على النقص!

منه قدس‌سره .

(٣) ص ١١١ من الجزء الثالث [ ٣ / ١٢٠ ح ٤٥٨٢ ]. منهقدس‌سره .

(٤) أي : يوم أحد ، جاء فيه عليّعليه‌السلام بماء من المهراس. منهقدس‌سره .

(٥) ص ١٣٧ ج ٣ [ ٣ / ١٤٧ ح ٤٦٦٥ ]. منهقدس‌سره .

٤٢٤

العرفي ، وفيه طول فلم أخرجه »(١) .

ونقل في « كنز العمّال »(٢) ، عن ابن عساكر ، عن ابن عبادة ، قال : كانت راية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في المواطن كلّها ـ راية المهاجرين ـ مع عليّ ابن أبي طالبعليه‌السلام .

وأمّا ما أنكره على المصنّفرحمه‌الله من حضور عتبة بن أبي لهب في حنين ، فيبطله رواية القوشجي له كما سبق(٣) .

وما ذكره في « الاستيعاب » بترجمة معتّب وعتبة ، من أنّهما ما شهدا مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حنينا(٤) ، وما زعمه من أنّ عتبة افترسه الأسد بدعاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فباطل ؛ لأنّ ذلك هو لهب بن أبي لهب كما رواه الحاكم في « المستدرك » بتفسير سورة( تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ ) (٥) (٦) .

واعلم أنّه لا خلاف في فرار عثمان يوم حنين ، ويظهر من « الاستيعاب » أنّه لا إشكال أيضا في فرار أبي بكر! وإنّما الكلام في فرار عمر

قال في ترجمة العبّاس بن عبد المطّلب : « انهزم الناس [ عن رسول

__________________

(١) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٤٧ ذ ح ٤٦٦٥.

(٢) ص ٢٩٥ من الجزء الخامس [ ١٠ / ٥٠٦ ح ٣٠١٧١ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : تاريخ دمشق ٤٢ / ٧٢.

(٣) تقدّم ذلك آنفا في الصفحتين ٤٢١ ـ ٤٢٢.

(٤) الاستيعاب ٣ / ١٠٣٠ رقم ١٧٦٦ وج ٣ / ١٤٣٠ رقم ٢٤٥٩ ، وانظر : أسد الغابة ٣ / ٤٦٥ رقم ٣٥٥٢ وج ٤ / ٤٤٩ رقم ٥٠١١ ، الإصابة ٤ / ٤٤٠ رقم ٥٤١٧ وج ٦ / ١٧٥ رقم ٨١٢٦.

(٥) سورة المسد ١١١ : ١.

(٦) ص ٥٣٩ من الجزء الثاني [ ٢ / ٥٨٨ ح ٣٩٨٤ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٢ / ٣٣٨.

٤٢٥

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ] يوم حنين ، غيره(١) ، وغير عمر ، وعليّ ، وأبي سفيان ابن الحارث ، وقد قيل : غير سبعة من أهل بيته

وذلك مذكور في شعر العبّاس ، الذي يقول فيه [ من الطويل ] :

ألا هل أتى عرسي مكرّي ومقدمي

بوادي حنين والأسنّة تشرع »

إلى أن قال في « الاستيعاب » : « وهو شعر مذكور في ( السيرة ) لابن إسحاق ، وفيه :

نصرنا رسول الله في الحرب سبعة

وقد فرّ من قد فرّ عنه وأقشعوا(٢)

وثامننا لاقى الحمام بسيفه

بما مسه في الله لا يتوجّع

وقال ابن إسحاق : السبعة : عليّ ، والعبّاس ، والفضل بن العبّاس ، وأبو سفيان بن الحارث ، وابنه جعفر ، وربيعة بن الحارث ، وأسامة بن زيد ، والثامن أيمن بن عبيد(٣) .

وجعل غير ابن إسحاق في موضع أبي سفيان : عمر بن الخطّاب.

والصحيح أنّ أبا سفيان بن الحارث كان يومئذ معه ، لم يختلف فيه ،

__________________

(١) أي : العبّاس بن عبد المطّلب.

(٢) أقشع القوم : تفرّقوا ؛ انظر : لسان العرب ١١ / ١٧٣ مادّة « قشع ».

(٣) هو : أيمن بن عبيد بن عمرو بن بلال ، وهو ابن أمّ أيمن حاضنة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو أخو أسامة بن زيد بن حارثة لأمّه ، استشهد يوم حنين.

انظر : معرفة الصحابة ـ لأبي نعيم ـ ١ / ٣١٨ رقم ١٩٧ ، الاستيعاب ١ / ١٢٨ رقم ١٣١ ، أسد الغابة ١ / ١٨٩ رقم ٣٥٣ ، الإصابة ١ / ١٧٠ ـ ١٧١ رقم ٣٩٤.

٤٢٦

واختلف في عمر »(١) .

ويؤيّد ما صحّحه ما ذكره البخاري في غزاة حنين ؛ فإنّه روى خبرين عن البراء صريحين في ثبات أبي سفيان(٢) ، وخبرين عن أبي قتادة صريحين في فرار عمر ، قال أبو قتادة في أحدهما : « انهزم المسلمون وانهزمت معهم ، فإذا عمر بن الخطّاب في الناس ، فقلت له : ما شأن الناس؟!

قال : أمر الله!!

ثمّ تراجع الناس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله »(٣) .

وقال في الآخر : « لمّا التقينا كانت للمسلمين جولة ـ إلى أن قال : ـ فلحقت عمر فقلت : ما بال الناس؟!

قال : أمر الله!! ثمّ رجعوا »(٤) الحديث.

ونحوه في كتاب « الجهاد » من صحيح مسلم ، في « باب استحقاق القاتل سلب المقتول »(٥) .

وذكر في « كنز العمّال » ـ في كتاب الغزوات(٦) ـ حديثين يتضمّنان أنّ الثابتين هم : عليّ ، والعبّاس ، وأبو سفيان بن الحارث ، وعقيل بن أبي طالب ، وعبد الله بن الزبير بن عبد المطّلب ، والزبير بن العوّام ، وأسامة بن

__________________

(١) الاستيعاب ٢ / ٨١٢ ـ ٨١٣ رقم ١٣٧٨.

(٢) صحيح البخاري ٥ / ٣١٠ ح ٣١٨ و ٣٢٠.

(٣) صحيح البخاري ٥ / ٣١٢ ح ٣٢٣.

(٤) صحيح البخاري ٥ / ٣١٢ ح ٣٢٣.

(٥) صحيح مسلم ٥ / ١٤٨.

(٦) ص ٣٠٤ من الجزء الخامس [ ١٠ / ٥٤٢ ح ٣٠٢١٤ و ٣٠٢١٥ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : تاريخ دمشق ٢٨ / ١٣٧ ـ ١٣٨.

٤٢٧

زيد.

وقد روى في « كشف الغمّة » بيتي العبّاس الأخيرين كما في « الاستيعاب » ، إلّا أنّه أبدل لفظ « سبعة » ب‍ « تسعة » ، ولفظ « ثامن » ب‍ « عاشر » ، وسمّى التسعة كما سمّاهم المصنّف والقوشجي(١) .

وروى أيضا عن مالك بن عبادة الغافقي أنّه قال [ من الخفيف ] :

لم يواس النبيّ غير بني ها

شم عند السيوف يوم حنين

هرب الناس غير تسعة رهط

فهم يهتفون بالناس : أين(٢) ؟!

ثمّ قاموا مع النبيّ على المو

ت فآبوا زينا لنا غير شين

وثوى أيمن الأمين من القو

م شهيدا فاعتاض قرّة عين(٣)

وأمّا ما زعمه من حقيقة قصّة براءة ، فقد سبق في الخبر السادس أنّها لا حقيقة لها ، اختلقوها لتسديد حال أبي بكر ، وبيّنّا أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يبعثه أوّلا إلّا ليعزله ثانيا ؛ تنبيها على فضل عليّ وعدم كفاية أبي بكر ؛ ليعتبر الناس أنّ من ليست له أهليّة القيام بتأدية « براءة » مقام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يصلح للقيام مقامه في الإمامة والزعامة العظمى بالأولويّة(٤) !

* * *

__________________

(١) كشف الغمّة ١ / ٢٢١ ـ ٢٢٢ ، الاستيعاب ٢ / ٨١٣ ، وانظر : شرح تجريد الاعتقاد : ٤٨٧.

(٢) أين : ظرف للمكان مبنيّ على الفتح ، وكسر هنا لضرورة القافية.

(٣) كشف الغمّة ١ / ٢٢١.

(٤) انظر الصفحات ٦٤ ـ ٧٠ من هذا الجزء.

٤٢٨

نسبه [ من فضائله الخارجية ]

قال المصنّف ـ أعلى الله مقامه ـ(١) :

القسم الثالث : في الفضائل الخارجيّة ، وفيه مطالب :

الأوّل : في نسبه

لم يلحق أحد أمير المؤمنينعليه‌السلام في شرف النسب ، كما قالعليه‌السلام : «نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد »(٢) .

قال الجاحظ ـ وهو من أعظم الناس عداوة لأمير المؤمنينعليه‌السلام ـ :

« صدق عليّ في قوله :نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد .

كيف يقاس بقوم منهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والأطيبان : عليّ وفاطمة ، والسبطان : الحسن والحسين ، والشهيدان : أسد الله حمزة وذو الجناحين جعفر ، وسيّد الوادي عبد المطّلب ، وساقي الحجيج عبّاس ، وحليم البطحاء أبو طالب.

والنجدة والخيرة فيهم ، والأنصار من نصرهم ، والمهاجرون من هاجر إليهم ومعهم ، والصدّيق من صدّقهم ، والفاروق من فرق بين الحقّ والباطل فيهم ، والحواريّ حواريّهم ، وذو الشهادتين ؛ لأنّه شهد لهم ، ولا خير إلّا فيهم ولهم ومنهم؟!

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٥٢.

(٢) انظر : فردوس الأخبار ٢ / ٣٧٣ ح ٧٠٩٤ ، ذخائر العقبى : ٤٩ ، كنز العمّال ١٢ / ١٠٤ ح ٣٤٢٠١ وج ١٣ / ٧ ـ ٨ ح ٣٦٠٩٥.

٤٢٩

وأبان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أهل بيته بقوله :إنّي تارك فيكم الخليفتين ؛ كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، نبّأني اللطيف الخبير أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض (١) .

ولو كانوا كغيرهم لما قال عمر لمّا طلب مصاهرة عليّ : إنّي سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :كلّ سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلّا سببي ونسبي (٢) .

فأمّا عليّ ، فلو أوردنا لأيّامه الشريفة ، ومقاماته الكريمة ، ومناقبه السنيّة ، لأفنينا في ذلك الطوامير الطوال العرق صحيح ، والمنشأ كريم ، والشأن عظيم ، والعمل جسيم ، والعلم كثير ، والبيان عجيب ، واللسان خطيب ، والصدر رحيب ، وأخلاقه وفق أعراقه ، وحديثه يشهد لقديمه ».

هذا قول عدوّه(٣) .

* * *

__________________

(١) راجع الصفحة ٢٣٦ وما بعدها من هذا الجزء.

(٢) السير والمغازي ـ لابن إسحاق ـ : ٢٤٩ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٨ / ٣٣٩ ، فضائل الصحابة ـ لأحمد بن حنبل ـ ٢ / ٧٧٤ ـ ٧٧٦ ح ١٠٦٩ و ١٠٧٠ ، مسند البزّار ١ / ٣٩٧ ح ٢٧٤ ، المعجم الكبير ٣ / ٤٥ ح ٢٦٣٤ و ٢٦٣٥ وج ١١ / ١٩٤ ح ١٦٢١ ، المعجم الأوسط ٤ / ٤٣٧ ح ٤١٣٢ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٥٣ ح ٤٦٨٤ ، حلية الأولياء ٢ / ٣٤ رقم ١٣١ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٧ / ٦٤ و ١١٤ ، تاريخ بغداد ٦ / ١٨٢ رقم ٣٢٣٧ وج ١٠ / ٢٧١ رقم ٥٣٨٧.

(٣) انظر : كشف الغمّة ١ / ٣٠ ـ ٣١ ، ينابيع المودّة ١ / ٤٥٩.

٤٣٠

وقال الفضل(١) :

ما ذكر من كلام الجاحظ صحيح لا شكّ فيه ، وفضائل أمير المؤمنين أكثر من أن تحصى ، ولو أنّي تصدّيت لبعضها لأغرقت فيه الطوامير.

وأمّا ما ذكر أنّ الجاحظ كان من أعدائه ، فهذا كذب ؛ لأنّ محبّة السلف لا تفهم إلّا من ذكر فضائلهم ، وليس هذه المحبّة أمرا مشتهيا للطبع.

وكلّ من ذكر فضائل أحد من السلف ، فنحن نستدلّ من ذلك الذكر على وفور محبّته إيّاه.

وقد ذكر الجاحظ أمير المؤمنين بالمناقب المنقولة ، وكذا ذكره في غير هذا من رسائله ، فكيف يحكم بأنّه عدوّ لأمير المؤمنين؟!

وهذا يصحّ على رأي الروافض ؛ فإنّ الروافض لا يحكمون بالمحبّة إلّا بذكر مثالب الغير.

فعندهم محبّ عليّ من كان مبغض الصحابة ، وبهذا المعنى يمكن أن يكون الجاحظ عدوّا.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ : ٤٦٠ الطبعة الحجرية.

٤٣١

وأقول :

لا يصحّ الاستدلال على حبّ أمير المؤمنينعليه‌السلام بمجرّد ذكر فضائله ؛ إذ لا يسع أحدا أن يعد فضلا لسواه ويدعه ، ويثني على غيره ويعدوه.

وقد علم الله ما في طيّات قلوبهم من بغضه ، وإن اختلف قوّة وضعفا ؛ إذ لا يجتمع حبّه الصادق مع موالاة مبغضيه ، لا سيّما أظهر أعدائه وأكبر حسّاده وأشدّ محاربيه ، كمعاوية ، وابن العاص ، ومروان ، والمغيرة ، وأشباههم! بل كيف يوالي النبيّ من والاهم؟! وكيف يؤمن به من نصرهم وأطراهم؟!

أليس هو القائل لعليّعليه‌السلام : «حربك حربي »(١) و «من أبغضك أبغضني »(٢) و «من سبّك سبّني »(٣) ؟!

__________________

(١) انظر : المعجم الأوسط ٣ / ٢٥٦ ح ٢٨٧٥ وج ٥ / ٣١٦ ح ٥٠١٥ وج ٧ / ٢٤٢ ح ٧٢٥٩ ، المعجم الصغير ٣ / ٣ ، تاريخ بغداد ٧ / ١٣٧ رقم ٣٥٨٢ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٩٦ ح ٧٣ ، شرح نهج البلاغة ٢ / ٢٩٧ ، كنز العمّال ١٢ / ٩٧ ح ٣٤١٦٤ ، ينابيع المودّة ١ / ١٧٢ ح ١٩.

وقد تقدّم تخريج الحديث بألفاظه المختلفة في ج ٤ / ٣٥٨ ه‍ ٤ من هذا الكتاب ؛ فراجع!

(٢) انظر : المعجم الأوسط ٥ / ١٦٦ ح ٤٧٥١ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٢٦٩ ـ ٢٧١ ، تذكرة الخواصّ : ٥٢ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٢٩.

وقد تقدّم تخريج الحديث مفصّلا بألفاظه المختلفة في ج ١ / ١٢ ه‍ ٢ وج ٥ / ٢٧١ ه‍ ١ ؛ فراجع!

(٣) انظر : مسند أحمد ٦ / ٣٢٣ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ١٣٣ ح ٨٤٧٦ ،

٤٣٢

وقال تعالى :( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ ) (١) .

فإذا رأيت أحدا ممّن يوالي هؤلاء يذكر فضلا لأمير المؤمنينعليه‌السلام ؛ فليس إلّا لأنّه لا يسعه ـ كما عرفت ـ ، أو لأنّه يريد أن يدفع عنه وصمة النصب(٢) ، أو يريد بيان اطّلاعه وسعة باعه ، لا حبّا له ووفاء

__________________

مسند أبي يعلى ١٢ / ٤٤٤ ح ٧٠١٣ ، المعجم الكبير ٢٣ / ٣٢٢ ـ ٣٢٣ ح ٧٣٧ ، المعجم الصغير ٢ / ٢١ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٠ ـ ١٣١ ح ٤٦١٥ و ٤٦١٦ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ للمغازلي ـ ٢٠٨ ح ٢٧١ ، مناقب الطمام عليّعليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ١٤٨ ح ١٧٥ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٢٦٦ ، كفاية الطالب : ٨٢ ـ ٨٩ باب « كفر من سبّ عليّاعليه‌السلام » ، الرياض النضرة ٣ / ١٢٢ و ١٢٣ ، ذخائر العقبى : ١٢٣ ، مختصر تاريخ دمشق ١٧ / ٣٦٦ وج ١٨ / ٨٣ ، الخلفاء الراشدون ـ للذهبي ـ : ٣٨٥ ، مشكاة المصابيح ٣ / ٣٥٩ ح ٦١٠١ ، البداية والنهاية ٧ / ٢٨٢ حوادث سنة ٤٠ ه‍ ، جامع المسانيد والسنن ١٩ / ٣١ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٣٠ ـ ١٣٣ ، الجامع الصغير ٢ / ٥٢٩ ح ٨٧٣٦ ، الصواعق المحرقة : ١٩٠ ، درّ السحابة : ٢٢٤ ، ينابيع المودّة ٢ / ٢٧٤ ح ٧٨٢ وص ٢٧٧ ـ ٢٧٨ ح ٧٩٦.

(١) سورة المجادلة ٥٨ : ٢٢.

(٢) كعبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني ، المولود في سجستان سنة ٢٣٠ ه‍ ، والمتوفّى ببغداد سنة ٣١٦ ه‍ ، والمنسوب إلى النصب ، وهو ابن صاحب « السنن ».

قال ابن عديّ في ترجمته : سمعت عليّ بن عبد الله الداهري يقول : سألت ابن أبي داود بالريّ عن حديث الطير ، فقال : إن صحّ حديث الطير فنبوّة النبيّ باطل ؛ لأنّه حكى عن حاجب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله خيانة ، وحاجب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يكون خائنا!

وروى عبد الله هذا عن الزهري ، عن عروة ، قال : كانت قد حفيت أظافير عليّ من كثرة ما كان يتسلّق على أزواج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله !

وقد نفاه ابن الفرات من بغداد إلى واسط بسبب نصبه ، وردّه عليّ بن عيسى ، فحدّث وأظهر فضائل عليّ عليه‌السلام ، وكان يقول : كلّ الناس منّي في حلّ ، إلّا من رماني ببغض عليّ رضي الله عنه!

٤٣٣

بحقّه(١) !

ولذا لا يروون له فضيلة إلّا وطعنوا ـ مهما أمكن ـ بسندها أو دلالتها ، ولا تنشرح نفوسهم لها ، بخلاف ما إذا رووا فضيلة لغيره!

ولا بدّ أن يظهر الله مخفيّات سرائرهم على صفحات أرقامهم وطفحات أقلامهم ، كما رأيته من هذا الرجل في كثير من كلماته ، وظهر على الجاحظ في رسالته التي تحامل فيها على أمير المؤمنينعليه‌السلام كلّ التحامل ، وظهر فيها مظهر العداء له ، التي نقضها أبو جعفر الإسكافي(٢) .

__________________

ثمّ تحنبل فصار شيخا فيهم!

انظر : الكامل في ضعفاء الرجال ٤ / ٢٦٥ رقم ١١٠١ ، سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٢١ رقم ١١٨.

(١) كالذهبي ؛ فقد أفرد طرق حديث الطير بمصنّف ، وحديث « من كنت مولاه » بمصنّف آخر ، وكان قد أنكر في كتابه « تلخيص المستدرك » على الحاكم النيسابوري إخراجه في « المستدرك » حديث الطير ، ولمّا رأى كثرة طرقه أفرده هو بمصنّف! حتّى قال : « وأمّا حديث الطير ، فله طرق كثيرة جدّا ، قد أفردتها بمصنّف ، ومجموعها هو يوجب أن يكون الحديث له أصل ؛ وأمّا حديث : ( من كنت مولاه ) ، فله طرق جيّدة ، وقد أفردت ذلك أيضا ».

انظر : تذكرة الحفّاظ ٣ / ١٠٤٢ ـ ١٠٤٣.

وقال : « وقد جمعت طرق حديث الطير في جزء ، وطرق حديث : (من كنت مولاه ) ، وهو أصحّ ، وأصحّ منهما ما أخرجه مسلم عن عليّ ، قال : (إنّه لعهد النبيّ الأمّيّ صلى الله عليه وآله وسلم إليّ : إنّه لا يحبّك إلّا مؤمن ، ولا يبغضك إلّا منافق ) ».

انظر : سير أعلام النبلاء ١٧ / ١٦٩

[ ٢ ] والإسكافي ، المتوفّى سنة ٢٤٠ ه‍ ، هو أوّل من نقض بكتابه « نقض العثمانية » كتاب « العثمانية » للجاحظ ، وقد أورد ابن أبي الحديد مقاطع كثيرة منه في كتابه.

انظر : شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢١٥ ـ ٢٩٥.

ومن الّذين نقضوا كتاب الجاحظ ، السيّد جمال الدين أبو الفضائل أحمد بن موسى بن طاووس ، المتوفّى سنة ٦٧٣ ه‍ ، بكتابه « بناء المقالة الفاطمية في

٤٣٤

ونقلنا كلمة منها في المبحث السابق(١) .

هيهات لا تتكلّفنّ لي الهوى

فضح التطبّع شيمة المطبوع(٢)

وممّا ذكرنا يعلم أنّه يشترط في حبّ عليّعليه‌السلام الحقيقي بغض أعدائه.

* * *

__________________

نقض الرسالة العثمانية » ، وهو مطبوع بتحقيق السيّد عليّ العدناني الغريفي ، ونشر مؤسّستنا.

(١) راجع الصفحتين ٤١٩ ـ ٤٢٠ من هذا الجزء.

(٢) البيت للشريف الرضي ، من الكامل ، من قصيدة في الغزل ، مطلعها :

يا صاحب القلب الصحيح أما اشتفى

ألم الجوى من قلبي المصدوع؟!

انظر : ديوان الشريف الرضي ١ / ٦٥٢.

٤٣٥

شرف زوجته وأولاده

قال المصنّف ـ أعلى الله درجته ـ(١) :

المطلب الثاني : في زوجته وأولاده

كانت فاطمة سيّدة نساء العالمين زوجته

قال ابن عبّاس : « لمّا زفّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمةعليها‌السلام كان قدّامها ، وجبرئيل عن يمينها ، وميكائيل عن يسارها ، وسبعون ألف ملك من ورائها ، يسبّحون الله ويقدّسونه حتّى طلع الفجر »(٢) .

فانظر ـ أيّها العاقل! ـ كيف يروي الجمهور هذه الروايات ، ويظلمونها ، ويأخذون حقّها(٣) ، ويكسرون ضلعها ، ويجهضون ولدها من

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢٥٤.

(٢) انظر : تاريخ بغداد ٥ / ٧ رقم ٢٣٥٤ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ٣٤١ ـ ٣٤٢ ح ٣٦٢ ، مقتل الحسينعليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ١٠٨ ح ٤١ ، ذخائر العقبى : ٧٣ ، فرائد السمطين ١ / ٩٦ ح ٦٥ ، مناقب آل أبي طالب ٣ / ٤٠٢.

(٣) انظر : صحيح البخاري ٤ / ١٧٧ ـ ١٧٨ ح ٢ وج ٥ / ٩١ ح ٢٠٧ وص ٢٨٨ ح ٢٥٦ وج ٨ / ٢٦٦ ح ٣ ، صحيح مسلم ٥ / ١٥٤ ـ ١٥٥ ، سنن أبي داود ٣ / ١٤٢ ح ٢٩٦٨ و ٢٩٦٩ ، سنن الترمذي ٤ / ١٣٤ ـ ١٣٥ ح ١٦٠٨ و ١٦٠٩ ، سنن النسائي ٧ / ١٣٢ ـ ١٣٣ ، مسند أحمد ١ / ٤ و ٦ و ٩ و ١٠ ، مسند أبي يعلى ١ / ٤٥ ح ٤٣ ، المعجم الأوسط ٥ / ٤٤١ ح ٥٣٣٩ ، مسند أبي عوانة ٤ / ٢٥٠ ـ ٢٥٣ ح ٦٦٧٧ ـ ٦٦٨٤ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٧ / ١٥٦ ح ٤٨٠٣ وج ٨ / ٢٠٥ ـ ٢٠٦ ح ٦٥٧٣ ، الإمامة والسياسة ١ / ٣١ ، فتوح البلدان : ٤٤ ـ ٤٦.

٤٣٦

بطنها(١) !!

فليحذر المقلّد من اتّباع هؤلاء ، فإنّ أخذك منهم باطل قطعا!

* * *

__________________

(١) انظر : الفرق بين الفرق : ١٣٣ ، إثبات الوصيّة : ١٤٦ ، الملل والنحل ـ للشهرستاني ـ ١ / ٥١ ، مناقب آل أبي طالب ٣ / ٤٠٧ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١٦ / ٢٨١ و ٢٨٣ ، فرائد السمطين ٢ / ٣٥ ح ٣٧١ ، الخطط المقريزية ٢ / ٣٤٦.

٤٣٧

وقال الفضل(١) :

ما ذكره من فضائل فاطمة معلوم ، محقّق ، ثابت

وما ذكر أنّ الجمهور يروون فضائلها ويظلمونها ، فكلام باطل ؛ لأنّه على تقدير صحّة الظلم عليها ، فإنّ الظالمين عليها(٢) كانوا جماعة غير الراوين لفضائلها ، فكلامه هذا غير مربوط ولا معقول ، كأكثر كلامه في هذا الكتاب.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ : ٤٦٢ الطبعة الحجرية.

(٢) كذا في الأصل والنسخة الحجرية ، وهو غير غريب من ابن روزبهان ، والصواب لغة : « لها ».

٤٣٨

وأقول :

أراد المصنّفرحمه‌الله بالجمهور : من خالفوا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، سواء كانوا من الصحابة أم من غيرهم ، فتصحّ نسبة الظلم إليهم باعتبار بعضهم ، ونسبة الرواية إليهم باعتبار بعض آخر.

على أنّ الراوين لفضلها ـ إن لم يكونوا من الظالمين لها حقيقة ـ فهم منهم ببعض الوجوه والاعتبارات ؛ كمؤازرتهم لهم ، وتعظيمهم ، ونصرتهم لهم بالقلم واللسان!

ولنذكر من روى حديث سيادتها لنساء العالمين ، أو : المؤمنين ، أو : أهل الجنّة ، على اختلاف في ألفاظ الأحاديث ، ليعلم استفاضته عندهم أو تواتره.

فممّن رواه : البخاري ، في باب « مناقب فاطمة » ، وأواخر باب « علامات النبوّة » قبل أبواب فضائل أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بقليل(١) .

ومنهم : مسلم ، في باب « فضائل فاطمة » ، من طريقين عن عائشة ، عن فاطمة(٢) .

ومنهم : الحاكم ، في « المستدرك » ، من طريقين عن حذيفة(٣) ،

__________________

(١) صحيح البخاري ٥ / ٥٤ ـ ٥٥ ح ١٢٦ وص ٩١ باب « مناقب قرابة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومنقبة فاطمةعليها‌السلام » وص ١٠٥ باب « مناقب فاطمةعليها‌السلام ، وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : فاطمة سيّدة نساء العالمين » ولم يورد في البابين المذكورين أيّ حديث يدلّ على سيادتها للنساء عليها‌السلام ؛ فلاحظ!

(٢) صحيح مسلم ٧ / ١٤٣ ـ ١٤٤.

(٣) ص ١٥١ من الجزء الثالث [ ٣ / ١٦٤ ح ٤٧٢١ و ٤٧٢٢ ]. منهقدس‌سره .

٤٣٩

ومن طريق عن أبي سعيد(١) ، ومن طريق عن عائشة(٢) .

ومنهم : الترمذي في باب « مناقب الحسنين » من طريق عن حذيفة ، وفي باب « فضل أزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله » من طريق عن أمّ سلمة(٣) .

ومنهم : ابن عبد البرّ في « الاستيعاب » من عدّة طرق ، عن عائشة ، وأبي سعيد ، وعمران بن حصين ، وأنس ، وأبي هريرة(٤) .

ومنهم : أحمد في « مسنده » ، عن أبي سعيد(٥) ، وحذيفة(٦) ، وعائشة عن فاطمة(٧) .

وأخرجه النسائي في « الخصائص » من عدّة طرق ، عن عائشة ، وأمّ سلمة ، وأبي سعيد ، وأبي هريرة(٨) .

وحكاه في « كنز العمّال » في فضائل فاطمة ، عن ابن جرير عن حذيفة(٩) ، وعن البزّار عن عليّعليه‌السلام (١٠) ، وابن أبي شيبة عن حذيفة(١١) .

__________________

(١) ص ١٥٤ من هذا الجزء [ ٣ / ١٦٨ ح ٤٧٣٣ ]. منهقدس‌سره .

(٢) ص ١٥٦ منه أيضا [ ٣ / ١٧٠ ح ٤٧٤٠ أ ]. منهقدس‌سره .

(٣) سنن الترمذي ٥ / ٦١٩ ح ٣٧٨١ وص ٦٥٨ ح ٣٨٧٣ وص ٦٦٦ ح ٣٨٩٣.

(٤) الاستيعاب ٤ / ١٨٩٤ ـ ١٨٩٦.

(٥) ص ٦٤ من الجزء الثالث. منهقدس‌سره .

(٦) ص ٣٩١ من الجزء الخامس. منهقدس‌سره .

(٧) ص ٢٨٢ من الجزء السادس. منهقدس‌سره .

(٨) خصائص الإمام عليّعليه‌السلام : ٩٨ ـ ١٠١ ح ١٢٢ ـ ١٢٧ ، وانظر : السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ١٤٥ ـ ١٤٧ ح ٨٥١٢ ـ ٨٥١٧.

(٩) ص ١٠٢ من الجزء السابع [ ١٣ / ٦٤٠ ح ٣٧٦١٧ ]. منهقدس‌سره .

(١٠) ص ١١١ من هذا الجزء [ ١٣ / ٦٧٤ ـ ٦٧٥ ح ٣٧٧٢٧ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : مسند البزّار ٣ / ١٠٢ ح ٨٨٥.

(١١) كنز العمّال ١٣ / ٦٧٥ ح ٣٧٧٢٨ ، وانظر : مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٥٢٧ ح ٣.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582