دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٦

دلائل الصدق لنهج الحق6%

دلائل الصدق لنهج الحق مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 964-319-359-4
الصفحات: 582

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧
  • البداية
  • السابق
  • 582 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 135820 / تحميل: 5456
الحجم الحجم الحجم
دلائل الصدق لنهج الحق

دلائل الصدق لنهج الحق الجزء ٦

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٣٥٩-٤
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

__________________

ح ٤ ، فضائل الصحابة ـ لأحمد بن حنبل ـ ٢ / ٧٠٠ ـ ٧٠١ ح ٩٥٤ و ٩٥٦ و ٩٥٧ وص ٧٠٣ ـ ٧٠٤ ح ٩٦٠ وص ٧٣٢ ـ ٧٣٣ ح ١٠٠٥ ـ ١٠٠٦ وص ٧٤٠ ـ ٧٤١ ح ١٠٢٠ وص ٧٥٥ ح ١٠٤١ وص ٧٥٧ ح ١٠٤٥ وص ٧٨٥ ح ١٠٧٩ ، مسند سعد ابن أبي وقّاص ـ للدورقي ـ : ٥١ ح ١٩ وص ١٠٣ ح ٤٩ وص ١٣٦ ح ٧٥ و ٧٦ وص ١٣٩ ح ٨٠ وص ١٧٤ ـ ١٧٧ ح ١٠٠ ـ ١٠٢ ، التاريخ الكبير ١ / ١١٥ رقم ٣٣٣ ، السنّة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٥٥١ ح ١١٨٨ وص ٥٨٦ ـ ٥٨٩ ح ١٣٣١ ـ ١٣٥١ وص ٥٩٥ ـ ٥٩٦ ح ١٣٨١ ـ ١٣٨٧ ، مسند البزّار ٣ / ٢٧٦ ـ ٢٧٩ ح ١٠٦٥ و ١٠٦٦ و ١٠٦٨ وص ٢٨٣ ـ ٢٨٥ ح ١٠٧٤ ـ ١٠٧٦ وص ٣٢٤ ح ١١٢٠ وص ٣٦٨ ح ١١٧٠ ، مسند أبي يعلى ١ / ٢٨٥ ـ ٢٨٦ ح ٣٤٤ وج ٢ / ٥٧ ح ٦٩٨ وص ٦٦ ح ٧٠٩ وص ٧٣ ح ٧١٨ وص ٨٦ ح ٧٣٨ و ٧٣٩ وص ٩٩ ح ٧٥٥ وص ١٣٢ ح ٨٠٩ وج ١٢ / ٣١٠ ح ٦٨٨٣ ، المعجم الكبير ١ / ١٤٦ ح ٣٢٨ وص ١٤٨ ح ٣٣٣ و ٣٣٤ وج ٢ / ٢٤٧ ح ٢٠٣٥ وج ٤ / ١٧ ح ٣٥١٥ وص ١٨٤ ح ٤٠٨٧ وج ٥ / ٢٠٣ ح ٥٠٩٤ و ٥٠٩٥ وج ١١ / ٦١ ح ١١٠٨٧ وص ٦٣ ح ١١٠٩٢ وج ١٢ / ٧٨ ح ١٢٥٩٣ وج ١٩ / ٢٩١ ح ٦٤٧ وج ٢٣ / ٣٧٧ ح ٨٩٢ وج ٢٤ / ١٤٦ ـ ١٤٧ ح ٣٨٤ ـ ٣٨٩ ، المعجم الأوسط ٣ / ٢١١ ح ٢٧٤٩ وج ٤ / ٤٨٤ ح ٤٢٤٨ وج ٥ / ٤٣٩ ح ٥٣٣٥ وج ٦ / ٣٢ ح ٥٥٦٩ وص ١٣٨ ح ٥٨٤٥ وص ١٤٦ ح ٥٨٦٦ وج ٧ / ٣٦١ ح ٧٥٩٢ وج ٨ / ٧٤ ح ٧٨٩٤ ، المعجم الصغير ٢ / ٢٢ و ٥٤ ، الكنى والأسماء ـ للدولابي ـ ١ / ١٩٢ ، الجعديات ٢ / ٧٧ ح ٢٠٥٨ ، مسند الشاشي ١ / ١٦١ ح ٩٩ وص ١٦٥ ـ ١٦٦ ح ١٠٥ و ١٠٦ وص ١٨٦ ح ١٣٤ وص ١٨٨ ـ ١٨٩ ح ١٣٧ وص ١٩٥ ح ١٤٧ و ١٤٨ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٨ / ٢٢١ ح ٦٦٠٩ وج ٩ / ٤٠ ـ ٤١ ح ٦٨٨٧ و ٦٨٨٨ ، الغيلانيات ١ / ٩٧ ح ٥٠ وص ١٧٠ ح ١٢٨ ، طبقات المحدّثين بأصفهان ـ لأبي الشيخ ـ ٤ / ٢٦٤ ح ١٠٢٠ رقم ٦٥٥ ، العلل الواردة في الأحاديث ـ للدارقطني ـ ٤ / ٣٧٣ ـ ٣٧٦ رقم ٦٣٨ ، المستدرك على الصحيحين ٢ / ٣٦٧ ح ٣٢٩٤ وج ٣ / ١١٧ ح ٤٥٧٥ ، حلية الأولياء ٧ / ١٩٥ ـ ١٩٦ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٩ / ٤٠ ، الاستيعاب ٣ / ١٠٩٧ وقال : « وهو من أثبت الآثار وأصحّها » ، تاريخ بغداد ١ / ٣٢٥ وج ٣ / ٤٠٦ وج ٤ / ٢٠٤ و ٣٨٣ وج ٨ / ٥٣ و ٢٦٨ وج ٩ / ٣٦٥ وج ١٠ / ٤٣ وج ١١ / ٤٣٢ وج ١٢ / ٣٢٣ ، مناقب

٨١

وقال الفضل(١) :

هذا من روايات الصحاح ، وهذا لا يدلّ على النصّ كما ذكره العلماء(٢) .

ووجه الاستدلال به أنّه نفى النبوّة من عليّ ، وأثبت له كلّ شيء سواه ، ومن جملته الخلافة.

والجواب : إنّ هارون لم يكن خليفة موسى ؛ لأنّه مات قبل موسى ، بل المراد : استخلافه بالمدينة حين ذهابه إلى تبوك ، كما استخلف موسى هارون عند ذهابه إلى الطور ؛ لقوله تعالى :( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) (٣) .

وأيضا : يثبت به لأمير المؤمنين فضيلة الأخوّة والمؤازرة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في تبليغ الرسالة وغيرها من الفضائل ، وهي مثبّتة يقينا لا شكّ فيه.

* * *

__________________

الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٧٩ ـ ٨٧ ح ٤٠ ـ ٥٦ من عدّة طرق ، تاريخ دمشق ٤٢ / ١٤٢ ـ ١٨٦ من طرق كثيرة جدّا.

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٧ / ٤٢٩.

(٢) انظر : الأربعين في أصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ٢ / ٢٨٣ ـ ٢٨٥ ، شرح المقاصد ٥ / ٢٧٥ ، شرح المواقف ٨ / ٣٦٢ ـ ٣٦٣.

(٣) سورة الأعراف ٧ : ١٤٢.

٨٢

وأقول :

لا ريب أنّ الاستثناء دليل العموم(١) ، فتثبت لعليّعليه‌السلام جميع منازل هارون الثابتة له في الآية سوى النبوّة.

ومن منازل هارون : الإمامة ؛ لأنّ المراد بالأمر في قوله تعالى :( وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ) (٢) هو الأعمّ من النبوّة ـ التي هي التبليغ عن الله تعالى ـ ، ومن الإمامة ـ التي هي الرئاسة العامّة ـ ، فإنّهما أمران مختلفان

ولذا جعل الله سبحانه إبراهيم نبيّا وإماما بجعلين مستقلّين ، وكان كثير من الأنبياء غير أئمّة ، كمن كانوا بزمن إبراهيم وموسى ، فإنّهم أتباع لهما ، وخاضعون لسلطانهما.

ويشهد للحاظ الإمامة وإرادتها من الأمر في الآية ، الأخبار السابقة المتعلّقة بآخر الآيات التي ذكرناها في الخاتمة(٣) ، المصرّحة ـ تلك ـ بأنّ

__________________

(١) قال البيضاوي : « ومعيار العموم جواز الاستثناء ، فإنّه يخرج ما يجب اندراجه لولاه ، وإلّا لجاز من الجمع المنكر » انظر : منهاج الوصول في معرفة علم الأصول : ٧٦.

وقال نظام الدين الأنصاري في شرحه المزجيّ لكلام محبّ الله البهاري : « ( لنا جواز الاستثناء ) ثابت في الكلمات المذكورة ، ( وهو معيار العموم ) ، فإنّه لإخراج ما لولاه لدخل » انظر : فواتح الرحموت ـ بهامش المستصفى ـ ١ / ٢٦١.

وراجع مبحث « دلالة الحديث على عموم المنزلة » في : نفحات الأزهار ١٧ / ٢٥٩ ـ ٣٨٠.

(٢) سورة طه ٢٠ : ٣٢.

(٣) راجع : ج ٥ / ٤٠٨ وما بعدها من هذا الكتاب.

٨٣

النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا فقال :

«اللهمّ إنّي أسألك بما سألك أخي موسى ، أن تشرح لي صدري ، وأن تيسّر لي أمري ، وتحلّ عقدة من لساني ، يفقهوا قولي ، واجعل لي وزيرا من أهلي ، عليّا أخي ، أشدد به أزري ، وأشركه في أمري »(١) .

فإنّ المراد هنا ب‍ ( الإشراك في أمره ) هو : الإشراك بالإمامة ، لا الإشراك بالنبوّة ، كما هو ظاهر ، ولا المعاونة على تنفيذ ما بعث فيه ؛ لأنّه قد دعا له أوّلا بأن يكون وزيرا له.

وبالجملة : معنى الآية الكريمة : أشركه في أمانتي الشاملة لجهتي النبوّة والإمامة.

ولذا نقول : إن خلافة هارون لموسى لمّا ذهب إلى الطور ليست كخلافة سائر الناس ممّن لا حكم ولا رئاسة له ذاتا ، بل هي خلافة شريك لشريك أقوى ، ولذا لا يتصرّف بحضوره.

فكذا عليّعليه‌السلام بحكم الحديث ؛ لدلالته على أنّ له جميع منازل هارون التي منها شركته لموسى في أمره سوى النبوّة ، فيكون عليّ إماما مع النبيّ في حياته ، كما أوضحناه عند الكلام على الأولى من الآيات التي ذكرها المصنّفرحمه‌الله (٢) ، فلا بدّ أن تستمرّ إمامته إلى ما بعد وفاته ، ولا سيّما أنّ النظر في الحديث إلى ما بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضا ؛ ولذا قال :

__________________

(١) انظر : فضائل الصحابة ـ لأحمد بن حنبل ـ ٢ / ٨٤٣ ـ ٨٤٤ ح ١١٥٨ ، شواهد التنزيل ١ / ٣٦٨ ـ ٣٧١ ح ٥١٠ ـ ٥١٣ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٥٢ ، تفسير الفخر الرازي ١٢ / ٢٨ ، الرياض النضرة ٣ / ١١٨ ، ذخائر العقبى : ١١٩.

(٢) راجع : ج ٤ / ٣٠٥ وما بعدها من هذا الكتاب.

٨٤

«إلّا أنّه لا نبيّ بعدي »

ولو تنزّلنا عن ذلك فلا إشكال بأنّ من منازل هارون أن يكون خليفة لموسى لو بقي بعده ؛ لأنّ الشريك أولى الناس بخلافة شريكه ، فكذا يكون عليّعليه‌السلام ، مع أنّ الآية الكريمة قاضية بفضل هارون على سائر قوم موسى ، فكذا عليّ بالنسبة إلى المسلمين ، فيكون إمامهم.

وقد علم على جميع الوجوه أنّه لا ينافي الاستدلال بالحديث على المدّعى موت هارون قبل موسى ، كما علم بطلان أن يكون المراد مجرّد استخلاف أمير المؤمنين في المدينة خاصّة ، فإنّ خصوص المورد لا يخصّص العموم الوارد ، ولا سيّما أنّ الاستخلاف بالمدينة ليس مختصّا بأمير المؤمنينعليه‌السلام ؛ لاستخلاف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله غيره بها في باقي الغزوات.

ومقتضى الحديث أنّ الاستخلاف منزلة خاصّة به ، كمنزلة هارون من موسى التي لم يستثن منها إلّا النبوّة ، فلا بدّ أن يكون المراد بالحديث إثبات تلك المنزلة العامّة له إلى ما بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

واستدلّ الفضل على إرادة الاستخلاف بالمدينة خاصّة حين ذهاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى تبوك بقوله تعالى :( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) (١) ، وهو خطأ ظاهر ؛ لأنّ مجرّد وقوع الاستخلاف الخاصّ من موسى لا يدلّ على اختصاص خلافة هارون في ذلك المورد دون غيره ، فكذا استخلاف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام ، بل العبرة بعموم الحديث ، مع اقتضاء شركة هارون لموسى في أمره ثبوت الخلافة العامّة ، فكذا عليّعليه‌السلام .

__________________

(١) سورة الأعراف ٧٦ : ١٤٢.

٨٥

ويدلّ على عدم إرادة ذلك الاستخلاف الخاصّ بخصوصه ، ورود الحديث في موارد لا دخل له بها

فمنها : ما سيجيء إن شاء الله تعالى من أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله علّل تحليل المسجد لعليّ جنبا بأنّه منه بمنزلة هارون من موسى(١) .

ومنها : ما رواه في « كنز العمّال »(٢) ، عن أمّ سليم(٣) ، أنّ

__________________

(١) انظر مثلا : مسند أحمد ٤ / ٣٦٩ وج ١ / ١٧٥ و ٣٣١ وج ٢ / ٢٦ ، سنن الترمذي ٤ / ٥٩٩ ح ٣٧٣٢ ، المعجم الكبير ٢ / ٢٤٦ ح ٢٠٣١.

وسيأتي الكلام عليه وتخريجه مفصّلا في الحديث الثاني عشر.

(٢) ص ١٦٤ من الجزء السادس [ ١١ / ٦٠٧ ح ٣٢٩٣٦ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : الضعفاء الكبير ـ للعقيلي ـ ٢ / ٤٦ ـ ٤٧ رقم ٤٧٧ وصحّح الحديث فقال : « وأمّا ( أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ) فصحيح من غير هذا الوجه » ، المعجم الكبير ١٢ / ١٤ ـ ١٥ ح ١٢٣٤١ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ١٦٩ ، كفاية الطالب : ١٦٨ ، فرائد السمطين ١ / ١٥٠ ذ ح ١١٣ ، ميزان الاعتدال ٣ / ٣ رقم ٢٥٩٠ وج ٤ / ٩٢ رقم ٤٣٠٠ ، مجمع الزوائد ٩ / ١١١ ينابيع المودّة ١ / ١٧١ ح ١٨.

(٣) كذا في الأصل والمصدر ، وفي بقيّة المصادر المذكورة في الهامش السابق : « أمّ سلمة » ؛ ولعلّ ما في المصدر تصحيف فانجرّ إلى أصل كتابنا هذا ؛ فلاحظ!

أمّا السيّدة أمّ سلمة رضوان الله عليها فغنيّة عن التعريف والتوثيق.

وأمّا أمّ سليم ، فقد اختلف في اسمها ، وهي : ابنة ملحان ـ واسمه : مالك ـ ابن خالد الأنصارية ، وهي أخت حرام بن ملحان ، استشهد أبوها وأخوها بين يدي النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وكانت على جانب من الفضل والعقل ، روت عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث ، وروى عنها ابنها أنس ، وابن عبّاس ، وزيد بن ثابت ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وآخرون وتعدّ في أهل السوابق ، وهي من الدعاة إلى الإسلام.

كانت في الجاهلية تحت مالك بن النضر ، فأولدها أنس بن مالك ، فلمّا جاء الله بالإسلام كانت في السابقين إليه ، ودعت مالكا زوجها إلى الله ورسوله ، فأبى أن يسلم ، فهجرته ، فخرج مغاضبا إلى الشام ، فهلك هناك كافرا ، وقد نصحت لابنها أنس إذ أمرته وهو ابن عشر سنين أن يخدم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقبله النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله إكراما لها.

٨٦

النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لها : «يا أمّ سليم! إنّ عليّا لحمه من لحمي ، ودمه من دمي ، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى »

ومنها : ما رواه في « الكنز » أيضا(١) ، عن ابن عبّاس ، أنّ عمر قال : « كفّوا عن ذكر عليّ بن أبي طالب ، فإنّي سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في عليّ ثلاث خصال ، لأن يكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشمس ؛ كنت أنا وأبو بكر وأبو عبيدة ونفر من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والنبيّ متّكئ على عليّ حتّى ضرب على منكبه ، ثمّ

__________________

وخطبها أشراف العرب ، فكانت تقول : لا أتزوّج حتّى يبلغ أنس ويجلس مجلس الرجال ؛ فكان أنس يقول : جزى الله أمّي خيرا ، أحسنت ولايتي.

وقد أسلم على يدها أبو طلحة الأنصاري ، إذ خطبها وهو كافر ، فأبت أن تتزوّجه أو يسلم ، فأسلم بدعوتها ، وكان صداقها منه إسلامه.

أولدها أبو طلحة ولدا فمرض ومات ، فقالت : لا يذكرن أحد موته لأبيه قبلي ؛ فلمّا جاء وسأل عن ولده ، قالت : هو أسكن ما كان ؛ فظنّ أنّه نائم ، فقدّمت له الطعام فتعشّى ، ثمّ تزيّنت له وتطيّبت ، فنام معها وأصاب منها ، فلمّا أصبح قالت له : احتسب ولدك ؛ فذكر أبو طلحة قصّتها لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : بارك الله لكما في ليلتكما ؛ وقالت : لقد دعا لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتّى ما أريد زيادة.

وعلقت في تلك الليلة بعبد الله بن أبي طلحة ، فأنجب ورزق أولادا ، وهو والد إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الفقيه وإخوته ، وكانوا عشرة كلّهم من حملة العلم.

وكانت أمّ سليم تغزو مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فتداوي الجرحى ، وتقوم بالمرضى ، واتّخذت في غزاة خنجرا لتبقر به بطن من دنا إليها من المشركين ، وكانت من أحسن النساء بلاء في الإسلام ، ولا تعرف امرأة سواها كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يزورها في بيتها فتتحفه بالشيء تصنعه له ، فقيل له ، فقال : إنّي أرحمها ، قتل أخوها وأبوها معي.

انظر : معرفة الصحابة ٦ / ٣٥٠٤ رقم ٤٠٩٣ ، الاستيعاب ٤ / ١٩٤٠ رقم ٤١٦٣ ، أسد الغابة ٦ / ٣٤٥ رقم ٧٤٧١ ، الإصابة ٨ / ٢٢٧ رقم ١٢٠٧٣.

(١) ص ٣٩٥ من الجزء المذكور [ ١٣ / ١٢٢ ـ ١٢٣ ح ٣٦٣٩٢ ]. منهقدس‌سره .

٨٧

قال :أنت يا عليّ أوّل المؤمنين إيمانا ، وأوّلهم إسلاما.

ثمّ قال :أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، وكذب [ عليّ ] من زعم أنّه يحبّني ويبغضك ».

ومنها : ما في « الكنز » أيضا(١) ، عن زيد بن أبي أوفى ، في قصّة المؤاخاة ، أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «والذي بعثني بالحقّ! ما أخّرتك إلّا لنفسي ، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، غير أنّه لا نبيّ بعدي » الحديث.

ومنها : ما رواه النسائي في « الخصائص » ، بالنسبة إلى ما يتعلّق ببنت حمزة ، حيث اختصم بتربيتها عليّ وجعفر وزيد ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا عليّ! أنت منّي بمنزلة هارون من موسى »(٢) الحديث.

.. إلى غيرها من الموارد الكثيرة.

ويشهد أيضا لعموم المنزلة ما ورد أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله سمّى الحسنين بالحسنين ، اقتفاء لهارون في تسمية ولديه بشبّر وشبير ، كما في « مسند أحمد » بموارد عديدة(٣) .

فإنّ ذلك ونحوه شاهد بأنّ عليّاعليه‌السلام شبيه بهارون بجميع المزايا ، وأنّ له خصائصه كلّها ، وأظهرها الإمامة ، بل يستفاد من حديث التسمية إمامة الحسنين أيضا ، كولدي هارونعليه‌السلام (٤) .

__________________

(١) ص ٣٩٠ من الجزء المذكور [ ١٣ / ١٠٥ ح ٣٦٣٤٥ ] ، وص ٤٠ من الجزء الخامس [ ٩ / ١٦٧ ح ٢٥٥٥٤ ]. منهقدس‌سره .

(٢) خصائص الإمام عليّعليه‌السلام : ٦٥ ح ٦٦.

(٣) ص ٩٨ و ١١٨ و ١٥٩ من الجزء الأوّل. منهقدس‌سره .

(٤) وقد توسّع السيّد عليّ الحسيني الميلاني ـ حفظه الله ورعاه ـ في دراسة حديث

٨٨

١٠ ـ حديث : إنّي دافع الراية غدا

قال المصنّف ـ شرّف الله منزلته ـ(١) :

العاشر : في مسند أحمد ـ من عدّة طرق ـ ، وصحيحي مسلم والبخاري ـ من طرق متعدّدة ـ ، وفي الجمع بين الصحاح الستّة أيضا ، عن عبد الله بن بريدة ، قال : سمعت أبي يقول : حاصرنا خيبر ، وأخذ اللواء أبو بكر فانصرف ولم يفتح له ، ثمّ أخذه عمر من الغد فرجع ولم يفتح له ، وأصاب الناس يومئذ شدّة وجهد ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّي دافع الراية غدا إلى رجل يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، كرّار غير فرّار ، لا يرجع حتّى يفتح الله له ».

فبات الناس يتداولون ليلتهم أيّهم يعطاها ، فلمّا أصبح الناس غدوا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كلّهم يرجو أن يعطاها.

فقال :أين عليّ بن أبي طالب ؟

فقالوا : إنّه أرمد العين!

__________________

المنزلة دراسة مفصّلة ، وتناول كلّ المباحث المتعلّقة به ، سندا ودلالة ، في الجزءين ١٧ و ١٨ من موسوعته « نفحات الأزهار » ؛ فراجع!

وانظر كذلك ما يخصّ حديث المنزلة من مباحث في : الإمامة في أهمّ الكتب الكلامية : ٢١٤ ـ ٢١٩ ، الأحاديث المقلوبة في مناقب الصحابة : ٦ ـ ١٢ وهي الرسالة السابعة من كتاب « الرسائل العشر » ، تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات ٣ / ٢٠٥ ـ ٢٤٢.

(١) نهج الحقّ : ٢١٦.

٨٩

فأرسل إليه ، فأتى ، فبصق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في عينيه ، ودعا له فبرئ ، فأعطاه الراية ، ومضى عليّ ، فلم يرجع حتّى فتح الله على يديه(١) .

__________________

(١) انظر : مسند أحمد ٥ / ٣٥٣ ـ ٣٥٤ و ٣٥٨ ـ ٣٥٩ وج ٢ / ٣٨٤ ، صحيح مسلم ٧ / ١٢٠ ـ ١٢٢ فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام ، صحيح البخاري ٤ / ١٤٥ ح ٢١٣ وج ٥ / ٨٧ ـ ٨٨ ح ١٩٧ و ١٩٨ وص ٢٧٩ ح ٢٣٠ و ٢٣١.

وانظر : سنن الترمذي ٥ / ٥٩٦ ح ٣٧٢٤ ، سنن ابن ماجة ١ / ٤٣ ح ١١٧ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ٤٦ ح ٨١٤٩ ـ ٨١٥١ وص ١٠٨ ـ ١١٣ ح ٨٣٩٩ ـ ٨٤٠٩ وص ١٧٨ ـ ١٨٠ ح ٨٦٠٠ ـ ٨٦٠٣ ، مسند الطيالسي : ٣٢٠ ح ٢٤٤١ ، مصنّف عبد الرزّاق ٥ / ٢٨٧ ح ٩٦٣٧ وج ١١ / ٢٢٨ ح ٢٠٣٩٥ ، سنن سعيد بن منصور ٢ / ١٧٨ ـ ١٧٩ ح ٢٤٧٢ ـ ٢٤٧٤ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٤٩٧ ح ١٧ وص ٥٠٠ ح ٣٣ و ٣٥ و ٣٧ وج ٨ / ٥٢٠ ـ ٥٢٢ ح ٢ و ٧ و ١٠ و ١١ وص ٥٢٥ ح ٢٢ و ٢٣ ، فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ ٢ / ٦٩٧ ح ٩٥٠ وص ٧٢٢ ح ٩٨٨ وص ٧٣٤ ـ ٧٣٥ ح ١٠٠٩ وص ٧٤٦ ح ١٠٣٠ و ١٠٣١ وص ٧٤٨ ح ١٠٣٤ وص ٧٥١ ـ ٧٥٢ ح ١٠٣٦ و ١٠٣٧ وص ٧٥٦ ـ ٧٥٧ ح ١٠٤٤ وص ٧٦٤ ـ ٧٦٥ ح ١٠٥٤ و ١٠٥٦ وص ٧٩١ ح ١٠٨٤ وص ٨١٨ ح ١١٢٢ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٢ / ٨٤ و ٨٥ ، مسند سعد بن أبي وقّاص ـ للدورقي ـ : ٥١ ح ١٩ ، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ٢ / ١١٥ رقم ١٨٨١ وج ٧ / ٢٦٣ رقم ١١١٠ ، كتاب السنّة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٥٩٤ ح ١٣٧٧ ـ ١٣٨٠ ، مسند البزّار ٢ / ١٣٥ ـ ١٣٦ ح ٤٩٦ وج ٣ / ٢٢ ح ٧٧٠ وص ٢٨١ ح ١٠٧١ و ١٠٧٢ وص ٣٢٤ ح ١١٢٠ ، مسند أبي يعلى ١ / ٢٩١ ح ٣٥٤ وج ١٣ / ٥٢٢ ح ٧٥٢٧ وص ٥٣١ ح ٧٥٣٧ ، مسند الروياني ٢ / ١٢٤ ح ١٠٢٣ وص ١٦٦ ح ١١٤٩ ، مسند أبي عوانة ٤ / ٣٠٦ ذ ح ٦٨٢٠ وص ٣١٠ ـ ٣١١ ذ ح ٦٨٢١ و ٦٨٢٣ ، مسند الشاشي ١ / ١٤٦ ح ٨٢ وص ١٦٦ ح ١٠٦ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٩ / ٤٣ ـ ٤٥ ح ٦٨٩٣ ـ ٦٨٩٦ ، المعجم الكبير ٦ / ١٥٢ ح ٥٨١٨ وص ١٦٧ ح ٥٨٧٧ وص ١٨٧ ح ٥٩٥٠ وص ١٩٨ ح ٥٩٩١ وج ٧ / ١٣ ح ٦٢٣٣ وص ١٧ ح ٦٢٤٣ وص ٣١ ح ٦٢٨٧ وص ٣٥ ـ ٣٦ ح ٦٣٠٣ و ٦٣٠٤ وص ٧٧ ح ٦٤٢١ وج ١٨ / ٢٣٧ ـ ٢٣٨ ح ٥٩٤ ـ ٥٩٨ ، المعجم الأوسط ٣ / ٢٤١ ح ٢٨٣٦ وج ٦ / ١١٦ ح ٥٧٨٩ ، المعجم الصغير ٢ / ١٠ ـ ١١ ، العلل الواردة في الأحاديث ـ للدارقطني ـ ٣ / ٢٧٧ رقم ٤٠٤ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ٤٠ ح

٩٠

وقال الفضل(١) :

حديث خيبر صحيح ، وهذا من الفضائل العليّة لأمير المؤمنين ، لا يكاد يشاركه فيها أحد ، وكم له من فضائل مثل هذا!

العجب أنّ كلّ هذه الفضائل يرويه من كتب أصحابنا ، ويعلم أنّهم في غاية الاهتمام بنشر مناقب أمير المؤمنين وفضائله ، وما هم كالروافض والشيعة في إخفاء مناقب مشايخ الصحابة.

فلو كان هناك نصّ كانوا مهتمّين لنقله ونشره كاهتمامهم في نشر فضائله ومناقبه ؛ لخلوّهم عن الأغراض والإعراض عن الحقّ.

* * *

__________________

٤٣٤٢ وص ١١٧ ح ٤٥٧٥ وص ١٤٣ ح ٤٦٥٢ وص ٤٩٤ ح ٥٨٤٤ ، حلية الأولياء ١ / ٦٢ وج ٤ / ٣٥٦ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٦ / ٣٦٢ وج ٩ / ١٠٧ و ١٣١ ، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٤ / ٢٠٥ ـ ٢١٣ من عدّة طرق ، الاستيعاب ٣ / ١٠٩٩ ، تاريخ بغداد ٨ / ٥ رقم ٤٠٣٦ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ١٧٦ ـ ١٨٥ ح ٢١٣ ـ ٢٢٤ من عدّة طرق ، تاريخ دمشق ٤٢ / ١٠٣ ـ ١٢٣.

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٧ / ٤٣٣.

٩١

وأقول :

إذا حكم بصحّة الحديث لزم أن يحكم بأنّه منقصة للشيخين ، كما هو كمال وفضيلة لأمير المؤمنينعليه‌السلام ؛ لأنّ مدحه بهذا المدح ـ بعد انصرافهما باللواء ـ صريح بالتعريض بهما ، وأنهما ليسا على ذلك الوصف ، فهما لا يحبّان الله ورسوله ، ولا يحبّهما الله ورسوله ، وهما فرّاران غير كرّارين ، كما لا يخفى على من لحظ النظائر ، فإنّ من أرسل رسولا بمهمّة له ولم يقض المهمّة فقال : لأبعثنّ رسولا حازما يقضي المهمّ ، أحبّه ويحبّني ؛ دلّ على أنّ الرسول الأوّل ليس على هذا الوصف.

على أنّ وصف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لمن يدفع إليه اللواء بأنّه يحبّ الله ورسوله ويحبّانه ، غير مرتبط في المقام إلّا من حيث بيان أنّ من يحبّ الله ورسوله لا بدّ أن يبذل نفسه في سبيلهما ولا يجبن عند الجهاد ، وأنّ من يحبّه الله ورسوله لا يعصيهما بالفرار من الزحف ، الذي هو من أكبر الذنوب وأسوأ المعاصي ، فينبغي أن لا يكون الرجلان بهذا الوصف الجميل.

وحينئذ : فإذا اختصّ عليّعليه‌السلام دونهما بحبّه لله ورسوله ، وحبّهما له ، تعيّن للإمامة ؛ إذ كيف يكون إمام الأمّة وزعيم الدين من لا يحبّ الله ورسوله ، ولا يحبّانه ، فرّارا جبانا؟!

واعلم أنّ أخذ الشيخين للّواء وانصرافهما به غير موجود في الروايات التي رواها البخاري في غزوة خيبر ، ورواها مسلم في باب فضائل

٩٢

عليّعليه‌السلام (١) .

فلعلّ نسبة المصنّفرحمه‌الله الحديث إليهما وإلى غيرهما باعتبار مجموعه ، وإن لم يرويا إلّا محاربة عليّعليه‌السلام وقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فيه.

ويمكن أن يكون تمام الحديث مرويّا في مقامات أخر من الصحيحين لم أطّلع عليها ، أو يكون ما يتعلّق بالشيخين مسقطا من الحديث حفظا لشأنهما!

وممّا وجدته من الأحاديث المشتملة عليه ، ما رواه أحمد في مسنده(٢) ، عن بريدة ، قال : « حاصرنا خيبر ، فأخذ اللواء أبو بكر فانصرف ولم يفتح له ، ثمّ أخذه عمر من الغد فخرج فرجع ولم يفتح له ، وأصاب الناس يومئذ شدّة وجهد ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :إنّي دافع الراية غدا إلى رجل يحبّه الله ورسوله ، ويحبّ الله ورسوله ، لا يرجع حتّى يفتح له.

فبتنا طيّبة أنفسنا أنّ الفتح غدا ، فلمّا أن أصبح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى الغداة ، ثمّ قام قائما فدعا باللواء والناس على مصافّهم ، فدعا عليّا وهو أرمد ، فتفل في عينه ودفع إليه اللواء وفتح له ».

ومنها : ما رواه أحمد أيضا(٣) ، قال : « لمّا نزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بحصن أهل خيبر أعطى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اللواء عمر بن الخطّاب ، ونهض معه من نهض من المسلمين ، فلقوا أهل خيبر.

فقال رسول الله :لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ،

__________________

(١) انظر : صحيح البخاري ٥ / ٢٧٩ ح ٢٣٠ و ٢٣١ ، صحيح مسلم ٧ / ١٢٠ ـ ١٢٢.

(٢) ص ٣٥٣ من الجزء الخامس بسنده. منهقدس‌سره .

(٣) ص ٣٥٨ من هذا الجزء. منهقدس‌سره .

٩٣

ويحبّه الله ورسوله.

فلمّا كان الغد دعا عليّا وهو أرمد ، فتفل في عينه وأعطاه اللواء ، ونهض الناس معه فلقي مرحب ـ إلى أن قال : ـ فضربه على هامته حتّى عضّ السيف منها بأضراسه ، وسمع أهل العسكر صوت ضربته.

قال : وما تتامّ آخر الناس مع عليّ حتّى فتح له ».

ومنها : ما رواه الحاكم في كتاب المغازي من « المستدرك »(١) ، عن أبي ليلى ، عن عليّعليه‌السلام ، أنّه قال : « يا أبا ليلى! أما كنت معنا بخيبر؟!

قال : بلى والله ، كنت معكم.

قال : فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعث أبا بكر إلى خيبر فسار بالناس وانهزم حتّى رجع »

وروى الحاكم أيضا ، عن عليّعليه‌السلام ، قال : « سار النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى خيبر ، فلمّا أتاها بعث عمر وبعث معه الناس فقاتلوهم ، فلم يلبثوا أن هزموا عمر وأصحابه ، فجاؤوا يجبّنونه ويجبّنهم »(٢) الحديث.

وروى الحاكم أيضا عن جابر نحو هذا(٣) ، وصحّح الأحاديث كلّها ، وما تعقّب الذهبيّ إلّا الحديث الأخير بالمناقشة في سنده ، وهو غير ضائر كما مرّ مرارا ، لا سيّما مع ثبوت مضمونه بالصحاح الأخر.

ثمّ روى الحاكم ، عن جابر ، قال : لمّا كان يوم خيبر بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رجلا فجبن ، فجاء محمّد بن مسلمة فقال : يا رسول الله! لم أر كاليوم قطّ!!

__________________

(١) ص ٣٧ من الجزء الثالث [ ٣ / ٣٩ ح ٤٣٣٨ أ ]. منهقدس‌سره .

(٢) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٤٠ ح ٤٣٤٠.

(٣) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٤٠ ح ٤٣٤١.

٩٤

إلى أن قال : ثمّ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :لأبعثنّ غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ، ويحبّانه ، لا يولّي الدبر ، يفتح الله على يديه.

فتشوّف(١) لها الناس ، وعليّ يومئذ أرمد

فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : سر.

فقال : يا رسول الله! ما أبصر موضعا!

فتفل في عينيه ، وعقد له ودفع إليه الراية ـ إلى أن قال : ـ فلقيهم ففتح الله عليه(٢) .

أقول : المراد بالرجل الذي جبن هو أبو بكر ، أو عمر ، بدلالة الأخبار الأخر ، على أنّ الفارّ هو أحدهما لا غيرهما!

ومنها : ما نقله في « كنز العمّال »(٣) في فضائل عليّعليه‌السلام ، عن ابن أبي شيبة ، وأحمد بن حنبل ، وابن ماجة ، والبزّار ، وابن جرير ، قال : وصحّحه ، والطبراني ، والحاكم ، والبيهقي ، والضياء المقدسي في « المختارة » ، بأسانيدهم ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال :

__________________

(١) في المصدر : « فتشرّف ».

وتشوّف لها : تطاول ونظر وتطلّع ؛ انظر : لسان العرب ٧ / ٢٣٨ مادّة « شوف ».

وتشرّف لها : تطلّع إليها وتعرّض لها ؛ انظر : لسان العرب ٧ / ٩١ مادّة « شرف ».

والكلام يستقيم بأيّ منهما.

(٢) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٤٠ ـ ٤١ ح ٤٣٤٢.

(٣) ص ٣٩٤ من الجزء السادس [ ١٣ / ١٢١ ـ ١٢٢ ح ٣٦٣٨٨ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : سنن ابن ماجة ١ / ٤٣ ـ ٤٤ ح ١١٧ ، مسند أحمد ١ / ٩٩ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٤٩٧ ح ١٧ ، مسند البزّار ٢ / ١٣٥ ـ ١٣٦ ح ٤٩٦ ، المعجم الأوسط ٣ / ٥١ ح ٢٣٠٧ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ٣٩ ح ٤٣٣٨ أ ، دلائل النبوّة ـ للبيهقي ـ ٤ / ٢١٣.

٩٥

« كان عليّ يخرج في الشتاء في إزار ورداء ، ثوبين خفيفين ، وفي الصيف في القباء المحشوّ والثوب الثقيل ، فقال الناس : لو قلت لأبيك فإنّه يسمر معه ، فسألت أبي ـ إلى أن قال : ـ فسمر معه(١) ، فقال : يا أمير المؤمنين! إنّ الناس قد تفقّدوا منك شيئا ـ إلى أن قال : ـ قال : أوما كنت معنا يا أبا ليلى بخيبر؟!

قال : بلى والله ، كنت معكم.

قال : فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعث أبا بكر فسار بالناس ، فانهزم حتّى رجع عليه(٢) ، وبعث عمر فانهزم بالناس حتّى انتهى إليه ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :لأعطينّ الراية رجلا يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، يفتح الله له ، ليس بفرّار.

فأرسل إليّ فدعاني فأتيته وأنا أرمد لا أبصر شيئا ، فتفل في عيني وقال :اللهمّ اكفه الحرّ والبرد ؛ فما آذاني بعده حرّ ولا برد ».

ونحوه في « خصائص » النسائي(٣) .

ومنها : ما نقله في « كنز العمّال »(٤) في غزوة خيبر ، عن ابن أبي شيبة والبزّار ـ قال : وسنده حسن ـ ، عن عليّعليه‌السلام ، قال : « سار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى خيبر ، فلمّا أتاها بعث عمر ومعه الناس إلى مدينتهم [ والى قصرهم ] فقاتلوهم ، فلم يلبثوا أن هزموا عمر وأصحابه ، فجاء يجبّنهم ويجبّنونه ،

__________________

(١) في المصدر : « عنده ».

(٢) في المصدر : « إليه ».

(٣) خصائص الإمام عليّعليه‌السلام : ٢٧ ح ١٣ وص ١٠٨ ـ ١٠٩ ح ١٤٥ ، وانظر : السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ١٠٨ ـ ١٠٩ ح ٨٤٠١ وص ١٥٢ ح ٨٥٣٦.

(٤) ص ٢٨٣ من الجزء الخامس [ ١٠ / ٤٦٢ ح ٣٠١١٩ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : مصنّف ابن أبي شيبة ٨ / ٥٢٥ ح ٢٢ ، مسند البزّار ٣ / ٢٢ ـ ٢٣ ح ٧٧٠.

٩٦

فساء ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال :لأبعثنّ عليهم رجلا يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، يقاتلهم حتّى يفتح الله له ، ليس بفرّار » الحديث.

ونقل أيضا في المقام المذكور عن ابن جرير ، عن بريدة ، قال : « لمّا كان يوم خيبر أخذ اللواء أبو بكر فرجع ولم يفتح له ، فلمّا كان من الغد أخذ عمر اللواء ولم يفتح له ، وقتل ابن مسلمة ، ورجع الناس ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :لأدفعنّ لوائي هذا إلى رجل يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، لن يرجع حتّى يفتح عليه »(١) الحديث.

ونحوه في « خصائص » النسائي أيضا(٢) .

ونقل في « الكنز » أيضا ، عن ابن أبي شيبة ، عن بريدة ، قال : « لمّا نزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بحصن(٣) خيبر فزع أهل خيبر فبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عمر بن الخطّاب بالناس ، فلقي أهل خيبر ، فردّوه وكشفوه هو وأصحابه ، فرجعوا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يجبّن أصحابه ويجبّنه أصحابه ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :لأعطينّ اللواء غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله.

فلمّا كان الغد تصادر(٤) لها أبو بكر وعمر ، فدعا عليّا وهو يومئذ

__________________

(١) كنز العمّال ١٠ / ٤٦٣ ح ٣٠١٢٠.

(٢) خصائص الإمام عليّعليه‌السلام : ٢٨ ح ١٤ ، وانظر : السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ١٠٩ ح ٨٤٠٢.

(٣) في كنز العمّال ومصنّف ابن أبي شيبة : بحضرة.

(٤) كذا في مصنّف ابن أبي شيبة ، وفي كنز العمّال : « تطاول ».

و « تصادر » : تقدّم القوم بصدره ، ووقف في صدر الصفّ ومقدّم الجيش ليكون

٩٧

أرمد ، فتفل في عينه وأعطاه اللواء ، فانطلق بالناس فلقي أهل خيبر ولقي مرحبا ـ إلى أن قال : ـ فضربه عليّ ضربة على هامته بالسيف عضّ السيف منها بالأضراس ، وسمع صوت ضربته أهل العسكر ، فما تتام آخر الناس حتّى فتح لأوّلهم »(١) .

ونحوه في « تاريخ الطبري »(٢) .

ومنها : ما أخرجه الطبري بعد الحديث المذكور ، عن بريدة ، قال : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ربّما أخذته الشقيقة فلم يخرج إلى الناس ، وإنّ أبا بكر أخذ راية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ نهض فقاتل قتالا شديدا ، ثمّ رجع ؛ فأخذها عمر فقاتل قتالا شديدا هو أشدّ من القتال الأوّل ، ثمّ رجع.

فأخبر بذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال :أما والله لأعطينّها رجلا يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، يأخذها عنوة ».

... إلى أن قال : « وخرج مرحب فبدره عليّ فضربه ، فقدّ الحجر والمغفر ورأسه حتّى وقع في الأضراس ، وأخذ المدينة »(٣) .

ومثله في « كامل ابن الأثير »(٤) ، إلّا أنّه قال في آخره : « فضربه فقدّ

__________________

أحدهما هو المختار لحمل اللواء وقيادة الحملة ؛ انظر : لسان العرب ٧ / ٣٠٠ مادّة « صدر ».

و « تطاول » : هو أن يقوم قائما ثمّ يتطاول في قيامه ثمّ يرفع رأسه ويمدّ قوامه للنظر إلى الشيء ؛ انظر : لسان العرب ٨ / ٢٢٨ مادّة « طول ».

فالمعنى صحيح بأيّ من الكلمتين.

(١) كنز العمّال ١٠ / ٤٦٣ ـ ٤٦٤ ح ٣٠١٢١ ، وانظر : مصنّف ابن أبي شيبة ٨ / ٥٢١ ـ ٥٢٢ ح ٧.

(٢) ص ٩٣ من الجزء الثالث [ ٢ / ١٣٦ ـ ١٣٧ حوادث سنة ٧ ه‍ ]. منهقدس‌سره .

(٣) تاريخ الطبري ٢ / ١٣٧ حوادث سنة ٧ ه‍ ، غزوة خيبر.

(٤) ص ١٠٥ من الجزء الثاني [ ٢ / ١٠١ ـ ١٠٢ حوادث سنة ٧ ه‍ ]. منهقدس‌سره .

٩٨

الجحفة والمغفر ورأسه حتّى وقع في الأرض ، وأخذ المدينة ».

.... إلى غير ذلك من الأخبار التي يطول ذكرها(١) .

وليت شعري ما هذا القتال الشديد من الشيخين الذي لم يصب فيه أحد بكلم ، ولم يهرق فيه دم؟!

وأمّا ما ذكره الفضل من أنّ المصنّفرحمه‌الله يروي هذه الفضائل من كتبهم ، فمسلّم ؛ لأنّ المطلوب إلزامهم بما هو حجّة عليهم.

وليس ذكرهم لهذه الفضائل دليلا على اهتمامهم بنقل ما يروونه نصّا لو اطّلعوا عليه ، كما سبق بيانه في الآية الثانية والثمانين(٢) ، وما رووا تلك الفضائل إلّا لزعمهم عدم دلالتها على إمامته ، لا لخلوّهم عن الأغراض!

ولذا لمّا نبّههم الشيعة على دلالتها على إمامته حذف المتأخّرون منهم ما يمكن حذفه من كتب المتقدّمين ، كحديث النور ونحوه من مسند أحمد(٣) ، وأوّلوا كثيرا منها بما هو أشبه يشبه السوفساطائية ، وناقشوا في أسانيد الكثير منها مع تعدّد طرقها الكافي في اعتبارها ، على أنّهم قلّ ما يروون فضائله على وجهها ، ويوافون بالحقائق على حالها.

وأمّا قوله : « وما هم كالروافض والشيعة ، في إخفاء مناقب مشايخ الصحابة ».

فلعمري لقد أراد أن يفضح فافتضح ؛ لأنّه يطلب منّا أن نكذّب مثلهم

__________________

(١) انظر : مغازي الواقدي ٢ / ٦٥٣ ـ ٦٥٥ ، السيرة النبوية ـ لابن هشام ـ ٤ / ٣٠٥ ، تاريخ اليعقوبي ١ / ٣٧٥ ، السيرة النبوية ـ لابن حبّان ـ : ٣٠٢ ، المنتظم ٢ / ٣٧١ ـ ٣٧٢ حوادث سنة ٧ ه‍ ، البداية والنهاية ٤ / ١٥٠ ـ ١٥٤.

(٢) راجع : ج ٥ / ٣٦٤ وما بعدها من هذا الكتاب.

(٣) نقله ابن أبي الحديد عن « المسند » و « الفضائل » في شرح نهج البلاغة ٩ / ١٧١ ، ولم نجده في المسند ، ورواه أحمد في فضائل الصحابة ٢ / ٨٢٣ ـ ٨٢٤ ح ١١٣٠.

٩٩

ونحدّث بما لا أصل له ، ممّا أحدثه حبّ الدنيا ، وحدا إليه الرجاء والخوف في أيّام معاوية وأشباهه ، كما سبق في المقدّمة(١)

ويطلب منّا أن نروي ما يخالف العقل والدين ، كالأخبار القائلة : « إنّ أبا بكر وعمر لا يحبّان الباطل » ؛ الدالّة على أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يحبّه ، حيث غنّى له المغنّون والمغنّيات كما يروون(٢)

وكالأخبار القائلة : « لو لم أبعث لبعث عمر » و « لو كان نبيّ بعدي لكان عمر »(٣) ، المستلزمة لجواز بعثة من سبق منه الكفر

وكروايات تبشير العشرة بالجنّة ، التي عرفت حالها في الآية الثانية والثلاثين(٤)

وكرواية أنّ أبا بكر وعمر سيّدا كهول أهل الجنّة(٥) ؛ مع أنّه لا كهول فيها(٦)

وكرواية دعاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لمعاوية أن يجعله الله هاديا مهديّا(٧) ،

__________________

(١) راجع : ج ١ / ١٤ وما بعدها من هذا الكتاب.

(٢) راجع : ج ٤ / ٧٤ و ١١١ من هذا الكتاب.

(٣) كنز العمّال ١١ / ٥٨١ ح ٣٢٧٦١ ـ ٣٢٧٦٣ ، الكامل في ضعفاء الرجال ٣ / ١٥٥ رقم ٦٦٩ وص ٢١٦ رقم ٧١٣ وج ٤ / ١٩٤ رقم ١٠٠٥ ، الموضوعات ـ لابن الجوزي ـ ١ / ٣٢٠.

(٤) راجع : ج ٥ / ١٤٥ وما بعدها.

(٥) كنز العمّال ١١ / ٥٦٢ ح ٣٢٦٥٤.

(٦) وقد فصّل السيّد عليّ الحسيني الميلاني القول في سند هذا الحديث وطرقه ودلالته في كتابه « الرسائل العشر » في الحديث الثالث من « رسالة في الأحاديث المقلوبة في مناقب الصحابة » ، ص ١٩ ـ ٢٧ ؛ فراجع!

(٧) سنن الترمذي ٥ / ٦٤٥ ح ٣٨٤٢ ، مسند أحمد ٤ / ٢١٦ ، الطبقات الكبرى ٧ / ٢٩٢ رقم ٣٧٤٦ ، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ٧ / ٣٢٧ رقم ١٤٠٥ ، حلية الأولياء ٨ / ٣٥٨ ، مشكاة المصابيح ٣ / ٣٩٢ ح ٦٢٤٤ ، البداية والنهاية ٨ / ٩٨ ـ ٩٩.

١٠٠

مع ظهور الضلال على صفحات أفعاله وأقواله ، من قتله النفوس البريئة ، وحربه لمن حربه حرب لله ورسوله ، وسبّه لمن سبّه سبّهما ، وإلحاقه العهار بالنسب مراغمة للشريعة الأحمدية إلى نحو ذلك من أخبار فضائلهم.

* * *

١٠١

١١ ـ حديث : برز الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه

قال المصنّف ـ طاب رمسه ـ(١) :

الحادي عشر : روى الجمهور : أنّه لمّا برز إلى عمرو بن عبد ودّ العامري في غزاة الخندق ، وقد عجز عنه المسلمون ، قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «برز الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه »(٢) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢١٧.

(٢) شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢٦١ و ٢٨٥ ، حياة الحيوان الكبرى ـ للدميري ـ ١ / ٢٧٤ ، ينابيع المودّة ١ / ٢٨١ ح ٢ وص ٢٨٤ ضمن ح ٧.

١٠٢

وقال الفضل(١) :

إنّه صحّ هذا أيضا في الخبر ، وهذا أيضا من مناقبه وفضائله التي لا ينكرها إلّا سقيم الرأي ، ضعيف الإيمان ، ولكنّ الكلام على النصّ ، وهذا لا يثبته.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٧ / ٤٣٥.

١٠٣

وأقول :

لمّا جعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا كلّ الإيمان ، دلّ على أنّه قوامه ، وأنّه أفضل إيمانا وأثرا من جميع المؤمنين ؛ إذ لم يقم لهم إيمان لولاه ، والأفضل أحقّ بالإمامة.

ويشهد لفضله عليهم في الأثر ما جاء عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :لضربة عليّ أفضل من عبادة الثقلين ، أو : لمبارزة عليّ لعمرو أفضل من أعمال أمّتي إلى يوم القيامة ، كما سبق في الآية الحادية والخمسين(١) .

وهذا ممّا يؤيّده قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله :الساعي بالخير كفاعله (٢) ، ويقضي به العقل ؛ إذ بقتل أمير المؤمنينعليه‌السلام لعمرو خمدت جمرة الكفر ، وانكسرت عزيمة الشرك ، فكان هو السبب في بقاء الإيمان واستمراره ، وهو السبب في تمكين المؤمنين من عبادتهم إلى يوم الدين.

لكن هذا ببركة النبيّ الحميد ودعوته وجهاده في الدين ، فإنّ عليّا حسنة من حسناته ، فلا أفضل من سيّد الوصيّين إلّا سيّد المرسلين ، زاد الله في شرفهما ، وصلّى عليهما وعلى آلهما الطاهرين.

* * *

__________________

(١) راجع : ج ٥ / ٢٤٢ من هذا الكتاب.

(٢) كنز العمّال ٦ / ٣٥٩ ـ ٣٦٠ ح ١٦٠٥٢ ـ ١٦٠٥٥.

١٠٤

١٢ ـ حديث سدّ الأبواب عدا باب عليّ

قال المصنّف ـ أعلى الله درجته ـ(١) :

الثاني عشر : في مسند أحمد من عدّة طرق ، أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بسدّ الأبواب إلّا باب عليّ ، فتكلّم الناس ، فخطب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال :

أمّا بعد ، فإنّي أمرت بسدّ هذه الأبواب غير باب عليّ ، فقال فيه قائلكم ، [ وانّي ] والله ما سددت شيئا ولا فتحته ، وإنّما أمرت بشيء فاتّبعته (٢) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢١٧.

(٢) مسند أحمد ٤ / ٣٦٩ وج ١ / ١٧٥ و ٣٣١ وج ٢ / ٢٦ ، فضائل الصحابة ـ لأحمد ابن حنبل ـ ٢ / ٧٢٠ ح ٩٨٥ ؛ وانظر : سنن الترمذي ٥ / ٥٩٩ ح ٣٧٣٢ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ١١٨ ـ ١١٩ ح ٨٤٢٣ ـ ٨٤٢٨ ، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ١ / ٤٠٨ رقم ١٣٠٤ ، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ٢ / ٢٤٦ ح ٢٠٣١ ، المعجم الأوسط ٤ / ٣٦٣ ح ٣٩٣٠ ، مسند البزّار ٢ / ١٤٤ ح ٥٠٦ وج ٣ / ٣٦٨ ح ١١٦٩ ، أخبار القضاة ـ لوكيع ـ ٣ / ١٤٩ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٥ ح ٤٦٣١ ، حلية الأولياء ٤ / ١٥٣ رقم ٢٥٨ ، تاريخ بغداد ٧ / ٢٠٥ رقم ٣٦٦٩ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٢٦ ـ ٢٣١ ح ٣٠٣ ـ ٣٠٩ من عدّة طرق ، تاريخ دمشق ٤٢ / ١٣٧ ـ ١٣٩ من عدّة طرق ، مجمع الزوائد ٩ / ١١٤ ـ ١١٥.

١٠٥

وقال الفضل(١) :

كان المسجد في عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله متّصلا ببيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان عليّ ساكن بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لمكان ابنته ، وكان الناس من أبوابهم في المسجد يتردّدون ويزاحمون المصلّين ، فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بسدّ الأبواب إلّا باب عليّ.

وقد صحّ في الصحيحين أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بسدّ كلّ خوخة في المسجد إلّا خوخة أبي بكر(٢) ، والخوخة : الباب الصغير(٣) ، فهذا فضيلة وقرب حصل لأبي بكر وعليّ.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٧ / ٤٣٦.

(٢) انظر : صحيح البخاري ١ / ٢٠١ ـ ٢٠٢ ح ١٢٦ وج ٥ / ٦٦ ح ١٥٤ ، صحيح مسلم ٧ / ١٠٨.

(٣) انظر : لسان العرب ٤ / ٢٤٠ مادّة « خوخ ».

١٠٦

وأقول :

لا يخفى أنّ حقيقة الفضل في هذه الفضيلة ليس لمجرّد الاختصاص بعدم سدّ الباب ، بل لما يكشف عنه من طهارة عليّعليه‌السلام ، وأنّه يحلّ له أن يجنب في المسجد ويمكث فيه جنبا ، ولا يكره له النوم فيه كما كان ذلك لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ فإنّ عمدة الغرض من سدّ الأبواب تنزيه المسجد عن الأدناس ، وتبعيده عن المكروهات والأمور البيتية.

وكان عليّعليه‌السلام كالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لا تؤثّر فيه الجنابة والنوم دنسا معنويا ، وكان بيت الله كبيته ؛ لكونه حبيبه القريب منه ، فاستثني كالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لذلك ، كما ستعرفه.

وأمّا قوله : « كان عليّ ساكن بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله » إلى آخره.

فالظاهر أنّ غرضه به إنكار فضل أمير المؤمنينعليه‌السلام ؛ لأنّ المستثنى حينئذ هو باب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ لأنّ البيت له ؛ إذ لا يتعلّق في المقام بهذه المقدّمة فائدة سوى هذا الغرض السوء ، وإن ناقض نفسه بجعل الاستثناء فضيلة لعليّعليه‌السلام يشارك بها أبا بكر ، فكان يلزمه أن يخصّ الفضيلة بأبي بكر وحده!

وفي كلا مقصديه ، من إنكار فضل أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وإثبات فضل أبي بكر نظر

أمّا الأوّل ؛ فلأنّ كون البيت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يمنع من اختصاص عليّ بباب منفرد ؛ كيف؟! وقد صرّحت الأخبار بأنّ الباب لعليّ ، حتّى تكلّم الناس في استثناء بابه ، ولو كان الباب للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لما كان محلّ

١٠٧

لكلامهم فيه ، ولا لحسدهم لعليّعليه‌السلام .

بل هذا ممّا يقرّب أنّ البيت ـ كالباب ـ مختصّ بعليّعليه‌السلام ، إمّا ملكا كما هو الظاهر ، أو بالسكنى فقط والملكية لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ وعليه ينبغي أن يقبضه أبو بكر كما قبض فدك ، فيتركهم بلا دار ولا عقار!

وأمّا الثاني ؛ فلأنّ الخوخة إذا كانت هي الباب الصغير ، كما يشهد له رواية البخاري للحديث في مناقب أبي بكر ، بلفظ : « الباب » بدل « الخوخة »(١) ، لزم كذب خبر استثناء باب أبي بكر ؛ لأنّه إذا أقرّ باستثناء باب عليّعليه‌السلام وهو متقدّم زمانا ـ كما ستعرف ـ ، فلا بدّ من العمل بأمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلا يبقى باب مفتوح سوى باب عليّعليه‌السلام ، وحينئذ لم يكن محلّ للأمر بسدّ الأبواب واستثناء باب أبي بكر.

مضافا إلى اشتمال خبر استثناء باب أبي بكر على أمور تشهد بكذبه ، كما ستعرفها إن شاء الله تعالى عند ذكر الفضل له في مقدّمة مآخذ أبي بكر.

فإن قلت : ما الدليل على تقدّم استثناء باب عليّعليه‌السلام ؟ فلم لم يكونا في وقت واحد ، أو في وقتين متقاربين ، بحيث يكون الاستثناء الأخير قبل سدّ جميع الأبواب ، وحينئذ فلا يلزم التعارض والكذب؟

قلت : استثناء باب أبي بكر كان في وقت قرب موت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله على ما زعموا(٢) ، واستثناء باب عليّعليه‌السلام في أيّام حمزة كما صرح به بعض أخبارهم(٣) ، ودلّ باقي الأخبار الآتية وغيرها على تقدّم زمانه.

__________________

(١) انظر : صحيح البخاري ٥ / ٦٥ ـ ٦٦ ح ١٥٤.

(٢) انظر : صحيح البخاري ١ / ٢٠١ ح ١٢٦ ، التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ ١ / ٤٠٨ رقم ١٣٠٤.

(٣) انظر : فضائل الخلفاء الأربعة ـ لأبي نعيم ـ : ٧٢ ـ ٧٣ ح ٦٠ و ٦١ ، مجمع الزوائد ٩ / ١١٥.

١٠٨

مع أنّه لو كان زمانهما واحدا لقال : « سدّوا الأبواب إلّا باب عليّ وأبي بكر » ، ولاعتذر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن فتح باب أبي بكر كما اعتذر عن فتح باب عليّعليه‌السلام !

ويشهد لكون الاستثناء من خواصّ عليّعليه‌السلام ما رواه أحمد في مسنده(١) ، عن ابن عمر ، وصحّحه ابن حجر في « الصواعق »(٢) ، قال :

« كنّا نقول في زمن النبيّ : رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خير الناس ، ثمّ أبو بكر ، ثمّ عمر ؛ ولقد أوتي ابن أبي طالب ثلاث خصال ، لأنّ تكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حمر النّعم : زوّجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ابنته وولدت له ، وسدّ الأبواب إلّا بابه في المسجد ، وأعطاه الراية يوم خيبر ».

فإنّه صريح بأنّ الاستثناء أحد خواصّه الثلاثة ، ولا سيّما بعد ذكر أبي بكر المتخيّر بينهم.

وقد تمنّى قبل ابن عمر أبوه إحدى هذه الخصال ، كما رواه الحاكم في « المستدرك » وصحّحه(٣) .

ونقله ابن حجر في « الصواعق »(٤) ، عن أبي يعلى ، عن أبي هريرة ، عن عمر.

__________________

(١) ص ٢٦ من الجزء الثاني. منهقدس‌سره .

وانظر : فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ ٢ / ٧٠٠ ح ٩٥٥.

(٢) في الفصل الثالث من الباب التاسع [ ص ١٩٦ ]. منهقدس‌سره .

(٣) ص ١٢٥ من الجزء السادس [ ٣ / ١٣٥ ح ٤٦٣٢ ]. منهقدس‌سره .

(٤) في الفصل المذكور [ ص ١٩٦ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : مسند أبي يعلى ٩ / ٤٥٢ ـ ٤٥٣ ح ٥٦٠١ ، زوائد أبي يعلى ـ للهيثمي ـ ٣ / ١٨٥ ح ١٣٢٩.

١٠٩

ونقله في « كنز العمّال »(١) ، عن ابن أبي شيبة ، عن ابن عمر ، عن أبيه ، [ و ](٢) عن ابن أبي شيبة ، عن عليّ ، عن عمر ؛ قال فيه على الرواية الأخيرة : « وسكناه المسجد مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يحلّ له فيه ما يحلّ له » كما في لفظ رواية الحاكم أيضا(٣) ، وقال في رواية أبي يعلى : « وسكناه المسجد ، لا يحلّ لي فيه ما يحلّ له »(٤) .

فلا ريب أنّ هذا من خواصّ أمير المؤمنينعليه‌السلام ؛ إذ لا يتصوّر أن يظهر من عمر وابنه اختصاص عليّعليه‌السلام بهذا الأمر لو شاركه فيه أبو بكر ، الذي هو أساس شرفهم ، ومستند أمرهم ، والمتخيّر بينهم.

وقد تكلّف ابن عمر في تخيّر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على الناس ، حتّى على أبيه وصاحبه!

هذا ، مضافا إلى ضعف خبر استثناء خوخة أبي بكر ، لضعف سنده بجماعة ، منهم : فليح بن سليمان ، عدوّ آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الذي سبقت ترجمته في مقدّمة الكتاب(٥) .

ونزيدك هنا بيانا لحاله بذكر ما في « ميزان الاعتدال » و « تهذيب التهذيب » مضافا إلى ما تقدّم في المقدّمة

قالا : قال ابن معين مرّة : لا يحتجّ به.

ومرّة : ضعيف ، ما أقربه من أبي أويس.

__________________

(١) ص ٣٩١ من الجزء السادس [ ١٣ / ١١٠ ح ٣٦٣٥٩ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٥٠٠ ح ٣٦.

(٢) ص ٣٩٣ من الجزء المذكور [ ١٣ / ١١٦ ح ٣٦٣٧٦ ]. منهقدس‌سره .

(٣) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٥ ح ٤٦٣٢.

(٤) المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي ٣ / ١٨٤ ـ ١٨٥ ح ١٣٢٩.

(٥) راجع : ج ١ / ٢٢٠ رقم ٢٦٣.

١١٠

وقال مرّة ، والنسائي وأبو حاتم : ليس بالقويّ.

وفي « التهذيب » أيضا : قال النسائي مرّة : ضعيف.

وقال ابن المديني : فليح وأخوه عبد الحميد ضعيفان(١) .

وقد روى البخاري هذا الحديث أيضا في أواخر الجزء الثاني ، في باب هجرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه إلى المدينة(٢) ، وفي سنده إسماعيل بن عبد الله ، الكذّاب الوضّاع ، كما عرفت بعض ترجمته في المقدّمة(٣) .

فإذا كان خبر استثناء باب أبي بكر بهذا الحال من الضعف ، لم يصلح للاحتجاج به على استثنائه ، فضلا عن أن يعارض به أخبار استثناء باب أمير المؤمنين المستفيضة أو المتواترة.

وأعجب من القول بمعارضته لها دعوى ابن الجوزي وضعها لأجله ، لكنّه ذكر منها ثمانية ، كما ستعرف(٤) .

وذكر السيوطي في « اللآلئ المصنوعة » ما يزيد على ثلاثين حديثا منها هذه الثمانية(٥) .

ولنذكر منها ما يدلّ على أنّ استثناء باب عليّعليه‌السلام ؛ لطهارته وجواز أن يجنب في المسجد أو يمرّ فيه جنبا ، ولكونه من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بمنزلة

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٥ / ٤٤٢ ـ ٤٤٣ رقم ٦٧٨٨ ، تهذيب التهذيب ٦ / ٤٣١ ـ ٤٣٢ رقم ٥٦٣١ ، وانظر : معرفة الرجال ـ ليحيى بن معين ـ ١ / ٦٩ رقم ١٥٦ ، الضعفاء والمتروكين ـ للنسائي ـ : ١٩٧ رقم ٥١٠ ، الجرح والتعديل ـ لابن أبي حاتم ـ ٧ / ٨٤ ـ ٨٥ رقم ٤٧٩.

(٢) صحيح البخاري ٥ / ١٥٣ ـ ١٥٤ ح ٣٨٦.

(٣) راجع : ج ١ / ٧٦ رقم ٢٣.

(٤) انظر : الموضوعات ١ / ٣٦٣ ـ ٣٦٧.

(٥) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣١٧ ـ ٣٢٤.

١١١

هارون من موسى ؛ لتعرف عدم صحّة استثناء باب أبي بكر.

فمنها : ما حكاه عن ابن حجر في « القول المسدّد » ، عن أحمد والنسائي ، بسنديهما عن ابن عبّاس ، قال في حديث سدّ الأبواب إلّا باب عليّ : « فكان يدخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس له طريق آخر ».

ثمّ قال ابن حجر : وأخرجه الكلاباذي في « معاني الأخبار » ، ثمّ ذكر له طريقا آخر.

وأخرجه ابن الجوزي في « الموضوعات » ، من طريق أبي نعيم ، ثمّ ذكر له طريقا آخر أيضا(١) .

ومنها : ما حكاه عن ابن حجر أيضا ، عن الطبراني في « الكبير » ، بسنده عن جابر بن سمرة ، قال : أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بسدّ الأبواب كلّها غير باب عليّ ، فقال العبّاس : يا رسول الله! قدر ما أدخل وحدي [ واخرج ]؟!

قال :ما أمرت بشيء من ذلك ؛ فسدّها [ كلّها ] غير باب عليّ.

قال : وربّما مرّ وهو جنب(٢) .

ومنها : ما حكاه عن أبي نعيم في « فضائل الصحابة » ، بسنده عن بريدة الأسلمي ، قال : أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بسدّ الأبواب ، فشقّ ذلك على أصحابه ، فلمّا بلغ ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا الصلاة جامعة ، حتّى إذا

__________________

(١) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣١٩ ، وانظر : القول المسدّد : ٥٥ ، مسند أحمد ١ / ٣٣١ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ١١٩ ح ٨٤٢٨ ، الموضوعات ١ / ٣٦٤ ، حلية الأولياء ٤ / ١٥٣ رقم ٢٥٨.

(٢) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣١٩ ـ ٣٢٠ ، وانظر : القول المسدّد : ٥٥ ـ ٥٦ ، المعجم الكبير ٢ / ٢٤٦ ح ٢٠٣١.

١١٢

اجتمعوا صعد المنبر ، ولم نسمع لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تحميدا وتعظيما في خطبة مثل يومئذ ، فقال :

أيّها الناس! ما أنا سددتها ولا أنا فتحتها بل الله فتحها وسدّها.

ثمّ قرأ :( وَالنَّجْمِ إِذا هَوى * ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى * وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلأَوَحْيٌ يُوحى ) (١) .

فقال رجل : دع لي كوّة تكون في المسجد؟

فأبى ، وترك باب عليّ مفتوحا ، فكان يدخل ويخرج منه وهو جنب(٢) .

ومنها : ما حكاه أيضا عن أبي نعيم في « الفضائل » ، بسنده عن ابن مسعود ، قال : « انتهى إلينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات ليلة ونحن في المسجد جماعة من الصحابة ، فينا أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وحمزة ، وطلحة ، والزبير ، وجماعة من الصحابة بعدما صلّيت العشاء ، فقال : ما هذه الجماعة؟!

قالوا : يا رسول الله قعدنا نتحدّث ، منّا من يريد الصلاة ، ومنّا من ينام.

فقال :إنّ مسجدي لا ينام فيه ، انصرفوا إلى منازلكم ، ومن أراد الصلاة فليصلّ في منزله راشدا ، ومن لم يستطع فلينم ، فإنّ صلاة السرّ تضعف على صلاة العلانية.

__________________

(١) سورة النجم ٥٣ : ١ ـ ٤.

(٢) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣٢١ ، وانظر : فضائل الخلفاء الأربعة ـ لأبي نعيم ـ : ٧١ ـ ٧٢ ح ٥٩.

١١٣

فقمنا فتفرّقنا وفينا عليّ بن أبي طالب ، فقام معنا ، فأخذ بيد عليّ وقال :أمّا أنت فإنّه يحلّ لك في مسجدي ما يحلّ لي ، ويحرم عليك ما يحرم عليّ.

فقال له حمزة بن عبد المطّلب : يا رسول الله! أنا عمّك ، وأنا أقرب إليك من عليّ.

قال :صدقت يا عمّ ، إنّه والله ما هو عنّي ، إنّما هو عن الله عزّ وجلّ »(١) .

ومنها : ما حكاه عن ابن الجوزي في « الموضوعات » ، عن أبي نعيم(٢) ، بسنده عن ابن عبّاس ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ :إنّ موسى سأل ربّه أن يطهّر مسجده لهارون وذرّيّته ، وإنّي سألت الله أن يطهّر مسجدي لك ولذرّيّتك من بعدك.

ثمّ أرسل إلى أبي بكر أن سدّ بابك ، فاسترجع وقال : سمعا وطاعة ؛ فسدّ بابه.

ثمّ [ أرسل ] إلى عمر كذلك.

ثمّ صعد المنبر فقال :ما أنا سددت أبوابكم ، ولا فتحت باب عليّ ، ولكنّ الله سدّ أبوابكم وفتح باب عليّ (٣) .

__________________

(١) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣٢٢ ، وانظر : فضائل الخلفاء الأربعة ـ لأبي نعيم ـ : ٧٢ ـ ٧٣ ح ٦٠.

(٢) كذا في الأصل ، وهو سهو ، فلم ينقله ابن الجوزي عن أبي نعيم ، وربّما جاء هذا نتيجة استطراد الشيخ المظفّرقدس‌سره في النقل عمّن نقل عن أبي نعيم كما في الموردين السابقين ، كما إنّنا لم نجد الحديث عند أبي نعيم ؛ فلاحظ!

(٣) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣١٧ ـ ٣١٨ ، وانظر : الموضوعات ١ / ٣٦٤ ـ ٣٦٥.

١١٤

ومنها : ما حكاه أيضا عن ابن الجوزي ، عن ابن مردويه ، بسنده عن أبي سعيد ، أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليّ :لا يحلّ لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك (١) .

ثمّ حكاه السيوطي ، عن الترمذي ، وعن البيهقي في « سننه » من طريقين(٢) .

قال البيهقي(٣) : وقد ورد من طرق.

ثمّ حكاه السيوطي ، عن البزّار ، بسنده عن سعد(٤) .

أقول : وقد وجدت الحديث في فضائل عليّعليه‌السلام من سنن الترمذي وحسّنه(٥) .

ومنها : ما حكاه عن ابن منيع في « مسنده » ، عن جابر ، قال : جاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن مضطجعون في المسجد ، فضربنا بعسيب(٦) كان بيده رطبا وقال :ترقدون في المسجد؟! إنّه لا يرقد فيه!

__________________

(١) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣٢٢ ، وانظر : الموضوعات ١ / ٣٦٧ ـ ٣٦٨.

(٢) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣٢٣ ، وانظر : سنن الترمذي ٥ / ٥٩٨ ح ٣٧٢٧ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٧ / ٦٦ كتاب النكاح / باب دخوله المسجد جنبا.

(٣) كذا في الأصل ، وهو تصحيف ، والصواب « السيوطي » ، انظر اللآلئ المصنوعة ١ / ٣٢٣.

(٤) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣٢٣ ، وانظر : مسند البزّار ٤ / ٣٦ ح ١١٩٧ ، مجمع الزوائد ٩ / ١١٥.

(٥) سنن الترمذي ٥ / ٥٩٨ ح ٣٧٢٧.

(٦) العسيب : جريدة من النخل مستقيمة دقيقة يكشط خوصها ، والعسيب من السعف : فويق الكرب ممّا لا ينبت عليه الخوص ؛ انظر : لسان العرب ٩ / ١٩٧ ـ ١٩٨ مادّة « عسب ».

١١٥

فانجفلنا(١) وانجفل معنا عليّ ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :يا عليّ! إنّه يحلّ لك في المسجد ما يحلّ لي (٢) .

ومنها : ما حكاه عن ابن أبي شيبة ، بسنده عن أمّ سلمة رضي الله عنها ، قالت : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا إنّ مسجدي حرام على كلّ حائض من النساء ، وكلّ جنب من الرجال ، إلّا على محمّد وأهل بيته : عليّ وفاطمة والحسن والحسين (٣) .

ويعضد هذه الأخبار ويفيد مفادها أخبار عديدة ، منها : حديث عمر السابق المروي بطرق كثيرة ، كما سمعت(٤) .

فظهر حلّيّة المسجد لعليّعليه‌السلام جنابة ونوما ؛ وليس هو إلّا لطهارة نفسه القدسيّة طهارة لا يدنّسها ما يدنّس غيره ؛ فكيف يستثنى باب أبي بكر ، وهو من سائر الناس؟!

بل في بعض الأخبار أنّ عليّاعليه‌السلام مطهّر للمسجد ؛ ففي « كنز العمّال »(٥) ، عن البزّار ، عن عليّعليه‌السلام ، قال : أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيدي فقال :إنّ موسى سأل ربّه أن يطهّر مسجده بهارون ، وإنّي سألت ربّي أن يطهّر مسجدي بك وبذريّتك.

__________________

(١) إنجفل القوم انجفالا : هربوا بسرعة وانقلعوا كلّهم ومضوا ؛ انظر : لسان العرب ٢ / ٣٠٩ مادّة « جفل ».

(٢) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣٢٣.

(٣) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣٢٣ ؛ وانظر : السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٧ / ٦٥ ، تاريخ أصبهان ١ / ٣٤٤ رقم ٦٢٥ ، تاريخ دمشق ١٤ / ١٦٦ ، كنز العمّال ١٢ / ١٠١ ح ٣٤١٨٢ و ٣٤١٨٣.

(٤) راجع الصفحتين ١٠٩ و ١١٠ من هذا الجزء.

(٥) ص ٤٠٨ من ج ٦ [ ١٣ / ١٧٥ ح ٣٦٥٢١ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : مسند البزّار ٢ / ١٤٤ ح ٥٠٦.

١١٦

ثمّ أرسل إلى أبي بكر أن سدّ بابك ، فاسترجع ثمّ قال : سمعا وطاعة ؛ فسدّ بابه ، ثمّ أرسل إلى عمر ، ثمّ أرسل إلى العبّاس ، بمثل ذلك ، ثمّ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أنا سددت أبوابكم وفتحت باب عليّ ، ولكنّ الله فتح باب عليّ وسدّ أبوابكم.

وبالجملة ، لا وجه لاستثناء باب أبي بكر ، وهو ليس ممّن طهّرهم الله من الرجس حتّى يحسن دخوله المسجد جنبا ، ولا هو من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بمنزلة هارون من موسى حتّى يجمل إلحاقه به.

فيكون ما دلّ على استثناء بابه باطلا ، ولا سيّما مع ضعفه سندا ، ومعارضته بالأخبار المصرّحة بسدّ بابه وباب من هو أولى منه بالرعاية والكرامة ، وهو حمزة أسد الله وأسد رسوله ، والعبّاس عمّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حتّى إنّ العبّاس طلب فتح بابه قدر ما يدخل وحده فمنعه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ومنع حتّى الكوّة(١) .

وبذلك علم فضل أمير المؤمنينعليه‌السلام على جميع الصحابة ، فيكون أولاها بالإمامة.

واعلم أنّه قد تضمّن كلام السيوطي في « اللآلئ » الجواب عن دعوى ابن الجوزي وضع الأحاديث الدالّة على استثناء باب عليّعليه‌السلام ، وذكر في الأثناء ردّ ابن حجر لابن الجوزي ، فلنذكر ما بيّنه السيوطي ملخّصا

فإنّه نقل فيها عن ابن الجوزي في « الموضوعات » ثمانية أحاديث :

__________________

(١) الكوّة ـ بالضمّ ـ : هي نقب البيت ، أو الخرق في الحائط والثقب بالبيت ، أو الموضع الضيّق ونحوه.

انظر مادّة « كوى » في : الصحاح ٦ / ٢٤٧٨ ، الفائق في غريب الحديث ٣ / ٢٨٥ ، لسان العرب ١٢ / ١٩٨.

١١٧

حديثان منها لأحمد في مسنده ، أحدهما عن سعد بن أبي وقّاص ، والآخر عن ابن عمر(١)

وحديثان للنسائي ، أحدهما عن سعد ، والآخر عن زيد بن أرقم(٢)

وحديثان لأبي نعيم ، كلاهما عن ابن عبّاس(٣)

وحديث للخطيب ، عن جابر بن عبد الله(٤)

وحديث لابن مردويه ، عن أبي سعيد(٥) .

وقد زعم ابن الجوزي أنّ هذه الأحاديث جميعا باطلة موضوعة ، قال : « هي من وضع الرافضة ، قابلوا بها حديث أبي بكر في الصحيح »(٦) .

ثمّ نقل السيوطي عن ابن حجر في « القول المسدّد في الذبّ عن مسند أحمد » أنّه قال : « قول ابن الجوزي في الحديث إنّه باطل [ وانّه ] موضوع ، دعوى لم يستدل عليها إلّا بمخالفة الحديث الذي في الصحيحين ، وهذا إقدام على ردّ الأحاديث الصحيحة بمجرّد التوهّم ».

ثمّ قال : « وهذا الحديث مشهور ، له طرق متعدّدة ، كلّ طريق منها

__________________

(١) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣١٧ ، الموضوعات ١ / ٣٦٣ و ٣٦٤ ، وانظر : مسند أحمد ١ / ١٧٥ و ٢ / ٢٦.

(٢) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣١٧ و ٣١٨ ، الموضوعات ١ / ٣٦٣ و ٣٦٥ ، وانظر : السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ١١٨ ح ٨٤٢٣ ـ ٨٤٢٦.

(٣) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣١٧ ، الموضوعات ١ / ٣٦٤ ، وانظر : حلية الأولياء ٤ / ١٥٣ رقم ٢٥٨ ترجمة عمرو بن ميمون الأسدي.

(٤) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣١٨ ، الموضوعات ١ / ٣٦٥ ، وانظر : تاريخ بغداد ٧ / ٢٠٥ رقم ٣٦٦٩.

(٥) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣٢٢ ، الموضوعات ١ / ٣٦٧ ـ ٣٦٨ ، وانظر : سنن الترمذي ٥ / ٥٩٨ ح ٣٧٢٧.

(٦) الموضوعات ١ / ٣٦٦.

١١٨

على انفراده لا يقصر عن رتبة الحسن ، ومجموعها ممّا يقطع بصحّته على طريقة كثير من أهل الحديث »(١) .

ثمّ نقل ابن حجر عن البزّار أنّ الروايات فيه جاءت من وجوه بأسانيد حسان(٢) .

ثمّ ذكر ابن حجر جملة أخرى من طرق الحديث ، تزيد على الطرق التي ذكرها ابن الجوزي ، وقد صحّح هو بعضها(٣) ، وصحّح الحاكم بعضها(٤) ، وروى أحمد بعضها(٥) ، والضياء في « المختارة »(٦) ، وغيرهم من عظماء علمائهم(٧) .

وفي أثناء ذلك تعرّض للجواب عن طعن ابن الجوزي في أسانيد الأخبار التي ذكرها وخطّأه في ما أعلّها به ، وذكر أنّ بعضا من رجال هذه الأسانيد قد صحّح له الترمذي ، ووثقه غير واحد ، وبعضهم من رجال مسلم(٨) .

ثمّ قال : « فهذه الطرق المتضافرة بروايات الثقات تدلّ على أنّ

__________________

(١) القول المسدّد : ٥٣ ، وانظر : اللآلئ المصنوعة ١ / ٣١٨ ـ ٣١٩.

(٢) القول المسدّد : ٥٣ ، وانظر : اللآلئ المصنوعة ١ / ٣١٩.

(٣) القول المسدّد : ٥٢ ـ ٥٨ ، اللآلئ المصنوعة ١ / ٣١٩ ـ ٣٢٠.

(٤) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٥ ح ٤٦٣١ و ٤٦٣٢ ، اللآلئ المصنوعة ١ / ٣١٩.

(٥) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣١٩ و ٣٢١ ، مسند أحمد ٤ / ٣٦٩ وج ٢ / ٢٦ وج ١ / ١٧٥ و ٣٣١.

(٦) كما في القول المسدّد : ٥٤.

(٧) انظر الصفحة ١٠٥ ه‍ ٢ من هذا الجزء.

(٨) القول المسدّد : ٥٤.

١١٩

الحديث صحيح »(١) .

إلى أن قال : « ولو فتح هذا الباب لردّ الأحاديث لأدّعى(٢) في كثير من الأحاديث الصحيحة البطلان ، ولكن يأبى الله ذلك والمؤمنون »(٣) .

ثمّ ذكر السيوطي بعد انتهاء هذا الكلام من ابن حجر سبعة طرق أخر للحديث ، ثمّ نقل بعدها حديث ابن مردويه الذي ذكره ابن الجوزي في « الموضوعات »(٤) الذي أشرنا إليه(٥) .

ثمّ أورد له ثمانية طرق أخر ، فكان جميع طرق الحديث في « اللآلئ المصنوعة » ما يناهز الأربعين طريقا ، مسندة إلى جماعة من الصحابة ، منهم : أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وابن عبّاس ، وسعد بن أبي وقّاص ، وزيد بن أرقم ، وجابر بن عبد الله ، وابن مسعود ، وابن عمر ، وأبو سعيد ، وأنس ابن مالك ، وبريدة الأسلمي ، وجابر بن سمرة ، وأمّ سلمة ، وعائشة(٦)

مضافا إلى البراء بن عازب ، وحذيفة بن أسيد ، على ما في حديث ابن المغازلي ، المشتمل سنده عليهما وعلى جماعة آخرين ممّن عرفت ، وقد ذكره في الباب السابع عشر من « ينابيع المودّة » مع عدّة أخبار ، ومضافا إلى عمر ، كما سمعته في رواية الحاكم وغيره من طرق مرويّة عنه(٧) .

__________________

(١) القول المسدّد : ٥٦ ، وانظر : اللآلئ المصنوعة ١ / ٣٢٠.

(٢) كذا الأصل ، ولعلّه تصحيف ؛ وفي المصدر : لأدّعي.

(٣) القول المسدّد : ٥٧ ، وانظر : اللآلئ المصنوعة ١ / ٣٢٠.

(٤) الموضوعات ١ / ٣٦٧ ـ ٣٦٨.

(٥) انظر الصفحة ١١٨ ه‍ ٥ من هذا الجزء.

(٦) اللآلئ المصنوعة ١ / ٣٢٠ ـ ٣٢٤.

(٧) مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٢٢٦ ـ ٢٣١ ح ٣٠٣ ـ ٣٠٩ ، ينابيع المودّة ١ / ٢٥٧ ـ ٢٦٠ ح ١ ـ ١٠.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582