موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ١

موسوعة الأسئلة العقائديّة3%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-01-0
الصفحات: 576

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 576 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 227224 / تحميل: 6765
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠١-٠
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

أبي طالب على أكمل وجه

د ـ من إخبار المطّلعين على أحواله عن قرب وعن حسّ ، كأهل بيته ، ومن يعيشون معه ، وقد قلنا : إنّهم مجمعون على ذلك

بل إنّ نفس القائلين بكفره لمّا لم يستطيعوا إنكار مواقفه العملية ، ولا الطعن بتصريحاته اللسانية حاولوا : أن يشبّهوا على العامّة بكلام مبهم لا معنى له ؛ فقالوا : إنّه لم يكن منقاداً !!

ومن أجل أن نوفي أبا طالب بعض حقّه ، نذكر بعض ما يدلّ على إيمانه ، ونترك سائره ، وهو يعدّ بالعشرات ، لأنّ المقام لا يتّسع لأكثر من أمثلة قليلة معدودة ، وهي :

١ ـ قال العباس : يا رسول الله ، ما ترجو لأبي طالب ؟ قال :« كلّ الخير أرجوه من ربّي » (١)

٢ ـ قال ابن أبي الحديد : « روي بأسانيد كثيرة ، بعضها عن العباس بن عبد المطّلب ، وبعضها عن أبي بكر بن أبي قحافة : أنّ أبا طالب ما مات حتّى قال : لا إله إلّا الله ، محمّد رسول الله »(٢)

٣ ـ كتب أمير المؤمنينعليه‌السلام رسالة مطوّلة لمعاوية جاء فيها :« ليس أُمية كهاشم ، ولا حرب كعبد المطّلب ، ولا أبو سفيان كأبي طالب ، ولا المهاجر كالطليق ، ولا الصريح كاللصيق » (٣)

فإذا كان أبو طالب كافراً ، وأبو سفيان مسلماً ، فكيف يفضّل الكافر على المسلم ، ثمّ لا يردّ عليه ذلك معاوية بن أبي سفيان ؟!

______________________

(١) كنز العمّال ١٢ / ٨٢ و ١٥٣ ، الغدير ٧ / ٣٧٣ و ٣٨٦ ، الطبقات الكبرى ١ / ١٢٥ ، تاريخ مدينة دمشق ٦٦ / ٣٣٦ ، أنساب الأشراف : ٢٥

(٢) خصائص أمير المؤمنين : ٣٨ ، شرح نهج البلاغة ١٤ / ٧١ ، الغدير ٧ / ٣٦٩

(٣) شرح نهج البلاغة ٣ / ١٧ و ١٥ / ١١٧ ، الغدير ٣ / ٢٥٤ ، وقعة صفّين : ٤٧١ ، الإمامة والسياسة ١ / ١٣٨ ، المناقب : ٢٥٦

٢٠١

٤ ـ ورد عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله :« إذا كان يوم القيامة شفعت لأبي وأُمّي ، وعمّي أبي طالب ، وأخ لي كان في الجاهلية » (١)

٥ ـ وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضاً :« إنّ الله عزّ وجلّ قال له على لسان جبرائيل : حرّمت النار على صلب أنزلك ، وبطن حملك ، وحجر كفلك »

أمّا الصلب فعبد الله ، وأمّا البطن فآمنة ، وأمّا الحجر فعمّه ـ يعني أبا طالب ، وفاطمة بنت أسد ـ وبمعناه غيره مع اختلاف يسير(٢)

« ـ السعودية ـ »

كذب حديث الضحضاح :

س : ما هو رأيكم حول حديث الضحضاح ، وهو ما نقله بعض كتب العامّة مستدلاً به على عدم إيمان أبي طالب ، وهو كالآتي : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن أبي طالب : « وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح » أو : « لعلّه تنفعه شفاعتي يوم القيامة ، فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه »(٣) ؟

ج : هذا الحديث مردود وغير مقبول سنداً ودلالة لأمرين :

الأوّل : رواة هذا الحديث ضعفاء في غاية الضعف ، وهم سفيان بن سعيد الثوري ، وعبد الملك بن عمير ، وعبد العزيز بن محمّد الدراوردي ، وهم بين مدلّس ، وسيء الحفظ ، وضعيف ، وكثير الغلط ، ومخلّط و(٤)

إذاً ، هذا الحديث ساقط من حيث السند ، ولا يمكن الاستدلال به على المدّعى

______________________

(١) الغدير ٧ / ٣٧٨ ، تاريخ مدينة دمشق ٦٦ / ٣٤٠ ، الإصابة ٧ / ٢٠٣

(٢) الكافي ١ / ٤٤٦ ، الأمالي للشيخ الصدوق : ٧٠٣ ، روضة الواعظين : ٦٧ ، الجواهر السنية : ٢١٨ ، الغدير ٧ / ٣٧٨ ، ينابيع المودّة ٢ / ٣٣١

(٣) صحيح مسلم ١ / ١٣٥ ، المستدرك على الصحيحين ٤ / ٥٨١

(٤) ميزان الاعتدال ٢ / ١٦٩ و ٦٦٠ و ٦٣٣

٢٠٢

الثاني : مضمون هذا الحديث يصطدم مع دلالة عشرات الأحاديث والأخبار التي تصرّح وتشير إلى إيمان أبي طالبعليه‌السلام ، وبهذا تسقط دلالته عن الحجّية لأجل التعارض المذكور

وبالجملة : فالحديث المذكور هو من وضع النواصب ، يظهرون به حقدهم للنيل من شخصية الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فلو كان أبو طالبعليه‌السلام أباً لأحد خلفاء الجور لم تثار حوله هذه التهم والأكاذيب

والذي نرويه في أبي طالب : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال على جنازته :« وصلت رحماً وجزيت خيراً يا عم ، فلقد ربّيت ، وكفلت صغيراً ، ونصرت وأزرت كبيراً » (١) ، وتألّم كثيراً على موته

وروي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال :« يا يونس ما يقول الناس في إيمان أبي طالب » ؟ قلت : جعلت فداك يقولون : هو في ضحضاح من نار يغلي منها أُمّ رأسه ، فقال :« كذب أعداء الله ، أنّ أبا طالب من رفقاء النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أُولئك رفيقا » (٢)

وروي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه كان جالساً في الرحبة ، والناس حوله ، فقام إليه رجل فقال له : يا أمير المؤمنين إنّك بالمكان الذي أنزلك الله ، وأبوك معذّب في النار ، فقال له :« مه ، فضَّ الله فاك ، والذي بعث محمّداً بالحقّ نبيّاً ، لو شفع أبي في كلّ مذنب على وجه الأرض لشفّعه الله ، أبي معذّب في النار وابنه قسيم الجنّة والنار ، والذي بعث محمّداً بالحقّ إنّ نور أبي طالب يوم القيامة ليطفئ أنوار الخلائق إلّا خمسة أنوار ، نور محمّد ونور فاطمة ، ونور الحسن والحسين ، ونور ولده من الأئمّة ، إنّ نوره من نورنا ، خلقه الله من قبل خلق آدم بألفي عام » (٣)

وروي عن الإمام الصادقعليه‌السلام قيل له : إنّ الناس يزعمون أنّ أبا طالب في
______________________

(١) شرح الأخبار ٢ / ٥٥٧ ، إعلام الورى ١ / ٢٨٢

(٢) كنز الفوائد : ٨٠

(٣) الأمالي للشيخ الطوسي : ٣٠٥ و ٧٠٢

٢٠٣

ضحضاح من نار ، فقال : « كذبوا ، ما بهذا نزل جبرائيل على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله » ، قلت : وبما نزل ؟ قال :« أتى جبرائيل في بعض ما كان عليه ، فقال : يا محمّد إنّ ربّك يقرؤك السلام ، ويقول لك : إنّ أصحاب الكهف اسرّوا الإيمان واظهروا الشرك ، فآتاهم الله أجرهم مرّتين ، وإنّ أبي طالب أسرّ الإيمان وأظهر الشرك ، فأتاه أجره مرّتين ، وما خرج من الدنيا حتّى أتته البشارة من الله تعالى بالجنّة »

ثمّ قالعليه‌السلام :« كيف يصفونه بهذا وقد نزل جبرائيل ليلة مات أبو طالب : يا محمّد أخرج عن مكّة ، فما لك بها ناصر بعد أبي طالب » (١)

فهل من الصحيح أن نصدّق هؤلاء الرواة الكذّابين والمدلّسين في روايتهم هذه ؟ ونكذّب أهل البيتعليهم‌السلام الذين طهّرهم الله تطهيراً ؟

« محمّد ـ ـ »

ردّ بعض التهم الموجّهة إليه :

س : ما تقولون حول هذه الآية :( وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ) (٢)

فقد زعم بعض العامّة أنّها نزلت في أبي طالب ، إذ كان هو يمنع الأذى عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكن في نفس الوقت لم يؤمن به ، وهذا الإدعاء جاء في كتبهم اعتماداً على بعض الروايات(٣) ؟

ج : هذا أيضاً من المزاعم المكذوبة في سبيل دعم الباطل ، ولا يبتني على هذا
______________________

(١) بحار الأنوار ٣٥ / ١١٢

(٢) الأنعام : ٢٦

(٣) المستدرك على الصحيحين ٢ / ٣١٥ ، مجمع الزوائد ٧ / ٢٠ ، المعجم الكبير ١٢ / ١٠٤ ، جامع البيان ٧ / ٢٢٨ ، أسباب نزول الآيات : ١٤٤ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ / ٤٠٦ تفسير القرآن العظيم ٢ / ١٢٣ ، الدرّ المنثور ٣ / ٨ ، فتح القدير ٢ / ١٠٨ ، الطبقات الكبرى ١ / ١٢٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٦٦ / ٣٢٣ ، الإصابة ٧ / ١٩٧ ، أنساب الأشراف : ٢٦ ، البداية والنهاية ٣ / ١٥٥ ، سبل الهدى والرشاد ٢ / ٤٣١

٢٠٤

أيّ أساس علمي متين ، فإنّ الرواية المزعومة في الموضوع هي مرسلة فلا تكون حجّة ، هذا أوّلاً

ثانياً : إنّ الرواة المذكورين في الرواية لا يمتلكون المواصفات اللازمة للوثاقة ، فحبيب بن أبي ثابت كان مدلّساً ، ومغموزاً ، ولا يتابع على أحاديثه(١)

وسفيان الثوري أيضاً كان مدلّساً ، ويكتب عن الكذّابين(٢) ، ثمّ مع هذا هل يبقى أدنى شكّ في كذب الحديث ؟!!

ثالثاً : ورد عن ابن عباس بعدّة طرق ، ما يدلّ على أنّ الآية نزلت في حقّ مطلق المشركين بنحو عامّ ، وأيضاً جاء هذا التفسير الصحيح للآية عن الآخرين(٣)

وبهذا يظهر القول الفصل في الآية ، ويفنّد مزاعم الكذّابين

رابعاً : الظهور الأوّلي المتبادر من الآية ـ بغض النظر عن الروايات والتفاسير ـ هو أنّ الفعلين المذكورين في الآية ينهون وينأون على نمط واحد في جهة الإيجاب أو السلب ، فلا يتبادر من الآية أنّ الفعل الأوّل ـ ينهون ـ هو أمر إيجابي ومطلوب ، وفي نفس الوقت الفعل الثاني ينأون مذموم ومردود ، بل الاثنان هما من طبيعة عمل الكفّار في قبال الإسلام والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهذا ما يؤيّده أيضاً سياق الآيات السابقة عليها ، إذ تصرّح بأنّ موضوع الآية هم الكفّار

خامساً : إنّ الرواية المزعومة متعارضة مع الأدلّة الصريحة على إيمان أبي طالب ، فيسقط الحديث المذكور عن الحجّية

______________________

(١) الثقات ٤ / ١٣٧ ، التبيين لأسماء المدلّسين : ١٩ ، تهذيب التهذيب ٢ / ١٥٧ ، طبقات المدلّسين : ٣٧ ، تقريب التهذيب ١ / ١٨٣

(٢) تهذيب التهذيب ٤ / ١٠٢ ، الجرح والتعديل ٤ / ٢٢٥ ، طبقات المدلّسين : ٣٢ ، تقريب التهذيب ١ / ٣٧١

(٣) جامع البيان ٧ / ٢٢٧ ، أسباب نزول الآيات : ١٤٤ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ / ٤٠٥ ، تفسير القرآن العظيم ٢ / ١٣٢ ، الدرّ المنثور ٣ / ٩ ، تفسير الثعالبي ٢ / ٤٥٤ ، البداية والنهاية ٣ / ١٥٥ ، السيرة النبوية لابن كثير ٢ / ١٣١

٢٠٥
٢٠٦

أبو هريرة :

« محمود عبد إبراهيم ـ ـ »

مناقضته لصريح الكتاب في خلق السماوات والأرض :

س : عن أبي هريرة قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « خلق الله عزّ وجلّ التربة يوم السبت ، وخلق فيها الجبال يوم الأحد ، وخلق الشجر يوم الاثنين ، وخلق المكروه يوم الثلاثاء ، وخلق النور يوم الأربعاء ، وبثّ فيها الدواب يوم الخميس ، وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة ، في آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة ، فيما بين العصر إلى الليل »(١) ، أخرجه مسلم ، فكيف تقولون ستّة أيام ؟

حيث ورد ذلك في موقعكم في كتاب : أين سنّة الرسول ؟ للمحامي أحمد حسين يعقوب : لقد فشلت الموازين التي أوجدها علماء دولة الخلافة ، فحديث خلق الله السماوات والأرض في سبعة أيّام صحيح حسب كلّ موازين علماء دولة الخلافة ، فقد قال أبو هريرة : بأنّ الرسول قد أخذ بيده وقال له ! وإسناده من أوّله إلى آخره صحيح حسب موازينهم ، ورجاله كلّهم ثقات حسب موازينهم ، وأبو هريرة صحابي ، ومن العدول حسب تلك الموازين ، ومن المحال عقلاً أن يكذّب على رسول الله ؟ حسب الموازين الله سبحانه تعالى يؤكّد في أكثر من آية محكمة ، أنّه قد خلق السماوات والأرض في ستّة أيّام ، والرسول لا ينطق عن الهوى ، بل يتبع ما يوحى إليه من ربّه ، فمن نصدّق حسب رأيكم ؟ هل نصدّق القرآن ؟ أو نصدّق موازينكم !!

______________________

(١) صحيح مسلم ٨ / ١٢٧

٢٠٧

وهل يعقل أن يناقض الوحي نفسه !! ومعنى ذلك أنّ الخلل يكمن في الموازين لا في الدين !!(١) ، الرجاء الإجابة

ج : إنّ الحديث المروي عن أبي هريرة ظاهر وصريح في تعداد سبعة أيّام ، بالأخصّ عند ملاحظة أنّه ينصّ على ذكر الأيّام ، فيقول : خلق الله التربة يوم السبت ، وخلق يوم الأحد ، وخلق يوم الاثنين ، وخلق يوم الثلاثاء ، وخلق يوم الأربعاء ، وبثّ يوم الخميس ، وخلق يوم الجمعة ، فكلّ من له أدنى معرفة بالحساب ، وبأوّليات اللغة العربية يدرك جيّداً ، أنّ المراد في الحديث سبعة أيّام

ويؤيّد مدّعانا ما وقع فيه علماء الحديث ، من خلط وخبط في معنى الحديث ، ولو كان ما ذكرتموه من التأويل له أدنى وجه ، لنصّوا عليه وتخلّصوا من سائر الإشكالات والتوجيهات التي ذكروها ، لا لشيء ، بل لالتزامهم بصحّة كلّ ما ورد في صحيح مسلم

قال ابن كثير : « وهذا الحديث من غرائب صحيح مسلم ، وقد تكلّم عليه علي بن المديني ، والبخاري ، وغير واحد من الحفّاظ ، وجعلوه من كلام كعب ، وأنّ أبا هريرة إنّما سمعه من كلام كعب الأحبار ، وإنّما اشتبه على بعض الرواة فجعلوه مرفوعاً ، وقد حرّر ذلك البيهقي »(٢)

وقال المتّقي الهندي : « وقد تكلّم علماء الحديث حول هذا الحديث ما خلاصته : ذكر ابن القيّم في كتابه المنار المنيف فصل ١٩ ، صفحة ١٥٣ ، ما يلي :

ويشبه هذا ما وقع فيه الغلط من حديث أبي هريرة : خلق الله التربة يوم السبت ، ولكن وقع الغلط في رفعه ، وإنّما هو من قول كعب الأحبار ، كذلك قال إمام أهل الحديث : محمّد بن إسماعيل البخاري في تاريخه الكبير
______________________

(١) أين سنّة الرسول : ٤٠٤

(٢) تفسير القرآن العظيم ١ / ٧٢

٢٠٨

١ / ٤١٣ ، وقاله غيره من علماء المسلمين أيضاً ، وهو كما قالوا ، لأنّ الله أخبر أنّه خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستّة أيّام ، وهذا الحديث يقتضي أنّ مدّة التخليق سبعة أيّام ، والله أعلم »(١)

« علي حسن لاري ـ البحرين ـ ١٥ سنة ـ طالب ثانوية »

ضرب عمر له في مصادر سنّية :

س : من المسلّمات أنّ أبا هريرة كان من الذين كذّبوا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأُمور دنيوية ، كما ممّا لاشكّ فيه : أنّ عمر ضرب أبا هريرة على ذلك ، فهل لنا بمصادر هذه الأُمور من كتب إخواننا أهل السنّة ؟

ج : هناك الكثير من كتب أهل السنّة ذكرت ذلك ، منها : « العقد الفريد » ، حيث جاء فيه : « ثمّ قام إليه بالدرّة فضربه حتّى أدماه »(٢) ، « الإصابة »(٣) ، « شرح نهج البلاغة »(٤) ، وغيرها من المصادر السنّية الأُخرى(٥)

______________________

(١) كنز العمّال ٦ / ١٢٧

(٢) العقد الفريد ١ / ٤٤

(٣) الإصابة ١ / ٧٥

(٤) شرح نهج البلاغة ٤ / ٦٧ و ١٦ / ١٦٥

(٥) ـ أُنظر : أضواء على السنّة المحمدية : ٢٠١ و ٢١٨ ، شيخ المضيرة أبو هريرة : ٨٠

٢٠٩
٢١٠

الاجتهاد والتقليد :

« الهادي ـ ـ »

باب مفتوح ومن هنا ينشأ الاختلاف :

س : لاشكّ في أنّ فقهائنا يستنبطون الأحكام عن الكتاب والسنّة ، وعليه فلماذا هذه الاختلاف في الفتاوى ؟ بحيث ربما يوجب مشاكل للناس ، كالاختلاف في العيد ، وفي أوّل الشهر ، وفي ذبح الحيوانات بالسكين ، بأنّه هل يلزم أن تكون الآلة حديداً أو يجوز بغيره ؟ أجيبونا مشكورين

ج : بعد الإيمان بالله تعالى ، وأنّ له أنبياء ورسل أُنزلت عليهم شرائع ، وسنّت فيها للبشرية قوانين ، وهذه القوانين فيها توضيح لمنهج الحياة الفردية والاجتماعية ، وفيها أوامر ونواهي يلزم على المكلّفين الأخذ بها ، فإذا كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حاضراً فالمكلّف يرجع إليه ، أو إلى نائبه لأخذ الحكم الشرعي منه ، كذلك بعد رحيلهصلى‌الله‌عليه‌وآله يرجع المكلّف إلى أوصيائه ـ وهم الأئمّة الاثني عشر من أهل البيتعليهم‌السلام ، أو نوّابهم ـ

ولكن بعد أن غاب الإمام الثاني عشرعليه‌السلام غيبة كبرى ، أرجع الناس إلى الفقهاء العارفين بالأحكام والمستخرجين لها من الأدلّة التي ذكرها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأهل بيتهعليهم‌السلام ، أو الاجتهاد في تحصيل الحكم الشرعي عن طريق القواعد الكلّية التي طرحت على لسان النبيّ وأوصيائهعليهم‌السلام

وبما أنّ الإرجاع لم ينحصر في فرد معيّن ، وإنّما صار الإرجاع إلى وصف معيّن وهم الفقهاء العارفين بالأحكام ، فكلّ من تواجد فيه هذا الوصف رجع إليه في معرفة الحكم الشرعي ، وعلى ضوء هذا الوصف يتعدّد الموصوف ، أي

٢١١

يتعدّد الفقهاء العارفين بأحكام أهل البيتعليهم‌السلام

وبما أنّ الأذهان مختلفة والأذواق الفقهية متفاوتة ، والنظر إلى الأحكام الشرعية أو القواعد المطروحة متفاوتات ، فمن الطبيعي يحصل التفاوت بين الفقهاء في الفتوى ، ويحصل الاختلاف في الاجتهاد ، وهو كلّه دين بالنسبة إلى المكلّف ، ملزم بالرجوع والأخذ عنه ؛ لأنّ أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام أمروا بذلك ، وهم أعلم وأعرف بالاختلافات وحصولها بين الفقهاء ، ومع ذلك الزمونا بالرجوع إليهم

وأمّا مسألة حصول مشاكل فهذه تحلّ بتحديد الفقيه الذي يرجع إليه المكلّف ، وهو المطلوب لا غير ، والتزام فتاواه والأخذ بها ، وبالتالي لا توجد أيّ مشكلة بالنسبة إليه مادام هو آخذ عن فقيه واحد ، وعالم واحد

نعم لو عمل بالاحتياط مع معرفة طرقه يلزم فيه مشقّة وجهد ؛ لأنّ الفتاوى مختلفة ومتفاوتة ، وفي بعض الأحيان تكون على طرفي نقيض ، فإنّ مثل هذا الشخص يقع في مشكلة التعامل مع الفتاوى ، ومع ذلك توجد هناك طرق وقواعد كلّية يستطيع من خلالها معرفة الاحتياط وكيفية العمل به ، وكيفية التخلّص من المشاكل التي تواجهه حين العمل به

وأمّا المقلّد فقد ذكرنا بأنّه مادام ملزم بالأخذ من فقيه واحد ـ على تفصيل ليس هنا محلّه ـ فلا يقع في أيّ محذور ، ولا توجد لديه أيّ مشكلة

« أبو علياء ـ البحرين ـ »

تقليد فقيه معيّن لا يتنافى مع حرّية الفرد :

س : نحن نعلم : بأنّ التقليد في المذهب الشيعي أمر ضروري ، حيث تمّ النصّ عليه من قبل الإمام الحجّةعليه‌السلام ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو : لماذا يجب على المقلّد أن يلتزم بتقليد فقيه معيّن ؟ ولا يحقّ له الرجوع إلى فقيه آخر ، مادام ذلك الفقيه حيّ يرزق ؟

٢١٢

ألا تعتقد بأنّه نوع من التسلّط على حرّية الفرد ؟ وإلغاء بند من بنود حرّية الفرد ؟

ج : ليس هناك دكتاتورية في توحيد الفقيه الذي يجب تقليده ، وإنّما المسألة يفرضها الشرع والعقل معاً ؛ فإنّ الشارع المقدّس أمر بالرجوع إلى الفقيه ، أي إلى من توفّرت فيه القدرة على الاستنباط ، هذا من جهة

ومن جهة أُخرى تعدّد لدينا الفقهاء ، واختلفوا فيما بينهم في الفتوى ، فما هو موقف المكلّف في هذه الحالة ؟

إنّ العقلاء في مثل هذه الحالة يسيرون بسيرتهم المأخوذة من عقلائيتهم ، وهي الرجوع إلى فقيه واحد ، وهذا الفقيه هو الأعلم والأكثر خبرة من غيره من الفقهاء ؛ حتّى نطمئن بامتثال الحكم الشرعي ؛ لأنّنا ملزمون به ، هذا من جانب

ومن جانب آخر نتخلّص من مسألة الفوضى التي نقطع بعدم رضا الشارع بها ، والتحيّر الذي لا يريده الله ورسوله

فمسألة تقليد فقيه واحد لا تعني الدكتاتورية أو التقييد في الحرّية ، بل مسألة يفرضها العقل والشرع ، وهي تتماشى مع الحرّية ولا تنافيها ؛ لأنّ الحرّية لا تعني الفوضى ، تعني إطلاق إمكانات الفرد لكن ضمن حدود وقيود تفرضها نفسها ، أو يفرضها العمل الذي تقوم به

فافرض أنّ الفرد حرّ ، لكن نفس الحرّية تفرض عليه بأن يراعي حقوق الآخرين ولا يتجاوزها ، وإلّا أصبحت ظلماً وتعدّياً ، وبالتالي وقع التنازع وصار تقاتل بين الحرّيات ، فانقلب الحال من مسألة إطلاق حرّية الفرد إلى قتلها وإلغائها بالمرّة ، وهذا خلف ما تمليه الحرّية

فإذاً لابدّ من ممارسة الحرّية لكن ضمن حدودها المعقولة ، ونطاقها المعيّن الذي تفرض نفسها فيه

٢١٣

« صالح ـ تونس ـ »

عشرة أسئلة في أحكام التقليد :

س : لازلت أطلع على آراء أهل البيتعليهم‌السلام ، وكلّ مرّة أتعرّض لإشكال ، ويبدو أنّ هذا المذهب فيه عديد من الإشكالات ، وقد تصدق الرواية : « إنّ أمرنا صعب مستصعب » ، فبقدر ما يطّلع أكثر بقدر ما تزيد أسئلته واستفهاماته ، فتسقط بعض القناعات ، وتتثبت الأُخرى ، وتنتظر البقية

أرجو سيّدي أن تجيبوني على الأسئلة التالية مأجورين :

١ ـ هل التقليد مسألة ثقافية أم عقائدية ؟ أم من مسلّمات المذهب أم ماذا ؟

٢ ـ متى ظهر التقليد كمبحث ، ومن أوّل من بحث فيه ؟

٣ ـ متى ظهر العمل بالرسائل العملية ، ومن هو أوّل من وضع رسالة عملية ؟

٤ ـ متى ألحق مبحث التقليد في الرسائل الفقهية ؟

٥ ـ بماذا وكيف كان يتعبّد الله قبل ظهور الرسائل العملية والتقليد ؟

٦ ـ إذا كان لابدّ للمكلّف غير المجتهد من التقليد ، لماذا لا يأخذ الحكم أو الفتوى من أيّ مرجع ؟ لأنّ الغاية هو اتباع شرع الله ، بحيث يكون عمله موافقاً للشريعة ؟

٧ ـ كلّ المراجع تقول : إنّ رسائلهم مبرئة للذمّة ، إذا عمل العامي المطابق لإحدى الرسائل ، أو الفتاوى مبرئ للذمّة ، وحين يوم القيامة نقول : اللهم لقد اتبعت فلان الذي شهد بعلمه الكثير ، لا أعتقد أنّ الله سبحانه سيقول : لقد أضلّك فلان ، وسيسأله لماذا لن تتبع زيد أو عمرو ؟

٨ ـ نقول بلزوم التقليد إلّا ما كان من الضروريات ، فما المقصود ؟

٩ ـ ما المقصود بمسلّمات ، ماذا لو خرج عليها المكلّف أو العالم ؟

١٠ ـ إحدى الرسائل العملية تقول : إنّ إحراز الامتثال للتكاليف الإلزامية يتحقّق بأحد أُمور : اليقين التفصيلي ، الاجتهاد ، التقليد ، الاحتياط ، و ، ما المقصود باليقين التفصيلي ؟ وما هي الضروريات التي ينحصر فيها ؟

ج : إنّ رأي الشيعة واضح في كلّ موضوع ومسألة ، وليس فيه أي تعقيد أو إشكال ، نعم قد يرد على البعض في بادئ الأمر موارد يحتاج فيها إلى بحث

٢١٤

وفحص ، وهذه لا تعتبر إشكالاً على آراء الطائفة ، بل غاية الأمر إنّما هي شكوك ترتفع بالسؤال من ذوي الخبرة وأهل العلم ، ولا تضرّ ولا تمسّ أصل العقيدة ، بعدما ثبتت بالأدلّة والبراهين

وأمّا أسئلتكم فنجيب عليها بالترتيب كما يلي :

١ ـ إنّ موضوع التقليد الذي هو مسألة فقهية ولو لم يكن من مسلّمات المذهب والعقيدة ، ولكن لا يقلّل هذا من شأنه ، بعدما ثبت بالأدلّة العقلية ـ فضلاً عن النقلية ـ أنّ التقليد طريق علمي وحيد لمعرفة الأحكام لغير المجتهد والمحتاط

٢ ـ كانت عملية التقليد ـ ولو في مستويات خفيفة ـ موجودة ودائرة عند عامّة الشيعة ، حتّى في زمن الأئمّةعليهم‌السلام لمن لم يتمكّن من الحضور عندهم ، فكان يراجع المحدّثين وعلماء المذهب ، لتلقّي معارف أهل البيتعليهم‌السلام ، وأحكام الدين

نعم ، قد ظهر هذا الأمر على العيان ، بعد الغيبة الكبرى للإمام الحجّةعليه‌السلام ، وخصوصاً بعد غلبة الخطّ الأُصولي على طريقة الإخباريين في الحوزات العلمية ، لكثرة الحاجة إليه ، وازدياد فروع الأحكام في الحياة ، ومحدودية النصوص الموجودة

٣ ـ وكما قلنا ، فليس في الموضوع مبدأ زمني محدّد ، بل الأمر كان من العهود الماضية ، بصيغ وشكليّات مختلفة ، إلى أن انتهى في عصرنا بهذه الكيفية من الرسائل العملية

٤ ـ التقليد هو مفتاح العمل بالأحكام الموجودة في الرسالة ، فينبغي أن تذكر مسائله دائماً في مقدّمتها ، لتسهيل الأمر على المكلّفين

نعم ، قد لم يذكر هذا الموضوع في بعض الرسائل العملية في الأزمنة السابقة ، وذلك اعتماداً منهم على أنّ الأمر مفروغ عنه ، ومتسالم عليه ، وإلّا فكيف تتمّ حجّية فتاوى وآراء المجتهدين للمكلّفين بغير التقليد ؟

٥ ـ أحكام العبادات والمعاملات ـ في زمان غيبة المعصوم ـ لا سبيل إلى

٢١٥

تصحيحها بغير الاجتهاد أو التقليد أو الاحتياط ، وكما قلنا فإنّ الحاجة إلى التقليد كانت ولا تزال قائمة ، وعليه ، فإنّ عملية التقليد والرجوع إلى العلماء ، ومراجعة فتاواهم ليس أمراً مستحدثاً ، بل يتزامن مع حاجة المكلّفين إلى معرفة دينهم وأحكامه

٦ ـ إنّ تقليد الأعلم من المجتهدين مسألة أُصولية ، تبحث وتدرس في مظانّها ، ولا يمكننا التوغّل فيها في هذا المختصر

وبإجمال نقول : إنّ المتيقّن من حجّية قول المجتهدين ، هو قول الأعلم ، وأمّا غير الأعلم ـ وإن كان مجتهداً ـ لا يكون رأيه حجّة على الآخرين ، ولو أنّه يجب عليه أن يعمل مطابقاً لما يراه

ودليل المقام هو : عدم ورود خطاب لفظي حتّى يؤخذ بإطلاقه ، فيكون رأي كلّ مجتهد حجّة ، بل الدليل في المسألة دليل عقلي ، فيجب أن نكتفي بالقدر المتيقّن ـ أي المقدار الأقلّ المتيقّن من دلالة الدليل ـ وهو رأي الأعلم

وفي المسألة آراء وأقوال ، وأخذ ورد لا يسعنا التطرّق إليها ، وما ذكرناه هو رأي المحقّقين فيها

وبعبارة أُخرى : إنّ التقليد هو عبارة عن رجوع غير المختصّ إلى ذوي الاختصاص ، وهذا لا يختصّ في الفقه ، بل بجميع مراحل الحياة ، حيث يرجع كلّ منّا في شتّى المجالات إلى ذوي الاختصاص والخبرة ، والعقل يحكم بالرجوع إلى الأعلم منهم ، والأكثر اختصاصاً ، والأدقّ خبرة

٧ ـ نعم ، بما أنّ المجتهد يرى نفسه أهلاً لتقليد الغير ، فيحكم ببراءة ذمّة المقلّد بالعمل برسالته ، ولكن الكلام في وجه عمل المقلّد في ترجيح هذا أو ذاك ، وبحسب الدليل العقلي يجب عليه أن يبحث عن الأعلم ، حتّى يجوز له العمل على رأيه

ثمّ إنّ كان فحصه هذا وفقاً للأساليب العلمية ـ والتي ذكرت في مقدّمة الرسائل العملية ـ فسوف تكون نتيجته حجّة له وعليه ، فيجوز بل يجب عليه العمل بها واتباعها ، وبهذا نعرف أنّ المؤاخذة يوم القيامة سوف تكون بالنظر إلى حجّة المكلّف ، لا إلى الواقع

٢١٦

٨ ـ التقليد هو في الأحكام غير الضرورية ، والمقصود من الضروريات : ما تسالم عليه أبناء الطائفة وعلماؤها ، وإن لم تكن من أُصول الدين ، كوجوب الصلاة والصوم ، والحجّ وأمثالها ، فإنّها من ضروريات المذهب ، بل الدين ، فلا يجوز التقليد فيها ، بل يجب الاعتقاد القطعي بها

٩ ـ المسلّمات عبارة أُخرى عن الضروريات

١٠ ـ اليقين التفصيلي هو : العلم الوجداني ، وقد يحصل هذا للمكلّف في بعض الأُمور كالضروريات ، ومقدّمات بعض الأحكام ، كرؤية الهلال ـ إذا رآه بنفسه ـ أو حصول القطع والجزم في بعض الموارد

« أحمد زاهر ـ الإمارات ـ »

في نظر السنّة والشيعة :

س : الشيعة تعتقد بأنّ الاجتهاد هو : استنباط الحكم الشرعي من النصّ الشرعي ، فما مفهومه عند إخواننا أهل السنّة ؟

ج : إنّ الاجتهاد عند السنّة والشيعة واحد ، وهو : السعي وبذل الجهد لاستنباط الأحكام الشرعية من أدلّتها التفصيلية ، التي هي : الكتاب والسنّة والإجماع والعقل ، مع أُمور قد تضيفها المدرسة العامّية ، كالقياس والاستحسان وغيرهما

نعم ، يختلفان في الطريقة السلوكية للاجتهاد ، وفي مقدار حجّيته

إذاً ، الاجتهاد بما هو اجتهاد موجود عند الشيعة والسنّة ، ولكن مرحلة الاجتهاد توقّفت عند السنّة ، وانحصرت في أصحاب المذاهب الأربعة ، بينما الاجتهاد عند الشيعة لم يتوقّف لضرورته

ونحن نتساءل : إن كان الاجتهاد غير صحيح ، فلماذا اجتهد أصحاب المذاهب الأربعة في كثير من المسائل ؟ وإن كان صحيحاً ، فلماذا منعت عملية الاجتهاد ؟ ووقفت على هؤلاء ، وأُخمدت بذلك الحركة العلمية ؟

٢١٧

« أحمد ـ كندا ـ »

دليل وجوب التقليد :

س : ما حكم التقليد ؟ وما حكم من لا يقلّد ؟ وما هو الدليل عليهما ؟ وهل كان التقليد في زمن الأئمّةعليهم‌السلام ؟ مع مراعاة أنّهم يختلفون عنّا بالعصمة ، وأنّهم في كلّ زمان مرجع واحد ، أمّا الآن فعدّة مراجع ، بينهم عدّة اختلافات ، ونحن على مذهب واحد ؟

أفيدونا رحمكم الله ، وجعلنا وإيّاكم ممّن يكون مع محمّد وآلهعليهم‌السلام

ج : نحن في زمن المعصومعليه‌السلام نأخذ معالم ديننا من المعصوم مباشرة

أمّا في زمن الغيبة ، فهل التكليف ساقط ؟ الجواب : لا ، لأنّ الآيات القرآنية ، والأحاديث المتواترة ، والعقل ، كلّ هذه تحكم باستمرار التكليف ، وأنّ المخاطب بالتكليف لا ينحصر بمن أدرك المعصوم فقط

إذاً ، التكليف موجود وساري ، ونحن مكلّفون ، فكيف لنا أن نعرف التكليف المتوجّه إلينا ، لنكون وقد بريئي الذمّة أمام الله سبحانه وتعالى ؟

ولمعرفة التكليف أمامنا عدّة خيارات : فإمّا أن يجتهد كلّ واحد منّا ، بحيث يستنبط التكليف المتمثّل بالأحكام الشرعية من الكتاب والحديث ، ويعمل بما توصّل إليه نظره

وإمّا أن نرجع إلى المجتهد الذي استنبط الحكم ، بشرط أن يكون هذا المجتهد الأعلم الأورع الأتقى ، وإمّا أن نحتاط في الأحكام بين آراء المجتهدين

ولكن في الجواب عن سؤال سبب الاختلاف في الفتوى ، فكما قلنا لا يوجد معصوم ، والمجتهد يستنبط الأحكام بالاعتماد على الأدلّة ، والفهم فيما بين بني آدم مختلف ، فمن الضروري أن يحدث الاختلاف ، وهذا الاختلاف في الفتوى في مسائل يسيرة ومعدودة ، تكون ذمّة من عمل بها بريئة أمام الله تعالى ، وإن لم يصبّ الأمر الواقعي

٢١٨

إحسان إلهي ظهير :

« أسد ـ السعودية ـ »

الرادّون عليه :

س : أطلب تزويدي بمعلومات كافية عن الرجل إحسان إلهي ظهير ، وهل هناك من علمائنا من تصدّى له ولمؤلّفاته ؟ أرجو مساعدتي وإرشادي لتلك الكتب إن وجدت

ج : إنّ هذا الرجل من الباكستانيين الضالّين والمضلّين ، الذين تأثّروا بالخطّ الوهّابي ، خلال دراسته في الجامعة الإسلامية في المدينة المنوّرة ، له عدّة كتب ضدّ الشيعة ، كما كانت له مجلّة تصدر في الباكستان ومحاضرات ، وترجمت كتبه إلى عدّة لغات عالمية

ولكن لمن كان له أدنى تأمّل ، ومعرفة بأُصول البحث ، يعلم بدقّة أنّ كتب إحسان الهي ظهير فاقدة لأيّ منهجية ، وخالية عن الأُسس العلمية للمناظرة والحوار ، والدخول في الأبحاث العلمية ، فتارة تراه يفتري على الشيعة ، وينسب إليهم أشياء ، هم لم يسمعوا بها

وتارة تراه يدلّس في النقل ، فينقل الحديث مبتوراً ، أو ينقل منه مقداراً يوهم فيه على القارئ ما يريد إثباته ، ولو نقل الأحاديث بأكملها لكانت خير شاهد على خلاف مدّعاه

وتارة تراه يخلط بين آراء الشيعة الإمامية الإثني عشرية ، وغيرهم من الإسماعيلية والزيدية

وعلى كلّ حال ، فأبحاث هذا الرجل لا يعتمد عليها حتّى علماء أهل السنّة ،

٢١٩

الذين لهم تتبع وتحقيق في المسائل ، لخلوّها كما ذكرنا عن البرهان ، وعدم اتخاذها منهجية التأليف ، نعم تصلح كتبه للتهريج والتغرير للإفهام ، لمن لا إطلاع له بعقائد الشيعة ومبانيها

ولهذا ترى عدم الاهتمام بالردّ على كتبه من قبل العلماء ، لأنّ العالم لا يستطيع أن يبحث مع جاهل محض

ومع هذا ، فقد ردّ عليه البعض بردود صغيرة ، وإشارات إلى تُرّهاته ، لئلّا يضلّ بكتبه أحد ، ممّن لا معرفة له بالعلم وأهله ، فأوّل من تصدّى له في أبحاثه ، الشيخ لطف الله الصافي في كتابه : « صوت الحقّ ودعوة الصدق »

وبعده ألّف كتاب باسم : « الشيعة والسنّة في الميزان » ، وأشار إحسان الهي ظهير إلى هذا الردّ في كتابه : « الشيعة والقرآن »(١)

ثمّ ردّ عليه أحد الكتّاب الباكستانيين بلغة الأردو ، وأشار هو إلى هذا الردّ في كتابه : « الشيعة والقرآن »(٢)

ثمّ ردّ عليه أحد الكتّاب الإيرانيين ـ حقگو ـ باللغة الفارسية ، في كتابه : « حجّت اثنا عشري »

وأفضل ردّ على إحسان الهي ظهير ، هو ضمير كلّ إنسان حرّ ، متعطّش للحقيقة ، وذلك بعد أدنى مراجعة لما ينقله هذا الرجل عن الشيعة ، وتطبيق النقل مع مصادر الشيعة ، ليعرف مدى المغالطة التي استعملها هذا الرجل

« أحمد ـ قطر ـ ٣٦ سنة ـ طالب ثانوية »

لم تقتله الشيعة :

س : هل إحسان الهي ظهير قتله أفراد من الشيعة ؟ وإن كان هذا صحيح ، فهل يجوز قتل مسلم ؟ ولو كانت كتاباته ضدّ الشيعة ، وشكراً

______________________

(١) الشيعة والقرآن : ٨

(٢) المصدر السابق : ٧

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576