موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ١

موسوعة الأسئلة العقائديّة10%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-01-0
الصفحات: 576

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 576 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 240734 / تحميل: 7247
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠١-٠
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

وحين التشييع اعترض النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» نعشه ، وقال برقة وحزن وكآبة : وصلت رحما ، وجزيت خيرا يا عم ، فلقد ربيت وكفلت صغيرا ، ونصرت وآزرت كبيرا(١) .

لماذا لم يأمر بالصلاة عليه؟ :

وإنما لم يأمر عليا «عليه السلام» بالصلاة عليه ، لأن صلاة الجنازة لم تكن فرضت بعد.

ولأجل ذلك قالوا : إن خديجة لم يصل عليها النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» حينما توفيت ، مع أنها سيدة نساء العالمين.

وقد فصلت ذلك : الرواية التي رواها علي بن ميثم ، عن أبيه عن جده : أنه سمع عليا «عليه السلام» يقول : تبع أبو طالب عبد المطلب في كل أحواله حتى خرج من الدنيا وهو على ملته ، وأوصاني أن أدفنه في قبره ، فأخبرت رسول الله «صلى الله عليه وآله» بذلك ، فقال : اذهب فواره ، وانفذ لما أمرك به.

فغسلته ، وكفنته ، وحملته إلى الجحون ، ونبشت قبر عبد المطلب ، فرفعت الصفيح عن لحده ، فإذا هو موجه إلى القبلة ، فحمدت الله تعالى على ذلك ،

__________________

ج ١ ص ٢٨٣ ، وعمدة القاري ج ٣ ص ٤٣٥ ، وأسنى المطالب ص ١٥ و ٢١ و ٣٥ وطلبة الطالب ص ٤٣ ، ودلائل النبوة للبيهقي والبرزنجي ، وابن خزيمة ، وأبي داود ، وابن عساكر.

(١) راجع : البحار ج ٣٥ ص ١٢٥ و ١٦٣ ، وراجع شرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٧٦ والإصابة (ط مصر سنة ١٣٢٥ ه‍) ج ٧ ص ١١٣ وشرح الأخبار للقاضي النعمان ج ٢ ص ٥٥٧ والغدير ج ٧ ص ٣٨٦ والدرجات الرفيعة لابن معصوم ص ٦٢.

٢١

ووجهت الشيخ ، وأطبقت الصفيح عليهما ، فأنا وصي الأوصياء وورثت خير الأنبياء.

قال ميثم : والله ما عبد علي ، ولا عبد أحد من آبائه غير الله تعالى ، إلى أن توفاهم الله تعالى(١) .

رثاء علي عليه السّلام لأبيه :

وقد رثاه ولده الإمام علي «عليه السلام» حينما توفي بقوله :

أبا طالب عصمة المستجير

وغيث المحول ونور الظلم

لقد هدّ فقدك أهل الحفاظ

فصلى عليك ولي النعم

ولقاك ربك رضوانه

فقد كنت للطهر من خير عم(٢)

ولا أبو سفيان كأبي طالب عليه السّلام :

وكتب أمير المؤمنين «عليه السلام» رسالة مطولة لمعاوية جاء فيها :

«ليس أمية كهاشم ، ولا حرب كعبد المطلب ، ولا أبو سفيان كأبي طالب ، ولا المهاجر كالطليق ، ولا الصريح كاللصيق»(٣) .

__________________

(١) سفينة البحار ج ٥ ص ٣٢١.

(٢) تذكرة الخواص ص ٩.

(٣) صفين لنصر بن مزاحم ص ٤٧١ والفتوح لابن أعثم ج ٣ ص ٢٦٠ ، ونهج البلاغة الذي بهامشه شرح الشيخ محمد عبده ج ٣ ص ١٨ الكتاب رقم ١٧ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٥ ص ١١٧ والإمامة والسياسة ج ١ ص ١١٨ ، والغدير ج ٣ ص ٢٥٤ عنهم ، وعن : ربيع الأبرار للزمخشري باب ٦٦ ، وعن مروج الذهب ج ٢ ص ٦٢. وراجع أيضا : مناقب الخوارزمي الحنفي ص ١٨٠.

٢٢

فإذا كان أبو طالب «عليه السلام» كافرا وأبو سفيان مسلما ، فكيف يفضل الكافر على المسلم ، ثم لا يرد عليه ذلك معاوية بن أبي سفيان؟.

ولكن الحقيقة هي عكس ذلك تماما ؛ فإن أبا سفيان هو الذي قال : «إنه لا يدري ما جنة ولا نار» كما ذكرناه في كتابنا الصحيح من سيرة النبي الأعظم في أواخر غزوة أحد(١) .

ويلاحظ هنا أيضا : أن أمير المؤمنين «عليه السلام» يشير في كلامه الآنف الذكر إلى عدم صفاء نسب معاوية ، ولهذا البحث مجال آخر.

أبو طالب عليه السّلام الداعية إلى الإسلام :

كما أن أبا طالب «عليه السلام» الذي يدعو ملك الحبشة إلى الإسلام ، هو الذي دعا ولده جعفر إلى ذلك ، وأمره بأن يصل جناح ابن عمه في الصلاة(٢) .

وهو أيضا الذي دعا زوجته فاطمة بنت أسد إلى الإسلام(٣) .

وأمر حمزة بالثبات على هذا الدين ، وأظهر سروره بإسلامه ومدحه على ذلك.

وكذلك الحال بالنسبة لولده أمير المؤمنين «عليه السلام».

__________________

(١) الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» ج ٧ ص ٢٨٤.

(٢) راجع : الأوائل لأبي هلال العسكري ج ١ ص ١٥٤ ، وروضة الواعظين ص ١٤٠ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٣ ص ٢٦٩ والسيرة الحلبية ج ١ ص ٢٦٩ وأسنى المطالب ص ١٧ والإصابة ج ٤ ص ١١٦ وأسد الغابة ج ١ ص ٢٨٧ والغدير ج ٧ ص ٣٥٧.

(٣) شرح النهج للمعتزلي ج ١٣ ص ٢٧٢.

٢٣

الاعتراف بممارسة التقية :

وقد صرح أبو طالب «عليه السلام» في وصيته بأنه كان قد اتخذ سبيل التقية في شأن رسول الله «صلى الله عليه وآله» من قريش ، وأن ما جاء به الرسول «صلى الله عليه وآله» قد قبله الجنان وأنكره اللسان ؛ مخافة الشنآن ، وأوصى قريشا بقبول دعوة الرسول ، ومتابعته على أمره ، ففي ذلك الرشاد والسعادة(١) .

موقف النبي صلّى الله عليه وآله من أبي طالب عليه السّلام :

ثم هناك ترحم النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» عليه ، واستغفاره له باستمرار ، وجزعه عليه عند موته(٢) .

ولا يصح الترحم إلا على المسلم ، ولأجل ذلك قال «صلى الله عليه وآله» لسفانة بنت حاتم الطائي : لو كان أبوك مسلما لترحمنا عليه(٣) .

__________________

(١) الروض الأنف ج ٢ ص ١٧١ وثمرات الأوراق ص ٩٤ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٠١ و ٣٠٢ والسيرة الحلبية ج ١ ص ٣٥٢ والبحار ج ٣٥ ص ١٠٧ والغدير ج ٧ ص ٣٦٦ عن مصادر أخرى.

(٢) تذكرة الخواص ص ٨.

(٣) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٠٥ وكنز العمال ج ٣ ص ٦٦٤ وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج ١١ ص ٣٥٩ وج ٦٩ ص ٢٠٣ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٨٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ١٣٢ وسبل الهدى والرشاد للشامي ج ٦ ص ٣٧٧ وشجرة طوبى ج ٢ ص ٤٠٠.

٢٤

أنا على دين أبي طالب عليه السّلام :

وحمل محمد بن الحنفية يوم الجمل على رجل من أهل البصرة ، قال : فلما غشيته قال : أنا على دين أبي طالب ، فلما عرفت الذي أراد كففت عنه(١) .

شفاعة النبي صلّى الله عليه وآله له :

وورد عنه «صلى الله عليه وآله» أيضا قوله : إذا كان يوم القيامة شفعت لأبي ، وأمي ، وعمي أبي طالب ، وأخ لي كان في الجاهلية(٢) .

فإن الشفاعة لا تحل لمشرك ، كما سيأتي.

إقراره على زواجه بمسلمة :

وسئل الإمام السجاد «عليه السلام» عن إيمان أبي طالب «عليه السلام» ، فقال : واعجبا ، إن الله نهى رسوله أن يقر مسلمة على نكاح كافر ؛ وقد كانت فاطمة بنت أسد من السابقات إلى الإسلام ، ولم تزل تحت أبي طالب حتى مات(٣) .

__________________

(١) طبقات ابن سعد (ط ليدن) ج ٥ ص ٦٧.

(٢) ذخائر العقبى ص ٧ عن تمام الرازي في فوائده ، والدرج المنيفة للسيوطي ص ٨ ومسالك الحنفا ص ١٤ عن أبي نعيم وغيره وذكر أن الحاكم صححه ، وتفسير القمي ج ١ ص ٣٨٠ وتفسير البرهان ج ٢ ص ٣٥٨ وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٣٥ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٢٣٢.

(٣) شرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٦٨ ، والغدير ج ٧ ص ٣٨١ و ٣٨٩ عنه وعن : كتاب الحجة ص ٢٤ ، والدرجات الرفيعة ، وضياء العالمين ، وادّعي تواتر هذا الحديث عندنا.

٢٥

ونزول آية النهي عن الإمساك بعصم الكوافر في المدينة لا يوجب بطلان هذه الرواية ، لإمكان أن يكون النهي عن ذلك نهيا قوليا على لسانه «صلى الله عليه وآله» ، قبل نزول القرآن.

وعدم خضوع بعض المسلمين لذلك حينئذ ربما كان لظروف معينة فرضت عليهم ذلك.

من لم يقر بإيمان أبي طالب عليه السّلام :

وأخيرا ، فقد كتب بعضهم يسأل الإمام علي بن موسى الرضا «عليه السلام» عن إسلام أبي طالب «عليه السلام» ، فإنه قد شك في ذلك ، فكتب «عليه السلام» إليه :( وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ) (١) .

وبعدها : إنك إن لم تقر بإيمان أبي طالب كان مصيرك إلى النار(٢) .

دفاع النبي صلّى الله عليه وآله عن أبي طالب عليه السّلام :

وسيأتي في غزوة بدر : أن الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله» لم يقبل من شهيد بدر عبيدة بن الحارث أن يعرض بعمه أبي طالب «عليه السلام» ، ولو بمثل أن يقول : إني أولى بما قال منه.

__________________

(١) الآية ١١٥ من سورة النساء.

(٢) شرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٦٨ والغدير ج ٧ ص ٣٨١ و ٣٩٤ عن الكراجكي ص ٨٠ ، وكتاب الحجة لابن معد ص ١٦ ، والدرجات الرفيعة والبحار وضياء العالمين.

٢٦

بعد قتل الفرسان الثلاثة :

وفي بدر العظمى ، وبعد قتل عتبة وشيبة والوليد ، وقطع رجل عبيدة بن الحارث ، حمل حمزة والإمام علي «عليهما السلام» عبيدة بن الحارث من المعركة ، وأتيا به إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وألقياه بين يديه ، وإن مخ ساقه ليسيل ، فاستعبر ، وقال : يا رسول الله ، ألست شهيدا؟!

قال : بلى ، أنت أول شهيد من أهل بيتي (مما يشير إلى أنه لسوف تأتي قافلة من الشهداء من أهل بيته «صلى الله عليه وآله» ، وهكذا كان).

فقال عبيدة : أما لو كان عمك حيا لعلم أني أولى بما قال منه ، قال : وأي أعمامي تعني؟

قال : أبو طالب ، حيث يقول :

كذبتم وبيت الله يبزى محمد

ولما نطا عن دونه ونناضل

ونسلمه حتى نصرع دونه

ونذهل عن أبنائنا والحلائل

فقال «صلى الله عليه وآله» : أما ترى ابنه كالليث العادي بين يدي الله ورسوله ، وابنه الآخر في جهاد الله بأرض الحبشة؟!.

قال : يا رسول الله ، أسخطت علي في هذه الحالة؟

قال : ما سخطت عليك ، ولكن ذكرت عمي ، فانقبضت لذلك(١) .

__________________

(١) راجع : تفسير القمي ج ١ ص ٢٦٥ ، والبحار ج ١٩ ص ٢٥٥ ، وفي شرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٨٠ : أن رسول الله استغفر له ولأبي طالب يومئذ. والغدير ج ٧ ص ٣١٦.

وفي نسب قريش لمصعب ص ٩٤ : أن عبيدة قال : «يا رسول الله ليت أبا طالب حيا

٢٧

وبلغ عبيدة مع النبي «صلى الله عليه وآله» الصفراء ، فمات ، فدفن بها

وقد روى كثير من المؤرخين هذه القضية من دون ذكر القسم الأخير منها.

قالوا : ونزل في هؤلاء الستة قوله تعالى :( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ ) (١) .

وفي البخاري : أن أبا ذر كان يقسم : أنها نزلت فيهم(٢) .

ونزل في علي ، وحمزة ، وعبيدة أيضا قوله تعالى :( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ) (٣) .

__________________

حتى يرى مصداق قوله إلخ».

وربما يقال : إن هذا هو الأنسب بأدب عبيدة وإخلاصه ، ولكن لا ، فإن قوله الآنف لا يضر في أدبه ولا في إخلاصه ، حيث يرى نفسه قد ضحى بنفسه في سبيل الدين ، فلا مانع من أن يقول ذلك.

(١) الآية ١٩ من سورة الحج.

(٢) البخاري (ط الميمنية) ج ٣ ص ٤ ، ومناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج ٣ ص ١١٨ عن مسلم ، من دون قسم أبي ذر ، والمستدرك على الصحيحين للحاكم ج ٢ ص ٣٨٦ ، وصححه هو والذهبي في تلخيصه ، والغدير ج ٧ ص ٢٠٢ عن : تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج ٣ ص ٢١٢ ، وتفسير ابن جزي ج ٣ ص ٣٨ ، وتفسير الخازن ج ٣ ص ٦٩٨ ، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج ٢ ص ٢٥ و ٢٦ ، وصحيح مسلم ج ٢ ص ٥٥٠ ، وبهذا قال ابن عباس ، وابن خثيم ، وقيس بن عباد ، والثوري ، والأعمش ، وسعيد بن جبير ، وعطاء.

(٣) الآية ٢٣ من سورة الأحزاب ، الصواعق المحرقة ص ٨٠.

٢٨

وقيل : نزلت في علي وحده(١) .

وثمة عدة آيات أخرى نزلت في بدر في الثناء على أمير المؤمنين «عليه السلام»(٢) فراجع.

غضب النبي «صلّى الله عليه وآله» لأبي طالب عليه السّلام :

ونقول :

إنه إذا كان الرسول «صلى الله عليه وآله» يغضب لذكر عمه ، ولو بهذا النحو من التعريض المهذب ، والمحدود ، فماذا سيكون موقفه ممن يرمي أبا طالب «عليه السلام» بالشرك والكفر ، ويعتبره مستحقا للعذاب الأليم في نار الله المؤصدة؟! وفي ضحضاح من نار يغلي منه دماغه؟!

فهل تراه سوف يكون مسرورا ومرتاحا لهذا الكلام ، الذي لا سبب له إلا السياسة ، وما أدراك ما السياسة؟!

وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى :

ثم إننا نجد النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه يقول : «اللهم لا تجعل لفاجر ولا لفاسق عندي نعمة»(٣) .

كما أنه «صلى الله عليه وآله» قد رد هدية حكيم بن حزام ؛ لأنه كان مشركا ، قال عبيد الله :

__________________

(١) مناقب الخوارزمي ص ١٨٨ ، والكفاية للخطيب ص ١٢٢.

(٢) المناقب لابن شهر آشوب ج ٣ ص ١١٨ وغيره.

(٣) راجع أبو طالب مؤمن قريش للخنيزي.

٢٩

حسبت أنه قال : إنا لا نقبل من المشركين شيئا ، ولكن إن شئت أخذناها بالثمن(١) .

ورد أيضا هدية عامر بن الطفيل ، لأنه لم يكن قد أسلم بعد.

ورد أيضا هدية ملاعب الأسنة ، وقال : لا أقبل هدية مشرك(٢) .

عن عياض المجاشعي : أنه أهدى إلى النبي هدية فأبى قبولها ، وقال : إني نهيت عن زبد المشركين(٣) .

ولم يكن ذلك منه «صلى الله عليه وآله» إلا لأن قبولها يوجب احتراما ومودة من المهدى إليه بالنسبة لمن أهدى.

__________________

(١) مستدرك الحاكم ج ٣ ص ٤٨٤ وتلخيصه للذهبي بهامش نفس الصفحة ، وصححاه. وحياة الصحابة ج ٢ ص ٢٥٨ و ٢٥٩ و ٢٦٠ عن كنز العمال وعن مجمع الزوائد ج ٨ ص ٢٧٨ وكنز العمال ج ٦ ص ٥٧ و ٥٩ عن أحمد والطبراني ، والحاكم وسعيد بن منصور ، والتراتيب الإدارية ج ٢ ص ٨٦ ويلاحظ هنا : أنه (صلى الله عليه وآله) حين الهجرة لا يقبل ناقة أبي بكر إلا بالثمن.

(٢) كنز العمال (طبعة أولى) ج ٣ ص ١٧٧ عن ابن عساكر و (ط ثانية) ج ٦ ص ٥٧ عن الطبراني والمصنف لعبد الرزاق ج ١ ص ٤٤٦ و ٤٤٧ وفي الهامش عن مغازي ابن عقمة ومجمع البيان المجلد الأول ص ٥٣٥.

(٣) كنز العمال ج ٦ ص ٥٧ و ٥٩ عن أبي داود والترمذي وصححه وأحمد والطيالسي والبيهقي ، وراجع ما عن عمران بن حصين في الكنز نفس المجلد والصفحة والمصنف لعبد الرزاق ج ١٠ ص ٤٤٧ وفي الهامش عن أبي داود وأحمد وعن الترمذي ج ٢ ص ٣٨٩ ، وراجع الوسائل ج ١٢ ص ٢١٦ عن الكافي والمعجم الصغير ج ١ ص ٩.

٣٠

ملاحظة : معالجة رواية الكشي :

إلا أن الكشي ذكر رواية تقول : «إن رسول الله «صلى الله عليه وآله» لم يرد هدية على يهودي ولا نصراني»(١) .

وهذا إن صح فهو يشير إلى الفرق بين هدية الكتابي وهدية المشرك ، فكان «صلى الله عليه وآله» يرد هدية الثاني ، دون الأول ، وذلك يدل على عدم صحة قوله لهم : إنه «صلى الله عليه وآله» في هدنة الحديبية قد استهدى أبا سفيان أدما(٢) .

__________________

(١) اختيار معرفة الرجال للكشي (ط جامعة طهران) ص ٦١٠ والبحار ج ٥٠ ص ١٠٧ والوسائل ج ١٢ ص ٢١٧.

(٢) راجع التراتيب الإدارية ج ١ ص ١٩٨ عن الإستيعاب.

٣١
٣٢

البحث الثاني

أبو طالب عليه السّلام المظلوم المفترى عليه

الأدلة الواهية :

لقد حاول الذين يشتهون إثبات كفر أبي طالب «عليه السلام» أن يتشبثوا بطحالب واهية زعموا : أنها أدلة ، نشير ههنا إليها ، فنقول :

١ ـ حديث الضحضاح :

عن أبي سعيد الخدري ، أنه سمع النبي «صلى الله عليه وآله» ، وقد ذكر عنده عمه ، فقال : لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة ، فيجعل في ضحضاح(١) من نار ، يبلغ كعبيه ، يغلي منه دماغه.

وحسب نص آخر : أن العباس قال للنبي «صلى الله عليه وآله» : ما أغنيت عن عمك؟! فو الله كان يحوطك ويغضب لك!!.

قال : هو في ضحضاح من نار ، ولو لا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار(٢) .

__________________

(١) الضحضاح : القلقل ، وهنا المكان القليل العمق من النار.

(٢) صحيح البخاري ط سنة ١٣٠٩ ج ٢ ص ٢٠٩ ، وج ٤ ص ٥٤ ، والمصنف ج ٦ ص ٤١ ، وأنساب الأشراف بتحقيق المحمودي ج ٢ ص ٢٩ و ٣٠. وصحيح مسلم ، كتاب الإيمان ، وطبقات ابن سعد ج ١ قسم ١ ص ٧٩ ، ومسند أحمد ج ١

٣٣

ونقول :

أولا : لقد ناقش كل من الأميني والخنيزي جميع أسانيد هذه الرواية ، وبيّنا وهنها وضعفها ، وتناقض نصوصها العجيب ، إلى حد أن بعض الروايات تجزم بأنه قد جعل في ضحضاح من نار ، وأن الشفاعة قد نفعته فعلا.

لكن بعضها الآخر يقول : لعله تنفعه شفاعتي ، فيجعل في ضحضاح يوم القيامة.

ونحن نحيل القارئ الذي يرغب في التوسع إلى ما ذكره الأميني والخنيزي في كتابيهما حول هذا الموضوع(١) .

ثانيا : إنه إذا كان «صلى الله عليه وآله» قد نفع أبا طالب «عليه السلام» ، وأخرجه من الدرك الأسفل إلى الضحضاح ؛ فلماذا لا يتمم معروفه هذا ، ويخرجه من هذا الضحضاح أيضا؟!.

ثالثا : لقد رووا : أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد طلب من أبي طالب حين حضرته الوفاة : أن يقول كلمة لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ؛ ليستحل له بها الشفاعة يوم القيامة ، فلم يعطه إياها.

فهذا يدل على أنه قد أناط «صلى الله عليه وآله» مطلق الشفاعة بكلمة

__________________

ص ٢٥٦ و ٢٠٧ ، والبداية والنهاية ج ٣ ص ١٢٥ ، والغدير ج ٨ ص ٢٣ عن بعضهم ، وعن عيون الأثر ج ١ ص ١٣٢ ، وشرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٦٦.

(١) راجع : الغدير ج ٨ ص ٢٣ و ٢٤ وأبو طالب مؤمن قريش.

٣٤

لا إله إلا الله(١) .

فلماذا استحل هذه الشفاعة ، مع أنه لم يعطه الكلمة التي توجب حليتها؟!.

رابعا : إنهم يروون : أن الشفاعة لا تحل لمشرك ، فلماذا حلت لهذا المشرك بالذات ، بحيث أخرجته من الدرك الأسفل إلى الضحضاح؟(٢) .

خامسا : قال المعتزلي : إن الإمامية والزيدية «قالوا : وأما حديث الضحضاح ، فإنما يرويه الناس كلهم عن رجل واحد ، وهو المغيرة بن شعبة ، وبغضه لبني هاشم ، وعلي «عليه السلام» بالخصوص مشهور ومعلوم ، وقصته وفسقه غير خاف»(٣) .

غير أننا نقول : إنه يمكن المناقشة في ذلك بأنهم قد رووا ذلك عن غير المغيرة أيضا ، فراجع البخاري وغيره.

فلعل رواية غير المغيرة قد حدثت في وقت متأخر بهدف تكذيب الشيعة ، ونقض استدلالهم ، فتلقفها البخاري.

__________________

(١) الترغيب والترهيب ج ٤ ص ٤٣٣ عن أحمد بسندين صحيحين ، وعن البزار ، والطبري بأسانيد أحدها جيد وابن حبان في صحيحه وراجع : الغدير ج ٨ ص ٨ فما بعدها.

(٢) مستدرك الحاكم ج ٢ ص ٣٣٦ ، وتلخيصه للذهبي وصححاه والمواهب اللدنية ج ١ ص ٧١ والغدير ج ٨ ص ٢٤ عنهما وعن كنز العمال ج ٧ ص ١٢٨ ، وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ١ ص ٢٩١ وكشف الغمة للشعراني ج ٢ ص ١٢٤ ، وتاريخ أبي الفداء ج ١ ص ١٢٠.

(٣) راجع : شرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٧٠ والبحار ج ٣٥ ص ١١٢.

٣٥

وذلك لأن من غير المعقول أن يورد الشيعة على غيرهم بذلك إن لم يكن له واقع

وقد سكت المعتزلي عن هذا الرد ، وعن جوابه ، وكأنه يحتمل ما احتملناه ، ولو وسعه التأكيد على الرد لفعل.

سادسا : سئل الإمام الباقر «عليه السلام» عما يقوله الناس : إن أبا طالب في ضحضاح من نار؟

فقال : لو وضع إيمان أبي طالب في كفة ميزان ، وإيمان هذا الخلق في كفة أخرى لرجح إيمانه.

ثم قال : ألم تعلموا : أن أمير المؤمنين عليا «عليه السلام» كان يأمر أن يحج عن عبد الله ، وابنه ، وأبي طالب في حياته ، ثم أوصى في وصيته بالحج عنهم(١) ؟!

سابعا : سئل الإمام علي «عليه السلام» في رحبة الكوفة عن كون أبيه معذبا في النار أو لا ، فقال للسائل : مه ، فض الله فاك!! والذي بعث محمدا بالحق نبيا ، لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفعه الله فيهم. أبي معذب في النار ، وابنه قسيم الجنة والنار؟!(٢) .

__________________

(١) شرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٦٨ ، والدرجات الرفيعة ص ٤٩ ، والبحار ج ٣٥ ص ١١٢ والغدير ج ٨ ص ٣٨٠ ـ ٣٩٠ عنهما وعن كتاب الحجة لابن معد ص ١٨ من طريق شيخ الطائفة عن الصدوق ، والفتوني في ضياء العالمين.

(٢) البحار ج ٢٥ ص ٦٩ وج ٣٥ ص ١١٠ والإحتجاج (ط مطبعة النعمان) ج ١ ص ٣٤١ وكنز الفوائد للكراجكي (ط حجرية) ص ٨٠ وكشف الغمة للإربلي (ط دار الأضواء) ج ٢ ص ٤٢ والغدير ج ٧ ص ٣٨٧.

٣٦

ثامنا : روى عبد العظيم بن عبد الله العلوي : أنه كان مريضا ، فكتب إلى أبي الحسن الرضا «عليه السلام» : عرفني يابن رسول الله عن الخبر المروي : أن أبا طالب في ضحضاح من نار ، يغلي منه دماغه.

فكتب إليه الرضا «عليه السلام» : بسم الله الرّحمن الرّحيم ، أما بعد ، إن شككت في إيمان أبي طالب كان مصيرك إلى النار(١) .

تاسعا : بالإسناد إلى الكراجكي ، عن أبي عبد الله «عليه السلام» قال : يا يونس ما يقول الناس في أبي طالب؟!

قلت : جعلت فداك ، يقولون هو في ضحضاح من نار ، وفي رجليه نعلان من نار ، تغلي منها أم رأسه.

فقال «عليه السلام» : كذب أعداء الله ، إن أبا طالب من رفقاء النبيين ، والصديقين ، والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا(٢) .

وفي رواية أخرى عنه «عليه السلام» : كذبوا ، والله إن إيمان أبي طالب لو وضع في كفة ميزان ، وإيمان هذا الخلق في كفة ميزان ، لرجح إيمان أبي طالب على إيمانهم(٣) .

__________________

(١) البحار ج ٣٥ ص ١١١ وإيمان أبي طالب للمفيد ص ٤ وسفينة البحار ج ٥ ص ٣١٥ ومستدرك سفينة البحار ج ٦ ص ٤٤٧ و ٥٥٨ وراجع الغدير ج ٧ ص ٣٩٥.

(٢) البحار ج ٣٥ ص ١١١ وكنز الفوائد للكراجكي ص ٨٠ والغدير ج ٧ ص ٣٩٣.

(٣) البحار ج ٣٥ ص ١١٢ وإيمان أبي طالب للمفيد ص ٤ ومستدرك الوسائل ج ٨ ص ٦٩ ومدينة المعاجز ج ٧ ص ٥٣٥ والغدير ج ٧ ص ٣٩٠ وسفينة البحار ج ٥ ص ٣١٦.

٣٧

٢ ـ إرث عقيل لأبي طالب عليه السّلام :

واستدلوا : بأن ولده عقيل هو الذي ورثه ، ولم يرثه الإمام علي وجعفر «عليهما السلام» ، لأنه كان مشركا ، وهما مسلمان.

فهما من ملتين مختلفتين ، وأهل ملتين لا يتوارثان(١) .

ولكن ذلك لا يصح أيضا.

فأولا : من أين ثبت لهؤلاء أن الإمام عليا وجعفر «عليهما السلام» لم يرثاه.

ثانيا : إن قوله أهل ملتين لا يتوارثان.

نقول بموجبه ؛ لأن التوارث تفاعل ، ولا تفاعل عندنا في ميراثهما ، واللفظ يستدعي الطرفين ، كالتضارب ، فإنه لا يكون إلا من اثنين ، ولأجل ذلك نقول : إن الصحيح هو مذهب أهل البيت «عليهم السلام» ، من أن المسلم يرث الكافر ، ولا يرث الكافر المسلم(٢) . فالإرث إذا من طرف واحد ، لا من طرفين!.

ثالثا : لقد روي عن عمر قوله : «أهل الشرك نرثهم ولا يرثونا»(٣) .

وقد حكم كثير من العلماء بأن ميراث المرتد للمسلمين لا يصح ؛ وقالوا : نرثهم ولا يرثونا(٤) .

__________________

(١) المصنف ج ٦ ص ١٥ ، وج ١٠ ص ٣٤٤ ، وفي هامشه أي هامش السادس عن البخاري ج ٣ ص ٢٩٣ ، وطبقات ابن سعد ج ١ قسم ١ ص ٧٩.

(٢) راجع شرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٦٩.

(٣) مصنف الحافظ عبد الرزاق ج ١٠ ص ٣٣٩ وج ٦ ص ١٠٦.

(٤) المصنف لعبد الرزاق ج ٦ ص ١٠٥ و ١٠٦ و ١٠٧ وج ١٠ ص ٣٣٨ حتى ص ٣٤١.

٣٨

رابعا : إنهم يقولون : إن الميراث في وقت موت أبي طالب لم يكن قد فرض بعد ، وإنما كان الأمر بالوصية ؛ فلعل أبا طالب قد أوصى بماله لعقيل محبة له ، أو لما يراه من فقره وخصاصته ، فأنفذ أولاده وصيته.

أو أن عليا وجعفر قد تركا لأخيهما نصيبهما من الإرث على سبيل الإيثار له ، لما يرونه من حاجته ، وضيق ذات يده.

بل قد يكون أبو طالب قد تنازل عن ماله لعقيل في حال حياته ، فلم يبق شيء لكي يرثه علي وجعفر بعد وفاته صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين(١) .

٣ ـ آية :( وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ ) :

لقد ذكروا : أن آية :( وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ ) (٢) قد نزلت في أبي طالب «عليه السلام» ، الذي كان ينهى الناس عن أذى الرسول ، وينأى عن أن يدخل في الإسلام(٣) .

ونقول :

__________________

(١) راجع : أسنى المطالب ص ٦٢.

(٢) الآية ٢٦ من سورة الأنعام.

(٣) الإصابة ج ٤ ص ١١٥ ، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج ٢ ص ١٢٧ ، وطبقات ابن سعد ج ١ قسم ١ ص ٧٨ ، وبهجة المحافل ج ١ ص ١١٦ وأنساب الأشراف بتحقيق المحمودي ج ٢ ص ٢٦ والغدير ج ٨ ص ٣ عنهم وعن : تفسير الخازن ج ٢ ص ١١ ، وتفسير ابن جزي ج ٢ ص ٦ ، وعن الطبري والكشاف ، ودلائل النبوة للبيهقي ط دار الكتب العلمية ج ٢ ص ٣٤٠ و ٣٤١.

٣٩

أولا : لقد تحدث الأستاذ الخنيزي حول أسانيد هذه الرواية بما فيه الكفاية(١) فليراجعه من أراد.

ثانيا : إن هذه الآية لا تنطبق على أبي طالب «عليه السلام» بأي وجه ؛ لأن الله تعالى يقول قبلها :

( وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ، وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ ) (٢) .

فضمائر الجمع ، وهي كلمة : «هم» ، وفاعل «ينهون » و «ينأون » ترجع كلها إلى من ذكرهم الله في تلك الآية ، وهم المشركون ، الذين إن يروا كل آية لا يؤمنوا بها ، ويجادلون الرسول في هذه الآيات ، ويصفونها من عنادهم بأنها أساطير الأولين.

ولا يقف عنادهم عند هذا الحد ، بل يتجاوزه إلى أنهم : ينهون الناس عن الاستماع إلى النبي محمد «صلى الله عليه وآله» ، كما أنهم هم أنفسهم يبتعدون عنه.

وهذه الصفات كلها لا تنطبق على أبي طالب «عليه السلام» ، الذي لم نجد منه إلا التشجيع على اتباع النبي «صلى الله عليه وآله» ، والنصرة له باليد واللسان. وقد حض أشخاصا بأعيانهم على أن يدخلوا في هذا الدين ، وأن يصبروا عليه ، كما كان الحال بالنسبة لزوجته ، وحمزة ، وجعفر ، وعلي ،

__________________

(١) أبو طالب مؤمن قريش ص ٣٠٥ و ٣٠٦.

(٢) الآيتان ٢٥ و ٢٦ من سورة الأنعام.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

نعم اختلف العلماء في قبول توبة المرتد الفطري

٥ ـ هل يطهر المرتد بالتوبة ؟ فيه تفصيل يراجع في محلّه

٦ ـ هل يلزم المرتد قضاء ما فاته من العبادات حال الارتداد أو لا ؟

٧ ـ هل تبقى ولاية المرتد على الصغير أو لا ؟

٨ ـ ما حكم تصرّفات المرتد حال الارتداد من نكاح وغيره ؟

٩ ـ ما حكم أماناته وميراثه و ؟

هذه أحكام تطرح في مسألة الارتداد ، يمكنكم مراجعتها في محلّها

١٠ ـ ما هي عقوبة المرتد ؟

قيل : بقتل الفطري والملّي إذا لم يتب ، هذا إذا كان المرتد رجلاً ، وأمّا المرأة المرتدّة ـ سواء كان ارتدادها فطري أو ملّي ـ فعقوبتها السجن حتّى تتوب ، ويضيّق عليها في المطعم والمشرب على المشهور بين علمائنا

١١ ـ من يتولّى قتل المرتد ؟ الإمامعليه‌السلام خاصّة ، أو الحاكم ، أو مطلق من سمع أو رأى ؟ فيه أقوال

١٢ ـ الارتداد الجماعي ـ أهل الردّة ـ كيف يكون قتالهم ؟ وهل يسبون أم لا ؟ فهناك أحكام لأهل الردّة ، فراجعها في محلّها

١٤ ـ أجمع علماء الشيعة على ارتداد وكفر النواصب والغلاة

« محمّد اللواتي ـ أمريكا ـ »

السبب في قتل المرتد :

س : الإسلام دين الحرّية ، والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يخيّر الناس ولا يجبرهم لقبول الإسلام ، كما إنّ القرآن الكريم يقول :( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) (١)

السؤال : ما الحكمة من قتل المرتد ؟ وهل يتعارض هذا الحكم مع مبدأ الحرّية الشخصية ؟

______________________

(١) الكافرون : ٦

٢٤١

ج : نعم ، إنّ الإسلام دين الحرّية ، ولكن هذا لا يعني أن لا تكون له قوانين خاصّة ، لحفظ كيان الدين والمجتمع عن الغواية والضلال ، فمن حقّ الدين أن يأتي بأُسس وقواعد ، تحمي معتنقيه عن الوقوع في الانحراف والضياع

وأمّا بالنسبة لما ذكرتموه ، فإنّ حكم القتل يختصّ بالمرتدّ الفطري ، وهذا الحكم تعبّدي ، أي أنّنا وبعد ما عرفنا أنّ الحكم بالأصالة هو لله تبارك وتعالى ـ وهو حكيم على الإطلاق ـ فيجب علينا أن نعتقد ونلتزم بأنّ كلّ حكم صادر من قبله تعالى كان من منطلق المصلحة والحكمة ، وهذا أساس قبول الدين واعتناقه( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) (١)

نعم ، وفي نفس الوقت ، لابأس أن نتحرّى فلسفة وحكمة الأحكام الشرعية ، ولكن من باب الوقوف عليها ، لا من جهة قبولها

وهنا قد يرى الإنسان الملتزم بأنّ هذا القانون قد جاء لحفظ المجتمع الإسلامي من الانهيار العقائدي ، إذ من الضروري في كلّ مجموعة ـ سياسية أو اجتماعية ، أو حتّى عسكرية أو غيرها ـ أن تحمي نفسها ، وتحافظ على أسرارها ، وتقف في وجه الذين يريدون أن يعبثوا بأنظمتها وقوانينها السائدة ، فإن كان الدخول والخروج من الدين سهلاً غير ممتنع ، لكان الذين لا يريدون أن يلتزموا بأيّ مبدأ وعقيدة وعمل ، تتاح لهم الفرصة أن يخالفوا كلّ قانون ، ثمّ عند المعاقبة سوف تكون دعواهم أنّهم خرجوا من هذا الدين ، وهو كما ترى يفتح المجال لكلّ مشاغب وفوضوي

ولأجل ما ذكرنا يرى الإسلام أنّ الإنسان له الحرّية في اعتناقه للدين( لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) ، ولكن عندما يسلم يجب عليه الالتزام بالأحكام والأنظمة المعينة ، وحذراً من المخالفة والتنصّل جاء هذا الحكم لوقاية الدين وقوانينه

______________________

(١) البقرة : ٣

٢٤٢

وأمّا ما ذكرته من الآية( لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) فهي لا ترتبط بما نحن فيه ، بل إنّها خطاب للكفّار ، فهم لم يعتنقوا الإسلام حتّى تطبّق عليهم الأحكام الشرعية

« محمّد ـ البحرين ـ ٢٠ سنة ـ طالب جامعة »

معناه في روايات الشيعة :

س : هل صحيح أنّ جميع الصحابة الذين مدحهم القرآن ارتدّوا بعد وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

ج : لا ريب بأنّ فضل الصحبة للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله فيه اقتضاء المدح والثناء إن لم يمنع منه مانع ، وهذا لا كلام فيه ؛ إنّما الكلام في طروّ هذا المانع عند جمع من الصحابة في حياة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فظاهرة النفاق ـ الذي هو أمر مسلّم عند الكلّ ـ أدلّ دليل على وجود هذا المانع

وأمّا بعد وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإنكار بعضهم لوصاياه ، وحياد الآخرين منهم في هذا المجال ، جعل الأمر جلياً وواضحاً للمتتّبع المنصف

وعلى أيّ حال ، فمجمل الكلام : إنّ الصحبة تكون ذا مزية إذا كانت في طاعة الله ورسوله ، فالعدول والانحراف عن الخطّ السليم ، الذي رسمه الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله للأُمّة ، بالنسبة لإمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام ـ كما هو ثابت تاريخياً ـ هو نوع من التراجع والارتداد عن منهج الرسالة في تطبيق أوامره ونواهيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهذا هو معنى الروايات الواردة في مصادرنا الخاصّة في هذا المجال

والغريب أنّه قد ورد في بعض كتب التاريخ ـ كتاريخ الطبري ـ أنّ العرب ارتدّوا كلّهم بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله عدا فئةٍ في المدينة والطائف ، وهذا لا يثير التساؤل ؟!

وأمّا ما يثار في حقّ الشيعة بأنّهم يقولون بارتداد جميع الصحابة ، فهذا إفك وبهتان عظيم ، كيف وهم يلتزمون بالولاء لأفضل الصحابة ، وهو عليعليه‌السلام وأهل بيته ، وأيضاً يعظّمون ويبجّلون البعض منهم ، أمثال سلمان وأبي ذر ، وعمّار والمقداد ، وغيرهم

٢٤٣

نعم ، هم يعتقدون ـ وفقاً للأدلّة العقلية والنقلية ـ بعدول البعض عن خطّ الرسالة بعد ارتحال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإنّ ورد لفظ ردّة وارتداد لبعض الصحابة في روايات ومصادر الشيعة ، فإنّما هو ارتداد عن الولاية والإمامة لأمير المؤمنينعليه‌السلام لا ارتداد عن ظاهر الإسلام

« السيّد سلمان ـ البحرين »

لا ينقسم إلى سلمي ومحارب :

س : نشكر لكم هذا الجهد الكبير الذي يبذل منكم للارتقاء بالفكر الإسلامي ، والعمل على نشر أفكار وتعاليم ديننا الحنيف

لقد أشرتم إلى قضية المرتدّ ، والحكم عليها من دون الإشارة إلى نوعية الارتداد ، فهناك ارتداد سلمي ، حيث يقوم المرتدّ بالعدول عن الإسلام إلى غيره من الأديان من قناعة نفسية ، ولا يقوم بأيّ عمل ضدّ الإسلام والمسلمين ، وهناك ارتداد محارب للإسلام والمسلمين ، بأن يستغل ارتداده لضرب الدين الحنيف وتعاليمه النيّرة

فسؤالي هنا : ما هو الحكم في المسألتين ؟

ج : إنّ المرتدّ على قسمين :

١ ـ مرتدّ عن فطرة

٢ ـ مرتدّ عن ملّة

والحكم الشرعي هو : إنّ المرتدّ عن فطرة يقتل بخلاف المرتدّ عن ملّة

ولم يقسّم الشرع في المرتدّ عن فطرة ، بين الارتداد السلمي وارتداد محارب للإسلام والمسلمين ، كما ذكرتم من التقسيم ، ولا بين من ارتدّ عن قناعة نفسية ولا غيره

وأمّا الدليل على قتل المرتدّ عن فطرة ، الروايات الكثيرة المروية في مصادر المسلمين والتي تبلغ حدّ التواتر ، منها :

عن علي بن جعفر ، عن أخيه أبي الحسنعليه‌السلام قال : سألته عن مسلم تنصّر ؟ قال :« يقتل ولا يستتاب »

٢٤٤

قلت : فنصراني أسلم ثمّ ارتدّ ؟ قال :« يستتاب ، فإنّ رجع وإلّا قُتل » (١)

وللتفصيل أكثر راجع : « وسائل الشيعة / أبواب حدّ المرتدّ »(٢)

« محمّد ـ الإمارات ـ سنّي ـ ٢٠ سنة ـ طالب »

جواز حرق المرتد الفطري :

س : هل يجوز حرق الكفّار أو المرتدّين ؟ أين الدليل بأنّها مردودة سنداً ؟

ج : لا يجوز حرق الكفّار والمرتدّين ، ولم يذهب إلى ذلك من فقهائنا أحد ، فقد ذكر المحقّق الحلّي في حكم المرتد : « ويتحتّم قتله ، وتبين منه زوجته ، وتعتدّ منه عدّة الوفاة ، وتقسّم أمواله بين ورثته »(٣)

وأمّا الحرق بالنار ، فلم تدلّ عليه إلّا رواية واحدة ، وموردها ما إذا ارتدّ المسلم الفطري ، وأخذ بالسجود إلى الأصنام ، فتختصّ بهذا المورد ، لا أنّ كلّ مرتدّ يفعل به ذلك ، والسجود للأصنام يشتمل على إبراز للارتداد بدرجة مفرطة وغير مقبولة ، وبهذا اللحاظ يرتفع مستوى عقوبته

« علي ـ فرنسا ـ سنّي ـ ٢٨ سنة ـ طالب »

حصل لكثير من الصحابة للنصوص :

س : هل يعقل أن يختار الله لصحبة نبيّه رجالاً يعرف أنّهم سيرتدّون فيما بعد ؟ أم أنّ الله لا يعلم الغيب ؟ سبحان الله عمّا يصفون ، يهديكم الله ، ويصلح بالكم

ج : هذه الملازمات ليست شرعية ، ولا لازمة لأحد ، ولا حجّة على أحد ، ولا دليل عليها ، فمن قال إنَّ الله تعالى اختار للأنبياء أصحابهم ؟ الذي أرسل الرسل أصلاً لإصلاحهم ، لأنّهم في وضع سيء جدّاً ، يستوجب إنذارهم وإبلاغهم رسالة
______________________

(١) الكافي ٧ / ٢٥٧ ، تهذيب الأحكام ١٠ / ١٣٨ ، الاستبصار ٤ / ٢٥٤

(٢) وسائل الشيعة ٢٨ / ٣٢٣

(٣) شرائع الإسلام ٤ / ٩٦١

٢٤٥

الله تعالى وأحكامه ، فقد يكون العصر الذي يُبعث فيه الأنبياء الذروة في الانحطاط والضلال والظلام

ثمّ إنّ النبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله كان كثيراً ما يحذّر ويقول :« لتتبعنَّ سنن من كان قبلكم » (١) ، وكان أيضاً يحذّر الصحابة ويخبرهم برجال يرتدّون من بعده ، ويُطردَون عن الحوض ، كما روى البخاري وغيره عن أبي هريرة قال :« بينا أنا قائم فإذا زمرة حتّى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم ، فقال : هلّم ، فقلت : أين ؟ قال : إلى النار والله ، قلت : وما شأنهم ؟ قال : إنّهم ارتدّوا بعدك » (٢)

وفي حديث أنس :« ليردن عليّ ناس من أصحابي الحوض ، حتّى إذا عرفتهم اختلجوا دوني » (٣)

وفي حديث سهل :« وليردن عليَّ أقوام أعرفهم ويعرفونني ، ثمّ يحال بيني وبينهم » (٤)

وفي حديث أبي هريرة :« ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال ، أناديهم ألا هلّم ، فيقال : إنّهم قد أحدثوا بعدك ، وأقول : سحقاً سحقاً » (٥)

______________________

(١) مسند أحمد ٢ / ٥١١ و ٥ / ٢١٨ و ٣٤٠ ، صحيح البخاري ٨ / ١٥١ ، المستدرك على الصحيحين ٤ / ٤٥٥ ، معجم الزوائد ٧ / ٢٦١ ، مسند أبي داود : ٢٨٩ ، المصنّف للصنعاني ١١ / ٣٦٩ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٨ / ٦٣٤ ، المعجم الكبير ٣ / ٢٤٤ ، شرح نهج البلاغة ٩ / ٢٨٦ ، الجامع الصغير ٢ / ٤٠١ ، كنز العمّال ٨ / ٩٤ و ١١ / ١٣٣ ، تفسير القرآن العظيم ٢ / ٣٦٤ ، الدرّ المنثور ٦ / ٥٦ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ٤٤١ ، سبل الهدى والرشاد ٥ / ٣١٤ ، وغيرها من المصادر

(٢) صحيح البخاري ٧ / ٢٠٨ ، فتح الباري ١١ / ٣٣٣ ، كنز العمّال ١١ / ١٣٢

(٣) صحيح البخاري ٧ / ٢٠٧ ، فتح الباري ١١ / ٣٣٣

(٤) مسند أحمد ٥ / ٣٣٣ ، صحيح البخاري ٧ / ٢٠٧ و ٨ / ٨٧ ، فتح الباري ١١ / ٣٣٣ ، المعجم الكبير ٦ / ١٤٣ و ١٥٦ و ١٧١ و ٢٠٠ ، الجامع لأحكام القرآن ٤ / ١٦٨

(٥) السنن الكبرى للبيهقي ٤ / ٧٨ ، فتح الباري ١١ / ٣٣٣ ، صحيح ابن خزيمة ١ / ٧ ، كنز العمّال ١٥ / ٦٤٧

٢٤٦

وفي رواية أبي سعيد الخدري :« فأقول : إنّهم منّي ، فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول : سحقاً سحقاً لمن غيَّر بعدي » (١) ، وزاد في رواية عطاء ابن يسار :« فلا أراه يخلص منهم إلّا مثل همل النعم » (٢)

وفي حديث أبي بكرة :« ليردن عليَّ الحوض رجال ممّن صحبني ورآني ، حتّى إذا رفعوا إليّ ورأيتهم اختلجوا دوني ، فلأقولنّ : ربّ أصحابي أصحابي ! فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك » (٣) ، وقال عن هذا الحديث ابن حجر : « وسنده حسن »(٤) ، وللطبراني من حديث أبي الدرداء نحوه ، وزاد : فقلت : يا رسول الله ادع الله أن لا يجعلني منهم ، قال :« لست منهم » ، وقال ابن حجر : « وسنده حسن »(٥)

وفي البخاري :« فأقول كما قال العبد الصالح : ( وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) (٦)

ونقول : مع هذه الأحاديث الكثيرة التي تصادم ما تقولون به نذكر آية واحدة وهي قوله تعالى :( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ) (٧)

فهل قولنا موافق لقول الله والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ أم إطلاقكم العدالة هو الموافق ؟

______________________

(١) صحيح البخاري ٧ / ٢٠٨ ، فتح الباري ١١ / ٣٣٣ ، الجامع لأحكام القرآن ٤ / ١٦٨

(٢) فتح الباري ١١ / ٣٣٣

(٣) مسند أحمد ٥ / ٤٨ ، فتح الباري ١١ / ٣٣٣ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤١٥ ، كنز العمّال ١٣ / ٢٣٩ ، تاريخ مدينة دمشق ٣٦ / ٨

(٤) فتح الباري ١١ / ٣٣٣

(٥) نفس المصدر السابق

(٦) صحيح البخاري ٤ / ١١٠ ، والآية في سورة المائدة : ١١٧ ـ ١١٨

(٧) آل عمران : ١٤٤

٢٤٧
٢٤٨

الاستخارة :

« سمير ـ ـ »

في رأي أهل البيت :

س : ما هو رأي مذهب أهل البيت في موضوع الخيرة ؟ استخارة الله في موضوع ما

ج : ذكر العلّامة المجلسيقدس‌سره في كتابه « بحار الأنوار » الجزء الثامن والثمانين أبواباً في الاستخارات ، وفضلها وكيفيّاتها ، فذكر في الباب الأوّل الروايات الواردة في الحثّ على الاستخارة ، والترغيب فيها ، والرضا والتسليم بعدها ، منها :

١ ـ عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال :« يقول الله عزّ وجلّ : من شقاء عبدي أن يعمل الأعمال ولا يستخير بي »

٢ ـ عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال :« من دخل في أمر بغير استخارة ثمّ ابتلي لم يؤجر »

٣ ـ عن الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام قال :« بعثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى اليمن ، فقال لي وهو يوصيني : يا علي ما حار من استخار ، ولا ندم من استشار »

ومن خلال مراجعة هذه الروايات يتّضح أنّ الأئمّةعليهم‌السلام كانوا يؤكّدون على موضوع الخيرة ، ويعلّمون أصحابهم كيفية الاستخارة ، وصلواتها ودعائها

إذاً فالخيرة أمر حسن ومحبّذ ، وعليه جرت سيرة العلماء والمؤمنين

٢٤٩

« عبد الله ـ الكويت ـ ٢٨ سنة ـ خرّيج ثانوية »

الروايات الواردة في كيفيّتها :

س : أرجو منكم أن تذكروا لي الروايات الواردة عن أهل البيتعليهم‌السلام في كيفية الاستخارة ، بالتفصيل إن أمكن

ج : وردت عدّة روايات في مسألة الاستخارة ، نذكر بعضها ، وهي على أقسام :

الأوّل : الاستخارة بالرقاع

عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال :« إذا أردت أمراً فخذ ست رقاع ، فأكتب في ثلاث منها : بسم الله الرحمن الرحيم ، خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلانة لا تفعل ، وفي ثلاث منها مثل ذلك افعل ، ثمّ ضعها تحت مصلاك ، ثمّ صلّ ركعتين ، فإذا فرغت فاسجد سجدة وقل فيها مائة مرّة : استخير الله برحمته خيرة في عافية ، ثمّ استو جالساً وقل : اللهم خر لي واختر لي في جميع أُموري ، في يسر منك وعافية ، ثمّ اضرب بيدك إلى الرقاع فشوّشها ، وأخرج واحدة ، فإن خرج ثلاث متواليات أفعل ، فأفعل الأمر الذي تريده ، وإن خرج ثلاث متواليات لا تفعل ، فلا تفعله ، وإن خرجت واحدة افعل والأُخرى لا تفعل ، فأخرج من الرقاع إلى خمس ، فأنظر أكثرها فاعمل به ، ودع السادسة لا تحتاج إليها » (١)

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام قال :« إذا أردت أمراً فخذ ست رقاع ، فاكتب في ثلاث منهن : بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلان افعل كذا إن شاء الله ، واذكر اسمك وما تريد فعله ، وفي ثلاث منهن : بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلان لا تفعل
______________________

(١) مصباح المتهجّد : ٥٣٥ ، الذكرى : ٢٥٣ ، روض الجنان : ٣٢٦ ، الكافي ٣ / ٤٧٠ ، مكارم الأخلاق : ٣٢٢ ، بحار الأنوار ٨٨ / ٢٣١ ، وقال العلّامة المجلسي في بيانه على هذه الرواية : هذا أشهر طرق هذه الاستخارة وأوثقها وعليه عمل أصحابنا

٢٥٠

كذا ، وتصلّي أربع ركعات ، تقرأ في كلّ ركعة خمسين مرّة « قل هو الله أحد » ، وثلاث مرّات « إنّا أنزلناه في ليلة القدر » ، وتدع الرقاع تحت سجّادتك ، وتقول بعد ذلك : اللهم إنّك تعلم ولا أعلم ، وتقدر ولا أقدر ، وأنت علّام الغيوب ، اللهم آمنت بك فلا شيء أعظم منك ، صلّ على آدم صفوتك ، ومحمّد خيرتك ، وأهل بيته الطاهرين ، ومن بينهم من نبيّ وصدّيق وشهيد ، وعبد صالح ، وولي مخلص ، وملائكتك أجمعين ، إن كان ما عزمت عليه من الدخول في سفري إلى بلد كذا وكذا خيرة لي في البدو والعاقبة ، ورزق تيسّر لي منه ، فسهّله ولا تعسّره ، وخر لي فيه ، وإن كان غيره فاصرفه عنّي ، وبدّلني منه ما هو خير منه ، برحمتك يا أرحم الراحمين ، ثمّ تقول سبعين مرّة : خيرة من الله العليّ الكريم ، فإذا فرغت من ذلك عفّرت خدّك ، ودعوت الله وسألته ما تريد » (١)

الثاني : الاستخارة بصلاة ركعتين وبرقعتين

عن علي بن محمّد ، رفعه عنهمعليهم‌السلام ، قال لبعض أصحابه وقد سأله عن الأمر يمضي فيه ، ولا يجد أحداً يشاوره ، فكيف يصنع ؟ قال :« شاور ربّك » قال : فقال له : كيف ؟ قال :« انو الحاجة في نفسك ، واكتب رقعتين ، في واحدة لا ، وفي واحدة نعم ، واجعلهما في بندقتين من طين ، ثمّ صلّ ركعتين ، واجعلهما تحت ذيلك ، وقل : يا الله إنّي أشاورك في أمري هذا ، وأنت خير مستشار ومشير ، فأشر عليّ بما فيه صلاح وحسن عاقبة ، ثمّ أدخل يدك ، فإن كان فيها نعم فافعل ، وإن كان فيها لا ، لا تفعل ، هكذا شاور ربّك » (٢)

الثالث : الاستخارة بمائة مرّة

عن إسحاق بن عمّار عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : قلت له : ربما أردت الأمر يفرق منّي فريقان ، أحدهما يأمرني والآخر ينهاني ؟ قال : فقال لي :« إذا كنت كذلك ، فصلّ ركعتين ، واستخر الله مائة مرّة ومرّة ، ثمّ أنظر أحزم الأمرين
______________________

(١) فتح الأبواب : ١٨٩

(٢)ـ فتح الأبواب : ٢٢٨ ، الكافي ٣ / ٤٧٣ ، تهذيب الأحكام ٣ / ١٨٢

٢٥١

لك فافعله ، فإنّ الخيرة فيه إن شاء الله ، ولتكن استخارتك في عافية ، فإنّه ربما خيّر للرجل في قطع يده ، وموت ولده ، وذهاب ماله » (١)

الرابع : الاستخارة بمائة مرّة ومرّة في آخر ركعة من صلاة الليل

وسأل محمّد بن خالد القسري الإمام الصادقعليه‌السلام عن الاستخارة ، فقال :« استخر الله في آخر ركعة من صلاة الليل ، وأنت ساجد مائة مرّة ومرّة » ، قال : كيف أقول ؟ قال :« تقول : استخير الله برحمته ، استخير الله برحمته » (٢)

الخامس : الاستخارة بمائة مرّة ومرّة عقيب ركعتي الفجر

عن حمّاد بن عثمان قال : سألت الإمام الصادقعليه‌السلام عن الاستخارة ، فقال :« استخر الله مائة مرّة ومرّة في آخر سجدة من ركعتي الفجر ، تحمد الله وتمجّده وتثني عليه ، وتصلّي على النبيّ وعلى أهل بيته ، ثمّ تستخير الله تمام المائة مرّة ومرّة » (٣)

السادس : الاستخارة بمائة مرّة بعد صوم ثلاثة أيّام

عن زرارة قال : قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : إذا أردت أمراً ، وأردت الاستخارة كيف أقول ؟ فقال :« إذا أردت ذلك فصم الثلاثاء والأربعاء والخميس ، ثمّ صلّ يوم الجمعة في مكان نظيف ركعتين ، فتشهّد ثمّ قل وأنت تنظر إلى السماء : اللهم إنّي أسألك بأنّك عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم ، أنت عالم الغيب ، إن كان هذا الأمر خيراً فيما أحاط به علمك ، فيسّره لي ، وبارك لي فيه ، وافتح لي به ، وإن كان ذلك لي شرّاً فيما أحاط به علمك ، فاصرف عنّي بما تعلم ، فإنّك تعلم ولا أعلم ، وتقدر ولا أقدر ، وتقضي ولا أقضي ، وأنت علّام الغيوب ،

______________________

(١) الكافي ٣ / ٤٧٢ ، مصباح المتهجّد : ٥٣٤ ، تهذيب الأحكام ٣ / ١٨١ ، وسائل الشيعة ٨ / ٦٥ ، مكارم الأخلاق : ٣٢٢

(٢) فتح الأبواب : ٢٣٣ ، من لا يحضره الفقيه ١ / ٥٦٣ ، وسائل الشيعة ٨ / ٧٣ ، مكارم الأخلاق : ٣٢٠

(٣) فتح الأبواب : ٢٣٤

٢٥٢

تقولها مائة مرّة » (١)

السابع : الاستخارة بمائة مرّة يتصدّق قبلها على ستّين مسكيناً

عن زرارة ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام في الأمر يطلبه الطالب من ربّه ، قال :« يتصدّق في يومه على ستّين مسكيناً ، على كلّ مسكين صاعاً بصاع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإذا كان الليل اغتسل في ثلث الليل الباقي ، ويلبس أدنى ما يلبس من يعول من الثياب إلّا أن عليه في تلك الثياب إزاراً ، ثمّ يصلّي ركعتين ، فإذا وضع جبهته في الركعة الأخيرة للسجود هلّل الله وعظّمه ومجّده ، وذكر ذنوبه ، فأقّر بما يعرف منها مسمّى ، ثمّ يرفع رأسه ، فإذا وضع في السجدة الثانية استخار الله مائة مرّة ، يقول : اللهم إنّي استخيرك ، ثمّ يدعو الله بما يشاء ويسأله إيّاه ، وكلّما سجد فليفض بركبتيه إلى الأرض ، يرفع الإزار حتّى يكشفهما ، ويجعل الإزار من خلفه بين إليتيه وباطن ساقيه » (٢)

الثامن : الاستخارة بمائة مرّة عقيب الفريضة

عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه يسجد عقيب المكتوبة ويقول :« اللهم خر لي ، مائة مرّة ، ثمّ يتوسّل بالنبيّ والأئمّة عليهم‌السلام ، ويصلّي عليهم ، ويستشفع بهم ، وينظر ما يلهمه الله فيفعل ، فإنّ ذلك من الله تعالى » (٣)

التاسع : الاستخارة بمائة مرّة في آخر ركعة من صلاة الليل

عن جعفر بن محمّد بن خلف العشيري قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الاستخارة ، فقال :« استخر الله في آخر ركعة من صلاة الليل ، وأنت ساجد مائة مرّة » ، قال : قلت : كيف أقول ؟ قال :« تقول : استخير الله برحمته ، استخير الله برحمته » (٤)

______________________

(١) وسائل الشيعة ٨ / ٦٧

(٢) فتح الأبواب : ٢٣٧

(٣) المصدر السابق : ٢٣٨

(٤) المصدر السابق : ٢٣٩

٢٥٣

العاشر : الاستخارة بمائة مرّة عند الإمام الحسينعليه‌السلام

عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال :« ما استخار الله عبد قط في أمر مائة مرّة عند رأس الحسين عليه‌السلام ، فيحمد الله ويثني عليه ، إلّا رماه الله بخير الأمرين » (١)

الحادي عشر : الاستخارة بسبعين مرّة

عن معاوية بن ميسرة عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال :« ما استخار الله عبد سبعين مرّة بهذه الاستخارة ، إلّا رماه الله بالخيرة ، يقول : يا أبصر الناظرين ، ويا أسمع السامعين ، ويا أسرع الحاسبين ، ويا أرحم الراحمين ، ويا أحكم الحاكمين ، صلّ على محمّد وأهل بيته ، وخر لي في كذا وكذا » (٢)

الثاني عشر : الاستخارة بعشر مرّات

عن محمّد بن مسلم ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال :« كنّا أُمرنا بالخروج إلى الشام ، فقلت : اللهم إن كان هذا الوجه الذي هممت به خيراً لي في ديني ودنياي ، وعاقبة أمري ولجميع المسلمين ، فيسّره لي وبارك لي فيه ، وإن كان ذلك شرّاً لي ، فاصرفه عنّي إلى ما هو خير لي منه ، فإنّك تعلم ولا أعلم ، وتقدر ولا أقدر ، وأنت علّام الغيوب ، استخير الله ويقول ذلك مائة مرّة » (٣)

الثالث عشر : الاستخارة بسبع مرّات

عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه كان إذا أراد شراء العبد أو الدابّة ، أو الحاجة الخفيفة أو الشيء اليسير استخار الله عزّ وجلّ فيه سبع مرّات ، وإذا كان أمراً جسيماً استخار الله فيه مائة مرّة(٤)

الرابع عشر : الاستخارة بثلاث مرّات

______________________

(١) المصدر السابق : ٢٤٠

(٢) مصباح المتهجّد : ٥٣٩ ، الذكرى : ٢٥٣ ، من لا يحضره الفقيه ١ / ٥٦٣ ، تهذيب الأحكام ٣ / ١٨٢ ، وسائل الشيعة ٨ / ٧٥

(٣) فتح الأبواب : ٢٥٢

(٤) فتح الأبواب : ٢٥٣ ، مكارم الأخلاق : ٣٢١

٢٥٤

عن ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول في الاستخارة :« تعظّم الله وتمجّده وتحمده وتصلّي على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ تقول : اللهم إنّي أسألك بأنّك عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم ، وأنت علّام الغيوب ، استخير الله برحمته »

ثمّ قال أبو عبد اللهعليه‌السلام :« إن كان الأمر شديداً تخاف فيه ، قلته مائة مرّة ، وإن كان غير ذلك قلته ثلاث مرّات » (١)

الخامس عشر : الاستخارة بمرّة واحدة

عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال :« من استخار الله مرّة واحدة وهو راض به ، خار الله له حتماً » (٢)

السادس عشر : الاستخارة في كلّ ركعة من الزوال

عن الإمام الباقرعليه‌السلام قال :« الاستخارة في كلّ ركعة من الزوال » (٣)

السابع عشر : الاستخارة بالقرعة

عن منصور بن حازم قال : سأل بعض أصحابنا أبا عبد اللهعليه‌السلام عن مسألة ، فقال له :« هذه تخرج في القرعة » ؟ ثمّ قال :« وأيّ قضية أعدل من القرعة إذا فوّض الأمر إلى الله عزّ وجلّ ، أليس الله يقول تبارك وتعالى :( فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ) (٤)

وروي عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام ، وعن غيره من آبائه وأبنائه من قولهم :« كلّ مجهول ففيه القرعة » قلت له : إنّ القرعة تخطأ وتصيب ، فقال :« كلّ ما حكم الله فليس بمخطأ » (٥)

______________________

(١) فتح الأبواب : ٢٥٥ ، وسائل الشيعة ٨ / ٦٨

(٢) فتح الأبواب : ٢٥٧

(٣) المصدر السابق : ٢٦٠

(٤) المحاسن ٢ / ٦٠٣ ، من لا يحضره الفقيه ٣ / ٩٢ ، وسائل الشيعة ٢٧ / ٢٦٢ ، فتح الأبواب : ٢٧١ ، والآية في سورة الصافات : ١٤١

(٥) النهاية : ٣٤٦ ، من لا يحضره الفقيه ٣ / ٩٢ ، تهذيب الأحكام ٦ / ٢٤٠

٢٥٥

وأمّا كيفية الاستخارة بالقرعة ، فعن الإمام الصادقعليه‌السلام : « من أراد أن يستخير الله تعالى فليقرأ الحمد عشر مرّات ، وإنّا أنزلناه عشر مرّات ، ثمّ يقول : اللهم إنّي استخيرك لعلمك بعاقبة الأُمور ، واستشيرك لحسن ظنّي بك في المأمول والمحذور ، اللهم إن كان أمري هذا ممّا قد نيطت بالبركة أعجازه وبواديه ، وحُفّت بالكرامة أيّامه ولياليه ، فخر لي بخيرة ترد شموسه ذلولاً ، وتقعص أيّامه سروراً ، يا الله إمّا أمر فأأتمر ، وإمّا نهي فأنتهي

اللهم خر لي برحمتك خيرة في عافية ، ثلاث مرّات ، ثمّ يأخذ كفّاً من الحصى أو سبحة »(١)

نكتفي بهذا المقدار من الروايات

وأمّا بالنسبة إلى الاستخارة بالمصحف ، فإنّا وإن لم نجد رواية في ذلك ، ولكن السيّد ابن طاووس في « فتح الأبواب »(٢) قال : « رأيت ذلك ـ أي المشاورة لله تعالى بالمصحف ـ في بعض كتب أصحابنا رضوان الله عليهم عدنا الآن إلى ما وقفنا عليه في بعض كتب أصحابنا من صفة الفال في المصحف الشريف ، وهذا لفظ ما وقفنا عليه :

صفة القرعة في المصحف : يصلّي صلاة جعفرعليه‌السلام ، فإذا فرغ منها دعا بدعائها ، ثمّ يأخذ المصحف ، ثمّ ينوي فرج آل محمّد بدءاً وعوداً ، ثمّ يقول : اللهم إن كان في قضائك وقدرك أن تفرّج عن وليّك وحجّتك في خلقك في عامنا هذا وفي شهرنا هذا فاخرج لنا رأس آية من كتابك نستدلّ بها على ذلك

ثمّ يعدّ سبع ورقات ، ويعدّ عشرة أسطر من ظهر الورقة السابعة ، وينظر ما يأتيه في الحادي عشر من السطر ، ثمّ يعيد الفعل ثانياً لنفسه ، فإنّه يتبيّن
حاجته إن شاء الله تعالى » (٣)

______________________

(١) فتح الأبواب : ٢٧٢

(٢) المصدر السابق : ٢٧٥

(٣) المصدر السابق : ٢٧٧

٢٥٦

ثمّ قال : « فصل : وحدّثني بدر بن يعقوب المقرئ الأعجمي رضوان الله عليه بمشهد الكاظمعليه‌السلام في صفة الفال في المصحف بثلاث روايات من غير صلاة ، فقال : تأخذ المصحف وتدعو ، فتقول : اللهم إن كان من قضائك وقدرك أن تمن على أُمّة نبيّك بظهور وليّك وابن بنت نبيّك ، فعجّل ذلك وسهّله ويسّره وكمّله ، وأخرج لي آية استدلّ بها على أمر فائتمر ، أو نهي فأنتهي ـ أو ما تريد الفال فيه ـ في عافية

ثمّ تعدّ سبع أوراق ، ثمّ تعدّ في الوجهة الثانية من الورقة السابعة ستة أسطر ، وتتفاءل بما يكون في السطر السابع

وقال في رواية أُخرى : إنّه يدعو بالدعاء ، ثمّ يفتح المصحف الشريف ، ويعدّ سبع قوائم ، ويعدّ ما في الوجهة الثانية من الورقة السابعة ، وما في الوجهة الأُولى من الورقة الثامنة من لفظ اسم الله جلّ جلاله ، ثمّ يعدّ قوائم بعدد لفظ اسم الله ، ثمّ يعدّ من الوجهة الثانية من القائمة التي ينتهي العدد إليها ، ومن غيرها ممّا يأتي بعدها سطوراً بعدد لفظ اسم الله جلّ جلاله ، ويتفاءل بآخر سطر من ذلك

وقال في الرواية الثالثة : إنّه إذا دعا بالدعاء عدّ ثماني قوائم ، ثمّ يعدّ في الوجهة الأُولى من الورقة الثامنة أحد عشر سطراً ، ويتفاءل بما في السطر الحادي عشر ، وهذا ما سمعناه في الفأل بالمصحف الشريف قد نقلناه كما حكيناه(١)

ونقل هذا العلّامة المجلسي في « بحار الأنوار » وقال : « وجدت في بعض الكتب أنّه نسب إلى السيّد (ره) الرواية الثانية ، لكنّه قال : يقرأ الحمد وآية الكرسي ، وقوله تعالى :( وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ ) إلى آخر الآية ، ثمّ يدعو بالدعاء المذكور ، ويعمل بما في الرواية »(٢)

______________________

(١) المصدر السابق : ٢٧٨

(٢) بحار الأنوار ٨٨ / ٢٤٢

٢٥٧

« ـ السعودية ـ »

حكمها :

س : ما هو حكم الخيرة أو الاستخارة ؟ فنرى البعض يعتقد بأنّها من عالم الغيب ، بخلاف البعض الآخر الذي يتعامل معها معاملة عادية

وسؤالي بشكل أوضح هو : هل أنّ الخيرة ترشدنا إلى الواقع ؟ أو أنّها مجرد تعيين الوظيفة ورفع التحيّر ؟

ج : إنّ الأحاديث الواردة في هذا الموضوع تشير على أنّ الاستخارة ـ الخيرة ـ هي من مصاديق الدعاء ، أي أنّ المستخير يطلب من الله تعالى أن يرشده إلى الخير والصواب

وعليه ، فإنّ حيثيات الدعاء تتدخّل في كيفية النتيجة ، فحالة المستخير من الطهارة والتوجّه والإقبال نحو الدعاء ، وأيضاً وقت الاستخارة ومكانها ونوعها لها دخل عظيم في إعطاء النتيجة المتوقّعة

نعم ، هناك بعض الأنواع من الاستخارة قد تخرج بنتائج أقرب إلى الواقع من غيرها ، وهكذا قد يكون بعض الأشخاص يمتلكون قدرة خاصّة في استنباط بعض النتائج في الخيرة ، حازوا على هذه الملكة بممارسة رياضات شرعية

هذا ، ولكن لا يوجد في المقام ما يدلّ على أنّ هناك قاعدة عامّة يمكن الاعتماد عليها مطلقاً ، فكلّ ما في الأمر هو أنّ الموضوع يرتبط بالدعاء والداعي ، ومصلحة الباري تعالى

« أحمد ـ ـ »

مشروعيتها :

س : لاشكّ بأنّكم سمعتم بطرق مختلفة في الاستخارة : هذا من القرآن ، وذلك بالسبحة ، وآخر بحسابات خاصّة ، و ، فهل هذه وردت عن المعصومين عليهم‌السلام ؟ أي أنّها مؤيّدة من قبلهم ؟ أم ماذا ؟

٢٥٨

ج : الاستخارة أو الخيرة بالمعنى العام ـ أي طلب الخير من الله تعالى ـ أمر مستحسن في الشريعة ، وقد وردت روايات كثيرة بهذا الصدد تحثّ على هذا العمل ، كما هو واضح لمن يراجع المجامع الحديثية في هذا الباب

وأمّا الأساليب المختلفة التي تمارس في هذا المجال ، فهي طرق مختصّة بأهلها اقتنعوا بها بعدما أعطت التجربة صحّتها ، أو قربها إلى الواقع

نعم ، جاء في بعض الأحاديث ما يدلّ على بعض الأنواع من الاستخارة ، ولكن هذه الروايات جميعها ضعيفة السند ، لا يمكن الاعتماد عليها جزماً ، بل يصحّ العمل بمضمونها برجاء المطلوبية

هذا ولكن الذي يظهر من سيرة المتشرّعة والمؤمنين : هو المعاملة مع الخيرة معاملة الأمر اللازم ، فيأتمرون لأوامرها وينتهون لنواهيها ، وليس هذا إلّا لحصول نتائج حسنة منها ، لا أنّهم قصدوا العمل بالأحاديث الواردة في المقام

« ـ السعودية ـ »

حجّيتها بالقرآن :

س : كثيراً ما يعترض السلفيّون في موضوع الاستخارة بالقرآن ، بأنّكم تتفاءلون به ، وهو عمل منهي عنه ، فهل يوجد في كتب العامّة ما يمكننا بردّهم ؟

ج : الاستخارة وردت بنحو الإطلاق عند الفريقين ـ الخاصّة والعامّة ـ بما لا مجال للشكّ في مشروعيتها وجوازها ، بل رجحانها واستحبابها ، وهي باختصار : عبارة عن طلب الخير مطلقاً ، أو عند التحيّر في ترجيح موضوع على موضوع آخر ، وهذا أمر متّفق عليه عند كافّة أرباب الحديث ، كما هو واضح لمن راجعهم

ولو أمعنّا النظر في مضمون هذه الروايات بأجمعها ، نرى أنّ مفادها تنصب في مجرى مطلق الدعاء ، أي أنّ المستخير يدعو ويطلب الصلاح والخير لما يستخير له

٢٥٩

وهناك طرق خاصّة وردت في بعض الروايات عندنا تبيّن كيفية الاستخارة ، وأيضاً قد ينقل بعض الاستخارات غير المنصوصة عن البعض ، وهي بأجمعها وإن لم تتّصف بقوّة السند ـ خلافاً للقسم الأوّل ـ ولكن تدخل تحت عنوان الدعاء قطعاً

وعلى هذا لا يبقى إشكال على هذه الأنواع من الاستخارة ، ويدلّ على جواز هذا الأمر عند العامّة ، ما ورد في بعض رواياتهم من عمل الأصحاب به(١)

وممّا ذكرنا يظهر لك : عدم المانع من الاستخارة بالقرآن ، فإنّ المستخير يرى نفسه متحيّراً في موضوع ما ، ويريد أن يستدلّ على الصواب ، فيدعو ويطلب من الله تعالى هدايته وتوجيهه نحو الحقّ ، بإشارة آية أو مقطع منها ، وهذا العمل بنفسه عمل جائز وسائغ ، ولا ينطبق عليه عنوان التفاؤل المنهي عنه ـ إن قلنا به ـ

مضافاً إلى أنّ الروايات التي تمنعنا من التفاؤل بالقرآن جميعها ضعيفة السند ، فلا يمكن الاعتماد عليها ، واعتبارها حجّة في المقام

______________________

(١) مسند أحمد ٣ / ١٣٩

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576