موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ١

موسوعة الأسئلة العقائديّة3%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-01-0
الصفحات: 576

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 576 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 227176 / تحميل: 6764
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠١-٠
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

استعارة الفروج :

« هاشم ـ الكويت ـ ١٨ سنة ـ طالب جامعة »

مسألة مختلقة :

س : كثيراً ما يردّد أعداء الشيعة أنّ هناك ما يسمّى باستعارة الفروج في مذهب الإمامية ؟ فماذا يقصدون ؟ وما هي حقيقة ذلك ؟

ج : لاشكّ ولا ريب بأنّ أعداء الشيعة والتشيّع قد كرّسوا جهودهم لتضليل الرأي العام ، في سبيل النيل من سمعة مذهب أهل البيتعليهم‌السلام ، ولكن يأبى الحقّ إلّا أن يظهر

وممّا افتروه في هذا المجال ، مسألة مختلقة سمّوها « استعارة الفروج » يريدون منها أن ينسبوا إلى الشيعة بأنّهم ـ والعياذ بالله ـ يعتقدون بالإباحية في الجنس !!( سُبْحَانَكَ هَٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ) (١)

وعلى أيّ حال ، فإنّ الموضوع واضح وجلّي ، وهو يختصّ بباب نكاح الجواري والإماء ، وتوضيحه : إنّ نكاح الإماء لا يكون بصيغة العقد ، بل بملك اليمين فقط ، فمالكها هو الأولى بها بالأصالة ، ولكن في حالة عدم الاقتراب منها ـ أو بعد الاقتراب والاستبراء ـ يحقّ لمالكها أن يزوّجها ممّن يشاء ، بمنحه له حصّة ملكيّته لها ، وعلى ضوء ما ذكرنا لا يحتاج هذا الزواج الجديد إلى صيغة النكاح ، بل ينعقد بالملكية التي وهبها المالك إيّاه

______________________

(١) النور : ١٦

٢٦١

وطبيعي أنّه لا يحقّ للمالك المجيز في هذه الفترة ـ فترة النكاح المشار إليه ـ أن ينكح ويقترب من أَمَتِه ، إلّا بعد انتهاء فترة النكاح المذكور واستبرائها

ثمّ إنّ هذه المسألة ليست اتفاقية عند جميع علماء الشيعة ، فمنهم من يقول بالمنع ، كما حكاه الشيخ الطوسيقدس‌سره في « المبسوط »(١) و « النهاية » ، والعلّامة الحلّيقدس‌سره في « المختلف »

ولرفع الاستغراب في هذا المجال ، نذكر فقرات من كتب أهل السنّة ، حتّى يتّضح أنّ الشيعة ليسوا متفرّدين في أمثال هذه الموارد :

١ ـ « وإن كانت المنكوحة أمة فوليّها مولاها ، لأنّه عقد على منفعتها فكان إلى المولى كالإجارة »(٢)

٢ ـ « إذا ملك مائة دينار ، وأمة قيمتها مائة دينار ، وزوّجها من عبد بمائة ، و »(٣)

ترى مشروعية تزويج الإنسان الحرّ أمته من غيره حتّى العبد

٣ ـ « رجل له جارية فقال : قد وطئتها ، لا تحلّ لابنه ، وإن كانت في غير ملكه ، فقال : قد وطئتها »(٤)

فترى فرض الوطء في غير الملك

٤ ـ « والأمة إذا غاب مولاها ليس للأقارب التزويج »(٥)

والمفهوم من العبارة ، أنّ المولى إذا كان حاضراً ، فله أن يزّوج أمته ممّن يشاء

٥ ـ « إذا أحلّ الرجل الجارية للرجل ، فعتقها له ، فإن حملت ألحق الولد به

______________________

(١) المبسوط ٤ / ٢٤٦

(٢) المجموع ١٦ / ١٤٧

(٣) المصدر السابق ١٦ / ٢٩٣

(٤) البحر الرائق ٣ / ١٦٧

(٥) الفتاوى الهندية ١ / ٢٨٥

٢٦٢

ويحلّ الرجل وليدته لغلامه وابنه وأخيه وأبيه ، والمرأة لزوجها ، وهي أحلّ من الطعام ، فإن ولدت فولدها للذي أحلّت له ، وهي لسيّدها الأوّل

إذا أحلّت امرأة الرجل أو ابنته أو أخته ، له جاريتها فليصبها وهي لها .

وهو حلال ، فإن ولدت ، فولدها حرّ .

امرأتي أحلّت جاريتها لابنها ، قال : فهي له »(١)

« أحمد ـ الإمارات ـ ١٩ سنة ـ طالب حوزة »

هي نكاح الإماء :

س : هذه شبهة وردت في أحد منتديات مواقع الوهّابية ، أرجو الردّ السريع عليها

إعارة الفروج ، فقد روى الطوسي عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر قال : قلت : الرجل يحلّ لأخيه فرج جاريته ، قال : « نعم ، لابأس به ، له ما أحلّ له منها »(٢)

أرجو المساعدة على ردّ تلك الحثالة الوهّابية ، وشكراً

ج : وما أسموه بإعارة الفروج ، فهو ليس تعبيراً صحيحاً ، وإنّما الصحيح أنّ يقال : أحكام نكاح الإماء ، لأنّ هذه الروايات واردة في أحكام الإماء اللاتي يشتريهن المسلمون بأموالهم ، وقد ورد في أحكامها ، كما عن العلّامة الحلّيقدس‌سره في « المختلف » : ( المشهور عند علمائنا إباحة وطء الإماء بتحليل المولى للغير

وقال ابن إدريس : إنّه جائز عند أكثر أصحابنا المحصّلين ، وبه تواترت الأخبار ، وهو الأظهر بين الطائفة ، والعمل عليه والفتوى به ، وفيهم من منع منه والحقّ الأوّل

وحجّتنا : قوله تعالى :( أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) (٣) وهو يصدق بملك ______________________

(١) المصنّف للصنعاني ٧ / ٢١٥ ـ ٢١٧

(٢) الاستبصار ٣ / ١٣٦

(٣) النساء : ٣

٢٦٣

المنفعة ، كما يصدق بملك الرقبة

وما رواه محمّد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال : سألته عن رجل يحلّ لأخيه فرج جاريته ، قال :« هي له حلال ما أحلّ منها » )(١)

وقال ابن العلّامةقدس‌سره في « إيضاح الفوائد » : « اعلم أنّ السيّد ـ أي المالك للأمة ـ يملك منفعتين من أمته ، منفعة الاستمتاع ومنفعة الاستخدام ، فإذا زوّجها عقد على إحدى منفعتيها ، وبقيت المنفعة الأُخرى ، فيستوفيها في وقتها وهو النهار ، ويسلّمها إلى الزوج وقت الاستراحة والاستمتاع ، وهو الليل »(٢)

وقال المحقّق الكركيقدس‌سره في « جامع المقاصد » : « والصيغة وهو لفظ التحليل ، مثل أحللت لك وطأها ، أو جعلتك في حلّ من وطئها ، والأقرب إلحاق الإباحة به

ولو قال : أذنت لك ، أو سوّغت ، أو ملكت فكذلك

ولا تستباح بالعارية ، ولا بالإجارة ، ولا ببيع منفعة البضع .

والشرط الرابع : الصيغة ، ولا خلاف في اعتبارها ، لأنّ الفروج لا يكفي في حلّها مجرّد التراضي ، ولا أيّ لفظ اتفق ، بل لابدّ من صيغة متلقّاة من الشرع ، وقد اجمعوا على اعتبار لفظ التحليل ، وبه وردت النصوص ، فيقول : أحللت لك وطء فلانة ، أو جعلتك في حلّ من وطئها »(٣)

فنقول : أين الإعارة للفروج ؟ وقد سمعت قول العلماء أنفاً : أنّه لا يستباح بالعارية ولا بالإجارة ، ولا ببيع منفعة البضع !! وإنّما صيغة التحليل المذكورة مستفادة من أدلّة الشرع ، وفق روايات صحيحة ذكرها العلماء في متون استدلالاتهم في باب أحكام الإماء ، فليراجع ثمّة

______________________

(١) مختلف الشيعة ٧ / ٢٦٩

(٢) إيضاح الفوائد ٣ / ١٦٨

(٣) جامع المقاصد ١٣ / ١٨٢

٢٦٤

الإسراء والمعراج :

« أحمد ـ البلوشي ـ السعودية »

معناهما وأهدافهما :

س : ما معنى الإسراء والمعراج وما هي أسبابه ونتائجه ؟

ج : لقد أسرى النبيّ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله بروحه وجسده من مكّة المكرّمة إلى بيت المقدس ، كما في سورة الإسراء ، وذلك في السنوات الأُولى من البعثة

ثمّ عرجصلى‌الله‌عليه‌وآله بروحه وجسده من بيت المقدس إلى السماء ، كما جاء في سورة الإسراء ، ووردت بذلك الأخبار الكثيرة ، وذلك في السنوات الأُولى من البعثة

وأمّا أهداف الإسراء والمعراج فهي :

أوّلاً : إنّ حادثة الإسراء والمعراج معجزة كبرى خالدة ، ولسوف يبقى البشر إلى الأبد عاجزين عن مجاراتها ، وإدراك أسرارها ، ولعلّ إعجازها هذا أصبح أكثر وضوحاً في هذا القرن العشرين ، بعد أن تعرّف هذا الإنسان على بعض أسرار الكون وعجائبه ، وما يعترض سبيل النفوذ إلى السماوات من عقبات ومصاعب

ثانياً : إنّ هذه القضية قد حصلت بعد البعثة بقليل ، وقد بيّن الله سبحانه الهدف من هذه الجولة الكونية ، فقال :( لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ) (١)

وإذا كان الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله هو الأسوة والقدوة للإنسانية جمعاء ، وإذا كانت مهمّته هي حمل أعباء الرسالة إلى العالم بأسره ، فإنّ من الطبيعي أن

______________________

(١) الإسراء : ١.

٢٦٥

يعدّه الله سبحانه إعداداً جيّداً لذلك ، وليكن المقصود من قصّة الإسراء والمعراج هو أن يشاهد الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله بعض آثار عظمة الله تعالى في عمليةٍ تربوية رائعة ، وتعميق وترسيخ للطاقة الإيمانية فيه ، وليعدّه لمواجهة التحدّيات الكبرى التي تنتظره ، وتحمّل المشاق والمصاعب والأذى التي لم يواجهها أحد قبله ولا بعده

ثالثاً : لقد كان الإنسان ولاسيّما العربي آنذاك يعيش في نطاق ضيّق ، وذهنية محدودة ، ولا يستطيع أن يتصوّر أكثر من الأُمور الحسّية ، أو القريبة من الحسّ ، التي كانت تحيط به ، أو يلمس آثارها عن قرب

فكان ـ والحالة هذه ـ لابدّ من فتح عيني هذا الإنسان على الكون الرحب ، الذي استخلفه الله فيه ، ليطرح على نفسه الكثير من التساؤلات عنه ، ويبعث الطموح فيه للتعرّف عليه ، واستكشاف أسراره ، وبعد ذلك إحياء الأمل وبثّ روح جديدة فيه ، ليبذل المحاولة للخروج من هذا الجوّ الضيّق الذي يرى نفسه فيه ، ومن ذلك الواقع المزري الذي يعاني منه ، وهذا بالطبع ينسحب على كلّ أُمّة ، وكلّ جيل وإلى الأبد

رابعاً : والأهمّ من ذلك : أن يلمس هذا الإنسان عظمة الله سبحانه ، ويدرك بديع صنعه ، وعظيم قدرته ، من أجل أن يثق بنفسه ودينه ، ويطمئن إلى أنّه بإيمانه بالله إنّما يكون قد التجأ إلى ركن وثيق ، لا يختار له إلّا الأصلح ، ولا يريد له إلّا الخير ، قادر على كلّ شيء ، ومحيط بكلّ الموجودات

خامساً : إنّه يريد أن يتحدّى الأجيال الآتية ، ويخبر عمّا سيؤول إليه البحث العلمي من التغلّب على المصاعب الكونية ، وغزو الفضاء ، فكان هذا الغزو بما له من طابع إعجازي خالدٍ ، هو الأسبق والأكثر غرابة وإبداعاً ، وليطمئن المؤمنون ، وليربط الله على قلوبهم ، ويزيدهم إيماناً(١)

______________________

(١) الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم ٣ / ٣٤

٢٦٦

« سمير حسن ـ السعودية ـ »

كيفية رؤية النبيّ فيهما :

س : هل إنّ ما رآه النبيّ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله في الإسراء والمعراج كان برؤية قلبية فقط ؟ أم أنّها كانت قلبية وبصرية أيضاً ؟

أرجو الإجابة على سؤالي مدعماً بأقوال المعصومينعليهم‌السلام ، وغفر الله لكم ، وشكر مساعيكم في نشر العقيدة الحقّة

ج : تعتقد الشيعة الإمامية الاثنا عشرية ، والزيدية ، والمعتزلة : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أُسري يقظة بجسمه وروحه إلى بيت المقدس لقوله تعالى :( إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ) ، وعرج إلى السماوات لقوله تعالى :( وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَىٰ * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ * فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ )

ودلّت عليه الروايات المتواترة عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام والصحابة ، كابن عباس وابن مسعود ، وجابر وحذيفة وأنس ، وعائشة وأُمّ هاني

وعليه تكون رؤية النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في معراجه رؤية بصرية وقلبية للسماوات ، فرأى الأنبياء والعرش وسدرة المنتهى والجنّة والنار بعينه الشريفة ، ورأى جبرائيل على ما هو عليه ، من الهيئة التي خلقه الله تعالى عليها ، فعن الإمام الصادقعليه‌السلام في قوله تعالى :( لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ ) (١) قال :« رأى جبرائيل على ساقه الدرّ » (٢)

نعم رأى ربّه برؤية قلبية لا بصرية ، فعن محمّد بن الفضيل قال : سألت أبا الحسنعليه‌السلام : هل رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ربّه عزّ وجلّ ؟

قال :« نعم ، أما سمعت الله يقول : ( مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ ) لم يره
______________________

(١) النجم : ١٨

(٢) التوحيد : ١١٦

٢٦٧

بالبصر ولكن رآه بالفؤاد » (١)

ونذكر لكم روايتين تدلّان على هذا المعتقد :

١ ـ عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال :« جاء جبرائيل وميكائيل وإسرافيل بالبراق إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأخذ واحد باللّجام ، وواحد بالركاب ، وسوّى الآخر عليه ثيابه » (٢)

٢ ـ عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال :« لمّا أُسري برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى بيت المقدس ، حمله جبرائيل على البراق ، فأتيا بيت المقدس ، وعرض عليه محاريب الأنبياء ، وصلّى بها ، وردّه » (٣)

« حسين جابر ـ السويد »

الكتب المؤلّفة حولهما :

س : ما هي الكتب المؤلّفة عن الإسراء والمعراج ؟ أرجو منكم الجواب ، في أمان الله

ج : يمكنكم مراجعة الكتب التالية للاطلاع على مسألة الإسراء والمعراج :

١ ـ علم اليقين ١ / ٤٨٩ ٢ ـ حقّ اليقين ١ / ١٦٨ ٣ ـ الميزان في تفسير القرآن ١٣ / ٧ ٤ ـ الصحيح من سيرة النبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ٣ / ١٥

« ـ ـ »

كيفية رؤيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله لقضايا المستقبل :

س : ورد في أحاديث المعراج أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله رأى في هذه الجولة الملكوتية بعض أصحاب الجنّة والنار من أُمّته فيهما ، فما هو التخريج لهذه القضية ؟ مع أنّنا
______________________

(١) نفس المصدر السابق

(٢) تفسير القمّي ٢ / ٣

(٣) الأمالي للشيخ الصدوق : ٥٣٣

٢٦٨

نعلم بوقوع هذه المثوبات أو العقوبات فيما بعد ، أي أنّ المحاسبة ومن ثمّ إعطاء النتائج لأفعال العباد سوف تكون في القيامة

ج : نعم جاء في نصوص المعراج ما ذكرتم ، ولكن الذي يظهر بعد التوفيق بين الأدلّة العقلية والنقلية في المقام هو : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله شاهد الصور المثالية لهؤلاء الأشخاص ولتلك الأحداث ، لا أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله رآها بنحو القضية الخارجية والواقعية ، وبهذا ينحلّ الأشكال المذكور ، ولا يبقى أيّ استبعاد في المقام

وقد تنبّه لردّ هذا المحذور المتوهّم بعض أساطين المذهب قديماً وحديثاً ، منهم الشيخ الطبرسيقدس‌سره ، حيث قال في معرض جوابه : « فيحمل على أنّه رأى صفتهم أو أسماءهم »(١)

« ـ السعودية ـ »

كيفية تكليم الله للنبيّ :

س : كيف كلّم الله النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في ليلة المعراج ؟ وهل رأى الله ؟ وإنّني سمعت أنّه كلّمه بصوت الإمام عليعليه‌السلام ، فما هي الأدلّة على ذلك من كتب أهل السنّة ؟ وشكراً

ج : إنّ الأدلّة العقلية والنقلية قائمة على عدم إمكانية رؤية الله تعالى ـ رؤية حسّية ومادّية ـ وكذا الكلام في نوعية كلامه سبحانه وتعالى مع ما سواه( لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ) (٢) ،( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ) (٣) ، فكلّ ما روي أو نقل أو قيل خلاف ذلك فهو إمّا مؤوّل ، أو مطروح من رأسه ، فإنّ القول بالتجسيم باطل مستحيل ، كما قرّر ذلك في مباحث علم الكلام

______________________

(١) مجمع البيان ٦ / ٢١٥

(٢) الأنعام : ١٠٣

(٣) الشورى : ٥١

٢٦٩

وأمّا مخاطبة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بلسان الإمام عليعليه‌السلام في المعراج ، فهي من مناقب وفضائل الإمام أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، وقد جاء هذا الموضوع ـ مضافاً إلى المصادر الشيعة ـ في كتب أهل السنّة أيضاً ، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر : المناقب للخوارزمي(١) ، ينابيع المودّة(٢) ، المناقب المرتضوية للكشفي(٣) ، أرجح المطالب(٤) ، وغيرها

« محمود البحراني ـ البحرين ـ ١٧ سنة ـ طالب ثانوية »

ما رآهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأهل الجنّة والنار كان تمثيلاً لهم :

س : في الروايات التي جاءت عن الإسراء والمعراج أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله رأى أشكال التعذيب والجنّة والنار ، وسؤالي : كيف رأى النبيّ هؤلاء المعذّبين والمعذّبات في النار ؟ أليس عذاب النار في الآخرة ؟ أم أنّه رآهم في البرزخ ؟ ولكم الشكر الجزيل

ج : إنّ رؤية النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لذلك كرؤيته للأنبياءعليهم‌السلام في السماء ، فالروايات دلّت على أنّ الله تعالى مثّل له أرواحهم في أجساد تشبه أجسادهم التي كانت لهم في الدنيا ، ولهذا استطاع أن ينعتهم لقريش

وهذا النوع من التمثيلات ليس بممتنع عقلاً ، وكذلك ما ورد من التمثيلات التي رآهاصلى‌الله‌عليه‌وآله لأقوام يتنعّمون في الجنّة ، وآخرون يعذّبون في النار ، فهي نوع من التشبيه الحقيقي لمقامات الصالحين في معارج القرب ، وكذلك في بواطن صور المعاصي ونتائج الأعمال ، فيحمل ما ورد في ذلك على أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله رأى صفتهم وأسماءهم ، ولا مانع من أنّها نوع من التمثيلات البرزخية التي تصوّر الأعمال بنتائجها

______________________

(١) المناقب : ٣٧

(٢) ينابيع المودّة : ٨٣

(٣) المناقب المرتضوية : ١٠٤

(٤) أرجح المطالب : ٥٠٧

٢٧٠

الإسماعيلية :

عقائدها :

س : ما هي صحّة المذهب الإسماعيلي ؟ وهل لكم أن توضّحوه من كلّ جوانبه ؟ جزاكم الله خير جزاء ، وأعانكم على كلّ الأعداء ، إنّه سميع مجيب الدعاء

ج : إنّ المذهب الإسماعيلي منتسب إلى إسماعيل بن الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام

وتاريخ وفاة إسماعيل فيه اختلاف ، والصحيح أنّه توفّي سنة ١٤٥ هـ ، يعني ثلاث سنوات قبل استشهاد أبيه الإمام الصادقعليه‌السلام ، لأنّهعليه‌السلام استشهد سنة ١٤٨ هـ

والإمام الصادقعليه‌السلام فعل بجنازة إسماعيل ما لم يفعل بأحد أبداً ، فقبل أن يحمل نعشه ، جاء وفتح عن وجهه ، واشهد الحاضرين كلّهم على أنّ هذا المسجّى الميت ابنه إسماعيل ، الذي مات حتف أنفه ، ثمّ حينما حملت الجنازة من المدينة إلى البقيع ، كانعليه‌السلام بين فترة وفترة ، يأمر أن يضعوا الجنازة ، فيفتح عن وجهه ، ويشهد الناس على أن هذا الميت هو ابنه إسماعيل ، مات حتف أنفه

وفي هذا دلالة قاطعة ، على أنّ الإمام الصادقعليه‌السلام كان يرى في عمله هذا حفظ التشيّع والإمامة ، فلابدّ من دفع هذا الباطل ، وإن لم يكن ذلك اليوم قائماً فإنّه سيقوم فيما بعد ، كما يشهد التاريخ القطعي أنّ هذا الباطل قام فيما بعد

ثمّ إنّ الذين كانوا يأخذون من إسماعيل مبدأ حركة لهم ، ومركز نشاط هؤلاء أدّعو دعوتين :

الدعوى الأُولى : إنّ الإمامة كانت في إسماعيل زمن أبيه ، والإمامة إذا

٢٧١

كانت في أحد فإنّها لا تستبدل بغيره ، بل تنتقل إلى من يرثه بالإمامة

فصحيح أنّ إسماعيل مات زمن أبيه ، ولكن الإمامة كانت فيه فلا تستبدل ولا تعطى إلى أخيه موسى بن جعفر ، وإنّما تنتقل منه إلى ابنه محمّد بن إسماعيل ، الذي هو الإمام الثاني للإسماعيلية ، وعلى هذا الرأي أكثر الإسماعيلية ، الذين عاصروا الإمام الصادقعليه‌السلام ، وعاصروا الإمام الكاظمعليه‌السلام بعد استشهاد أبيه

الدعوى الثانية : إنّ إسماعيل ثبت موته ، ولكنّه قام من قبره بعد ثلاثة أيّام ، وعاد إلى الحياة ثمّ غاب ، وقد رؤي سنة ١٥٣ هـ في سوق البصرة ، وله كرامات ومعجزات

هذه الدعوى الثانية عليها ألف ملزم وملزم ، لأنّ التاريخ وكثير من الاعتبارات تشهد على بطلانها

وأساس الكلام في الدعوى الأُولى ، أنّ الإمام الصادقعليه‌السلام لم ينصّ يوماً ما على أنّ الإمام بعده إسماعيل ، بل هناك روايات كثيرة تدلّ على أنّ الإمام الصادقعليه‌السلام في حياته ، بل ومنذ أن كان الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام صبيّاً في المهد ، كان ينصّ على أن ابنه موسى هو الإمام بعده

وهذه الروايات جاءت بعضها في كتاب « الكافي » للشيخ الكليني ، في باب النصّ على إمامة موسى بن جعفرعليهما‌السلام

نعم الشيعة البعيدين عن الإمامعليه‌السلام ، كان يُخيّل إليهم أنّ الإمامة لا تكون إلّا في أكبر أولاد الإمامعليه‌السلام ، لهذا كانوا يرون أو يتنبّؤون بأنّ الإمامة سوف تكون في إسماعيل

ولمّا توفّي إسماعيل بدا لله تعالى ، أي أظهر الله تعالى جهلهم ، بعد أن كان هذا الجهل خافياً ، بأنّ الإمام ليس هو إسماعيل ، وإنّما الإمام الذي يكون حيّاً بعد وفاة الإمام الصادقعليه‌السلام ، هو الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام

فهذا معنى ما ورد في الحديث :« بدا لله في إسماعيل » (١) ،« بدا » لا أنّه
______________________

(١) الإمامة والتبصرة : ١٥

٢٧٢

جعله إماماً ثمّ عزله عن الإمامة ، بل يعني أظهر الله تعالى علمه بعد أن كان مخفيّاً ، وأظهر للناس جهلهم بعد أن كان يخيّل أنّهم عالمون بالإمام بعد الإمام الصادقعليه‌السلام ، وأنّه ابنه الأكبر إسماعيل

فقامت الدعوة الإسماعيلية على أساس ، أنّ الإمام بعد الإمام الصادقعليه‌السلام ـ بحسب الرتبة ـ هو إسماعيل ، وأنّه مات وهو إمام ، ولم تسلب منه الإمامة إلى أخيه ، وإنّما انتقلت بالإرث إلى ابنه محمّد ، هذا أساس الدعوة الإسماعيلية

نعم ، من يقول بأنّه قام بعد ثلاثة أيّام من موته ، ورجع حيّاً ، وغاب عن أعين الناس ، هذه الدعوى لا يصدّقها عاقل ، وإنّما يقبلها البسطاء جدّاً

ثمّ إنّ هناك كلام لهم موجود في مصادر الإسماعيلية ، ويعترف به الكثير منهم ، وهو بأنّ الإمام الصادقعليه‌السلام حينما توفّي نصّ على ابنه الإمام الكاظمعليه‌السلام ، ومن هنا قسّموا الإمامة إلى قسمين : إمامة مستقرّة ، وإمامة مستودعة

والإمامة المستودعة يستودعها الله تعالى في آخر تستّراً وتحفّظاً على الإمام الذي استقرّت به الإمامة الإلهية

فيدّعون أنّ إمامة الإمام الكاظمعليه‌السلام إمامة مستودعة ، تستّراً على الإمامة المستقرّة الإلهية ، التي كانت عند إسماعيل ، ثمّ استقرّت في ابنه محمّد ، هذا المعتقد يردّه ما بيّنّاه بصورة مجملة

وأمّا الحديث عن أُصول العقائد الإسماعيلية ؟ فإنّهم يدّعون أنّ للشريعة باطناً ـ وهو أهمّ جانب في الشريعة ـ وظاهراً

وأنّ الاهتمام لابدّ وأن يكون بباطن الشريعة ، وأمّا ظاهر الشريعة فلا يتقيّدون به أبداً

والأدلّة على ذلك كثيرة ، منها : إنّ الإمام بعد محمّد بن إسماعيل ، يسمّونه بقائم القيامة ، ويقولون بأنّه عند انتقال الإمامة إليه قامت القيامة ، ومعنى قيام القيامة : أنّ التكاليف كلّها سقطت عن جميع المكلّفين ، لأنّ هذه التكاليف موضوعها هذه الحياة الدنيا ، وإذا قامت القيامة سقطت التكاليف !!

فيدّعون أنّه بقيام قائم القيامة ، وهو الإمام الثالث ـ بعد إسماعيل وابنه

٢٧٣

محمّد ـ سقطت التكاليف ، وبقي باطن الشريعة يؤخذ به ، إلى أن انتقلت دولة الفاطميين من المغرب إلى مصر ، فرأى المعزّ لدين الله أنّ أكبر اتهام وزلّة ومأخذ عليهم ، أنّ جماعة الفاطميين لا يأخذون بظاهر الشريعة ، فلا يحرّمون ما حرّمه الله ، ولا يلتزمون بما أوجبه الله ، فأعلن بأنّ الأحكام الظاهرية لم تسقط ، وأنّه يجب على من يعتقد بإمامة إسماعيل الأخذ بظاهر الشريعة وباطنها معاً إلى زمن الحاكم بأمر الله الفاطمي

ثمّ إنّ فرقة الدروز تعتقد : بأنّ الحاكم بأمر الله هو أفضل من أمير المؤمنينعليه‌السلام ، لأنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام كان يعلم بباطن الشريعة وظاهرها ، وفي نفس الوقت كان يعلم أنّ الأساس هو العمل بباطن الشريعة دون ظاهرها ، ولكنّه خدع الناس بالتزامه بالظاهر ، وأمّا الحاكم بأمر الله فهو ألقى ثوب الظاهر وأظهر الباطن

ثمّ إنّ الإسماعيلية على قسمين : إسماعيلية شرقية ـ ويسمّون الآن بالأقاخانية ـ وإسماعيلية غربية ـ ويسمّون بالمستعلية أو البهرة أو الداودية ـ وإسماعيلية الأقاخانية لا يتقيّدون بأيّ حكم من ضروريات الدين ، فلا يحجّون ولا يصلّون ولا يزكّون ولا ، بل ولا يأتون إلى زيارة العتبات المقدّسة

نعم الإسماعيلية المستعلية يتقيّدون بالأحكام الإلهية ، فيحجّون و ويأتون إلى زيارة العتبات المقدّسة ، ولكن لا يأتون إلى زيارة الإمام الكاظمعليه‌السلام ، ومن بعده من الأئمّةعليهم‌السلام ، لعدم اعتقادهم بهم كأئمّة

« أبو صافية اليامي ـ السعودية ـ إسماعيلي ـ ٤٠ سنة ـ متخصّص في الفقه والفكر الإسلامي »

تعليق على الجواب السابق وجوابه :

س : إنّه ليحزّ في نفسي أن أجد مثل هذه الإجابة الفجّة الخاطئة من منسوبي طائفة نكنّ لها كلّ الودّ والحبّ ، ولم يدر في خلدي أبداً أنّ إخواننا الإمامية سوف يقعون في نفس المستنقع الذي وقع فيه غيرهم من دعاة الفرقة والتناحر ،

٢٧٤

الذين يكيلون التهم جزافاً ، ويرمون المؤمنين بما هم منه براء ، طلباً منهم إلى إشباع رغباتهم ، وتحكيم أهوائهم بلا دليل ولا برهان ، وإمعاناً منهم في زيادة الهوة ومساهمة في توسيع دائرة الفرقة ، وحسبنا الله ونعم الوكيل

ونقول : مع الأسف لقد جازف المجيب في كثير من المعلومات التي أوردها ولم يحالفه التوفيق ، لأنّه لم يراع حرمة الأمانة العلمية ، ولم يتوخّ الدقّة والإنصاف فيما أورده

وبالرغم من أنّني لن أردّ على جميع الأخطاء التي وردت في مجمل إجابتك ، لكن سوف أُعلّق على بعض النقاط ، آمل أن تجد عندكم إنصافاً ، وأن تأخذ مكانها كملحق على الإجابة السابقة

أوّلاً : كأنّك تشير بطرف خفي أنّ جميع الأحاديث الواردة في مدى الحبّ والتقدير الشديدين من الإمام الصادقعليه‌السلام للإمام إسماعيل تعتبر عن مجرد احترام ظاهر ، وكأنّك تريد أن تقول : إنّ الإمام جعفرعليه‌السلام كان يبطن شيئاً آخر اتجاه ابنه الأكبر إسماعيل ، وهذا ما تنفيه الروايات الصحيحة عنه في كتب السيرة ، وفي كتب الإمامية على وجه الخصوص

ثانياً : أردت أن تحوّر الحادثة الفريدة ، والتصرّف الذي لم يسبق له مثيل عند كشف جنازة الإمام إسماعيل ، والإشهاد عليها ، لتلويها بما يوافق هواك

فلئن كان الصادقعليه‌السلام يتخوّف على محبّي إسماعيل من اعتقاد إمامته ، فإنّ هذا لعمري لأكبر دليل أنّ الأمر قد تفشّى في الشيعة أنّه الإمام بعد أبيه ، وقد كان بإمكانه أن ينصّ على أحد أبنائه الآخرين جهراً ، وينفي الإمامة منه بدلاً من أخذ الشهادات على وفاته بهذه الطريقة الغريبة

وممّا لا جدل فيه : إنّ كثيراً من الشيعة يعلمون أنّ الإمامة في إسماعيل في حياة الصادقعليه‌السلام بشهادة الكثير من الإمامية ، ومنهم على سبيل المثال النوبختي في كتاب فرق الشيعة وغيره ، وبشهادتك نفسك حيث قلت : وعلى هذا الرأي أكثر الإسماعيلية ، الذين عاصروا الإمام الصادقعليه‌السلام

ومن فمك أدينك ، وفي هذا ما يدلّ على أنّ الهوى قد حجبك عن رؤية الحقيقة

٢٧٥

ثالثاً : قولك : إنّ الإمام الصادقعليه‌السلام لم ينصّ يوماً ما على أنّ الإمام بعده إسماعيل

فهو قول تخالفه الروايات والوقائع التاريخية ، ورويتم مثل ما روينا أنّ الإمامة في إسماعيل ، وعندما أعيتكم الحيل لجأتهم إلى أنّ المشيئة الإلهية قد تغيّرت إرضاء لهواكم ، فاخترعتم نظرية البداء الباطلة ، بقولكم المزعوم : « ما بدا لله في شيء كما بدا له في إسماعيل »(١) ، فلا تحاولوا تفسيرها بشيء من التلفيق والتأويل المعوج عندما انكشفت للجميع وظهر بطلانها ، ولا يصلح العطّار ما أفسد الدهر

رابعاً : ادعاؤك أنّ الإسماعيلية ترى أنّ الجانب الباطني للشريعة أهمّ من الجانب الظاهري ، فقول من جانبه الصواب ولم ينظر بعين الإنصاف ، فالإسماعيلية المحقّة أتباع الأئمّة الفاطميين الأطهار ، تطفح تآليفهم بالردّ على من يدّعي ترجيح أيّ جانب على الآخر ، وإنّما يرون أنّهما سيّان ، يؤكّد كلّ منهما الآخر ، ويشدّه ويؤيّده ، وإن استطعت أن تنقل لنا مصدر معلوماتك فأورده مشكوراً لنتدبّره ، ولا أظنّك تستطيع

أمّا قولك ـ : وإنّ الاهتمام لابدّ وأن يكون بباطن الشريعة ، وأمّا ظاهر الشريعة فلا يتقيّدون به أبداً ـ فأطم وأشنع ، ومن يكيل التهم جزافاً فالله حسيبه

وقولك : أنّ الإمام المعزّ لدين الله هو الذي أعاد أحكام الشريعة فبهتان عظيم ، وقول مفترى عار عن الصحّة ، تكذّبه الحقائق التاريخية ، ومؤلّفات علمائنا عن بكرة أبيهم ، وليس له سند علمي ولا تاريخي ولا نقلي ، وإنّي أربأ بإخواننا الإمامية ، وهم الذين اكتووا وتضرّروا كثيراً من أقوال المشنّعين المفترين ، أن يسلكوا هذا المسلك المخزي من الكذب والبهتان والمجازفة بالتهم الشنيعة بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير

وأربأ بهم عن كيل الأباطيل على طائفة كبيرة ملأت الأرض نوراً وعلماً ،
______________________

(١) المسائل العكبرية : ١٠٠ ، تفسير القمّي ١ / ٤٠

٢٧٦

وأعادت للإسلام ولمذهب أهل البيتعليهم‌السلام رونقه وبهاءه بعد اندراسه ، وأحيوا ما أماته الظالمون منه ، فعاد غضّاً طرياً كما كان بديئاً ولو كره الظالمون

خامساً : أمّا افتراءاتك على الإمام الحاكم بأمر الله معزّ الإسلام وبدر التمام ، صاحب العلوم المضيئة والأنوار البهية فكسابقتها مبنية على غير أساس ، فمن يتصدّر للإجابة والفتوى فيما لا يعلم فتلك مصيبة عظيمة ، ومنقصة لا تليق بإخواننا الإثنا عشرية ، وكان الأولى بك أن ترجع إلى الكتب التي ألّفها الإمام الحاكم ودعاته الأبرار في الردّ على انحراف الدروز واعتقادهم الفاسد ، وتبرئ الإمام الحاكم من باطلهم وكفرهم لا أن تحكّم الهوى ، وتبني أحكامك على أقوال المتخرّصين من أعداء أهل البيتعليهم‌السلام ، راجع على سبيل المثال : كتاب الرسالة الواعظة في الردّ على ترهات الدروز وضلالهم ، من تأليف حميد الدين أحمد بن عبد الله الكرماني ، أكبر دعاة الإمام الحاكم بأمر الله ، فقد أتى فيها من الحجج والبراهين بما يفنّد زورك وكذبك

سادساً : أمّا كلامك الموجّه إلى الآغاخانية في عدم تقيّدهم بشيء من ضروريّات الدين ، فليس لدي المعرفة الكافية عن ممارساتهم ، وعيب بي أن أتصدّر للردّ نيابة عنهم حمية بلا علم ولا دليل ، والتهمة متوجّهة إليهم والردّ متحتّم عليهم

هذا ما أحببت أن أضيفه ، والله يجمع أُمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ما فيه صلاحها ، وأن يبعدها عن ما يوقعها في شباك الفرقة والتنابز بالألقاب ، ورمي الغافلين بما هم منه براء

ج : لعلّ من الطبيعي أن تدافع عن عقيدتك بهذا الدفاع ، وترى ما يقال عنها خاطئاً ، ولكن مثل ما تدعو جميع الفرق للبحث عن الحقيقة ومعرفة الفرقة الناجية ، لابدّ أن يكون الكلام شاملاً لكم ولنا أيضاً ، فنحن ندعو جميع المسلمين للبحث الموضوعي البعيد عن التعصّب والعاطفة ، ومن حقّك أن تستمر في متابعة أقوالنا ، ولك الحقّ في الردّ على أيّ قول لا تراه صحيحاً ، حتّى نتوصّل وإيّاك إلى معرفة الحقيقة

وهذا لا يعني أنّنا نسعى للفرقة والتناحر ، بل نحن مع الحوار الهادئ المبني

٢٧٧

على الودّ والمحبّة لجميع من يطلب الحقيقة ، ونحن نجيب عن النقاط التي ذكرتها ونرجو الوصول إلى الحقّ من دين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيتهعليهم‌السلام

أوّلاً : أنّ ما يبطنه الإمام الصادقعليه‌السلام لإسماعيل هو أنّه ليس الإمام بعده ، وإن كان يظهر له الحبّ والاحترام هذا ما كنّا نعنيه ، وإذا وردت من الروايات ما يشير إلى وجود احترام وتقدير ، فإنّ الإمامة الصحيحة لا تعرف بالحبّ والاحترام ، بل تحتاج إلى تعريف من الله تعالى أنّه هو الإمام ، والإمام الصادقعليه‌السلام كان يعلم أن إسماعيل ليس هو الإمام بعده لعلامات موجود فيه ، يعرفونها منذ ولادته ، ويتناقلونها أباً عن جدّ عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فالتعامل معه كان لا يتعدّى الحبّ والتقدير لأحد أبنائه بل أكبرهم

ثانياً : نحن لا ننكر أنّ بعض الشيعة قد توهّم أنّ الإمام بعد الصادقعليه‌السلام هو إسماعيل ، باعتبار أنّه أكبر الأولاد ، وهذا التوهّم لا يكفي في جعل إسماعيل إماماً ، بل لابدّ من نصّ ، والنصّ موجود في حقّ أخيه ، وما فعله الإمام الصادقعليه‌السلام من أخذ الشهادات هي شيء إضافي ، ليثير انتباه المتوهّمين ، وللتأكيد عدم الإمامة في إسماعيل ، وهذا الوهم الحاصل عند بعض الشيعة الناتج من كون إسماعيل أكبر الأولاد هو الذي أشرنا إليه بقولنا : وعلى هذا أكثر الإسماعيلية

ونحن نذكر لك نصّاً واحداً أشار فيه الإمام الصادقعليه‌السلام على إمامة موسى الكاظم ، وهناك المزيد ، فعن أبي جعفر الضرير ، عن أبيه قال : كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام وعنده إسماعيل ابنه ، فسألته عن قبالة الأرض ، فأجابني فيها ، فقال له إسماعيل : يا أبه ، إنّك لم تفهم ما قال لك !

قال ـ الراوي ـ : فشقّ ذلك عليّ ، لأنّا كنّا يومئذ نأتمّ به بعد أبيه ، فقال ـ الإمام لإسماعيل ـ :« إنّي كثيراً ما أقول لك : الزمني وخذ منّي فلا تفعل » ، قال : فطفق إسماعيل وخرج ، ودارت بي الأرض ، فقلت : إمام يقول لأبيه : إنّك لم تفهم ، ويقول له أبوه :« إنّي كثيراً ما أقول لك تقعد عندي ، وتأخذ منّي ، فلا تفعل » !

٢٧٨

قال : فقلت : بأبي أنت وأُمّي ، وما على إسماعيل أن لا يلزمك ؟ ولا يأخذ عنك ، إذا كان ذلك وأفضت الأُمور إليه ، علم منها الذي علمته من أبيك حين كنت مثله ؟ قال : فقال :« إنّ إسماعيل ليس منّي كأنا من أبي »

قال : فقلت : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، ثمّ إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، فمن بعدك ـ بأبي أنت وأُمّي ـ ؟ فقد كانت في يدي بقية في نفسي ، وقد كبرت سنّي ، ودقّ عظمي ، وجاء أجلي ، وأنا أخاف أن أبقى بعدك ، قال : فرددت عليه هذا الكلام ثلاث مرّات ، وهو ساكت لا يجيبني ، ثمّ نهض في الثالثة وقال :« لا تبرح » ، فدخل بيتاً كان يخلو فيه ، فصلّى ركعتين ، يطيل فيهما ، ودعا فأطال الدعاء ، ثمّ دعاني ، فدخلت عليه ، فبينا أنا عنده ، إذ دخل عليه العبد الصالح ، وهو غلام حدث ، وبيده درّة ، وهو يبتسم ضاحكاً ، فقال له أبوه :« بأبي أنت وأُمّي ، ما هذه المخفقة التي أراها بيدك » ؟

فقال :« كانت مع إسحاق يضرب بها بهيمة له ، فأخذتها منه » ، فقال :« أدن منّي » ، فالتزمه وقبّله وأقعده إلى جانبه ، ثمّ قال :« إنّي أجد بابني هذا ما كان يعقوب يجد بيوسف »

قال : فقلت : بأبي أنت وأُمّي ، زدني .

قال الإمام الصادق :« قم ، فخذ بيده ، فسلّم عليه ـ أي على الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام ـفهو مولاك وإمامك من بعدي ، لا يدّعيها فيما بيني وبينه أحد إلّا كان مفترياً ، يا فلان إن أخذ الناس يميناً وشمالاً فخذ معه ، فإنّه مولاك وصاحبك ، أمّا أنّه لم يؤذن لي في أوّل ما كان منك »

قال : فقمت إليه فأخذت بيده فقبّلتها ، وقبّلت رأسه ، وسلّمت عليه ، وقلت : أشهد أنّك مولاي وإمامي ، إلى أن يسأل الراوي الإمام : بأبي أنت وأُمّي أخبر بهذا ؟ قال :« نعم ، فأخبر به من تثق به ، وأخبر به فلاناً وفلاناً ـ رجلين من أهل الكوفة ـوارفق بالناس ، ولا تلقين بينهم أذى »

قال : فقمت فأتيت فلاناً وفلاناً ، وهما في الرحل ، فأخبرتهما الخبر ، وأمّا

٢٧٩

فلان فسلّم ، وقال : سلّمت ورضيت ، وأمّا فلان فشقّ جيبه ، وقال : لا والله لا أسمع ولا أطيع ، ولا أقرّ حتّى أسمع منه .

فلمّا جاء إلى الإمام قال له :« ابني موسى إمامك ومولاك بعدي ، لا يدّعيها أحد فيما بيني وبينه إلّا كاذب ومفتر » (١)

والحادثة الفريدة التي ذكرناها تصرّف طبيعي من إمام معصوم ، وزعيم لطائفة الحقّ في أن يدفع عن اتباعه أيّ توهّم ، كأن يعتقدوا بقاء إسماعيل حيّاً وغيبته ، ولا يحكم العقل بأنّه لا يكون مثل هذا التصرّف من الإمامعليه‌السلام إلّا إذا كان أكثر الشيعة يعتقدون بإمامة إسماعيل ، بل العقل يحكم بالعكس ، وأنّ وظيفة الإمامعليه‌السلام ـ الذي هو لطف من الله ـ تحتّم عليه دفع الشبهات ، حتّى عن العدد القليل من أصحابه ، بل الواحد ، بل قد يحصنهم قبل الشبهة ، والشواهد من الروايات على ذلك كثيرة ، فاستفادة أكثر الإسماعيلية من فعل الإمام بإسماعيل هنا ما هو إلّا توهّم ومبالغة

فقولك ـ : فإنّ هذا لعمري لأكبر دليل أنّ الأمر قد تفشّى في الشيعة ـ لهو تسرّع في القول لا يقبله العقل العلمي ، ولابأس من الإشارة أنّه بعد أن فعل الإمامعليه‌السلام بإسماعيل ما فعل عاد الكثير ممّن كانوا يتوهّمون أنّ الإمامة ستكون في إسماعيل إلى الحقّ بإمامة موسى الكاظمعليه‌السلام ، وهي الفائدة المرجوة من فعل الإمامعليه‌السلام

ثمّ من قال لك أنّا نستدلّ على إمامة موسى الكاظمعليه‌السلام بما فعله الإمام الصادقعليه‌السلام بإسماعيل ؟ ومن قال لك أنّ الإمام لم ينصّ على الإمام بعده ؟ بل إنّ الإمامعليه‌السلام فعل الأمرين ، وهو غاية التدبير والتبليغ ، فقد نصّ على الإمام الكاظمعليه‌السلام في زمن حياة إسماعيل وعند وفاته وبعدها ، كما كشف عن وجه إسماعيل ليثبت للشيعة موته القطعي دفعاً لأيّ توهّم أو شبهة

______________________

(١) الإمامة والتبصرة : ٦٦

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576