موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ١

موسوعة الأسئلة العقائديّة13%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-01-0
الصفحات: 576

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 576 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 227373 / تحميل: 6769
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠١-٠
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

ج : مدرسة أهل البيتعليهم‌السلام لا تكفّر أحداً ، إلّا إذا كان ناصبياً ، والناصبي هو من نصب العداء لأهل البيتعليهم‌السلام

ولم يثبت أنّ الشيعة هم الذين قاموا باغتيال إحسان إلهي ظهير ، وإذا ثبت فإنّما هو عمل فردي ناجم عن ردّة فعل ، ولا يحسب هذا العمل على الطائفة الشيعية ، وكم نشاهد في العالم من أعمال ناجمة عن ردّة فعل ، ولا تحسب على طائفة معيّنة

٢٢١
٢٢٢

الأذان والإقامة :

« جنيد عباس ـ غانا ـ »

تشريع الأذان :

س : سعادة الأعزّاء : متى شرّع الأذان ؟ وكيف شرّع ؟ وكيف كانت الصيغة في زمن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع ذكر الأدلّة والمصادر ، ودمتم بخير

ج : للإجابة على السؤال يحسن بنا أن نذكر كيفية تشريع الأذان عند أهل السنّة

إذا رجعنا إلى الروايات التي وردت عند أهل السنّة حول كيفية تشريع الأذان نجدها تذكر بأنّ التشريع جاء من رؤيا رآها صحابي أو صحابيان أو ستّة أو اثنا عشر ـ حسب اختلاف الروايات ـ ومن ثمّ اقترح تلك الرؤية على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والنبيّ استحسن ذلك الفعل وأمر الناس بفعله وأضافه إلى الصلاة

وإليك نصّ الرواية : « اهتمّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله للصلاة ، كيف يجمع الناس لها ، فقيل له : انصب راية عند حضور الصلاة ، فإذا رأوها أذّن بعضهم بعضاً ، فلم يعجبه ذلك ، قال : فذكر له القنع ـ يعني الشبور ـ وقال زياد : يعني شبور اليهود ، فلم يعجبه ذلك ، وقال :« هو من أمر اليهود » ، قال : فذكر له الناقوس ، فقال :« هو من أمر النصارى » ، فانصرف عبد الله بن زيد بن عبد ربّه وهو مهتمّ لهمّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأُري الأذان في منامه

قال : فغدا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبره ، فقال له : يا رسول الله إنّي لبين نائم ويقظان إذ آتاني آت فأراني الأذان ، قال : وكان عمر بن الخطّاب قد رآه قبل ذلك

٢٢٣

فكتمه عشرين يوماً ، ثمّ أخبر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له :« ما منعك أن تخبرني » ؟ قال : سبقني عبد الله بن زيد فاستحيت

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« يا بلال ، قم فانظر ما يأمرك به عبد الله بن زيد فافعله » ، قال : فأذّن بلال »(١)

وعند الرجوع إلى هذه الروايات الناقلة كيفية تشريع الأذان نجد الاختلافات الكثيرة فيها ، ففيها :

١ ـ إنّ الرواية عن ابن زيد مختلفة ، ففي بعض النصوص أنّه رأى الأذان في المنام واليقظة ، وفي نقل آخر تقول : رآه في المنام ، وفي نقل ثالث تقول : إنّه قال : لولا أن يقول الناس لقلت : إنّي كنت يقظان غير نائم ؟!

٢ ـ رواية تقول : إنّ عبد الله بن زيد رآه ، فاخبر به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأُخرى تقول : إنّ جبرائيل أذّن في سماء الدنيا ، فسمعه عمر وبلال فسبق عمر بلالاً فأخبر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ جاء بلال فقال له :« سبقك بها عمر » !!

٣ ـ رواية تنصّ على أنّ ابن زيد رآه ، ورواية أُخرى تقول : إنّ سبعة من الأنصار رآه ، ورواية تقول : أربعة عشر صحابياً رأوه ، ورواية تدخل عبد الله بن أبي بكر

٤ ـ رواية تنصّ على أنّ بلالاً كان يقول : اشهد أن لا إله إلّا الله ، حيّ على الصلاة ، فقال له عمر : أشهد أنّ محمّداً رسول الله ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لبلال :« قل كما قال عمر » !!

٥ ـ رواية تفرد فصول الأذان ، ورواية أُخرى تثنّيها ؟!

٦ ـ رواية تقول : إنّ عبد الله بن زيد هو الذي أخبر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك ، ثمّ أخبره عمر بن الخطّاب ، فقال له النبيّ :« ما منعك أن تخبرني » ؟!

______________________

(١) سنن أبي داود ١ / ١٢٠ ، السنن الكبرى للبيهقي ١ / ٣٩٠ ، فتح الباري ٢ / ٦٦ ، عمدة القاري ٥ / ١٠٦ ، السيرة الحلبية ٢ / ٣٠٢ ، كنز العمّال ٨ / ٣٣٢ ، عيون الأثر ١ / ٢٦٩ ، سبل الهدى والرشاد ٣ / ٣٥٣

٢٢٤

وقد أوقع اختلاف الروايات الشرّاح والمحدّثين في كيفية الجمع بين هذه الأحاديث فقالوا :

أوّلاً : إنّ هذه الرؤية هي رؤية غير الأنبياءعليهم‌السلام ، ورؤية غيرهم لا يثبت بها حكم شرعي ؟!(١)

وقد أجابوا عن هذا الإشكال بقولهم : باحتمال مقارنة الوحي لذلك(٢) !

وهذا كلام بارد لا يمكن أن يبنى عليه حكم شرعي ، مادام أنّ مجيبه صدّره بالاحتمال ، إذ الاحتمال لا يجري نفعاً في المقام مادام المسألة شرعية ، وتحتاج إلى قطع ويقين من أنّ الوحي أمر بمثل تلك الرؤية !

وأجيب أيضاً : أو لأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بمقتضى الرؤية لينظر أيقرّ على ذلك أم لا ، ولاسيّما لمّا رأى نظمها يبعد دخول الوسواس فيه(٣) !!

وفيه بطلان واضح ، إذ إنّ ذلك ليس من اجتهادهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ على القول بكونه يجتهد في الأحكام الشرعية كما يجوّزون ذلك ـ وإنّما هي رؤية لغيره فلا محلّ لإقحام مسألة جواز الاجتهاد له في الأحكام هنا من عدمه ؟!

على أنّه لماذا لا يأتيه الوحي ابتداءً ويخبره بكيفية الأذان بدل أحالته إلى رؤية شخص ، ثمّ إمضاء ذلك الفعل من قبله ؟!

أضف إلى ذلك أنّ الصلاة شرّعت في ليلة معراج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلماذا لم يشرّع معها الأذان ؟ وترك النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في حيرة من أمره لا يدري كيف يعلّم الناس بوقت الصلاة حتّى فرّج عنه برؤية عبد الله بن زيد ، أو عمر بن الخطّاب ، أو بلال ، أو أبي بكر ، أو غيرهم من الصحابة ؟‍!

قال الحافظ : « وقد حاول السهيلي الجمع فتكلّف وتعسّف ، والأخذ بما صحّ أولى ، فقال بانياً على صحّة الحكمة في مجيء الأذان على لسان الصحابي ، أنّ
______________________

(١) فتح الباري ٢ / ٦٤ ، شرح الزرقاني على الموطّأ ١ / ١٩٨

(٢) شرح الزرقاني على الموطّأ ١ / ١٩٨

(٣) نفس المصدر السابق

٢٢٥

النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله سمعه فوق سبع سماوات وهو أقوى من الوحي ، فلماذا تأخّر الأمر بالأذان عن فرض الصلاة ، وأراد إعلامهم بالوقت رأى الصحابي المنام فقصّه ، فوافق ما كانصلى‌الله‌عليه‌وآله سمعه فقال : إنّها لرؤيا حقّ ، وعلم حينئذ أنّ مراد الله بما أراه في السماء أن يكون سنّة في الأرض ، وتقوّى ذلك بموافقة عمر ، لأنّ السكينة تنطق على لسانه ، والحكمة أيضاً في إعلام الناس به على غير لسانهصلى‌الله‌عليه‌وآله التنويه بقدره ، والرفع لذكره بلسان غيره ليكون أقوى لأمره ، وأفخر لشأنه »(١)

وفي كلامه تكلّفات كثيرة نشير إليها تباعاً

١ ـ إقراره بأنّ الأذان سمعه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله سواء كان في معراجه الأوّل أو الثاني ، وهذا ما نقرّه ونصحّحه لما سيأتي ، لكنّه تعلّل بأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يخبر به إلّا بعد رؤية عبد الله بن زيد وتأييده برؤية عمر الذي تنطق السكينة على لسانه

إلّا أنّ هذا الكلام باطل ؛ لأنّ الروايات تذكر أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بقي حائراً في كيفية إعلام الناس بالصلاة ، واقترح عليه الصحابة عدّة اقتراحات ـ كوضع راية أو ناقوس أو استخدام شعار النصارى ـ والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يقبل ذلك ، وبقي حائراً ، فإذا كان النبيّ قد سمع الأذان من فوق سبع سماوات فلا معنى للحيرة حينئذ ، بل بنفسه يشرّع لهم الأذان الذي سمعه في السماوات بلا تردّد ، وعدم الحاجة إلى رؤية زيد وتأييد عمر !!

وإذا كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أقدم على الفعل بعد تأييده برؤية زيد وعمر ، فهذا يعني تشكيك النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فيما سمعه من الأذان في السماء ، وهذا باطل لأنّه يلزم منه خلاف ما فرضه السهيلي من الجزم برؤيته في السماء السابعة

٢ ـ إنّ الرواية التي صحّحها السهيلي واردة بلفظ أنّ ملكاً من السماء علّم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الأذان كما علّمه الصلاة ، ومن الواضح إنّ تعليم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من الله تعالى حتّى يعلّم أُمّته ، والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قد فعل ذلك ، فقد علَّم أُمّته الصلاة ، فإذاً لابدّ أن يعلّمهم الأذان ، وإلّا كان قد أخفى عليهم ما كان عليه تعليمهم ، وهذا
______________________

(١) المصدر السابق ١ / ١٩٩

٢٢٦

باطل لا يرتضى في حقّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله

٣ ـ إنّ الروايات صريحة في أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا اقترحوا عليه ما تفعله اليهود رفض ، وما تفعله النصارى فرفض أيضاً ، وعلّل ذلك بكراهة مشابهتم ، مع أنّهم رووا في روايات أُخرى صحيحة أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يحبّ موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل فيه وحي ، والمفروض أنّ هذا لم ينزل فيه وحي ، فعليه لابدّ أن يوافقهم الرسول ولا يردّ اقتراحهم !!

٤ ـ إنّ تعليل الكلام بكون « إعلام للناس به على غير لسانهصلى‌الله‌عليه‌وآله التنويه بقدره والرفع لذكره بلسان غيره ليكون أقوى لأمره وأفخم لشأنه » تعليل عليل لأنّ هذا الأمر يتعلّق بالشرع المقدّس ، فإظهاره على لسانه أشدّ وأقوى من إظهاره على لسان غيره ، لأنّه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله المكلّف بتبليغ الرسالة إلى الناس ، وإلّا إذا رضيت بهذا التعليل يلزم من أن تظهر تشريعات أُخرى على لسان غيره ، لورد نفس التعليل فيها ، مع إنّه لم يظهر ذلك ولم ينقل

وفي الواقع إنّ هذه الأُمور التي يذكرونها ما هي إلّا تعليلات عليلة أخترعها عقولهم ، وصوّرتها مخيّلتهم لأجل تبرير الواقع الذي نقلته هذه الروايات ، من كون الأذان ناشئ عن رؤية لعبد الله بن زيد ، فالتجاؤوا إلى هذه الأُمور العليلة التي لا تغني ولا تسمن من جوع ، بدل حفظ كرامة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والرسالة والإيمان بأنّ الأذان شرّعه الله تعالى على لسان نبيّه الكريم لا عن رؤية حلمية أو اقتراح التزم به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله !! فإنّ ذلك كلّه يؤدّي إلى استنقاص الرسالة والحطّ من قيمتها الإلهية ! وسوف نبيّن لاحقاً أنّ الأذان تشريع إلهي نزل من السماء ، فكن على ذكر من ذلك

وهناك إشكال عامّ يرد على جميع الروايات ، وهو ما ذكره الحاكم في « المستدرك » حيث قال : « وإنّما ترك الشيخان ـ البخاري ومسلم ـ حديث عبد الله بن زيد في الأذان ، والرؤيا التي قصّها على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بهذا الإسناد لتقدّم موت

٢٢٧

عبد الله بن زيد ، فقد قيل : إنّه استشهد بأُحد ، وقيل بعد ذلك بيسير »؟(١)

فإذاً تبطل الرواية من الأصل لأنّها رويت بعد موت عبد الله بن زيد وهذا لا يمكن قبوله ، ودليل على وضع الرواية وبطلان كلّ ما يبنى عليها ، واستند إليها

وقال ابن حجر : « وفي الحلية في ترجمة عمر بن عبد العزيز بسند صحيح عن عبد الله العمري قال : دخلت ابنة عبد الله بن زيد بن ثعلبة على عمر بن عبد العزيز فقالت : أنا ابنة عبد الله بن زيد شهد أبي بدراً ، وقتل بأُحد ! فقال : سليني ما شئت ، فأعطاها »(٢)

فإذاً مع إيمان ابن حجر العسقلاني بأنّ عبد الله بن زيد استشهد بأُحد ، وعليه تكون الروايات المروية عن رؤيا الأذان منقطعة ، ولكنّنا مع ذلك نجده يستدلّ برؤيته على شرعية الأذان

فانظر إلى الأمانة العلمية والتقوى التي يحملها ابن حجر وغيره من أقطاب المذهب السنّي !!

والصحيح أنّ الأذان شرّعه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بأمر الله تعالى ، وقد وردت بذلك روايات عديدة من طرق أهل السنّة ، وهي صحيحة السند أيضاً ، فقد أخرج الحاكم بسنده عن سفيان بن الليل قال : « لمّا كان من أمر الحسن بن علي ومعاوية ما كان ، قدمت عليه المدينة وهو جالس في أصحابه ، فذكر الحديث بطوله قال : فتذاكرنا عنده الأذان ، فقال بعضنا : إنّما كان بدء الأذان رؤيا عبد الله بن زيد بن عاصم ! فقال له الحسن بن علي :« إنّ شأن الأذان أعظم من ذاك ؛ أذّن جبرائيل عليه‌السلام في السماء مثنى مثنى ، وعلّمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأقام مرّة مرّة ، فعلَّمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » ، فأذّن الحسن حين ولي »(٣)

______________________

(١) المستدرك ٤ / ٣٤٨

(٢) الإصابة ٤ / ٨٥

(٣) المستدرك ٣ / ١٧١

٢٢٨

وعلّق الذهبي على الرواية بقوله : « قال أبو داود : نوح كذّاب ، وهو قول ابن الملقن انتهى

والمقصود بنوح هو نوح بن درّاج اتهم بالكذب والوضع ! ولم يبيّن سبب كذبه ، ولكن الجوزجاني كشف لنا عن سبب تضعيفه ، فقال : زائغ »(١)

ومقصود الجوزجاني بالزيغ هو التشيّع كما أفصح عن ذلك الذهبي في ترجمة الجوزجاني في « ميزان الاعتدال »(٢)

وعليه فسبب طعنه كونه شيعياً لا غير ، وإلّا إذا رجعنا إلى ترجمته نجدهم رموه بالكذب والزيغ والوضع بلا أيّ مبرّر أو دليل ، أو قل هو جرح مبهم ، وقد كشف عنه الجوزجاني فصار جرحاً مفسّراً ، وبما أنّه ليس بجرح حتّى على مبانيهم فيكون جرحه لا قيمة له ويحكم بوثاقته كما ذكر بعضهم ! فإذاً الرواية صحيحة

الرواية الثانية : عن زياد بن المنذر ، حدّثني العلاء قال : قلت لابن الحنفية : كنّا نتحدّث أنّ الأذان رؤيا رآها رجل من الأنصار ففزع وقال : عمدتم إلى أحسن دينكم فزعتم أنّه كان رؤيا !! هذا والله باطل !

ولكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا عرج به انتهى إلى مكان من السماء ووقف ، وبعث الله ملكاً ما رآه أحد في السماء قبل ذلك اليوم فعلّمه الأذان(٣) ، وهذا الحديث ضعّف بسبب وجود زياد بن المنذر في الرواية !

وعند الرجوع إلى ترجمته نجد أن تضعيفه لم يكن لفرية ارتكبها ، أو مروق عن الدين ركبه ، وإنّما ضعّف لأنّه شيعي يروي فضائل أهل البيتعليهم‌السلام ، قال ابن عدي : « ويحيى ابن معين إنّما تكلّم فيه وضعّفه لأنّه يروي فضائل أهل البيت »(٤)

______________________

(١) تهذيب الكمال ١٩ / ١٧١

(٢) ميزان الاعتدال ١ / ٧٦

(٣) شرح الزرقاني على الموطّأ ١ / ١٩٩

(٤) تهذيب الكمال ٦ / ٤٠٩

٢٢٩

وعلى ذلك تكون الرواية صحيحة السند ، لأنّ تضعيف الراوي لم يكن ناشئاً عن جرح معتدّ به ومقبول ، وإنّما ضعّف لأجل التعصّب والهوى ضدّ أهل البيتعليهم‌السلام

ومن هذا يتّضح العداء الذي يكنّه علماء أهل السنّة لأهل البيتعليهم‌السلام ، والنفور من رؤية فضائلهم ، ممّا أدّى بهم إلى جعل رواية فضائلهم موحية لتضعيف الراوي وإسقاطه عن المقبولية ، وتتّضح لديك مقولة ابن حجر التي قال فيها : وقد كنت استشكل توثيقهم الناصبي غالياً وتوهينهم الشيعة مطلقاً ، ولاسيّما أنّ علياً ورد في حقّه :« لا يحبّه إلّا مؤمن ، ولا يبغضه إلّا منافق » (١)

فالعداء متجذّر في علماء الحديث لغمورهم في النصب ، فلذلك يطعنون برواة فضائل أهل البيتعليهم‌السلام ، ولك في النسائي ، والصنعاني ، والحاكم ، وغيرهم خير شاهد

وأمّا الروايات الواردة عن أهل البيتعليهم‌السلام والمروية في كتب علماء الشيعة فهي كثيرة ، وتنصّ على أنّ الأذان تشريع من الله تعالى من دون مدخلية للأحلام والمنامات الليلية فيه(٢)

وفي « بدائع الصنائع » بعد أن نقل رواية رؤية عبد الله بن زيد قال : « وروي عن محمّد بن الحنفية أنّه أنكر ذلك »(٣)

وقال السيوطي : ( الأذان نزل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مع فرض الصلاة :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ ) )(٤)

______________________

(١) تهذيب التهذيب ٨ / ٤١١

(٢) أُنظر : الكافي ٣ / ٣٠٢

(٣) بدائع الصنائع ١ / ١٤٧

(٤) الدرّ المنثور ٦ / ٢١٨ ، والآية في سورة الجمعة : ٩

٢٣٠

« محمّد ـ ـ »

التثويب بدعة باطلة :

س : هل التثويب وهو قول : « الصلاة خير من النوم » جائز في الأذان ؟

ج : هذه بدعة باطلة أحدثها عمر(١) ، واستمرّ عليها الآخرون ، ولا أصل لها في أذان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حتّى إنّه ورد في بعض الأخبار ، إنكار عبد الله بن عمر لهذا العمل(٢) ، وأنّ الإمام عليعليه‌السلام حينما سمعه قال : « لا تزيدوا في الأذان ما ليس منه »(٣) ، وأيضاً قد أفتى الشافعي بكراهة التثويب في الأذان مطلقاً(٤)

هذا ، وقد ورد عندنا الأذان الصحيح المنقول بلسان أهل البيتعليهم‌السلام عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بأسانيد معتبرة ، وليس فيه أيّ إشارة أو تلويح بتلك الفقرة الموضوعة

« ـ السعودية ـ سنّي »

حيّ على خير العمل منهما :

س : إنّ القول بحيّ على خير العمل في الأذان من بدع الشيعة

ج : ذهب معظم أهل السنّة إلى أنّ فقرة « حيّ على خير العمل » لا يصحّ ذكرها في الأذان ، وعبّر بعضهم بلفظ يكره ، معلّلاً ذلك بأنّه لم يثبت عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والزيادة في الأذان مكروهة(٥)

وقال القاسم بن محمّد : « وقد ذكر الروياني أنّ للشافعي قولاً مشهوراً بالقول به ، وقد قال كثير من علماء المالكية وغيرهم من الحنفية والشافعية أنّه
______________________

(١) الموطّأ ١ / ٧٢ ، المصنّف للصنعاني ١ / ٤٧٤ ، المصنّف لابن أبي شيبة ١ / ٢٣٦ ، سنن الدارقطني ١ / ٢٥١ ، كنز العمّال ٨ / ٣٥٥

(٢) تهذيب الكمال ٣ / ٨٢ ، الجامع الكبير ١ / ١٢٨ ، المصنّف للصنعاني ١ / ٤٧٥ ، كنز العمّال ٨ / ٣٥٧

(٣) نيل الأوطار ٢ / ١٨

(٤) الأُم ١ / ١٠٤

(٥) السنن الكبرى للبيهقي ١ / ٤٢٥

٢٣١

كان حيّ على خير العمل من ألفاظ الأذان

قال الزركشي في كتابه المسمّى بالبحر ما لفظه : ومنها ما الخلاف فيه موجود في المدينة كوجوده في غيرها ، وكان ابن عمر ـ وهو عميد أهل المدينة ـ يرى إفراد الأذان ، ويقول فيه : حيّ على خير العمل إلى أن قال : فصحّ ما رواه الروياني أنّ للشافعي قولاً مشهوراً في إثبات حيّ على خير العمل »(١)

وذهب أهل البيتعليهم‌السلام وشيعتهم إلى أنّ هذه الفقرة جزء من الأذان والإقامة ، لا يصحّان بدونها ، وهذا حكم إجماعي عندهم ، نسبه الشوكاني إلى العترة وقال : « نسبه المهدي في البحر إلى أحد قولي الشافعي »(٢) ، ثمّ عقّبه الشوكاني بقوله : « وهو خلاف ما في كتب الشافعية »

وقد ذهب كثير من الصحابة والتابعين إلى الإقرار بوجود حيّ على خير العمل في الأذان ، وإليك أسماء بعضهم وكلماتهم ، أو الذين نقلوا عنهم :

١ ـ عبد الله بن عمر :

عن نافع عن ابن عمر أنّه كان يقول في أذانه : « الصلاة خير من النوم ، وربما قال : حيّ على خير العمل »(٣)

وعن الليث بن سعد عن نافع قال : « كان ابن عمر لا يؤذّن في سفره ، وكان يقول : حيّ على الفلاح ، وأحياناً يقول : حيّ على خير العمل ، ورواه محمّد بن سيرين عن ابن عمر : إنّه كان يقول ذلك في أذانه »(٤)

وعن نافع عن ابن عمر : « أنّه كان يقيم الصلاة في السفر ، يقولها مرّتين أو ثلاثاً يقول : حيّ على الصلاة ، حيّ على الصلاة ، حيّ على خير العمل »(٥)

وقال ابن حزم : « فهو عنه ثابت بأصحّ إسناد »(٦)

______________________

(١) الاعتصام بحبل الله المتين ١ / ٣٠٧

(٢) نيل الأوطار ٢ / ١٨

(٣) المصنّف لابن أبي شيبة ١ / ٢٤٤

(٤) السنن الكبرى للبيهقي ١ / ٤٢٥

(٥) المصنّف للصنعاني ١ / ٤٦٤

(٦) المحلّى ٣ / ١٦١

٢٣٢

٢ ـ الإمام علي بن الحسينعليهما‌السلام :

عن جعفر بن محمّد عن أبيه : « إنّ علي بن الحسين كان يقول في أذانه إذا قال : حيّ على الفلاح قال : حيّ على خير العمل ، ويقول : هو الأذان الأوّل »(١)

٣ ـ أبو أُمامة بن سهل بن حنيف :

روي عن أبي أُمامة بن سهل بن حنيف : « أنّه ذكر حيّ على خير العمل في الأذان »(٢)

وقال المحبّ الطبري في كتابه « الأحكام الكبير » : « ذكر الحيعلة بحيّ على خير العمل ، عن أبي أُمامة بن سهل البدري أنّه كان إذا أذّن قال : حيّ على خير العمل ، ونقله عنه سعيد بن منصور »(٣)

٣ ـ بلال :

كان بلال يؤذّن الصبح ويقول : « حيّ على خير العمل »(٤)

٤ ـ الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام :

عن الإمام عليعليه‌السلام قال :« سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إنّ خير أعمالكم الصلاة ، وأمر بلالاً أنّ يؤذّن بحيّ على خير العمل » (٥)

٥ ـ أبو محذورة :

روي عن أبي محذورة ـ أحد مؤذّني النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنّه قال : « أمرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن أقول في الأذان : حيّ على خير العمل »(٦)

______________________

(١) السنن الكبرى للبيهقي ١ / ٤٢٥ ، السيرة الحلبية ٢ / ١٣٧ ، المصنّف لابن أبي شيبة ١ / ٢٤٤

(٢) السنن الكبرى للبيهقي ١ / ٤٢٥

(٣) الاعتصام بحبل الله المتين ١ / ٣٠٩

(٤) كنز العمّال ٨ / ٣٤٢

(٥) الاعتصام بحبل الله المتين ١ / ٣٠٩

(٦) البحر الزخّار ٢ / ١٩٢

٢٣٣

٦ ـ زيد بن أرقم :

أذّن بحيّ على خير العمل(١) ، إلى غير ذلك ممّن كان يؤذّن بحيّ على خير العمل

وأمّا أقوال العلماء :

١ ـ قال في « الروض النضير » : « وقد قال كثير من علماء المالكية وغيرهم من الحنفية والشافعية أنّه كان حيّ على خير العمل من ألفاظ الأذان »(٢)

٢ ـ قال صاحب كتاب « السنام » : « الصحيح أنّ الأذان شرّع بحيّ على خير العمل »(٣)

٣ ـ قال الشوكاني نقلاً عن كتاب « الإحكام » : « وقد صحّ لنا أنّ حيّ على خير العمل كانت على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يؤذّن بها ، ولم تطرح إلّا في زمن عمر »(٤)

٤ ـ قال صاحب كتاب « فتوح مكّة » : « أجمع أهل المذاهب على التعصّب في ترك الأذان بحيّ على خير العمل ، وقد ذكر العلّامة عزّ الدين أبو إبراهيم محمّد بن إبراهيم ما لفظه : بحثت عن هذين الإسنادين في حيّ على خير العمل ، فوجدتهما صحيحين إلى ابن عمر ، وإلى زين العابدين »(٥)

إلى غير ذلك من المصادر والأقوال التي تنصّ على وجود كلمة « حيّ على خير العمل » في تشريع الأذان !

« ـ ـ »

عمر حذف حيّ على خير العمل :

س : من ألغى عبارة « حيّ على خير العمل » من الأذان مطلقاً ، وأضاف ______________________

(١) نيل الأوطار ٢ / ١٩

(٢) الروض النضير ١ / ٥٤٢

(٣) نفس المصدر السابق

(٤) نيل الأوطار ٢ / ١٩

(٥) الاعتصام بحبل الله المتين ١ / ٣١٠

٢٣٤

كلمة « الصلاة خير من النوم » في صلاة الصبح بالخصوص ؟

ج : قد تعارضت روايات أهل السنّة في ذلك ، فبعضها يشير إلى أنّه اقتراح من بلال الحبشي عندما جاء إلى الأذان ووجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نائماً فقال : « الصلاة خير من النوم » ، فلمّا أفاق الرسول أضاف هذه الجملة إلى الأذان واستحسنها

وبعضها يشير إلى أنّ أوّل من حذف كلمة « حيّ على خير العمل » عمر بن الخطّاب ، وهو الذي أضاف كلمة « الصلاة خير من النوم » في صلاة الصبح !

أمّا الأحاديث الواردة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنّه الذي أضاف كلمة « الصلاة خير من النوم » فكلّها ضعيفة ، ونكتفي بما ذكره الشيخ الألباني حيث قال : « قول بلال : أمرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن أُثوّب في الفجر ، ونهاني أن أُثوّب في العشاء ـ رواه ابن ماجه ص ٦٦ ـ ضعيف ، رواه ابن ماجه (٧١٥) عن أبي إسرائيل عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بلال به

ومن هذا الوجه أخرجه الترمذي (١ / ٣٧٨) ، والعقيلي في الضعفاء (ص ٢٦) ، وأحمد (٦ / ١٤) بلفظ : لا تثوّبن في شيء من الصلوات إلّا في صلاة الفجر ، وهذا ضعيف من أجل عطاء وابن عاصم ، وعلّه البيهقي بالانقطاع فقال : من جميع الوجوه إلّا أنّه منقطع وهو علّة الحديث

ثمّ قال البيهقي : ورواه الحجّاج بن أرطاة عن طلحة بن مصرف ، وزبيد عن سويد بن غفلة أنّ بلالاً كان لا يثوّب إلّا في الفجر ، فكان يقول في أذانه : حيّ على الفلاح ، الصلاة خير من النوم ، والحجّاج مدلّس »(١)

فإذاً رواية إضافة « الصلاة خير من النوم » في صلاة الفجر لم تصحّ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما لاحظنا كلام الألباني !

ثمّ إنّ الذي أضاف التثويب إلى صلاة الصبح قد حذف لفظ « حيّ على خير العمل » من الأذان مطلقاً ـ في صلاة الصبح وفي غيرها ـ

______________________

(١) إرواء الغليل ١ / ٢٥٢

٢٣٥

أمّا الرواية الواردة من أنّ عمر بن الخطّاب هو الذي فعل ذلك فهي صحيحة السند ؛ قال الزرقاني عند شرح قول مالك : « أنّه بلغه أنّ المؤذّن جاء إلى عمر بن الخطّاب يؤذّنه لصلاة الصبح فوجده نائماً فقال : « الصلاة خير من النوم » ، فأمره عمر أن يجعلها في نداء الصبح ، قال الزرقاني : هذا البلاغ أخرجه الدارقطني في السنن من طريق وكيع في مصنّفه عن العمري عن نافع عن ابن عمر عن عمر ، وأخرجه أيضاً عن سفيان عن محمّد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر عن عمر أنّه قال لمؤذّنه : إذا بلغت حيّ على الفلاح في الفجر فقل : الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم ، فقصر ابن عبد البرّ في قوله : لا أعلم هذا روي عن عمر من وجه يحتجّ به وتعلم صحّته ، وإنّما أخرجه ابن أبي شيبة من حديث هشام بن عروة عن رجل يقال له إسماعيل لا أعرفه قال : والتثويب محفوظ في أذان بلال وأبي محذورة في صلاة الصبح للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله

والمعنى هنا أنّ نداء الصبح موضع قوله لا هنا كأنّه كره أن يكون منه نداء آخر عند باب الأمير كما أحدثته الأمراء ، وإلّا فالتثويب أشهر عند العلماء والعامّة من أن يظنّ بعمر أنّه جهل ما سنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأمر به مؤذنيه بلالاً بالمدينة ، وأبا محذورة بمكّة انتهى

ونحو تأويله قول الباجي : يحتمل أنّ عمر قال ذلك إنكاراً لاستعماله لفظة من ألفاظ الأذان في غيره ، وقال له : اجعلها فيه ، يعني لا تقلها في غيره انتهى ، وهو حسن متعيّن »(١)

وأنت تلاحظ تأويل الباجي الذي لا يعرف صدره من عجزه ، فإنّه لفّ ودوران في الألفاظ ؛ لأنّ الرواية صريحة في أنّ عمر بن الخطّاب هو الذي أدخل لفظ « الصلاة خير من النوم في الأذان » ، فكيف يأتي ويقول : لاستعماله لفظة من ألفاظ الأذان وغيره الخ ، والمفروض أنّه من ألفاظ غير الأذان !!

______________________

(١) شرح الزرقاني على الموطّأ ١ / ٢١٧

٢٣٦

وأين التأويل الحسن الذي ارتآه الزرقاني في كلام الباجي وهو فارغ من المحتوى وتلاعب بالألفاظ !! ولله مع أهل السنّة في تقديس عمر شؤون ، نسأل الله السلامة منها !

وارجع إلى مصادر الحديث التي روت أنّ عمر بن الخطّاب أضاف هذه الجملة إلى الأذان في المصادر التالية : « السنن الكبرى » للبيهقي و « سنن الدارقطني »(١)

وأمّا الرواية الواردة عن محمّد بن خالد بن عبد الله الواسطي عن أبيه عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن سالم عن أبيه : « إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله استشار الناس لما يهمّهم من الصلاة .

قال : قال الزهري : وزاد بلال في نداء صلاة الغداة : « الصلاة خير من النوم » ، فاقرّها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهذا الحديث باطل لأنّ فيه محمّد بن خالد بن عبد الله الواسطي الطحّان ، قال عنه الذهبي : قال يحيى : كان رجل سوء ، وقال مرّة : لا شيء ، وقال ابن عدي : أشدّ ما أنكر عليه أحمد ويحيى روايته عن أبيه عن الأعمش ، ثمّ ذكر له مناكير غير ذلك

وقال أبو زرعة : ضعيف ، توفّي سنة أربعين ومائتين ، وقال ابن عدي : سمعت محمّد بن سعد ، سمعت ابن الجنيد ، أو صالح جزرة يقول : سمعت يحيى بن معين يقول : محمّد بن خالد عبد الله كذّاب ، إن لقيتموه فاصفعوه »(٢)

______________________

(١) السنن الكبرى للبيهقي ١ / ٤٢٤ ، سنن الدارقطني ١ / ٢٥١

(٢) ميزان الاعتدال ٣ / ٥٣٣

٢٣٧
٢٣٨

الارتداد :

« هاني الرداد ـ مصر ـ سنّي »

حصل بعد وفاة الرسول :

س : هل صحيح أنّ الشيعة يقولون : أنّه بعد وفاة الرسول ارتدّ الصحابة كلّهم إلّا ستة ؟

ج : إنّ الطبري وغيره ذكروا بأنّ العرب ارتدّت بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، عدا فئة في المدينة ، وفئة في الطائف ، وحاربهم أبو بكر فأرجعهم عن الردّة(١)

فهذه الردّة التي يذكرها الطبري ردّة عن الإسلام ، وأمّا الحديث :« ارتدّ الناس بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » ، فليست الردّة ردّة عن الإسلام ، وإنّما ردّة عن الخليفة الذي نصّبه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والفرق بينهما كثير

« هاني الرداد ـ مصر ـ سنّي »

تعليق على الجواب السابق :

شكراً جزيلاً لإخواننا الشيعة ، على هذا الحوار الجيّد ، في إطار الإخوّة الإسلامية التي تجمعنا ، ومن هنا ، نمدّ يدنا نحن معاشر أهل السنّة لعودة الحبّ المتبادل ، وبما أنّ الخلاف قد يتطرّق لبعض المسائل العقائدية التي يعتقد كلّ مذهب أنّه على الحقّ ، وأنّ الآخر ضلّ بعض الشيء ، فلإزالة هذا الأمر ، وجب
______________________

(١) تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٥٢١ و ٤ / ٤٧٤ ، المعجم الأوسط ٦ / ٣٣٢ ، كنز العمّال ٥ / ٦٠٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٢ / ٦٠ و ٣٠ / ٣١١

٢٣٩

على كلّ سنّي أن يستغفر لأخيه الشيعي ، ووجب على كلّ شيعي أن يستغفر لأخيه السنّي ، ونطوي صفحة الماضي بالكفّ عن الكلام عن الماضي ، لأجيال عصر صدر الإسلام ، الذين فتحوا البلاد ، حتّى وصل الإسلام إلينا ، وشعارنا دائماً : ( تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (١)

« ـ ـ »

شروطه وأحكامه :

س : إنّني أقوم ببحث حول الشريعة الشيعية ، وأطلب منكم أن تساعدونني ، أتمنّى أن تعطوني هنا حكم الارتداد ، لأنّني مهتمّ جدّاً بهذا الحكم منذ الماضي

ج : إنّ الارتداد اصطلاحاً هو : الرجوع عن الدين الإسلامي ، وقيل : هو أشدّ أنواع الكفر ، ويبحث في عدّة نقاط منها :

١ ـ يثبت الارتداد بالإقرار والبيّنة ، أو بصدور فعل دالّ عليه

٢ ـ يتحقّق الارتداد ، إمّا بإنكار الله تعالى ، أو إنكار توحيده تعالى ، أو إنكار رسالة الله ، أو رسوله ، أو تكذيب الرسول ، أو جحد ما ثبت ، أو نفي من الدين ضرورة ، أو يعلم أنّه من الدين ومع ذلك ينكره ، من قبيل الاستهزاء بالمصحف الشريف بأيّ شكل كان

٣ ـ شروط الارتداد هي : العقل والبلوغ والقصد والاختيار ، فعمّار بن ياسررضي‌الله‌عنه ارتدّ ظاهراً ، ولكن قلبه مطمئنّ بالإيمان ، لأنّ ارتداده لم يكن عن قصد واختيار

٤ ـ ينقسم الارتداد : إلى فطري وملّي ، وقيل : الفطري هو من ولد من مسلمينِ ، والملّي هو من أسلم عن كفر أصلي ثمّ ارتدّ ، وتوبته ظاهراً مقبولة ،
______________________

(١) البقرة : ١٣٤

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

أعلام وكتب :

« بدر الدين ـ المغرب »

ابن أبي الحديد وكتابه في نظر السنّة :

س : قرأت في كتاب « دفاع عن السنّة » حديثاً مطوّلاً عن عمر بن الخطّاب ، في وصف علاقته بأبي بكر وأبي موسى الأشعري ، والمغيرة بن شعبة ، ونظراً لما يحمله هذا الخبر من الكلام الجديد على القارئ ، والذي يفضي إلى نتائج خطيرة ، والخبر جاء نقلاً عن « شرح نهج البلاغة » لابن أبي الحديد

فسؤالي إذا سمحتم : هل المرجع المذكور معتمد لدى علماء أهل السنّة ؟

ج : نود إعلامك أوّلاً : إنّ أهل السنّة قد اتبعوا منهجاً عامّاً في تعديل الرجال وتجريحها ، وكان أهمّ أساس اعتمدوه في التجريح والتعديل ، هو رواية الراوي فضائل عليعليه‌السلام ومناقبه ، وجعلوا أساس ضعف الراوي وكذبه وتخليطه هو رواياته فضائل عليعليه‌السلام ، ولك أن تتابع مثلاً كتابي « الموضوعات » لابن الجوزي ، وكتاب « اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة » ، بل كتابي « تهذيب التهذيب » لابن حجر ، وكتاب « ميزان الاعتدال » للذهبي ، وأمثالها كثير ، تجد أنّ عمدة تضعيف الراوي ، هو روايته لفضائل عليعليه‌السلام ، ولعلّك إذا استقصيت كتب الجرح والتعديل لأخذك العجب في بنائهم التوثيقي ، وفي تجريحهم للشخص

فمثلاً أحمد بن الأزهر النيسابوري ، بعد أن مدحه ابن حجر في « تهذيب التهذيب » ، ونقل توثيق المحدّثين له قال : « لما حدّث أبو الأزهر بحديث عبد

٣٠١

الرازق في الفضائل ، يعني عن معمّر عن الزهري ، عن عبيد الله بن عباس ، قال : نظر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى عليرضي‌الله‌عنه فقال :« أنت سيّد في الدنيا سيّد في الآخرة » الحديث ، أخبر بذلك يحيى بن معين ، فبينما هو عنده في جماعة من أهل الحديث إذ قال يحيى : من هذا الكذّاب النيسابوري الذي يحدّث عن عبد الرازق بهذا الحديث ؟

فقام أبو الأزهر فقال : هو ذا أنا ، فتبسّم يحيى فقال : إمّا إنّك لست بكذّاب ، وتعجّب من سلامته وقال : الذنب لغيرك في هذا الحديث »(١) ، على أنّ هذا الراوي من أهل السنّة ، فاتهموه بالكذب لروايته الحديث ، ومثله عبد الرازق بن همام الحافظ الصنعاني ، صاحب « المصنّف » المعروف ، وهو من كبار أهل السنّة ، فإذا ذكروه قالوا : كان يتشيّع ، وقال أبو داود : وكان عبد الرازق يعرّض بمعاوية ، وقال العجلي : ثقة يتشيّع(٢)

وهكذا هو ديدنهم في من يروي فضائل عليعليه‌السلام ، ولعلّ اختلافهم في تشيّع الحاكم النيسابوري ، وإصرار بعضهم على كونه شيعيّاً ، ليس بشيء إلّا لروايته فضائل عليعليه‌السلام ، وقد أغفلها الشيخان في صحيحيهما ، فمتى تجد من يذكر فضائل علي ومناقبه ، ويطعن على مخالفيه ، ويذكر معائبهم يوثّق ويأخذ بقوله ؟!

هذا هو حال ابن أبي الحديد المعتزلي ، فهم لا يعتبرونه لهذه العلّة التي عمّموها على كلّ من روى فضائل عليعليه‌السلام ، لذا قال الشعبي : ماذا لقينا من علي ؟ إن أحببناه ذهبت دنيانا ، وإن بغضناه ذهب ديننا

فلا عليك ـ أيّها الأخ ـ بعد ذلك في اعتبار وعدم اعتبار الراوي ، أو الكتاب عند أهل السنّة ، بعد أن عرفت معيار جرحهم وتعديلهم

______________________

(١) تهذيب التهذيب ١١ / ١٠

(٢) المصدر السابق ٦ / ٢٨٠

٣٠٢

« إبراهيم عبد الله ـ البحرين ـ »

الاحتجاج بما ينقله ابن أبي الحديد والمسعودي :

س : هل يصحّ الاحتجاج على أهل السنّة ، بما أورده ابن أبي الحديد في شرحه للنهج ، وما أورده المسعودي في « مروج الذهب » ؟

حيث إنّ هذا الشيء قد حصل فعلاً في بعض المؤلّفات الكلامية والعقائدية وعلى الطرف الآخر هل يصحّ الاحتجاج على الإمامية بهذين الكتابين ؟

حيث أكثر البعض مثل : إحسان الهي ظهير ـ مع تدليسه بعض الحقائق ـ من الاحتجاج على الإمامية بهما .

ما هو مبدأ الاحتجاج على أهل السنّة بهما ، وعلى أيّ أساس احتجّ به ظهير ؟ ولكم جزيل الشكر

ج : الثابت أنّ ابن أبي الحديد معتزلي المذهب في الأُصول ، وحنفي المذهب بالفروع ، ولذا يصحّ للإمامي أن يحتجّ بما يذكره في « شرح نهج البلاغة » على الطرف الآخر ، وأيضاً المسعودي صاحب « مروج الذهب » ، بالإضافة إلى ثناء القوم عليه ، ذكره السبكي في طبقاته(١) ، وعليه يصحّ للإمامية أن يحتجّوا بما يذكره على الطرف الآخر

ولما ذكرناه حول الرجلين لا يكون ما يذكرانه حجّة للقوم على الشيعة الإمامية ، وإن كانا يعدّان من علماء التاريخ والأدب المعتدلين غير المتعصّبين فيما ينقلانه ويحكمان به

« يحيى العسقلاني ـ السعودية »

البرقعي وكتابه كسر الصنم :

س : لقد سمعت حديثاً ، وقرأت في شبكات الوهّابية ، حول كتاب « كسر
______________________

(١) طبقات الشافعية الكبرى ٢ / ٣٢٣

٣٠٣

الصنم » لأبي الفضل البرقعي ، فمن هو هذا الرجل الذي نسبه القوم للتشيّع ؟ وهل تعرفونه ، وما هي منزلته العلمية ؟ أفيدونا جعلني الله فداكم

ج : كان أبو الفضل البرقعي من أسرة عريقةٍ من أهالي قم ، وكان من جملة المحصّلين في الحوزة العلمية ، إلّا أنّه كان منذ شبابه خفيف العقل ، منحرف الفكر ، فترك الدراسة ، وذهب إلى طهران بدعوةٍ من بعض السفارات الأجنبية ، بواسطة بعض عملائها ، فجعلوا يروّجون له ، ويمدّونه بالأموال ، ويطبعون مقالاته ، حتّى أفتى كبار المراجع بضلالته ، وأوعزوا إلى الجهات الحكومية بإلقاء القبض عليه وتأديبه ، فانكشف حاله ، وافتضح أمره ، ومَقتَه الناس وطردوه ، فمات على تلك الحال ، وخسر الدنيا والآخرة ، وذلك هو الخسران المبين

وإنّ حال البرقعي وأمثاله عند الشيعة الإمامية ، يشبه تماماً حال ابن تيمية وأتباعه عند أهل السنّة ، فقد وصف علماء السنّة ابن تيمية بخفّة العقل ، وكذلك وصفوا أتباعه بأنّهم خفاف العقول

فقد خاطب الحافظ الذهبي ابن تيمية في رسالةٍ له إليه ـ مذكورة في المصادر السنّية ـ بقوله : « يا خيبة من اتبعك ، فانّه معرّض للزندقة والانحلال ، فهل معظم أتباعك إلّا مقيّد مربوط ، خفيف العقل ، أو عامّي كذّاب ، بليد الذهن »(١)

وقال عنه الحافظ ابن حجر الهيثمي في « الفتاوى الحديثية » : « عبد خذله الله وأخزاه ، وأصمّه ، وأعماه »(٢)

فحال البرقعي حال ابن تيمية ، والأخبار عن ضلاله ، وسوء حاله في الآخرة ليس إخباراً عن غيب ، بل هو على ضوء الموازين الشرعية ، وترك الجواب عمّا كتبه كالسكوت عن أباطيل ابن تيمية

______________________

(١) السيف الصقيل : ٢١٨

(٢) المصدر السابق : ١٦٥

٣٠٤

ولا يخفى أنّ الطعن الصادر من العلماء في ابن تيمية ليس طعناً في عموم أهل السنّة ، أو كلّ علماء الشام ، فكيف يقال بأنّ الطعن في البرقعي طعن في علماء قم ؟ فإنّ هذا الكلام لا يصدر من عاقل فاهم !

ونحن نسأل الله تعالى أن يوفّقنا لمعرفة الحقّ واتّباعه أينما كان

« علي العلي ـ الكويت ـ »

الكتب الأربعة في نظر الأُصوليين والإخباريين :

س : ما مدى صحّة ما في الكتب الأربعة ؟

ج : تعتقد الشيعة أنّ الكتب الأربعة أوثق كتب الحديث ، وأمّا وجوب العمل بما فيها من الأخبار ، أو بكلّ ما رواه إمامي ، ودوّنه أصحاب الأخبار منهم ، فلم يقل به أحد من المحققّين ، ويشهد لذلك تنويعهم الأخبار على أقسام أربعة : الصحيح ، الحسن ، الموثّق ، الضعيف

وهذا هو رأي الأُصوليين من علماء الشيعة ، بينما يرى الإخباريون من علماء الشيعة صحّة كلّ ما موجود في الكتب الأربعة ، بمعنى أنّ روايات الكتب الأربعة قطعية الصدور ، وهذا القول باطل من أصله ، إذ كيف يمكن دعوى القطع بصدور رواية رواها واحد عن واحد ؟ ولاسيّما أنّ في رواة الكتب الأربعة من هو معروف بالكذب والوضع

« ـ ـ »

الكتب الفكرية والفكر الإسلامي :

س : ماذا تعني الكتب الفكرية ؟ وما المراد من الفكر ، والفكر الإسلامي بالذات ؟

ج : إنّ المراد من الفكر ـ في مورد السؤال ـ المواضيع التي تعتمد أساساً على الاستدلالات العقلية في قبال العلوم النقلية التي تتركّز في البحث عن النصوص القرآنية أو الحديثية

٣٠٥

فالفكر الإسلامي يطلق على كافّة الأُسس الثقافية ، والعلوم العقلية التي تستمد جذورها من الكتاب أو السنّة ، مع محورية العقل في طريق الاستنتاج والاستنباط

وعليه ، فالكتب الفكرية هي الكتب التي تبرز في هذا الاتجاه ، وتكون معظم مباحثها من نوع التعقّل والتعمّق في المواضيع الدينية

« صادق ـ السعودية ـ »

ترجمة أنس بن مالك خادم النبيّ :

س : من هو أنس بن مالك الأنصاري ، خادم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ نريد معلومات كاملة عنه ، مع الشكر الجزيل ، رحمكم الله

ج : إنّ أنس بن مالك الأنصاري ، خادم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأحد أصحابه ، روى أحاديث كثيرة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، منها مثلاً : حديث الطير …

وكان أحد المنحرفين عن الإمام عليعليه‌السلام ، كما ذكر ذلك ابن أبي الحديد في شرح النهج ، حيث قال عند ذكر المنحرفين عن عليعليه‌السلام : « وذكر جماعة من شيوخنا البغداديين ، أنّ عدّة من الصحابة والتابعين والمحدّثين كانوا منحرفين عن عليعليه‌السلام ، قائلين فيه السوء ، ومنهم من كتم مناقبه ، وأعان أعداءه ، ميلاً مع الدنيا وإيثاراً للعاجلة ؛ فمنهم أنس بن مالك ، ناشد عليعليه‌السلام الناسَ في رَحَبة القصر ـ أو قال رحبة الجامع بالكوفة ـ :« أيّكم سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : مَن كنت مولاه فعلي مولاه » ؟ فقام اثنا عشر رجلاً فشهدوا بها ، وأنس بن مالك في القوم لم يقم ، فقال له :« يا أنس ، ما يمنعك أن تقوم فتشهد ، ولقد حضرتَها » ، فقال : يا أمير المؤمنين ، كبرتُ ونسيت ، فقال :« اللّهم إن كان كاذباً فارمه بها بيضاء لا تواريها العمامة »

قال طلحة بن عمير : فو الله ، لقد رأيتُ الوَضَح به بعد ذلك أبيض بين عينيه »(١)

______________________

(١) شرح نهج البلاغة ٤ / ٧٤ و ١٩ / ٢١٧

٣٠٦

وفي رواية البلاذري : « قال علي على المنبر :« نشدت الله رجلاً سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول يوم غدير خم : اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، إلّا قام فشهد » ، وتحت المنبر أنس بن مالك ، والبراء بن عازب ، وجرير بن عبد الله ، فأعادها فلم يجبه أحد منهم

فقال :« اللهم من كتم هذه الشهادة وهو يعرفها ، فلا تخرجه من الدنيا حتّى تجعل به آية يعرف بها »

قال أبو وائل : فبرص أنس ، وعمي البراء ، ورجع جرير أعرابياً بعد هجرته ، فأتى السراة فمات في بيت أُمّه بالسراة »(١)

« خادم أهل البيت ـ السعودية ـ »

أنس من الذين كذبّوا على الرسول :

س : هل أنس خادم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان موالياً لأهل البيت ؟ ولماذا ؟

ج : إنّ أنس بن مالك خادم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ممّن كتم شهادته بحديث الغدير في الإمام عليعليه‌السلام ، فقال أنس : « كبرت سنّي ونسيت ، فقال علي : « إن كنت كاذباً فضربك الله ببيضاء لا تواريها العمامة » ، فابتلي أنس بالبرص »(٢)

وروي أيضاً عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال :« ثلاثة كانوا يكذبون على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أبو هريرة ، أنس بن مالك ، وامرأة » (٣)

« أبو محمّد ـ البرازيل ـ »

ترجمة جون مولى أبي ذر :

س : من هو الذي يسمّى جون ؟ وكان في جيش الإمام الحسين عليه‌السلام ؟

______________________

(١) أنساب الأشراف : ١٥٦

(٢) شرح نهج البلاغة ٤ / ٧٤ و ١٩ / ٢١٧ ، أنساب الأشراف : ١٥٦ ، اختيار معرفة الرجال ١ / ٢٤٦ ، الغدير ١ / ١٩٠

(٣) الخصال : ١٩٠

٣٠٧

ج : جون بن حوي ، أسود اللون ، شيخ كبير السن ، من الموالي ، مولى أبي ذر الغفاري ، انضمّ إلى أهل البيتعليهم‌السلام بعد أبي ذر ، فكان مع الإمام الحسنعليه‌السلام ، ثمّ مع الإمام الحسينعليه‌السلام ، وصحبه في سفره من المدينة إلى مكّة ، ثمّ إلى العراق ، وقف يوم عاشوراء أمام الإمام الحسينعليه‌السلام يستأذنه في القتال ، فقال له الحسينعليه‌السلام :« أنت في إذن منّي ، فإنّما تبعتنا للعافية ، فلا تبتل بطريقتنا » ، فقال : يا ابن رسول الله ، أنا في الرخاء ألحس قصاعكم ، وفي الشدّة أخذلكم ، والله أن ريحي لنتن ، وأنّ حسبي للئيم ، وأنّ لوني لأسود ، فتنفّس عليّ بالجنة ، فيطيب ريحي ، ويشرف حسبي ، ويبيضّ وجهي ، لا والله ، لا أفارقكم حتّى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم ، ثم برز وهو يقول :

كيف يرى الكفّار ضرب الأسود

بالسيف ضرباً عن بني محمّد

أذب عنهم باللسان واليد

أرجو به الجنّة يوم المورد

ثمّ قاتل حتّى قتل ، فوقف عليه الإمام الحسينعليه‌السلام فقال :« اللهم بيّض وجهه ، وطيّب ريحه ، واحشره مع الأبرار ، وعرّف بينه وبين محمّد وآل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله »

وروى علماؤنا عن الإمام الباقرعليه‌السلام ، عن أبيه الإمام زين العابدينعليه‌السلام ، أنّ بني أسد الذين حضروا المعركة ، ليدفنوا القتلى ، وجدوا جوناً بعد أيّام تفوح منه رائحة المسك

« أبو علي ـ عمان ـ »

ترجمة علي بن يقطين :

س : بعد التحية والسلام ، هل لكم أن تخبرونا بنبذة عن حياة الشخصية الإسلامية علي بن يقطين ؟

ج : علي بن يقطين بن موسى البغدادي ، كان ثقة وجليل القدر ، وله منزلة عظيمة عند الإمام الكاظمعليه‌السلام ، ولد سنة ١٢٠ هـ ، وقيل ١٢٤ هـ ، سكن بغداد ، وهو كوفي الأصل ، ومولى بني أسد

٣٠٨

كان لأبيه منزلة سامية لدى الدولة العباسية أوّل أمرها ، حيث كان داعياً لهم ، فانتقلت هذه المنزلة له ، واتخذه الرشيد وزيراً ، وكان على صلة وثيقة بالإمام الكاظمعليه‌السلام ، يعمل بإرشاده على إغاثة المظلومين ، توفّي سنة ١٨٢ هـ ، وله كتب ، منها كتاب ما سئل عن الصادقعليه‌السلام من الملاحم ، وكتاب مناظرة الشاكّ بحضرتهعليه‌السلام ، وله مسائل عن الإمام الكاظمعليه‌السلام

وللمزيد من التعرّف على هذه الشخصية يمكنكم مراجعة كتاب « أعيان الشيعة »(١) ، و « معجم رجال الحديث »(٢)

« أحمد محمّد الياسري ـ البحرين ـ »

حول تفسيري القمّي والعيّاشي :

س : ما مصداقية تفاسير القمّي والعيّاشي عند الشيعة ؟ ومن هما القمّي والعيّاشي ؟

وهل كلّ ما ورد من روايات في هذين التفسيرين صحيحة ؟ وخصوصاً أنّ أكثر ما يطعن في الشيعة من قبل خصومهم ، هي روايات من هذين التفسيرين ، وشكراً جزيلاً

ج : أعلم أنّ الشيعة تعتقد بعدم وجود كتاب كلّ رواياته صحيحة من أوّله إلى آخره غير القرآن الكريم ، وكلّ الكتب سواه قابلة للبحث والنقاش ، وتجري على أسانيدها قواعد الجرح والتعديل

وأمّا القمّي والعيّاشي فهما من أقطاب علماء الشيعة ، ومع هذا لا يمكننا الحكم بصحّة كتابيهما ، ففيهما الصحيح والضعيف ، وكلّ هذا يخضع إلى مباني الرجال ، وقوانين الجرح والتعديل ، لتمييز الصحيح من الضعيف ، وشأن هذين الكتابين شأن جميع كتب الشيعة

______________________

(١) أعيان الشيعة ٨ / ٣٧١

(٢) معجم رجال الحديث ١٣ / ٢٤٢

٣٠٩

« عبد الله ـ ـ »

روايات منتخب كنز العمّال :

س : ما هو رأيكم في كتاب منتخب كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال ؟ وهل كلّ ما ورد فيه صحيح ؟ وما نسبة الصحّة فيه ؟

هناك مرويّات فيه بدون إسناد ، هل يعتدّ بها عند أصحابها ؟ باعتبار أنّ عدم إسنادها هو بمثابة إطلاقها إطلاق المسلّمات ، أم أنّ أمثال هذه المرويّات غير معتدّ بها ؟ وفّقكم الله إلى ما يرضاه

ج : صاحب كتاب كنز العمّال هو الشيخ علي بن سلطان المتّقي الهندي ، ألّف كتاب كنز العمّال لأجل أن يجمع نصوص الأحاديث الواردة في مختلف الكتب ، والمنسوبة إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأيضاً ما نقل في مختلف الكتب عن الصحابة والآثار الواردة عنهم

هذه الأحاديث والآثار رتّبها بترتيب خاصّ بحسب الحروف ، وبحسب الأبواب ، وأيضاً جعل عناوين الأبواب بحسب الحروف في ابتكار خاصّ ، وأسلوب معيّن ، ثمّ إنّ هذا الكتاب الكبير لخّصه وجعله تحت عنوان : « منتخب كنز العمّال »

وعلى كلّ حال ، فإنّ قصد المؤلّف من تأليف هذا الكتاب ـ سواء الأصل أو المنتخب ـ إنّما كان لجمع الأحاديث ، وترتيبها بهذا الترتيب الخاصّ ، ولم يقصد تمييز الأحاديث الصحيحة عن غيرها ، فلذا كان كتابه جامعاً بين الغثّ والسمين

وعلى كلّ محقّق يريد أن يأخذ بشيء من أحاديث هذا الكتاب وأمثاله ، فعليه أن يراجع السند ، ويطمئن بصحّة السند ، حتّى يتمكّن من الأخذ بذلك الحديث

٣١٠

« محمّد علي الشحي ـ الإمارات ـ سنّي ـ ١٨ سنة ـ طالب جامعة »

سيرة موسى الموسوي :

س : ما رأيكم بموسى الموسوي صاحب كتاب الشيعة والتصحيح ؟

ج : إنّ موسى الموسوي الأصفهاني ، كان مذموماً منذ شبابه عند أقرانه وزملائه ، وعند العلماء ، لما يرون من تصرّفاته السيّئة ، وغير اللائقة لشخص عادي ، فضلاً عن سيّد معمّم ، ينتمي إلى أسرة مرجعية دينية ، وكان هذا سبباً في تحرّز الكثير منه ، ومن أفعاله الذي سبّب عزلة اجتماعية له ، ممّا أدى إلى انخراطه إلى عالم السياسة ، وتقلّباته المستمرّة فيه ، حفظاً لشخصيّته المنهارة مسبقاً أمام الجميع ، واستجلاباً لموارد ماليّة ، تمكّنه من الاستمرار في الحياة المادّية التافهة

فتارةً كان يتّفق مع عناصر من الحكومة البهلوية في إيران ، حتّى إنّه قد أصبح في فترة خاصّة ، مندوباً في المجلس التشريعي الإيراني ، وأُخرى يرتدّ عليهم ، ويتعامل مع البعثيين في سبيل إطاحة الحكم الملكي فيها ، وثالثة يطمح في رئاسة الجمهورية في إيران بعد زوال الحكم الملكي ؛ وبما أنّ أحداً لم يول اهتماماً به وبما يراه انتهى أمره إلى أن يكون آلة إعلامية بيد أعداء الدين ، في سبيل كسر شوكة الشيعة ، باستخدامه انتسابه إلى المرجعية غطاءً ساتراً على أباطيله ، ومن ثمّ وفّرت الدوائر الاستعمارية له كافّة الإمكانيات المادّية في أحضانها ، كي يفرغ في الهجوم على معتقدات الشيعة إلى أن مات قبل سنين

وعلى كلّ حال : فإنّ هذا الشخص شأنه شأن ابن نوحعليه‌السلام ، فكما أنّ هذا الأخير قد ضيّع انتماءه إلى بيت النبوّة والرسالة بعدم تبعيّته لها ، فهو أيضاً أضاع الانتساب إلى بيت السيادة والمرجعية ، بعدوله وانحرافه عن خطّها المستقيم

وأمّا بالنسبة إلى التهم والمواضيع التي طرحها في كتابه فليست بجديد ، بل كلّها قد وردت كشبهات على لسان المخالفين ، وقد أُجيب عنها كراراً ومراراً ، بالتفصيل أو الإجمال

٣١١

« يوسف إبراهيم الجمعة ـ الكويت ـ »

قرابة العباس ومسلم من النبيّ :

س : ماذا يقرب أبي الفضل العباس للرسول ، والإمام علي ؟ وكذلك ماذا يقرب مسلم بن عقيل للاثنين ؟

ج : إنّ أبا الفضل العباس ، ومسلم بن عقيلعليهما‌السلام من الشخصيات الإسلامية البارزة ، وورعهما وتقواهما ، ومواقفهما في نصرة الدين الحنيف ، ممّا لا يشك به أحد ، حتّى استشهدا في سبيل العقيدة ، ونصرة الدين ، وإعلاء كلمة لا إله إلّا الله

وأمّا قرابتهما من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فأبو الفضل العباس ، هو ابن الإمام عليعليه‌السلام ، الذي هو ابن عمّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله

ومسلم هو ابن عقيل ، الذي هو أخو الإمام عليعليه‌السلام ، وابن عم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضاً

« محمّد ـ الإمارات ـ »

شخصية محمّد التيجاني :

س : ما هو رأيكم بمحمّد التيجاني ؟

ج : إنّ الدكتور التيجاني كان على مذهب أهل السنّة ، وثمّ بعد بحث وتحقيق ومراجعة أُمّهات المصادر اعتنق مذهب أهل البيتعليهم‌السلام ، وتوصّل بالبحث العلمي إلى أن اتباع مذهب أهل البيتعليهم‌السلام ، والأخذ منهم هو طريق النجاة ، فركب سفينة النجاة ، وتمسّك بالثقلين

وبعد استبصاره ألّف عدّة كتب ، منها : « ثمّ اهتديت » ، و « اسألوا أهل الذكر » ، و « لأكون مع الصادقين » ، و « الشيعة هم أهل السنّة » ، واهتدى الكثير بواسطة كتبه إلى الحقّ

٣١٢

« أُمّ زينب ـ الإمارات ـ »

موقف الشيعة من المختار الثقفي :

س : أُودّ الاستفسار عن المختار بن يوسف الثقفيرضي‌الله‌عنه ، وما حقيقة ما يتردّد حوله من مزاعم ؟ وما موقف الأئمّةعليهم‌السلام منه ؟

ج : ذكر السيّد الخوئيقدس‌سره ترجمة المختار في كتابه « معجم رجال الحديث » ، فقال : ( والأخبار الواردة في حقّه على قسمين : مادحة وذامّة ، أمّا المادحة فهي متضافرة ، منها عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « ما امتشطت فينا هاشمية ولا اختضبت ، حتّى بعث إلينا المختار برؤوس الذين قتلوا الحسين » ، وهذه الرواية صحيحة

وعن أبي جعفرعليه‌السلام قال : « لا تسبّوا المختار فإنّه قتل قتلتنا ، وطلب بثأرنا ، وزوّج أراملنا ، وقسّم فينا المال على العسرة »

وعن عمر بن علي بن الحسين : أنّ علي بن الحسينعليهما‌السلام لمّا أتي برأس عبيد الله بن زياد ، ورأس عمر بن سعد قال : فخرّ ساجداً وقال :« الحمد لله الذي أدرك لي ثأري من أعدائي ، وجزى الله المختار خيراً » )(١)

ثمّ ذكر السيّد الخوئي ثلاث روايات أُخرى في هذا المجال ، ثمّ ذكر بعض الروايات الذامّة وقال : « وهذه الروايات ضعيفة الإسناد جدّاً »

ثمّ نقلقدس‌سره قول المجلسي في « بحار الأنوار » فقال : « وقال المجلسيقدس‌سره : قال جعفر بن نما : أعلم أنّ كثيراً من العلماء لا يحصل لهم التوفيق بفطنة توقفهم على معاني الأخبار ، ولا رؤية تنقلهم من رقدة الغفلة إلى الاستيقاظ ، ولو تدبّروا أقوال الأئمّة في مدح المختار لعلموا أنّه من السابقين المجاهدين ، الذين مدحهم الله تعالى جلّ جلاله في كتابه المبين ، ودعاء زين العابدينعليه‌السلام للمختار دليل واضح ، وبرهان لائح ، على أنّه عنده من المصطفين الأخيار ، ولو كان على غير
______________________

(١) معجم رجال الحديث ١٩ / ١٠٢

٣١٣

الطريقة المشكورة ، ويعلم أنّه مخالف له في اعتقاده ، لما كان يدعو له دعاء لا يستجاب ، ويقول فيه قولاً لا يستطاب ، وكان دعاؤهعليه‌السلام له عبثاً ، والإمام منزّه عن ذلك ، وقد أسلفنا من أقوال الأئمّة في مطاوي الكتاب تكرار مدحهم له ، ونهيهم عن ذمّه ما فيه غنية لذوي الأبصار ، وبغية لذوي الاعتبار ، وإنّما أعداؤه عملوا له مثالب ، ليباعدوه عن قلوب الشيعة ، كما عمل أعداء أمير المؤمنينعليه‌السلام له مساوي ، وهلك بها كثير ممّن حاد عن محبّته ، وحال عن طاعته ، فالولي لهعليه‌السلام لم تغيّره الأوهام ، ولأباحته تلك الأحلام ، بل كشفت له عن فضله المكنون ، وعلمه المصون ، فعمل في قضية المختار ما عمل مع أبي الأئمّة الأطهار … »(١)

والخلاصة : لم يكن المختار إلّا رجلاً أبلى في سبيل قضية أهل البيتعليهم‌السلام أحسن البلاء ، فعمل أعداؤه على محاربته ، من خلال وضع التهم والأكاذيب عليه ، ولما كان خصومه هم الغالبون ، وقد امتد نفوذهم بعده ، فمن الطبيعي أن تصاغ هذه الأكاذيب في روايات مسندة ، لتدخل التاريخ بوجه مشروع ، حين يكون منهج المؤرّخ هو جمع الأخبار ، دون التحقيق والتمحيص فيها ، أو بوجه غير مشروع ، حين تلتقي مع هوى المؤرّخ ، أو تعينه على نصرة الاتجاه الذي يميل إليه ، أو التنكيل بالاتجاه الذي يميل عنه

« معاذ التل ـ الأردن ـ سنّي ـ ٣٢ سنة ـ طالب جامعة »

تعقيب على الجواب السابق :

تعليق على الجواب السابق : يتهم بعض المؤرّخين المختار الثقفي بأنّه كان طالب سلطة ، ويقولون بأنّ الناس لقّبته في ذلك الزمان بالكذّاب ، ولكن للمختار فضل عظيم ، فقد تعقّب قتلة الحسين ، وما عرف عن أحد شارك في
______________________

(١) بحار الأنوار ٤٥ / ٣٨٦

٣١٤

قتل الحسين إلّا أحضره وقتله ، وفي ذلك روايات وتفاصيل طويلة ، ثمّ قتل المجرم عبيد الله بن زياد ، بعد هزيمته في معركة عظيمة ، وأرسل رأسه لمحمّد بن الحنفية شقيق الحسين ، ولزين العابدين ، ويروى أنّه لما أحضر رأس ابن زياد دخلت حية سوداء من منخريه ، ثمّ خرجت من أنفه ، فعلت ذلك ثلاثاً والناس تنظر

وقد أبلى المختار بلاء حسناً في تعقّب قتلة الحسين وآله ، إلى أن غدره مصعب ابن الزبير ، وقتله مع أنصاره ، ونعتقد أنّ في عمل المختار شفاء لصدور الناس الذين نقموا على قتلة ابن بنت رسول الله نقمة عظيمة

« ـ الكويت ـ »

أبو مخنف شيعي ثقة :

س : ما هو الدليل على أنّ أبي مخنف لوط بن يحيى يعتبر من الرواة الثقات المعتمدين بمرويّاتهم ؟ مع العلم قد ضعّفه مثل الإمام الذهبي ، وقال عنه : إخباري لا يوثق به

وابن عدي قال عنه : شيعي محترق ، ويحيى بن يحيى ليس بثقة

ج : لقد ترجمه شيخ الرجاليين النجاشي ، حيث ترجمه وعبّر عنه ب : « شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة ووجههم ، وكان يسكن إلى ما يرويه وصنّف كتباً كثيرة »(١) ، ذكر منها (٢٨) كتاباً

وتابعه العلّامة في الخلاصة(٢) ، وابن داود في رجاله(٣) ، وغيرهم

ثمّ الرجل بلا شبهة شيعي إمامي ، صرّح بتشيّعه جمع من العامّة ، منهم ابن عدي في « الكامل » قال : « وهو شيعي محترق » !!(٤) ، والذهبي في « تاريخ
______________________

(١) فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ٣٢٠

(٢) خلاصة الأقوال : ٢٣٣

(٣) رجال ابن داود : ١٥٧

(٤) الكامل في ضعفاء الرجال : ٦ / ٩٣

٣١٥

الإسلام » قال : « الرافضي الإخباري ، صاحب هاتيك التصانيف »(١) ، كما صرّح بذلك جلّ أصحابنا ، وجمع من مخالفينا ، فلا يتمّ إنكار ابن أبي الحديد لذلك في شرح النهج(٢) ، بل قال عنه في تنقيح المقال : « من الخرافات التي تعوّدت العامّة عليها في مذهبهم ، وفيما يرجع إليه ، كيف وقد صرّح جماعة منهم بتشيّعه ، بل جعل بعضهم تشيّعه سبباً لردّ روايته ، كما هي عادتهم غالباً والعجب العجاب أنّ ابن أبي الحديد نطق بما سمعت ، بعد أن روى أشعاراً في أنّ علياًعليه‌السلام وصيّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقال : ذكر هذه الأشعار والأراجيز بأجمعها أبو مخنف لوط بن يحيى في كتاب وقعة الجمل ، انتهى ، فإنّ نقله لتلك الأشعار شاهد لتشيّعه ، وإلّا لم يكن ليرويها ، كما هي عادة أهل السنّة غالباً »(٣)

ثمّ إنّ كون الرجل شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة ووجههم ، وكان يسكن إلى ما يرويه ـ شهادة من مثل النجاشي العظيم ـ يُعدّ بحقّ مدحاً معتدّاً به ، يثبت ـ لا أقلّ ـ حسنه واعتباره

وأمّا ما نقلته عن الذهبي وابن عدي فغريب ، إذ صرف كون الرجل عندهم شيعيّاً كاف في سقوطه ، وعدم وثاقته ، وهذا من أمثال هؤلاء كاف لنا في مدحه ، ووثاقته واعتباره !! حيث علّلوا عدم وثاقته بتشيّعه !! لا بكذبه وفسقه وفجوره ، فتدبّر

« ـ لبنان ـ »

البرسي وكتابه مشارق أنوار اليقين :

س : في البداية آجركم الله على هذه الصفحة المميّزة والمهمّة

السؤال : من هو رجب البرسي ؟ وما صحّة كتابه مشارق أنوار اليقين عند
______________________

(١) تاريخ الإسلام حوادث ووفيات ١٤١ ـ ١٦٠ هـ : ٥٨١

(٢) شرح نهج البلاغة ١ / ١٤٧

(٣) تنقيح المقال ٢ / ٤٤

٣١٦

مراجعنا الكرام ؟ ومن هم المراجع الذين ينقضون كلامه ؟ وما دليلهم ؟ وهل هناك من يتّهمه بالغلوّ ؟ وما دليلهم ؟ وشكراً

ج : كتاب مشارق أنوار اليقين كسائر الكتب ، تخضع رواياته للبحث السندي ، والبحث في الدلالة ، ففيه الروايات الصحيحة السند ، وفيه الروايات الضعيفة السند

وأمّا ما ورد في الكتاب من الاعتماد على أرقام معيّنة للحروف ، وطرق أُخرى لإثبات المطالب ، فإنّها وإن كانت لا تعتبر حجّة ودليلاً مستقلّاً ، إلّا أنّها قرائن تنفع في الاستدلال

هذا ، ويمكنكم مراجعة كتاب « الغدير » للعلّامة الأميني(١) ، في ترجمته للبرسي في قسم شعراء الغدير ، حيث ذكر ترجمة الحافظ البرسي ، ودافع عنه ، وردّ من اتهمه بالغلوّ

« ـ البحرين ـ »

الشيعة تتبرّأ من خالد وأفعاله :

س : ما موقف الشيعة من خالد بن الوليد ؟ ولقبه سيف الله المسلول ؟

ج : إنّ الشيعة لا تقول بعدالة جميع الصحابة ، إذ لم يرد دليل على كون جميع الصحابة عدول ، وعليه ، فحال الصحابة حال غيرهم في إجراء قواعد الجرح والتعديل عليهم ، فمن كان منهم على سنّة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبقي على ذلك إلى أن توفّي ، فإنّ الشيعة وكلّ عاقل يقدّسونه ، ومن غيّر وبدّل فإنّه لا يستحقّ أيّ تقديس

وأمّا خالد ، فإنّ الشيعة تتبرّأ منه ومن أفعاله ، وهنا نشير إلى بعض أفعاله من مصادر أهل السنّة ، وعليكم بمراجعة المصادر :

١ ـ غضب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله على خالد لمّا بعثه إلى بني جذيمة ، داعياً إلى الإسلام ،
______________________

(١) الغدير ٧ / ٣٣

٣١٧

ولم يبعثه مقاتلاً ، فقتل خالد بعضهم ، فقال النبيّ :« اللهم إنّي أبرأ إليك ممّا صنع خالد » مرّتين(١)

٢ ـ إنّ خالداً سبّ عمّاراً ، ومن سبّ عمّاراً ، سبّه الله

إنّ خالداً عادى عمّاراً وابغضه ، ومن عادى عمّاراً وابغضه عاداه الله وأبغضه(٢)

٣ ـ إنّ خالداً قتل مالك بن نويرة ، وهو مسلم ، ودخل بزوجته(٣)

وإنّ خالداً بعدما أضرّ المسلمين أيّام كفره وجاهليته في وقعة أُحد ، وإن كان قد أسلم وقاتل الكفّار ، ولكن لم يكن قتاله عن تقوى وبصيرة في الدين ، بل كانت على طبق العادات الجاهلية ، وإعمال الأغراض الشخصية ، والشهوات النفسانية ، كما أنّ خالداً كان معروفاً بعدائه للإمام عليعليه‌السلام

______________________

(١) صحيح البخاري ٤ / ٦٧ و ٥ / ١٠٧ و ٧ / ١٥٤ و ٨ / ١١٨ ، سنن النسائي ٨ / ٢٣٧ ، السنن الكبرى للبيهقي ٩ / ١١٥ ، فتح الباري ٦ / ١٩٦ و ٨ / ٤٦ و ١١ / ١٢٠ و ١٣ / ١٥٩ ، المصنّف للصنعاني ٥ / ٢٢٢ و ١٠ / ١٧٤ ، السنن الكبرى للنسائي ٣ / ٤٧٤ ، صحيح ابن حبّان ١١ / ٥٤ ، كنز العمّال ١ / ٣١٧ ، الجامع لأحكام القرآن ٧ / ٢٢٤ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٥٤٨ ، الطبقات الكبرى ٢ / ١٤٨ ، الثقات ٢ / ٦٢ ، أُسد الغابة ٢ / ٩٤ ، سير أعلام النبلاء ١ / ٣٧٠ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ٦١ ، تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٣٤٢ ، البداية والنهاية ٤ / ٣٥٨ و ٦ / ٣٥٥ ، السيرة النبوية لابن هشام ٤ / ٨٨٣ ، المحلّى ١٠ / ٣٦٨ ، نيل الأوطار ٨ / ٩ ، مسند أحمد ٢ / ١٥١ ، السيرة النبوية لابن كثير ٣ / ٥٩١ ، سبل الهدى والرشاد ٦ / ٢٠١

(٢) فضائل الصحابة : ٥٠ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ٧٤ ، المعجم الكبير ٤ / ١١٢ ، كنز العمّال ١٣ / ٥٣٣ ، جامع البيان ٥ / ٢٠٦ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٥٣٠ ، مسند أحمد ٤ / ٨٩ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ٣٩١ ، مجمع الزوائد ٩ / ٢٩٣ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٥٢٣ ، صحيح ابن حبّان ١٥ / ٥٥٦ ، تاريخ بغداد ١ / ١٦٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٣ / ٣٩٨ ، أُسد الغابة ٤ / ٤٥ ، سير أعلام النبلاء ١ / ٤١٥ ، الإصابة ٤ / ٤٧٤

(٣) فيض القدير ٣ / ٧٠٥ ، تاريخ مدينة دمشق ١٦ / ٢٧٤ ، أُسد الغابة ٢ / ٩٥ ، الإصابة ٢ / ٢١٨ و ٣ / ٣٩٢ و ٤ / ٣٢١ ، تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٥٠٤ ، البداية والنهاية ٤ / ٣٦٠ و ٦ / ٣٥٥ ، السيرة النبوية لابن كثير ٣ / ٥٩٤

٣١٨

« إبراهيم عبد الكريم ـ النيجر ـ »

الشيعة تحتجّ بالبخاري على أهل السنّة :

س : بعد التحية الطيّبة ، أسأل الله أن يهدينا إلى الحقّ ، ويثبّتنا عليه بفضله وكرمه

سؤالي هو : ما نقد الشيعة في البخاري وصحيحه

ج : إنّ طلب الحقّ أمر ممدوح ، وعدم الاعتماد على الخصم في فهم التشيّع ، والاعتماد على كتب علماء الشيعة ، هو الطريق الوحيد لفهم مذهب أهل البيتعليهم‌السلام

إنّ الشيعة تحتجّ بصحيح البخاري على أهل السنّة من باب الإلزام ، وإلّا فهو ليس حجّة عليهم ، وإنّما الشيعة لها طرقها الخاصّة في الرواية عن النبيّ وأهل البيتعليهم‌السلام

« علي ـ السعودية ـ »

القفاري وكتابه أُصول مذهب الشيعة :

س : أُودّ أن أسألكم عن رأيكم في كتاب أُصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية ، لمؤلّفه ناصر بن عبد الله بن علي القفاري

وأُودّ أن أعرف ردّكم على هذا الكتاب ، أرجو الإجابة عن سؤالي ؟

ج : إنّ نظرة أوّلية يلقيها الباحث على الكتاب ، توصله إلى أنّ الكتاب ليس تأليف فرد واحد ، بل هو تأليف لجنة شكّلت لهذا الأمر ، وذلك للاختلاف الفاحش في الأسلوب بين بحث وآخر ، بل وحتّى في طريقة أخذ النتائج

هذا ، وإنّ الأُستاذ محمّد الحسيني ، كتب هوامش نقدية على هذا الكتاب ، نشرت في أعداد مجلّة « المنهاج » الصادرة في بيروت

كما أنّ الدكتور فتح الله المحمّدي ، ألّف كتابه « سلامة القرآن من التحريف » في الردّ على بحث التحريف من كتاب القفاري

٣١٩

هذا ، وقام الدكتور فتح الله المحمّدي أيضاً ، بتأليف كتاب اقتصر فيه على الأكاذيب والتدليس والافتراءات الموجودة في كتاب القفاري

ومهما حاول القفاري واللجنة التي معه ، لإعطاء صورة موضوعية للكتاب ، إلّا أنّ الأكاذيب والقصّ في الأحاديث والتحريفات ـ كما هو ديدن الوهّابيون ، ولا يستطيعون أن يتخلّوا عنه ـ واضحة وجلية فيه

« أُمّ محمّد ـ السعودية ـ »

الكتب التي فيها ردّ الشبهات :

س : أواجه كثير من الأسئلة في العقائد من بعض الزملاء السنّة ، وقد ساعدني الاطلاع على موقعكم الردّ على الكثير منها ، أثابكم الله على هذا العمل خير ثواب

أرغب في الاطلاع على بعض الكتب ، لتساعدني في ردّ الشبهات عن مذهب أهل البيت ، فهلا نصحتموني ببعض الأسماء لهذه الكتب ؟ جزاكم الله خير الدنيا والآخرة

ج : يمكنكم مراجعة كتاب « الغدير » للعلّامة الأمينيقدس‌سره المجلّد الثالث ، حيث ردّ فيه على الكثير من الشبهات المطروحة ضدّ مذهب أهل البيتعليهم‌السلام ، وكذلك ننصحكم بمراجعة كتاب « دلائل الصدق » للعلّامة المظفّرقدس‌سره ، وكتاب « المراجعات » للسيّد عبد الحسين شرف الدينقدس‌سره

« محمّد إسماعيل ـ الكويت »

ترجمة أبي العلاء المعرّي :

س : ما هو مذهب أبو العلاء المعرّي ؟ ودمتم موفّقين

ج : قال الذهبي : « أبو العلاء : هو الشيخ العلّامة ، شيخ الآداب ، أبو العلاء ، أحمد بن عبد الله بن سليمان القحطاني ، ثمّ التنوخي المعرّي الأعمى ، اللغوي ، الشاعر ، صاحب التصانيف السائرة ، والمتّهم في نحلته

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576