موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ١

موسوعة الأسئلة العقائديّة10%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-01-0
الصفحات: 576

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 576 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 241050 / تحميل: 7270
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠١-٠
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

ولد في سنة ثلاث وستّين وثلاث مائة ، وأضرّ بالجدري ، وله أربع سنين وشهر ، سالت واحدة ، وابيضّت اليمنى ، فكان لا يذكر من الألوان إلّا الأحمر ، لثوب أحمر ألبسوه إيّاه ، وقد جدّر ، وبقي خمساً وأربعين سنة لا يأكل اللحم تزهّداً فلسفياً

وكان قنوعاً متعفّفاً ، له وقف يقوم بأمره ، ولا يقبل من أحد شيئاً ، ولو تكسّب بالمديح لحصّل مالاً ودنيا ، فإنّ نظمه في الذروة ، يعدّ مع المتنبي والبحتري »(١)

وقال ابن حجر : « أحمد بن عبد الله بن سليمان ، أبو العلاء المعرّي ، اللغوي الشاعر ، روى جزأً عن يحيى بن مسعر ، عن أبي عروبة الحرّاني ، له شعر يدلّ على الزندقة ، سقت أخباره في التاريخ الكبير »

قال السلفي : « من عجيب رأى أبي العلاء ، تركه تناول كلّ مأكول لا تنبته الأرض ، شفقة على الحيوانات ، حتّى نسب إلى التبرهم ، وأنّه يرى رأي البراهمة في إثبات الصانع ، وإنكار الرسل ، وفي شعره ما يدلّ على هذا المذهب ، وفيه ما يدلّ على غيره ، وكان لا يثبت على نحلته ، ولا يبقى على قانون واحد ، بل يجري مع القافية إذا حصلت »(٢)

قال الشيخ عباس القمّي : « الشاعر الأديب الشهير ، كان نسيج وحده بالعربية ، ضربت اباط الإبل إليه ، وله كتب كثيرة ، وكان أعمى ذا فطانة ، وله حكايات من ذكائه وفطانته

حكي أنّه لما سمع فضائل الشريف السيّد المرتضى اشتاق إلى زيارته ، فحضر مجلس السيّد ، وكان سيّد المجالس ، فجعل يخطو ويدنو إلى السيّد ، فعثر على رجل ، فقال الرجل : من هذا الكلب ؟ فقال المعرّي : الكلب من لا يعرف للكلب سبعين اسماً

______________________

(١) ـ سير أعلام النبلاء ١٨ / ٢٣

(٢) لسان الميزان ١ / ٢٠٣

٣٢١

فلمّا سمع الشريف ذلك منه ، قرّبه وأدناه ، فامتحنه فوجده وحيد عصره ، وأعجوبة دهره ، فكان أبو العلاء يحضر مجلس السيّد ، وعدّ من شعراء مجلسه »(١)

« أُمّ علي القلاف ـ الكويت ـ »

تخلّف عبد الله بن جعفر عن الحسين :

س : هل كان زوج العقيلة زينب موجود في واقعة الطف ؟ وهل كان لها أبناء قتلوا مع الإمام الحسين ؟ وما هي أسمائهم ؟ مع جزيل الشكر

ج : عبد الله بن جعفر زوج السيّدة زينبعليها‌السلام ، لم يكن في واقعة الطفّ ، وفي سبب تخلّفه عن الإمام الحسينعليه‌السلام عدّة أقوال :

منها : إنّ الإمام الحسينعليه‌السلام أشار عليه بالبقاء لمصالح ما

ومنها : إنّه كان مريضاً آنذاك ، ومنها : أقوال أُخرى ، وتبقى كلّ هذه الأقوال في حيّز الاحتمال ، والتاريخ لم يذكر لنا بوضوح أسباب تخلّفه

وعلى كلّ حال ، فإنّ أمثال عبد الله بن جعفر ، وابن عباس ، وابن الحنفية ، كان لهم دور مهمّ في إيصال مظلومية الإمام الحسينعليه‌السلام إلى الجميع

وللسيّدة زينبعليها‌السلام ابناً باسم عون الأكبر من شهداء الطفّ ، قتل في حملة آل أبي طالب ، وهو مدفون في حفيرة آل أبي طالب ، ممّا يلي رجلي الإمام الحسينعليه‌السلام

« محمّد إسماعيل ـ الكويت »

ترجمة أبي حيّان التوحيدي :

س : أبو حيّان التوحيدي ، هل يعتبر أحد علماء أهل السنّة ؟ وما منزلته عند
______________________

(١) الكنى والألقاب ٣ / ١٩٤

٣٢٢

علمائهم ؟ وهل صحيح أنّ هناك من علمائهم من رماه بالزندقة ؟

ج : قال العلّامة الأمينيقدس‌سره : « أبو حيّان التوحيدي ، صاحب التصانيف ، قيل : اسمه علي بن محمّد بن العباس ، نفاه الوزير المهلبي لسوء عقيدته ، وكان يتفلسف ، بقي إلى حدود الأربعمائة ببلاد فارس ، قال ابن مالي في كتاب الفريدة : كان أبو حيّان كذّاباً ، قليل الدين والورع ، مجاهراً بالبهت ، تعرّض لأُمور جسام من القدح في الشريعة ، والقول بالتعطيل

وقال ابن الجوزي : كان زنديقاً ، وقال الذهبي : صاحب زندقة وانحلال »(١)

وقال الذهبي : « أبو حيّان التوحيدي : الضالّ الملحد ، أبو حيّان ، علي بن محمّد بن العباس ، البغدادي الصوفي ، صاحب التصانيف الأدبية والفلسفية ، ويقال : كان من أعيان الشافعية .

وقال أبو الفرج بن الجوزي : زنادقة الإسلام ثلاثة : ابن الراوندي ، وأبو حيّان التوحيدي ، وأبو العلاء المعرّي ، وأشدّهم على الإسلام أبو حيّان ، لأنّهما صرّحا ، وهو مجمج ولم يصرّح

قلت : وكان من تلامذة علي بن عيسى الرماني ، ورأيته يبالغ في تعظيم الرماني ، في كتابه الذي ألّفه في تقريظ الجاحظ ، فأنظر إلى المادح والممدوح ! وأجود الثلاثة الرماني ، مع اعتزاله وتشيّعه

وأبو حيّان ، له مصنّف كبير في تصوّف الحكماء ، وزهّاد الفلاسفة ، وكتاب سمّاه البصائر والذخائر ، وكتاب الصديق والصداقة »(٢)

« محمّد إسماعيل ـ الكويت ـ »

ترجمة الجاحظ :

س : هل يعتبر الجاحظ عند علماء أهل السنّة والرجاليين من الثقات ؟ وما رأي علماؤهم به ؟ أرجو ذكر بعض الكلمات عنه ؟

______________________

(١) الغدير ٥ / ٢٧٣

(٢) سير أعلام النبلاء ١٧ / ١١٩

٣٢٣

ج : قال الذهبي : « الجاحظ : العلّامة المتبحّر ، ذو الفنون ، أبو عثمان عمرو ابن بحر بن محبوب البصري المعتزلي ، صاحب التصانيف

أخذ عن النظّام ، وروى عن أبي يوسف القاضي ، وثمامة بن أشرس

روى عنه أبو العيناء ، ويموت بن المزرع ابن أخته ، وكان أحد الأذكياء

قال ثعلب : ما هو بثقة

وقال يموت : كان جدّه جمّالاً أسود .

قلت : يظهر من شمائل الجاحظ أنّه يختلق

قال إسماعيل الصفّار : حدّثنا أبو العيناء قال : أنا والجاحظ وضعنا حديث فدك ، فأدخلناه على الشيوخ ببغداد ، فقبلوه إلّا ابن شيبة العلوي ، فإنّه قال : لا يشبه آخر هذا الحديث أوّله »(١)

وقال ابن حجر : « عمرو بن بحر الجاحظ صاحب التصانيف ، روى عنه أبو بكر بن أبي داود فيما قيل

قال ثعلب : ليس بثقة ولا مأمون ، قلت : وكان من أئمّة البدع انتهى »(٢)

وقال الشيخ عباس القمّيقدس‌سره : « الجاحظ أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الليثي البصري ، اللغوي النحوي ، كان من غلمان النظّام ، وكان مائلاً إلى
النصب والعثمانية ، وله كتب منها : العثمانية ، التي نقض عليها أبو جعفر الإسكافي ، والشيخ المفيد ، والسيّد أحمد بن طاووس ، وطال عمره ، وأصابه الفالج في آخر عمره ، ومات في البصرة ، سنة ٢٥٥ » (٣)

« محمّد إسماعيل ـ الكويت »

ترجمة جابر بن حيّان وخالد بن يزيد :

س : هل صحيح أنّ أوّل عالم كيميائي هو خالد بن يزيد ؟ مع العلم أنّه من
______________________

(١) سير أعلام النبلاء ١١ / ٥٢٦

(٢) لسان الميزان ٤ / ٣٥٥

(٣) الكنى والألقاب ٢ / ١٣٦

٣٢٤

سلالة أبي سفيان ، فهل أنّها من المختلقات أم ماذا ؟ وهل يوجد دليل ؟ ودمتم موفّقين

ج : المشهور والمعروف أنّ جابر بن حيّان ، هو مؤسّس علم الكيمياء

قال السيّد الخوئيقدس‌سره : « جابر بن حيّان : الصوفي الطرسوسي ، أبو موسى ، من مشاهير أصحابنا القدماء ، كان عالماً بالفنون الغريبة ، وله مؤلّفات كثيرة ، أخذها من الصادقعليه‌السلام ، وقد تعجّب غير واحد من عدم تعرّض الشيخ والنجاشي لترجمته ، وقد كتب في أحواله ، وذكر مؤلّفاته كتب عديدة ، من أراد الاطلاع عليها ، فليراجعها

قال جرجي زيدان في مجلة « الهلال » على ما حكي عنه : إنّه من تلامذة الصادقعليه‌السلام ، وإنّ أعجب شيء عثرت عليه في أمر الرجل ، أنّ الأوروبيين اهتمّوا بأمره ، أكثر من المسلمين والعرب ، وكتبوا فيه وفي مصنّفاته تفاصيل ، وقالوا : إنّه أوّل من وضع أساس الشيمي الجديد ، وكتبه في مكاتبهم كثيرة ، وهو حجّة الشرقي على الغربي إلى أبد الدهر »(١)

وإمّا خالد بن يزيد بن معاوية ، فإنّه كان له علم بالكيمياء ، لا أنّه أسّسه

قال الذهبي : « خالد بن يزيد بن معاوية : ابن أبي سفيان ، الأمير أبو هاشم الأموي

روى عن دحية الكلبي وأبيه ، وعنه : رجاء بن حيوة ، والزهري .

وكان من نبلاء الرجال ، ذا علم وفضل ، وصوم وسؤدد

قال ابن خلكان في ترجمته : كان من أعلم قريش بفنون العلم ، قال : وكان بصيراً بهذين العلمين : الطبّ والكيمياء ، وله نظم رائق »(٢)

______________________

(١) معجم رجال الحديث ٤ / ٣٢٨

(٢) سير أعلام النبلاء ٩ / ٤١١

٣٢٥

« خالد ـ الجزائر ـ ٢٧ سنة ـ التاسعة أساسي »

جابر بن حيّان لم يكن إسماعيلياً :

س : هل صحيح أنّ جابر بن حيّان كان من الإسماعيلية ؟ وأنّ الإسماعيلية تعدّه من أحد أبوابها ؟

ج : إنّ جابر بن حيّان يعدّ من مفاخر علماء الشيعة الإمامية لا من علماء الإسماعيلية ، فقد قال السيّد الخوئيقدس‌سره في ترجمته : « من مشاهير أصحابنا القدماء »(١) ، ومعنى أصحابنا أي أصحاب الإمامية لا الإسماعيلية

وقال عنه السيّد محسن الأمينقدس‌سره : « من أصحاب الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام وأحد أبوابه ، ومن كبار الشيعة »(٢)

« علي ـ المغرب ـ ٢٢ سنة ـ ليسانس »

حركة إدريس كانت مؤيّدة من قبل الأئمّة :

س : نعلم أنّ أوّل دولة شيعية كان تأسيسها بالمغرب ، من قبل المولى إدريس الأوّل ، الذي يحظى باحترام كبير لدينا ، فهل كانت هذه الدولة بإذن من الإمام آنذاك ؟ أم أنّ الأمر كان بمبادرة شخصية من المولى إدريس ؟ وإن كان الأمر كذلك ، فهل يجوز هذا الأمر ؟ وشكراً

ج : كما تعلمون ، فإنّ المولى إدريس ، قد أتى المغرب بعد ما شهد واقعة فخّ وشارك فيها ، وهذا الأمر يساعدنا كثيراً في تفسير حركته ، إذ إنّ قائد حركة فخّ ، قد صرّح في خطبته أبّان خروجه على العباسيين ، بأنّه يدعو إلى الرضا من آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣)

______________________

(١) معجم رجال الحديث ٤ / ٣٢٨

(٢) أعيان الشيعة ٤ / ٣٠

(٣) مقاتل الطالبيين : ٢٩٩

٣٢٦

ومن جانب آخر ، قد أبّنه الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام بقوله :« إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، مضى والله مسلماً صالحاً صوّاماً ، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر ، ما كان في أهل بيته مثله » (١) ، حتّى إنّ علياً ويحيى ابني عبد الله ـ من أركان حركة فخّ ـ كانا يقولان : « ما خرجنا حتّى شاورنا أهل بيتنا ، وشاورنا موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، فأمرنا بالخروج »(٢)

وعلى ضوء ما ذكرنا ، فإنّ حركة إدريس في المغرب ، بما أنّها كانت امتداداً لحركة فخّ ، واستمراراً لها ، فإنّها كانت تحظى بتأييد غير مباشر من الأئمّةعليهم‌السلام كما هو سيرة الأئمّةعليهم‌السلام في تأييد الحركات الثورية السليمة في وجه أعداء الدين في ظروف التقية فهمعليهم‌السلام وإن كانوا لم يشاركوا في هذه النهضة ونظائرها ـ لمصالح كانت تفرض عليهم ـ ولكن دعموها بأقوالهم تصريحاً أو تلويحاً ، فمثلاً نسب إلى الإمام الرضاعليه‌السلام أنّه قال :« إدريس بن عبد الله من شجعان أهل البيت ، والله ما ترك فينا مثله » (٣) ، حتّى أنّه جاءت رواية مرسلة على لسان الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال :« عليكم بإدريس بن إدريس فإنّه نجيب أهل البيت وشجاعهم » (٤)

ولا يخفى في المقام ، أنّ سيرة الأدارسة ـ وعلى الأخصّ إدريس الأوّل والثاني ـ خالية من إدعاء الخلافة أو الإمامة ، ممّا يؤيّد علاقتهم بأئمّة زمانهمعليهم‌السلام ، كما هو ظاهر بأدنى تأمّل

وعلى هذا ، فإنّ حركتهم ـ حتّى لو قلنا أنّها كانت بمبادرة شخصية ـ جاءت لتأييد خطّ الإمامة والولاية ، لا الدعوة إلى أنفسهم

نعم ، وإن كان هذا لا يدلّ على تصحيح كافّة تصرّفاتهم في الحكم ، من
______________________

(١) المصدر السابق : ٣٠٢

(٢) المصدر السابق : ٣٠٤

(٣) أعيان الشيعة ٣ / ٢٣١

(٤) مجالس المؤمنين ٢ / ٢٨٦

٣٢٧

جانب الأئمّةعليهم‌السلام ، ولكن يشير إلى مشروعية حركتهم في الأساس

« طلال المرهون ـ الكويت ـ »

قيمة كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة :

س : هل أنّ كتاب الإمامة والسياسة له أسانيد صحيحة ؟

ج : إنّ كتاب « الإمامة والسياسة » لعبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ، الذي عبّر عنه ابن حجر العسقلاني بأنّه : « صدوق قال الخطيب : كان ثقة ديّناً فاضلاً »(١) ، بل نقل عنهم أنّهم قالوا فيه : أنّه منحرف عن أهل البيتعليهم‌السلام !

هذا ؛ ولا نعلم لماذا لا يناقش في كتب غيره ، ويسأل عن كتابه هذا ، الذي عبّر عنه محمّد فريد وجدي : « هو من أقدم الكتب وأوثقها في مسائل الخلافة الإسلامية »(٢)

وأخيراً ، إنّ السؤال عن الكتاب ، لا لشيء إلّا أنّه ذكر شمّة بسيطة جدّاً عن مظلومية أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والهجوم على دار الزهراء البتولعليها‌السلام ، وإسقاط جنينها المحسنعليه‌السلام ولاشكّ أنّ نقل مثل هذا كاف في إسقاطه حتّى من مثل البخاري وصحيحه لو كان !!

« أُمّ علي القلّاف ـ الكويت ـ »

تخلّف ابن الحنفية عن الحسين :

س : هل قاتل محمّد بن الحنفية مع الإمام الحسين ؟ وإن لم يقاتل فأين كان ؟ ولم لم يقاتل معه ؟ مع جزيل الشكر

______________________

(١) لسان الميزان ٣ / ٣٥٧

(٢) دائرة المعارف ٣ / ٧٥٠

٣٢٨

ج : في سبب تخلّفه عن الإمام الحسينعليه‌السلام عدّة أقوال :

منها : إنّ الإمام الحسينعليه‌السلام أشار عليه بالبقاء لمصالح ما

ومنها : إنّ ابن الحنفية كان مريضاً آنذاك ، ومنها : أقوال أُخرى ، وتبقى كلّ هذه الأقوال في حيّز الاحتمال ، والتاريخ لم يذكر لنا بوضوح أسباب تخلّفه

وعلى كلّ حال ، فإنّ أمثال ابن الحنفية ، وعبد الله بن جعفر ، وابن عباس ، كان لهم دور مهمّ في إيصال مظلومية الإمام الحسينعليه‌السلام إلى الجميع ، وليس يخفى على أحد ما قام به محمّد بن الحنفية من دور في هداية المختار ، لأخذ الثأر من قتلة الإمام الحسينعليه‌السلام

« ـ الكويت ـ »

عثمان الخميس في ميزان النقد :

س : بالبداية يعجز اللسان عن النطق بكلمات الشكر والإعجاب ، فأنتم ـ حفظكم الله ـ أكبر من ذلك

ظهر لنا المدعو عثمان الخميس ، والذي لا له هدف في هذه الحياة سوى الشيعة ، وبطلان مذهبهم واعتقاداتهم ـ كما يدّعي ـ ولا أدّعي عندما أقول لسماحتكم : إنّه يكيل بالكيل العظيم لنا ، وأنا قرأت له الكثير في ردّه على كتب التيجاني ، وكتاب المراجعات ، وكتاب التحريف ، وكثير من ذلك ، ولكن الخطير في الأمر ، أنّني وكثير من الأخوان نؤمن ـ والحمد لله ـ بمذهبنا وعقيدتنا ، ولكن هذا الإنسان يهيج بنا الشكّ في كتبه بشكل عجيب

فأرجو من سماحتكم الردّ السريع ، علماً بأنّني على أتمّ استعداد أن آتي بكلّ كتب هذا المسمّى بعثمان الخميس

مع خالص الشكر ، آملاً ألا تهمل رسالتي ، وأن تردّ بأسرع ما يمكن ، نظراً لترقّب كثير من الشباب معي لردّكم الكريم ، مع خالص الشكر لسماحتكم

٣٢٩

ج : نسأل الله تعالى لكم كمال التوفيق ، لما قمتم به وستقومون به ـ إن شاء الله ـ في الدفاع عن العقيدة الحقّة ، المتمثّلة بمذهب أهل البيتعليهم‌السلام

ونعلمكم : بأنّ المدعو عثمان الخميس ، لا توجد عنده أدلّة ، فضلاً عن أن تكون فيها شيء من القوّة ، وأقصى ما يمكن أن يقال في حقّه : إنّه رجل مراوغ ، له قدرة على الخطابة ، من دون أي سوابق علمية ، أو مبانٍ يعتمد عليها ، بالأخصّ في ردّه على الشيعة ، فإنّه ردّ جاهل بالمباني التي تعتمد عليها الشيعة ، وإنّما هو جمع من هنا وهناك ، وحتّى في الجمع حرّف الكثير فيما نقله من مصادر الشيعة

ومع هذا كلّه ، فإنّه لا يستحقّ الردّ عليه ، ولكن بما أنّ له أسلوباً في الخطابة ما ربما يوهم للبعض أنّه على حقّ ، أو يوجب التشكيك عند آخرين ، فقد عمد مركز الأبحاث العقائدية إلى ترشيح الشاب المستبصر السيّد عصام العماد للردّ عليه

والدكتور عصام العماد من اليمن ، كان وهّابياً ثمّ تشيّع ، فردّ على عثمان أفضل ردّ في ثلاث ساعات ، وكذلك شرع مع عثمان بمناظرة على الإنترنت ، ممّا أدّت إلى هروب وهزيمة عثمان عن المناظرة ، يمكنكم الاستماع إلى الردّ والمناظرة في موقعنا على الإنترنت

هذا ، والمركز على استعداد تامّ للتعاون معكم ، وإن كان عثمان الخميس لا يستحقّ أيّ اهتمام به ، مع هذا يمكنكم إيصال جميع مؤلّفاته ومحاضراته إلى المركز في قم ، وإن كان بعضها موجود عندنا

« ـ ـ »

الرادّون على عثمان الخميس :

س : لقد ألّف الشيخ عثمان الخميس كتباً ضدّ الشيعة ، فهل تمّ الردّ عليه بكتب ؟ وشكراً

٣٣٠

ج : إنّ عثمان الخميس ، لم يأت بالشيء الجديد ، وإنّما هو تكرار لما أتى به ابن تيمية ، ومحمّد بن عبد الوهاب ، وإنّ عثمان تأثّر كثيراً بما أورده إحسان الهي ظهير في كتبه ، حتّى أنّه تابعه كثيراً ما حتّى في أكاذيبه ، وما وقع فيه من خلط

وإنّ أفضل ردّ على عثمان الخميس ، هو محاضرات الدكتور عصام العماد ، الذي كان وهّابياً ، ثمّ اعتنق مذهب أهل البيتعليهم‌السلام ، وكذا مناظرته معه

وكذلك يمكنكم مراجعة ما كتبه الشيخ حسن العماني في كتابه « ردّ أباطيل عثمان الخميس على حديث الثقلين » ، وكتابه الآخر « ردّ أباطيل عثمان الخميس على آية التطهير »

« يوسف ـ الإمارات ـ ٣٠ سنة ـ طالب جامعة »

عدم وثاقة عبد الله بن عمر :

س : ما رأيكم في ابن عمر ؟

ج : إنّ مقياس الوثاقة والعدالة لدى الإمامية هو حسن الصحبة والطاعة للمعصومعليه‌السلام ، فمخالفة الشخص للإمام يوجب الطعن فيه ، مهما بلغ من المنزلة الاجتماعية ، وامتاز بالنسب واشتهر بالحسب ، وإنّ موقفه من الإمام المعصوم يعدّ فاصلاً مهمّاً في حسن حاله ، وقبول رواياته ، وممّا يؤسف له أنّ عبد الله بن عمر ، قد اتخذ موقفاً متخاذلاً من الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فامتناعه عن بيعته كان بلا موجب ، وتردّده في قبول خلافته لا يعتمد على دليل شرعي يوجب معه التوقّف عن إمامته

مع أنّ قوله في الإمام عليعليه‌السلام يعدّ دليلاً على معرفته التامّة بمنزلة الإمامعليه‌السلام ، حيث قال في حديثٍ له : « إنّا إذا عددنا قلنا : أبو بكر وعمر وعثمان ، فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن فعلي ؟ قال ابن عمر : ويحك علي من أهل البيت لا يقاس بهم »(١)

______________________

(١) شواهد التنزيل ٢ / ٢٧١ ، جواهر المطالب ١ / ٢٢٤

٣٣١

ممّا يعني ارتكاز أفضلية الإمام عليعليه‌السلام على الثلاثة في نفسه ووجدانه ، إلّا أنّ تردّده في مبايعة الإمام عليعليه‌السلام ، مع تمام معرفته به ، يوجب طعناً في عدالته ، وخرقاً في وثاقته

ثمّ روي أنّه قد دخل في أحد الليالي على الحجّاج ، فقال الحجّاج : « ما الذي أتى بك ؟ قال : جئتك لأبايعك ، فقال : ما الذي دعاك إلى ذلك ؟

فقال : قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« من مات ولم يعرف إمام زمانه ، مات ميتة جاهلية » ، فاخرج الحجّاج له رجله من الفراش ، وقال له : اصفق بيدك عليها »(١)

فسيرة عبد الله بن عمر مع الإمام عليعليه‌السلام ، وتقاعسه عن الخروج معه ، يوجب منّا التوقّف في وثاقته ، بل الطعن في عدالته ، وهذا ملاكنا في توثيق الرجال وتضعيفهم

« عقيل أحمد جاسم ـ البحرين ـ ٣٢ سنة ـ بكالوريوس »

عقيدة أحمد الكاتب :

س : ما هي قصّة أحمد الكاتب ، هل هو أنكر مذهب أهل البيت ، وأصبح من السنّة ؟ أم فقط لا يعتقد بوجود الإمام المنتظرعليه‌السلام ؟

ج : الذي يظهر من كتاباته وتصريحاته ، عدم الالتزام بأُسس ومبادئ المذهب الشيعي ، فإنّ القول بعدم ولادة الإمام المنتظرعليه‌السلام ، وعدم لزوم العصمة في الأئمّة الاثني عشرعليهم‌السلام ، والنسبة المكذوبة عليهم في التزامهم بالشورى في مسألة الإمامة ، كلّها تدلّ على عدم الاعتقاد بأوّليّات المذهب الشيعي الاثني عشري

« حسين أحمد العصفور ـ البحرين ـ ٢٢ سنة ـ طالب ثانوية »

تعقيب على الجواب السابق :

إنّ موقف أحمد الكاتب وعثمان الخميس يذكّرني بآية في القرآن ، وهي ______________________

(١) أُنظر : شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢٤٢

٣٣٢

قول حاشية العزيز عندما طلب منهم تفسير منامه ، قالوا له : إنّها أضغاث أحلام ، ثمّ قالوا : إنّهم لا يعرفون في تفسير الأحلام شيئاً .

السوال : من أين قالوا أنّها أضغاث أو غير أضغاث ، مع أنّهم لا يعرفون فيها شيئاً ؟! هذا هو منهج الجهلة ، دائماً يصنّفون الشيء ، مع أنّهم لا يعرفون فيه شيئاً ، فيقولوا : هذا ضعيف ، وهذا قوي ، وهذا حديث مردود ، وهكذا .

أحمد الكاتب وأمثاله هكذا : « هذه الرواية موضوعة ، وهذا الدليل ضعيف » يصنّف مع أنّه لا قدرة له على فهم النصوص

ثانياً : إنّهم لا يدركون حقيقة مهمّة ، وهي : إنّ نفي الشيء يحتاج إلى دليل ، وليس فقط إثبات الشيء ، البديهيات نفيها يحتاج إلى دليل ، فهُم دائماً ينفون الأشياء الواضحة بدون دليل ، ولاية الإمام عليعليه‌السلام ، ووجود الإمام وغيرها ، نفيها يحتاج إلى دليل ، وليس إثباتها

« مازن الحيدري ـ العراق ـ »

عقيل وتركه لعليعليه‌السلام :

س : هل إنّ رواية ترك عقيل بن أبي طالب لأخيه أمير المؤمنين في فترة خلافته ، والتجائه إلى معاوية ، وقوله : « الدنيا مع معاوية والآخرة مع علي » صحيحة ؟! مع الشكر والامتنان لكم

ج : الوارد في التاريخ هو التحاق عقيل بمعاوية ، ولكن المختلف فيه بين المحقّقين هو زمان ذلك ، فهل كان في زمن خلافة الإمام عليعليه‌السلام أم بعد ذلك ؟

أمّا حقيقة هذه المقولة فلم تثبت صحّة ذلك في التاريخ ، وإن ثبتت هذه المقولة ، ففيها دلالة على الطعن في معاوية ، حيث صرّح بأنّه لا آخرة مع معاوية ، ومعنى ذلك إبطال الشرعية لمعاوية ، وسلب الحقّ عنه

علماً أنّ الحقبة الزمنية آنذاك غامضة جدّاً ، وهنالك الكثير من الحلقات التاريخية المفقودة ، ممّا تجعل القضايا مبتورة ومشوّشة ، مضافاً إلى الإعلام الأمويّ يجعلنا نتوقّف في الكثير ممّا ورد في التاريخ ، ممّا ظاهره الخدشة في بني هاشم ، إذ هو دأب الأمويين ومن لفّ لفّهم

٣٣٣

« أحمد حسن ـ البحرين ـ »

كعب الأحبار ووهب بن منبه :

س : لديّ بعض الأسئلة ، أرجو منكم الإجابة عليها ، جزاكم الله ألف خير :

١ ـ مَن هو كعب الأحبار ؟

٢ ـ مَن هو وهب بن منبه ؟

وأخيراً أتمنّى لكم دوام الصحّة والعافية ، وشكراً

ج : أمّا كعب الأحبار ، فهو ابن ماتع الحميري ، كان في الجاهلية من علماء اليهود في اليمن ، أسلم في زمن أبي بكر ، وقيل : في أيّام عمر ، وقدم المدينة في دولة عمر ، وأخذ يروي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مرسلاً ، وعن عمر وصهيب وعائشة ، ثمّ خرج إلى الشام فسكن حمص ، وتوفّي فيها سنة (٣٢ هـ) ، عن عمر جاوز المائة وأربع سنين

قال ابن أبي الحديد : « روى جماعة من أهل السير : إنّ علياًعليه‌السلام كان يقول عن كعب الأحبار : إنّه لكذّاب ، وكان كعب منحرفاً عن عليعليه‌السلام »(١)

وعن زرارة قال : ( كنت قاعداً إلى جنب أبي جعفرعليه‌السلام ، وهو محتب مستقبل الكعبة ، فقال :« أما إنّ النظر إليها عبادة » ، فجاءه رجل من بجيلة يقال له عاصم بن عمر ، فقال لأبي جعفرعليه‌السلام : إنّ كعب الأحبار كان يقول : إنّ الكعبة تسجد لبيت المقدس في كلّ غداة ، فقال أبو جعفرعليه‌السلام :« فما تقول فيما قال كعب » ؟ فقال : صدق القول ما قال كعب ، فقال أبو جعفرعليه‌السلام :« كذبت وكذب كعب الأحبار معك » ، وغضب ، قال زرارة : ما رأيته استقبل أحداً بقول كذبت غيره ، ثمّ قال :« ما خلق الله عزّ وجلّ بقعة في الأرض أحبّ إليه منها » )(٢)

______________________

(١) شرح نهج البلاغة ٤ / ٧٧

(٢) الكافي ٤ / ٢٣٩

٣٣٤

والخلاصة : إنّ كعب الأحبار كان من المنحرفين عن خطّ عليعليه‌السلام ، وكان من الكذّابين والوضّاعين للأحاديث

وأمّا وهب ، فهو ابن منبّه الصنعاني ، ولد سنة (٣٤ هـ) في خلافة عثمان ، روى عن أبي هريرة ، وأبي سعيد ، وابن عباس ، وأنس ، وغيرهم

كان قاضياً على صنعاء ، له كتاباً في القدر ، مات سنة (١١٠ هـ) ، روى له البخاري حديثاً واحداً ، وقال عمرو بن علي الفلاس : « كان ضعيفاً »(١)

كما نبّه على ضعفه النجاشي(٢) ، والشيخ الطوسي(٣)

« أبو عبد الرحمن القلموني ـ أمريكا ـ سنّي »

الشيعة لا تقبل بالصحاح الستة :

س : هل صحيح أنّ الشيعة لا يقبلون بمصادر أهل السنّة كصحيح البخاري ومسلم والصحاح الست ؟ وأنّ رأي أئمّتهم مقدّم ، بل ناسخ لما قد ورد في القرآن الكريم ، أو على لسان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

ما هي أهمّ مصادر الشيعة التي يبنون عليها عقائدهم وتشريعاتهم ؟

ج : نعم ، إنّ الشيعة لا تقبل بالبخاري ومسلم ، وبقية الصحاح الست ، لما فيها من الإسرائيليات ، والأحاديث التي فيها إهانات صريحة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وللأنبياءعليهم‌السلام

ثمّ لا يوجد عند الشيعة كتاب صحيح من أوّله إلى آخره ، غير القرآن الكريم ، فكلّ كتاب غير القرآن يخضع للبحث السندي ، فإذا صحّ سنده عملت به وإلّا فلا

ثمّ كلّ ما ترويه الشيعة عن الأئمّةعليهم‌السلام ، هو بعينه حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ،
______________________

(١) تهذيب التهذيب ١١ / ١٤٨

(٢) فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ٤٣٠

(٣) فهرست كتب الشيعة وأُصولهم : ٤٧٨

٣٣٥

حيث صرّح الأئمّة : إنّ حديثنا هو حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

فعن الإمام الباقرعليه‌السلام قال :« يا جابر ، إنّا لو كنّا نحدّثكم برأينا وهَوانا لكنّا من الهالكين ، ولكنّا نحدّثكم بأحاديث نكنزها عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضّتهم » (١)

وعن الإمام الباقرعليه‌السلام أيضاً قال :« لو أنّا حدّثنا برأينا ضللنا ، كما ضلّ من كان قبلنا ، ولكنّا حدّثنا ببيّنة من ربّنا ، بيّنها لنبيّه ، فبيّنها لنا » (٢)

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام :« إنّا لو كنّا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنّا من الهالكين ، ولكنّها آثار من رسول لله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أصل علم نتوارثها كابر عن كابر عن كابر ، نكنزها كما يكنز الناس ذهبهم وفضّتهم » (٣)

وأمّا أهمّ مصادر الشيعة الروائية لأحاديث أهل البيتعليهم‌السلام كثيرة جدّاً ، منها : الكافي والتهذيب والاستبصار ، ومن لا يحضره الفقيه ، و .

« معصومة ـ باكستان »

موقف كاشف الغطاء من مؤتمر لبنان :

س : أرجو منكم أن تحسنوا لي : وذلك بإرسال التفاصيل حول المؤتمر الذي أُقيم في لبنان ، والذي نظّم من قبل الأمريكان ، عام ١٩٥٤ أو ١٩٥٦ ، وكان للعلّامة الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء دور كبير فيه

فأرجو منكم أن تساعدونني في الحصول على تفاصيل ذلك المؤتمر

ج : يحاول المستعمرون ـ وكما يعرف ذلك الجميع ـ خدمة أغراضهم السياسية ، وطموحاتهم غير الشرعية ، بشتّى الوسائل التي تتفتق عنها مخيِّلتهم النهمة ، متستّرين ـ وصولاً إلى ذلك ـ بأشكال مختلفة من الشعارات والعناوين
______________________

(١) بصائر الدرجات : ٣١٩ ، الاختصاص : ٢٨٠

(٢) بصائر الدرجات : ٣١٩ ، إعلام الورى ١ / ٥٠٨

(٣) بصائر الدرجات : ٣١٩

٣٣٦

الجذّابة ، مستدرجين من تنطلي عليه أكاذيبهم وأحابيلهم التي لا تغرب حقيقتها عن ذوي الألباب

نعم ، وصورة تلك الحال كانت واضحة في المؤتمر ، الذي دعت له جمعية أصدقاء الشرق الأوسط في الولايات المتحدة الأمريكية ، للانعقاد بتاريخ ٢٢ نيسان عام (١٩٥٤ م) في لبنان ، وبالتحديد في مدينة بحمدون ، وحينها تلقّى الشيخ كاشف الغطاءقدس‌سره دعوة رسمية موجّهة من قبل كارلند ايفانز هوبنكز نائب رئيس تلك الجمعية ، لحضور هذا المؤتمر ، الذي ينحصر ـ على حدّ زعمهم ـ بعلماء المسلمين والمسيحيين ، وأن تتحدَّد أعمال هذا المؤتمر بمناقشة ودراسة المواضيع التالية :

١ ـ دراسة القيم الروحية للديانتين الإسلامية والمسيحية

٢ ـ تحديد موقف الديانتين من الأفكار الشيوعية الإلحادية

٣ ـ وضع البرامج الكفيلة بنقل القيم الروحية التي تؤمن بها الديانتان إلى الجيل الحديث

وكان غير خافٍ على أحد أنَّ الغرض المتوخّى من إقامة هذا المؤتمر ـ الذي كانت تروِّج له الإدارة الأمريكية آنذاك ـ هو تسخير المسلمين وعلمائهم كاتباع منفّذين للسياسة الغربية ، التي هالها وأقلقها التوُّرم المظهري الكاذب ، لسريان الأفكار الشيوعية في أنحاء مختلفة من العالم ، أبّان تلك الحقبة الغابرة التي شهدت انخداع العديد من تلك الشعوب بتلك الأفكار الإلحادية ، التي ساهم في انتشارها حينذاك حدّة التفاوت الطبقي بين أفراد المجتمع الواحد ـ وهو مرض الرأسمالية العضال ـ تزامناً مع ما أُسمي بالثورة الصناعية ، واستثمار أصحاب رؤوس الأموال لحالة التفاوت الحاد بين عنصري العرض والطلب بعد الهجرة المكثّفة ، التي شهدتها المدن الصناعية الكبرى من القرى والأرياف ، فانتهز دعاة هذه الأفكار المنحرفة حالة البؤس المزري ، التي أحاطت بالأيدي العاملة هناك ، من خلال خداعهم بحالة الفردوس المزعوم ، التي ستحقّقها لهم عند تصدّيها لقيادتهم ، ولكن الزمن أتى على كلِّ أكاذيبهم ففضحها ، وكلِّ حيلهم فأبطلها ، وسقطوا في مزبلة التاريخ بلا أسف عليهم

٣٣٧

نعم ، لقد كانت حالة الاضطراب التي بدأت تعمّ دوائر صناعة القرار في أوربا ، لمواجهة طغيان المدّ الشيوعي آنذاك هي التي دفعت أُولئك المفكِّرين إلى اللجوء إلى الدين ، كانجح سلاح لا تمتلك أمامه تلك القيم الإلحادية للنظرية الشيوعية شيئاً ، بل وتبدو قباله عاجزة تافهة ، وهو ما كان ولا زال يخشاه حملة تلك الأفكار ، والمروِّجين لها ، حمقاً بعد إفلاسهم

وحقّاً ، فقد كان ذلك قراراً صائباً موفَّقاً ، لو انبعث من نوايا صادقة هدفها إسعاد البشرية ، ورفع الحيف عنها ، بيد أنّها أطروحة تفتَّقت عنها مخيَّلة جهة ، كانت ولا زالت مصدر محنة وبلاء ، بل وعاصفة سوداء أُبتليت بها الإنسانية عامَّة ، والشعوب الإسلامية خاصّة ، وعلى امتداد التاريخ المعاصر ، وحتّى يومنا هذا ، فكانوا بحقّ أسوأ بكثير ممَّن يستثيرون بالمسلمين والمسيحيين الهمم لمواجهتهم

ومن هنا ، فقد كان موقف الشيخ كاشف الغطاءقدس‌سره حادّاً ، وصريحاً في رفضه لحضور هذا المؤتمر ، من خلال ما أرسله إلى المؤتمرين ، من جواب طويل أسماه « المُثل العليا في الإسلام لا في بحمدون » ، والذي أوضح فيه ـ بصراحة جلية ـ رأيه في مواضيع هذا المؤتمر وبحوثه ، مبيّناً ما توقّعه السياسة الأمريكية وحليفتها الإنكليزية من ظلم ، وتجني على شعوب العالم المستضعفة المغلوبة ، مع إشارته الواضحة إلى بُعد دعاة هذه السياسة ومباينتهم للقيم الروحية ، التي تدعو لها الأديان السماوية المختلفة ، وإنَّ من يُنادي بتلك القيم يجب عليه أن يكون من أوَّل العاملين بها ، والمؤمنين بحقيقتها ، وذلك ما لا ينطبق على الدعاة لعقد هذا المؤتمر والراعين له

« السعودية ـ ١٧ سنة ـ طالب »

موقفنا من ابن القيّم الجوزية :

س : ماذا يجب علينا نحن الشيعة اتجاه ابن القيّم ؟ فهل هو من المعادين لأهل البيت كابن تيمية ؟

٣٣٨

ج : في القرن السابع للهجرة ظهرت مدرسة عقيدية وفقهية جديدة بين المسلمين ، وهي تنتمي إلى أهل السنّة ، أصلّ لها وطرح مفاهيمها ابن تيمية الحرّاني ، وجاء بعده أبرز تلامذته ابن القيّم الجوزية ، وقد قدّموا رؤية فكرية تختلف في آرائها ومنهجها عن المذاهب الفقهية والفكرية الأُخرى

وقد مثّلت في حينها خروجاً على أهل السنّة ، وإن اعتبرها البعض فيما بعد حركة تجديدية ، ويمكن تلخيص آراء هذه المدرسة فيما يلي :

١ ـ تبنّت قضايا عقائدية متّصلة بالأسماء والصفات ، وقامت بمراجعة لمدرسة الأشاعرة وغيرها من المدارس الفكرية السنّية ، وقدّمت تصوّراً عقائدياً اصطدم مع آراء كلّ تلك المدارس مفاده : إنّ جميع ما ورد في صفات الله تعالى ـ من الآيات والأحاديث ـ يجب أن تفهم على ظاهرها ، وما يؤدّيه اللفظ من معنىً بلا تأويل

وأثبتت بذلك أنّ الله تعالى في السماء ، وأنّه ينزل منها إلى السماء الدنيا ، وأنّ له وجهاً ويدين ورجلين وجوارح ، واعتبرت من يخالفها معطّلة وكفّاراً

٢ ـ سمّت نفسها ـ ومن يسير على نهجها ـ بأهل السنّة والجماعة ، واعتبرت منهجها امتداداً لعقيدة السلف من الصحابة والتابعين

٣ ـ قسّمت التوحيد إلى ثلاثة أنواع :

أ ـ توحيد الأُلوهية

ب ـ توحيد الربوبية

ج ـ توحيد الأسماء والصفات

٤ ـ وصفت غيرها من المسلمين بأنّهم يؤمنون بالربوبية ولا يؤمنون بالأُلوهية ، كما كان حال كفّار قريش ، ثمّ قامت بالاستدلال بالآيات التي نزلت في كفّار قريش والمجتمع الجاهلي ، وتطبيقها على المجتمعات المسلمة رغم مخالفتها في هذا الاستدلال للمذاهب الفقهية والفكرية والسنّية قبل غيرها

٥ ـ توسّعت في استخدام سلاح التكفير ووصم من خالفها من المسلمين بالشرك والابتداع في الدين ، وتشدّدت في أحكامها على من سمّتهم بالمبتدعة

٣٣٩

من بقية المسلمين ، وأثارت مشاكل وفتناً داخل المجتمع الإسلامي

٦ ـ انحازت إلى تمجيد معاوية بن أبي سفيان ـ مؤسّس الدولة الأموية ـ وابنه يزيد ، وكتب ابن تيمية كتاباً في فضائلها ، وفي المقابل قامت بالتقليل من مكانة الإمام علي والإمام الحسين وأهل البيتعليهم‌السلام

وهذه الأفكار والآراء التي أطلقها ابن تيمية في المسلمين وفي أهل البيت تبنّاها تلميذه ابن القيّم الجوزية ، حيث سار على نهج أُستاذه وتبنّى عقائده وأفكاره ، وواصل السير على دربه ، ومن الكلمات القليلة التي تدلّ على تحامل ابن القيّم الجوزية على أهل البيتعليهم‌السلام والمسلمين وشيعة أهل البيت ما نورده هنا ، معرضين عن كثير من الكلمات التي لا تعدّ ولا تحصى

١ ـ قال في كتابه « المنار المنيف في الصحيح والضعيف » في معرض استعراضه للكلمات التي تبيّن الإمام المهديعليه‌السلام ومن هو قال : « وفي كونه من ولد الحسن سرّ لطيف ، وهو أنّ الحسن رضي الله تعالى عنه ترك الخلافة لله ، فجعل الله من ولده من يقوم بالخلافة الحقّ المتضمّن للعدل الذي يملأ الأرض ، وهذه سنّة الله في عباده أنّه من ترك لأجله شيئاً أعطاه الله أو أعطى ذرّيته أفضل منه

وهذا بخلاف الحسين رضي الله عنه ، فإنّه حرص عليها ! وقاتل عليها ! فلم يظفر بها ! والله أعلم »(١)

فانظر إلى تحامله الشديد على الحسينعليه‌السلام ، فيجعل من قيامه من أجل إقامة العدل ، والحكم بما أنزل الله تعالى ، والرجوع إلى الهدي النبوي الشريف ، بعدما حرّفه الأمويون بعد تسلّم معاوية دفّة الحكم ، ومن ثمّ أدلى بها إلى ابنه يزيد ، فساءت الأحوال ، وتردّت الأوضاع ، وفشى الظلم ، وظهر الفساد في البرّ والبحر ، ونكص المسلمون على أعقابهم ، واستدارت الأُمّة من جديد ، فاحتاجت إلى من يحيها ويقيم أودها ، ويصلح ما انحرف منها ، ويرجع النصاب إلى أهله ، فلم يكن من يقوم بذلك غير الإمام الحسينعليه‌السلام ـ عميد البيت الهاشمي ـ الذي ضحّى بنفسه
______________________

(١) المنار المنيف : ١٥١

٣٤٠

ولكنّنا نشكّ في هذا الأمر ، لأنّ عثمان قد هاجر إلى الحبشة مع من هاجر ، فمن أين جاء عثمان إلى مكّة ، وجرى منه ما جرى؟!

إلاّ أن يقال : إنّهم يقولون : إنّ أكثر من ثلاثين رجلاً قد عادوا إلى مكّة بعد شهرين من هجرتهم كما تقدّم ، وكان عثمان منهم ، ثمّ عاد إلى الحبشة.

وعلى كُلّ حال ، فإنّ أمر اتهام عثمان ـ ونحن نجد في عثمان بعض الصفات التي تنسجم مع مدلول الآية ، كما يشهد له قضيّته مع عمّار حين بناء المسجد في المدينة ـ أو غيره من بني أُمية لأهون بكثير من اتهام النبيّ المعصوم ، الذي لا يمكن أن يصدر منه أمر كهذا على الإطلاق ، وإن كان يهون على البعض اتهام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بها أو بغيرها ، شريطة أن تبقى ساحة قدس غيره منزّهة وبريئة!!

تاريخ هذه القضية :

ونسجّل أخيراً : تحفّظاً على ذكر المؤرّخين لرواية ابن مكتوم ، ونزول سورة عبس بعد قضية الغرانيق ؛ فإنّ الظاهر هو أنّ هذه القضية قد حصلت قبل الهجرة إلى الحبشة ، لأنّ عثمان كان قد هاجر إلى الحبشة قبل قضية الغرانيق بشهرين كما يقولون ، إلاّ أن يكون عثمان قد عاد إلى مكّة مع من عاد ، بعد أن سمعوا بقضية الغرانيق كما يدّعون.

أعداء الإسلام وهذه القضية :

وممّا تجدر الإشارة إليه هنا : أنّ بعض المسيحيين الحاقدين قد حاول أن يتّخذ من قضية عبس وتولّى وسيلة للطعن في قدسية نبيّنا الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكن الله يأبى إلاّ أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون( وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (١) .

فها نحن قد أثبتنا : أنّها أكاذيب وأباطيل ما أنزل الله بها من سلطان.

__________________

١ ـ التوبة : ٣٢.

٣٤١

( غانم النصار ـ الكويت ـ )

تأخير نزول الوحي عليه لا يدلّ على عدم عصمته :

س : تقول الروايات : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أخطأ عدّة مرّات ، ونحن نقول : أنّ الرسول معصوم من كُلّ زلل ، وإن كان كذلك ما هو تفسيركم للروايات التي فسّرت نزول سورة الكهف؟ التي تقول : أنّ الرسول لم يقل إن شاء الله ، وانقطع عنه الوحي عدّة أيّام؟ أليس في هذا زلل؟ يرجى التوضيح.

ج : من المعلوم أنّ العصمة هي الابتعاد عن كُلّ خطأ وزلّة ، وهذا المعنى ثابت ومسلّم بالنسبة إلى الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وأمّا مورد السؤال فلا يدلّ على صدور معصية أو خطأ تمس جانب العصمة منه ـ والعياذ بالله ـ بل أكثر ما تدلّ الروايات الواردة في هذا المجال هو الإشارة إلى الجانب التأديبي والأخلاقي بالنسبة إلى الأُمّة ، أي يعطي الفرد المسلم درساً لكي لا يستقل في كافّة تصرّفاته عن مبدأ الوجود ، وقد ورد عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أدّبني ربّي فأحسنَ تأديبي »(١) .

مضافاً إلى أنّه يحتمل قوياً أن يكون في تأخّر الوحي فترة وجيزة مصالح أُخرى ، من اختبار المؤمنين وغيره ، وهذا الأمر كان له نظير في الأُمم السابقة ، فقد ذكر القرآن الكريم تأخير نزول النصر على نبي من الأنبياء ، إلى أن قالوا :( وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ ) (٢) .

وبالجملة : فليس في تأخير نزول الأمر الإلهي أيّ محذور عقلي أو شرعي ، حتّى يكون إشكالاً وإيراداً على عصمة الأنبياءعليهم‌السلام .

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١١ / ٢٣٣ ، الجامع الصغير ١ / ٥١.

٢ ـ البقرة : ٢١٤.

٣٤٢

( علي ـ البحرين ـ ٣٠ سنة ـ دبلوم )

لماذا ختمت به الرسالات مع أنّ العلم يتطوّر :

س : لماذا ختم الله الرسالات السماوية برسالة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ على الرغم من أنّ العلم ما زال يتطوّر؟

ج : لم يقل أحد أنّ الله بعث الأنبياء والرسل بعلم الطبّ أو العلوم المادّية من الهندسة والتكنولوجيا ، وإنّما بعثهم لإيصال أوامر الله ونواهيه للبشرية ، ليكونوا الواسطة بين الله وبين خلقه ، وعلى هذا فلا مانع من ختم الرسالة بالنبيّ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، على الرغم من أنّ العلم ما زال يتطوّر ، فإنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وإن كان يعلم هذه العلوم بتعليم إلهي ، ولكنّه لم يبعث لهذا الفرض ، لذا لا نجده كان يستعمل هذه العلوم إلاّ في موارد نادرة.

فلم يبعث الله الأنبياء ليعلّموا الناس الطبّ أو النجارة أو الزراعة أو تطوير العلوم ، وإنّما بعثه ليكون واسطة بينه وبين الخلق في إيصال أوامر الله ونواهيه للبشرية ، لعبادة ربّ العالمين وعدم الخروج عن طاعته تعالى ، وبذلك تتمّ الحجّة ويكون الثواب والعقاب ، وفي إجراء أوامر الله ونواهيه تطبيق للعدل الإلهي في الكرة الأرضية.

( سمير ـ روسيا ـ ٢٥ سنة )

الجمع بين كون آباءه موحّدون وتسمية عبد المطلب ابنه بعبد العزى :

س : جزاكم الله خيراً عن هذا الموقع وعن جهودكم الجليلة ، عندي سؤال حيّرني ، وأرجو أن أجد عندكم ج :

بما أنّ آباء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله من آدم عليه‌السلام موحّدون ، ومن البعيد جدّاً أن يختار الله تعالى الأنبياء من نطف غير طاهرة قد دنّستها الأرجاس ، فما علّة تسمية عبد المطلب لابنه المعروف بأبي لهب بعبد العزّى؟ حفظكم الله ، والسلام عليكم .

٣٤٣

الجواب : ممّا يجب أن نعرفه قبل الخوض في التسمية ومشروعيتها : أنَّ هناك أدلّة عديدة نؤمن بها بأنّ آباء الأنبياء والأئمّةعليهم‌السلام موحّدون مؤمنون ، وهم من أصلح وأفضل أهل زمانهم ، قال تعالى :( مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ ) (١) ، وكذلك قوله تعالى :( وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ) (٢) .

وقد جاءت أحاديث كثيرة تتضمّن هذه المعاني ، فنذكر منها اختصاراً :

روى ابن جرير الطبري الشيعي : «قذفنا في صلب آدم ، ثمّ أخرجنا إلى أصلاب الآباء وأرحام الأُمّهات ، لا يصيبنا نجس الشرك ، ولا سفاح الكفر ، يسعد بنا قوم ، ويشقى بنا آخرون »(٣) .

وورد في تاريخ اليعقوبي : فكانت قريش تقول : عبد المطلب إبراهيم الثاني(٤) .

وكذلك قصّته المشهورة ، وقوله العظيم في وجه أبرهة الحبشي : للبيت ربٌّ يحميه ، واستسقائه بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عند الجدب والمجاعة ، وتوجّهه إلى الكعبة ، والتوجّه والتوسّل به إلى الله تعالى.

وقال الشيخ المفيد : واتفقت الإمامية على أنّ آباء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من لدن آدم إلى عبد الله بن عبد المطلب مؤمنون بالله عزّ وجلّ موحّدون له.

واحتجّوا في ذلك بالقرآن والأخبار ، قال الله عزّ وجلّ :( الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لم يزل ينقلني من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهّرات ، حتّى أخرجني في عالمكم هذا »(٥) .

وروى الشيخ الصدوق بإسناده عن الإمام عليعليه‌السلام أنّه قال : «والله ما عبد أبي ولا جدّي عبد المطلب ولا هاشم ولا عبد مناف صنماً قط ».

__________________

١ ـ الحجّ : ٧٨.

٢ ـ الشعراء : ٢١٨.

٣ ـ دلائل الإمامة : ١٥٨.

٤ ـ تاريخ اليعقوبي ٢ / ١١.

٥ ـ أوائل المقالات : ٤٥.

٣٤٤

قيل له : فما كانوا يعبدون؟ قال : «كانوا يصلّون إلى البيت على دين إبراهيم عليه‌السلام متمسّكين به »(١) .

وقد روى أهل السنّة في تفاسيرهم ما يدعم صلاحهم ومدحهم ، ونقتصر على هذه الرواية :

روى السيوطي عن ابن مردويه عن ابن عباس قال : سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت : بأبي أنت وأُمّي أين كنت وآدم في الجنّة؟ فتبسّم حتّى بدت نواجذه ثمّ قال : «إنّي كنتُ في صلبه ولم يلتقِ أبواي قطّ على سفاح ، لم يزلِ الله ينقلني من الأصلاب الطيّبة إلى الأرحام الطاهرة ، مصفّى مهذّباً ، لا تتشعّب شعبتان إلاّ كنت في خيرهما »(٢) .

وبعد هذه المقدّمة والتسليم بها ، ينبغي علينا إحسان الظنّ بهم ، وتأويل بعض الأسماء مثل « عبد العزّى » التي وردت عنهم ، خصوصاً أنّ أبا لهب هذا من الكفّار ، وليس والداً للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا للأئمّةعليهم‌السلام ، ولله الحمد والمنّة.

ومع ذلك نقول : بأنّ الأسماء عند العرب من أقسام الألفاظ المرتجلة التي لا تدلّ فيها الألفاظ على معانيها بل على مسمّياتها ، ومنها أسماء الأعلام والبلدان والآلات والأدوات وغيرها.

فمثلاً مَن سمّى ابنه جميلاً لا يجعله بهذه التسمية جميلاً واقعاً ، بل قد يكون غيرَ جميلٍ واقعاً ، ومن سمّى ابنه عبد الله قد يكون عدّواً لله ، فلم يدلّ الاسم على مسمّاه وهكذا.

بالإضافة إلى أن مفردة « العُزّى » غير مختصّة بالآلهة في أصل وضعها في اللغة العربية ، فإنّها تعني العزيزة الشريفة ـ مؤنث الأعز ـ ، فيكون معنى « عبد العزّى » خادم العزيزة ، وليس عبداً بمعنى العبادة ، كما في عبد المطلب نفسه.

__________________

١ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ١٧٤.

٢ ـ الدرّ المنثور ٥ / ٩٨.

٣٤٥

وكذلك تسمية هذا الابن من بين أبنائه السبعة بهذه التسمية ، لها دلالتها على علم عبد المطلب بجحده وكفره بالرسالة العظيمة في مستقبله ، ويدعم هذا الرأي تسمية عدو الله أبي لهب بعبد العزّى ، وتسمية أبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعبد الله.

وربما علمه وفعله في هاتين التسميتين ناتجة عن المداراة والمصلحة والتقية ، مع ذلك المجتمع القبلي الجاهلي الظالم ، فلولا هذه التغطية بعبد العزّى ، والتي قد يقصد منها « خادم العزيزة » ، وظاهرها اعترافه بآلهتهم كما كان أبو طالب يفعل ذلك معهم حمايةً للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لما استطاع التسمية بعبد الله والحفاظ عليه وعلى نفسه من هؤلاء المشركين ، ليكون نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله بأبهى صورة ، وأجمل الأسماء وأحبّها إلى الله تعالى ، والله العالم.

( حسين الميّاحي ـ العراق ـ ٣٥ سنة ـ طالب حوزة )

قضية زوجة زيد :

س : أدامكم الله ووفّقكم لكُلّ خير ، وسدّد خطاكم لنصرة الدين الحنيف.

لا يخفى عليكم ما يتعرّض له المذهب الحقّ ، مذهب أهل البيتعليهم‌السلام من حملات مسعورة ، خصوصاً في هذه الأيّام التي أصبحت فيها عقائد الشيعة ونظرياتهم وآراؤهم تلقى الترحيب والقبول من جمهور المسلمين.

ومساهمة منّا في دفع الشبهات التي يتشبّث بها المخالفون ، وتنطلي على العامّة أحياناً ، نرجو مساعدتنا في إيضاح ما يحتاج إلى التوضيح في أُمورنا العقائدية ، التي نرغب في الحصول عليها من المصادر الموثوقة ، لكي تكون إجاباتنا شافية كافية.

وسؤالي هو حول موقف علمائنا ورأيهم في الرواية الواردة في عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ، عن علي بن محمّد بن الجهم : أنّ المأمون سأل الإمام الرضاعليه‌السلام

٣٤٦

مجموعة من الأسئلة منها : أنّه سأله عن قوله تعالى :( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ ) (١) .

وأنّ الإمام الرضاعليه‌السلام أجاب : « إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قصد دار زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي في أمر أراده ، فرأى امرأته تغتسل ، فقال لها : سبحان الذي خلقك » (٢) ، وما في هذا الخبر من إساءة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ تقبّل الله أعمالكم.

ج : إنّه من المؤسف تسامح البعض في تعابيره بشكل يمنح الأعداء حرّية الطعن في مقام النبوّة ، في الوقت الذي يمكن أن يفهم من القرائن الموجودة في نفس الآية ، وسبب نزولها وتاريخ النزول ، والأمر ليس بشكل معقّد.

إنّ زيداً كان عبداً للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله واعتقه ، وكان ابناً له بالتبنّي ، وكان الابن بالتبنّي طبقاً للسنّة الجاهلية يتمتّع بكُلّ أحكام الابن الحقيقي ، ومن جملتها حرمة الزواج بزوجة الابن المتبنّى المطلّقة.

في البداية خطب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ابنة عمّته زينب لزيد ، ولكنّها رفضت لأنّها كانت ترى أنّ موقعها الاجتماعي أعلى من زيد ، فنزلت الآية الكريمة تهدّد مخالفة الله سبحانه ورسوله بقولها :( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) (٣) ، فرضخت زينب.

وكان المقصود من وراء ذلك كسر سنّة جاهلية ، تقتضي بأنّ المؤمن ليس كفواً للمؤمنة ، ولكن لم يستمر الزواج طويلاً لحدوث خلاف بين الزوجين ، فصمّم زيد على طلاقها ، وصمّم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بدوره جبراً لخاطر زينب أن يتزوّج بها ، إذا ما طلّقها زيد ، ليحقّق إلى جنب ذلك هدفاً آخر ، وهو هدم سنّة جاهلية أُخرى ، ويوضّح جواز الزواج بزوجة الابن المتبنّى المطلّقة.

ولكن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله خاف إبراز ما أضمره ، خشية من المجتمع وسننه الباطلة ، فطلب منه الله سبحانه أن لا يخشى الناس ممّا صمّم عليه ، بل عليه أن يخشى

__________________

١ ـ الأحزاب : ٣٧.

٢ ـ عيون أخبار الرضا ٢ / ١٨٠.

٣ ـ الأحزاب : ٣٦.

٣٤٧

الله وحده ، وعلى هذا نفهم أنّ هدف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله هدف نبيل ، قصد من ورائه هدم سنّتين جاهليتين.

وإذا كانت التهمة الموجّهة إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله صحيحة ، وأنّه كان يعجبه جمال زينب ، فلماذا لم يخطبها في البداية لنفسه؟ وهي ابنة عمّته ، بل خطبها لزيد؟! ولماذا كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يمنع زيداً من طلاق زينب؟ في حين أنّ المناسب على تقدير رغبته في جمالها عدم تشجيعه على إبقاء الزوجية :( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ ) (١) ؟

على أنّ القرآن أوضح الهدف من الزواج المذكور ، وأنّه ليس جمال زينب ، بل هو شيء آخر :( فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ) (٢) .

وأمّا ما جاء في عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ، فلا نرى اشتماله على قدح في مقام النبوّة ، لأنّ الرواية هكذا : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قصد دار زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي في أمر أراده ، فرأى امرأته تغتسل ، فقال لها : سبحان الذي خلقك أن يتّخذ له ولداً ، يحتاج إلى هذا التطهير والاغتسال ».

والقدح المتصوّر هو من إحدى جهتين ، فهو أمّا من جهة أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله رآها تغتسل ، ولكن من الواضح أنّ الرواية لم تقل رآها عارية ، وإنّما المقصود رآها مشغولة بالغسل ، والمناسب أن تكون مستورة ، أو من جهة أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عبّر بما يوحي بتأثير جمالها عليه ، ولكن يردّه أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يقل : سبحان الذي خلق جمالك ، وإنّما نزّه الله سبحانه من مقالة من قال : أنّ الله قد اتخذ بنات ، إنّه كيف يتّخذ بنتاً وهي تحتاج إلى التطهير والاغتسال؟!

وقد أخذ علمائنا بظاهر القرآن ، وأنّه هو الحجّة ، ولم يعيروا للرواية أهمّية ، وبعضهم أزرى بمثل هذه الرواية في كتب العامّة ، ووافق من أبطلها

__________________

١ ـ الأحزاب : ٣٧.

٢ ـ الأحزاب : ٣٧.

٣٤٨

منهم ، كالفخر الرازي والآلوسي ، نعم لم يتعرّضوا لهذه الرواية ، أو ما في معناها من كتبنا بالخصوص ، إلاّ من قال منهم أنّها قد تكون للتقية.

١ ـ إنّ هذه الشبهة ، وبهذا الحجم إنّما سعّر نارها المستشرقون ، وإن كان لها أصل في روايات الفريقين.

٢ ـ لقد ذكر ابن الأثير في تاريخه ، والطبري في تاريخه أيضاً ، مثل هذه الرواية ، وقد وردت أيضاً من جانبنا ، فضلاً عما ذكرت في رواية قبل الرواية المعنية في نفس الكتاب ، وأيضاً بأكثر من رواية في تفسير القمّي ، وأوردها المجلسي في البحار ، والحويزي في نور الثقلين ، والصافي في تفسيره وغيرهما فراجع ، فإنّ للرواية بهذا المضمون أسانيد أُخرى غير هذا السند!!

٣ ـ كما ذكرت لك أنّ لهذه الروايات أسانيد أُخرى ، وعن عدّة من الأئمّة ، وليست منحصرة بهذا السند حتّى يكفينا تضعيفه ، ولكن مع ذلك نتكلّم في أسانيدها ومتنها.

أ ـ هذه الرواية وردت بسندين مرّة عن طريق علي بن الجهم ، وأنّ السائل هو المأمون ، وأُخرى في الرواية التي قبلها أنّ السائل كان علي بن الجهم نفسه ، نقلها أبو الصلت الهروي ، وهذه الرواية بالخصوص تخلو ممّا ورد في رواية علي بن الجهم من رؤية النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لزينب.

ب ـ وردت الرواية المتضمّنة لرؤية النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لزينب بأسانيد أُخرى في تفسير القمّي ، ولنا في تفسير القمّي وتوثيق رجاله بحث نخالف فيه رأي السيّد الخوئي في معجم رجال الحديث ، لا يسع المجال هنا لبسطه.

ج ـ ولكن مع ذلك قد يكون من الصعب التفصّي عن الرواية بالطعن في السند ، لأنّك كما تعرف ستدعم الروايات بعضها بعضاً ، فقد يقال على رواية علي بن الجهم أنّه تابعه فلان وفلان ، وبعضهم لا يروي إلاّ عن ثقة ، مثل ابن أبي عمير فلاحظ.

د ـ ولكن يمكن الجمع بين الروايات ، ومعارضة متونها مع بعضها ، فإنّ إحداها لا تذكر الرؤية والبقية الأُخرى ، وأن اتفق مضمونها على حدوث الرؤية

٣٤٩

من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لزينب ، ولكن الكيفية التي رآها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عليها متضاربة جدّاً فيها ، وأحسنها ما في رواية علي بن الجهم ، إذ فيه تنزيهاً للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

و ـ قد حمل بعض علمائنا هذه الرواية على التقية ، وذلك لمقام المأمون ، وحضور علماء العامّة في المجلس ، ومنهم نفس علي بن الجهم ، فحملوا جواب الإمام تنزيلاً على ما ذكره العامّة في كتبهم ، إذ في أحد الروايات يطرح السائل أقوال علماء العامّة في المسألة ، ثمّ يجيبه عليها الإمامعليه‌السلام .

ط ـ إنّ ما ذكره الشيخ الصدوققدس‌سره في تعليقه على الرواية من قوله : هذا حديث غريب من طريق علي بن الجهم الخ ، لا يعني بالغريب المصطلح المتداول في علم الحديث ، من أنّه لا متابع له ، وإنّما غريب من جهة رواية علي ابن الجهم الناصبي له ، وقد ذكر الجزائري في قصص الأنبياء قول الصدوق بصيغة أُخرى هكذا : هذا حديث عجيب ، ثمّ علّق عليه بأنّه ليس عجيباً ، فإنّ الله يجري الحقّ في بعض الأحيان على لسان أعدائه.

( حبيب ـ الدانمارك ـ سنّي حنفي ـ ٢٠ سنة )

سهوه في الصلاة غير صحيح :

س : قال الحرّ العاملي : « ذكر السهو في هذا الحديث وأمثاله ـ يقصد حديث السهو ـ محمول على التقية في الرواية ، كما أشار إليه الشيخ وغيره ، لكثرة الأدلّة العقلية والنقلية على استحالة السهو عليه مطلقاً »(١) .

كيف يحمل على التقية؟ وكيف نعرف أيّهما قاله الإمام تقية؟ إنّ التقية تستلزم إظهار خلاف المعتقد ، والوقوع في الأخطاء والذنوب ، ومن ثمّ يقلّد الأتباع الأئمّة ، لقد جمع الشيعة في هذا المعتقد بين المتناقضات ، فإمّا أن يقولوا بالعصمة ، وإمّا أن يقولوا بالتقية ، أمّا الجمع بين الاثنين فهو تناقض واضح وبيّن.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ٨ / ١٩٩.

٣٥٠

وإن كان العاملي ينقل كثرة الأدلّة العقلية والنقلية على استحالة السهو عليه مطلقاً ، فالمجلسي نفسه ينقل كثرة الأدلّة على صدور السهو عن الأئمّة ، حيث يقول : « وبالجملة المسألة في غاية الإشكال ، لدلالة كثير من الأخبار والآيات على صدور السهو عنهم »(١) .

وكان ابن بابويه وغيره من شيعة القرن الرابع يعتبرون الردّ لهذه الروايات ـ روايات سهو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في صلاته ـ يفضي إلى إبطال الدين والشريعة.

يقول ابن بابويه : « ولو جاز أن تردّ الأخبار الواردة في هذا المعنى لجاز أن تردّ جميع الأخبار ، وفي ردّها إبطال الدين والشريعة ، وأنا احتسب الأجر في تصنيف كتاب منفرد في إثبات سهو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والردّ على منكريه إن شاء الله تعالى »(٢) .

ويؤيّد هذا القول ـ وهو الاعتقاد بأنّ الأئمّة يسهون ـ هو مذهب جميع الشيعة ، ونرى في كتابات شيعية معاصرة أُخرى نقل إجماع الشيعة على نفي السهو عنهم(٣) ، وأنّ ذلك من ضرورات مذهب التشيّع فمن نصدّق؟ ومن هو الذي يعبّر عن مذهب الشيعة؟

وأخيراً أقول : اعتقادنا ـ أهل السنّة ـ في مسألة العصمة هو الموافق لنصوص الكتاب ، فكلّ هذه الآيات التي تفيد وجود ذنوب وتوبة ومعصية ونسيان كُلّها تؤيّد عقيدة أهل السنّة ولله الحمد ، فمن تلك النصوص في كتب الشيعة :

قيل للإمام الرضا : إنّ في سواد الكوفة قوماً يزعمون أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يقع عليه السهو في صلاته ، فقال : « كذبوا لعنهم الله ، أنّ الذي لا يسهو هو الله الذي لا إله إلاّ هو »(٤) .

وهناك نصوص كثيرة في كتبكم تفيد أنّ الأئمّة يستغفرون الله ويعترفون بالمعصية ، بل إنّ علمائكم المتقدّمين كانوا يلعنون من نفى السهو عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنت ترى أنّه بذلك يلعن المظفّر ومن وافقه!

__________________

١ ـ بحار الأنوار ٢٥ / ٣٥١.

٢ ـ من لا يحضره الفقيه ١ / ٣٦٠.

٣ ـ صراط الحقّ ٣ / ١٢١.

٤ ـ عيون أخبار الرضا ١ / ٢١٩.

٣٥١

يقول ابن بابويه : « إنّ الغلاة والمفوضة لعنهم الله ينكرون سهو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ويقولون : لو جاز أن يسهوعليه‌السلام في الصلاة لجاز أن يسهو في التبليغ ، لأنّ الصلاة فريضة كما أنّ التبليغ عليه فريضة وليس سهو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كسهونا ، لأنّ سهوه من الله عزّ وجلّ ، وإنّما أسهاه ليعلم أنّه بشر مخلوق ، فلا يتّخذ ربّاً معبوداً دونه ، وليعلم الناس بسهوه حكم السهو متى سهوا وكان شيخنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد يقول : أوّل درجة في الغلوّ نفي السهو عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله »(١) .

قد يظنّ ظانّ أنّ نفي العصمة على الصورة الإمامية فيه تنقيص من شأن الأنبياء؟ فنقول : إنّ الصواب هو أن تعتقد فيما دلّت عليه نصوص الكتاب ، ولاشكّ أنّ الغلوّ في أي أمر لا يعدّ أمراً محموداً بل هو مذموم.

ونقول : إنّ الأنبياءعليهم‌السلام إن أخطأوا فإنّهم سرعان ما يتوبون ، ويكونون بعد الذنب خيراً منهم قبل الذنب ، إذ بدّل الله سيّئاتهم حسنات ، والله تعالى يحبّ التوّابين العائدين.

ج : إذا ثبت عندنا بالدليل القاطع أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يستحيل عليه السهو مطلقاً ، فإنّ كُلّ الروايات التي ظاهرها يوحي إلى نسبة السهو للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يجب أن تأوّل إلى ما يتوافق مع الدليل القاطع ـ سواءً كان ذلك الدليل القاطع عقلياً أو نقلياً ـ وعلى هذا الأساس حمل الشيخ الحرّ العامليقدس‌سره الروايات على التقية ، وهذا هو أحد الوجوه العلمية لتأويل تلك الروايات ، التي تتعارض مع الدليل القاطع ، وهناك وجوه أُخرى لرفع التعارض.

أمّا كيفية معرفة ما قاله الإمام تقية ، فيكون بعدّة أُمور منها :

١ ـ تعارض الخبر مع الأدلّة القاطعة.

٢ ـ وجود قرائن داخلية أو خارجية.

٣ ـ موافقة الأخبار لروايات أهل المذاهب التي يُتّقى منها في زمن الرواية.

__________________

١ ـ من لا يحضره الفقيه ١ / ٣٥٩.

٣٥٢

ولا تناقض في البين ، إذ نحن نقول : إنّا نعتقد بالعصمة ونعتقد أيضاً بالتقية ، والعمل على أساس التقية لا يقدح بالعصمة ، وليس العمل بالتقية يستلزم الوقوع في الخطأ ، بل هو رخصة أجازها الشارع المقدّس ، بل العمل على التقية في بعض الأحيان واجب لا يجوز مخالفته ، وبالحقيقة أنّ تصوّر الملازمة بين القول بالتقية ونفي العصمة ما هو إلاّ وهم من الأوهام ، وإلاّ فبيّن لنا الملازمة؟!

ثمّ إنّ الذي يعبّر عن رأي مذهب الشيعة هو العالم الذي يأتي بدليل ، ويبطل جميع الأدلّة التي تتعارض مع دليله ، ونحن ممّن لا نعرف الحقّ بالرجال ، ولكن نعرف الرجال بالحقّ ، ولا يقبل قول أيّ عالم إذا تعارض مع الدليل القاطع.

وصاحب البحار الذي تنقل عبارته ، وإن ذكر تلك العبارة ، إلاّ أنّه أيضاً ممّن يقول فيه : « إذا عرفت هذا فأعلم : أنّ العمدة فيما اختاره أصحابنا من تنزيه الأنبياء والأئمّةعليهم‌السلام من كُلّ ذنب ودناءة ومنقصة قبل النبوّة وبعدها قول أئمّتناعليهم‌السلام بذلك المعلوم لنا قطعاً ، بإجماع أصحابنا ( رضوان الله عليهم ) مع تأييده بالنصوص المتظافرة ، حتّى صار ذلك من قبيل الضروريات في مذهب الإمامية »(١) .

وحتّى الإسهاء الذي يريد ابن بابويه إثباته للرسول لم يرتضه من جاء بعده من العلماء ، فقالوا : النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله منزّه حتّى عن الإسهاء من قبل الله تعالى.

والحقّ هو : نفي السهو عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى بذلك المعنى ، وعدم الاعتداد بالروايات التي تنسب السهو للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك لوجوه :

الأوّل : إنّ هذه الروايات معارضة لظاهر القرآن الدالّ على أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مصون عن السهو ، كما في قوله تعالى :( وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللهُ

__________________

١ ـ بحار الأنوار ١١ / ٩١.

٣٥٣

عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ) (١) وغيرها من الآيات.

الثاني : إنّ هذه الروايات معارضة لأحاديث كثيرة تدلّ على صيانة النبيّ عن السهو ، وقد جمعها المحدّث الحرّ العاملي في كتابه « التنبيه بالمعلوم من البرهان ».

الثالث : إنّ ما روته الإمامية من أخبار السهو ، أكثر أسانيده ضعيفة ، وأمّا النقي منها فخبر واحد لا يصحّ الاعتماد عليه في باب الأُصول.

الرابع : إنّها معارضة للأدلّة العقلية ، والتي منها :

١ ـ الوثوق فرع العصمة.

إنّ ثقة الناس بالأنبياء ـ وبالتالي حصول الغرض من بعثتهم ـ إنّما هو رهن الاعتقاد بصحّة مقالهم وسلامة أفعالهم ، وهذا بدوره فرع كونهم معصومين عن الخلاف والعصيان في السرّ والعلن عمداً وسهواً ، من غير فرق بين معصية وأُخرى ، ولا بين فترة من فترات حياتهم وأُخرى.

٢ ـ إنّ الهدف العام الذي بُعث لأجله الأنبياء هو تزكية الناس وتربيتهم ، وأنّ التربية عن طريق الوعظ والإرشاد وأن كانت مؤثّرة ، إلاّ أنّ تأثير التربية بالعمل أشدّ وأعمق وآكد ، وذلك أنّ التطابق بين مرحلتي القول والفعل هو العامل الرئيسي في إذعان الآخرين بأحقّية تعاليم المصلح والمربّي.

ولو كان هناك انفكاك بينهما لأنفضّ الناس من حول النبيّ أو الرسول ، وفقدت دعوته أيّ أثر في القلوب ، ولأجل ذلك يقول سبحانه :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ ) (٢) .

وهذا الأصل التربوي يجرّنا إلى القول بأنّ التربية الكاملة المتوخّاة من بعثة الأنبياء ، وترسيخها في نفوس المتربّين لا تحصل إلاّ بمطابقة أعمالهم لأقوالهم ، فليس هناك مجال لمخالفة أعمالهم لأقوالهم حتّى على سبيل السهو.

__________________

١ ـ النساء : ١١٣.

٢ ـ الصف : ٢ ـ ٣.

٣٥٤

وإذا رجعنا إلى الروايات التي رواها أصحاب الصحاح ، فمع غض النظر عن إسنادها ، فإنّها مضطربة جدّاً في متونها.

والإجماع الذي يقوله صاحب صراط الحقّ لا يقدح به خروج بعض العلماء المعروفي النسب ـ كالصدوق وشيخه ابن الوليد ـ كما هو محقّق في محلّه من الأُصول.

ورواية الإمام الرضاعليه‌السلام لو سلّمنا بصحّة سندها ، فهي من أخبار آحاد ، ولا يمكن الاعتماد عليها في باب الأُصول كما عرفت ، ولتعارضها دلالة مع عشرات الأدلّة التي تشير إلى خلاف مدلولها.

ثمّ إنّ العصيان قد يأتي بمعنى خلاف الأولى ، فإنّه يسمّى عصياناً وسيّئة ـ كما ورد في الحديث «حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين » ـ والروايات والنصوص التي تنسب الذنب والمعصية إليهمعليهم‌السلام ، هي أمّا أنّها لا تدلّ على ما يقدح بالعصمة ـ ولكن فهمك القاصر يوحي لك بذلك ـ أو أنّ الروايات لا يعتمد عليها لضعف أو إرسال سندها.

ولو فرض وجود رواية أو روايتين ، فلا يمكن الاعتماد عليها ، وتُترك الأدلّة العقلية والنقلية القاطعة الكثيرة الدالّة على مطلق عصمتهمعليهم‌السلام .

والعلماء المتقدّمون الذين تذكرهم ، ما هم إلاّ ابن بابويه ، وشيخه محمّد بن الحسن ، وشذوذ اثنين لا يخرق الإجماع الذي عليه علماء الإمامية.

وقد ردّ قول ابن بابويه بسهو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله علماء عصره ومن جاء بعده ، فالحرّ العاملي يردّ ويقول : « واستحالة السهو على المعصوم مطلقاً متّفق عليه من الإمامية ، لم يخالف فيه إلاّ ابن بابويه ، وهو أولى بالسهو من النبيّ »(١) .

وهذا تلميذ ابن بابويه الشيخ المفيد يردّ على أُستاذه فيقول : « الذي خالف في هذا ، وقال بجواز وقوع السهو والنسيان عن المعصوم ، هو الشيخ الصدوق أبو جعفر

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ٨ / ٢٥٢.

٣٥٥

ابن بابويه القمّيقدس‌سره ، فإنّه نظراً إلى ظاهر بعض روايات واردة في ذلك ، كالخبر المروي عن طرق العامّة وزعم أنّ من نفى السهو عنهم هم الغلاة والمفوّضة ومحقّقو أهل النظر من الإمامية ذهبوا إلى نفي وقوع السهو في أُمور الدين عنهم ، لما دلّ على ذلك من الأدلّة القطعية عقلاً ونقلاً ، والأدلّة الدالّة على عصمتهم »(١) .

حتّى أنّه ألّف رسالة في عدم سهو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذكر فيها وهو في ذلك الزمان ـ زمان العلماء المتقدّمين ـ : « وإن شيعياً ـ يعتمد على هذا الحديث في الحكم على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالغلط والنقص ، وارتفاع العصمة ـ لناقص العقل ، ضعيف الرأي ، قريب إلى ذوي الآفات المسقطة عنهم التكليف »(٢) .

فهذه هي عقيدتنا منذ ذلك الزمن ، وليس هنا أيّ تحوّل كما تدّعي ، وليس هنا أيّ غلوّ سوى ما ينسبه ابن بابويه وشيخه ، وقد ردّ عليهم الشيخ المفيد ـ تلميذ ابن بابويه ـ في رسالته تلك ، حتّى أنه قال : « وينبغي أن يكون كُلّ من منع السهو على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في جميع ما عددناه من الشرع ، غالياً كما زعم المتهوّر في مقاله : أنّ النافي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله السهو غال ، وخارج عن حد الاقتصاد »(٣) .

( إبراهيم أحمد ـ السعودية ـ ٣٣ سنة ـ طالب جامعة )

لم يحرّم على نفسه ما هو حرام :

س : بعلمنا أنّ الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله معصوم ، فلا يحرّم ولا يحلّل إلاّ من عند الله ، فما هو تفسيركم للآية التي تقول : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ ) (٤) ، أفيدوني ، ودمتم سالمين.

ج : يتّضح الجواب بعد بيان عدّة أُمور :

__________________

١ ـ أوائل المقالات : ١٧١.

٢ ـ عدم سهو النبيّ : ٧.

٣ ـ المصدر السابق : ٣٠.

٤ ـ التحريم : ١.

٣٥٦

أوّلاً : ليس المراد بالتحريم هنا أنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله شرّع على نفسه الحرمة ، مقابل ما شرّع الله له من الحلّية ، فهذا ما لم يكن ، بل يعني أنّه منع على نفسه ما هو حلال له ، وأوجبه بالحلف ، وهذا ليس تشريعاً ولا قبيحاً ، فإنّ تحريم المرء ما هو حلال له بسبب من الأسباب ، أو لغير سبب ليس حراماً ، ولا من جملة الذنوب ، مع أنّه قد يقال لتارك النَفل لِمَ لَمْ تفعله مع كونه نفلاً؟

وبقرينة :( تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ) يظهر أنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قام بعمل ممّا أحلّ الله له ، فآذاه بعض أزواجه وضيقن عليه ، وألجأنه بسبيل إرضائهن على أن يحلف لهن بتركه وعدم فعله بعد ذلك ، والمسؤولية في هذا تتوجّه إليهن في الحقيقة ، فهن من حملنه على ما ليست لهن بحقّ.

ويؤيّد ذلك قوله تعالى :( إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ ) (١) .

ويومئ إلى ذلك أنّ الله تعالى حين أمر نبيّه أن يتحلّل من يمينه في قوله :( قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ) (٢) ختمها بقوله :( وَالله مَوْلاَكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) فهي تشعر بالنصرة لهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبيان علم الله وحكمته التي كانت وراء أمره له.

وهذا هو الوارد في الخبر ، فقد روي : أنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله كان في بيت حفصة في نوبتها فاستأذنته في الذهاب إلى بيت أبيها لحاجة ، فأذن لها ، فلمّا ذهبت أرسل إلى جاريته مارية القبطية فكانت عنده فلمّا عادت حفصة ووجدتها خاصمته قائلة : إنّما أذنت لي من أجل هذا ، أدخلت أمَتك بيتي ، ثمّ وقعت عليها في يومي ، وعلى فراشي أما رأيت لي حرمة وحقّاً؟! فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أليس هي جاريتي؟ قد أحلّ الله ذلك لي ، اسكتي فهو حرام عليّ »(٣) .

__________________

١ ـ التحريم : ٤.

٢ ـ التحريم : ٢.

٣ ـ مجمع البيان ١٠ / ٥٦.

٣٥٧

ويبدو أنّ أُخريات ظاهرن حفصة ومنهنّ عائشة ، ولم يرضين حتّى حلف على عدم مقاربته لمارية بعد ذلك ، وحين أنزل الله سورة التحريم ، ومع تكريمه له في مخاطبته بلقب النبوّة ، فإنّ قوله :( لِمَ تُحَرِّمُ ) مشوب بالعتاب ، ولذلك فإنّه حين تحلّل من يمينه طلّق حفصة ، وهجر نساءه سبعة وعشرين يوماً ، وسكن في مشربة أُمّ إبراهيم ـ مارية القبطية ـ ونزلت آية التخيير له في نسائه ، وبهذا يتّضح لك أنّ لا منافاة بين الخطاب في هذه الآية وبين العصمة.

ثانياً : إنّ كُلّ ما ورد في القرآن الكريم ممّا ظاهره عتاب أو لوم للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهو محمول على مخالفة الأولى من حيث المصلحة الواقعية ، شخصية أو اجتماعية ، حزبية أو سياسية ، أو ما يشبه ذلك ، وليس على المخالفة الشرعية أو الخُلقية.

ثالثاً : إنّ كثيراً ممّا خوطب به الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله في القرآن ممّا لا يناسب مقامه ، أو ما هو مفروض فيه كرسول ، علماً وتوحيداً وعصمةً لا يقصد به الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله نفسه وإنّما الناس ، ولذلك ورد عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : « إنّ الله تعالى بعث نبيّه بإياك أعني واسمعي يا جارة ، فالمخاطبة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والمعنى للناس »(١) .

وذكروا في الأمثلة قوله تعالى :( وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا ) (٢) ، وقوله تعالى :( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ) (٣) ، فهما ممّا لا يمكن أن يصدرا عنه بحكم علمه وعصمته ، وقوله تعالى على سبيل الإخبار :( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ) (٤) فإنّ القصد فيها أن يعلم الناس أنّه لا يمكن أن يفعل ذلك لا تجويز المنقول عليه حاشاه.

__________________

١ ـ تفسير القمّي ٢ / ١٧١.

٢ ـ الإسراء : ٣٩.

٣ ـ الأحزاب : ١.

٤ ـ الحاقة : ٤٤ ـ ٤٦.

٣٥٨

( حسين حبيب عبد الله ـ البحرين ـ ٢٠ سنة ـ طالب جامعة )

ما ينطق عن الهوى فيما يتعلّق بالوحي :

س : سؤالي يدور حول : هل أنّ الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله كُلّ ما يلفظه وحي ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ) (١) ، فمثلاً : عندما يقوم بأمر معيّن من باب اجتهاد شخصي وليس وحي ، مع وجود العصمة فلا يقع في الخطأ ، فهل هذا ممكن؟ أم أنّ ما يصدر من النبيّ من كلمة أو حركة كان وحياً وأمراً إلهياً؟ رجاءً التوضيح مع الشكر.

ج : ليس مقصود الآية الكريمة مطلق الأقوال الصادرة من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل خصوص ما من شأنه الارتباط بالوحي ، فإذا قالصلى‌الله‌عليه‌وآله لشخص : أفتح الباب أو أغلقها مثلاً ، فليس شأن مثل هذا الارتباط بالوحي ، فلا يكون مشمولاً للآية الكريمة ، أمّا إذا قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «آتوني بكتاب اكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً »(٢) ، فحيث أنّ المناسب لمثله الارتباط بالوحي ، فيكون مشمولاً للآية الكريمة.

وقد تسأل عن القرينة على تخصيص الآية الكريمة بما ذكر؟ إنّ القرينة نفس التعبير الوارد فيها ، حيث قالت :( إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ) (٣) ، فما يرتبط بالوحي لا ينطق به عن الهوى.

( علي ـ البحرين ـ ٢٥ سنة ـ طالب )

العفو عن تركه الأولى :

س : قال تعالى : ( عَفَا اللهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حتّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ ) (٤) ، نلاحظ الخطاب موجّه لرسولنا الكريم صلى‌الله‌عليه‌وآله ، هل معناه ترك الأولى؟ أو ليس من ذلك شيء؟

__________________

١ ـ النجم : ٣.

٢ ـ صحيح البخاري ٤ / ٣١.

٣ ـ النجم : ٤.

٤ ـ التوبة : ٤٣.

٣٥٩

وإنّ كان ليس للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، هل يعني الله تعالى عفا عن المنافقين ، كما قال عزّ من قائل :( عَفَا اللهُ عَنكَ ) ؟ وهل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يأذن لهم؟ ومنهم الذين أذن لهم؟ أي من هو الشخص الذي أذن لشخص آخر؟

وقال تعالى :( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) (١) .

هل هذا عتب؟ ونرجو بيان( وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ، هل يعني هناك ذنب ولو أولى؟ والله تعالى غفر له؟ وما معنى الرحمة هذه؟ والمعروف ضدّها غضب والعياذ بالله؟ والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله معصوم ورحمة للعالمين.

وما معنى :( قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ) ؟ وهل يعني هناك ذنب والعياذ بالله؟ وإن لم يكن ذلك لماذا فرض الله تحلّة الإيمان؟ وهلاّ ضربتم لنا مثالاً في حياتنا؟ إن لم يكن ذنب وجب علينا تحلّة الإيمان؟ على العموم أنا مؤمن أنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله معصوم من كُلّ ذنب ، وكذلك الأئمّة عليهم‌السلام ، ولكن أُريد توضيحاً منكم.

ج : علينا في البداية أنّ نعرف المضمون الإجمالي للآية الكريمة ، وحاصله : أنّ بعض المنافقين جاء إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في غزوة تبوك ، وأخذ ببيان بعض الأعذار الواهية في تركه الخروج للغزوة ، وكان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يعرف أن أعذارهم باطلة ، وأنّهم لا يريدون الخروج رأساً ، وأنّ استنادهم إلى تلك الأعذار ليس صادقاً.

أي أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعلم أنّه حتّى لو لم يأذن لهم يتركون الحرب ، وينكشفون آنذاك لجميع المسلمين ، وحيث أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عرف واقع الحال أذن لهم ، ونزلت الآية لتقول : إنّك لو لم تأذن لهم لانكشف حالهم إلى جميع المسلمين بسرعة ، فالمسألة مسألة عتاب على ترك الأولى ، أي أنّ الأولى له كان هو عدم الأذن لهم ، حتّى ينكشف حالهم للجميع بسرعة.

فالخطاب إذاً موجّه إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وليس إلى المنافقين ، والعفو المذكور عفو عن ترك الأولى.

__________________

١ ـ التحريم : ١ ـ ٢.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576