موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ١

موسوعة الأسئلة العقائديّة6%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-01-0
الصفحات: 576

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 576 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 227325 / تحميل: 6767
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠١-٠
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

ولد في سنة ثلاث وستّين وثلاث مائة ، وأضرّ بالجدري ، وله أربع سنين وشهر ، سالت واحدة ، وابيضّت اليمنى ، فكان لا يذكر من الألوان إلّا الأحمر ، لثوب أحمر ألبسوه إيّاه ، وقد جدّر ، وبقي خمساً وأربعين سنة لا يأكل اللحم تزهّداً فلسفياً

وكان قنوعاً متعفّفاً ، له وقف يقوم بأمره ، ولا يقبل من أحد شيئاً ، ولو تكسّب بالمديح لحصّل مالاً ودنيا ، فإنّ نظمه في الذروة ، يعدّ مع المتنبي والبحتري »(١)

وقال ابن حجر : « أحمد بن عبد الله بن سليمان ، أبو العلاء المعرّي ، اللغوي الشاعر ، روى جزأً عن يحيى بن مسعر ، عن أبي عروبة الحرّاني ، له شعر يدلّ على الزندقة ، سقت أخباره في التاريخ الكبير »

قال السلفي : « من عجيب رأى أبي العلاء ، تركه تناول كلّ مأكول لا تنبته الأرض ، شفقة على الحيوانات ، حتّى نسب إلى التبرهم ، وأنّه يرى رأي البراهمة في إثبات الصانع ، وإنكار الرسل ، وفي شعره ما يدلّ على هذا المذهب ، وفيه ما يدلّ على غيره ، وكان لا يثبت على نحلته ، ولا يبقى على قانون واحد ، بل يجري مع القافية إذا حصلت »(٢)

قال الشيخ عباس القمّي : « الشاعر الأديب الشهير ، كان نسيج وحده بالعربية ، ضربت اباط الإبل إليه ، وله كتب كثيرة ، وكان أعمى ذا فطانة ، وله حكايات من ذكائه وفطانته

حكي أنّه لما سمع فضائل الشريف السيّد المرتضى اشتاق إلى زيارته ، فحضر مجلس السيّد ، وكان سيّد المجالس ، فجعل يخطو ويدنو إلى السيّد ، فعثر على رجل ، فقال الرجل : من هذا الكلب ؟ فقال المعرّي : الكلب من لا يعرف للكلب سبعين اسماً

______________________

(١) ـ سير أعلام النبلاء ١٨ / ٢٣

(٢) لسان الميزان ١ / ٢٠٣

٣٢١

فلمّا سمع الشريف ذلك منه ، قرّبه وأدناه ، فامتحنه فوجده وحيد عصره ، وأعجوبة دهره ، فكان أبو العلاء يحضر مجلس السيّد ، وعدّ من شعراء مجلسه »(١)

« أُمّ علي القلاف ـ الكويت ـ »

تخلّف عبد الله بن جعفر عن الحسين :

س : هل كان زوج العقيلة زينب موجود في واقعة الطف ؟ وهل كان لها أبناء قتلوا مع الإمام الحسين ؟ وما هي أسمائهم ؟ مع جزيل الشكر

ج : عبد الله بن جعفر زوج السيّدة زينبعليها‌السلام ، لم يكن في واقعة الطفّ ، وفي سبب تخلّفه عن الإمام الحسينعليه‌السلام عدّة أقوال :

منها : إنّ الإمام الحسينعليه‌السلام أشار عليه بالبقاء لمصالح ما

ومنها : إنّه كان مريضاً آنذاك ، ومنها : أقوال أُخرى ، وتبقى كلّ هذه الأقوال في حيّز الاحتمال ، والتاريخ لم يذكر لنا بوضوح أسباب تخلّفه

وعلى كلّ حال ، فإنّ أمثال عبد الله بن جعفر ، وابن عباس ، وابن الحنفية ، كان لهم دور مهمّ في إيصال مظلومية الإمام الحسينعليه‌السلام إلى الجميع

وللسيّدة زينبعليها‌السلام ابناً باسم عون الأكبر من شهداء الطفّ ، قتل في حملة آل أبي طالب ، وهو مدفون في حفيرة آل أبي طالب ، ممّا يلي رجلي الإمام الحسينعليه‌السلام

« محمّد إسماعيل ـ الكويت »

ترجمة أبي حيّان التوحيدي :

س : أبو حيّان التوحيدي ، هل يعتبر أحد علماء أهل السنّة ؟ وما منزلته عند
______________________

(١) الكنى والألقاب ٣ / ١٩٤

٣٢٢

علمائهم ؟ وهل صحيح أنّ هناك من علمائهم من رماه بالزندقة ؟

ج : قال العلّامة الأمينيقدس‌سره : « أبو حيّان التوحيدي ، صاحب التصانيف ، قيل : اسمه علي بن محمّد بن العباس ، نفاه الوزير المهلبي لسوء عقيدته ، وكان يتفلسف ، بقي إلى حدود الأربعمائة ببلاد فارس ، قال ابن مالي في كتاب الفريدة : كان أبو حيّان كذّاباً ، قليل الدين والورع ، مجاهراً بالبهت ، تعرّض لأُمور جسام من القدح في الشريعة ، والقول بالتعطيل

وقال ابن الجوزي : كان زنديقاً ، وقال الذهبي : صاحب زندقة وانحلال »(١)

وقال الذهبي : « أبو حيّان التوحيدي : الضالّ الملحد ، أبو حيّان ، علي بن محمّد بن العباس ، البغدادي الصوفي ، صاحب التصانيف الأدبية والفلسفية ، ويقال : كان من أعيان الشافعية .

وقال أبو الفرج بن الجوزي : زنادقة الإسلام ثلاثة : ابن الراوندي ، وأبو حيّان التوحيدي ، وأبو العلاء المعرّي ، وأشدّهم على الإسلام أبو حيّان ، لأنّهما صرّحا ، وهو مجمج ولم يصرّح

قلت : وكان من تلامذة علي بن عيسى الرماني ، ورأيته يبالغ في تعظيم الرماني ، في كتابه الذي ألّفه في تقريظ الجاحظ ، فأنظر إلى المادح والممدوح ! وأجود الثلاثة الرماني ، مع اعتزاله وتشيّعه

وأبو حيّان ، له مصنّف كبير في تصوّف الحكماء ، وزهّاد الفلاسفة ، وكتاب سمّاه البصائر والذخائر ، وكتاب الصديق والصداقة »(٢)

« محمّد إسماعيل ـ الكويت ـ »

ترجمة الجاحظ :

س : هل يعتبر الجاحظ عند علماء أهل السنّة والرجاليين من الثقات ؟ وما رأي علماؤهم به ؟ أرجو ذكر بعض الكلمات عنه ؟

______________________

(١) الغدير ٥ / ٢٧٣

(٢) سير أعلام النبلاء ١٧ / ١١٩

٣٢٣

ج : قال الذهبي : « الجاحظ : العلّامة المتبحّر ، ذو الفنون ، أبو عثمان عمرو ابن بحر بن محبوب البصري المعتزلي ، صاحب التصانيف

أخذ عن النظّام ، وروى عن أبي يوسف القاضي ، وثمامة بن أشرس

روى عنه أبو العيناء ، ويموت بن المزرع ابن أخته ، وكان أحد الأذكياء

قال ثعلب : ما هو بثقة

وقال يموت : كان جدّه جمّالاً أسود .

قلت : يظهر من شمائل الجاحظ أنّه يختلق

قال إسماعيل الصفّار : حدّثنا أبو العيناء قال : أنا والجاحظ وضعنا حديث فدك ، فأدخلناه على الشيوخ ببغداد ، فقبلوه إلّا ابن شيبة العلوي ، فإنّه قال : لا يشبه آخر هذا الحديث أوّله »(١)

وقال ابن حجر : « عمرو بن بحر الجاحظ صاحب التصانيف ، روى عنه أبو بكر بن أبي داود فيما قيل

قال ثعلب : ليس بثقة ولا مأمون ، قلت : وكان من أئمّة البدع انتهى »(٢)

وقال الشيخ عباس القمّيقدس‌سره : « الجاحظ أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الليثي البصري ، اللغوي النحوي ، كان من غلمان النظّام ، وكان مائلاً إلى
النصب والعثمانية ، وله كتب منها : العثمانية ، التي نقض عليها أبو جعفر الإسكافي ، والشيخ المفيد ، والسيّد أحمد بن طاووس ، وطال عمره ، وأصابه الفالج في آخر عمره ، ومات في البصرة ، سنة ٢٥٥ » (٣)

« محمّد إسماعيل ـ الكويت »

ترجمة جابر بن حيّان وخالد بن يزيد :

س : هل صحيح أنّ أوّل عالم كيميائي هو خالد بن يزيد ؟ مع العلم أنّه من
______________________

(١) سير أعلام النبلاء ١١ / ٥٢٦

(٢) لسان الميزان ٤ / ٣٥٥

(٣) الكنى والألقاب ٢ / ١٣٦

٣٢٤

سلالة أبي سفيان ، فهل أنّها من المختلقات أم ماذا ؟ وهل يوجد دليل ؟ ودمتم موفّقين

ج : المشهور والمعروف أنّ جابر بن حيّان ، هو مؤسّس علم الكيمياء

قال السيّد الخوئيقدس‌سره : « جابر بن حيّان : الصوفي الطرسوسي ، أبو موسى ، من مشاهير أصحابنا القدماء ، كان عالماً بالفنون الغريبة ، وله مؤلّفات كثيرة ، أخذها من الصادقعليه‌السلام ، وقد تعجّب غير واحد من عدم تعرّض الشيخ والنجاشي لترجمته ، وقد كتب في أحواله ، وذكر مؤلّفاته كتب عديدة ، من أراد الاطلاع عليها ، فليراجعها

قال جرجي زيدان في مجلة « الهلال » على ما حكي عنه : إنّه من تلامذة الصادقعليه‌السلام ، وإنّ أعجب شيء عثرت عليه في أمر الرجل ، أنّ الأوروبيين اهتمّوا بأمره ، أكثر من المسلمين والعرب ، وكتبوا فيه وفي مصنّفاته تفاصيل ، وقالوا : إنّه أوّل من وضع أساس الشيمي الجديد ، وكتبه في مكاتبهم كثيرة ، وهو حجّة الشرقي على الغربي إلى أبد الدهر »(١)

وإمّا خالد بن يزيد بن معاوية ، فإنّه كان له علم بالكيمياء ، لا أنّه أسّسه

قال الذهبي : « خالد بن يزيد بن معاوية : ابن أبي سفيان ، الأمير أبو هاشم الأموي

روى عن دحية الكلبي وأبيه ، وعنه : رجاء بن حيوة ، والزهري .

وكان من نبلاء الرجال ، ذا علم وفضل ، وصوم وسؤدد

قال ابن خلكان في ترجمته : كان من أعلم قريش بفنون العلم ، قال : وكان بصيراً بهذين العلمين : الطبّ والكيمياء ، وله نظم رائق »(٢)

______________________

(١) معجم رجال الحديث ٤ / ٣٢٨

(٢) سير أعلام النبلاء ٩ / ٤١١

٣٢٥

« خالد ـ الجزائر ـ ٢٧ سنة ـ التاسعة أساسي »

جابر بن حيّان لم يكن إسماعيلياً :

س : هل صحيح أنّ جابر بن حيّان كان من الإسماعيلية ؟ وأنّ الإسماعيلية تعدّه من أحد أبوابها ؟

ج : إنّ جابر بن حيّان يعدّ من مفاخر علماء الشيعة الإمامية لا من علماء الإسماعيلية ، فقد قال السيّد الخوئيقدس‌سره في ترجمته : « من مشاهير أصحابنا القدماء »(١) ، ومعنى أصحابنا أي أصحاب الإمامية لا الإسماعيلية

وقال عنه السيّد محسن الأمينقدس‌سره : « من أصحاب الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام وأحد أبوابه ، ومن كبار الشيعة »(٢)

« علي ـ المغرب ـ ٢٢ سنة ـ ليسانس »

حركة إدريس كانت مؤيّدة من قبل الأئمّة :

س : نعلم أنّ أوّل دولة شيعية كان تأسيسها بالمغرب ، من قبل المولى إدريس الأوّل ، الذي يحظى باحترام كبير لدينا ، فهل كانت هذه الدولة بإذن من الإمام آنذاك ؟ أم أنّ الأمر كان بمبادرة شخصية من المولى إدريس ؟ وإن كان الأمر كذلك ، فهل يجوز هذا الأمر ؟ وشكراً

ج : كما تعلمون ، فإنّ المولى إدريس ، قد أتى المغرب بعد ما شهد واقعة فخّ وشارك فيها ، وهذا الأمر يساعدنا كثيراً في تفسير حركته ، إذ إنّ قائد حركة فخّ ، قد صرّح في خطبته أبّان خروجه على العباسيين ، بأنّه يدعو إلى الرضا من آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣)

______________________

(١) معجم رجال الحديث ٤ / ٣٢٨

(٢) أعيان الشيعة ٤ / ٣٠

(٣) مقاتل الطالبيين : ٢٩٩

٣٢٦

ومن جانب آخر ، قد أبّنه الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام بقوله :« إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، مضى والله مسلماً صالحاً صوّاماً ، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر ، ما كان في أهل بيته مثله » (١) ، حتّى إنّ علياً ويحيى ابني عبد الله ـ من أركان حركة فخّ ـ كانا يقولان : « ما خرجنا حتّى شاورنا أهل بيتنا ، وشاورنا موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، فأمرنا بالخروج »(٢)

وعلى ضوء ما ذكرنا ، فإنّ حركة إدريس في المغرب ، بما أنّها كانت امتداداً لحركة فخّ ، واستمراراً لها ، فإنّها كانت تحظى بتأييد غير مباشر من الأئمّةعليهم‌السلام كما هو سيرة الأئمّةعليهم‌السلام في تأييد الحركات الثورية السليمة في وجه أعداء الدين في ظروف التقية فهمعليهم‌السلام وإن كانوا لم يشاركوا في هذه النهضة ونظائرها ـ لمصالح كانت تفرض عليهم ـ ولكن دعموها بأقوالهم تصريحاً أو تلويحاً ، فمثلاً نسب إلى الإمام الرضاعليه‌السلام أنّه قال :« إدريس بن عبد الله من شجعان أهل البيت ، والله ما ترك فينا مثله » (٣) ، حتّى أنّه جاءت رواية مرسلة على لسان الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال :« عليكم بإدريس بن إدريس فإنّه نجيب أهل البيت وشجاعهم » (٤)

ولا يخفى في المقام ، أنّ سيرة الأدارسة ـ وعلى الأخصّ إدريس الأوّل والثاني ـ خالية من إدعاء الخلافة أو الإمامة ، ممّا يؤيّد علاقتهم بأئمّة زمانهمعليهم‌السلام ، كما هو ظاهر بأدنى تأمّل

وعلى هذا ، فإنّ حركتهم ـ حتّى لو قلنا أنّها كانت بمبادرة شخصية ـ جاءت لتأييد خطّ الإمامة والولاية ، لا الدعوة إلى أنفسهم

نعم ، وإن كان هذا لا يدلّ على تصحيح كافّة تصرّفاتهم في الحكم ، من
______________________

(١) المصدر السابق : ٣٠٢

(٢) المصدر السابق : ٣٠٤

(٣) أعيان الشيعة ٣ / ٢٣١

(٤) مجالس المؤمنين ٢ / ٢٨٦

٣٢٧

جانب الأئمّةعليهم‌السلام ، ولكن يشير إلى مشروعية حركتهم في الأساس

« طلال المرهون ـ الكويت ـ »

قيمة كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة :

س : هل أنّ كتاب الإمامة والسياسة له أسانيد صحيحة ؟

ج : إنّ كتاب « الإمامة والسياسة » لعبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ، الذي عبّر عنه ابن حجر العسقلاني بأنّه : « صدوق قال الخطيب : كان ثقة ديّناً فاضلاً »(١) ، بل نقل عنهم أنّهم قالوا فيه : أنّه منحرف عن أهل البيتعليهم‌السلام !

هذا ؛ ولا نعلم لماذا لا يناقش في كتب غيره ، ويسأل عن كتابه هذا ، الذي عبّر عنه محمّد فريد وجدي : « هو من أقدم الكتب وأوثقها في مسائل الخلافة الإسلامية »(٢)

وأخيراً ، إنّ السؤال عن الكتاب ، لا لشيء إلّا أنّه ذكر شمّة بسيطة جدّاً عن مظلومية أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والهجوم على دار الزهراء البتولعليها‌السلام ، وإسقاط جنينها المحسنعليه‌السلام ولاشكّ أنّ نقل مثل هذا كاف في إسقاطه حتّى من مثل البخاري وصحيحه لو كان !!

« أُمّ علي القلّاف ـ الكويت ـ »

تخلّف ابن الحنفية عن الحسين :

س : هل قاتل محمّد بن الحنفية مع الإمام الحسين ؟ وإن لم يقاتل فأين كان ؟ ولم لم يقاتل معه ؟ مع جزيل الشكر

______________________

(١) لسان الميزان ٣ / ٣٥٧

(٢) دائرة المعارف ٣ / ٧٥٠

٣٢٨

ج : في سبب تخلّفه عن الإمام الحسينعليه‌السلام عدّة أقوال :

منها : إنّ الإمام الحسينعليه‌السلام أشار عليه بالبقاء لمصالح ما

ومنها : إنّ ابن الحنفية كان مريضاً آنذاك ، ومنها : أقوال أُخرى ، وتبقى كلّ هذه الأقوال في حيّز الاحتمال ، والتاريخ لم يذكر لنا بوضوح أسباب تخلّفه

وعلى كلّ حال ، فإنّ أمثال ابن الحنفية ، وعبد الله بن جعفر ، وابن عباس ، كان لهم دور مهمّ في إيصال مظلومية الإمام الحسينعليه‌السلام إلى الجميع ، وليس يخفى على أحد ما قام به محمّد بن الحنفية من دور في هداية المختار ، لأخذ الثأر من قتلة الإمام الحسينعليه‌السلام

« ـ الكويت ـ »

عثمان الخميس في ميزان النقد :

س : بالبداية يعجز اللسان عن النطق بكلمات الشكر والإعجاب ، فأنتم ـ حفظكم الله ـ أكبر من ذلك

ظهر لنا المدعو عثمان الخميس ، والذي لا له هدف في هذه الحياة سوى الشيعة ، وبطلان مذهبهم واعتقاداتهم ـ كما يدّعي ـ ولا أدّعي عندما أقول لسماحتكم : إنّه يكيل بالكيل العظيم لنا ، وأنا قرأت له الكثير في ردّه على كتب التيجاني ، وكتاب المراجعات ، وكتاب التحريف ، وكثير من ذلك ، ولكن الخطير في الأمر ، أنّني وكثير من الأخوان نؤمن ـ والحمد لله ـ بمذهبنا وعقيدتنا ، ولكن هذا الإنسان يهيج بنا الشكّ في كتبه بشكل عجيب

فأرجو من سماحتكم الردّ السريع ، علماً بأنّني على أتمّ استعداد أن آتي بكلّ كتب هذا المسمّى بعثمان الخميس

مع خالص الشكر ، آملاً ألا تهمل رسالتي ، وأن تردّ بأسرع ما يمكن ، نظراً لترقّب كثير من الشباب معي لردّكم الكريم ، مع خالص الشكر لسماحتكم

٣٢٩

ج : نسأل الله تعالى لكم كمال التوفيق ، لما قمتم به وستقومون به ـ إن شاء الله ـ في الدفاع عن العقيدة الحقّة ، المتمثّلة بمذهب أهل البيتعليهم‌السلام

ونعلمكم : بأنّ المدعو عثمان الخميس ، لا توجد عنده أدلّة ، فضلاً عن أن تكون فيها شيء من القوّة ، وأقصى ما يمكن أن يقال في حقّه : إنّه رجل مراوغ ، له قدرة على الخطابة ، من دون أي سوابق علمية ، أو مبانٍ يعتمد عليها ، بالأخصّ في ردّه على الشيعة ، فإنّه ردّ جاهل بالمباني التي تعتمد عليها الشيعة ، وإنّما هو جمع من هنا وهناك ، وحتّى في الجمع حرّف الكثير فيما نقله من مصادر الشيعة

ومع هذا كلّه ، فإنّه لا يستحقّ الردّ عليه ، ولكن بما أنّ له أسلوباً في الخطابة ما ربما يوهم للبعض أنّه على حقّ ، أو يوجب التشكيك عند آخرين ، فقد عمد مركز الأبحاث العقائدية إلى ترشيح الشاب المستبصر السيّد عصام العماد للردّ عليه

والدكتور عصام العماد من اليمن ، كان وهّابياً ثمّ تشيّع ، فردّ على عثمان أفضل ردّ في ثلاث ساعات ، وكذلك شرع مع عثمان بمناظرة على الإنترنت ، ممّا أدّت إلى هروب وهزيمة عثمان عن المناظرة ، يمكنكم الاستماع إلى الردّ والمناظرة في موقعنا على الإنترنت

هذا ، والمركز على استعداد تامّ للتعاون معكم ، وإن كان عثمان الخميس لا يستحقّ أيّ اهتمام به ، مع هذا يمكنكم إيصال جميع مؤلّفاته ومحاضراته إلى المركز في قم ، وإن كان بعضها موجود عندنا

« ـ ـ »

الرادّون على عثمان الخميس :

س : لقد ألّف الشيخ عثمان الخميس كتباً ضدّ الشيعة ، فهل تمّ الردّ عليه بكتب ؟ وشكراً

٣٣٠

ج : إنّ عثمان الخميس ، لم يأت بالشيء الجديد ، وإنّما هو تكرار لما أتى به ابن تيمية ، ومحمّد بن عبد الوهاب ، وإنّ عثمان تأثّر كثيراً بما أورده إحسان الهي ظهير في كتبه ، حتّى أنّه تابعه كثيراً ما حتّى في أكاذيبه ، وما وقع فيه من خلط

وإنّ أفضل ردّ على عثمان الخميس ، هو محاضرات الدكتور عصام العماد ، الذي كان وهّابياً ، ثمّ اعتنق مذهب أهل البيتعليهم‌السلام ، وكذا مناظرته معه

وكذلك يمكنكم مراجعة ما كتبه الشيخ حسن العماني في كتابه « ردّ أباطيل عثمان الخميس على حديث الثقلين » ، وكتابه الآخر « ردّ أباطيل عثمان الخميس على آية التطهير »

« يوسف ـ الإمارات ـ ٣٠ سنة ـ طالب جامعة »

عدم وثاقة عبد الله بن عمر :

س : ما رأيكم في ابن عمر ؟

ج : إنّ مقياس الوثاقة والعدالة لدى الإمامية هو حسن الصحبة والطاعة للمعصومعليه‌السلام ، فمخالفة الشخص للإمام يوجب الطعن فيه ، مهما بلغ من المنزلة الاجتماعية ، وامتاز بالنسب واشتهر بالحسب ، وإنّ موقفه من الإمام المعصوم يعدّ فاصلاً مهمّاً في حسن حاله ، وقبول رواياته ، وممّا يؤسف له أنّ عبد الله بن عمر ، قد اتخذ موقفاً متخاذلاً من الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فامتناعه عن بيعته كان بلا موجب ، وتردّده في قبول خلافته لا يعتمد على دليل شرعي يوجب معه التوقّف عن إمامته

مع أنّ قوله في الإمام عليعليه‌السلام يعدّ دليلاً على معرفته التامّة بمنزلة الإمامعليه‌السلام ، حيث قال في حديثٍ له : « إنّا إذا عددنا قلنا : أبو بكر وعمر وعثمان ، فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن فعلي ؟ قال ابن عمر : ويحك علي من أهل البيت لا يقاس بهم »(١)

______________________

(١) شواهد التنزيل ٢ / ٢٧١ ، جواهر المطالب ١ / ٢٢٤

٣٣١

ممّا يعني ارتكاز أفضلية الإمام عليعليه‌السلام على الثلاثة في نفسه ووجدانه ، إلّا أنّ تردّده في مبايعة الإمام عليعليه‌السلام ، مع تمام معرفته به ، يوجب طعناً في عدالته ، وخرقاً في وثاقته

ثمّ روي أنّه قد دخل في أحد الليالي على الحجّاج ، فقال الحجّاج : « ما الذي أتى بك ؟ قال : جئتك لأبايعك ، فقال : ما الذي دعاك إلى ذلك ؟

فقال : قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« من مات ولم يعرف إمام زمانه ، مات ميتة جاهلية » ، فاخرج الحجّاج له رجله من الفراش ، وقال له : اصفق بيدك عليها »(١)

فسيرة عبد الله بن عمر مع الإمام عليعليه‌السلام ، وتقاعسه عن الخروج معه ، يوجب منّا التوقّف في وثاقته ، بل الطعن في عدالته ، وهذا ملاكنا في توثيق الرجال وتضعيفهم

« عقيل أحمد جاسم ـ البحرين ـ ٣٢ سنة ـ بكالوريوس »

عقيدة أحمد الكاتب :

س : ما هي قصّة أحمد الكاتب ، هل هو أنكر مذهب أهل البيت ، وأصبح من السنّة ؟ أم فقط لا يعتقد بوجود الإمام المنتظرعليه‌السلام ؟

ج : الذي يظهر من كتاباته وتصريحاته ، عدم الالتزام بأُسس ومبادئ المذهب الشيعي ، فإنّ القول بعدم ولادة الإمام المنتظرعليه‌السلام ، وعدم لزوم العصمة في الأئمّة الاثني عشرعليهم‌السلام ، والنسبة المكذوبة عليهم في التزامهم بالشورى في مسألة الإمامة ، كلّها تدلّ على عدم الاعتقاد بأوّليّات المذهب الشيعي الاثني عشري

« حسين أحمد العصفور ـ البحرين ـ ٢٢ سنة ـ طالب ثانوية »

تعقيب على الجواب السابق :

إنّ موقف أحمد الكاتب وعثمان الخميس يذكّرني بآية في القرآن ، وهي ______________________

(١) أُنظر : شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢٤٢

٣٣٢

قول حاشية العزيز عندما طلب منهم تفسير منامه ، قالوا له : إنّها أضغاث أحلام ، ثمّ قالوا : إنّهم لا يعرفون في تفسير الأحلام شيئاً .

السوال : من أين قالوا أنّها أضغاث أو غير أضغاث ، مع أنّهم لا يعرفون فيها شيئاً ؟! هذا هو منهج الجهلة ، دائماً يصنّفون الشيء ، مع أنّهم لا يعرفون فيه شيئاً ، فيقولوا : هذا ضعيف ، وهذا قوي ، وهذا حديث مردود ، وهكذا .

أحمد الكاتب وأمثاله هكذا : « هذه الرواية موضوعة ، وهذا الدليل ضعيف » يصنّف مع أنّه لا قدرة له على فهم النصوص

ثانياً : إنّهم لا يدركون حقيقة مهمّة ، وهي : إنّ نفي الشيء يحتاج إلى دليل ، وليس فقط إثبات الشيء ، البديهيات نفيها يحتاج إلى دليل ، فهُم دائماً ينفون الأشياء الواضحة بدون دليل ، ولاية الإمام عليعليه‌السلام ، ووجود الإمام وغيرها ، نفيها يحتاج إلى دليل ، وليس إثباتها

« مازن الحيدري ـ العراق ـ »

عقيل وتركه لعليعليه‌السلام :

س : هل إنّ رواية ترك عقيل بن أبي طالب لأخيه أمير المؤمنين في فترة خلافته ، والتجائه إلى معاوية ، وقوله : « الدنيا مع معاوية والآخرة مع علي » صحيحة ؟! مع الشكر والامتنان لكم

ج : الوارد في التاريخ هو التحاق عقيل بمعاوية ، ولكن المختلف فيه بين المحقّقين هو زمان ذلك ، فهل كان في زمن خلافة الإمام عليعليه‌السلام أم بعد ذلك ؟

أمّا حقيقة هذه المقولة فلم تثبت صحّة ذلك في التاريخ ، وإن ثبتت هذه المقولة ، ففيها دلالة على الطعن في معاوية ، حيث صرّح بأنّه لا آخرة مع معاوية ، ومعنى ذلك إبطال الشرعية لمعاوية ، وسلب الحقّ عنه

علماً أنّ الحقبة الزمنية آنذاك غامضة جدّاً ، وهنالك الكثير من الحلقات التاريخية المفقودة ، ممّا تجعل القضايا مبتورة ومشوّشة ، مضافاً إلى الإعلام الأمويّ يجعلنا نتوقّف في الكثير ممّا ورد في التاريخ ، ممّا ظاهره الخدشة في بني هاشم ، إذ هو دأب الأمويين ومن لفّ لفّهم

٣٣٣

« أحمد حسن ـ البحرين ـ »

كعب الأحبار ووهب بن منبه :

س : لديّ بعض الأسئلة ، أرجو منكم الإجابة عليها ، جزاكم الله ألف خير :

١ ـ مَن هو كعب الأحبار ؟

٢ ـ مَن هو وهب بن منبه ؟

وأخيراً أتمنّى لكم دوام الصحّة والعافية ، وشكراً

ج : أمّا كعب الأحبار ، فهو ابن ماتع الحميري ، كان في الجاهلية من علماء اليهود في اليمن ، أسلم في زمن أبي بكر ، وقيل : في أيّام عمر ، وقدم المدينة في دولة عمر ، وأخذ يروي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مرسلاً ، وعن عمر وصهيب وعائشة ، ثمّ خرج إلى الشام فسكن حمص ، وتوفّي فيها سنة (٣٢ هـ) ، عن عمر جاوز المائة وأربع سنين

قال ابن أبي الحديد : « روى جماعة من أهل السير : إنّ علياًعليه‌السلام كان يقول عن كعب الأحبار : إنّه لكذّاب ، وكان كعب منحرفاً عن عليعليه‌السلام »(١)

وعن زرارة قال : ( كنت قاعداً إلى جنب أبي جعفرعليه‌السلام ، وهو محتب مستقبل الكعبة ، فقال :« أما إنّ النظر إليها عبادة » ، فجاءه رجل من بجيلة يقال له عاصم بن عمر ، فقال لأبي جعفرعليه‌السلام : إنّ كعب الأحبار كان يقول : إنّ الكعبة تسجد لبيت المقدس في كلّ غداة ، فقال أبو جعفرعليه‌السلام :« فما تقول فيما قال كعب » ؟ فقال : صدق القول ما قال كعب ، فقال أبو جعفرعليه‌السلام :« كذبت وكذب كعب الأحبار معك » ، وغضب ، قال زرارة : ما رأيته استقبل أحداً بقول كذبت غيره ، ثمّ قال :« ما خلق الله عزّ وجلّ بقعة في الأرض أحبّ إليه منها » )(٢)

______________________

(١) شرح نهج البلاغة ٤ / ٧٧

(٢) الكافي ٤ / ٢٣٩

٣٣٤

والخلاصة : إنّ كعب الأحبار كان من المنحرفين عن خطّ عليعليه‌السلام ، وكان من الكذّابين والوضّاعين للأحاديث

وأمّا وهب ، فهو ابن منبّه الصنعاني ، ولد سنة (٣٤ هـ) في خلافة عثمان ، روى عن أبي هريرة ، وأبي سعيد ، وابن عباس ، وأنس ، وغيرهم

كان قاضياً على صنعاء ، له كتاباً في القدر ، مات سنة (١١٠ هـ) ، روى له البخاري حديثاً واحداً ، وقال عمرو بن علي الفلاس : « كان ضعيفاً »(١)

كما نبّه على ضعفه النجاشي(٢) ، والشيخ الطوسي(٣)

« أبو عبد الرحمن القلموني ـ أمريكا ـ سنّي »

الشيعة لا تقبل بالصحاح الستة :

س : هل صحيح أنّ الشيعة لا يقبلون بمصادر أهل السنّة كصحيح البخاري ومسلم والصحاح الست ؟ وأنّ رأي أئمّتهم مقدّم ، بل ناسخ لما قد ورد في القرآن الكريم ، أو على لسان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

ما هي أهمّ مصادر الشيعة التي يبنون عليها عقائدهم وتشريعاتهم ؟

ج : نعم ، إنّ الشيعة لا تقبل بالبخاري ومسلم ، وبقية الصحاح الست ، لما فيها من الإسرائيليات ، والأحاديث التي فيها إهانات صريحة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وللأنبياءعليهم‌السلام

ثمّ لا يوجد عند الشيعة كتاب صحيح من أوّله إلى آخره ، غير القرآن الكريم ، فكلّ كتاب غير القرآن يخضع للبحث السندي ، فإذا صحّ سنده عملت به وإلّا فلا

ثمّ كلّ ما ترويه الشيعة عن الأئمّةعليهم‌السلام ، هو بعينه حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ،
______________________

(١) تهذيب التهذيب ١١ / ١٤٨

(٢) فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ٤٣٠

(٣) فهرست كتب الشيعة وأُصولهم : ٤٧٨

٣٣٥

حيث صرّح الأئمّة : إنّ حديثنا هو حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

فعن الإمام الباقرعليه‌السلام قال :« يا جابر ، إنّا لو كنّا نحدّثكم برأينا وهَوانا لكنّا من الهالكين ، ولكنّا نحدّثكم بأحاديث نكنزها عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضّتهم » (١)

وعن الإمام الباقرعليه‌السلام أيضاً قال :« لو أنّا حدّثنا برأينا ضللنا ، كما ضلّ من كان قبلنا ، ولكنّا حدّثنا ببيّنة من ربّنا ، بيّنها لنبيّه ، فبيّنها لنا » (٢)

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام :« إنّا لو كنّا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنّا من الهالكين ، ولكنّها آثار من رسول لله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أصل علم نتوارثها كابر عن كابر عن كابر ، نكنزها كما يكنز الناس ذهبهم وفضّتهم » (٣)

وأمّا أهمّ مصادر الشيعة الروائية لأحاديث أهل البيتعليهم‌السلام كثيرة جدّاً ، منها : الكافي والتهذيب والاستبصار ، ومن لا يحضره الفقيه ، و .

« معصومة ـ باكستان »

موقف كاشف الغطاء من مؤتمر لبنان :

س : أرجو منكم أن تحسنوا لي : وذلك بإرسال التفاصيل حول المؤتمر الذي أُقيم في لبنان ، والذي نظّم من قبل الأمريكان ، عام ١٩٥٤ أو ١٩٥٦ ، وكان للعلّامة الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء دور كبير فيه

فأرجو منكم أن تساعدونني في الحصول على تفاصيل ذلك المؤتمر

ج : يحاول المستعمرون ـ وكما يعرف ذلك الجميع ـ خدمة أغراضهم السياسية ، وطموحاتهم غير الشرعية ، بشتّى الوسائل التي تتفتق عنها مخيِّلتهم النهمة ، متستّرين ـ وصولاً إلى ذلك ـ بأشكال مختلفة من الشعارات والعناوين
______________________

(١) بصائر الدرجات : ٣١٩ ، الاختصاص : ٢٨٠

(٢) بصائر الدرجات : ٣١٩ ، إعلام الورى ١ / ٥٠٨

(٣) بصائر الدرجات : ٣١٩

٣٣٦

الجذّابة ، مستدرجين من تنطلي عليه أكاذيبهم وأحابيلهم التي لا تغرب حقيقتها عن ذوي الألباب

نعم ، وصورة تلك الحال كانت واضحة في المؤتمر ، الذي دعت له جمعية أصدقاء الشرق الأوسط في الولايات المتحدة الأمريكية ، للانعقاد بتاريخ ٢٢ نيسان عام (١٩٥٤ م) في لبنان ، وبالتحديد في مدينة بحمدون ، وحينها تلقّى الشيخ كاشف الغطاءقدس‌سره دعوة رسمية موجّهة من قبل كارلند ايفانز هوبنكز نائب رئيس تلك الجمعية ، لحضور هذا المؤتمر ، الذي ينحصر ـ على حدّ زعمهم ـ بعلماء المسلمين والمسيحيين ، وأن تتحدَّد أعمال هذا المؤتمر بمناقشة ودراسة المواضيع التالية :

١ ـ دراسة القيم الروحية للديانتين الإسلامية والمسيحية

٢ ـ تحديد موقف الديانتين من الأفكار الشيوعية الإلحادية

٣ ـ وضع البرامج الكفيلة بنقل القيم الروحية التي تؤمن بها الديانتان إلى الجيل الحديث

وكان غير خافٍ على أحد أنَّ الغرض المتوخّى من إقامة هذا المؤتمر ـ الذي كانت تروِّج له الإدارة الأمريكية آنذاك ـ هو تسخير المسلمين وعلمائهم كاتباع منفّذين للسياسة الغربية ، التي هالها وأقلقها التوُّرم المظهري الكاذب ، لسريان الأفكار الشيوعية في أنحاء مختلفة من العالم ، أبّان تلك الحقبة الغابرة التي شهدت انخداع العديد من تلك الشعوب بتلك الأفكار الإلحادية ، التي ساهم في انتشارها حينذاك حدّة التفاوت الطبقي بين أفراد المجتمع الواحد ـ وهو مرض الرأسمالية العضال ـ تزامناً مع ما أُسمي بالثورة الصناعية ، واستثمار أصحاب رؤوس الأموال لحالة التفاوت الحاد بين عنصري العرض والطلب بعد الهجرة المكثّفة ، التي شهدتها المدن الصناعية الكبرى من القرى والأرياف ، فانتهز دعاة هذه الأفكار المنحرفة حالة البؤس المزري ، التي أحاطت بالأيدي العاملة هناك ، من خلال خداعهم بحالة الفردوس المزعوم ، التي ستحقّقها لهم عند تصدّيها لقيادتهم ، ولكن الزمن أتى على كلِّ أكاذيبهم ففضحها ، وكلِّ حيلهم فأبطلها ، وسقطوا في مزبلة التاريخ بلا أسف عليهم

٣٣٧

نعم ، لقد كانت حالة الاضطراب التي بدأت تعمّ دوائر صناعة القرار في أوربا ، لمواجهة طغيان المدّ الشيوعي آنذاك هي التي دفعت أُولئك المفكِّرين إلى اللجوء إلى الدين ، كانجح سلاح لا تمتلك أمامه تلك القيم الإلحادية للنظرية الشيوعية شيئاً ، بل وتبدو قباله عاجزة تافهة ، وهو ما كان ولا زال يخشاه حملة تلك الأفكار ، والمروِّجين لها ، حمقاً بعد إفلاسهم

وحقّاً ، فقد كان ذلك قراراً صائباً موفَّقاً ، لو انبعث من نوايا صادقة هدفها إسعاد البشرية ، ورفع الحيف عنها ، بيد أنّها أطروحة تفتَّقت عنها مخيَّلة جهة ، كانت ولا زالت مصدر محنة وبلاء ، بل وعاصفة سوداء أُبتليت بها الإنسانية عامَّة ، والشعوب الإسلامية خاصّة ، وعلى امتداد التاريخ المعاصر ، وحتّى يومنا هذا ، فكانوا بحقّ أسوأ بكثير ممَّن يستثيرون بالمسلمين والمسيحيين الهمم لمواجهتهم

ومن هنا ، فقد كان موقف الشيخ كاشف الغطاءقدس‌سره حادّاً ، وصريحاً في رفضه لحضور هذا المؤتمر ، من خلال ما أرسله إلى المؤتمرين ، من جواب طويل أسماه « المُثل العليا في الإسلام لا في بحمدون » ، والذي أوضح فيه ـ بصراحة جلية ـ رأيه في مواضيع هذا المؤتمر وبحوثه ، مبيّناً ما توقّعه السياسة الأمريكية وحليفتها الإنكليزية من ظلم ، وتجني على شعوب العالم المستضعفة المغلوبة ، مع إشارته الواضحة إلى بُعد دعاة هذه السياسة ومباينتهم للقيم الروحية ، التي تدعو لها الأديان السماوية المختلفة ، وإنَّ من يُنادي بتلك القيم يجب عليه أن يكون من أوَّل العاملين بها ، والمؤمنين بحقيقتها ، وذلك ما لا ينطبق على الدعاة لعقد هذا المؤتمر والراعين له

« السعودية ـ ١٧ سنة ـ طالب »

موقفنا من ابن القيّم الجوزية :

س : ماذا يجب علينا نحن الشيعة اتجاه ابن القيّم ؟ فهل هو من المعادين لأهل البيت كابن تيمية ؟

٣٣٨

ج : في القرن السابع للهجرة ظهرت مدرسة عقيدية وفقهية جديدة بين المسلمين ، وهي تنتمي إلى أهل السنّة ، أصلّ لها وطرح مفاهيمها ابن تيمية الحرّاني ، وجاء بعده أبرز تلامذته ابن القيّم الجوزية ، وقد قدّموا رؤية فكرية تختلف في آرائها ومنهجها عن المذاهب الفقهية والفكرية الأُخرى

وقد مثّلت في حينها خروجاً على أهل السنّة ، وإن اعتبرها البعض فيما بعد حركة تجديدية ، ويمكن تلخيص آراء هذه المدرسة فيما يلي :

١ ـ تبنّت قضايا عقائدية متّصلة بالأسماء والصفات ، وقامت بمراجعة لمدرسة الأشاعرة وغيرها من المدارس الفكرية السنّية ، وقدّمت تصوّراً عقائدياً اصطدم مع آراء كلّ تلك المدارس مفاده : إنّ جميع ما ورد في صفات الله تعالى ـ من الآيات والأحاديث ـ يجب أن تفهم على ظاهرها ، وما يؤدّيه اللفظ من معنىً بلا تأويل

وأثبتت بذلك أنّ الله تعالى في السماء ، وأنّه ينزل منها إلى السماء الدنيا ، وأنّ له وجهاً ويدين ورجلين وجوارح ، واعتبرت من يخالفها معطّلة وكفّاراً

٢ ـ سمّت نفسها ـ ومن يسير على نهجها ـ بأهل السنّة والجماعة ، واعتبرت منهجها امتداداً لعقيدة السلف من الصحابة والتابعين

٣ ـ قسّمت التوحيد إلى ثلاثة أنواع :

أ ـ توحيد الأُلوهية

ب ـ توحيد الربوبية

ج ـ توحيد الأسماء والصفات

٤ ـ وصفت غيرها من المسلمين بأنّهم يؤمنون بالربوبية ولا يؤمنون بالأُلوهية ، كما كان حال كفّار قريش ، ثمّ قامت بالاستدلال بالآيات التي نزلت في كفّار قريش والمجتمع الجاهلي ، وتطبيقها على المجتمعات المسلمة رغم مخالفتها في هذا الاستدلال للمذاهب الفقهية والفكرية والسنّية قبل غيرها

٥ ـ توسّعت في استخدام سلاح التكفير ووصم من خالفها من المسلمين بالشرك والابتداع في الدين ، وتشدّدت في أحكامها على من سمّتهم بالمبتدعة

٣٣٩

من بقية المسلمين ، وأثارت مشاكل وفتناً داخل المجتمع الإسلامي

٦ ـ انحازت إلى تمجيد معاوية بن أبي سفيان ـ مؤسّس الدولة الأموية ـ وابنه يزيد ، وكتب ابن تيمية كتاباً في فضائلها ، وفي المقابل قامت بالتقليل من مكانة الإمام علي والإمام الحسين وأهل البيتعليهم‌السلام

وهذه الأفكار والآراء التي أطلقها ابن تيمية في المسلمين وفي أهل البيت تبنّاها تلميذه ابن القيّم الجوزية ، حيث سار على نهج أُستاذه وتبنّى عقائده وأفكاره ، وواصل السير على دربه ، ومن الكلمات القليلة التي تدلّ على تحامل ابن القيّم الجوزية على أهل البيتعليهم‌السلام والمسلمين وشيعة أهل البيت ما نورده هنا ، معرضين عن كثير من الكلمات التي لا تعدّ ولا تحصى

١ ـ قال في كتابه « المنار المنيف في الصحيح والضعيف » في معرض استعراضه للكلمات التي تبيّن الإمام المهديعليه‌السلام ومن هو قال : « وفي كونه من ولد الحسن سرّ لطيف ، وهو أنّ الحسن رضي الله تعالى عنه ترك الخلافة لله ، فجعل الله من ولده من يقوم بالخلافة الحقّ المتضمّن للعدل الذي يملأ الأرض ، وهذه سنّة الله في عباده أنّه من ترك لأجله شيئاً أعطاه الله أو أعطى ذرّيته أفضل منه

وهذا بخلاف الحسين رضي الله عنه ، فإنّه حرص عليها ! وقاتل عليها ! فلم يظفر بها ! والله أعلم »(١)

فانظر إلى تحامله الشديد على الحسينعليه‌السلام ، فيجعل من قيامه من أجل إقامة العدل ، والحكم بما أنزل الله تعالى ، والرجوع إلى الهدي النبوي الشريف ، بعدما حرّفه الأمويون بعد تسلّم معاوية دفّة الحكم ، ومن ثمّ أدلى بها إلى ابنه يزيد ، فساءت الأحوال ، وتردّت الأوضاع ، وفشى الظلم ، وظهر الفساد في البرّ والبحر ، ونكص المسلمون على أعقابهم ، واستدارت الأُمّة من جديد ، فاحتاجت إلى من يحيها ويقيم أودها ، ويصلح ما انحرف منها ، ويرجع النصاب إلى أهله ، فلم يكن من يقوم بذلك غير الإمام الحسينعليه‌السلام ـ عميد البيت الهاشمي ـ الذي ضحّى بنفسه
______________________

(١) المنار المنيف : ١٥١

٣٤٠

وبأهله من أجل الإسلام والمسلمين ، لكن ابن القيّم ـ ومن قبله أُستاذه ابن تيمية ـ يجعل ذلك كلّه لأجل الدنيا ، ولأجل الكرسي ، ولأجل المُلك

ولا يجعله لله تعالى !! ويحكم بعقوبة الله المنزلة ، وهي منع ذرّية الحسين من ظهور المهدي فيها ، لأنّ الحسين طلب الدنيا فحرم منها !!

ويتحامل ابن القيّم على الشيعة فيقول : « وأمّا ما وضعه الرافضة في فضائل علي فأكثر من أن يعدّ

قال الحافظ أبو يعلى الخليلي في كتاب « الإرشاد » : وضعت الرافضة في فضائل علي رضي الله عنه وأهل البيت نحو ثلاثمائة ألف حديث

ولا تستبعد هذا فإنّك لو تتبعت ما عندهم من ذلك لوجدت الأمر كما قال »(١)

وقال : « ومن ذلك حديث : « أكذب الناس الصبّاغون والصواغون » ، والحسّ يردّ هذا الحديث ، فإنّ الكذب في غيرهم أضعافه فيهم كالرافضة فإنّهم أكذب خلق الله »(٢)

وقال : « وأمّا الرافضة الإمامية : فلهم قول رابع وهو : أنّ المهدي هو محمّد بن الحسن العسكري المنتظر ، ومن ولد الحسين بن علي لا من ولد الحسن ، الحاضر في الأمصار ، الغائب عن الأبصار ، الذي يورث العصا ، ويختم الفضا ، دخل سرداب سامراء طفلاً صغيراً من أكثر من خمسمائة سنة ، فلم تره بعد ذلك عين ، ولم يحسّ فيه بخبر ولا أثر ، وهم ينتظرونه كلّ يوم ، يقفون بالخيل على باب السرداب ، ويصيحون به أن يخرج إليهم : أُخرج يا مولانا ، أُخرج يا مولانا ، ثمّ يرجعون بالخيبة والحرمان ، فهذا دأبهم ودأبه

ولقد أحسن من قال :

ما آن للسرداب أن يلد الذي

كلّمتموه بجهلكم ما آن

______________________

(١) المصدر السابق : ١٦٦

(٢) المصدر السابق : ٥٢

٣٤١

فعلى عقولكم العفا فإنّكم

ثلّثتم العنقاء والغيلانا

ولقد أصبح هؤلاء عاراً على بني آدم وضحكة يسخر منها كلّ عاقل »(١)

فانظر إلى هذا الكلام وما فيه من التشنيع والتحامل على شيعة أهل البيتعليهم‌السلام

فابن القيّم الجوزية حاله معلوم بعد معرفة انتمائه المذهبي وتوجّهه الفكري ، فهو المعلّم الثاني في المدرسة السلفية بعد ابن تيمية ، وهو المكمّل لدرب أُستاذه في منهجه المختلف عن مناهج المسلمين ، وكلّ ما عند ابن تيمية من تحامل على المسلمين وعلى أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام وعلى شيعتهم فهو موجود عنده وزيادة ، وقد نقلنا إليك شطراً من كلماته

وقد ألّف ابن القيّم الجوزية كتباً متعدّدة في الردّ على المسلمين والتحامل عليهم منها :

١ ـ الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطّلة : وقد بيّن فيه عقيدته السلفية ، وهجم بلسان لاذع على عموم المسلمين المخالفين لعقيدته المجسّمة

٢ ـ اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطّلة والجهمية : وهو كسابقه من حيث التعقيد والهجوم

وبعد هذا يتّضح الحال والموقف الذي يتّخذ تجاهه ، فنفس الموقف المأخوذ نحو ابن تيمية يؤخذ نحو ابن القيّم

« دينا ـ البحرين ـ ١٥ سنة ـ طالبة ثانوية »

موقفنا من عمر بن عبد العزيز والرشيد والأيوبي :

س : هل حقّاً أنّ عمر بن عبد العزيز ، وهارون الرشيد ، وصلاح الدين الأيوبي ممّن يعادون الشيعة ؟ وما الدليل على ذلك ؟

______________________

(١) المصدر السابق : ١٥٢

٣٤٢

ج : إنّ من تذكرين من بني أُمية ، وبني العباس ، وغيرهما لهم تواريخ تشهد بها كتب التاريخ والسير ، فلو تابعتِ كلّ واحدٍ منهما لوجدتي الحكم عليهم بنفسكِ ، وسيكون قراركِ موفّقاً في هذا الشأن

إنّ أية شخصية تاريخية سيكون موقفنا منها من خلال موقف تلك الشخصية من أهل البيتعليهم‌السلام ، وسأوقفكِ على قاعدة عامّة تستطيعين من خلالها تقييم الشخصيات التاريخية :

نحن الشيعة نقول بخلافة علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وذلك لنصّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عليه يوم الغدير ، وغيره من المواضع ، فقال :« من كنت مولاه فهذا علي مولاه » ، ومن خلال نصوص كثيرة تثبت ولاية وخلافة الإمام عليعليه‌السلام ، كما أنّنا نقول : بأنّ الخلافة بالنصّ وليست بالشورى والإجماع ، كما يدّعي غيرنا

هكذا تسلسل الإمامة والخلافة في علي وأولادهعليهم‌السلام من الأئمّة الاثني عشر ، وكلّ من تجاوز هؤلاء الأئمّة يعدّ ظالماً وغاصباً مهما بلغ غايته من العدل والشجاعة وأمثالهما

فخلفاء بني أُمية ، وأمثالهم من بني العباس يعدّون غاصبين لأهل البيتعليهم‌السلام ، وهم ليسوا شرعيين مع وجود الأئمّة ، فعمر بن عبد العزيز كان يعيش في حياة الإمام زين العابدينعليه‌السلام ، وهارون الرشيد كان يعيش في زمن الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام ، وهكذا يعدّ كلّ واحد منهما غاصباً للخلافة التي نصّ عليها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

نعم ، يمكن أن يكون لعمر بن عبد العزيز خصوصية رفع السبّ والشتم عن عليعليه‌السلام ، بعد أن جعلوه بنو أُمية سنّة ، وهذا موقف جيّد ورائع ، إلّا أنّه لا يزال يعدّ غاصباً لمنصب أهل البيتعليهم‌السلام الشرعي

أمّا هارون الرشيد ، فرواياتنا ـ نحن الشيعة ـ متّفقة ومتواترة على قتله للإمام موسى الكاظمعليه‌السلام ، وقد دسّ له السمّ ، بعد أن سجنه أربعة عشر عاماً ظلماً وعدواناً ، ولاحق من خلال ذلك شيعة أهل البيتعليهم‌السلام ، فقتل منهم ، وسجن

٣٤٣

وشرّد المئات من الشيعة دون ذنب ، إلّا كونهم أتباع أئمّة آل البيتعليهم‌السلام

أمّا صلاح الدين الأيوبي ، فالمعروف عنه ، قضاؤه على دولةٍ شيعية في مصر ، تعدّ من أهمّ الدول الشيعية ، وهي الدولة الفاطمية ، فقتلهم ولاحقهم وشرّدهم ، حتّى عرف صلاح الدين الأيوبي شخصية سيئة في التاريخ الشيعي ، ويمكنكِ الرجوع إلى كتب التاريخية ، كـ « الكامل في التاريخ » لابن الأثير ، و « مروج الذهب » للمسعودي ، و « تاريخ اليعقوبي » ، وغيرها لتقفين على الحقيقة

« دينا ـ البحرين ـ ١٥ سنة ـ طالبة ثانوية »

تعقيب على الجواب السابق :

يحار المرء في الوصول إلى حقيقة شخصية صلاح الدين وسبر أغوار نفسيته ، ولكن المنصف إذا أبحر بعمق في سفينة المؤرّخ والمفكّر الكبير السيّد حسن الأمين عبر كتابه « صلاح الدين الأيوبي بين العباسيين والفاطميين والصليبيين » يمكن أن يصل إلى شاطئ فيه الكثير من الصور واللوحات التي تعبّر إن لم يكن عن كلّ الحقيقة فأكثرها جلاء في حياة هذا الرجل

يقول السيّد الأمين : « إنّ صلاح الدين الأيوبي لم يكد يطمئن إلى النصر الرائع في تلك المعركة ، حتّى أسرع إلى القيام بعمل لا يكاد الإنسان يصدّقه ، لولا أنّه يقرأ بعينيه تفاصيله الواضحة ، فيما سجّله مؤرّخو تلك الحقبة ، المؤرّخون الذين خدرت عقولهم روائع استرداد القدس ، فذهلوا عمّا بعده ، لم تتخدّر أقلامهم ، فسجّلوا الحقائق كما هي ، وظلّ تخدير العقول متواصلاً من جيل إلى جيل ، تتعامى حتّى عما هو كالشمس الطالعة

حصل بعد حطين أنّ صلاح الدين الأيوبي آثر الراحة بعد العناء ، والتسليم بعد التمرّد ، فأسرع يطلب إلى الإفرنج إنهاء حالة الحرب وإحلال السلام »(١)

______________________

(١) صلاح الدين الأيوبي بين العباسيين والفاطميين والصليبيين : ١٤٤

٣٤٤

ولكي يتوصّل صلاح الدين إلى إحلال السلام ، وإنهاء حالة الحرب مع الصليبيين ، رضخ بصورة مذهلة وغريبة إلى كلّ الشروط التي اشترطوها عليه أثناء المفاوضات ، ومنها : التنازل للصليبيين عن الكثير من المدن التي كان صلاح الدين قد استردها منهم بالحرب ، حيفا ويافا وقيسارية ونصف اللد ، ونصف الرملة وعكّا وصور ، وسوى ذلك ، حتّى صارت لهم فلسطين إلّا القليل(١)

إضافة إلى ما وراء ذلك من اعتراف بوجودهم وإقرار لاحتلالهم ، ورفع العنت والمعاناة عن رقابهم الموضوعة تحت سيوف المجاهدين ، وإعطائهم الفرصة الذهبية للراحة ، والاستعداد التام للانقضاض على القدس من جديد ، الأمر الذي حصل فعلاً بعد موت صلاح الدين

ويقول الدكتور حسين مؤنس : « ثمّ دخلوا في مفاوضات مع صلاح الدين انتهت بعقد صلح الرملة ، الذي نصّ على أن يترك صلاح الدين للصليبيين شريطاً من الساحل ، يمتد من صور إلى يافا ، وبهذا العمل عادت مملكة بيت المقدس ـ التي انتقلت إلى طرابلس ـ إلى القوّة بعد أن كانت قد انتهت ، وتمكّن ملوكها من استعادة الساحل حتّى بيروت ، وبذلك تكون معظم المكاسب التي حقّقها صلاح الدين ـ فيما عدا استعادته لبيت المقدس ـ قد ضاعت »(٢)

متى يكون الجنوح للسلم ؟

إنّه لأمر غريب حقّاً وعجيب جدّاً بل ومريب أن يجنح إلى السلم قائد لجيش منتصر ، ثمّ إنّ هذا الذي جنح إليه صلاح الدين هل هو سلم أم استسلام ؟!

قال الله تعالى في محكم التنزيل :( وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ) (٣)

______________________

(١) الأعلاق الخطيرة في أمراء الشام والجزيرة : ١٧٣

(٢) أطلس تاريخ العالم : ٢٦٩

(٣) الأنفال : ٦١

٣٤٥

يلاحظ أنّ الله تعالى قد اشترط في هذه الآية الكريمة أن يجنح المعتدون أنفسهم إلى السلم ، فيجنح إليه عندئذ المسلمون ، وهذا يعني أنّ الهزيمة الأكيدة قد حاقت بالأعداء ، ولاحت لهم بوادرها ، فجبنوا عن متابعة الحرب ، وجنحوا إلى طلب الصلح حفظاً على أرواحهم وأنفسهم ، ولم يعودوا مؤهّلين إلى تقديم شروط ، وباتوا مستعدّين للاستجابة للشروط التي يفرضها عليهم المسلمون ، وغنيّ عن البيان أنّ المسلمين بما هم مكلّفون بتبليغ الإسلام إلى البشرية جمعاء ، وبما هم مأُمورون به من العدل والإنصاف ، وتأليف قلوب الكفّار ليسلّموا لله ، ويؤمنوا بالحقّ الذي جاء من عنده ، لن يشترطوا في شروطهم ، ولن يجعلوها شروطاً تعجيزية مجحفة ، بل سيقتصرون من الشروط على سبيل المثال لا الحصر على فتح الطريق أمام حرّية الدعاة في التبليغ ، ونشر نور الرسالة الربانية

استرداد الأسرى من المؤمنين ـ إن كان هناك أسرى ـ أو تبادلهم مع الأسرى من الكفّار المقاتلين

الجلاء التام الكامل عن كلّ شبر من الأرض الإسلامية التي دخلها الكفّار أو احتلوها أثناء الحرب

وربما دفع جزية للمسلمين ، حتّى لا يفكّر الكفّار مستقبلاً في نقض هذه الشروط

ولكن شيئاً من هذا لم يحصل بين صلاح الدين الأيوبي والصليبيين المعتدين فما الذي حصل إذاً ؟

١ ـ إنّ صلاح الدين هو الذي طلب الصلح والهدنة ، وبادر إليها رغم أنّه المنتصر في معركة حطين التي انتهت بتحرير القدس

٢ ـ الصليبيون استغلوا استغلالاً كبيراً هذه المبادرة السلمية من صلاح الدين ، وفرضوا عليه شروطهم كاملة

٣ ـ لم يحقّق صلاح الدين أيّاً من مقتضيات الجنوح الإسلامي إلى السلم ،

٣٤٦

فالصليبيون لا يزالون محتلّين لمنطقة كبيرة جدّاً من البلاد الإسلامية

٤ ـ وزاد من سوء هذا الجنوح إلى السلم تنازل صلاح الدين للصليبيين عن مناطق أُخرى ، ومدن مهمّة كانت في يده

كلّ هذا في الوقت الذي لم يكن فيه صلاح الدين في حالة ضعف أو تقهقر ، بل كان في حالة عظيمة من الانتصار والتقدّم والقوّة ، بل وكان الخليفة الناصر العباسيّ يلحّ عليه في أن يمدّه بجيش الخلافة ، وكان ذلك إيذاناً بنصر كاسح على الصليبيين المعتدين ، سيؤدّي إلى طردهم خارج البلاد الإسلامية ، والتنكيل بهم تنكيلاً يجعل الرعب يدبّ في قلوب من خلفهم من الكفّار ، بحيث لا يراودهم أي أمل ، ولو في مجرد التفكير مستقبلاً بالاعتداء على ديار المسلمين ، طبقاً لقوله عزّ من قائل :( فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ) (١)

فلماذا جنح صلاح الدين إلى السلام مع الصليبيين ؟

هنا لابدّ أن يثور في الفكر سؤال كبير ، وبحث عن السبب الذي دفع صلاح الدين إلى إيقاف الحرب مع الصليبيين ، والجنوح الشديد نحو مسالمتهم ، وعقد معاهدة الصلح معهم بهذا الشكل المريب ، وهو السؤال الذي لم يبخل التاريخ بالإجابة عنه بصراحة ووضوح ، ومن قبل أقرب المقرّبين من المؤرّخين إلى صلاح الدين

لو كان صلاح الدين مجاهداً في سبيل الله والإسلام لالتزم بالتعاليم الإسلامية بشكل عامّ ، وبالأحكام المتعلّقة بالسلم والحرب بشكل خاصّ ، وواقع الحال يؤكّد غير ذلك

ولو كان صلاح الدين بطلاً قوميّاً كما يدّعون له لاختار أن يستمر في الحرب حتّى يطهّر الأرض العربية من رجس الغزاة المعتدين ، ويكنس منها كلّ
______________________

(١) الأنفال : ٥٧

٣٤٧

أثر للصليبيين ، قبل أن يفكّر بالخلود إلى الراحة والدعة ، وموادعة أعداء الأُمّة ، الرابضين في أهمّ مدنها وبقاعها ، والجاثمين فوق صدور أبنائها

إنّه لا مفرّ أمامنا من الاعتراف : إنّ صلاح الدين الأيوبي ما هو إلّا طالب لسلطة وملك ، حازهما بكلّ خسّة ونذالة ، وطامح لمجد شخصيّ ناله بالغدر والخيانة ، ولم تكن الدواعي الإسلامية والدوافع القومية لتخطر على باله ، أو لتحتلّ حيّزاً ولو صغيراً في قلبه

ومن هنا ، نستطيع أن نفهم مبادرته لإيقاف الحرب ، وسعيه الحثيث لعقد الصلح مع الصليبيين ، ومحاولاته المتكرّرة لثني الخليفة العباسي الناصر عن إرسال أيّ جيش إلى فلسطين لمعاضدته في قتال الصليبيين ، وطردهم من الديار الإسلامية(١)

كان نور الدين زنكي ولي نعمة صلاح الدين ، قد طلب إليه أن يزحف من مصر ، في حين يزحف نور الدين من الشام ، ويحصرا الصليبيين بين الجيشين ممّا يسهل القضاء عليهم ، فأبى ذلك صلاح الدين ، لأنّه اعتقد أنّه إذا زال الصليبيون أصبح تابعاً لنور الدين ، ولمّا أدرك أنّ نور الدين عازم على القدوم بنفسه إلى مصر ليؤدّبه ، احتمى منه بالصليبيين ، كما نصّ على ذلك ابن الأثير ، وأبو شامة وابن العديم وغيرهم

على أنّ صلاح الدين الذي أبرم هذا الصلح مع الصليبيين ، ورسم هذه الصورة الهزيلة لجيشه ، زاعماً في رسالته للخليفة أنّ جيشه قد ملّ القتال وسئم الحرب ، وغدا عاجزاً ضعيفاً عن مواصلة الكرّ والفرّ ، كان يعدّ لحرب جديدة ، ولكن لا لإنقاذ الوطن الإسلامي من خطر الصليبيين هذه المرّة ، وإنّما لتوسيع رقعة مملكته الخاصّة على حساب ممالك إسلامية أُخرى ، لأنّ إنقاذ الوطن الإسلامي من الصليبيين يحدّ من نفوذه ويقلّل من هيمنته ، أمّا القتال في
______________________

(١) صلاح الدين الأيوبي بين العباسيين والفاطميين والصليبيين : ١١٧

٣٤٨

مناطق أُخرى ، فإنّه يزيد من نفوذه ويكثر من هيمنته ، فإذا ضمن ذلك فليبق الصليبيون في بلاد الشام ، ولو أنّ المناطق التي عزم على القتال فيها هي مناطق أجنبية يريد إدخالها ضمن المناطق الإسلامية لهان الأمر ، ولكن صلاح الدين الذي عزم على مسالمة الصليبيين وإنهاء الحرب معهم والتسليم بوجودهم ، صلاح الدين هذا كان يخطّط لغزو البلاد الإسلامية ، وسفك دماء المسلمين ، تحقيقاً لمطامعه الشخصية ، عزم على ترك الصليبيين في أمان ، واتجه لترويع المسلمين الآمنين

ويذكر ابن الأثير في تاريخه ، وابن كثير في « البداية والنهاية » : إنّ صلاح الدين كان عازماً على أن يغزو بنفسه بلاد الأناضول ، التي كانت وقتذاك بلاداً إسلامية ، يحكمها أولاد قلج أرسلان السلجوقي ، وأن يوجّه أخاه « العادل » لغزو بلاد « خلّاط » ، والدخول منها إلى أذربيجان ، ومن ثمّ بلاد العجم ، لكن المنية عاجلت صلاح الدين ، وحالت بينه وبين الإقدام على جريمة أُخرى من جرائمه الكثيرة في حقّ الإسلام والمسلمين

ما الذي فعله صلاح الدين ؟ نقول بكلّ صراحة :

١ ـ قضى صلاح الدين على الدولة الفاطمية في مصر ، وأباد المكتبات العظيمة ، وشتّت الكتب التي سهروا طويلاً على جمعها وترتيبها ، ووضعوها بين أيدي العلماء ، لينهلوا من معينها الفيّاض ، ونكّل بأتباعهم وأشياعهم بكلّ قسوة ووحشية

هذه الدولة العظيمة ، التي كانت طوال فترة حكمها ، السدّ المنيع أمام أطماع الروم البيزنطيين ، والحارس القوي اليقظ على ثغور دولة الإسلام ، سواء في الشام بالمشرق ، أو في إفريقيا بالمغرب ، متابعة في ذلك الدور العظيم ، الذي كانت تقوم به قبلها الدولة الحمدانية في حلب ، بقيادة سيف الدولة الحمداني ، والتي قضى عليها هي الأُخرى أسياد صلاح الدين وآباؤه

٢ ـ اكتفى صلاح الدين بالنصر الذي حقّقه في معركة حطين ، والتي انتهت

٣٤٩

بانتزاع القدس من أيدي الصليبيين ، وبدلاً من متابعة الحرب ، واضعاً يده في يد الخليفة الناصر العباسي حتّى طرد الصليبيين من كافّة الأرجاء والمدن الإسلامية ، آثر مصلحته الشخصية في بسط نفوذه على بلاد الشام ، وتمكين ملكه فيها ، بعيداً عن نفوذ الخليفة ، أو تدخّله في شؤون تصريفه لأُمور مملكته هذه

ولتحقيق هذه الغاية بادر إلى مسالمة الصليبيين وموادعتهم ، بل إلى التحالف معهم لقتال جيش الخلافة لو جاء إلى فلسطين ، هذه المسالمة التي تنازل صلاح الدين من أجل الوصول إليها ، عن معظم مدن فلسطين ولبنان للصليبيين ، واعترف لهم بشرعية وجودهم فيها خلافاً لتعاليم الإسلام ورغبة المسلمين ، بما فيهم الخليفة الناصر العباسي

٣ ـ في عام ١١٩٠ م أصدر صلاح الدين مرسوماً دعا فيه اليهود إلى الاستيطان في القدس(١)

وبهذا المرسوم انفتح الطريق منذ ذلك اليوم لقيام دولة إسرائيل ، وما وصلت إليه في عصرنا الحاضر من طغيان وفساد في الأرض

٤ ـ قبل أن يموت صلاح الدين ، قام بتقسيم البلاد التي كان يحكمها بين ورثته على الشكل الذي يحدده ابن كثير كما يلي :

مصر : لولده العزيز عماد الدين أبي الفتح

دمشق وما حولها : لولده الأفضل نور الدين علي

حلب وما إليها : لولده الظاهر غازي غياث الدين

الكرك والشوبك وبلاد جعبر وبلدان كثيرة على قاطع الفرات : لأخيه العادل

حماه : لابن أخيه محمّد بن تقي الدين عمر

______________________

(١) أُنظر : الموسوعة اليهودية ١٤ / ٦٦٩

٣٥٠

حمص والرحبة وغيرها : لابن عمّه أسد الدين بن شيركوه

اليمن : لأخيه ظهير الدين سيف الإسلام طفتكين بن أيوب

بعلبك : لابن أخيه بهرام شاه بن فروخ شاه

بصرى : للظافر بن الناصر

ويضيف ابن كثير بعد هذا النصّ قائلاً : « ثمّ شرعت الأُمور بعد صلاح الدين تضطرب وتختلف في جميع الممالك »

ويقول الدكتور حسين مؤنس واصفاً تلك القسمة : « قسّم صلاح الدين الإمبراطورية ممالك بين أولاده واخوته وأبناء أخويه ، كأنّها ضيعة يملكها ، لا وطناً عربياً إسلامياً ضخماً يملكه مواطنوه » !

ثمّ يقول عمّا آل إليه الحال بين ورثة صلاح الدين : « عملوا أثناء تنافسهم بعضهم مع بعض ، على منح بقايا الصليبيين في أنطاكية وطرابلس وعكا امتيازات جديدة ، فتنازل لهم السلطان » العادل « عن الناصرة ، وكانت بقية من أهل مملكة بيت المقدس الزائلة قد أقامت في عكا ، واستمسكت بلقب « ملوك بيت المقدس » ، فاعترف لهم به هذا « العادل » في ثلاث معاهدات ، وحاول الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين صاحب حلب ، أن يتحالف مع الصليبيين على عمّه « العادل » وعندما أقبل الإمبراطور فريدريك الثاني يقود الحملة الصليبية السادسة ، ونزل عكا سنة ١٢٢٧ م ، أسرع الملك « الكامل » سلطان مصر وتنازل له عن بيت المقدس ، وجزء من أرض فلسطين يمتدّ من الساحل إلى البلد المقدّس ، ووقّع معاهدة بذلك في ١٨ شباط ١٢٢٩ م ، وفي سنة ١٢٤٤ م تقدّم أيوبي آخر هو الصالح إسماعيل صاحب دمشق ، فجعل للصليبيين الملكية الكاملة لبيت المقدس ، وسلّم لهم قبة الصخرة »

ويعقب السيّد الأمين على ذلك فيقول : لم يكد صلاح الدين يموت حتّى استقلّ كلّ واحد من ورثته بما ورثه عن صلاح الدين ، وتمزّقت البلاد وفقدت وحدتها ، وتشتّت الشعب قطعاً قطعاً لا تربطها رابطة ، ولم يقنع كلّ وارث بما

٣٥١

ورثه ، بل راح كلّ واحد منهم يطمع فيما في يد غيره ، ويستعين على غريمه بالصليبيين .

فماذا بقي لصلاح الدين ؟ هذا ممّا يمكن أن يتفاخر به مؤيّدوه بتحرير القدس ، وقد أدّت تصرّفاته الرعناء ومطامعه الشخصية إلى أن يعود الصليبيون إلى القدس ؟!

إنّ هذه الحقائق عن مخازي صلاح الدين الأيوبي لم ينفرد بها السيّد الأمين ، ولم يخترعها من عند نفسه ، وإنّما انتزعها من بطون كتب التاريخ ، وخاصّة من المؤرّخين الذين عاصروا صلاح الدين ، والفترة التي تلت عصره ، وكانوا من المقرّبين إليه والأثيرين عنده ، وقام مشكوراً بجهد كبير ليكشف لنا هذه الحقائق الناصعة ، مأخوذة من مؤرّخين لا يرقى الشكّ إلى ولائهم لصلاح الدين ، وبالتالي إلى صدق ما كتبوه عنه وعن ورثته ، من مثل العماد الأصفهاني ، والقاضي بهاء الدين بن شدّاد ، وابن الأثير ، وابن كثير ، والنعمان بن محمّد ، والمقريزي ، وابن القلانسي ومن إليهم ، ونقله عنهم بعد ذلك جمع كثير من المؤرّخين المعاصرين ، منهم الدكتور حسن إبراهيم حسن ، والدكتور طه أحمد شرف ، والدكتور حسين مؤنس ، وسواهم

وأخيراً : هذا هو صلاح الدين الأيوبي ، وهذه هي شخصيّته الحقيقية كما أفصح عنها التاريخ ، لم يكن مجاهداً إسلامياً ، ولا بطلاً قومياً عربياً ، وإنّما كان مجرد طالبٍ لسلطة ، وطامع بملك ، وقد نالهما عبر مراحل طويلة من خداعه للمسلمين والعرب ، فباسم الجهاد سالم الصليبيين بل وتحالف معهم ، وباسم الجهاد قاتل شعوباً إسلامية ، وقضى على دول إسلامية في مصر واليمن وسواهما ، وكان قاسياً جدّاً لدرجة الوحشية مع المسلمين الذين يحكمهم ، ومتسامحاً لدرجة مريبة جدّاً مع اليهود والصليبيين

ولابأس أن ننقل في هذا الختام ، حديث الدكتور حسين مؤنس عن سيرة صلاح الدين مع الشعب ، والمعاملة السيئة والقاسية التي كان هو وعمّاله

٣٥٢

يعاملون بها الناس : « كانت مشاريعه ومطالبه متعدّدة لا تنتهي ، فكانت حاجته للمال لا تنتهي ، وكان عمّاله من أقسى خلق الله على الناس ، ما مرّ ببلده تاجر إلّا قصم الجُباةُ ظهره ، وما بدت لأيّ إنسان علامة من علامات اليسار إلّا أُنذر بعذاب من رجال السلطان ، وكان الفلّاحون والضعفاء معه في جهد ، ما أينعت في حقولهم ثمرة إلّا تلقفها الجُباةُ ، ولا بدت سنبلة قمح إلّا استقرّت في خزائن السلطان ، حتّى أملق الناس في أيّامه ، وخلّفهم على أبواب محن ومجاعات حصدت الناس حصداً »(١)

هذا هو صلاح الدين الأيوبي على حقيقته الكاملة ، ولكن الناس خدّرتهم أنباء الفتوحات المزيّفة ، والبطولات الموهومة ، فلم يعودوا يميّزون بين الغثّ والثمين ، ولا بين الصدف والجوهر ، وكلّ هذا بفضل التعتيم المستمر على حوادث التاريخ ، والتزوير المخطّط من قبل حواشي السلاطين

أضف إلى ذلك أنّ الناس عندما يهبطون إلى درك من الضعف والعجز يحاولون أن يفتّشوا عن بطولات لهم في التاريخ ، وعندما لا يجد هؤلاء لهم أبطالاً حقيقيين لا يضيرهم أن يستظلّوا تحت سقف أبطال مزيّفين ، ولا يكتفون بذلك بل يجعلون منهم أبطالاً أسطوريين ، يقاتلون طواحين الهواء باسمهم وتحت راياتهم ، ولله في خلقه شؤون ، والحمد لله ربّ العالمين

« اللواتي ـ عمان »

المأمون ليس شيعياً :

س : هل يعتبر المأمون العباسيّ من الشيعة أم لا ؟

ج : إنّ المأمون أحد الخلفاء العباسيين ، احتلّ منصب الخلافة ، وهو يعلم أنّه ليس له ، وهو الذي سقى الإمام الرضاعليه‌السلام السمّ

______________________

(١) مجلة الثقافة / العدد ٤٦٢

٣٥٣

نعم سبب هذه الشبهة : هو ما كان يظهر على لسانه بين الحين والآخر من الكلمات ، فيها اعتراف بأحقّية أهل البيتعليهم‌السلام للخلافة ، وكما تعلمون ، فإنّ الخلفاء كلّهم يعلمون بأنّ منصب الخلافة والإمامة ليس حقّاً لهم ، ولكن بعضهم كان يتجاهل هذا بالمرّة ، والبعض الآخر ـ ومنهم المأمون ـ كان يظهر على لسانه الحقّ

« إبراهيم عبد الله ـ البحرين ـ »

قيمة كتاب سليم عند الإمامية :

س : ما هي قيمة كتاب سليم بن قيس الهلالي ؟ ولكم جزيل الشكر

ج : قال عنه العلّامة آقا بزرك الطهرانيقدس‌سره ما نصّه :

« سليم بن قيس الهلالي ، أبي صادق العامري ، الكوفي التابعي

أدرك أمير المؤمنين علياً ، والحسن والحسين ، وعلي بن الحسين ، والباقرعليهم‌السلام ، وتوفّي في حياة علي بن الحسين ، متستّراً عن الحجّاج أيّام إمارته ، هو من الأُصول القليلة ، التي أشرنا إلى أنّها ألّفت قبل عصر الصادقعليه‌السلام

قال أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم بن جعفر النعماني في كتاب الغيبة : ليس بين جميع الشيعة ممّن حمل العلم ورواه عن الأئمّةعليهم‌السلام خلاف في أنّ كتاب سليم ابن قيس الهلالي أصل من أكبر كتب الأُصول ، التي رواها أهل العلم ، وحملة حديث أهل البيتعليهم‌السلام ، أقدمها لأنّ جميع ما اشتمل عليه هذا الأصل ، إنّما هو عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأمير المؤمنينعليه‌السلام ، والمقداد وسلمان الفارسي ، وأبي ذر ، ومن جرى مجراهم ، ممّن شهد رسول الله ، وأمير المؤمنينعليه‌السلام ، وسمع منهما ، وهو من الأُصول التي ترجع الشيعة إليها ، وتعوّل عليها

وروي عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام أنّه قال :« من لم يكن عنده من شيعتنا ومحبّينا كتاب سليم بن قيس الهلالي ، فليس عنده من أمرنا شيء ، ولا يعلم من أسبابنا شيئاً ، وهو أبجد الشيعة ، وهو سر من أسرار آل محمّد عليهم‌السلام … »

٣٥٤

كتاب سليم هذا من الأُصول الشهيرة عند الخاصّة والعامّة ، قال ابن النديم : هو أوّل كتاب ظهر للشيعة

ومراده أنّه أوّل كتاب ظهر فيه أمر الشيعة ، كما أشير إليه في الحديث ، في توصيفه بأنّه أبجد الشيعة

وقال القاضي بدر الدين السبكي ، المتوفّي سنة ٧٦٩ هـ ، في محاسن الوسائل في معرفة الأوائل : إنّ أوّل كتاب صنّف للشيعة هو كتاب سليم بن قيس الهلالي …

نقل كثير من قدماء الأصحاب في كتبهم ، كإثبات الرجعة ، والاحتجاج ، والاختصاص ، وعيون المعجزات ، ومن لا يحضره الفقيه ، وبصائر الدرجات ، والكافي ، والخصال ، وتفسير فرات ، وتفسير محمّد بن العباس بن ماهيار ، والدر النظيم في مناقب الأئمّة المهاميم ، من كتاب سليم بأسانيد متعدّدة ، تنتهي أكثرها إلى أبان بن أبي عياش فيروز ، الذي ناوله سليم الكتاب ، وأوصاه به قرب موته ، ولكن يرويه غير أبان أيضاً عن سليم … »(١)

« إبراهيم عبد الله ـ البحرين ـ »

قيمة بعض الكتب ومؤلّفيها عند الإمامية :

س : ما هي قيمة الكتب التالية ، ومؤلّفيها عند الإمامية : « شرح نهج البلاغة » لابن أبي الحديد ، « مروج الذهب » للمسعودي ، « الفتوح » لابن أعثم الكوفي ، « تاريخ اليعقوبي » ؟ ولكم جزيل الشكر

ج : بالنسبة إلى ابن أبي الحديد ، فهو معتزلي في الأُصول ، وحنفي في الفروع ، وشرحه على نهج البلاغة وإن كان مفيداً جدّاً ، إلّا أنّه قد حوى من الموضوعات التي لا يمكن الموافقة عليها ، واشتمل أيضاً على ردود على كبار علمائنا في كثير من المباحث العقائدية

______________________

(١) الذريعة ٢ : ١٥٢

٣٥٥

وأمّا المؤرّخون الثلاثة ـ ابن أعثم الكوفي ، صاحب كتاب « فتوح الإسلام » ، والمسعودي صاحب كتاب « مروج الذهب » ، واليعقوبي صاحب كتاب « تاريخ اليعقوبي » ـ الذين سألت عنهم ، فقد ينسبون كلّهم ، أو بعضهم إلى التشيّع ، وعلى كلّ حال ، فإنّ كتبهم التاريخية من المصادر المعروفة المشهورة التي يرجع إليها في البحوث العلمية والتاريخية ، وأمّا أن نعتقد بصحّة كلّ ما جاء في هذه الكتب ، وأمثالها من الكتب التاريخية ، فهذا غير صحيح

ويمتاز المسعودي بتأليفه كتاباً في إثبات الوصية لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهذا ما يقوّي كونه من الشيعة

« إحسان ـ ألمانيا ـ ٣٣ سنة ـ طالب علم »

ردّ الشبهات عن السيّدة سكينة بنت الحسين :

س : الإخوة الأعزّاء في مركز الأبحاث العقائدية

في شاشات التلفزيون يعرض مسلسل تاريخي « الحجّاج الثقفي » لعنة الله على أعداء أهل البيتعليهم‌السلام

هذا المسلسل يحمل في طيّاته مغالطة عن بنت الإمام الحسينعليه‌السلام ، وبنت فاطمة الزهراء وعليعليهما‌السلام ، وبنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهي السيّدة سكينةعليها‌السلام

في المسلسل شخصية السيّدة بأنّها تجالس الرجال والشعراء ، وتحدّثهم ، وأنّها قد تزوّجت من مصعب بن الزبير ، وهو موالٍ لأخيه عبد الله بن الزبير ، ومن المعلوم لدى الكثير منّا أنّ آل الزبير هم يكنّون العداوة والبغضاء لأهل البيتعليهم‌السلام

فهل يصدّق البعض منّا ما يعرض على شاشات التلفزيون ؟ وهل وصل الأمر إلى المغالطة والكذب في سيرة أهل البيتعليهم‌السلام ؟ وهل هذا حقّاً حدث ؟! عقولاً حيارى تحتاج لنور يضيء الظلام الذي استغرقت فيه

قد يدخل الشكّ لبعض العقول ، وللذين لا يملكون المعرفة عن حياة السيّدة سكينةعليها‌السلام ، وحياة مصعب بن الزبير ، فهذه العقول تحتاج للنور ، ننتظر نور أقلامكم أخوتي ، نوّر الله دربكم بنور الولاية

٣٥٦

نسأل الله أن يثبّتنا على الولاية لعلي وآلهعليهم‌السلام ، وموفّقين لكلّ خير

هذا ونكون لكم شاكرين سرعة الإجابة ، علماً أنّ الإجابة سوف توضع في إحدى المنتديات الشيعية

ج : في مقام الجواب نورد لكم بحثاً مفصّلاً حول حياة هذه السيّدة الجليلة ، اقتبسناه من كتاب « أعلام النساء المؤمنات » ، مع إجرّاء بعض التعديلات ، وذلك لاقتضاء الضرورة لأمثال هكذا أبحاث ، للدفاع عن الحقيقة وردّ الشبهات :

السيّدة سكينة بنت الإمام الحسينعليه‌السلام

أُمّها الرباب بنت امرئ القيس بن عدي القضاعي

وهي الشريفة الطاهرة المطهّرة ، والزهرة الباسمة الناظرة ، كانت سيّدة نساء عصرها ، وأحسنهنّ أخلاقاً ، ذات بيان وفصاحة ، ولها السيرة الجميلة ، والكرم الوافر ، والعقل التامّ ، تتّصف بنبل الفعال ، وجميل الخصال ، وطيب الشمائل ، وذات عبادة وزهد

يقول عنها الإمام الحسينعليه‌السلام :« وأمّا سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله ، فلا تصلح لرجل » (١)

كان الإمام الحسينعليه‌السلام يحبّها حبّاً شديداً ، ويقول فيها وفي أُمّها الرباب الشعر ، قال :

لعمـركَ أنّـني لأحـبّ داراً

تحـلّ بها سـكيـنـة والرباب

أحـبّـهما وأبذل جلّ مـالي

وليس للائـمـي فـيـهـا عـتـاب

ولست لهم وإن عتـبوا مطـيعاً

حياتـي أو يعلّيني التـراب(٢)

وفي هذه الأسطر القليلة ، نلقي الضوء على بعض جوانب حياتها المباركة :
______________________

(١) الكنى والألقاب : ٢ / ٤٦٥

(٢) البداية والنهاية ٨ / ٢٢٩ ، تاريخ مدينة دمشق ٦٩ / ١٢٠ ، الإصابة ١ / ٣٥٥ ، أنساب الأشراف : ١٩٦ ، ينابيع المودّة ٣ / ٩ و ١٥٢

٣٥٧

في كربلاء :

لقد حضرت هذه العلوية الشريفة مع والدها أرض كربلاء ، وشاهدت ما جرى على أبيها وأخوتها وعمومتها ، وبقية بني هاشم وأنصارهم ، وشاركت النساء مصائب السبيّ ، والسير من كربلاء إلى الكوفة ، ثمّ الشام فالمدينة المنوّرة

وعندما ذُبح أخوها عبد الله الرضيع أُذهلت سكينة ، حتّى أنّها لم تستطع أن تقوم لتوديع أبيها الحسينعليه‌السلام ، حيث حفّت به بنات الرسالة وكرائم الوحي ، وقد ظلّت في مكانها باكية ، فلحظ سيّد الشهداءعليه‌السلام ابنته وهي بهذا الحال ، فوقف عليها يكلّمها مصبّراً لها ، وهو يقول :

سيطول بعدي يا سكينة فأعلمي

منك البكاء إذا الحِمـام دهـاني

لا تحرقي قلبي بدمعكِ حسرةً

مادام منّي الروح في جـثـماني

فإذا قتلتُ فأنتِ أولى بالـذي

تأتينه يـا خـيرة الـنـسـوان(١)

وبعد مصرع الحسينعليه‌السلام ، ومجيء جواده إلى الخيام عارياً ، وسرجه خالياً ، خرجت سكينة فنادت : وا قتيلاه ، وا أبتاه ، وا حسناه ، وا حسيناه ، وا غربتاه ، وا بعد سفراه ، وا كربتاه

فلمّا سمع باقي الحرم خرجن ، فنظرن الفرس ، فجعلْن يلطمن الخدود ، ويقلْن : وا محمّداه

وعند رحيل العيال بعد مصرع الحسينعليه‌السلام مرّوا على أرض المعركة ، فشاهدت سكينة جسد أبيها على الصعيد ، فألقت بنفسها عليه تتزوّد من توديعه ، وتبثّه ما اختلج في صدرها من المصاب ، ولم يستطع أحد أن ينحّيها عنه حتّى اجتمع عليها عدّة ، وجرّوها عنه بالقهر

______________________

(١) مناقب آل أبي طالب ٣ / ٢٥٧ ، مقتل الحسين لابن مخنف : ١٩٤ ، ينابيع المودّة ٣ / ٧٩

٣٥٨

شعرها :

لم نجد من شعرها إلّا أبيات قليلة ، قالتها ترثي أباها الحسينعليه‌السلام ، وهذا يُكذّب ما نُسب للسيّدة سكينةعليها‌السلام من مجالسة الشعراء ، والتحكيم بينهم ، فلو كانت بالمستوى الشعري الذي زعموه لملأت الدنيا رثاء لأبيها الحسينعليه‌السلام ، فقد ذكروا أنّ الخنساء كانت تقول البيت والبيتين ، وبعد مقتل أخوها بلغت في رثائها الغاية

ففي أمالي الزجّاج عدّة أبيات قالتها سكينة ، ترثي أباها الحسينعليه‌السلام :

لا تعذليه فهمّ قاطعٌ طُرقه

فعينه بدموع ذُرَّفٍ غدقة

إنّ الحسين غداة الطفّ يرشقه

ريب المنون فما أن يُخطيء الحدقة

بكفّ شرّ عباد الله كلّهم

نسل البغايا وجيش المرّق الفسقة

يا أُمّة السوء هاتوا ما احتجاجكم

غداً وجلُّكم بالسيف قد صفقه

الويل حلّ بكم إلّا بمن لحقه

صيّرتموه لأرماح العِدى درقة

يا عين فاحتفلي طول الحياة دماً

لا تبكِ ولداً ولا أهلاً ولا رفقة

لكن على ابن رسول الله فانسكبي

قيحاً ودمعاً وفي إثرهما العلقة

زواجها :

لم يسلم أهل البيتعليهم‌السلام من الطعن ، ومحاولة تشويه سمعتهم ، سواء كان الطعن والتشويه بشكل مباشر لأئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، أو لِمن يتّصل بهم بنسب أو سبب ، وحتّى شيعتهم ومحبّيهم لاقوا ما لاقوا من شتّى أنواع التهم والافتراءات ، كلّ ذلك بسبب ولائهم لأهل بيت أذهب الله عنهم الرجس ، وطهّرهم تطهيراً

فعند مطالعتكَ للتاريخ ، لا تكاد تجد مَن سلم من هذه الاتهامات ، فعلي يشرب الخمر ! وأبوه مات كافراً ! وعبد الله بن جعفر زوج العقيلة زينبعليها‌السلام يسمع الغناء ويطرب !

وأمّا مسألة تعدّد الزوجات والأزواج ، فكأنّما أصبحت من المتسالم عليها

٣٥٩

عند المؤرّخين ، فالحسنعليه‌السلام يتزوّج بأكثر من ثلاثمائة امرأة ، وأُم كلثوم وقصّة زواجها من عمر بن الخطّاب ومَن بعده ، وفاطمة بنت الحسينعليه‌السلام وزواجها من حفيد عثمان بن عفّان ، ثمّ تعرّض ابن الضحّاك لها ، وسكينة وتعدّد أزواجها

قالت الدكتورة بنت الشاطئ بعد أن أوردت قوائم الأزواج : وتختلط الأسماء اختلاطاً عجيباً بل شاذّاً ، حتّى ليشطّر الاسم الواحد شطرين ، يؤتى بكلّ شطر منهما على حدة ، فيكون منهما زوجان للسيّدة سكينة ، فعبد الله بن عثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام شطّر شطرين ، فكان منه زوجان : عبد الله بن عثمان ، وعمرو بن حكيم بن حزام ، أو كما ترجم في دائرة المعارف عمرو بن الحاكم

ولا سبيل هنا أمام ما نرى من تناقض وشذوذ إلى تتبّع حياتها الزوجية تتبّعاً دقيقاً ، يعتمد على اليقين التاريخي ، هذا اليقين الذي يعزّ علينا في التاريخ النقلي بوجه عامّ ، وهو هنا في موضع زوجية سكينة ، أبعد من أن يُلتمس ، وأعزّ من أن يُدرك أو ينال

فنحن لا نكاد نحاول ما نبغي من تتبع ، حتّى يلقانا عنت من اضطراب الروايات ، وتناقض الأخبار ، وتعدّد الأقوال ، واشتباك السبل ، إلى حدّ يتعذّر علينا معه أن نستبين وجه الحقّ في هذا الحشد المختلط المشتبك ، وإذ ذاك لا سبيل إلى أن نطمع في أكثر من الترجيح ، الذي يعتمد على ما نسميه بالطمأنينة النفسية ، أكثر ممّا يعتمد على مرجّحات منهجية ، وقرائن غالبة

لقد كان أمر هذا التناقض في الروايات والأخبار يهون ويسهل ، لو أنّه توزّع بين مراجع شتّى مختلفة ، ينفرد كلّ منها بإحدى الروايات ، فيكون سبيلنا إلى الترجيح أن نختار أقدمها ، أو أصلها ، أو ادعاها إلى الثقة على هدي القواعد المقرّرة للترجيح ، والوزن والمقابلة ، والتعديل والترجيح ، ولكنّا هنا أمام روايات متناقضة تجتمع في المصدر الواحد ، دون محاولة من مؤلّفها للفصل بينها ، أو

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576