موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ١

موسوعة الأسئلة العقائديّة6%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-01-0
الصفحات: 576

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 576 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 227348 / تحميل: 6768
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠١-٠
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

كما أنّي أهملت التصريح بمرامي في مواضع عديدة من الكتاب ، حتّى لا تسدّد نحوي سهام العتاب والملامة ، بل صرّحت غفلة بخلافه ، وإنّما اكتفيت بالتلميح إلى مرامي في ص ٢٢ بالقول : إذ المهمّ حصول اليقين بعدم وجود بقية للمجموع بين الدفتين ، كما نقلنا هذا العنوان عن الشيخ المفيد ص ٢٦ »(١)

هذا رأينا في الكتاب ، أمّا رأينا في صاحبه ، فيقول الشيخ لطف الله الصافي : « لم نر في علماء الإمامية ومشايخهم من يعتني بكتاب فصل الخطاب ، ويستند إليه ، وليس بينهم من يعظّم المحدّث النوري لهذا التأليف ، ولو لم يصنّف هذا الكتاب لكان تقدير العلماء عن جهوده في تأليفه غيره من المآثر الرائعة ، كالمستدرك وكشف الأستار وغيرهما ، أزيد من ذلك بكثير ، ولنال من التقدير والإكبار أكثر ما حازه من العلماء وأهل الفضل ، وليست جلالة قدر الرجل في العلم والتتبع والإحاطة بالحديث ممّا يقبل الإنكار »(٢)

« ـ البحرين ـ ١٣ سنة ـ طالبة »

موقفنا من الجزائري وما ورد في كتابه :

س : ما هو موقف الشيعة من مقولة السيّد نعمة الله الجزائري صاحب كتاب « الأنوار النعمانية » ، حيث يقول فيه : « أنّنا لا نشترك معهم في إله ولا نبيّ » ؟ يقصد أهل السنّة ، وأشكر حسن تعاونكم

ج : لقد أوضح السيّد نعمة الله الجزائري مراده في نفس الصفحة ، هو : « إنّ الأشاعرة لم يعرفوا ربّهم بوجه صحيح ، بل عرفوه بوجه غير صحيح ، فلا فرق بين معرفتهم هذه ، وبين معرفة باقي الكفّار ، لأنّه ما من قوم ولا ملّة إلّا وهم يدينون بالله سبحانه ويثبتونه ، وأنّه الخالق ، سوى شرذمة شاذّة وهم الدهرية ، وأسوأ الناس حالاً المشركون أهل عبادة الأوثان ، ومع هذا فهم إنّما يعبدون
______________________

(١) أعلام الشيعة ١ من القسم الثاني / ٥٥٠

(٢) مع الخطيب في خطوطه العريضة : ٨٧

٤٢١

الأصنام لتقرّبهم إلى الله سبحانه زلفى ، فقد عرفوا الله سبحانه بهذا الباطل ، وهو كون الأصنام مقرّبة إليه ، وكذلك اليهود ، حيث قالوا : عزير ابن الله ، والنصارى حيث قالوا : المسيح ابن الله ، فهما قد عرفاه سبحانه بأنّه ربّ ذو ولد ، فقد عرفاه بهذا العنوان ، وكذلك من قال بالجسم والصورة والتخطيط ، و .

فقد تباينا وانفصلنا عنهم في الربوبية ، فربّنا من تفرّد بالقدم والأزل ، وربّهم من كان شركاؤه في القدم ثمانية

وكذلك الحال بالنبوّة ، فالنبيّ الذي خليفته أبو بكر ليس نبيّنا ، بل نبيّنا الذي أوصى بالإمامة بعده لعليعليه‌السلام ، فهذا النبيّ الذي تصفونه بهذه المواصفات التي لا تنطبق على المواصفات التي نقولها للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله هي التي جعلتنا لا نقول بذلك النبيّ مع تلك المواصفات »

أمّا رأينا في السيّد الجزائري فهو من محدّثي الطائفة الذين دأبوا على جمع الأخبار والتعليق عليها ، والعلماء ينظرون إليه بالامتنان للجهود التي بذلها في إيصال الأخبار إلينا ، وهم غير ملزمين بالأخذ بكلّ ما يقوله المحدّث الجزائري من آرائه العلمية ، بل هو ثقة في نقله الأخبار

٤٢٢

إقامة المجالس لإحياء أمر أهل البيتعليهم‌السلام :

« قاسم لاجوردي نيا ـ إيران ـ »

أسباب إقامتها :

س : لماذا نقيم العزاء على الإمام الحسينعليه‌السلام ؟

ج : إنّ المثل العليا والقيم الساعية التي جسّدها الإمام الحسينعليه‌السلام في الطفّ ، جعلت السائرين على نهجه ، والمرتبطين به يحيون ذكراه ، وينشرون مآثره ، باعتبارها خير أسوة يتأسّى بها الناس

فإحياء الذكريات التي تمثّل منعطفاً بارزاً ، وتحوّلاً نوعياً في حياة الأُمم ، أمر طبيعي وغير مستهجن ، لأنّه نابع من ذات الإنسان ، ومتصل بفطرته ، كما أنّ الأيّام تعتبر مزدهرة وخالدة ، ومتّصفة بالتميّز لوقوع الأحداث العظيمة فيها ، وأيّ حادثة أعظم من واقعة كربلاء ؟!

لقد بقيت هذه الواقعة معلماً شاخصاً في التاريخ ، لما جرى فيها من فجائع من جهة ، ولما رسمت فيها من صور مشرّفة من جهة أُخرى

فالشيعة يقيمون هذه المآتم ، ويحيون هذه الذكرى الأليمة من هذا المنطلق ، ومن منطلقات أُخرى ، منها :

١ ـ امتثال أمر الله تعالى ، والقاضي بمودّة العترة الطاهرة ، حيث قال تعالى :( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) (١) ، ومواساة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بهذا المصاب الجلل من أظهر مصاديق المودّة ، فرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بكى على
______________________

(١) الشورى : ٢٣

٤٢٣

الإمام الحسينعليه‌السلام ، وهو لم يزل في سني الطفولة

فقد ورد عن عائشة أنّها قالت : خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أصحابه ، والتربة في يده ، وفيهم أبو بكر ، وعمر ، وعلي ، وحذيفة ، وعمار ، وأبو ذر ، وهو يبكي ، فقالوا : ما يبكيك يا رسول الله ؟! فقال :« أخبرني جبرائيل ، أنّ ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطفّ ، وجاءني بهذه التربة ، فأخبرني أنّ فيها مضجعه » (١)

٢ ـ نحن نقيم هذه الشعائر لأنّ فيها نصراً للحقّ وإحياءً له ، وخذلاناً للباطل وإماتة له ، وهذا الأمر من أجله أوجب الله تعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

٣ ـ إنّ إحياءنا لهذه الذكرى ، حفظ لها من الضياع ، وصون لمبادئها من التزييف ، ولولا ذلك لاضمحلت ، وخبت جذوتها ، ولأنكرها المخالفون ، كما حاولوا إنكار غيرها !!

٤ ـ بإقامتنا لهذه الشعائر ـ لاسيّما المجالس الحسينية ـ نكشف عن منهج مدرستنا ، هذه المدرسة الجامعة لمختلف الطبقات والفئات ، حيث يعرض التفسير والتاريخ ، والفقه والأدب ، و فهي مؤتمرات دينية ، تطرح فيها مختلف المعارف والعلوم

٥ ـ إنّ إحياءنا لهذه الشعائر ، هو أفضل وأبسط وأنجح وسيلة لنشر الإسلام الأصيل ، لأنّها حية وغير معقّدة ، ولذلك كانت ولا زالت أشدّ تأثيراً في النفوس !

فالإحياء والمشاركة ، والتنمية لشعائر الحسينعليه‌السلام إحياء لذكر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأنّه قال :« حسين منّي وأنا من حسين » (٢) فهماعليهما‌السلام من سنخ واحد ،
______________________

(١) مجمع الزوائد ٩ / ١٨٨ ، المعجم الكبير ٣ / ١٠٧ ، كنز العمّال ١٢ / ١٢٣ فيض القدير ١ / ٢٦٦ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٧٣ ، ينابيع المودّة ٣ / ١٠

(٢) كامل الزيارات : ١١٦ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٧٧ ، نظم درر السمطين : ٢٠٨ ، كشف اليقين : ٣٠٥ ، الناصريات : ٩٠ ، شرح الأخبار ٣ / ١١٢ ، أوائل المقالات : ١٧٨ ،

٤٢٤

وإحياء ذكرى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إحياء للدين ، باعتباره الرمز الأوّل للإسلام

وهناك أسباب كثيرة توجب علينا إقامة هذه الشعائر ، فمن أرادها فليطلبها من مضانّها

« أحمد الخاجة ـ البحرين ـ ١٥ سنة ـ طالب ثانوية »

إقامتها ليست بدعة :

س : ما ردّكم على من يعتبر لطم الصدور ومواكب العزاء بدعة ؟

ج : إنّ مجالس العزاء التي تقام لأهل البيتعليهم‌السلام ـ خصوصاً للإمام الحسينعليه‌السلام ـ بشكل عامّ ، أو التي تقام لذوي الفضل والفضيلة بشكل خاصّ ليست ببدعة

لأنّ البدعة هي : إدخال ما ليس من الدين في الدين ، ومجالس العزاء لذوي الفضل والفضيلة ـ فضلاً عن أهل البيتعليهم‌السلام والحسينعليه‌السلام ـ من الدين ، لوجود النصوص الشرعية من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأهل بيته المعصومينعليهم‌السلام ، على استحباب إقامتها ورجحانها ، منها :

١ ـ روى البخاري في صحيحه ، في باب من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن ، بسنده عن عائشة قالت : « لمّا جاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قتل ابن حارثة ، وجعفر وابن رواحه ، جلس يعرف فيه الحزن »(١)

قال القسطلاني في الشرح بعد قوله : « جلس ، أي في المسجد ، كما في رواية أبي داود »(٢)

______________________

الإرشاد ٢ / ١٧٢ ، تحفة الأحوذي ١٠ / ١٩٠ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٥١٥ ، صحيح ابن حبّان ١٥ / ٤٢٨ ، المعجم الكبير ٣ / ٣٣ و ٢ / ٢٧٤ ، موارد الظمآن : ٥٥٤ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٤٩ ، تهذيب الكمال ٦ / ٤٠٢ و ١٠ / ٤٢٧ ، تهذيب التهذيب ٢ / ٢٩٩ ، البداية والنهاية ٨ / ٢٢٤ ، إعلام الورى ١ / ٤٢٥ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٧٢ و ٤٤٥ ، ينابيع المودّة ٢ / ٣٤ و ٢٠٧ و ٤٨٢

(١) صحيح البخاري ٢ / ٨٣

(٢) إرشاد الساري ٣ / ٤٢١

٤٢٥

٢ ـ روى البخاري في صحيحه ، في الباب المذكور ، بسنده عن أنس قال : « قنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شهراً حين قتل القرّاء ، فما رأيت رسول الله حزن حزناً قط أشدّ منه »(١)

فإذا جاز القنوت شهراً لإظهار الحزن عليهم ، جاز الجلوس لذلك ، ولنقتصر على هذا القدر من الروايات ، وإن أردتم التفصيل فعليكم بمراجعة كتاب « سيرتنا وسنّتنا » للعلّامة الأمينيقدس‌سره

وأمّا اللطم على الصدور ، فهو من حيث الأصل مباح شرعاً ، إذا كان القيام به لهدف مشروع ، وغرض عقلائي ، ولم يترتّب عليه ضرر كبير

ودليلنا الشرعي على جوازه ما رواه الشيخ الطوسي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال :« وقد شققن الجيوب ، ولطمن الخدود ، الفاطميات على الحسين بن علي عليهما‌السلام ، وعلى مثله تلطم الخدود ، وتشقّ الجيوب » (٢) ، وأيضاً ذكره الشهيد في الذكرى(٣)

وهناك وجوه تدلّ على حسنه وصحّته ، نذكر أهمّها :

الأوّل : توقّع الثواب من الله سبحانه وتعالى والأجر ، حيث إنّ اللطم على الصدور هو مصداق من مصاديق إظهار الحزن ، وعلامة من علامات الحبّ والولاء الشديد لأهل البيتعليهم‌السلام المظلومين وللإمام الحسينعليه‌السلام ، الذي ضحّى بكلّ شيء من أجل الدين

الثاني : تعظيم شعائر أهل البيتعليهم‌السلام ، وتعزيز عظمتهم وتكريم مقامهم أمام الرأي العام

الثالث : يرمز إلى تأييد الإمام الحسينعليه‌السلام في ثورته المباركة ، وإعلان الثورة العاطفية على الظلم والظالمين ، والتعبير عن أعمق مشاعر الاستنكار
______________________

(١) صحيح البخاري ٢ / ٨٤

(٢) تهذيب الأحكام ٨ / ٣٢٥

(٣) الذكرى : ٧٢

٤٢٦

والسخط ضدّ أعداء الحقّ والعدل

إذاً ظهر من هذا أنّ اللطم على الصدور ليس ببدعة ، بل هو أمر جائز ، بل راجح إذا كان لأجل مظلومية أهل البيتعليه‌السلام ، لاسيّما الإمام الحسينعليه‌السلام

« موسى ـ السعودية ـ »

الأئمّة يقيمون العزاء على الحسين :

س : لو سمحتم أن توردوا لنا مصادر ـ سواء من كتبنا أو من كتب العامّة ـ على أنّ الإمام زين العابدينعليه‌السلام ، أو أحد الأئمّةعليهم‌السلام نصب عزاءً للإمام الحسينعليه‌السلام ، وأنّه كرّر ذكر مظلوميته في كلّ سنة ، وشكراً جزيلاً لكم

ج : أوّلاً : إنّ أوّل مجلس نصبه الإمام زين العابدينعليه‌السلام هو في الشام ، عندما خطب في ذلك الحشد ، وأخذ ينعى ويعدّد صفات أبيه ومظلوميته ، والناس من حوله تبكي ، فهذا مجلس عزاء أقامه الإمام زين العابدينعليه‌السلام في الجامع الأموي(١)

ثانياً : ما كان يفعله الإمام زين العابدينعليه‌السلام عند مروره بالقصّابين ، وتذكيرهم بمصاب الإمام الحسينعليه‌السلام ، وأخذه البكاء أمامهم ، فإنّ هذا عزاء لأبيه الحسينعليه‌السلام في الملأ العام ، وليس فقط تذكير

ثالثاً : روى العلّامة المجلسي عن بعض مؤلّفات المتأخّرين أنّه قال : « حكى دعبل الخزاعي قال : دخلت على سيّدي ومولاي علي بن موسى الرضاعليهما‌السلام في مثل هذه الأيّام ـ يعني محرّم ـ فرأيته جالساً جلسة الحزين الكئيب ، وأصحابه من حوله ، فلمّا رآني مقبلاً قال لي :« مرحباً بك يا دعبل ، مرحباً بناصرنا بيده ولسانه » ، ثمّ وسّع لي في مجلسه ، وأجلسني إلى جانبه ، ثمّ قال لي :« أن تنشدني شعراً ، فإنّ هذه الأيّام أيّام حزن كانت علينا أهل البيت ، وأيّام سرور كانت على أعدائنا ، خصوصاً بني أُمية ، يا دعبل من بكى وأبكى على
______________________

(١) الاحتجاج ٢ / ٣٨

٤٢٧

مصابنا ولو واحداً كان أجره على الله ، يا دعبل من ذرفت عيناه على مصابنا وبكى لما أصابنا من أعدائنا حشره الله معنا في زمرتنا ، يا دعبل من بكى على مصاب جدّي الحسين غفر الله له ذنوبه البتة » ، ثمّ إنّهعليه‌السلام نهض وضرب ستراً بيننا وبين حرمه ، وأجلس أهل بيته من وراء الستر ليبكوا على مصاب جدّهم الحسينعليه‌السلام ، ثمّ التفت إليّ وقال لي :« يا دعبل إرث الحسين عليه‌السلام فأنت ناصرنا ، ومادحنا ما دمت حيّاً ، فلا تقصّر عن نصرتنا ما استطعت » ، قال دعبل : فاستعبرت وسالت عبرتي ، وأنشأت أقول :

أفاطم لو خلت الحسين مجدّلاً

وقد مات عطشاناً بشط فراتِ

إذاً للطمت الخدّ عنده

وأجريت دمع العين في الوجنات »(١)

فهنا الإمامعليه‌السلام عقد مجلساً لذكر جدّه الإمام الحسينعليه‌السلام ، وأمر بضرب الحجاب حتّى يسمع أهل بيته

رابعاً : روى العلّامة المجلسي عن بعض المؤلّفات ، أنّه لمّا أخبر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ابنته فاطمةعليها‌السلام بقتل ولدها الحسينعليه‌السلام ، وما يجري عليه من المحن ، بكت فاطمة بكاءً شديداً ، وقالت :« يا أبت متى يكون ذلك » ؟ قال :« في زمان خالٍ منّي ومنك ومن علي » ، فاشتدّ بكاؤها وقالت :« يا أبت فمن يبكي عليه ؟ ومن يلتزم بإقامة العزاء له » ؟

فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله :« يا فاطمة إنّ نساء أُمّتي يبكون على نساء أهل بيتي ، ورجالهم يبكون على رجال أهل بيتي ، ويجدّدون العزاء جيلاً بعد جيل في كلّ سنة ، فإذا كان القيامة ، تشفعين أنت للنساء ، وأنا أشفع للرجال ، وكلّ من بكى منهم على مصاب الحسين أخذنا بيده ، وأدخلناه الجنّة » (٢)

خامساً : روى الشيخ الصدوققدس‌سره بسنده عن الإمام الرضاعليه‌السلام أنّه قال :« إنّ ______________________

(١) بحار الأنوار ٤٥ / ٢٥٦

(٢) المصدر السابق ٤٤ / ٢٩٢

٤٢٨

المحرّم شهر كان أهل الجاهلية يحرّمون فيه القتال ، فاستحلّت فيه دماؤنا ، وهتكت حرمتنا ، وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا ، وأضرمت النيران في مضاربنا »

ثمّ قالعليه‌السلام : « كان أبي (صلوات الله عليه) إذا دخل شهر المحرّم لا يرى ضاحكاً ، وكانت الكآبة تغلب عليه حتّى تمضي عشرة أيّام منه ، فإذا كان يوم العاشر كان ذلك يوم مصيبته وحزنه وبكائه ، ويقول : هو اليوم الذي قتل فيه الحسينعليه‌السلام »(١)

فالإمامعليه‌السلام أقام العزاء للإمام الحسينعليه‌السلام ، وجدّد مصيبته في كلّ محرّم بحزنه وبكائه ، وتغيّر لونه

وهناك روايات كثيرة واردة في أنّ الأئمّةعليهم‌السلام كانوا يظهرون الحزن والعزاء عند دخول شهر محرّم ، نعم تبقى مسألة لابدّ من الالتفات إليها ، وهي حالة الأئمّةعليهم‌السلام وما كانوا عليه من المطاردة والمحاصرة ، والمراقبة المشدّدة من قبل الدولتين الأُموية ـ هي التي وقعت فيها معركة كربلاء ـ والعباسية ، ومعلوم موقف الدولتين من أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، فلذلك لا تجد أنّ الإمام يقيم العزاء العام ، ويدعو الناس إليه كما يقام الآن ، لأنّه في رقابة وفي محاصرة تامّة من قبل السلطة ، ويريد أن يحفظ نفسه ، ويقوم بما هو المطلوب منه ، فلذلك لا نجد هذا الأمر بالكيفية التي عليها نحن اليوم

« عبد العزيز ـ الكويت ـ ٢٧ سنة ـ خرّيج معهد التكنلوجيا »

الأدلّة على جواز الاحتفال بمولد النبيّ :

س : ما هو الدليل على جواز إقامة الاحتفالات في أفراح محمّد وآل محمّد ؟ على أن يكون الجواب من المصادر السنّية ، جزاكم الله خير الجزاء

______________________

(١) الأمالي للشيخ الصدوق : ١٩٠

٤٢٩

ج : هناك استدلالات عديدة لجواز الاحتفال بمولد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأهل بيتهعليهم‌السلام ، استدلّ بها علماء الفريقين ردّاً على الوهّابية ، التي ترى أنّ الاحتفال بمولدهصلى‌الله‌عليه‌وآله بدعة ، من الأدلّة :

١ ـ قوله تعالى :( ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (١) ، باعتبار أنّ شعائر الله تعالى هي أعلام دينه ، خصوصاً ما يرتبط منها بالحجّ ، لأنّ أكثر أعمال الحجّ إنّما هي تكرار لعمل تاريخي ، وتذكير بحادثة كانت قد وقعت في عهد إبراهيمعليه‌السلام ، وشعائر الله مفهوم عامّ شامل للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ولغيره ، فتعظيمهصلى‌الله‌عليه‌وآله لازم

ومن أساليب تعظيمه ، إقامة الذكرى في يوم مولده ونحو ذلك ، فكما أنّ ذكرى ما جرى لإبراهيمعليه‌السلام من تعظيم شعائر الله سبحانه ، كذلك تعظيم ما جرى للنبيّ الأعظم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله يكون من تعظيم شعائر الله سبحانه

٢ ـ قوله تعالى :( وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّهِ ) (٢) ، فإنّ المقصود بأيّام الله ، أيّام غلبة الحقّ على الباطل ، وظهور الحقّ ، وما نحن فيه من مصاديق الآية الشريفة ، فإنّ إقامة الذكريات والمواسم فيها تذكير بأيّام الله سبحانه

٣ ـ قوله تعالى :( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا ) (٣) ، إذ من المصاديق الجلية لرحمة الله سبحانه ، هو ولادة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الذي أرسله الله رحمة للعالمين ، فالفرح بمناسبة ميلادهصلى‌الله‌عليه‌وآله مطلوب ومراد

٤ ـ قوله تعالى :( وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ) (٤) ، فإنّ الاحتفالات بميلادهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما هي إلّا رفع لذكره ، وإعلاء لمقامه

______________________

(١) الحجّ : ٣٢

(٢) إبراهيم : ٥

(٣) يونس : ٥٨

(٤) الانشراح : ٤

٤٣٠

٥ ـ قوله تعالى :( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) (١) ، بأنّ مودّة ذوي القربى مطلوبة شرعاً ، وقد أمر بها القرآن صراحة ، فإقامة الاحتفالات للتحدّث عمّا جرى للأئمّةعليهم‌السلام ، لا يكون إلّا مودّةً لهم ، إلّا أن يدّعى أنّ المراد بالمودّة الحبّ القلبي ، ولا يجوز الإظهار

٦ ـ قوله تعالى :( فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ ) (٢) ، باعتبار أنّ إقامة الاحتفال للتحدّث عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيه نوع من التعظيم والنصرة له

٧ ـ قوله تعالى :( رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) (٣) ، فقد اعتبر يوم نزول المائدة السماوية عيداً وآية ، مع أنّها لأجل إشباع البطون

فيوم ميلادهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويوم بعثته ، الذي هو مبدأ تكامل فكر الأُمم على مدى التاريخ ؛ أعظم من هذه الآية ، وأجل من ذلك العيد ، فاتخاذه عيداً يكون بطريق أولى

٨ ـ قوله تعالى :( وَالضُّحَىٰ * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ) ، فقد قال الحلبي : « أي وقد أقسم الله بليلة مولدهصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله تعالى :( وَالضُّحَىٰ * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ ) ، وقيل أراد بالليل ليلة الإسراء ، ولا مانع أن يكون الإقسام وقع بهما ، أي استعمل الليل فيهما »(٤)

٩ ـ إنّ الاحتفال بالمولد سنّة حسنة ، وقد قالصلى‌الله‌عليه‌وآله :« من سنّ سنّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها » (٥)

١٠ ـ بأنّ جلّ أعمال مناسك الحجّ ما هي إلّا احتفالات بذكرى الأنبياء ،
______________________

(١) الشورى : ٢٣

(٢) الأعراف : ١٥٧

(٣) المائدة : ١١٤

(٤) السيرة الحلبية ١ / ٨٦ ، السيرة النبوية لزيني دحلان ١ / ٢١

(٥) مسند أحمد ٤ / ٣٦٢ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٣ / ٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٣ / ٥٤٤

٤٣١

فأمر الله تعالى باتخاذ مقام إبراهيم مصلّى إحياء لذكرى شيخ الأنبياء إبراهيمعليه‌السلام ، أمّا السعي بين الصفا والمروة فهو تخليد لذكرى هاجر حينما عطشت هي وابنها إسماعيل ، فكانت تسعى بين الصفا والمروة ، وتصعد عليهما لتنظر ، هل ترى من أحد

ورمي الجمار تخليد لذكرى إبراهيمعليه‌السلام ، حينما ذهب به جبرائيل إلى جمرة العقبة ، فعرض له الشيطان ، فرماه بسبع أحجار فساخ

وذبح الفداء ، إنّما هو تخليد لذكرى إبراهيمعليه‌السلام أيضاً ، حينما أُمر بذبح ولده إسماعيل ، ففداه الله بذبح عظيم

وفي بعض الأخبار : إنّ أفعال الحجّ إنّما هي احتفال بذكرى آدم ، حيث تاب الله عليه عصر التاسع من ذي الحجّة بعرفات ، فأفاض به جبرائيل حتّى وافى إلى المشعر الحرام فبات فيه ، فلمّا أصبح أفاض إلى منى ، فحلق رأسه إمارة على قبول توبته ، وعتقه من الذنوب ، فجعل الله ذلك اليوم عيداً لذرّيته

فأفعال الحجّ كلّها تصير احتفالات ، وأعياداً بذكرى الأنبياء ، ومن ينتسب إليهم ، وهي باقية أبد الدهر

وأخيراً : أكمل الأدلّة على جواز إقامة الاحتفال بمولد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، هو دليل الفطرة والدين والشرع منسجم تماماً مع مقتضيات الفطرة ومتطلّباتها ـ فقد اعتاد الناس انطلاقاً من احترامهم للمثل والقيم التي يؤمنون بها ، على احترام الأشخاص الذين بشرّوا بها ، وضحّوا في سبيلها ، وارتبطوا بهم عاطفيّاً وروحيّاً
كذلك .

ورأوا : أنّ إحياء الذكرى لهؤلاء الأشخاص ، لم يكن من أجل ذواتهم كأشخاص ، وإنّما من أجل أنّهم بذلك يحيون تلك القيم والمثل في نفوسهم ، وتشدّ الذكرى من قوّة هذا الارتباط فيما بينهم وبينها ، وترسّخها في نفوسهم ، وتعيدهم إلى واقعهم

وهكذا يقال بالنسبة للاحترام الذي يخصّون به بعض الأيّام ، أو بعض الأماكن ، وقديماً قيل :

٤٣٢

مررت على الديار ديار ليلى

أقبّل ذا الجدار وذا الجدارا

وما حبُّ الديار شغفن قلبي

ولكن حبّ من سكن الديارا

ويلاحظ : إنّ الاهتمام بإقامة الذكريات والاحتفال بالمناسبات ، التي تمثّل تحوّلاً من نوع ما في حياة الناس عامّة لا يقتصر على فئة دون فئة ، ولا يختصّ بفريق دون فريق ، فالكبير والصغير ، والغني والفقير ، والملك والسوقة ، والعالم والجاهل ، والمؤمن والكافر ، وغيرهم ، الكلّ يشارك في إقامة الذكريات للمثل والقيم ، ومن يمثلها حسب قدراته وإمكاناته

فهذه الشمولية تعطينا : إنّ هذا الأمر لا يعدو عن أن يكون تلبية لحاجة فطرية ، تنبع من داخل الإنسان ، ومن ذاته ، وتتصل بفطرته وسجيته ، حينما يشعر أنّه بحاجة إلى أن يعيش مع ذكرياته وآماله ، وإلى أن يتفاعل مع ما يجسّد له طموحاته

فيوم ولادة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله هو يوم فرح المسلمين ، ويوم عيد وبهجة لهم ، ولابدّ وأن يستجيب الإسلام لنداء الفطرة ، ويلبّي رغباتها مادامت منسجمة مع منطلقاته وأهدافه ، ولا يحرمها من عطاء رحمته وبرّه مادام أنّه دين الفطرة ، الذي يوازن بين جميع مقتضياتها ، ويعطيها حجمها الطبيعي من دون أن يكون ثمّة إهمال مضرّ ، أو طغيان مدمّر

وهذه هي عظمة تعاليم الإسلام ، وهذا هو رمز الخلود له ، وفّقنا الله للسير على هدى هذا الدين ، والالتزام بشريعة ربّ العالمين ، إنّه خير مأمول ، وأكرم مسؤول

« يعرب البحراني ـ الإمارات ـ »

الأدلّة على جواز اللطم ونشوئه :

س : اللطم أثناء المأتم الحسيني ، ما هو الدليل الشرعي عليه ؟ وبداية نشوئه في أيّ فترة من التاريخ الإسلامي ؟

ج : من الأدلّة على جواز اللطم في المجالس الحسينية هو الحديث الوارد عن الإمام الصادقعليه‌السلام : « إنّ البكاء والجزع مكروه للعبد في كلّ ما جزع ما خلا

٤٣٣

البكاء والجزع على الحسين بن علي عليهما‌السلام فإنّه فيه مأجور » (١) ، واللطم نوع من الجزع

ولا يخفى عليكم ، أنّ النهي عن الجزع نهي تشريعي ، وليس نهياً تكوينياً ، وبالتالي فهو قابل للتخصيص ، وقد ورد تخصيص من الشارع المقدّس لعموم النهي عن الجزع ، هذا أوّلاً

وثانياً : لأصالة الإباحة ، فطالما لم يكن في اللطم ضرر ، فمقتضى أصل الإباحة هو عدم الإشكال في اللطم ما لم يرد نهي

وثالثاً : اللطم على مصائب أهل البيتعليهم‌السلام يدخل في باب تعظيم الشعائر ، وشدّ الناس إلى قضية الإمام الحسينعليه‌السلام التي هي قضية الإسلام

وأمّا بداية نشوئه ، فالظاهر أنّه عريق ، كما يبدو من بعض الحوادث التي يذكرها ابن الأثير في تاريخه ، حيث ذكر في الحوادث الواقعة في القرن الرابع والخامس هجري ، أنّه وقع خلاف وصدام بين الشيعة والسنّة ، بسبب بعض أعمال يوم عاشوراء من اللطم وغيره

« هند ـ المغرب ـ ١٩ سنة ـ طالبة ثانوية »

الشيعة تحيي الذكريات :

س : من فضلكم أُريد أن اعرف هل الشيعة يقيمون عزاءً في ذكرى موت كلّ واحد ؟

ج : إنّ الشيعة تحيي الذكريات ، وتعتقد بأنّ في إحيائها الأجر والثواب ، وإنّها من مصاديق تعظيم شعائر الله ، فتحيي ذكريات الأعياد والفرح ، كيوم مولد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والمبعث الشريف ، ومواليد الأئمّةعليهم‌السلام من أهل البيت ، كما تحيي الشيعة ذكريات الحزن ، كيوم وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والأئمّة المعصومينعليهم‌السلام

______________________

(١) كامل الزيارات : ٢٠١

٤٣٤

والشيعة تؤكّد على إقامة مراسيم العزاء على الميت ، وذلك بالحضور في التشييع ، وإقامة مجالس يقرأ فيها القرآن ، ويهدى ثوابه إلى الميت ، وكذلك الذهاب إلى القبر ، وقراءة القرآن عنده ، وإهداؤه إلى صاحب القبر ، وعمل الأعمال الصالحات ، وإهداؤها إلى روح الميت

« أحمد ـ السعودية ـ »

الضرر في التطبير :

س : البعض يقولون : كيف نتطبّر مع أنّ التطبير مضرّ ؟ وإن لم يكن مضرّاً ، فهو ممّا لا يعقل دخوله ضمن الدين وشعائره ؟

ج : إنّ موضوع التطبير له بحث خاصّ من الناحية الشرعية ، ولا نريد أن ندخل فعلاً في هذا الباب ، ولكن الذي نودّ أن نذكّر به في مورد السؤال هو : أنّه لا دليل على حرمة مطلق الضرر ، وإلّا لكان أكثر المباح حراماً ، وهو كما ترى لا يمكن الالتزام به

وأمّا دخوله ضمن الشعائر فهو يتبع مشروعية العمل أوّلاً ، وتأثيره الإيجابي عند الناس ثانياً

ولا نقول حينئذ إنّه من صميم الدين ، بل هو من مصاديق الشعائر الحسينية ، التي تشدّ المؤمنين بواقعة كربلاء ، وتحثّهم على التضحية والفداء في سبيل عقيدتهم

« عصام الحسيني ـ العراق ـ ٣٠ سنة ـ طالب جامعة »

تعقيب على الجواب السابق :

عظّم الله لكم الأجر بمصاب الإمام الحسين عليه‌السلام ، وجعلكم الله من الطالبين بثأره مع إمام منصور من أهل بيت النبوّة عليهم‌السلام

أمّا بالنسبة إلى مسألة التطبير ، فإنّها من الأُمور التي جعلها العلماء من المستحبّات ، هذا من الناحية الفقهية ، فإنّنا نجد البعض ـ ومنهم بعض الشيعة ـ

٤٣٥

ينتقدوننا على هذا العمل ، وذلك لجهلهم الفائدة المتوخّاة من ذلك من جهة ، ولما يؤثّره الإعلام الوهّابي ومن كان على شاكلتهم من جهة أُخرى

فأقول إلى أخوتي الشيعة : لا تتسرّعوا بالحكم على شيء لا تعرفون أبعاده

وأمّا بالنسبة إلى صحّته ، فنقول :

١ ـ ضرب السيّدة زينبعليها‌السلام بمحمل الرحل ، وسيل الدماء من تحت القناع أمام الإمام زين العابدينعليه‌السلام ، عندما رأت أهل الكوفة خرجوا ينظرون إليهم ، ولم يمنعها الإمامعليه‌السلام من ذلك

٢ ـ ذكر الأئمّةعليهم‌السلام :« إنّ يوم الحسين عليه‌السلام أقرح جفوننا ، وأسبل عيوننا » (١) ، وأنّ في القرح ألم للناس ، فلو كان الحرمة في ذلك لنهو الناس

٣ ـ قول الإمام الحجّة المنتظرعليه‌السلام في زيارة الناحية :« لأبكين عليك بدل الدموع دماً » (٢) ، فلو كان الإدماء حرام فلماذا يفعل ذلك الإمامعليه‌السلام ؟

٤ ـ إنّه ليس كلّ ما يؤلم الإنسان حرام ، وإلّا لحرم الختان للصبيان ، وثقب الأذن والأنف

٥ ـ إنّ في التطبير تأسّي بالإمام الحسينعليه‌السلام الذي ضحّى بالغالي والنفيس من أجلنا ، والذي لم يبق مكان في جسده إلّا وقد أدمي ، وهو ينادي :« وا قلّة ناصراه » ، فلو خرج من قبره لوجد هذه الحشود التي تلبس الأكفان ، ومخضّبة بالدماء جنوداً مجنّدة تحت رايته ، فهذه الدماء أسوة بدماء الحسينعليه‌السلام ، وما أجمل هذه الأسوة من أجل رجل قدّم كلّ ما يملك من أجل رضا الله

واعلموا أنّ في التطبير رضا لله تعالى ، ولرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وللإمامعليه‌السلام كما قال أحد المراجع

وهناك أسباب عديدة للتطبير ، يطول المقام لذكرها ، وعظّم الله لكم الأجر

______________________

(١) الأمالي للشيخ الصدوق : ١٩٠

(٢) المزار الكبير : ٥٠١

٤٣٦

« ـ السويد ـ ٢٤ سنة »

تعقيب على الجواب السابق :

إنّ التطبير من الحجامة فلا إشكال فيه ، كذلك إنّ الأصل في الأشياء الحلّ ، ولم يأتي دليل بتحريمه

والعقيلة زينبعليها‌السلام حين ضربت برأسها مقدّم المحمل أمام الإمام زين العابدينعليه‌السلام لم ينهاها ، وكذلك أنّ الفاطميات خمشن وجوههن ، وأنّ التطبير لا يوهن المذهب مثله ، مثل رمي الجمرات في الحجّ مثلاً ، وأنّ قضية الضرر وما يترتّب عليها ما ورد من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة من بعدهعليهم‌السلام ورد عن بعضهم القيام في الليل حتّى تتفطّر أقدامهم ، وما ورد من أنّ بعض الأئمّةعليهم‌السلام حجّ ماشياً ـ كالإمام السجّادعليه‌السلام ـ حتّى تورّمت قدماه

ألا يكون هذا فعل جائز مع وقوع الضرر في فعله ، فيكون كذلك التطبير فيه ضرر ، ولكن جائز الفعل مثله مثل القيام في الليل حتّى تتفطّر القدم ، ويحصل الضرر ؟!

وورد في زيارة الناحية المقدّسة :« ولأبكين عليك بدل الدموع دماً » (١)

كما ورد في الروايات : « إنّ البكاء والجزع مكروه للعبد في كلّ ما جزع ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن عليعليهما‌السلام فإنّه فيه مأجور »(٢) فيكون هنا خصوصية لجواز فعل التطبير ، بل واستحبابه

وما ورد عن الإمام الصادقعليه‌السلام :« رحم الله من أحيا أمرنا » (٣) ، وما ورد عن الإمام الرضاعليه‌السلام :« إنّ يوم الحسين عليه‌السلام أقرح جفوننا ، وأسبل عيوننا » (٤) ، وما ورد عن الإمام السجّادعليه‌السلام من أنّه كان يبكي حتّى يمتزج في الإناء دموعه مع دم خارج من عينه

______________________

(١) المزار الكبير : ٥٠١

(٢) كامل الزيارات : ٢٠١

(٣) الأمالي للشيخ الطوسي : ١٣٥

(٤) الأمالي للشيخ الصدوق : ١٩٠

٤٣٧

وما ورد عن الإمام السجّادعليه‌السلام من أنّه يقوم الليل حتّى تتفطّر قدماه ، وهذا فيه ضرر ، مع ذلك لم يترك هذا الأمر ، إذ ليس كلّ أمر فيه ضرر يكون محرّماً

« علي ـ ـ »

اللطم على الصدور :

س : ما هو التفسير الديني والعلمي للطم الصدور ؟ ودمتم لنا بألف خير

ج : لا يخفى عليكم أنّ أوّل من أقام العزاء على الإمام الحسينعليه‌السلام ، هو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فعن أُمّ الفضل بنت الحارث ، أنّها دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالت : يا رسول الله ، إنّي رأيت الليلة حلماً منكراً ، قال : « وما هو » ؟ قالت : إنّه لشديد ، قال : « وما هو » ؟

قالت : رأيت كأنّ قطعة من جسدك قطعت ، ووضعت في حجري

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« خيراً رأيت ، تلد فاطمة غلاماً ، فيكون في حجرك »

فولدت فاطمةعليها‌السلام الحسين ، فقالت : فكان في حجري ، كما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فدخلت به يوماً على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فوضعته في حجره ، ثمّ حانت منّي التفاتة ، فإذا عينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تهراقان بالدموع ، فقلت : بأبي أنت وأُمّي يا رسول الله ، مالك ؟

قال :« أتاني جبرائيل عليه‌السلام فأخبرني أنّ أُمّتي ستقتل ابني هذا ، وأتاني بتربة من تربته حمراء » (١)

وعن أُمّ سلمة قالت : ( كان الحسن والحسين يلعبان بين يدي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في
______________________

(١) الإرشاد ٢ / ١٢٩ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٧٦ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٩٦ ، البداية والنهاية ٦ / ٢٥٨ ، ينابيع المودّة ٣ / ٧

٤٣٨

بيتي ، فنزل جبرائيل فقال : يا محمّد ، إنّ أُمّتك تقتل ابنك هذا من بعدك ، فأومأ بيده إلى الحسين ، فبكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وضمّه إلى صدره ، ثمّ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« يا أُمّ سلمة وديعة عندك هذه التربة » ، فشمّها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال :« ريح كرب وبلاء »

قالت : وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« يا أُمّ سلمة ، إذا تحوّلت هذه التربة دماً ، فاعلمي أنّ ابني قد قتل » )(١) ، وهناك روايات أُخرى كثيرة في هذا المجال

وهكذا تجد أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، أقاموا العزاء على الحسينعليه‌السلام ، وأمرونا بذلك ، وبإظهار الحزن

ومن هذا المنطلق ، أخذت الشيعة الإمامية تعمل بهذه الوصية ، فتظهر مختلف علامات الحزن والعزاء على الإمام الحسينعليه‌السلام ، كلّ بحسب منطقته ، وعاداته وتقاليده

فبعضهم اتّخذ مثلاً اللطم على الصدور طريقة من طرق إظهار الحزن ، ليظهر من خلاله حبّه وولائه الشديد للإمام الحسينعليه‌السلام ، واعتبروه عملاً راجحاً ، يتوقّعون فيه الأجر والثواب من الله تعالى

ودليلهم على جوازه إجماع علماء الطائفة الشيعية عليه ، وبعض الروايات

« موالي ـ الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالب »

تعليق على الجواب السابق وجوابه :

س : في جوابكم للأخ علي حول قضية اللطم ، ذكرتم الروايتين ، ولكن هناك روايات في قضية منع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لذلك لدى العامّة ، فكيف نردّ على هذه الروايات ؟ وكيف نثبت جواز اللطم على بقية المعصومين عليهم‌السلام ؟

______________________

(١) مجمع الزوائد ٩ / ١٨٩ ، المعجم الكبير ٣ / ١٠٨ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٩٢ ، تهذيب الكمال ٦ / ٤٠٨ ، تهذيب التهذيب ٢ / ٣٠٠

٤٣٩

ج : إنّ الروايات المانعة التي أشرتم إليها عند العامّة ـ إن صحّت سنداً ـ فإنّها تدلّ على المنع من البكاء على الميّت على نحو الإطلاق ، فيمكن الذبّ والدفاع عن الروايات المجوّزة ـ كالتي وردت في جواب بعض الإخوة ـ بأنّ هذه الأحاديث خاصّة في مورد الإمام الحسينعليه‌السلام ، فتخصّص تلك الاطلاقات بهذه المخصّصات ، وهذا أسلوب مألوف في علم الأُصول ـ كما هو ثابت في محلّه ـ للجمع بين الأدلّة ونفي التعارض بينها

على أنّ الروايات المانعة المشار إليها هي بنفسها ـ مع غضّ النظر عن الأخبار الواردة في شأن الإمام الحسينعليه‌السلام ـ متعارضة مع روايات أُخرى في مصادر أهل السنّة ، فورد في بعضها : أنّ عائشة ردّت هذه الروايات ، ونقلت صور أُخرى ، لا تدلّ على المنع(١)

ويؤيّد رواية عائشة ، ما ورد في سنن الترمذي ، من أنّ منع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان في مجال بكاء اليهود على أمواتهم(٢)

وأمّا تعميم الحكم لباقي المعصومينعليهم‌السلام ، فأوّلاً : بالاطلاقات الواردة ، لتسرّي الأحكام من بعض المعصومينعليهم‌السلام على جميعهم ـ إلّا إذا ورد خطاب يخصّص بعضهم دون بعض ـ

وثانياً : بنفس الرواية التي أوردناها في جواب بعض الإخوة ، إذ جاء فيها :« وعلى مثله ـ أي الإمام الحسينعليه‌السلام ـتلطم الخدود ، وتشقّ الجيوب » (٣)

ولا ريب ، أنّ المثيل الأوّل والأخير للمعصوم ، هو المعصومعليه‌السلام

وبالجملة : نستنتج جواز ، بل استحباب إقامة كافّة أنواع العزاء ـ ومنها اللطم ـ على الإمام الحسينعليه‌السلام ، وباقي الأئمّةعليهم‌السلام

______________________

(١) مسند أحمد ١ / ٤١ ، صحيح البخاري ٥ / ٩ ، صحيح مسلم ٣ / ٤٣ ، المستدرك على الصحيحين ١ / ٣٨١ ، الدرّ المنثور ٣ / ٦٧

(٢) الجامع الكبير ٢ / ٢٣٦

(٣) تهذيب الأحكام ٨ / ٣٢٥

٤٤٠

« ـ الكويت ـ »

بكاؤنا على الحسين من مصاديق المودّة :

س : قد يتساءل الفرد ، مادام الإمام الحسينعليه‌السلام الآن في نعيم الله وجنانه ، فكيف نبكي على مصابه ؟ أو بعبارة أُخرى : كيف يتوافق البكاء على مصابهعليه‌السلام ، مع كونه في أعلى الدرجات من النعيم ؟ ولكم منّي جزيل الشكر

ج : قد روى علماء المسلمين في كتبهم : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « لا يؤمن أحدكم حتّى يكون الله ورسوله أحبّ إليه ممّا سواهما »(١)

وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دائماً يوصي أُمّته بمودّة ذوي القربى ، قال تعالى :( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) (٢) ، والإمام الحسينعليه‌السلام من القربى بإجماع المسلمين ، ومن مودّته أن نحبّه ونقتدي به ، ونفرح لفرحه ، ونحزن لحزنه وما يصيبه

فبكاؤنا على الحسينعليه‌السلام من مصاديق المودّة في القربى ، أضف إلى ذلك ، الروايات الكثيرة الواردة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأهل البيتعليهم‌السلام في التأكيد على البكاء عليه ، وما فيه من الثواب

« رؤوف ـ السعودية ـ ٢٧ سنة ـ طالب »

تأثير البكاء واللطم على النفوس :

س : ما فائدة البكاء في محرّم ؟ وما فائدة اللطم على الصدور ؟ السؤال ليس عن الأحاديث الشريفة ، بل كيف يمكن للبكاء واللطم أن يؤثّرا في حياتنا وسلوكنا ؟

ج : إنّ البكاء بمعناه النفسي حالة تأثّر النفس وتفاعلها مع الحدث ،
______________________

(١) مسند أحمد ٣ / ٢٠٧ و ٢٧٨ ، مسند أبي يعلى ٦ / ٢٣ ، مسكن الفؤاد : ٢٧

(٢) الشورى : ٢٣

٤٤١

وإحساسها بالألم ، فتستجيب للحدث بتعبير معيّن وهو البكاء ، وبكاؤنا على الإمام الحسينعليه‌السلام ، هو ردّة فعل للحدث المؤلم الذي حلّ به ، فتفاعلنا مع قضيّتهعليه‌السلام أوجب أن تتفاعل نفوسنا وأحاسيسنا لما أصابهعليه‌السلام ، وبذلك فإنّنا قد عبّرنا باستجابتنا لمصيبتهعليه‌السلام بالبكاء ، الذي هو حالة تفاعل كما ذكرنا

ومثل ذلك ، اللطم على الصدور ، فهو تعبير عن الألم والحزن ، الذي يعتلج قلوبنا ، وتعبير عن مدى ما أصابنا من عظم المصيبة ، فالحرقة التي تصيب النفس ـ والحزن يسيطر عليها ـ يمكن للإنسان أن ينفّس عمّا أصابه بفعل ما يكون ترويحاً وتنفيساً ومجاراةً ومواساةً لمن حلّت به هذه الفاجعة ، أو القضية المؤلمة

« مصلح ـ السعودية ـ »

حضور الأرواح في مجالس الذكر :

س : ماذا يعني حضور الأرواح الطاهرة في مجالس الذكر ؟ وهل يتعيّن على النساء في مجالسهن ، عدم لبس الملابس الرقيقة ؟

ج : قد ورد عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال : « رحم الله شيعتنا ، خلقوا من فاضل طينتنا ، وعجنوا بماء ولايتنا ، يحزنون لحزننا ، ويفرحون لفرحنا »(١)

ومن المؤكّد أنّ أرواحهم الطاهرة ناظرة إلى تلك المجالس المنعقدة من أجل إحياء أمرهم ، فلابدّ لكلّ من يحضر تلك المجالس ، أن يلتزم بما يتناسب مع معنوياتها وروحانيتها من حيث الملبس ، وسائر الحركات والأعمال

« ـ ـ... »

حكم الإطعام فيها :

س : إنّ بعض إخواننا من السنّة يقول : لا يجوز الأكل من مائدة يوم عاشوراء ومثيلاتها ، لأنّها أُقيمت لغير الله تعالى ، فما هو الردّ عليهم ؟

______________________

(١) شجرة طوبى ١ / ٣

٤٤٢

ج : إنّ الذبح والإطعام تارة يضاف لله تعالى فيقال : ذبح لله ، وإطعام لله ، ومعناه : أنّه ذبح لوجهه تعالى ، وتقرّباً إليه ، كما في الأضحية بمنى وغيرها ، والفداء في الإحرام ، والعقيقة ، وغير ذلك

وتارة يضاف إلى المخلوق ، وهنا مرّة يضاف إلى المخلوق بقصد التقرّب إلى المخلوق طلباً للخير منه ، مع كونه حجراً أو جماداً ، كما كان يفعل المشركون مع أصنامهم ، فهذا شرك وكفر سواء سمّي عبادة أو لا

ومرّة يضاف إلى المخلوق بقصد التقرّب إلى الخالق ، فيقال : ذبحت الشاة للضيف ، أو ذبحت الشاة للحسينعليه‌السلام ، وأطعمت للحسينعليه‌السلام ، أو لغيره من أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، وهذا لا محذور فيه ، لأنّه قصد ثواب هذه الذبيحة ، أو هذا الطعام للحسينعليه‌السلام ، أو لأحد من أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام

ونظيره من يقصد أنّي أطحن هذه الحنطة لأعجنها ، وأخبزها وأتصدّق بخبزها على الفقراء ، وأهدي ثواب ذلك لوالدي ، فأفعاله هذه كلّها طاعة ، وعبادة لله تعالى لا لأبويه

ولا يقصد أحد من المسلمين بالذبح للحسينعليه‌السلام ، أو بالإطعام له ، أو غيره التقرّب إلى الإمام الحسينعليه‌السلام دون الله تعالى ، ولو ذكر أحد من المسلمين اسم الإمام الحسينعليه‌السلام ، أو أحد الأئمّةعليهم‌السلام على الذبيحة ، لكان ذلك عندهم منكراً ، وحرّمت الذبيحة ، فليس الذبح لهم ، بل عنهم ، بمعنى أنّه عمل يهدي ثوابه إليهم ، كسائر أعمال الخير

والخلاصة : إنّ الإطعام يوم عاشوراء إطعام لله تعالى ، صحيح أطلق عليه إطعام للحسينعليه‌السلام ، ولكن قصد أنّ ثوابه للحسينعليه‌السلام ، وليس هو إطعام لغير الله تعالى ، كما يتوهّمه الوهّابيون

« محمّد ـ السعودية ـ ١٦ سنة ـ طالب ثانوية »

حكم الغياب عن المجالس يوم العاشر من محرّم :

س : هل الغياب في اليوم العاشر من محرّم لا يجوز ؟ وكذلك في وفاة الأئمّة عليهم‌السلام ؟

٤٤٣

ج : من مصاديق الآية الشريفة :( ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (١) هو الحضور في المجالس والمآتم التي تعقد في اليوم العاشر من المحرّم ، وأيّام شهادة الأئمّة المعصومينعليهم‌السلام ، فإنّ الحضور فيها يعدّ من تقوى القلوب ، ويقرّب إلى الله تعالى

وعلى أتباع أهل البيتعليهم‌السلام أن يحيوا هذه المجالس بحضورهم ، كما وردت عن أهل البيتعليهم‌السلام في وصف شيعتهم :« يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا » (٢) ، إذ الحبّ القلبي لوحده لا يكفي ، فلابدّ من تجاوز هذا الحبّ القلبي إلى مرحلة الإظهار والعمل ، ومن أبرز مصاديق الإظهار ، إحياء أمرهمعليهم‌السلام بعقد المجالس والمآتم ، والحضور فيها

ولا ننسى أن ننبّه : أنّ الغياب عن الحضور في هذه المجالس إذا كان تهاوناً من الشخص ، أو أحرز الشخص أنّه سيؤدّي إلى إضعاف هذه المجالس ، فهنا العلماء يفتون بحرمة الغياب

« مصطفى البحراني ـ عمان ـ ٢٥ سنة ـ طالب ثانوية »

روايات صحيحة السند تحثّ على إقامتها :

س : ما نظرة فقهاء الشيعة ومثقّفيهم في قضية البكاء ، ولطم الصدور ، وغيرها من الأُمور الأُخرى ، المتعلّقة بسيّد الشهداء الإمام الحسينعليه‌السلام ؟

نودّ من خلال إجابتكم جواب بسيط وشافي ، ويدخل في الأذهان بسهولة ، حتّى نتمكن من سردها لإخواننا من غير الشيعة ، الذين يسألوننا عن ذلك دوماً ، ولكم جزيل الشكر والامتنان

ج : قد روى علماء المسلمين في كتب الحديث بكاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله على الإمام الحسينعليه‌السلام قبل شهادته ، وذلك لمّا أخبره جبرائيل بما سيجري على الإمام
______________________

(١) الحجّ : ٣٢

(٢) شجرة طوبى ١ / ٣

٤٤٤

الحسينعليه‌السلام ، وهذا تكرّر عدّة مرّات من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكذلك بكاء أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والصحابة لمّا أخبرهم النبيّ بما سيجري على الإمام الحسينعليه‌السلام

أضف إلى ذلك ، ما ورد صريحاً في روايات أهل البيت الصحيحة السند في الحثّ على إقامة المأتم على الإمام الحسينعليه‌السلام

وكما تعلمون فإنّ لكلّ قوم عرف خاصّ بهم في إقامة المأتم ، ومن ذلك اللطم عند الشيعة ، فإنّه مظهر من مظاهر الحزن عندهم ، ويدخل تحت عمومات استحباب إقامة المأتم

أضف إلى ذلك فإنّ الهاشميات لطمن على الإمام الحسينعليه‌السلام ، وما روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام :« إنّ البكاء والجزع مكروه للعبد في كلّ ما جزع ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن علي عليهما‌السلام فإنّه فيه مأجور » (١) خير دليل على هذا

« مصطفى البحراني ـ عمان ـ ٢٥ سنة ـ طالب ثانوية »

كيفية تطوّر العزاء الحسيني :

س : كيف كانت طريقة العزاء على الإمام الحسينعليه‌السلام ، منذ زمن الأئمّةعليهم‌السلام ، من الإمام زين العابدينعليه‌السلام وإلى زماننا هذا ؟ أي كيف تطوّر العزاء الحسيني ؟

ج : إنّ تاريخ إقامة العزاء الحسيني بصورتها البسيطة من البكاء والحداد والنوح ، قد يرجع ـ طبقاً لجملة من الروايات ـ إلى زمن آدمعليه‌السلام ، وأمّا في العصر الإسلامي فقد أقام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أوّل عزاء لولده الحسينعليه‌السلام

ثمّ بعد استشهادهعليه‌السلام يقول التاريخ : إنّه بعد رحيل الجيش الأموي من كربلاء ، اجتمع جمع من الناس وبكوا ، وأقاموا مأتماً على الشهداء قبل دفنهم ، حتّى إنّ الإمام زين العابدينعليه‌السلام حينما قدم إلى كربلاء في ذلك الحين ،
______________________

(١) كامل الزيارات : ٢٠١

٤٤٥

رآهم على تلك الحالة ، ومن بعده استمرّت المراسم بين حين وآخر بأساليب متعدّدة من إقامة المجالس ، وإنشاد الشعر والمراثي ، إلى أن وصل دور الحكومات الشيعية ـ مثل الدولة الحمدانية والبويهية ، وعلى الأخصّ الصفوية ـ فتحرّكت المواكب ، والهيئات الشيعية ، وبتأييد صريح ، ودعم واضح منهم لهذه المآتم والمجالس والمواكب

وأمّا نوعية العزاء وتطوّره فهو في الواقع قد أُخذ سبيله في التغيير والتطوّر في كلّ زمان ومكان ، حسب ما تراه الشيعة طريقاً ووسيلةً لإحياء ذكر الإمام الحسينعليه‌السلام ، وفقاً لما يراه علماؤهم من جوازه ، وعدم منافاته للشرع

« أبو محمّد ـ عمان »

لطم الهاشميات دليل على جوازه :

س : كيف أُقنع أُناس من مذاهب أُخرى بقضية اللطم على الصدر في شهر محرّم ؟

ج : إنّ لكلّ قوم عرف خاصّ بالنسبة إلى إقامة العزاء ، ومادام أنّ أصل الحزن وإقامة العزاء ثابت على الحسينعليه‌السلام ، فإنّ اللطم هو واحد من مصاديق إظهار الحزن عند الشيعة ، فلا نحتاج في المسألة إلى دليل خاصّ ، مادام هو داخل تحت عمومات الحزن

أضف إلى ذلك ، فإنّ الهاشميات لطمن على الإمام الحسينعليه‌السلام ، وبحضور الإمام السجّادعليه‌السلام ، وحيث لم ينهاهن الإمامعليه‌السلام ، فيكون تقريراً لجوازه واستحبابه على الإمام الحسينعليه‌السلام

« رملة السيّد ـ البحرين »

ماذا ينبغي فعله فيها :

س : بما أنّ شهر محرّم قريب ، فما هي الأعمال التي يستحبّ القيام بها في

٤٤٦

هذا الشهر العظيم ؟ وشكراً على تفضّلكم بالإجابة على الأسئلة ، ورحم الله والديكم

ج : مع حلول شهر محرّم الحرام ، تتجدّد ذكرى استشهاد سيّد الشهداء الإمام الحسينعليه‌السلام ـ ريحانة الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وأصحابه الأوفياء ، وأسر أهل بيته ظلماً وجوراً ؛ ولهذا السبب وبالذات تلتزم الشيعة ـ وحتّى المنصفون من غيرهم ـ بإحياء شعائر هذه النهضة الخالدة عبر القرون والأجيال ، لكي يستلهم المجتمع البشري في كلّ زمانٍ مفردات الإيمان ، والإباء في سبيل العقيدة الإسلامية الحية ، من عناصر هذه الحركة والجهاد

وعليه ينبغي لكلّ مسلم ، أن يظهر من سلوكه وآدابه ، ما يدلّ على الحزن والأسى ، وأن يجتنب بقدر الإمكان من مظاهر الفرح والابتهاج والسرور ، ففي تاريخ اليعقوبي : « وروى بعضهم : إنّ علي بن الحسين لم ير ضاحكاً يوماً قط ، منذ قتل أبوه »(١)

وأن يحرص على الحضور في المآتم والمجالس الحسينية التي تنعقد في هذا الشهر تعظيماً للشعائر ، وتأكيداً للمحافظة على تلك القيم السامية في النفس ، وإظهاراً للمودّة والولاء لخطّ أهل البيتعليهم‌السلام ، والبراءة من أعدائهم في طول التاريخ

وفي هذا المجال لا يفوتنا أن نذكر فضل قراءة زيارة عاشوراء ، وما لها من آثار عظيمة دينيّاً ودنيويّاً ، فقراءتها أمر مستحبّ مؤكّد في كلّ وقت وزمان

« أُمّ أبرار ـ البحرين »

مجموعة أسئلة حول المأتم الحسيني :

س : هذه مجموعة من الأسئلة المتعلّقة بالمأتم الحسيني ، من بعض الأخوات في دولة البحرين ، نرجو التفضّل بالإجابة عليها :

______________________

(١) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٥٩

٤٤٧

١ ـ تقرأ في مآتم النساء رواية تزويج القاسم على ابنة عمّه سكينة في كربلاء

أ ـ فما هو الحكم الشرعي بقراءتها ، أو الاستماع لها ، علماً بأنّها رواية غير صحيحة ؟

ب ـ وهل هناك بأس ، أو تجريح عند نثر الحلوى في الزفاف ؟

٢ ـ ما رأيكم في التصفيق في المأتم أثناء المصيبة ، أو في الدور ، كالوقوف لقراءة الردّة أو اللطمية ؟

٣ ـ هل يجوز الضرب على الفخذ أثناء اللطمية ؟ أم أنّ الضرب محصور على الصدر فقط ؟

٤ ـ ما هي نصيحتكم لمن يريد كتابة رواية حسينية لقراءتها في المأتم ؟

٥ ـ ما هي الكتب التي تنصحون بالاعتماد عليها لكتابة رواية حسينية ، أو للتحقّق من صحّة رواية معيّنة ؟

٦ ـ ما هو الحكم الشرعي لمن كتب رواية حسينية ، معتمداً على مصدر غير موثوق ، أو كانت الرواية غير صحيحة ؟

٧ ـ كيف نميّز الرواية الصحيحة من الخاطئة ؟

٨ ـ ما مدى صحّة بعض العبارات في بعض الروايات ، مثل : « شقّت جيبها » و « نشرت شعرها » ، وهل يجوز قراءتها في المأتم ؟

٩ ـ لو أُعطيت إحدى القارئات مقطع من رواية لقراءتها ، وهي على علم سابقاً بعدم صحّة هذه الرواية ، فهل تأثم إذا قرأتها ؟ هل هناك مواصفات معيّنة للقارئات الحسينيات ؟

١٠ ـ ماذا تنصح أصحاب المآتم الحسينية ، لتفعيل دورها في حياتنا اليومية ، وعلى جميع الأصعدة ، الروحي ، الاجتماعي ، الأخلاقي ؟

١١ ـ ما هو الحكم الشرعي للغناء ، بغناء أهل الباطل « المطربين » في الأعراس ؟ وهل هناك اختلاف إذا تمّ تغيير اللحن ، أو تغيير بعض الكلمات ، وبقاء اللحن ؟

١٢ ـ ما رأيكم في ارتداء الملابس الضيّقة ، التي تبرز فتنة الجسم ،

٤٤٨

وتكشف بعض المناطق ، مثل الصدر ، والساقين ، أمام النساء في الأعراس وداخل المأتم ؟

١٣ ـ تستخدم بعض أنواع المطّارات « قناني الماء » كطبل في الأعراس ، فما هو حكمها الشرعي ؟

١٤ ـ ما رأيكم في إدخال المعرس داخل المأتم ، وتصويره مع عروسه في أوضاع مختلفة ، مثل الضمّ والتقبيل ؟

١٥ ـ هل يجوز السماح للقارئة في الأعراس بالغناء أمام الرجل ؟

١٦ ـ هل تأثم صاحبة الدعوة إذا سمحت للقارئة الغناء أمام الرجل ؟ إذا كانت القارئة معتادة على الغناء أمام الرجال ؟

١٧ ـ ما هو رأيكم في اختيار قارئة للأعراس ، معلوم سابقاً أنّها تغنّي بغناء أهل الباطل ؟ أو تستخدم الطبول ، أو تغنّي أمام الرجل الأجنبي ؟

وهل هناك فرق إذا طلبناها للغناء بصورة مباحة فقط في المناسبة الخاصّة بنا ؟

١٨ ـ ما هو رأيكم في الدخول للمأتم الحسيني بالحذاء أو النعال ؟

١٩ ـ ما هو الحكم في رمي الأوساخ داخل المأتم ؟ أو عدم الاكتراث بالأوساخ داخله ؟

ج : بالنسبة إلى قراءة رواية تزويج القاسمعليه‌السلام من ابنة عمّه سكينة في كربلاء جائزة ، إن كان الغرض من قراءتها هو الإبكاء وإقامة العزاء ، لكن لا مع التأكيد على صحّتها ، فقد اختلف العلماء فيها على قولين ، ولكلٍّ أدلّته

كما لا مانع من نثر الحلوى في المجلس المنعقد بعنوان زفاف القاسم ، إذا كان الغرض منه إهداء ثواب ذلك إليهعليه‌السلام

كما لا مانع من التصفيق في المأتم المقصود منه تهييج العواطف ، والمشاعر الدينية والإنسانية

ونصيحتنا لمن يريد أن يكتب رواية حسينية أن يسند المطالب التي يكتبها إلى الكتب التي نقل عنها ، حتّى تكون عهدة الرواية على أصحاب تلك الكتب

٤٤٩

وأن يعتمد على المصادر المعتبرة ، والكتب المشهورة ، التي اعتمد عليها علماؤنا السابقون ، وخطباؤنا الملتزمون بالنقل عن تلك الكتب المعتبرة ، ككتب السيّد ابن طاووس ، والشيخ المفيد ، والشيخ الطوسي ، والشيخ عباس القمّي ، وغيرهم (قدّس سرّهم)

وكتابة الرواية الحسينية بالاعتماد على ما لا يرى جمهور علمائنا صحّته غير جائزة ، كأيّ كتابةٍ أُخرى ، لاسيّما مع الاعتقاد بالصحّة خلافاً للعلماء

وأمّا تمييز الرواية الصحيحة من الخاطئة ، فهو من الأُمور التخصّصية التي لابدّ من دراستها ، ومعرفة المعايير والموازين الخاصّة بها

وأمّا قراءة بعض العبارات : « كشقّت جيبها ، ونشرت شعرها » ، فلا مانع منه ، مع وجوده في بعض الكتب المشهورة للأصحاب ، إذا كان لغرض الإبكاء ، لكن لا مع الالتزام بصحّتها ، والتأكيد على وقوعها بصورة حتمية ، إلّا من العارف بموازين الصحّة

وأمّا قراءة ما يعلم مسبقاً عدم صحّته فلا يجوز إذا كان العلم بعدم صحّة الرواية المعيَّنة مستنداً إلى مدرك صحيح

ولابدّ أن يكون قارئ مأتم الإمام الحسينعليه‌السلام ، سواء كان رجلاً أو امرأة ، متحلّياً في سلوكه وأخلاقه ، واعتقاده ، وجميع شؤونه ، بصفات تتناسب مع تصدّيه لمثل هذا المقام العظيم ، الذي يرتبط بقضايا أهل البيتعليهم‌السلام

وأمّا نصيحتنا لأصحاب المجالس الحسينية ، أن يكونوا دعاة لأهل البيتعليهم‌السلام بغير ألسنتهم ، كما في الخبر عنهمعليهم‌السلام ، وأن يكونوا زيناً لهم لا شيناً
عليهم ، كما في الخبر عنهم أيضاً .

وعلى الجملة ، فإنّ الغرض من إقامة المجالس ، هو نشر فكر أهل البيتعليهم‌السلام ، وتعاليمهم وأدبهم ، فكيف يتمّ ذلك مع انتفاء هذه الأُمور عن أصحاب تلك المجالس ؟

والحكم الشرعي للغناء بالباطل في الاحتفالات المقامة بمناسبة الأعراس ،

٤٥٠

هو الحرمة ، ولا خلاف بين الفقهاء في عدم جوازه مطلقاً

ولا إشكال في ارتداء النساء الملابس الضيّقة في مجالسهن ، مع عدم اطلاع أي أجنبي على المجلس مطلقاً

واستخدام بعض أنواع المطّارات كطبل في الأعراس ، كما جاء في السؤال ، لابأس فيه على الظاهر

كما أنّه لا مانع من تصوير المعرِّس مع عروسه في أوضاع مختلفة في غرفة خاصّة بهما ، ولكن بشرط عدم إظهار هذه الصور في المأتم

ولا يجوز السماح للقارئة في الأعراس بالقراءة أمام الرجل ، وتأثم صاحبة الدعوة إذا سمحت بذلك

وإذا كانت القارئة للأعراس تاركة لأعمالها السابقة ، وكان ما تقرؤه الآن في الأعراس مطابقاً للحكم الشرعي ، من دون أيّ اقترانٍ بمحرّمات أُخرى فهذا لابأس به ، بشرط أن لا يكون غناء محرّماً

ثمّ إنّ الدخول للمأتم الحسيني بالحذاء ، أو النعال ، ورمي الأوساخ داخل المأتم ، وغير ذلك ، إن كان موجباً لهتك المجلس ، وإهانةً لصاحبه ، والحاضرين فيه فلا يجوز

« ـ الإمارات ـ »

مصداق للتأسّي بالنبيّ :

س : أنا طالبة في المرحلة الثانوية ، موالية لأهل البيتعليهم‌السلام ، وفي يوم عاشوراء نضطرّ للتغيّب عن المدرسة ، لإحياء ذكرى الحسينعليه‌السلام ، فنجد أنفسنا في اليوم التالي محاصرين بأسئلة ، واتهامات لا تحصر ، أحاول أن أجيب عليها قدر معلوماتي ، ولكنّي أتمنّى أن تفيدوني بإجابات أكثر دقّة وصحّة ، والأسئلة غالباً ما تكون محصورة في :

١ ـ لماذا تهتمّون بذكرى الإمام الحسين أكثر من الرسول والأنبياء ؟ فتتغيّبون عن الدوام في هذا اليوم بالذات ؟

٤٥١

٢ ـ لماذا تحيون ذكرى الحسين ؟ وتبكون عليه رغم مرور كثير من السنين على استشهاده ؟

ج : نحن نبكي على الإمام الحسينعليه‌السلام ، ونقيم المأتم عليه ، لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بكى على الإمام الحسينعليه‌السلام قبل استشهاده ، لمّا أخبره جبرائيل بما سيجري على الإمام الحسينعليه‌السلام

أيبكي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل الفاجعة ، ونحن لا نبكي بعدها ؟!

ما هذا شأن المتأسّي بنبيّه ، والمقتصّ لأثره ! إن ترك الحزن والبكاء خروج عن قواعد المتأسّين ، بل عدول عن سنن النبيّين

فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يستيقظ يوماً من النوم فزعاً ، وفي يده تربة حمراء يقلبّها بيده ، وعيناه تهراقان من الدموع ، وهو يقول :« أخبرني جبرائيل أن ابني الحسين يقتل بأرض العراق » (١)

ولمّا ترى أُمّ سلمة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقلّب شيئاً في كفّه ، ودموعه تسيل ، والحسين نائم على صدره ، تسأله عن ذلك ، فيقولصلى‌الله‌عليه‌وآله :« إنّ جبرائيل أتاني بالتربة التي يقتل عليها ، وأخبرني أنّ أُمّتي يقتلوه » (٢)

وكذلك يستيقظ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يبكي ، فتقول له عائشة : ما يبكيك ؟

فيقول :« إنّ جبرائيل أراني التربة التي يقتل عليها الحسين . يا عائشة والذي نفسي بيده ، إنّه ليحزنني ، فمن هذا من أُمّتي يقتل حسيناً بعدي » ؟!(٣)

فنحن نهتمّ بالحسينعليه‌السلام لاهتمام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله به ، ونبكي عليه لبكاء النبيّ عليه ، ونحزن عليه لحزن النبيّ عليه

______________________

(١) مجمع الزوائد ٩ / ١٨٨

(٢) المصنّف لابن أبي شيبة ٨ / ٦٣٢ ، المعجم الكبير ٣ / ١٠٩ و ٢٣ / ٣٢٨ ، كنز العمّال ١٣ / ٦٥٧

٣ ـ كنز العمّال ١٢ / ١٢٧ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٩٥ ، سبل الهدى والرشاد ١٠ / ١٥٤

٤٥٢

« ياسر العسبول ـ البحرين ـ »

مظاهر العزاء قديمة جدّاً :

س : من أين جاءت عادة التطبير التي يستخدمها بعض الناس للتعبير عن الحزن ؟

ج : إنّ غالب مظاهر العزاء ، ومبرزات الحزن والولاء ، من اللطم وضرب الزنجيل ، وضرب الطبول ، وغيرها قديمة جدّاً بقدم الواقعة

ويعسر بيان أو تحديد فترة زمنية خاصّة بها ، إذ هي تختلف من مكان لآخر ، ومن زمن لغيره ، بحسب الظروف الاجتماعية ، والضغوط السياسية التي كانت تسمح لأبناء الطائفة إبراز مظاهر ولائهم

وفي المقام ، لابأس بدراسة حياة البويهية قبل نحو ألف سنة ، ودخولهم بغداد ، وفسح المجال لهذه الأُمور ، ثمّ قمّة ذلك أيّام الحكم الصفوي في إيران ، لفسحه وإباحته إبراز بعض مظاهر الولاء والعزاء بدون خوف من الحكّام

« عبد الله ـ عمان »

من مظاهر الحزن اللطم :

س : هل هناك أحاديث تدلّ على استحباب اللطم ؟ أحاديث فيها كلمة اللطم صراحة ، والاستحباب كذلك

ج : نحن لا نحتاج إلى حديث يدلّ على استحباب اللطم مادامت المسألة راجعة إلى العرف ، ففي العرف كلّ شيء يكون من مظاهر الحزن على الإمام الحسينعليه‌السلام فيكون مستحبّاً ، وكما تعلمون فإنّ لكلّ أُناس عادات وتقاليد في إظهار الحزن ، ومن عاداتنا وتقاليدنا في إظهار الحزن اللطم ، فيكون داخلاً تحت العمومات التي تحثّ على إحياء أمر أهل البيتعليهم‌السلام ، وإظهار الحزن عليهم

وبعد هذا ، فنذكّركم بورود روايات وردت عن فعل اللطم من قبل السيّدة زينبعليها‌السلام ، وسائر الهاشميات وغيرهن

٤٥٣

« عبد السلام ـ هولندا ـ سنّي »

مشروعية الاحتفال بمولد النبيّ :

س : هل صحيح ما يقوله علماء السنّة : إنّ لا أحد من صحابة رسول الله احتفل بعيد المولد النبويّ ؟ وإنّ الاحتفال بهذه المناسبة الشريفة بدء في عهد الدولة الفاطمية ؟ ولكم جزيل الشكر

ج : نقول في مشروعية الاحتفال بذكرى مولد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وغيره من المناسبات الإسلامية :

١ ـ الاحتفال لغة هو : الاهتمام والاجتماع على الأمر ، فإن كان هذا الأمر المهتمّ به ، والمجتمع عليه من الأُمور المشروعة ، والتي فيها ذكر لله سبحانه وتعالى ، وتعظيم لرسوله الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأمثال ذلك من الأُمور المشروعة ، والمرضية في الشريعة ، فهو أمر مندوب ومستحبّ ، وقد رغّب الشارع المقدّس فيه ، فقال تعالى :( ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (١)

٢ ـ بالنسبة للصحابة فسواء عملوا بهذا الأمر ، واحتفلوا بهذه المناسبة ، أو لم يعملوا ، فليس فعلهم وتركهم حجّة شرعية ، يجب العمل بها ، ولذلك نجد أنّ علياًعليه‌السلام ، حينما عرضوا عليه الخلافة في قضية الشورى بين الستة ، بشرط العمل بكتاب الله وسنّة النبيّ وسيرة الشيخين ، فرفضعليه‌السلام ذلك ، ولم يقبل العمل إلّا بكتاب الله وسنّة نبيّه

٣ ـ إنّ القاعدة الفقهية تقول :« كلّ شيء لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام » ، فما لم يوجد نهي في القرآن ، أو السنّة النبوية على أمر فهو مباح ، يجوز العمل به ، ولا يعتبر بدعة ، كما يدّعيه بعض المذاهب الشاذّة

وهكذا القاعدة الأُصولية العقلية القائلة : بأصالة البراءة ، وأنّ الإنسان بريء الذمّة ، لا يعاقب على شيء يعمله حتّى يرد فيه نهي شرعي

كما يمكن أن نؤيّد المسألة ببعض الروايات الدالّة على استحباب تعاهد هذا
______________________

(١) الحجّ : ٣٢

٤٥٤

اليوم ـ ١٧ ربيع الأوّل ـ بالصيام ، والتوسعة على العيال ، وأمثال ذلك ، ممّا فيه إشعار بالاهتمام بمثل هذه المناسبات ، وإن اختلفت صور الاهتمام من زمان إلى آخر ، فاختلاف مصاديق الاهتمام لا يدلّ على اختلاف الحكم الشرعي ، كما نرى ذلك في كثير من المواضيع الخارجية ، كالوسيلة النقلية ، وطرق المواصلات ، وما شاكل ذلك ، فلا يعدّ هذا خلافاً لم يعمله الأصحاب ، فكذا موردنا في إظهار البهجة والسرور ، وإنشاد الأشعار والمدائح في حقّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في ذكرى ولادته

هذا مضافاً إلى أنّ مثل هذه المجالس ، لا تخلو من قراءة القرآن والوعظ والإرشاد ، والتقرّب إلى الله تعالى ، وهذا كلّه من الأُمور المستحبّة بشكل مؤكّد

« عقيل أحمد جاسم ـ البحرين ـ ٣٢ سنة ـ بكالوريوس »

تهجّم الأعداء :

س : لقد كثر التهجّم على مذهبنا من البدع والخرافات التي التصقت بنا ، وخصوصاً عملية التطبير ، وأصبحت تروّج الصور المسيئة على صفحات الإنترنت

ج : مهما عملنا من عمل ، وتنزّلنا فسوف لن يرضى عنّا الأعداء ، ولن يتركونا بحالنا ، لأنّ هدفهم التنقيص من المذهب الحقّ

ونزيدك علماً ، بأنّ إقامة العزاء تختلف من قوم إلى آخر ، فلكلّ عادات وتقاليد لا يمكن محاربتها ، والوقوف أمامها ، مع عدم دلالة دليل على حرمتها

« علي نزار ـ الكويت ـ ٢٣ سنة ـ طالب كلّية الدراسات التجارية »

الدليل على مشروعية لبس السواد :

س : بالنسبة للبس السواد في مناسبات وفيات أهل البيت عليهم‌السلام ، وبالخصوص

٤٥٥

في أيّام عزاء الإمام الحسينعليه‌السلام ، أحببت لو تزوّدوني بالأدلّة التي تجوّز هذا الأمر ، وبخاصّة من مصادر إخواننا العامّة

وما هو الردّ على بعض الروايات الموجودة في الكافي وغيره ، والتي تنهى عن لبس السواد ؟ مثل هذه الرواية :

« عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : ( لمّا فتح رسول الله مكّة بايع الرجال ، ثمّ جاء النساء يبايعنه ، فأنزل الله عزّ وجلّ وقالت أُمّ حكيم بنت الحارث بن هشام ، وكانت عند عكرمة بن أبي جهل : يا رسول الله ما ذلك المعروف الذي أمرنا الله أن لا نعصيك فيه ؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تلطمن خدّاً ، ولا تخمشن وجهاً ، ولا تنتفن شعراً ، ولا تشققن جيباً ، ولا تسوّدن ثوباً ) »(١)

علماً أنّ هذه الرواية وجدتها مع مصدرها في نشرة دأب الوهّابيون على نشرها في أيّام محرّم ، أفيدونا جزاكم الله تعالى خيراً

ج : لقد ناقش الفقهاء في أصل مشروعية لبس السواد ، إلّا أنّ هناك ما يشبه الاتفاق على جوازه ، بل استحبابه في محرّم وعاشوراء حزناً على مصاب الإمام الحسينعليه‌السلام ، وإليك ما أورده بعضهم :

١ ـ واستثنى بعضهم ما لبسه للحسينعليه‌السلام فإنّه لا يكره ، بل يرجّح لغلبة جانب تعظيم شعائر الله على ذلك ، مضافاً إلى روايات متضافرة في موارد مختلفة ، يستفاد منها ذلك(٢)

٢ ـ لا يبعد استثناء لبس السواد في مأتم الحسينعليه‌السلام من هذه الأخبار ، لما استفاضت به الأخبار من الأمر بإظهار شعائر الأحزان(٣)

ولم يبين المحقّق البحراني الوجه في عدم شمول هذه الروايات لذلك ، والوجه في عدم الشمول هو : إنّ في لبس المؤمنين الثياب السوداء في وفيات الأئمّةعليهم‌السلام ، وبالخصوص في أيّام محرّم الحرام ، وشهر صفر إظهاراً لمودّتهم وحبّهم لأهل
______________________

(١) الكافي ٥ / ٥٢٦

(٢) شرائع الإسلام ١ / ٥٦ في هامشه

(٣) الحدائق الناضرة ٧ / ١١٨

٤٥٦

البيتعليهم‌السلام ، فيحزنون لحزنهم ، وإنّ هذا العمل من المؤمنين إحياء لأمر أهل البيتعليهم‌السلام

وقد روي عنهمعليهم‌السلام :« رحم الله من أحيا أمرنا » (١) ، فإذا ارتدى عامّة الناس من الرجال والشباب والأطفال الثياب السود ، كان ذلك ظاهرة اجتماعية تلفت نظر الغريب فيسأل : ماذا حدث ؟ بالأمس كان الأمر طبيعياً ، وكانت ألوان ثياب الناس مختلفة ، وأمّا اليوم فقد لبسوا كلّهم السواد ؟!

فعندما يوضّح له بأنّ اليوم يوم حزن ومصيبة على ريحانة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله الإمام الحسينعليه‌السلام ، كان هذا الأمر في حدّ نفسه إحياء لأمرهعليه‌السلام ، ولهذا اشتهر أنّ بقاء الإسلام بشهري محرّم وصفر ، وذلك لأنّ حقيقة الإسلام والإيمان قد أُحييا بواقعة كربلاء ، وهذا دليل لابدّ من المحافظة عليه ، لتراه الأجيال القادمة ماثلاً أمامهم ، فيحصل لهم اليقين به ، فإنّ الإمام الحسينعليه‌السلام نفسه قد أثبت أحقّية التشيّع ، وأبطل ما عداه

ثمّ من الروايات الواردة في استحباب لبس السواد على الإمام الحسينعليه‌السلام :

١ ـ ما رواه ابن قولويه : « إنّ ملكاً من ملائكة الفردوس الأعلى ، نزل على البحر ، ونشر أجنحته عليها ، ثمّ صاح صيحة وقال : يا أهل البحار ألبسوا أثواب الحزن ، فإنّ فرخ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مذبوح »(٢)

وفهم الشيخ النوري من هذه الرواية : عدم كراهة لبس السواد ، أو رجحانه حزناً على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، كما عليه سيرة كثير في أيّام حزنه ومأتمه(٣)

٢ ـ ما رواه البرقي ، بسنده عن عمر بن علي بن الحسين قال : « لمّا قتل جدّي الحسين بن عليعليهما‌السلام ، لبسن نساء بني هاشم السواد والمسوح ، وكن لا يشتكين من حرّ ولا برد ، وكان علي بن الحسينعليهما‌السلام يعمل لهن الطعام للمأتم »(٤)

______________________

(١) الاختصاص : ٢٩ ، الأمالي للشيخ الطوسي : ١٣٥

(٢) كامل الزيارات : ١٤٣

(٣) مستدرك الوسائل ٣ / ٣٢٨

(٤) المحاسن ٢ / ٤٢٠

٤٥٧

وهذه الرواية إضافة إلى دلالتها على مشروعية لبس السواد ، بل استحبابه في عاشوراء ، تدلّ على أُمور أُخرى ، منها : استحباب إقامة المأتم ، والإطعام ، والقيام بخدمة مقيمي مأتم عزاء الإمام الحسينعليه‌السلام ، حيث كان الإمام السجّادعليه‌السلام شخصيّاً يقوم بهذه الخدمة ، وكفى بذلك مقاماً لمقيمي المآتم

وفي الفتاوى نرى ما يلي : إنّ من الثابت استحباب مؤاساة أهل البيتعليهم‌السلام مطلقاً ، بحزنهم وفرحهم ، لعموم ما دلّ على ذلك ، ولاستحباب التأسّي بهم ، فقد جاء في الروايات ما دلّ بالخصوص على ذلك في شهر محرّم

فقد ورد أنّ بعض الأئمّةعليهم‌السلام كانت أيّام محرّم أيّام حزنه ، وعزائه ومصابه ، ونحن مأمورون باتخاذهم أسوة مطلقاً

وأمّا بالنسبة إلى الرواية المانعة التي ذكرتموها عن الكافي إن صحّت سنداً ـ فإنّها تدلّ على المنع على نحو الإطلاق ، فيخصّص ذلك الإطلاق بالروايات المجوّزة ، كالرواية التي يرويها الشيخ الطوسي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال :« ولقد شققن الجيوب ، ولطمن الخدود الفاطميات على الحسين بن علي عليهما‌السلام ، وعلى مثله تلطم الخدود ، وتشقّ الجيوب » (١)

وما روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام : « إنّ البكاء والجزع مكروه للعبد في كلّ ما جزع ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن عليعليهما‌السلام فإنّه فيه مأجور »(٢)

فلبس السواد ، ولطم الخدود ، وخمش الوجوه ، وغيرها وإن كانت مكروهة إلّا أنّ كراهيتها ترتفع إذا كانت للإمام الحسينعليه‌السلام

« سلمان ـ البحرين »

الأحاديث الناهية عن النياحة واللطم :

س : هناك أحاديث تنهي عن النياحة واللطم ، منها :

______________________

(١) تهذيب الأحكام ٨ / ٣٢٥

(٢) كامل الزيارات : ٢٠١

٤٥٨

١ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « النياحة من عمل الجاهلية »(١)

٢ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « صوتان ملعونان يبغضهما الله : إعوال عند مصيبة ، وصوت عند نعمة »(٢)

٣ ـ قال الإمام الصادقعليه‌السلام : « لا ينبغي الصياح على الميّت ، ولا تشقّ الثياب »(٣)

هل هذه الأحاديث صحيحة أو ضعيفة ؟ وإذا كانت صحيحة ، فهل يفهم منها أنّ النياح والصياح واللطم على الميّت مكروه محرّم ؟ وجزاكم الله خيراً

ج : بالنسبة إلى رواية « النياحة من عمل الجاهلية » ، فقد رواها الشيخ الصدوققدس‌سره مرسلة ، ولم يذكر لها سنداً

نعم روى عن شعيب بن واقد نهي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن النياحة(٤) ، ولكن في طريق السند إلى شعيب ، وقع حمزة بن محمّد العلوي ، وعبد العزيز بن محمّد ابن عيسى الاظهري ، وهما مهملان ، وشعيب نفسه غير مذكور في كتب الرجال فهو مجهول

ثمّ إنّ الرواية جمعت نواهي كثيرة ، بعضها مقطوع بكراهته ، وعليه فلا يدلّ النهي عن النياحة فيها على الحرمة ، إذ هي معارضة بروايات فيها جواز النياحة ، فطريق الجمع هو : حمل الحرمة على النوح بالباطل ، وللتفصيل أكثر راجع كتب الفقه ، هذا إذا لم تكن هذه الرواية صدرت تقية ، لشهرة هذا الحكم عند العامّة

وأمّا بالنسبة إلى الرواية الثانية ـ التي رواها القاضي النعمان ـ فهناك كلام طويل في المؤلّف ومذهبه ، بين كونه إمامي أو إسماعيلي ؟ وحذف أسانيد روايته في الكتاب طلباً للاختصار ، وقال : إنّه اقتصر على الثابت الصحيح ممّا جاء
______________________

(١) من لا يحضره الفقيه ٤ / ٣٧٦

(٢) دعائم الإسلام ١ / ٢٢٧

(٣) الكافي ٣ / ٢٢٥

(٤) من لا يحضره الفقيه ٤ / ٣

٤٥٩

عن الأئمّة من أهل بيت الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله

ولم يرد فيه عن الأئمّة بعد الإمام الصادقعليه‌السلام ، وعليه فلم يعتمد الفقهاء على كتابه ، وإنّما أخذوها كمؤيّدات

ثمّ إنّ هذه الرواية وردت عند العامّة بألفاظ أُخر ، ولا تخفى الإشارة على اللبيب ، فراجع

وأمّا بالنسبة إلى الرواية الثالثة ، ففيها الحسن الصيقل ، وهو لم يذكر بمدح ، وإنّما ذكره الشيخ في أصحاب الأئمّة ، وامرأته روت عن الإمام الصادقعليه‌السلام كما في هذه الرواية ، وروت عن زوجها الحسن الصيقل ، إضافة إلى وجود كلام في بقية رجال السند

وأمّا متن الرواية : فقد حمل قوله فيها :« لا ينبغي » على الكراهة ، وظاهر« لا ينبغي الصياح » هو الصياح العالي ، فمن حمل« لا ينبغي » على الحرمة ، قال : بحرمة الصياح العالي ، لا النوح بصوتٍ معتدل

« ـ ـ سنّي »

لا جزع في إقامتها :

س : إلى مركز الأبحاث العقائدية : أرجو أن يكون الاستدلال عن طريق كتب أهل السنّة ، لماذا الشيعة يحيون ذكرى شهادة الحسين ؟ أليس هذا من الجزع؟

ج : كأنّك تريد أن تقول : إنّ العزاء جزع ، والجزع منهي عنه ، فالعزاء منهي عنه

وهذا الاستدلال فاسد من حيث سقوط صغراه ، وذلك : إنّ العزاء ومأتم الحسينعليه‌السلام هو عبارة عن ذكر الإمام الحسين ، وذكر فضائله ومقامه ، ثمّ العروج على واقعة الطفّ ، وإظهار الحزن وذرف الدموع عليه

فإذا كان العزاء هو ذلك ، فنأتي إلى مفرداته ، فالمفردة الأُولى هي ذكر

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576