موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ١

موسوعة الأسئلة العقائديّة10%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-01-0
الصفحات: 576

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 576 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 227396 / تحميل: 6771
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠١-٠
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

والنتيجة : إنّ النسبة المذكورة مفتعلة قطعاً ، وضعها بعض الأُمويين للنيل من كرامة هذا الصحابي الجليل المتفاني في الولاية

« كرّار أحمد المصطفى ـ الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة ومبلّغ دين »

مكانة عبد الله بن جعفر ومحمّد بن الحنفية عندنا :

س : ما هي مكانة عبد الله بن جعفر ، ومحمّد بن الحنفية في وجداننا ؟ وهل هما مخلصان لأئمّة زمانهما ؟ ودمتم موفّقين لخدمة محمّد وآل محمّدعليهم‌السلام

ج : إنّهما كانا من الموالين لخطّ أهل البيتعليهم‌السلام بلاشكّ ولا شبهة

وأمّا الكلام فيهما من جهة عدم حضورهما في كربلاء ففيه وجوه وأقوال ، منها : أنّ تخلّفهما كان بأمر الإمامعليه‌السلام لمصالح شتّى

ومنها : وجود المانع من مرض وغيره

وعلى أيّ حال ، فلا إشكال في إخلاصهما وولائهما ؛ نعم من اليقين أنّ مكانتهما عند الشيعة وأئمّتهاعليهم‌السلام لا تصل إلى مقام شهداء كربلاء ، الذين ضحّوا بكلّ غالٍ ونفيس في سبيل العقيدة ، وفدوا الإمامعليه‌السلام بأرواحهم وأجسامهم

« السيّد محسن الميلاني ـ كندا ـ ٢٥ سنة ـ طالب »

العباس يُعدّ في المرتبة الأُولى بعد المعصومين :

س : هل يمكن القول بأنّ مقام أبي الفضل العباسعليه‌السلام أعلى من كلّ من هم دون المعصومين الأربعة عشر ؟ أفيدونا مأجورين

ج : إنّ المتتبّع لتاريخ حياة أبي الفضلعليه‌السلام يلمس بوضوح : بلوغ العباس بن عليعليهما‌السلام درجة عالية من الالتزام بالشريعة ، وطاعة أُولي الأمر ، المتمثّلين بالأئمّة المعصومينعليهم‌السلام ، بأن يوكل الإمام الحسينعليه‌السلام إليه مهمّة حمل رايته في واقعة

٤٠١

الطفّ ، وقيادة البيت الهاشمي في تلك المعركة

وفي فقرات الزيارة الواردة عن الإمام الصادقعليه‌السلام بسند معتبر ـ والتي يذكرها الشيخ القمّيقدس‌سره في مفاتيح الجنان ـ يلمس القارئ سمو منزلة أبي الفضلعليه‌السلام ، وشهادة المعصومعليه‌السلام بحقّه في بلوغه مراتب عدّة ، كما هو المستفاد من هذه الفقرات :« أشهد لك بالتسليم والتصديق والوفاء والنصيحة لخلف النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله » ، و« أشهد أنّك قتلت مظلوماً ، وأنّ الله منجز لكم ما وعدكم » ، و« أشهد وأشهد الله أنّك مضيت على ما مضى عليه البدريون والمجاهدون في سبيل الله » ، و« أشهد أنّك لم تهن ولم تنكل ، وأنّك مضيت على بصيرة من أمرك »

وغيرها من الفقرات التي يستفاد منها : إنّ العباسعليه‌السلام يُعدّ في المرتبة الأُولى بعد المعصومين الأربعة عشرعليهم‌السلام

وأمّا تحديد هذه المرتبة ومقدارها فعلمها عند الله تعالى ، لأنّ العصمة لطف إلهيّ وملكة نفسانية ، لا يتسنّى الاطلاع عليها ، نعم يمكن للمعصوم أن يخبر عنها

« إبراهيم حسين لمع ـ الكويت ـ ٣٢ سنة ـ طالب جامعة »

الكتب الشيعية المعتبرة ونقلها للأحاديث الضعيفة :

س : كنت أتصفّح بعض مواقع إخواننا أهل السنّة ، والذين أقول عنهم إخواننا حتّى ولو كانت مواقعهم تكفّرنا ، وندعو لهم بالهداية

قد أثاروا الكثير من الشبهات علينا ـ كتحريف القرآن ، ونوم الإمام عليعليه‌السلام في نفس الفراش مع عائشة والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ

ولكنّني بعد البحث وجدت ردوداً في مواقعنا على هذه الشبهات وهي مقنعة ، ففي معظم الأحيان فإنّ الروايات الواردة حتّى في الكافي حول هذا الموضوع هي روايات ضعيفة ، بل وغير معتبرة ، فإذا كانت كذلك لماذا تضمّنها هذا الكتاب القيّم ؟ ولم يتمّ إسقاطها منه ؟ آجركم الله

٤٠٢

ج : نحن لا ندّعي أن كتاب « الكافي » من الكتب التي لا يوجد فيها إلّا الصحيح من الحديث ، كما يدّعي أهل السنّة في بعض كتبهم ـ كالبخاري ومسلم ـ وأنّه لا يوجد فيها إلّا الصحيح من الحديث

بل نقول : كلّ كتبنا حتّى المعتبرة منها ـ ككتاب الكافي ـ من المحتمل أن توجد فيه روايات ضعيفة ، أي لم نحرز فيها شرائط الحجّية ، لا بمعنى أنّها مكذوبة ومجعولة ومدسوسة وموضوعة ، والسبب في ذلك : إنّ كثير من المحدّثين لم يشترطوا في جمعهم أن يكون الحديث صحيحاً ، بل جمعوا من الأحاديث ما يعلمون أنّ بعضها مرسلاً ، أو أن أصحابها مجهولون ، وما إلى ذلك

وعذرهم في ذلك هو : مادام يحتمل أن تكون الرواية صادرة عن الإمامعليه‌السلام فهم يدوّنوها ، ووزرها على من رواها ، وهو ليس مقصوراً على الشيعة ، وكذلك الحال في دلالة الروايات ، فإنّ المحدّثين وإن استبعدوا بعض الأحاديث ، فإنّهم أيضاً يدوّنونها مادام يحتمل من التغيّر والتأويل ما يجعل ذلك الحديث صحيحاً ، كما أنّ العلماء والمحدّثين لا يرون أنفسهم أنّهم أفقه الفقهاء في مضامين الأحاديث ، فإنّهم وإن لم يقبلوا بعض الأحاديث من جهة المضمون ، إلّا أنّهم ينقلونها إلى من هو أفقه قولاً منهم ، عملاً بقول الإمام الصادقعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« نضر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها ، وبلّغها من لم تبلغه ، يا أيّها الناس ليبلّغ الشاهد الغائب ، فربّ حامل فقه ليس بفقيه ، وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه » (١)

ومن هنا فالبحث في صحّة وضعف بعض الأحاديث لم يتوقّف لحدّ الآن ، لأنّ جرح الرجال وتعديلهم ما يكون حسّي ، وما يكون حدسي اجتهادي ، ثمّ إنّ بعض الأحاديث لها معاضد ومؤيّد ، وبعضها يظهر لها طرق أُخرى ، ثمّ أنّ مباني تضعيف وتوثيق الرجال تختلف بين علماء الرجال ، وبالتتبع تصحّح أو تحسّن أو
______________________

(١) الكافي ١ / ٤٠٣

٤٠٣

تضعّف الأحاديث ، فلاحظ

« عيسى سلمان ـ البحرين ـ ٣٦ سنة ـ طالب ثانوية »

ترجمة المختار الثقفي وتاريخ ثورته :

س : من هو المختار ؟ ومتى كانت ثورته ؟

ج : قال ابن نما الحلّي حول المختار ما نصّه : « هو المختار بن أبي عبيدة بن مسعود بن عمير الثقفي ، وقال المرزباني : ابن عمير بن عقدة بن عنزة ، كنيته أبو إسحاق ، وكان أبو عبيدة والده يتنوّق في طلب النساء ، فذكر له نساء قومه ، فأبى أن يتزوّج منهن ، فأتاه آت في منامه ، فقال : تزوّج دومة الحسناء الحومة ، فما تسمع فيها للائم لومه ، فأخبر قومه ، فقالوا : قد أمرت ، فتزوّج دومة بنت وهب بن عمر بن معتب ، فلمّا حملت بالمختار ، قالت : رأيت في النوم قائلاً يقول :

ابشري بالولد

أشبه شيء بالأسد

إذا الرجال في كبد

تقاتلوا على بلد

كـان لـه الحـظّ الأشد

         

فلمّا وضعت أتاها ذلك الآتي فقال لها : إنّه قبل أن يترعرع ، وقبل أن يتشعشع ، قليل الهلع ، كثير التبع ، يدان بما صنع .

كان مولده في عام الهجرة ، وحضر مع أبيه وقعة قس الناطف ، وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، وكان يتفلّت للقتال فيمنعه سعد بن مسعود عمّه ، فنشأ مقداماً شجاعاً لا يتّقي شيئاً ، وتعاطى معالي الأُمور ، وكان ذا عقل وافر ، وجواب حاضر ، وخلال مأثورة ، ونفس بالسخاء موفورة ، وفطرة تدرك الأشياء بفراستها ، وهمّه تعلو على الفراقد بنفاستها ، وحدس مصيب ، وكفّ في الحروب مجيب ، ومارس التجارب فحنكته ، ولابس الخطوب فهذّبته

وروي عن الأصبغ بن نباتة أنّه قال : رأيت المختار على فخذ أمير المؤمنينعليه‌السلام ،

٤٠٤

وهو يمسح رأسه ويقول :« يا كيّس يا كيّس » ، فسمّي كيسان »(١)

وقد اختلفت الروايات عنه ، فمنها مادحة ، ومنها ذامّة ، فمن المادحة : ما ورد عن الإمام الباقرعليه‌السلام أنّه قال :« لا تسبّوا المختار ، فإنّه قتل قتلتنا ، وطلب بثأرنا ، وزوّج أراملنا ، وقسّم فينا المال على العسرة » (٢)

وكذلك ما ورد عن الإمام الباقرعليه‌السلام لابن المختار لمّا سأله عن أبيه ، فقالعليه‌السلام : « سبحان الله ، أخبرني أبي والله أنّ مهر أُمّي ممّا بعث به المختار ، أولم يبن دورنا ؟ وقتل قاتلنا ؟ وطلب بدمائنا ، فرحمه الله ما ترك لنا حقّاً عند أحد إلّا طلبه »(٣)

أمّا الروايات الذامّة : فمنها ما ورد عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال :« كان المختار يكذب على علي بن الحسين عليهما‌السلام » (٤) ، وكذلك ما ورد عن علي بن الحسينعليهما‌السلام رفضه لإحدى هداياه ، وقولهعليه‌السلام لرسل المختار :« أميطوا عن بابي ، فإنّي لا أقبل هدايا الكذّابين ، ولا أقرأ كتبهم » (٥)

والروايات الذامّة للمختار ضعيفة السند جدّاً ، كما ذكر السيد الخوئي في معجمه(٦) ، وقال أيضاً : « ويكفي في حسن حال المختار إدخاله السرور على قلوب أهل البيتعليهم‌السلام بقتله قتلة الحسينعليه‌السلام ، وهذه خدمة عظيمة لأهل البيتعليهم‌السلام ، يستحقّ بها الجزاء من قبلهم »(٧)

أمّا ثورة المختار ، فقد كانت ليلة الأربعاء لأربع عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر ، سنة ست وستين(٨)

______________________

(١) ذوب النضار : ٥٩

(٢) اختيار معرفة الرجال ١ / ٣٤٠ ، خلاصة الأقوال : ٢٧٦ ، رجال ابن داود : ٢٧٧

(٣) اختيار معرفة الرجال ١ / ٣٤٠ ، رجال ابن داود : ٢٧٧

(٤) اختيار معرفة الرجال ١ / ٣٤٠ ، رجال ابن داود : ٢٧٧

(٥) اختيار معرفة الرجال ١ / ٣٤١ ، رجال ابن داود : ٢٧٧

(٦) معجم رجال الحديث ١٩ / ١٠٥

(٧) المصدر السابق ١٩ / ١٠٨

(٨) الأمالي للشيخ الطوسي : ٢٤٠

٤٠٥

« ـ ـ »

خولة والدة محمّد بن الحنفية :

س : أرجو أن تسعفوني بإعطائي معلومات عن والدة محمّد بن الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام المعروف بمحمّد بن الحنفية ، وهل هي من قوم مالك بن نويرة ؟

ج : ليست أُمّه من قوم مالك بن نويرة وسبيه ، بل في تزوّج الإمامعليه‌السلام منها عدّة روايات ، ليس فيها واحدة بأنّها من قوم مالك ، وإليك بعضها :

١ ـ إنّها من سبي اليمامة في عهد أبي بكر

قال الذهبي : « وأُمّه من سبي اليمامة زمن أبي بكر »(١)

وقال المزّي : « واسمها خولة بنت جعفر بن حنيفة ، وكانت من سبي اليمامة الذين سباهم أبو بكر ، وقيل : كانت أُمّه لبني حنفية ، ولم تكن من أنفسهم »(٢)

وقال ابن سعد : « عن فاطمة بنت المنذر ، عن أسماء بنت أبي بكر ، قالت : رأيت أُمّ محمّد بن الحنفية سندية سوداء ، كانت أمة لبني حنيفة ، لم تكن منهم ، وإنّما صالحهم خالد على الرقيق ، ولم يصالحهم على أنفسهم »(٣)

ويشهد لهذه الرواية ما رواه ابن كثير عن غزوة اليمامة : « وخرج خالد وتبعه مجاعة بن مرارة يرسف في قيوده ، فجعل يريه القتلى ليعرفه بمسيلمة ثمّ بعث خالد الخيول حول اليمامة ، يلتقطون ما حول حصونها من مال وسبيّ ، ثمّ عزم على غزو الحصون ، ولم يكن بقي فيها إلّا النساء والصبيان والشيوخ الكبار فانتظر ـ خالد ـ الصلح ، ودعاهم خالد إلى الإسلام فأسلموا عن آخرهم ، ورجعوا إلى الحقّ ، وردَّ عليهم خالد بعض ما أخذ من السبيّ ، وساق الباقين إلى
______________________

(١) سير أعلام النبلاء ٤ / ١١٠

(٢) تهذيب الكمال ٢٦ / ١٤٨

(٣) الطبقات الكبرى ٥ / ٩١

٤٠٦

الصدّيق ، وقد تسرى علي بن أبي طالبعليه‌السلام بجارية منهم ، وهي أُمّ ابنه محمّد ، الذي يقال له : محمّد بن الحنفيةرضي‌الله‌عنه »(١)

وقد روى البخاري عن أنس قال : « ويوم اليمامة على عهد أبي بكر يوم مسيلمة الكذّاب »(٢) ، وأقرَّ ذلك ابن حجر في شرحه لهذه الرواية(٣)

وقال ابن حجر : « وهي خولة بنت جعفر بن قيس من بني حنيفة ، ويقال من مواليهم ، سبيت في الردّة من اليمامة »(٤)

فجميع هذه الروايات عند هؤلاء المحقّقين تؤكّد : بأنّ الحنفية من اليمامة ، من قوم مسيلمة الكذّاب ، وإنّما اختلفوا في كونها من بني حنيفة أنفسهم ، أو أنّها أمة لهم ليس إلّا

٢ ـ إنّها من سبي اليمن في ردّتهم على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

قال البلاذري : « قال علي بن محمّد المدائني : بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله علياً إلى اليمن ، فأصاب خولة في بني زبيد ، وقد ارتدّوا مع عمرو بن معدي كرب ، وصارت في سهمه ، وذلك في عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« إن ولدت منك غلاماً فسمّه باسمي وكنّه كنيتي » ، فولدت له بعد موت فاطمةعليها‌السلام غلاماً فسمّاه محمّداً ، وكنّاه أبا القاسم »(٥)

٣ ـ إنّها تزوّجت أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد أن أعتقها

قال البلاذري : « أغارت بنو أسد بن خزيمة على بني حنيفة ، فسبوا خولة بنت جعفر ، ثمّ قدموا بها المدينة في أوّل خلافة أبي بكر فباعوها من عليعليه‌السلام ، وبلغ الخبر قومها ، فقدموا المدينة على عليعليه‌السلام فعرفوها ، وأخبروه بموضعها
______________________

(١) البداية والنهاية ٦ / ٣٥٨

(٢) صحيح البخاري ٥ / ٣٨

(٣) فتح الباري ٧ / ٢٨٨

(٤) تهذيب التهذيب ٩ / ٣١٥

(٥) أنساب الأشراف : ٢٠٠

٤٠٧

منهم ، فأعتقها علي ومهرها وتزوّجها ، فولدت له محمّداً ابنه وهذا أثبت من خبر المدائني »(١)

ويشهد لهذه الرواية ويقاربها ما رواه ابن حجر فقال : « خولة بنت إياس بن جعفر الحنفية ، والدة محمّد بن علي بن أبي طالب ، رآها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في منزله فضحك ، ثمّ قال :« يا علي أمّا إنّك تتزوّجها من بعدي ، وستلد لك غلاماً فسمّه باسمي ، وكنّه كنيتي وأنحله »

رويناه في فوائد أبي الحسن أحمد بن عثمان الآدمي من طريق إبراهيم بن عمر ابن كيسان ، عن أبي جبير عن أبيه قنبر حاجب علي ، قال : رآني علي فذكره ، وسنده ضعيف ، وثبوت صحبتها مع ذلك يتوقّف على أنّها كانت حينئذٍ مسلمة »(٢)

والنتيجة : فإنّه على جميع الاحتمالات والروايات ، ليس هناك شكّ في أنّ الحنفية ليست من سبيّ قوم الصحابي الجليل مالك بن نويرة

« ـ ـ »

خالد بن الوليد وتعلّقه بزوجة مالك بن نويرة :

س : هل كان خالد بن الوليد مأموراً بقتل مالك بن نويرة ؟

ج : إنّ خالداً لم يؤمر بالذهاب إلى مالك ، وقد خالفه الأنصار في ذهابه إليه ، وبالتالي يتبيّن بأنّ خالداً ذهب لغرض آخر ، ألا وهو امرأة مالك ، حتّى إنّ مالكاًرضي‌الله‌عنه أخبرنا بذلك ، وهو شاهد عيان لما يدور حوله ، وما يعرفه من خالد عندما رأى امرأته عند أسره ، وهي مكشوفة الوجه ، قال لها : لقد قتلتيني ، أي أنّي سأقتل بسببك ، وهذا قول من يشاهد الأحداث ، بل المجنى عليه ، وهو
______________________

(١) المصدر السابق : ٢٠١

(٢) الإصابة ٨ / ١١٣

٤٠٨

خير شاهد ، وليس هو قول الجاني أو أنصاره ، أو حتّى قولنا بعد أكثر من ألف وأربعمائة سنة

ولنسرد الروايات والأقوال في مالك ، وقتل خالد له ، ومن أصحّ الكتب والمحقّقين عند أهل السنّة

١ ـ قال ابن حجر : « قال المرزباني : وكان ـ مالك بن نويرة ـ من أرداف الملوك ، وكان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله استعمله على صدقات قومه ، فلمّا بلغته وفاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أمسك الصدقة وفرّقها في قومه »(١)

٢ ـ روى عبد الرزّاق عن معمر عن الزهري : « إنّ أبا قتادة قال : خرجنا في الردّة حتّى إذا انتهينا إلى أهل أبيات ، حتّى طلعت ـ أي طفقت ـ الشمس للغروب ، فأرشفنا إليهم الرماح ، فقالوا : من أنتم ؟ قلنا : نحن عباد الله ، فقالوا : ونحن عباد الله ، فأسرهم خالد بن الوليد ، حتّى إذا أصبح أمر أن يضرب أعناقهم

قال أبو قتادة : فقلت : اتقِ الله يا خالد ! فإنّ هذا لا يحلّ لك ، قال : اجلس ، فإنّ هذا ليس منك في شيء

قال : فكان أبو قتادة يحلف لا يغزو مع خالدٍ أبداً

قال : وكان الأعراب هم الذين شجّعوه على قتلهم من أجل الغنائم ، وكان ذلك في مالك بن نويرة »(٢)

٣ ـ روى المتّقي الهندي عن أبي عون وغيره : « إنّ خالد بن الوليد ادّعى أنّ مالك ابن نويرة ارتدّ بكلام بلغه عنه ، فأنكر مالك ذلك ، وقال : أنا على الإسلام ما غيَّرت ولا بدَّلت ، وشهد له بذلك أبو قتادة ، وعبد الله بن عمر ، فقدّمه خالد وأمر ضرار بن الأزور الأسدي فضرب عنقه ، وقبض خالد امرأته ، فقال ـ أي عمر ـ لأبي بكر : إنّه قد زنى فارجمه ، فقال أبو بكر : ما كنت لأرجمه ، تأوّل فأخطأ

______________________

(١) الإصابة ٥ / ٥٦٠

(٢) المصنّف للصنعاني ١٠ / ١٧٤

٤٠٩

قال : فإنّه قد قتل مسلماً فاقتله ، قال : ما كنت لأقتله ، تأوّل فأخطأ

قال : فاعزله ، قال : ما كنت لأشيم ـ أي لأغمد ـ سيفاً سلَّه الله عليهم أبداً »(١)

٤ ـ روى ابن عساكر الزهري عن سالم عن أبيه قال : « قدم أبو قتادة على أبي بكر فأخبره بقتل مالك بن نويرة وأصحابه ، فجزع من ذلك جزعاً شديداً ، فكتب إلى خالد ، فقدم عليه ، فقال أبو بكر : هل يزيد خالد على أن يكون تأوّل فأخطأ » ؟(٢)

٥ ـ أقرّ ابن حجر بأسلوب خالد وتصرّفاته فقال : « وكان سبب عزل عمر خالداً ما ذكره الزبير بن بكار قال : كان خالد إذا صار إليه المال قسّمه في أهل الغنائم ، ولم يرفع إلى أبي بكر حساباً ، وكان فيه تقدّم على أبي بكر ، يفعل أشياء لا يراها أبو بكر ، أقدم على قتل مالك بن نويرة ، ونكح امرأته ، فكره ذلك أبو بكر ، وعرض الدية على متمم بن نويرة ، وأمر خالداً بطلاق امرأة مالك ، ولم يرَ أن يعزله ، وكان عمر ينكر هذا وشبههُ على خالد ، وكان أميراً عند أبي بكر »(٣)

٦ ـ أمّا ابن كثير فقد روى قصّة مالك مع خالد كما يلي : « فصل في خبر مالك بن نويرة اليربوعي التميمي : كان قد صانع سجاح حين قدمت من أرض الجزيرة ، فلمّا اتصلت بمسيلمة ـ لعنهما الله ـ ثمّ ترحّلت إلى بلادها ـ فلمّا كان ذلك ـ ندم مالك بن نويرة على ما كان من أمره ، وتلوَّم في شأنه ، وهو نازل بمكان يقال له : البطاح ، فقصدها خالد بجنوده ، وتأخّرت عنه الأنصار ، وقالوا : إنّا قد قضينا ما أمرنا به الصدّيق ، فقال لهم خالد : إنّ هذا أمر لابدّ من فعله ، وفرصة لابدّ من انتهازها ، وإنّه لم يأتني فيها كتاب ، وأنا الأمير ، وإليّ
______________________

(١) كنز العمّال ٥ / ٦١٩

(٢) تاريخ مدينة دمشق ١٦ / ٢٥٦

(٣) الإصابة ٢ / ٢١٨

٤١٠

تردّ الأخبار ، ولست بالذي أجبركم على المسير ، وأنا قاصد البطاح !!

فسار يومين ، ثمّ لحقه رسول الأنصار يطلبون منه الانتظار فلحقوا به ، فلمّا وصل البطاح ، وعليها مالك بن نويرة ، فبثّ خالد السرايا في البطاح فجاءته السرايا ، فأسروه وأسّروا معه أصحابه ، واختلفت السرية فيهم ، فشهد أبو قتادة ـ الحرث بن ربعي الأنصاري ـ أنّهم أقاموا الصلاة ، وقال آخرون ـ أي الأعراب الذين ذكرهم أبو قتادة كما في الرواية الأُولى أنّهم شجّعوا خالداً من أجل الغنائم ـ : أنّهم لم يؤذّنوا ولا صلُّوا وقتل ضرار بن الأزور مالك بن نويرة ، فلمّا سمع الداعية ، خرج وقد فرغوا منهم !! فقال : إذا أراد الله أمراً أصابه

واصطفى خالد امرأة مالك بن نويرة !! وهي أُمّ تميم ابنة المنهال ، وكانت جميلة !! فلمّا حلّت بني بها ـ وهذا تردّه الروايات الأُخرى الأصحّ منه ـ وأمر برأسه فجعله مع حجرين ، وطبخ على الثلاثة قدراً ويقال : إنّ شعر مالك جعلت النار تعمل فيه إلى أن نضج لحم القدر ، ولم تفرغ الشعر لكثرته !! ـ لكثرته أم لكرامته ! ـ وقد تكلّم أبو قتادة مع خالد فيما صنع ، وتقاولا في ذلك ، حتّى ذهب أبو قتادة فشكاه إلى الصدّيق ، وتكلّم عمر مع أبي قتادة في خالد وجاء متمم بن نويرة فجعل يشكو إلى الصدّيق خالداً ، وعمر يساعده ، وينشد الصدّيق ما قال في أخيه من المراثي ، فوداه الصدّيق من عنده واستمر أبو بكر بخالد على الإمرة ، وإن كان قد اجتهد في قتل مالك بن نويرة وأخطأ في قتله » !(١)

٧ ـ ونختم برواية ابن الأثير ، ونكتفي بقوله وتعليقه : « مالك بن نويرة قدم على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واستعمله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على بعض صدقات بني تميم ، فلمّا توفّي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وارتدّت العرب ، وظهرت سجاح ، وادعت النبوّة صالحها ، إلّا إنّه لم تظهر عنه ردّة ، وأقام بالبطاح ، فلمّا فرغ خالد من بني أسد وغطفان ،
______________________

(١) البداية والنهاية ٦ / ٣٥٤

٤١١

سار إلى مالك ، وقدم البطاح ، فلم يجد به أحد ، كان مالك قد فرّقهم ونهاهم عن الاجتماع ، فلمّا قدم خالد البطاح بثّ سراياه ، فأتى بمالك بن نويرة ونفرٍ من قومه ، فاختلفت السرية فيهم ، وكان فيهم أبو قتادة ، وكان فيمن شهد أنّهم أذّنوا وأقاموا وصلّوا ، فحبسهم في ليلة باردة ، وأمر خالد فنادى ادفئوا أسراكم ...!! ، فخرج وقد قُتِلوا ، فتزوّج خالد امرأته !!

فقال عمر لأبي بكر : سيف خالد فيه رهق وأكثرَ عليه ، فقال أبو بكر : تأوّل فأخطأ ، ولا أشيم سيفاً سلّه الله على المشركين ، وودى مالكاً ، وقدم خالد على أبي بكر ، فقال له عمر : يا عدّو الله ، قتلت امرءاً مسلماً ، ثمّ نزوت على امرأته ، لأرجمنّك

وقيل : إنّ المسلمين لما غشّوا مالكاً وأصحابه ليلاً أخذوا السلاح ، فقالوا : نحن المسلمون ، فقال أصحاب مالك : ونحن المسلمون ، فقالوا لهم : ضعوا السلاح وصلُّوا فقدم متمم على أبي بكر يطلب بدم أخيه ، وأن يردَّ عليهم سبيهم ، فأمر أبو بكر بردِّ السبيّ ، وودى مالكاً من بيت المال فهذا جميعه ذكره الطبري وغيره من الأئمّة ، ويدلّ على أنّه لم يرتَدَّ

وقد ذكروا في الصحابة أبعد من هذا ، فتركهم هذا عجب ، وقد أختلف في ردّته ، وعمر يقول لخالد ٍ : قتلت امرءاً مسلماً ، وأبو قتادة يشهد أنّهم أذّنوا وصلّوا ، وأبو بكر يردّ السبيّ ، ويعطي دية مالك من بيت المال ، فهذا جميعه يدلّ على أنّه مسلم رحمه الله ورضي عنه »(١)

أقول : ونستفيد من هذه الروايات أيضاً بأنّ سبي خالد لقوم مالك ليس شرعيّاً

ونختم برواية تشهد لما قدّمناه من سبب قتل خالدٍ مالكاً كما يرويها الذهبي : « إنَّ خالداً بثّ السرايا ، فأتي بمالك ، فاختلف قول الناس فيهم وفي
______________________

(١) أُسد الغابة ٤ / ٢٩٥

٤١٢

إسلامهم ، وجاءت أُمّ تميم كاشفة وجهها فأكبّت على مالك ، وكانت أجمل الناس ، فقال لها : إليك عنّي ، فقد والله قتلتني

فأمر بهم خالد ، فضُربت أعناقهم ، فقام أبو قتادة فناشده فيهم ، فلم يلتفت إليه ، فركب أبو قتادة فرسه ، ولحق بأبي بكر وحلف : لا أسير في جيش وهو تحت لواء خالد

وقال : ترك قولي وأخذ بشهادة الأعراب الذين فتنتهم الغنائم »(١) ، ورواه أيضاً ابن عساكر(٢)

وقال ابن حجر : « وروى ثابت بن قاسم في الدلائل : إنّ خالداً رأى امرأة مالك ، وكانت فائقة في الجمال ، فقال مالك بعد ذلك لامرأته : قتلتيني ، يعني سأُقتل من أجلك »(٣)

فقد ثبت من كلّ ذلك أنّه ليس هناك ردّة لمالك ، ولا سبي صحيح ، بل أرجع لهم سبيهم ، وبقي مالك مسلماً صحابياً جليلاً

« خالد ـ الجزائر ـ ٢٧ سنة ـ التاسعة أساسي »

ابن النديم صاحب الفهرست ليس شيعياً :

س : في الحقيقة أردت أن أسال سماحتكم عن ابن النديم ، صاحب كتاب الفهرست ، هل هو شيعي ـ كما يقول البعض ـ أم أنّه من العامّة ؟ وبارك الله فيكم ، ونسألكم الدعاء

ج : هناك الكثير من المؤشّرات التي ترجّح عدم كون ابن النديم شيعياً ، منها :

١ ـ عدم ترجمة النجاشي والشيخ الطوسي له في كتابيهما ، فيظهر منه أنّ
______________________

(١) سير أعلام النبلاء ١ / ٣٧٧

(٢) تاريخ مدينة دمشق ١٦ / ٢٥٨

(٣) الإصابة ٥ / ٥٦١

٤١٣

الرجل من أهل العامّة(١)

٢ ـ عندما يذكر الأئمّةعليهم‌السلام لا يقول : الإمام الصادق مثلاً ، بل يقول : جعفر الصادق ، دون الإشارة إلى إمامته ، وهذا على خلاف عادة الكتّاب الشيعة

٣ ـ عندما يذكر مؤمن الطاق ، يعنونه بشيطان الطاق ، ثمّ يقول : إنّ الشيعة تلقّبه بمؤمن الطاق

٤ ـ تتلمذه على البلاذري نديم المتوكّل العباسيّ ، المعروف بعدائه ونصبه لأهل البيتعليهم‌السلام

٥ ـ تقديمه لذكر فقهاء المذاهب الأُخرى على فقهاء الشيعة في كتاب الفهرست

٦ ـ بعض الذين وصفوه بالتشيّع ، استدلّوا على ذلك بحجج واهية ، فمثلاً الزركلي يقول عنه : « وكان معتزلياً متشيّعاً ، يدلّ كتابه على ذلك ، فإنّه كما يقول ابن حجر ، يسمّي أهل السنّة الحشوية ، ويسمّي الأشاعرة المجبّرة ، ويسمّي كلّ من لم يكن شيعياً عامّياً »(٢)

فإنّ ذكره لأسمائهم هذه المتداولة في عصره لا تجعله لوحدها شيعياً

« عبد الله ـ السعودية ـ ٣٨ سنة »

روايات عقد الفريد لابن عبد ربّه الأندلسي :

س : ربما يقول أو يشكل بعضهم : إنّ أكثر استشهاداتك مأخوذة من كتاب العقد الفريد للأندلسي ، وهذا الكتاب كتاب أدب ، وفيه ما فيه من المبالغات والتصوّرات والتخيّلات التي لا واقع لها ، كما يفعل الشعراء والأدباء في وصفهم للأحداث والأشياء ، إذ تراهم يبالغون في الوصف للوصول إلى الغاية الأدبية ، أو قد يتصوّرون تصوّرات يسقطونها على أحداث واقعية

______________________

(١) أُنظر : معجم رجال الحديث ١٦ / ٧٢

(٢) الأعلام ٦ / ٢٩

٤١٤

وابن عبد ربّه الأندلسي أديب ، ولا يستثنى من هذه القاعدة ، وكتابه هو كتاب أدب ، وليس كتاب تاريخ ، أو أحاديث يوثق به ويطمئن إليه ، بل أكثر من ذلك ، إذ يعمد أحياناً إلى اتهام العقد الفريد أنّه مشحون بالأكاذيب ، طبعاً هذا ما قاله لي أحد الأصدقاء السنّة في معرض ردّه عليّ حين استدلالي بالعقد الفريد على نقطة أثرتها معه

ج : أعلم أنّنا لا نقول بصحّة كلّ ما في بطون الكتب ـ إلّا كتاب الله تعالى ـ كما يفعل إخواننا السنّة ، بل كلّ كتاب عندنا مهما تكن وثاقته ، مؤلّفه خاضع عندنا للجرح والتعديل ، وهذا ما تجده في كثير من بحوث علمائنا ، هذا من جهة

أمّا الجهة الأُخرى ، فالرواية وإن وردت في العقد الفريد ، فإنّ كانت ذات سند فنبحث عن سندها ، وكذلك ما يعضدها من مصادر أُخرى وردت فيها ، وبالتالي يرتقي بحثك إلى صورة علمية واقعية لا تقبل الشكّ ، وهذا ليس بخصوص العقد الفريد ، بل كلّ كتاب فهو ليس وحده مشحون بالأكاذيب ـ على قولك ـ بل حتّى كتب التاريخ والرواة وغيرهم مشحونة بالأكاذيب ، فكان الخليفة يعطي لمن يضع حديث في ذمّ عليعليه‌السلام الآلاف من الدنانير الذهب من بيت مال المسلمين ، فما المانع من وضعها ؟!

كما فعل بعض ممّن يعدّ من الصحابة ومجموعة من التابعين !!

« حسن حبيب ـ السعودية ـ ٢٤ سنة ـ طالب »

ابن الصبّاغ المالكي ليس شيعياً :

س : سؤالي حول ابن الصبّاغ المالكي ، أين أجد من أثنى عليه من علماء إخواننا السنّة ؟ لأنّه اتهم بالرفض

ج : ابن الصبّاغ المالكي ، من مشاهير فقهاء المالكية ، وقد أكثر النقل عنه نور الدين السمهودي في كتابه « جواهر العقدين » ، وعبّر عنه الشيخ أحمد ابن عبد القادر العجيلي الشافعي بـ : « الشيخ الإمام علي بن محمّد الشهير بابن

٤١٥

الصبّاغ من علماء المالكية »

وقد ذكر رشيد الدين خان الدهلوي كتاب « الفصول المهمّة » لابن الصبّاغ ، وقال : « إنّه من كتب أهل السنّة »

وقد أكثر النقل من كتاب « الفصول المهمّة » عبد الله بن محمّد المدني الشافعي في كتابه « الرياض الزاهرة »

وترجم له الزركلي في « الأعلام » بقوله : « ابن الصبّاغ : فقيه مالكي »(١)

ويروي عنه بالإجازة السخاوي ، وينقل عن فصوله المهمّة الصفوري في « نزهة المجالس » ، ونقل عنه الحلبي في سيرته ، والشيخاني القادري في « الصراط السوي » ، ومحمّد محبوب عالم في تفسيره ، والصبّان في « إسعاف الراغبين » ، والعدوي الحمزاوي في « مشارق الأنوار » ، والشبلنجي في « نور الأبصار »(٢) ، والمولوي الدهلوي في « سعادة الكونين » ، والبلخي في « ينابيع المودّة » ، ونجم الدين المكّي في « اتحاد الورى »

وكان ابن الصبّاغ المالكي يلقّب بألقاب التفخيم كالعلّامة والإمام ، والشيخ والبحر إلى غير ذلك من ألفاظ الإعجاب والتقدير ، التي تنم عن علوّ منزلته العلمية وجميع هؤلاء الأفاضل الأماثل اتفقوا بأنّ ابن الصبّاغ كان من أكابر علماء السنّة ، وأعاظم محدثيهم

« حسن حبيب ـ السعودية ـ ٢٤ سنة ـ طالب »

سبط ابن الجوزي ليس شيعياً :

س : سؤالي حول سبط ابن الجوزي ، أين أجد من أثنى عليه من علماء إخواننا السنّة ؟ لأنّه اتهم بالرفض

______________________

(١) الأعلام ٥ / ٨

(٢) نور الأبصار : ٧٥

٤١٦

ج : لقد أثنى عليه علماء أهل السنّة ، واعتمدوا عليه ونقلوا عنه ، ووثّقوه وأطّروه ، ومنهم :

أ ـ ابن خلكان بترجمة ابن الجوزي : « وكان سبطه شمس الدين أبو المظفّر يوسف بن قزغلي الواعظ المشهور ، حنفي المذهب ، وله صيت وسمعة في مجالس وعظه ، وقبول عند الملوك وغيرهم ، وصنّف تاريخاً كبيراً رأيته بخطّه في أربعين مجلّداً ، سمّاه مرآة الزمان »(١)

ب ـ اليافعي : « العلّامة الواعظ المؤرّخ اسمعه جدّه ، ومن جماعة ، وقدم دمشق سنة بضع وستمائة ، فوعظ بها وحصل له القبول العظيم ، للطف شمائله ، وعذوبة وعظه ، وله تفسير في تسعة وعشرين مجلّداً ، وشرح الجامع الكبير ، وجمع مجلّداً في مناقب أبي حنيفة ، ودرّس وأفتى ، وكان في شبيبته حنبلياً ، ولم يزل وافر الحرمة عند الملوك »(٢)

ج ـ القطب التوسي ، وقد عظّم شأن مرآة الزمان القطب التوسي ، فقال في الذيل الذي كتبه بعد أن ذكر التواريخ : فرأيت أجمعها مقصداً ، وأعذبها مورداً ، وأحسنها بياناً ، وأصحّها رواية ، تكاد جنّة ثمرها تكون عياناً مرآة الزمان

وقال في ترجمته : « كان له القبول التامّ عند الخاصّ والعامّ من أبناء الدنيا ، وأبناء الآخرة ، ولما ذكر أنّه تحوّل حنفياً لأجل المعظم عيسى ، قال : إنّه كان يعظم الإمام أحمد ، ويتغالى فيه ، وعندي أنّه لم ينقل عن مذهبه إلّا في الصورة الظاهرة »(٣)

د ـ الأزنيقي : « شمس الدين أبو مظفّر يوسف بن قزغلي الواعظ المشهور ، حنفي المذهب ، وله صيت وسمعة في مجالس وعظه ، وقبول عند الملوك وغيرهم ،
______________________

(١) وفيات الأعيان ٣ / ١١٨

(٢) مرآة الجنان : ٦٥٤

(٣) لسان الميزان ٦ / ٣٢٨

٤١٧

روي عن جدّه ببغداد ، وسمع ابن الفرج ابن كليب وابن طبرزد ، وسمع بالموصل ودمشق وحدّث بها وبمصر »(١)

هـ ـ الذهبي : « ابن الجوزي العلّامة الواعظ المؤرّخ درّس وأفتى ، وكان في شيبته حنبلياً ، توفّي في الحادي والعشرون من ذي الحجّة ، وكان وافر الحرمة عند الملوك »(٢)

ومحمود بن سليمان الكفوي : « يوسف بن قزغلي بن عبد الله البغدادي ، سبط الحافظ أبي الفرج ابن الجوزي الحنبلي ، صاحب مرآة الزمان في التاريخ ، ذكره الحافظ شرف الدين في معجم شيوخه تفقّه وبرع وسمع من جدّه وكان إماماً عالماً فقيهاً ، واعظاً جيّداً نبيهاً ، يلتقط الدرر من كلمه ، ويتناثر الجوهر من حكمه وله القبول التامّ عند العلماء والأمراء ، والخاصّ والعامّ ، وله تصانيف معتبرة مشهورة »(٣)

ز ـ ابن الوردي : « الشيخ شمس الدين يوسف سبط جمال الدين ابن الجوزي ، واعظ فاضل ، له مرآة الزمان تاريخ جامع ، قلت : وله تذكرة الخواص من الأُمّة من مناقب الأئمّة »(٤)

ح ـ أبو مؤيّد الخوارزمي : « أمّا المسند الأوّل ، وهو مسند الأُستاذ أبي محمّد الحارثي البخاري ، فقد أخبرني الأئمّة بقراءتي عليهم : والشيخ الإمام شمس الدين يوسف بن عبد الله ، سبط الإمام الحافظ أبي الفرج ابن الجوزي بقراءتي عليه »(٥)

وهذا ولقد اعتمد على روايته جمهور علماء السنّة ، بل لقد احتجّ بأقواله ورواياته جماعة من متعصّبيهم في مقابل الإمامية ، كالخواجة الكابلي في
______________________

(١) مدينة العلوم

(٢) العبر في خبر من غبر : حوادث ٦٥٤ هـ

(٣) كتائب أعلام الأخيار : مخطوط

(٤) تتمّة المختصر ٢ / ٢٨٨

(٥) جامع المسانيد ١ / ٧٠

٤١٨

صواعقه ، والدهلوي في كتابه التحفة ، والقاضي السبكي في السيف المسلول ، حيث استندوا إلى روايته ، وقد نصّ محمّد رشيد الدهلوي في إيضاح لطافة المقال على كون سبط ابن الجوزي من قدماء أئمّة الدين المعتمدين عند أهل السنّة »(١)

« حسن حبيب ـ السعودية ـ ٢٤ سنة ـ طالب »

القندوزي الحنفي ليس شيعياً :

س : سؤالي حول القندوزي الحنفي ، أين أجد من أثنى عليه من علماء إخواننا السنّة ؟ لأنّه اتهم بالرفض

ج : الشيخ سليمان بن إبراهيم ، من أعلام الحنفية في الفروع ، وأساطين النقشبندية في الطريقة ، وقد كتب ولده وخليفته الشيخ عبد القادر أفندي إلى بعض الأفاضل الذين ترجموه : إنّ والده كان حنفي المذهب نقشبندي المشرب

ولعلّ ما شمله من عواطف السلطان عبد العزيز في دار الخلافة ـ الآستانة ـ وتعينه من قبله بمسند مشيخة تكية الشيخ مراد البخاري ، وامتثاله للأمر ومباشرته له دليل على بعد مذهبه عن مذهب أهل البيتعليهم‌السلام ، وكتابه « ينابيع المودّة » الذي يشير فيه إلى فضائل الإمام عليعليه‌السلام وحده لا يكفي على تشيّعه

« ـ البحرين ـ ١٣ سنة ـ طالبة »

النوري وكتابه فصل الخطاب :

س : ما هو موقف الشيعة من كتاب « فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب ربّ الأرباب » ؟ ومن مؤلّفه الشيخ النوري الطبرسي ؟ وأشكر حسن تعاونكم

______________________

(١) أُنظر : خلاصة عبقات الأنوار ٩ / ٢٠٣

٤١٩

ج : الشيخ النوري الطبرسي هو أحد محدّثي الطائفة ، الذي بذل وسعه في جمع الأحاديث الواردة عن المعصومينعليهم‌السلام وغيرهم ، وكتابه هذا جمع فيه الأحاديث التي تنسب التحريف للقرآن ، ولا يعني جمعه لهذه الأحاديث أنّه يقول بتحريف القرآن ، بل كان هدفه هو جمع تلك الروايات التي تنسب التحريف للقرآن ، فالرواية شيء والاعتقاد شيء آخر

والذي يمعن النظر في كتاب « فصل الخطاب » يرى : أنّ المحدّث النوري لم ينكر ما قام عليه الإجماع ، واتفاق المسلمين من عدم الزيادة ، ولم يقل إنّ القرآن قد زيد فيه ، بل قد صرّح بامتناع زيادة الآية أو تبديلها ، فقال : « وهما منتفيان بالإجماع ، وليس في أخبار التغيير ما يدلّ على وقوعهما ، بل فيها ما ينفيهما »(١)

وقد اعترف المحدّث المذكور بخطئه في تسمية هذا الكتاب ، كما حكى عنه تلميذه الشهير ، وخرّيج مدرسة العلم ، الثقة الثبت الشيخ آقا بزرك الطهراني ـ مؤلّف كتاب « الذريعة » ، و « أعلام الشيعة » ـ فقال : ذكرنا في حرف الفاء من الذريعة عند ذكرنا لهذا الكتاب مرام شيخنا النوري في تأليفه « فصل الخطاب » ، وذلك حسبما شافهنا به ، وسمعناه من لسانه في أواخر أيّامه ، فإنّه كان يقول : « أخطأت في تسمية الكتاب ، وكان الأجدر أن يسمّى بفصل الخطاب في عدم تحريف الكتاب ، لأنّي أثبتت فيه أنّ كتاب الإسلام القرآن الشريف الموجود بين الدفتين ، المنتشر في أقطار العالم ، وحي إلهيّ بجميع سوره وآياته وجمله ، ولم يطرأ عليه تغيير أو تبديل ، ولا زيادة ولا نقصان من لدن جمعه حتّى اليوم ، وقد وصل إلينا المجموع الأوّلي بالتواتر القطعي ، ولاشكّ لأحد من الإمامية فيه ، فبعد ذا أمن الإنصاف أن يقاس الموصوف بهذه الأوصاف بالعهدين ، أو الأناجيل المعلومة أحوالها لدى كلّ خبير ؟

______________________

(١) فصل الخطاب للنوري : ٢٣

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

« ـ الكويت ـ »

بكاؤنا على الحسين من مصاديق المودّة :

س : قد يتساءل الفرد ، مادام الإمام الحسينعليه‌السلام الآن في نعيم الله وجنانه ، فكيف نبكي على مصابه ؟ أو بعبارة أُخرى : كيف يتوافق البكاء على مصابهعليه‌السلام ، مع كونه في أعلى الدرجات من النعيم ؟ ولكم منّي جزيل الشكر

ج : قد روى علماء المسلمين في كتبهم : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « لا يؤمن أحدكم حتّى يكون الله ورسوله أحبّ إليه ممّا سواهما »(١)

وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دائماً يوصي أُمّته بمودّة ذوي القربى ، قال تعالى :( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) (٢) ، والإمام الحسينعليه‌السلام من القربى بإجماع المسلمين ، ومن مودّته أن نحبّه ونقتدي به ، ونفرح لفرحه ، ونحزن لحزنه وما يصيبه

فبكاؤنا على الحسينعليه‌السلام من مصاديق المودّة في القربى ، أضف إلى ذلك ، الروايات الكثيرة الواردة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأهل البيتعليهم‌السلام في التأكيد على البكاء عليه ، وما فيه من الثواب

« رؤوف ـ السعودية ـ ٢٧ سنة ـ طالب »

تأثير البكاء واللطم على النفوس :

س : ما فائدة البكاء في محرّم ؟ وما فائدة اللطم على الصدور ؟ السؤال ليس عن الأحاديث الشريفة ، بل كيف يمكن للبكاء واللطم أن يؤثّرا في حياتنا وسلوكنا ؟

ج : إنّ البكاء بمعناه النفسي حالة تأثّر النفس وتفاعلها مع الحدث ،
______________________

(١) مسند أحمد ٣ / ٢٠٧ و ٢٧٨ ، مسند أبي يعلى ٦ / ٢٣ ، مسكن الفؤاد : ٢٧

(٢) الشورى : ٢٣

٤٤١

وإحساسها بالألم ، فتستجيب للحدث بتعبير معيّن وهو البكاء ، وبكاؤنا على الإمام الحسينعليه‌السلام ، هو ردّة فعل للحدث المؤلم الذي حلّ به ، فتفاعلنا مع قضيّتهعليه‌السلام أوجب أن تتفاعل نفوسنا وأحاسيسنا لما أصابهعليه‌السلام ، وبذلك فإنّنا قد عبّرنا باستجابتنا لمصيبتهعليه‌السلام بالبكاء ، الذي هو حالة تفاعل كما ذكرنا

ومثل ذلك ، اللطم على الصدور ، فهو تعبير عن الألم والحزن ، الذي يعتلج قلوبنا ، وتعبير عن مدى ما أصابنا من عظم المصيبة ، فالحرقة التي تصيب النفس ـ والحزن يسيطر عليها ـ يمكن للإنسان أن ينفّس عمّا أصابه بفعل ما يكون ترويحاً وتنفيساً ومجاراةً ومواساةً لمن حلّت به هذه الفاجعة ، أو القضية المؤلمة

« مصلح ـ السعودية ـ »

حضور الأرواح في مجالس الذكر :

س : ماذا يعني حضور الأرواح الطاهرة في مجالس الذكر ؟ وهل يتعيّن على النساء في مجالسهن ، عدم لبس الملابس الرقيقة ؟

ج : قد ورد عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال : « رحم الله شيعتنا ، خلقوا من فاضل طينتنا ، وعجنوا بماء ولايتنا ، يحزنون لحزننا ، ويفرحون لفرحنا »(١)

ومن المؤكّد أنّ أرواحهم الطاهرة ناظرة إلى تلك المجالس المنعقدة من أجل إحياء أمرهم ، فلابدّ لكلّ من يحضر تلك المجالس ، أن يلتزم بما يتناسب مع معنوياتها وروحانيتها من حيث الملبس ، وسائر الحركات والأعمال

« ـ ـ... »

حكم الإطعام فيها :

س : إنّ بعض إخواننا من السنّة يقول : لا يجوز الأكل من مائدة يوم عاشوراء ومثيلاتها ، لأنّها أُقيمت لغير الله تعالى ، فما هو الردّ عليهم ؟

______________________

(١) شجرة طوبى ١ / ٣

٤٤٢

ج : إنّ الذبح والإطعام تارة يضاف لله تعالى فيقال : ذبح لله ، وإطعام لله ، ومعناه : أنّه ذبح لوجهه تعالى ، وتقرّباً إليه ، كما في الأضحية بمنى وغيرها ، والفداء في الإحرام ، والعقيقة ، وغير ذلك

وتارة يضاف إلى المخلوق ، وهنا مرّة يضاف إلى المخلوق بقصد التقرّب إلى المخلوق طلباً للخير منه ، مع كونه حجراً أو جماداً ، كما كان يفعل المشركون مع أصنامهم ، فهذا شرك وكفر سواء سمّي عبادة أو لا

ومرّة يضاف إلى المخلوق بقصد التقرّب إلى الخالق ، فيقال : ذبحت الشاة للضيف ، أو ذبحت الشاة للحسينعليه‌السلام ، وأطعمت للحسينعليه‌السلام ، أو لغيره من أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، وهذا لا محذور فيه ، لأنّه قصد ثواب هذه الذبيحة ، أو هذا الطعام للحسينعليه‌السلام ، أو لأحد من أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام

ونظيره من يقصد أنّي أطحن هذه الحنطة لأعجنها ، وأخبزها وأتصدّق بخبزها على الفقراء ، وأهدي ثواب ذلك لوالدي ، فأفعاله هذه كلّها طاعة ، وعبادة لله تعالى لا لأبويه

ولا يقصد أحد من المسلمين بالذبح للحسينعليه‌السلام ، أو بالإطعام له ، أو غيره التقرّب إلى الإمام الحسينعليه‌السلام دون الله تعالى ، ولو ذكر أحد من المسلمين اسم الإمام الحسينعليه‌السلام ، أو أحد الأئمّةعليهم‌السلام على الذبيحة ، لكان ذلك عندهم منكراً ، وحرّمت الذبيحة ، فليس الذبح لهم ، بل عنهم ، بمعنى أنّه عمل يهدي ثوابه إليهم ، كسائر أعمال الخير

والخلاصة : إنّ الإطعام يوم عاشوراء إطعام لله تعالى ، صحيح أطلق عليه إطعام للحسينعليه‌السلام ، ولكن قصد أنّ ثوابه للحسينعليه‌السلام ، وليس هو إطعام لغير الله تعالى ، كما يتوهّمه الوهّابيون

« محمّد ـ السعودية ـ ١٦ سنة ـ طالب ثانوية »

حكم الغياب عن المجالس يوم العاشر من محرّم :

س : هل الغياب في اليوم العاشر من محرّم لا يجوز ؟ وكذلك في وفاة الأئمّة عليهم‌السلام ؟

٤٤٣

ج : من مصاديق الآية الشريفة :( ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (١) هو الحضور في المجالس والمآتم التي تعقد في اليوم العاشر من المحرّم ، وأيّام شهادة الأئمّة المعصومينعليهم‌السلام ، فإنّ الحضور فيها يعدّ من تقوى القلوب ، ويقرّب إلى الله تعالى

وعلى أتباع أهل البيتعليهم‌السلام أن يحيوا هذه المجالس بحضورهم ، كما وردت عن أهل البيتعليهم‌السلام في وصف شيعتهم :« يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا » (٢) ، إذ الحبّ القلبي لوحده لا يكفي ، فلابدّ من تجاوز هذا الحبّ القلبي إلى مرحلة الإظهار والعمل ، ومن أبرز مصاديق الإظهار ، إحياء أمرهمعليهم‌السلام بعقد المجالس والمآتم ، والحضور فيها

ولا ننسى أن ننبّه : أنّ الغياب عن الحضور في هذه المجالس إذا كان تهاوناً من الشخص ، أو أحرز الشخص أنّه سيؤدّي إلى إضعاف هذه المجالس ، فهنا العلماء يفتون بحرمة الغياب

« مصطفى البحراني ـ عمان ـ ٢٥ سنة ـ طالب ثانوية »

روايات صحيحة السند تحثّ على إقامتها :

س : ما نظرة فقهاء الشيعة ومثقّفيهم في قضية البكاء ، ولطم الصدور ، وغيرها من الأُمور الأُخرى ، المتعلّقة بسيّد الشهداء الإمام الحسينعليه‌السلام ؟

نودّ من خلال إجابتكم جواب بسيط وشافي ، ويدخل في الأذهان بسهولة ، حتّى نتمكن من سردها لإخواننا من غير الشيعة ، الذين يسألوننا عن ذلك دوماً ، ولكم جزيل الشكر والامتنان

ج : قد روى علماء المسلمين في كتب الحديث بكاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله على الإمام الحسينعليه‌السلام قبل شهادته ، وذلك لمّا أخبره جبرائيل بما سيجري على الإمام
______________________

(١) الحجّ : ٣٢

(٢) شجرة طوبى ١ / ٣

٤٤٤

الحسينعليه‌السلام ، وهذا تكرّر عدّة مرّات من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكذلك بكاء أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والصحابة لمّا أخبرهم النبيّ بما سيجري على الإمام الحسينعليه‌السلام

أضف إلى ذلك ، ما ورد صريحاً في روايات أهل البيت الصحيحة السند في الحثّ على إقامة المأتم على الإمام الحسينعليه‌السلام

وكما تعلمون فإنّ لكلّ قوم عرف خاصّ بهم في إقامة المأتم ، ومن ذلك اللطم عند الشيعة ، فإنّه مظهر من مظاهر الحزن عندهم ، ويدخل تحت عمومات استحباب إقامة المأتم

أضف إلى ذلك فإنّ الهاشميات لطمن على الإمام الحسينعليه‌السلام ، وما روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام :« إنّ البكاء والجزع مكروه للعبد في كلّ ما جزع ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن علي عليهما‌السلام فإنّه فيه مأجور » (١) خير دليل على هذا

« مصطفى البحراني ـ عمان ـ ٢٥ سنة ـ طالب ثانوية »

كيفية تطوّر العزاء الحسيني :

س : كيف كانت طريقة العزاء على الإمام الحسينعليه‌السلام ، منذ زمن الأئمّةعليهم‌السلام ، من الإمام زين العابدينعليه‌السلام وإلى زماننا هذا ؟ أي كيف تطوّر العزاء الحسيني ؟

ج : إنّ تاريخ إقامة العزاء الحسيني بصورتها البسيطة من البكاء والحداد والنوح ، قد يرجع ـ طبقاً لجملة من الروايات ـ إلى زمن آدمعليه‌السلام ، وأمّا في العصر الإسلامي فقد أقام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أوّل عزاء لولده الحسينعليه‌السلام

ثمّ بعد استشهادهعليه‌السلام يقول التاريخ : إنّه بعد رحيل الجيش الأموي من كربلاء ، اجتمع جمع من الناس وبكوا ، وأقاموا مأتماً على الشهداء قبل دفنهم ، حتّى إنّ الإمام زين العابدينعليه‌السلام حينما قدم إلى كربلاء في ذلك الحين ،
______________________

(١) كامل الزيارات : ٢٠١

٤٤٥

رآهم على تلك الحالة ، ومن بعده استمرّت المراسم بين حين وآخر بأساليب متعدّدة من إقامة المجالس ، وإنشاد الشعر والمراثي ، إلى أن وصل دور الحكومات الشيعية ـ مثل الدولة الحمدانية والبويهية ، وعلى الأخصّ الصفوية ـ فتحرّكت المواكب ، والهيئات الشيعية ، وبتأييد صريح ، ودعم واضح منهم لهذه المآتم والمجالس والمواكب

وأمّا نوعية العزاء وتطوّره فهو في الواقع قد أُخذ سبيله في التغيير والتطوّر في كلّ زمان ومكان ، حسب ما تراه الشيعة طريقاً ووسيلةً لإحياء ذكر الإمام الحسينعليه‌السلام ، وفقاً لما يراه علماؤهم من جوازه ، وعدم منافاته للشرع

« أبو محمّد ـ عمان »

لطم الهاشميات دليل على جوازه :

س : كيف أُقنع أُناس من مذاهب أُخرى بقضية اللطم على الصدر في شهر محرّم ؟

ج : إنّ لكلّ قوم عرف خاصّ بالنسبة إلى إقامة العزاء ، ومادام أنّ أصل الحزن وإقامة العزاء ثابت على الحسينعليه‌السلام ، فإنّ اللطم هو واحد من مصاديق إظهار الحزن عند الشيعة ، فلا نحتاج في المسألة إلى دليل خاصّ ، مادام هو داخل تحت عمومات الحزن

أضف إلى ذلك ، فإنّ الهاشميات لطمن على الإمام الحسينعليه‌السلام ، وبحضور الإمام السجّادعليه‌السلام ، وحيث لم ينهاهن الإمامعليه‌السلام ، فيكون تقريراً لجوازه واستحبابه على الإمام الحسينعليه‌السلام

« رملة السيّد ـ البحرين »

ماذا ينبغي فعله فيها :

س : بما أنّ شهر محرّم قريب ، فما هي الأعمال التي يستحبّ القيام بها في

٤٤٦

هذا الشهر العظيم ؟ وشكراً على تفضّلكم بالإجابة على الأسئلة ، ورحم الله والديكم

ج : مع حلول شهر محرّم الحرام ، تتجدّد ذكرى استشهاد سيّد الشهداء الإمام الحسينعليه‌السلام ـ ريحانة الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وأصحابه الأوفياء ، وأسر أهل بيته ظلماً وجوراً ؛ ولهذا السبب وبالذات تلتزم الشيعة ـ وحتّى المنصفون من غيرهم ـ بإحياء شعائر هذه النهضة الخالدة عبر القرون والأجيال ، لكي يستلهم المجتمع البشري في كلّ زمانٍ مفردات الإيمان ، والإباء في سبيل العقيدة الإسلامية الحية ، من عناصر هذه الحركة والجهاد

وعليه ينبغي لكلّ مسلم ، أن يظهر من سلوكه وآدابه ، ما يدلّ على الحزن والأسى ، وأن يجتنب بقدر الإمكان من مظاهر الفرح والابتهاج والسرور ، ففي تاريخ اليعقوبي : « وروى بعضهم : إنّ علي بن الحسين لم ير ضاحكاً يوماً قط ، منذ قتل أبوه »(١)

وأن يحرص على الحضور في المآتم والمجالس الحسينية التي تنعقد في هذا الشهر تعظيماً للشعائر ، وتأكيداً للمحافظة على تلك القيم السامية في النفس ، وإظهاراً للمودّة والولاء لخطّ أهل البيتعليهم‌السلام ، والبراءة من أعدائهم في طول التاريخ

وفي هذا المجال لا يفوتنا أن نذكر فضل قراءة زيارة عاشوراء ، وما لها من آثار عظيمة دينيّاً ودنيويّاً ، فقراءتها أمر مستحبّ مؤكّد في كلّ وقت وزمان

« أُمّ أبرار ـ البحرين »

مجموعة أسئلة حول المأتم الحسيني :

س : هذه مجموعة من الأسئلة المتعلّقة بالمأتم الحسيني ، من بعض الأخوات في دولة البحرين ، نرجو التفضّل بالإجابة عليها :

______________________

(١) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٥٩

٤٤٧

١ ـ تقرأ في مآتم النساء رواية تزويج القاسم على ابنة عمّه سكينة في كربلاء

أ ـ فما هو الحكم الشرعي بقراءتها ، أو الاستماع لها ، علماً بأنّها رواية غير صحيحة ؟

ب ـ وهل هناك بأس ، أو تجريح عند نثر الحلوى في الزفاف ؟

٢ ـ ما رأيكم في التصفيق في المأتم أثناء المصيبة ، أو في الدور ، كالوقوف لقراءة الردّة أو اللطمية ؟

٣ ـ هل يجوز الضرب على الفخذ أثناء اللطمية ؟ أم أنّ الضرب محصور على الصدر فقط ؟

٤ ـ ما هي نصيحتكم لمن يريد كتابة رواية حسينية لقراءتها في المأتم ؟

٥ ـ ما هي الكتب التي تنصحون بالاعتماد عليها لكتابة رواية حسينية ، أو للتحقّق من صحّة رواية معيّنة ؟

٦ ـ ما هو الحكم الشرعي لمن كتب رواية حسينية ، معتمداً على مصدر غير موثوق ، أو كانت الرواية غير صحيحة ؟

٧ ـ كيف نميّز الرواية الصحيحة من الخاطئة ؟

٨ ـ ما مدى صحّة بعض العبارات في بعض الروايات ، مثل : « شقّت جيبها » و « نشرت شعرها » ، وهل يجوز قراءتها في المأتم ؟

٩ ـ لو أُعطيت إحدى القارئات مقطع من رواية لقراءتها ، وهي على علم سابقاً بعدم صحّة هذه الرواية ، فهل تأثم إذا قرأتها ؟ هل هناك مواصفات معيّنة للقارئات الحسينيات ؟

١٠ ـ ماذا تنصح أصحاب المآتم الحسينية ، لتفعيل دورها في حياتنا اليومية ، وعلى جميع الأصعدة ، الروحي ، الاجتماعي ، الأخلاقي ؟

١١ ـ ما هو الحكم الشرعي للغناء ، بغناء أهل الباطل « المطربين » في الأعراس ؟ وهل هناك اختلاف إذا تمّ تغيير اللحن ، أو تغيير بعض الكلمات ، وبقاء اللحن ؟

١٢ ـ ما رأيكم في ارتداء الملابس الضيّقة ، التي تبرز فتنة الجسم ،

٤٤٨

وتكشف بعض المناطق ، مثل الصدر ، والساقين ، أمام النساء في الأعراس وداخل المأتم ؟

١٣ ـ تستخدم بعض أنواع المطّارات « قناني الماء » كطبل في الأعراس ، فما هو حكمها الشرعي ؟

١٤ ـ ما رأيكم في إدخال المعرس داخل المأتم ، وتصويره مع عروسه في أوضاع مختلفة ، مثل الضمّ والتقبيل ؟

١٥ ـ هل يجوز السماح للقارئة في الأعراس بالغناء أمام الرجل ؟

١٦ ـ هل تأثم صاحبة الدعوة إذا سمحت للقارئة الغناء أمام الرجل ؟ إذا كانت القارئة معتادة على الغناء أمام الرجال ؟

١٧ ـ ما هو رأيكم في اختيار قارئة للأعراس ، معلوم سابقاً أنّها تغنّي بغناء أهل الباطل ؟ أو تستخدم الطبول ، أو تغنّي أمام الرجل الأجنبي ؟

وهل هناك فرق إذا طلبناها للغناء بصورة مباحة فقط في المناسبة الخاصّة بنا ؟

١٨ ـ ما هو رأيكم في الدخول للمأتم الحسيني بالحذاء أو النعال ؟

١٩ ـ ما هو الحكم في رمي الأوساخ داخل المأتم ؟ أو عدم الاكتراث بالأوساخ داخله ؟

ج : بالنسبة إلى قراءة رواية تزويج القاسمعليه‌السلام من ابنة عمّه سكينة في كربلاء جائزة ، إن كان الغرض من قراءتها هو الإبكاء وإقامة العزاء ، لكن لا مع التأكيد على صحّتها ، فقد اختلف العلماء فيها على قولين ، ولكلٍّ أدلّته

كما لا مانع من نثر الحلوى في المجلس المنعقد بعنوان زفاف القاسم ، إذا كان الغرض منه إهداء ثواب ذلك إليهعليه‌السلام

كما لا مانع من التصفيق في المأتم المقصود منه تهييج العواطف ، والمشاعر الدينية والإنسانية

ونصيحتنا لمن يريد أن يكتب رواية حسينية أن يسند المطالب التي يكتبها إلى الكتب التي نقل عنها ، حتّى تكون عهدة الرواية على أصحاب تلك الكتب

٤٤٩

وأن يعتمد على المصادر المعتبرة ، والكتب المشهورة ، التي اعتمد عليها علماؤنا السابقون ، وخطباؤنا الملتزمون بالنقل عن تلك الكتب المعتبرة ، ككتب السيّد ابن طاووس ، والشيخ المفيد ، والشيخ الطوسي ، والشيخ عباس القمّي ، وغيرهم (قدّس سرّهم)

وكتابة الرواية الحسينية بالاعتماد على ما لا يرى جمهور علمائنا صحّته غير جائزة ، كأيّ كتابةٍ أُخرى ، لاسيّما مع الاعتقاد بالصحّة خلافاً للعلماء

وأمّا تمييز الرواية الصحيحة من الخاطئة ، فهو من الأُمور التخصّصية التي لابدّ من دراستها ، ومعرفة المعايير والموازين الخاصّة بها

وأمّا قراءة بعض العبارات : « كشقّت جيبها ، ونشرت شعرها » ، فلا مانع منه ، مع وجوده في بعض الكتب المشهورة للأصحاب ، إذا كان لغرض الإبكاء ، لكن لا مع الالتزام بصحّتها ، والتأكيد على وقوعها بصورة حتمية ، إلّا من العارف بموازين الصحّة

وأمّا قراءة ما يعلم مسبقاً عدم صحّته فلا يجوز إذا كان العلم بعدم صحّة الرواية المعيَّنة مستنداً إلى مدرك صحيح

ولابدّ أن يكون قارئ مأتم الإمام الحسينعليه‌السلام ، سواء كان رجلاً أو امرأة ، متحلّياً في سلوكه وأخلاقه ، واعتقاده ، وجميع شؤونه ، بصفات تتناسب مع تصدّيه لمثل هذا المقام العظيم ، الذي يرتبط بقضايا أهل البيتعليهم‌السلام

وأمّا نصيحتنا لأصحاب المجالس الحسينية ، أن يكونوا دعاة لأهل البيتعليهم‌السلام بغير ألسنتهم ، كما في الخبر عنهمعليهم‌السلام ، وأن يكونوا زيناً لهم لا شيناً
عليهم ، كما في الخبر عنهم أيضاً .

وعلى الجملة ، فإنّ الغرض من إقامة المجالس ، هو نشر فكر أهل البيتعليهم‌السلام ، وتعاليمهم وأدبهم ، فكيف يتمّ ذلك مع انتفاء هذه الأُمور عن أصحاب تلك المجالس ؟

والحكم الشرعي للغناء بالباطل في الاحتفالات المقامة بمناسبة الأعراس ،

٤٥٠

هو الحرمة ، ولا خلاف بين الفقهاء في عدم جوازه مطلقاً

ولا إشكال في ارتداء النساء الملابس الضيّقة في مجالسهن ، مع عدم اطلاع أي أجنبي على المجلس مطلقاً

واستخدام بعض أنواع المطّارات كطبل في الأعراس ، كما جاء في السؤال ، لابأس فيه على الظاهر

كما أنّه لا مانع من تصوير المعرِّس مع عروسه في أوضاع مختلفة في غرفة خاصّة بهما ، ولكن بشرط عدم إظهار هذه الصور في المأتم

ولا يجوز السماح للقارئة في الأعراس بالقراءة أمام الرجل ، وتأثم صاحبة الدعوة إذا سمحت بذلك

وإذا كانت القارئة للأعراس تاركة لأعمالها السابقة ، وكان ما تقرؤه الآن في الأعراس مطابقاً للحكم الشرعي ، من دون أيّ اقترانٍ بمحرّمات أُخرى فهذا لابأس به ، بشرط أن لا يكون غناء محرّماً

ثمّ إنّ الدخول للمأتم الحسيني بالحذاء ، أو النعال ، ورمي الأوساخ داخل المأتم ، وغير ذلك ، إن كان موجباً لهتك المجلس ، وإهانةً لصاحبه ، والحاضرين فيه فلا يجوز

« ـ الإمارات ـ »

مصداق للتأسّي بالنبيّ :

س : أنا طالبة في المرحلة الثانوية ، موالية لأهل البيتعليهم‌السلام ، وفي يوم عاشوراء نضطرّ للتغيّب عن المدرسة ، لإحياء ذكرى الحسينعليه‌السلام ، فنجد أنفسنا في اليوم التالي محاصرين بأسئلة ، واتهامات لا تحصر ، أحاول أن أجيب عليها قدر معلوماتي ، ولكنّي أتمنّى أن تفيدوني بإجابات أكثر دقّة وصحّة ، والأسئلة غالباً ما تكون محصورة في :

١ ـ لماذا تهتمّون بذكرى الإمام الحسين أكثر من الرسول والأنبياء ؟ فتتغيّبون عن الدوام في هذا اليوم بالذات ؟

٤٥١

٢ ـ لماذا تحيون ذكرى الحسين ؟ وتبكون عليه رغم مرور كثير من السنين على استشهاده ؟

ج : نحن نبكي على الإمام الحسينعليه‌السلام ، ونقيم المأتم عليه ، لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بكى على الإمام الحسينعليه‌السلام قبل استشهاده ، لمّا أخبره جبرائيل بما سيجري على الإمام الحسينعليه‌السلام

أيبكي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل الفاجعة ، ونحن لا نبكي بعدها ؟!

ما هذا شأن المتأسّي بنبيّه ، والمقتصّ لأثره ! إن ترك الحزن والبكاء خروج عن قواعد المتأسّين ، بل عدول عن سنن النبيّين

فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يستيقظ يوماً من النوم فزعاً ، وفي يده تربة حمراء يقلبّها بيده ، وعيناه تهراقان من الدموع ، وهو يقول :« أخبرني جبرائيل أن ابني الحسين يقتل بأرض العراق » (١)

ولمّا ترى أُمّ سلمة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقلّب شيئاً في كفّه ، ودموعه تسيل ، والحسين نائم على صدره ، تسأله عن ذلك ، فيقولصلى‌الله‌عليه‌وآله :« إنّ جبرائيل أتاني بالتربة التي يقتل عليها ، وأخبرني أنّ أُمّتي يقتلوه » (٢)

وكذلك يستيقظ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يبكي ، فتقول له عائشة : ما يبكيك ؟

فيقول :« إنّ جبرائيل أراني التربة التي يقتل عليها الحسين . يا عائشة والذي نفسي بيده ، إنّه ليحزنني ، فمن هذا من أُمّتي يقتل حسيناً بعدي » ؟!(٣)

فنحن نهتمّ بالحسينعليه‌السلام لاهتمام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله به ، ونبكي عليه لبكاء النبيّ عليه ، ونحزن عليه لحزن النبيّ عليه

______________________

(١) مجمع الزوائد ٩ / ١٨٨

(٢) المصنّف لابن أبي شيبة ٨ / ٦٣٢ ، المعجم الكبير ٣ / ١٠٩ و ٢٣ / ٣٢٨ ، كنز العمّال ١٣ / ٦٥٧

٣ ـ كنز العمّال ١٢ / ١٢٧ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٩٥ ، سبل الهدى والرشاد ١٠ / ١٥٤

٤٥٢

« ياسر العسبول ـ البحرين ـ »

مظاهر العزاء قديمة جدّاً :

س : من أين جاءت عادة التطبير التي يستخدمها بعض الناس للتعبير عن الحزن ؟

ج : إنّ غالب مظاهر العزاء ، ومبرزات الحزن والولاء ، من اللطم وضرب الزنجيل ، وضرب الطبول ، وغيرها قديمة جدّاً بقدم الواقعة

ويعسر بيان أو تحديد فترة زمنية خاصّة بها ، إذ هي تختلف من مكان لآخر ، ومن زمن لغيره ، بحسب الظروف الاجتماعية ، والضغوط السياسية التي كانت تسمح لأبناء الطائفة إبراز مظاهر ولائهم

وفي المقام ، لابأس بدراسة حياة البويهية قبل نحو ألف سنة ، ودخولهم بغداد ، وفسح المجال لهذه الأُمور ، ثمّ قمّة ذلك أيّام الحكم الصفوي في إيران ، لفسحه وإباحته إبراز بعض مظاهر الولاء والعزاء بدون خوف من الحكّام

« عبد الله ـ عمان »

من مظاهر الحزن اللطم :

س : هل هناك أحاديث تدلّ على استحباب اللطم ؟ أحاديث فيها كلمة اللطم صراحة ، والاستحباب كذلك

ج : نحن لا نحتاج إلى حديث يدلّ على استحباب اللطم مادامت المسألة راجعة إلى العرف ، ففي العرف كلّ شيء يكون من مظاهر الحزن على الإمام الحسينعليه‌السلام فيكون مستحبّاً ، وكما تعلمون فإنّ لكلّ أُناس عادات وتقاليد في إظهار الحزن ، ومن عاداتنا وتقاليدنا في إظهار الحزن اللطم ، فيكون داخلاً تحت العمومات التي تحثّ على إحياء أمر أهل البيتعليهم‌السلام ، وإظهار الحزن عليهم

وبعد هذا ، فنذكّركم بورود روايات وردت عن فعل اللطم من قبل السيّدة زينبعليها‌السلام ، وسائر الهاشميات وغيرهن

٤٥٣

« عبد السلام ـ هولندا ـ سنّي »

مشروعية الاحتفال بمولد النبيّ :

س : هل صحيح ما يقوله علماء السنّة : إنّ لا أحد من صحابة رسول الله احتفل بعيد المولد النبويّ ؟ وإنّ الاحتفال بهذه المناسبة الشريفة بدء في عهد الدولة الفاطمية ؟ ولكم جزيل الشكر

ج : نقول في مشروعية الاحتفال بذكرى مولد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وغيره من المناسبات الإسلامية :

١ ـ الاحتفال لغة هو : الاهتمام والاجتماع على الأمر ، فإن كان هذا الأمر المهتمّ به ، والمجتمع عليه من الأُمور المشروعة ، والتي فيها ذكر لله سبحانه وتعالى ، وتعظيم لرسوله الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأمثال ذلك من الأُمور المشروعة ، والمرضية في الشريعة ، فهو أمر مندوب ومستحبّ ، وقد رغّب الشارع المقدّس فيه ، فقال تعالى :( ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (١)

٢ ـ بالنسبة للصحابة فسواء عملوا بهذا الأمر ، واحتفلوا بهذه المناسبة ، أو لم يعملوا ، فليس فعلهم وتركهم حجّة شرعية ، يجب العمل بها ، ولذلك نجد أنّ علياًعليه‌السلام ، حينما عرضوا عليه الخلافة في قضية الشورى بين الستة ، بشرط العمل بكتاب الله وسنّة النبيّ وسيرة الشيخين ، فرفضعليه‌السلام ذلك ، ولم يقبل العمل إلّا بكتاب الله وسنّة نبيّه

٣ ـ إنّ القاعدة الفقهية تقول :« كلّ شيء لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام » ، فما لم يوجد نهي في القرآن ، أو السنّة النبوية على أمر فهو مباح ، يجوز العمل به ، ولا يعتبر بدعة ، كما يدّعيه بعض المذاهب الشاذّة

وهكذا القاعدة الأُصولية العقلية القائلة : بأصالة البراءة ، وأنّ الإنسان بريء الذمّة ، لا يعاقب على شيء يعمله حتّى يرد فيه نهي شرعي

كما يمكن أن نؤيّد المسألة ببعض الروايات الدالّة على استحباب تعاهد هذا
______________________

(١) الحجّ : ٣٢

٤٥٤

اليوم ـ ١٧ ربيع الأوّل ـ بالصيام ، والتوسعة على العيال ، وأمثال ذلك ، ممّا فيه إشعار بالاهتمام بمثل هذه المناسبات ، وإن اختلفت صور الاهتمام من زمان إلى آخر ، فاختلاف مصاديق الاهتمام لا يدلّ على اختلاف الحكم الشرعي ، كما نرى ذلك في كثير من المواضيع الخارجية ، كالوسيلة النقلية ، وطرق المواصلات ، وما شاكل ذلك ، فلا يعدّ هذا خلافاً لم يعمله الأصحاب ، فكذا موردنا في إظهار البهجة والسرور ، وإنشاد الأشعار والمدائح في حقّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في ذكرى ولادته

هذا مضافاً إلى أنّ مثل هذه المجالس ، لا تخلو من قراءة القرآن والوعظ والإرشاد ، والتقرّب إلى الله تعالى ، وهذا كلّه من الأُمور المستحبّة بشكل مؤكّد

« عقيل أحمد جاسم ـ البحرين ـ ٣٢ سنة ـ بكالوريوس »

تهجّم الأعداء :

س : لقد كثر التهجّم على مذهبنا من البدع والخرافات التي التصقت بنا ، وخصوصاً عملية التطبير ، وأصبحت تروّج الصور المسيئة على صفحات الإنترنت

ج : مهما عملنا من عمل ، وتنزّلنا فسوف لن يرضى عنّا الأعداء ، ولن يتركونا بحالنا ، لأنّ هدفهم التنقيص من المذهب الحقّ

ونزيدك علماً ، بأنّ إقامة العزاء تختلف من قوم إلى آخر ، فلكلّ عادات وتقاليد لا يمكن محاربتها ، والوقوف أمامها ، مع عدم دلالة دليل على حرمتها

« علي نزار ـ الكويت ـ ٢٣ سنة ـ طالب كلّية الدراسات التجارية »

الدليل على مشروعية لبس السواد :

س : بالنسبة للبس السواد في مناسبات وفيات أهل البيت عليهم‌السلام ، وبالخصوص

٤٥٥

في أيّام عزاء الإمام الحسينعليه‌السلام ، أحببت لو تزوّدوني بالأدلّة التي تجوّز هذا الأمر ، وبخاصّة من مصادر إخواننا العامّة

وما هو الردّ على بعض الروايات الموجودة في الكافي وغيره ، والتي تنهى عن لبس السواد ؟ مثل هذه الرواية :

« عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : ( لمّا فتح رسول الله مكّة بايع الرجال ، ثمّ جاء النساء يبايعنه ، فأنزل الله عزّ وجلّ وقالت أُمّ حكيم بنت الحارث بن هشام ، وكانت عند عكرمة بن أبي جهل : يا رسول الله ما ذلك المعروف الذي أمرنا الله أن لا نعصيك فيه ؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تلطمن خدّاً ، ولا تخمشن وجهاً ، ولا تنتفن شعراً ، ولا تشققن جيباً ، ولا تسوّدن ثوباً ) »(١)

علماً أنّ هذه الرواية وجدتها مع مصدرها في نشرة دأب الوهّابيون على نشرها في أيّام محرّم ، أفيدونا جزاكم الله تعالى خيراً

ج : لقد ناقش الفقهاء في أصل مشروعية لبس السواد ، إلّا أنّ هناك ما يشبه الاتفاق على جوازه ، بل استحبابه في محرّم وعاشوراء حزناً على مصاب الإمام الحسينعليه‌السلام ، وإليك ما أورده بعضهم :

١ ـ واستثنى بعضهم ما لبسه للحسينعليه‌السلام فإنّه لا يكره ، بل يرجّح لغلبة جانب تعظيم شعائر الله على ذلك ، مضافاً إلى روايات متضافرة في موارد مختلفة ، يستفاد منها ذلك(٢)

٢ ـ لا يبعد استثناء لبس السواد في مأتم الحسينعليه‌السلام من هذه الأخبار ، لما استفاضت به الأخبار من الأمر بإظهار شعائر الأحزان(٣)

ولم يبين المحقّق البحراني الوجه في عدم شمول هذه الروايات لذلك ، والوجه في عدم الشمول هو : إنّ في لبس المؤمنين الثياب السوداء في وفيات الأئمّةعليهم‌السلام ، وبالخصوص في أيّام محرّم الحرام ، وشهر صفر إظهاراً لمودّتهم وحبّهم لأهل
______________________

(١) الكافي ٥ / ٥٢٦

(٢) شرائع الإسلام ١ / ٥٦ في هامشه

(٣) الحدائق الناضرة ٧ / ١١٨

٤٥٦

البيتعليهم‌السلام ، فيحزنون لحزنهم ، وإنّ هذا العمل من المؤمنين إحياء لأمر أهل البيتعليهم‌السلام

وقد روي عنهمعليهم‌السلام :« رحم الله من أحيا أمرنا » (١) ، فإذا ارتدى عامّة الناس من الرجال والشباب والأطفال الثياب السود ، كان ذلك ظاهرة اجتماعية تلفت نظر الغريب فيسأل : ماذا حدث ؟ بالأمس كان الأمر طبيعياً ، وكانت ألوان ثياب الناس مختلفة ، وأمّا اليوم فقد لبسوا كلّهم السواد ؟!

فعندما يوضّح له بأنّ اليوم يوم حزن ومصيبة على ريحانة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله الإمام الحسينعليه‌السلام ، كان هذا الأمر في حدّ نفسه إحياء لأمرهعليه‌السلام ، ولهذا اشتهر أنّ بقاء الإسلام بشهري محرّم وصفر ، وذلك لأنّ حقيقة الإسلام والإيمان قد أُحييا بواقعة كربلاء ، وهذا دليل لابدّ من المحافظة عليه ، لتراه الأجيال القادمة ماثلاً أمامهم ، فيحصل لهم اليقين به ، فإنّ الإمام الحسينعليه‌السلام نفسه قد أثبت أحقّية التشيّع ، وأبطل ما عداه

ثمّ من الروايات الواردة في استحباب لبس السواد على الإمام الحسينعليه‌السلام :

١ ـ ما رواه ابن قولويه : « إنّ ملكاً من ملائكة الفردوس الأعلى ، نزل على البحر ، ونشر أجنحته عليها ، ثمّ صاح صيحة وقال : يا أهل البحار ألبسوا أثواب الحزن ، فإنّ فرخ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مذبوح »(٢)

وفهم الشيخ النوري من هذه الرواية : عدم كراهة لبس السواد ، أو رجحانه حزناً على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، كما عليه سيرة كثير في أيّام حزنه ومأتمه(٣)

٢ ـ ما رواه البرقي ، بسنده عن عمر بن علي بن الحسين قال : « لمّا قتل جدّي الحسين بن عليعليهما‌السلام ، لبسن نساء بني هاشم السواد والمسوح ، وكن لا يشتكين من حرّ ولا برد ، وكان علي بن الحسينعليهما‌السلام يعمل لهن الطعام للمأتم »(٤)

______________________

(١) الاختصاص : ٢٩ ، الأمالي للشيخ الطوسي : ١٣٥

(٢) كامل الزيارات : ١٤٣

(٣) مستدرك الوسائل ٣ / ٣٢٨

(٤) المحاسن ٢ / ٤٢٠

٤٥٧

وهذه الرواية إضافة إلى دلالتها على مشروعية لبس السواد ، بل استحبابه في عاشوراء ، تدلّ على أُمور أُخرى ، منها : استحباب إقامة المأتم ، والإطعام ، والقيام بخدمة مقيمي مأتم عزاء الإمام الحسينعليه‌السلام ، حيث كان الإمام السجّادعليه‌السلام شخصيّاً يقوم بهذه الخدمة ، وكفى بذلك مقاماً لمقيمي المآتم

وفي الفتاوى نرى ما يلي : إنّ من الثابت استحباب مؤاساة أهل البيتعليهم‌السلام مطلقاً ، بحزنهم وفرحهم ، لعموم ما دلّ على ذلك ، ولاستحباب التأسّي بهم ، فقد جاء في الروايات ما دلّ بالخصوص على ذلك في شهر محرّم

فقد ورد أنّ بعض الأئمّةعليهم‌السلام كانت أيّام محرّم أيّام حزنه ، وعزائه ومصابه ، ونحن مأمورون باتخاذهم أسوة مطلقاً

وأمّا بالنسبة إلى الرواية المانعة التي ذكرتموها عن الكافي إن صحّت سنداً ـ فإنّها تدلّ على المنع على نحو الإطلاق ، فيخصّص ذلك الإطلاق بالروايات المجوّزة ، كالرواية التي يرويها الشيخ الطوسي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال :« ولقد شققن الجيوب ، ولطمن الخدود الفاطميات على الحسين بن علي عليهما‌السلام ، وعلى مثله تلطم الخدود ، وتشقّ الجيوب » (١)

وما روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام : « إنّ البكاء والجزع مكروه للعبد في كلّ ما جزع ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن عليعليهما‌السلام فإنّه فيه مأجور »(٢)

فلبس السواد ، ولطم الخدود ، وخمش الوجوه ، وغيرها وإن كانت مكروهة إلّا أنّ كراهيتها ترتفع إذا كانت للإمام الحسينعليه‌السلام

« سلمان ـ البحرين »

الأحاديث الناهية عن النياحة واللطم :

س : هناك أحاديث تنهي عن النياحة واللطم ، منها :

______________________

(١) تهذيب الأحكام ٨ / ٣٢٥

(٢) كامل الزيارات : ٢٠١

٤٥٨

١ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « النياحة من عمل الجاهلية »(١)

٢ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « صوتان ملعونان يبغضهما الله : إعوال عند مصيبة ، وصوت عند نعمة »(٢)

٣ ـ قال الإمام الصادقعليه‌السلام : « لا ينبغي الصياح على الميّت ، ولا تشقّ الثياب »(٣)

هل هذه الأحاديث صحيحة أو ضعيفة ؟ وإذا كانت صحيحة ، فهل يفهم منها أنّ النياح والصياح واللطم على الميّت مكروه محرّم ؟ وجزاكم الله خيراً

ج : بالنسبة إلى رواية « النياحة من عمل الجاهلية » ، فقد رواها الشيخ الصدوققدس‌سره مرسلة ، ولم يذكر لها سنداً

نعم روى عن شعيب بن واقد نهي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن النياحة(٤) ، ولكن في طريق السند إلى شعيب ، وقع حمزة بن محمّد العلوي ، وعبد العزيز بن محمّد ابن عيسى الاظهري ، وهما مهملان ، وشعيب نفسه غير مذكور في كتب الرجال فهو مجهول

ثمّ إنّ الرواية جمعت نواهي كثيرة ، بعضها مقطوع بكراهته ، وعليه فلا يدلّ النهي عن النياحة فيها على الحرمة ، إذ هي معارضة بروايات فيها جواز النياحة ، فطريق الجمع هو : حمل الحرمة على النوح بالباطل ، وللتفصيل أكثر راجع كتب الفقه ، هذا إذا لم تكن هذه الرواية صدرت تقية ، لشهرة هذا الحكم عند العامّة

وأمّا بالنسبة إلى الرواية الثانية ـ التي رواها القاضي النعمان ـ فهناك كلام طويل في المؤلّف ومذهبه ، بين كونه إمامي أو إسماعيلي ؟ وحذف أسانيد روايته في الكتاب طلباً للاختصار ، وقال : إنّه اقتصر على الثابت الصحيح ممّا جاء
______________________

(١) من لا يحضره الفقيه ٤ / ٣٧٦

(٢) دعائم الإسلام ١ / ٢٢٧

(٣) الكافي ٣ / ٢٢٥

(٤) من لا يحضره الفقيه ٤ / ٣

٤٥٩

عن الأئمّة من أهل بيت الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله

ولم يرد فيه عن الأئمّة بعد الإمام الصادقعليه‌السلام ، وعليه فلم يعتمد الفقهاء على كتابه ، وإنّما أخذوها كمؤيّدات

ثمّ إنّ هذه الرواية وردت عند العامّة بألفاظ أُخر ، ولا تخفى الإشارة على اللبيب ، فراجع

وأمّا بالنسبة إلى الرواية الثالثة ، ففيها الحسن الصيقل ، وهو لم يذكر بمدح ، وإنّما ذكره الشيخ في أصحاب الأئمّة ، وامرأته روت عن الإمام الصادقعليه‌السلام كما في هذه الرواية ، وروت عن زوجها الحسن الصيقل ، إضافة إلى وجود كلام في بقية رجال السند

وأمّا متن الرواية : فقد حمل قوله فيها :« لا ينبغي » على الكراهة ، وظاهر« لا ينبغي الصياح » هو الصياح العالي ، فمن حمل« لا ينبغي » على الحرمة ، قال : بحرمة الصياح العالي ، لا النوح بصوتٍ معتدل

« ـ ـ سنّي »

لا جزع في إقامتها :

س : إلى مركز الأبحاث العقائدية : أرجو أن يكون الاستدلال عن طريق كتب أهل السنّة ، لماذا الشيعة يحيون ذكرى شهادة الحسين ؟ أليس هذا من الجزع؟

ج : كأنّك تريد أن تقول : إنّ العزاء جزع ، والجزع منهي عنه ، فالعزاء منهي عنه

وهذا الاستدلال فاسد من حيث سقوط صغراه ، وذلك : إنّ العزاء ومأتم الحسينعليه‌السلام هو عبارة عن ذكر الإمام الحسين ، وذكر فضائله ومقامه ، ثمّ العروج على واقعة الطفّ ، وإظهار الحزن وذرف الدموع عليه

فإذا كان العزاء هو ذلك ، فنأتي إلى مفرداته ، فالمفردة الأُولى هي ذكر

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576