موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ١

موسوعة الأسئلة العقائديّة3%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-01-0
الصفحات: 576

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 576 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 227089 / تحميل: 6764
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠١-٠
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

الإلهيات :

« أُمّ محمّد ـ البحرين ـ »

إثبات أنّ للكون علّة غير محتاجة :

س : كيف نثبت أنّ للكون علّة غير محتاجة ؟ مع جزيل الشكر ، وفّقكم الله لما يحبّ ويرضى

ج : نثبت ذلك عن طريق الدليل العقلي والدليل الشرعي :

أمّا الدليل العقلي فنقول : لو كانت علّة الكون محتاجة للزم التسلسل ، وهو باطل عقلاً ، وذلك ببيان :

معنى كون العلّة محتاجة ، أي مفتقرة ومعلولة إلى علّة ثانية توجدها ، وهي غير محتاجة ، وإلّا لاحتاجت العلّة الثانية إلى علّة ثالثة وهكذا ، فيكون بعضها معلول لبعض آخر ، وذلك البعض الآخر معلول لآخر من غير أن ينتهي إلى علّة ليست بمعلول ، وهو ممتنع وباطل ، لاستحالة التسلسل

فيثبت أنّ علّة الكون ليست بمعلول ، أي ليست بمحتاجة ، وهو المطلوب

وأمّا الدليل الشرعي فنقول : وردت آيات وروايات كثيرة تنصّ على أنّ الخالق والموجد لهذا الكون هو الله تعالى ، ووصفته بأنّه غنيّ غير محتاج ، فمن الآيات :

١ ـ قوله تعالى :( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ) (١)

______________________

(١) الطور : ٣٥

٥٠١

٢ ـ قوله تعالى :( أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ ) (١)

٣ ـ قوله تعالى :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) (٢)

٤ ـ قوله تعالى :( وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ ) (٣)

٥ ـ قوله تعالى :( وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ ) (٤)

« يوسف ـ الكويت ـ »

استعمال كلمة الربّ في غيره مجازاً :

س : سمعت أحد الخطباء في الكويت يقول : إنّ المقصود بكلمة الربّ في القرآن الكريم ، هو الإمام علي ، فنرجو التوضيح ، وشكراً

ج : لا إشكال في عدم صحّة إطلاق كلمة « الربّ » بمعناه ومصطلحه الحقيقي على غير الله عزّ وجلّ ؛ وأمّا استعمال هذه الكلمة مجازاً في غيره ـ تبارك وتعالى ـ فهو بمكانٍ من الإمكان ، فمثلاً ورد في سورة يوسفعليه‌السلام :( اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ ) (٥)

وعليه فلا مانع من الاستعمال المجازي ، ثمّ نحن لا نعلم قصد المتكلّم حتّى نحكم على كلامه ، فإنّ كان يقصد المعنى الحقيقي فهو مردود وغير معقول ، وقد ورد في استنكاره عدّة روايات من المعصومينعليهم‌السلام ، فمنها :

ما رواه الكشّي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام في مقابلته للغالين(٦)

______________________

(١) الطور : ٣٦

(٢) فاطر : ١٥

(٣) النجم : ٤٨

(٤) محمّد : ٣٨

(٥) يوسف : ٤٢

(٦) اختيار معرفة الرجال ١ / ٣٢٥

٥٠٢

وأيضاً جاء في « الخصال » : ( إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام قال :« إيّاكم والغلوّ فينا ، قولوا إنّا عبيد مربوبون ، وقولوا في فضلنا ما شئتم » )(١) ، وغيرها

وأمّا إذا كان المقصود التجوّز في الاستعمال والتنزيل فلابأس به

« ـ ـ »

الأدلّة العقلية على وجود الله تعالى :

س : كيف نستطيع معرفة الله ؟ وما هي الأدلّة العقلية لوجوده تعالى ؟ وما هو أفضل كتاب يفضّل قراءته في هذا المجال ؟

وكيف نؤمن بربّ لا نراه ؟ وكيف وجد الله ؟ ومن أين ؟ أرجو الإجابة ، وأنا مؤمن بالله ولكن للاطمئنان ، ودمتم سالمين

ج : إنّ وجود الله تعالى أغنى من أن يحتاج إلى بيان ، أو يتوقّف على برهان ، حيث أدركه كُلّ ذي عقل ، وأحسّ به كُلّ ذي شعور ، وفهمته كُلّ فطرة ، حتّى الذي ينكره بلسانه لا محالة يتوجّه إليه عند الاضطرار بقلبه وجَنانه ، بل يمكن القول بأنّ وجوده تعالى فطري ، لا يحتاج في الحقيقة إلى دليل ، ولكن نذكر لكم بعض الأدلّة العقلية على وجوده تعالى ، حسبما طلبتموه :

الأوّل : برهان النظم :

أوضح الأدلّة على إثبات الله تعالى ، الذي يحكم به العقل ، هو دليل النظم والتدبير

فالكُلّ يرى العالم بسماواته وأراضيه ، وما بينهما من مخلوقاته ، ورواسيه من المجرّة إلى النملة

فنرى أجزاءها وجزئيّاتها مخلوقة بأحسن النظم ، وأتقن تدبير وأحسن صنع ، وأبدع تصوير ، فيحكم العقل بالصراحة ، أنّه لابدّ لهذا التدبير من مدبّر ،
______________________

(١) الخصال ٢ / ٣٦

٥٠٣

ولهذا التنظيم من منظّم ، ولهذا السير الحكيم من محكم ، وذلك هو الله تعالى

الثاني : امتناع الصدفة :

فإنّا إذا لم نؤمن بوجود الخالق لهذا الكون العظيم ، فلابدّ وأن نقول : بأنّ الصدفة هي التي أوجدته ، أو أنّ الطبيعة هي التي أوجدته

لكن من الواضح ، أنّه لا يقبل حتّى عقل الصبيان أن تكون هذه المخلوقات اللامتناهية ، وجدت بنفسها بالصدفة العمياء ، أو بالطبيعة الصماء

الثالث : برهان الاستقصاء :

فإنّ كلّاً منّا ، إذا راجع نفسه يدرك ببداهة ، أنّه لم يكن موجوداً أزلياً ، بل كان وجوده مسبوقاً بالعدم ، وقد وجد في زمان خاصّ ، إذاً فلنفحص ونبحث : هل أنّنا خلقنا أنفسنا ؟ أم خلقنا أحد مثلنا ؟ أم خلقنا القادر الله تعالى ؟

ولاشكّ أنّنا لم نخلق أنفسنا ، لعدم قدرتنا على ذلك ، ولاشكّ أيضاً أنّ أمثالنا لم يخلقونا لنفس السبب ، إذاً لا يبقى بعد التفحص والاستقصاء إلّا أنّ الذي خلقنا هو الله تعالى ، لأنّه القادر على خلق كُلّ شيء

الرابع : برهان الحركة :

أنّا نرى العالم بجميع ما فيه متحرّكاً ، ومعلوم أنّ الحركة تحتاج إلى محرّك ، لأنّ الحركة قوّة ، والقوّة لا توجد بغير علّة

إذاً لابدّ لهذه الحركات والتحوّلات والتغيّرات من محرّك حكيم قدير ، وهو الله تعالى

الخامس : برهان القاهرية :

إنّ الطبيعة تنمو عادة نحو البقاء ، لولا إرادة من يفرض عليها الفناء

فالإنسان الذي يعيش ، والأشجار التي تنمو ، لا داعي إلى أن يعرض عليها الموت أو الزوال إلّا بعلّة فاعلة قاهرة

٥٠٤

فمن هو المميت ؟ ومن هو المزيل ؟ ذلك الذي له القدرة على فناء مخلوقاته ، وهو الله تعالى

هذه أدلّة خمسة ، من بين الأدلّة العقلية الكثيرة التي تبرز الإيمان الفطري بوجود الله تعالى

وأمّا كيف وجد ؟ وأين وجد ؟ فذلك ممنوع شرعاً عن التحدّث عنه ، بل ولا يمكن للعقل أن يدركه

والكتاب المفضّل لمعرفة هذه الأُمور هو كتاب « الإلهيات » للشيخ السبحاني ، وكتاب « العقائد الحقّة » للسيّد علي الحسيني الصدر

« كميل ـ عمان ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة »

الإرادة التكوينية والتشريعية :

س : ما معنى الإرادة التكوينية ؟ والإرادة التشريعية ؟

ج : الإرادة التكوينية : هي التصرّفات التي تقع في شؤون عالم الخلق من التكوين ، والإبداع والمعاجز ، ومطلق الأفعال والأعمال ، في مقابل الإرادة التشريعية التي هي بمعنى أحكام الدين ، والشرائع الإلهية

وبعبارة أُخرى : كُلّ ما كان من شأنه أن يدخل في دائرة الوجود ـ إثباتاً ونفياً ـ تتولّاه الإرادة التكوينية لله عزّ وجلّ ، فيحكم بوجوده تارةً فيصبح موجوداً ، أو ينفي وجوده أحياناً فيدخل أو يبقى في ظلمة العدم

ولكن الإرادة التشريعية هي : الأوامر والنواهي الصادرة من الله تعالى ، والتي تصل إلى ذوي العقول ، بصورة نزول الوحي إلى الأنبياءعليهم‌السلام

وعليه ، فالإنسان يجب أن يتبع الإرادة التشريعية ، فيلتزم بأحكام الحلال والحرام ، والدين بصورة عامّة ، ولكن لا يستطيع أن يخرج في أفعاله وأعماله عن دائرة الإرادة التكوينية ، لأنّ كافّة تصرّفاته وتقلّباته في عالم الوجود تكون بالقدرة ، والإمكانية التي تعطى له من جانب الله جلّ وعلا

٥٠٥

« أحلام ـ... ـ »

التوفيق بين العدل الإلهي وبين خلق أُناس ذو عاهة :

س : كيف يتحقّق العدل الإلهي بخلق أُناس ذو عاهة ؟

ج : لا يخفى عليكم أنّ السبب في خروج أطفال مصابين إلى الحياة الدنيا هو بفعل الأبوين ، لا بفعل الله تعالى حتّى يخلّ بعدله تعالى ، وذلك بسبب سوء تغذيتهما ، أو بسبب اعتيادهما بعض الأُمور المضرّة ، وما إلى ذلك من ارتكاب ما حرّم الله تعالى في النكاح ، والمأكل والمشرب و .

ويتجلّى لنا العدل الإلهي في هؤلاء المصابين ، حينما نسمع أنّه تعالى يرفع عنهم التكليف الشاقّ ، ويعوّضهم برحمته الثواب الجزيل ، فيعطي للمتألّم عوضاً لتألّمه وابتلائه من الأجر ما يكون أنفع بحاله

روى الشيخ الصدوققدس‌سره عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال :« كان فيما أوحى الله عزّ وجلّ إلى موسى عليه‌السلام ، أن يا موسى ما خلقت خلقاً أحبّ إليّ من عبدي المؤمن ، وإنّما أبتليه لما هو خير له ، وأعافيه لما هو خير له ، وأنا أعلم بما يصلح عليه أمر عبدي ، فليصبر على بلائي ، وليشكر نعمائي ، وليرض بقضائي ، أكتبه في الصدّيقين عندي ، إذا عمل برضائي فأطاع أمري » (١)

« كميل ـ عمان ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة »

التوفيق بين موت الأطفال وعدم صدور القبيح من عند الله :

س : بدر سؤال في ذهني عن موت الأطفال وهو : كيف نوفّق بين هذا الشيء وبين عدم صدور القبيح من عند الله ، خصوصاً عندما يعذّب الله بعض الأقوام ، أليس الله بقادر على إبقائهم عند نبيّ ذاك الزمان ، وينزل ملائكة وحور العين لكي يساعدوه على تربيتهم ؟ فأجبت نفسي بهذا الجواب ، وأُريد رأيكم فيه :

______________________

(١) التوحيد : ٤٠٥

٥٠٦

١ ـ إنّ هذا الأمر لا يعدّ قبيحاً على الله جلّ وعلا ، لأنّ الأطفال ملك له ، وله أن يفعل بهم ما يشاء حسب ما تقتضيه حكمته

٢ ـ قد يمكن إبقاء الأطفال ، لا لأنّ الله لا يستطيع ذلك ، ولكن لسبب ما هم غير قابلين للبقاء ، وكما يقولون : القصور في القابل وليس في الفاعل

٣ ـ قد يكون بسبب العلم المسبق لله تعالى بأنّ هؤلاء الأطفال سيتّبعون آباءهم ، وبالتالي لمحو الفساد يجب موتهم

ج : الجواب صحيح إلى مقدار ما ونضيف عليه ما يلي :

١ ـ صحيح أنّ الأطفال بل جميع المخلوقات هي ملك لله تعالى ، لكن ذلك لا يعني أنّ الله تعالى يفعل بها ما يشاء من الظلم أو القبح

٢ ـ نظرية التعويض تقول : إنّ الله تعالى إذا سلب عبداً شيئاً سوف يعوّضه في الدنيا ، أو في الآخرة ، أو في كليهما

٣ ـ الله تعالى قادر على جعلهم في كنف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكن ذلك ليس الهدف من بعث الأنبياء والرسل

إذ الهدف منهم هو التربية الروحية ، وليس التربية البدنية ، بمعنى ليس مهمّته حضانة الأطفال

٤ ـ ما ذكرتم من اتباعهم لآبائهم الكافرين ، هو أحد المحتملات ، وهنالك احتمالات أُخرى أيضاً ، إذ ربما يكون إماتتهم لأجل إثابة أبويهم مثلاً ، أو لأجل مصالح أُخرى لا تنفك عن حكمته وعدله ولطفه ، وإن لم نعلم بها

« يوسف ـ الكويت ـ »

الخلق قد تخوّل بإذن الله إلى مخلوق :

س : هل الإمام عليعليه‌السلام خالق السماوات والأرض ؟ وشكراً

ج : إنّ من المتيقّن الذي لا ريب فيه أنّ الخالقية بالاستقلال هي من شؤون الربوبية ، ولا مجال لأيّ توهّم بخلافه ، وهذا المعنى أطبقت عليه كافّة الأديان السماوية ، فضلاً عن المذاهب ، إذ هو أقلّ مراتب الاعتقاد بالتوحيد

٥٠٧

وتصرّح بهذا المعنى الآيات القرآنية العديدة ، والروايات المتواترة من الفريقين في أبواب التوحيد ، وصفات الباري في المجامع الروائية

وبناءً على ذلك فما يتحدّث به بعضهم على خلاف هذا المعنى فهو أمّا من الموضوعات ـ أو على أقلّ تقدير لم يثبت سنداً ـ وأمّا مؤوّل بتفاسير لا يردّها العقل والنقل

فمثلاً في موضوع السؤال ، إذا كانت الخالقية في بعض الموارد ـ لا على الإطلاق ـ تخوّل بإذن الله تعالى إلى مخلوق ، فهذا أمر آخر يمكن تعقّله إذا ثبت نصّاً ، نظير ما جاء في ذكر معاجز عيسىعليه‌السلام :( وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي ) (١)

« ليلى ـ البحرين ـ »

العدل من صفات الأفعال :

س : هل العدل من صفات الذات ؟ أو من صفات الأفعال ؟

ج : قسّم المتكلّمون صفاته سبحانه إلى صفة الذات ، وصفة الفعل

والأوّل : ما يكفي في وصف الذات به ، فرض نفس الذات فحسب ، كالقدرة والحياة والعلم

والثاني : ما يتوقّف الذات به على فرض الغير وراء الذات ، وهو فعله سبحانه

فصفات الفعل هي المنتزعة من مقام الفعل ، بمعنى أنّ الذات توصف بهذه الصفات عند ملاحظتها مع الفعل ، وذلك كالخلق والرزق ونظائرهما من الصفات الفعلية الزائدة على الذات ، بحكم انتزاعها من مقام الفعل

وبموجب هذا التقسيم ، فصفة العدل من صفات الأفعال لا صفات الذات

______________________

(١) المائدة : ١١٠

٥٠٨

« ـ ـ »

المولود من كافرين لا ينافي كون كلّ أفعال الله خير :

س : إنّنا نؤمن بأنّ كُلّ ما يفعله الله هو خير ، ما هو تفسيركم في من يولد غير مسلم ، هل هذا خيراً له ؟

ج : نحن نعتقد أنّ الله تعالى لا يفعل شرّاً ، ولا لغواً ولا عبثاً ، وإنّما كُلّ أفعاله تتّصف بالخير والمصلحة والحكمة

وعليه ، فعملية التوالد عملية تتّصف بالخير والمصلحة للمجتمع والأسرة ، وهي نتاج طبيعي لاقتراب الزوج من زوجته ، فخروج الطفل إلى الحياة الدنيا فيه خير ومصلحة

ولكن تارة يخرج من أبوين مؤمنين فذلك نور على نور ، وأُخرى يخرج من أبوين كافرين فهذا سببه الأبوين لا الباري عزّ وجلّ ، إذ إنّ الإنسان يولد على الفطرة ، وإنّما أبواه يهوّدانه وينصّرانه

ولكن باعتبار أنّ الله تعالى عادل سوف يحاسب كُلّ من الطفلين بمقدار سعيه وعمله ، ويتوقّع من المؤمن أكثر ممّا يتوقّع من الكافر ، فهو تعالى يقدّر جهود كُلّ منهما لما يتحمّله من المشاقّ في الوصول إليه تعالى

« حسن محمّد يوسف ـ البحرين ـ ١٨ سنة ـ طالب جامعة »

الله تعالى منزّه عن التركيب :

س : ما معنى أنّ الله تعالى ليس مركّباً من الأجزاء العقلية والمقدارية ؟

ج : إنّ من مراتب التوحيد الذاتي لله تعالى هو التوحيد الأحدي ، أي الاعتقاد بأنّه تعالى بسيط منزّه عن أيّ تركيب خارجي أو عقلي ، إذ أيّ نوع من التركيب ـ لو فرض ـ فإنّه يتنافى مع وحدانيّته ، وتوضيح المقام يحتاج إلى مجال أوسع ، ولكن هنا نشير إلى نقطة وهي :

٥٠٩

إنّ الكلّ المركّب يحتاج دائماً في وجوده إلى أجزائه التركيبية ، وعليه فالمحتاج إلى غيره في الوجود معلول لذلك الغير ، ولا يوصف بوجوب الوجود والألوهية

ثمّ إنّ المركّب الخارجي أو المقداري ، هو المجموعة ذو الأجزاء الخارجية المحسوسة ، مثل تركيب كُلّ مادّة من عناصر معدنية ، أو مواد كيمياوية

وأمّا المراد من التركيب العقلي ، فهو اشتمال الشيء على أجزاء عقلية ـ لا خارجية ـ أي تقسيمات ذهنية مع توحيده في الخارج ، مثلاً : واقع الإنسان هو شيء واحد في الخارج ، ولكنّه ينحل في الذهن عند تعريفه ، بأنّه « حيوان ناطق » إلى جنس وهو « الحيوان » ، وإلى فصل وهو « الناطق » ، فهذا التقسيم لا أثر له في الخارج ، ولكن يتصوّره العقل والفكر ، وهذا يسمّى بالتركيب العقلي

« أحمد ـ ـ »

الله تعالى موجود في كلّ مكان :

س : إذا كان الله في كُلّ مكان ، كما قال الإمام عليعليه‌السلام ، فهذا يعني أنّه موجود في دورات المياه ، والعياذ بالله !

ج : لا يخفى أنّ الموجود إمّا مادّي ، وإمّا غير مادّي

والموجود المادّي : هو الموجود الذي له مادّة وجسم ـ أي ذو أبعاد ثلاثة ، طول وعرض وعمق ـ والجسم يستدعي كونه في مكان خاصّ ، وجهة خاصّة ، ولا يمكن للجسم أن يكون في مكانين ، أو جهتين أو أكثر ، وإلاّ لصار جسمين ، أو أكثر ، لا جسم واحد

والموجود غير المادّي : هو الموجود الذي ليس له مادّة وجسم ، فهو ليس له مكان خاصّ ، ولا جهة خاصّة ، بل يمكن أن يكون في أماكن وجهات مختلفة ومتعدّدة كالهواء مثلاً

٥١٠

بعد هذه المقدّمة نقول : إنّ وجود الله تعالى وجود غير مادّي ، فهو موجود في كُلّ مكان ، وفي كُلّ جهة ، قال تعالى :( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) (١)

أي إنّ الله تعالى يملك ما بين المشرق والمغرب ، فله تعالى السلطة والقدرة على ما بينهما ، فأينما توجّهوا وجوهكم ، فهنالك وجه الله ، أي لا يخلو منه تعالى مكان ولا جهة ، وقد وسع ذاتاً وعلماً وقدرة ورحمة ، وتوسعة على عباده ، وعليم بمصالح الكُلّ ، وما يصدر عن الكُلّ في كُلّ مكان وجهة ، ولا يخفى عليه خافية

وقال تعالى :( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) (٢)

وجاء في « الاحتجاج » في ذيل هذه الآية : ( فقال ابن أبي العوجا : ذكرت الله فأحلت على الغائب

فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام :« ويلك ! كيف يكون غائباً من هو مع خلقه شاهد ، وإليهم أقرب من حبل الوريد ، يسمع كلامهم ، ويرى أشخاصهم ، ويعلم أسرارهم » ؟!

فقال ابن أبي العوجا : فهو في كلّ مكان ، أليس إذا كان في السماء كيف يكون في الأرض ؟ وإذا كان في الأرض كيف يكون في السماء ؟

فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام :« إنّما وصفت المخلوق ، الذي إذا انتقل من مكان اشتغل به مكان ، وخلا منه مكان ، فلا يدري في المكان الذي صار إليه ما حدث في المكان الذي كان فيه ، فأمّا الله العظيم الشأن الملك الديّان فلا يخلو منه مكان ، ولا يشتغل به مكان ، ولا يكون إلى مكان أقرب منه إلى مكان » )(٣)

______________________

(١) البقرة : ١١٥

(٢) ق : ١٦

(٣) الاحتجاج ٢ / ٧٥

٥١١

وبعد هذا البيان يتّضح الجواب على سؤالكم ، فالموجودية ليست موجودية مادّية ، بل هي موجودية غير مادّية ، فهو تعالى مطّلع عليها ، ولا يخفى عليه منها شيء ، وله السلطة والقدرة عليها ، وإلّا يلزم جهله بها

« علي شكر ـ بريطانيا ـ ١٨ سنة ـ طالب »

الله نور السماوات والأرض :

س : الله نور السماوات والأرض ، هل معناها أنّ الله منوّر السماوات والأرض بما خلق كالشمس ؟ أو الله له نور غير الشمس ، أي الله بذاته نور مظهر لكلّ شيء ، ونوره مظهر للشمس وغيرها ؟ أو أنّ النور هو خلق ، أو أمر كالروح ، والله غير النور ؟

ج : إنّ معنى النور : هو ما يظهر به الأجسام الكثيفة للأبصار ، فهو ظاهر لذاته ومظهر لغيره

هذا هو النور المحسوس المعروف ، فكأنّ النور بطبيعته يظهر بذاته ويظهر الأشياء الأُخرى ، والتي كأنّها معدومة في ظلمتها ، فإيجادها يعني إظهارها إلى الوجود بعد إعدامها في حوالك الظلمة

هكذا هو الله تعالى ، فإيجاده للموجودات بعد إعدامها ، كالنور الذي يوجد الأشياء بعد إعدامها في حوالك الظلمة ، فالله تعالى موجود بذاته موجد لكلّ ممكن

فالتمثيل بالنور من هذه الجهة ، وليس من جهة بيان معنى نورانية الله تعالى ، تعالى الله عن كلّ مثل ، وعن كلّ شيء ، وعن كلّ مخلوق إذ كيف نجعل الله تعالى كأحد مخلوقاته ؟

فالنور هو مخلوق من قبله تعالى ، فكيف يكون الخالق عين مخلوقاته ؟ إذ بالإمكان إيجاد النور وإعدامه ، والله تعالى لا تعترض عليه هذه الأحوال من الإيجاد والعدم

٥١٢

فلا يحقّ ولا يجوز أن نقول : إنّ نور الشمس مثلاً ، أو نور القمر هو من نوره تعالى ، نعم نقول على سبيل المجاز من نوره بمعنى إيجاده وخلقه ، إذ بقدرته دلّ عليهما بعد ما كانا معدومين

على أنّ نور الله تعالى لا تدركه عقولنا ولا حواسنا ، ولا يمكن لأحد أن يبلغ كنه نوره ، فنوره ذاته ، وذاته محجوبة عن خلقه ، فتعالى الله ربّنا أحسن الخالقين

« زهرة ـ البحرين ـ »

بحث مبسّط في إثبات وجود الله :

س : كيف يمكن إقناع أحد المادّيين بوجود الله عزّ وجلّ ؟

ج : لابدّ لمن يريد أن يقنع الآخرين على عقيدة ما ـ كالعقيدة بوجود الله تعالى ـ أن يكون على مستوى عال من المعرفة والثقافة بتلك العقيدة ، حتّى يمكنه أن يؤثّر ويقنع ، كما له القوّة على ردّ الشبهات ، والاعتراضات الواردة حول هذه العقيدة التي يريد طرحها

فباعتبار أنّ المادّي لا يؤمن بالأدلّة النقلية من الكتاب والسنّة على وجود الله تعالى ، فلابدّ من ذكر الأدلّة العقلية التي يؤمن بها ، الدالّة على وجوده تعالى ، وبعد الإيمان بوجوده تعالى ، حينذاك يمكن أن نثبت له من خلال الأدلّة النقلية والعقلية على وجود الحياة البرزخية ، والحياة الأخروية

وتعميماً للفائدة ، نذكر لكم ما كتبه أحد المؤمنين في هذا المجال :

يقول المادّيون : لا إله ، فمن الموجد ؟

أنّا نرى الأبناء يولدهم الآباء ، ونرى النبات تنبته الشمس والماء والتربة ، ونرى الحيوان يخلق من حيوانين ، و أمّا قبل ذلك فلم نر شيئاً ، فإنّ العمر لم يطل من قبل

إذاً كلّ قول يؤيّد الإله ، ويؤيّد عدم الإله ، يحتاج إلى منطق غير حسّي

٥١٣

المادّي الذي يقول : لا إله ، يحتاج إلى الدليل

والمؤمن الذي يقول : الله تعالى يحتاج إلى برهان

لكن الأوّل لا دليل له ، فإنّ العين لم تر الإله ، أمّا أنّها رأت عدمه فلا ، وكذا الأذن ، واللمس ، وغيرها .

ومن الهراء : أن يقول أحد : إنّ الصناعة الحديثة دلّت على عدم الإله ؟

هل القمر الاصطناعي يدلّ على عدم الإله ؟ هل الذرّة تدلّ على عدم الإله ؟ هل الكهرباء والصاروخ والطائرة تدلّ على عدم الإله ؟

القمر الاصطناعي ليس إلّا كالسكين الحجري ـ الذي يقولون عنه : ـ صنعه الإنسان البدائي ، لا يرتبط هذا ولا ذاك بالإله نفياً أو إثباتاً

ولنا أن نقول : نفرض أنّ الإله موجود ، فما كان حال القمر الاصطناعي ؟ بل : القمر الاصطناعي الذي يصرف عليه ملايين ، ويجهد في صنعه ألوف من العلماء ، ثمّ لا ينفع إلّا ضئيلاً أدلّ على وجود الإله ، إذ كيف هذا له صانع ، وليس للقمر المنير صانع ؟

إنّ من يطلب منّا الإذعان بعدم الإله للكون ، ثمّ هو لا يذعن بعدم الصانع للطائرة ، مثله كمن يطلب من شخص أنّ يقول بعدم بانٍ لقصر مشيّدة ، ثمّ هو لا يقول بعدم صانع لآخر

عالم وملحد :

قال الملحد : الحواس خمس : الباصرة ، السامعة ، الذائقة ، اللامسة ، الشامّة ، وكلّ شيء في العالم لابدّ وأن يدرك بإحدى هذه الحواس :

فالألوان ، والأشكال ، والحجوم ، تدرك بالباصرة

والأصوات ، والألحان ، والكلام ، تدرك بالسامعة

والطعوم ، والمذوقات ، والأطعمة ، تدرك بالذائقة

والخشونة ، واليبوسة ، والرطوبة ، والحرارة ، تدرك باللامسة

والروائح ، والمشمومات ، والعطريات ، تدرك بالشامّة

٥١٤

فمن أين نثبت وجود الله ؟ والحال أنّا لم نره ، ولم نسمع صوته ، ولم نذق طعمه ، ولم نلمس جسمه ، ولم نشمّ ريحه

فصنع العالم كرتين ، إحداهما من حديد ، والأُخرى من خشب ، وصبغهما ، ثمّ أتى بهما إلى الملحد ، وقال : أنا أخبرك بأنّ إحدى هاتين الكرتين حديد ، والأُخرى خشب ، أنظر وعيّن ؟!

نظر الملحد ، وعجز عن التعيين بالنظر

قال العالم : فأصغ وعيّن ؟ أصغى الملحد ، وعجز عن التعيين بالسمع

قال العالم : ذق وعيّن ؟ ذاق الملحد ، وعجز عن التعيين باللسان

قال العالم : اشمم وعيّن ؟ شمّ الملحد ، وعجز عن التعيين بالأنف

قال العالم : ألمس وعيّن ؟ لمس الملحد ، وعجز عن التعيين باللمس

ثمّ وضعهما العالم في يد الملحد ، وحينذاك أدرك أنّ الأثقل الحديد ، فقال : هذا هو الحديد ، وهذا الأخف هو الخشب

قال العالم : من أخبرك أنّ الأثقل الحديد ، والأخف الخشب ؟

قال الملحد : عقلي هو الذي أرشدني إلى ذلك

قال العالم : فليست المعلومات منحصرة بالحواس الخمس ، وإنّ للعقل حصّة مهمّة من العلوم ، والله تعالى الذي نقول به إنّما هو معلوم للعقل ، وان لم يكن مدركاً للحواس

فانقطع الملحد ، ولم يحر جواباً !!

طالب وزميل :

قال الطالب : لا وجود لله إطلاقاً

الزميل : من أين تقول هذا ؟ ومن علّمك ؟

الطالب : أمّا من علّمني ؟ فما أنت وهذا ؟ وأنّا لا أتحاشى من أن أقول : إنّ المدرسة هي التي أوحت إليّ بهذه الفكرة ، وإنّي جدّاً شاكر لها ، حيث أنقذتني من التقاليد إلى سعة العلم

٥١٥

وأمّا من أين أقول ؟ فلأنّي لم أر الله ، وكلّ غير مرئي لا وجود له

الزميل : إنّي لا أريد أن أناقشك في دليلك الآن ، لكن أقول : هل أنت ذهبت إلى الكواكب ؟ هل أنت ذهبت إلى القطب ؟ هل أنت ذهبت إلى قعر البحار ؟

الطالب : كلا !

الزميل : فإذا قال لك قائل : إنّ الله تعالى في الكواكب ، أو في قعر البحر ، أو في القطب ، فبماذا كنت تجيبه ؟

الطالب ، فكّر ملياً !! ولم يحر جواباً

فقال الزميل : إنّ من الجهل أن ينكر الإنسان شيئاً لم يره ، أو لم يسمع به ، وأنّه لجهل مفضوح

كان بعض الناس قبل اختراع السيارة والطائرة ، والراديو والتلفون ، والكهرباء والتلفزيون ، إذا سمعوا بها أقاموا الدنيا وأقعدوها إنكاراً على من يقول ، واستهزاءً به ، وكانوا يجعلون كلامه مثار ضحك وسخرية !! فهل كان لهم الحقّ في ذلك ؟

إنّهم كانوا يقولون : لم نر هذه الأشياء

وأنت مثلهم تقول : لم أر الله

الطالب : أشكرك جدّاً على هذه اللفتة العلمية ، وإنّي جدّاً شاكر لك ، حيث أخرجتني عن خرافة غرسها في ذهني معلّم جاحد منذ دخلت المدرسة ، وهي : إنّ الله حيث لم نره يجب علينا إنكاره ، والآن فهمت الحقيقة

مؤمن ومنكر :

كان علي وجميل يتناظران في وجود الله تعالى ، فكان علي يسرد الأدلّة على الإثبات ، وجميل يردّها ، أو لا يقبلها

ولما طالت المجادلة بينهما ، قال علي : إنّ في جارنا رجلاً من علماء الدين ، اسمه أحمد ، فهيا بنا نذهب إليه ونجعله الحكم فيما بيننا

قبل جميل مقالة علي ولكن بإكراه ، لأنّه كان يزعم أن لا حجّة لمن يقول

٥١٦

بوجود الله إلّا التقليد ، وذهبا معاً إلى دار العالم للقضاء بينهما ، وبعد أن استقرّ بهما المجلس

قال العالم : خيراً ؟

جميل : إنّي وصديقي علي نتباحث حول وجود الله ، ولم يتمكّن علي من الإثبات ، أو بالأحرى : أنا لم أقتنع بأدلّته ، فهل الحقّ معي أم معه ؟ وأقول ـ قبل كلّ شيء ـ : إنّي لا أقتنع بالقول المجرّد ، وإنّما أريد الإثبات ، مع العلم أنّي خرّيج مدرسة فلسفية عالية ، لا أقبل شيئاً إلّا بعد المناقشة والجدال ، وأن يكون محسوساً ملموساً

أحمد : فهل لك في دليل بسيط ، وبسيط جدّاً تقتنع به ، بدون لفّ ودوران

جميل : ما هو ؟ هات به ، وإنّي أنتظر مثل هذا الدليل منذ زمان !!

أحمد : إنّي أخيّرك بين قبول أحد هذه الشقوق الأربعة ، فاختر إحداها : إنّك موجود بلا شكّ ، فهل :

١ ـ أنت صنعت نفسك ؟

٢ ـ أم صنعك شيء جاهل عاجز ؟

٣ ـ أم صنعك شيء عالم قادر ؟

٤ ـ أم لم يصنعك شيء ؟

فكّر جميل ساعة بماذا يجيب : هل يقول : أنا صنعت نفسي بنفسي ، وهذا باطل مفضوح !

أم يقول : صنعني شيء جاهل ؟ وهذا أيضاً مخالف للحقيقة ، فإنّ التدابير المتخذة في خلق الإنسان فوق العقول ، فكيف يركّب هذه الأجهزة بهذه الكيفية المحيرة ، شيء جاهل ؟!

أم يقول : لم يصنعني شيء ؟ وهو بيّن البطلان ، فإنّ كلّ شيء لابدّ له من صانع

أم يعترف بأنّه مصنوع لشيء عالم وقادر ، وحينئذ ينهار كلّ ما بناه من الأدلّة

٥١٧

ـ المزعومة ـ لعدم وجود الله تعالى

وبعد فكر طويل ، رفع رأسه وقال : لابدّ لي من الاعتراف ، بأنّي مصنوع لعالم قدير

أحمد : ومن هو ذلك العالم القدير ؟

جميل : لا أدري

أحمد : ولكن ذلك واضح معلوم

لأنّ من صنعك ليس من البشر ، فإنّ البشر لا يقدرون على خلق مثلك ، ولا من الجمادات ، فانّ الجماد لا عقل له ، إذاً : هو الله تعالى

علي : هل قنعت يا جميل بهذا الدليل ؟

جميل : إنّه دليل قوّي جدّاً ، لا أظنّ أحداً يتمكّن من المناقشة فيه ، وإنّي شاكر لك وللعالم أحمد

معلم وتلميذ :

ذهب جماعة من الطلّاب إلى مدرسة إلحادية ، وفي اليوم الأوّل من الدوام حضروا الصفّ ، وكان في الصفّ منضدة عليها تصوير أحد زعماء الملحدين

فجاء المعلم ، وقال للطلّاب : هل لكم عين ؟ وأين هي ؟

وهل لكم أذن ؟ وأين هي ؟ وهل لكم أيدٍ وأرجل ؟ وأين هي ؟

قال الطلّاب : نعم ، لنا أعين وأذن وأيد وأرجل ، وهي هذه ، وأشاروا إلى هذه الأعضاء

قال المعلم : وهل ترون هذه الأعضاء وتحسّون بها ؟

قال الطلّاب : نعم ، نراها ونلمسها

قال المعلم : وهل ترون هذا التصوير على المنضدة ؟

قالوا : نعم ، نراه

قال المعلم : وهل ترون المنضدة وسائر ما في الغرفة ؟

قالوا : نعم ، نراها

٥١٨

وهنا انبرى المعلم قائلاً : وهل ترون الله ؟ وهل تحسّون به ؟

قالوا : لا ، لا نرى الله ولا نلمسه

قال المعلم : فهو إذاً خرافة تقليدية

إنّ كلّ شيء في الكون نحسّ به ونراه ، أمّا ما لا نراه ولا نحسّ به ، فهو خطأ ، يلزم علينا أن لا نعترف به ، وإلّا كنّا معتقدين بالخرافة

وهنا قام أحد التلاميذ ، وقال : اسمح لي أيّها الأُستاذ بكلمة ؟

المعلّم : تفضّل

التلميذ : أيّها الزملاء أجيبوا على أسئلتي

الزملاء : سل

التلميذ : أيّها الزملاء هل ترون المعلّم ؟ هل ترون الصورة الموضوعة على المنضدة ؟ هل ترون المنضدة ؟ هل ترون الرحلات ؟

الزملاء : نعم ، نرى كلّ ذلك

التلميذ : أيّها الزملاء هل ترون عين المعلّم ؟ هل ترون أذن المعلّم ؟ هل ترون وجهه ؟ هل ترون يده ورجله ؟

الزملاء : نعم نرى كلّ ذلك

التلميذ : أيّها الزملاء هل ترون عقل المعلم ؟

الزملاء : كلّا ! لا نرى عقله

التلميذ : فالمعلّم إذاً لا عقل له ، فهو مجنون حسب مقالته ، لأنّه قال : كلّ ما لا يراه الإنسان فهو خرافة ، يجب على الإنسان أن لا يعترف به ، وأنّا لا نرى عقل المعلم ، فهو إذاً لا عقل له ، ومن لا عقل له يكون مجنوناً

وهنا ألقم المعلّم حجراً ، واصفرّ وجهه خجلاً ، ولم ينبس ببنت شفة ، وضحك الطلّاب

آينشتاين يعترف :

تحاكم جماعة من المادّيين إلى آينشتاين ليروا رأيه بالنسبة إلى الله تعالى ؟

٥١٩

فأجاز لهم أن يمكثوا عنده (١٥) دقيقة ، معتذراً بكثرة أشغاله ، فلا يتمكّن أن يسمح لهم بأكثر من هذا الوقت

فعرضوا عليه سؤالهم ، قائلين : ما رأيك في الله ؟

فأجاب قائلاً : ولو وفّقت أن أكتشف آلة تمكّنني من التكلّم مع الميكروبات ، فتكلّمت مع ميكروب صغير ، واقف على رأس شعرة من شعرات رأس إنسان ، وسألته : أين تجد نفسك ؟ لقال لي : إنّي أرى نفسي على شجرة رأس شاهقة ! أصلها ثابت وفرعها في السماء

عند ذلك أقول له : إنّ هذه الشعرة التي أنت على رأسها ، إنّما هي شعرة من شعرات رأس إنسان ، وإنّ الرأس عضو من أعضاء هذا الإنسان ، ماذا تنظرون ؟

هل لهذا الميكروب المتناهي في الصغر : أن يتصوّر جسامة الإنسان وكبره ؟ كلّا !

إنّي بالنسبة إلى الله تعالى لأقلّ وأحطّ من ذلك الميكروب بمقدار لا يتناهى ، فأنّى لي أن أحيط بالله الذي أحاط بكلّ شيء ، بقوى لا تتنامى ، وعظمة لا تحدّ ؟

فقام المتشاجرون من عند آينشتاين ، وأذعنوا للقائلين بوجود الله تعالى

« أبو الزين ـ الأردن ـ »

حكم القائل بوحدة الوجود :

س : ما هو حكم القائل بوحدة الوجود ؟

ج : ورد في كتاب « التنقيح في شرح العروة الوثقى » حكم القائلين بوحدة الوجود ما نصّه :

« القائل بوحدة الوجود ، إن أراد أنّ الوجود حقيقة واحدة ولا تعدّد في حقيقته ، وإنّه كما يطلق على الواجب كذلك يطلق على الممكن ، فهما موجودان ، وحقيقة الوجود فيهما واحدة ، والاختلاف إنّما هو بحسب المرتبة ،

٥٢٠

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576