موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ١

موسوعة الأسئلة العقائديّة6%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-01-0
الصفحات: 576

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 576 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 227326 / تحميل: 6767
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ١

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠١-٠
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

ومنه يظهر أنّ تعريفهعليه‌السلام لتلك الفقرات هو تعريف خاصّ ، يجب ملاحظته في فهم كلامهعليه‌السلام في المقام.

٤ ـ وأخيراً : توجد في نفس نهج البلاغة كلمات وخطب أُخرى تصرّح باحتمال تواجد الحقّ مع القلّة ، مثل : «لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلّة أهله »(١) ، أو« إنّ هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا بقلّة »(٢) .

وعليه ، فيجب أن نفهم كلام الإمامعليه‌السلام في المقام بشكل يتّفق مع كلماته وخطبه في سائر الموارد.

( محمّد ـ أمريكا ـ )

لم يذكر فيه كسر ضلع الزهراء :

س : إذا ثبتت مسألة كسر ضلع الزهراء عليها‌السلام عند علمائنا الأجلاّء ، فلماذا لم يرد ذكرها في نهج البلاغة؟ علماً أنّ الإمام علي عليه‌السلام ذكر معظم ما جرى له في حياته في خطبه المجموعة في نهج البلاغة؟

ج : أوّلاً : إنّ الشريف الرضيقدس‌سره جمع خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام ورسائله وكلماته القصار ، وكان نظره إلى الجانب الأدبي والبلاغي في كلامهعليه‌السلام ، ولم يجمع كُلّ كلام الإمامعليه‌السلام ، حتّى أنّه لم يورد في بعض الأحيان الخطبة بأكملها ، بل أورد قسماً منها.

وعليه ، فلا يرد الإشكال إذا لم ترد مسألة كسر الضلع في نهج البلاغة صريحاً ، مع أنّه أشارعليه‌السلام إلى مظلومية الزهراءعليها‌السلام بإشارات يفهمها اللبيب ، وبعبارات بليغة ، وجمل ظريفة ، حيث قالعليه‌السلام ـ عند دفن فاطمةعليها‌السلام ، كالمناجي به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند قبره ـ :

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١٠ / ٢٦١.

٢ ـ المصدر السابق ٩ / ٩٥.

٤٤١

« السَلامُ عَلَيكَ يا رَسولَ اللهِ عَنّي وَعَن ابنَتِكَ النازِلَة في جِوارِكَ ، وَالسَريعَةِ اللِحاقِ بِكَ! قَلَّ يا رَسولَ الله عَن صَفِيّتِكَ صَبري ، وَرَقّ عَنها تَجَلُدي ، إلاّ أنَّ فِي التَأسّي لي بِعَظيمِ فُرقَتِكَ ، وَفَادِحِ مُصيبَتِكَ مَوضِعَ تَعَزّ ، فلقد وَسّدتُكَ في مَلحودةِ قَبرك ، وفاضَت بينَ نَحري وصَدري نفسُكَ ، إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، فَلَقَد استُرجِعت الوَديعة ، وأخذتِ الرَهينة!

أمّا حُزني فَسَرمَدٌ ، وأمّا لَيلي فَمُسَهّدٌ ، إلى أن يَختارَ اللهُ لي دارك التي أنتَ بِها مُقيم ، وسَتُنَبئكَ ابنتُكَ بِتَضافُرِ أُمّتك عَلَى هَضمِها ، فَأحفِها السُؤالَ ، واستَخبِرها الحالَ ، هذا وَلَم يَطُلِ العَهدُ ، ولَم يَخلُ مِنكَ الذكر ، والسلام عليكما سَلامَ مُودّعٍ ، لا قالٍ ولا سَئمٍ ، فإن أنصَرِف فَلا عَن مَلالةٍ ، وَإن أُقِم فلا عَن سُوء ظَنّ بما وَعَدَ اللهُ الصابِرينَ »(١) .

وفي الختام ننبّهك إلى عدّة نقاط :

١ ـ ليست كُلّ الخطب قد وصلت إلينا ، لأنّ أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام وشيعتهم ـ وعلى مرّ العصور ـ كانوا مظلومين مقهورين ، وفي حالة تقية ، وكذلك الأيادي الأثيمة دمّرت الكثير من تراث أهل البيتعليهم‌السلام .

وبناء عليه إذا لم ترد مسألة كسر الضلع في خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام الواصلة إلينا ، فإنّ هذا لا يعني أنّهمعليهم‌السلام لم يذكروا هذه المسألة في خطبهم ، بالأخصّ مع تصريحهمعليهم‌السلام إلى هذا المطلب في أحاديثهم ورواياتهم الواصلة إلينا.

٢ ـ إنّ مقام الخطبة غير مقام الكلام والحديث ، ففي الخطبة تراعى المسائل البلاغية والإشارات إلى المطالب التي لم يمكن التصريح بها ، لأنّ الخطبة تكون في الملأ العام ، وهذا بخلاف الأحاديث الخاصّة ، والتي تقال لخواص الأصحاب.

٣ ـ إنّ من أكثر المسائل التي حاول النواصب طمسها وامحاءها هي مسألة مظلومية الزهراءعليها‌السلام ، لأنّها المصداق البارز للتبرّي الذي بُني عليه التشيّع بعد

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١٠ / ٢٦٥.

٤٤٢

التولّي ، وكذلك هو الدليل القاطع على فضائح القوم ، فحاول الخصم بكُلّ جهده أن لا تصل هذه الحقائق.

فبعد هذا ، كُلّ ما وصل إلينا من مصاديق مظلومية الزهراءعليها‌السلام فهو من المعجزات ، وبسبب تضحيات العلماء ، الذين ضحّوا بكُلّ شيء لأجل إيصال هذه الحقائق.

( علي ـ ـ )

الخطبة الشقشقية في مصادر سنّية :

س : ناقشي صديق سنّي حول الخطبة الشقشقية لأمير المؤمنين عليه‌السلام ، وأنّها لا صحّة لها لعدم وجود خلاف بين الإمام والخلفاء ، ولم تذكرها كتب علماء أهل السنّة القدماء ، فهل بإمكانكم تزويدي بمصادر الخطبة في كتب السنّة.

ج : إنّ الخطبة الشقشقية من خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام المشهورات ، وقد روتها العامّة والخاصّة ، وشرحوها ، وضبطوا ألفاظها من دون غمز في متنها ، ولا طعن في أسانيدها.

وتكاد أن تكون هذه الخطبة هي الباعث الأوّل ، والسبب الأكبر لمحاولة تزييف نهج البلاغة بإثارة الشبهات الواهية حوله ، وتوجيه الاتهامات الباطلة لجامعه الشريف الرضي بوضعها ، وما علموا أنّ هذه الخطبة بالخصوص مثبّتة في مصنّفات العلماء المشهورة ، وخطوطهم المعروفة قبل أن تلد الرضي أُمُّه ، وإليك طائفة من علماء السنّة الذين رووها ، أو استشهدوا ببعض مقاطعها.

١ ـ الإنصاف في الإمامة لابن قبة الرازي ، كان من المعتزلة ، ومن تلامذة أبي القاسم البلخي شيخ المعتزلة ، ثمّ انتقل إلى مذهب الإمامية.

٤٤٣

٢ ـ أبو القاسم البلخي الكعبي ، المتوفّى سنة ٣١٧ هـ ، إمام البغداديين من المعتزلة ، له تصانيف تضمّن بعضها كثيراً من الخطبة الشقشقية ، كما شهد لنا بذلك ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة(١) .

٣ ـ العقد الفريد لابن عبد ربّه المالكي ، المتوفّى سنة ٣٢٨ هـ ، كما نقل ذلك العلامة المجلسي في البحار(٢) .

ويؤيّد ما نقله المجلسي : أنّ القطيفي ـ في كتاب الفرقة الناجية ـ نصّ على أنّها في الجزء الرابع من العقد الفريد ، ثمّ جاءت الأيدي الأمينة على ودائع العلم! فحذفتها عند النسخ أو عند الطبع ، وكم لهم من أمثالها.

٤ ـ المغني للقاضي عبد الجبار المعتزلي ، المتوفّى ٤١٥ هـ.

٥ ـ نثر الدرر ، وكتاب نزهة الأديب للوزير أبي سعيد الآبي ، المتوفّى ٤٢٢ هـ.

٦ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي(٣) .

٧ ـ تذكرة الخواص لابن الجوزي : ١٣٣.

هذا ، وأنّ كتب الأدب ومعاجم اللغة ، لا تخلو من ذكر الخطبة الشقشقية :

أ ـ مجمع الأمثال للميداني ١ / ٣٦٩.

ب ـ النهاية لابن الأثير(٤) .

ج ـ لسان العرب لابن منظور في مادّة شقشق(٥) .

د ـ تاج العروس للزبيدي(٦) .

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ٢٠٥.

٢ ـ بحار الأنوار ٢٩ / ٥٠٦.

٣ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ١٥١.

٤ ـ النهاية لابن الأثير ٢ / ٤٩٠.

٥ ـ لسان العرب ١٠ / ١٨٥.

٦ ـ تاج العروس ٦ / ٣٩٨.

٤٤٤

( يوسف العاملي. المغرب )

حول عبارة خطرك يسير :

س : جاء في نهج البلاغة في باب حكم أمير المؤمنين عليه‌السلام عبارة هي : وخطرك يسير ـ أي الدنيا ـ ووجدت في كتاب آخر : وخطرك كبير ، فما هو الأصل؟

ج : بحسب المصادر الموجودة عندنا العبارة المذكورة هكذا : « وخطرك يسير »(١) ، ووردت عبارة : « وخطرك حقير »(٢) ، كنسخة أُخرى من عبارة : خطرك يسير.

نعم ، ووردت عبارة : « وخطرك كبير » في بعض المصادر(٣) .

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١٨ / ٢٢٤ ، خصائص الأئمّة : ٧١ ، روضة الواعظين : ٤٤١ ، شرح الأخبار ٢ / ٣٩٢ ، مناقب آل أبي طالب ١ / ٣٧١ ، عدة الداعي : ١٩٥ ، تاريخ مدينة دمشق ٢٤ / ٤٠١ ، ينابيع المودّة ١ / ٤٣٨.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ١٨ / ٢٢٦.

٣ ـ كشف الغمّة ١ / ٧٦ ، بحار الأنوار ٧٥ / ٢٣.

٤٤٥
٤٤٦

الوحدة الإسلامية :

( عبد الحميد صالح المعراج ـ السعودية ـ )

تتحقّق بالتمسّك بوصية الرسول :

س : كيف يتمّ التقريب بين المذهب السنّي والمذهب الشيعي؟ بحيث نتوصّل إلى وحدة باطنية ووحدة ظاهرية ، حيث يتمّ الإقناع لكُلّ من السنّي والشيعي ، بحيث لا يبقى مجال لينكر أحدهما على الآخر ، وبالتالي يعيش كُلّ منهما في سعادة واطمئنان وسلام.

ج : إنّ التمسّك بوصية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هو الحلّ الوحيد لإيجاد التقريب ، والتوصّل إلى الوحدة الباطنية ، وذلك يتمّ ببحث أُمور :

١ ـ ما هي وصية الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لأُمّته؟ الجواب : حديث الثقلين.

٢ ـ هل جاء في حديث الثقلين « الكتاب والعترة » أو « الكتاب والسنّة »؟ الجواب : ورد في حديث الثقلين « الكتاب والعترة » ، كما ورد به الكثير من الأخبار الصحيحة في الصحاح والمسانيد المعتبرة(١) ، وأمّا ما ورد من الوصية

__________________

١ ـ أُنظر : فضائل الصحابة : ١٥ ، الجامع الكبير ٥ / ٣٢٨ ، تحفة الأحوذي ١٠ / ١٩٦ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤١٨ ، كتاب السنّة : ٣٣٧ و ٦٢٩ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ٤٥ و ١٣٠ ، خصائص أمير المؤمنين : ٩٣ ، المعجم الصغير ١ / ١٣٥ ، المعجم الأوسط ٤ / ٣٣ و ٥ / ٨٩ ، المعجم الكبير ٣ / ٦٦ و ٥ / ١٥٤ و ١٦٦ و ١٧٠ و ١٨٢ ، شرح نهج البلاغة ٩ / ١٣٣ ، نظم درر السمطين : ٢٣٢ ، كنز العمّال ١ / ١٧٢ و ١٨٦ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ١٢٢ ، المحصول ٤ / ١٧٠ ، الإحكام للآمدي ١ / ٢٤٦ ، الطبقات الكبرى ٢ / ١٩٤ ، علل الدارقطني ٦ / ٢٣٦ ، أنساب الأشراف : ١١١ و ٤٣٩ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٢٨ ، السيرة

٤٤٧

بالكتاب والسنّة ، فهو حديث ضعيف صرّح بضعفه كبار محدّثي علماء القوم(١) .

٣ ـ من هم أهل البيت؟ الجواب : ورد في تفسير آية التطهير أنّهم : النبيّ وعلي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام .

٤ ـ هل النساء من أهل البيت؟ حيث يستدلّ بسياق الآية على دخولهن في مصداق أهل البيت؟ الجواب : السياق حجّة إذا لم يرد دليل آخر يخالفه ويخرجه عن السياق ، ولكن الروايات المعتبرة خصّصت أهل البيت بهؤلاء ، وأخرجت غيرهم ، حيث أنّ أُمّ سلمة سألت النبيّ : وأنا منهم؟ فأجاب : «إنّك على خير »(٢) .

وبعد كُلّ هذا ، فإنّ التمسّك بوصية النبيّ لأُمّته خير طريق لإيجاد الوحدة.

( عمر بن محمّد ـ السعودية ـ سنّي )

مطلوبة بين المسلمين :

س : الحقيقة أنّكم إخواننا في الإسلام ، ونحن الآن في عصر العولمة والتقدّم ، ولعلّنا نستفيد من هذا التقدّم بدفع عجلة الانصهار الطائفي إلى الأمام ، أعني لابدّ للشيعة والسنّة أن يكونوا على قلب واحد لمواجهة الآفة الكبرى أمريكا وإسرائيل ، نحن يا أخواني نعبد الله ، ونحجّ ونصوم ، وقبلتنا

__________________

النبوية لابن كثير ٤ / ٤١٦ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٦ و ١٢ / ٢٣٢ ، ينابيع المودّة ١ / ٧٤ و ٩٥ و ٩٩ و ١٠٥ و ١١٢ و ١١٩ و ١٢٣ و ١٣٢ و ٣٤٥ و ٣٤٩ و ٢ / ٤٣٢ و ٤٣٨ و ٣ / ٦٥ و ١٤١ و ٢٩٤ ، النهاية لابن الأثير ١ / ٢١١ و ٣ / ١٧٧ ، لسان العرب ٤ / ٥٣٨ و ١١ / ٨٨ ، تاج العروس ٧ / ٢٤٥.

١ ـ كنز العمّال ١ / ١٨٧ ، العلل ١ / ٩ ، الضعفاء الكبير ٢ / ٢٥١ ، الكامل في ضعفاء الرجال ٤ / ٦٩.

٢ ـ مسند أبي يعلى ١٢ / ٤٥٦ ، المعجم الكبير ٣ / ٥٣ ، شواهد التنزيل ٢ / ١١٥ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٤٢ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ١٣.

٤٤٨

واحدة ، وأنا في الحقيقة يا إخواني لا أفرّق بين المذهبين ، لماذا هذا التراشق والتشكيك بالدين بينكم وبين السنّة؟

أتمنّى أن يأتي اليوم الذي نكون به في خندق واحد ضدّ أمريكا واليهود ، دعونا نعمل للأجيال القادمة ، نزرع لهم الحبّ والوآم قبل أن نزرع الحقد.

في عام ١٩٤٨ م دفعت السفارة البريطانية للكتّاب من الشيعة والسنّة لتأليف كتب معادية للطرفين ، والهدف هو إشعال الفتنة بين المسلمين ، نتمنّى من الله العزيز الحكيم أن يصفّي القلوب ، وتذوب الشوائب ، ويرتفع علم الإسلام خفّاقاً رغماً عن أمريكا ، مع تحياتي للجميع.

ج : نحن نعتقد بالوحدة الإسلامية ، وأنّ المسلمين بأمسّ الحاجة إلى التقارب والاتحاد ، بالأخصّ في وقتنا الحاضر ، ولكن هذا لا يعني ترك الحوار الهادئ الهادف للوصول إلى الحقيقة في المسائل العلمية ، فإنّ الأُمم والحضارات والمدارس الفكرية لا يمكن أن تصل إلى مرحلة الترقّي إلاّ بالتقارب الفكري والحوار الهادف.

فالوحدة مطلوبة ، والحوار الهادف مطلوب أيضاً ، بشرط أن لا يخرج الحوار عن أُسسه العلمية.

( رضا ـ البحرين ـ )

تتحقّق بالحوار الهادف :

س : ما هو رأيكم في التقريب بين المذاهب الإسلامية؟ وما هو المطلوب ، تقريب المذاهب أم توحيدها؟ وما الذي يترتّب على ذلك؟

ج : الآية القرآنية الواردة في الوحدة :( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ ) (١) ، ورد في تفسيرها عند الشعية والسنّة : أنّ المراد بحبل الله هو الكتاب والعترة ، وذلك يفهم بوضوح عند مراجعة حديث الثقلين المتواتر : «إنّي

__________________

١ ـ آل عمران : ١٠٣.

٤٤٩

تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي أبداً ».

فالوحدة الحقيقية : التمحور حول الكتاب والعترة ، والتمسّك بهما ، وأخذ معالم الدين منهما ، ولا يمكن أن نفرّق بينهما «لن يفترقا » ، ولن تفيد التأبيد ، يعني إلى يوم قيام الساعة.

هذا ، وإنّ العقل يحتّم على جميع المسلمين : أن يتركوا المنابزات بالألقاب ، والسباب والشتائم ، وكُلّ شيء يكون سبباً للنفرة ، ويتّحد المسلمون في قبال العدو المشترك ، الذي لا يفتأ عن العمل للإحاطة بالمسلمين.

ومع كُلّ هذا ، فإنّ الاختلاف في الرأي حقيقة ثابتة لا يمكن إنكارها ، ولكن كيف نتعامل مع هذا الاختلاف؟

الوحدة الإسلامية والتقارب يحتّمان على الجميع ، أن يجلسوا على طاولة الحوار الهادف الهادئ لبحث الاختلافات قربة إلى الله تعالى ، متجنّبين عن كُلّ ما يسبّب النفرة ، فإن توصّلوا إلى حلّ فهو المطلوب ، وإلاّ فالاختلاف لا يفسد للودّ قضية.

فالوحدة والتقارب يعني ترك النزاع والالتجاء إلى البحث العلمي الموضوعي المبتني على أُسس علمية.

( أُسامة ـ الأردن ـ سنّي )

لتحقيقها نظرتان :

س : الأحبة في الله ، أعرّفكم بنفسي ، فأنا شافعي من مدرسة فقهية مجدّدة في الأردن ، معجب بجهودكم المباركة ، مبغض لكُلّ نصب وتجسيم وتفريق بين المسلمين ، تخلّصت بفضل الله من التعصّب ، غير أنّي أتمنّى منكم بيان جهودكم في التقريب.

أرجو أن تواصلوني بنصائحكم من أجل توصيل الفائدة للسنّة المعتدلين.

٤٥٠

ج : إنّ للتقريب نظرتان : نظرة تقول : بأن يتّحد المسلمون فيما اتفقوا عليه ، ويتركوا فيما اختلفوا فيه لا يبحثونه بالمرّة ، ونظرة تقول : بأن يتّحد المسلمون فيما اتفقوا عليه ويكون سبباً لتقاربهم ، وأمّا فيما اختلفوا فيه فيجلسون على طاولة الحوار الهادف الهادئ متقرّبين بذلك إلى الله تعالى فيتحاوروا ، فإذا توصّلوا إلى نتيجة فيما اختلفوا فيه فهو المطلوب ، وإذا لم يتوصّلوا إلى حلّ فيما اختلفوا فيه ، فتبقى إخوتهم ومحبّتهم ويواصلوا الحوار.

وهذه النظرية الثانية هي التي يركّز عليها المركز ، وبنى منهجه على وفقها ، وكلّنا أمل في أن يدوم الاتصال فيما بيننا.

٤٥١
٤٥٢

الوضوء :

( أحمد جعفر ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

ما ورد في كيفيته من كتاب الغارات لا يعتمد عليه :

س : طالعت كتاب الغارات للثقفي ، فوجدت فيه طريقة الوضوء ، فكان الحديث عن الإمام علي عليه‌السلام يشرح فيه طريقة الوضوء ، وفي الحديث طريقة الوضوء جاءت مطابقة لطريقة وضوء أهل السنّة ، فما هي الحقيقة حول هذا الحديث؟

ج : إنّ الرواية المذكورة في كتاب الغارات لا يمكن الاعتماد عليها(١) ، وذلك لمعارضتها لروايات متواترةٍ صحيحة تصف الوضوء على طريقة الإمامية المتعارفة المتبعة ، لذا فهي ساقطة عن الاعتبار ، وقد روى هذه الرواية الشيخ المفيدقدس‌سره في أماليه بنفس السند(٢) ، إلاّ أنّ نصّها يؤكّد طريقة وضوء الإمامية خلاف النصّ الوارد في كتاب الغارات ، ممّا جعل المحقّق النوريقدس‌سره ـ صاحب المستدرك على الوسائل ـ أن يعتبر ما ورد في نصّ كتاب الغارات هو من تصحيف العامّة ، أي من تحريفهم(٣) .

لذا فلا طعن في سندها ، إلاّ أنّ نصّها مخالف لروايات متواترة تعارضها ، وبذلك فلا يعتنى بهذه الرواية ولا الأخذ بها ، فإنّ وضوء الإمامية قد وردت فيه روايات صحيحة صريحة متواترة فضلاً عن إجماع الطائفة دون معارض.

__________________

١ ـ الغارات ١ / ٢٤٤.

٢ ـ الأمالي للشيخ المفيد : ٢٦٠.

٣ ـ مستدرك الوسائل ١ / ٣٠٦.

٤٥٣

( الكويت ـ ـ )

كيفيته :

س : كيف يتم الوضوء؟

ج : إنّ الوضوء يتمّ بعدّة أُمور :

أوّلاً : غسل الوجه ، ما بين قصاص الشعر إلى طرف الذقن طولاً ، وما اشتملت عليه الإصبع الوسطى والإبهام عرضاً ، والابتداء بأعلى الوجه إلى الأسفل ، ولا يجوز العكس.

ثانياً : غسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الأصابع ، ولا يصحّ العكس.

ثالثاً : مسح مقدّم الرأس بما بقي من بلل اليد ، بمقدار ثلاثة أصابع مضمومة عرضاً ، وقدر إصبع طولاً ، وأن يكون المسح من الأعلى إلى الأسفل بباطن الكفّ اليمنى.

رابعاً : مسح القدمين من أطراف الأصابع إلى الكعبين.

( سامي مراد ـ الكويت ـ )

غسل اليد من المرفق :

س : قال الله تعالى في آية الوضوء :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ ) (١) .

فأرجو أن توضّحوا لي : لماذا يكون وضوؤنا إلى الأصابع؟ وليس إلى المرافق؟ كما في الآية ، أي إنّنا عندما نريد أن نتوضّأ نغسل أيدينا من المرافق إلى الأصابع؟

ج : قال تعالى :( فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ ) ، والأيدي جمع يد ، وهي العضو الخاصّ الذي به القبض والبسط والبطش وغير ذلك ، وهو : ما

__________________

١ ـ المائدة : ٦.

٤٥٤

بين المنكب وأطراف الأصابع ، وبما أنّ المعظم من مقاصد اليد تحصل بما دون المرفق إلى أطراف الأصابع ، سُمّي هذا المقطع باليد أيضاً ، فصار اللفظ بذلك مشتركاً ، كالمشترك بين الكلّ والأبعاض ، وهذا الاشتراك هو الموجب لذكر القرينة المعيّنة إذا أُريد به أحد المعاني ، ولذلك قيّد تعالى قوله :( وَأَيْدِيَكُمْ ) بقوله :( إِلَى الْمَرَافِقِ ) ، ليتعيّن أنّ المراد غسل اليد التي تنتهي إلى المرافق.

فتبيّن : أنّ قوله تعالى :( إِلَى الْمَرَافِقِ ) قيد لقوله :( أَيْدِيَكُمْ ) ، فيكون الغسل المتعلّق بها مطلقاً غير مقيّد بالغاية ، يمكن أن يبدأ فيه من المرفق إلى أطراف الأصابع ، وهو الذي يأتي به الإنسان طبعاً إذا غسل يده في غير حال الوضوء من سائر الأحوال ، أو يبدأ من أطراف الأصابع ويختم بالمرفق ، لكن الأخبار الواردة من طريق أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام تفتي بالنحو الأوّل دون الثاني ، وبعبارة أسهل نقول :

١ ـ إنّ لفظ الأيدي في الآية الشريفة مشترك بين كونه ما بين المنكب وأطراف الأصابع ، أو ما بين المرفق وأطراف الأصابع.

٢ ـ هذا الاشتراك يحتاج إلى قرينة تعيّنه.

٣ ـ قوله تعالى :( إِلَى الْمَرَافِقِ ) قرينة على تعيين المراد من اليد ، فقوله تعالى :( إِلَى الْمَرَافِقِ ) قيد لقوله تعالى :( وَأَيْدِيَكُمْ ) ، لا قيداً لقوله تعالى :( فاغْسِلُواْ ) ، ولا معنى لكونه قيداً لهما جميعاً.

٤ ـ وبعد هذا ، فإنّ الآية غير ناظرة إلى أنّ الغسل من أين يبدأ فيه ، فحينئذ يرجع فيه إلى السنّة.

٥ ـ إنّ الأُمّة أجمعت على صحّة وضوء من بدأ في الغسل بالمرافق وانتهى إلى أطراف الأصابع ، وهذا يؤيّد مدّعانا من الاستفادة من الآية القرآنية.

٤٥٥

( جنيد عباس ـ غانا ـ )

كيفية وضوء رسول الله :

س : من فضلكم كيف كان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله يتوضّأ؟ لأنّي أرى بعض المسلمين يفعلون شيئاً ، وآخرون يفعلون شيئاً آخر ، لذلك أُريد البيان الكامل منكم.

ج : روى الشيخ الكلينيقدس‌سره عن زرارة وبكير أنّهما سألا أبا جعفرعليه‌السلام عن وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فدعا بطشت ، أو تور فيه ماء ، فغمس يده اليمنى ، فغرف بها غرفة ، فصبّها على وجهه ، فغسل بها وجهه ، ثمّ غمس كفّه اليسرى ، فغرف بها غرفة ، فأفرغ على ذراعه اليمنى ، فغسل بها ذراعه من المرفق إلى الكفّ ، لا يردّها إلى المرفق ، ثمّ غمس كفّه اليمنى ، فأفرغ بها على ذراعه اليسرى من المرفق ، وصنع بها مثل ما صنع باليمنى ، ثمّ مسح رأسه وقدميه ببلل كفّه ، لم يحدث لهما ماء جديداً(١) .

__________________

١ ـ الكافي ٣ / ٢٥.

٤٥٦

وطئ الزوجة من الدبر :

( عبد الله ـ الكويت ـ سنّي ـ ٢٥ سنة ـ دبلوم تجارة )

محلّ نقاش عند أهل السنّة :

س : في البداية أودّ أن أقول : بأنّني لم أجد موقعاً في الإنترنت مثل موقعكم هذا ، حيث أنّني من محبّي معرفة الإسلام الحقّ ، وهذا الموقع وضّح لي الكثير من الأشياء ، التي كانت تخفى عليّ أنا ، المهمّ أحبّ أن أقول : بأنّني سنّي المذهب حتّى الآن ، ولكن أحبّ أن أوضّح لكم بعض الأُمور ، أنا اقتنعت من مذهب الشيعة ، حيث أنّني فهمت الكثير من هذا الموقع ، وجزاكم الله خيراً ، حيث أنّني لم أكن أعرف معنى السجود على التربة ، وجمع الصلوات ، والخمس ، وزواج المتعة.

المهمّ أنّ موضوعي ليس زواج المتعة ، بل هو بعض الفتاوى التي تصدر من مراجع الشيعة ، مثل ما يلي : علماء الشيعة يجوّزون في الزواج أن يدخل الرجل بزوجته من الدبر ، وهذا متّفق عليه عند المراجع كُلّهم ، أنا أعلم بأنّه مكروه كراهية شديدة ، والمرأة إن رفضت لا تعتبر ناشزة ، ولكن هل هذا جائز فعلاً؟ أعني بذلك أنّه هل توجد أدلّة تبيّن لنا ـ نحن الباحثون عن الحقّ ـ لماذا هذا جائز عند الشيعة ، وليس جائز عند السنّة؟

وهل يوجد من علماء السنّة من الأوّلين إلى الآن ، من جوّز الدخول على المرأة من الدبر؟ وإن كان يوجد فأرجو ذكر أسمائهم ، حيث أنّه هناك آية قرآنية تبيّن فيها أن تأتي المرأة من ما أمرنا الله ، أو ليس هذا اجتهاد مقابل النصّ

٤٥٧

القرآني؟ أرجو التوضيح ، لأنّ الشيعة هم ينادون بأنّهم يندّدون ويبغضون من يجتهد مقابل النصّ ، مثل عمر بن الخطّاب.

آسف على الإطالة ، ولكنّي أبحث عن الحقّ ، وقد أُعجبت بمذهب أهل البيت ، ولكن رأيت من يمثّل أهل البيت لهم فتاوى غريبة ، كالتي ذكرتها ، وأنا أُريد أن أسير في طريق أهل البيت ، ولكن يوجد فتاوى كالتي ذكرتها ، والمزيد ما لم أذكره أجد فيه غرابة واجتهاد مقابل النصّ القرآني.

على العموم أنا إنسان في طريق الاستبصار ، فقد فهمت كُلّ عقائد أهل البيت ، ولكنّي أعجب من فتاوى العلماء الذين سوف يكون واحد منهم مرجعي ، فأرجو منكم التوضيح التام للأمر الذي ذكرته ، وسوف يكون بيننا تواصل إن شاء الله تعالى.

ج : إنّ موضوع إتيان النساء في أدبارهنّ مختلف فيه عند الشيعة ، فمنهم من يفتي بكراهته ، ومنهم من يحرّمه ، ولكُلّ من الفريقين أدلّة ونصوص قرآنية وروائية لا مجال لنا أن نتعرّض لسردها وتأييدها أو ردّها ، ولكن نشير إلى الآية التي ذكرتموها ، وهي :( فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ) (١) ، فلا يظهر المراد منها على وجه تختصّ بالقُبل ، كما هو ظاهر للمتأمّل ، بل كما يجوز هذا الوجه ، يحتمل أيضاً أن يكون المراد هو حلّية مطلق الإتيان ، ورفع الحظر الذي كان في حالة الحيض.

ثمّ إنّ المتتبّع المنصف يرى أنّ الموضوع هو محلّ النقاش عند السنّة أيضاً ، فعلى سبيل المثال نذكر هنا هذه الرواية التي تجوّز هذا الأمر عندهم : عن أبي سعيد : أنّ رجلاً أصاب امرأته في دبرها ، فأنكر الناس ذلك عليه ، وقالوا : نعيّرها ، فأنزل الله عزّ وجلّ( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) (٢) .

__________________

١ ـ البقرة : ٢٢٢.

٢ ـ البقرة : ٢٢٣.

٤٥٨

قال أبو جعفر : فذهب قوم إلى أنّ وطئ المرأة في دبرها جائز ، واحتجّوا في ذلك بهذا الحديث ، وتأوّلوا هذه الآية على إباحة ذلك(١) .

وأخيراً : لابأس أن نشير إلى نقطة هامّة في المقام ، وهو أنّه في طريق البحث عن العقيدة والمذهب الصحيح لا ينبغي أن نتحقّق في المواضيع الهامشية ، بل يجب علينا أن نبحث في الأُسس والأركان ، ثمّ إنّ رضينا وقنعنا بها نقبل بالتفاصيل بصورة عامّة.

ولا يعقل أن نتساءل في كُلّ مورد عن الأدلّة والتفاصيل ، بل نرجع فيها إلى ذوي الخبرة والاختصاص ، فالمسائل والفروع الفقهية هي محلّ بحث ونقاش حتّى الآن ، وهذا لا يخدش في أصل العقيدة والمذهب بعد ما أثبتنا صحّته بالدلائل العقلية والنقلية.

( عبد الله ـ الكويت ـ سنّي ـ ٢٥ سنة ـ دبلوم تجارة )

تعليق على الجواب السابق وجوابه :

س : السلام عليكم يا أتباع الحقّ ، في الحقيقة أنّني استلمت ردّكم على سؤالي ، وأنا أشكركم جدّاً على جهدكم المتواصل ، لتوصيل مذهب أهل البيت للناس ، ولكن للأسف قليل من الناس من يعرف قدر أهل بيت رسول الله ، المهمّ أنّني قرأت الإجابات ، وإنّني أصارحكم بأنّني لم اقتنع بشكل كامل ، ولكن أصبحت الصورة أوضح والحمد لله.

ولكن مشكلتي هي أنّني لا أملك الوقت الكامل لأطّلع على الكتب التي وضعتم عناوينها ورقم صفحاتها ، وذلك بسبب عملي الطويل وبقائي خارج البيت ، وهذا الموضوع بالنسبة لي مهمّ جدّاً ، فلو تكرّمتم أن تكتبوا لي النصوص الموجودة في الكتب السنّية التي ذكرتموها عن إتيان المرأة في الدبر.

__________________

١ ـ شرح معاني الآثار ٣ / ٤٠ ، جامع البيان ٢ / ٥٣٧ ، فتح الباري ٨ / ١٤١ ، فيض القدير ١ / ٨٨ ، نيل الأوطار ٦ / ٣٥٥ ، الدرّ المنثور ١ / ٢٦٥ ، فتح القدير ١ / ٢٢٩.

٤٥٩

ج : نذكر لكم بعض النصوص المشار إليها في جوابنا لكم ؛ ففي مجال إتيان النساء في أدبارهنّ ، أخرج البخاري عن ابن عمر في آية( فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) (١) ، أنّه قال : يأتيها في الدبر(٢) .

ونقل الطبري عن نافع قال : « كان ابن عمر إذا قرئ القرآن لم يتكلّم ، قال : فقرأت ذات يوم هذه الآية( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) فقال : أتدري فيمن نزلت هذه الآية؟ قلت : لا ، قال : نزلت في إتيان النساء في أدبارهنّ »(٣) .

وعن أبي سعيد الخدري : « أنّ رجلاً أصاب امرأته في دبرها ، فأنكر الناس ذلك عليه ، وقالوا : نعيّرها ، فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية ، وعلّقه النسائي عن هشام بن سعيد عن زيد : وهذا السبب في نزول هذه الآية مشهور »(٤) .

وعن أبي سعيد الخدري قال : أبعر رجل امرأته على عهد رسول الله ، فقالوا : أبعر فلان امرأته ، فأنزل الله( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) (٥) .

وعن مالك قال : « ما أدركت أحداً أقتدي به في ديني يشكّ في أنّه حلال ، يعني وطء المرأة في دبرها ، ثمّ قرأ( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) ، قال : فأيّ شيء أبين من هذا وما أشكّ فيه »(٦) .

وأخرج ابن جرير في كتاب النكاح من طريق ابن وهب عن مالك : أنّه مباح(٧) .

__________________

١ ـ البقرة : ٢٢٣.

٢ ـ صحيح البخاري ٦ / ١٦٠ ، فتح الباري ٨ / ١٤١ ، عمدة القاري ١٨ / ١٥٤.

٣ ـ جامع البيان ٢ / ٥٣٥ ، صحيح البخاري ٥ / ١٦٠ ، عمدة القاري ١٨ / ١٥٣ ، أحكام القرآن لابن العربي ١ / ٢٣٨ ، الجامع لأحكام القرآن ٣ / ٩١ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٢٦٩.

٤ ـ فتح الباري ٨ / ١٤٢.

٥ ـ مسند أبي يعلى ٢ / ٣٥٥.

٦ ـ أحكام القرآن للجصّاص ١ / ٤٢٦ ، المجموع ١٦ / ٤٢٠ ، المغني لابن قدامة ٨ / ١٣١ ، عمدة القاري ١٨ / ١٥٥ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٢٧٢.

٧ ـ الدرّ المنثور ١ / ٢٦٦.

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

يتعلّق بأبنائهما ، ولوجدت الكوارث تلو الكوارث إلى أن تنتهي بانعدام النسل الإنساني

وممّا هو مسلّم ، فإنّ آثاراً سلبية توجد مع وجود هذه الغريزة ، وذلك حينما تنعدم الضوابط الإلهية والأخلاقية ، فتجعل من الأبناء ـ بسبب حبّ الآباء المفرط لهم ـ صنم ينسيهم ذكر الله تعالى

وفي النهاية : نؤكّد على أنّ الله تعالى متفضّل ومتكرّم على عباده ، وليس لهم عليه تعالى حقّ من الحقوق ، حتّى إذا ما منعهم نعمة أو سلبهم عافية ، قيل : بأنّ الله سبحانه قد ظلمهم ، وبخس حقّهم ، لأنّه تعالى معط بلا عوض ، وآخذ بلا جور

« جوزيف ـ لبنان ـ مسيحي ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة »

الخالقية من صفات الفعلية لا الذاتية :

س : لدّي سؤال لم أستطع صياغته ، وأتمنّى أن تحاولوا فهم قصدي :

السؤال هو : ما هو الله ؟ ومن هو الله قبل أن يخلق الخلق ؟ بمعنى : أنّ الله هو الرازق بعد أن خلق الخلق ، وقام برزقهم

وأنّ الله أصبح خالقاً بعد أن خلق الخلق ، وهذا يعني أنّه قبل خلق الخلق لم يكن خالقاً

قرأت في صفحة المسائل العقائدية في موقعكم النصّ التالي : كمال مطلق ومطلق الكمال ، ومن كمال الكمال أن يظهر الكمال ، لأنّه إن لم يظهر ذلك لكان نقصاً منه ، وهذا يعني أنّه كان ناقصاً قبل أن يخلق الخلق ؟ وبعد أن خلق الخلق أصبح كاملاً ، فلماذا لم يصبح كاملاً من الأصل ؟

أي إنّ كماله جاء فيما بعد ، بعد أن خلق خلقه ، واستنتاجي هذا أدّى بي إلى استنتاج آخر ، وهو : أنّ الله بدأ يتطوّر بشكل تدريجي إلى أن وصل إلى ما وصل إليه الآن ، حتّى في خلقه ، بدأ يخلق بشكل تدريجي ، فعلى مستوى الجماد انظروا خلق المريخ وهو قاحل غير صالح للحياة ، ثم تطوّر وخلق

٥٤١

كوكباً أكثر تطوّراً وهو الأرض ، وعلى مستوى الأحياء ، في البداية خلق حيوانات لا عقل لها مسيّرة لا مخيّرة ، ثمّ تطوّر الأمر إلى أن خلق الإنسان الذي يعتبر حيواناً متطوّراً بحكم وجود أداة العقل فيه

سؤالي بشكل أدقّ : نحن نعرف الله بأنّه خالق لأنّه خلقنا ، وبالتالي أصبح خالق ، ولكن قبل أن يخلقنا هل هو خالق ؟

ج : بما أنّ سؤالكم ذو جهات مختلفة ومتميّزة ، فنرجو أن تتابعوا بدقّة وإمعان النقاط التالية ، حتّى يتّضح لكم الجواب :

أوّلاً : إنّ الاستدلال على وجود الله تعالى وصفاته الذاتية لا يتوقّف على وجود المخلوقات أو عدمها ، لأنّ الأدلّة العقلية القائمة في الموضوع هي أدلّة مستقلّة عن وجود المخلوق ، أي أنّها لا تنظر إلى ما سوى الباري تعالى ، كما هو مقرّر في علم الكلام

وعليه ، فلا يعقل أن تعلّق معرفة الله تعالى بوجود الخلق ، أي إنّ ذاته المقدّسة وصفاته الذاتية أزلية أبدية ، لا تفتقر في وجودها إلى أيّ شيء آخر

ثانياً : هناك تقسيم خاصّ بالنسبة لصفات الله سبحانه ، فما كانت منها قديمة وأزلية مع ذاته تعرف بالصفات الذاتية ، وما لم تكن كذلك فتسّمى بالصفات الفعلية

والفارق بينهما أنّ القسم الأوّل لا يتوقّف وجوده على شيء غير ذاته المقدّسة ، فهو معها قديمة أزلية أبدية ؛ بخلاف القسم الثاني الذي يبتني تعريفه ـ وجوداً أو عدماً ـ على وجود أو عدم عالم الخلق ، أي إنّ ظهور هذا القسم الأخير يعتمد على وجود المخلوق

ثالثاً : اتفق علماء الكلام على أنّ العلم ، والقدرة ، والإرادة ، والحياة ، والأزلية ، والأبدية كلّها من صفات الذات ، وأمّا بقية الصفات التي يصحّ إطلاقها على ذاته فهي بأجمعها صفات فعل

وعلى سبيل المثال فصفة الرازقية والخالقية تعتبر من صفات الفعل ، أي أنّها لا يصحّ إسنادها إلى وجوده تعالى إلّا بعد ظهور الخلق

٥٤٢

رابعاً : وأجمع علماء الكلام أيضاً على أنّ جميع صفات الفعل ـ حتّى قبل ظهورها وبروزها ـ هي مقدورة للباري تعالى ، أي أنّها مشمولة لصفة القدرة الذاتية

وبعبارة واضحة : إنّ الصفات الفعلية ـ وإن لم توجد بعد في عالم الخلق ـ تكون دائماً في دائرة قدرة الله تعالى ، ولكن لم تكن ذاتية وأزلية ، بل إنّها في زمان محدّد وحسب إرادة الله تعالى ـ تبرز إلى عالم الوجود

خامساً : إنّ حكمة الخلق وفلسفته موضوع غامض ، قد لا يمكن التوغّل فيه ، لعدم الإحاطة بجميع جوانبه ، فالصفح عنه أحرى وأجدر

نعم ، وردت أحاديث مختلفة ـ فضلاً عن بعض الآيات القرآنية ـ تشير إلى جوانب مختلفة من هذا الموضوع ، والظاهر أنّ هذه الأدلّة النقلية هي بصدد الكشف عن بعض الغوامض ، التي كانت عند السائل أو المخاطب ، وليس لاستيعاب كافّة العلل والدلائل

وأمّا على مستوى النظريات ، فهناك آراء مختلفة في حكمة الخلق ، من : نظرية التجلّي ، وإظهار الكمال ، وإفاضة الفيض ، والتفضّل ، وغيرها

والذي يظهر من خلال دراسة أدلّة هذه النظريات : إنّ الأقرب إلى الصواب هي نظرية التفضّل ، وقد قرّر في محلّه في علم الكلام ؛ وعليه فنظرية إظهار الكمال ليست هي نظرية جامعة ومانعة من جميع الجهات ، بل هي نظرية اقناعية إن صحّ التعبير أي أنّها تلقى على مستوى خاصّ من المخاطبين لإقناعهم ، لا أنّ دلالتها تامّة في جميع الحالات

« محمّد صادق ـ ـ »

يهب لمن يشاء إناثاً أو ذكوراً :

س : هناك آية في القرآن تشير إلى المشيئة الإلهية في هبة الطفل إلى الإنسان ( يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ ) ، وفي الوقت الحاضر تمكّن

٥٤٣

علماء الإخصاب والحمل من تحديد جنس المولود ، وعلى هذا فما هو تفسير الآية الشريفة ؟ وما هي مدخلية الإنسان في تعيين الهبة المنظورة في القرآن الكريم ؟ ولكم منّا جزيل الشكر

ج : نتمكّن في هذا المجال أن نشير إلى ما يلي :

١ ـ مجرّد ادعاء بعض الأطباء التمكّن من تغيير جنسية الجنين من خلال تناول أطعمة معيّنة ، أو حقن الرحم بالحيوانات المنوية الحاملة للجنس المرغوب به ، أو سحب خلية واحدة ، وإجراء دراسة عليها لتحديد جنس الجنين ، ثمّ إرجاع خصوص الأجنة المرغوب بجنسها ، لا يعدو كُلّ هذا الادعاء ، ولا يعدو الاحتمال ، فلماذا نغتر بسرعة بهذه الادعاءات ونصدّقها من دون تريّث ؟!

إنّه لو كان ما كتب في هذا المجال حقّاً ، فلماذا لا تبرز هذه الادعاءات على الأرض على مستوى الفعلية والتطبيق ؟ ليحصل جميع الناس الذي يرغبون بالإناث على الإناث ، والذين يرغبون بالذكور على الذكور ؟! ما أكثر الادعاءات وأقلّ الواقع

٢ ـ إنّ الادعاءات المذكورة على تقدير صوابها لا تشكل نقضاً على الآية الكريمة ، إنّها ذكرت أنّ الله تعالى يقوم بأربعة أشياء ، وليس شيئاً واحداً أو شيئين ، فإذا تحقّقت جميع هذه الأربعة كان ذلك نقضاً على الآية الكريمة ، والأربعة هي : يهب لبعض الذكور ، ويهب لبعض الإناث ، ويهب لبعض الاثنين سوية ومعاً بنحو التوأم ، ويجعل البعض عقيماً ، إنّه لأجل تحقّق النقض ، يلزم أن نفترض أنّ العقيم الذي لا قدرة لحيامنه على الإنجاب يمنح فرصة الإنجاب ، ويلزم أن نفترض أنّ الفرصة الممنوحة هي بالخيارين ، فرصة الذكور فقط ، وفرصة الإناث فقط ، وفرصة الاثنين سوية ومعاً ، هل مثل هذا تحقّق ادعاؤه لأحد ؟

لنقرأ سوية الآية الكريمة حيث تقول :( لِّلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ ) ، أي يرزقهم زوجاً وتوأماً

٥٤٤

من الذكور والإناث سوية ،( وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا ) (١)

٣ ـ لنفترض أنّ العلم الحديث تمكّن من منح الفرص الأربع ، ولكن هل يمنحها من دون أن يدخل الزوجان غرفة المختبر أو الطبيب ؟ لأخذ بعض الخلايا أو الجينات

كلّا ، لا يمنحها كذلك ، بل لابدَّ من طيّ مقدّمات طويلة وصعبة ، قد يتعب على أثرها الزوجان ، بينما الله سبحانه يهب لمن يشاء إناثاً ، ويهب لمن يشاء الذكور ، بلا حاجة إلى أخذ خلية أو دخول المختبر ، وهل هذا لا يكفي وحده لبيان الفارق الشاسع ، وبيان عظمة الله سبحانه ؟!

« السيّد يوسف البيومي ـ لبنان ـ ٢٥ سنة ـ طالب جامعة وحوزة »

المشيئة الإلهية :

س : كنت قد دخلت مع أحد الأحباش في موضوع المشيئة ، وقد علّق على جوابكم ، بأنّ الله تعالى قال :( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ) (٢) ، وهذا يعني أنّ كُلّ شيء متعلّق بمشيئة الله تعالى

وقد قال أيضاً : إنّ الله تعالى قد خلق الشرّ ، والدليل :( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ ) (٣) ، أي إنّ الشرّ مخلوق لله تعالى والعياذ بالله ؟ ومن هنا فإنّ أدخل الله أحدهم النار بمشيئته فهذا ليس ظلماً ، لأنّ الناس ملكاً لله يفعل بهم ما يشاء ، فما تعليقكم على هذا ؟ ولكم الأجر والثواب

ج : الملاحظ في السؤال عدم التناسب بين المقدّمتين المذكورتين فيه ، وبين النتيجة التي وقعت مركزاً للسؤال ، ففي المقدّمة الأُولى ذكر أنّ كُلّ شيء في الدنيا يقع بمشيئة الله سبحانه ، وهذا صحيح ، وفي المقدّمة الثانية ذكر أنّ الله
______________________

(١) الشورى : ٤٩ ـ ٥٠

(٢) الإنسان : ٣٠

(٣) الفلق : ١ ـ ٢

٥٤٥

سبحانه خلق الشرّ كما خلق الخير ، ثمّ النتيجة التي يسأل عنها هي : إنّ الناس حيث إنّهم جميعاً ملك الله سبحانه ، فله أن يفعل بهم ما يشاء ، كإدخال الجميع في النار ، وعدم التناسب بين ذينك ، وهذا أمر واضح

ولكن على أية حال فهمت أنّكم تسألون عن هذه القضية ، وهي أنّ الناس ماداموا ملكاً لله سبحانه فله حقّ أن يفعل بهم ما يشاء ، بما في ذلك إحراقهم بالنار من دون سبب

والجواب : إنّ ملاك الظلم لا ينحصر بحيثية التصرّف في ملك الآخرين ، كي يقال : إنّ الله سبحانه مادام يتصرّف في ملكه فلا ظلم في البين ، بل هناك ملاك آخر للظلم ، وهو أن يعاقب المولى عبده من دون أن يفترض ارتكاب العبد لأيّ انحراف أو جريمة

والله سبحانه إذا أدخل الناس في نار جهنّم فمن جهة الملاك الأوّل هو وأن لم يكن ظالماً ، إلّا أنّه من جهة الملاك الثاني هو ظالم فلا يجوز ذلك في حقّه

« علي ـ أمريكا ـ ٢٧ سنة ـ طالب »

الابتلاء لأجل إظهار حقيقة الإنسان :

س : رحم الله والديكم ووالد والديكم ، ورحمكم الله وعافاكم ، وأعطاكم الأجر والثواب ، وبعد ، أتمنّى أن تجيبوني على سؤالي :

إنّ الله تعالى يبتلي الناس إمّا بحرمانهم من النعمة ، أو بإعطائهم النعمة ، أي أن يعطيهم المال فيرى ماذا يصنعون به ، أو يحرمهم من المال ويرى صبرهم ، والحرمان امتحان أصعب من توفّر النعمة ، فلماذا لا يكون امتحان وابتلاء جميع الناس سواسيه ؟

فالفقير قد يشعر بأنّ الغنيّ أفضل منه ، وأنّ الله ابتلى الفقير أكثر من ابتلائه للغنيّ ، وكذلك قد يشعر المريض أو المحروم من نعمة الأولاد ، وجزاكم الله خيراً

ج : إنّ موضوع الابتلاء والامتحان في دار الدنيا من الموضوعات الدقيقة ، التي

٥٤٦

تبتنى على أُسس واقعية وحكم قويمة ، تبلغ إلى مرتبة الأسرار الإلهية ، التي لا يمكن أن تدركها عقول البشر مهما بلغت من العظمة ، وأوتيت من الأسباب ، إلّا أنّ المستفاد ممّا ورد في القرآن الكريم والسنّة الشريفة : إنّ الابتلاء إنّما هو لأجل إظهار حقيقة الإنسان ، ليصل إلى الجزاء الموعود ، الذي أعدّه الله تعالى في الدار الآخرة ، فلم يكن الابتلاء والامتحان بحسب المنظور القرآني ، لأجل ميزة دنيوية ، أو الحصول على جزاء دنيوي ، إلّا في بعض الأفراد ، التي ورد النصّ عليها خيراً كان أو شرّاً

فالفقر والمرض والمحن والآلام وغيرها ، ممّا يعدّها الإنسان ابتلاءات ، إمّا أن تكون سبلاً للوصول إلى المقامات الرفيعة ، والكمالات الواقعية ، والدرجات الراقية في الآخرة ، فهي في الحقيقة سلالم الكمال ودرجات الرفعة والقرب ، أو تكون سبباً في رفع الموانع عن طريق الإنسان ، فبالآخرة فإمّا هي لزيادة المقتضى لنيل الكمالات ، أو لإزالة الموانع والعقبات ، فهي لا تعدّ بهذا المنظور ابتلاءً في الواقع ، فالفقر والمرض بهذا المقياس لا تكون محناً بل سبباً لنيل الكمال

نعم ، قد يكون المقياس هي المرتبة في الدنيا ، فتكون الابتلاءات والمحن بالنسبة إلى المظاهر الدنيوية وحظوظها فيختلط الأمر ، كما ذكره السائل ، فربما تكون النعم والمحن بل مطلق الابتلاء ترجع إلى بعض الأعمال الصادرة من الشخص ، أو الصفات التي ترتكز في النفس ، أو تؤثّر في الخلف ، وحينئذٍ لا تكون الأُمور الحاصلة بالنسبة إلى الأفراد ـ ممّا ذكره السائل ـ من دون سبب ، فهي تابعة لأسباب أو أُمور دقيقة واقعية

« السيّد محمّد السيّد حسن الموسوي »

الشرور هي نتائج أعمال الإنسان وأفعاله :

س : أحتاج على إجابة للسؤال التالي وبالتفصيل ، حفظكم الرحمن :

سمعت بعض العلماء يقول : إنّ الشرّ لا وجود له ، وأنّه لم يخلق أصلاً ، ولكنّه

٥٤٧

وجد بسبب أفعال البشر ، أي أنّه ناتج عن سوء ما اقترفت يد البشرية

وسؤالي هو : إن لم يكن للشرّ وجود أصلاً ، فكيف تستطيع أفعال الإنسان السيّئة أن تكون مصدراً لوجوده ؟ ـ بفرض القول أنّ الشرّ لا يعدّ شرّاً في باطنه ـ لكن يبقى التساؤل ، لِم قيل : إنّ أفعال الإنسان الشريرة مصدره ؟ وكيف ذلك ؟ أين الصواب ؟

نسألكم الدعاء ، مع ألف سلامة ، ودمتم بحفظ الله سالمين

ج : إنّ الخير والشرّ كلاهما منسوبان إلى الله تعالى ، قال عزّ من قائل :( قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ ) (١) إلّا أنّ الفرق أنّ الشرّ منسوب إلى الإنسان ابتداءً ، وإليه تعالى بالواسطة ، والشرّ من الأُمور النسبية لا وجود له ، إلّا ما ينطبق على الأثر المترتّب على الأعمال الصادرة من الإنسان ، وقد ورد في الحديث : « إذا كثر الزنا في أُمّتي كثر موت الفجأة »(٢) ، وأمثال ذلك من الآثار ، فإنّ كُلّ عمل سواء كان خيراً وصالحاً أو سوءً يترتّب عليه أثر يناسبه ، شأنها شأن الآثار المترتّبة على الأشياء ، فإنّ النبتة المعيّنة الفلانية فيها آثاراً معروفة ، وعلى شرب السمّ مثلاً يترتّب الموت ، فالشرور هي نتائج أعمال الإنسان وأفعاله ، ولأجل ذلك ورد في عدّة روايات تحث الإنسان على التفكّر في عواقب الأُمور ، وما يترتّب على أفعاله من آثار سيئة ، نسأل الله التوفيق والهداية

« عبد الرحيم ـ الجزائر ـ ٣٥ سنة ـ أُستاذ »

الصفات الذاتية هي عين ذات الله ، وسبق رحمته غضبه :

س : إنّ صفات الله تعالى هي عين ذاته ، لكنّنا نسمع عن الصفات الذاتية والصفات الفعلية ، هل كلتاهما عين ذات الله ؟

وكذلك نسمع : إنّ رحمة الله تعالى سبقت غضبه ، فهل هذا يعني أنّ غضب الله محدود ؟

______________________

(١) النساء : ٧٨

(٢) المحاسن ١ / ١٠٧ ، الأمالي للشيخ الصدوق : ٣٨٥

٥٤٨

وكيف نوفّق بين هذا ، وبين قول الإمام عليعليه‌السلام : « فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثنّاه »(١)

وأخيراً : أسأل عن اسم الله الأعظم ، فقد سمعنا مؤخّراً أنّه مخلوق ، أليس اسم الله عين ذات الله ؟

أرجو من حضرتكم أن تجيبوا بالتفصيل ، ولا ترشدونا إلى كتب ، فإنّها صعبة الاقتناء هنا في الجزائر ، ونسألكم الدعاء

ج : إنّ الصفات التي تكون عين ذات الله تعالى هي الصفات الذاتية الثبوتية ؛ وأمّا الصفات الفعلية الثبوتية ، فبما أنّها تفتقر في وجودها إلى خارج ذاته تبارك وتعالى ، فإنّها ليست عين الذات

والمقصود من العبارة الواردة في بعض الأدعية من سبق الرحمة على الغضب هو : أنّ الرحمة الإلهية هي الأصل في الوجود ، ولولا بعض الموانع من قبل العباد ، لما كانت هناك حاجة إلى إعمال غضبه تعالى بالنسبة إليهم ، فالغضب أمر عرضي ، ويحتاج إلى دليل وعلّة ، بخلاف الرحمة الإلهية التي هي فضل منه تبارك وتعالى بالنسبة لكافّة أجزاء الوجود ، ولا يحتاج إلى أي دافع وموجب إلّا وجوده تعالى

وأمّا المراد من كلام الإمامعليه‌السلام في تلازم التوصيف للتحديد ، فهو في مجال نفي التفرقة بين ذات الله سبحانه وبين صفاته الذاتية ، والتصريح بعينية هذه الصفات لذاته تعالى ، ولا علاقة لهذه الفقرات من كلامهعليه‌السلام بالصفات الفعلية التي منها الرحمة والغضب

وأمّا الاسم الأعظم ، فهو عبارة عن الإشارة إلى المسمّى الذي هو ذات الله تعالى

فتارةً يطلق الاسم ويراد نفس الذات ، فهذا لا ينكر اتحاده وعينيته مع الذات ، وتارةً يراد منه الآلة المشيرة إلى الذات ؛ ومن المعلوم تمايز هذا القسم
______________________

(١) شرح نهج البلاغة ١ / ٧٢

٥٤٩

الأخير مع الذات لتباين المشير عن المشار إليه ، فإذا قيل أحياناً : أنّ الاسم الأعظم مخلوق ، فيجب حمله على هذا المعنى الأخير ، ويدلّ على ما قلنا قول الإمامعليه‌السلام :« لشهادة كُلّ صفة أنّها غير الموصوف ، وشهادة كُلّ موصوف أنّه غير الصفة » (١)

« يعقوب الشمّري ـ اسكتلندا ـ ١٨ سنة ـ طالب »

معنى الكلام النفسي لله :

س : هل يصحّ القول بأنّ الله يتكلّم ؟ أو أنّ الله يخلق الكلام ؟ ويوجد في عقيدة الأباضية مصطلح الكلام النفسي لله ، فما معناه مع بيان عقيدة الشيعة فيه ؟

ج : التعبيران بمعنى ومصداق واحد ، فتكلّم الله تعالى هو خلق الكلام لا غير

نعم ، قد يكون الأمران مختلفين عند البعض ـ الأشاعرة ـ ولكن بحسب التحقيق لا فرق بينهما مفهوماً ومصداقاً ، فعندما يتكلّم البارئ تعالى ، ففي الواقع يخلق الألفاظ والأصوات المبيّنة لمراده

واصطلاح الكلام النفسي جاء من قبل الأشاعرة ، فإنّهم الأصل في ذلك ، ومنهم جرى على ألسنة الآخرين

ومعناه مجملاً : أنّهم يعتقدون بأنّ الله تعالى توجد في نفسه معان ومفاهيم ، قد تخرج إلى خارج ذاته بواسطة الألفاظ والأصوات ، وقد لا تخرج وتبقى في كمون ذاته تعالى ؛ وهذه المعاني القائمة بذاته هي التي تسمّى بالكلام النفسي

وبحسب الأدلّة العقلية والنقلية فلا أساس لهذا الموضوع بتاتاً ، إذ لا يرد نصّ صريح من القرآن والسنّة الصحيحة يمكن الاستدلال عليه ، هذا من جهة النقل

______________________

(١) نفس المصدر السابق

٥٥٠

وأمّا عقلاً ، فإنّ التعريف الذي يتبنّوه في المقام هو بنفسه تعريف للعلم الإلهي ولا غير ؛ فكيف يتصوّر كلام بلا خروج عن الذات مع درك الذات له ، أليس هذا هو العلم بهذه المعاني ؟!

وبالجملة ، فإنّ تعريفهم للكلام النفسي لا يغني ولا يسمن من جوع ، إذ إنّ التعريف يجب أنّ يكون جامعاً ومانعاً ؛ وحينئذ ما هو الفرق بين ما يذكرونه وبين تعريف علمه تعالى

« محمّد ـ البحرين ـ ٢٠ سنة ـ طالب جامعة »

الواحد لا يصدر عنه إلّا واحد :

س : ما هو المعنى من المقولة : لا ينتج عن الواحد إلّا واحد ؟

ج : قالت الحكماء : الواحد لا يصدر عنه من حيث هو واحد إلّا شيء واحد

وذلك لأنّه إن صدر عنه شيئان ، فمن حيث صدر عنه أحدهما لم يصدر عنه الآخر وبالعكس ، فإذاً صدرا عنه من حيثيتين

والمبدأ الأوّل تعالى واحد من كُلّ الوجوه ، فأوّل ما يصدر عنه لا يكون إلّا واحداً

ثمّ إنّ الواحد يلزمه أشياء ، إذ له اعتبار من حيث ذاته ، واعتبار بقياسه إلى مبدئه ، واعتبار للمبدأ بالقياس إليه

وإذا تركّبت الاعتبارات حصلت اعتبارات كثيرة ، وحينئذ يمكن أن يصدر عن المبدأ الأوّل بكُلّ اعتبار شيء ، وعلى هذا الوجه تكثر الموجودات الصادرة عنه تعالى

وأمّا المتكلّمون فبعضهم يقولون : إنّ هذا إنّما يصحّ أن يقال في العلل والمعلولات ، أمّا في القادر ، أعني : الفاعل المختار ، فيجوز أن يفعل شيئاً من غير تكثير بالاعتبارات ، ومن غير ترجيح بعضها على بعض

وبعضهم ينكرون وجود العلل والمعلولات أصلاً ، فيقولون : بأنّه لا مؤثّر إلّا الله

٥٥١

والله تعالى إذا فعل شيئاً كالإحراق ، مقارناً بالشيء كالنار ، على سبيل العادة ، ظنّ الخلق أنّ النار علّة ، والإحراق أثره ومعلوله ، وذلك الظنّ باطل

وبعبارة أُخرى : اعتقد بعض الفلاسفة : بأنّ الذات الإلهية المقدّسة ، ولكونها واحدة من كُلّ ناحية ، ولا تقبل الكثرة والتعدّد ، فلا يصدر منها سوى مخلوق مجرد واحد ، سمّوه « العقل الأوّل » ، واستندوا في معتقدهم هذا على القاعدة المعروفة التي تقول : « الواحد لا يصدر منه إلّا الواحد »

وقد اعتمدوا لإثبات القاعدة على مسألة السنخية بين العلّة والمعلول ، وقالوا : لولا ضرورة السنخية بين العلّة والمعلول ، لأمكن أن يكون كُلّ موجود علّة لأيّ معلول ، لكن لزوم السنخية يحول دون هذا الأمر ، وعندما نقر بوجوب السنخية بين العلّة والمعلول ، يجب علينا أن نقرّ بأنّ العلّة الواحدة من كُلّ ناحية تستلزم أن لا يكون لها أكثر من معلول واحد

ويمكن الردّ على هؤلاء بعدّة طرق :

١ ـ على فرض صحّة هذا الاستدلال ، فإنّه لا يفهم منه محدودية القدرة الإلهية ، بل هو تعالى قادر على كُلّ شيء ، لكن قدرته بالنسبة للعقل الأوّل بدون واسطة ، وبالنسبة للموجودات الأُخرى مع وجود واسطة ، وكلاهما يعتبران في حدود المقدور ، فما الفرق بين أن يباشر الإنسان عملاً معيّناً بيده ، أو بوسيلة وأداة معيّنة من صنعه ؟ فالفعل فعله في كلتا الحالتين

٢ ـ ما قيل بخصوص قاعدة « الواحد لا يصدر منه إلّا الواحد » ، لا يصحّ تطبيقه على الفاعل المختار بنظر بعض المحقّقين

٣ ـ بغضّ النظر عن ذلك فإنّ قانون « السنخية بين العلّة والمعلول » محلّ إشكال حتّى في غير الفاعل المختار ، لأنّه لو كان المراد من السنخية هو السنخية والتشابه من جميع الجهات ، فهو مستحيل التحقّق بين واجب الوجود وممكن الوجود ، فالممكنات مهما تكن فهي متباينة مع واجب الوجود في جهات كثيرة ، فلو اشترطنا السنخية التامّة وفي جميع الجهات ، فكيف

٥٥٢

يمكن أن يخلق وجود غير مادّي موجودات مادّية ؟

٤ ـ يمكن القول : بأنّ الكون نسخ واحد لا أكثر على الرغم من احتوائه ظاهراً على موجودات متعدّدة ومتكثّرة

فإنّنا لو دقّقنا النظر لعلمنا بأنّ مجموع عالم الوجود موجود واحد متصل ومترابط ، وعلى الرغم من كُلّ تنوّعاته وكثرة قوانينه المؤثّرة فيه فهو واحد ، وهذا الموجود الواحد يفيض من الوجود الإلهي الواحد ، وهذا المخلوق الواحد له خالق واحد

« علي عبد الله ـ البحرين ـ ٣٠ سنة ـ طالب جامعة »

قانون العلّية لا يجري إلى عالم الخلق :

س : هل قانون العلّة والمعلول خاصّ بعالم الطبيعة ؟ أم حتّى عالم الأمر ؟ ودمتم سالمين

ج : إنّ قانون العلّة والمعلول إنّما تصحّ مصداقيته إذا كان هناك تجانس بين الجانبين ، ولكن من قال بأنّ الخلق معلول الخالق ؟

والحال يشير إلى أنّ الخلق مخلوق الخالق ، والعلاقة إنّما هي علاقة مخلوق بخالقه ، وليس علاقة معلول بِعِلّته

ونحن كمخلوقين نعجز تمام العجز عن إدراك وتصوّر نوع هذه العلاقة ، لأنّنا لا نستطيع أن نحيط علماً بالربّ جلّ جلاله ، حيث إنّنا لم نعط القدرة على التصوّر والإحاطة

وإنّنا كمخلوقين لم نكن واعين وشاهدين على كيفية خلق أنفسنا ، فلا يمكننا القول بأنّ الخلق قد تمّ وفق قانون العلّة والمعلول

نعم ؛ قد يمكن من حيث الوجهة اللغوية القول بأنّ الله تعالى هو علّة الخلائق ، أو أنّه علّة العلل ؛ غير أنّ هذا ليس إلّا مجرد تعبير ، وأنّ مجرد التعبير لا يسعه أن يكون دليلاً عقلياً

٥٥٣

وما نعهده من الأمثلة من الحرارة والنار ، والبرودة والثلج ، وسنخية العلّة ، فهي كلّها تأتي في حدود المخلوقين ، وليس في حدود تعريف العلاقة بين الخالق والمخلوق

فبفطرتنا النزيهة نعرف أنّ الخالق غير المخلوق ، وأنّه لا يصحّ بوجه من الوجوه القياس بين الربّ والمربوب ، وبين القادر والعاجز ، وبين الغنيّ والفقير

والخلاصة : إنّ قانون العلّية خاصّ بعالم الطبيعة ، ولا يجري إلى عالم الخلق والأمر

« أحمد ـ السعودية ـ سنّي ـ ٢٠ سنة ـ طالب جامعة »

قاعدة اللطف :

س : ما هي حدود قاعدة اللطف من القرآن الكريم ؟ وشكراً

ج : خلاصة قاعدة اللطف هي : إنّ الله تعالى بلطفه ورحمته لا يترك هذه الأُمّة المرحومة ـ أُمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أو فقهائها إذا حصل اجتماع منها ، أو منهم على خطأ ، وإنّما يقوم بإبطال هذا الخطأ بمثل إلقاء الخلاف بينهم ، من قبل الإمامعليه‌السلام لطفاً بعباده تعالى ، ورحمة منه بهم

ولازم هذا أنّنا لو رأينا الأُمّة ، أو الفقهاء قد أجمعوا على مسألة ، نستكشف أنّ إجماعهم كان على حقّ ، إذ لو كان على خطأ ، لأوقع الله تعالى ـ من باب اللطف ـ الخلاف بينهم ، بإثارته من قبل الإمامعليه‌السلام ، ويرد على هذه القاعدة :

أوّلاً : عدم تمامية القاعدة في نفسها ، إذ لا يجب اللطف عليه تعالى ، بحيث يكون تركه قبيحاً يستحيل صدوره منه سبحانه ، بل كُلّ ما يصدر منه تعالى مجرد فضل ورحمة على عباده

ثانياً : إنّ قاعدة اللطف على تقدير تسليمها ، لا تقتضي إلّا تبليغ الأحكام على النحو المتعارف ، وقد بلّغها وبيّنها الأئمّةعليهم‌السلام للرواة المعاصرين لهم ، فلو لم

٥٥٤

تصل إلى الطبقة اللاحقة لمانع من قبل المكلّفين أنفسهم ، ليس على الإمامعليه‌السلام إيصالها إليهم بطريق غير عادي ، إذ قاعدة اللطف لا تقتضي ذلك ، وإلّا كان قول فقيه واحد كاشفاً عن قول المعصومعليه‌السلام ، إذا فرض انحصار العالم به في زمان ، وهذا واضح الفساد

ثالثاً : أنّه إن كان المراد إلقاء الخلاف ، وبيان الواقع من الإمامعليه‌السلام ، مع إظهار أنّه الإمام ، بأن يعرفهم بإمامته ، فهو مقطوع العدم

وإن كان المراد هو إلقاء الخلاف مع إخفاء كونه إماماً فلا فائدة فيه ، إذ لا يترتّب الأثر المطلوب من اللطف ، وهو الإرشاد على خلاف شخص مجهول ، كما هو ظاهر

« نوفل ـ المغرب ـ ٢٦ سنة »

عبارة بلا كيف لغز وإبهام :

س : المرجو من سماحتكم تفسير ما يلي : هل عبارة « بلا كيف » في صفات الله تعطي تفسيراً ؟

وما معنى المشيئتين في قوله تعالى :( لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) (١)

ج : إنّ ما جاء به الأشاعرة في هذه النظرية ، وقولهم : بأنَّ لله يداً حقيقة بلا كيف ، لا يرجع إلى معنى صحيح مفهوم ، وذلك أنّ العقيدة الإسلامية تتّسم بالدقّة والحصانة ، وفي نفس الوقت بالسلامة من التعقيد والإبهام ، وتبدو جلية مطابقة للفطرة والعقل السليم ، فإبرازها بصورة الإبهام والألغاز ـ كما في هذه النظرية ـ لا يجتمع مع موقف الإسلام والقرآن في عرض العقائد على المجتمع الإسلامي

فالقول بأنّ له يداً لا كأيدينا ، أو وجهاً لا كوجوهنا ، وهكذا سائر
______________________

(١) التكوير : ٢٨ ـ ٢٩

٥٥٥

الصفات الخبرية أشبه بالألغاز ، إذ لو كان امرارها على الله تعالى بنفس معانيها الحقيقية ، لوجب أن تكون الكيفية محفوظة حتّى يكون الاستعمال حقيقيّاً ، لأنّ الواضع إنّما وضع هذه الألفاظ على تلك المعاني التي قوامها بنفس كيفيّتها ، فاستعمالها في المعاني الحقيقية وإثبات معانيها على الله سبحانه بلا كيفية ، أشبه بكون حيوان أسداً حقيقة ، ولكن بلا ذنب ولا مخلب ولا ناب ولا .

وباختصار : قولهم : إنّ لله يداً حقيقة لكن لا كالأيدي ، كلام يناقض ذيله صدره ، فاليد الحقيقية عبارة عن العضو الذي له تلك الكيفية المعلومة ، وحذف الكيفية حذف لحقيقتها ولا يجتمعان

أضف إلى ذلك أنّه ليس في النصوص من الكتاب والسنّة من هذه البلكفة ـ أي بلا كيف ـ عين ولا أثر ، وإنّما هو شيء اخترعته الأفكار للتذرّع به في مقام ردّ الخصوم على تهجّمهم عليهم بتهمة التجسيم ، ولذلك يقول العلّامة الزمخشري :

قد شبّهوهُ بخلقهِ فتخوَّ فُوا

شَنْعَ الورى فتستّروا بالبلكفة(١)

وأمّا معنى الآية : إن مشيئة العبد تتفرّع على مشيئة الله تعالى ، وإعمال سلطنته ، والاستثناء من النفي يفيد أنّ مشيئة العبد متوقّفة في وجودها على مشيته تعالى ، ومشيته تعالى لم تتعلّق بأفعال العباد ، وإنّما تتعلّق بمبادئها ، كالحياة والقدرة وما شاكلهما

وبطبيعة الحال أنّ المشيئة للعبد إنّما تتصوّر في فرض وجود تلك المبادئ بمشيئة الله سبحانه ، وأمّا في فرض عدمها بعدم مشيئة الباري فلا تتصوّر ، لأنّها لا يمكن أن توجد من دون وجود ما تتفرّع عليه ، والآية الكريمة إنّما
تشير إلى هذا المعنى .

______________________

(١) الصوارم المهرقة : ١٤ ، أضواء على السنّة المحمّدية : ٣٨٥

٥٥٦

« حامد محل ـ العراق ـ ٣٦ سنة ـ طالب علم »

للعقل دور مهمّ في مسائلها :

س : أرجو الردّ على إشكال أصل المعرفة ، فإثبات الخالق عند الإمامية بالعقل ، وعند الأشاعرة بالنقل

والدليل العقلي على إثبات الخالق هو : دفع الضرر ، ولكن إمّا أن يكون النبيّ موجوداً أو غير موجود ، فإذا كان موجوداً ، فنحن نتّبع النقل لا العقل ، وأمّا إذا كان غير موجود ، فمن أين نعرف أنّ هناك خالقاً ؟ وجزاكم الله خير الجزاء

ج : إنّ الله سبحانه منح الإنسان العقل ، وميّزه به عن البهائم والدواب بهذه المنحة ، وقد وصف القرآن الكريم من لا يستفيد من عقله وفكره بأنّه شرّ الدواب ، قال تعالى :( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ) (١) ، وفي العقل قدرة ذاتية منحه الله إياها في الوصول إلى معرفة وجود خالق للكون ، بل حتّى له قدرة في بيان جملة من صفات هذا الخالق

وعودة سريعة إلى قصّة ابن طفيل حي بن يقظان تستطيع أن تستشفّ قدرة الإنسان المنعزل عن الوحي ، والاتصال بالأنبياء في الوصول أو التيقّن من وجود خالق ومدبّر لهذا الكون ، وفي هذا المعنى يقول الإمام الصادقعليه‌السلام في وصف العقل ودوره في الإلهيات :« إنّ أوّل الأُمور ومبدأها وقوّتها وعمارتها ، التي لا ينتفع شيء إلّا به ، العقل الذي جعله الله زينة لخلقه ونوراً لهم ، فبالعقل عرف العباد خالقهم وأنّهم مخلوقون ، وأنّه المدبّر لهم ، وأنّهم المُدبرون ، وأنّه الباقي وهم الفانون ، واستدلّوا بعقولهم على ما رأوا من خلقه وسمائه وأرضه ، وشمسه وقمره ، وليله ونهاره ، وبأنَّ له ولهم خالقاً ومدبّراً لم يزل ولا يزول ، وعرفوا به الحسن من القبيح ، وأنّ الظلمة في الجهل ، وأنَّ النور في العلم ، فهذا ما دلّهم عليه العقل » (٢)

______________________

(١) الأنفال : ٢٢

(٢) الكافي ١ / ٢٩

٥٥٧

وقالعليه‌السلام :« بالعقول يعتقد التصديق بالله ، وبالإقرار يكمل الإيمان به ، ولا ديانة إلّا بعد المعرفة ، ولا معرفة إلّا بالإخلاص ، ولا إخلاص مع التشبيه ، ولا نفي مع إثبات الصفة للتشبيه ، فكل ما في الخلق لا يوجد في خالقه ، وكُلّ ما يمكن فيه يمتنع عن صانعه » (١)

أمّا من يستدلّ بالدليل النقلي فقط على إثبات الخالق ، وغير ذلك من مسائل الإلهيات ، فنقول : إنّ آيات القرآن الكريم تحرّض كُلّ التحريض على التدبّر في آيات الله ، وبذل الجهد في تكميل معرفة الله ومعرفة آياته ، بالتذكّر والتفكّر والنظر فيها ، والاحتجاج بالحجج العقلية ، وقد استدلّ القرآن على بعض المطالب الإلهية بالأدلّة العقلية ، وسلك المنهج العقلي ، فاستدلّ على التوحيد مثلاً بقوله :( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) (٢) ، وقوله تعالى :( مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَٰهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) (٣)

واستدلّ في إبطال مقالة من زعم من المشركين أنَّ له سبحانه ولداً ، قال :( وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) (٤)

فالقوّة العاقلة هي هبة سماوية من الله سبحانه إلى البشر ، وهي وإن لم تكن بقادرة على كشف جميع الأخبار السماوية ، وتحتاج إلى الوحي الإلهي ، لكنّها ليست بعاجزة مطلقاً ، ومن هنا لا يجوز التقليد في أُصول الدين ، فإن دلَّ هذا على شيء فإنّه يدلّ على أنّ المسائل السماوية ـ كإثبات وجود الخالق ـ هي قابلة للتحقيق للعقل البشري

______________________

(١) التوحيد : ٤٠

(٢) الأنبياء : ٢٢

(٣) المؤمنون : ٩١

(٤) البقرة : ١١٦ ـ ١١٧

٥٥٨

وعليه ، فالبحث عن وجود الله تعالى لا يقتصر على الدليل النقلي فقط ، بل العقل ـ بما هو عقل وله قدرة ذاتية على تشخيص الضرر ـ يأمرنا بدفع الضرر المحتمل ، وكذلك يستقلّ العقل بلزوم شكر المنعم ، وإلّا خالف الإنسان إنسانيته ، ولم يعدّ أهلاً للتميّز عن العجماوات ، ولا يتحقّق الشكر إلّا بمعرفة هذا المنعم

ومن هنا كان للعقل دور في هذه المعرفة ، ولعلّ الأدلّة التي ذكرها الفلاسفة والمتكلّمون ـ مثل : دليل النظم ، وبرهان الإمكان ، وبرهان حدوث المادّة ـ كافية في بيان قدرة العقل مستقلّة عن الوحي في الوصول إلى معرفة وجود الخالق وصفاته ، بل وحتّى الإيمان بالأنبياء والتصديق بهم يحتاج إلى مقدّمات عقلية ، منها : مطالبتهم الإثبات بالمعجزة وإظهارها ، كي يسدّ الطريق على مدّعي النبوّة ، فللعقل دور مهمّ في مسائل الإلهيات لا يمكن تجاوزه ، أو الاكتفاء بالنقل في إثبات هذه المسائل دونه

« عبد الله ـ الكويت ـ ٢٨ سنة ـ خرّيج ثانوية »

معنى مكتوب على ساق العرش :

س : تحية طيّبة وبعد ، كنت في أحد المجالس الحسينية ، وسمعت الشيخ على المنبر يقول : مكتوب على ساق العرش : إنّ الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة

وسمعت الكثير من هذه الروايات التي تتكلّم عن ساق العرش ، ولكن سؤالي : هل الله له عرش مثل ما تقول الوهّابية ؟ وأن لم يكن له عرش فما تفسير هذه الروايات التي تذكر على المنابر من غير شرح ولا تفسير للعوام ؟ وتكون وسيلة للطعن في الشيعة من قبل أعدائهم ، وجزاكم الله كُلّ خير

ج : لقد ورد ذكر العرش في الآيات القرآنية ، وفي كثير من الأدعية والروايات عن المعصومينعليهم‌السلام ، والذي نختلف فيه عمّا يقوله الوهّابيون أنّهم يصوّرون العرش بالمعنى الظاهري ، أي كرسي كبير له أربعة قوائم مثلاً ،

٥٥٩

وهكذا يصوّرون أنّ الله جالس عليه ، ونحن لا نقول بذلك ، لأنّه يستلزم الكثير من المحاذر ، منها : أنّ كلامهم سيستلزم الجسمية والمحدودية والمكان والحدوث ، وما إلى ذلك

وما نقوله نحن في العرش تبعاً لأهل البيتعليهم‌السلام أنّه : هو العلم ، فعن حنان بن سدير قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن العرش والكرسي ؟

فقالعليه‌السلام :« إنّ للعرش صفات كثيرة مختلفة ، له في كُلّ سبب وضع في القرآن صفة على حدة ، فقوله :( رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) يقول : الملك العظيم ، وقوله : ( الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ ) ، يقول : على الملك احتوى ، وهذا ملك الكيفوفية الأشياء ، ثمّ العرش في الوصل متفرّد من الكرسي ، لأنّهما بابان من أكبر أبواب الغيوب ، وهما جميعاً غيبان ، وهما في الغيب مقرونان ، لأنّ الكرسي هو الباب الظاهر من الغيب الذي منه مطلع البدع ، ومنه الأشياء كلّها ، والعرش هو الباب الباطن الذي يوجد فيه علم الكيف ، والكون والقدر والحد والأين والمشية وصفة الإرادة ، وعلم الألفاظ والحركات والترك ، وعلم العود والبدء فهما في العلم بابان مقرونان ، لأنّ ملك العرش سوى ملك الكرسي ، وعلمه أغيب من علم الكرسي ، فمن ذلك قال : ( رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) ، أي صفته أعظم من صفة الكرسي ، وهما في ذلك مقرونان » (١)

فعلى هذا ، فالعرش هو العلم الذي لا يقدر قدره أحد

وتكون الرواية التي فيها مكتوب على ساق العرش : الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة ، جاءت على الرمز ، ويجب أن نفهمها على ضوء ما تقدّم من معنى العرش والكرسي ، فلا تكون ساق العرش قد جاءت على الحقيقة ، ولا لفظة مكتوب قد جاء على الحقيقة أيضاً ، وإنّما إذا كان العرش هو العلم ،
______________________

(١) التوحيد : ٣٢١

٥٦٠

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576