موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

موسوعة الأسئلة العقائديّة7%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-02-7
الصفحات: 518

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 518 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 250673 / تحميل: 6585
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٢-٧
العربية

١
٢

٣
٤

دليل الكتاب

الإمام عليعليه‌السلام ٧

الإمام الحسنعليه‌السلام ١٥٩

الإمام الحسينعليه‌السلام ١٨٣

الإمام السجادعليه‌السلام ٢٣٥

الإمام الباقرعليه‌السلام ٢٤١

الإمام الصادقعليه‌السلام ٢٤٥

الإمام الكاظمعليه‌السلام ٢٥١

الإمام الرضاعليه‌السلام ٢٥٥

الإمام الجوادعليه‌السلام ٢٦١

الإمام الهاديعليه‌السلام ٢٦٩

الإمام العسكريّعليه‌السلام ٢٧٣

الإمام المهديّعليه‌السلام ٢٨١

الإمامة ٣٤٧

أُمّهات المؤمنين ٣٩٣

أهل البيتعليهم‌السلام ٤٠١

أهل السنّة ٤٧٧

أهل الكتاب ٤٨٩

الفهرس ٥٠٧

٥
٦

الإمام عليعليه‌السلام :

( نور الزهراء ـ إيران ـ )

إسلامه وفضائله :

س : لقد وردت هذه الشبهة في الموسوعة البريطانية تحت عنوان « علي » :

« علي » فتى أسلم على يد ابن عمّه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لكن إسلامه إسلام تبعية طفل لشخص أكبر منه ، كعادة الأطفال ، يأخذون الأشياء بشكل عفويّ ، وليس تعقليّ ، فلا فضل له.

ووردت شبهة للجاحظ في الرسالة العثمانية : أنّ أبا بكر وعمر أفضل من علي ، والدليل : إنّ أبا بكر سنين طويلة يعبد الأصنام ، ويشرب الخمر ، حتّى تأصّلت في نفسه هو وجماعته ، فتركه للأصنام والخمر صعب ، فعندما تركها فَعَلَ أمراً صعباً ، والإمام علي لم يواجه صعوبة ؛ لأنّه لم يعبد صنماً ، ولم يشرب خمراً.

فنريد منكم التفضّل بالإجابة.

ج : ينحلّ السؤال إلى سؤالين :

أمّا الأوّل : إنّ إسلام أمير المؤمنينعليه‌السلام كان في صباه ، وهو صرف تعبّد ، وتبعية محضة ليس فيها أيّ نوع تعقّل أو تدبّر.

وثانياً : إنّه لا فضيلة ثمّة في إسلامه ، إذ هوعليه‌السلام لم يعان مصائب الشرك ، وذلّ المعصية و

ولنقدّم مقدّمة مختصرة ثمّ ندخل البحث ، وهي : إنّنا لا نحسب السائل

٧

بحاجة لسرد النصوص النبوية والعلوية ، وكلمات الأصحاب والعلماء في كون أمير المؤمنينعليه‌السلام أوّل القوم إسلاماً ، وأقدمهم إيماناً ، وأوّل من استجاب لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وصدّقه ، ودخل في الإسلام ، وأوّل من صلّى وركع وسجد لله سبحانه ، بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأوّل من وحّد الله سبحانه وعبده ، وأوّل السابقين إلى الدين ، و

كلّ هذه أُمور تناقلتها رواة العامّة أكثر من الخاصّة ، وأُلّفت فيها المؤلّفات ، وأثبتها الثقات ، وعلينا إثبات ذاك إن لزم.

ثمّ بعد ذاك ، لماذا كان يأخذصلى‌الله‌عليه‌وآله بيد أمير المؤمنينعليه‌السلام في الملأ الصحابيّ ، ويقول : «إنّ هذا أوّل من آمن بي ، وهذا أوّل من يصافحني يوم القيامة »(١) .

أو قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أوّلكم وارداً على الحوض أوّلكم إسلاماً علي بن أبي طالب »(٢) ؟! أو غير ذلك.

وكذلك الحديث الصحيح الذي رواه ابن ماجة في سننه عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام إذ يقول : «أنا الصدّيق الأكبر ، صلّيت قبل الناس بسبع سنين ، لا يقولها بعدي إلاّ كذّاب ».

فهو يفتخر بإسلامه وصلاته قبل الناس ، وذاك لوحده دليل على أنّ تلك منقبة وفضيلة ، وإلاّ لو لم تكن كذلك لما كان لاستدلاله بها معنىً.

كلّ هذا مهمّ جدّاً ، إلاّ أنّا نطوي عنه صفحاً فعلاً ، ونضطرّ ـ من باب

__________________

١ ـ الأمالي للشيخ الصدوق : ٢٧٤ ، الإرشاد ١ / ٣٢ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٠٢ ، المعجم الكبير ٦ / ٢٦٩ ، شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢٢٨ ، نظم درر السمطين : ٨٢ ، كنز العمّال ١١ / ٦١٦ ، فيض القدير ٤ / ٤٧٢ ، تاريخ بغداد ٩ / ٤٦٠ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤١ ، أُسد الغابة ٥ / ٢٨٧ ، سير أعلام النبلاء ٢٣ / ٧٩ ، الإصابة ٧ / ٢٩٤ ، ينابيع المودّة ١ / ١٩٥ و ٢٤٤ و ٣٨٧.

٢ ـ المستدرك ٣ / ١٣٦ ، شرح نهج البلاغة ٤ / ١١٧ ، كنز العمّال ١١ / ٦١٦.

٨

المثال ـ لسرد واقعتين صغيرتين ، أقرّها القرآن الكريم ، وتسالمت عليها السنّة النبوية ، كلّ ذلك بشكل مجمل جدّاً ومختصر ، نطوي تفاصيله ونجمل لفظه وتأويله ، كي نستنتج ما نبغيه منه.

الأُولى : هو حديث العشيرة في بدء الدعوة ، حيث أخرجه غير واحد من الأئمّة الحفّاظ ، ونقلته كتب الصحاح والمسانيد عند العامّة ، وتلقّي بالقبول ، بل أرسل إرسال المسلّمات.

وحاصله : إنّه لمّا نزل قوله سبحانه :( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) (١) ، قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «دعاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لي : يا علي ، إنّ الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه ، فأيّكم يوازرني على هذا الأمر؟ على أن يكون أخي ووصيي ، وخليفتي فيكم؟

قال : فأحجم القوم عنها جميعاً ، وقلت وإنّي لأحدثهم سنّاً ، وأرمصهم عيناً ، وأعظمهم بطناً ، وأحمشهم ساقاً : أنا يا نبيّ الله ، أكون وزيرك عليه ، فأخذ برقبتي ثمّ قال : إنّ هذا أخي ، ووصيي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا ، قال : فقام القوم يضحكون ، ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع »(٢) .

والثانية : حديث ليلة المبيت ، ولبس أمير المؤمنينعليه‌السلام بُرد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الحضرمي الأخضر ، ونومه على فراشه ليلة خروج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من مكّة بعد أذية المشركين له ، وفداهعليه‌السلام بنفسه ، ونزول قوله عزّ من قائل :( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللهِ ) (٣) .

ويكفينا قول ابن أبي الحديد نقلاً عن أُستاذه أبي جعفر الإسكافي قال : « لأنّه ثبت بالتواتر حديث الفراش ، فلا فرق بينه وبين ما ذكر في نصّ

__________________

١ ـ الشعراء : ٢١٣.

٢ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٦٢ ، كنز العمّال ١٣ / ١١٤ ، شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢١١ ، جواهر المطالب ١ / ٨٠ ، جامع البيان ١٩ / ١٤٩ ، شواهد التنزيل ١ / ٤٨٦ ، تفسير القرآن العظيم ٣ / ٣٦٤ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٩ ، السيرة النبوية لابن كثير ١ / ٤٥٩.

٣ ـ البقرة ٢٠٧.

٩

الكتاب ، ولا يجحده إلاّ مجنون ، أو غير مخالط لأهل الملّة »(١) .

وقد روى المفسّرون كلّهم : أنّ قول الله تعالى :( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي ) نزلت في الإمام عليعليه‌السلام ليلة المبيت على الفراش.

ولا نودّ التفصيل فيها أو ذكر مصادرها ، إذ كفانا العلاّمة الأميني ( قدس سره ) في الغدير(٢) ، فقد ذكر لها أكثر من ثلاثين مصدراً ، وأسهب في الحديث عنها مفصّلاً.

والمهمّ عندنا ليس نقل الواقعة ، ولا لفظها ومدلولها ، إذ ـ كما قلنا ـ هناك تواتر إجمالي على معناها ، والمهمّ فيها عندنا أنّنا نتساءل بحقّ جميع المقدّسات ، ليرجع كلّ عاقل منصف إلى ضميره ، ويرى هل يؤتمن على سرّ النبوّة والنواميس الإلهيّة ومقدّسات الأُمّة طفل ابن خمس سنين ، أو سبع سنين؟ وهو ليس أهل لحمل أعباء أمانة السماء وشؤون الوصاية؟!

وكيف نفسّر وضع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يده في يده ، ويعطيه صفقة يمينه بالأخوّة والوصاية والخلافة ، إلاّ وهو أهل لذلك؟ وهل أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ لا سمح الله ـ يتجاهل؟ أو ـ والعياذ بالله ـ يفعل ما لا يرضاه الله سبحانه؟ أو ينطق عن الهوى؟! وما بال هذا الطفل لم يأنس بأقرانه ، ولم يلصق بأشكاله ، ولم يلاعب الصبيان ، أو يشكّك أو يتذبذب طوال مسيره الرسالي؟!

ولماذا قبلت منه السماء هذه المعاملة المقدّسة( يَشْرِي ) ؟! وهل تصحّ المعاملة مع ليس هو أهل لذلك؟! أم هل يكون مثل هذا من صبي؟! والرسول يعامله معاملة الوزارة والوصاية آنذاك ، بحيث إنّ ذاك أصبح مرتكز الجميع ، وعيّر أبو طالب بذاك! ألا يفهم من هذا أنّه فوق كلّ الرجال؟

ثمّ لنا أن نتساءل : لو لم يقبل إسلامه فمتى إذاً أسلم وقُبل إسلامه؟ هل حدّثنا التاريخ بمثل هذا؟!

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢٦١.

٢ ـ الغدير ٢ / ٤٧.

١٠

وإذا لم يكن ثمّة فضيلة لإسلام أمير المؤمنينعليه‌السلام فلماذا باهى القوم بذاك؟ وصرّح الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله به ، ولم يخالفه أحد ، ولا ردّ عليه ، وتأتي حثالة حاقدة مريضة بعد قرون كي تنفث سمومها ونصبها بكلمات معسولة؟! وما أحسن ما قيل : إنّ القول الباطل لا حدّ له ولا أمد.

وبعد كلّ هذا ، فإنّ الكلّ يعلم : إنّ تاريخ النصب والحقد وقف أمام أمير المؤمنينعليه‌السلام طوال ما بعد الرسالة ، حتّى أوصله إلى اللعن سبعين سنة على المنابر ، وقتل كلّ من يتسمّى باسمه ، ولم ينبز أحد بمثل هذا الذي أولده الفكر البريطاني في موسوعته ، و

ويعجبنا هنا ذكر ما وجدناه بعد ذلك عن نصّ ما أورده الحافظ محمّد بن جرير الطبري في كتابه المسترشد ، حيث هو أجمع وأدق ممّا ذكرناه ، قال : « زعمت البكرية أنّ إسلام عليعليه‌السلام إسلام الصبيان ، ليس كإسلام المعتقد العارف المميّز ..!

فقلنا لهم : هل لزم علياً اسم الإسلام وحكمه أم لا؟ فلابدّ من نعم.

ثمّ قلنا لهم : فما معنى قولكم : إسلام علي؟! أقلتم على المجاز أم على الحقيقة؟ فإن قالوا على الحقيقة بطلت دعواهم ، وإن قالوا على المجاز فقد سخفوا قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يكون دعا إلى الإسلام من لا يعقل ، ولا تقوم حجّة الله عليه!

ثمّ يقال لهم : فعليعليه‌السلام عرف وأقرّ ، أو لم يعرف ولم يقرّ؟ فإنّ قالوا : عرف وأقرّ ، فقد بطل قولهم ، وإن قالوا : أقرّ ولم يعرف ، قيل لهم : فلِم سمّيتموه مسلماً ولمّا يسلم؟! فإن اقترف ذنباً هل يقام على من يلزمه هذا الاسم حدّ أو لا يقام عليه؟! فلابدّ من الجواب!

ثمّ يسألون : هل انتقل عن حالته التي هو عليها مقيم؟ فإن قالوا : انتقل ، فقد أقرّوا بالإسلام ، وإن قالوا : لم ينتقل ، فمحال أن يسمّوه باسم لم ينتقل إليه ، ولا يجوز أن يسمّى غير المسلم مسلماً.

١١

ويقال لهم : فهل دعاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أو لم يدعه؟ فإن قالوا : قد دعاه ، قيل لهم : دعا من يجب أن يدعوه ، أو من لم يجب أن يدعوه؟ فان قالوا : من طريق التأدّب لا من طريق الفرض ، قيل لهم : فهل يجب هذا في غيره من اخوته وبني عمّه ، أو في أحد الناس؟ ولم يخصّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله علياًعليه‌السلام بالدعوة ، وأفرده من بين العالم إلاّ لعلّة فيه خاصّة ، ليست في غيره ».

ثمّ ذكر شواهد لذلك وقال : « أفما وقفت على أنّ هذا الرجل ـ يعني أمير المؤمنينعليه‌السلام ـ مخصوص بأشياء هي محظورة على غيره ، كسدّ أبواب الناس ، وفتح بابه؟ أو ليس قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله له أن يجنب في هذا المسجد ، وليس ذلك لغيره ، وهذه أسباب لا يدفعها من آمن بالله إلاّ من جرى على العناد!

ويقال لهم : أخبرونا عن عليعليه‌السلام حيث دعي ، لو لم يجب إلى ما دعي إليه أكانت تكون حالته كالإجابة إلى ما دعي إليه؟ فإن قالوا : الحالتان واحدة ، فقد أحالوا تسميتهم إيّاه مسلماً ، وإن قالوا : حالته خلاف حالته الأُولى ، فقد أقرّوا أيضاً بما أنكروه ».

وختم كلامه بقوله : « ثمّ يسألون عن عليعليه‌السلام فيقال لهم : أليس كان في أمره مصمّماً ، وعلى البلايا صابراً ، ولملازمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والرغبة في خدمته مؤثراً ، ولأبويه مفارقاً ، ولأشكاله من الأحداث مبايناً ، ولرفاهية الدنيا ولذّاتها مهاجراً ، قد لصق برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يشاركه في المحن العظام ، والنوازل الجسام ، مثل حصار الشعب ، والصبر على الجوع ، والخوف من احتمال الذلّ ، بل هو شبيه يحيى بن زكرياعليه‌السلام في الأشياء كلّها غير النبوّة ، وأنّه باين الأحداث في حال حداثته ، والكهول في حال كهالته.

ويقال لهم : أخبرونا هل وجدتم أحداً في العالم من الأطفال والصغار والكبار من قصّته كقصّة عليعليه‌السلام ؟ أو تعرفون له عديلاً أو شبيهاً؟ أو تعلمون أنّ أحداً أخصّ بما خصّ به؟ كلا ، ولا يجدون إلى ذلك سبيلاً ، فلذلك جعله المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله

١٢

أخاه ، ووزيراً لنفسه ، ومن بعده وزيراً ووصيّاً وإماماً »(١) .

أمّا السؤال الثاني ، فهو أكثر طرافة من الأوّل وأوقع ، إذ لم نكن نعرف أنّ عدم عبادة الصنم ، وشرب الخمر ، أصبح رذيلة وتركها فضيلة! إلى أيّ حدّ تنقلب المقاييس ، وتمزّق الموازين ، وتنحطّ المُثل ، ويصبح المعروف منكراً ، والمنكر معروفاً ، ولو صحّ مثل هذا ، فهو في رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أشكل ، إذ لم نعرف منه أنّه عبد صنماً ، ولا شرب خمراً!

وأخيراً : لو كان مثل هذا فضيلة عند القوم ، وعدّوها كرامة لهم ، لتبجّجوا بها ، وطبّلوا وزمّروا عليها ، وناشدوا أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك ، خصوصاً يوم السقيفة ، حيث لم يجدوا لهم فضيلة سوى كونهم من قريش ، أو الهجرة ، مع لحى طويلة! وعمر أكبر!

ويعلم الله ويشهد أنّه يعزّ علينا أن نشغل أوقاتنا بردّ مثل هذه السفاسف والسفسطات لولا خوفنا من أن تنطلي على بعض ضعفاء العقول من المسلمين ، والبسطاء من المؤمنين ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم.

( يوسف إبراهيم القلاف ـ الكويت ـ )

أسماؤه وألقابه :

س : ما هي أسماء الإمام علي عليه‌السلام ؟

ج : هي : علي وحيدر سُمّي بهما قبل الإسلام ، وبعده سُمّي بالمرتضى ، ويعسوب المؤمنين ، والأنزع البطين ، وأبي تراب ، وغيرها من الأسماء.

وللمزيد من التفصيل حول أسمائهعليه‌السلام راجع كتاب بحار الأنوار(٢) .

وحول تسميتهعليه‌السلام بحيدر ، قال العلاّمة المجلسيّ ( قدس سره ) : ( وكان اسمه الأوّل

__________________

١ ـ المسترشد : ٤٧٩.

٢ ـ بحار الأنوار ٣٥ / ٤٥.

١٣

الذي سمّته به أُمّه حيدرة باسم أبيها أسد بن هاشم ، والحيدرة : الأسد ، فغيّر أبوه اسمه ، وسمّاه عليّاً.

وقيل : إن حيدرة اسم كانت قريش تسميه به ، والقول الأوّل أصحّ ، يدلّ عليه خبره ، يوم برز إليه مرحب ، وارتجز عليه فقال : أنا الذي سمّتني أُمّي مرحباً ، فأجابهعليه‌السلام : « أنا الذي سمّتني أُمّي حيدرة » )(١) .

وحول تسميته بالمرتضى قال ابن شهرآشوب : ( وفي خبر : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله سمّاه المرتضى ، لأنّ جبرائيلعليه‌السلام هبط إليه فقال : «يا محمّد ، إنّ الله تعالى قد ارتضى عليّاً لفاطمة ، وارتضى فاطمة لعلي ».

وقال ابن عبّاس : كان عليّاًعليه‌السلام يتّبع في جميع أمره مرضاة الله ورسوله ، فلذلك سمّي المرتضى )(٢) .

وحول تسميته بيعسوب الدين ، فقد ورد عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : «علي أوّل من آمن بي ، وأوّل من يصافحني يوم القيامة ، وهو يعسوب المؤمنين »(٣) .

وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا علي أنت يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الظالمين ».

وحول تسميته بالأنزع البطين فقد ورد عن الرضا ، عن آبائهعليهم‌السلام قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي إنّ الله قد غفر لك ولأهلك ، ولشيعتك ومحبّي شيعتك ، ومحبّي محبّي شيعتك ، فأبشر فإنّك الأنزع البطين ، منزوع من الشرك ، بطين من العلم »(٤) .

__________________

١ ـ بحار الأنوار ٣٥ / ٤٥ ، وانظر الرواية في الإرشاد ١ / ١٢٧ ، شرح صحيح مسلم ١٢ / ١٨٥ ، فتح الباري ٧ / ٣٦٧ و ١٣ / ٣١٤ ، الطبقات الكبرى ٢ / ١١٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ١٦ و ٩١ ، جواهر المطالب ١ / ١٧٩ ، ينابيع المودّة ٢ / ١٤٤ ، تاج العروس ٧ / ٨٥.

٢ ـ مناقب آل أبي طالب ٢ / ٣٠٤.

٣ ـ الأمالي للشيخ الطوسيّ : ١٤٨ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٢ ، أُسد الغابة ٥ / ٢٨٧ ، الإصابة ٧ / ٢٩٤ ، أنساب الأشراف : ١١٨ ، كشف الغمّة ٢ / ١٢ ، ينابيع المودّة ١ / ٢٤٤ و ٣٨٧.

٤ ـ عيون أخبار الرضا ١ / ٥٢.

١٤

وحول تسميته بأبي تراب قال العلامة المجلسيّ قدّس سرّه : ( البخاريّ ومسلم والطبري وابن البيع وأبو نعيم وابن مردويه : إنّه قال بعض الأمراء لسهل بن سعد : سبّ عليّاً ، فأبى ، فقال : أمّا إذا أبيت فقل : لعن الله أبا تراب ، فقال : والله إنّه إنّما سمّاه رسول الله بذلك ، وهو أحبّ الأسماء إليه )(١) .

( جاسم كمال ـ الكويت ـ )

كنيته بأبي تراب :

س : لماذا كنّي الإمام علي عليه‌السلام بـ « أبو تراب »؟

ج : إنّ للإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام عدّة ألقاب وكنى ، قد كنّاه بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن تلك الكنى أبو تراب.

فقد أخرج الشيخ الصدوق بإسناده عن عباية بن ربعي قال : ( قلت لعبد الله ابن عباس : لم كنّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاً أبا تراب؟

قال : لأنَّه صاحب الأرض ، وحجّة الله على أهلها بعده ، وبه بقاؤها ، وإليه سكونها ، وقد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «إذا كان يوم القيامة ، ورأى الكافر ما أعدّ الله تبارك وتعالى لشيعة علي من الثواب والزلفى والكرامة ، يقول : يا ليتني كنت ترابيّاً ـ أي يا ليتني كنت من شيعة علي ـوذلك قول الله عزّ وجلّ : ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً » )(٢) .

وقال العلاّمة المجلسيّ ( قدس سره ) : « يمكن أن يكون ذكر الآية لبيان وجه آخر لتسميتهعليه‌السلام بأبي تراب ؛ لأنَّ شيعته لكثرة تذلّلهم له ، وانقيادهم لأوامره سمّوا تراباً ، كما في الآية الكريمة ، ولكونهعليه‌السلام صاحبهم وقائدهم ، ومالك أُمورهم سمّي أبا تراب ، أو لأنّه وصف به على جهة المدح لا على ما يزعمه

__________________

١ ـ بحار الأنوار ٣٥ / ٦٠.

٢ ـ علل الشرائع ١ / ١٥٦.

١٥

النواصب لعنهم الله حيث كانوا يصفونهعليه‌السلام به استخفافاً ، فالمراد في الآية : يا ليتني كنت أبا ترابياً »(١) .

« يوسف ـ الكويت ـ »

ردّ بعض موارد الغلّو فيه :

س : ما صحّة ما نسمعه من بعض أهل المنابر : أنّ القرآن الكريم نزل في الإمام علي عليه‌السلام بشكل عام ومطلق ، وإنّ كلّ حرف فيه يقصد به الإمام عليه‌السلام ، وشكراً.

ج : وردت روايات كثيرة ـ فيهنّ صحاح ومعتبرات ـ في تأويل آياتٍ من الذكر الحكيم لتطبيقها على أهل البيت ، والأئمّة المعصومينعليهم‌السلام ، ولابأس في هذا المجال مراجعة التفاسير الروائية ، مثل : البرهان ، نور الثقلين ، الصافي.

ولكن يجب التنبّه إلى هذه النقطة الرئيسية وهي : إنّ التأويل غير التفسير ، كما ذكر في محلّه ، إذ إنّ التأويل يعطينا شأن نزول الآية ، والتطبيق في الخارج ، وهذا لا يحدّد المعنى السيّال المستفاد منها الذي هو التفسير ، وهذا هو دليل استمرارية المفاهيم القرآنية إلى الأبد.

وبعبارة أوضح : إنّ الآيات القرآنية لها مفاهيم نتعرّف عليها من خلال التفاسير الصحيحة ، وفي نفس الوقت لها مصاديق تشير إليها النصوص ، والآثار الواردة من المعصومينعليهم‌السلام ، ولا تنافي بين هذين الوجهين للقرآن الكريم.

ثمّ مع قبولنا هذا المبنى الصحيح ، لا يسعنا المساعدّة على قول القائل : بأنّ القرآن بمجموعه نزل في أمير المؤمنينعليه‌السلام ، إذ من المتيقّن أنّ بعض الآيات قد نزلت في شأن أعدائه ، أو أنّ بعضها الآخر وردت لبيان أحكام شرعية ، وهكذا كما هو واضح للمتأمّل.

__________________

١ ـ بحار الأنوار٣٥ / ٥١.

١٦

« هاني ـ البحرين ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة »

السبب في عدم ذكره بالنصّ في القرآن :

س : لماذا لم يذكر القرآن صراحة اسم الإمام عليعليه‌السلام ؟ ولم يذكر أنّ الخلافة تؤول له مباشرة بعد الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

ج : أنّ القرآن الكريم ذكر بعض الأحكام بشكل مجمل وترك بيان تفاصيلها إلى النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيتهعليهم‌السلام ، وخذ مثالاً في ذلك : إنّ القرآن قد أمرنا بوجوب الصلاة ، إلاّ أنّه لم يذكر تفاصيلها ، وعدد ركعاتها ، بل ترك تفصيل ذلك إلى الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وهكذا أوجب الصوم ، إلاّ أنّه لم يبيّن أحكامه ، وهكذا باقي الأحكام كالحجّ والخمس والزكاة وغير ذلك ، فإنّ تفاصيلها متروكة إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك لمصلحة لا يعلمها إلاّ الله تعالى.

ومن ذلك الإمامة ، فإنّ القرآن أشار إلى صفة الإمام ، وأعرض عن اسمه ، تاركاً ذلك إلى تصريح النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والنصّ عليه من قبله ، تماماً كما أشار إلى الصلاة وترك باقي تفاصيلها إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ففي معرض إشارته إلى الإمام قال تعالى :( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (١) ، فأشار القرآن إلى صفة الإمام دون ذكر اسمه ، وعلمنا من الخارج ـ أي من الروايات الصحاح ـ أنّ المؤمنين الذين صفتهم هكذا ينحصرون في الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

كما نقل ذلك السيوطي في الدرّ المنثور في تفسيره للآية عن الخطيب البغدادي في المتّفق عن ابن عباس قال : تصدّق علي بخاتمه وهو راكع ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله للسائل : « من أعطاك هذا الخاتم »؟ قال : ذاك الراكع ، فأنزل الله( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) .

__________________

١ ـ المائدة : ٥٥.

١٧

وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس في قوله تعالى :( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) قال : نزلت في علي بن أبي طالب.

وأخرج الطبراني في الأوسط ، وابن مردويه عن عمّار بن ياسر ، قال : وقف بعلي سائل ، وهو راكع في صلاة تطوّع ، فنزع خاتمه فأعطاه السائل ، فأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأعلمه ذلك ، فنزلت على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله هذه الآية :( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) ، فقرأها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على أصحابه ، ثمّ قال : « من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه »(١) .

وهكذا تعهّد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله النصّ على اسم الإمام عليعليه‌السلام دون أن يتعرّض القرآن الكريم إلى ذلك ، لمصلحة لا يعلمها إلاّ الله تعالى ، ومن يدري فلعلّ مصلحة عدم التعرّض إلى اسم الإمام كانت خوفاً على القرآن من أن يتعرّض`إلى التحريف ، أو الإنكار من قبل قومٍ أنكروا مئات الأحاديث في النصّ على إمامتهعليه‌السلام ، وكانوا شهوداً في ذلك ، ولعلّهم ينكرون أنّ هذا القرآن قد نزل من قبل الله تعالى؛ لمصالحهم السياسية التي دفعتهم إلى إنكار ما شاهدوه ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم.

« ـ ـ »

لم يذكر اسمه في القرآن بالنصّ :

س : الإمام علي عليه‌السلام ذكر في القرآن كثيراً ، ولكن لماذا لم يذكر بالاسم؟

ج : يتّضح الجواب من خلال أُمور :

أوّلاً : نزل القرآن الكريم على خطاب « إيّاك أعني واسمعي يا جارة » ، أي على الاستعمال المجازي والكنائي ، فإنّ الكناية أبلغ من التصريح ، فذكر

__________________

١ ـ الدرّ المنثور ٢ / ٢٩٣.

١٨

أمير المؤمنين عليعليه‌السلام وكذلك الأئمّةعليهم‌السلام من بعده كناية ومجازاً.

ثانياً : من ثقافة القرآن الكريم أنّه يبيّن القوانين العامّة كما هو متعارف في كتب الدستور لكلّ دولة ، إلاّ أنّه يلحق به التنويهات ، والمواد الأُخرى تفسّر الكلّيات في الدستور ، فالقرآن يبيّن الأصل الكلّي للإمامة ، وأنّ الأئمّة على قسمين : أئمّة ضلال ، وأئمّة هدى يهدون بأمر الله.

ثمّ يبيّن صفاتهم بالكناية والمجاز ، كما في آية إكمال الدين ، والتطهير ، والإطاعة ، والولاية ، وأن الولي من أعطى الزكاة في صلاته ـ أي تصدّق بالخاتم ـ ولم يكن ذلك إلاّ الإمام عليعليه‌السلام ، كما نقل ذلك المفسّرون من السنّة والشيعة.

فالقرآن الكريم يتكلّم بنحو عام ، والسنّة الشريفة هي التي تبيّن المصاديق والجزئيات ، فالقرآن يقول :( أَقِمِ الصَّلاَةَ ) (١) ، والسنّة تقول : صلاة الصبح ركعتان ، وهكذا باقي الموارد.

والرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله في روايات كثيرة جدّاً ـ نقلها الموافق والمخالف ـ نصّ على إمامة وخلافة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، كما في حديث الغدير المتواتر عند الفريقين ، إلاّ أنّ الناس ارتدّوا بعد رسول الله عن الولاية ، ولم ينصروا علياًعليه‌السلام ، واعرضوا عن الأحاديث النبوية التي قالها في شأنه وخلافته.

فلو كان اسمه مذكوراً في القرآن الكريم لأدّى ذلك إلى إنكار القرآن أيضاً ، ويقولوا : إنّ النبيّ ليهجر ـ والعياذ بالله ـ كما قالها البعض في مرض النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عندما طلب منهم الدواة ، ليكتب لهم كتاباً لن يضلّوا بعده ، وهذا يعني إنكار الدستور الإسلامي ، وإنكار الإسلام كلّه ، وهذا يتنافى مع الحكمة الإلهيّة.

__________________

١ ـ طه : ١٤.

١٩

فاقتضت الحكمة أن لا يذكر اسم الإمام عليعليه‌السلام في القرآن صريحاً ، وإنّما يذكر في ترجمانه ، وفي عدل القرآن أي : السنّة الشريفة ، ليؤمن من يؤمن وليكفر من يكفر ، فما ذلك لله بضارّ ، وما أكثر الأحاديث الدالّة على إمامة وخلافة أمير المؤمنينعليه‌السلام من مصادر أهل السنّة.

جاء في الكافي بسندٍ صحيح عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ :( أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) ؟(١) .

فقال : « نزلت في علي بن أبي طالب ، والحسن والحسين ».

فقلت له : إنّ الناس يقولون : فما له لم يسمّ عليّاً وأهل بيتهعليهم‌السلام في كتاب الله عزّ وجلّ؟

قال : فقال : « قولوا لهم : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نزلت عليه الصلاة ، ولم يسمّ الله لهم ثلاثاً ولا أربعاً ، حتّى كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هو الذي فسّر ذلك لهم ، ونزلت عليه الزكاة ، ولم يسمّ لهم من كلّ أربعين درهماً درهم ، حتّى كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هو الذي فسّر ذلك لهم ، ونزل الحجّ فلم يقل لهم : طوفوا أسبوعاً ، حتّى كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هو الذي فسّر ذلك لهم ، ونزلت :( أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) ـ ونزلت في علي والحسن والحسين ـ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في علي : من كنتُ مولاه فعليّ مولاه.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : أُوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي ، فإنّي سألت الله عزّ وجلّ أن لا يفرّق بينهما ، حتّى يوردهما عليّ الحوض ، فأعطاني ذلك وقال : لا تعلّموهم فهم أعلم منكم ، وقال : إنّهم لن يخرجوكم من باب هدى ، ولن يدخلوكم في باب ضلالة ، فلو سكت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلم يبيّن مَن أهل بيته لادّعاها آل فلان وآل فلان ، لكنّ الله عزّ وجلّ أنزله في كتابه ، تصديقاً لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( إِنَّمَا

__________________

١ ـ النساء : ٥٩.

٢٠

يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (١) ، فكان علي والحسن والحسين وفاطمةعليهم‌السلام ، فأدخلهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تحت الكساء في بيت أُمّ سلمة ، ثمّ قال : اللهمّ إنّ لكلّ نبيّ أهلاً وثقلاً ، وهؤلاء أهل بيتي وثقلي ، فقالت أُمّ سلمة : ألست من أهلك؟ فقال : إنّك إلى خير ، ولكن هؤلاء أهلي وثقلي »(٢) .

« بابان ـ عمان ـ سنّي »

فرية خان الأمين :

س : ما رأيكم في الخليفة علي عليه‌السلام ؟ هل صحيح أنّكم تعتقدون بأنّ جبرائيل عليه‌السلام كان عليه أن ينزّل مقام النبوّة لعلي ولكنّه خان وأعطاها إلى محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

ج : نحن نعتقد بأنّ الإمام عليعليه‌السلام عبد الله ، وابن عبده ، وابن أمته ، وهو وصيّ المصطفى ، والإمام بعده ، أوّل مَن آمن بنبوّة النبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهو الخليفة الأوّل لا الرابع ، والأدلّة على ذلك كثيرة من الكتاب والسنّة.

وأمّا ما ذكرته في المسألة الثانية ، فهو محض افتراء ، افتراه على الشيعة من لا دين له ولا إنسانية ، ونتحدّى كلّ من افترى هذه الفرية أن يذكر لنا ولو شيعياً واحداً يقول بهذه المقولة.

( مايه ـ السعودية ـ ٢٣ سنة ـ طالبة جامعة )

علّة انتخابه خليفة من قبل أهل السنّة :

س : لماذا تمّ اختيار الإمام علي ابن أبي طالب عليه‌السلام الخليفة الرابع من قبل

__________________

١ ـ الأحزاب : ٣٣.

٢ ـ الكافي ١ / ٢٨٦.

٢١

أهل السنّة؟ علماً بأنّهم كانوا من أشدّ المعاديين له ، وهل كان قبولهم له جعلهم يتّبعون أوامره وينهجون نهجه؟ وفّقكم الله لكلّ خير.

ج : إنّ اختيارهم علياًعليه‌السلام رابع الخلفاء لعلّه كان من باب الاضطرار ، فإنّهم لمّا رأوا الشغب والفوضى عمّا البلاد في زمن عثمان ، حتّى قتل نتيجة سوء أعماله ، وسيرة اللذين من قبله ، لم يروا بدّاً من الرجوع في هذا الأمر إلى أهله ، فاستسلموا للحقّ لفترة قصيرة ، ولكن دون التزام قلبي بسيرته وفكرهعليه‌السلام ، وفي الحقيقة كان هذا عمل قهري رغم أنف البعض منهم.

ويدلّ على ما ذكرنا : إنّ الإمامعليه‌السلام كان يتحمّل الكثير من العناء والتعب في سبيل تصحيح خطاياهم الماضية ، ولكن دون جدوى في أكثر المواطن ، حتّى أنّ بعضهم أصبح يكيد ويترّبص الدوائر على حكومتهعليه‌السلام ، حتّى أدّى بالنتيجة إلى استشهادهعليه‌السلام .

( أُسامة ـ المغرب )

أوّل من أسلم :

س : لماذا علي عليه‌السلام دخل الإسلام قبل أبي بكر ، مع أنّ أبا بكر كان أكبر سنّاً منه؟

ج : إنّ الأدلّة المستقاة من كتب الحديث والتاريخ والسير صريحة في أنّ أوّل من أسلم هو الإمام عليعليه‌السلام ، وهذه فضيلة عظمى لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، اعترف بها حتّى المخالفين لهعليه‌السلام ، فهو لم يعبد غير الله تعالى ، ولم يشرك به ، بخلاف غيره الذي قضى وقتاً كثيراً من عمره في عبادة الأصنام.

( أُمّ بدر ـ الكويت ـ )

تحمّل الأذى لحفظ الإسلام :

س : لماذا لم يشهر الأمام علي عليه‌السلام سيفه في مواجهة من اغتصب الخلافة وآذى الزهراء عليها‌السلام ؟

٢٢

ج : إنّ الحكومة في نظر أهل البيتعليهم‌السلام ليست هدفاً ، بل هي وسيلة لإحقاق الحقّ وإبطال الباطل

أهل البيت لم يريدوا الدنيا للدنيا ، وإنّما أرادوا الدنيا لتكون وسيلة إلى الآخرة ، ليس لأهل البيتعليهم‌السلام همّ سوى رضى الله تعالى ، فتحمّلوا ـ كجدّهم المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنواع الأذى لأجل بقاء الدين ، واستمرار شريعة الحبيب المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فكان الناس في بداية إسلامهم ، فتحمّل الإمام عليعليه‌السلام كلّ الأذى لأجل الحفاظ على أصل الإسلام ، وذلك بوصية النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله له بالصبر.

قال الإمام عليعليه‌السلام : «فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا »(١) .

ومع أنّه لم يشهر سيفاً ، ولم يتّخذ الحرب للمعارضة ، فإنّهعليه‌السلام اتخذ طريقة إيصال المفاهيم الحقّة وبيان أحقّيته بالخلافة ، اتخذ هذا طريقاً للمعارضة ، لئلا يلتبس الحقّ ، فقالعليه‌السلام : «أما والله ، لقد تقمّصها ابن أبي قحافة ، وإنّه ليعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرحى »(٢) .

وقالعليه‌السلام : « بايع الناس لأبي بكر وأنا والله أولى بالأمر منه ، وأحقّ به منه ، فسمعتُ وأطعتُ مخافة أن يرجع الناس كفّاراً ، يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف ، ثمّ بايع الناس عمر ، وأنا والله أولى بالأمر منه ، وأحقّ به منه ، فسمعتُ وأطعتُ مخافة أن يرجع الناس كفّاراً ، يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف »(٣) .

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ١٥١.

٢ ـ نفس المصدر السابق.

٣ ـ كنز العمّال ٥ / ٧٢٤ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٣٤.

٢٣

( أبو ميثم ـ الكويت ـ ٢٤ سنة ـ طالب جامعة )

روايات يشمّ منها رائحة الغلوّ :

س : قال الإمام علي أمير المؤمنين : « أنا الذي لا يقع عليه اسم ولا صفة ».

وقالعليه‌السلام مخاطباً كميل عندما سأله : يا أمير المؤمنين ما الحقيقة؟

فقالعليه‌السلام : « ما لك والحقيقة »؟ فقال : أولست صاحب سرّك يا أمير المؤمنين؟ فقال : « بلى ، ولكن أخاف أن يطفح عليك ما يرشح منّي » ، فقال : أومثلك يخيب سائلاً؟

فقالعليه‌السلام : « الحقيقة كشف سبحات الجلال من غير إشارة » (١) .

أرجو توضيح معنى الحديثين ، ثبّتنا الله جميعاً على التسليم في مقاماتهم عليهم‌السلام .

ج : إنّ البحث حول الأحاديث التي ذكرتموها يكون من وجوه :

أوّلاً : إنّ إسناد بعض هذه الروايات ليس بذلك الحدّ من الصحّة والتوثيق حتّى يرسل إرسال المسلّمات ، فللبحث عن أسانيدها مجال للمتتّبع.

ولكن هذا لا يعني إلغاء المتن بالمرّة ، بل بمعنى عدم حجيّتها ، أي لا نتيّقن بأنّها بأكملها صدرت عن الإمامعليه‌السلام ، فيحتمل أن يكون قد تغيّر بعض ألفاظها أو عباراتها.

ثانياً : بناءً على ما ذكرنا ، فإنّنا نأخذ بالقدر المتيقّن من المعاني والمفاهيم التي اشتملت عليها هذه الروايات ، والتي تؤيّدها سائر النصوص الدينية من الكتاب والسنّة ، ثمّ نطرح ما لا يستقيم ويتوافق مع هذه المسلّمات القطعية الصدور.

ثالثاً : إنّ أمثال هذه الروايات ـ مثل خطبة البيان والطتنجية ـ وإن كان ظهورهما ربما يشمّ منه رائحة الغلوّ ، ولكن يمكن تفسيرها على ضوء القواعد

__________________

١ ـ نور البراهين ١ / ٢٢١ ، شرح الأسماء الحسنى ١ / ١٣١.

٢٤

العقليّة والكلامية ، والنصوص القرآنية والروائية الصحيحة ، والمعتبرة سنداً ومتناً.

وعلى سبيل المثال ، فرواية كميل يمكن تفسيرها : بأنّ الإمامعليه‌السلام يريد أن يوضّح ويبيّن منازل التوحيد ، فيمثّل وينظر ريثما يكون في مستوى السائل ، كما يقال : « المعقول ينظّر بالمحسوس » ، وللبحث فيها مجال واسع.

أو إنّ الرواية الأُولى ، يمكن أن تكون بمعنى أنّ الإمامعليه‌السلام لا بديل ولا نظير له في الوجود ، وهذا مطلب صحيح وواضح ، وموافق لكافّة أدلّة إمامتهعليه‌السلام العقليّة والنقليّة.

والمهمّ في هذا المقام أن لا نقع في أخطاء الصوفية والغلاة في تفسير هكذا روايات بمجرّد نظرة ساذجة لظاهرها.

رابعاً : إنّ منازل الأئمّة المعصومينعليهم‌السلام ، لا ينحصر ثبوتها أو إثباتها بروايات وأحاديث معيّنة ، بل إنّ مراتبهم السامية هي أجلّ وأعظم من أن ينالها حتّى المستوى البشري بحسب الأدلّة العقليّة والنقليّة.

فما ذكرناه في هذا المجال ليس إلاّ بحثاً علمياً ، فلا يستنتج منه ـ والعياذ بالله ـ إنكار مقاماتهم المعنوية ، بل صفوة القول : إنّ الاعتدال في تفسير النصوص هو الطريق المستقيم الذي تدعو إليه الأئمّة الهداةعليهم‌السلام .

( ـ السعودية ـ )

سكوته عن مطالبة حقّه بالخلافة :

س : لماذا هذا السكوت من الإمام علي عليه‌السلام على المطالبة في حقّه بالخلافة طول هذه المدّة ، أي من خلافة أبي بكر إلى خلافة عثمان؟

ج : أوّلاً : امتناعه عن البيعة لأبي بكر هو مطالبة بالحقّ وإعلان عن عدم أحقّية خلافة أبي ‎ بكر.

ثانياً : الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام كان خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ووصيّه في كلّ مقاماته ومنازله إلاّ النبوّة ، والحكومة إنّما هي شأن من شؤون الإمام ، فإن

٢٥

انقاد الناس وانصاعوا وطلبوا منه القيام بالأمر فحينئذ يجب على الإمام ذلك ، وإلاّ فالناس هم المقصّرون ، ولذا يقول علماؤنا : بأنّ الإمامة وجودها لطف ، وتصرّفه لطف آخر ، وعدمه منّا.

ثالثاً : قضية أمير المؤمنينعليه‌السلام تشبه تماماً قضية هارونعليه‌السلام ، ولذا قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأمير المؤمنين : «ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي »(١) ، وقد حكى الله تعالى في قصّة هارون أنّه

__________________

١ ـ فضائل الصحابة : ١٣ ، شرح صحيح مسلم ١٥ / ١٧٤ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٠٩ ، تحفة الأحوذيّ ١٠ / ١٦١ ، مسند أبي داود : ٢٩ ، المصنّف للصنعانيّ ٥ / ٤٠٦ و ١١ / ٢٢٦ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤٩٦ و ٨ / ٥٦٢ ، مسند ابن راهويه ٥ / ٣٧ ، مسند سعد بن أبي وقّاص : ٥١ و ١٠٣ و ١٣٩ ، الآحاد والمثاني ٥ / ١٧٢ ، كتاب السنّة : ٥٥١ و ٥٨٦ و ٥٩٥ و ٦١٠ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٥ / ٤٤ و ١٠٨ و ١١٣ و ١٢٠ و ١٢٥ و ١٤٤ ، خصائص أمير المؤمنين : ٤٨ و ٦٤ و ٧٦ و ٨٠ و ٨٥ و ١١٦ ، مسند أبي يعلى ١ / ٢٨٦ و ٢ / ٦٦ و ٨٦ و ٩٩ و ١٣٢ و ١٢ / ٣١٠ ، أمالي المحامليّ : ٢٠٩ و ٢٥١ ، صحيح ابن حبّان ١٥ / ١٦ و ٣٧١ , المعجم الصغير ٢ / ٢٢ و ٥٤ ، المعجم الأوسط ٢ / ١٢٦ و ٣ / ١٣٩ و ٤ / ٢٩٦ و ٥ / ٢٨٧ و ٦ / ٧٧ و ٨٣ و ٧ / ٣١١ و ٨ / ٤٠ ، المعجم الكبير ١ / ١٤٨ و ٢ / ٢٤٧ و ٤ / ١٨٤ و ٥ / ٢٠٣ و ١١ / ٦٣ و ١٢ / ١٥ و ٧٨ و ٢٤ / ١٤٦ ، نظم درر السمطين : ١٠٧ ، موارد الظمآن : ٥٤٣ ، كنز العمّال ٥ / ٧٢٤ و ٩ / ١٦٧ و ١١ / ٥٩٩ و ٦٠٣ و ١٣ / ١٠٦ و ١٥٨ و ١٦٣ و ١٩٢ و ١٦ / ١٨٦ ، فيض القدير ٤ / ٤٧١ ، كشف الخفاء ٢ / ٣٨٢ ، شواهد التنزيل ١ / ١٩٢ و ٢ / ٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ١ / ٢٦٦ و ٧ / ٢٧٧ ، الطبقات الكبرى ٣ / ٢٣ ، تاريخ بغداد ٧ / ٤٦٣ و ٨ / ٥٢ و ١١ / ٤٣٠ و ١٢ / ٣٢٠ ، تاريخ مدينة دمشق ٢ / ٣١ و ١٣ / ١٥١ و ٢٠ / ٣٦٠ و ٢١ / ٤١٥ و ٣٠ / ٣٥٩ و ٣٨ / ٧ و ٣٩ / ٢٠١ و ٤١ / ١٨ و ٤٢ / ٤٢ و ٥٣ و ١٠٠ و ١١١ و ١١٥ و ١٣٩ و ١٤٥ و ١٥٢ و ١٥٩ و ١٦٥ و ١٧١ و ١٧٧ و ١٨٢ و ٥٤ / ٢٢٦ و ٥٩ / ٧٤ و ٧٠ / ٣٥ ، أُسد الغابة ٤ / ٢٧ ، تهذيب الكمال ٢٠ / ٤٨٣ و ٢٥ / ٤٢٣ و ٣٢ / ٤٨٢ و ٣٥ / ٢٦٣ ، تذكرة الحفّاظ ١ / ١٠ ، سير أعلام النبلاء ١ / ٣٦١ و ٧ / ٣٦٢ و ١٢ / ٢١٤ و ١٤ / ٢١٠ و ١٥ / ٤٢ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٢٩٦ ، الإصابة ٤ / ٤٦٧ ، أنساب الأشراف : ٩٤ ، و ١٠٦ ، البداية والنهاية ٥ / ١١ و ٧ / ٢٥١ و ٣٧٠ و ٣٧٤ و ٨ / ٨٤ ، جواهر المطالب ١ / ٥٨ و ١٧١ و ١٩٧ و ٢١٢ و ٢٩٦ ، سبل الهدى والرشاد ٥ / ٤٤١ و ١١ / ٢٩١ و ٢٩٦ ، ينابيع المودّة ١ / ١١٢ و ١٥٦ و ١٦٠ و ٣٠٩ و ٤٠٤ و ٢ / ٩٧ و ١١٩ و ١٥٣ و ٢٣٧ و ٣٠٢ و ٣٨٩ و ٣ / ٢١١ و ٣٦٩ و ٤٠٣.

٢٦

خاطب أخاه موسى قائلاً :( إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي ) (١) ، وقضية علي كقضية هارون تماماً.

رابعاً : قد ورد عن الإمام عليعليه‌السلام : « الإمام كالكعبة ، يُؤتى ولا يأتي »(٢) ، وهذا إشارة إلى أنّ الإمامعليه‌السلام في عصره يجب أن يقصده الناس ، ويأتوه ويطلبوا منه القيام بالحكومة والتصدّي لتطبيق الأحكام والشريعة الإسلامية ، أمّا أن يقصد هو ـ أي الإمام ـ الناس ليحملهم على الانصياع له والإطاعة فهذا ليس وظيفة الإمامعليه‌السلام .

خامساً : نجد في نهج البلاغة وغيره عن أمير المؤمنينعليه‌السلام التصريحات الكثيرة ، الدالّة على أنّهعليه‌السلام إنّما لم يقم بالأمر لأنّه بقي وحده ، ولم يكن معه إلاّ القلائل الذين بحسب تصريح الإمامعليه‌السلام ضنّ ـ أي بخل ـ بهم على الموت.

وأيضاًعليه‌السلام يقول في الخطبة الشقشقية المعروفة : «وطفقت أرتئي بين أن أُصول بيد جذّاء ، أو أصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتّى يلقى ربّه ، فرأيت الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا »(٣) .

وأيضاً عنهعليه‌السلام : أنّه رأى أنّ العرب سترجع عن الإسلام وترتدُّ عن الدين ولذلك سكت ، وإلى غير ذلك من التصريحات الموجودة عن الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام .

« أياد ـ أمريكا ـ »

سيفه ذو الفقار :

س : هل صحيح أنّ سيف ذو الفقار للإمام علي عليه‌السلام قد أنزله الله من

__________________

١ ـ الأعراف : ١٥٠.

٢ ـ أوائل المقالات : ٢٧٦.

٣ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ١٥١ ، علل الشرائع ١ / ١٥٠ ، الاحتجاج ١ / ٢٨٣ ، مناقب آل أبي طالب ٢ / ٤٨ ، الطرائف : ٤١٨.

٢٧

السماء؟ وشكراً جزيلاً.

ج : إنّ نزول سيف ذو الفقار من السماء نقله العلاّمة ابن شهر آشوب عن تفسير السدي عن ابن عباس في قوله تعالى :( وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ ) (١) ، قال : أنزل الله آدم من الجنّة معه ذو الفقار ، خلق من ورق آس الجنّة ، ثمّ قال :( فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ) .

وكان به يحارب آدم أعداءه من الجنّ والشياطين ، وكان عليه مكتوب : «لا يزال أنبيائي يحاربون به نبيّ بعد نبيّ ، وصدّيق بعد صدّيق ، حتّى يرثه أمير المؤمنين ، فيحارب به عن النبيّ الأُمي ».

ثمّ قال : وقد روى كافّة أصحابنا أنّ المراد بهذه الآية ذو الفقار ، أنزل به من السماء على النبيّ فأعطاه علياً.

وسئل الإمام الرضاعليه‌السلام من أين هو؟ فقال : «هبط به جبرائيل من السماء ، وكان حلية [ حليته ] من فضة ، وهو عندي »(٢) .

وهذا أحد الأقوال ، إذ ذهب بعضهم إلى أنّ جبرائيل أمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يتّخذ سيف ذو الفقار من صنم حديد في اليمن ، فذهب علي وكسّره ، وعمل منه ذو الفقار.

وقيل : إنّه كان من هدايا بلقيس إلى سليمانعليه‌السلام .

نعم ، ورد عن طرق أهل السنّة ، فضلاً عن الشيعة : إنّ جبرائيل قد سمع يقول : «لا سيف إلاّ ذوالفقار ، ولا فتى إلاّ علي »(٣) .

__________________

١ ـ الحديد : ٢٥.

٢ ـ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٨١.

٣ ـ الكافي ٨ / ١١٠ ، الإرشاد ١ / ٨٤ ، ذخائر العقبى : ٧٤ ، شرح نهج البلاغة ١١ / ٢١٧ و ١٣ / ٢٩٣ ، نظم درر السمطين : ١٢٠ ، تاج العروس ٣ / ٤٧٤ ، كشف الخفاء ٢ / ٣٦٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٣٩ / ٢٠١ و ٤٢ / ٧١ ، تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ١٩٧ ، البداية والنهاية ٤ / ٥٤ و ٦ / ٦ و ٧ / ٢٥٠ و ٢٩٣ و ٣٧٢ ، السيرة النبوية لابن هشام ٣ / ٦١٥ ، السيرة النبوية لابن كثير ٣ / ٩٤ و ٤ / ٧٠٧ ، جواهر المطالب : ١٨٩ ، ينابيع المودّة ١ / ٤٣٤ ، و ٢ / ١٢.

٢٨

قال الطبري : « حدّثنا أبو كريب قال : حدّثنا عثمان بن سعيد قال : حدّثنا حبّان بن علي ، عن محمّد بن عبد الله بن أبي رافع ، عن أبيه عن جدّه قال : لمّا قتل علي بن أبي طالب أصحاب الألوية ، أبصر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جماعة من مشركي قريش ، فقال لعلي : «احمل عليهم » ، فحمل عليهم ، ففرّق جماعتهم ، وقتل شيبة بن مالك أحد بني عامر بن لؤي.

فقال جبرائيل : « يا رسول الله إن هذه للمواساة » ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّه منّي وأنا منه » ، فقال جبرائيل : «وأنا منكما ».

قال : فسمعوا صوتاً :لا سيف إلاّ ذو الفقار ، ولا فتى إلاّ علي »(١) .

ولا مانع أن يكون سيف ذو الفقار قد نزل من السماء ، فإنّ به ثبت الدين ، وانهزم المشركون ، وعلت كلمة الحقّ ، فإذا أقررنا شهادة جبرائيل بأن لا سيف إلاّ ذو الفقار ، فتعظيماً لمقام هذا السيف ، وإمعاناً في بيان فضله ومنزلته عند الله لم يكن نزوله من السماء شيئاً مستبعداً.

وقال جميع المفسّرين من الفريقين في تفسير قوله تعالى :( وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ ) وأنّ الحديد أنزله الله مع آدم ، وهي السندان والإبرة والحبل ، وكان كلّها من حديد ، فهذا إقرار منهم بأنّ الله قد أنزل مع آدم هذه الآلات من الحديد ، فإنزال السيف هو الأوفق بسياق الآية ، فإنّ البأس الشديد مع منافع الناس إشارة إلى أنّ البأس الشديد هو محاربة الكفّار ، وتثبيت كلمة الله.

ثمّ أردف قوله تعالى بعد ذلك :( وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَن يَنصُرُهُ ) إشارة إلى أنّ النصر لا يتأتى إلاّ بآلات الحرب ، ومنها السيف ، فمناسبة النصر والبأس الشديد لا تكون إلاّ ما يناسبها وهو السيف ، ولا معنى للاقتصار على الإبرة والسندان وغيرها ، فإنّ الآية في مقام البأس الشديد ، والانتصار لله ولدينه ، فلا يناسبها

__________________

١ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ١٩٧.

٢٩

إلاّ السيف ، وذكر الإبرة والسندان يناسب قوله :( وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ) .

فبمقتضى المقابلة بأس شديد يقابلها السيف ، ومنافع للناس يقابلها الإبرة والسندان ، فلا منافاة إذاً من الجمع بين السيف وبين ما ذكره عامّة المفسّرين من الشيعة والسنّة.

( منى ـ الكويت ـ )

قتاله لعمرو بن عبد ودّ في الخندق :

س : لقد سمعت عن قصّة الإمام عليعليه‌السلام في معركة الخندق أنّه خرج إلى المسلمين أحد كبار أبطال الكفّار ، وخاف أن يبارزه أحد ، فخرج إليه الإمام عليعليه‌السلام ، فألقى إليه بأبيات شعرية ، وقتله.

الرجاء أُريد معرفة هذه القصّة بالتفصيل ، وما هي الأبيات الشعرية التي قالها الإمام؟

ج : لقد خرج عمرو بن عبد ودّ العامريّ في معركة الخندق ( الأحزاب ) ، ونادى هل من مبارز؟ فلم يجبه أحد من المسلمين ، فقال الإمام عليعليه‌السلام : « أنا له يا رسول الله » ، فقال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّه عمرو » ، فسكت ، فكرّر عمرو النداء ثانية ، وثالثة ، والإمام عليعليه‌السلام يقول : «أنا له يا رسول الله » ، والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله يجيبه : «إنّه عمرو » ، فيسكت ، وفي كلّ ذلك يقوم عليعليه‌السلام فيأمره النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالثبات ، انتظاراً لحركة غيره من المسلمين ، وكأن على رؤوسهم الطير لخوفهم من عمرو.

وطال نداء عمرو بطلب المبارزة ، وتتابع قيام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فلمّا لم يقدم أحد من الصحابة ، قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا علي امض لشأنك » ، ودعا له ، ثمّ قال : «برز الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه »(١) .

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢٦١ و ٢٨٥ و ١٩ / ٦١ ، شواهد التنزيل ٢ / ١٦ ، ينابيع المودّة ١ / ٢٨١.

٣٠

فسعى الإمام عليعليه‌السلام نحو عمرو حتّى انتهى إليه ، فقال له : «يا عمرو ، إنّك كنت تقول : لا يدعوني أحد إلى ثلاث إلاّ قبلتها ، أو واحدة منها » ، قال : أجل ، قالعليه‌السلام : «إنّي أدعوك إلى شهادة أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً رسول الله ، وأن تسلم لربّ العالمين ».

قال : يا بن أخي أخّر هذا عنّي ، فقالعليه‌السلام : «أما أنّها خير لك لو أخذتها » ، ثمّ قالعليه‌السلام : «ها هنا أُخرى » ، قال : وما هي؟ قالعليه‌السلام : «ترجع من حيث أتيت » ، قال : لا ، تتحدّث نساء قريش عنّي بذلك أبداً ، فقالعليه‌السلام : «فها هنا أُخرى » ، قال : وما هي؟ قالعليه‌السلام : «أُبارزك وتبارزني ».

فضحك عمرو وقال : إنّ هذه الخصلة ما كنت أظنّ أحداً من العرب يطلبها منّي ، وأنا أكره أن أقتل الرجل الكريم مثلك ، وقد كان أبوك نديماً لي ، فقالعليه‌السلام : «وأنا كذلك ، ولكنّي أحبّ أن أقتلك ما دمت أبيّاً للحقّ ».

فحمى عمرو ، ونزل عن فرسه ، وضرب وجهه حتّى نفر ، وأقبل على أمير المؤمنينعليه‌السلام مصلتاً سيفه ، وبدره بضربة ، فنشب السيف في ترس الإمامعليه‌السلام ، فضربه أمير المؤمنينعليه‌السلام .

قال جابر الأنصاريّعليه‌السلام : وتجاولا ، وثارت بينهما فترة ، وبقيا ساعة طويلة لم أرهما ، ولا سمعت لهما صوتاً ، ثمّ سمعنا التكبير ، فعلمنا أنّ علياًعليه‌السلام قد قتله ، وسرّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله سروراً عظيماً ، لمّا سمع صوت أمير المؤمنينعليه‌السلام بالتكبير ، وكبّر وسجد لله تعالى شكراً ، وانكشف الغبار ، وعبر أصحاب عمرو الخندق ، وانهزم عكرمة بن أبي جهل ، وباقي المشركين ، فكانوا كما قال الله تعالى :( وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً ) (١) .

ولمّا قتله الإمام عليعليه‌السلام احتزّ رأسه ، وأقبل نحو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ووجهه يتهلّل ، فألقى الرأس بين يدي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقبّل النبيّ رأس علي ووجهه ، وقال له

__________________

١ ـ الأحزاب : ٢٥.

٣١

عمر بن الخطّاب : هلاّ سلبته درعه ، فما لأحد درع مثلها؟

فقال : «إنّي استحييت أن أكشف سوأة ابن عمّي » ، وكان ابن مسعود يقرأ من ذلك اليوم كذا :( وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ـ بعليّ ـ وَكَانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ) .

وذكر أنّ عمرواً قال في المعركة أبياتاً ، هي :

ولقد بححت من النداء لجمعكم هل من مبارز

ووقفت إذ وقف الشجاع مواقف القرن المناجز

وكذاك إنّي لم أزل متترعاً قبل الهزاهز

إنّ الشجاعة في الفتى والجود من خير الغرائز

فأجابه عليعليه‌السلام :

لا تعجلنّ فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجز

ذو نبهة وبصيرة والصدق منجي كلّ فائز

إنّي لأرجو أن أُقيم عليك نائحة الجنائز

من ضربة نجلاء يبقى ذكرها عند الهزاهز(١)

وقال صاحب مستدرك الصحيحين : لما قتل علي بن أبي طالبعليه‌السلام عمرو بن عبد ودّ أنشأت أُخته عمرة بنت عبد ودّ ترثيه ، فقالت :

لو كان قاتل عمرو غير قاتله

بكيته ما أقام الروح في جسدي

لكن قاتله من لا يعاب به

وكان يدعى قديماً بيضة البلد(٢)

__________________

١ ـ تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٧٩ ، البداية والنهاية ٤ / ١٢١ ، المستدرك ٣ / ٣٣ ، السيرة النبوية لابن كثير ٣ / ٢٠٤ ، سبل الهدى والرشاد ٤ / ٣٧٨.

٢ ـ لمستدرك ٣ / ٣٣.

٣٢

( علي المنير ـ الأردن ـ )

قتاله للناكثين والقاسطين والمارقين :

س : أُريد تزويدي بالأحاديث التي قالها الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّ علياً عليه‌السلام يقاتل القاسطين والمارقين والخارجين.

ج : روى هذا الحديث عدّة من الصحابة والتابعين عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد ذكرت هذا الحديث عدّة من مصادر الفريقين ، نذكر لك بعض الروايات من كتب أهل السنّة :

١ ـ روى الحاكم بإسناده عن عقاب بن ثعلبة : « حدّثني أبو أيوب الأنصاريّ في خلافة عمر بن الخطّاب قال : أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله علي بن أبي طالب بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين »(١) .

٢ ـ وروى بإسناده عن أبي أيوب الأنصاريّ قال : سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي ابن أبي طالب : «تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بالطرقات ، والنهروانات ، وبالسعفات » ، قال أبو أيوب : قلت : يا رسول الله مع من نقاتل هؤلاء الأقوام؟ قال : «مع علي بن أبي طالب »(٢) .

٣ ـ روى الحموينيّ بإسناده عن أبي سعيد الخدريّ قال : أمرنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، فقلنا : يا رسول الله ، أمرتنا بقتال هؤلاء ، فمع من نقاتلهم؟ قال : « مع علي بن أبي طالب ، معه يقتل عمّار بن ياسر »(٣) .

٤ ـ وروى بإسناده عن عتاب بن ثعلبة قال : « حدّثني أبو أيوب الأنصاري في خلافة عمر بن الخطّاب قال : أمرني النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بقتال الناكثين والقاسطين

__________________

١ ـ المستدرك ٣ / ١٣٩.

٢ ـ نفس المصدر السابق.

٣ ـ فرائد السمطين ١ / ٢٨١.

٣٣

والمارقين مع علي بن أبي طالب »(١) .

٥ ـ وروى بإسناده عن عبد الله قال : خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من بيت زينب ، فأتى منزل أُمّ سلمة ، فجاء علي ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا أُمّ سلمة ، هذا والله قاتل القاسطين والناكثين والمارقين »(٢) .

٦ ـ وروى بإسناده عن عمرو بن مرّة قال : « سمعت عمرو بن سلمة يقول : سمعت عمّار بن ياسر يوم صفّين ـ شيخاً آدم طويلاً أخذ الحربة بيده ويده ترعد ـ قال : والذي نفسي بيده ، لو ضربونا حتّى بلغوا بنا سعفات هجر لعرفنا أنّنا على الحقّ وهم على الضلال »(٣) .

٧ ـ وروى بإسناده عن سعد بن عبادة عن عليعليه‌السلام قال : « أُمرت بقتال ثلاثة : القاسطين والناكثين والمارقين ، فأمّا القاسطون فأهل الشام ، وأمّا الناكثون فذكرهم ، وأمّا المارقون فأهل النهروان »(٤) .

٨ ـ روى الخوارزمي بإسناده عن سعد بن عبادة عن عليعليه‌السلام قال : « أُمرت بقتال ثلاثة : الناكثين والقاسطين والمارقين ، فأمّا القاسطون فأهل الشام ، وأمّا الناكثون فذكرناهم ، وأمّا المارقون فأهل النهروان »(٥) .

٩ ـ روى ابن المغازليّ بإسناده عن عليعليه‌السلام قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن ، كما قاتلت على تنزيله ، فقال أبو بكر : أنا؟ قال : لا ، قال عمر : فأنا؟ قال : لا ، ولكن خاصف النعل » ـ يعني عليّا ـ(٦) .

__________________

١ ـ المصدر السابق ١ / ٢٨٢.

٢ ـ المصدر السابق ١ / ٢٨٣.

٣ ـ المصدر السابق ١ / ٢٨٥.

٤ ـ المصدر السابق ١ / ٢٨٥.

٥ ـ المناقب : ١٩٤.

٦ ـ مناقب الإمام علي : ٩٩.

٣٤

١٠ ـ روى البلاذريّ بإسناده عن حكيم بن جبير قال : « سمعت إبراهيم يقول : سمعت علقمة قال : سمعت علياً يقول : « أُمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين » ، وحدّثت أنّ أبا نعيم قال لنا : الناكثون أهل الجمل ، والقاسطون أصحاب صفّين ، والمارقون أصحاب النهر »(١) .

١١ ـ روى الكنجيّ بإسناده عن ابن عباس قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأُمّ سلمة : «هذا علي بن أبي طالب لحمه من لحمي ، ودمه من دمي ، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ، يا أُمّ سلمة ، هذا علي أمير المؤمنين وسيّد المسلمين ، ووعاء علمي ، ووصييّ ، وبابي الذي أوتى منه ، أخي في الدنيا والآخرة ، ومعي في المقام الأعلى ، يقتل القاسطين والناكثين والمارقين ».

وفي هذا الحديث دلالة على أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وعد علياً بقتل هؤلاء الطوائف الثلاث ، وقول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله حقّ ، ووعده صدق ، وقد أمرصلى‌الله‌عليه‌وآله علياً بقتالهم.

روى ذلك أبو أيوب عنه ، وأخبر أنّه قاتل المشركين والناكثين والقاسطين ، وأنّه سيقاتل المارقين »(٢) .

١٢ ـ وروى بإسناده عن مخنف بن سليم قال : « أتينا أبا أيوب الأنصاريّ وهو يعلف خيلاً له ، قال : فقلنا عنده فقلت له : يا أبا أيوب ، قاتلت المشركين مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ جئت تقاتل المسلمين؟

قال : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمرني بقتال ثلاثة ، الناكثين والقاسطين والمارقين ، فقد قاتلت الناكثين والقاسطين ، وأنا مقاتل إن شاء الله المارقين بالسعفات بالطرقات بالنهروانات ، وما أدري أين هو »؟(٣) .

١٣ ـ قال محمّد بن طلحة الشافعي : » عن ابن مسعود قال : خرج رسول الله

__________________

١ ـ أنساب الأشراف ٢ / ١٣٨ ح ١٢٩.

٢ ـ كفاية الطالب : ١٦٨.

٣ ـ المصدر السابق : ١٦٩.

٣٥

صلى‌الله‌عليه‌وآله فأتى منزل أُمّ سلمة ، فجاء علي ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا أُمّ سلمة ، هذا والله قاتل القاسطين والناكثين والمارقين من بعدي ».

فالنبيّ ذكر في هذا الحديث فرقاً ثلاثة ، صرّح بأنّ علياً يقاتلهم بعده ، وهم الناكثون والقاسطون والمارقون ، وهذه الصفات التي ذكرهاصلى‌الله‌عليه‌وآله قد سمّاهم بها ، مشيراً إلى أنّ وجود كلّ صفة منها في الفرق المختصّة بها علّة لقتالهم مسلّطة عليه.

وهؤلاء الناكثون : هم الناقضون عقد بيعتهم الموجبة عليهم الطاعة والمتابعة لإمامهم الذي بايعوه محقّاً ، فإذا نقضوا ذلك ، وصدفوا عن طاعة إمامهم ، وخرجوا عن حكمه ، وأخذوا قتاله بغياً وعناداً كانوا ناكثين باغين ، فيتعيّن قتالهم ، كما اعتمده جمع ممّن تابع علياً وبايعه ، ثمّ نقض عهده وخرج عليه ، وهم أصحاب واقعة الجمل ، فقاتلهم عليعليه‌السلام فهم الناكثون.

وأمّا القاسطون : فهم الجائرون عن سنن الحقّ ، الجانحون إلى الباطل ، المعرضون عن اتباع الهدى ، الخارجون عن طاعة الإمام الواجبة طاعته ، فإذا فعلوا ذلك واتصفوا به تعيّن قتالهم ، كما اعتمده طائفة تجمّعوا واتبعوا معاوية ، وخرجوا لمقاتلة عليعليه‌السلام على حقّه ، ومنعوه إيّاه فقاتلهم ، وهي وقائع صفّين ، وليلة الهرير ، فهؤلاء هم القاسطون

وأمّا المارقون : فهم الخارجون عن متابعة الحقّ ، المصرّون على مخالفة الإمام المفروض طاعته ومتابعته ، المصرّحون بخلعه ، وإذا فعلوا ذلك واتصفوا به تعيّن قتالهم ، كما اعتمده أهل حروراء والنهروان ، فقاتلهم عليعليه‌السلام ، وهم الخوارج.

فبدأ عليعليه‌السلام بقتال الناكثين ، وهم أصحاب الجمل ، وثنّى بقتال القاسطين ، وهم أصحاب معاوية وأهل الشام بصفّين ، وثلّث بقتال المارقين ، وهم الخوارج أهل حروراء والنهروان »(١) .

__________________

١ ـ مطالب السؤول في مناقب آل الرسول ١ / ١١٧.

٣٦

( أبو الزين ـ الأردن ـ )

رسول الله نام بينه وبين عائشة :

س : أسيادنا الأعزّة ، الرواية في بحار الأنوار : إنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : « سافرت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليس له خادم غيري ، وكان لحاف ليس له غيره ، ومعه عائشة ، وكان رسول الله ينام بيني وبين عائشة ، ليس علينا ثلاثتنا لحاف غيره ، فإذا قام إلى صلاة الليل ، يحطّ بيده اللحاف من وسطه بيني وبين عائشة ، حتّى يمسّ اللحاف الفراش الذي تحتنا » (١) .

تعليقكم على الرواية المستغلّة للإساءة إلى مصادرنا الحديثية.

ج : نلفت نظركم للنقاط التالية :

أ ـ إنّ نظرة الشيعة للمصادر الحديثية تختلف عن نظرة أهل السنّة إليها ، فحيث تعتقد أنّ الكتب الستة صحيحة ، أو يعتقدون بصحّة البخاريّ ومسلم فقط ، فإنّ الشيعة لا تنظر إلى مجاميعها الروائية هذه النظرة ، بل تعتقد بإخضاع كافّة الروايات والأحاديث للبحث السندي والدلالي ، وهذه من مميّزات الفكر الشيعيّ في كافّة الجهات.

وعلى هذا ، فإنّ ورود حديث ما في مجموعة لا تدلّ بالملازمة على قبوله ، بل يجب البحث عن سنده أوّلاً ، ودلالته ثانياً.

ب ـ إنّ العلاّمة المجلسيّ ( قدس سره ) ـ صاحب بحار الأنوار ـ بنفسه كان لا يلتزم بصحّة كلّ ما ورد في كتابه ـ فضلاً عن الآخرين ـ ويستفاد هذا الموضوع من مقدّمته على بحار الأنوار ، إذ يصرّح أنّه جمع كل ما في وسعه من الأحاديث من دون إبداء رأيه ، لكي تكون هناك موسوعة كبيرة يتمكّن الباحث من المراجعة إليها.

ويشهد لهذا أيضاً ، أنّه وفي مقام البحث السندي لا يرى صحّة مجموعة من

__________________

١ ـ بحار الأنوار ٤٠ / ٢.

٣٧

أحاديث الكافي ـ الذي هو أمتن الكتب الحديثية عند الشيعة ـ في كتابه مرآة العقول.

ج ـ إنّ الرواية المنقولة عن بحار الأنوار هي في الحقيقة وردت في احتجاج الشيخ الطبرسيّ(١) ، نقلاً عن كتاب سليم بن قيس الهلالي(٢) ، وأيضاً نقلها ابن شهر آشوب ـ بصورة مرسلة ـ في مناقبه(٣) ، وجاءت عنه في بحار الأنوار(٤) .

فسند الحديث ليس مقطوعاً به ، حتّى يصبح حجّة لنا أو علينا.

د ـ توجد هناك أحاديث كثيرة منقولة في الجوامع الروائية لأهل السنّة مخالفة للعقل والنقل القطعي ، وتمسّ الجوانب الأساسية للعقيدة ، ومع هذا يرتضون بها ، ويؤوّلونها بتأويلات سخيفة ، حفظاً منهم لهذه الكتب ، ولو كان المجال واسعاً لأوردنا بعض الأمثلة لذلك ، ولكن حرصاً على الإجمال في الجواب ، نوكل هذا الموضوع إلى البحوث المستقلّة في هذا المضمار ، والتي تتولّى دراسة أحاديث الصحاح الستّة وغيرها ، حتّى يتبيّن للمنصف المتوخّي للحقيقة مدى قباحة بعض منقولات أهل السنّة وركاكتها.

هـ ـ وأخيراً : كيف يخاف من عليعليه‌السلام وهو مع القرآن؟! وكيف يخاف منه وهو مع الحقّ ، بل هو راعي الدين والإسلام؟!

وعلى فرض صحّة الرواية ، فإنّها تدلّ على ثقة الرسول التامّة في عليعليه‌السلام .

ولم ينقل عن الإمام عليعليه‌السلام أنّه نظر إلى امرأة من نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما نقل عن عمر أنّه كان يتعرّض لنساء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهن خارجات للتبرّز قبل الحجاب.

فكان عمر يغار على زوجاته ، ويأمر الرسول بأن يحجّبهن ، والرسول لا

__________________

١ ـ الاحتجاج ١ / ٢٣١.

٢ ـ كتاب سليم بن قيس : ٤٢٢.

٣ ـ مناقب آل أبي طالب ٢ / ٥٩.

٤ ـ بحار الأنوار ٣٨ / ٢٩٧.

٣٨

يهتمّ بذلك ، ولا يفعل ما يأمره به عمر!! إلى أن وافق الله عمر ، وأمر الرسول بما أمره به عمر!!

ففي صحيح البخاريّ : « حدّثنا يحيى بن بكير قال : حدّثنا الليث قال : حدّثني عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة : إنّ أزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع ـ وهو صعيد افيح ـ ، فكان عمر يقول للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : احجب نساءك ، فلم يكن رسول الله يفعل ، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبيّ ليلة من الليالي عشاء ، وكانت امرأة طويلة ، فناداها عمر : ألا قد عرفناك يا سودة ، حرصاً على أن ينزل الحجاب ، فأنزل الله الحجاب »(١) .

وعليعليه‌السلام أطهر من أن يشكّ فيه أحد ، وهل من أحد أعرف بعلي من رسول الله؟! ولكن الإشكال في قول عمر لرسول الله : من أنّ نساءه يدخل عليهنّ في بيته البرّ والفاجر ، وهنّ فيه.

ففي صحيح البخاريّ : حدّثنا مسدّد ، عن يحيى بن سعيد ، عن حميد ، عن أنس قال : قال عمر : وافقت الله في ثلاث ، أو وافقني ربّي في ثلاث ، قلت : يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلّى ، وقلت : يا رسول لله يدخل عليك البرّ والفاجر ، فلو أمرت أُمّهات المؤمنين بالحجاب ، فأنزل الله آية الحجاب ، قال : وبلغني معاتبة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعض نسائه ، فدخلت عليهن ، قلت : إن انتهيتنّ أو ليبدلنّ الله رسوله خيراً منكن ، حتّى أتيت إحدى نسائه ، قالت : يا عمر أما في رسول الله ما يعظ نساءه حتّى تعظهن أنت ، فأنزل الله :( عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ ) (٢) .

فليس يحتمل في عليعليه‌السلام الرجس ليخاف منه رسول الله.

مع أنّ الرواية في بحار الأنوار وجدت في كتاب سليم ، فقد ذكر أنّ النسخة التي عنده بالوجادة ، ولابدّ من وجودها في نفس كتاب سليم المسند لا المرسل.

__________________

١ ـ صحيح البخاريّ ١ / ٤٥.

٢ ـ التحريم : ٥.

٣٩

وهنا لابأس أن نشير إلى أنّه لا يوجد أمر مريب في مدلول الرواية يبعث القلق ، إذ جاء التصريح فيها بوجود المانع الذي هو اللحاف المنحطّ بين الإمام وعائشة.

( ـ سنّي ـ )

صلّى في بداية البعثة والصلاة لم تفرض بعد :

س : لي سؤال بسيط ، أرجو منك التوضيح ، جزاك الله خيراً ، وذلك في هذا الحديث : عن جابر‏ ‏ ، قال : ‏‏بُعِث النبيّ ‏صلى‌الله‌عليه‌وآله ‏يوم ‏ ‏الاثنين ، وصلّى ‏علي ‏يوم الثلاثاء.

السؤال هو : كيف صلّى عليعليه‌السلام في اليوم التالي من البعثة؟ والصلاة لم تفرض إلاّ بعد فترة من البعثة النبوية الشريفة ، وذلك في قصّة الإسراء والمعراج.

ج : إنّ مسألة صلاة أمير المؤمنينعليه‌السلام مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في بدء البعثة أمر مسلّم ، ولا مجال للشكّ أو الترديد فيها ، بعد ما أطبقت عليها الروايات والسير من الفريقين(١) .

وإمّا كيفية صلاتهعليه‌السلام ، فهي تتبع موضوع تعبّده في المقام ، وبما أنّ عبادته وصلاته كانت بدعوة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لهعليه‌السلام ، فالظاهر أنّهما كانا يعبدان الله تعالى ، إمّا مطابقاً لشريعة إبراهيمعليه‌السلام ، أو غيره ممّن تقدّمه من الأنبياءعليهم‌السلام ، وإمّا موافقاً لما قرّر لعامّة الناس فيما بعد.

__________________

١ ـ مناقب آل أبي طالب ١ / ٢٩٧ ، المستدرك ٣ / ١١٢ ، تحفة الأحوذيّ ١٠ / ١٦٠ ، المعجم الكبير ١ / ٣٢٠ ، نظم درر السمطين : ٨٢ ، شواهد التنزيل ٢ / ١٨٥ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٧ ، تهذيب الكمال ٢٠ / ٤٨٢ ، تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٥٥ ، البداية والنهاية ٣ / ٣٦ و ٧ / ٣٦٩ ، جواهر المطالب ١ / ٤٣ و ٥٠ ، سبل الهدى والرشاد ٢ / ٣٠٢ ، ينابيع المودّة ٢ / ١٤٧.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518