موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

موسوعة الأسئلة العقائديّة15%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-02-7
الصفحات: 518

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 518 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 244817 / تحميل: 6312
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٢-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

يخلق الإمام أنزل قطرة من ماء المزن(١) فيقع على كلّ شجرة، فيأكل منه، ثمّ يواقع فيخلق اللَّه منه الإمام، فيسمع الصوت في بطن اُمّه، فإذا وقع على الأرض رفع له منار من نور يرى أعمال العباد، فإذا ترعرع(٢) كتب على عضده الأيمن:( وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) (٣) .(٤)

٦٧٩/٧ - وفيه : أحمد بن الحسين، عن المختار بن زياد، عن أبي جعفر محمّد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير قال: كنت مع أبي عبداللَّه عليه السلام في السنة الّتي ولدفيها ابنه موسى عليه السلام فلمّا نزلنا الأبواء(٥) وضع لنا أبوعبداللَّه عليه السلام الغداء ويلأصحابه وأكثره وأطابه، فبينا نحن نتغدّى إذ أتاه رسول حميدة أنّ الطلق(٦) قد ضربني، وقد أمرتني أن لا أسبقك بابنك هذا.

فقام أبو عبداللَّه عليه السلام فرحاً مسروراً ولم يلبث أن عاد إلينا حاسراً عن ذراعيه، ضاحكاً سنّه، فقلنا: أضحك اللَّه سنّك وأقرّ عينيك، ما صنعت حميدة؟ فقال: وهب اللَّه لي غلاماً وهو خير من برأ اللَّه، ولقد خبّرتني عنه بأمر كنت أعلم به منها، قلت:جعلت فداك، وما خبّرتك عنه [حميدة]؟

قال: ذكرت أنّه لمّا وقع من بطنها وقع واضعاً يديه على الأرض رافعاً رأسه إلى السماء، فأخبرتها أنّ تلك أمارة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وأمارة الإمام من بعده.

فقلت: جعلت فداك، وما تلك من علامة الإمام؟

فقال: إنّه لمّا كان في الليلة الّتي علق بجدّي فيها أتى آت جدّ أبي وهو راقد،

____________________

(١) قال المجلسي رحمه الله: الأكثر فسّروا المزن بالسحاب، أو أبيضه، أو ذي الماء، ويظهر من الأخبار أنّه اسم للماء الّذي تحت العرش.

(٢) ترعرع: تحرّك ونشأ وشبَّ واستوت قامته.

(٣) الأنعام: ١١٥.

(٤) بصائر الدرجات: ٤٣١ ح ١، عنه البحار: ٣٨/٢٥ ح ٥.

(٥) الأبواء: قرية من أعمال الفرع من المدينة، بينها وبين الجحفة ممّا يلى المدينة ثلاثة وعشرون ميلاً، وبالأبواء قبر آمنة اُمّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.

(٦) الطَلْق: وجع الولادة.

٢١

فأتاه بكأس فيها شربة أرقّ من الماء، وأبيض من اللبن، وألين من الزبد، وأحلى من الشهد، وأبرد من الثلج، فسقاه إيّاه، وأمره بالجماع، فقام فرحاً مسروراً فجامع فعلق فيها بجدّي.

ولمّا كان في الليلة الّتي علق بي فيها بأبي أتى آت جدّي فسقاه كما سقاه(١) جدّ أبي وأمره بالجماع، فقام فرحاً مسروراً فجامع فعلق بأبي؛

ولمّا كان في الليلة الّتي علق بي [فيها]، أتى آت أبي فسقاه وأمره كما أمرهم، فقام فرحاً مسروراً فجامع فعلق بي، ولمّا كان في اليلة الّتي علق فيها بابني هذا، أتاني آت كما أتى جدّ أبي وجدّي وأبي، فسقاني كما سقاهم، وأمرني كما أمرهم، فقمت فرحاً مسروراً بعلم اللَّه بما وهب لي، فجامعت فعلق بابني.

وإنّ نطفة الإمام ممّا أخبرتك، فإذا استقرّت في الرحم أربعين ليلة نصب اللَّه له عموداً من نور في بطن اُمّه، ينظر منه مدّ بصره، فإذا تمّت له في بطن اُمّه أربعة أشهر أتاه ملك يقال له: حيوان، وكتب على عضده الأيمن:( وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) (٢) .

فإذا وقع من بطن اُمّه وقع واضعاً يده على الأرض رافعاً رأسه إلى السماء، فإذا وضع يده إلى الأرض فإنّه يقبض كلّ علم أنزله اللَّه من السماء إلى الأرض، وأمّا رفعه رأسه إلى السماء فإنّ منادياً ينادي من بطنان العرش من قبل ربّ العزّة من الاُفق الأعلى باسمه واسم أبيه، يقول:

يا فلان، أثبت ثبّتك اللَّه فلعظيم ما خلقك(٣) أنت صفوتي من خلقي، وموضع سرّي وعيبه علمي، لك ولمن تولّاك أوجبت رحمتي، وأسكنت جنّتي وأحللت جواري. ثمّ وعزّتي لاُصلينّ(٤) من عاداك أشدّ عذابي، وإن أوسعت عليهم من

____________________

(١) في البحار: سقى.

(٢) الأنعام: ١١٥.

(٣) خلقتك، خ.

(٤) صلاة العذاب: شواه، أنضجه بمباشرة النار.

٢٢

سعة رزقي.

فإذا انقضى صوت المنادي أجابه الوصيّ:( شَهِدَ اللَّـهُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ ) (١) - إلى آخرها - فإذا قالها أعطاه اللَّه علم الأوّل وعلم الآخر، واستوجب زيارة الروح في ليلة القدر.

قلت: جعلت فداك، ليس الروح جبرئيل؟ فقال: جبرئيل من الملائكة، والروح خلق أعظم من الملائكة، أليس اللَّه يقول:( تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ ) (٢) .(٣)

٦٨٠/٨ - وفيه وفي البرهان : بأسانيده قال: روى غير واحد من أصحابنا أنّه قال:لاتتكلّموا في الإمام(٤) فإنّ الإمام يسمع الكلام وهو جنين في بطن اُمّه، فإذا وضعته كتب الملك بين عينيه:( وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) (٥) فإذا قام بالأمر رفع له في كلّ بلد مناراً [من نور](٦) ينظر منه(٧) إلى أعمال العباد.(٨)

وفي رواية يونس بن ظبيان قال - بعد تفسير الآية -: فإذا خرج إلى الأرض اُوتي الحكمة وزيّن بالعلم والوقار، واُلبس الهيبة، وجعل له مصباح من نور فعرف(٩) به الضمير، ويرى به أعمال العباد.(١٠)

٦٨١/٩ - في الكافي : عدّة من أصحابنا، عن سهل، عن عليّ بن مهزيار، عن

____________________

(١) آل عمران: ١٨.

(٢) القدر: ٤.

(٣) بصائر الدرجات: ٤٤٠ ح ٤، عنه البحار: ٤٢/٢٥ ح ١٧، والبرهان: ٥٤٩/١ ح١، وروى الكليني رحمه الله في الكافي: ٣٨٥/١ ح١ (نحوه).

(٤) قال المجلسي رحمه الله: لاتتكلّموا، أي في نصب الإمام وتعيينه بآرائكم، أوفي توصيفه، لأنّ أمره عجيب لاتصل إليه أحلامكم.

(٥) الأنعام: ١١٥.

(٦) ليس في المصدر والبحار.

(٧) في البصائر والبحار: به.

(٨) بصائر الدرجات: ٤٣٥ ح١، عنه البرهان: ٥٥٠/١ ح٥، والبحار: ٤٥/٢٥ ح ٢١.

(٩) في البصائر والبحار: يعرف.

(١٠) بصائر الدرجات: ٤٣٢ ح٤، عنه البرهان: ٥٥١/١ ح ١٠، والبحار: ٣٩/٢٥ ح٨.

٢٣

ابن بزيع قال: سألته - يعني أباجعفر عليه السلام - عن شيء من أمر الإمام، فقلت: يكون الإمام ابن أقلّ من سبع سنين؟ فقال: نعم، وأقلّ من خمس سنين.

أقول : في الحديث إشارة إلى القائم عليه السلام، لأنّه عليه السلام على أكثر الروايات كان ابن أقلّ من خمس سنين بأشهر، أو بسنة وأشهر.(١)

٦٨٢/١٠ - في معاني الأخبار، والخصال، والعيون : الطالقاني، عن أحمد الهمداني، عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن أبيه، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام قال: للإمام علامات، يكون أعلم الناس وأحكم الناس وأتقى الناس وأحلم الناس وأشجع الناس وأسخى الناس وأعبد الناس، ويولد مختوناً ويكون مطهّراً، ويرى من خلفه كما يرى من بين يديه، ولايكون له ظلّ.

وإذا وقع إلى الأرض من بطن اُمّه وقع على راحتيه، رافعاً صوته بالشهادتين ولايحتلم، وتنام عينه ولاينام قلبه، ويكون محدِّثاً، ويستوي عليه درع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ولا يُرى له بول ولاغائط، لأنّ اللَّه عزّوجلّ قد وكّل الأرض بإبتلاع مايخرج منه.

وتكون رائحته أطيب(٢) من رائحة المسك، ويكون أولى بالناس منهم بأنفسهم، وأشفق عليهم من آبائهم واُمّهاتهم، ويكون أشدّ الناس تواضعاً للَّه عزّوجلّ، ويكون آخذ الناس بما يأمره به، وأكفّ الناس عمّا ينهى عنه، ويكون دعاؤه مستجاباً حتّى أنّه لو دعا على صخرة لانشقّت بنصفين.

ويكون عنده سلاح رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وسيفه ذوالفقار، وتكون عنده صحيفة فيها أسماء شيعتهم إلى يوم القيامة، وصحيفة فيها أسماء أعدائهم إلى يوم القيامة.

وتكون عنده الجامعة وهى صحيفة طولها سبعون ذراعاً، فيها جميع ما

____________________

(١) الكافي: ٣٨٤/١ ح٥، عنه البحار: ١٠٣/٢٥ ح٦.

(٢) في الخصال: ويكون له رائحة أطيب.

٢٤

يحتاج إليه ولد آدم، ويكون عنده الجفر الأكبر والأصغر [و](١) إهاب(٢) ماعز(٣) وإهاب كبش فيهما جميع العلوم حتّى أرش الخدش، وحتّى الجلدة ونصف الجلدة وثلث الجلدة، ويكون عنده مصحف فاطمة عليها السلام.(٤)

٦٨٣/١١ - في الإختصاص المنسوب إلى الشيخ المفيد قدس سره، وبصائر الدرجات :محمّد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، [عن عبداللَّه بن القاسم]، عن عمر بن أبان الكلبي، عن أبان بن تغلب قال: كنت عند أبي عبداللَّه عليه السلام حيث دخل عليه رجل من علماء أهل اليمن، فقال أبوعبداللَّه عليه السلام: يا يماني، أفيكم علماء؟

قال: نعم، قال: فأيّ شيء يبلغ من علم علمائكم؟ قال: إنّه ليسير في ليلة واحدة مسيرة شهر(٥) يزجر الطير ويقفوا الآثار.

فقال له: فعالم المدينة أعلم من عالمكم. قال: فأيّ شيء يبلغ من علم عالمكم بالمدينة؟ قال: إنّه يسير في [كلّ](٦) صباح واحد مسيرة سنة كالشمس إذا اُمرت، إنّها اليوم غير مأمورة، ولكن إذا اُمرت تقطع إثني عشر شمساً، وإثني عشر قمراً، وإثني عشر مشرقاً، وإثني عشر مغرباً، وإثني عشر برّاً، وإثني عشر بحراً، وإثني عشر عالماً، قال: فما بقي في يدي اليماني، فما درى ما يقول، وكفّ أبوعبداللَّه عليه السلام.(٧)

٦٨٤/١٢ - وفي البصائر : عبداللَّه بن جعفر، عن محمّد بن عيسى، عن داود

____________________

(١) ليس في الخصال والبحار، وفي الإحتجاج: وهو.

(٢) الإهاب - ككتاب -: الجلد.

(٣) الماعز: واحد المعز.

(٤) معاني الأخبار: ١٠١ ح٤، الخصال: ٥٢٧/٢ ح١، العيون: ١٦٩/١ ح١، الإحتجاج: ٤٣٧، عنهاالبحار: ١١٦/٢٥ ح١.

(٥) في البصائر، والبحار: شهرين.

(٦) ليس في المصادر.

(٧) الإختصاص: ٣١٢ بإختلاف يسير، بصائرالدرجات: ٤٠١ ح ١٤، عنه البحار: ٣٤٢/٥٧ ح٣٢، و٢٢٧/٥٨ ح٩.

٢٥

النهدي، عن عليّ بن جعفر، عن أبي الحسن عليه السلام أنّه سمعه يقول: لو اُذن لنا لأخبرناب فضلنا، قال: قلت له: العلم منه؟ قال: فقال لي: العلم أيسر من ذلك.(١)

٦٨٥/١٣ - وفيه : - في حديث طويل ومن جملته - قال أبوعبداللَّه عليه السلام لعبداللَّه بن بكر(٢) الأرجاني: يابن بكر، إنّ قلوبنا غير قلوب الناس، إنّا مصفّون مصطفون، نرى ما لايرى الناس، ونسمع ما لايسمعون، وإنّ الملائكة تنزل علينا في رحالنا وتقلّب على فرشنا وتشهد [طعامنا](٣) وتحضر موتانا.

وتأتينا بأخبار ما يحدث قبل أن يكون، وتصلّي معنا وتدعو لنا، وتلقي علينا أجنحتهم، وتتقلّب على أجنحتها صبياننا، وتمنع الدوابّ أن تصل إلينا، وتأتينا ممّا في الأرض من كلّ نبات في زمانه، وتسقينا من ماء كلّ أرض نجد ذلك في آنيتنا.

وما من يوم ولا ساعة ولا وقت صلاة إلّا وهى تنبّهنا لها، وما من ليلة تأتي علينا إلّا وأخبار كلّ أرض عندنا وما يحدث فيها، وأخبار الجنّ وأخبار أهل الهوا من الملائكة، وما ملك يموت في الأرض ويقوم غيره إلّا اُتينا بخبره(٤) وكيف سيرته في الّذين قبله، وما من أرض من ستّة أرضين إلى السابعة إلّا ونحن نؤتى بخبرهم.

فقلت له: جعلت فداك، أين منتهى هذا الجبل؟

قال: إلى الأرض السادسة وفيها جهنّم على وادٍ من أوديته، عليه حفظه أكثر من نجوم السماء وقطر المطر وعدد ما في البحار وعدد الثرى، قد وكّل كلّ ملك منهم بشيء وهو مقيم عليه لايفارقه.

قلت: جعلت فداك، إليكم [جميعاً] يلقون الأخبار؟

____________________

(١) بصائر الدرجات: ٥١٢ ح ٢٧، عنه البحار: ٣٧١/٢٥ ح ٢١، مختصر البصائر: ٦٨.

(٢) بكير، خ.

(٣) من الكامل.

(٤) في الكامل: إلّا أتانا خبره، وفي التأويل: إلّا أتتنا بخبره.

٢٦

قال: لا، إنّما يلقى ذاك إلى صاحب الأمر، [و] إنّا لنحمل ما لايقدر العباد على [حمله ولاعلى](١) الحكومة فيه فنحكم فيه، فمن لم يقبل حكومتنا جبرته الملائكة على قولنا، واُمرت الّذين يحفظون ناحيته أن يقسروه(٢) [على قولنا]، فإن كان من الجنّ من أهل الخلاف والكفر أوثقته وعذّبته حتّى تصير إلى ما حكمنا به.

قلت: جعلت فداك، فهل يرى الإمام ما بين المشرق [والمغرب]؟

قال: يابن بكر، فكيف يكون حجّة [على ما بين قطريها وهو لايراهم ولايحكم فيهم؟ وكيف يكون حجّة] على قوم غيّب لايقدر عليهم ولايقدرون عليه؟ وكيف يكون مؤدّياً عن اللَّه وشاهداً على الخلق وهو لايراهم؟ وكيف يكون حجّة عليهم وهو محجوب عنهم وقد حيل بينهم وبينه أن يقوم بأمر ربّه فيهم؟ واللَّه يقول:( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ ) (٣) يعني به من على الأرض.

والحجّة من بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يقوم مقامه، وهو الدليل على ما تشاجرت فيه الاُمّة، والآخذ بحقوق الناس، والقيام بأمراللَّه والمنصف لبعضهم من بعض، فإذا لم يكن معهم من ينفذ قوله وهو يقول:( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ ) (٤) فأيّ آية في الآفاق غيرنا أراها اللَّه أهل الآفاق؟ وقال:( وَمَا نُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا ) (٥) فأيّ آية أكبر منّا؟

واللَّه، إنّ بني هاشم وقريشاً لتعرف ما أعطانا اللَّه، ولكن الحسد أهلكهم كما أهلك إبليس، وإنّهم ليأتونا(٦) إذا اضطرّوا وخافوا على أنفسهم، فيسألونا فنوضح لهم فيقولون: نشهد أنّكم أهل العلم، ثمّ يخرجون فيقولون: ما رأينا أضلّ ممّن اتّبع هؤلاء ويقبل مقالاتهم.

____________________

(١) من التأويل.

(٢) يقسروه: يقهروه.

(٣) سبأ: ٢٨.

(٤) فصّلت: ٥٣.

(٥) الزخرف: ٤٨.

(٦) في الكامل: ليأتوننا.

٢٧

قلت: جعلت فداك، فأخبرني عن الحسين عليه السلام لو نبش كانوا يجدون في قبره شيئاً؟

قال: يابن بكر، ما أعظم مسائلك؟ الحسين عليه السلام مع أبيه واُمّه وأخيه الحسن عليهم السلام في منزل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يحيون كما يحيى ويرزقون كما يرزق، فلو نبش في أيّامه لوجد، وأمّا اليوم فهو حيّ عند ربّه ينظر إلى معسكره، وينظر إلى العرش متى يؤمر أن يحمله، وإنّه لعلى يمين العرش متعلّق يقول: يا ربّ، أنجز لي ما وعدتني.

وإنّه لينظر إلى زوّاره وهو أعرف بهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم، وبدرجاتهم وبمنزلتهم عنداللَّه من أحدكم بولده وما في رحله، وإنّه ليرى من يبكيه فيستغفر له رحمة له، ويسأل أباه الإستغفار له ويقول: لو تعلم أيّها الباكي ما اُعدّلك لفرحت أكثر ممّا جزعت، ويستغفر له رحمة له كلّ من سمع بكاءه من الملائكة في السماء وفي الحائر، وينقلب وما عليه من ذنب.(١)

٦٨٦/١٤ - في البحار : من كتاب منهج التحقيق إلى سواء الطريق، عن البزنطي، عن محمّد بن حمران، عن أسود بن سعيد قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام فقال مبتدأ من غير أن أسأله: نحن حجّة الله، ونحن باب اللَّه، ونحن لسان اللَّه ونحن وجه اللَّه، ونحن عين اللَّه في خلقه، ونحن ولاة أمراللَّه في عباده.

ثمّ قال: يا أسود بن سعيد، إنّ بيننا وبين كلّ أرض ترّاً مثل ترّ البنّاء فإذا اُمرنا

____________________

(١) كامل الزيارات: ٥٤١ ضمن ح ٢، الإختصاص: ٣٤٠ إلى قوله: «وهو مقيم عليه لايفارقه »، عنهما البحار: ٣٧٤/٢٥ ضمن ح ٢٤.

وأورده في تأويل الآيات: ٨٨٤/٢ ح ١٢، ومدينة المعاجز: ١٤٢/٦ ح ٣٤٠، والبرهان: ١٤٨/٤ح١ عن الكامل. وأخرجه في البحار: ٣٠٠/٢٧ ح٤ و ٢٩٢/٤٤ ح ٣٥ عن الكامل (قطعة)، تقدّم ج ٣٥٠/١ ح ٣٨١ (قطعة).

٢٨

في أمرنا(١) جذبنا ذلك الترّ فأقبلت إلينا الأرض بقلبها(٢) وأسواقها ودورها حتّى ننفذ فيها ما نؤمر فيها من أمراللَّه تعالى.(٣)

٦٨٧/١٥ - ومنه : يرفعه إلى ابن أبي عمير، عن المفضّل، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال:لو اُذن لنا أن نعلم الناس حالنا عنداللَّه ومنزلتنا منه لما احتملتم.

فقال له: في العلم؟ فقال عليه السلام: العلم أيسر من ذلك، إنّ الإمام وكر لإرادة اللَّه عزّوجلّ، لايشاء إلّا من يشاء اللَّه.(٤)

٦٨٨/١٦ - في الأمالي : لأبي علي ابن الشيخ الطوسي قدس سره: بأسانيده عن أبي حمزة، قال: سمعت أباعبداللَّه عليه السلام يقول: إنّ منّا لمن ينكت في قلبه، وإنّ منا لمن يؤتى في منامه، وإنّ منّا لمن يسمع الصوت مثل صوت السلسلة في الطشت، وإنّ منّا لمن يأتيه صورة أعظم من جبرئيل وميكائيل.

وقال أبوعبداللَّه عليه السلام: منّا من ينكت في قلبه، [ومنّا من يقذف(٥) في قلبه]، ومنّا من يخاطب.(٦)

٦٨٩/١٧ - في الإرشاد والإحتجاج : كان الصادق عليه السلام يقول: علمنا غابر و مزبور، ونكت في القلوب، ونقر في الأسماع، وإنّ عندنا الجفر الأحمر والجفر الأبيض ومصحف فاطمة عليها السلام، وعندنا الجامعة، فيها جميع ما يحتاج إليه الناس،

____________________

(١) في الإختصاص: فإذا أمرنا في الأرض بأمر، وفي الأصل: فإذا اُمرنا في أمر.

(٢) في الإختصاص: بقليبها.

(٣) المحتضر: ١٢٧، عنه البحار: ٣٨٤/٢٥ ح ٤٠، وأورده المفيد رحمه الله في الإختصاص: ٣١٨ من قوله عليه السلام: «يا أسود بن سعيد» وأورده الصفّار رحمه الله في البصائر: ٦١ ح١ إلى قوله: «يا أسود بن سعيد».

(٤) المحتضر: ١٢٨، عنه البحار: ٣٨٥/٢٥ ح ٤١، وتقدّم ج ٣٤٩/١ ح ٣٧٩، وفي هذا المجلّد ح ٦٨٤ (نحوه).

(٥) قال المجلسي رحمه الله: لعلّ النكت والقذف نوعان من الإلهام.

(٦) أمالي الطوسي: ٤٠٧ ح ٦٣ المجلس الرابع عشر، عنه البحار: ١٩/٢٦ ح٣. وللحديث تتمّة.

٢٩

فسئل عن تفسير هذا الكلام.

فقال: أمّا الغابر: فالعلم بما يكون، وأمّا المزبور: فالعلم بما كان.

وأمّا النكت في القلوب: فهو الإلهام، وأمّا النقر في الأسماع: فحديث الملائكة عليهم السلام نسمع كلامهم ولانرى أشخاصهم.

وأمّا الجفر الأحمر: فوعاء فيه سلاح رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ولن يخرج حتّى يقوم قائمنا أهل البيت.

وأمّا الجفر الأبيض: فوعاء فيه توراة موسى وإنجيل عيسى وزبور داود، وكتب اللَّه الاُولى.

وأمّا مصحف فاطمة عليها السلام: ففيه ما يكون من حادث، وأسماء من يملك إلى أن تقوم الساعة.

وأمّا الجامعة: فهو كتاب طوله سبعون ذراعاً، إملاء رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم من فلق(١) فيه وخطّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام بيمينه، فيها(٢) واللَّه، جميع ما تحتاج إليه الناس إلى يوم القيامة، حتّى أنّ فيه أرش الخدش، والجلدة ونصف الجلدة.(٣)

٦٩٠/١٨ - في الإختصاص : عن اليقطيني، عن زكريّا المؤمن، عن ابن مسكان وأبي خالد القماط وأبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم قال: قال أبوجعفر عليه السلام:إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أنال في الناس وأنال، وعندنا عرى العلم وأبواب الحكم ومعاقل العلم وضياء الأمر وأواخيه(٤) فمن عرفنا نفعته معرفته، وقبل منه عمله ومن لم يعرفنا لم ينفعه اللَّه بمعرفة ما علم، ولم يقبل منه عمله.(٥)

____________________

(١) الفَلْق: الشق. والفِلْق - بالكسر -: الأمر العجيب.

(٢) في المصادر: بيده، فيه.

(٣) الإحتجاج: ١٣٤/٢، الإرشاد: ٢٧٤، عنهما البحار: ١٨/٢٦ ح١.

(٤) الآخية: عروة تثبت في أرض أوحائط وتربط فيها الدابّة.

(٥) الإختصاص: ٣٠٣، عنه البحار: ٣٢/٢٦ ح ٤٧.

٣٠

٦٩١/١٩ - في بصائر الدرجات : أحمد بن إسحاق، عن الحسن [بن العبّاس] بن جريش، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أبوعبداللَّه عليه السلام: إنّا أنزلناه نور كهيئة العين على رأس النبيّ والأوصياء، لايريد أحد منّا علم أمر من أمر الأرض، أو أمر من أمر السماء إلى الحجب الّتي بين اللَّه وبين العرش إلّا رفع طرفه إلى ذلك النور، فرأى تفسير الّذي أراد فيه مكتوباً.(١)

أقول : لعلّ المراد بالعين هنا عين الشمس، ويحتمل الديدبان والجاسوس.

٦٩٢/٢٠ - وفيه : عبداللَّه بن محمّد، عن الخشّاب، عن عبداللَّه بن جندب، عن عليّ بن إسماعيل الأزرق قال: قال أبوعبداللَّه عليه السلام: إنّ اللَّه أحكم وأكرم وأجلّ وأعظم وأعدل من أن يحتجّ بحجّة ثمّ يغيّب عنه شيئاً من اُمورهم.(٢)

٦٩٣/٢١ - وفيه : إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن سيف، عن أبيه، عن عبدالكريم بن عمرو، عن أبي الربيع الشامي قال: قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام: بلغني عن عمرو بن الحمق(٣) حديث، فقال: أعرضه.

قال: دخل على أميرالمؤمنين عليه السلام فرأى صفرة في وجهه فقال: ما هذه الصفرة؟فذكر وجعاً به.

فقال له عليّ عليه السلام: إنّا لنفرح لفرحكم، ونحزن لحزنكم، ونمرض لمرضكم، وندعو لكم، وتدعون فنؤمّن.(٤)

قال عمرو: قد عرفت ما قلت، ولكن كيف ندعو فتؤمّن؟ فقال: إنّا سواء علينا

____________________

(١) بصائر الدرجات: ٤٤٢ ح٥، عنه البحار: ١٣٥/٢٦ ح ١١.

(٢) بصائر الدرجات: ١٢٣ ح١، عنه البحار: ١٣٨/٢٦ ح٥.

(٣) في المصدر: عمرو بن إسحاق.

(٤) أقول: ويؤيّده ما قال عليه السلام لرميله: يا رميله، ما من مؤمن ولامؤمنة يمرض إلّا مرضنا لمرضه، ولا حزن إلّا حزنّا لحزنه، ولا دعا إلّا آمنّا لدعائه (البحار: ١٥٤/٢٦ ح ٤٢).

٣١

البادى والحاضر، فقال أبوعبداللَّه عليه السلام: صدق عمرو.(١)

٦٩٤/٢٢ - في إرشاد القلوب : بالإسناد إلى المفيد يرفعه إلى سلمان الفارسي رضوان اللَّه عليه قال: قال أميرالمؤمنين عليه السلام:

يا سلمان، الويل كلّ الويل لمن لايعرفنا(٢) حقّ معرفتنا وأنكر فضلنا. يا سلمان، أيّما أفضل: محمّد صلى الله عليه وآله وسلم أو سليمان بن داود عليه السلام؟

قال سلمان: بل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم أفضل.

فقال: يا سلمان، فهذا آصف بن برخيا قدر أن يحمل عرش بلقيس من فارس إلى سبأ(٣) في طرفة عين وعنده علم من الكتاب، ولا أفعل أنا أضعاف ذلك وعندي ألف كتاب، أنزل اللَّه على شيث بن آدم عليه السلام خمسين صحيفة، وعلى إدريس [النبيّ عليه السلام] ثلاثين صحيفة، وعلى إبراهيم الخليل عليه السلام عشرين صحيفة، والتوراة والإنجيل والزبور [و] الفرقان. فقلت: صدقت يا سيّدي.

قال الإمام عليه السلام: يا سلمان، إنّ الشاكّ في اُمورنا وعلومنا كالمستهزىء(٤) في معرفتنا وحقوقنا، وقد فرض اللَّه ولايتنا في كتابه في غير موضع، وبيّن ما أوجب العمل به وهو [غير] مكشوف.(٥)

ورواه أيضاً الكراجكي رحمه الله في الكنز.(٦)

٦٩٥/٢٣ - في أمالي الصدوق قدس سره : أبي، عن سعد، عن ابن أبي الخطّاب، عن ابن أسباط، عن البطائني، عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام أنّه

____________________

(١) بصائر الدرجات: ٢٦٠ ح٢، عنه البحار: ١٤٠/٢٦ ح ١٢.

(٢) في البحار: لايعرف لنا.

(٣) في التأويل: من سبأ إلى فارس.

(٤) كالممتري، خ.

(٥) في البحار: وهو مكشوف.

(٦) إرشاد القلوب: ٣١٤/٢، عنه البحار: ٢٢١/٢٦ ح ٤٧، تأويل الآيات: ٢٤٠/١ ح ٢٤.

٣٢

قال: يا أبا بصير، نحن شجرة العلم، ونحن أهل بيت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وفي دارنا مهبط جبرئيل، ونحن خزّان علم اللَّه، ونحن معادن وحي اللَّه، من تبعنا نجى، ومن تخلّف عنها هلك، حقّاً على اللَّه عزّوجلّ.(١)

٦٩٦/٢٤ - في التوحيد ومعاني الأخبار : أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن أبان، عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا عبداللَّه عليه السلام يقول: إنّ للَّه عزّوجلّ خلقاً خلقهم من نوره [ورحمته لرحمته](٢) فهم عين اللَّه الناظرة، واُذنه السامعة، ولسانه الناطق في خلقه بإذنه، واُمناؤه على ما أنزل من عُذر أو نُذر أو حجّة.

فبهم يمحوا اللَّه السيّئات، وبهم يدفع الضَيم، وبهم يُنزل الرحمة، وبهم يُحيى ميتاً، وبهم يميت حيّاً، وبهم يَبتلي خلقه، وبهم يَقضي في خلقه قضيّته(٣) .

قلت: جعلت فداك، من هؤلاء؟ قال: الأوصياء.(٤)

٦٩٧/٢٥ - في بصائر الدرجات : أحمد بن محمّد، عن البزنطي، عن محمّد بن حمران، عن أسود بن سعيد قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام فأنشأ يقول ابتداءً من غير أن يُسئل: نحن حجّةالله، ونحن باب اللَّه، ونحن لسان اللَّه، ونحن وجه اللَّه، ونحن عين اللَّه في خلقه، ونحن ولاة أمراللَّه في عباده.(٥)

٦٩٨/٢٦ - وفيه : أحمد بن موسى، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن عليّ ابن حسّان، عن عبدالرحمان بن كثير قال: سمعت أباعبداللَّه عليه السلام يقول: نحن ولاة

____________________

(١) أمالي الصدوق: ٣٨٣ ح ١٥ المجلس الخمسون، عنه البحار: ٢٤٠/٢٦ ح١.

(٢) هكذا في البحار، وفي المعاني ونسخة من التوحيد: ورحمةً من رحمته لرحمته، وفي نسخة اُخرى: من رحمته لرحمته.

(٣) في البحار والمعاني: قضيّة، وفي الأصل: قضاءه.

(٤) التوحيد: ١٦٧ ح١، معاني الأخبار: ١٤ ح ١٠، عنهما البحار: ٢٤٠/٢٦ ح ٢.

(٥) بصائر الدرجات: ٦١ ح١، عنه البحار: ٢٤٦/٢٦ ح ١٣، تقدّم ص ٢٨ ح ٦٨٦.

٣٣

أمراللَّه، وخزنة علم اللَّه، وعيبة(١) وحي اللَّه، وأهل دين اللَّه، وعلينا نزل كتاب اللَّه، وبنا عبد اللَّه، ولولانا ما عرف اللَّه، ونحن ورثة نبيّ اللَّه وعترته.(٢)

أقول : قوله: «بنا عبد اللَّه» أي: نحن علّمنا الناس طريق عبادة اللَّه، أو نحن عبدنا اللَّه حقّ عبادته بحسب الإمكان، أو بولايتنا عبداللَّه فإنّها أعظم العبادات، أو بولايتنا صحّت العبادات فإنّها من أعظم شرائطها.

وقوله: «ولولانا ما عرف اللَّه» أي: لم يعرفه غيرنا، أو نحن عرّفناه الناس، أو بجلالتنا وعلمنا وفضلنا عرفوا جلالة قدر اللَّه وعظم شأنه.(٣)

٦٩٩/٢٧ - في البحار : قال: وروى البرسي رحمه الله، عن محمّد بن سنان، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال: سمعته يقول: نحن جنب اللَّه، ونحن صفوة اللَّه، ونحن خيرة اللَّه ونحن مستودع مواريث الأنبياء، ونحن اُمناء اللَّه، ونحن وجه اللَّه، ونحن راية(٤) الهدى، ونحن العروة الوثقى.

وبنا فتح اللَّه، وبنا ختم اللَّه، ونحن الأوّلون ونحن الآخرون، ونحن أخيار الدهر ونواميس العصر، ونحن سادة العباد وساسة البلاد، ونحن النهج القويم، والصراط المستقيم، ونحن علّة(٥) الوجود، وحجّة المعبود، ولايقبل اللَّه عمل عامل جهل حقّنا.

ونحن قناديل النبوّة ومصابيح الرسالة، ونحن نور الأنوار، وكلمه الجبّار ونحن راية الحقّ الّتي من تبعها نجا، ومن تأخّر عنها هوى، ونحن أئمّة الدين وقائد(٦) الغرّ المحجّلين، ونحن معدن النبوّة، وموضع الرسالة، وإلينا تختلف

____________________

(١) العَيْبَة: وعاء من خوص ونحوه، الصندوق.

(٢) بصائر الدرجات: ٦١ ح٣، عنه البحار: ١٠٦/٢٦ ح٩.

(٣) قاله المجلسي رحمه الله ذيل الحديث، راجع البحار: ٢٤٧/٢٦ ح ١٤.

(٤) في البحار: آية، وفي المصدر: أئمّة.

(٥) في المصدر: عين.

(٦) في المصدر: قادة.

٣٤

الملائكة، ونحن السراج لمن استضاء، والسبيل لمن اهتدى، ونحن القادة إلى الجنّة، ونحن الجسور والقناطر، ونحن السنام الأعظم.

وبنا ينزل الغيث، وبنا ينزل الرحمة، وبنا يدفع العذاب والنقمة، فمن سمع هذا الهدى فليتفقّد في قلبه حبّنا، فإن وجد فيه البغض لنا والإنكار لفضلنا فقد ضلّ عن سواء السبيل، لأنّا حجّة المعبود وترجمان وحيه وعيبة علمه، وميزان قسطه.

ونحن فروع الزيتونة، وربائب(١) الكرام البررة، ونحن مصباح المشكاة الّتي فيها نور النور، ونحن صفوة الكلمة الباقية إلى يوم الحشر المأخوذ لها الميثاق والولاية من الذرّ.(٢)

٧٠٠/٢٨ - في قصص الأنبياء : الصدوق قدس سره، [عن القطّان](٣) عن السكري، عن الجوهري، عن ابن عمارة، عن جابر الجعفي، عن الباقر صلوات اللَّه عليه قال: سألته عن تعبير الرؤيا عن دانيال عليه السلام أهو صحيح؟

قال: نعم، كان يوحى إليه وكان نبيّاً، وكان ممّن(٤) علّمه اللَّه تأويل الأحاديث، وكان صدّيقا حكيماً، وكان واللَّه يدين بمحبّتنا أهل البيت، قال جابر: بمحبّتكم أهل البيت؟

قال: إي واللَّه؛ وما من نبيّ ولاملك إلّا وكان يدين بمحبّتنا.(٥)

٧٠١/٢٩ - في الإختصاص : ابن سنان، عن المفضّل بن عمر قال: قال لي أبوعبداللَّه عليه السلام: إنّ اللَّه تبارك تعالى توحّد بملكه فعرّف عباده نفسه، ثمّ فوّض إليهم

____________________

(١) ربائب، جمع الربيبة: الحاضنة المربيّة الصبيّ.

(٢) مشارق الأنوار: ٥٠، عنه البحار: ٢٥٩/٢٦ ح ٣٦.

(٣) من المصدر، وليس في البحار.

(٤) في البحار: ممّا.

(٥) قصص الأنبياء: ٢٢٩ ح ٢٧٢، عنه البحار: ٣٧١/١٤ ح ١٠، و٢٨٤/٢٦ ح ٤١.

٣٥

أمره وأباح لهم جنّته، فمن أراد اللَّه أن يطهّر قلبه من الجنّ والإنس عرّفه ولايتنا ومن أراد أن يطمس(١) على قلبه أمسك عنه معرفتنا.

ثمّ قال: يا مفضّل، واللَّه ما استوجب آدم أن يخلقه اللَّه بيده وينفخ فيه من روحه إلّا بولاية عليّ عليه السلام وما كلّم اللَّه موسى تكليماً إلّا بولاية عليّ عليه السلام ولا أقام اللَّه عيسى بن مريم آية للعالمين إلّا بالخضوع لعليّ عليه السلام.

ثمّ قال: أجمل الأمر، ما استأهل خلق من اللَّه النظر إليه إلّا بالعبوديّة لنا.(٢)

٧٠٢/٣٠ - في البحار : مشارق الأنوار: بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن جابر، عن أبي عبداللَّه عليه السلام: أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم قال لعليّ عليه السلام: يا عليّ، أنت الّذي احتجّ اللَّه بك على الخلائق أجمعين حين أقامهم أشباحاً في ابتدائهم وقال لهم:( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ ) (٣) فقال: ومحمّد نبيّكم؟ قالوا: بلى، وعليّ عليه السلام إمامكم؟

قال: فأبى الخلائق جميعاً عن ولايتك والإقرار بفضلك، وعتوا عنها إستكباراً إلّا قليلاً منهم، وهم أصحاب اليمين وهم أقلّ القليل(٤) .

وإنّ في السماء الرابعة ملكاً يقول في تسبيحه: سبحان من دلّ هذا الخلق القليل من هذا العالم الكثير على هذا الفضل الجليل.(٥)

٧٠٣/٣١ - الكراجكي قدس سره : وقد ورد عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: أنا أكرم عنداللَّه من

____________________

(١) طَمَسَ القلب: فسد ولايعي شيئاً. طمس عليه: شوّهه أومحاه وأزاله.

(٢) الإختصاص: ٢٤٤، عنه البحار: ٢٩٤/٢٦ ح ٥٦، وأخرجه في ٩٦/٤٠ عن سليم (نحوه). وتقدّم ج ٣٥٠/١ ح ٣٨٢.

(٣) الأعراف: ١٧٢.

(٤) في الأصل: إلّا أقلّ القليل.

(٥) مشارق الأنوار: ١٧ و ١٨، عنه البحار: ٢٩٤/٢٦ ح ٥٧. وأورد الطوسي رحمه الله في أماليه: ٢٣٢ح٤ المجلس التاسع (نحوه).

٣٦

أن يدعني في الأرض أكثر من ثلاث، وهكذا عندنا حكم الأئمّة عليهم السلام.

قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: لو مات نبيّ بالمشرق ومات وصيّه بالمغرب لجمع اللَّه بينهما.(١)

٧٠٤/٣٢ - كتاب القائم للفضل بن شاذان : بإسناده عن جابر بن عبداللَّه قال: اكتنفنا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يوماً في مسجد المدينة فذكر بعض أصحابنا الجنّة.

فقال أبو دجانة: يا رسول اللَّه، سمعتك تقول: الجنّة محرّمة على النبيّين وسائر الاُمم حتّى تدخلها.

فقال له: يا أبا دجانة، أما علمت أنّ للَّه تعالى لواء من نور وعموداً من نور خلقهما اللَّه قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام مكتوب على ذلك: «لا إله إلّا اللَّه، محمّد رسول اللَّه، آل محمّد خير البريّة» صاحب اللواء عليّ أمام القوم.

فقال عليّ عليه السلام: الحمدللَّه الّذي هدانا بك وشرّفك وشرّفنا بك، فقال له النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: أما علمت أنّ من أحبّنا وانتحل محبّتنا أسكنه اللَّه معنا، وتلا هذه الآية:( فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ) (٢) .(٣)

٧٠٥/٣٣ - قرب الإسناد : ابن عيسى، عن البزنطي قال: كتب إليّ الرضا عليه السلام: قال أبوجعفر عليه السلام: من سرّه أن لايكون بينه وبين اللَّه حجاب حتّى ينظر إلى اللَّه وينظر اللَّه إليه فليتولّ آل محمّد، ويبرء(٤) من عدوّهم، ويأتمّ بالإمام منهم، فإنّه إذا كان كذلك نظر اللَّه إليه، ونظر إلى اللَّه.(٥)

____________________

(١) كنز الفوائد: ١٤٠/٢، عنه البحار: ٢٩٨/١٨ و ٣٠٣/٢٦ و ١٣١/١٠٠.

(٢) القمر: ٥٥.

(٣) المحتضر: ٩٧، عنه البحار: ١٢٩/٢٧ ح ١٢٠. وأورده الاسترآبادي في تأويل الآيات: ٦٢٩/٢ح٢ باختلاف يسير.

(٤) يتبرّأ، خ.

(٥) قرب الإسناد: ٣٥١ ضمن ح ١٢٦٠، عنه البحار: ٨١/٢٣ ح ١٧، وفي ذيل الحديث قال رحمه الله:المراد بالنظر إلى اللَّه: النظر إلى رحمته وكرامته أو إلى أوليائه، أو غاية معرفته بحسب وسع =

٣٧

٧٠٦/٣٤ - أمالي ابن الشيخ الطوسي قدس سره : المفيد، عن الجعابي، عن ابن عقدة عن محمّد بن القاسم الحارثي، عن أحمد بن صبيح، عن محمّد بن إسماعيل الهمداني، عن الحسين بن مصعب قال: سمعت جعفر بن محمّد عليهما السلام يقول:

من أحبّنا للَّه وأحبّ محبّنا لا لغرض دنيا يصيبها منه، وعادى عدوّنا لا لإحنة(١) كانت بينه وبينه، ثمّ جاء يوم القيامة وعليه من الذنوب مثل رمل عالج وزبد البحرغفر اللَّه تعالى له.(٢)

٧٠٧/٣٥ - أمالي الشيخ الصدوق قدس سره : ابن المتوكّل، عن الأسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن عليّ بن سالم، عن أبيه، عن الثمالي، عن ابن جبير، عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم:

من سرّه أن يجمع اللَّه له الخير كلّه فليوال عليّاً بعدي وليوال أولياءه وليعاد أعداءه.(٣)

٧٠٨/٣٦ - في الخصال : [في حديث] الأربعمائة قال: قال أميرالمؤمنين عليه السلام: من تمسّك بنا لحق، ومن سلك غير طريقتنا غرق، لمحبّينا أفواج من رحمةالله ولمبغضينا أفواج من غضب اللَّه.(٤)

وقال عليه السلام: من أحبّنا بقلبه، وأعاننا بلسانه، وقاتل معنا أعداءَنا بيده، فهو معنا

____________________

= المرء وقابليّة. وأخرجه في ٥١/٢٧ ح٢. وقال رحمه الله في ذيل الحديث: نظره إلى اللَّه كناية عن غاية المعرفة بحسب طاقته وقابليّته، ونظر اللَّه إليه كناية عن نهاية اللطف والرحمة.

وأورده تمام الحديث في ٢٦٥/٤٩ ح ٨.

(١) الإحْنَة: الحقد والضغْن.

(٢) أمالي الطوسي: ١٥٦ ح ١١ المجلس السادس، عنه البحار: ٥٤/٢٧ ح٧، وأورده الطبري رحمه الله في بشارة المصطفى: ٩٠، عنه البحار: ١٠٦/٢٧ ح ٧٧، ورواه الديلمي رحمه الله في إرشاد القلوب:٧٧/٢.

(٣) أمالي الصدوق: ٥٦٠ ح٧ المجلس الثاني والسبعون، بشارة المصطفى: ١٥٠ و١٩٦. تقدّم في ج ٢١٨/١ ح ٢٣٦ بتخريجاته.

(٤) الخصال: ٦٢٧/٢.

٣٨

[في الجنّة] في درجتنا، ومن أحبّنا بقلبه، وأعاننا بلسانه، ولم يقاتل معنا أعداءنا، فهو أسفل من ذلك بدرجة(١) ومن أحبّنا بقلبه ولم يعن علينا(٢) بلسانه ولابيده فهو في الجنّة.

ومن أبغضنا بقلبه، وأعان علينا بلسانه ويده، فهو مع عدوّنا في النار، [ومن أبغضنا بقلبه، وأعان علينا بلسانه، فهو في النار]، ومن أبغضنا بقلبه ولم يعن علينا بلسانه ولابيده، فهو في النار.(٣)

وقال عليه السلام: أنا يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظلمة. واللَّه، لايحبّني إلّا مؤمن ولايبغضنى إلّا منافق.(٤)

٧٠٩/٣٧ - في المحاسن : عليّ بن الحكم أو غيره، عن حفص الدهّان قال: قال أبوعبداللَّه عليه السلام: إنّ فوق كلّ عبادة عبادة، وحبّنا أهل البيت أفضل عبادة.(٥)

وفي خبر آخر: حبّ عليّ عليه السلام سيّد الأعمال.(٦)

٧١٠/٣٨ - وفيه : أبو محمّد الخليل(٧) بن يزيد، عن عبدالرحمان الحذاء، عن أبي كلدة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم:

الروح والراحة والرحمة والنصرة واليسر واليسار والرضا والرضوان والفرج والمخرج والظهور والتمكين والغنم والمحبّة من اللَّه و [من] رسوله لمن والى عليّاً عليه السلام وائتمّ به.(٨)

وفي خبر آخر : عن الصادق عليه السلام قال: لكلّ شيء أساس، وأساس الإسلام حبّنا

____________________

(١) في المصدر: بدرجتين.

(٢) في المصدر: ولم يعنّا.

(٣) الخصال: ٦٢٩/٢.

(٤) الخصال: ٦٣٣/٢.

(٥) المحاسن: ١١٣ ح ٦٧.

(٦) وفي حديث قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: حبّى وحبّ عليّ بن أبي طالب سيّد الأعمال. راجع البحار:٥٤/٤٠ ضمن ح ٨٩.

(٧) في الأصل: محمّد بن خليل.

(٨) المحاسن: ١٠٧ ح ٣٧.

٣٩

أهل البيت.(١)

٧١١/٣٩ - في البحار : من كتاب الشفاء والجلاء عن أبي عبداللَّه عليه السلام أنّه قال: كما لاينفع مع الشرك شيء فلا يضرّ مع الإيمان شيء.(٢)

٧١٢/٤٠ - كتاب منهج التحقيق إلى سواء الطريق : رواه من كتاب الآل لابن خالويه يرفعه إلى جابر الأنصاري قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إنّ اللَّه عزّوجلّ خلقني وخلق عليّاً وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام من نور واحد، فعصر ذلك النور عصرة فخرج منه شيعتنا، فسبّحنا فسبّحوا، وقدّسنا فقدّسوا، وهلّلنا فهلّلوا، ومجّدنا فمجّدوا، ووحّدنا فوحّدوا.

ثمّ خلق اللَّه السماوات والأرض وخلق الملائكة، فمكثت الملائكة مائة عام لاتعرف تسبيحاً ولاتقديساً، فسبّحنا فسبّحت شيعتنا فسبّحت الملائكة، وكذا في البواقي.(٣)

فنحن الموحّدون حيث لاموحّد غيرنا، وحقيق على اللَّه عزّوجلّ كما اختصّنا واختصّ شيعتنا أن يزلفنا(٤) وشيعتنا في أعلى علّيّين، إنّ اللَّه اصطفانا واصطفى شيعتنا من قبل أن نكون أجساماً فدعانا فأجبناه، فغفر لنا ولشيعتنا من قبل أن نستغفر اللَّه عزّوجلّ.(٥)

٧١٣/٤١ - في معاني الأخبار : ابن البرقي، عن أبيه، عن جدّه، عن محمّد بن

____________________

(١) المحاسن: ١١٣ ح ٦٦.

(٢) البحار: ١٣٢/٢٧ ح ١٢٦، و٦٦/٦٧ ح ٢٠، عن المؤمن والتمحيص: ٣٦ ح ٧٩.

(٣) أي في التقديس والتهليل والتمجيد والتوحيد، قدّسنا فقدّست شيعتنا فقدّست الملائكة، إلى آخرها.

(٤) ينزلنا، خ.

(٥) المحتضر: ١١٢، عنه البحار: ١٣١/٢٧ ح ١٢٢، جامع الأخبار: ١٠، عنه البحار: ٣٤٣/٢٦ ح١٦، وأخرجه في ٨٠/٣٧ ح ٤٩ عن كشف الغمّة.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

أقول : ومن البلية أن نجد بين علماء التبرير من هم عثمانيون أكثر من عثمان ، فهذا ابن كثير يذكر هذا الاحتمال البارد الكاسد ، ويريد أن يغمض عيون الناس ، فلا ينظروا إلى قبح مقارفة عثمان.

ومن جناية ابن كثير على الحديث وخيانته أنّه لم يذكره ، كما ورد في صحيح البخاريّ الذي اعتمده ، وإلى القارئ ما ذكره البخاريّ في صحيحه بسنده إلى أنس بن مالك قال : « شهدنا بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ورسول الله جالس على القبر ، فرأيت عينيه تدمعان ، فقال : «هل فيكم من أحد لم يقارف الليلة »؟ فقال أبو طلحة ـ زيد ابن سهل الأنصاري ـ : أنا ، قال : «فانزل في قبرها » ، قال : فنزل في قبرها فقبرها ، قال ابن مبارك : قال فليح : أراه يعني الذنب.

قال أبو عبد الله ـ وهو البخاريّ ـ : ليقترفوا : ليكتسبوا »(١) .

أقول : ولشرّاح صحيح البخاريّ وغيرهم في هذا الحديث تشريق وتغريب عجيب في تبرئة ساحة عثمان من مغبّة معنى المقارفة ، على أنّ جماعة من أعلام الحفّاظ قد فسّروا المقارفة بالذنب صراحة ، فقد مرّ عن فليح قوله : أراه يعني الذنب.

ومرّ في تعقيب البخاريّ بقوله : ليقترفوا : ليكتسبوا ، إشارة إلى قوله تعالى :( وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ ) (٢) ، كما فهمه ابن حجر في فتح الباري(٣) ، وإلى قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ ) (٤) .

ولعلّ أجرأ من وقفت على كلامه في تفسيره المقارفة تصريحاً لا تلويحاً هو ابن بطال ، قال : « أراد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يحرم عثمان النزول في قبرها ، وقد كان

__________________

١ ـ صحيح البخاريّ ٢ / ٩٣.

٢ ـ الأنعام : ١١٣.

٣ ـ فتح الباري ٣ / ١٦٧.

٤ ـ الأنعام : ١٢٠.

١٤١

أحقّ الناس بذلك ، لأنّه كان بعلها , وفقد منها علقاً لا عوض منه ، لأنّه حين قالعليه‌السلام : «أيّكم لم يقارف الليلة » سكت عثمان ، ولم يقل : أنا ، لأنّه كان قد قارف ليلة ماتت بعض نسائه ، فلم يشغله الهمّ بالمصيبة وانقطاع صهره من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن المقارفة ، فحرم بذلك ما كان حقّاً له ، وكان أولى به من أبي طلحة وغيره ، وهذا بيّن في معنى الحديث.

ولعل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قد كان علم بذلك بالوحي ، فلم يقل له شيئاً ، لأنّه فعل فعلاً حلالاً ، غير أنّ المصيبة لم تبلغ منه مبلغاً يشغله ، حتّى حرم ما حرم من ذلك بتعريض غير تصريح ».

وهذا الحديث الذي فيه إدانة عثمان حتّى حرم من حقّ الدفن الذي كان هو الأولى به من أبي طلحة ، وعلم المسلمون المشيّعون يومئذ بذلك ، كيف لا يحاول الأمويّون وأنصارهم إذ لم يمكن تضييعه ، فلا أقلّ من تمييعه ولو عن طريق علماء التبرير في مستقبل الزمان ، وقد مرّ بنا كلام ابن كثير البارد الكاسد.

إذاً ، فليجتهد الأمويّون ومن لفّ لفّهم من بقية أعداء الإمام في خلق حدث أكبر يدينون به الإمام ، فكان حديث خطبة ابنة أبي جهل ، وقد مرّ بنا كيف حال رواته ، وكلّهم من زبانية الأمويّين ، وأعداء الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام .

ولنختم الكلام بما قاله ابن أبي الحديد ـ المعتزلي أُصولاً والحنفي فروعاً ـ في شرح النهج ، قال : « وعندي أنّ هذا الخبر لو صحّ لم يكن على أمير المؤمنين في غضاضة ولا قدح ، لأنّ الأُمّة مجمعة على أنّه لو نكح ابنة أبي جهل مضافاً إلى نكاح فاطمةعليها‌السلام لجاز ، لأنّه داخل تحت عموم الآية المبيحة للنساء الأربع ، فابنة أبي جهل المشار إليها كانت مسلمة ، لأنّ هذه القصّة كانت بعد فتح مكّة ، وإسلام أهلها طوعاً وكرهاً ، ورواة الخبر يوافقون على ذلك.

فلم يبق إلاّ أنّه إن كان هذا الخبر صحيحاً ، فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا رأى فاطمة قد غارت ، وأدركها ما يدرك النساء ، عاتبت علياًعليه‌السلام عتاب الأهل ، كما يستثبت الوالد رأي الولد ، ويستعطفه إلى رضا أهله وصلح زوجته ، ولعلّ

١٤٢

الواقع كان بعض هذا الكلام ، فحرّف وزيد فيه.

ولو تأمّلت أحوال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مع زوجاته ، وما كان يجري بينه وبينهن من الغضب تارة ، والصلح تارة أُخرى ، والسخط تارة والرضا أُخرى ، حتّى بلغ الأمر إلى الطلاق مرّة ، وإلى الإيلاء مرّة ، وإلى الهجر مرّة ، والقطيعة مرّة ، وتدبّرت ما ورد في الروايات الصحيحة ممّا كنّ يلقينهعليه‌السلام به ، ويسمعنه إيّاه ، لعلمت أنّ الذي عاب الحسدة والشائنون علياًعليه‌السلام به ، بالنسبة إلى تلك الأحوال قطرة من البحر المحيط.

ولو لم يكن إلاّ قصّة مارية ، وما جرى بين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبين تينك الامرأتين من الأحوال والأقوال ، حتّى أنزل فيهما قرآن يتلى في المحاريب ، ويكتب في الصحائف ، وقيل لهما ما يقال للاسكندر ملك الدنيا ، لو كان حيّاً ، منابذاً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ) (١) .

ثمّ أردف بعد ذلك بالوعيد والتخويف :( عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ ) (٢) الآيات بتمامها ، ثمّ ضرب لهما مثلاً امرأة نوح وامرأة لوط اللتين خانتا بعليهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئاً ، وتمام الآية معلوم ، فهل ما روي في الخبر من غضب فاطمة على عليعليه‌السلام وغيرتها من تعريض بني المغيرة له بنكاح عقيلتهم ، إذا قويس إلى هذه الأحوال وغيرها ، ممّا كان يجري إلاّ كنسبة التأفيف إلى حرب البسوس ، ولكن صاحب الهوى والعصبية لا علاج له »(٣) .

هذا آخر ما أردت بيانه حول نسيج الأفّاكين الذين حاولوا الغضّ من مقام الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وأنّه آذى فاطمة وأساء إليها ، تارة لخطبة ابنة أبي جهل ، وأُخرى بخطبة أسماء بنت عميس ، وثالثة بجارية بعث بها إليه أبو بكر ،

__________________

١ ـ التحريم : ٤.

٢ ـ التحريم : ٥.

٣ ـ شرح نهج البلاغة ٤ / ٦٥.

١٤٣

ولكن كشفنا عوارهم ، وزدنا أوارهم ، وإن أغضب ذلك أنصارهم ، انتصاراً للحقّ المهضوم ، ودحضاً للباطل المزعوم.

( البحرين ـ ٣٥ سنة ـ مهندس )

صبر لوصية من النبيّ :

س : بداية أشكركم على إجابتكم لي على سؤالي السابق ، جزاكم الله خيراً لخدمتكم الإسلام والمسلمين ، والحقيقة أنّي أطمع في المزيد ممّا عندكم.

أرجو منكم التكرّم بتزويدي بوصية النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله للإمام عليعليه‌السلام قبل انتقاله للرفيق الأعلى ، والتي تتعلّق بالبلاء والغدر ، الذي سيحل بأمير المؤمنينعليه‌السلام في بيته وزوجتهعليها‌السلام ، وخلافة المسلمين من بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله , والتي يأمره فيها بالصبر على كلّ هذا البلاء.

وهذا ما يحتجّ به بعض المذاهب الإسلامية ، ألا وهو سكوت الإمامعليه‌السلام عن حقوقه ، ولكم منّي فائق الاحترام والتقدير.

ج : وردت الوصية بما ذكرت من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لأمير المؤمنينعليه‌السلام نقلاً عن أمر الله تعالى ، وهو جلّ جلاله العليم الحكيم ، واليك الوصية كما رواها الشيخ الكليني ( قدس سره ) بسنده عن عيسى بن المستفاد أبي موسى الضرير قال : « حدّثني موسى بن جعفرعليهما‌السلام قال : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أليس كان أمير المؤمنين عليه‌السلام كاتب الوصية ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المُملى عليه ، وجبرائيل والملائكة المقرّبون عليهم‌السلام شهود ؟

قال : فاطرق طويلاً ، ثمّ قال : يا أبا الحسن ـ كنية الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام ـ قد كان ما قلت ، ولكن حين نزل برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الأمر ، نزلت الوصية من عند الله كتاباً مسجّلاً ، نزل به جبرائيل مع أُمناء الله تبارك وتعالى من الملائكة.

فقال جبرائيل : يا محمّد مر بإخراج مَن عندك إلاّ وصيّك ، ليقبضها

١٤٤

وتشهدها بدفعكَ إيّاها إليه ضامناً لها ـ يعني عليّاًعليه‌السلام ـ فأمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بإخراج مَن كان في البيت ما خلا عليّاًعليه‌السلام ، وفاطمة فيما بين الستر والباب ، فقال جبرائيل : يا محمّد ربُّك يقرئكَ السلام ويقول : هذا كتابُ ما كنتُ عهدتُ إليك ، وشرطتُ عليك ، وشهدتُ به عليك ، وأشهدتُ به عليك ملائكتي ، وكفى بي يا محمّد شهيداً.

قال : فارتعدت مفاصل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا جبرائيل ربّي هو السلام ومنه السلام وإليه يعودُ السلام ، صَدَق عزّ وجلّ وبرّ ، هات الكتاب ، فدفعه إليه وأمرهُ بدفعه إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال له : اقرأهُ ، فقرأه حرفاً حرفاً.

فقال : يا علي هذا عهد ربّي تبارك وتعالى إليَّ ، شرطهُ عليَّ وأمانتهُ ، وقد بلّغتُ ونصحتُ وأدّيتُ ، فقال عليعليه‌السلام : وأنا أشهدُ لك بأبي وأُمّي أنت بالبلاغ والنصيحة والتصديق على ما قلتَ ، ويشهدُ لكَ به سمعي وبصري ولحمي ودمي ، فقال جبرائيلعليه‌السلام : وأنا لكما على ذلك من الشاهدين.

فقال : رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي أخذتَ وصيّتي وعرفتَها ، وضمنتَ لله ولي الوفاء بما فيها ، فقال عليعليه‌السلام : نعم ، بأبي أنت وأُمّي عليَّ ضمانُها ، وعلى الله عوني وتوفيقي على أدائها ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي إنّي أُريدُ أن أُشهد عليك بموافاتي بها يوم القيامة.

فقال عليعليه‌السلام : نعم اشهد ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ جبرائيل وميكائيل فيما بيني وبينك الآن وهما حاضران ، معهما الملائكة المقرّبون لأشهدهم عليك ، فقال : نعم ، ليشهدوا وأنا ـ بأبي أنت وأُمّي ـ أُشهدهم ، فأشهدهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان فيما اشترط عليه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله بأمر جبرائيل عليه‌السلام فيما أمر الله عزّ وجلّ أن قال له : يا علي تفي بما فيها من موالاة مَن وإلى الله ورسوله ، والبراءة والعداوة لمن عادى الله ورسوله ، والبراءة منهم ، على الصبر منك ، وعلى كظم الغيظ ، وعلى ذهاب حقّك ، وغصب خمسك ، وانتهاك حرمتك؟

١٤٥

فقال : نعم ، يا رسول الله »(١) .

وأيضاً يؤيّد ما ذكر ، ما جاء في مصادر أهل السنّة ، فقد روى يونس بن حباب عن أنس بن مالك قال : « كنّا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي بن أبي طالب معنا ، فمررنا بحديقة ، فقال علي : «يا رسول الله ألا ترى ما أحسن هذه الحديقة »! فقال : «إنّ حديقتك في الجنّة أحسن منها » ، حتّى مررنا بسبع حدائق ، يقول علي ما قال ، ويجيبه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بما أجابه.

ثمّ إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقف فوقفنا ، فوضع رأسه على رأس علي وبكى ، فقال علي : «ما يبكيك يا رسول الله »؟ قال : « ضغائن في صدور قوم لا يبدونها لك حتّى يفقدوني » ، فقال يا رسول الله : «أفلا أضع سيفي على عاتقي فأبيد خضراءهم » ، قال : «بل تصبر » ، قال : «فإن صبرت » ، قال : «تلاقي جهداً » ، قال : «أفي سلامة من ديني »؟ قال : «نعم » ، قال : «فإذن لا أبالي »(٢١) .

وقد أخبر الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، بأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أخبره بأنّ الأُمّة ستغدر به من بعده ، فقد روى عثمان بن سعيد عن عبد الله بن الغنويّ : أنَّ علياً خطب بالرحبة فقال : «أيّها الناس ، إنّكم قد أبيتم إلاّ أن أقولها! وربّ السماء والأرض ، إنّ من عهد النبيّ الأُميّ إليَّ : إنَّ الأُمّة ستغدرُ بك بعدي ».

قال ابن أبي الحديد بعد روايته لهذا الخبر : « وروى هيثم بن بشر عن إسماعيل بن سالم مثله ، وقد روى أكثر أهل الحديث هذا الخبر بهذا اللفظ أو بقريب منه »(٣) .

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٢٨١.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ٤ / ١٠٧ ، كنز العمّال ١٣ / ١٦٦ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٣٢٤ ، مجمع الزوائد ٩ / ١١٨ ، المعجم الكبير ١١ / ٦١ ، جواهر المطالب ١ / ٢٢٩.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ٤ / ١٠٧ ، المستدرك ٣ / ١٤٢ ، كنز العمّال ١١ / ٢٩٧ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٤٨ ، البداية والنهاية ٦ / ٢٤٤ و ٧ / ٣٦٠.

١٤٦

ولم يكن أمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لأمير المؤمنينعليه‌السلام بالصبر من بعده على ما سيجري عليه من بلاء وغدر ، كما صرّح بذلك الإمام عليعليه‌السلام نفسه ، إلاّ للقراءة الكاملة التي كان يقرأها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ بما منَّ الله عليه من علم ـ لحال الأُمّة من بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١ ـ تفرّق كلمتها ، ورزية يوم الخميس الواردة في صحاح القوم خير شاهد على ذلك.

٢ ـ قلّة الناصرين لأمير المؤمنينعليه‌السلام في مطلب الخلافة ، وزعامة الأُمّة بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد كانت أحداث السقيفة ، وتقاعس المسلمين ـ من المهاجرين والأنصار ـ عن نصرة الإمامعليه‌السلام بأعذار وتبريرات مختلفة ، تناولها الباحثون عند حديثهم عن تلك الحقبة ، خير دليل على هذا الواقع.

وقد وردت جملة من الروايات تشير إلى هذه الحقائق المتقدّمة ، حيث جاء في كتاب سليم بن قيس الهلالي ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : «يا علي ، إنّك ستلقي بعدي من قريش شدّة ، من تظاهرهم عليك وظلمهم لك ، فإنّ وجدت أعواناً عليهم فجاهدهم ، وقاتل من خالفك بمن وافقك ، فإنّ لم تجد أعواناً ، فاصبر وكف يدك ، ولا تلق بيدك إلى التهلكة ، فإنّك منّي بمنزلة هارون من موسى ، ولك بهارون أسوة حسنة ، إنّه قال لأخيه موسى : إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني »(١) .

وفي المصدر ذاته ، أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام كان يأخذ بيدي الحسن والحسينعليهما‌السلام ، ويطوف بالبضعة الزهراءعليها‌السلام على بيوت الأنصار والمهاجرين ، وأهل السابقة في الإسلام ، يدعوهم لنصرته ، فلم يستجب له غير أربعة ، هم : سلمان وأبو ذر والمقداد والزبير ، حتّى قال : «لو وجدت أعواناً أربعين رجلاً من المهاجرين والأنصار من أهل السابقة لناهضت هذا الرجل »(٢) .

__________________

١ ـ كتاب سليم بن قيس : ١٣٤.

٢ ـ المصدر السابق : ٣٠٢.

١٤٧

وفي تاريخ اليعقوبيّ عند ذكره لأحداث السقيفة وما جرى أيامها : « وكان خالد بن سعيد غائباً ، فأتى علياً فقال : هلم أبايعك ، فوالله ما في الناس أحد أولى بمقام محمّد منك ، واجتمع جماعة إلى علي بن أبي طالب يدعونه إلى البيعة له ، فقال لهم : «اغدوا على هذا محلّقين الرؤوس » ، فلم يغدُ عليه إلاّ ثلاثة نفر »(١) .

الأمر الذي كان يعني بأنّ على الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام أن يسلك أحد الطريقين : إمّا الخروج بالسيف على من ناواه مع قلّة الناصر ، وهذا يعني احتمال موته وموت اتباعه القليلين ، الذين أطاعوا الله والرسول بالتمسّك بالثقلين ـ الكتاب والعترة ـ وفي ذلك تكون الخسارة كبيرة ، وقد لا تعادلها خسارة للأُمّة ، بل وربما تتعرّض الرسالة الإسلامية برمّتها للخطر فيما لو تمّ ذلك.

هذا بالإضافة إلى وقوع خطر الانقسام الشديد في الأُمّة ، الذي يجعلها لقمة سائغة لأعدائها المتربّصين بها من اليهود والنصارى ، وهي فتية عهدها ، وما زالت في دور نشوئها بعد.

والطريق الثاني : وهو طريق السكوت والصبر ، والعمل على تهيئة الأُمّة تهيئة عقائدية روحية ، تستطيع من خلالها أن تتحمّل المسؤولية في نصرة أئمّة الحقّ ، وأن تعي أبعاد الرسالة الإسلامية وأهدافها الطويلة الأمد ، وهو الطريق الذي رسمه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لأمير المؤمنينعليه‌السلام .

وقد سار عليه الإمامعليه‌السلام وهيّأ الأُمّة لهذه المرحلة بصبره وعلمه وتقواه ، حتّى أجمعت الأُمّة على مبايعته والامتثال لأوامره فيما بعد ، فقد كانت بيعتهعليه‌السلام هي البيعة الوحيدة من بين الذين سبقوه ، ممّا اجمع عليه المهاجرون والأنصار في مدينة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك عندما أحسّت الأُمّة بضرورة قيادتهعليه‌السلام لها ، وأنّه

__________________

١ ـ تاريخ اليعقوبيّ ٢ / ١٢٦.

١٤٨

الوحيد القادر على إنقاذها في تلك المرحلة الخطرة من تاريخها.

ولا يعني صبرهعليه‌السلام وعدم خروجه بالسيف على من ناواه في حقّ الخلافة أنّه سكت عن حقّه ، ولم يطالب به ، بل كانت مطالبتهعليه‌السلام بحقّه دائمة ومستمرّة ، إذ لم يترك الإمامعليه‌السلام مجالاً سلميّاً يمكن أن يطالب فيه بحقّه إلاّ وسلكه ، وقد ذكرت كتب السير والحديث والتراجم تلك المقالات التي كان الإمامعليه‌السلام يجاهر بها بالمطالبة بحقّه ، وأنّ القوم اغتصبوا حقّاً هو له دونهم.

ومحاججته لأبي بكر وبقية الأصحاب الذين أبرموا بيعة السقيفة ، وقولهعليه‌السلام : «لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي ، أخذتم هذا الأمر من الأنصار ، واحتججتم عليهم بالقرابة من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتأخذونه منّا أهل البيت غصباً »؟!(١) .

وهناك نصوص مختلفة في نهج البلاغة ، يذكر فيها أمير المؤمنينعليه‌السلام مطالبته بحقّه ، منها ما ورد في يوم الشورى : « وقد قال قائل : إنّك على هذا الأمر يا بن أبي طالب لحريص ، فقلت : بل أنتم والله لأحرص وأبعد ، وأنا أخص وأقرب ، وإنّما طلبت حقّاً لي ، وأنتم تحولون بيني وبينه ، وتضربون وجهي دونه ، فلمّا قرعته بالحجّة في الملأ الحاضرين ، هب كأنّه بهت لا يدري ما يجيبني به »(٢) !

( يحيى زكريا ـ قطر ـ سنّي ـ ٣٩ سنة ـ مهندس )

مواصفات الإمامة تنطبق عليه :

س : لقد كان القرآن واضحاً وصريحاً ولا غموض فيه في جميع شؤون الحياة الدنيا والآخرة ، لدرجة أحكام الحيض.

__________________

١ ـ الإمامة والسياسية ١ / ٢٨.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ٩ / ٣٠٥.

١٤٩

حسب هذا المفهوم ، ومن وجهة نظركم ، أليس أولى من حكم الحيض أن يكون القرآن قد أمر باتباع الأئمّة بشكل واضح وصريح ودون لبس ، حتّى لا يكون هناك أدنى شكّ لما تؤمن به الشيعة؟

فحسب فهمي للقرآن ليس هناك أيّ آية تدعو إلى اتباع علي ، أو أيّ من أبنائه بشكل مباشر ، ولن أقبل أي تفسير يقول بالإشارة ، أو المقصود بالآية هو كذا وكذا.

فعندما أمرنا الله باتباع محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله قالها صريحة وواضحة ودون إشارات : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ) (١) .

أمّا في المقابل ، فإنّ الله لم يأمر في كتابه لا بولاء علي ، أو أيّ من أبنائه ، ولم يذكر أيّ منهم في كتابه ، وإن كان شأنهم أعلى من أنبياء الله ـ كما تزعمون في مذهبكم ـ لكان أولى ذكرهم بأسمائهم ، كما ذكر آدم ونوح وإبراهيم ، وإلى آخر من ذكر من أنبياء الله في القرآن العظيم.

وهل يعقل أن يذكر الله اسم سيّدنا « زيداً » في كتابه ، حتّى يبيّن لنا حكماً هامّاً من أحكام الله ، ولم يذكر اسم علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، إذا كان اتباعه وولايته من بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ركناً من أركان الإسلام ، كما يدّعي علماء الشيعة؟

أرجو أن يكون جوابكم مقنعاً وبعيداً عن الفلسفة العقليّة ، بل بالنصوص الأكيدة.

ج : قولك بأنّك لن تقبل أيّ تفسير يقول بالإشارة ، أو المقصود بالآية هو كذا ، فإنّ تفسير القرآن لا يكون بالإشارة ، وإنّما يكون بالأدلّة اللازمة ، سواء عقليّة أو نقليّة ، ولكنّي أقول لك هلا طبّقت هذه القاعدة ـ لو سلّمنا معك بقبولها وصحّتها ـ على كلّ أحكام الإسلام؟

ولنرمي السنّة خلف ظهورنا ، كما أراد عمر بن الخطّاب ، عندما قال : إنّ النبيّ ليهجر ، يكفينا كتاب الله ، وإن لم تقبل ، ولا اعتقد أنّك تقبل ، لأنّه

__________________

١ ـ آل عمران : ١٤٤.

١٥٠

سوف يذهب الإسلام ، فأقول : لماذا تطالب بذلك عند الكلام عن ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وتريد نصّاً من القرآن ، ولا تقبل بالظاهر منه والتفسير ، والأحاديث الموضّحة له ، ولا تريد ذلك في غيره من عقائد وأحكام الإسلام ، فهل هو إلاّ الهوى والتعصّب!!

وهناك شيء آخر : كأنّك تعني أنّ الله جلّ جلاله لم ينزل كلّ الأحكام التي تحتاجها الأُمّة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّ الرسالة ناقصة غير كاملة على الأقل في هذا المورد ، فأنّك تدّعي بأنّه لا يوجد نصّ في القرآن على حكم الإمامة ، هل هي بالنصّ أو بالاختيار من الأُمّة؟ وأنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يبيّن لنا في ذلك شيء؟

فإن قلت : إنّي لم أنكر النصّ على حكم الإمامة في القرآن ، وإنّما أنكرت النصّ على عليعليه‌السلام صريحاً في القرآن.

فنقول : هو كذلك ، لم ينصّ على عليعليه‌السلام صريحاً في القرآن ، ولكنّه نصّ على حكمها فيه ، وإنّ الإمامة بالنصّ لا بالاختيار ، وإنّ لها أفراداً مخصوصين موصوفين بمواصفات خاصّة مذكورة في القرآن.

فإن قلت : لا ، إنّه نصّ على حكمها في القرآن بأنّها حقّ للأُمّة ، وهي تختار إمامها ، فهي شورى.

قلنا : أوّلاً ، لا نسلّم ذلك من أنّ المستفاد من آية الشورى أنّها في الإمامة ، ثمّ ما بالك تمسّكت هنا بالإشارة دون النصّ ، وتطالب في عليعليه‌السلام بالنصّ دون الإشارة!!

فإن قلت : قد بيّن ذلك النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّه وضّح المراد ممّا جاء بالقرآن ، وأوضح في أحاديثه أنّ الأمر للأُمّة.

قلنا : ما عدا ممّا بدا ، ألم نقل نحن ذلك ، وقلنا : إنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بيّن القرآن ، وأوضح أنّ المراد بالآيات المتعلّقة بالإمامة هو عليعليه‌السلام ، فلم تنكر علينا ما تقبله أنت!

١٥١

ثمّ إنّ الكلام في الأحاديث التي ادعيت أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله أوضح أنّ الأمر يعود للأُمّة ، فنحن لا نسلّم بمثل هذه الأحاديث ، أو لا وجود لها في البين ، فتأمّل!!

فإذا تبيّن أنّ الرسالة كاملة ، وأنّه لا يمكن أن يترك الله الناس دون أن يبيّن لهم الأمر في الإمامة ، هل هي بالنصّ أم بالاختيار ، وأنّه لابدّ لها في الإسلام من حكم ، وعرفنا أنّ الله أنزل كلّ شيء في القرآن ، ولكن فيه المحكم والمتشابه ، وقد بيّن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله المتشابه لنا.

فالأحكام بصورة كلّية نأخذها من القرآن والسنّة ، لا يبقى لنا مجال للاعتراض على الله تعالى ، بأنّه لماذا لم يذكر هذا الحكم أو ذاك الحكم صريحاً في القرآن؟ بعد أن بيّنه لنا الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأوضح لنا ما تعلّق به من القرآن المتشابه ، فالله لا يُسأل عمّا يفعل ، وله الحكمة في كلّ ذلك ، وعلينا السمع والطاعة ، سواء جاءنا الأمر من القرآن أو من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهذا هو قول الشيعة الإمامية ، فإنّهم يقولون : إنّه يوجد في القرآن آيات تخصّ الإمامة وتبيّن مصاديقها ، بعضها محكمة وبعضها متشابه بيّنها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد فسّر لنا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كلا القسمين من الآيات صريحاً ، وذكر لنا الأسماء التي هي مصاديق هذه الآيات ، فليس لنا إلاّ الطاعة والقبول والتسليم ، وهذا هو الإيمان ، والإسلام الصحيح.

( عماد ـ الكويت ـ ٣٧ سنة ـ بكالوريوس هندسة )

جاء النصّ على خلافته من يوم الدار :

س : سمعت بعض علماء السنّة يتحدّث عن سيرة الإمام علي عليه‌السلام ، مع أنّه كان غامضاً وغير صريح ، كان يقول : بأنّ العباس بن عبد المطّلب قال لأمير المؤمنين : أطلب الخلافة من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكن الإمام رفض ذلك!! فهل هذا صحيح؟ فإنّني أُريد التأكّد فقط لا غير ، وشكراً.

ج : ما يقول هذا مأخوذ من كتبهم ولا أظن أنّ هذا يصحّ حتى من طرقهم ،

١٥٢

فمن المعلوم مدى تأثير الحكّام في وضع مثل تلك الأحاديث فيها ، هذا أوّلاً.

وثانياً : إنّ الإمامعليه‌السلام جاء عليه النصّ بالخلافة من يوم الدار ، عندما أنذر الرسول عشيرته الأقربين ، وقبل الإمام ذلك ، فما الداعي لطلب ما قد حصل عليه مسبقاً ، إذ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك اليوم : «أيّكم يكون أخي ووصييّ ووارثي ، ووزيري وخليفتي فيكم بعدي ، فقلت ـ أي علي عليه‌السلام ـ : أنا يا رسول الله ، فقال : يا بني عبد المطّلب هذا أخي ووارثي ووصييّ ووزيري ، وخليفتي فيكم بعدي »(١) .

ثالثاً : لو سلّمنا بوجود مثل هكذا كلام ، فإنّه لا يمتنع أن يريد العباس سؤاله عمّن يصل الأمر إليه ، وينتقل إلى يديه ، لأنّه قد يستحقّه من لا يصل إليه ، وقد يصل إلى من لا يستحقّه ، فعبارة العباس كانت هكذا : اذهب بنا إلى رسول الله نسأله فيمن هذا الأمر.

« حمد العمانيّ ـ عمان ـ ٢٥ سنة ـ موظّف »

حكم صلاته أثناء إخراج السهم منه :

س : ورد في الروايات : إنّ الإمام عليعليه‌السلام عندما يصلّي ينتزعون شظايا الحرب من بدنه الشريف.

س : ما حكم الصلاة ، وفي البدن الشريف شيء من الدم؟ ودمتم موفّقين.

ج : لقد وردت هذه الروايات في سياق الإشارة إلى شدّة ارتباط الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام بربّه أثناء العبادة ، وسموّ روحه العالية في العشق الإلهيّ ، الذي ينسيه آلام الجسد ، ويجعل للقوى الروحية السامية السيطرة الكاملة على حال ووضع الإمام عليعليه‌السلام أثناء العبادة.

__________________

١ ـ علل الشرائع ١ / ١٧٠.

١٥٣

ودم القروح والجروح التي لم تبرأ معفيّ عنها في الصلاة ، وإن أصاب دمها الثياب ، وقد ذكر بعض العلماء : أنّه حكم إجماعيّ ، وفيه روايات كثيرة ، فراجع.

( عيسى ـ الإمارات ـ ٢٥ سنة ـ طالب ثانوية )

كان حاضراً يوم الرزية :

س : هل كان الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام موجوداً في أثناء مرض الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله , أو بالأخصّ هل كان حاضراً أثناء رزية يوم الخميس؟ ـ كما أطلق عليها ابن عباس ـ وماذا كان دورهعليه‌السلام في تلك الحادثة؟

الرجاء توضيح هذه المسألة ، ولكم فائق الاحترام والتقدير.

ج : ذكر الشيخ المفيد ( قدس سره ) : « أنّ الإمام عليعليه‌السلام كان حاضراً في يوم الرزية ، وكان من ضمن الباقين بعد إخراج القوم المتنازعين عنده ، وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام لا يفارق الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه إلاّ للضرورة ».

وذكر الشيخ المفيد أيضاً : « أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لخاصّة أهل بيته : «أنتم المستضعفون بعدي » ، وأصمت ، فنهض القوم وهم يبكون ، قد آيسوا من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله »(١) ، ولم يذكر أهل الحديث دور مخصوص للإمام عليعليه‌السلام في تلك الواقعة.

ولكن من سياق الأحداث التي عرفناها من الروايات عن تلك الحادثة ، ومن مجمل سيرة أمير المؤمنينعليه‌السلام نعرف أنّه لا يسبق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بقول أو بعمل ، فهو يده اليمنى ، والمنفّذ الحاضر دائماً ، والتابع المطلق للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فمن المستبعد له أن يقول ، أو أن يفعل شيئاً في تلك الحادثة ، يسبق بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو يصدر عن غير أمره ، خاصّة وأنّ المقصود والمجابه في تلك الحادثة كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نفسه.

__________________

١ ـ الإرشاد ١ / ١٨٤.

١٥٤

( أبو يوسف ـ الكويت ـ ١٨ سنة ـ طالب )

في مصحفه تفسير وتأويل للآيات القرآنية :

س : هناك بعض الروايات تقول : بأنّ الإمام القائمعليه‌السلام سيخرج ومعه مصحف أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والذي لا يختلف عن قرآننا هذا ، سوى أنّ الآيات مرتّبة كما في نزولها ، ووجود بعض التوضيحات التي دوّنها من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

أمّا السؤال فهو : ما الفائدة من خروج الإمامعليه‌السلام بهذا القرآن الغير مختلف عن قرآننا الحالي؟ وماذا نستفيد من ترتيب الآيات حسب نزولها؟

ووفق نصّ حديث الثقلين الذي ينصّ على أنّ القرآن الكريم لن يفترق عن أهل البيتعليهم‌السلام فكيف يكون القرآن موجود بيننا والإمام إلى الآن غائب؟ ألا يستلزم أنّ القرآن الذي بين أيدينا غير القرآن الذي لدى أهل البيت عليهم‌السلام ؟ ودمتم سالمين.

ج : إنّ مصحف أمير المؤمنينعليه‌السلام لا يختلف عن قرآننا ، إلاّ أنّ فيه تفسير وتأويل للآيات القرآنية ، وأنّ فيه توضيح المحكم والمتشابه ، والناسخ والمنسوخ ، والعام والخاصّ ، والمطلق والمقيّد ، وأسباب النزول.

وأنّ الإمام المهديّعليه‌السلام عندما يظهر ذلك المصحف يظهر كلّ تلك المعاني والتفاسير ، التي غابت عن الناس قبل ظهوره ، يظهرها من ذلك المصحف ، ولا يخفى ما لإظهار تلك المعاني والتفاسير من فائدة ، لفهم الكثير من الحقائق ، التي لم يأن الأوان لإظهارها ، إضافة للمعلومات التي سنعرفها ، والتي تدرّس في علوم القرآن.

ثمّ إنّ ما في مصحف أمير المؤمنينعليه‌السلام من تغيّر في ترتيب السور والآيات ـ كما يظهر من بعض الروايات ـ فائدة في معان أُخرى للآيات القرآنية ، لا تتمّ إلاّ بذلك الجمع ، وهذا لا يتعارض مع ما موجود عندنا من معان للقرآن على هذا الترتيب ، لأنّ الأئمّة المعصومينعليهم‌السلام قد أقرّوا بصحّة الاستفادة من هذا القرآن على ما هو عليه الآن ، وبهذا الترتيب ، بل هي معان إضافية يظهرونها في وقتها.

١٥٥

وعدم الافتراق الذي نقوله للإمام مع القرآن ، لا يعني عدم الافتراق المكاني ، فإنّ هذا الافتراق حاصل منذ أوّل يوم جمع فيه القرآن على شكل مصحف ، فكم مرّة يكون الإمام في مكان ، وكتاب القرآن في مكان آخر ، وإنّما عدم الافتراق الذي نقوله إنّ أعمال الأئمّة المعصومينعليهم‌السلام لا تخالف مضامين القرآن الكريم ، فكلّ عمل يصدر منهم هو مطابق للقرآن ، وكلّ ما في القرآن هم ممّن عمل به ، وصدّقه وآمن به ، وهو معنى العصمة الذي نستفيده من الملازمة.

( خالد ـ الجزائر ـ ٢٧ سنة ـ التاسعة أساسي )

مصادر تآمر خالد بن الوليد على قتله :

س : قرأت روايات في بعض الكتب تقول : إنّ الخليفة الأوّل قام بالتشاور مع عمر لقتل الإمام علي عليه‌السلام أثناء الصلاة ، بواسطة خالد بن الوليد ، ثمّ ندم الخليفة الأوّل ، أو خاف ، فقال أثناء الصلاة وهو يخاطب خالد : لا تفعل.

فهل هذه الرواية صحيحة وثابتة؟ وبارك الله فيكم ، وجزاكم خيراً ، وأسألكم الدعاء.

ج : التآمر على الفتك بالإمام عليعليه‌السلام في حال الصلاة على يد خالد بن الوليد مرويّ في عدّة مصادر بتفاوت في الإجمال والتفصيل ، وفي الإسناد والإرسال ، ممّا يوحي إجمالاً بصحّة القضية ، وإليك أسماء المصادر التي وردت فيها ذكر ذلك ، وإن كان المتأخّر منها ينقل عن المتقدّم ، وهي :

تفسير القمّيّ(١) ، المسترشد(٢) ، شرح نهج البلاغة(٣) ، وغيرها(٤) .

__________________

١ ـ تفسير القمّيّ ٢ / ١٥٨.

٢ ـ المسترشد : ٤٥٢.

٣ ـ شرح نهج البلاغة ١٣ / ٣٠١.

٤ ـ أُنظر : الاحتجاج ١ / ١٢٤ ، تفسير نور الثقلين ٤ / ١٨٨ ، بحار الأنوار ٢٩ / ١٣١ ، بيت الأحزان : ١٣٥ ، مدينة المعاجز ٣ / ١٥١ ، علل الشرائع ١ / ١٩١ ، الصراط المستقيم ١ / ٣٢٣.

١٥٦

( باقر الهاشميّ. الإمارات ـ ٢٣ سنة ـ طالب حوزة )

معنى أنّه هاجر الهجرتين :

س : ما الهجرتين اللتين هاجرهما الإمام عليعليه‌السلام كما ورد ذلك في خطبة الإمام زين العابدينعليه‌السلام .

أفيدونا جزاكم الله خيراً ، ونسأل العليّ القدير وحده لنا ولكم التوفيق والسداد ، ونسألكم الدعاء ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

ج : المقصود من الهجرتين التي هاجرهما الإمام عليعليه‌السلام ، هي أحد المعاني الآتية :

الأوّل : المتبادر عند المسلمين عن ذكر الهجرتين ، هي هجرة الحبشة وهجرة المدينة ، والمعلوم أنّ الإمامعليه‌السلام قد هاجر إلى المدينة ، ولكن لم يثبت عندنا أنّ الإمامعليه‌السلام هاجر إلى الحبشة ، فلابدّ إذاً أن لا يكون هذا المعنى مراداً للإمامعليه‌السلام .

الثاني : قد ذكر ابن عباس أنّ الإمامعليه‌السلام قد هاجر مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هجرتيه ، والمعلوم أنّ الرسول قد هاجر إلى الطائف لأيّام قليلة وإلى المدينة ، فمعنى قول الإمام زين العابدين المأخوذ من قول الإمام عليعليه‌السلام في إحدى خطبه : « أنا صاحب الهجرتين » أي أنا صاحب هجرة الطائف وصاحب هجرة المدينة ، وهذا يتمّ إذا تمّ اعتبار الأيّام القليلة مع الرسول في الطائف هجرة.

الثالث : إنّ المراد بالهجرتين هي هجرة المدينة ، والهجرة إلى الكوفة ، فالأُولى هجرة النبوّة ، والثانية هجرة الإمامة ، فكلّ مسافر إلى طلب الدين يسمّى مهاجراً ، فالذين هاجروا إلى المدينة هاجروا للالتحاق بالنبوّة ، والمهاجر إلى الكوفة يهاجر لطلب الإمامة الحقّة.

وقد ورد عن الإمام عليعليه‌السلام في إحدى خطبه قوله : «والهجرة قائمة على حدّها الأوّل ، ما كان لله في أهل الأرض حاجة من مستسر الأُمّة ومعلنها ، لا يقع

١٥٧

اسم الهجرة على أحد إلاّ بمعرفة الحجّة في الأرض »(١) .

وقد شرح العلاّمة التستري ذلك بقوله : « وإنّما قالعليه‌السلام ذلك مقدّمة لغرضه من كون الهجرة إلى الإمام كالهجرة إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإلاّ ففي عصرهعليه‌السلام وإن كان الإسلام فتح الأرض شرقاً وغرباً ، إلاّ أنّه لمّا كان رجال قاموا على خلافه من يوم وفاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى آخر عمرهعليه‌السلام صار الأمر مثل أوّل الإسلام »(٢) .

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١٣ / ١٠١.

٢ ـ بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة ٣ / ٣٩٢.

١٥٨

الإمام الحسن عليه‌السلام :

( أبو حسن ـ البحرين ـ )

لم يكن كثير الزواج والطلاق :

س : تحية طيّبة وبعد ، أشكر الإخوة الأعزاء على هذا الموقع الأكثر من رائع ، ولكم دوام الموفّقية إن شاء الله.

هناك بعض الأخبار تقول : بأنّ الإمام الحسن كان كثير الزواج والطلاق ، حتّى في بعض المصادر الشيعيّة ، فما مدى صحّة هذه الرواية؟ أرجو التفصيل.

ج : إنّ الروايات الواردة عن كثرة زواج وطلاق الإمام الحسنعليه‌السلام جميعها مردودة عقلاً ونقلاً.

وأمّا ما ورد منها في مصادرنا ، فتشتمل في السند على مجهولين ومهملين ، أو غير موثّقين ، فلا حجّية في إسنادها ، فضلاً عن قبولها.

وأمّا ما جاء في مصادر العامّة بهذا الشأن فهو مقطوع البطلان ، إذ ورد فيه علي بن عبد الله المدائني ، ومحمّد بن علي بن عطية ، والمنصور الدوانيقي ، وكلّهم مجروحون عند أصحاب الرجال ، مضافاً إلى ثبوت عداء بعضهم لأهل البيتعليهم‌السلام كالمنصور ، أو مودّة بعضهم الآخر لبني أُمية كالمدائني ، فهكذا أحاديث تفوح منها رائحة الوضع والتدليس.

ثمّ مع غضّ النظر عن السند فالموضوع غير مقبول عقلاً ، إذ كيف يعقل أن يعرّف أمير المؤمنينعليه‌السلام ابنه الإمام الحسنعليه‌السلام بهذه الكيفية ، وهوعليه‌السلام يريد أن ينصّبه للناس إماماً من بعده؟ أليس ذلك ـ والعياذ بالله ـ يعدّ تنقيصاً في إمامتهعليه‌السلام ؟!

١٥٩

فالتحقيق : إنّ أعداء أهل البيتعليهم‌السلام من بني أُمية وغيرهم قد وضعوا هذه الأحاديث ودسّوها في الكتب للنيل من شخصية الإمام الحسنعليه‌السلام .

( معاذ التل ـ الأردن ـ سنّي ـ ٣٢ سنة ـ طالب جامعة )

موقف عائشة ومروان عند دفنه :

س : تروي بعض كتب التاريخ : إنّه حينما أراد الإمام الحسينعليه‌السلام دفن الإمام الحسنعليه‌السلام بجنب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله استأذن عائشة ، فوافقت على ذلك ، ولكن مروان بن الحكم وجماعته هم الذين منعوه بالقوّة.

في حين قرأت لأحدهم على الإنترنت : إنّ عائشة أتت للقبر ، وقالت : لا يدفن مع زوجي من لا أُحبّ ، فما مدى صحّة ذلك ، وما هي المراجع؟

ج : قد روى الشيخ الكليني ( قدس سره ) بسنده عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول : « لما أحتضر الحسن بن عليعليهما‌السلام ، قال للحسينعليه‌السلام : يا أخي أُوصيك بوصية فاحفظها ، فإذا أنا متّ فهيئني ، ثمّ وجّهني إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأحدث به عهداً ، ثمّ اصرفني إلى أُمّي فاطمةعليها‌السلام ، ثمّ ردّني فادفنّي في البقيع ، واعلم أنّه سيصيبني من الحميراء ما يعلم الناس من صنيعها ، وعداوتها لله ولرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعداوتها لنا أهل البيت.

فلمّا قبض الحسنعليه‌السلام ، وضع على سريره ، وانطلقوا به إلى مصلّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الذي كان يصلّي فيه على الجنائز ، فصلّي على الحسنعليه‌السلام ، فلمّا أن صلّي عليه حمل فأدخل المسجد ، فلمّا أوقف على قبر رسول الله بلغ عائشة الخبر.

وقيل لها : إنّهم قد أقبلوا بالحسن بن عليعليهما‌السلام ليدفن مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فخرجت مبادرة على بغل بسرج ، فكانت أوّل امرأة ركبت في الإسلام سرجاً ، فوقفت فقالت : نحوا ابنكم عن بيتي ، فإنّه لا يدفن فيه شيء ، ولا يهتك على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حجابه.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518