موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

موسوعة الأسئلة العقائديّة15%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-02-7
الصفحات: 518

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 518 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 244973 / تحميل: 6318
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٢-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

وأمّا فرض الصلاة على الأُمّة ، وإن كان بعد مضي فترة وجيزة عن البعثة النبوية الشريفة ، ولكن هذا لا ينافي تعبّد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليعليه‌السلام ، أو حتّى بعض آخر بهذه الصلاة ، أو بما يقاربها في الشكل والمضمون في زمان سبق هذا الفرض ، إذ الفرض حكم إلزامي ، ووظيفة مقرّرة لكلّ مسلم ، ولكن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والإمامعليه‌السلام قد أدّيا هذه العبادة بدون أن يرد عليهما إلزام أو إيجاب.

وهناك احتمال آخر وهو : أن تكون صلاتهما قبل إبلاغ الفرض بشكل خاصّ ، وقد جاء الوحي بإتيانها بالصورة الموجودة في قضية المعراج لمصالح اقتضت تبديل الشكل مع إبقاء المحتوى والمضمون.

( ـ ـ )

لا غلوّ في حبّه :

س : أُودّ أن افهم مدى الغلوّ في الإمام علي ، وكيف أنّ الإمام علي روح من الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ وكيف أنّ الإمام علي عليه‌السلام قال : « أنا عبد من عبيد الرسول ».

ج : نودّ إعلامك أنّ الغلوّ بمعنى تجاوز الشيء حدّه ، لذا نهي عن الغلوّ في قوله تعالى :( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ ) (١) لأنّ النصارى قالوا : إنّ المسيح ابن الله ، وهذا غلوّ في حقّ عيسى كونه ابن الله ، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً.

ثمّ إذا كان قصدك من الغلوّ في الإمام عليعليه‌السلام هو الحبّ الذي يكنّه الشيعة له فهذا لا يعدّ غلوّاً ، فإنّ الشيعة قد تبعت بذلك الله تعالى ورسوله ، ولم تتجاوز ذلك أبداً ، ففي حديث الراية ، كما عن سلمة بن الأكوع قال : ( كان عليعليه‌السلام تخلّف عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في خيبر ، وكان به رمد فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لأعطين الراية ـ أو قال ـليأخذن الراية غداً رجلاً يحبّه الله ورسوله ـ أو قال ـ

__________________

١ ـ المائدة : ٧٧.

٤١

يحبّ الله ورسوله ، يفتح الله عليه » ، فإذا نحن بعليٍ ، وما نرجوه ، فقالوا : هذا علي ، فأعطاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ففتح الله عليه )(١) .

وروى الحاكم في المستدرك عن عوف بن أبي عثمان النهدي قال : ( قال رجل لسلمان : ما أشدّ حبّك لعلي! قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «من أحبّ علياً فقد أحبّني ، ومن أبغض علياً فقد أبغضني » )(٢) .

وهكذا ورد في علي بن أبي طالب كلّ خير ، وفي موالاته كلّ نجاة ، فهل حبّه الذي فرضه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله علينا يعدّ غلوّاً وتجاوزاً؟! أعيذك بالله أن تجعل ما فعله النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله غلوّاً وغير الحقّ ، وهكذا هو تعاملنا مع الإمام عليعليه‌السلام ، لا يتجاوز ما أمرنا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في حبّه وولايته.

وفي قوله تعالى :( وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) (٣) قال الحاكم الحسكاني : » عن مقاتل عن الضحاك ، عن ابن عباس :( وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ ) يعني يحبّ الله ،( وَرَسُولَهُ ) يعني محمّداً ،( وَالَّذِينَ آمَنُواْ ) يعني ويحبّ علي بن أبي طالب ،( فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) يعني شيعة الله ، وشيعة محمّد ، وشيعة علي هم الغالبون ، يعني العالون على جميع العباد ، الظاهرون على المخالفين لهم.

قال ابن عباس : فبدأ الله في هذه الآية بنفسه ، ثمّ ثنّى بمحمّد ، ثمّ ثلّث بعلي ، ثمّ قال : فلمّا نزلت هذه الآية ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «رحم الله علياً ، اللهم أدر الحقّ معه حيث دار ».

قال ابن مؤمن ( وهو الشيرازي من علماء أهل السنّة ) : لا خلاف بين المفسّرين أنّ هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين علي »(٤) .

__________________

١ ـ صحيح البخاريّ ٤ / ١٢.

٢ ـ المستدرك ٣ / ١٣٠.

٣ ـ المائدة : ٥٦.

٤ ـ شواهد التنزيل ١ / ٢٤٦.

٤٢

فإذا كان الأمر في عليعليه‌السلام هكذا ، فهل هذا غلوّ؟ وهل تقول الشيعة غير هذا في عليعليه‌السلام ؟ فهذه مرويّات أهل السنّة ، تؤكّد ما تذهب إليه الشيعة ، وما تعتقده في علي ، فهل هذا يعدّ غلوّاً فيه؟!

وما ذكرته منس : كيف أنّ الإمام علي روح من الرسول؟ فإنّا نؤكّد أنّ المقصود من الروح في سؤالك تعني قبل الخلقة ، وما بعد الخلقة.

أمّا قبل الخلقة ، فإنّ حديث النورانية يؤكّد أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي بن أبي طالب كانا نوراً واحداً ، فلمّا خلق الله آدم ، قسّم ذلك النور إلى جزئين ، فجزء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجزء علي بن أبي طالب ، وهذا الحديث نقله علماء أهل السنّة ، كما نقله الشيعة.

فقد روى ابن عساكر عن سلمان ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله مطيعاً يسبّح الله ذلك النور ويقدّسه قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام »(١) .

هذا بعض ما رواه علماء أهل السنّة في أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي كانا نوراً واحداً ، ثمّ قسّم إلى نورين ، أحدهما النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والآخر عليعليه‌السلام ، ممّا يعني أنّهما روح واحدة في أصل خلقتهما ، وهي ما تعنيه أحاديث النور الواحد الآنفة الذكر.

أمّا بعد الخلقة فإنّ القرآن قد نصّ على ذلك في قوله تعالى :( فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ) (٢) .

فقد نقل السيوطيّ في تفسيره ، ما أخرجه ابن مردويه ، وأبو نعيم في الدلائل ، عن جابر أنّه قال :( أَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي ،( أَبْنَاءنَا ) الحسن والحسين ،( وَنِسَاءنَا ) فاطمة(٣) .

__________________

١ ـ تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٦٧.

٢ ـ آل عمران : ٦١.

٣ ـ الدرّ المنثور ٢ / ٣٩.

٤٣

والخطاب كان موجّهاً من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله للنصارى بقوله : ندعو أبناءنا ـ وهما الحسن والحسين ـ وأبناءكم ، وندعو نساءنا ـ وهي فاطمة ـ ونساءكم ، وندعو أنفسنا ، يعني نفس النبيّ ، الذي هو عليعليه‌السلام ، لأنّ الضمير « نا » ، وهو ضمير المتكلّم يرجع إلى عليعليه‌السلام ، فعلي نفس النبيّ بمقتضى سياق الآية.

وقد ذكر ابن ماجة في سننه عن أبي إسحاق ، عن حبشي بن جنادة قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : « علي منّي وأنا منه ، ولا يؤدّي عنّي إلاّ علي »(١) .

وروى الترمذيّ في سننه أيضاً نفس لفظ الحديث ، إلاّ أنّه زاد : « ولا يؤدّي عنّي إلاّ أنا أو علي »(٢) .

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «علي منّي وأنا منه » يعني : أنّ « من » التي تفيد التبعيض تؤكّد أنّ علياً من النبيّ ـ أي امتداد له ـ وهو نفسه ، وليس في ذلك دعوى تدعيها الشيعة دون ما تستند إلى نصوصٍ صريحة صحيحة.

على أنّ كلامنا هذا يؤكّده أبو بكر في حقّ عليعليه‌السلام ومنزلته ، فقد أورد القندوزيّ ما رواه ابن السمّاك : إنّ أبا بكر قال لعلي : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «لا يجوز أحد على الصراط إلاّ من كتب له علي الجواز »(٣) .

أمّا قولك : إنّ علياًعليه‌السلام قال : «أنا عبد من عبيد محمّد »(٤) ، فهذا لا ينافي عبودية عليعليه‌السلام لله تعالى ، فعلي عبد لله ، ورسول الله عبد لله ، ومعنى قوله : «أنا عبد من عبيد محمّد » ، يعني : أنا تابع من أتباعه ، ومطيع له ، وهو بمعنى قولك : إنّ زيد عبد لعمرو ، أي إنّ عمرو له حقّ الطاعة على زيد ، ولا يعني أن تريد يعبد عمرو ، فالعبد هنا تابع لسيّده ، ومطيع له ، وهذا منتهى إخلاص عليٍ للنبيّ ، فهو يقرّ له بالطاعة والاتباع ، وليس كما تتصوّر أنّ ذلك يعني

__________________

١ ـ سنن ابن ماجة ١ / ٤٤.

٢ ـ الجامع الكبير ٥ / ٣٠٠.

٣ ـ ينابيع المودّة ٢ / ٤٠٤.

٤ ـ الكافيّ ١ / ٩٠.

٤٤

العبودية المطلقة ، فالعبودية المطلقة لله تعالى وحده ، لا يشاركه فيها أحد ، ومن قال خلاف ذلك فهو كافر مشرك.

وبذلك فقد اتّضح ما أُشكل لديك.

( منعم جعفر ـ البحرين ـ )

لا يبغضك إلاّ من خبث أصله :

س : لا يبغضك يا علي إلاّ من خبث أصله ، هل هناك دليل عقليّ ونقليّ في الدين الإسلامي على ذلك؟

ج : هناك روايات كثيرة جدّاً ، ربما بلغت حدّ التواتر ، على أنّ علياًعليه‌السلام مع الحقّ والحقّ مع علي يدور معه حيثما دار ، وعلي مثال الكمال ، والحُسْن المتجسّد في رجل ، حتّى أحبّه كلّ إنسان منصف وحرّ ، وإن لم يكن مسلماً ، حيث إنّ المسيحيين يلهجون بالأشعار والقصائد والنظم والنثر في مدح عليعليه‌السلام .

ومن المعلوم أنّ الذي يبغض مثل هذه الشخصية المضحّية للإسلام ، بل المجسّدة لجميع قيم الدين الإسلاميّ لدليل واضح على عدم استوائه العقليّ والنفسيّ ، وهو دليل على خبث منبته وأصله.

وليس المقصود من خبث الأصل ابن الزنا ، والمتولّد من الحرام فقط ، بل الأمر أعمّ من ذلك ، فقد يكون من المنافقين أو ابن حيض.

مضافاً إلى أنّه ليس كلّ من كان ابن زنا يبغض علياًعليه‌السلام حتّى يقال بالجبر ، وأنّه ما ذنب هذا الإنسان؟ بل إنّ من يبغض علياً ـ والبغض والحبّ بالاختيار ـ كاشف عن سوء سريرته ، وخبث أصله ، وهو أعمّ من ابن الزنا ـ كما قلنا ـ.

ونقل هذا المعنى في كثير من كتب المسلمين ومنها :

ما رواه الشيخ الصدوق في الأمالي(١) وأورد القندوزيّ الحنفيّ في ينابيع

__________________

١ ـ الأمالي للشيخ الصدوق : ٣٨٣.

٤٥

المودّة(١) : إن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لأمير المؤمنين : « لا يحبّك إلا طاهر الولادة ولا يبغضك إلا خبيث الولادة ».

وروى الشيخ الصدوق في علل الشرائع إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليعليه‌السلام : « لا يحبّك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق أو ولد زنية أو حملته أمّه وهي طامث »(٢) .

وروى ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق عن عبادة بن الصامت أنه قال : « كنّا نبوّر أولادنا بحبّ علي بن أبي طالب فإذا رأينا أحداً لا يحبّ علي بن أبي طالب علمنا أنّه ليس منّا وأنّه لغير رشده »(٣) .

« مصطفى ـ البحرين ـ ٤٠ سنة ـ خرّيج جامعة »

لم يحارب الشيخين :

س : على الرغم من قوّة الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، لماذا لم يحارب الشيخين عندما سلبوا منه الولاية وهجموا على داره ، وكسروا ضلع الزهراء عليها‌السلام ؟

ج : إنّ الإمامعليه‌السلام قدّر الظروف آنذاك أنّها لا تحتمل الحرب ، وأنّ الخوض في الحرب مع المخالفين يؤدّي إلى ضياع الإسلام وهلاك الفريقين ، أو فسح المجال لأعداء الدين ليقضوا على الإسلام ، لهذا غضّ الإمامعليه‌السلام عنهم طرفه لحفظ أصل الإسلام.

والمسألة لم تكن مسألة نزاع حقّ شخصيّ ، أو دفاع عن حقّ شخصيّ ، بقدر ما كانت مسألة موازنة ما هو الأصلح للإسلام والرسالة ، والإمام رأى الأصلح للرسالة هو أن يغضّ عنهم ولا يدخل الحرب ، والقوم كانوا يحاولون استدراج الإمام إلى الحرب ، ولكن الإمام ما أراد أن يعطيهم مبرّراً للحرب

__________________

١ ـ ينابيع المودّة١ / ٣١٧.

٢ ـ علل الشرائع ١ : ١٤٥.

٣ ـ تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٨٧.

٤٦

حتى لا يقال بأنّ علياً هو الذي بدأ بالحرب ، بل الأمر على العكس من ذلك حيث إنّ الإمام لزم الصمت والقعود آنذاك عن القتال من أجل حفظ بيضة الإسلام ، وهذا ما قد صرّح به بقولهعليه‌السلام : «والله لأسالمنّ ما سلمت أُمور المسلمين ، ولم يكن فيها جور ، إلاّ عليّ خاصّة »(١) .

هذا بالإضافة إلى الوصيّة التي كان ملزماً بها من قبل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

« أُمّ زينب ـ الإمارات »

رفع عمر بن عبد العزيز السبّ عنه :

س : كما نعلم أنّ سبّ الإمام علي عليه‌السلام في عهد بني أُمية دام ما يقارب سبعين سنة ، لذا اطلب من سيادتكم الإجابة عن هذا السؤال : ما هي الحادثة التي بسببها رفع عمر بن عبد العزيز السبّ عن الإمام علي عليه‌السلام ؟ ولكم فائق شكري وتقديري.

ج : إنّ عمر بن عبد العزيز ولأغراض سياسية رفع هذا السبّ ، حيث شاهد أنّ هذا السبّ صار سبباً لإيجاد أحقاد من قبل بني هاشم والشيعة ، والمنصفين من أهل السنّة ، وأنّه لو استمرّ فسيولد ثورات ضدّه ، لأنّ الاختناق قد بلغ ذروته ، فلأجل الحفاظ على منصبه ومن باب إيجاد محبوبية له والسيطرة على الاختناق الموجود قام بعدّة أعمال ، منها : رفع السبّ عن الإمام عليعليه‌السلام .

« أحمد ـ السعودية »

لم يقتل ابن ملجم مع أنّ الخضر قتل الغلام :

س : من المعروف أنّ الإمام علي عليه‌السلام كان يعلم أنّ ابن ملجم قاتله ، لكنّه لم يقتله ، لأنّه لا يجوز معاقبة المجرم قبل أداء جريمته ، لكن القرآن الكريم يحدّثنا بأنّ الخضر عليه‌السلام قد قام بقتل الغلام قبل أن يصدر الجرم منه ، أي من غير ذنب؟

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ١٦٦.

٤٧

ج : إنّ القصاص قبل وقوع الجريمة أمر مستنكر ومذموم ، على ضوء القوانين التشريعية ، ولكن في حوزة القوانين التكوينية ليس الأمر دائماً كذلك ، فقد تكون هناك في إزهاق روح شخص مصلحة إلهية ، لا تتفق مع الأحكام الشرعية المتعارفة ، فإنّ مقام التشريع مقام التزامات العباد ، ولا يجب على الله تعالى أن يتصرّف في الكون بنفس التكاليف الواجبة على الناس.

وفيما نحن فيه ، لا علم لنا بأنّ الخضرعليه‌السلام مكلّف بالأحكام التشريعية ، بل أغلب الظنّ أنّهعليه‌السلام من الأيادي والوسائط في عالم الخلق والتكوين ـ كالملائكة ـ فلا تشمله تلك الأحكام.

وبالجملة : فقتل الغلام مسألة تكوينية ، ولا تخضع للأوامر والنواهي التكليفية ، وهو يشبه الكوارث الطبيعية من الزلازل ، والسيول والأمراض.

ومنه يظهر عدم ورود النقض في المقام على عدم صحّة المعاقبة قبل وقوع الجريمة.

« ـ ـ »

لم يقم بالإصلاح :

س : لماذا لم يقم الإمام علي عليه‌السلام بالإصلاح في زمانه بينما قام بالإصلاح الإمام الحسين عليه‌السلام ؟

ج : لقد ذكر السائل عدم قيام الإمام عليعليه‌السلام بالإصلاح ، وطرح ذلك طرح المسلّمات ، وهذا ما لا نوافقه عليه ؛ فليس هناك أحد من أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام إلا وسعى للإصلاح بحسب ما تسمح به الظروف.

إن من الخطأ الفادح أن يتصور أنّ حركة الإصلاح لابدّ أن تكون بالسيف دائماً ، فقد تقتضي الظروف أن تكون حركة الإصلاح بأسلوب آخر ، فرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي سعى للإصلاح وهداية الناس في مكّة بصورة سرية ، نفسه يجعل الدعوة علنية ولكن بشكل سلميّ ، ثم يهاجر إلى المدينة ويحارب المشركين في

٤٨

عدّة مواطن ، ونفسه صلوات الله وسلامه عليه يصالحهم في الحديبية. وكلّ حركة من هذه الحركات هي محاولة وسعي منه عليه الصلاة والسلام للإصلاح ولكن بحسب ما تقتضيه الظروف.

كذلك أمير المؤمنينعليه‌السلام فهو الذي صبر على ما جرى بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكانت حركته في إصلاح الفساد بشكل سلميّ حتى قال قائلهم : « لولا علي لهلك عمر » هو نفسه يحارب الناكثين والقاسطين والمارقين. كذلك الإمام الحسنعليه‌السلام ، فهو البطل الضرغام تحت راية أمير المؤمنين في حروبه مع الظالمين إلا أنك تراه يصالحهم كما صالحهم رسول الله في الحديبية. وكذلك الإمام الحسينعليه‌السلام صاحب ذلك الموقف المؤيّد لأخيه الحسنعليه‌السلام في صلحه مع معاوية تراه ـ حينما حانت الظروف المناسبة بعد هلاك معاوية للقيام بثورة لها صداها إلى أبد الدهر ـ يقف ذلك الموقف الذي شهد له التاريخ.

إذاً حركة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيتهعليهم‌السلام هي حركة واحد وهدفها واحد وهو الإصلاح وهداية الناس إلا أنّ الأساليب تختلف بحسب الظروف.

« ـ ـ »

ما شرب الخمر قبل تحريمها :

س : هذا نصّ ما نشر في مجلّة الهداية التي تصدرها وزارة العدل والشؤون الإسلامية بمملكة البحرين ، العدد الثامن والتسعون بعد المائتين ، وهو مقال تحت عنوان : الدين للحياة ، ألا لا يقربن الصلاة سكران ، إعداد سعيد نور الدين.

فيقول : روى الترمذيّ(١) بسنده عن علي بن أبي طالب قال : صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاماً فدعانا ، وسقانا من الخمر ، فأخذت الخمر منّا ،

__________________

١ ـ الجامع الكبير ٤ / ٣٠٥.

٤٩

وحضرت الصلاة ، فقدّموني ، فقرأت : ( قل يا أيّها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ، ونحن نعبد ما تعبدون ) ، فأنزل الله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ ) (١) .

وبعد هذه الفقرة يتطرّق المعد إلى قضية تحريم الخمر ، حتّى يصل إلى هذه الفقرة ، طلب عمر بن الخطّاب الذي حين قرأت عليه آية البقرة تمنّى أن ينزل القرآن بتحريم الخمر ، فتوجّه إلى الله قائلاً : اللهم بيّن لنا في الخمر بياناً شافياً فنزلت الآية من سورة النساء : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ ) .

ما رأيكم فيما كتبه هذا المُعد؟

ج : في الجواب نذكر بعض النقاط :

١ ـ جاء في المستدرك : « عن أبي عبد الرحمن عن عليعليه‌السلام قال : دعانا رجل من الأنصار قبل تحريم الخمر ، فحضرت صلاة المغرب ، فتقدّم رجل فقرأ :( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) فالتبس عليه ، فنزلت :( لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ ) .

قال الحاكم النيسابوريّ : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، وفي هذا الحديث فوائد كثيرة ، وهي : إنّ الخوارج تنسب هذا السكر وهذه القراءة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب دون غيره ، وقد برّأه الله منها ، فإنّه راوي هذا الحديث »(٢) .

٢ ـ الروايات المروية حول هذه الواقعة فيها العديد من التنافي والتناقض :

ففي بعضها : الذي صنع الطعام هو عبد الرحمن بن عوف ، وفي بعضها : علي!! وفي بعضها : رجل من الأنصار.

وفي بعضها : إنّ الذي صلّى بهم إماماً عبد الرحمن بن عوف ، وفي بعضها :

__________________

١ ـ النساء : ٤٣.

٢ ـ المستدرك ٢ / ٣٠٧.

٥٠

علي!! وفي بعضها : فلان.

وفي بعضها : إنّ الذي قرأ في الصلاة قرأ :( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) إلى آخرها ، ثمّ قال : ليس لي دين وليس لكم دين ، وفي بعضها : إنّه قرأ : قل يا أيّها الكافرون أعبد ما تعبدون ، وفي بعضها : قل يا أيّها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ونحن نعبد ما تعبدون ، وفي بعضها : ونحن عابدون ما عبدتم

وفي بعضها : إنّ الحاضرين كانوا ثلاثة أشخاص : علي وعبد الرحمن بن عوف ، ورجل من الأنصار ، وفي بعضها : كانوا خمسة أشخاص : أبو بكر وعمر ، وعلي ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد.

٣ ـ عند المحقّقين : إنّ الخمر قد حرّمت في مكّة قبل الهجرة ، وعن أبي هريرة قال : « حرّمت الخمر ثلاث مرّات »(١) ، والمقصود : إنّ كان أنّها قد حرّمت أوّلاً في مكّة في أوّل البعثة فلا تصحّ الرواية ، وإن كان المقصود أنّها قد حرّمت في سورة البقرة ، ثمّ في سورة النساء النازلتين في أوّل الهجرة فإنّ النحّاس يرى أن سورة النساء مكّية ، وقال بعض الناس : « إنّ قوله تعالى :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ) حيث وقع ، إنّما هو مكّي »(٢) .

٤ ـ روى القطّان في تفسيره عن الحسن البصري قال : « إنّ علياً لم يقبل أن يشرب معهم في دار أبي طلحة ، بل خرج من بينهم ساخطاً على ما يفعلون ، قال الحسن : والله الذي لا إله إلاّ هو ، ما شربها قبل تحريمها ، ولا ساعة قط »(٣) .

٥ ـ وأخيراً : فإنّ كلّ ما ذكرناه هو على مباني أهل السنّة ، وأمّا على مباني الشيعة ، فإنّه مرفوض عقلاً ونقلاً ، وذلك بالاستدلال بآية التطهير على العصمة ، وبآيات كثيرة ، وأحاديث متواترة على الإمامة الإلهيّة ، والأحاديث المروية من طرق أهل البيتعليهم‌السلام : بأنّ الإمام معصوم من اليوم الأوّل الذي يولد فيه وإلى أن

__________________

١ ـ مسند أحمد ٢ / ٣٥١.

٢ ـ الجامع لأحكام القرآن ٥ / ١.

٣ ـ الصحيح من السيرة ٥ / ٣١٣.

٥١

يفارق الحياة ، وأنّ فطرة الإنسان وعقله يأبيان أن يقبلا إمامة إمام ، ويقلّداه أمر الدين والدنيا ، وهو في زمان ما كان قد شرب الخمر ، أو ارتكب من أمثال هذه المعاصي ، وكذلك تشمله الآية الكريمة :( لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) (١) .

فصلوات ربّي وسلامه على رسول الله ، وعلى الأئمّة النجباء الميامين المعصومين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، ولعنة الله على أعدائهم ، وغاصبي حقوقهم ، والمفترين عليهم ، الذين يُعَدّون من النواصب بلا شكّ ،( يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (٢) .

« هادي محمّد ـ الكويت ـ »

حول خطبتي البيان والطتنجية :

س : هل لخطبة البيان والطتنجية سند؟ وإذا كان لها سند ، ألا تفيد الغلوّ؟ شكراً لمساعيكم.

ج : كثيراً ما يتساءل عن خطبة البيان والخطبة الطتنجية سنداً ودلالة ، بل كلّ ما هناك من ألفاظ وصفات إلهية نسبت للمعصومينعليهم‌السلام ممّا تفيد الغلوّ ، بل الشرك والكفر لو أُريد منها معانيها الظاهرية ، أمثال قولهمعليهم‌السلام : «نحن الأوّل والآخر ، والظاهر والباطن . » وإلى غير ذلك.

فنقول : إنّ الأُمّة الإسلامية قد خصّت من دون الأُمم بفضيلة الإسناد ، وفُضّلت على سائر الشرائع بنعمة الاستناد والاتصال بالمعصومينعليهم‌السلام ، من خلال الرجال الثقات والممدوحين.

وعليه ، فكلّ خبر ما لم يكن مسنداً متّصلاً ـ ضمن شروط ذكرت في محلها ـ لا قيمة له ولا حجّية من أيّ أحد صدر ، ولأيّ شخص نسب ما لم

__________________

١ ـ البقرة : ١٢٤.

٢ ـ التوبة : ٣٢.

٥٢

يكن محاطاً بقرائن تورث الوثوق بالصدور ، وعليه :

أوّلاً : لم يذكر لأمثال هذه الخطب سنداً معتبراً ، بل قد نجده أرسل ـ بالمعنى الأعم ـ مع أنّا نجد غالب كلمات أمير المؤمنينعليه‌السلام وخطبه مسندة في مواطن ، وإن كانت مرسلة في النهج وغيره.

ثانياً : إنّ إعراض الأعلام ـ وخصوصاً مشايخنا العظام ـ موهن للخبر ، بل قد يسقطه عن الحجّية ، خصوصاً إذا كان في مرأى ومسمع منهم.

ثالثاً : وجود طائفة كبيرة من أخبار العرض ـ الأخبار العلاجية ـ ، مثل ما ورد عنهمعليهم‌السلام مستفيضاً من قولهم : «ما خالف كتاب الله فهو : زخرف » ، وفي بعض الروايات : «لم نقله » ، وفي بعضها الآخر : «وأضربه عرض الجدار » ، وهي أحاديث لا تحصى كثرةً ، كما لنا أحاديث جمّة في إسقاط كلّ حديث خالف العقول ، أو لزم منه الشرك والكفر ، إلاّ إذا أمكن تأويله ، أو حمله على محمل صحيح ، هذا بشكل عام ، وهي فائدة تنفع في موارد متعدّدة ، ومقامات أُخرى.

وأمّا ما يخصّ المقام ، فنقول :

أوّلاً : لقد نسب لبعض علمائنا ( قدّس أسرارهم ) في خصوص خطبة البيان كون ألفاظها ركيكة ، وأنّها ليست بعربية فصيحة ، وأنّها مخالفة للسان أهل البيتعليهم‌السلام ، وهو كلام إنّما يتمّ عند أهل الفن خاصّة ، وفيه مجال للردّ والإبرام ، خصوصاً مع كون حديثنا صعب مستصعب ، وقولهمعليهم‌السلام : «ردّوه إلينا » ، كما ويخشى من تعميمه في مواطن أُخرى ، من غير من هو أهل لذلك.

ثانياً : وجود روايات صريحة صحيحة كثيرة مقابل هذه الأخبار الشاذّة النادرة ، وهذا كاف لإسقاطها عن الحجّية.

ثالثاً : إنّها مخالفة للعقل ، ولا يمكن القول بظاهرها من موحّد ، إلى غير ذلك من الوجوه الكثيرة ، التي لا غرض لنا هنا بإحصائها ، إذ لا نجد ثمّة ضرورة في ذلك.

٥٣

والحاصل : إنّ عمدة الإشكال هنا أنّه مع قوله تعالى :( وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ) (١) ، وقوله عزّ من قائل :( هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (٢) ، وقوله عزّ اسمه :( إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ ) (٣) وغيرها ، مثلاً وما أكثرها ، فكيف يرد التعبير عنهمعليهم‌السلام أمثال هذه الألفاظ التي يستشم منها الغلوّ والكفر؟ والعياذ بالله.

ولبّ الجواب عليه ـ فضلاً عمّا سلف ـ هو : إنّه وردت في كتبنا روايات كثيرة عنهمعليهم‌السلام صحيحة ، عندما ذكروا هذه الألفاظ فيها فسّروها لنا ، وقالوا نقصد منها كذا ، فلو فسّرت بغير هذا من أيّ كان ، أو أخذ بظواهرها ، لكان ردّاً عليهمعليهم‌السلام ، ولابدّ من الأخذ بتأويلهم وبما فسّروه ، وإلاّ لكان باطلاً لم يقصدوه ولا يريدوه ، بل تقوّل عليهم وافتراء ، مثال ذلك :

أ ـ قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا الأوّل والآخر » ، ثمّ فسّره بقوله : «أوّل في النبوّة ، وآخر في البعثة »(٤) .

ب ـ ما جاء في مناقب آل أبي طالب ، حيث عدّ مجموعة من الصفات ثمّ فسّرهاعليه‌السلام .

وسئل أمير المؤمنينعليه‌السلام كيف أصبحت؟ فقال : «أصبحت وأنا الصدّيق الأوّل ، والفاروق الأعظم ، وأنا وصيّ خير البشر ، وأنا الأوّل ، وأنا الآخر ، وأنا الباطن ، وأنا الظاهر ، وأنا بكلّ شيء عليم ، وأنا عين الله ، وأنا جنب الله ، وأنا أمين الله على المرسلين ، بنا عبد الله ، ونحن خزان الله في أرضه وسمائه ، وأنا أُحيي ، وأنا أُميت ، وأنا حيّ لا أموت ».

__________________

١ ـ النجم : ٤٣.

٢ ـ الحديد : ٣.

٣ ـ البقرة : ٢٥٨.

٤ ـ كشف الغمّة ١ / ١٣.

٥٤

فتعجّب الإعرابي من قوله فقالعليه‌السلام : «أنا الأوّل ؛ أوّل من آمن برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنا الآخر ؛ آخر من نظر فيه لمّا كان في لحده ، وأنا الظاهر ؛ فظاهر الإسلام ، وأنا الباطن ؛ بطين من العلم ، وأنا بكلّ شيء عليم ؛ فإنّي عليم بكلّ شيء أخبر الله به نبيّه ، فأخبرني به ، فأمّا عين الله ؛ فأنا عينه على المؤمنين والكفرة ، وأمّا جنب الله ؛ فأن تقول نفس : يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله ومن فرّط فيّ فقد فرّط في الله ، ولم يخبر لنبي نبوّة حتّى يأخذه خاتماً من محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلذلك سمّي خاتم النبيّين سيّد النبيّين ، وأنا سيّد الوصيين ، وأمّا خزّان الله في أرضه ؛ فقد علمنا ما علمّنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقول صادق ، وأنا أُحيي ؛ أُحيي سنّة رسول الله ، وأنا أُميت ؛ أُميت البدعة ، وأنا حيّ لا أموت ، لقوله تعالى : ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (١) »(٢) .

ج ـ ما جاء في الاختصاص : روي أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام كان قاعداً في المسجد ، وعنده جماعة ، فقالوا له : حدّثنا يا أمير المؤمنين ، فقال لهم : «ويحكم إنّ كلامي صعب مستصعب ، لا يعقله إلاّ العالمون ».

قالوا : لابدّ من أن تحدّثنا ، قال : «قوموا بنا » ، فدخل الدار ، فقال : «أنا الذي علوت فقهرت ، أنا الذي أُحيي وأُميت ، أنا الأوّل والآخر ، والظاهر والباطن ».

فغضبوا وقالوا : كفر!! وقاموا ، فقال عليعليه‌السلام للباب : «يا باب استمسك عليهم »! فاستمسك عليهم الباب.

فقال : « ألم أقل لكم : إنّ كلامي صعب مستصعب لا يعقله إلاّ العالمون؟! تعالوا أفسّر لكم ، أمّا قولي : أنا الذي علوت فقهرت ، فأنا الذي علوتكم بهذا السيف ، فقهرتكم حتّى أمنتم بالله ورسوله.

__________________

١ ـ آل عمران : ١٦٩.

٢ ـ مناقب آل أبي طالب ٢ / ٢٠٥.

٥٥

وأمّا قولي : أنا أُحيي وأُميت ؛ فأنا أُحيي السنّة وأُميت البدعة.

أمّا قولي : أنا الأوّل ؛ فأنا أوّل من آمن بالله وأسلم.

وأمّا قولي : أنا الآخر ؛ فأنا آخر من سجّى على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ثوبه ودفنه.

وأمّا قولي : أنا الظاهر والباطن ، فأنا عندي علم الظاهر والباطن ».

قالوا : فرّجت عنّا فرّج الله عنك(١) .

د ـ ما جاء في رجال الكشّي مسنداً عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أنا وجه الله ، وأنا جنب الله ، وأنا الأوّل ، وأنا الآخر ، وأنا الظاهر ، وأنا الباطن ، وأنا وارث الأرض ، وأنا سبيل الله ، وبه عزمت عليه ».

فقال معروف بن خربوذ : ولها تفسير غير ما يذهب فيها أهل الغلوّ(٢) .

وعلّق عليه في بحار الأنوار قوله : «وبه عزمت عليه » ، أي بالله أقسمت على الله عند سؤال الحوائج عنه(٣) .

« علي الطريحيّ. هولندا ـ ٢١ سنة ـ طالب »

حقّه كحقّ الوالد على الولد :

س : نرجو التكرّم ببيان المصادر في كتب إخواننا السنّة للحديث النبويّ الشريف : « يا علي أنا وأنت أبوا هذه الأُمّة ».

ج : روى هذا الحديث الشيخ سليمان بن إبراهيم القندوزيّ الحنفيّ ـ المتوفّى سنة ١٢٩٤هـ ـ في كتابه ينابيع المودّة لذوي القربى(٤) .

وورد هذا الحديث بعبارات أُخرى ، وهي : قول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : «حقّ علي على المسلمين حقّ الوالد على ولده »(٥) .

__________________

١ ـ الاختصاص : ١٦٣.

٢ ـ اختيار معرفة الرجال ٢ / ٤٧١.

٣ ـ بحار الأنوار ٣٩ / ٣٤٩.

٤ ـ ينابيع المودّة ١ / ٣٧٠.

٥ ـ تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٣٠٨ ، جواهر المطالب ١ / ٩١.

٥٦

وقول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا علي ، حقّك على المسلمين كحقّ الوالد على ولده »(١) .

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « حقّ علي على هذه الأُمّة كحقّ الوالد على ولده »(٢) .

« السيّد أحمد السيّد نزار ـ البحرين »

مع اليهوديّ عند القاضي شريح :

س : هناك قصّة نسمعها كثيراً ، ولكن لي بعض الملاحظات عليها ، وأرجو أن تجيبوني عليها ، إذا كانت القصّة صحيحة متناً وسنداً.

ومضمون القصّة كالتالي : في أحد الأيام والإمام عليعليه‌السلام يسير ، سقط درعه فلم ينتبه له ، وفي أحد الأيام رأى درعه مع يهوديّ ، فقال له : « هذا درعي ».

فقال اليهوديّ : لا هذا درعي أنا.

فقال له الإمام عليعليه‌السلام : « تعال نتقاضى عند القاضي » ، فذهبا إلى القاضي شريح ، فاحتكما عنده ، فقال شريح : يا أبا الحسن ، فقال له الإمام : « عاملني مثله ، واحكم بالعدل ».

فقال شريح لأمير المؤمنين : هل عندك شهود؟ فقال : « لا » ، فقال لليهوديّ : احلف أنّ الدرع لك ، فحلف اليهوديّ ، فقال شريح : إنّ الدرع لليهوديّ.

فقال له الإمام : « لقد حكمت بشرع » ، فلمّا رأى اليهوديّ الموقف ، قال : إنّ الدرع للإمام ، وأنّه فعلاً درعه ، وشهد الشهادتين وأسلم ، هذه خلاصة القصّة ، والملاحظات هي كالآتي :

١ ـ كيف يحكم شريح ضدّ أمير المؤمنين؟ ويطلب من الإمام شهوداً؟ أهناك أعظم من شهادة الله ورسوله؟ حيث قال الرسول في حقّ الإمام : « علي مع الحقّ

__________________

١ ـ مناقب الإمام علي : ٩٤ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٣٠٨ ، ينابيع المودّة ١ / ٣٦٩.

٢ ـ تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٣٠٧ ، ينابيع المودّة ١ / ٣٧٠ و ٢ / ٧٦ و ٢٣٨.

٥٧

والحقّ مع علي » (١) .

٢ ـ كيف يقول الإمام لشريح : لقد حكمت بالشرع ، هل الشرع يقول بخلاف العقيدة الاثني عشرية بعصمة الإمام؟

صحيح أنّ القصّة تحمل الكثير من الدروس والعبر في ذهاب الإمام إلى القاضي ، مع أنّه كان باستطاعته أن يأخذ الدرع رغماً على اليهوديّ ، وفي حكم القاضي ضدّ الإمام إلى صالح اليهوديّ الضعيف ، ولكن هذا لا يلغي الملاحظات الآنفة الذكر.

ج : إنّ هذه الرواية واردة بسند ضعيف لوجود عمرو بن شمر وعامر الشعبيّ ، ولو سلّمنا أنّها واردة بسند قويّ ، فطلب شريح القاضي من الإمامعليه‌السلام شهوداً من باب أنّ الطرف الآخر ـ وهو اليهوديّ ـ لا يلتزم بغير ذلك ، بمعنى لا يلتزم بإمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام وعصمته ، نعم يلتزم بالقواعد القضائية التي منها : إحضار البيّنة.

فأراد أمير المؤمنينعليه‌السلام وقاضيه إظهار هذه الصورة العظيمة للإسلام ، والتي لم تكن تظهر بهذا الشكل بل على عكس ذلك لو استدل شريح أو غيره بعصمة الإمامعليه‌السلام لأجل الحكم له ، خصوصاً وأن أمير المؤمنين كان الخليفة السياسي حينها.

لذلك كان لهذا الموقف أثره البالغ في نفس ذلك النصرانيّ أو اليهوديّ حيث أسلم على إثره.

وتجدر الإشارة إلى عدم وجود عبارة « لقد حكمت بالشرع » في الرواية ، نعم نقلت بعض المصادر السنية عبارة : « أصاب شريح ». وهذا لا يتنافى مع ما ذكرنا من تفسير ، فتأمّل.

__________________

١ ـ تاريخ بغداد ١٤ / ٣٢٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٤٩ ، الإمامة والسياسة ١ / ٩٨ ، جواهر المطالب ١ / ٣٤٣ ، كشف الغمّة ١ / ١٤٤.

٥٨

( أبو علي ـ الكويت )

معنى الأنزع البطين :

س : هل صحيح أنّ أمير المؤمنين عليعليه‌السلام كان أصلعاً وبديناً ، كما يروى في الكتب؟ قرأت هذا في وصفه بعدّة كتب من كتبنا ، ولكن لم يدخل إلى عقليّ أيّ منها.

أرجو منكم الإفادة ، سائلاً المولى تعالى أن يوفّقكم لما فيه مصلحة دين الله الحقّ ، وهو مذهب أهل البيتعليهم‌السلام .

ج : من ألقاب الإمام عليعليه‌السلام المعروفة : الأنزع البطين.

فالبعض فسّر هذا اللقب على ظاهره اللغوي ، والبعض فسّره بأنّ الأنزع كناية عن امتناع الشرك فيه ، والبطين كناية عن كثرة العلم والإيمان واليقين ، لا ضخامة البطن ، والدليل على ذلك روايات كثيرة ، وردت في كتب الفريقين في هذا المجال.

منها قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا علي ، إنّ الله قد غفر لك ولذرّيتك ، ولشيعتك والمحبّي شيعتك ، والمحبّي محبّي شيعتك ، فابشر فإنّك الأنزع البطين ، منزوع من الشرك ، مبطون من العلم »(١) .

ولو حملنا الأنزع البطين على معناه الظاهريّ فلا أجد في ذلك ما يتنافى مع العقل ، نعم العقل يحكم بأن يكون شكل النبيّ أو الإمام وظاهره مألوفاً بحيث لا تنفر منه النفوس ، وكم أنزع بطين تألفه النفوس وتنجذب إليه ، وكم من شخص لا يتصف بهذين الوصفين تبغضه النفوس ولا ترغب في رؤيته الأعين ، فتأمل.

وتجدر الإشارة إلى عدم التلازم بين كون الإنسان بطيناً وبين كثرة الأكل ، حيث أن ذلك تابع لطبيعة خلقة الشخص ، فتجد شخصاً نحيفاً ولا يؤثر كثرة

__________________

١ ـ عيون أخبار الرضا ١ / ٥٢ ، مسند زيد بن علي : ٤٥٦ ، ينابيع المودّة ٢ / ٤٥٢.

٥٩

الطعام على وضعه ، وتجد العكس ، فلا يتنافى هذا التفسير مع زهد الإمام وقد ورد عنهعليه‌السلام : «ولكن هيهات أن يغلبني هواي ، ويقودني جشعي إلى تخيّر الأطعمة ـ ولعلّ بالحجاز أو باليمامة من لا طمع له في القرص ، ولا عهد له بالشبع ـ أو أبيت مبطاناً وحولي بطون غرثى ، وأكباد حرّى ، أو أكون كما قال القائل :

وحسبك عاراً أن تبيت ببطنة

وحولك أكباد تحنّ إلى القدّ

أأقنع من نفسي بأن يقال : هذا أمير المؤمنين ، ولا أشاركهم في مكاره الدهر ، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش! فما خلقت ليشغلني أكل الطيّبات ، كالبهيمة المربوطة ، همّها علفها ، أو المرسلة ، شغلها تقممها ، تكترش من أعلافها ، وتلهو عما يراد بها ، أو أترك سدى »(١) .

« محمّد العجمي ـ عمان ـ »

زواجه لا يدلّ على مشروعية الخلفاء :

س : هل كانت حروب الردّة غير شرعية؟ إذا كانت شرعية فخلافة أبو بكر شرعية ، وإذا كانت غير شرعية ، فلماذا يتزوّج الإمام علي عليه‌السلام من سبيهم؟ فهو تزوّج خولة والدة محمّد بن الحنفية ، كما زوّج ابنه الحسين عليه‌السلام من سبي فارس ، في عهد الخليفة عمر ، أرجو الإفادة ولكم جزيل الشكر.

ج : أنت تعلم أنّ شرعية الأمر متأتّية من شرعية القائمين به ، وعلى هذا يمكنك أن تجعل هذه القاعدة منطبقة على موردنا هذا ، فحروب الردّة تتبع في عدم شرعيتها إلى فقدان شرعية القائمين عليها ، وإذا كان الأمر كذلك ، فمن أين تأتي شرعية هذه الحروب؟ ولا يمكن القول بعد ذلك بشرعيتها ، لعدم توفّر شرعية الخليفة.

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١٦ / ٢٨٧.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

الإمام الجواد عليه‌السلام :

( صادق اللواتي ـ عمان ـ )

صغر السن :

س : ما هو الدليل على إمامة الإمام الجواد عليه‌السلام ؟ مع أنّه كان صغير السن؟

ج : إن كان الإشكال في السنّ فقد ثبت عدم دخل العمر في شرط الإمامة والقيادة عقلاً ونقلاً.

أمّا عقلاً ، فلا دليل على استحالة ذلك ، فيكون من الممكنات.

وأمّا نقلاً ، فهنالك آيات وروايات كثيرة ، ثبت من خلالها إمكان بل وقوع الإمامة والقيادة للأُمّة بسنّ صغير ، وهذا عيسىعليه‌السلام يشهد له القرآن بذلك ، إذ يقول :( قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ) (١) ، وكذلك تحدّث عن يحيىعليه‌السلام فقال :( يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) (٢) .

وإن كان الإشكال في شيء آخر فأخبرنا ونحن لك من الشاكرين.

( ـ البحرين ـ )

مشابهته لبعض الأنبياء :

س : لمّا ولد الإمام الجواد عليه‌السلام قال الإمام الرضا عليه‌السلام لأصحابه : « قد ولد لي

__________________

١ ـ مريم : ٢٩ ـ ٣٠.

٢ ـ مريم : ١٢.

٢٦١

شبيه موسى بن عمران فالق البحار ، وشبيه عيسى بن مريم »(١) .

فما هو وجه الشبه بين الإمام الجوادعليه‌السلام وبين هذين النبيّين عليهما‌السلام ؟

ج : الظاهر أنّ الإمام الرضاعليه‌السلام يقصد بكلامه هذا ـ على فرض صحّة الرواية سنداً ـ بأنّ ولده الإمام الجوادعليه‌السلام قد شاءت المصلحة الإلهيّة أن لا يولد في أيّام شباب الوالدعليه‌السلام ، بل ولد يوم كان عمر الإمام الرضاعليه‌السلام خمسة وأربعين سنة تقريباً ، وهذا التأخير كان تمحيصاً شديداً وابتلاءً عظيماً للمؤمنين( حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ) (٢) ، بحيث إنّ البعض قد بدأ يشكّك في مصداقية إمامة الإمام الرضاعليه‌السلام لعدم وجود عقب له ، فمن هذه الجهة تشابهت قصّة ولادتهعليه‌السلام بموسىعليه‌السلام ، حيث إنّ بني إسرائيل يئسوا من ظهور المنقذ لهم من ظلم فرعون بسبب تأخيره ، حتّى أتاهم بعد فترة من الامتحان والاختبار.

وأمّا وجه الشبه بينهعليه‌السلام وعيسىعليه‌السلام فهو أنّ عيسىعليه‌السلام آتاه الله تعالى الكتاب والنبوّة وهو طفل رضيع ، وتكلّم في المهد وهو صبيّ ، كذلك الإمام الجوادعليه‌السلام آتاه الله الإمامة وهو طفل ، وكان يكلّم الناس بكلام الحكماء والعرفاء ، وهو في مرحلة الطفولة.

( ـ محمّد ـ )

إجابته على مسائل كثيرة في مجلس واحد :

س : ما تقولون في حديث ورد في بعض الكتب عن الإمام الجواد عليه‌السلام ، أنّه أجاب على ثلاثين ألف مسألة في مجلس واحد؟ فهل هذا ممكن عقلاً؟ وهل يمكن إسناده إلى المعصوم عليه‌السلام ؟

ج : نعم ، جاء هذا الخبر في بعض مصادر الحديث بدون الإسناد إلى كلام

__________________

١ ـ بحار الأنوار ٥٠ / ١٥ عن عيون المعجزات.

٢ ـ آل عمران : ١٧٩.

٢٦٢

الإمامعليه‌السلام ، بل إنّه من كلام إبراهيم بن هاشم راوي الواقعة(٢) .

ومن هنا يجب أن نلاحظ نقطتين :

١ ـ إنّ مراجعة الأئمّةعليهم‌السلام من قبل الشيعة وغيرهم أمر طبيعي ، خصوصاً عند وفاة الإمام السابق ، وابتداء إمامة اللاحق ، فكانوا يأتونه لمعرفة إمامهم والتيقّن من شخصه ، وتمييزه عن غيره في تلك الظروف الصعبة ، وعليه فالظاهر أنّ هذا الخبر ثابت من حيث المضمون.

٢ ـ ومع التسليم لأصل القضية ، يمكن توجيه مواصفاتها المذكورة بعدّة صور ، ذكر بعضها العلاّمة المجلسيّ في « بحار الأنوار » في ذيل الحديث(١) .

والذي يبدو منها قريباً إلى الواقع هو : إنّ الإمامعليه‌السلام قد تكلّم بقواعد عامّة تتفرّع منها مسائل كثيرة ، فيصحّ أن يعبّر في المقام : إنّهعليه‌السلام أجاب على كلّ هذه الأسئلة ، والعلم عند الله تعالى.

( ـ السعودية ـ )

تولّى بنفسه تجهيز والده :

س : هل أنّ الإمام الجواد عليه‌السلام قد أتى إلى طوس من المدينة بصورة غير عادية لتجهيز أبيه الإمام الرضا عليه‌السلام والصلاة عليه ، كما تتحدّث بعض الأخبار بهذا؟ وهل هذا ممكن عقلاً؟ ثمّ كيف ينكره السيّد المرتضى (٢) ولا يلتزم بهذا الأمر؟

ج : أطبقت الشيعة بعلمائها وغيرهم على أنّ المتولّي لتجهيز الإمام السابق والصلاة عليه لا يكون إلاّ الإمام اللاحق ، وهذا رأيهم يعتمد على أحاديث كثيرة وردت في هذا المجال.

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٤٩٦ ، كشف الغمّة ٣ / ١٥٦ ، مناقب آل أبي طالب ٣ / ٢٩٠.

٢ ـ بحار الأنوار ٥٠ / ٩٣.

٣ ـ رسائل المرتضى ٣ / ١٥٦.

٢٦٣

ثمّ لا يخفى أنّ موضوع طيّ الأرض ليس فيه أيّ حظر عقليّ من جهة الإمكان ، فهو ممكن وواقع عقلاً ونقلاً ، كما ورد في القرآن الكريم في قصّة إحضار عرش بلقيس عند سليمانعليه‌السلام .

وأمّا المحاذير التي ذكروها في المقام فليست هي إلاّ وجوه استبعادية لا تفيد الجزم بالمنع.

وأمّا إنكار السيّد المرتضى للموضوع وملازماته فهو بسبب التزامه بمبنى عدم قبول خبر الواحد في باب الأخبار ، أي أنّه لا يرى أخبار المقام في حدّ التواتر أو الاستفاضة حتّى تفيد علماً له ، وهذا المبنى مردود عند المحققّين كما قرّر في علم الأُصول.

فالنتيجة : إنّ إنكاره لا يدلّ على نفي الواقع ، بل هو رأي خاصّ به ، قد ثبت بطلانه بأدلّة وافية وشافية.

وعليه ، فالإمام الجوادعليه‌السلام ـ وكذا باقي الأئمّةعليهم‌السلام ـ قد حضروا وتولّوا تجهيز آبائهم والصلاة عليهم.

وأمّا ما روي من تولّي هذه المراسيم بيد الآخرين فهي ـ مع فرض صحّة أسانيدها ـ لا تنفي ما ذكرناه ، فقد يجوز أن يكون ذلك على مستوى الظاهر ولحفظ حالة التقية والكتمان.

( عبد الله )

إمامته في صغر سنّه :

س : هناك من يعترض على إمامة الإمام الجواد عليه‌السلام لصغر سنّه (١) ، ويؤيّد كلامه بوجود اختلاف بين الشيعة نفسهم في ذلك ، نقلاً عن كتاب فرق الشيعة (٢) .

__________________

١ ـ بين الشيعة وأهل السنّة : ٥٥.

٢ ـ فرق الشيعة : ٨٨.

٢٦٤

فإنّه يذكر : إنّ بعض الشيعة أنكروا إمامته مستدلّين بأنّ الإمام لا يجوز أن يكون إلاّ بالغاً ، ولو جاز أن يأمر الله تعالى بطاعة غير البالغ لجاز أن يكلّف الله غير البالغ ، والتالي باطل فالمقدّم مثله .

كيف نردّ عليهم هذه الدعوى والاستدلال الباطل ؟

ج : نختصر الجواب في عدّة نقاط :

١ ـ صغر السنّ بما هو لا يكون مانعاً عقلاً في المقام ، فلا نرى فيه أيّ محذور كما هو واضح.

وأمّا نقلاً ، فمضافاً إلى عدم ورود منع شرعي لذلك جاء في القرآن الكريم( وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) (١) ، فالاستبعاد في الموضوع لا يرجع إلى شيء.

٢ ـ إنّ كتاب « فرق الشيعة » للنوبختي لم يصل إلينا بطريق وسند صحيح يمكن الاعتماد عليه ، كما هو رأي المحقّقين.

نعم ثبت في محلّه بأنّ النوبختي كان له كتاب بهذا الاسم ، ولكن لا يمكننا الجزم بأنّ هذه النسخة المتداولة هي الأصل ، بل من المحتمل والمظنون قويّاً تلاعب بعض الأيدي في متنها.

٣ ـ لا ملازمة بين عدم تكليف غير البالغ وموضوع الإمامة والنبوّة ، فإنّهما رتبتان يهبهما الله تعالى حيث يشاء من عباده وفقاً للمصلحة التي يراها.

وأمّا عدم تكليف الصبي فهو امتنان وشفقة عليه ، أي إنّه من باب رفع المشقّة ، لا أنّه لا يصحّ تكليفه عقلاً ، ألا ترى صحّة عباداته ومشروعيّتها على المشهور.

وبعبارة واضحة : إنّ الصبي ـ وعلى الأخصّ المميّز منه ـ قد رفع عنه التكليف لصالحه ، ولكن النبوّة والإمامة أمران إلهيان يضعهما الله تعالى في مواضع قد قدّر استيعابهما فيها مسبقاً ، فلا امتنان في رفعهما عن تلك المواضع.

٤ ـ ولو سلّمنا أنّ بعض الشيعة أنكر إمامته لصغر سنّه فهؤلاء حينئذ لا يطلق

__________________

١ ـ مريم : ١٢.

٢٦٥

عليهم شيعة اثنى عشرية ، فحالهم حال الشيعة الإسماعيلية حين أنكروا إمامة الإمام الكاظمعليه‌السلام ، وحالهم حال الشيعة الزيدية حين أنكروا إمامة الإمام الباقرعليهم‌السلام .

( حسين جبّاري ـ البحرين ـ ٢٣ سنة ـ طالب )

ردّه على ثلاثين ألف مسألة في مجلس واحد :

س : لقد قرأت كتيّب بعنوان « المسلم » للسيّد الشيرازي ، وقد لفتت انتباهي رواية عن أحد الأئمّة عليهم‌السلام ، بأنّه قد ردّ على ثلاثين ألف مسألة في جلسة واحدة ، وهذا الكلام غير منطقيّ ، لأنّنا لو قلنا : إنّ الجلسة كانت مدّتها ٢٤ ساعة ، وقد تمّ طرح مسألة والإجابة عليها في كلّ دقيقة ، فأنّنا نرى أن ربع هذا الرقم لم نصل إليه ، فما هو ردّكم؟ ولكم جزيل الشكر.

ج : الظاهر أنّك تقصد الرواية التي رواها ابن شهر آشوب في « مناقب آل أبي طالب » ، عن إبراهيم بن هاشم عن مجلس اجتمع فيه الناس للاستفادة من الإمام الجوادعليه‌السلام ، وهو ابن عشر سنين ، هذه الروايات إن صحّ سندها ـ كما هو غير بعيد ، يمكن توجيها بعدّة وجوه أهمّها :

١ ـ إنّ المقصود بالجلسة مجلس الاستفادة ، ولعلّه امتدّ أيّاماً وأسابيع ، وعبّر عنها بمجلس واحد ، لأجل أنّها عقدت لإثبات عظمة الإمام رغم صغر سنّه ، وعجز غيره عن مجاراته ومناظرته ، رغم كثرتهم وكبر سنّهم ، فهو مجلس واحد لأجل وحدة الغرض.

٢ ـ إنّ المقصود بالتعبير الوارد في الرواية والعدد المذكور الجزئيات والفروع التي استفيدت من القواعد التي أُسّست من قبل الإمامعليه‌السلام ، وهذا مثل ما يظهر من قوله سبحانه :( وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) (١) ، وقوله :

__________________

١ ـ الأنعام : ٥٩.

٢٦٦

( وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) (١) بناء على أنّ المقصود بالكتاب هو القرآن.

فكما يمكن أن يحتوي القرآن على كلّ ما أُشير إليه رغم محدوديّته من حيث الألفاظ ، كذلك يمكن أن يحتوي كلام الإمام على أُسس وقواعد ليستخرج منها حكم فروع كثيرة.

وأيضاً قال الله سبحانه :( ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ ) (٢) ، ومعلوم أنّ توراة موسى كان كتاباً محدود الكلمات ، ومع ذلك احتوى تفصيلاً لكلّ شيء.

وقال في موضع آخر :( وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ ) (٣) ، وأشار سبحانه إلى احتواء القرآن بقوله :( وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً ) (٤) ، وإلى هذا المعنى يشير أمير المؤمنينعليه‌السلام في قوله : « علّمني رسول الله ألف باب من العلم ، فتح لي كلّ باب ألف باب »(٥) .

وقد قال بعض : إنّه استنبط من قول الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا ضرر ولا ضرار » أكثر من ألف حكم.

__________________

١ ـ يونس : ٦١.

٢ ـ الأنعام : ١٥٤.

٣ ـ الأعراف : ١٤٤.

٤ ـ الإسراء : ١٢.

٥ ـ الفصول المختارة : ١٠٧ ، إعلام الورى ١ / ٢٦٧.

٢٦٧
٢٦٨

الإمام الهادي عليه‌السلام :

( عيسى ـ الكويت ـ ٣١ سنة )

علمه وإخباره بموت الواثق :

س : هناك من يقول أنّ علي الهادي لم يكن أعلم الناس حسبما هو مشروط فيمن يتولّى الإمامة ، فكيف يكون الردّ على هذا القول؟ وجزاكم الله خيراً.

ج : لقد اشتهر كالشمس في رائعة النهار بين الخاصّة والعامّة سعة أُفق علم الأئمّةعليهم‌السلام أجمع ، فضلاً عن الإمام الهاديعليه‌السلام بذاته.

أمّا بالنسبة إلى الخاصّة فلا مجال للنقاش أو الشكّ بعد الإقرار بكونهم أئمّة معصومين ، وأنّ علمهم وراثي وإلهامي.

وأمّا العامّة بجميع مذاهبها فإنّها أقرّت بسعة علوم أهل البيتعليهم‌السلام ، بما يميّزها عن غيرها.

ومن الأخبار التي تدلّ على سعة الإمام الهاديعليه‌السلام إخباره بموت الواثق ، فعن خيران الأسباطيّ قال : « قدمت على أبي الحسنعليه‌السلام المدينة فقال لي : «ما خبر الواثق عندك »؟ قلت : جعلت فداك خلّفته في عافية ، أنا من أقرب الناس عهداً به ، عهدي به منذ عشرة أيّام ، قال : فقال لي : «إنّ أهل المدينة يقولون إنّه مات » ، فلمّا أن قال لي : الناس ، علمت أنّه هو.

ثمّ قال لي : «ما فعل جعفر »؟ قلت : تركته أسوأ الناس حالاً في السجن ، فقال : «أمّا إنّه صاحب الأمر ، ما فعل ابن الزيات »؟ قلت : جعلت فداك الناس معه والأمر أمره.

٢٦٩

فقال : «أمّا إنّه شؤم عليه » ، ثمّ سكت وقال لي : «لابدّ أن تجري مقادير الله تعالى وأحكامه ، يا خيران مات الواثق ، وقد قعد المتوكّل جعفر ، وقد قتل ابن الزيات » ، فقلت : متى جعلت فداك؟ قال : «بعد خروجك بستّة أيّام »(١) .

( إبراهيم ـ كندا ـ ٢٣ سنة )

دفن في بيته :

س : لماذا دفن الإمام علي الهادي عليه‌السلام في بيته؟ وشكراً لكم.

ج : السبب في دفنهعليه‌السلام في بيته يعود إلى حصول ردود الفعل من الشيعة يوم استشهادهعليه‌السلام ، وذلك عندما اجتمعوا لتشييعه مظهرين البكاء والسخط على السلطة ، والذي كان بمثابة توجيه أصابع الاتهام إلى الخليفة لتضلّعه في قتله.

وللشارع الذي أخرجت جنازة الإمامعليه‌السلام إليه الأثر الكبير ، حيث كان محلاً لتواجد معظم الموالين لآل البيتعليهم‌السلام ، أو من يحمل بين حنايا ضلوعه ولاء أهل البيتعليهم‌السلام ، من الجند والقوّاد والكتّاب.

كلّ هذا أدّى إلى اتخاذ السلطة القرار بدفنهعليه‌السلام في بيته ، وإن لم تظهر تلك الصورة في التاريخ بوضوح ، إلاّ أنّه يفهم ممّا تطرّق إليه اليعقوبيّ في تاريخه عند ذكر حوادث عام ( ٢٥٤ هـ ) ، ووفاة الإمام الهاديعليه‌السلام حيث يقول : « وبعث المعتزّ بأخيه أحمد بن المتوكّل ، فصلّى عليه في الشارع المعروف بشارع أبي أحمد ، فلمّا كثر الناس واجتمعوا كثر بكاؤهم وضجّتهم ، فردّ النعش إلى داره ، فدفن فيها »(٢) .

وتمكّنوا بذلك من إخماد لهيب الانتفاضة والقضاء على نقمة الجماهير الغاضبة.

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٤٩٨.

٢ ـ تاريخ اليعقوبيّ ٢ / ٥٠٣.

٢٧٠

( علي ـ العراق ـ ١٩ سنة )

حذّر من ابنه جعفر :

س : هل حذّر الإمام الهادي من ابنه جعفر الكذّاب؟ ودمتم سالمين.

ج : لقد حذّر الإمام الهاديعليه‌السلام شيعته ومواليه من ابنه جعفر واتباعه ، فإنّه كان يقول لهم : تجنّبوا جعفراً فإنّه منّي بمنزلة نمرود من نوح الذي قال الله عزّ وجلّ فيه :( فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ) (١) .

قال الله :( قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ) (٢) .

وقد حذّر منه أيضاً الإمام العسكريّعليه‌السلام بقوله : « الله الله أن يظهر لكم أخي جعفر على سرّ ، ما مثلي ومثله إلاّ مثل هابيل وقابيل ابني آدم ، حيث حسد قابيل هابيل على ما أعطاه من الحاشية ، ولو تهيّأ لجعفر قتلي لفعل ، ولكن الله غالب على أمره »(٣) .

__________________

١ ـ هود : ٤٥.

٢ ـ هود : ٤٦.

٣ ـ مدينة المعاجز ٧ / ٦٦٤.

٢٧١
٢٧٢

الإمام العسكريّ عليه‌السلام :

( ـ مسلم ـ )

روي عنه أحاديث قليلة :

س : لماذا معلوماتنا قليلة وشحيحة عن الإمام الحسن العسكريّ؟ على الرغم أنّه آخر الأئمّة ، وقبل الإمام المهديّعليه‌السلام ، ومن المفروض أن نكون أكثر علماً عنه ، ونقل عنه.

إلاّ أنّنا نجد النقل أكثر عن الإمام جعفر الصادق ، ونرى نهج البلاغة ، ونرى القليل عن رسول الله ، أوّل من جاء بخبر السماء ، كما أنّنا لا نرى روايات عن الإمام العسكريّ.

ج : إنّ قلّة أحاديثنا عن الإمام العسكريّعليه‌السلام ترجع إلى أمرين : قصر عمره الشريف ، وإبقائه تحت الرقابة الشديدة.

فالحقيقة إنّ الإمامعليه‌السلام قد ولد في سنة ٢٣٢ هـ ، واستشهد مسموماً في سنة ٢٦٠ هـ ، فعمره الشريف يكون ٢٨ سنة.

مضافاً إلى أنّهعليه‌السلام قد شخص إلى العراق مع والدهعليه‌السلام ، منذ سنة ٢٣٦ هـ ، وأُجبر على الإقامة في مدينة سامراء ـ عاصمة العباسيّين آنذاك ـ حتّى تكون عيون الحكومة على معرفة قريبة من شؤونه ، واتصال الشيعة به ، وفي هذه الظروف كان من الصعب الوصول إليه ، وتلقّي الأحاديث والعلوم والمعارف منهعليه‌السلام .

وهذا بخلاف المقطع الذي عاشه الإمام الصادقعليه‌السلام ، إذ صادف زمان انهيار

٢٧٣

الحكم الأمويّ وظهور العباسيّين ، فاشتغال الظالمين بالظالمين قد أنتج فرصة ذهبية للإمامعليه‌السلام في سبيل بثّ علوم أهل البيتعليهم‌السلام وأحاديثهم ، وهذا سرّ كثرة الروايات عنهعليه‌السلام .

وأمّا الرواية عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله فهي أحاديث أهل البيتعليهم‌السلام ، أي إنّ أحاديثهم ـ بعقيدتنا ـ هي أحاديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا غير ، وهي ليست بالقليل كما هو واضح ، لمن راجع المجامع الحديثية للشيعة.

( محامي الشيعة ـ السعودية ـ )

المعتمد دسّ إليه السمّ :

س : على يد مَن قتل الإمام الحسن العسكريّ عليه‌السلام ؟

ج : قال ابن الصبّاغ المالكيّ في « الفصول المهمّة » ما نصّه : « ذهب كثير من الشيعة إلى أنّ أبا محمّد الحسن مات مسموماً ، وكذلك أبوه وجدّه ، وجميع الأئمّة الذين من قبلهم ، خرجوا كلّهم تغمّدهم الله برحمته من الدنيا على الشهادة ، واستدلّوا على ذلك ، بما روي عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال : «ما منّا إلاّ مقتول أو شهيد »(١) .

ونقل العلاّمة المجلسيّ في « بحار الأنوار » عن كتاب « المصباح » للشيخ الكفعميّ ( قدس سره ) ، أنه قال : « توفّيعليه‌السلام في أوّل يوم من ربيع الأوّل » ، وقال في موضع آخر : « في يوم الجمعة ثامنه ، سمّه المعتمد »(٢) .

نعم المعتمد العباسيّ ـ الحاكم آنذاك ـ دسّ السمّ إلى إمامنا العسكريّعليه‌السلام ، ومات مسموماً مظلوماً.

__________________

١ ـ الفصول المهمّة : ٢٩٠.

٢ ـ بحار الأنوار ٥٠ / ٣٣٥.

٢٧٤

( ـ ـ )

مدّة إمامته :

س : إمامة أيّ من الأئمّة عليهم‌السلام كانت أقصر من الآخرين؟ رجاءً مع ذكر سنين إمامته.

ج : هو الإمام الحادي عشر من أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، أبو محمّد الحسن بن علي العسكريّعليهما‌السلام ، فقد ولدعليه‌السلام في سنة ٢٣٢ هـ ، وتولّى منصب الإمامة في سنة ٢٥٤ هـ ، واستشهد في سنة ٢٦٠ هـ ، وعليه ففترة إمامته كانت ستّ سنوات ، وبهذا تكون مدّة إمامته أقلّ فترةً من جميع آبائه المعصومينعليهم‌السلام .

منع من الحج :

س : نسمع أحياناً أنّ الإمام العسكريّ عليه‌السلام لم يحجّ ، فهل هذا صحيح؟ وإن كان صحيحاً فما وجهه؟

ج : نعم ، بحسب النصوص الروائية والتاريخية فإنّ الإمام العسكريّعليه‌السلام لم تتح له فرصة الذهاب إلى الحجّ ، وبهذا هو الإمام الوحيد الذي منع من أداء مناسك الحجّ والعمرة ، ولتوضيح المسألة يلاحظ :

أوّلاً : إنّ الإمام العسكريّعليه‌السلام خرج من المدينة نحو العراق في سنة ٢٣٦ هـ ، مع والده الإمام الهاديعليه‌السلام ؛ وبما أنّ ولادتهعليه‌السلام كانت في سنة ٢٣٢ هـ ، فهذا يعني أنّهعليه‌السلام كان له من العمر أربع سنوات حينما اصطحبه والده في سفره إلى سامراء.

ثانياً : كما نعرف أنّ المجيء إلى سامراء كان بصورة جبرية من قبل الخليفة العباسيّ ـ المتوكّل ـ ، فمن الطبيعي أن تكون الإقامة أيضاً جبرية ، وهذا يعني عدم الخيار في الخروج منها حتّى لسفر الحجّ.

فبقي هو مع أبيهعليهما‌السلام تحت الرقابة الشديدة إلى زمان استشهادهماعليهما‌السلام .

ثالثاً : كلّ ما ذكرناه هنا فهو على ضوء الأدلّة الظاهرية ، وعليه فلا ننفي إمكانية خروج الإمامعليه‌السلام عن البلد ، ومحلّ الإقامة الجبرية بصور الإعجاز

٢٧٥

وخرق العادة ، إذ هذا أمر طبيعيّ بالنسبة لأئمّة أهل البيتعليهم‌السلام .

ولكن على مستوى الوضع الظاهريّ كانعليه‌السلام قد فرض عليه الإقامة الجبرية في سامراء من أيّام الطفولة حتّى يوم استشهاده ، فلم يمكن التخلّص من الوضع الراهن والذهاب إلى الحجّ.

( ـ ـ )

إمامته منصوصة :

س : ما هي الحكمة من وراء إمامة الإمام العسكريّ عليه‌السلام ؟ وعدم حصولها لبقية أخوته مثل سيّد محمّد ، أو جعفر أو غيرهما ، مع أنّهما كانا أكبر من الإمام العسكريّ عليه‌السلام من ناحية العمر؟

ج : نلفت انتباهكم في الجواب إلى نقطتين :

الأُولى : إنّ الإمامة بحسب اعتقادنا ـ نحن الشيعة ـ أمر إلهي ، ولا تخضع لقوانين الوراثة ، أو أيّ موضوع آخر ، فيجب فيها اتّباع النصّ ، وعدم الاعتماد على الظنون والتخرّصات ، وقد وردت عدّة نصوص عامّة وخاصّة دالّة على إمامة الإمام العسكريّعليه‌السلام .

الثانية : وعلى فرض التنزّل والتسليم يمكننا البحث في الموردين المذكورين في السؤال.

ومجمل القول هو : إنّ السيّد محمّد قد توفّي في حياة والده الإمام الهاديعليه‌السلام ، وبهذا قد انتفى افتراضه كإمام ، أي إنّ إمامته انتفت بانتفاء موضوعه.

ولا يخفى أنّ لهذا السيّد شأناً كبيراً ، ومقاماً عالياً عند أهل البيتعليهم‌السلام ، وعند الشيعة ، ولكنّ الله تعالى شاء وقدّر ما كان وما يكون.

وأمّا جعفر ، وهو الملقّب بالكذّاب عند الشيعة ، فقد اشتهر عند الناس بالفسق والفجور ، فلم يكن فيه احتمال تصدّي مقام الإمامة حتّى على مستوى الفرض ؛ وهو أيضاً لم يدّع هذا المنصب في حياة أخيه الإمام العسكريّعليه‌السلام ،

٢٧٦

بل مال إليه بعد استشهادهعليه‌السلام ، ولكن لم يقبل منه القريب والبعيد هذا الادّعاء؛ وأمره إلى الله تعالى.

( أحمد ـ الكويت ـ ٢٠ سنة ـ طالب )

قول أبيه له أحدث لله شكراً فقد أحدث فيك أمراً :

س : بعد السؤال عن صحّتكم ، في الحقيقة لقد أرسلت رسالة بموضوع قدرة الله تعالى ، ونرجو منكم الردّ ، وهذا عهدنا بكم ، عندي موضوع آخر يتعلّق حول الإمام الحسن العسكريّعليه‌السلام ، وبالأخص قضية أنّ أخيه محمّد ، وأنّه هو الوصيّ بعد أبيه الهاديعليه‌السلام .

وقد قرأت حول هذا الموضوع بعض الردود ، مثل ردّ السيّد سامي البدريّ في كتاب شبهات وردود وغيرها ، وفي قسم الإجابات والأسئلة في هذا المركز ، في موضوع البداء ، إلاّ أنّه يتبادر عدّة نقاط يجب طرحها وملاحظاتها :

١ ـ ما المقصود من قول الإمام الهادي لولده الإمام العسكريّعليهما‌السلام : « يا بني ، أحدث لله شكراً فقد أحدث فيك أمراً »؟

وما المقصود من عبارة : وعلمنا أنّه أشار بالإمامة ، وأقامه مقامه؟ كما ورد في هذه الرواية : « عن جماعة من بني هاشم ، منهم الحسن بن الحسن الأفطس ، أنّهم حضروا ـ يوم توفّي محمّد بن علي بن محمّد ـ باب أبي الحسن يعزّونه ، وقد بسط له في صحن داره ، والنساء جلوس حوله ، فقالوا : قدّرنا أن يكون حوله من آل أبي طالب وبني هاشم وقريش مائة وخمسون رجلاً ، سوى مواليه وسائر الناس ، إذ نظر إلى الحسن بن علي قد جاء مشقوق الجيب ، حتّى قام عن يمينه ونحن لا نعرفه ، فنظر إليه أبو الحسنعليه‌السلام بعد ساعة ، فقال : « يا بني أحدث لله عزّ وجلّ شكراً ، فقد أحدث فيك أمراً » ، فبكى الفتى وحمد الله واسترجع ، وقال : « الحمد لله ربّ العالمين ، وأنا أسأل الله تمام نعمه لنا فيك ، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون ».

فسألنا عنه ، فقيل : هذا الحسن ابنه ، وقدّرنا له في ذلك الوقت عشرين سنة

٢٧٧

أو أرجح ، فيومئذ عرفناه وعلمنا أنّه قد أشار إليه بالإمامة ، وأقامه مقامه »(١) .

٢ ـ ما معنى قول الإمام الهادي لابنه العسكريّعليهما‌السلام : « إنّ الله تبارك وتعالى قد جعل فيك خلفاً منه فأحمد الله »؟

كما ورد في هذه الرواية : عن محمّد بن يحيى بن درياب قال : دخلت على أبي الحسنعليه‌السلام بعد مضي أبي جعفر فعزّيته عنه ، وأبو محمّدعليه‌السلام جالس ، فبكى أبو محمّدعليه‌السلام ، فأقبل عليه أبو الحسنعليه‌السلام فقال له : « إنّ الله تبارك وتعالى قد جعل فيك خلفاً منه فأحمد الله »(٢) .

٣ ـ هل يوجد نصّ من الإمام الهاديعليه‌السلام على ولده محمّد على أنّه هو الإمام؟ وهل حصل تواتر في الروايات على ذلك؟ ولماذا لم يتداول نصّ الإمام الجواد على العسكريّ عليهما‌السلام بين الشيعة؟

ج : بالنسبة إلى السؤال الأوّل نقول : المعنى أنّ الله تعالى حين قبض محمّداً إليه ، وقد كان بعض الشيعة يظنّون أنّه الإمام بعد أبيه ، فلمّا أماته الله أظهر للناس إمامة العسكريّ ، ورفع الوهم عند ذوي الفهم منهم ، وهذه نعمة بالغة تستوجب مزيد الشكر على هدايتهم إلى الحقّ.

والمقصود بالعبارة : إنّ الإمام الهاديعليه‌السلام أشار إلى ابنه الحسن العسكريّعليه‌السلام بالإمامة ، وأقامه مقامه ، أي مقام نفسه من بعده ، فالضمير عائد إلى الإمام الهادي في مقامه ، لا إلى ابنه محمّد.

وبالنسبة إلى السؤال الثاني نقول : معنى قول الإمام الهاديعليه‌السلام لابنه العسكريّ ـ إن صحّت الرواية ، ولا تصحّ لجهالة محمّد بن يحيى بن درياب الراوي ـ فإن المعنى هو المعنى في الجواب الأوّل.

وبالنسبة إلى السؤال الثالث نقول : لم يوجد أيّ نصّ من الإمام الهاديعليه‌السلام على ولده محمّد.

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٣٢٦.

٢ ـ المصدر السابق ١ / ٣٢٧.

٢٧٨

ولم يصحّ خبر واحد ـ فضلاً عن التواتر ـ في ذلك. وتوجد نصوص على إمامة العسكريّ ولو لم يكن تداول بين أهل المعرفة لما وصل إلينا الخبر بذلك.

وفّقنا الله وإيّاكم إلى بلوغ الحقّ ، والصراط المستقيم.

( تسنيم الحبيب ـ الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالبة جامعة )

رؤية نرجس له بالحلم :

س : لدي سؤال يتعلّق بالسيّدة المبجّلة والدة الإمام الحجّةعليه‌السلام ـ جعلنا وإيّاكم من أنصاره ـ : قرأت في بحار الأنوار عن غيبة الشيخ الطوسيّ : « أنّهاعليها‌السلام كانت تحلم بالإمام العسكريّعليه‌السلام ، ويأتي بالحلم لها ليحدّثها ويجالسها »(١) .

فهل هذا ممكن وجائز؟ وهل كانت هي حليلة له؟ أم أنّ هناك مسوّغاً شرعياً آخر؟ وجزاكم الله خير الجزاء ، ودمتم موفّقين.

ج : رؤية نرجسعليها‌السلام ، أو أي امرأة أُخرى إلى رجل غريب في الحلم لا يحتاج إلى مسوّغ شرعي ، وهكذا رؤية الإمام العسكريّعليه‌السلام ، أو أي رجل آخر إلى امرأة غريبة في الحلم.

ثمّ بعد التسليم بصحّة سند الرواية ، ففي بدايتها تصريح بحصول عقد النكاح من خلال النبيّ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وشمعون وصيّ عيسىعليهما‌السلام .

__________________

١ ـ بحار الأنوار ٥١ / ٦.

٢٧٩
٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518