موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

موسوعة الأسئلة العقائديّة11%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-02-7
الصفحات: 518

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 518 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 245366 / تحميل: 6330
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٢-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

أرد ذلك فسقط في البئر فمات فعلى من دية هذا فقال ديته على القوم الذين استنجدوا الرجل فأنجدهم وأنقذ أموالهم ونساءهم وذراريهم أما إنه لو كان آجر نفسه بأجرة لكانت الدية عليه وعلى عاقلته دونهم وذلك أن سليمان بن داودعليه‌السلام أتته امرأة عجوز تستعديه على الريح فقالت يا نبي الله إني كنت قائمة على سطح لي وإن الريح طرحتني من السطح فكسرت يدي فأعدني على الريح فدعا سليمان بن داودعليه‌السلام الريح فقال لها ما دعاك إلى ما صنعت بهذه المرأة فقالت صدقت يا نبي الله إن رب العزة جل وعز بعثني إلى سفينة بني فلان لأنقذها من الغرق وقد كانت أشرفت على الغرق فخرجت في سنني وعجلتي إلى ما أمرني الله عز وجل به فمررت بهذه المرأة وهي على سطحها فعثرت بها ولم أردها فسقطت فانكسرت يدها قال فقال سليمان يا رب بما أحكم على الريح فأوحى الله عز وجل إليه يا سليمان احكم بأرش كسر يد هذه المرأة على أرباب السفينة التي أنقذتها الريح من الغرق فإنه لا يظلم لدي أحد من العالمين.

٢ ـ عنه ، عن محمد بن أسلم ، عن هارون بن الجهم ، عن محمد بن مسلم قال قال أبو

قوله عليه‌السلام : « ديته على القوم الذين استنجدوا » لم أر من الفقهاء من تعرض لمضمون الخبر نفيا وإثباتا.

وفي القاموس : استنجدني فأنجدته : أي استعان بي فأعنته.

قوله عليه‌السلام : « فقالت صدقت » يمكن أن يكون المراد بالريح الملك الموكل بها مجازا ، ويحتمل أن يكون مخاطبة الريح استعارة تمثيلية لبيان استعلام سليمانعليه‌السلام سبب ما أرسل له الريح ، ولا يبعد أن يكون الله تعالى أعطى الريح في ذلك الوقت الحياة لظهور هذا الأمر على نبيه ، وليكون معجزة له إن لم نقل بنوع شعور للجمادات مطلقا كما قيل. والله يعلم.

وقال في القاموس :سنن الطريق مثلثة وبضمتين نهجه وجهته ، وجاءت الريح سناسن على طريقة واحدة.

الحديث الثاني : ضعيف.

٢٠١

جعفرعليه‌السلام أيما ظئر قوم قتلت صبيا لهم وهي نائمة فانقلبت عليه فقتلته فإن عليها الدية من مالها خاصة إن كانت إنما ظاءرت طلب العز والفخر وإن كانت إنما ظاءرت من الفقر فإن الدية على عاقلتها.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي العباس قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ما للرجل يعاقب به مملوكه فقال على قدر ذنبه قال فقلت فقد عاقبت حريزا بأعظم من جرمه فقال ويلك هو مملوك لي وإن حريزا شهر السيف وليس مني من شهر السيف.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن إبراهيم بن أبي

وقال في الشرائع : لو انقلبت الظئر فقتلته لزمها الدية في مالها إن طلبت بالمظائرة الفخر ، ولو كان للضرورة فديته على عاقلتها.

وقال في المسالك : في سند الرواية ضعف وجهالة يمنع من العمل بمضمونها مع مخالفتها للأصل من أن فعل النائم خطاء محض ، لعدم القصد فيه إلى الفعل أصلا ، وطلب الفخر لا يخرج الفعل عن وصفه بالخطاء وغيره ، فكأن القول بوجوب ديته على العاقلة مطلقا أقوى وهو خيرة أكثر المتأخرين.

الحديث الثالث : حسن.

وكان شهر السيف في قتال الخوارج بسجستان ، وروى الكشي عن حمدويه ، ومحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج « قال : استأذن فضل البقباق لحريز على أبي عبد اللهعليه‌السلام فلم يأذن له فعادوه فلم يأذن له ، فقال له : أي شيء للرجل أن يبلغ من عقوبته غلامه؟ قال : على قدر جريرته ، فقال : قد عاقبت حريزا بأعظم مما صنع ، فقال : ويحك أنا فعلت ذلك إن حريزا جرد السيف ، قال :

ثم قال : لو كان حذيفة ما عاودني فيه بعد أن قلت له : لا. انتهى.

أقول : ولعلهعليه‌السلام إنما حجبه للتقية من خلفاء الجور ، ولعدم اجترائه بعد ذلك على مثله ، ويدل على قلة معرفة أبي العباس بالآداب.

الحديث الرابع : مرفوع.

٢٠٢

البلاد ، عن بعض أصحابه رفعه قال كانت في زمن أمير المؤمنينعليه‌السلام امرأة صدق يقال لها أم قيان فأتاها رجل من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام فسلم عليها قال فرآها مهتمة فقال لها ما لي أراك مهتمة فقالت مولاة لي دفنتها فنبذتها الأرض مرتين فدخلت على أمير المؤمنينعليه‌السلام فأخبرته فقال إن الأرض لتقبل اليهودي والنصراني فما لها إلا أن تكون تعذب بعذاب الله ثم قال أما إنه لو أخذت تربة من قبر رجل مسلم فألقي على قبرها لقرت قال فأتيت أم قيان فأخبرتها فأخذوا تربة من قبر رجل مسلم فألقي على قبرها فقرت فسألت عنها ما كانت حالها فقالوا كانت شديدة الحب للرجال لا تزال قد ولدت فألقت ولدها في التنور.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يحبس في تهمة الدم ستة أيام فإن جاء أولياء المقتول ببينة وإلا خلى سبيله.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال إذا مات ولي المقتول قام ولده من بعده مقامه بالدم.

٧ ـ علي بن محمد ، عن بعض أصحابه ، عن محمد بن سليمان ، عن سيف بن عميرة ، عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي الحسنعليه‌السلام إن الله عز وجل يقول في كتابه : «وَمَنْ

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

وقال في الشرائع : إذا اتهم والتمس الولي حبسه حتى يحضر بينة ففي إجابته تردد ، ومستند الجواز رواية السكوني ، وفيه ضعف.

وقال في المسالك : القول بحبس المتهم بالدم ستة أيام للشيخ وأتباعه استنادا إلى الرواية المذكورة ، وإطلاق الدم يشمل الجرح والقتل ، وتقييد المصنف بالتماس الولي خلاف إطلاق الرواية وفتوى الشيخ ، وفي المختلف اختار الحبس مع وجود التهمة في نظر الحاكم ، والأصح عدم الحبس قبل الثبوت مطلقا.

الحديث السادس : مرسل كالحسن.

الحديث السابع : ضعيف.

٢٠٣

قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً » فما هذا الإسراف الذي نهى الله عز وجل عنه قال نهى أن يقتل غير قاتله أو يمثل بالقاتل قلت فما معنى قوله : «إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً » قال وأي نصرة أعظم من أن يدفع القاتل إلى أولياء المقتول فيقتله ولا تبعة تلزمه من قتله في دين ولا دنيا.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال دخل أمير المؤمنينعليه‌السلام المسجد فاستقبله شاب يبكي وحوله قوم يسكتونه فقال عليعليه‌السلام ما أبكاك فقال يا أمير المؤمنين إن شريحا قضى علي بقضية ما أدري ما هي إن هؤلاء النفر خرجوا بأبي معهم في السفر فرجعوا ولم يرجع أبي

قوله عليه‌السلام : « فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ » قال المحقق الأردبيلي (ره) : أي ولي الدم لا يتجاوز حد ما شرع له في الشرع ، فإنه لو تجاوز فقد جعل من تعدى عليه منصورا بشرع التعويض له ، مثل أن مثل الولي بقاتل أبيه ثم أراد قتله فجعل الله القاتل منصورا بشرع القصاص في المثلة ثم القصاص ، ونحو ذلك ، وبالجملة لا يجوز له أن يتعدى الشرع بأن يقتل اثنين بواحد ، وحرا بعبد ، ومسلما بكافر ، ولا يتجاوز في طريق القتل عما حد له ، ويحتمل كون الضمير للولي ، يعني حسبه أن الله تعالى قد نصره بأن أوجب له القصاص والتعويض ، فلا يستزد على ذلك ، ويحتمل للمظلوم بأن الله تعالى ناصره حيث أوجب القصاص بقتله وينصره في الآخرة بالثواب.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « هكذا تحكم » قال الوالد العلامة (ره) : أي كان يجب عليك أن تسألني في أمثال تلك الوقائع حتى أحكم بالواقع كما اشترطت عليك في القضاء ، أو لما كان موضع التهمة كان يجب عليك السؤال والتفتيش ، أو لما ادعوا موته وأنه ما خلف مالا كان يمكنك طلب الشهود والتفريق حتى يتبين الحق ، أو لما خرج معهم كان يجب عليهم أن يردوه أو يثبتوا موته ، وأنه لم يخلف شيئا كما تدل عليه أخبار كثيرة.

٢٠٤

فسألتهم عنه فقالوا مات فسألتهم عن ماله فقالوا ما ترك مالا فقدمتهم إلى شريح فاستحلفهم وقد علمت يا أمير المؤمنين أن أبي خرج ومعه مال كثير فقال لهم أمير المؤمنينعليه‌السلام ارجعوا فرجعوا والفتى معهم إلى شريح فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام يا شريح كيف قضيت بين هؤلاء فقال يا أمير المؤمنين ادعى هذا الفتى على هؤلاء النفر أنهم خرجوا في سفر وأبوه معهم فرجعوا ولم يرجع أبوه فسألتهم عنه فقالوا مات فسألتهم عن ماله فقالوا ما خلف مالا فقلت للفتى هل لك بينة على ما تدعي فقال لا فاستحلفتهم فحلفوا فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام هيهات يا شريح هكذا تحكم في مثل هذا فقال يا أمير المؤمنين فكيف فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام والله لأحكمن فيهم بحكم ما حكم به خلق قبلي إلا داود النبيعليه‌السلام يا قنبر ادع لي شرطة الخميس فدعاهم فوكل بكل رجل منهم رجلا من الشرطة ثم نظر إلى وجوههم فقال ما ذا تقولون أتقولون إني لا أعلم ما صنعتم بأبي هذا الفتى إني إذا لجاهل ثم قال فرقوهم وغطوا رءوسهم قال ففرق بينهم وأقيم كل رجل منهم إلى أسطوانة من أساطين المسجد ورءوسهم مغطاة بثيابهم ثم دعا بعبيد الله بن أبي رافع كاتبه فقال هات صحيفة ودواة وجلس أمير المؤمنين صلوات الله عليه في مجلس القضاء وجلس الناس إليه فقال لهم إذا أنا كبرت فكبروا ثم قال للناس اخرجوا ثم دعا بواحد منهم فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه ثم قال لعبيد الله بن أبي رافع اكتب إقراره وما يقول ثم أقبل عليه بالسؤال فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام في أي يوم خرجتم من منازلكم وأبو هذا الفتى معكم فقال الرجل في يوم كذا وكذا قال وفي أي شهر قال في شهر كذا وكذا قال في أي سنة قال في سنة كذا وكذا قال وإلى أين بلغتم في سفركم حتى مات أبو هذا الفتى قال إلى موضع كذا وكذا قال وفي منزل من مات قال في منزل فلان بن فلان قال وما كان مرضه قال كذا وكذا قال وكم يوما مرض قال كذا و

وقال في القاموس :الشرطة بالضم واحدة الشرط ، وهم أول كتيبة تشهد الحرب وتتهيأ للموت وواحد(١) من أعوان الولاة ، وقال : «الخميس : الجيش لأنه خمس فرق المقدمة ، والقلب والميمنة ، والميسرة ، والساقة ، وقال في الصحاح :الإجالة : الإدارة يقال في الميسر : أجل السهام.

__________________

(١) في المصدر : « طائفة ».

٢٠٥

كذا قال ففي أي يوم مات ومن غسله ومن كفنه وبما كفنتموه ومن صلى عليه ومن نزل قبره فلما سأله عن جميع ما يريد كبر أمير المؤمنينعليه‌السلام وكبر الناس جميعا فارتاب أولئك الباقون ولم يشكوا أن صاحبهم قد أقر عليهم وعلى نفسه فأمر أن يغطى رأسه وينطلق به إلى السجن ثم دعا بآخر فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه ثم قال كلا زعمتم أني لا أعلم ما صنعتم فقال يا أمير المؤمنين ما أنا إلا واحد من القوم ولقد كنت كارها لقتله فأقر ثم دعا بواحد بعد واحد كلهم يقر بالقتل وأخذ المال ثم رد الذي كان أمر به إلى السجن فأقر أيضا فألزمهم المال والدم فقال شريح يا أمير المؤمنين وكيف حكم داود النبيعليه‌السلام فقال إن داود النبيعليه‌السلام مر بغلمة يلعبون وينادون بعضهم بيا مات الدين فيجيب منهم غلام فدعاهم داودعليه‌السلام فقال يا غلام ما اسمك قال مات الدين فقال له داودعليه‌السلام من سماك بهذا الاسم فقال أمي فانطلق داودعليه‌السلام إلى أمه فقال لها يا أيتها المرأة ما اسم ابنك هذا قالت مات الدين فقال لها ومن سماه بهذا قالت أبوه قال وكيف كان ذاك قالت إن أباه خرج في سفر له ومعه قوم وهذا الصبي حمل في بطني فانصرف القوم ولم ينصرف زوجي فسألتهم عنه فقالوا مات فقلت لهم فأين ما ترك قالوا لم يخلف شيئا فقلت هل أوصاكم بوصية قالوا نعم زعم أنك حبلى فما ولدت من ولد جارية أو غلام فسميه مات الدين فسميته قال داودعليه‌السلام وتعرفين القوم الذين كانوا خرجوا مع زوجك قالت نعم قال فأحياء هم أم أموات قالت بل أحياء قال فانطلقي بنا إليهم ثم مضى معها فاستخرجهم من منازلهم فحكم بينهم بهذا الحكم بعينه وأثبت عليهم المال والدم وقال للمرأة سمي ابنك هذا عاش الدين ثم إن الفتى والقوم اختلفوا في مال الفتى كم كان فأخذ أمير المؤمنينعليه‌السلام خاتمه وجميع خواتيم من عنده ـ ثم قال أجيلوا هذا السهام فأيكم أخرج خاتمي فهو صادق في دعواه لأنه سهم الله وسهم

قوله عليه‌السلام : « لأنه سهم الله » أي القرعة أو خاتمهعليه‌السلام ، ولعله حكم في واقعة لا يتعداه ، وعلى المشهور بين الأصحاب ليس هذا موضع القرعة ، بل عندهم أن القول قول المنكر مع اليمين.

٢٠٦

الله لا يخيب.

٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن إسحاق بن إبراهيم الكندي قال حدثنا خالد النوفلي ، عن الأصبغ بن نباتة قال لقد قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام فاستقبله شاب يبكي وحوله قوم يسكتونه فلما رأى أمير المؤمنينعليه‌السلام قال يا أمير المؤمنين إن شريحا قضى علي قضية ما أدري ما هي فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام ما هي فقال الشاب إن هؤلاء النفر خرجوا بأبي معهم في سفر فرجعوا ولم يرجع فسألتهم عنه فقالوا مات فسألتهم عن ماله فقالوا ما ترك مالا فقدمتهم إلى شريح فاستحلفهم وقد علمت أن أبي خرج ومعه مال كثير فقال لهم ارجعوا فرجعوا وعليعليه‌السلام يقول :

أوردها سعد وسعد يشتمل

ما هكذا تورد يا سعد الإبل

الحديث التاسع : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « أوردها سعد » هذا مثل ضربه صلوات الله عليه لبيان أن شريحا لا يتأتى منه القضاء ولا يحسنه ، والاشتمال بالثوب إدارته على الجسد كله ، وإيراد الإبل إحضارها الماء لتشرب.

قال الميداني في مجمع الأمثال في شرح هذا البيت : هذا سعد بن زيد بن مناة أخو مالك بن زيد ، ومالك هذا هو سبط تميم بن مرة وكان يحمق إلا أنه كان إبل أهل زمانه ، ثم إنه تزوج وبنى بامرأته فأورد الإبل أخوه سعد ولم يحسن القيام عليها والرفق بها ، فقال مالك :

« أوردها سعد وسعد مشتمل

ما هكذا تورد يا سعد الإبل »

ويروى يا سعد لا تروى بهذاك(١) الإبل ، فقال سعد مجيبا له :

« تظل يوم وردها مزعفرا

وهي خناطيل تجوس الخضراء »

قالوا : يضرب لمن أدرك المراد بلا تعب ، والصواب أن يقال : يضرب لمن قصر في طلب الأمر انتهى كلامه.

يقال :فلان إبل الناس أي أعلمهم برعي الإبل ، والمزعفر المصبوغ بالزعفران

__________________

(١) في المصدر « بهذاك ».

٢٠٧

ما يغني قضاؤك يا شريح ثم قال والله لأحكمن فيهم بحكم ما حكم أحد قبلي إلا داود النبيعليه‌السلام يا قنبر ادع لي شرطة الخميس قال فدعا شرطة الخميس فوكل بكل رجل منهم رجلا من الشرطة ثم دعا بهم فنظر إلى وجوههم ثم ذكر مثل حديث الأول إلى قوله سمي ابنك هذا عاش الدين فقلت جعلت فداك كيف تأخذهم بالمال إن ادعى الغلام أن أباه خلف مائة ألف أو أقل أو أكثر وقال القوم لا بل عشرة آلاف أو أقل أو أكثر فلهؤلاء قول ولهذا قول قال فإني آخذ خاتمه وخواتيمهم وألقيها في مكان واحد ثم أقول أجيلوا هذه السهام فأيكم خرج سهمه فهو الصادق في دعواه لأنه سهم

والأسد والخناطيل قطعان البقر ، والجوس الطلب أي تصير تلك يوم ورودها على الماء كالأسد ، أو كجماعة البقر تطلب الخضر في المراعى لقوتها ، وقيل : إن سعدا أورد الإبل الماء للسقي من دون احتياط منه في إيرادها الماء ، حتى تزاحمت ونزع منها ما غلق عليها الذي يقال له الشمال ، فقوله « سعد مشتمل » إشارة إلى هذا.

وقال الفيروزآبادي : الشمال ككتاب شيء كمخلاة يغطي بها ضرع الشاة إذا ثقلت ، وشملها يشملها علق عليها الشمال وشده انتهى.

وفي روايات العامة أنهعليه‌السلام قال بعد هذا البيت : « إن أهون السقي التشريع » قال في النهاية : أشرع ناقته أدخلها في شريعة الماء ، ومنه حديث عليعليه‌السلام : « إن أهون السقي التشريع » هو إيراد أصحاب الإبل إبلهم شريعة لا يحتاج معها إلى الاستقاء من البئر ، وقيل : معناه إن سقي الإبل هو أن تورد شريعة الماء أولا ثم يستقى لها ، يقول : فإذا اقتصر على أن يوصلها إلى الشريعة ويتركها فلا يستقي لها فإن هذا أهون السقي وأسهله ، مقدور عليه لكل أحد ، وإنما السقي التام أن ترويها انتهى.

وقال الميداني أيضا : أهون هنا من الهون ، والهوينا بمعنى السهولة ، والتشريع : أن تورد الإبل ماء لا تحتاج إلى متحه(١) ، بل تشرع فيه الإبل شروعا. يضرب لمن يأخذ الأمر بالهوينا ولا يستقصي ، يقال : فقد رجل فاتهم أهله أصحابه فرفع إلى شريح

__________________

(١) متح الماء نزعه.

٢٠٨

الله وسهم الله لا يخيب.

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال خرج رجل من المدينة يريد العراق فأتبعه أسودان أحدهما غلام لأبي عبد اللهعليه‌السلام فلما أتى الأعوص نام الرجل فأخذا صخرة فشدخا بها رأسه فأخذا فأتي بهما محمد بن خالد وجاء أولياء المقتول فسألوه أن يقيدهم فكره أن يفعل فسأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن ذلك فلم يجبه قال عبد الرحمن فظننت أنه كره أن يجيبه لأنه لا يرى أن يقتل اثنان بواحد فشكا أولياء المقتول محمد بن خالد وصنيعه إلى أهل المدينة فقال لهم أهل المدينة إن أردتم أن يقيدكم منه فاتبعوا جعفر بن محمدعليه‌السلام فاشكوا إليه ظلامتكم ففعلوا فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام أقدهم فلما أن دعاهم ليقيدهم اسود وجه غلام أبي عبد اللهعليه‌السلام حتى صار كأنه المداد فذكر ذلك لأبي عبد اللهعليه‌السلام فقالوا أصلحك الله إنه لما قدم ليقتل اسود وجهه حتى صار كأنه المداد فقال إنه كان يكفر بالله جهرة فقتلا جميعا.

١١ ـ أحمد بن محمد العاصمي ، عن علي بن الحسن الميثمي ، عن علي بن أسباط ، عن عمه يعقوب بن سالم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كانت امرأة بالمدينة تؤتى فبلغ ذلك عمر

فسألهم البينة في قتله ، فارتفعوا إلى عليعليه‌السلام وأخبروه بقول شريح ، فقالعليه‌السلام :

أوردها سعد وسعد مشتمل

يا سعد لا تروى إلى(١) هذا الإبل

ثم قال : « أهون السقي التشريع » ثم فرق بينهم ، وسألهم فاختلفوا ثم أقروا بقتله انتهى.

الحديث العاشر : حسن. وفي القاموس :الأعوص قرب المدينة ، وواد بديار بأهله ، وفي النهاية :الشدخ كسر الشيء الأجوف تقول : شدخت رأسه فانشدخ.

الحديث الحادي عشر : موثق على الظاهر ، إذ الظاهر أنالميثمي هو ابن الفضال التيمي.

قوله عليه‌السلام : « تؤتى » أي يأتيها الرجالقوله « وما هذا » قاله على سبيل التحقير.

قوله عليه‌السلام : « لئن كنتم اجتهدتم » أي استنبطتم من النصوص ما أصبتم في الاستنباط

__________________

(١) في المصدر : على.

٢٠٩

فبعث إليها فروعها وأمر أن يجاء بها إليه ففزعت المرأة فأخذها الطلق فانطلقت إلى بعض الدور فولدت غلاما فاستهل الغلام ثم مات فدخل عليه من روعة المرأة ومن موت الغلام ما شاء الله فقال له بعض جلسائه يا أمير المؤمنين ما عليك من هذا شيء وقال بعضهم وما هذا قال سلوا أبا الحسن فقال لهم أبو الحسنعليه‌السلام لئن كنتم اجتهدتم ما أصبتم ولئن كنتم

وإن قلتم بمحض الرأي والاستحسانات العقلية فقد أخطأتم ، وإنما أمرهعليه‌السلام « بالدية » مع أن خطاء الولاة وما يترتب على أحكامهم على بيت المال ، لأنه لم يكن أهلا للحكم ، وكان غاصبا ، أو لأنه أخطأ في طلبها على وجه روعها ، مع أنه يحتمل أن يكون المراد أن عليك دية الصبي من بيت المال ، وقال العلامة (ره) في المختلف : إذا ذكرت امرأة عند الحاكم بسوء فأرسل إليها فأسقطت ما في بطنها فزعا منه فخرج الجنين ميتا فعلى الحاكم الضمان ، لما روي من قصة المجهضة وأين يكون الضمان قال الشيخ في المبسوط : على ما مضى وعنى به أنه على بيت المال ، لأنه خطاء الحاكم وقال ابن إدريس : الذي يقتضيه مذهبنا أن دية الجنين على عاقلة الإمام والحاكم ، لأن هذا بعينه قتل الخطإ المحض ، وهو أن يكون غير عامد في فعله ولا قصده ، وكذلك هنا ، لأنه لم يقصد الجنين بفعل ولا قصد قتل ، وإنما قصد شيئا آخر ، فالدية على عاقلته والكفارة في ماله والمسألة منصوصة لنا ، فقد وردت في فتياء أمير المؤمنينعليه‌السلام في قصة المجهضة أوردها شيخنا المفيد في الإرشاد في قضايا أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث سأل عن جماعة من الصحابة عن ذلك فأخطأوا وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام جالسا فقال له عمر : ما عندك في هذا فتنصل من الجواب فعزم عليه ، فقال : إنه إن كان القوم قاربوك فقد غشوك ، وإن كانوا قد ارتأوا فقد قصروا ، والدية على عاقلتك ، لأن قتل الصبي خطاء تعلق به ، فقال : أنت والله نصحتني من بينهم ، والله لا تبرح حتى تجري الدية على بني عدي ، ففعل ذلك أمير المؤمنينعليه‌السلام وإنما نظر شيخنا إلى ما ذكره المخالفون ، والمعتمد ما قاله الشيخ ، لأنه خطاء الحاكم ، وخطاء الحاكم في الأحكام مضمون على بيت المال ، وقصة عمر لا حجة فيها ، لأنه لم يرسل لها بعد ثبوت ما ذكر عنها ، ولأنه لم يكن

٢١٠

قلتم برأيكم لقد أخطأتم ثم قال عليك دية الصبي.

١٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صالح بن سعيد ، عن يونس ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل أعنف على امرأته أو امرأة أعنفت على زوجها فقتل أحدهما الآخر قال لا شيء عليهما إذا كانا مأمونين فإن اتهما ألزما اليمين بالله أنهما لم يريدا القتل.

١٣ ـ محمد بن يحيى رفعه في غلام دخل دار قوم فوقع في البئر فقال إن كانوا متهمين ضمنوا.

١٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن بريد العجلي قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن مؤمن قتل رجلا ناصبا معروفا بالنصب على دينه غضبا لله تبارك وتعالى أيقتل به فقال أما هؤلاء فيقتلونه به ولو رفع إلى إمام عادل ظاهر لم يقتله به قلت فيبطل دمه قال لا ولكن إن كان له ورثة فعلى الإمام أن يعطيهم الدية من بيت المال لأن قاتله إنما قتله غضبا لله عز وجل وللإمام ولدين المسلمين.

حاكما عند عليعليه‌السلام انتهى كلامه ولنعم ما أفادرحمه‌الله .

الحديث الثاني عشر : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « ألزما اليمين » لعله على المشهور محمول على القسامة.

الحديث الثالث عشر : مرفوع.

الحديث الرابع عشر : صحيح.

قوله : « رجلا ناصبا » إن كان المراد بالناصب ، المبغض المعاند لأهل البيتعليهم‌السلام كما هو الأظهر فهو كافر ، ودمه هدر ، فلعل المراد بالدية أنه إذا كان له أولياء وورثة من المؤمنين يعطيهم الإمام الدية من بيت المال استحبابا ، ولا يمكن حمله على التقية كما لا يخفى ، وإن كان المراد المخالف المتعصب في مذهبه إذ قد يطلق الناصب على هذا أيضا في الأخبار فظاهر إطلاق كلام الأصحاب لزوم القود في العمد ، وظاهر كثير من الأخبار عدمه ، ويمكن القول بلزوم الدية من بيت المال وعدم القود ،

٢١١

١٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن علي بن الحسن بن رباط ، عن ابن مسكان ، عن أبي مخلد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كنت عند داود بن علي فأتي برجل قد قتل رجلا فقال له داود بن علي ما تقول قتلت هذا الرجل قال نعم أنا قتلته قال فقال له داود ولم قتلته قال فقال إنه كان يدخل على منزلي بغير إذني فاستعديت عليه الولاة الذين كانوا قبلك فأمروني إن هو دخل بغير إذن أن أقتله فقتلته قال فالتفت داود إلي فقال يا أبا عبد الله ما تقول في هذا قال فقلت له أرى أنه قد أقر بقتل رجل مسلم فاقتله قال فأمر به فقتل ثم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إن أناسا من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان فيهم سعد بن عبادة فقالوا يا سعد ما تقول لو ذهبت إلى منزلك فوجدت فيه رجلا على بطن امرأتك ما كنت صانعا به قال فقال سعد كنت والله أضرب رقبته بالسيف قال فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهم في هذا الكلام فقال يا سعد من هذا الذي قلت أضرب عنقه بالسيف قال فأخبره بالذي قالوا وما قال سعد قال فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند ذلك يا سعد فأين الشهود الأربعة الذين قال الله عز وجل فقال سعد يا رسول الله بعد رأي عيني وعلم الله فيه أنه قد فعل فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إي والله يا سعد بعد رأي عينك وعلم الله عز وجل إن الله عز وجل قد جعل لكل

والمسألة في غاية الإشكال ، ولم أر في كلامهم تحقيق هذا المبحث والله يعلم.

الحديث الخامس عشر : مجهول.

وقال في المختلف : قال الشيخ في النهاية : من قتل رجلا ثم ادعى أنه وجده مع امرأته وفي داره قتل به أو يقيم البينة على ما قال ، وقال ابن إدريس : الأولى أن يقيد ذلك بأن الموجود كان يزني بالمرأة وكان محصنا فحينئذ لا يجب على قاتله القود ولا الدية ، لأنه مباح الدم ، فأما إن قام البينة أنه وجده مع المرأة لا زانيا بها أو زانيا بها ولا يكون محصنا ، فإنه يجب على من قتله القود ، ولا ينفعه بينته ، وهذا النزاع لفظي ، ومقصود الشيخ سقوط القود في القتل المستحق ، أو يقال : جاز أن يكون وجدانه مع امرأته وفي داره شبهة مسوغة لقتله ، فلهذا سقط القود ، ولا يلزم

٢١٢

شيء حدا وجعل على من تعدى حدود الله حدا وجعل ما دون الشهود الأربعة مستورا على المسلمين.

١٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن رجل من أصحابنا ، عن أبي الصباح الكناني قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إن لنا جارا من همدان يقال له الجعد بن عبد الله وهو يجلس إلينا فنذكر عليا أمير المؤمنينعليه‌السلام وفضله فيقع فيه أفتأذن لي فيه فقال لي يا أبا الصباح أفكنت فاعلا فقلت إي والله لئن أذنت لي فيه لأرصدنه فإذا صار فيها اقتحمت عليه بسيفي فخبطته حتى أقتله قال فقال يا أبا الصباح هذا الفتك وقد نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الفتك يا أبا الصباح إن الإسلام قيد الفتك ولكن دعه فستكفى بغيرك قال أبو الصباح فلما رجعت من المدينة إلى الكوفة لم ألبث بها إلا ثمانية عشر يوما فخرجت إلى المسجد فصليت الفجر ثم عقبت فإذا رجل يحركني برجله فقال يا أبا الصباح البشرى فقلت بشرك الله بخير فما ذاك فقال إن الجعد بن عبد الله بات البارحة في داره التي في الجبانة فأيقظوه للصلاة فإذا هو مثل الزق المنفوخ ميتا فذهبوا يحملونه فإذا لحمه يسقط عن عظمه فجمعوه في نطع فإذا تحته أسود فدفنوه.

محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن محبوب مثله.

منه سقوط الضمان ،قوله عليه‌السلام « مستورا » أي لا يجوز إفشاؤه.

الحديث السادس عشر : مرسل بسنديه.

قوله : « فإذا صار فيها » أي في البقعة التي رصدته فيها ، وقال في القاموس :قحم في الأمر كنصر قحوما : رمى بنفسه فيه فجأة بلا روية ، وقحمه تقحيما وأقحمته فانقحم واقتحم ، وقال :خبطه يخبطه ضربه شديدا والقوم بسيفه جلدهم ، وقال في النهاية في باب القاف : فيه « قيد الإيمان الفتك » أي إن الإيمان يمنع عن القتل ، كما يمنع القيد عن التصرف ، فكأنه جعل القتل مقيدا وقال في باب الفاء : فيه « الإيمان قيد الفتك »الفتك أن يأتي الرجل صاحبه وهو غار غافل ، فيشد عليه فيقتله انتهى وفي القاموس :الأسود : الحية العظيمة.

٢١٣

١٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه رفعه ، عن بعض أصحاب أبي عبد اللهعليه‌السلام أظنه أبا عاصم السجستاني قال زاملت عبد الله بن النجاشي وكان يرى رأي الزيدية فلما كنا بالمدينة ذهب إلى عبد الله بن الحسن وذهبت إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام فلما انصرف رأيته مغتما فلما أصبح قال لي استأذن لي على أبي عبد اللهعليه‌السلام فدخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام وقلت إن عبد الله بن النجاشي يرى رأي الزيدية وإنه ذهب إلى عبد الله بن الحسن وقد سألني أن أستأذن له عليك فقال ائذن له فدخل عليه فسلم فقال يا ابن رسول الله إني رجل أتولاكم وأقول إن الحق فيكم وقد قتلت سبعة ممن سمعته يشتم أمير المؤمنينعليه‌السلام فسألت عن ذلك عبد الله بن الحسن فقال لي أنت مأخوذ بدمائهم في الدنيا والآخرة فقلت فعلام نعادي الناس إذا كنت مأخوذا بدماء من سمعته يشتم علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام فكيف قتلتهم قال منهم من جمع بيني وبينه الطريق فقتلته ومنهم من دخلت عليه بيته فقتلته وقد خفي ذلك علي كله قال فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام يا أبا خداش عليك بكل رجل منهم قتلته كبش تذبحه بمنى لأنك قتلتهم بغير إذن الإمام ولو أنك قتلتهم بإذن الإمام لم يكن عليك شيء في الدنيا والآخرة.

١٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي ، عن مروك بن عبيد ، عن بعض أصحابنا ، عن منصور بن حازم قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام كنت أخرج في الحداثة إلى المخارجة مع شباب أهل الحي وإني بليت أن ضربت رجلا

الحديث السابع عشر : مرفوع.

قوله عليه‌السلام : « كبش تذبحه » لم أر قائلا من الأصحاب بوجوب هذه الكفارة ، بل ولا بوجوب استيذان الإمام في ذلك ، ولعلهما على الاستحباب ، وقال في الشرائع : من سب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاز لسامعه قتله ما لم يخف الضرر على نفسه أو ماله أو غيره من أهل الإيمان ، وكذا من سب أحد الأئمة وقال في المسالك : هذا الحكم موضع وفاق وبه نصوص.

الحديث الثامن عشر : ضعيف على المشهور ، والسند الآخر مرسل.

وقال في القاموس :المخارجة : أن يخرج هذا من أصابعه ما شاء ، والآخر

٢١٤

ضربة بعصا فقتلته فقال أكنت تعرف هذا الأمر إذ ذاك قال قلت لا فقال لي ما كنت عليه من جهلك بهذا الأمر أشد عليك مما دخلت فيه.

محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن مروك بن عبيد مثله.

١٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من اقتص منه فهو قتيل القرآن.

٢٠ ـ وبهذا الإسناد قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله البئر جبار والعجماء جبار والمعدن

مثل ذلك ، ويدل الخبر على أن الإيمان يجب ما قبله كالإسلام ، ولم أظفر بذلك في كلام الأصحاب.

الحديث التاسع عشر : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « فهو قتيل القرآن » لعل المراد أن سراية القصاص غير مضمون على أحد ، لأنه وقع بحكم القرآن فكأنه قتيل القرآن وعليه الفتوى ، ويحتمل أن يكون المعنى أن من قتل قصاصا فكأن القرآن قتله ، فعلى القرآن وصاحبه تداركه ، أو الغرض رفع الحرج عمن فعل ذلك ، بأنه لم يفعل حقيقة بل القرآن فعله.

الحديث العشرون : ضعيف على المشهور.

وقال في النهاية فيه : « جرح العجماء جبار »الجبار : الهدر ، والعجماء الدابة ومنه الحديث « السائمة جبار » أي الدابة المرسلة في رعيها ، وقال : وفيه « البئر جبار » قيل : هي العادية القديمة لا يعلم لها حافر ولا مالك ، فيقع فيها الإنسان أو غيره فهو جبار أي هدر وقيل : هو الأجير الذي ينزل إلى البئر فينقيها ويخرج شيئا وقع فيها فيموت.

وقال الجوهري : الجبار : الهدر ، يقال : ذهب دمه جبارا.

وفي الحديث « المعدن جبار » أي إذا انهار على من يعمل فيه فهلك لم يؤخذ به مستأجره انتهى.

أقول : لعل المعنى أن الدابة في الرعي إذا جنى فلا شيء على مالكها ، وكذا الدابة التي انفلتت من غير تفريط من مالكها كما مر ، والمرادبالبئر إما البئر الذي

٢١٥

جبار.

٢١ ـ وبهذا الإسناد قال رفع إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه رجل داس بطن رجل حتى أحدث في ثيابه فقضىعليه‌السلام عليه أن يداس بطنه حتى يحدث في ثيابه كما أحدث أو يغرم ثلث الدية.

هذا آخر كتاب الديات ويتلوه إن شاء الله تعالى كتاب الشهادات.

حفرها في ملك مباح ، فوقع فيها إنسان أو من استأجر أحدا ليعمل في بئر فانهارت عليه وكذا المعدن.

قال العلامة (ره) في التحرير : إذا. جنت الماشية على الزرع ليلا ضمن صاحبها ، وإن جنت نهارا لم يضمن ، وعليه دلت رواية السكوني وهو ضعيف ، والوجه اشتراط التفريط في الضمان ، سواء كان ليلا أو نهارا ولو أتلفت البهيمة غير الزرع لم يضمن مالكها ما أتلفته إلا أن يكون يده عليها ، سواء كان ليلا أو نهارا وقال : لو استأجر أجيرا فيحفر في ملكه بئرا أو يبني له بناء فتلف الأجير بذلك لم يضمنه المستأجر ، لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « البئر جبار ، والعجماء جبار ، والمعدن جبار ».

الحديث الحادي والعشرون : ضعيف على المشهور.

وقال في التحرير : من داس بطن إنسان حتى أحدث ديس بطنه حتى يحدث في ثيابه أو يفتدي ذلك بثلث الدية ، لرواية السكوني ، وفيه ضعف انتهى.

وقال في المسالك : ذهب جماعة إلى الحكومة لضعف المستند ، وهو الوجه هذا آخر كتاب الديات ويتلوه إن شاء الله كتاب الشهادات.

٢١٦

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الشهادات

( باب )

( أول صك كتب في الأرض )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن خلف بن حماد ، عن عبد الله بن سنان قال لما قدم أبو عبد اللهعليه‌السلام على أبي العباس وهو بالحيرة خرج يوما يريد عيسى بن موسى فاستقبله بين الحيرة والكوفة ومعه ابن شبرمة القاضي فقال له إلى أين يا أبا عبد الله فقال أردتك فقال قد قصر الله خطوك قال فمضى معه فقال له ابن شبرمة ما تقول يا أبا عبد الله في شيء سألني عنه الأمير فلم يكن عندي فيه شيء فقال وما هو قال سألني عن أول كتاب كتب في الأرض قال نعم إن الله عز وجل عرض على آدمعليه‌السلام ذريته عرض العين في صور الذر نبيا فنبيا وملكا فملكا ومؤمنا

كتاب الشهادات

باب أول صك كتب في الأرض

وفي الصحاح : الصك كتاب وهو فارسي معرب.

الحديث الأول : صحيح.

وقال في الصحاح :الحيرة بالكسر : مدينة بقرب الكوفة.قوله عليه‌السلام : « عرض العين » أي بحيث رآهم بالعين ، وفي الصحاح :الذر جمع ذرة وهي أصغر النمل.

وأقول : في هذا الخبر إشكال من وجهين.

أحدهما : الاختلاف الوارد في هذه القضية في المدة التي وهبها ففي بعضها ستون

٢١٧

فمؤمنا وكافرا فكافرا فلما انتهى إلى داودعليه‌السلام قال من هذا الذي نبأته وكرمته وقصرت عمره قال فأوحى الله عز وجل إليه هذا ابنك داود عمره أربعون سنة وإني قد كتبت الآجال وقسمت الأرزاق وأنا أمحو ما أشاء وأثبت وعندي أم الكتاب فإن جعلت له شيئا من عمرك ألحقت له قال يا رب قد جعلت له من عمري ستين سنة تمام المائة قال فقال الله عز وجل لجبرئيل وميكائيل وملك الموت اكتبوا عليه كتابا فإنه سينسى قال فكتبوا عليه كتابا وختموه بأجنحتهم من طينة عليين قال فلما حضرت آدم الوفاة أتاه ملك الموت فقال آدم يا ملك الموت ما جاء بك قال جئت لأقبض روحك قال قد بقي من عمري ستون سنة فقال إنك جعلتها لابنك داود قال ونزل عليه جبرئيل وأخرج له الكتاب فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام فمن أجل ذلك إذا خرج الصك على المديون ذل المديون فقبض روحه.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن عيسى بن أيوب ، عن علي بن مهزيار عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لما عرض على آدم ولده نظر إلى داود فأعجبه فزاده خمسين سنة من عمره قال ونزل عليه جبرئيل وميكائيل فكتب عليه ملك الموت صكا بالخمسين سنة فلما حضرته الوفاة أنزل عليه ملك الموت فقال آدم قد بقي من عمري خمسون سنة قال فأين الخمسون التي جعلتها لابنك داود قال فإما أن يكون نسيها أو أنكرها فنزل عليه جبرئيل وميكائيلعليه‌السلام فشهدا عليه وقبضه ملك الموت فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام كان

وفي بعضها أربعون ، وفي بعضها خمسون.

وثانيهما : مخالفته لأصول الشيعة من جواز السهو على الأنبياءعليهم‌السلام ، وإن قلنا بعدم النسيان فيلزم الإنكار والجحد مع العلم وهو أشكل ، إلا أن يقال : إنهعليه‌السلام لم ينسه ولم يجحد ، وإنما سأل ورجا أن يكون له ما قرر له أولا من العمر ، مع أن الإسهاء قد جوزه الصدوق (ره) عليهمعليه‌السلام ، ولا يبعد حمله على التقية لاشتهار هذه القصة بين العامة ، رواه الترمذي وغيره من رواتهم.

الحديث الثاني : مجهول.

٢١٨

أول صك كتب في الدنيا.

( باب )

( الرجل يدعى إلى الشهادة )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل «وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا »(١) فقال لا ينبغي لأحد إذا دعي إلى الشهادة يشهد عليها أن يقول لا أشهد لكم.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل «وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا » فقال لا ينبغي لأحد إذا دعي إلى شهادة يشهد عليها أن يقول لا أشهد لكم.

علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله وقال فذلك قبل الكتاب.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن

باب الرجل يدعى إلى الشهادة

الحديث الأول : موثق.

قوله عليه‌السلام : « إذا ما دعوا » قيل : المراد إذا دعوا إلى أداء الشهادة ، وقيل : إلى تحملها ففيه مجاز مشارفة ، وعلى الأخير دلت الروايات الكثيرة ، فيدل على وجوب التحمل وحمل الأكثر على الوجوب الكفائي ، وذهب ابن إدريس وجماعة إلى عدم الوجوب ، وظاهر كلام أكثر القائلين بالوجوب ، وجوب الإجابة وإن احتاجت إلى سفر مع تحمل مؤنة السفر ، والله يعلم.

الحديث الثاني : مجهول والسند الثاني حسن.

الحديث الثالث : مجهول.

__________________

(١) البقرة : ٢٨٢.

٢١٩

الفضيل ، عن أبي الحسنعليه‌السلام في قول الله عز وجل «وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا » فقال إذا دعاك الرجل لتشهد له على دين أو حق لم ينبغ لك أن تقاعس عنه.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل «وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا » قال قبل الشهادة

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن جراح المدائني قال إذا دعيت إلى الشهادة فأجب.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن داود بن سرحان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : لا يَأْبَ الشُّهَداءُ أن تجيب حين تدعى قبل الكتاب.

( باب )

( كتمان الشهادة )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ومحمد بن علي ، عن أبي جميلة ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من كتم شهادة أو شهد بها ليهدر لها بها دم امرئ مسلم أو ليزوي مال امرئ مسلم أتى

قوله عليه‌السلام : « لم ينبغ » ظاهره الاستحباب ولا ينافي الوجوب الكفائي ، وفي القاموس :تقاعس عنه وتقعس : تأخر.

الحديث الرابع : حسن.

الحديث الخامس : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « إذا دعيت » أي تحملها ، ويحتمل الأداء والأعم والأول أظهر.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

باب كتمان الشهادة

الحديث الأول : ضعيف.

وفي الصحاح :أهدر السلطان دمه أي أبطله وأباحه.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أو ليزوي» وإن كان حقا أيضا كان سببا لتضييع دم مسلم أو ماله ،

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

الإمام الجواد عليه‌السلام :

( صادق اللواتي ـ عمان ـ )

صغر السن :

س : ما هو الدليل على إمامة الإمام الجواد عليه‌السلام ؟ مع أنّه كان صغير السن؟

ج : إن كان الإشكال في السنّ فقد ثبت عدم دخل العمر في شرط الإمامة والقيادة عقلاً ونقلاً.

أمّا عقلاً ، فلا دليل على استحالة ذلك ، فيكون من الممكنات.

وأمّا نقلاً ، فهنالك آيات وروايات كثيرة ، ثبت من خلالها إمكان بل وقوع الإمامة والقيادة للأُمّة بسنّ صغير ، وهذا عيسىعليه‌السلام يشهد له القرآن بذلك ، إذ يقول :( قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ) (١) ، وكذلك تحدّث عن يحيىعليه‌السلام فقال :( يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) (٢) .

وإن كان الإشكال في شيء آخر فأخبرنا ونحن لك من الشاكرين.

( ـ البحرين ـ )

مشابهته لبعض الأنبياء :

س : لمّا ولد الإمام الجواد عليه‌السلام قال الإمام الرضا عليه‌السلام لأصحابه : « قد ولد لي

__________________

١ ـ مريم : ٢٩ ـ ٣٠.

٢ ـ مريم : ١٢.

٢٦١

شبيه موسى بن عمران فالق البحار ، وشبيه عيسى بن مريم »(١) .

فما هو وجه الشبه بين الإمام الجوادعليه‌السلام وبين هذين النبيّين عليهما‌السلام ؟

ج : الظاهر أنّ الإمام الرضاعليه‌السلام يقصد بكلامه هذا ـ على فرض صحّة الرواية سنداً ـ بأنّ ولده الإمام الجوادعليه‌السلام قد شاءت المصلحة الإلهيّة أن لا يولد في أيّام شباب الوالدعليه‌السلام ، بل ولد يوم كان عمر الإمام الرضاعليه‌السلام خمسة وأربعين سنة تقريباً ، وهذا التأخير كان تمحيصاً شديداً وابتلاءً عظيماً للمؤمنين( حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ) (٢) ، بحيث إنّ البعض قد بدأ يشكّك في مصداقية إمامة الإمام الرضاعليه‌السلام لعدم وجود عقب له ، فمن هذه الجهة تشابهت قصّة ولادتهعليه‌السلام بموسىعليه‌السلام ، حيث إنّ بني إسرائيل يئسوا من ظهور المنقذ لهم من ظلم فرعون بسبب تأخيره ، حتّى أتاهم بعد فترة من الامتحان والاختبار.

وأمّا وجه الشبه بينهعليه‌السلام وعيسىعليه‌السلام فهو أنّ عيسىعليه‌السلام آتاه الله تعالى الكتاب والنبوّة وهو طفل رضيع ، وتكلّم في المهد وهو صبيّ ، كذلك الإمام الجوادعليه‌السلام آتاه الله الإمامة وهو طفل ، وكان يكلّم الناس بكلام الحكماء والعرفاء ، وهو في مرحلة الطفولة.

( ـ محمّد ـ )

إجابته على مسائل كثيرة في مجلس واحد :

س : ما تقولون في حديث ورد في بعض الكتب عن الإمام الجواد عليه‌السلام ، أنّه أجاب على ثلاثين ألف مسألة في مجلس واحد؟ فهل هذا ممكن عقلاً؟ وهل يمكن إسناده إلى المعصوم عليه‌السلام ؟

ج : نعم ، جاء هذا الخبر في بعض مصادر الحديث بدون الإسناد إلى كلام

__________________

١ ـ بحار الأنوار ٥٠ / ١٥ عن عيون المعجزات.

٢ ـ آل عمران : ١٧٩.

٢٦٢

الإمامعليه‌السلام ، بل إنّه من كلام إبراهيم بن هاشم راوي الواقعة(٢) .

ومن هنا يجب أن نلاحظ نقطتين :

١ ـ إنّ مراجعة الأئمّةعليهم‌السلام من قبل الشيعة وغيرهم أمر طبيعي ، خصوصاً عند وفاة الإمام السابق ، وابتداء إمامة اللاحق ، فكانوا يأتونه لمعرفة إمامهم والتيقّن من شخصه ، وتمييزه عن غيره في تلك الظروف الصعبة ، وعليه فالظاهر أنّ هذا الخبر ثابت من حيث المضمون.

٢ ـ ومع التسليم لأصل القضية ، يمكن توجيه مواصفاتها المذكورة بعدّة صور ، ذكر بعضها العلاّمة المجلسيّ في « بحار الأنوار » في ذيل الحديث(١) .

والذي يبدو منها قريباً إلى الواقع هو : إنّ الإمامعليه‌السلام قد تكلّم بقواعد عامّة تتفرّع منها مسائل كثيرة ، فيصحّ أن يعبّر في المقام : إنّهعليه‌السلام أجاب على كلّ هذه الأسئلة ، والعلم عند الله تعالى.

( ـ السعودية ـ )

تولّى بنفسه تجهيز والده :

س : هل أنّ الإمام الجواد عليه‌السلام قد أتى إلى طوس من المدينة بصورة غير عادية لتجهيز أبيه الإمام الرضا عليه‌السلام والصلاة عليه ، كما تتحدّث بعض الأخبار بهذا؟ وهل هذا ممكن عقلاً؟ ثمّ كيف ينكره السيّد المرتضى (٢) ولا يلتزم بهذا الأمر؟

ج : أطبقت الشيعة بعلمائها وغيرهم على أنّ المتولّي لتجهيز الإمام السابق والصلاة عليه لا يكون إلاّ الإمام اللاحق ، وهذا رأيهم يعتمد على أحاديث كثيرة وردت في هذا المجال.

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٤٩٦ ، كشف الغمّة ٣ / ١٥٦ ، مناقب آل أبي طالب ٣ / ٢٩٠.

٢ ـ بحار الأنوار ٥٠ / ٩٣.

٣ ـ رسائل المرتضى ٣ / ١٥٦.

٢٦٣

ثمّ لا يخفى أنّ موضوع طيّ الأرض ليس فيه أيّ حظر عقليّ من جهة الإمكان ، فهو ممكن وواقع عقلاً ونقلاً ، كما ورد في القرآن الكريم في قصّة إحضار عرش بلقيس عند سليمانعليه‌السلام .

وأمّا المحاذير التي ذكروها في المقام فليست هي إلاّ وجوه استبعادية لا تفيد الجزم بالمنع.

وأمّا إنكار السيّد المرتضى للموضوع وملازماته فهو بسبب التزامه بمبنى عدم قبول خبر الواحد في باب الأخبار ، أي أنّه لا يرى أخبار المقام في حدّ التواتر أو الاستفاضة حتّى تفيد علماً له ، وهذا المبنى مردود عند المحققّين كما قرّر في علم الأُصول.

فالنتيجة : إنّ إنكاره لا يدلّ على نفي الواقع ، بل هو رأي خاصّ به ، قد ثبت بطلانه بأدلّة وافية وشافية.

وعليه ، فالإمام الجوادعليه‌السلام ـ وكذا باقي الأئمّةعليهم‌السلام ـ قد حضروا وتولّوا تجهيز آبائهم والصلاة عليهم.

وأمّا ما روي من تولّي هذه المراسيم بيد الآخرين فهي ـ مع فرض صحّة أسانيدها ـ لا تنفي ما ذكرناه ، فقد يجوز أن يكون ذلك على مستوى الظاهر ولحفظ حالة التقية والكتمان.

( عبد الله )

إمامته في صغر سنّه :

س : هناك من يعترض على إمامة الإمام الجواد عليه‌السلام لصغر سنّه (١) ، ويؤيّد كلامه بوجود اختلاف بين الشيعة نفسهم في ذلك ، نقلاً عن كتاب فرق الشيعة (٢) .

__________________

١ ـ بين الشيعة وأهل السنّة : ٥٥.

٢ ـ فرق الشيعة : ٨٨.

٢٦٤

فإنّه يذكر : إنّ بعض الشيعة أنكروا إمامته مستدلّين بأنّ الإمام لا يجوز أن يكون إلاّ بالغاً ، ولو جاز أن يأمر الله تعالى بطاعة غير البالغ لجاز أن يكلّف الله غير البالغ ، والتالي باطل فالمقدّم مثله .

كيف نردّ عليهم هذه الدعوى والاستدلال الباطل ؟

ج : نختصر الجواب في عدّة نقاط :

١ ـ صغر السنّ بما هو لا يكون مانعاً عقلاً في المقام ، فلا نرى فيه أيّ محذور كما هو واضح.

وأمّا نقلاً ، فمضافاً إلى عدم ورود منع شرعي لذلك جاء في القرآن الكريم( وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) (١) ، فالاستبعاد في الموضوع لا يرجع إلى شيء.

٢ ـ إنّ كتاب « فرق الشيعة » للنوبختي لم يصل إلينا بطريق وسند صحيح يمكن الاعتماد عليه ، كما هو رأي المحقّقين.

نعم ثبت في محلّه بأنّ النوبختي كان له كتاب بهذا الاسم ، ولكن لا يمكننا الجزم بأنّ هذه النسخة المتداولة هي الأصل ، بل من المحتمل والمظنون قويّاً تلاعب بعض الأيدي في متنها.

٣ ـ لا ملازمة بين عدم تكليف غير البالغ وموضوع الإمامة والنبوّة ، فإنّهما رتبتان يهبهما الله تعالى حيث يشاء من عباده وفقاً للمصلحة التي يراها.

وأمّا عدم تكليف الصبي فهو امتنان وشفقة عليه ، أي إنّه من باب رفع المشقّة ، لا أنّه لا يصحّ تكليفه عقلاً ، ألا ترى صحّة عباداته ومشروعيّتها على المشهور.

وبعبارة واضحة : إنّ الصبي ـ وعلى الأخصّ المميّز منه ـ قد رفع عنه التكليف لصالحه ، ولكن النبوّة والإمامة أمران إلهيان يضعهما الله تعالى في مواضع قد قدّر استيعابهما فيها مسبقاً ، فلا امتنان في رفعهما عن تلك المواضع.

٤ ـ ولو سلّمنا أنّ بعض الشيعة أنكر إمامته لصغر سنّه فهؤلاء حينئذ لا يطلق

__________________

١ ـ مريم : ١٢.

٢٦٥

عليهم شيعة اثنى عشرية ، فحالهم حال الشيعة الإسماعيلية حين أنكروا إمامة الإمام الكاظمعليه‌السلام ، وحالهم حال الشيعة الزيدية حين أنكروا إمامة الإمام الباقرعليهم‌السلام .

( حسين جبّاري ـ البحرين ـ ٢٣ سنة ـ طالب )

ردّه على ثلاثين ألف مسألة في مجلس واحد :

س : لقد قرأت كتيّب بعنوان « المسلم » للسيّد الشيرازي ، وقد لفتت انتباهي رواية عن أحد الأئمّة عليهم‌السلام ، بأنّه قد ردّ على ثلاثين ألف مسألة في جلسة واحدة ، وهذا الكلام غير منطقيّ ، لأنّنا لو قلنا : إنّ الجلسة كانت مدّتها ٢٤ ساعة ، وقد تمّ طرح مسألة والإجابة عليها في كلّ دقيقة ، فأنّنا نرى أن ربع هذا الرقم لم نصل إليه ، فما هو ردّكم؟ ولكم جزيل الشكر.

ج : الظاهر أنّك تقصد الرواية التي رواها ابن شهر آشوب في « مناقب آل أبي طالب » ، عن إبراهيم بن هاشم عن مجلس اجتمع فيه الناس للاستفادة من الإمام الجوادعليه‌السلام ، وهو ابن عشر سنين ، هذه الروايات إن صحّ سندها ـ كما هو غير بعيد ، يمكن توجيها بعدّة وجوه أهمّها :

١ ـ إنّ المقصود بالجلسة مجلس الاستفادة ، ولعلّه امتدّ أيّاماً وأسابيع ، وعبّر عنها بمجلس واحد ، لأجل أنّها عقدت لإثبات عظمة الإمام رغم صغر سنّه ، وعجز غيره عن مجاراته ومناظرته ، رغم كثرتهم وكبر سنّهم ، فهو مجلس واحد لأجل وحدة الغرض.

٢ ـ إنّ المقصود بالتعبير الوارد في الرواية والعدد المذكور الجزئيات والفروع التي استفيدت من القواعد التي أُسّست من قبل الإمامعليه‌السلام ، وهذا مثل ما يظهر من قوله سبحانه :( وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) (١) ، وقوله :

__________________

١ ـ الأنعام : ٥٩.

٢٦٦

( وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) (١) بناء على أنّ المقصود بالكتاب هو القرآن.

فكما يمكن أن يحتوي القرآن على كلّ ما أُشير إليه رغم محدوديّته من حيث الألفاظ ، كذلك يمكن أن يحتوي كلام الإمام على أُسس وقواعد ليستخرج منها حكم فروع كثيرة.

وأيضاً قال الله سبحانه :( ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ ) (٢) ، ومعلوم أنّ توراة موسى كان كتاباً محدود الكلمات ، ومع ذلك احتوى تفصيلاً لكلّ شيء.

وقال في موضع آخر :( وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ ) (٣) ، وأشار سبحانه إلى احتواء القرآن بقوله :( وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً ) (٤) ، وإلى هذا المعنى يشير أمير المؤمنينعليه‌السلام في قوله : « علّمني رسول الله ألف باب من العلم ، فتح لي كلّ باب ألف باب »(٥) .

وقد قال بعض : إنّه استنبط من قول الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا ضرر ولا ضرار » أكثر من ألف حكم.

__________________

١ ـ يونس : ٦١.

٢ ـ الأنعام : ١٥٤.

٣ ـ الأعراف : ١٤٤.

٤ ـ الإسراء : ١٢.

٥ ـ الفصول المختارة : ١٠٧ ، إعلام الورى ١ / ٢٦٧.

٢٦٧
٢٦٨

الإمام الهادي عليه‌السلام :

( عيسى ـ الكويت ـ ٣١ سنة )

علمه وإخباره بموت الواثق :

س : هناك من يقول أنّ علي الهادي لم يكن أعلم الناس حسبما هو مشروط فيمن يتولّى الإمامة ، فكيف يكون الردّ على هذا القول؟ وجزاكم الله خيراً.

ج : لقد اشتهر كالشمس في رائعة النهار بين الخاصّة والعامّة سعة أُفق علم الأئمّةعليهم‌السلام أجمع ، فضلاً عن الإمام الهاديعليه‌السلام بذاته.

أمّا بالنسبة إلى الخاصّة فلا مجال للنقاش أو الشكّ بعد الإقرار بكونهم أئمّة معصومين ، وأنّ علمهم وراثي وإلهامي.

وأمّا العامّة بجميع مذاهبها فإنّها أقرّت بسعة علوم أهل البيتعليهم‌السلام ، بما يميّزها عن غيرها.

ومن الأخبار التي تدلّ على سعة الإمام الهاديعليه‌السلام إخباره بموت الواثق ، فعن خيران الأسباطيّ قال : « قدمت على أبي الحسنعليه‌السلام المدينة فقال لي : «ما خبر الواثق عندك »؟ قلت : جعلت فداك خلّفته في عافية ، أنا من أقرب الناس عهداً به ، عهدي به منذ عشرة أيّام ، قال : فقال لي : «إنّ أهل المدينة يقولون إنّه مات » ، فلمّا أن قال لي : الناس ، علمت أنّه هو.

ثمّ قال لي : «ما فعل جعفر »؟ قلت : تركته أسوأ الناس حالاً في السجن ، فقال : «أمّا إنّه صاحب الأمر ، ما فعل ابن الزيات »؟ قلت : جعلت فداك الناس معه والأمر أمره.

٢٦٩

فقال : «أمّا إنّه شؤم عليه » ، ثمّ سكت وقال لي : «لابدّ أن تجري مقادير الله تعالى وأحكامه ، يا خيران مات الواثق ، وقد قعد المتوكّل جعفر ، وقد قتل ابن الزيات » ، فقلت : متى جعلت فداك؟ قال : «بعد خروجك بستّة أيّام »(١) .

( إبراهيم ـ كندا ـ ٢٣ سنة )

دفن في بيته :

س : لماذا دفن الإمام علي الهادي عليه‌السلام في بيته؟ وشكراً لكم.

ج : السبب في دفنهعليه‌السلام في بيته يعود إلى حصول ردود الفعل من الشيعة يوم استشهادهعليه‌السلام ، وذلك عندما اجتمعوا لتشييعه مظهرين البكاء والسخط على السلطة ، والذي كان بمثابة توجيه أصابع الاتهام إلى الخليفة لتضلّعه في قتله.

وللشارع الذي أخرجت جنازة الإمامعليه‌السلام إليه الأثر الكبير ، حيث كان محلاً لتواجد معظم الموالين لآل البيتعليهم‌السلام ، أو من يحمل بين حنايا ضلوعه ولاء أهل البيتعليهم‌السلام ، من الجند والقوّاد والكتّاب.

كلّ هذا أدّى إلى اتخاذ السلطة القرار بدفنهعليه‌السلام في بيته ، وإن لم تظهر تلك الصورة في التاريخ بوضوح ، إلاّ أنّه يفهم ممّا تطرّق إليه اليعقوبيّ في تاريخه عند ذكر حوادث عام ( ٢٥٤ هـ ) ، ووفاة الإمام الهاديعليه‌السلام حيث يقول : « وبعث المعتزّ بأخيه أحمد بن المتوكّل ، فصلّى عليه في الشارع المعروف بشارع أبي أحمد ، فلمّا كثر الناس واجتمعوا كثر بكاؤهم وضجّتهم ، فردّ النعش إلى داره ، فدفن فيها »(٢) .

وتمكّنوا بذلك من إخماد لهيب الانتفاضة والقضاء على نقمة الجماهير الغاضبة.

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٤٩٨.

٢ ـ تاريخ اليعقوبيّ ٢ / ٥٠٣.

٢٧٠

( علي ـ العراق ـ ١٩ سنة )

حذّر من ابنه جعفر :

س : هل حذّر الإمام الهادي من ابنه جعفر الكذّاب؟ ودمتم سالمين.

ج : لقد حذّر الإمام الهاديعليه‌السلام شيعته ومواليه من ابنه جعفر واتباعه ، فإنّه كان يقول لهم : تجنّبوا جعفراً فإنّه منّي بمنزلة نمرود من نوح الذي قال الله عزّ وجلّ فيه :( فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ) (١) .

قال الله :( قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ) (٢) .

وقد حذّر منه أيضاً الإمام العسكريّعليه‌السلام بقوله : « الله الله أن يظهر لكم أخي جعفر على سرّ ، ما مثلي ومثله إلاّ مثل هابيل وقابيل ابني آدم ، حيث حسد قابيل هابيل على ما أعطاه من الحاشية ، ولو تهيّأ لجعفر قتلي لفعل ، ولكن الله غالب على أمره »(٣) .

__________________

١ ـ هود : ٤٥.

٢ ـ هود : ٤٦.

٣ ـ مدينة المعاجز ٧ / ٦٦٤.

٢٧١
٢٧٢

الإمام العسكريّ عليه‌السلام :

( ـ مسلم ـ )

روي عنه أحاديث قليلة :

س : لماذا معلوماتنا قليلة وشحيحة عن الإمام الحسن العسكريّ؟ على الرغم أنّه آخر الأئمّة ، وقبل الإمام المهديّعليه‌السلام ، ومن المفروض أن نكون أكثر علماً عنه ، ونقل عنه.

إلاّ أنّنا نجد النقل أكثر عن الإمام جعفر الصادق ، ونرى نهج البلاغة ، ونرى القليل عن رسول الله ، أوّل من جاء بخبر السماء ، كما أنّنا لا نرى روايات عن الإمام العسكريّ.

ج : إنّ قلّة أحاديثنا عن الإمام العسكريّعليه‌السلام ترجع إلى أمرين : قصر عمره الشريف ، وإبقائه تحت الرقابة الشديدة.

فالحقيقة إنّ الإمامعليه‌السلام قد ولد في سنة ٢٣٢ هـ ، واستشهد مسموماً في سنة ٢٦٠ هـ ، فعمره الشريف يكون ٢٨ سنة.

مضافاً إلى أنّهعليه‌السلام قد شخص إلى العراق مع والدهعليه‌السلام ، منذ سنة ٢٣٦ هـ ، وأُجبر على الإقامة في مدينة سامراء ـ عاصمة العباسيّين آنذاك ـ حتّى تكون عيون الحكومة على معرفة قريبة من شؤونه ، واتصال الشيعة به ، وفي هذه الظروف كان من الصعب الوصول إليه ، وتلقّي الأحاديث والعلوم والمعارف منهعليه‌السلام .

وهذا بخلاف المقطع الذي عاشه الإمام الصادقعليه‌السلام ، إذ صادف زمان انهيار

٢٧٣

الحكم الأمويّ وظهور العباسيّين ، فاشتغال الظالمين بالظالمين قد أنتج فرصة ذهبية للإمامعليه‌السلام في سبيل بثّ علوم أهل البيتعليهم‌السلام وأحاديثهم ، وهذا سرّ كثرة الروايات عنهعليه‌السلام .

وأمّا الرواية عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله فهي أحاديث أهل البيتعليهم‌السلام ، أي إنّ أحاديثهم ـ بعقيدتنا ـ هي أحاديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا غير ، وهي ليست بالقليل كما هو واضح ، لمن راجع المجامع الحديثية للشيعة.

( محامي الشيعة ـ السعودية ـ )

المعتمد دسّ إليه السمّ :

س : على يد مَن قتل الإمام الحسن العسكريّ عليه‌السلام ؟

ج : قال ابن الصبّاغ المالكيّ في « الفصول المهمّة » ما نصّه : « ذهب كثير من الشيعة إلى أنّ أبا محمّد الحسن مات مسموماً ، وكذلك أبوه وجدّه ، وجميع الأئمّة الذين من قبلهم ، خرجوا كلّهم تغمّدهم الله برحمته من الدنيا على الشهادة ، واستدلّوا على ذلك ، بما روي عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال : «ما منّا إلاّ مقتول أو شهيد »(١) .

ونقل العلاّمة المجلسيّ في « بحار الأنوار » عن كتاب « المصباح » للشيخ الكفعميّ ( قدس سره ) ، أنه قال : « توفّيعليه‌السلام في أوّل يوم من ربيع الأوّل » ، وقال في موضع آخر : « في يوم الجمعة ثامنه ، سمّه المعتمد »(٢) .

نعم المعتمد العباسيّ ـ الحاكم آنذاك ـ دسّ السمّ إلى إمامنا العسكريّعليه‌السلام ، ومات مسموماً مظلوماً.

__________________

١ ـ الفصول المهمّة : ٢٩٠.

٢ ـ بحار الأنوار ٥٠ / ٣٣٥.

٢٧٤

( ـ ـ )

مدّة إمامته :

س : إمامة أيّ من الأئمّة عليهم‌السلام كانت أقصر من الآخرين؟ رجاءً مع ذكر سنين إمامته.

ج : هو الإمام الحادي عشر من أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، أبو محمّد الحسن بن علي العسكريّعليهما‌السلام ، فقد ولدعليه‌السلام في سنة ٢٣٢ هـ ، وتولّى منصب الإمامة في سنة ٢٥٤ هـ ، واستشهد في سنة ٢٦٠ هـ ، وعليه ففترة إمامته كانت ستّ سنوات ، وبهذا تكون مدّة إمامته أقلّ فترةً من جميع آبائه المعصومينعليهم‌السلام .

منع من الحج :

س : نسمع أحياناً أنّ الإمام العسكريّ عليه‌السلام لم يحجّ ، فهل هذا صحيح؟ وإن كان صحيحاً فما وجهه؟

ج : نعم ، بحسب النصوص الروائية والتاريخية فإنّ الإمام العسكريّعليه‌السلام لم تتح له فرصة الذهاب إلى الحجّ ، وبهذا هو الإمام الوحيد الذي منع من أداء مناسك الحجّ والعمرة ، ولتوضيح المسألة يلاحظ :

أوّلاً : إنّ الإمام العسكريّعليه‌السلام خرج من المدينة نحو العراق في سنة ٢٣٦ هـ ، مع والده الإمام الهاديعليه‌السلام ؛ وبما أنّ ولادتهعليه‌السلام كانت في سنة ٢٣٢ هـ ، فهذا يعني أنّهعليه‌السلام كان له من العمر أربع سنوات حينما اصطحبه والده في سفره إلى سامراء.

ثانياً : كما نعرف أنّ المجيء إلى سامراء كان بصورة جبرية من قبل الخليفة العباسيّ ـ المتوكّل ـ ، فمن الطبيعي أن تكون الإقامة أيضاً جبرية ، وهذا يعني عدم الخيار في الخروج منها حتّى لسفر الحجّ.

فبقي هو مع أبيهعليهما‌السلام تحت الرقابة الشديدة إلى زمان استشهادهماعليهما‌السلام .

ثالثاً : كلّ ما ذكرناه هنا فهو على ضوء الأدلّة الظاهرية ، وعليه فلا ننفي إمكانية خروج الإمامعليه‌السلام عن البلد ، ومحلّ الإقامة الجبرية بصور الإعجاز

٢٧٥

وخرق العادة ، إذ هذا أمر طبيعيّ بالنسبة لأئمّة أهل البيتعليهم‌السلام .

ولكن على مستوى الوضع الظاهريّ كانعليه‌السلام قد فرض عليه الإقامة الجبرية في سامراء من أيّام الطفولة حتّى يوم استشهاده ، فلم يمكن التخلّص من الوضع الراهن والذهاب إلى الحجّ.

( ـ ـ )

إمامته منصوصة :

س : ما هي الحكمة من وراء إمامة الإمام العسكريّ عليه‌السلام ؟ وعدم حصولها لبقية أخوته مثل سيّد محمّد ، أو جعفر أو غيرهما ، مع أنّهما كانا أكبر من الإمام العسكريّ عليه‌السلام من ناحية العمر؟

ج : نلفت انتباهكم في الجواب إلى نقطتين :

الأُولى : إنّ الإمامة بحسب اعتقادنا ـ نحن الشيعة ـ أمر إلهي ، ولا تخضع لقوانين الوراثة ، أو أيّ موضوع آخر ، فيجب فيها اتّباع النصّ ، وعدم الاعتماد على الظنون والتخرّصات ، وقد وردت عدّة نصوص عامّة وخاصّة دالّة على إمامة الإمام العسكريّعليه‌السلام .

الثانية : وعلى فرض التنزّل والتسليم يمكننا البحث في الموردين المذكورين في السؤال.

ومجمل القول هو : إنّ السيّد محمّد قد توفّي في حياة والده الإمام الهاديعليه‌السلام ، وبهذا قد انتفى افتراضه كإمام ، أي إنّ إمامته انتفت بانتفاء موضوعه.

ولا يخفى أنّ لهذا السيّد شأناً كبيراً ، ومقاماً عالياً عند أهل البيتعليهم‌السلام ، وعند الشيعة ، ولكنّ الله تعالى شاء وقدّر ما كان وما يكون.

وأمّا جعفر ، وهو الملقّب بالكذّاب عند الشيعة ، فقد اشتهر عند الناس بالفسق والفجور ، فلم يكن فيه احتمال تصدّي مقام الإمامة حتّى على مستوى الفرض ؛ وهو أيضاً لم يدّع هذا المنصب في حياة أخيه الإمام العسكريّعليه‌السلام ،

٢٧٦

بل مال إليه بعد استشهادهعليه‌السلام ، ولكن لم يقبل منه القريب والبعيد هذا الادّعاء؛ وأمره إلى الله تعالى.

( أحمد ـ الكويت ـ ٢٠ سنة ـ طالب )

قول أبيه له أحدث لله شكراً فقد أحدث فيك أمراً :

س : بعد السؤال عن صحّتكم ، في الحقيقة لقد أرسلت رسالة بموضوع قدرة الله تعالى ، ونرجو منكم الردّ ، وهذا عهدنا بكم ، عندي موضوع آخر يتعلّق حول الإمام الحسن العسكريّعليه‌السلام ، وبالأخص قضية أنّ أخيه محمّد ، وأنّه هو الوصيّ بعد أبيه الهاديعليه‌السلام .

وقد قرأت حول هذا الموضوع بعض الردود ، مثل ردّ السيّد سامي البدريّ في كتاب شبهات وردود وغيرها ، وفي قسم الإجابات والأسئلة في هذا المركز ، في موضوع البداء ، إلاّ أنّه يتبادر عدّة نقاط يجب طرحها وملاحظاتها :

١ ـ ما المقصود من قول الإمام الهادي لولده الإمام العسكريّعليهما‌السلام : « يا بني ، أحدث لله شكراً فقد أحدث فيك أمراً »؟

وما المقصود من عبارة : وعلمنا أنّه أشار بالإمامة ، وأقامه مقامه؟ كما ورد في هذه الرواية : « عن جماعة من بني هاشم ، منهم الحسن بن الحسن الأفطس ، أنّهم حضروا ـ يوم توفّي محمّد بن علي بن محمّد ـ باب أبي الحسن يعزّونه ، وقد بسط له في صحن داره ، والنساء جلوس حوله ، فقالوا : قدّرنا أن يكون حوله من آل أبي طالب وبني هاشم وقريش مائة وخمسون رجلاً ، سوى مواليه وسائر الناس ، إذ نظر إلى الحسن بن علي قد جاء مشقوق الجيب ، حتّى قام عن يمينه ونحن لا نعرفه ، فنظر إليه أبو الحسنعليه‌السلام بعد ساعة ، فقال : « يا بني أحدث لله عزّ وجلّ شكراً ، فقد أحدث فيك أمراً » ، فبكى الفتى وحمد الله واسترجع ، وقال : « الحمد لله ربّ العالمين ، وأنا أسأل الله تمام نعمه لنا فيك ، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون ».

فسألنا عنه ، فقيل : هذا الحسن ابنه ، وقدّرنا له في ذلك الوقت عشرين سنة

٢٧٧

أو أرجح ، فيومئذ عرفناه وعلمنا أنّه قد أشار إليه بالإمامة ، وأقامه مقامه »(١) .

٢ ـ ما معنى قول الإمام الهادي لابنه العسكريّعليهما‌السلام : « إنّ الله تبارك وتعالى قد جعل فيك خلفاً منه فأحمد الله »؟

كما ورد في هذه الرواية : عن محمّد بن يحيى بن درياب قال : دخلت على أبي الحسنعليه‌السلام بعد مضي أبي جعفر فعزّيته عنه ، وأبو محمّدعليه‌السلام جالس ، فبكى أبو محمّدعليه‌السلام ، فأقبل عليه أبو الحسنعليه‌السلام فقال له : « إنّ الله تبارك وتعالى قد جعل فيك خلفاً منه فأحمد الله »(٢) .

٣ ـ هل يوجد نصّ من الإمام الهاديعليه‌السلام على ولده محمّد على أنّه هو الإمام؟ وهل حصل تواتر في الروايات على ذلك؟ ولماذا لم يتداول نصّ الإمام الجواد على العسكريّ عليهما‌السلام بين الشيعة؟

ج : بالنسبة إلى السؤال الأوّل نقول : المعنى أنّ الله تعالى حين قبض محمّداً إليه ، وقد كان بعض الشيعة يظنّون أنّه الإمام بعد أبيه ، فلمّا أماته الله أظهر للناس إمامة العسكريّ ، ورفع الوهم عند ذوي الفهم منهم ، وهذه نعمة بالغة تستوجب مزيد الشكر على هدايتهم إلى الحقّ.

والمقصود بالعبارة : إنّ الإمام الهاديعليه‌السلام أشار إلى ابنه الحسن العسكريّعليه‌السلام بالإمامة ، وأقامه مقامه ، أي مقام نفسه من بعده ، فالضمير عائد إلى الإمام الهادي في مقامه ، لا إلى ابنه محمّد.

وبالنسبة إلى السؤال الثاني نقول : معنى قول الإمام الهاديعليه‌السلام لابنه العسكريّ ـ إن صحّت الرواية ، ولا تصحّ لجهالة محمّد بن يحيى بن درياب الراوي ـ فإن المعنى هو المعنى في الجواب الأوّل.

وبالنسبة إلى السؤال الثالث نقول : لم يوجد أيّ نصّ من الإمام الهاديعليه‌السلام على ولده محمّد.

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٣٢٦.

٢ ـ المصدر السابق ١ / ٣٢٧.

٢٧٨

ولم يصحّ خبر واحد ـ فضلاً عن التواتر ـ في ذلك. وتوجد نصوص على إمامة العسكريّ ولو لم يكن تداول بين أهل المعرفة لما وصل إلينا الخبر بذلك.

وفّقنا الله وإيّاكم إلى بلوغ الحقّ ، والصراط المستقيم.

( تسنيم الحبيب ـ الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالبة جامعة )

رؤية نرجس له بالحلم :

س : لدي سؤال يتعلّق بالسيّدة المبجّلة والدة الإمام الحجّةعليه‌السلام ـ جعلنا وإيّاكم من أنصاره ـ : قرأت في بحار الأنوار عن غيبة الشيخ الطوسيّ : « أنّهاعليها‌السلام كانت تحلم بالإمام العسكريّعليه‌السلام ، ويأتي بالحلم لها ليحدّثها ويجالسها »(١) .

فهل هذا ممكن وجائز؟ وهل كانت هي حليلة له؟ أم أنّ هناك مسوّغاً شرعياً آخر؟ وجزاكم الله خير الجزاء ، ودمتم موفّقين.

ج : رؤية نرجسعليها‌السلام ، أو أي امرأة أُخرى إلى رجل غريب في الحلم لا يحتاج إلى مسوّغ شرعي ، وهكذا رؤية الإمام العسكريّعليه‌السلام ، أو أي رجل آخر إلى امرأة غريبة في الحلم.

ثمّ بعد التسليم بصحّة سند الرواية ، ففي بدايتها تصريح بحصول عقد النكاح من خلال النبيّ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وشمعون وصيّ عيسىعليهما‌السلام .

__________________

١ ـ بحار الأنوار ٥١ / ٦.

٢٧٩
٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518