موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

موسوعة الأسئلة العقائديّة7%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-02-7
الصفحات: 518

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 518 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 245297 / تحميل: 6327
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٢-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

الإمام المهديّ عليه‌السلام :

( مجيد علي ـ البحرين ـ )

إثبات وجوده بالفطرة :

س : كيف نثبت وجود الإمام المهديّ عليه‌السلام بالفطرة؟

ج : إنّ العقل والفطرة يحكمان بعدل الله تعالى ، ومن عدله تعالى بعثة الأنبياء والرسل ، وألا يترك الأُمّة سدى ، وهكذا كان ، ففي كلّ وقت وزمان ـ من زمن آدمعليه‌السلام ـ كان نبيّ أو وصيّ نبيّ.

وعند البحث والتحقيق نشاهد أنّ لجميع الأنبياء وصيّ أو أوصياء ، ولمّا كانت نبوّة نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله خاتمة النبوّات ، فوجود الوصي يكون ضرورياً.

وذهبت الشيعة إلى أن لهصلى‌الله‌عليه‌وآله وصيّ ، وهو أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، ومن بعده أحد عشر إماماًعليهم‌السلام أوصياء لهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ونفس الدليل الذي أوجب عدل الله تعالى ، ومن ثمّ استلزام العدل أن لا يترك الأُمّة سدى بلا نبيّ أو وصيّ ، يأتي هذا الدليل في زماننا هذا ، فهل ترك الله تعالى بعد شهادة الإمام الحسن العسكريّعليه‌السلام الأُمّة بلا وصيّ؟!

الدليل العقليّ والفطري يحكمان بوجوب تعيين وصيّ وإمام من قبله تعالى لهذه الأُمّة ، وهو وإن كان غائباً ، إلاّ أنّ البشرية تستفيد منه ، كما يستفيد الناس من الشمس إذ غيّبها السحاب.

٢٨١

( غانم النصار ـ الكويت ـ )

مولود وغائب متّفق عليه عند الشيعة :

س : هل هناك دليل من القرآن والسنّة على اختفاء الإمام الحجّة؟ بارك الله بكم.

ج : تارة نبحث عن أصل فكرة المنقذ للبشرية ، وأنّه في آخر الزمان يخرج منقذ للبشرية ، ينقذها من الظلم والجور ، فهذا ممّا اتفقت عليه جميع الأديان.

وتارة نبحث عن أنّ المنقذ هو المهديّ المنتظرعليه‌السلام ، مع غضّ النظر عن أنّه ولد أو لا ، فهذا ممّا اتفق عليه جميع المسلمين.

وتارة نبحث عن المنقذ بأنّه الإمام محمّد بن الحسن العسكريّ ، وأنّه ولد وغاب ، فهذا ممّا اتفق عليه الشيعة الإمامية ، وفي كتبهم من ذلك روايات كثيرة جدّاً ، تصل إلى حدّ التواتر.

( ـ ـ )

اتجاهان في تفسير الدجّال :

س : يشغل بالي كثيراً هذا السؤال ، وهو : من هو الدجّال؟ وفي أيّ زمان يخرج؟ وهل الدجّال فرداً أم جماعةً؟ ألا نستطيع أن نعتبر أمريكا هي الدجّال؟

ج : هناك اتجاهان في تفسير الدجّال ، أحدها يؤكّد أنّ الدجّال هو ابن صائد ، الذي أكّدته روايات أهل السنّة ، وأيّدته بعض المرويّات عند الإمامية ، ولعلّها اعتمدت على تلك الروايات العامّية.

ثانيها : يذهب إلى أنّ الدجّال رمز يرمز إلى الظلم والكفر والطغيان ، ومع هذا الاتجاه ، يمكنك أن تجعل أي مصداق من مصاديق الكفر والضلال في نطاق مفهوم الدجّال ، وفي المقام بحث واسع لا يسعنا التطرّق إليه.

ولا عليك أن تكلّف نفسك في البحث عن مصداق الدجّال ، أهو الحقيقيّ

٢٨٢

الذي اسمه ابن صائد ، أو هو المجازي الذي يعني كلّ كفر وضلال ، فإنّ تكليفنا جميعاً هو الاعتقاد الحقّ بوجود المهديّعليه‌السلام وولادته ، وهو ابن الحسن العسكريّعليه‌السلام .

وظهوره بعد أن يأذن الله تعالى له بالظهور ، والتسليم لهذا الأمر والانتظار له ، وتهذيب النفس وتهيئتها لاستقبالهعليه‌السلام ، ومعايشة فكرة الظهور في كلّ لحظة من لحظات حياتنا. هذه هي المطالب الشريفة التي يجب التمسّك بها.

( عبد المنعم إسماعيل ـ السعودية ـ ١٩ سنة ـ طالب ثانوية )

أدلّة قرآنية على حياته :

س : ما هو دليل حياة الإمام المنتظر عليه‌السلام من القرآن؟

ج : إنّ حياة الإمام المهديّعليه‌السلام في القرآن تثبت بالرجوع إلى الآيات القرآنية التي تثبت وجوب الإمام في كلّ عصر ، فإثبات وجوب الإمامة لا يعني في وقتٍ دون وقت ، فإنّ ذلك يمتد حتّى إلى عصرنا الذي نحتاج فيه الإمام ، لنفس الغرض الذي نثبته في كلّ عصر.

١ ـ قال تعالى :( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) (١) .

روي عن ابن عباس أنّه قال : لمّا نزلت الآية ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا المنذر وعلي الهادي من بعدي ، فقال : يا علي بك يهتدي المهتدون »(٢) .

فهل الهادي لزمانٍ دون زمان ، وعصرٍ دون عصر؟

__________________

١ ـ الرعد : ٧.

٢ ـ المسترشد : ٣٥٩ ، شرح الأخبار ٢ / ٢٧٢ و ٣٥٠ ، مناقب آل أبي طالب ٢ / ٢٨٠ ، الصراط المستقيم ٢ / ١٠ ، فتح الباري ٨ / ٢٨٥ ، تفسير أبي حمزة الثمالي : ٢١٥ ، تفسير فرات الكوفي : ٢٠٦ ، التبيان ٦ / ٢٢٣ ، مجمع البيان ٦ / ١٥ ، خصائص الوحي المبين : ١٤٠ ، جامع البيان ١٣ / ١٤٢ ، شواهد التنزيل ١ / ٣٨٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٣٥٩ ، بشارة المصطفى : ٣٧٧.

٢٨٣

عن الإمام الباقرعليه‌السلام في قول الله تعالى :( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) ، قال : «رسول الله المنذر ، وعلي الهادي ، والله ما ذهبت منّا ، وما زالت فينا إلى الساعة »(١) .

ممّا يدلّ على أنّ هذه الآية مستمرة إلى قيام الساعة ، ففي كلّ عصر هادٍ من أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، ومنهم الإمام المهديّعليه‌السلام حتّى عصرنا هذا وما بعده ، إذ لا يخلو زمان عن إمامٍ هادٍ.

وعن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي جعفرعليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ :( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) ، فقال : « إمام هاد لكلّ قومٍ في زمانهم »(٢) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام في حديث طويل : « ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجّة لله فيها ، ظاهر مشهور ، أو غائب مستور ، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجّة لله فيها ، ولولا ذلك لم يعبد الله ».

قال سليمان ـ راوي الحديث ـ فقلت للصادقعليه‌السلام : فكيف ينتفع الناس بالحجّة الغائب المستور؟ قالعليه‌السلام : « كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب »(٣) .

٢ ـ قوله تعالى :( وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) (٤) .

وإيصال القول أي تبليغهم بآيات الله وأحكامه ، وهذه لا يقوم بها إلاّ الإمام ، وفي زماننا هو الإمام المهديّعليه‌السلام ، فلابدّ من وجوده ، ليتمّ مصداق هذه الآية.

عن الإمام الصادقعليه‌السلام في قوله :( وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ ) قال : « إمام بعد إمام »(٥) .

٣ ـ قوله تعالى :( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ) (٦) .

__________________

١ ـ بصائر الدرجات : ٥٠ ، تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢٠٤.

٢ ـ الإمامة والتبصرة : ١٣٢ ، كمال الدين وتمام النعمة : ٦٦٧ ، ينابيع المودّة ١ / ٢٩٧.

٣ ـ الأمالي للشيخ الصدوق : ٢٥٣ ، كمال الدين وتمام النعمة : ٢٠٧ ، ينابيع المودّة ١ / ٧٥.

٤ ـ القصص : ٥١.

٥ ـ بصائر الدرجات : ٥٣٥ ، الأمالي للشيخ الطوسيّ : ٢٩٤ ، تفسير القمّيّ ٢ / ١٤١.

٦ ـ البقرة : ٣٠.

٢٨٤

فهل هذه الآية لزمانٍ دون زمان؟ أم هي متصلة إلى أن تقوم الساعة؟ فمن هو خليفة الله في الأرض في زماننا هذا؟ لابدّ أن يكون ذلك الخليفة هو الإمام ، والإمام اليوم هو الإمام المهديّعليه‌السلام ، فهو حيّ بمقتضى هذه الآية.

٤ ـ قوله تعالى :( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (١) .

فإتمام النور بالتبليغ إلى الله تعالى ، فهل هذا لزمان دون زمان؟ فمن هو الذي يتمّ نور الله في هذا الزمان؟ إنّه الإمام المهديّعليه‌السلام الذي يعيش في زماننا هذا.

عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : « لم تخلو الأرض منذ كانت من حجّة عالم ، يحيي فيها ما يميتون من الحقّ » ، ثمّ تلا هذه الآية :( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (٢) .

٥ ـ قوله تعالى :( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا ) .

فنقول : هل إنّ ليلة القدر كانت في حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ أم حتّى من بعده.

فإذا كانت ليلة القدر مستمرة وتنزل الملائكة والروح فيها في كلّ عام فعلى من تنزل في زماننا هذا؟ لابدّ من نزولها على خليفة رسول الله ، وهو الإمام المعصوم ، الذي هو إمامنا المهديّعليه‌السلام .

عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «كان علي عليه‌السلام كثيراً ما يقول : اجتمع التيمي والعدوي عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يقرأ ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ ) بتخشّع وبكاء ، فيقولان : ما أشدّ رقّتك لهذه السورة ؟

فيقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما رأت عيني ووعى قلبي ، ولما يرى قلب هذا من بعدي.

__________________

١ ـ الصف : ٨.

٢ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٢٢١.

٢٨٥

فيقولان : وما الذي رأيت وما الذي يرى؟ قال : فيكتب لهما في التراب( تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ) قال : ثمّ يقول : هل بقي شيء بعد قوله : (كُلِّ أَمْرٍ )؟ فيقولان : لا ، فيقول : هل تعلمان مَن المنزل عليه بذلك؟ فيقولان : أنت يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيقول : نعم.

فيقول : هل تكون ليلة القدر من بعدي؟ فيقولان : نعم ، فيقول : فهل ينزل ذلك الأمر فيها؟ فيقولان : نعم ، فيقول : إلى من؟ فيقولان : لا ندري ، فيأخذ برأسي ، ويقول : إن لم تدريا فادريا ، هو هذا من بعدي »(١) .

ممّا يدلّ على أنّ ليلة القدر مستمرة ، ونزول الروح في هذه الليلة من كلّ عام على الإمام المعصوم ، وهو الإمام المهديّ ، فالإمامعليه‌السلام حيّ بمقتضى هذه الآية.

( محمّد إبراهيم الإبراهيم. الكويت ـ ٢٥ سنة ـ دبلوم )

زواجه :

س : قولكم سماحة السيّد : إنّ الإمام المهديّ عليه‌السلام ليس له أولاد ، في ردّكم على سؤال أحد الإخوة غير صحيح ، حيث من خلال قراءتي للكتب تبيّن أنّه متزوّج ، وله أولاد وشعب في الجزيرة الخضراء ، والقصّة مذكورة في لقاء أحد الأخيار مع صاحب العصر والزمان ، ونسألكم الدعاء.

ج : لم يثبت عندنا بالأدلّة النقليّة الصحيحة زواج الإمام المهديّعليه‌السلام ، ومن ثمّ له أولاد وذرّية ، وعليه فتبقى المسألة في حيّز الشكّ والاحتمال.

والروايات التي تثبت لهعليه‌السلام ذلك هي إمّا ضعيفة السند ، أو غير صالحة الدلالة ، وقد ردّها علماؤنا ـ كأمثال الشيخ المفيد والشيخ الطبرسيّ والشيخ البياضيّ ـ بالإضافة إلى وجود بعض الروايات المصرّحة بعدم ذلك.

نعم ، من المحتمل أن تكون لهعليه‌السلام ذرّية ، وهذه الذرّية لا فرق في أن تكون

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٢٤٩.

٢٨٦

في الجزيرة الخضراء التي لا يعرف مكانها ، أو في أيّ بقعة من بقاع العالم.

( أبو علوي ـ عمان ـ ٣١ سنة )

شرعية مخاطبته عن طريق الرسائل :

س : ما رأيكم فيما يفعله بعض عوام الشيعة ـ وخصوصاً النساء ـ في ليلة النصف من شعبان ، وذلك بقيامهم بكتابة رسالة إلى صاحب العصر عليه‌السلام في ورقة ، ومن ثمّ رميها في البحر ، معتقدين بأنّها ستصل إليه؟ وما مدى صحّة هذا العمل؟

ج : إنّ مطلق الاستغاثة والتوسّل بالمعصومينعليهم‌السلام ، ومنهم الحجّة صاحب العصرعليه‌السلام عمل مستحبّ وممدوح عقلاً ونقلاً ، بحسب النصوص الواردة في المجامع الحديثية.

وأمّا كتابة رسالة بشكل رقعة إلى الإمام الحجّةعليه‌السلام فوردت في بعض كتب الأدعية بأشكال مختلفة ، ومضمون واحد ، بأنّ الرقعة المذكورة تكتب وتطوى وتجعل في الطين ، وترمى في البحر ، أو البئر ، أو أيّ ماء جار ، ولكن لم يرد فيها موضوعية ليلة النصف من شعبان لكتابتها(١) .

وجاء في بعض المصادر أن يؤخذ في النظر عند إلقاء الرقعة في الماء أحد النواب الأربعة ـ لأنّهم كانوا أبواباً للإمامعليه‌السلام ـ فيخاطب وينادي باسمه لإيصال الرقعة إلى الحجّةعليه‌السلام (٢) .

وعلى أيّ حال ، فإنّ الموضوع يبقى في إطار توطيد العلاقات ، وأواصر المحبّة بين الإمامعليه‌السلام وشيعته ، ولا مانع منه شرعاً إذا كان بأمل إنجاح المطالب والحوائج الشرعية.

__________________

١ ـ بحار الأنوار ٩١ / ٢٨.

٢ ـ المصدر السابق ٩١ / ٣٠ و ٩٩ / ٢٣٥.

٢٨٧

( أبو العماد الحسائي ـ السعودية ـ )

بعض الأدلّة على إمامته :

س : كيف يتمّ إثبات إمامة الإمام الحجّة عليه‌السلام ، وهو غائب عنّا ، ولم نره في هذا العصر؟

ج : يمكن أن نستدلّ على إمامة الإمام المهديّ المنتظرعليه‌السلام بروايات متواترة من الفريقين ، وسواء كان غائباً أم حاضراً ، فلا يؤثّر ذلك في صحّة الاستدلال على إمامته ، فلا علاقة بين صدر سؤالك وذيله ، أمّا إذا أردت معرفة فلسفة الغيبة وأسبابها ، فلذلك جواب آخر.

وممّن صرّح بتواتر أحاديث المهديّعليه‌السلام جمع غفير من كبار علماء السنّة ، نقتصر على ذكر بعضهم :

البربهاريّ ، شيخ الحنابلة وكبيرهم في عصره ، المتوفّى ٣٢٩ هـ ، محمّد بن الحسين الأبري الشافعي ، المتوفّى ٣٦٣ هـ ، القرطبيّ المالكيّ ـ المتوفّى ٦٧١ هـ ـ في تفسيره ، ابن القيّم ، المتوفّى ٧٥١ هـ ، ابن حجر العسقلانيّ ، المتوفّى ٨٥٢ هـ ، ابن حجر الهيتميّ ، المتوفّى ٩٧٤ هـ ، المتّقي الهنديّ ، المتوفّى ٩٧٥ هـ ، وآخرون غيرهم(١) .

وقد صرّح آخرون من أهل السنّة بوجوده وبقائه وحياته ـ أو قريب من ذلك ـ مثل الشيخ عبد الوهّاب الشعراني في كتابه اليواقيت والجواهر قال : « المهديّ من ولد الإمام الحسن العسكريّ ، ومولده ليلة النصف من شعبان سنة ٢٥٥ ، وهو باقٍ إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم … »(٢) .

وهناك أدلّة من القرآن الكريم ، وروايات متواترة أيضاً من طرقنا ، كلّها تثبت إمامة المهديّعليه‌السلام .

__________________

١ ـ الجامع لأحكام القرآن ٨ / ١٢٢.

٢ ـ إسعاف الراغبين : ١٣٣ نقلاً عن اليواقيت والجواهر.

٢٨٨

( محمّد القلاّف ـ أمريكا ـ )

أدلّة على ولادته :

س : ماذا أقول لشخص يسألني : ما دليلكم على أنّ المهديّ عليه‌السلام مولود وحيّ؟ وشكراً ، في أمان الله ، ونسألكم الدعاء.

ج : إنّ ولادة أيّ إنسان في هذا الوجود تثبت بإقرار أبويه ، وشهادة القابلة ، وإن لم يره أحد قطّ غيرهم ، فكيف لو شهد المئات برؤيته ، واعترف المؤرّخون بولادته ، وصرّح علماء الأنساب بنسبه ، وظهر على يديه ما عرفه المقرّبون إليه ، وصدرت منه وصايا وتعليمات ، ونصائح وإرشادات ، ورسائل وتوجيهات ، وأدعية وصلوات ، وأقوال مشهورة ، وكلمات مأثورة ، وكان وكلاؤه معروفين ، وسفراؤه معلومين ، وأنصاره في كلّ عصر وجيل بالملايين ، وللوقوف على ما ندّعيه عليكم بمراجعة كتاب « المهديّ المنتظر في الفكر الإسلامي » ، وكتاب « المسائل العشر » ، حيث تطرّق الأوّل إلى المواضيع التالية :

١ ـ إخبار الإمام العسكريّ بولادة ابنه المهديّعليه‌السلام .

٢ ـ شهادة القابلة بولادة الإمام المهديّعليه‌السلام .

٣ ـ من شهد برؤية المهديّ من أصحاب الأئمّةعليهم‌السلام وغيرهم.

٤ ـ شهادة وكلاء المهديّعليه‌السلام ، ومن وقف على معجزاته برؤيته.

٥ ـ شهادة الخدم والجواري والإماء برؤية المهديّعليه‌السلام .

٦ ـ تصرّف السلطة دليل على ولادة الإمام المهديّعليه‌السلام .

٧ ـ اعتراف علماء الأنساب بولادة الإمام المهديّعليه‌السلام .

٨ ـ اعتراف علماء أهل السنّة بولادة الإمام المهديّعليه‌السلام .

٩ ـ اعتراف أهل السنّة بأنّ المهديّعليه‌السلام هو ابن العسكريّ.

وإذا أردت أن تقف على عقيدة السنّة والشيعة في مسألة المهديّعليه‌السلام فعليك أن ترجع إلى الكتب التالية لمحقّقي السنّة ومحدّثيهم :

١ ـ « صفة المهديّ » للحافظ أبي نعيم الأصفهانيّ.

٢٨٩

٢ ـ « البيان في أخبار صاحب الزمان » للكنجيّ الشافعيّ.

٣ ـ « البرهان في علامات مهديّ آخر الزمان » للمتّقيّ الهنديّ.

٤ ـ « العرف الوردي في أخبار المهديّ » للحافظ السيوطيّ.

٥ ـ « القول المختصر في علامات المهديّ المنتظر » لابن حجر الهيتميّ.

٦ ـ « عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر » للشيخ جمال الدين الدمشقيّ.

وإذا أردت التفصيل ، فراجع « منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر » للشيخ الصافيّ.

ومن خلال هذا تعرف الأدلّة الوافية على أنّهعليه‌السلام حيّ يرزق ، وما يستلزمه من طول عمرهعليه‌السلام فمسألته محلولة.

والخلاصة : إنّ الشيعة ـ ولاستنادهم على جملة واسعة من الروايات ، والأدلّة الصحيحة ـ يذهبون إلى أنّهعليه‌السلام ولد في مدينة سامراء ، عام ٢٥٥ هـ ، وغاب بأمر الله سبحانه سنة وفاة والده الإمام الحسن العسكريّعليه‌السلام عام ٢٦٠ هـ ، وهو يحيى حياة طبيعية كسائر الناس ، غير أنّ الناس يرونه ولا يعرفونه ، وسوف يظهره الله سبحانه ليحقّق عدله.

سائلين المولى عزّ وجلّ أن يعجّل فرجه ويسهّل مخرجه

( ـ الجزائر ـ )

الاعتقاد به من ضروريّات الإسلام :

س : هل الاعتقاد بصاحب الزمان أمر عقائديّ؟ ويعتبر من الأُصول أم أنّه من الفروع؟

إن كان الجواب أنّه أصلاً ، فالسؤال لابدّ من طاعته ، إذ كما يجب طاعة الله فهذا من ذاك ، وأمّا إن كان الجواب أنّه ليس أصلاً ، فما معنى الوجود أصلاً؟ وما معنى الخلافة فصلاً؟ والخلق عدلاً وقسطاً.

٢٩٠

ج : الضروريّ من العقيدة على قسمين :

١ ـ ضروريّ الإسلام ، وضروريات الإسلام معلومة ، من أنكر واحدة منها خرج عن الإسلام.

٢ ـ ضروريّ المذهب ، وهذا القسم من أنكر واحد منها خرج عن المذهب ، لا عن أصل الإسلام.

والاعتقاد بالمهديّ المنتظرعليه‌السلام ، إن كان معناه الاعتقاد بأصل فكرة المهديّعليه‌السلام ، وأنّه من ولد فاطمةعليها‌السلام ، يخرج آخر الزمان ، فيملأها قسطاً وعدلاً ، بعد ما ملئت ظلماً وجوراً ، فإنّ هذا الاعتقاد من ضروريّ معتقدات الإسلام ، لتواتر الأحاديث عند جميع المسلمين بمسألة المهديّ المنتظر ، ومن علم بهذا التواتر ثمّ أنكر فإن هذا يوجب تكذيب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتكذيب رسول الله خروج عن الدين.

وأمّا الاعتقاد بأنّه حيّ ، والاعتقاد بغيبته ، وعصمته ، وإمامته من الله تعالى فانّه من ضروري المذهب ، من أنكره خرج بذلك عن المذهب ، ولم يخرج عن الإسلام.

وبعد هذا التوضيح ، فإنّ الإمامة أصل من أُصول المذهب ، تشمل الإمامة إمامة الأئمّة الاثني عشر ، وأنّهم منصوص عليهم بالإمامة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والرسول( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ) (١) ، فيكون حكم قولهم حكم قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الحجّية ، ووجوب الأخذ به ، وعدم جواز مخالفته.

وكلّ هذه التفاصيل يعود فهمها إلى أصل فهم الإمامة فهماً حقيقياً ، وبعد فهم الإمامة الإلهيّة فهماً مستنداً إلى الأدلّة من الكتاب والسنّة والعقل ، فسوف لا يبقى أيّ إشكال أو إبهام.

__________________

١ ـ النجم : ٣ ـ ٤.

٢٩١

( حسن. الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

الدليل العقليّ على وجوده :

س : أُحبّ أوّلاً : أن أشكر لكم جهودكم العظيمة ، وثانياً : ما هو الدليل العقليّ على وجود صاحب العصر والزمان عليه‌السلام ؟

ج : إليك أخي الكريم البحث الذي ذكره السيّد الخرازيّ في شرحه لعقائد الإماميّة حيث بيّن فيه بعض الأدلة العقليّة على وجوب الإمامة ، وتطرّق فيه أيضاً إلى وجود الإمام الثاني عشرعليه‌السلام :

« المقام السابع : في لزوم الإمامة : وقد عرفت أنّ الإمامة بالمعنى الذي لها عند الشعية هي كالنبوّة ؛ فكما أنّ النبوّة لطف ورحمة ، كذلك الإمامة ، فإذا ظهر كونها لطفاً ، والمفروض أنه لا يقترن بمانع يمنع عنه ، فهو مقتضى علمه تعالى بالنظام الأحسن وإطلاق كماله وحكمته تعالى ، وعليه فيصدر عنه تعالى ، وإلا لزم أن يكون جاهلاً بالنظام الأحسن ، أو لزم عدم كونه تعالى كمالاً مطلقاً وحكيماً ، وهو خلف في كونه عليماً ورحيماً وحكيماً بالأدلّة القطعية ، وإليه يؤول ما يقال في تقريب لزوم الإمامة أنّها واجب في حكمته تعالى ، لأنّ المراد من الوجوب هو اللزوم والمقتضى كما مرّ مراراً ، لا الوجوب عليه ، فالأولى هو التعبير بالاقتضاء واللزوم كما عبّر عنه الشيخ أبو علي سينا في الشفاء ، حيث قال في مقام إثبات النبوّة ـ بعد ذكر المنافع التي لا دخل لها في بقاء النوع الإنسانيّ ، كإثبات الشعر في الحاجب والأشفار ـ : فلا يجوز أن يكون العناية الأولى تقتضي تلك المنافع ولا تقتضي هذه التي هو أسّها.

وهذا كلّه بناء على التقريب الفلسفيّ الذي ذهب إليه المصنّف في إثبات النبوّة والإمامة ، وحاصله : أنّ النبوّة والإمامة كليهما مما يقتضيهما كماله المطلق ، ورحيميّته المطلقة ، وإلا لزم الخلف في كونه كمالاً مطلقاً كما لا يخفى.

وأما بناء على التقريب الكلاميّ فتقريبه كالتقريب الذي مضى في النبوّة ، وهو أن يقال : إنّ ترك اللطف نقض الغرض ؛ لأنّ غرض الحكيم لا يتعلّق إلا

٢٩٢

بالراجح ، وهو وجود الإنسان الكامل ، وإعداد الناس ، وتقريبهم نحو الكمال ، وهو لا يحصل بدون الإمام ، فيجب عليه اللطف ؛ لأنّ ترك الراجح عن الحكيم المتعال قبيح بل محال ؛ إذ مرجع الترجيح من غير مرجِّح إلى الترجُّح من غير مرجِّح كما لا يخفى. وكيف كان فلا بدّ في كل عصر من وجود إمام هو يكون إنساناً كاملاً هادياً للناس والخواص ، مقيماً للعدل والقسط ، رافعاً للظلم والعدوان ، حافظاً للكتاب والسنّة ، رافعاً للاختلاف والشبهة ، أسوة يتخلق بالأخلاق الحسنة حجّة على الجنّ والإنس ، وإلاّ كما عرفت لزم الخلف في كمال ذاته وهو محال ، أو الإخلال بغرضه وهو قبيح عن الحكيم ، بل هو أيضاً محال كما عرفت ، فإذا كان كلّ نوع من أنواع لطف وجود الإمام من أغراضه تعالى فلا وجه لتخصيص نقض الغرض بنوع منها كما يظهر من بعض الكتب الكلامية ، مع أنّ كلّ نوع منها راجح من دون اقتران مانع ، فبترك كلّ واحد يوجب نقض الغرض ، ولعلّ الاكتفاء ببعض الأنواع من باب المثال فافهم ، فالأولى هو عدم التخصيص ببعض تلك الأنواع ، ولعلّ إليه يؤول ما في متن تجريد الاعتقاد حيث قال : الإمام لطف فيجب نصبه على الله تعالى تحصيلاً للغرض.

ثمّ إنّ مقتضى كون وجود الإمام كالنبّي لطفاً مضاعفاً أنّ كلّ واحد من أبعاد وجوده وفوائده يكون كافياً في لزوم وجوده ، فإن طرأ مانع عن تحقق بعضها كالتصرّف الظاهريّ بين الناس يكفي الباقي في لزوم وجوده وبقائه.

وينقدح مما ذكر أنّ ظهور الإمام للناس لطف زائد على وجوده الذي يقتضيه علمه تعالى بالنظام الأحسن وإطلاق كماله ، فإرشاده وتعليمه وتزكيته للناس لطف آخر ، وهكذا بقية الشؤون التي تكون للإمام.

هذا مضافاً إلى أنّ إرشاده وتعليمه وتزكيته للجنّ أيضاً لطف في حقّهم فإنّهم مكلّفون ومحجوجون بالحجج الإلهيّة كما لا يخفى.

ثمّ بعد وضوح أنّ الإمامة كالنبوّة اتضح لك أنها أمر فوق قدرة البشر ، فلا

٢٩٣

تنالها يده ولا يمكن له تعيينها واختيارها ، بل هي فعل من أفعاله تعالى فيجعلها حيث يشاء ، وهو أعلم بما يشاء ، ومنه يظهر أنّه لا مجال للبحث عن وجوب نصب الإمام على الناس وكيفيّته ؛ فإنّ ذلك من فروع الإمارة الظاهرية مع عدم تعيين الخليفة الإلهيّة عن الله تعالى.

وأمّا مع تعيينها فلا مجال للبحث عنه إذ المعلوم أنّ الإمارة له ، كما أنّه لا بحث مع وجود النبّي المرسل عن وجوب نصب الأمير على الناس ، لأنّ الإمارة من شؤون النبّي المرسل كما لا يخفى.

فاتّضح أنّ الإمام لزم أن يكون متعيّناً بنصب إلهيّ ، ولذلك نصّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من جانب الله تعالى في مواضع متعددة على إمامة عليعليه‌السلام وأولاده الأحد عشرعليهم‌السلام كما نص كلّ إمام على من يليه من جانب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وهذه النصوص متواترة جداً يشهد بوجودها الجوامع الروائية من العامّة والشيعة كإثبات الهداة للشيخ الحرّ العامليّ والبحار وأصول الكافي ومنتخب الأثر وغاية المرام وعبقات الأنوار وكتاب الغدير وغيرها.

وهاهنا سؤال : وهو أنه لا ريب في كون وجود الإمام لطفاً فيما إذا كان ظاهراً ومتصرّفاً في الأمور وأمّا إذا لم يكن ظاهراً ولم يتمكّن الناس من درك محضره ، كالإمام الثاني عشرعليه‌السلام في زمان الغيبة ، فمجرد وجود كيف يكون لطفاً في حقّ العباد؟

والجواب عنه ظاهر ممّا مرّ ، من أنّ وجود الإنسان الكامل في نظام العالم ممّا يقتضيه علمه تعالى بالنظام الأحسن ورحمته المطلقة وإطلاق كماله ، ولا مانع منه ، فيلزم وجوده وإلا لزم الخلف في كونه كمالاً مطلقاً ، فوجود الإمام ـ الذي هو إنسان كامل ـ لطف ، وتصرّفه وظهوره لطف آخر ، فلا يضرّ فقد لطف من جهة المانع بوجود اللطف من جهة أو جهات أخر ، لأنّ المفروض عدم وجود مانع من جهة أخرى.

٢٩٤

هذا مضافاً إلى أنّ إرشاد الإمام وتصرّفه لا يختصّ بالإنسان ، بل يعمّ الجنّ أيضاً ، لأنهم مكلّفون ومحجوجون بوجوده على أنّ بعض الخواص كانوا يسترشدون بإرشاده وعناياته في الغيبة الصغرى بل الكبرى أيضاً ، كما تشهد به التشرّفات المكررة لبعض المكرّمين من العباد. هذا مع الغمض عمّا يتصرّف في النفوس من وراء الحجاب والستار.

قال الحكيم المتألّه المولى محمد مهدي النراقيّ في الجواب عن ذلك : إنّ ظهور الإمام الثاني عشر ـ أرواحنا فداه ـ وتصرّفه فائدة من فوائد وجوده ، لأنّ فوائد وجوده كثيرة وإن كان غائباً :

الأوّل : أنّه قد ورد في الحديث القدسيّ عنه تعالى أنّه قال : « كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لكي أعرف ». فيعلم منه أنّ الباعث على إيجاد الإنسان هو المعرفة بالله تعالى ، فليكن في كل وقت فرد بين آحاد الإنسان يعرفه كما هو حقّه ، ولا تحصل المعرفة كما هو حقّه في غير النبيّ والإمام ، فلابدّ من وجود الحجّة في الأرض حتى تحصل المعرفة به كما هو حقّه بين الناس.

والثاني : أنّ مجّرد وجوده لطف وفيض في حق الناس ولو لم يكن ظاهراً ، لأنّ وجوده باعث نزول البركات والخيرات ، ومقتض لدفع البليّات والآفات ، وسبب لقلة سلطة الشياطين من الجنّ والإنس على البلاد ، فإن آثار الشيطان كما وصلت إلى الشر دائماً كذلك لزم أن تصل آثار رئيس الموحّدين وهو الحجّة الإلهيّة إليهم ، فوجود الحجّة في مقابل الشيطان للمقاومة مع جنوده ، فلو لم يكن للإمام وجود في الأرض صارت سلطة الشيطان أزيد من سلطة الأولياء ، فلا يمكن للإنسان المقاومة في مقابل جنود الشيطان.

والثالث : أنّ غيبة الإمام الثاني عشر ـ أرواحنا فداه ـ تكون عن أكثر الناس لا عن جميعهم ، لوجود جمع يتشرفون بخدمته ، ويأخذون جواب الغوامض من

٢٩٥

المسائل ويهتدون بهدايته ، وإن لم يعرفوه ، انتهى ملخص كلامه »(١) .

وهناك تتمّة للبحث تجدها في الكتاب المذكور.

( أبو الزين ـ الأردن ـ )

المبالغة بالقول في قتله للأعداء :

س : يقول صديقي الأشعريّ : وأنظر كيف يصفون الإمام المهديّ :

عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : « لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لأحبّ أكثرهم ألا يروه ، ممّا يقتل من الناس حتّى يقول كثير من الناس : ليس هذا من آل محمّد ، ولو كان من آل محمّد لرحم »(٢) .

وأورد كذلك خمس روايات أُخرى من بحار الأنوار ، كلّها تشهد بقسوة وغلظة الإمام ، ثمّ علّق يقول : إذاً ظهور القائم سيكون نقمة على المسلمين ، يسفك دمائهم ، ويقتلهم تقتيلاً ، وحقّ للناس أن يقولوا ليس هذا من آل محمّد ، لأنّ آل محمّد يرحمون ويشفقون ، بل هم أرحم الناس بالناس ، اقتداء بجدّهم سيّدنا رسول الله ، حاشا آل البيت ممّا يفتريه المبطلون.

ج : بغضّ النظر عن البحث السنديّ لهذه الروايات نقول : ينبغي الإلتفات إلى أمر مهم ، وهو أنّ الأحكام الإلهيّة كلّها رحمة للناس ، فعندما يحكم الله بوجوب قتل المفسد في الأرض فلا يصحّ أن نقول إن ذلك قسوة من الله ؛ لأنّ في قتل هؤلاء حياة البشرية وسعادتها ، ففي تطبيق الحكم الإلهيّ وقتل المفسدين تملأ الأرض قسطاً وعدلاً.

فإذا كانت الدنيا قد مُلأت ظلماً وجوراً ـ بإجماع المسلمين ـ فيظهر المهديعليه‌السلام ليملأها قسطاً وعدلاً ـ بإجماع المسلمين ـ فحينها لا ينبغي أن يشكّ عاقل بأنه لا يمكن أن تملأ قسطاً وعدلاً إلا بقتل المفسدين في الأرض ، وفرض

__________________

١ ـ بداية المعارف الإلهيّة في شرح عقائد الإمامية للسيد محسن الخرازيّ ٢ / ٢٤ ـ ٣٠.

٢ ـ الغيبة للنعماني : ٢٣٣.

٢٩٦

الكلام أن هؤلاء كثيرون جدّاً بحيث ملأوا الأرض ظلماً وجوراً فما للبعض ينزعج ويضطرب عندما يسمع بقتل الإمام المهديعليه‌السلام للمفسدين؟!

أمّا ما روي من قول الناس عند ظهورهعليه‌السلام من أنّه أفرط في القتل ، فهذا من جهلهم بالواقع الذي اطّلع عليه الإمامعليه‌السلام ، فكم من رجل ظاهره الصلاح وهو من رؤوس المنافقين والمفسدين في الواقع ، وكم من شخص يرقّ له قلب الساذج البسيط وهو من أشد الناس عداوة لله والرسول والعدالة والإنسانية ، فتأمل.

أمّا قول صاحبك : « إذاً ظهور القائم سيكون نقمة على المسلمين » فهو استنتاج خاطئ منشأه عدم فهم النصوص فهماً صحيحاً ، فالمهديّ لا يكون نقمة إلا على المفسدين فقط. أمّا المسلمين وغيرهم ممن لم يطلع على الحقّ ولو اطّلع عليه لاتّبعه سيكونعليه‌السلام رحمة إلهية لهم حيث إنّه سيهديهم إلى الطريق الأقوم.

( محمّد السعيد ـ البحرين ـ )

ثبوت ولادته في روايات متواترة :

س : دخلت بعض المنتديات ، ووجدت بعض هذه الشبهات ، فهل من إجابة وبالدليل؟ كيف نثبت وجود المهديّ عليه‌السلام ، وأنّه مولود ، وليس كما يعتقد أهل السنّة أنّه سيولد؟

ج : ولادتهعليه‌السلام ثبتت في روايات الشيعة متواتراً ، والتواتر حجّة على الجميع ، وكذلك حديث : «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية » دليل على وجود الإمام المهديّ في زماننا ، وهذا الحديث رواه الشيعة والسنّة(١) .

وكذلك حديث الثقلين : «إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبداً : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ

__________________

١ ـ الرسائل العشر : ٣١٧ ، الإمامة والتبصرة : ١٥٢ ، كمال الدين وتمام النعمة : ٤٠٩ ، العمدة : ٤٧١ ، تفسير أبي حمزة الثماليّ : ٨٠ ، إعلام الورى ٢ / ٢٥٣ ، كشف الغمّة ٣ / ٣٣٥ ، ينابيع المودّة ٣ / ٣٧٢.

٢٩٧

الحوض »(١) ، وعدم افتراقهما يقتضي وجود إمام من العترة.

( محمّد سلمان ـ ـ )

دفع شبهات حول ولادته :

س : لديّ أسئلة حول موضوع المهديّ المنتظر ـ جعلنا الله تعالى من أنصاره ـ اطلب منكم الجواب. لقائل منكر المهديّ أن يقول :

١ ـ إنّ التاريخ ينقل لنا روايتين : الأُولى التي ينقلها جميع المؤرّخين ـ حتّى الشيعة الإمامية الاثني عشرية ـ : إنّ الإمام الحسن العسكريّ لم يدعّ وجود ولد لديه في حياته القصيرة ، ولم يشاهد أحد ذلك ، وأنّه أوصى عند وفاته بأمواله إلى أُمّه ، ولم يوص إلى أحد من بعده ، ولذلك فقد ذهب اتباعه إلى القول بإمامة أخيه جعفر بن علي الهادي ، وتفرّقوا عدّة فرق.

وهناك رواية أُخرى نقلها بعض أصحاب العسكريّ ، تقول : إنّ لديه ولد مستور ، وهو الإمام من بعده ، وأنّه المهديّ المنتظر ، وقد برّر ذلك البعض كتمان هذا الأمر المهمّ بسبب الخوف والتقية ، ولكنّه لم يستطع تقديم أية أدلّة على صحّة دعواه.

__________________

١ ـ مسند أحمد ٥ / ١٨٢ ، تحفة الأحوذيّ ١٠ / ١٩٦ ، مسند ابن الجعد : ٣٩٧ ، المنتخب من مسند الصنعانيّ : ١٠٨ ، ما روى في الحوض والكوثر : ٨٨ ، كتاب السنّة : ٣٣٧ و ٦٢٩ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٥ / ٤٥ و ١٣٠ ، مسند أبي يعلى ٢ / ٢٩٧ و ٣٠٣ و ٣٧٦ ، المعجم الصغير ١ / ١٣١ ، المعجم الأوسط ٣ / ٣٧٣ ، المعجم الكبير ٣ / ٦٥ و ٥ / ١٥٤ و ١٦٦ و ١٧٠ ، نظم درر السمطين : ٢٣١ ، الجامع الصغير ١ / ٤٠٢ ، العهود المحمدية : ٦٣٥ ، كنز العمّال ٥ / ٢٩٠ و ١٣ / ١٠٤ و ١٤ / ٤٣٥ ، دفع شبه التشبيه : ١٠٣ ، شواهد التنزيل ٢ / ٤٢ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ١٢٣ ، الطبقات الكبرى ٢ / ١٩٤ ، علل الدارقطنيّ ٦ / ٢٣٦ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٢٠ و ٥٤ / ٩٢ ، سير أعلام النبلاء ٩ / ٣٦٥ ، أنساب الأشراف : ١١١ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٢٨ و ٧ / ٣٨٦ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٦ و ١٢ / ٢٣٢ ، ينابيع المودّة ١ / ٧٤ و ٩٧ و ١٠٠ و ١١٣ و ١١٩ و ١٢٣ و ١٣٢ و ٣٤٥ و ٣٥٠ و ٣٦٠ و ٢ / ٩٠ و ١١٢ و ٢٦٩ و ٢٧٣ و ٤٠٣ و ٤٣٧ و ٣ / ٦٥ و ١٤١ و ٢٩٤ ، لسان العرب ٤ / ٥٣٨.

٢٩٨

٢ ـ الإيمان بوجود الإمام الثاني عشر الغائب ، ليس من صلب المذهب الشيعيّ الجعفريّ ، وقد حدث بعد وفاة الإمام العسكريّ ، وبني الإيمان به على أساس الظنّ والتخمين ، والافتراض الفلسفيّ ، وليس على أدلّة تاريخية علمية يقينية أو شرعية ، وإن ترك تراث أهل البيت عليهم‌السلام نقاط إيجابية كثيرة ، يمكن للمسلمين جميعاً ـ وليس الشيعة فقط ـ الاستفادة منها ، كروح التضحية والشهادة في سبيل الله ، والتواضع والزهد في الدنيا.

ج : إنّ هذه التوهّمات قد أُثيرت من قبل جهات لمقاصد خاصّة ، وخلاصة الجواب كما يلي : إنّ الرواية التي يتشبّث البعض بها لنفي ولادة المهديّعليه‌السلام (١) لم تتمّ سنداً ومدلولاً ، فإمّا السند ، فإنّ الراوي لها هو أحمد بن عبيد الله بن خاقان ، الذي صرّحت الرواية نفسها بشدّة نصبه.

وقال الشيخ المفيد ( قدس سره ) عنه : « وكان شديد النصب والانحراف عن أهل البيتعليهم‌السلام »(٢) .

وأمّا من حيث الدلالة ففيها : أوّلاً : إنّ عدم الوجدان لا يدلّ على عدم الوجود.

وثانياً : أنّ عقيدة الشيعة الإمامية حالياً بالإطباق هي : ولادة المهديّعليه‌السلام قبل استشهاد والدهعليه‌السلام بسنين ، وهذا لا يتّفق مع مفاد الرواية ، حتّى لو كان تبيّن الحمل المشار إليه في الرواية صحيحاً ، إذ لا علاقة له بولادة المهديّعليه‌السلام .

وأمّا إثبات ولادتهعليه‌السلام فإنّ الروايات الصحيحة تدلّ بوضوح بأنّ الإمام العسكريّعليه‌السلام قد صرّح بوجود ولده(٣) ، وصرّحت العلوية الطاهرة حكيمة ـ عمّة الإمام العسكريّعليه‌السلام ـ بمشاهدة ولادة الإمام الحجّةعليه‌السلام ليلة مولده(٤) .

وقد وردت النصوص الجلية عن المعصومينعليهم‌السلام بولادته فيما بعد ، كابنٍ للعسكريّعليه‌السلام (٥) .

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٥٠٣.

٢ ـ الإرشاد ٢ / ٣٢١.

٣ ـ الكافي ١ / ٣٢٨.

٤ ـ المصدر السابق ١ / ٣٣١.

٥ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٢٥٢ ، الغيبة للنعمانيّ : ١٢.

٢٩٩

هذا ، وقد اعترف جمع من علماء السنّة أيضاً بهذا الأمر(١) .

كما أنّ هناك مطلب علميّ نشير إليه وهو : إنّ الخبر بولادة المهديّعليه‌السلام من الأخبار المتواترة ، والخبر إذا وصل إلى حدّ التواتر فلا نقاش في السند.

وممّا ذكرنا يظهر : إنّ الاعتقاد والالتزام بولادة الحجّة بن الإمام العسكريّعليهما‌السلام ممّا لامحيص عنه ، لاعتماده على أدلّة واضحة ، ونصوص صريحة ، وهو محض الإيمان.

( علوية الموسويّ ـ عمان ـ )

دور المرأة عند ظهوره :

س : هناك أدعية مخصوصة لرؤية الإمام المهديّعليه‌السلام ، كما أنّ هناك أدعية لكي يكون الإنسان من أنصارهعليه‌السلام .

ولكن النساء ليس لهن دور ، بل أنّ معظم الخطباء والعلماء لا يذكرون دور النساء ، وأنا لا اعتقد أن لنا أهمّية ، لذا فالدعاء لطلب أن نكون من أنصار الإمام ليس له أهمّية ، والله أعلم.

ج : قد ذكر العلاّمة العيّاشي ( قدس سره ) ـ المتوفّى ٣٢٠ هـ ـ في تفسيره رواية عن جابر الجعفيّ ، عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ، يذكر فيها وصف الإمام المهديّعليه‌السلام وأصحابه ، إلى أن يقول : «إنّا نشهد وكلّ مسلم اليوم أنّا قد ظلمنا ، وطردنا ، وبغى علينا ، وأُخرجنا من ديارنا وأموالنا وأهالينا وقهرنا ، ألا أنّا نستنصر الله اليوم وكلّ مسلم ، ويجيء والله ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً ، فيهم خمسون امرأة ، يجتمعون بمكّة على غير ميعاد »(٢) .

فهذه الرواية تنصّ على أنّ للإمام المهديّعليه‌السلام أكثر من ٣٠٠ من الأنصار عند قيامهعليه‌السلام ، فيهم خمسون امرأة.

__________________

١ ـ ينابيع المودّة ٣ / ٣٤٥ ، مطالب السؤول ٢ / ١٥٣ ، الفصول المهمّة : ٢٩٢ ، وفيات الأعيان ٤ / ٣١ ، تذكرة الخواص : ٣٢٥ ، العبر في خبر من غبر ١ / ٣٨١.

٢ ـ تفسير العيّاشيّ ١ / ٦٥.

٣٠٠

وهذه الرواية تبيّن الدور الهام الذي تتمتّع به المرأة عند قيام الإمامعليه‌السلام ، كما يتّضح من هذه الرواية أهمّية الدعاء للمرأة في أن تكون من أصحابهعليه‌السلام .

وأخيراً : نسأل المولى عزّ وجلّ أن يجعلنا وإيّاكم من أنصار وليّه الحجّة ابن الحسنعليهما‌السلام .

( رؤوف ـ السعودية ـ ٢٧ سنة ـ طالب )

ظهوره نعمة ونقمة :

س : هل خروج الإمام المهديّ عليه‌السلام نعمة أم نقمة؟ هل سيقتل ويسفك الدماء؟ أم هو كجدّه نبيّ الرحمة صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

ج : إنّ ظهورهعليه‌السلام رحمة ونقمة ، كما كان جدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين دعوته المباركة ، فهي رحمة للمؤمنين إذ عرّفهم الإسلام ، ودخلوا به ، وأنقذهم من الشرك والضلال.

وهو في نفس الوقت نقمة على الكافرين والمشركين من قريش ، الذين قتلهم الله ، وانتقم منهم على يدهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أمثال أبي جهل وعتبة ، وعمرو بن عبد ودّ من طواغيت الجاهلية ، فانتقم الله منهم بنبيّه ، فهل هذا إلاّ نصر إلهيّ ، وفتح مبين؟

كذلك هو قيام القائم وظهوره الشريف ، فهو نقمة على الكافرين والمنافقين ، إذ سينتقم الله به من عتاة الجبّارين بسيف الحقّ القويم ، وهو مصداق قوله تعالى :( فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ) (١) .

وفي نفس الوقت فهو رحمة للمؤمنين.

وقولك : سيسفك الدماء! فإنّهعليه‌السلام لا يسفك إلاّ دماء الظالمين الجبّارين ،

__________________

١ ـ الروم : ٤٧.

٣٠١

فهل لدماء هؤلاء حرمة؟ هل الذين قتلوا الأبرياء ، وأذاقوا الناس وبال الظلم ، وهتكوا الأعراض ، هل لدمائهم حرمة؟ فلا تقل : إنّه سيسفك الدماء ، بل قل : إنّه سيثأر لله وللمظلومين ، والمحرومين والمستضعفين.

علماً إنّهعليه‌السلام ـ في بعض الموارد ـ قد يعفو لمصلحة هو يراهاعليه‌السلام إلاّ أنّه لا يفرّط في حقوق الله تعالى ، وفي مظلومية المظلومين.

( أحمد جعفر ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

عبد الله ليس اسم أبيه :

س : الأساتذة والعلماء الكرام والأفاضل : أُودّ أن أسألكم عن الحديث الذي يدّعيه أهل السنّة حول الإمام المهديّعليه‌السلام : « اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي » ، فمن ناحية السند ، هل كلّ هذه الأحاديث صحيحة؟

هل هي متواترة عندهم أم من الآحاد؟ وإذا كانت من الآحاد فإلى من تنتهي؟ وماذا يقول فيه أئمّة الحديث من السنّة والشيعة؟ الرجاء إعطاء بعض الأمثلة والنصوص ، ولكم جزيل الشكر.

ج : اختصاراً للوقت فإننا في مقام الإجابة ننقل لكم بحثاً كتب في هذا الموضوع في مجلة التراث العدد ٤٣ :

« هناك عدّة أحاديث مختلفة الألفاظ متّحدة المعنى في تحديد اسم أبِ المهدي ، ألا وهو ( عبد الله ) كاسم أبِ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله . نودّ الإشارة قبل بيان تلك الأحاديث إلى جملة من الأمور وهي :

١ ـ إنّ بعضاً من تلك الأحاديث أخرجها الفريقان ( الشيعة وأهل السنّة ) في كتبهم.

هذا ، مع اعتقاد الشيعة الإمامية بخلاف ذلك ، لأنّ تلك الأحاديث مخالفة لأُصول مذهبهم ، فكانت روايتها من أعظم الأدلّة على أمانتهم في النقل من دون تحريف أو زيادة أو نقصان ، وهذا من فضل الإسلام الذي أدّب أتباعه على الصدق والأمانة.

٣٠٢

٢ ـ أخرج الشيعة تلك الأحاديث من كتب السُنّة مصرّحين بالنقل عنها ، ولم يخرجوا حديثاً واحداً من طرقهم.

٣ ـ في تاريخنا الإسلامي شخصيّتان بارزتان ادُّعي لكلٍّ منهما المهدويّة ، وهما :

أ ـ محمّد بن عبد الله بن الحسن المثنّى ، الذي ثار في زمن المنصور العبّاسي ( ١٣٦ ـ ١٥٨هـ ) وانتهت ثورته بقتله سنة ( ١٤٥هـ ).

ب ـ محمّد بن عبد الله المنصور ، الخليفة العبّاسي الملقّب بـ : المهديّ ( ١٥٨ ـ ١٦٩ هـ ).

والأوّل حسنيّ ، والثاني عبّاسي!

٤ ـ أشرنا إلى محاولة التفاف العبّاسيين حول أحاديث كون المهديّ من وُلْد العبّاس عند مناقشة حديث الرايات ، وستأتي أيضاً محاولة التفاف الحسنيّين على أنّ المهديّ الموعود هو من وُلْد الإمام الحسنعليه‌السلام .

٥ ـ لا ينبغي الشكّ في كون ادّعاء كلّ فريق من العبّاسيّين والحسنيّين انطباق أحاديث المهديّ على صاحبه ، وحرصهم على خلقها وإشاعتها فيه ، وبثّها بين الناس لِما في ذلك من أهداف ومصالح كبيرة لا تخفى على أحد ، وربّما لا يمكن الوصول إليها بغير هذا الطريق الذي هو الأمل المنشود لكلّ المؤمنين ، خصوصاً وأنّ كلاًّ من هاتين الشخصيّتين من ذوي النفوذ والمكانة الاجتماعيّة والسياسية ، فالأوّل قائد ثورة والثاني خليفة ، ومن يكون هكذا فهو بحاجة إلى مدد وعون يؤمن بمكانته الروحية في المجتمع.

٦ ـ سيأتي ـ وعلى طبق ما بأيدينا من أدلّة ( مشتركة ) ـ أنّ الأحاديث التي شخّصت اسم والد المهديّ بعبد الله موضوعة على الأقوى ، وأمّا مع افتراض صحّتها ، فلابدّ من تأويلها بما يتّفق مع الاسم الآخر كما صرّح به أهل هذا الفنّ من الفريقين.

وبعد بيان هذه الأُمور نستعرض ما وقفنا عليه من تلك الأحاديث وهي :

٣٠٣

الحديث الأول :

«لا تذهب الدنيا حتّى يبعث الله رجلاً من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي ».

وأهمّ من أخرج الحديث هو ابن أبي شبية ، والطبراني ، والحاكم ، كلّهم ؛ من طريق عاصم ابن أبي النجود ، عن زرّ بن حبيش ، عن عبد الله بن مسعود ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) .

كما أخرجه من الشيعة المجلسيّ الثاني في « بحار الأنوار » عن الإربلّي ، ونقله الأخير عن كتاب « الأربعين » لأبي نعيم الأصبهاني(٢) .

الحديث الثاني :

« لا تقوم الساعة حتّى يملك الناس رجل من أهل بيتي ، يواطيء اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي ، فيملؤها قسطاً وعدلاً ».

والذي أخرج هذا الحديث هو أبو عمرو الداني ، وكذلك الخطيب البغدادي ، أخرجاه من طريق عاصم بن أبي النجود عن ابن مسعود أيضاً ، ولم يخرجه الشيعة(٣) .

الحديث الثالث :

« المهديّ يواطيء اسمه اسمي ، واسمُ أبيه اسم أبي ».

وأهمّ مَن أخرجه من أهل السنّة : والخطيب البغدادي ، وابن حجر ، وقد

__________________

١ ـ المصنّف ١٥ / ١٩٨ رقم ١٩٤٩٣ ، المعجم الكبير ١٠ / ١٦٣ رقم ١٠٢١٣ و ١٠ / ١٦٦ رقم ١٠٢٢٢ ، المستدرك على الصحيحين ٤ / ٤٤٢.

٢ ـ بحار الأنوار٥١ / ٨٢ رقم ٢١ ، نقله عن كشف الغمّة ٣ / ٢٦١ ، والأخير عن « الأربعين » لأبي نعيم الأصبهاني.

٣ ـ سنن أبي عمرو الداني : ٩٤ ـ ٩٥ نقلنا عنه بتوسّط معجم أحاديث الإمام المهديّعليه‌السلام ، تاريخ بغداد ١ / ٣٧٠.

٣٠٤

أخرجاه من طريق عاصم أيضاً بسنده عن ابن مسعود(١) .

وأخرجه من الشيعة ابن طاووس ، نقلاً عن ابن حمّاد(٢) .

هذا ، وقد وقع في سند الخطيب لهذا الحديث : أبو نعيم ، والطبراني ، وابن أبي حاتم ، وابن حمّاد ، فهؤلاء كلّهم من رواته.

وهذه الأحاديث الثلاثة هي أهمّ ما روي في هذا الشأن ، ومن أخرجها من العلماء ـ كما تقدّم ـ أصبحوا الأساس لجميع من تأخّر من العلماء الذين أوردوها عنهم ، وقلّما انفرد بعضهم بطريق آخر لم يتّصل بعاصم بن أبي النجود ، فهو العمدة في المقام كما صرّح به الأعلام.

مناقشة أحاديث « واسم أبيه اسم أبي » :

إنّ مما يُلحظ على الأحاديث الثلاثة المتقدّمة أنّها غير معروفة عند غالبية الحفّاظ والمحدّثين ، مع تصريحهم بأنّ الأكثر والأغلب على رواية :

( واسمه اسمي ) فقط. من غير زيادة ( واسم أبيه اسم أبي ).

فالحديث الأول مثلاً ، رواه الإمام أحمد في مسنده في عدّة مواضع من غير تلك الزيادة(٣) .

كما رواه الترمذي من غير هذه الزيادة أيضاً ، وقال : « وفي الباب : عن عليٍّ ، وأبي سـعيد ، وأُمّ سلمة ، وأبي هريرة ، وهذا حديث حسن صحيح »(٤) .

أمّا الطبراني ، فقد أخرج الحديث الأوّل بأكثر من عشرة طرق من غير هذه الزيادة ، وذلك في الأحاديث التي تحمل الأرقام التالية : ١٠٢١٤ و ١٠٢١٥ و ١٠٢١٧ و ١٠٢١٨ و ١٠٢١٩ و ١٠٢٢٠ و ١٠٢٢١ و ١٠٢٢٣ و ١٠٢٢٥ و ١٠٢٢٦ و

__________________

١ ـ تاريخ بغداد ٥ / ٣٩١ ، والقول المختصر ٤ / ٤ وقد رواه مرسَلاً.

٢ ـ الملاحم : ٧٤ باب ١٦٢ ، نقله عن ابن حمّاد.

٣ ـ مسند أحمد ١ / ٣٧٦ و ٣٧٧ و ٤٣٠ و ٤٤٨.

٤ ـ سنن الترمذي ٤ / ٥٠٥ رقم ٢٢٣٠.

٣٠٥

١٠٢٢٧ و ١٠٢٢٩ و ١٠٢٣٠ ، وهكذا فعل غيره مثل ابن أبي شيبة والحاكم وغيرهما من أقطاب المحدِّثين.

وممّا يزيد الأمر وضوحاً هو تصريح من أورد الحديث الأوّل بعدم وجود ( واسم أبيه اسم أبي ) في أكثر كتب الحفّاظ ، قال المقدسي الشافعي بعد أنْ أورد الحديث عن أبي داود : « أخرجه جماعة من أئمّة الحديث في كتبهم ، منهم الإمام أبو عيسى الترمذي في جامعه ، والإمام أبي داود في سننه ، والحافظ أبو بكر البيهقيّ ، والشيخ أبو عمرو الداني ، كلّهم هكذا »(١) ، يريد : ( اسمه اسمي ) فقط بدون زيادة ( واسم أبيه اسم أبي ).

ولا يمكن أْن يكون هؤلاء الأئمّة الحفّاظ لا علم لهم بهذه الزيادة المرويّة من طريق عاصم بن أبي النجود ، مع أنّهم أخرجوا تلك الأحاديث من طريق عاصم نفسه ، وهذا يدلّ على عدم اعتقادهم بصحّة هذه الزيادة ، وإلاّ لَما أعرضوا عن روايتها ، ولا يتّهم أحدهم بأنّه قد أسقطها عمداً ، خصوصاً وأنّ لهذه الزيادة أهمّيّتها في النقض على ما يدعيه الطرف الآخر من اسم والد المهديّعليه‌السلام .

ومن هنا يتبيّن أّن عبارة ( واسم أبيه اسم أبي ) هي من زيادة أحد الرواة ، عن عاصم ؛ ترويجاً لفكرة كون المهديّ هو محمّد بن عبدالله بن الحسن ، أو ابن المنصور الخليفة العبّاسي.

وممّا يؤكّد هذا أنّ في لسان الأوّل رتّةً ، وإذا بنا نجد من يضع على الصحابي أبي هريرة حديثاً يشهد على نفسه بافتقاره لمخائل الصدق وهو حديث : « إنّ المهديّ اسمه محمّد بن عبد الله ، في لسانه رتّةٌ »(٢) .

هذا ، وقد ردّ زيادة ( واسم أبيه اسم أبي ) زيادةً على من أعرض عن روايتها بعض أعلام هذا الفنّ من أهل السُنّة ، منهم الآبري ( ت ٣٦٣ هـ ) على ما في « البيان » للكنجي الشافعي ، إذ روى الكنجي عن كتاب أبي الحسن الآبري

__________________

١ ـ عقد الدرر : ٢٧ باب ٢.

٢ ـ نقله في معجم أحاديث الإمام المهديّعليه‌السلام عن مقاتل الطالبيّين : ١٦٣ ـ ١٦٤.

٣٠٦

المسمّى بـ « مناقب الشافعي » ، فقال : « ذَكَر هذا الحديث ، وقال فيه : وزاد زائدة في روايته : لو لم يبق من الدنيا إلاّ يومٌ لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يبعث الله رجلاً منّي ، أو من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي ، يملأ الأرض قِسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً »(١) .

ولمّا كانت الأحاديث الثلاثة المتقدّمة كلّها من رواية عاصم بن أبي النجود ، عن زرّ بن حبيش ، عن عبدالله بن مسعود ، فلا بأس ببيان ما جمعه الحافظ أبو نعيم من طرق هذا الحديث المنتهية إلى عاصم ، والّتي اتّفقت جميعها على روايته بلفظ : « واسمه اسمي » فقط ، ولم يرد في طريق واحد منها لفظ : « واسم أبيه اسم أبي » ، فيما صرّح به الكنجيّ الشافعي في كتابه « البيان ».

ونودّ قبل نقل كلامه الاِشارة السريعة إلى أنّ تلك الزيادة قد رواها أيضاً البزّار في مسنده ، والطبراني في المعجم الكبير والأوسط من طريق داود بن المحبّر بن قحذم ، عن أبيه ، كما في « مجمع الزوائد » للهيثمي ، وهذا الطريق وإن اختلف عن طريق عاصم إلاّ أنّه ضعيف بداود وأبيه كلاهما كما نصَّ على ذلك الهيثمي(٢) .

إذن العمدة في المقام هو حديث عاصم ، وفيه قال الكنجي الشافعي :

« وجمع الحافظ أبو نعيم طرق هذا الحديث عن الجمّ الغفير في مناقب المهديّ ، كلّهم عن عاصم بن أبي النجود ، عن زرّ ، عن عبدالله [ بن مسعود ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

ثمّ أخذ في بيان من روى الحديث عن عاصم بلفظ : « واسمه اسمي » فقط بلا زيادة : « واسم أبيه اسم أبي » حتّى أوصلهم إلى أكثر من ثلاثين راوياً وهم :

١ ـ سفيان بن عيينة ، وطرقه عنه بطرق شتّى.

٢ ـ فطر بن خليفة ، وطرقه عنه بطرق شتّى.

__________________

١ ـ البيان في أخبار صاحب الزمان : ٤٨٢.

٢ ـ مجمع الزوائد ٧ / ٣١٤ باب ما جاء في المهديّ.

٣٠٧

٣ ـ الأعمش ، وطرقه عنه بطرق شتّى.

٤ ـ أبو إسحاق سليمان بن فيروز الشيباني ، وطرقه عنه بطرق شتّى.

٥ ـ حفص بن عمر.

٦ ـ سفيان الثوري ، وطرقه عنه بطرق شتّى.

٧ ـ شعبة ، وطرقه عنه بطرق شتّى.

٨ ـ واسط بن الحارث.

٩ ـ يزيد بن معاوية أبو شيبة ، له فيه طريقان.

١٠ ـ سليمان بن حزم ، وطرقه عنه بطرق شتّى.

١١ ـ جعفر الأحمر ، وقيس بن الربيع ، وسليمان بن حزم ؛ جميعهم في سند واحد.

١٢ ـ سلام بن المنذر.

١٣ ـ أبو شهاب محمّد بن إبراهيم الكتّاني ، وطرقه عنه بطرق شتّى.

١٤ ـ عمر بن عبيد الطنافسي ، وطرقه عنه بطرق شتّى.

١٥ ـ أبو بكر بن عيّاش ، وطرقه عنه بطرق شتّى.

١٦ ـ أبو الجحّاف داود بن أبي العوف ، وطرقه عنه بطرق شتّى.

١٧ ـ عثمان بن شبرمة ، وطرقه عنه بطرق شتّى.

١٨ ـ عبد الملك بن أبي عتبة.

١٩ ـ محمّد بن عيّاش ، عن عمرو العامري وطرقه عنه بطرق شتّى. وذكر مسنداً وقال فيه : حدّثنا أبو غسّان ، حدّثنا قيس ، ولم ينسبه.

٢٠ ـ عمرو بن قيس الملاّئي.

٢١ ـ عمّار بن زريق.

٢٢ ـ عبدالله بن حكيم بن جبير الأسدي.

٢٣ ـ عمر بن عبدالله بن بشر.

٢٤ ـ أبو الأحوص.

٢٥ ـ سعد بن الحسن ابن أُخت ثعلبة.

٣٠٨

٢٦ ـ معاذ بن هشام ، قال : حدّثني ابن أبي عاصم.

٢٧ ـ يوسف بن يونس.

٢٨ ـ غالب بن عثمان.

٢٩ ـ حمزة الزيّات.

٣٠ ـ شيبان.

٣١ ـ الحكم بن هشام.

ثمّ قال : « ورواه غير عاصم ، عن زرّ ، وهو عمرو بن حرّة ، عن زرّ ؛ كلّ هؤلاء رووا ( اسمه اسمي ) ؛ إلاّ ما كان من عبيدالله بن موسى ، عن زائدة ، عن عاصم ، فإنّه قال فيه : ( واسم أبيه اسم أبي ).

ولا يرتاب اللبيب أنّ هذه الزيادة لا اعتبار بها ، مع اجتماع هؤلاء الأئمّة على خلافها ، والله العالم »(١) .

وقد حاول بعض علماء الفنّ من الفريقين تأويل هذه الزيادة على فرض صحّة صدورها ، وقد تعرّض الكنجي الشافعي إلى بعض تأويلاتهم في المقام ؛ إلاّ أنّه استنكرها بقوله : « وهذا تكلُّفٌ في تأويل هذه الرواية ، والقول الفصل في ذلك : إنّ الاِمام أحمد مع ضبطه وإتقانه ، روى هذا الحديث في مسنده في عدّة مواضع : واسمه اسمي »(٢) .

ومن هنا يتّضح : أنّ حديث : « واسم أبيه اسم أبي » لا يصحّ في حسابات فنّ الدراية أْن يكون متعارضاً مع أحاديث كون اسم والد المهديّ هو الحسنعليهما‌السلام ، المرويّة بعشرات الطرق من الفريقين ، مع موافقته لحديث : « واسمه اسمي » المرويّ عن عليٍّعليه‌السلام ، وابن مسعود ، وأبي سعيد ، وحذيفة ، وسلمان ، وأبي هريرة ، وابن عمر ، وأُمّ سلمة ، وغيرهم(٣) .

__________________

١ ـ البيان في أخبار صاحب الزمان : ٤٨٣ / ٤٨٥.

٢ ـ البيان في أخبار صاحب الزمان : ٤٨٣ ، مطالب السؤول : ٢٩٣.

٣ ـ مسند أحمد ١ / ٣٧٦ و ٣٧٧ ، سنن الترمذي ٤ / ٥٠٥ رقم ٢٢٣٠ و ٢٢٣١ ، سنن أبي داود ٤ / ١٠٧ رقم ٤٢٨٢ ، المعجم الكبير ١٠ / ١٦٤ رقم ١٠٢١٨ و ١٠٢١٩ و ص ١٦٥ رقم ١٠٢٢٠ و

٣٠٩

هذا ، زيادة على إطباق كلمة أهل البيتعليهم‌السلام من لدن الاِمام أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب إلى الاِمام الحسن العسكريعليهم‌السلام على ذلك ، مضافاً إلى تأييد مائة وثمانية وعشرين عالماً ومحدِّثاً ومؤرّخاً من أهل السُنّة إلى أحاديث كون المهديّ من وُلْد الاِمام الحسن العسكري ، وقد فصّلنا الكلام عنهم وعن أسمائهم وأقوالهم ، ورتّبناهم بحسب القرون ابتداءً من القرن الرابع الهجري وانتهاءً بالقرن الرابع عشر الهجري(١) .

وهذا ما يجعل حديث : « واسم أبيه اسم أبي » على فرض صحّته ليس بقوّة ثبوت الحديث الآخر ، ممّا يجب طرحه أو تأويله ، وسيأتي عند الحديث عن كون المهديّ من أولاد الحسن أو الحسينعليهما‌السلام ما له علاقة وطيدة ببيان الاسم الصحيح لوالد الإمام المهديّعليه‌السلام .

( عادل علي ـ اليمن ـ )

من علامات ظهوره :

س : متى يظهر الإمام المهديّ عليه‌السلام ؟ وما هي علامات الظهور؟

ج : ليس هناك توقيت لظهور الإمام المهديّعليه‌السلام أبداً ، بل الأئمّة الأطهارعليهم‌السلام كذّبوا كلّ من يقول بذلك.

فعن الفضل بن يسار ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : قلت : هل لهذا الأمر وقت؟ فقال : «كذب الوقّاتون ، كذب الوقّاتون ، كذب الوقّاتون »(٢) .

__________________

ص ١٦٨ رقم ١٠٢٢٩ و ١٠٢٣٠ ، ذِكر أخبار أصبهان ١ / ١٢٩ ، مسند أبي يعلى الموصلي ٢ / ٣٦٧ رقم ١١٢٨ ، صحيح ابن حبّان ٨ / ٢٩١ رقم ٦٧٨٦ و ٦٧٨٧ ، البدء والتاريخ ٢ / ٨٠ ، تذكرة الخواصّ : ٣٦٣ ، المنار المنيف : ١٤٨ رقم ٣٢٩ فصل ٥٠٠ ، القول المختصر ٧ / ٣٧ باب ١ ، فرائد السمطين ٢ / ٣٢٥ رقم ٥٧٥ ، منهاج السُنّة ٤ / ٢١١ ، ينابيع المودّة : ٤٩٢.

١ ـ دفاع عن الكافي ١ / ٥٦٥ ـ ٥٩٢.

٢ ـ الكافي ١ / ٣٦٨.

٣١٠

نعم ، ورد أنّه يظهر يوم عاشوراء الذي يصادف يوم السبت أو الجمعة ، أمّا في أيّ سنة فغير معلوم.

ولكن هناك قرائن وعلائم للظهور ذكرت في رواياتنا ، بأنّها متى ما تحقّقت يتحقّق الظهور ، ومن تلك العلائم الحتمية الوقوع ، التي اتّفقت رواياتنا على ذكرها هي : خروج اليماني ، والسفياني ، والصيحة ، والخسف بالبيداء ، وقتل النفس الزكية.

عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : « خمس قبل قيام القائم : اليمانيّ ، والسفيانيّ ، والمنادي ينادي من السماء ، وخسف بالبيداء ، وقتل النفس الزكية »(١) .

( ـ ـ )

فضل النصف من شعبان في كتب السنّة :

س : يرجى التكرّم ببيان فضل النصف من شعبان ، وذلك من كتب إخواننا أهل السنّة ، شاكرين لكم ذلك.

ج : وردت أعمال كثيرة في مصادر أهل السنّة ، في تعظيم ليلة النصف من شعبان ويومه ، وكلّ ما ورد من أعمال لم يرتضه الوهّابيون ، كعادتهم في رفض أكثر ما ورد أو كلّ ما ورد في تعظيم بعض المناسبات.

وقد اعتقد بعض علماء أهل السنّة أنّ ليلة النصف من شهر شعبان هي ليلة القدر.

وقد ذكروا لهذه الليلة ويومها أعمالاً كثيرة ، من صلاة ودعاء وصيام و

فعن الإمام عليعليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إذا كانت ليلة النصف من شعبان ، فقوموا ليلها وصوموا نهارها »(٢) .

__________________

١ ـ الإمامة والتبصرة : ١٢٨ ، الخصال : ٣٠٣ ، كمال الدين وتمام النعمة : ٦٤٩ ، إعلام الورى ٢ / ٢٧٩.

٢ ـ سنن ابن ماجة ١ / ٤٤٤.

٣١١

وعن أبي موسى الأشعريّ ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «إنّ الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان ، فيغفر لجميع خلقه ، إلاّ لمشرك أو مشاحن »(١) .

وعن عائشة قالت : فقدت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات ليلة فقال : «إنّ الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا ، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب »(٢) .

وعن عبد الله بن عمر : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « يطّلع الله عزّ وجلّ إلى خلقه ليلة النصف من شعبان ، فيغفر لعباده إلاّ لاثنين ، مشاحن وقاتل نفس »(٣) .

وأمّا ما في روايات أهل البيتعليهم‌السلام فجاء الكثير مسنداً عنهمعليهم‌السلام في تعظيم ليلة النصف ويومها ، وذكروا أعمالاً كثيرة.

( أبو أيمن ـ المغرب ـ سنّي )

فلسفة الدعاء بتعجيل فرجه :

س : لماذا يدعو الشيعة بتعجيل فرج المهديّ المنتظر؟ وهل هو في كربة حتّى يفرّج الله عنه؟ وهل صحيح أنّه توجد في إيران خيل مسرّجة دوماً في انتظار المهديّ عند أحد المغارات؟ أو ما يسمّى بالسرادق!

ج : إمّا أن يكون المراد من الفرج المذكور في الدعاء هو فرج المؤمنين والمظلومين في العالم ، وإنما نسب وأضيف إلى الإمام المهديّعليه‌السلام باعتباره الفاعل لهذا الفرج بإذن الله تعالى كما تواتر هذا المعنى في روايات الشيعة والسنّة حيث ذكرت إنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملأت ظلماً وجوراً.

__________________

١ ـ المصدر السابق ١ / ٤٤٥.

٢ ـ المصدر السابق ١ / ٤٤٤ ، الجامع الكبير ٢ / ١٢١ ، الجامع الصغير ١ / ٢٩٧ ، كنز العمّال ١٢ / ٣١٤.

٣ ـ مسند أحمد ٢ / ١٧٦ ، كنز العمّال ٣ / ٤٦٧.

٣١٢

إن الدعاء بتعجيل الفرج في الواقع هو دعاء لنا ، لأنّ فرجهعليه‌السلام هو فرج لكل المظلومين والمضطهدين في العالم ، لأنّ الإمام المهديّعليه‌السلام سيعيد كلّ حقّ إلى أهله ، وسينتقم من الظالمين.

وإمّا أن يراد منه بأنّه دعاء بالفرج للإمام المهديّعليه‌السلام ، لأنّه ـ على مبنى الشيعة ـ حيّ يرزق وغائب عن الأنظار ، ويرى ما يجري لأُمّة جدّه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله من ظلم وقتل ، وتشريد واضطهاد ، وهو ابن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والإمام الثاني عشر عند أكثر المسلمين ، حيث ذهب كثير من العلماء من شتّى الفرق الإسلامية ، إلى أنّ الثاني عشر في حديث « الخلفاء بعدي اثنا عشر » هو الإمام المهديّعليه‌السلام .

فالإمام المهديّ يتألّم أشدّ ألم ، وهو في كربة عظمى ، وهو يشاهد ما يجري على المسلمين من أنواع الكربات.

وأمّا ما سألت عنه من وجود خيل في إيران مسرّجة ، فهذا ما نسمعه لأوّل مرّة منك ، فهلاّ عرّفتنا على هذا المكان لنذهب ونفحص عن حقيقة الأمر.

( عمر بن عبد الرحمن المدفع ـ الإمارات ـ سنّي )

في أحاديث الرسول من كتب السنّة :

س : كثيراً ما أدخل في جدال مع أصدقائي بخصوص أصحاب المذهب الجعفريّ ، وأنا بكلّ صراحة أحترم أخواني الشيعة ، وأقسم بالله بأنّي ليس في قلبي أي بغضاء ضدّهم ، والحمد لله بأنّي لدي كثير من الكتب التي تخصّ المذهب الشيعيّ ، ومن خلال هذه الرسالة أحببت أن أوجّه تحية إلى فضيلتكم ، ولدي سؤال عن الإمام المهديّ عليه‌السلام ، هل ذكر في أحاديث الرسول محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

ج : قد تواتر الحديث عن الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله في الإمام المهديّعليه‌السلام ، وأنّ اسمه اسم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكنيته كنيته ، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت ظلماً وجوراً.

وهذه الأحاديث بكثرة لا يمكن حصرها ، فلا يكاد يخلو منها كتاب في

٣١٣

الحديث ، أو معجم في التراجم والسير ، ولو تصدّينا لجمع ما أمكن منها ، لكانت موسوعة كبرى في الحديث.

وهذا إن دلّ على شيء ، فإنّما يدلّ على تواتر حديث المهديّعليه‌السلام ، وأنّ الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يبشّر الأُمّة الإسلامية بظهوره في كلّ ناد ومحفل ، ومنتدى ومجمع.

وإليك بعض هذه الأحاديث التي انتقيناها من بعض كتب السنّة :

١ ـ أخذصلى‌الله‌عليه‌وآله بيد علي فقال : «يخرج من صلب هذا حيّ يملأ الأرض عدلاً وقسطاً »(١) .

٢ ـ عن أنس بن مالك قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «نحن بنو عبد المطّلب سادات أهل الجنّة ، أنا وحمزة وعلي ، وجعفر بن أبي طالب ، والحسن والحسين ، والمهديّ »(٢) .

٣ ـ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من أنكر خروج المهديّ فقد كفر بما أنزل على محمّد »(٣) .

٤ ـ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «يلتفت المهديّ ، وقد نزل عيسى بن مريم ، كأنّما يقطر من شعره الماء ، فيقول المهديّ : تقدّم فصلّ بالناس ، فيقول عيسى : إنّما أقيمت الصلاة لك ، فيصلّي خلف رجل من ولدي »(٤) .

٥ ـ عن أبي سعيد الخدريّ قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «المهديّ منّي أجلى الجبهة ، أقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت جوراً وظلماً ، ويملك سبع سنين »(٥) .

__________________

١ ـ المعجم الأوسط ٤ / ٢٥٦.

٢ ـ سنن ابن ماجة ٢ / ١٣٦٨ ، ذخائر العقبى : ١٥ و ٨٩ ، جواهر المطالب ١ / ٢٢٨ ، ينابيع المودّة ٢ / ٦٨ ، كنز العمّال ١٢ / ٩٧.

٣ ـ فرائد السمطين ٢ / ٣٣٤.

٤ ـ الصواعق المحرقة ٢ / ٤٧٥ ، ينابيع المودّة ٣ / ٢٦٤.

٥ ـ كشف الغمّة ٣ / ٢٣٤ ، مسند أبي داود ٢ / ٣١٠ ، العجم الأوسط ٩ / ١٧٦ ، الجامع الصغير ٢ / ٦٧٢ ، كنز العمّال ١٤ / ٢٦٤.

٣١٤

٦ ـ عن أبي سعيد الخدريّ ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «يخرج في آخر أُمّتي المهديّ ، يسقيه الله الغيث ، وتخرج الأرض نباتها ، ويعطى المال صحاحاً ، وتكثر الماشية ، وتعظم الأُمّة ، ويعيش سبعاً أو ثمانياً ، يعني حججاً »(١) .

٧ ـ عن أبي سعيد الخدريّ قال : خشينا أن يكون بعد نبيّنا حدث ، فسألنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : « يخرج المهديّ في أُمّتي ، خمساً أو سبعاً أو تسعاً » زيد الشكّ ، قال : قلت : أيّ شيء؟ قال : « سنين » ، ثمّ قال : » يجيء الرجل إليه فيقول : يا مهدي اعطني اعطني » ، قال : « فيحثى له في ثوبه ما استطاع أن يحمل »(٢) .

٨ ـ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله لفاطمةعليها‌السلام : «المهديّ من ولدك »(٣) .

٩ ـ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا نادى مناد من السماء : أنّ الحقّ في آل محمّد ، فعند ذلك يظهر المهديّ »(٤) .

فأصل فكرة المهديّعليه‌السلام من المسائل المتّفق عليها بين المسلمين ، إلاّ من شذّ وندر ، وكذلك أصل فكرة المنقذ مسألة متّفق عليها بين الأديان.

( حسن محمّد يوسف ـ البحرين )

كاذب من يدّعي السفارة عنه :

س : ما هو السبب في عدم صدق الأشخاص الذين يدّعون السفارة في زمن الغيبة الكبرى؟ وشكرا لكم.

ج : تارة تسأل عن الدليل ، فهو روايات صحيحة صريحة في تكذيب كلّ من يدّعي النيابة والسفارة في زمن الغيبة الكبرى ، وتارة تسأل عن السبب ، فيمكن

__________________

١ ـ المستدرك ٤ / ٥٥٨.

٢ ـ مسند أحمد ٣ / ٢١ ، الجامع الكبير ٣ / ٣٤٣ ، كنز العمّال ١٤ / ٢٧٣.

٣ ـ ذخائر العقبى : ١٣٦ ، كشف الغمّة ٣ / ٢٦٧.

٤ ـ كنز العمّال ١٤ / ٥٨٨.

٣١٥

أن يكون للوقوف أمام أصحاب الهوى والزعامات الدنيوية ، الذين يستغلّون هذا الباب لمصالحهم الدنيوية الشخصية من جمع المال ، والحصول على الرئاسة ، كلّ ذلك باسم المهديّ المنتظر ، وبذلك سيكون خراباً للدنيا والدين.

هذا ، ونعلمك بأنّ الرؤية غير السفارة والباب ، فالروايات المروية في تكذيب من رأى المهديّ المنتظر محمولة على اصطحاب السفارة مع ادعاء الرؤية.

( زهرة لطف الله ـ البحرين ـ )

كيفية موته ونهاية العالم :

س : قد فهمنا أنّه لا تنتهي الدنيا بوفاة الحجّةعليه‌السلام ، ولكن السؤال هو كيف ستكون نهاية العالم؟ مع أنّه بعد خروج الإمام سيعمّ العدل والسلام؟

أمّا السؤال الثاني فهو : كيف سيموت الحجّةعليه‌السلام ؟ فقد جاء في حديث شريف : « ما منّا من مات ميتة عين ».

ج : نحاول هنا الإجابة على السؤالين معاً ، حيث ثبت أنّ الإمام المهديّعليه‌السلام إذا ظهر فسوف يعمّ العدل والقسط ، ولا يعني هذا أنّ الخلق سوف يكونون معصومين ، أو أنّهم بأجمعهم عدول ، بل المقصود أنّ الإمام يحكم بين الناس بالعدل ، ويأخذ للمظلوم من الظالم حقّه ، وهكذا.

وقد ورد في الروايات : أنّ الأئمّة لا يموتون حتف أنفهم ، فهم أما مقتول أو مسموم ، ثمّ تكون الرجعة ، التي هي على إجمالها من عقائد الشيعة ، دون النظر إلى التفاصيل.

أمّا كيفية نهاية العالم فقد قال تعالى :( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ) (١) ، وهنالك آيات كثيرة توضّح النفخ في الصور ، وانتهاء العالم.

____________

١ ـ الأنبياء : ١٠٤.

٣١٦

( محمّد الإبراهيمي ـ كندا ـ )

معنى كونه شريكاً للقرآن :

س : نقرأ في زيارة صاحب الأمر والزمان المروية عن الشيخ المفيد ، والسيّد ابن طاووس عبارة : « السلام عليك يا شريك القرآن » ، ما هو المقصود من هذه العبارة؟

ج : إنّ الأئمّة الإثنى عشرعليهم‌السلام كما هو معلوم ، هم عدل القرآن وشركاؤه ، باعتبار قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما فلن تضلّوا بعدي أبداً ».

( أيوب محمود دكسن ـ الكويت ـ )

إمكان حضوره في أكثر من مجلس :

س : كيف يمكن لمولانا الحجّة عليه‌السلام أن يحضر أكثر من مجلس في نفس الوقت؟

ج : هناك عدّة احتمالات في المقام ، ينبغي أن نأخذ كلّها أو بعضها بعين الاعتبار :

منها : إنّ المراد من حضوره هو النظر والعناية من قبلهعليه‌السلام لكلّ مجلس ، وهذا نظير حضور المعصومينعليهم‌السلام في مجالس ذكرهم ، إذ إنّ الحضور في مكان هو لأجل الوقوف على كلمات وأقوال الحاضرين ، وهذا ما يتحصّل في حالة إفاضة عناية الإمامعليه‌السلام للمجلس ، وكأنّه هو حاضر فيه يسمع ويرى من يخاطبه ، ويرد عليه بالرأفة والرحمة الخاصّة بهعليه‌السلام .

ومنها : إنّ المقصود من حضوره في أكثر من مجلسٍ في وقتٍ واحد قد يكون بصورة حضور وكيله أو نائبه ، أو من يتولّى الأمر من قبلهعليه‌السلام في تلك المجالس ، وهذا يعتبر حضورهعليه‌السلام بالعناية والمجاز ، ويكون من قبيل القول : بأنّ فلاناً قد شارك في اجتماع أو مؤتمر ، وفي الواقع قد أرسل مندوبه ليمثّله هناك.

٣١٧

والله العالم بحقائق الأُمور.

( ـ ـ )

كيفية الاستعداد للقائه :

س : كيف يمكنني الاستعداد لأكون من أنصار الإمام المهديّ عليه‌السلام ؟ وأن لا أكون مثل أهل الكوفة ، الذين دعوا الإمام أن يأتي ، ولكن فيما بعد يخافون من الموت ويتخاذلون ، إنّي أخشى دائماً أن أكون هكذا؟! فماذا أفعل؟

ج : الاستعداد يكون بإطاعة أوامر الله ، والتجنّب عن نواهيه ، وبعبارة أُخرى : أن نسعى لتحقيق ما لأجله بعثت الرسل ، وأمرت به الأئمّةعليهم‌السلام ، لنسعى ما لأجله يظهر الإمامعليه‌السلام ، يظهر ليطبّق سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ليحقّ الحقّ ، وليبطل الباطل ، ليكون الناس جميعاً مطيعين لله ، منتهين عن نواهيه.

فلنكن نحن ممّن أطاع الله ، وتجنّب عن معاصيه ، وبهذا سنكون من الممهّدين لظهورهعليه‌السلام ، وسنكون معه إن شاء الله تعالى.

( أحمد جاسم أبو حسن ـ البحرين ـ )

من وصيّه بعد غيبته :

س : نحن الشيعة نعتقد أنّ النبيّ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يغادر الدنيا إلاّ بعد أن أوصى بالإمام عليعليه‌السلام خليفة بعده ، ونحتجّ بالدليل العقليّ ، أنّه لا يعقل أن يترك النبيّ الأُمّة بدون خليفة ، لكي تنقسم وتتناحر في تحديد من هو الخليفة.

وفي نفس الوقت نقول : إنّ الإمام المهديّعليه‌السلام غاب عن الأُمّة بدون أن يوصي لمن هو خليفة بعده ، وترك الأُمّة هي التي تحدّد وتختار خليفة لها ، ممّا أدّى إلى انقسامات في المذهب حول المرجعية ، كما هو ملاحظ.

فسؤالي هو : لماذا لم ينتهج الإمام المنتظرعليه‌السلام سياسة النبيّ في ذلك؟ وكيف نوفّق بين الاعتقادين؟

ج : إنّ الشيعة تعتقد ـ بالأدلّة العقليّة والنقليّة ـ بوجوب وصاية النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

٣١٨

ووقوعها لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، ولكن في غيبة الإمام المنتظرعليه‌السلام لم تعتقد الشيعة بانتهاء إمامته أو خلافته ، حتّى تجب الوصاية لغيره ، بل إنّ إمامته مستمرة ، فلا تحتاج إلى خليفة ينوب عنه ، وأنّهعليه‌السلام يرعى الأُمّة والطائفة ، ولو من وراء ستار الغيبة.

فالغيبة لا تلغي مهمّات الإمامة مطلقاً ، بل تصدّ عن الدور الحضوري للإمامعليه‌السلام ، وهذا بعكس ارتحال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الرفيق الأعلى ، إذ يجب فيه من يتولّى مسؤولية قيادة الأُمّة وإمامتها.

ثمّ حتّى في عصر الغيبة ، وإن لم يصرّح بمنصب خلافة الإمامعليه‌السلام ونيابته ، ولكن قد جاءت نصوص وأحاديث شريفة تؤكّد وجوب ملازمة الناس علماء الطائفة واتباعهم على نحو العموم ، وفيها مواصفات هؤلاء من العلم والتقوى والعدالة وغيرها ، حتّى لا يقع الناس في انحراف وضلالة.

فالانقسامات التي ذكرتموها لا تؤثّر في أصل العقيدة ومجراها ، إن اتبعنا من له أهلية ومصداقية تلك الروايات ، فتصبح تلك الخلافات هامشية ، ونتيجة طبيعية لعدم عصمة الجميع.

( شاهر ـ ـ )

الجديد الذي يأتي به :

س : وفّقكم الله لنصرة هذا المذهب الجعفريّ الحقّ ، ولي سؤال حرت فيه ، واطلب المساعدّة منكم على فهمه ، لو تكرّمتم عليّ بذلك ، ولله الشكر إن فعلتم.

جاء في كتاب الغيبة للنعماني حديثاً يقول : قال أبو جعفرعليه‌السلام : « يقوم القائم بأمر جديد ، وكتاب جديد ، وبقضاء جديد ، على العرب شديد ، ليس شأنه إلاّ السيف ، لا يستتيب أحداً ، ولا يأخذه في الله لومة لائم »(١) .

__________________

١ ـ الغيبة للنعماني : ٢٣٣.

٣١٩

وسؤالي هو : هل هذا الحديث صحيح؟ وما معناه؟ وأيّ كتاب؟ وأيّ قضاء عنى هنا؟ هل هو غير الأمر الذي نحن عليه؟ أو غير القضاء الذي نقضي به نحن هنا؟ وفي هذا الزمان ، أو غير الكتاب الذي بين أيدينا؟

أفيدونا ، وفّقكم الله في هذا الأمر ، وجزيتم خيراً.

ج : أوّلاً : ليس لهذا الحديث سند معتبر ، بل فيه ضعف.

ثانياً : إنّنا إذا لاحظنا الأحكام الإسلامية في عصر الغيبة ، وهو عصر يبعد عن مصدر التشريع الإسلامي ، وأخذنا بنظر الاعتبار من حيث وجودها النظري والتطبيقي ، نجد فيها أربعة موارد من النقص والقصور :

١ ـ الأحكام الإسلامية التي لم تعلن للناس أصلاً ، بل بقيت معرفتها خاصّة بالله ورسوله ، والقادة الإسلاميّين ، وبقيت مستورة عن الناس ، ومؤجّل إعلانها إلى زمن ظهور الإمام المهديّعليه‌السلام ، وتطبيق العدل الكامل.

٢ ـ الأحكام التالفة على مرّ الزمن ، والسنّة المندرسة خلال الأجيال ، ممّا يتضمّن أحكام الإسلام ومفاهيمه ، أو يدلّ عليها.

فإنّ ما تلف من الكتب التي كانت تحمل الثقافة الإسلامية ، بما فيها أعداد كبيرة من السنّة الشريفة ، والفقه الإسلامي ، نتيجة للحروب المدمّرة ـ كالحروب الصليبية ، وغزوات التتار والمغول ، وغير ذلك ـ عدد ضخم يعدّ بمئات الآلاف ، ممّا أوجب انقطاع الأُمّة الإسلامية عن كمّية كبيرة من تاريخها ، وتراثها الإسلامي ، واحتجاب عدد من الأحكام الإسلامية عنها.

٣ ـ إنّ الفقهاء حين وجدوا أنفسهم محجوبين عن الأحكام الإسلامية الواقعية في كثير من الموضوعات المستجدّة ، والوقائع الطارئة على مرّ الزمن ، اضطرّوا إلى التمسّك بقواعد عامّة معيّنة ، تشمل بعمومها مثل هذه الوقائع ، إلاّ أنّ نتيجتها في كلّ واقعة ليست هي الحكم الإسلامي الواقعي في تلك الواقعة ، وإنّما هو ما يسمّى بالحكم الظاهريّ ، وهو ـ كما قيل ـ تحديد الوظيفة الشرعية للمكلّف عند جهله بالحكم الواقعي الأصلي.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518