موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

موسوعة الأسئلة العقائديّة11%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-02-7
الصفحات: 518

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 518 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 245425 / تحميل: 6337
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٢-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

الإمام الباقر عليه‌السلام :

( ـ البحرين ـ )

بعض المصادر في تسميته :

س : قال ابن تيمية : « ونقل تسميته بالباقر عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لا أصل له عند أهل العلم ، بل هو من الأحاديث الموضوعة »(١) .

الرجاء إعطاء بعض المصادر عند أهل السنّة حول هذا الموضوع؟

ج : ذكرت بعض مصادر أهل السنّة تسمية الإمام محمّد بن عليعليهما‌السلام بالباقر ، لتسمية النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله له بها ، ومن تلك المصادر : شرح نهج البلاغة(٢) ، الفصول المهمّة(٣) ، وغيرها(٤) .

( ـ السعودية ـ )

بعض النصوص الواردة في إمامته :

س : ترد أحياناً بعض الشبهات حول النصوص الواردة بحقّ الأئمّة المعصومين عليهم‌السلام ، فمنها ما قد يثار من قبل البعض بشأن التنصيص على إمامة كلّ واحد منهم عليهم‌السلام ، وفي هذا المجال حبّذا لو تذكرون بعض الأحاديث المعتبرة على إمامة

__________________

١ ـ منهاج السنّة النبوية ٤ / ٥١.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ١٥ / ٢٧٧.

٣ ـ الفصول المهمّة : ٢١١.

٤ ـ أُنظر : تذكرة الخواص : ٣٠٢.

٢٤١

الإمام محمّد الباقر عليه‌السلام .

ج : نعم ، هناك نصوص عامّة تذكر الأئمّةعليهم‌السلام بأسمائهم ، ورغبة منّا للاختصار ، نذكر بعضها التي لا خدشة في إسنادها ، ولا مناقشة في دلالتها :

١ ـ صحيحة أبي بصير عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، التي جاء فيها ذكر الأئمّة بدءاً من أمير المؤمنينعليه‌السلام حتّى الإمام الباقرعليه‌السلام (١) .

٢ ـ صحيحة عبد الله بن جندب عن الإمام الكاظمعليه‌السلام ، التي صرّحت بأسماء جميع الأئمّةعليهم‌السلام بالترتيب ، وعلى التوالي(٢) .

٣ ـ صحيحة أبي هاشم الجعفريّ عن الإمام الجوادعليه‌السلام ، التي جاء فيها إقرار الخضرعليه‌السلام بجميع الأئمّةعليهم‌السلام عند أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والإمام الحسنعليه‌السلام ، وارتضاء الإمامعليه‌السلام ذلك منه(٣) .

هذا ، وقد وردت نصوص كثيرة في المقام تؤيّد ما ذكرناه ، فضلاً عن الصحاح المتقدّمة ، فيمكننا الاستدلال على المطلوب بالتواتر ، والاستفاضة في هذه الأحاديث.

( عبد الله )

حضوره واقعة الطفّ :

س : هل إنّ الإمام الباقر عليه‌السلام شهد واقعة الطفّ وحضرها؟

ج : نعم ، بما أنّ ولادة الإمام الباقرعليه‌السلام كانت سنة ٥٦ هـ(٤) ، أو سنة ٥٧ هـ(٥) ، أي قبل واقعة كربلاء بثلاث سنين ، أو أربع سنين ، كما أدلىعليه‌السلام هو بذلك ،

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٢٨٦.

٢ ـ من لا يحضره الفقيه ١ / ٣٢٩.

٣ ـ المحاسن ١ / ١٩.

٤ ـ تذكرة الحفّاظ ١ / ١٢٤.

٥ ـ مسار الشيعة : ٥٦.

٢٤٢

فقد حضر أحداث الطفّ ، وشاهد مأساة جدّه الإمام الحسينعليه‌السلام وأولاده وأصحابه ، وتحمّل الأسر في ضمن الأطفال والنساء ، كما ورد ذلك في بعض الروايات عن لسانهعليه‌السلام (١) .

( ـ السعودية ـ )

ضرب النقود الإسلامية بأمره :

س : سمعت أنّ العملة الإسلامية هي من مقترحات الإمام الباقر عليه‌السلام ؟ فكيف ذلك؟

ج : نعم ، بحسب النصوص التاريخية أنّ هذا العمل الجبّار الذي منح العالم الإسلامي استقلاليّته في مجال الاقتصاد ، قد نفّذ بإشارة الإمام الباقرعليه‌السلام ، ومجمل الموضوع كالآتي :

أنّ عبد الملك بن مروان قد أمر بتبديل الطراز المنقوش عليه شعار المسيحية إلى طراز منقّش بشعار التوحيد ، فغضب ملك الروم من عمله هذا ، وهدّده بضرب نقود من الدراهم والدنانير تحمل شعارات ضدّ الإسلام ونبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا يخفى بأنّ التعامل الدارج بين المسلمين آنذاك كان كلّه على أساس العملة الأجنبية ، أي الرومية.

فتوسّل عبد الملك إلى الإمام الباقرعليه‌السلام ، وبما أنّ المسألة كانت ترتبط بأصل الدين والعقيدة ، تدخّل الإمامعليه‌السلام وأبدى رأيه الشريف ، وأخذ عبد الملك برأيه ، وأمر بضرب النقود وفقاً لما خطّطه الإمامعليه‌السلام ، ومن ثمّ تولّدت العملة الإسلامية ، وجرى التعامل بها ، وتحرّر النقد من التبعية للأمبراطورية الرومية(٢) .

__________________

١ ـ نفس المهموم : ٣٨٦.

٢ ـ أُنظر : حياة الحيوان للدميريّ ١ / ٩١ ، المحاسن والأضداد للبيهقيّ ٢ / ١٢٩.

٢٤٣

نعم ، قد ورد في بعض المصادر : بأنّ الذي قام بهذا العمل هو الإمام زين العابدينعليه‌السلام (١) .

وجاء في بعض الموسوعات الأجنبية : « إنّ أوّل من أمر بضرب السكّة الإسلامية هو الخليفة عليعليه‌السلام بالبصرة ، سنة أربعين من الهجرة »(٢) .

ويمكن الجمع : بأنّ الإمام عليعليه‌السلام أمر بضرب السكّة في البصرة في إطار محدود ، بدون إلغاء التعامل بالنقود الأُخرى ، حتّى إذا جاء دور الإمام الباقرعليه‌السلام فضربت العملات الجديدة بأمرهعليه‌السلام ، وأُلغيت التعامل بغيرها نهائيّاً.

( عبد الرحمن ـ ـ )

هو حسينيّ وحسنيّ :

س : نسمع كثيراً بأنّ الأئمّة عليهم‌السلام من الإمام الباقر عليه‌السلام فما بعد مضافاً إلى أنّهم حسينيّون يعتبرون حسنيّين أيضاً ، هل هذا صحيح؟ وكيف؟

ج : إنّ الإمام الباقرعليه‌السلام كما نعلم هو ابن الإمام زين العابدين بن الإمام الحسينعليهما‌السلام ، وبهذا الاعتبار فهو حسينيّ ، ومن جانب آخر فأُمّه فاطمة بنت الإمام الحسنعليه‌السلام ، ولذا يعتبرعليه‌السلام حسنيّ أيضاً.

فالإمام الباقرعليه‌السلام أوّل من اجتمعت له ولادة الحسن والحسينعليهما‌السلام ، ومن هنا يمكن أن نعرّف الأئمّة من ولد الباقرعليه‌السلام بأنّهم حسنيّون وحسينيّون معاً.

__________________

١ ـ البداية والنهاية ٩ / ١٢٢.

٢ ـ أعيان الشيعة ١ / ٥٣٩ نقلاً عن دائرة المعارف البريطانية.

٢٤٤

الإمام الصادق عليه‌السلام :

( ـ ـ )

وأئمّة المذاهب الأربعة :

س : ما هي صلة أئمّة المذاهب الأربعة السنّية بالإمام الصادق عليه‌السلام ؟ فهل هم أخذوا العلم منه مباشرةً ، أو بالواسطة؟ وهل تعتبر مذاهبهم مختلفة مع مذهب أهل البيت عليهم‌السلام ، أو امتداداً لها؟

ج : إنّ أئمّة المذاهب المذكورة وإن كانوا عيالاً في علومهم على الإمام الصادقعليه‌السلام ـ باعتبارهم من تلامذة الإمام مباشرةً ، أو بالواسطة(١) ـ ولكنّهم اختلفوا معهعليه‌السلام في المباني ؛ ويشهد بذلك اختلاقهم آراءً ، وفتاوى غير معترف بها عند أهل البيتعليهم‌السلام ، فمنهم من أخذ بالقياس ، ومنهم من عمل بالاستحسان والمصالح وسدّ الذرائع وغيرها ، ممّا لم ينزل الله بها من سلطان.

وهذه التصرّفات هي خير شاهد على عدم خضوعهم للحقّ ، وتباين وجهات نظرهم مع مذهب أهل البيتعليهم‌السلام ، وعدولهم عن نهج الإمام الصادقعليه‌السلام .

نعم ، قد يكون هناك بعض أوجه التشابه بين آرائهم وبين ما صدر عن الإمام الصادقعليه‌السلام في مختلف المجالات ، وهذا بحدّ نفسه لا يشير إلى تبعيّتهم لهعليه‌السلام ، بل إنّهم أخذوا بعض رؤوس النقاط ، واستبدّوا بآرائهم في باقي الموارد لتشويه الحقّ.

__________________

١ ـ أُنظر : شرح نهج البلاغة ١ / ١٨.

٢٤٥

والحال كان ينبغي عليهم أن يأخذوا بمذهب الإمامعليه‌السلام في جميع الحالات ، فلا يصدر منهم ما يتناقض مع أقواله وأفعاله وسيرتهعليه‌السلام .

( ـ ـ )

كثرة الأحاديث عنه :

س : ما هو السرّ في كثرة الروايات عن الصادقين عليهما‌السلام بالنسبة إلى الأحاديث التي وردت عن باقي الأئمّة عليهم‌السلام ؟

ج : إنّ الفترة التي عاشها الإمامان الباقر والصادقعليهما‌السلام هي فترة انهيار وضعف قوّة الأمويّين ، وعدم تثبيت الحكم العباسيّ ، فاغتنما هذه الفرصة الثمينة لبثّ الفكر والثقافة الشيعيّة ، فربّيا جيلاً واعياً ، تلقّى المعارف والعلوم الإسلامية ، وسعى في نشرها ، بحيث عرف المذهب الإماميّ الاثنا عشريّ بالمذهب الجعفريّ ، إشارةً إلى ذلك.

وأمّا الأئمّة السابقون عليهما والمتأخّرون عنهماعليهم‌السلام فبما أنّ الأجواء التي كانوا يعيشونها كانت ظروف صعبة ، إذ كانوا إمّا تحت الإقامة الجبرية أو في السجن ، أو تحت مراقبة الحكّام الظالمين ، فلم يستطيعوا أن يلقوا المعارف والحقائق ، ولم يكن بإمكانهم الاتصال بالناس عامّة ، وبالمؤمنين خاصّة بصورة عادية.

أضف إلى ذلك نشوب الحروب والصراعات في زمن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والتي كانت مانعاً قويّاً في هذا المجال ، بسبب انشغال عامّة الناس بها ، وانصراف هممهم نحوها.

وهذه كلّها وغيرها أدّت إلى عرقلة الحركة العلمية في فترات إمامتهمعليهم‌السلام ، في حين أنّ الصراع القائم بين الباطلين الأمويّ والعباسيّ في عهد الصادقينعليهما‌السلام صرف أنظار الظلمة عنهما إلى حدّ كبير ، فأُتيحت لهما الفرصة الذهبيّة لإيصال الفكر الدينيّ وعلوم أهل البيتعليهم‌السلام إلى الناس.

٢٤٦

( ـ ـ )

وجه تلقيبه بالصادق :

س : ما هي حكمة تلقيب الإمام الصادقعليه‌السلام بهذا اللقب؟ والحال نعلم أنّ الأئمّةعليهم‌السلام كلّهم صادقون؟

ج : ذكر بعض أصحاب السير والتاريخ وجوهاً لذلك :

منها : إنّهعليه‌السلام لقّب بالصادق لصدقه في مقاله(١) .

منها : إنّ المنصور الدوانيقيّ هو الذي أضفى عليهعليه‌السلام هذا اللقب في قضية معيّنة يطول ذكرها.

منها : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قد كرّمه بهذا اللقب من قبل ، تمييزاً له عن جعفر الكذّاب ، الذي ظهر في الخامس من ولدهعليه‌السلام .

وهذا القول الأخير هو الصواب ، لما ورد الحديث بمضمونه(٢) ، وارتكز عند الشيعة.

( ـ ـ )

ردّ حديث منسوب إليه :

س : هناك من ينقل في كتبه مكرمة لأبي بكر عن لسان الإمام الصادق عليه‌السلام أنّه قال : « ولدني أبو بكر مرّتين » ، فما صحّة هذا القول؟

ج : لا يخفى أنّ الأصل في كلّ إنسان العقيدة والالتزام بها ، ثمّ الحسب والنسب ؛ فترى أنّ الإمام الصادقعليه‌السلام هو بنفسه يقول : «ولايتي لأمير المؤمنين عليه‌السلام أحبّ إليّ من ولادتي منه ، لأن ولايته له فرض ، وولادتي منه فضل »(٣) .

__________________

١ ـ الأنساب ٣ / ٥٠٧ ، وفيات الأعيان ١ / ٣٠٧.

٢ ـ علل الشرائع : ٢٣٤.

٣ ـ الاعتقادات : ١١٢ ، الفضائل : ١٢٥.

٢٤٧

وعليه فيستبعد صدور مثل هذا الحديث المزعوم منهعليه‌السلام ، لأنّ الفخر ـ أوّلاً وبالذات ـ هو للدين والولاء ، لا للحسب والانتماء العائلي ، خصوصاً لو كان هذا الأخير مناقضاً للأوّل.

ثمّ على صعيد البحث السندي لم نعثر على سند شيعي ـ حتّى لو كان ضعيفاً ـ لهذا القول ، بل هو خبر نقلته مصادر أبناء العامّة ، وحتّى إنّ بعض الكتب الشيعيّة التي ذكرت هذا الخبر أخرجته بإسنادهم(١) ، أو مرسلاً وبدون سند(٢) ، وعلى هذا لا يمكن الاحتجاج أو الاعتماد على هذا الكلام المنسوب.

ويحتمل قويّاً : أن يكون الداعي لوضع هذا الكلام هو ما سمعوه من الإمام الصادقعليه‌السلام بصورة متواترة ، قوله : «قد ولدني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا أعلم كتاب الله »(٣) ، فحوّروه وبدّلوه بذلك الكلام.

نعم ، لا ينكر أنّ نسب الإمامعليه‌السلام يتصلّ عن طريق محمّد ، وعبد الرحمن ابني أبي بكر بأبيهما ، ولكن لا يعقل أن يفتخر الإمامعليه‌السلام بأبي بكر في عمود النسب ، ويدع محمّداً ابنه الذي كان مثالاً في الولاء والتبرّي من أبيه وغيره ممّن ظلموا أهل البيتعليهم‌السلام وغصبوا حقّهم.

( ـ ـ )

توحيد المفضّل والأهليلجة :

س : نسمع أحياناً بتوحيد المفضّل ، وحديث الإهليلجة عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، فما هو مضمونها ، وما يقصد الإمام عليه‌السلام فيهما؟

ج : إنّ المفضّل بن عمر الجعفي هو أحد أصحاب الإمامعليه‌السلام الذين جمعوا بين العلم والعمل ، وقد ألقى الإمامعليه‌السلام عليه دروساً في التوحيد ، وهذه هي التي

__________________

١ ـ كشف الغمّة ٢ / ٣٧٤.

٢ ـ عمدة الطالب : ١٩٥.

٣ ـ الكافي ١ / ٦١ و ٢ / ٢٢٣ ، ينابيع المودّة ١ / ٨٠ و ٣ / ٣٦٢.

٢٤٨

تسمّى بتوحيد المفضّل ، وقد أخذ منهعليه‌السلام مشافهةً.

وأمّا الإهليلجة ، فهي أيضاً رسالة في التوحيد ، قد بعثها الإمام الصادقعليه‌السلام للمفضّل ، ليحتجّ بها على منكري المبدأ والتوحيد.

ووجه تسميتها : إنّ الإمامعليه‌السلام قد ردّ فيما قبل على مزاعم بعض الدهريّين ـ وهو طبيب هنديّ ـ وأفحمه بالأدلّة القاطعة على وجود الله تعالى ، وكان هذا الطبيب آنذاك يصنع دواءً للإمامعليه‌السلام من أهليلجة ـ وهو نبت خاصّ ـ فاغتنم الإمامعليه‌السلام هذه الفرصة ، فاستدلّ بهذا المخلوق الصغير وظرائف صنعه على وجود وحكمة الخالق ، ومازال الإمام يساير هذا الطبيب في الكلام ـ ومحور الكلام الإهليلجة ـ إلى أن أرغمه الدليل على الاعتراف بالصانع الواحد.

٢٤٩
٢٥٠

الإمام الكاظم عليه‌السلام :

( حسن الحسيني ـ السويد ـ )

مدّة بقائه في السجن :

س : كم المدّة التي سجن فيها الإمام الكاظم عليه‌السلام ؟ أرجو أن تكون الإجابة دقيقة وصحيحة.

ج : لا يخفى عليكم أنّ مدّة إمامة الإمام الكاظمعليه‌السلام كانت( ٣٥ ) سنة ، عاصر فيها مجموعة من حكّام الجور من بني العباس ، آخرهم هارون الرشيد ، الذي نقله في عدّة سجون ، حتّى أمر بدسّ السمّ إليه فقتله.

ومدّة سجنهعليه‌السلام غير معلومة بالدقّة ، فبعض المؤرّخين من يقول : أربع سنوات(١) ، والآخر يقول : سبع سنوات ، وثالث يقول : أربعة عشر سنة.

وعلى كلّ حال نحن نعلم أنّ الإمامعليه‌السلام قد قضى فترة ليست بقليلة في السجن ، حتّى قتل مظلوماً محتسباً.

( أحمد ـ العراق ـ ٢١ سنة )

غسّله الإمام الرضا :

س : ورد في كتاب الشيعة والتشيّع لاحسان إلهي ظهير : ٢٨٨ ، ما نصّه : « في أنّ الكاظم لم يغسّله إمام كما هو مشروط فيمن يتولّى الإمامة ، لأنّ الرضا كان غائباً عندئذ ».

__________________

١ ـ فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ٢٧٣.

٢٥١

لذا أرجو الردّ على هذه الشبهة ، وشكراً جزيلاً ، ودمتم في رعاية الله .

ج : يتضمّن الردّ عدّة أُمور ، منها :

١ ـ دلّت الروايات المتضافرة ومنها الصحيحة : أنّ الإمامعليه‌السلام لا يغسّله إلاّ إمام مثله ، والصدّيق لا يغسّله إلاّ صدّيق مثله.

٢ ـ وردت أخبار كثيرة أنّ الإمام الرضاعليه‌السلام هو الذي غسّل والده الإمام الكاظمعليه‌السلام ، كما ذكر الشيخ الصدوق ( قدس سره ) في ضمن الروايات الصحيحة الدالّة على كيفية وفاته(١) .

وقد روى الشيخ الكلينيّ ( قدس سره ) بسنده عن أحمد الحلاّل أو غيره عن الإمام الرضاعليه‌السلام قال : قلت له : إنّهم يحاجّونا يقولون : إنّ الإمام لا يغسّله إلاّ الإمام؟ قال : فقالعليه‌السلام : «ما يدريهم من غسّله؟ فما قلت لهم »؟

قال : فقلت : جعلت فداك قلت لهم : إن قال مولاي إنّه غسّله تحت عرش ربّي فقد صدق ، وإن قال : غسّله في تخوم الأرض فقد صدق ، قال : « لا هكذا ».

فقلت : فما أقول لهم؟ قال : « قل لهم : إنّي غسّلته » ، فقلت : أقول لهم إنّك غسّلته؟ فقالعليه‌السلام : « نعم »(٢) .

( عيسى ـ البحرين ـ ٢٧ سنة )

تنوّع علومه :

س : هناك من يقول أنّ موسى الكاظم لم يكن أعلم الناس كما هو مشروط فيمن يتولّى الإمامة ، فكيف يكون الردّ على هكذا قول؟ وجزاكم الله ألف خير وشكراً.

ج : لقد اشتهر كالشمس في رائعة النهار بين الخاصّة والعامّة سعة أُفق علم الأئمّةعليهم‌السلام أجمع ، فضلاً عن الإمام الكاظمعليه‌السلام بذاته.

__________________

١ ـ معجم رجال الحديث ١٨ / ١٦٢ نقلاً عن الصدوق.

٢ ـ الكافي ١ / ٣٨٤.

٢٥٢

أمّا بالنسبة إلى الخاصّة فلا مجال للنقاش أو الشكّ بعد الإقرار بكونهم أئمّة معصومين ، وإنّ علمهم وراثي وإلهامي وتنبّؤي.

وأمّا العامّة بجميع مذاهبها فإنّها أقرّت بسعة علوم أهل البيتعليهم‌السلام ، بما يميّزها عن غيرها.

هذا وقد أشاد الإمام الصادقعليه‌السلام بعلم ولده الكاظمعليه‌السلام ، فقال : « يا عيسى : إنّ ابني هذا الذي رأيت ، لو سألته عمّا بين دفّتي المصحف لأجابك فيه بعلم »(١) ، وقال أيضاً : « وعنده علم الحكمة والفهم ، والسخاء والمعرفة بما يحتاج إليه الناس فيما اختلفوا فيه من أمر دينهم ».

ويكفي لمعرفة وفور علمه رواية العلماء عنه جميع الفنون من علوم الدين وغيرها ، ممّا ملأوا به الكتب ، وألّفوا المؤلّفات الكثيرة ، حتّى عرف بين الرواة بالعالم.

وقال الشيخ المفيد ( قدس سره ) : « وقد روى الناس عن أبي الحسن موسى فأكثروا ، وكان أفقه أهل زمانه »(٢) .

وقد حوىعليه‌السلام علوم جمّة فمنها : علمه باللغات ، وعلمه بالنجوم ، وعلمه بالتاريخ ، وعلمه بالحساب ، وعلمه بالفقه والتفسير ، وعلمه بالطبّ ، وعلمه بالمغيّبات ، وغير ذلك.

__________________

١ ـ قرب الإسناد : ٣٣٥.

٢ ـ الإرشاد ٢ / ٢٣٥.

٢٥٣
٢٥٤

الإمام الرضا عليه‌السلام :

( إيمان ـ البحرين ـ )

تزويجه بنت المأمون :

س : هل صحيح أنّ الإمام الرضا عليه‌السلام تزوّج بنت المأمون؟ وكيف ذلك ، والمأمون يعتبر مغتصب لحقّ الإمام عليه‌السلام في الخلافة؟ ودمتم سالمين.

ج : لا ملازمة بين أن يكون المأمون مغتصباً لحقّ الإمام الرضاعليه‌السلام وبين أن يتزوّج الإمامعليه‌السلام ابنته ، إذ لا يشترط في البنت التي يريد أن يتزوّجها أحد أن يكون أبوها عادلاً غير غاصب للإمامة ، هذا أوّلاً.

وثانياً : فإنّ المعصوم مكلّف بالعمل بالظاهر ، وخير شاهد على ذلك أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعلم بمن يرتكب المعاصي من الصحابة ، فهل كان يجري عليهم الحدود والتعزيرات من دون أن تقوم عليهم بيّنة؟

ج : لا ، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والمعصومعليه‌السلام مكلّف بالعمل بالظاهر ، وما هو عليه الإنسان فعلاً ، مع غضّ النظر عن علمه بما ستكون عاقبته ، لذلك نشاهد أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله تزوّج بعائشة وحفصة ، وكذلك قال تعالى :( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) (١) .

وثالثاً : كما أنّ ولاية العهد كانت مؤامرة أجبر المأمونُ الإمامَ الرضاعليه‌السلام على قبولها ، كذلك تزويج المأمون ابنته أُمّ حبيب لهعليه‌السلام ، وضرب اسم الإمامعليه‌السلام

__________________

١ ـ التحريم : ١٠.

٢٥٥

على الدنانير والدراهم ، كلّ ذلك كان من المخطط الذي رسمه المأمون ، وأُجبر عليه الإمامعليه‌السلام .

هذا ، ونعلمكم بأنّ كلّ مخطّطات المأمون باءت بالفشل ، وذلك بتدبير من الإمام الرضاعليه‌السلام ، حيث كشف المأمون على حقيقته للناس.

( ـ ـ )

إصرار المأمون عليه بقبول ولاية العهد :

س : لماذا كان المأمون يصرّ على الإمام الرضا عليه‌السلام قبوله ولاية العهد؟ فهل كان يعتقد بإمامته؟

ج : لا يعقل التزام المأمون بمبدأ الإمامة ، وإلاّ كان يجب عليه أن لا يتولّى الحكم بنفسه ابتداء ، أو تنحّيه ثانيةً ، وشيء من هذا لم يحصل ، بل كلّ ما في الأمر أنّه اقترح التنازل عن السلطة لصالح الإمامعليه‌السلام ، وعندما رأى مخالفة الإمامعليه‌السلام أجبره في قبول ولاية العهد ، وذلك لأسباب معيّنة ودواعي غير خفية :

منها : ـ وهو الأهمّ ـ إنّه أراد أن يحتوي الحركات الشيعيّة والموالية لأهل البيتعليهم‌السلام ، فدخول الإمامعليه‌السلام في السلطة يعني إعطاء الصفة الشرعية لها ـ على حدّ زعمه ـ وقد استطاع بهذا الاحتيال امتصاص نقمة الشيعة على العباسيّين إلى حدّ كبير ، فلا ترى لتلك الحركات شيء يذكر بعد هذا الحدث التاريخيّ.

ومنها : إنّ الخطّ العباسيّ ـ على نحو العموم ـ كان يميل مع محمّد الأمين ، أخ المأمون ، وبعد هزيمته وقتله بقي الحقد الدفين في نفوس بني العباس ، فأراد المأمون بتنفيذه خطّة ولاية العهد أن يكسر شوكة مناوئيه في العائلة المالكة ، ويفرض سلطته عليهم ، ويبعد العباسيّين عن دفّة الحكم بقدر الإمكان.

وقد نجح في هذا المجال ، بحيث أحدثت العملية ضجّة علنية في أوساطهم ، تنكّروا لها بين آونة وأُخرى ، وعندئذ اشترط المأمون عليهم الولاء لنفسه إزاء إرجاع الخلافة إلى مجاريها المتعارفة عندهم ، فسلّموا له الأمر ، وكان هذا أيضاً فوزاً عظيماً له في داخل الخطّ العباسيّ.

٢٥٦

ومنها : إنّ المأمون كان يعتبر نفسه أعلم من أمثال أبي بكر وعمر وغيرهما ، فكان لا يرى لمعظم تصرّفاتهما ـ ومنها غصب الخلافة ـ وجهاً صحيحاً طالما كان المنازع لهما أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، ومن هذا المنطلق كان ينتقدهما بصراحة ، ولكن بما أنّه كان يواجه الصعوبات في هذه المواجهة اضطرّ إلى الاستمداد من الإمامعليه‌السلام في المقام ، فكفاه الإمامعليه‌السلام ـ وهو جدير بذلك ـ فترى أنّه كان يعقد مجالس المناظرة والبحث في سبيل إثبات أولوية أهل البيتعليهم‌السلام ، والحطّ من كرامة علماء العامّة ، والنيل من التراث المصطنع عندهم.

وهذا لا يعني بالملازمة اعتقاد المأمون بإمامة أهل البيتعليهم‌السلام ، بل كان يريد إثبات عدم شرعية سبق الأوّل والثاني وأتباعهما على الآخرين ، ثمّ يبرهن على أفضليّته عليهم لمعرفة هذه الحقائق وتسليمه للحقّ.

( ـ البحرين ـ )

نسب السادة الرضوية :

س : إلى من ينتسبون السادات الرضوية؟

ج : الظاهر أنّهم من أعقاب الإمام الجوادعليه‌السلام ، إذ لم يكن للإمام الرضاعليه‌السلام ولد غيره على المشهور.

وأمّا حكمة تسميتهم بالسادات الرضوية بدلاً من السادات الجوادية أو التقوية ، فيحتمل أن يكون بسبب شهرة الإمام الرضاعليه‌السلام عند العامّة والخاصّة ، حتّى أنّ عدداً من الأئمّةعليهم‌السلام من ولده كانوا يعرفون بـ « ابن الرضا » عند الناس.

( ـ السعودية ـ )

علّة استشهاده :

س : هناك من يقول بأنّ الإمام الرضاعليه‌السلام مات حتف أنفه ، أو سمّه غير المأمون العباسيّ ، أو غير ذلك من العلل التي تدفع عن المأمون تهمة القتل.

٢٥٧

وقد يؤيّد هذا البعض رأي بعض علماء الشيعة كالأربليّ صاحب كشف الغمّة ، والسيّد ابن طاووس ، والشيخ المفيد ، فما مدى صحّة هذا القول؟ وهل يوجد من أهل السنّة من يسند القتل المذكور إلى المأمون؟

ج : ممّا تسالم عليه الشيعة هو : أنّ الإمام الرضاعليه‌السلام قد استشهد مسموماً على يد المأمون ، وإن نسب إلى الشيخ المفيد والسيّد ابن طاووس ما يوهم توقّفهما في ذلك ، أو أنّ الأربليّ قد مال إلى خلاف ذلك في كتابه « كشف الغمّة ».

وممّا يوهن الرأي المخالف هو : أنّ النسبة المذكورة غير ثابتة ، وأنّ الأربليّ قد أبدى استنتاجه الحدسي في الموضوع ، وهذا لا يقابل الإخبارات الحسّية عن الواقع المذكور.

( ـ ـ )

ولاية عهده كانت خطّة مدروسة من قبل المأمون :

س : ما هو الدليل على أنّ المأمون لم يكن صادقاً مع الإمام الرضا عليه‌السلام في ترشيحه لولاية العهد؟

ج : لا مجال لأن نتوهّم صدق المأمون مع الإمام الرضاعليه‌السلام في الموضوع ، وذلك لعدّة أُمور :

منها : إنّ المأمون حاول إقناع الإمامعليه‌السلام لقبول الخلافة ، وأصرّ على ذلك بشدّة ، ثمّ لمّا رأى رفض الإمامعليه‌السلام عدل عن ذلك ، وطلب منهعليه‌السلام قبول ولاية العهد.

فنرى أنّه يحاول بشتّى الوسائل ربط الإمامعليه‌السلام بدائرة الحكم ليس إلاّ ، فإن لم يستطع ذلك بالخلافة استبدله بولاية العهد ، وهذا صريح في سوء سريرته.

منها : تهديده الإمامعليه‌السلام في المسألة(١) ، فإن كان الإمامعليه‌السلام هو الأولى في

__________________

١ ـ علل الشرائع ١ / ٢٣٨ ، عيون أخبار الرضا ١ / ١٥٢ ، الأمالي للشيخ الصدوق : ١٢٦ ، روضة الواعظين : ٢٢٤ ، مقاتل الطالبيين : ٣٠١ ، مناقب آل أبي طالب ٣ / ٤٧٢.

٢٥٨

الموضوع فما معنى اجباره على ذلك ، إذ هوعليه‌السلام يعرف المصلحة ويتصرّف على وفقها.

منها : ارتباكه في توضيح الهدف من عمله هذا ، فتراه تارةً يريد به مكافأة علي ابن أبي طالبعليه‌السلام في ولده(١) ، وأُخرى حرصه على طاعة الله تعالى وخير الأُمّة(٢) ، وأحياناً وفاؤه بنذره في ظفره بأخيه(٣) ، بل ورابعة بأنّه أراد بذلك التشويه بسمعة الإمامعليه‌السلام عند الشيعة وتمويه الأمر عندهم.

منها : إنّ خطّ السير من المدينة إلى مرو كان عن طريق المدن السنّية ، مثل البصرة ونيشابور ، ولم يتح الوفد للإمامعليه‌السلام أن يمرّ بالمناطق الشيعيّة مثل قم وكاشان ، وهذا أيضاً دليل واضح على عدم حسن نوايا المأمون ، إذ كان لا يريد أن يظهر الإمامعليه‌السلام لمواليه ويتّصل بهم.

ومنها : غير ذلك ممّا يجعلنا على يقين من خبث سريرة المأمون في معاملته مع الإمامعليه‌السلام ، وأنّ ما تظاهر به آنذاك كان لأسباب خاصّة تصبّ جميعها في مصلحته.

( علي. البحرين ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة )

كان أسمر شديد السمرة :

س : هل صحيح بأنّ الإمام الرضا عليه‌السلام كان أسمر اللون؟ إن كان كذلك أو لم يكن ما هو الدليل؟ ولكم جزيل الشكر.

ج : قد ذكر المؤرّخون أنّ الإمام كان أسمر شديد السمرة.

وكان أعداء أهل البيتعليهم‌السلام يشنعون على الإمام بسمرته ويصفونه بالسواد ، وقد قال ابن المعتّز مشنّعاً على الإمامعليه‌السلام :

__________________

١ ـ تاريخ الخلفاء : ٣٠٨ ، تذكرة الخواص : ٣١٩.

٢ ـ البداية والنهاية ١٠ / ٢٦٩.

٣ ـ إعلام الورى ٢ / ٧٣ ، مقاتل الطالبيّين : ٣٧٥ ، الإرشاد ٢ / ٢٦١ ، كشف الغمّة ٣ / ٧٠.

٢٥٩

وقالوا إنّه ربّ قدير

فكم لصق السواد به لصوقا

وهناك قول آخر يصف الإمامعليه‌السلام بأنّه أبيض معتدل القامة ، ولا يمكن وفقاً لما موجود من الأخبار البتّ في صفة الإمامعليه‌السلام الحقيقية ، ولكن أكثر المؤرّخين رجّحوا سمرة الإمام لكثرة الأخبار في ذلك دون الأخبار الأُخرى.

ولعلّ للمحيط الذي عاش به الإمامعليه‌السلام في كون غالبية أهله من البيض أثر في إظهار سمرته ، ممّا أدّى بأعدائه أن لا يجدوا شيئاً يعيبون به الإمام غير ذلك ، وإلاّ فهو كأجداده ، بل وصفه بعضهم بأنّه شديد الشبه بجدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

الإمام المهديّ عليه‌السلام :

( مجيد علي ـ البحرين ـ )

إثبات وجوده بالفطرة :

س : كيف نثبت وجود الإمام المهديّ عليه‌السلام بالفطرة؟

ج : إنّ العقل والفطرة يحكمان بعدل الله تعالى ، ومن عدله تعالى بعثة الأنبياء والرسل ، وألا يترك الأُمّة سدى ، وهكذا كان ، ففي كلّ وقت وزمان ـ من زمن آدمعليه‌السلام ـ كان نبيّ أو وصيّ نبيّ.

وعند البحث والتحقيق نشاهد أنّ لجميع الأنبياء وصيّ أو أوصياء ، ولمّا كانت نبوّة نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله خاتمة النبوّات ، فوجود الوصي يكون ضرورياً.

وذهبت الشيعة إلى أن لهصلى‌الله‌عليه‌وآله وصيّ ، وهو أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، ومن بعده أحد عشر إماماًعليهم‌السلام أوصياء لهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ونفس الدليل الذي أوجب عدل الله تعالى ، ومن ثمّ استلزام العدل أن لا يترك الأُمّة سدى بلا نبيّ أو وصيّ ، يأتي هذا الدليل في زماننا هذا ، فهل ترك الله تعالى بعد شهادة الإمام الحسن العسكريّعليه‌السلام الأُمّة بلا وصيّ؟!

الدليل العقليّ والفطري يحكمان بوجوب تعيين وصيّ وإمام من قبله تعالى لهذه الأُمّة ، وهو وإن كان غائباً ، إلاّ أنّ البشرية تستفيد منه ، كما يستفيد الناس من الشمس إذ غيّبها السحاب.

٢٨١

( غانم النصار ـ الكويت ـ )

مولود وغائب متّفق عليه عند الشيعة :

س : هل هناك دليل من القرآن والسنّة على اختفاء الإمام الحجّة؟ بارك الله بكم.

ج : تارة نبحث عن أصل فكرة المنقذ للبشرية ، وأنّه في آخر الزمان يخرج منقذ للبشرية ، ينقذها من الظلم والجور ، فهذا ممّا اتفقت عليه جميع الأديان.

وتارة نبحث عن أنّ المنقذ هو المهديّ المنتظرعليه‌السلام ، مع غضّ النظر عن أنّه ولد أو لا ، فهذا ممّا اتفق عليه جميع المسلمين.

وتارة نبحث عن المنقذ بأنّه الإمام محمّد بن الحسن العسكريّ ، وأنّه ولد وغاب ، فهذا ممّا اتفق عليه الشيعة الإمامية ، وفي كتبهم من ذلك روايات كثيرة جدّاً ، تصل إلى حدّ التواتر.

( ـ ـ )

اتجاهان في تفسير الدجّال :

س : يشغل بالي كثيراً هذا السؤال ، وهو : من هو الدجّال؟ وفي أيّ زمان يخرج؟ وهل الدجّال فرداً أم جماعةً؟ ألا نستطيع أن نعتبر أمريكا هي الدجّال؟

ج : هناك اتجاهان في تفسير الدجّال ، أحدها يؤكّد أنّ الدجّال هو ابن صائد ، الذي أكّدته روايات أهل السنّة ، وأيّدته بعض المرويّات عند الإمامية ، ولعلّها اعتمدت على تلك الروايات العامّية.

ثانيها : يذهب إلى أنّ الدجّال رمز يرمز إلى الظلم والكفر والطغيان ، ومع هذا الاتجاه ، يمكنك أن تجعل أي مصداق من مصاديق الكفر والضلال في نطاق مفهوم الدجّال ، وفي المقام بحث واسع لا يسعنا التطرّق إليه.

ولا عليك أن تكلّف نفسك في البحث عن مصداق الدجّال ، أهو الحقيقيّ

٢٨٢

الذي اسمه ابن صائد ، أو هو المجازي الذي يعني كلّ كفر وضلال ، فإنّ تكليفنا جميعاً هو الاعتقاد الحقّ بوجود المهديّعليه‌السلام وولادته ، وهو ابن الحسن العسكريّعليه‌السلام .

وظهوره بعد أن يأذن الله تعالى له بالظهور ، والتسليم لهذا الأمر والانتظار له ، وتهذيب النفس وتهيئتها لاستقبالهعليه‌السلام ، ومعايشة فكرة الظهور في كلّ لحظة من لحظات حياتنا. هذه هي المطالب الشريفة التي يجب التمسّك بها.

( عبد المنعم إسماعيل ـ السعودية ـ ١٩ سنة ـ طالب ثانوية )

أدلّة قرآنية على حياته :

س : ما هو دليل حياة الإمام المنتظر عليه‌السلام من القرآن؟

ج : إنّ حياة الإمام المهديّعليه‌السلام في القرآن تثبت بالرجوع إلى الآيات القرآنية التي تثبت وجوب الإمام في كلّ عصر ، فإثبات وجوب الإمامة لا يعني في وقتٍ دون وقت ، فإنّ ذلك يمتد حتّى إلى عصرنا الذي نحتاج فيه الإمام ، لنفس الغرض الذي نثبته في كلّ عصر.

١ ـ قال تعالى :( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) (١) .

روي عن ابن عباس أنّه قال : لمّا نزلت الآية ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا المنذر وعلي الهادي من بعدي ، فقال : يا علي بك يهتدي المهتدون »(٢) .

فهل الهادي لزمانٍ دون زمان ، وعصرٍ دون عصر؟

__________________

١ ـ الرعد : ٧.

٢ ـ المسترشد : ٣٥٩ ، شرح الأخبار ٢ / ٢٧٢ و ٣٥٠ ، مناقب آل أبي طالب ٢ / ٢٨٠ ، الصراط المستقيم ٢ / ١٠ ، فتح الباري ٨ / ٢٨٥ ، تفسير أبي حمزة الثمالي : ٢١٥ ، تفسير فرات الكوفي : ٢٠٦ ، التبيان ٦ / ٢٢٣ ، مجمع البيان ٦ / ١٥ ، خصائص الوحي المبين : ١٤٠ ، جامع البيان ١٣ / ١٤٢ ، شواهد التنزيل ١ / ٣٨٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٣٥٩ ، بشارة المصطفى : ٣٧٧.

٢٨٣

عن الإمام الباقرعليه‌السلام في قول الله تعالى :( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) ، قال : «رسول الله المنذر ، وعلي الهادي ، والله ما ذهبت منّا ، وما زالت فينا إلى الساعة »(١) .

ممّا يدلّ على أنّ هذه الآية مستمرة إلى قيام الساعة ، ففي كلّ عصر هادٍ من أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، ومنهم الإمام المهديّعليه‌السلام حتّى عصرنا هذا وما بعده ، إذ لا يخلو زمان عن إمامٍ هادٍ.

وعن محمّد بن مسلم قال : قلت لأبي جعفرعليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ :( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) ، فقال : « إمام هاد لكلّ قومٍ في زمانهم »(٢) .

وعن الإمام الصادقعليه‌السلام في حديث طويل : « ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجّة لله فيها ، ظاهر مشهور ، أو غائب مستور ، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجّة لله فيها ، ولولا ذلك لم يعبد الله ».

قال سليمان ـ راوي الحديث ـ فقلت للصادقعليه‌السلام : فكيف ينتفع الناس بالحجّة الغائب المستور؟ قالعليه‌السلام : « كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب »(٣) .

٢ ـ قوله تعالى :( وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) (٤) .

وإيصال القول أي تبليغهم بآيات الله وأحكامه ، وهذه لا يقوم بها إلاّ الإمام ، وفي زماننا هو الإمام المهديّعليه‌السلام ، فلابدّ من وجوده ، ليتمّ مصداق هذه الآية.

عن الإمام الصادقعليه‌السلام في قوله :( وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ ) قال : « إمام بعد إمام »(٥) .

٣ ـ قوله تعالى :( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ) (٦) .

__________________

١ ـ بصائر الدرجات : ٥٠ ، تفسير العيّاشيّ ٢ / ٢٠٤.

٢ ـ الإمامة والتبصرة : ١٣٢ ، كمال الدين وتمام النعمة : ٦٦٧ ، ينابيع المودّة ١ / ٢٩٧.

٣ ـ الأمالي للشيخ الصدوق : ٢٥٣ ، كمال الدين وتمام النعمة : ٢٠٧ ، ينابيع المودّة ١ / ٧٥.

٤ ـ القصص : ٥١.

٥ ـ بصائر الدرجات : ٥٣٥ ، الأمالي للشيخ الطوسيّ : ٢٩٤ ، تفسير القمّيّ ٢ / ١٤١.

٦ ـ البقرة : ٣٠.

٢٨٤

فهل هذه الآية لزمانٍ دون زمان؟ أم هي متصلة إلى أن تقوم الساعة؟ فمن هو خليفة الله في الأرض في زماننا هذا؟ لابدّ أن يكون ذلك الخليفة هو الإمام ، والإمام اليوم هو الإمام المهديّعليه‌السلام ، فهو حيّ بمقتضى هذه الآية.

٤ ـ قوله تعالى :( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (١) .

فإتمام النور بالتبليغ إلى الله تعالى ، فهل هذا لزمان دون زمان؟ فمن هو الذي يتمّ نور الله في هذا الزمان؟ إنّه الإمام المهديّعليه‌السلام الذي يعيش في زماننا هذا.

عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : « لم تخلو الأرض منذ كانت من حجّة عالم ، يحيي فيها ما يميتون من الحقّ » ، ثمّ تلا هذه الآية :( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (٢) .

٥ ـ قوله تعالى :( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا ) .

فنقول : هل إنّ ليلة القدر كانت في حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ أم حتّى من بعده.

فإذا كانت ليلة القدر مستمرة وتنزل الملائكة والروح فيها في كلّ عام فعلى من تنزل في زماننا هذا؟ لابدّ من نزولها على خليفة رسول الله ، وهو الإمام المعصوم ، الذي هو إمامنا المهديّعليه‌السلام .

عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «كان علي عليه‌السلام كثيراً ما يقول : اجتمع التيمي والعدوي عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يقرأ ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ ) بتخشّع وبكاء ، فيقولان : ما أشدّ رقّتك لهذه السورة ؟

فيقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما رأت عيني ووعى قلبي ، ولما يرى قلب هذا من بعدي.

__________________

١ ـ الصف : ٨.

٢ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٢٢١.

٢٨٥

فيقولان : وما الذي رأيت وما الذي يرى؟ قال : فيكتب لهما في التراب( تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ) قال : ثمّ يقول : هل بقي شيء بعد قوله : (كُلِّ أَمْرٍ )؟ فيقولان : لا ، فيقول : هل تعلمان مَن المنزل عليه بذلك؟ فيقولان : أنت يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيقول : نعم.

فيقول : هل تكون ليلة القدر من بعدي؟ فيقولان : نعم ، فيقول : فهل ينزل ذلك الأمر فيها؟ فيقولان : نعم ، فيقول : إلى من؟ فيقولان : لا ندري ، فيأخذ برأسي ، ويقول : إن لم تدريا فادريا ، هو هذا من بعدي »(١) .

ممّا يدلّ على أنّ ليلة القدر مستمرة ، ونزول الروح في هذه الليلة من كلّ عام على الإمام المعصوم ، وهو الإمام المهديّ ، فالإمامعليه‌السلام حيّ بمقتضى هذه الآية.

( محمّد إبراهيم الإبراهيم. الكويت ـ ٢٥ سنة ـ دبلوم )

زواجه :

س : قولكم سماحة السيّد : إنّ الإمام المهديّ عليه‌السلام ليس له أولاد ، في ردّكم على سؤال أحد الإخوة غير صحيح ، حيث من خلال قراءتي للكتب تبيّن أنّه متزوّج ، وله أولاد وشعب في الجزيرة الخضراء ، والقصّة مذكورة في لقاء أحد الأخيار مع صاحب العصر والزمان ، ونسألكم الدعاء.

ج : لم يثبت عندنا بالأدلّة النقليّة الصحيحة زواج الإمام المهديّعليه‌السلام ، ومن ثمّ له أولاد وذرّية ، وعليه فتبقى المسألة في حيّز الشكّ والاحتمال.

والروايات التي تثبت لهعليه‌السلام ذلك هي إمّا ضعيفة السند ، أو غير صالحة الدلالة ، وقد ردّها علماؤنا ـ كأمثال الشيخ المفيد والشيخ الطبرسيّ والشيخ البياضيّ ـ بالإضافة إلى وجود بعض الروايات المصرّحة بعدم ذلك.

نعم ، من المحتمل أن تكون لهعليه‌السلام ذرّية ، وهذه الذرّية لا فرق في أن تكون

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٢٤٩.

٢٨٦

في الجزيرة الخضراء التي لا يعرف مكانها ، أو في أيّ بقعة من بقاع العالم.

( أبو علوي ـ عمان ـ ٣١ سنة )

شرعية مخاطبته عن طريق الرسائل :

س : ما رأيكم فيما يفعله بعض عوام الشيعة ـ وخصوصاً النساء ـ في ليلة النصف من شعبان ، وذلك بقيامهم بكتابة رسالة إلى صاحب العصر عليه‌السلام في ورقة ، ومن ثمّ رميها في البحر ، معتقدين بأنّها ستصل إليه؟ وما مدى صحّة هذا العمل؟

ج : إنّ مطلق الاستغاثة والتوسّل بالمعصومينعليهم‌السلام ، ومنهم الحجّة صاحب العصرعليه‌السلام عمل مستحبّ وممدوح عقلاً ونقلاً ، بحسب النصوص الواردة في المجامع الحديثية.

وأمّا كتابة رسالة بشكل رقعة إلى الإمام الحجّةعليه‌السلام فوردت في بعض كتب الأدعية بأشكال مختلفة ، ومضمون واحد ، بأنّ الرقعة المذكورة تكتب وتطوى وتجعل في الطين ، وترمى في البحر ، أو البئر ، أو أيّ ماء جار ، ولكن لم يرد فيها موضوعية ليلة النصف من شعبان لكتابتها(١) .

وجاء في بعض المصادر أن يؤخذ في النظر عند إلقاء الرقعة في الماء أحد النواب الأربعة ـ لأنّهم كانوا أبواباً للإمامعليه‌السلام ـ فيخاطب وينادي باسمه لإيصال الرقعة إلى الحجّةعليه‌السلام (٢) .

وعلى أيّ حال ، فإنّ الموضوع يبقى في إطار توطيد العلاقات ، وأواصر المحبّة بين الإمامعليه‌السلام وشيعته ، ولا مانع منه شرعاً إذا كان بأمل إنجاح المطالب والحوائج الشرعية.

__________________

١ ـ بحار الأنوار ٩١ / ٢٨.

٢ ـ المصدر السابق ٩١ / ٣٠ و ٩٩ / ٢٣٥.

٢٨٧

( أبو العماد الحسائي ـ السعودية ـ )

بعض الأدلّة على إمامته :

س : كيف يتمّ إثبات إمامة الإمام الحجّة عليه‌السلام ، وهو غائب عنّا ، ولم نره في هذا العصر؟

ج : يمكن أن نستدلّ على إمامة الإمام المهديّ المنتظرعليه‌السلام بروايات متواترة من الفريقين ، وسواء كان غائباً أم حاضراً ، فلا يؤثّر ذلك في صحّة الاستدلال على إمامته ، فلا علاقة بين صدر سؤالك وذيله ، أمّا إذا أردت معرفة فلسفة الغيبة وأسبابها ، فلذلك جواب آخر.

وممّن صرّح بتواتر أحاديث المهديّعليه‌السلام جمع غفير من كبار علماء السنّة ، نقتصر على ذكر بعضهم :

البربهاريّ ، شيخ الحنابلة وكبيرهم في عصره ، المتوفّى ٣٢٩ هـ ، محمّد بن الحسين الأبري الشافعي ، المتوفّى ٣٦٣ هـ ، القرطبيّ المالكيّ ـ المتوفّى ٦٧١ هـ ـ في تفسيره ، ابن القيّم ، المتوفّى ٧٥١ هـ ، ابن حجر العسقلانيّ ، المتوفّى ٨٥٢ هـ ، ابن حجر الهيتميّ ، المتوفّى ٩٧٤ هـ ، المتّقي الهنديّ ، المتوفّى ٩٧٥ هـ ، وآخرون غيرهم(١) .

وقد صرّح آخرون من أهل السنّة بوجوده وبقائه وحياته ـ أو قريب من ذلك ـ مثل الشيخ عبد الوهّاب الشعراني في كتابه اليواقيت والجواهر قال : « المهديّ من ولد الإمام الحسن العسكريّ ، ومولده ليلة النصف من شعبان سنة ٢٥٥ ، وهو باقٍ إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم … »(٢) .

وهناك أدلّة من القرآن الكريم ، وروايات متواترة أيضاً من طرقنا ، كلّها تثبت إمامة المهديّعليه‌السلام .

__________________

١ ـ الجامع لأحكام القرآن ٨ / ١٢٢.

٢ ـ إسعاف الراغبين : ١٣٣ نقلاً عن اليواقيت والجواهر.

٢٨٨

( محمّد القلاّف ـ أمريكا ـ )

أدلّة على ولادته :

س : ماذا أقول لشخص يسألني : ما دليلكم على أنّ المهديّ عليه‌السلام مولود وحيّ؟ وشكراً ، في أمان الله ، ونسألكم الدعاء.

ج : إنّ ولادة أيّ إنسان في هذا الوجود تثبت بإقرار أبويه ، وشهادة القابلة ، وإن لم يره أحد قطّ غيرهم ، فكيف لو شهد المئات برؤيته ، واعترف المؤرّخون بولادته ، وصرّح علماء الأنساب بنسبه ، وظهر على يديه ما عرفه المقرّبون إليه ، وصدرت منه وصايا وتعليمات ، ونصائح وإرشادات ، ورسائل وتوجيهات ، وأدعية وصلوات ، وأقوال مشهورة ، وكلمات مأثورة ، وكان وكلاؤه معروفين ، وسفراؤه معلومين ، وأنصاره في كلّ عصر وجيل بالملايين ، وللوقوف على ما ندّعيه عليكم بمراجعة كتاب « المهديّ المنتظر في الفكر الإسلامي » ، وكتاب « المسائل العشر » ، حيث تطرّق الأوّل إلى المواضيع التالية :

١ ـ إخبار الإمام العسكريّ بولادة ابنه المهديّعليه‌السلام .

٢ ـ شهادة القابلة بولادة الإمام المهديّعليه‌السلام .

٣ ـ من شهد برؤية المهديّ من أصحاب الأئمّةعليهم‌السلام وغيرهم.

٤ ـ شهادة وكلاء المهديّعليه‌السلام ، ومن وقف على معجزاته برؤيته.

٥ ـ شهادة الخدم والجواري والإماء برؤية المهديّعليه‌السلام .

٦ ـ تصرّف السلطة دليل على ولادة الإمام المهديّعليه‌السلام .

٧ ـ اعتراف علماء الأنساب بولادة الإمام المهديّعليه‌السلام .

٨ ـ اعتراف علماء أهل السنّة بولادة الإمام المهديّعليه‌السلام .

٩ ـ اعتراف أهل السنّة بأنّ المهديّعليه‌السلام هو ابن العسكريّ.

وإذا أردت أن تقف على عقيدة السنّة والشيعة في مسألة المهديّعليه‌السلام فعليك أن ترجع إلى الكتب التالية لمحقّقي السنّة ومحدّثيهم :

١ ـ « صفة المهديّ » للحافظ أبي نعيم الأصفهانيّ.

٢٨٩

٢ ـ « البيان في أخبار صاحب الزمان » للكنجيّ الشافعيّ.

٣ ـ « البرهان في علامات مهديّ آخر الزمان » للمتّقيّ الهنديّ.

٤ ـ « العرف الوردي في أخبار المهديّ » للحافظ السيوطيّ.

٥ ـ « القول المختصر في علامات المهديّ المنتظر » لابن حجر الهيتميّ.

٦ ـ « عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر » للشيخ جمال الدين الدمشقيّ.

وإذا أردت التفصيل ، فراجع « منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر » للشيخ الصافيّ.

ومن خلال هذا تعرف الأدلّة الوافية على أنّهعليه‌السلام حيّ يرزق ، وما يستلزمه من طول عمرهعليه‌السلام فمسألته محلولة.

والخلاصة : إنّ الشيعة ـ ولاستنادهم على جملة واسعة من الروايات ، والأدلّة الصحيحة ـ يذهبون إلى أنّهعليه‌السلام ولد في مدينة سامراء ، عام ٢٥٥ هـ ، وغاب بأمر الله سبحانه سنة وفاة والده الإمام الحسن العسكريّعليه‌السلام عام ٢٦٠ هـ ، وهو يحيى حياة طبيعية كسائر الناس ، غير أنّ الناس يرونه ولا يعرفونه ، وسوف يظهره الله سبحانه ليحقّق عدله.

سائلين المولى عزّ وجلّ أن يعجّل فرجه ويسهّل مخرجه

( ـ الجزائر ـ )

الاعتقاد به من ضروريّات الإسلام :

س : هل الاعتقاد بصاحب الزمان أمر عقائديّ؟ ويعتبر من الأُصول أم أنّه من الفروع؟

إن كان الجواب أنّه أصلاً ، فالسؤال لابدّ من طاعته ، إذ كما يجب طاعة الله فهذا من ذاك ، وأمّا إن كان الجواب أنّه ليس أصلاً ، فما معنى الوجود أصلاً؟ وما معنى الخلافة فصلاً؟ والخلق عدلاً وقسطاً.

٢٩٠

ج : الضروريّ من العقيدة على قسمين :

١ ـ ضروريّ الإسلام ، وضروريات الإسلام معلومة ، من أنكر واحدة منها خرج عن الإسلام.

٢ ـ ضروريّ المذهب ، وهذا القسم من أنكر واحد منها خرج عن المذهب ، لا عن أصل الإسلام.

والاعتقاد بالمهديّ المنتظرعليه‌السلام ، إن كان معناه الاعتقاد بأصل فكرة المهديّعليه‌السلام ، وأنّه من ولد فاطمةعليها‌السلام ، يخرج آخر الزمان ، فيملأها قسطاً وعدلاً ، بعد ما ملئت ظلماً وجوراً ، فإنّ هذا الاعتقاد من ضروريّ معتقدات الإسلام ، لتواتر الأحاديث عند جميع المسلمين بمسألة المهديّ المنتظر ، ومن علم بهذا التواتر ثمّ أنكر فإن هذا يوجب تكذيب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتكذيب رسول الله خروج عن الدين.

وأمّا الاعتقاد بأنّه حيّ ، والاعتقاد بغيبته ، وعصمته ، وإمامته من الله تعالى فانّه من ضروري المذهب ، من أنكره خرج بذلك عن المذهب ، ولم يخرج عن الإسلام.

وبعد هذا التوضيح ، فإنّ الإمامة أصل من أُصول المذهب ، تشمل الإمامة إمامة الأئمّة الاثني عشر ، وأنّهم منصوص عليهم بالإمامة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والرسول( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ) (١) ، فيكون حكم قولهم حكم قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الحجّية ، ووجوب الأخذ به ، وعدم جواز مخالفته.

وكلّ هذه التفاصيل يعود فهمها إلى أصل فهم الإمامة فهماً حقيقياً ، وبعد فهم الإمامة الإلهيّة فهماً مستنداً إلى الأدلّة من الكتاب والسنّة والعقل ، فسوف لا يبقى أيّ إشكال أو إبهام.

__________________

١ ـ النجم : ٣ ـ ٤.

٢٩١

( حسن. الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

الدليل العقليّ على وجوده :

س : أُحبّ أوّلاً : أن أشكر لكم جهودكم العظيمة ، وثانياً : ما هو الدليل العقليّ على وجود صاحب العصر والزمان عليه‌السلام ؟

ج : إليك أخي الكريم البحث الذي ذكره السيّد الخرازيّ في شرحه لعقائد الإماميّة حيث بيّن فيه بعض الأدلة العقليّة على وجوب الإمامة ، وتطرّق فيه أيضاً إلى وجود الإمام الثاني عشرعليه‌السلام :

« المقام السابع : في لزوم الإمامة : وقد عرفت أنّ الإمامة بالمعنى الذي لها عند الشعية هي كالنبوّة ؛ فكما أنّ النبوّة لطف ورحمة ، كذلك الإمامة ، فإذا ظهر كونها لطفاً ، والمفروض أنه لا يقترن بمانع يمنع عنه ، فهو مقتضى علمه تعالى بالنظام الأحسن وإطلاق كماله وحكمته تعالى ، وعليه فيصدر عنه تعالى ، وإلا لزم أن يكون جاهلاً بالنظام الأحسن ، أو لزم عدم كونه تعالى كمالاً مطلقاً وحكيماً ، وهو خلف في كونه عليماً ورحيماً وحكيماً بالأدلّة القطعية ، وإليه يؤول ما يقال في تقريب لزوم الإمامة أنّها واجب في حكمته تعالى ، لأنّ المراد من الوجوب هو اللزوم والمقتضى كما مرّ مراراً ، لا الوجوب عليه ، فالأولى هو التعبير بالاقتضاء واللزوم كما عبّر عنه الشيخ أبو علي سينا في الشفاء ، حيث قال في مقام إثبات النبوّة ـ بعد ذكر المنافع التي لا دخل لها في بقاء النوع الإنسانيّ ، كإثبات الشعر في الحاجب والأشفار ـ : فلا يجوز أن يكون العناية الأولى تقتضي تلك المنافع ولا تقتضي هذه التي هو أسّها.

وهذا كلّه بناء على التقريب الفلسفيّ الذي ذهب إليه المصنّف في إثبات النبوّة والإمامة ، وحاصله : أنّ النبوّة والإمامة كليهما مما يقتضيهما كماله المطلق ، ورحيميّته المطلقة ، وإلا لزم الخلف في كونه كمالاً مطلقاً كما لا يخفى.

وأما بناء على التقريب الكلاميّ فتقريبه كالتقريب الذي مضى في النبوّة ، وهو أن يقال : إنّ ترك اللطف نقض الغرض ؛ لأنّ غرض الحكيم لا يتعلّق إلا

٢٩٢

بالراجح ، وهو وجود الإنسان الكامل ، وإعداد الناس ، وتقريبهم نحو الكمال ، وهو لا يحصل بدون الإمام ، فيجب عليه اللطف ؛ لأنّ ترك الراجح عن الحكيم المتعال قبيح بل محال ؛ إذ مرجع الترجيح من غير مرجِّح إلى الترجُّح من غير مرجِّح كما لا يخفى. وكيف كان فلا بدّ في كل عصر من وجود إمام هو يكون إنساناً كاملاً هادياً للناس والخواص ، مقيماً للعدل والقسط ، رافعاً للظلم والعدوان ، حافظاً للكتاب والسنّة ، رافعاً للاختلاف والشبهة ، أسوة يتخلق بالأخلاق الحسنة حجّة على الجنّ والإنس ، وإلاّ كما عرفت لزم الخلف في كمال ذاته وهو محال ، أو الإخلال بغرضه وهو قبيح عن الحكيم ، بل هو أيضاً محال كما عرفت ، فإذا كان كلّ نوع من أنواع لطف وجود الإمام من أغراضه تعالى فلا وجه لتخصيص نقض الغرض بنوع منها كما يظهر من بعض الكتب الكلامية ، مع أنّ كلّ نوع منها راجح من دون اقتران مانع ، فبترك كلّ واحد يوجب نقض الغرض ، ولعلّ الاكتفاء ببعض الأنواع من باب المثال فافهم ، فالأولى هو عدم التخصيص ببعض تلك الأنواع ، ولعلّ إليه يؤول ما في متن تجريد الاعتقاد حيث قال : الإمام لطف فيجب نصبه على الله تعالى تحصيلاً للغرض.

ثمّ إنّ مقتضى كون وجود الإمام كالنبّي لطفاً مضاعفاً أنّ كلّ واحد من أبعاد وجوده وفوائده يكون كافياً في لزوم وجوده ، فإن طرأ مانع عن تحقق بعضها كالتصرّف الظاهريّ بين الناس يكفي الباقي في لزوم وجوده وبقائه.

وينقدح مما ذكر أنّ ظهور الإمام للناس لطف زائد على وجوده الذي يقتضيه علمه تعالى بالنظام الأحسن وإطلاق كماله ، فإرشاده وتعليمه وتزكيته للناس لطف آخر ، وهكذا بقية الشؤون التي تكون للإمام.

هذا مضافاً إلى أنّ إرشاده وتعليمه وتزكيته للجنّ أيضاً لطف في حقّهم فإنّهم مكلّفون ومحجوجون بالحجج الإلهيّة كما لا يخفى.

ثمّ بعد وضوح أنّ الإمامة كالنبوّة اتضح لك أنها أمر فوق قدرة البشر ، فلا

٢٩٣

تنالها يده ولا يمكن له تعيينها واختيارها ، بل هي فعل من أفعاله تعالى فيجعلها حيث يشاء ، وهو أعلم بما يشاء ، ومنه يظهر أنّه لا مجال للبحث عن وجوب نصب الإمام على الناس وكيفيّته ؛ فإنّ ذلك من فروع الإمارة الظاهرية مع عدم تعيين الخليفة الإلهيّة عن الله تعالى.

وأمّا مع تعيينها فلا مجال للبحث عنه إذ المعلوم أنّ الإمارة له ، كما أنّه لا بحث مع وجود النبّي المرسل عن وجوب نصب الأمير على الناس ، لأنّ الإمارة من شؤون النبّي المرسل كما لا يخفى.

فاتّضح أنّ الإمام لزم أن يكون متعيّناً بنصب إلهيّ ، ولذلك نصّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من جانب الله تعالى في مواضع متعددة على إمامة عليعليه‌السلام وأولاده الأحد عشرعليهم‌السلام كما نص كلّ إمام على من يليه من جانب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وهذه النصوص متواترة جداً يشهد بوجودها الجوامع الروائية من العامّة والشيعة كإثبات الهداة للشيخ الحرّ العامليّ والبحار وأصول الكافي ومنتخب الأثر وغاية المرام وعبقات الأنوار وكتاب الغدير وغيرها.

وهاهنا سؤال : وهو أنه لا ريب في كون وجود الإمام لطفاً فيما إذا كان ظاهراً ومتصرّفاً في الأمور وأمّا إذا لم يكن ظاهراً ولم يتمكّن الناس من درك محضره ، كالإمام الثاني عشرعليه‌السلام في زمان الغيبة ، فمجرد وجود كيف يكون لطفاً في حقّ العباد؟

والجواب عنه ظاهر ممّا مرّ ، من أنّ وجود الإنسان الكامل في نظام العالم ممّا يقتضيه علمه تعالى بالنظام الأحسن ورحمته المطلقة وإطلاق كماله ، ولا مانع منه ، فيلزم وجوده وإلا لزم الخلف في كونه كمالاً مطلقاً ، فوجود الإمام ـ الذي هو إنسان كامل ـ لطف ، وتصرّفه وظهوره لطف آخر ، فلا يضرّ فقد لطف من جهة المانع بوجود اللطف من جهة أو جهات أخر ، لأنّ المفروض عدم وجود مانع من جهة أخرى.

٢٩٤

هذا مضافاً إلى أنّ إرشاد الإمام وتصرّفه لا يختصّ بالإنسان ، بل يعمّ الجنّ أيضاً ، لأنهم مكلّفون ومحجوجون بوجوده على أنّ بعض الخواص كانوا يسترشدون بإرشاده وعناياته في الغيبة الصغرى بل الكبرى أيضاً ، كما تشهد به التشرّفات المكررة لبعض المكرّمين من العباد. هذا مع الغمض عمّا يتصرّف في النفوس من وراء الحجاب والستار.

قال الحكيم المتألّه المولى محمد مهدي النراقيّ في الجواب عن ذلك : إنّ ظهور الإمام الثاني عشر ـ أرواحنا فداه ـ وتصرّفه فائدة من فوائد وجوده ، لأنّ فوائد وجوده كثيرة وإن كان غائباً :

الأوّل : أنّه قد ورد في الحديث القدسيّ عنه تعالى أنّه قال : « كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لكي أعرف ». فيعلم منه أنّ الباعث على إيجاد الإنسان هو المعرفة بالله تعالى ، فليكن في كل وقت فرد بين آحاد الإنسان يعرفه كما هو حقّه ، ولا تحصل المعرفة كما هو حقّه في غير النبيّ والإمام ، فلابدّ من وجود الحجّة في الأرض حتى تحصل المعرفة به كما هو حقّه بين الناس.

والثاني : أنّ مجّرد وجوده لطف وفيض في حق الناس ولو لم يكن ظاهراً ، لأنّ وجوده باعث نزول البركات والخيرات ، ومقتض لدفع البليّات والآفات ، وسبب لقلة سلطة الشياطين من الجنّ والإنس على البلاد ، فإن آثار الشيطان كما وصلت إلى الشر دائماً كذلك لزم أن تصل آثار رئيس الموحّدين وهو الحجّة الإلهيّة إليهم ، فوجود الحجّة في مقابل الشيطان للمقاومة مع جنوده ، فلو لم يكن للإمام وجود في الأرض صارت سلطة الشيطان أزيد من سلطة الأولياء ، فلا يمكن للإنسان المقاومة في مقابل جنود الشيطان.

والثالث : أنّ غيبة الإمام الثاني عشر ـ أرواحنا فداه ـ تكون عن أكثر الناس لا عن جميعهم ، لوجود جمع يتشرفون بخدمته ، ويأخذون جواب الغوامض من

٢٩٥

المسائل ويهتدون بهدايته ، وإن لم يعرفوه ، انتهى ملخص كلامه »(١) .

وهناك تتمّة للبحث تجدها في الكتاب المذكور.

( أبو الزين ـ الأردن ـ )

المبالغة بالقول في قتله للأعداء :

س : يقول صديقي الأشعريّ : وأنظر كيف يصفون الإمام المهديّ :

عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : « لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لأحبّ أكثرهم ألا يروه ، ممّا يقتل من الناس حتّى يقول كثير من الناس : ليس هذا من آل محمّد ، ولو كان من آل محمّد لرحم »(٢) .

وأورد كذلك خمس روايات أُخرى من بحار الأنوار ، كلّها تشهد بقسوة وغلظة الإمام ، ثمّ علّق يقول : إذاً ظهور القائم سيكون نقمة على المسلمين ، يسفك دمائهم ، ويقتلهم تقتيلاً ، وحقّ للناس أن يقولوا ليس هذا من آل محمّد ، لأنّ آل محمّد يرحمون ويشفقون ، بل هم أرحم الناس بالناس ، اقتداء بجدّهم سيّدنا رسول الله ، حاشا آل البيت ممّا يفتريه المبطلون.

ج : بغضّ النظر عن البحث السنديّ لهذه الروايات نقول : ينبغي الإلتفات إلى أمر مهم ، وهو أنّ الأحكام الإلهيّة كلّها رحمة للناس ، فعندما يحكم الله بوجوب قتل المفسد في الأرض فلا يصحّ أن نقول إن ذلك قسوة من الله ؛ لأنّ في قتل هؤلاء حياة البشرية وسعادتها ، ففي تطبيق الحكم الإلهيّ وقتل المفسدين تملأ الأرض قسطاً وعدلاً.

فإذا كانت الدنيا قد مُلأت ظلماً وجوراً ـ بإجماع المسلمين ـ فيظهر المهديعليه‌السلام ليملأها قسطاً وعدلاً ـ بإجماع المسلمين ـ فحينها لا ينبغي أن يشكّ عاقل بأنه لا يمكن أن تملأ قسطاً وعدلاً إلا بقتل المفسدين في الأرض ، وفرض

__________________

١ ـ بداية المعارف الإلهيّة في شرح عقائد الإمامية للسيد محسن الخرازيّ ٢ / ٢٤ ـ ٣٠.

٢ ـ الغيبة للنعماني : ٢٣٣.

٢٩٦

الكلام أن هؤلاء كثيرون جدّاً بحيث ملأوا الأرض ظلماً وجوراً فما للبعض ينزعج ويضطرب عندما يسمع بقتل الإمام المهديعليه‌السلام للمفسدين؟!

أمّا ما روي من قول الناس عند ظهورهعليه‌السلام من أنّه أفرط في القتل ، فهذا من جهلهم بالواقع الذي اطّلع عليه الإمامعليه‌السلام ، فكم من رجل ظاهره الصلاح وهو من رؤوس المنافقين والمفسدين في الواقع ، وكم من شخص يرقّ له قلب الساذج البسيط وهو من أشد الناس عداوة لله والرسول والعدالة والإنسانية ، فتأمل.

أمّا قول صاحبك : « إذاً ظهور القائم سيكون نقمة على المسلمين » فهو استنتاج خاطئ منشأه عدم فهم النصوص فهماً صحيحاً ، فالمهديّ لا يكون نقمة إلا على المفسدين فقط. أمّا المسلمين وغيرهم ممن لم يطلع على الحقّ ولو اطّلع عليه لاتّبعه سيكونعليه‌السلام رحمة إلهية لهم حيث إنّه سيهديهم إلى الطريق الأقوم.

( محمّد السعيد ـ البحرين ـ )

ثبوت ولادته في روايات متواترة :

س : دخلت بعض المنتديات ، ووجدت بعض هذه الشبهات ، فهل من إجابة وبالدليل؟ كيف نثبت وجود المهديّ عليه‌السلام ، وأنّه مولود ، وليس كما يعتقد أهل السنّة أنّه سيولد؟

ج : ولادتهعليه‌السلام ثبتت في روايات الشيعة متواتراً ، والتواتر حجّة على الجميع ، وكذلك حديث : «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية » دليل على وجود الإمام المهديّ في زماننا ، وهذا الحديث رواه الشيعة والسنّة(١) .

وكذلك حديث الثقلين : «إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبداً : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ

__________________

١ ـ الرسائل العشر : ٣١٧ ، الإمامة والتبصرة : ١٥٢ ، كمال الدين وتمام النعمة : ٤٠٩ ، العمدة : ٤٧١ ، تفسير أبي حمزة الثماليّ : ٨٠ ، إعلام الورى ٢ / ٢٥٣ ، كشف الغمّة ٣ / ٣٣٥ ، ينابيع المودّة ٣ / ٣٧٢.

٢٩٧

الحوض »(١) ، وعدم افتراقهما يقتضي وجود إمام من العترة.

( محمّد سلمان ـ ـ )

دفع شبهات حول ولادته :

س : لديّ أسئلة حول موضوع المهديّ المنتظر ـ جعلنا الله تعالى من أنصاره ـ اطلب منكم الجواب. لقائل منكر المهديّ أن يقول :

١ ـ إنّ التاريخ ينقل لنا روايتين : الأُولى التي ينقلها جميع المؤرّخين ـ حتّى الشيعة الإمامية الاثني عشرية ـ : إنّ الإمام الحسن العسكريّ لم يدعّ وجود ولد لديه في حياته القصيرة ، ولم يشاهد أحد ذلك ، وأنّه أوصى عند وفاته بأمواله إلى أُمّه ، ولم يوص إلى أحد من بعده ، ولذلك فقد ذهب اتباعه إلى القول بإمامة أخيه جعفر بن علي الهادي ، وتفرّقوا عدّة فرق.

وهناك رواية أُخرى نقلها بعض أصحاب العسكريّ ، تقول : إنّ لديه ولد مستور ، وهو الإمام من بعده ، وأنّه المهديّ المنتظر ، وقد برّر ذلك البعض كتمان هذا الأمر المهمّ بسبب الخوف والتقية ، ولكنّه لم يستطع تقديم أية أدلّة على صحّة دعواه.

__________________

١ ـ مسند أحمد ٥ / ١٨٢ ، تحفة الأحوذيّ ١٠ / ١٩٦ ، مسند ابن الجعد : ٣٩٧ ، المنتخب من مسند الصنعانيّ : ١٠٨ ، ما روى في الحوض والكوثر : ٨٨ ، كتاب السنّة : ٣٣٧ و ٦٢٩ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٥ / ٤٥ و ١٣٠ ، مسند أبي يعلى ٢ / ٢٩٧ و ٣٠٣ و ٣٧٦ ، المعجم الصغير ١ / ١٣١ ، المعجم الأوسط ٣ / ٣٧٣ ، المعجم الكبير ٣ / ٦٥ و ٥ / ١٥٤ و ١٦٦ و ١٧٠ ، نظم درر السمطين : ٢٣١ ، الجامع الصغير ١ / ٤٠٢ ، العهود المحمدية : ٦٣٥ ، كنز العمّال ٥ / ٢٩٠ و ١٣ / ١٠٤ و ١٤ / ٤٣٥ ، دفع شبه التشبيه : ١٠٣ ، شواهد التنزيل ٢ / ٤٢ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ١٢٣ ، الطبقات الكبرى ٢ / ١٩٤ ، علل الدارقطنيّ ٦ / ٢٣٦ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٢٠ و ٥٤ / ٩٢ ، سير أعلام النبلاء ٩ / ٣٦٥ ، أنساب الأشراف : ١١١ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٢٨ و ٧ / ٣٨٦ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٦ و ١٢ / ٢٣٢ ، ينابيع المودّة ١ / ٧٤ و ٩٧ و ١٠٠ و ١١٣ و ١١٩ و ١٢٣ و ١٣٢ و ٣٤٥ و ٣٥٠ و ٣٦٠ و ٢ / ٩٠ و ١١٢ و ٢٦٩ و ٢٧٣ و ٤٠٣ و ٤٣٧ و ٣ / ٦٥ و ١٤١ و ٢٩٤ ، لسان العرب ٤ / ٥٣٨.

٢٩٨

٢ ـ الإيمان بوجود الإمام الثاني عشر الغائب ، ليس من صلب المذهب الشيعيّ الجعفريّ ، وقد حدث بعد وفاة الإمام العسكريّ ، وبني الإيمان به على أساس الظنّ والتخمين ، والافتراض الفلسفيّ ، وليس على أدلّة تاريخية علمية يقينية أو شرعية ، وإن ترك تراث أهل البيت عليهم‌السلام نقاط إيجابية كثيرة ، يمكن للمسلمين جميعاً ـ وليس الشيعة فقط ـ الاستفادة منها ، كروح التضحية والشهادة في سبيل الله ، والتواضع والزهد في الدنيا.

ج : إنّ هذه التوهّمات قد أُثيرت من قبل جهات لمقاصد خاصّة ، وخلاصة الجواب كما يلي : إنّ الرواية التي يتشبّث البعض بها لنفي ولادة المهديّعليه‌السلام (١) لم تتمّ سنداً ومدلولاً ، فإمّا السند ، فإنّ الراوي لها هو أحمد بن عبيد الله بن خاقان ، الذي صرّحت الرواية نفسها بشدّة نصبه.

وقال الشيخ المفيد ( قدس سره ) عنه : « وكان شديد النصب والانحراف عن أهل البيتعليهم‌السلام »(٢) .

وأمّا من حيث الدلالة ففيها : أوّلاً : إنّ عدم الوجدان لا يدلّ على عدم الوجود.

وثانياً : أنّ عقيدة الشيعة الإمامية حالياً بالإطباق هي : ولادة المهديّعليه‌السلام قبل استشهاد والدهعليه‌السلام بسنين ، وهذا لا يتّفق مع مفاد الرواية ، حتّى لو كان تبيّن الحمل المشار إليه في الرواية صحيحاً ، إذ لا علاقة له بولادة المهديّعليه‌السلام .

وأمّا إثبات ولادتهعليه‌السلام فإنّ الروايات الصحيحة تدلّ بوضوح بأنّ الإمام العسكريّعليه‌السلام قد صرّح بوجود ولده(٣) ، وصرّحت العلوية الطاهرة حكيمة ـ عمّة الإمام العسكريّعليه‌السلام ـ بمشاهدة ولادة الإمام الحجّةعليه‌السلام ليلة مولده(٤) .

وقد وردت النصوص الجلية عن المعصومينعليهم‌السلام بولادته فيما بعد ، كابنٍ للعسكريّعليه‌السلام (٥) .

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٥٠٣.

٢ ـ الإرشاد ٢ / ٣٢١.

٣ ـ الكافي ١ / ٣٢٨.

٤ ـ المصدر السابق ١ / ٣٣١.

٥ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٢٥٢ ، الغيبة للنعمانيّ : ١٢.

٢٩٩

هذا ، وقد اعترف جمع من علماء السنّة أيضاً بهذا الأمر(١) .

كما أنّ هناك مطلب علميّ نشير إليه وهو : إنّ الخبر بولادة المهديّعليه‌السلام من الأخبار المتواترة ، والخبر إذا وصل إلى حدّ التواتر فلا نقاش في السند.

وممّا ذكرنا يظهر : إنّ الاعتقاد والالتزام بولادة الحجّة بن الإمام العسكريّعليهما‌السلام ممّا لامحيص عنه ، لاعتماده على أدلّة واضحة ، ونصوص صريحة ، وهو محض الإيمان.

( علوية الموسويّ ـ عمان ـ )

دور المرأة عند ظهوره :

س : هناك أدعية مخصوصة لرؤية الإمام المهديّعليه‌السلام ، كما أنّ هناك أدعية لكي يكون الإنسان من أنصارهعليه‌السلام .

ولكن النساء ليس لهن دور ، بل أنّ معظم الخطباء والعلماء لا يذكرون دور النساء ، وأنا لا اعتقد أن لنا أهمّية ، لذا فالدعاء لطلب أن نكون من أنصار الإمام ليس له أهمّية ، والله أعلم.

ج : قد ذكر العلاّمة العيّاشي ( قدس سره ) ـ المتوفّى ٣٢٠ هـ ـ في تفسيره رواية عن جابر الجعفيّ ، عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ، يذكر فيها وصف الإمام المهديّعليه‌السلام وأصحابه ، إلى أن يقول : «إنّا نشهد وكلّ مسلم اليوم أنّا قد ظلمنا ، وطردنا ، وبغى علينا ، وأُخرجنا من ديارنا وأموالنا وأهالينا وقهرنا ، ألا أنّا نستنصر الله اليوم وكلّ مسلم ، ويجيء والله ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً ، فيهم خمسون امرأة ، يجتمعون بمكّة على غير ميعاد »(٢) .

فهذه الرواية تنصّ على أنّ للإمام المهديّعليه‌السلام أكثر من ٣٠٠ من الأنصار عند قيامهعليه‌السلام ، فيهم خمسون امرأة.

__________________

١ ـ ينابيع المودّة ٣ / ٣٤٥ ، مطالب السؤول ٢ / ١٥٣ ، الفصول المهمّة : ٢٩٢ ، وفيات الأعيان ٤ / ٣١ ، تذكرة الخواص : ٣٢٥ ، العبر في خبر من غبر ١ / ٣٨١.

٢ ـ تفسير العيّاشيّ ١ / ٦٥.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518