موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

موسوعة الأسئلة العقائديّة3%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-02-7
الصفحات: 518

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 518 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 244808 / تحميل: 6309
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٢-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

يفترون ويقذفون من خالفنا؟ ثمّ قال : « والله يا أبا حمزة إنّ الناس كلّهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا »(١) .

ونورد سؤالاً كما يقول صديقي الأشعري : لو أنّ رجلاً من أبوين سنّيين أصبح شيعياً ، فهل يكون أبواه أولاد زنا؟ ولو أنجب الشيعيّ ولداً ، وأصبح الولد سنّياً ، فهل يكون أبوه بغياً مع تشيّعه؟ وهل يصدّق مسلم يعظّم آل البيت الأطهار صدور مثل هذا عنهم؟ حاشاهم الله ، فما قولكم.

ج : بالنسبة للرواية ، فيجب البحث فيها سنداً ودلالةً.

أمّا السند ، فيشتمل على مهملين أو غير موثّقين كعلي بن العباس ، وحسن ابن عبد الرحمن ، فلا حجّية له حتّى يبحث عنه.

وأمّا الدلالة ، فلا ينبغي التأمّل في معنى الرواية ، بعد ما عرفنا أنّ لكلّ قوم نكاحاً معترفاً به شرعاً بإجماع المسلمين ، فهل يعقل أن لا يعترف بصحّة عقد المسلم السنّي مثلاً؟!

( نبيل ـ الجزائر ـ )

يعيشون مع الشيعة بأمن وسلام :

س : هل يعتبر أهل السنّة أعداء للشيعة الإمامية ، ولماذا؟

ج : مَن قال لكم بأنّ أهل السنّة هم أعداء للشيعة؟! كلّ من قال لك هذا فهو كاذب ، نعم توجد بينهم بعض الاختلافات في المسائل العقائدية والفقهية ، ولكن هذه الاختلافات لم تفسد للودّ قضية ، فتشاهد الشيعة وأهل السنّة يعيشون بأمن وسلام في مناطق كثيرة من العالم الإسلامي ـ كلبنان وإيران والعراق ـ.

وإنّما الذي يعدّ عدوّاً للشيعة والسنّة هم الوهّابيون ، الذين يشعلون نيران الفتنة بين الحين والآخر ، وليس هدفهم ضرب التشيّع فحسب ، بل ضرب

____________

١ ـ الكافي ٨ / ٢٨٥.

٤٨١

المسلمين بجميع مذاهبهم ، وذلك لأنّهم يذهبون إلى أنّ أكثر المسلمين باختلاف مذاهبهم هم مشركون.

( محمّد ـ الكويت ـ )

السبب من مخالفتهم لولاية علي :

س : ما هو السبب في مخالفة جمهور المسلمين لنصوص وتعاليم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

ج : لا عجب في ذلك ، لمن طالع التاريخ الإسلامي ، ولاحظ سيرة المسلمين ، بل سيرة الصحابة المقرّبين ، وموافقهم من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، على الرغم من تأكيد القرآن الكريم على لزوم الطاعة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والانصياع له.

قال تعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) (١) .

نجد موارد مخالفات الصحابة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حياته كثيرة ، نذكر منها :

١ ـ مخالفتهم لأمر الرسول ‎صلى‌الله‌عليه‌وآله في معركة أُحد ، حيث نصّب خمسين رجلاً على جبل ، وأمرهم بعدم النزول ، ولكن حينما صارت كفّة الحرب لصالح المسلمين ترك هؤلاء مكانهم طمعاً في الغنيمة ، فكانت النتيجة أن يستغلّ العدوّ هذا الفجوة ، ويكسر بجيش المسلمين.

٢ ـ مخالفتهم في صلح الحديبية ، حيث اعترضوا على رسول الله ‎صلى‌الله‌عليه‌وآله حينما أمضى بنود الصلح ، وكان من جملتهم عمر بن الخطّاب ، حيث اعتبر الصلح دنية في الدين(٢) .

____________

١ ـ النساء : ٥٩.

٢ ـ صحيح البخاريّ ٣ / ١٨٢ و ٦ / ٤٥ ، صحيح مسلم ٥ / ١٧٥ ، مسند أحمد ٣ / ٤٨٦ و ٤ / ٣٣٠ ، نيل الأوطار ٨ / ١٨٧.

٤٨٢

٣ ـ تخلّفهم عن جيش أُسامة بن زيد ، بعدما أمرهمصلى‌الله‌عليه‌وآله بالالتحاق به ، ولعن من تخلّف عنه(١) .

٤ ـ مخالفتهم في إحضار القرطاس والدواة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حينما أمرهم أن يأتوه بهما ، ليكتب لهم كتاباً لا يضلّوا بعده أبداً ، فقال عمر : حسبنا كتاب الله ، إنّ النبيّ قد غلب عليه الوجع ، فخرج ابن عباس يقول : « إنّ الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبين كتابه »(٢) .

إذاً ، فلا عجب لمن خالف في ذلك وأمثاله أن يخالف فيما سواه إذا تعارض مع مصالحه ، وبالخصوص في مسألة الولاية والحكم لأمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، بعدما أوصى بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث الغدير وغيره.

( علي ـ لبنان ـ ٢٥ سنة ـ إجازة في الحقوق )

وغفلتهم عما في الصحاح :

س : لو كان ما في الصحاح يكفي لإثبات الحجّية ، فلماذا يغفل عنه أهل السنّة؟

كلّ مولود يولد على ما عليه ، فلو كنت مولوداً من أبوين سنّيين لكنت مقتنعاً بما يقولونه أهل السنّة ، ولو أنّ الصحاح تتضمّن إجابات واضحة تدعم المذهب الشيعيّ ، فلماذا يغفل عنها أهل السنّة بهذا الشكل الصارخ؟ وشكراً.

ج : إنّ الكثير من أهل السنّة يغفلون عمّا في الصحاح من أحقّية الحقّ ، لأنّهم يعتقدون بعدالة الصحابة جميعاً ، ولأنّ بعض الصحابة كانوا راضين بأفعال كبرائهم الذين سلبوا الحقّ عن أهله ، فانحرفت الأُمّة بانحراف بعض الصحابة ، وبقي التابعون واللاحقون ـ وإلى يومنا هذا ـ على جهلهم ، لا يكلّف أحدهم نفسه

____________

١ ـ الملل والنحل ١ / ٢٣.

٢ ـ صحيح البخاريّ ٥ / ١٣٨ و ٧ / ٩ و ٨ / ١٦١ ، صحيح مسلم ٥ / ٧٦.

٤٨٣

بأن يعرف بما في الصحاح ، وبقي قسم منهم على تعصّبه لا تطاوعه نفسه أن يتحوّل عن الباطل.

( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ ) (١) .

( أحمد السنان ـ السعودية ـ ٢٥ سنة. خرّيج متوسطة )

القاصرين منهم قد يدخلون الجنّة :

س : هل يدخل الجنّة من مات مسلماً وليس موالياً لأهل البيت؟

ج : قال تعالى :( وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (٢) .

وقال تعالى :( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) (٣) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «وستفترق أُمّتي إلى ثلاث وسبعين فرقة كلّها في النار إلاّ واحدة »(٤) ، فالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أثبت الافتراق ، وبيّن دخول واستحقاق الجنّة لفرقة واحدة ، وأثبت النار لباقي الفرق ، وإن سمّاها أُمّتي ، أي أنّه أثبت الإسلام للفرق الأُخرى غير الناجية في الدنيا ، وأثبت دخولها النار في الآخرة فلا منافاة.

وسؤالكم يقع في هذا التفصيل ، فإنّ المخالف لمذهب أهل البيتعليهم‌السلام وغير المعتقد بولاية عليعليه‌السلام إنّما هو قد أنكر أمراً إلهيّاً ونبويّاً فاستحقّ النار بذلك ،

____________

١ ـ البقرة : ١٧٠.

٢ ـ الأنعام : ١٥٣.

٣ ـ البقرة : ٨٥.

٤ ـ سنن الدارمي ٢ / ٢٤١ ، سنن ابن ماجة ٢ / ١٣٢٢ ، سنن أبي داود ٢ / ٣٩٠ ، الجامع الكبير ٤ / ١٣٥ ، المستدرك ١ / ١٢٨ ، المعجم الكبير ٨ / ٢٧٣.

٤٨٤

مع ثبوت إسلامه الظاهري ، كما هو حال المنافقين ، فقد كان باطنهم واستحقاقهم شيئاً ، وظاهرهم والتعامل معهم كمسلمين شيء آخر.

وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ المخالف للحقّ يقسّم إلى قاصر ومقصّر ، فالقاصر الذي بذل وسعه ولم يعرف الحقّ فيتبعه ، أو كان غير مؤهّل لإدراك الحقّ ، فهذا يوكل أمره إلى الله ، وأمّا المقصّر فالكلام المتقدّم كلّه معه.

قال بعض علمائنا ( قدس سره ) : مع أنّ الأخبار متظافرة بعدم صحّة أعمال من لم يكن من أهل الولاية ، من جملتها ما رواه الصدوق ( قدس سره ) بإسناده إلى علي بن الحسينعليهما‌السلام : « لو أنّ رجلاً عمّر ما عمّر نوح في قومه ، ألف سنة إلاّ خمسين عاماً ، يصوم النهار ، ويقوم الليل بين الركن والمقام ، ثمّ لقى الله عزّ وجلّ بغير ولايتنا لم ينفعه ذلك شيئاً »(١) .

( سلمان ـ البحرين ـ ٢٤ سنة ـ طالب جامعة )

الحكم بإسلامهم وطهارتهم :

س : وفّقكم الله لما يحبّ ويرضاه ، هل الإمامية يكفّرون من لم يقل بالولاية؟ وما تعليقكم على الروايات التالية :

١ ـ يوسف البحرانيّ قال : « وليت شعري أيّ فرق بين من كفر بالله سبحانه وتعالى ورسوله ، وبين من كفر بالأئمّةعليهم‌السلام ؟ مع ثبوت كون الإمامة من أُصول الدين »(٢) .

٢ ـ الفيض الكاشانيّ قال : « ومن جحد إمامة أحدهم ـ أي الأئمّة الاثني عشر ـ فهو بمنزلة من جحد نبوّة جميع الأنبياءعليهم‌السلام » (٣) .

٣ ـ المجلسيّ قال : « أعلم أنّ إطلاق لفظ الشرك والكفر على من لم يعتقد

____________

١ ـ روض الجنان : ٣٥٧.

٢ ـ الحدائق الناضرة ١٨ / ١٥٣.

٣ ـ منهاج النجاة : ٤٤.

٤٨٥

بإمامة أمير المؤمنين والأئمّة من ولده عليهم‌السلام ، وفضّل عليهم غيرهم يدلّ على أنّهم كفّار مخلّدون في النار « »(١) .

٤ ـالمفيد قال : « اتفقت الإمامية على أنّ من أنكر إمامة أحد من الأئمّة ، وجحد ما أوجبه الله تعالى له من فرض الطاعة فهو كافر ضالّ مستحقّ للخلود في النار »(٢) .

٥ ـيوسف البحرانيّ قال : « إنّك قد عرفت أنّ المخالف كافر ، لا حظ له في الإسلام بوجه من الوجوه ، كما حقّقناه في كتابنا الشهاب الثاقب »(٣) .

أتمنى إرسال الجواب في أقرب فرصة ممكنة ، وذلك لردّ كيد المغرضين والمشكّكين لمذهب أهل البيت عليهم‌السلام ، ودمتم في خدمة الإسلام والمسلمين .

ج : إنّ مسألة الحكم بكفر من لم يعتقد بإمامة الأئمّة الاثني عشرعليهم‌السلام تعود إلى مسألة إنكار الضروريّ ، وبما أنّ الإمامة ليست من ضروريات الدين عند بعض الفرق الإسلامية ، فلا يمكن الحكم بكفرها.

نعم ، الإمامة والاعتقاد بالأئمّة الاثني عشرعليهم‌السلام هو من ضروريات المذهب ، وعدم الاعتقاد بها يعدّ خروجاً عن المذهب لا عن الإسلام ، ومن هنا تحمل كلمات بعض العلماء الواردة في هذا الموضوع ، بإرادة التكفير بالمعنى الأخصّ ـ أي عدم الإيمان ـ لا التكفير بالمعنى الأعمّ ـ وهو عدم الإسلام ـ وهذه رسائل علماء الإمامية منتشرة في عرض الأرض وطولها ، تشهد بإسلام المخالف ـ وهو من لا يعتقد بإمامة الأئمّة الاثني عشر ـ وطهارته.

ومن خالف هذا الحكم بقول أو فتوى ، فهو لا يتعدّى كونه رأياً خاصّاً به لا يمثل موقف الطائفة أو مشهور علمائها ، بل نقل الشيخ البحرانيّ ما نصّه : « أنّ المشهور بين متأخّري الأصحاب ـ أي علماء الإمامية ـ هو الحكم بإسلام المخالفين وطهارتهم ، وخصّوا الكفر والنجاسة بالناصب ، كما أشرنا إليه في

____________

١ ـ بحار الأنوار ٢٣ / ٣٩٠.

٢ ـ نفس المصدر السابق نقلاً عن كتاب المسائل.

٣ ـ الحدائق الناضرة ١٨ / ١٥٣.

٤٨٦

صدر الفصل ، وهو عندهم من أظهر عداوة أهل البيتعليهم‌السلام »(١) .

وتجدر الإشارة إلى أنّ من علم حكماً شرعيّاً على نحو اليقين ثم جحده يكون كافراً بإجماع المسلمين. ومن ذلك من علم بإمامة أهل البيت وجحدها.

( ـ استراليا ـ ٢٣ سنة )

المستضعفون منهم قد يدخلون الجنّة :

س : هل يدخلون الجنّة أهل السنّة ?.

ج : أهل السنّة يمكن أن يقسّموا إلى ثلاثة أقسام : قسم عرف الحقّ وأنكره ، وهؤلاء من الذين يذادون عن الحوض ، ولا يدخلون الجنّة ، وقسم لم يعرفوا الحقّ ولكنّهم كان بإمكانهم البحث ومعرفة الحقّ ، وهؤلاء يحاسبون على تقصيرهم في معرفة الحقّ ، وقسم يسمّون بالمستضعفين ، الذين لم يصل لهم الحقّ ، ولم يكن بإمكانهم وفق قدراتهم الوصول إلى الحقّ ، فأُولئك عسى الله أن يتوب عليهم ويدخلهم الجنّة برحمته.

____________

١ ـ المصدر السابق ٥ / ١٧٥.

٤٨٧
٤٨٨

أهل الكتاب :

( جعفر سلمان عبد الله ـ البحرين ـ ٢٠ سنة ـ طالب جامعة )

كلّفوا بتكاليف أشدّ من تكاليفنا :

س : هل الأُمم السابقة قد كلّفت بتكاليف شاقّة؟ فإنّ ظاهر بعض الآيات والروايات ذلك ، كقوله : ( رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ) (١) ، وفي الرواية : « رفع عن أُمّتي تسع : الخطأ ، والنسيان ، وما أُكرهوا عليه ، وما اضطرّوا إليه » (٢) ، فنسب الرفع إلى أُمّة النبيّ محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله .

ج : ورد في تفسير هذه الآية الشريفة ما يوضّح لكم المعنى الذي تقصده الآية.

ففي الاحتجاج : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث طويل قال : «( رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) (٣) ،قال الله عزّ وجلّ : لست أؤاخذ أُمّتك النسيان والخطأ لكرامتك عليّ ، وكانت الأُمم السالفة إذا نسوا ما ذكّروا به فتحت عليهم أبواب العذاب ، وقد رفعت ذلك عن أُمّتك ، وكانت الأُمم السالفة إذا أخطأوا أخذوا بالخطأ وعوقبوا عليه ، وقد رفعت ذلك عن أُمّتك لكرامتك عليّ .

فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : اللهم إذا أعطيتني ذلك فزدني ، فقال الله تبارك وتعالى له : سل ، قال : ( رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ) ،

____________

١ ـ البقرة : ٢٨٦.

٢ ـ تحف العقول : ٥٠.

٣ ـ البقرة : ٢٨٦.

٤٨٩

يعني بالإصر : الشدائد التي كانت على من قبلنا ، فأجابه الله إلى ذلك.

فقال تبارك اسمه : قد رفعت عن أُمّتك الآصار التي كانت على الأُمم السالفة ؛ كنت لا أقبل صلواتهم إلاّ في بقاع معلومة من الأرض ، أخترها لهم وإن بعدت ، وقد جعلت الأرض كلّها لأُمّتك مسجداً وطهوراً ؛ فهذه من الآصار التي كانت على الأُمم قبلك فرفعتها عن أُمّتك ، وكانت الأُمم السالفة تحمل قرابينها على أعناقها إلى بيت المقدس ، فمن قبلت ذلك منه أرسلت عليه ناراً فأكلته ، فرجع مسروراً ، ومن لم أقبل ذلك منه رجع مثبوراً ، وقد جعلت قربان أُمّتك في بطون فقرائها ومساكينها ، فمن قبلت ذلك منه أضعفت ذلك له أضعافاً مضاعفة ، ومن لم أقبل ذلك منه رفعت عنه عقوبات الدنيا.

وقد رفعت ذلك عن أُمّتك وهي من الآصار التي كانت على الأُمم من كان من قبلك ، وكانت الأُمم السالفة صلواتها مفروضة عليها في ظلم الليل وأنصاف النهار ، وهي من الشدائد التي كانت عليهم ، وكانت الأُمم السالفة حسنتهم بحسنة وسيئتهم بسيئة ، وهي من الآصار التي كانت عليهم ، فرفعتنا عن أُمّتك ، وجعلت الحسنة بعشر والسيئة بواحدة ، وكانت الأُمم السالفة إذا نوى أحدهم حسنة فلم يعملها لم تكتب له ، وإن عملها كتبت له حسنة ، وإنّ أُمّتك إذا همّ أحدهم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، وإن عملها كتبت له عشراً ، وهي من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أُمّتك »(١) .

بيّنت هذه الرواية معنى الآصار والمشقّة التي كانت على الدوام على الأُمم السالفة ، ومن الواضح : أنّ الله تعالى لا يكلّف عباده فوق طاقتهم ؛ لأنّ ذلك قبيح عقلاً وشرعاً ، والله تعالى منزّه عن ذلك ، لكنّه تعالى عندما سنّ سنناً ، وجعل أُمماً وشرّع أحكاماً له فهذه الأحكام والقوانين تختلف من أُمّة إلى أُمّة ، تبعاً لطبيعة تلك الأُمّة ولزمنها ، وللمصالح التي تقتضي السير عليها ، فالله

____________

١ ـ الاحتجاج ١ / ٣٢٩.

٤٩٠

تعالى بيّن كما في هذه الرواية وفي آياته ، أنّه كلّف الأُمم السالفة ببعض التكاليف التي فيها مشقّة ، لكن لا يخرجها ذلك عن كونها مقدورة للمكلّفين.

فمثلاً تكليفه بعض الأُمم السالفة بأن تكون صلاتهم في مكان مخصوص ليس فيه تعجيز ، وأنّهم يعجزون عن ذلك وخارج عن قدرتهم ، بل هو مقدور لهم ، لكن فيه نوع تضييق وتكليف قياسياً لمن يحقّ له الصلاة في كلّ مكان ، كأُمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإنّ من يجوز له الصلاة في كلّ مكان ـ قياساً لمن لا يحقّ له الصلاة إلاّ في مكان مخصوص ـ موسع عليه ، خلافاً لذلك الذي لا يحقّ له الصلاة في كلّ مكان ، فإنّ هذا مضيق عليه بالنسبة لذلك الشخص.

وأمّا التكليف بالصلاة في مكان مخصوص في حدّ نفسه فهو مقدور للمكلّف ، ويستطيع أن يأتي به ، وهكذا بقية الأُمور التي ذكرتها الرواية تفسيراً للآية ؛ كجعل الحسنة مقابل الحسنة في الأُمم السالفة ، وجعلها مقابل العشر في هذه الأُمّة ، والهمّ بالحسنة يعدّ حسنة ، وغير ذلك من الأُمور.

وكذلك الرواية فسّرت معنى النسيان والخطأ ، فمن نسى ما ذكّر به من عذاب الله وعقابه إذ عصاه يقع عليه الوعيد عند نسيان الله تعالى ، ونسيان ربوبيته المقتضية لطاعته ، فإذا نسى حلّ الوعيد الإلهيّ عليه.

وكذلك تفسير الأُمور المرفوعة بحديث الرفع كان يفسّر رفع النسيان والخطأ ، أي رفع آثار النسيان والخطأ ، فلا يجب الإعادة أو القضاء إذا نسي التكاليف ، بينما الأُمم السالفة يجب عليها ذلك عند نسيان التكاليف.

وتفسير الإكراه بأن يجوز للمُكره إبداء خلاف ما يعتقد في هذه الأُمّة ، وفي الأُمم السالفة لا يجوز ، وتفسير الاضطرار بذلك أيضاً ، بأن لا يجوز للمضطرّ في الأُمم السالفة ارتكاب المحظور لأجل الاضطرار ، بل عليه أن يتحمّل الاضطرار ، وفي هذه الأُمّة يجوز.

٤٩١

والخلاصة من البحث : إنّ التكليف إذا كان يعجز عنه المكلّف فلا يكلّف الله به أُمّة من الأُمم ، هذه الأُمّة وغيرها ، لأنّ ذلك قبيح عقلاً وشرعاً ، والله منزّه عن ذلك.

وأمّا تفاوت التكاليف ، وأنّ أُمّة من الأُمم تكلّف بما هو أشدّ من أُمّة أُخرى ، مع انخفاض القدرة وأنّ التكليف مقدور ، فلا يمنع العقل من ذلك ، وأيضاً الشرع لا يمنعه إذا كان هناك مصلحة يعلمها المشرّع ومطلع عليها ، بل إنّ ذلك واقع كما تقول الرواية.

ولا ننسى الفرق بين الشيء الممتنع وبين الشيء المقدور لكن فيه كلفة ويحتاج إلى جهد ، فإنّ الآية لا تقصد الأوّل كما أوضحته الرواية ، وكما يحكم به العقل ، وأمّا الثاني فإنّ العقل لا يمنع منه والشرع ، بل هو واقع كما ذكرت الآية.

( عبد الله ـ البحرين ـ سنّي ـ ٢٠ سنة ـ طالب جامعة )

ذبيحتهم في رأي فقهاء الشيعة :

س : أنا من أهل السنّة ، ولدي سؤال أرجو منكم الإجابة عليه :

اعلم أنّكم لا تحلّلون طعام أهل الكتاب ، وتعتبرونه محرّم ، وتقولون : إنّ المراد بقوله تعالى :( وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ ) (١) ، هو ليس الذبيحة ، وإنّما طعام آخر ، فما هو هذا الطعام؟ وما هو دليلكم على أنّ المقصود بقوله تعالى ليس هو الذبيحة؟ أرجو منكم الإجابة بالتفصيل.

ج : ذهب فقهاء الشيعة إلى حرمة ذبيحة أهل الكتاب ، ودليلهم على ذلك هو الروايات المتواترة ، الدالّة على حرمة ذبيحة أهل الكتاب ، وروايات مفسّرة لآية

____________

١ ـ المائدة : ٥.

٤٩٢

المائدة ، الآية الخامسة تفسّرها : بأنّ المراد بها الحبوب والألبان وما شابه ذلك ، فإذا رجعت إلى مصادر الشيعة الحديثية وجدت فيها الروايات الكثيرة المتواترة ، المصرّحة بحرمة ذبيحة أهل الكتاب(١) .

وهناك مصادر أُخرى أيضاً وردت فيها روايات تحرّم ذبيحة أهل الكتاب ، وتفسّر الآية التي ذكرتها من سورة المائدة بالحبوب والألبان ، وما على شاكلتها ، وتنفي أن يكون المراد بها الذبيحة ، وهنا نذكر بعض الروايات :

الرواية الأُولى : روى الكليني ( قدس سره ) بسندٍ صحيح عن قتيبة الأعشى قال : سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام وأنا عنده ، فقال له : الغنم يرسل فيها اليهودي والنصراني ، فتعرض فيها العارضة فيذبح ، أتأكل ذبيحته؟

فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : «لا تدخل ثمنها مالك ، ولا تأكلها ، فإنّما هو الاسم ، ولا يؤمن عليه إلاّ مسلم ».

فقال له الرجل : قال الله تعالى :( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ ) (٢) ؟ فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : «كان أبي يقول إنّما هي الحبوب وأشباهها »(٣) .

الرواية الثانية : عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ :( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ ) (٤) ، فقالعليه‌السلام : «العدس والحمص وغير ذلك »(٥) .

____________

١ ـ أُنظر : الكافي ٦ / ٢٣٨ ، تهذيب الأحكام ٩ / ٦٣ ، وسائل الشيعة ٢٤ / ٥٢ ، الاستبصار ٤ / ٨٣ ، مستدرك الوسائل ١٦ / ١٤٨.

٢ ـ المائدة : ٥.

٣ ـ الكافي ٦ / ٢٤٠.

٤ ـ المائدة : ٥.

٥ ـ تهذيب الأحكام ٩ / ٨٨.

٤٩٣

الرواية الثالثة : صحيحة الحسين الأحمسيّ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : قال له رجل : أصلحك الله ، إنّ لنا جاراً قصّاباً ، فيجيء بيهودي فيذبح له حتّى يشتري منه اليهود؟ فقالعليه‌السلام : «لا تأكل من ذبيحته ، ولا تشترِ منه »(١) .

إلى غير ذلك من الروايات ، التي بعضها يفسّر آية المائدة ، بأنّ المراد منها الحبوب والعدس والحمص ، بحيث لا يراد منه الذبيحة ، وبعضها ينهى عن أكل ذبيحة الكتابيّ ، ويحكم بعدم حلّيتها ، فلأجل ذلك ذهب جمهور فقهاء الشيعة إلى تحريم ذبيحة أهل الكتاب.

وأيضاً نقول : إنّ لفظ الطعام الوارد في الآية( وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ ) (٢) . وإن كان بحسب أصل اللغة يشمل كل ما يأكله الإنسان ويتقوّى به ، لكن هناك بعض اللغويّين ذكر : أنّ المراد بالطعام البر وسائر الحبوب.

ففي لسان العرب تحت مادة « طعم » قال : « وأهل الحجاز إذا أطلقوا اللفظ بالطعام عنوا به البرّ خاصّة »(٣) .

وذكر عن الخليل أنّه قال : العالي في كلام العرب أنّ الطعام هو البرّ خاصّة.

وكلام ابن الأثير في النهاية يشير إلى ذلك أيضاً.

وعلى هذا ، فترتفع الغرابة في الذهاب إلى تحريم ذبيحة الكتابيّ ، وحمل الآية على غير الذبائح ، لأنّ الطعام في اللغة يكون موضوع للحبوب والبرّ.

وإذا لم تقبل بذلك ، وقلت : بأنّ الطعام لغة وهو كلّ ما يتقوّى به الإنسان ، فيشمل الذبيحة ، فنقول : دليلنا على حرمة ذبيحة الكتابي هو الروايات المفسّرة للآية الكريمة.

وقال الله تعالى :( وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ

____________

١ ـ الكافي ٦ / ٢٤٠.

٢ ـ المائدة : ٥.

٣ ـ لسان العرب ١٢ / ٣٦٤.

٤٩٤

الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ) (١) .

فهذه الآية الكريمة تحرّم ما لم يذكر اسم الله عليه ، وتعبّر عنه بأنّه فسق ، وإذا رجعنا إلى آية الثلاثة من سورة المائدة ، وآية « ٣ و ١٢١ و ١٤٥ » من سورة الأنعام ، وسورة النحل والبقرة أيضاً نجد أنّ القرآن يعبّر عما لم يذكر اسم الله عليه بالرجس تارة ، وبالفسق أُخرى ، وبالإثم ثالثة ، فإذا كان هذا وصف ما لم يذكر اسم الله عليه ، فلا يمكن أن يكون حلالاً ومشمولاً لقوله تعالى :( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ) ، إذ الرجس والفسق والإثم لا يكون بأيّ حالٍ من الأحوال طيّباً ، فعليه لابدّ من حمل الآية على ما ذكرته الروايات ، من أنّ المراد بها الحبوب والعدس والألبان وما شاكلها ، لا ما يشمل الذبائح.

وهناك نكتة في الآية تساعدنا على أنّ المراد بحلّية طعام أهل الكتاب لنا ليست حلّية تكليفية ، وهي قوله تعالى :( وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ ) ، فإنّ من الجليّ لكلّ أحد أنّ الكتابيّ يأكل كلّ شيء ، ولا يحرّم طعام أي إنسان ، فما معنى أن يخاطبه الله بأنّ طعام المسلمين حلّ لكم ، لأنّ الكتابي لا يعرف الحرمة ولا الحلّيّة ، ولا يرى التكليف وغير ذلك ، فما معنى هذا الخطاب من الله تعالى لأهل الكتاب ، الذين لا يرون ذلك؟

فنقول : هذا قرينة على أنّ الحلّيّة التي خاطب بها الله أهل الكتاب ليست حلّية تكليفية ، وإنّما الآية ناظرة إلى قضية ، وهي : أنّ المسلمين بعد أن بدأت تكاليف الشريعة الإسلامية استشكلوا في طعام أهل الكتاب ، لأنّهم على خلاف عقيدتهم ، وأصبحوا في شكّ من التعامل معهم ، وتناول ما بأيديهم ، فلذلك نزلت هذه الآية المباركة لتبيّن أنّ طعامهم حلال ، وإنّ تناوله غير مضرّ ، ولذلك أردفه بقوله :( وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ ) .

____________

١ ـ الأنعام : ١٢١.

٤٩٥

( نور ـ البحرين ـ )

لم يصلب المسيح :

س : ما هي المقارنة بين صلب المسيح عند المسيحيين والمسلمين بالتفصيل؟ ودمتم بحفظ الله.

ج : إنّ القرآن الكريم ينصّ على عدم صلب المسيحعليه‌السلام :( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَل رَّفَعَهُ اللهِ ) (١) ، والمسلمون بكافّة اتجاهاتهم يؤمنون بهذا الموضوع.

وأمّا المسيحية فالخطّ العام منها تؤمن بالصلب ، ولكن المحقّقين منهم والمتحرّين للحقيقة لا يرون الواقع هكذا ، بل يصرّحون بنفي الصلب عن عيسىعليه‌السلام ، فعلى سبيل المثال يقول ( ارنست دي بونس ) الألماني في كتابه ما ملخصّه : إنّ جميع ما يختصّ بمسائل الصلب والفداء هو من مبتكرات ومخترعات بولس ، ومن شبهات الذين لم يروا المسيح ، لا من أُصول النصرانية الأصلية.

وأيضاًَ ممّن ذهب إلى ذلك من علماء النصارى ( المسيو أرادواسيوس ) الفرنسيّ ، الأُستاذ في مدارس اللاهوت الإنجليزية ، كما جاء في كتابه.

وهناك طوائف من المسيحية تنفي الصلب والقتل من قبيل ( الساطرنيوسيّون والسرنثيّون والباسيليديّون والبارديسيانيّون والتاتيانيسيّون ) ، مضافاً إلى أنّ إنجيل برنابا يصرّح بنفي هذا الحادث عن المسيحعليه‌السلام ، وإنّ الذي صلب بدله هو يهوذا.

( أمير نصيف ـ البحرين ـ )

من معتقدات المسيحية واليهود :

س : ما هو الفرق بين عقيدة اليهود والمسيحيين؟

____________

١ ـ النساء : ١٥٧ ـ ١٥٨.

٤٩٦

ج : لا يخفى عليك أنّ لكلّ من اليهودية والمسيحية فرق ومذاهب ، كما للإسلام ذلك ، ولكلّ فرقة اعتقادها الخاصّ بها ، وليس من السهل أن نعطيك عقيدة كلّ فرقة منهم ، ولكن نذكر لك بعض عقائد اليهودية والمسيحية بشكل عامّ.

معتقدات المسيحية :

الألوهية والتثليث : يعتقدون بوجود إله خالق عظيم ، لأنّهم كتابيون أصلاً ، لكنّهم يشركون معه الابن ( عيسى ) ، وروح القدس ( جبرائيل ) ، وبين الكنائس تفاوت عجيب في تقرير هذه المفاهيم ، وربط بعضها مع بعض ممّا يسمّونه الأقانيم الثلاثة.

الدينونة : يعتقدون بأنّ الحساب في الآخرة سيكون موكولاً لعيسى بن مريم ، لأنّ فيه شيئاً من جنس البشر ، ممّا يعينه على محاسبة الناس على أعمالهم.

تقديس الصليب : يعتبر الصليب شعاراً لهم ، وهو موضع تقديس الأكثرين ، وحمله علامة على أنّهم من أتباع المسيح.

الصوم : هو الامتناع عن الطعام الدسم ، وما فيه شيء من الحيوان ، أو مشتقّاته مقتصرين على أكل البقول ، وتختلف مدّته وكيفيته من فرقة إلى أُخرى.

الصلاة : ليس لها عدد معلوم مع التركيز على صلاتي الصباح والمساء ، وهي عبارة عن أدعية وتسبيحات وإنشاد ، كما أنّ الانتظام في الصوم والصلاة إنّما هو تصرّف اختياري لا إجباري.

التعميد : وهو يعني الارتماس في الماء ، أو الرش به باسم الأب والابن وروح القدس ، تعبيراً عن تطهير النفس من الخطايا والذنوب.

الاعتراف : وهو الإفضاء إلى رجل الدين بكلّ ما يقترفه المرء من آثام وذنوب ، وهذا الاعتراف يسقط عن الإنسان العقوبة ، بل يطهّره من الذنب إذ يدّعون بأنّ رجل الدين هذا هو الذي يقوم بطلب الغفران له من الله.

٤٩٧

يحلّون أكل لحم الخنزير ، ويحرّمون الختان مع وجوده في شريعتهم أصلاً ، وأباحوا كذلك الربا ، وشرب الخمرة ، لقد قصروا التحريم في الزنى ، وأكل المخنوق ، وأكل الدم ، وأكل ما ذبح للأوثان.

الأصل في ديانتهم الرهبانية ، وهو العزوف عن الزواج ، لكنّهم قصروه على رجال الدين ، وسمح للناس بزوجة واحدة ، مع منع التعدّد الذي كان جائزاً في مطلع المسيحية.

الطلاق : لا يجوز للرجل أن يطلّق زوجته إلاّ في حالة الزنى.

أمّا الفراق الناشئ عن الموت فإنّه يجيز للحيّ منهما أن يتزوّج مرّة أُخرى ، كما يجوز التفريق إذا كان أحد الزوجين غير نصرانيّ. نعم ، قد أجيز مؤخّراً الطلاق عندهم في حالات اضطرارية.

التكاثر والنسل : يحثّون جماعتهم من النصارى على التكاثر ، ويصبح ذلك أكثر وجوباً في المناطق التي لا يكونون فيها أكثرية.

النواحي الروحية : لقد جاءت النصرانية في الأصل لتربية الوجدان ، وتنمية النواحي العاطفية ، داعية إلى الزهد ، وعدم محاولة الثأر مستنكرة انخراط اليهود في المادّية المغرقة ، يقول إنجيلهم : « من ضربك على خدّك الأيمن فاعرض له الآخر ، ومن أخذ رداءك فلا تمنعه ثوبك » ، لكن تاريخهم مليء بالقتل وسفك الدماء.

صكوك الغفران : وهو صكّ يغفر لمشتريه جميع ذنوبه ما تقدّم منها وما تأخّر ، وهو يباع كأسهم الشركات ، وقد يمنح الشخص بناء على هذا الصكّ أمتاراً في الجنّة على حسب مقدار المبلغ الذي يقدّمه للكنيسة.

الهرطقة ومحاربتها : لقد حاربت الكنيسة العلوم والاكتشافات ، والمحاولات الجديدة لفهم الكتاب المقدّس ، وصوّبت سهامها إلى كلّ نقد ، ورمت ذلك كلّه بالهرطقة ، ومحاربة هذه الاتجاهات بمنتهى العنف والقسوة.

٤٩٨

معتقدات اليهودية :

يعتقدون بأنّ الذبيح من ولد إبراهيم إنّما هو إسحاق المولود من سارة ، والصحيح أنّه إسماعيل.

الثواب والعقاب إنّما يتمّ في الدنيا ، الثواب هو النصر والتأييد ، والعقاب هو الخسران ، والذلّ والاستعباد.

التابوت : هو صندوق كانوا يحفظون فيه أغلى ما يملكون من ثروات ومواثيق ، وكتب مقدّسة.

يعتقدون بأنّهم شعب الله المختار ، وأنّ أرواح اليهود جزء من الله ، وأنّ ديانتهم خاصّة بهم ، مقفلة على الشعب اليهوديّ.

يجوز غشّ غير اليهوديّ وسرقته ، واقتراضه بالربا الفاحش ، وشهادة الزور ضدّه ، وعدم البرّ بالقسم أمامه.

الولد الأكبر الذكر هو أوّل من يرث ، وله حظّ اثنين من اخوته ، ولا فرق بين المولود بنكاح شرعيّ أو غير شرعيّ في الميراث.

بعد الزواج تعدّ المرأة مملوكة لزوجها ، ومالها ملك له ، ولكن لكثرة الخلافات فقد أقرّ بعد ذلك أن تملك الزوجة رقبة المال ، والزوج يملك المنفعة.

من بلغ العشرين ولم يتزوّج فقد استحقّ اللعنة ، وتعدد الزوجات جائز شرعاً.

( حسين عبد الحميد ـ إيران ـ ٥٢ سنة ـ بكالوريوس )

المسيح ليس هو الله ولا ابنه :

س : أنا أحاور بعض المسيحيين ، وأُودّ أجوبة عقليّة ومن کتبهم على ما يلي :

١ ـ إنّ الله سبحانه لا يمكن أن يكون جسماً ومادّة.

٢ ـ إنّ المسيح ليس ابن الله.

٣ ـ إنّ المسيح ليس هو الله.

وإن كان هذا الموقع لا يختصّ بهذا المجال ، أرجو إعطائي عناوين مواقع

٤٩٩

أُخرى مختصّة به ، ولكم الشكر والتوفيق لكلّ من يقوم بخدمة هذا الموقع.

ج : إنّ الجواب العقليّ للأسئلة الثلاثة هو جواب واحد ، ويتلخّص في معرفة المبدأ ، وباختصار : يجب أن نعلم أنّ ما سوى الله تعالى مخلوق له ، فالأزلية والقدم يختصّان بذاته لا غيرها.

وعليه ، فالمسيحعليه‌السلام وكلّ جسم ومادّة بما أنّه موجود ومخلوق فهو مباين لذات البارئ تعالى ، وتفصيل الكلام يطلب من مباحث التوحيد في علم الكلام.

ولا يخفى أنّ السؤال الثاني والثالث هما من متفرّعات عقيدة التثليث الموجودة في كتبهم ، وقد أبطلها المحقّقون والعلماء ، إذ لا أساس لها عقلاً ونقلاً ، ولا تعتمد على أدلّة بيّنة وواضحة ، بل قد ينسب هذه النظرية الباطلة إلى فلاسفة اليونان.

والغريب أنّه ورد في ابتداء إنجيل متّى تعبيراً عن عيسىعليه‌السلام : « ميلاد المسيح ابن داود بن إبراهيم بن بن يوسف النجار » ، وهذا الكلام مع خطأه ، يفنّد مزاعم القائلين ببنوّته لله تعالى.

نعم ، هناك بعض الإشارات في العهد الجديد ـ وإن كان متناقضاً مع الخطّ العامّ المرسوم في الأناجيل الموجودة ـ يوحي بأنّ التعبير بالابن هو لتصوير العلاقة بين الفرد أو المجموعة بالله تبارك وتعالى ، لميزة الإيمان والطاعة ، فمثلاً ، جاء عن المسيحعليه‌السلام بالنسبة للمؤمنين قوله : « لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات ؛ طوبى لصانعي السلام ، لأنّهم أبناء الله يدعون » ، كما كثيراً ما سمّي المؤمنين « أولاد الله » في العهد الجديد.

( ـ السعودية ـ ١٩ سنة )

يجب معاملتهم بالحسنى :

س : كيف يمكن التوفيق بين البراءة من الكفّار ومعاداتهم ـ وفي بعض

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518