موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

موسوعة الأسئلة العقائديّة11%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-02-7
الصفحات: 518

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 518 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 244818 / تحميل: 6312
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٢-٧
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

يخلق الإمام أنزل قطرة من ماء المزن(١) فيقع على كلّ شجرة، فيأكل منه، ثمّ يواقع فيخلق اللَّه منه الإمام، فيسمع الصوت في بطن اُمّه، فإذا وقع على الأرض رفع له منار من نور يرى أعمال العباد، فإذا ترعرع(٢) كتب على عضده الأيمن:( وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) (٣) .(٤)

٦٧٩/٧ - وفيه : أحمد بن الحسين، عن المختار بن زياد، عن أبي جعفر محمّد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير قال: كنت مع أبي عبداللَّه عليه السلام في السنة الّتي ولدفيها ابنه موسى عليه السلام فلمّا نزلنا الأبواء(٥) وضع لنا أبوعبداللَّه عليه السلام الغداء ويلأصحابه وأكثره وأطابه، فبينا نحن نتغدّى إذ أتاه رسول حميدة أنّ الطلق(٦) قد ضربني، وقد أمرتني أن لا أسبقك بابنك هذا.

فقام أبو عبداللَّه عليه السلام فرحاً مسروراً ولم يلبث أن عاد إلينا حاسراً عن ذراعيه، ضاحكاً سنّه، فقلنا: أضحك اللَّه سنّك وأقرّ عينيك، ما صنعت حميدة؟ فقال: وهب اللَّه لي غلاماً وهو خير من برأ اللَّه، ولقد خبّرتني عنه بأمر كنت أعلم به منها، قلت:جعلت فداك، وما خبّرتك عنه [حميدة]؟

قال: ذكرت أنّه لمّا وقع من بطنها وقع واضعاً يديه على الأرض رافعاً رأسه إلى السماء، فأخبرتها أنّ تلك أمارة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وأمارة الإمام من بعده.

فقلت: جعلت فداك، وما تلك من علامة الإمام؟

فقال: إنّه لمّا كان في الليلة الّتي علق بجدّي فيها أتى آت جدّ أبي وهو راقد،

____________________

(١) قال المجلسي رحمه الله: الأكثر فسّروا المزن بالسحاب، أو أبيضه، أو ذي الماء، ويظهر من الأخبار أنّه اسم للماء الّذي تحت العرش.

(٢) ترعرع: تحرّك ونشأ وشبَّ واستوت قامته.

(٣) الأنعام: ١١٥.

(٤) بصائر الدرجات: ٤٣١ ح ١، عنه البحار: ٣٨/٢٥ ح ٥.

(٥) الأبواء: قرية من أعمال الفرع من المدينة، بينها وبين الجحفة ممّا يلى المدينة ثلاثة وعشرون ميلاً، وبالأبواء قبر آمنة اُمّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.

(٦) الطَلْق: وجع الولادة.

٢١

فأتاه بكأس فيها شربة أرقّ من الماء، وأبيض من اللبن، وألين من الزبد، وأحلى من الشهد، وأبرد من الثلج، فسقاه إيّاه، وأمره بالجماع، فقام فرحاً مسروراً فجامع فعلق فيها بجدّي.

ولمّا كان في الليلة الّتي علق بي فيها بأبي أتى آت جدّي فسقاه كما سقاه(١) جدّ أبي وأمره بالجماع، فقام فرحاً مسروراً فجامع فعلق بأبي؛

ولمّا كان في الليلة الّتي علق بي [فيها]، أتى آت أبي فسقاه وأمره كما أمرهم، فقام فرحاً مسروراً فجامع فعلق بي، ولمّا كان في اليلة الّتي علق فيها بابني هذا، أتاني آت كما أتى جدّ أبي وجدّي وأبي، فسقاني كما سقاهم، وأمرني كما أمرهم، فقمت فرحاً مسروراً بعلم اللَّه بما وهب لي، فجامعت فعلق بابني.

وإنّ نطفة الإمام ممّا أخبرتك، فإذا استقرّت في الرحم أربعين ليلة نصب اللَّه له عموداً من نور في بطن اُمّه، ينظر منه مدّ بصره، فإذا تمّت له في بطن اُمّه أربعة أشهر أتاه ملك يقال له: حيوان، وكتب على عضده الأيمن:( وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) (٢) .

فإذا وقع من بطن اُمّه وقع واضعاً يده على الأرض رافعاً رأسه إلى السماء، فإذا وضع يده إلى الأرض فإنّه يقبض كلّ علم أنزله اللَّه من السماء إلى الأرض، وأمّا رفعه رأسه إلى السماء فإنّ منادياً ينادي من بطنان العرش من قبل ربّ العزّة من الاُفق الأعلى باسمه واسم أبيه، يقول:

يا فلان، أثبت ثبّتك اللَّه فلعظيم ما خلقك(٣) أنت صفوتي من خلقي، وموضع سرّي وعيبه علمي، لك ولمن تولّاك أوجبت رحمتي، وأسكنت جنّتي وأحللت جواري. ثمّ وعزّتي لاُصلينّ(٤) من عاداك أشدّ عذابي، وإن أوسعت عليهم من

____________________

(١) في البحار: سقى.

(٢) الأنعام: ١١٥.

(٣) خلقتك، خ.

(٤) صلاة العذاب: شواه، أنضجه بمباشرة النار.

٢٢

سعة رزقي.

فإذا انقضى صوت المنادي أجابه الوصيّ:( شَهِدَ اللَّـهُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ ) (١) - إلى آخرها - فإذا قالها أعطاه اللَّه علم الأوّل وعلم الآخر، واستوجب زيارة الروح في ليلة القدر.

قلت: جعلت فداك، ليس الروح جبرئيل؟ فقال: جبرئيل من الملائكة، والروح خلق أعظم من الملائكة، أليس اللَّه يقول:( تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ ) (٢) .(٣)

٦٨٠/٨ - وفيه وفي البرهان : بأسانيده قال: روى غير واحد من أصحابنا أنّه قال:لاتتكلّموا في الإمام(٤) فإنّ الإمام يسمع الكلام وهو جنين في بطن اُمّه، فإذا وضعته كتب الملك بين عينيه:( وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) (٥) فإذا قام بالأمر رفع له في كلّ بلد مناراً [من نور](٦) ينظر منه(٧) إلى أعمال العباد.(٨)

وفي رواية يونس بن ظبيان قال - بعد تفسير الآية -: فإذا خرج إلى الأرض اُوتي الحكمة وزيّن بالعلم والوقار، واُلبس الهيبة، وجعل له مصباح من نور فعرف(٩) به الضمير، ويرى به أعمال العباد.(١٠)

٦٨١/٩ - في الكافي : عدّة من أصحابنا، عن سهل، عن عليّ بن مهزيار، عن

____________________

(١) آل عمران: ١٨.

(٢) القدر: ٤.

(٣) بصائر الدرجات: ٤٤٠ ح ٤، عنه البحار: ٤٢/٢٥ ح ١٧، والبرهان: ٥٤٩/١ ح١، وروى الكليني رحمه الله في الكافي: ٣٨٥/١ ح١ (نحوه).

(٤) قال المجلسي رحمه الله: لاتتكلّموا، أي في نصب الإمام وتعيينه بآرائكم، أوفي توصيفه، لأنّ أمره عجيب لاتصل إليه أحلامكم.

(٥) الأنعام: ١١٥.

(٦) ليس في المصدر والبحار.

(٧) في البصائر والبحار: به.

(٨) بصائر الدرجات: ٤٣٥ ح١، عنه البرهان: ٥٥٠/١ ح٥، والبحار: ٤٥/٢٥ ح ٢١.

(٩) في البصائر والبحار: يعرف.

(١٠) بصائر الدرجات: ٤٣٢ ح٤، عنه البرهان: ٥٥١/١ ح ١٠، والبحار: ٣٩/٢٥ ح٨.

٢٣

ابن بزيع قال: سألته - يعني أباجعفر عليه السلام - عن شيء من أمر الإمام، فقلت: يكون الإمام ابن أقلّ من سبع سنين؟ فقال: نعم، وأقلّ من خمس سنين.

أقول : في الحديث إشارة إلى القائم عليه السلام، لأنّه عليه السلام على أكثر الروايات كان ابن أقلّ من خمس سنين بأشهر، أو بسنة وأشهر.(١)

٦٨٢/١٠ - في معاني الأخبار، والخصال، والعيون : الطالقاني، عن أحمد الهمداني، عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن أبيه، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام قال: للإمام علامات، يكون أعلم الناس وأحكم الناس وأتقى الناس وأحلم الناس وأشجع الناس وأسخى الناس وأعبد الناس، ويولد مختوناً ويكون مطهّراً، ويرى من خلفه كما يرى من بين يديه، ولايكون له ظلّ.

وإذا وقع إلى الأرض من بطن اُمّه وقع على راحتيه، رافعاً صوته بالشهادتين ولايحتلم، وتنام عينه ولاينام قلبه، ويكون محدِّثاً، ويستوي عليه درع رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ولا يُرى له بول ولاغائط، لأنّ اللَّه عزّوجلّ قد وكّل الأرض بإبتلاع مايخرج منه.

وتكون رائحته أطيب(٢) من رائحة المسك، ويكون أولى بالناس منهم بأنفسهم، وأشفق عليهم من آبائهم واُمّهاتهم، ويكون أشدّ الناس تواضعاً للَّه عزّوجلّ، ويكون آخذ الناس بما يأمره به، وأكفّ الناس عمّا ينهى عنه، ويكون دعاؤه مستجاباً حتّى أنّه لو دعا على صخرة لانشقّت بنصفين.

ويكون عنده سلاح رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وسيفه ذوالفقار، وتكون عنده صحيفة فيها أسماء شيعتهم إلى يوم القيامة، وصحيفة فيها أسماء أعدائهم إلى يوم القيامة.

وتكون عنده الجامعة وهى صحيفة طولها سبعون ذراعاً، فيها جميع ما

____________________

(١) الكافي: ٣٨٤/١ ح٥، عنه البحار: ١٠٣/٢٥ ح٦.

(٢) في الخصال: ويكون له رائحة أطيب.

٢٤

يحتاج إليه ولد آدم، ويكون عنده الجفر الأكبر والأصغر [و](١) إهاب(٢) ماعز(٣) وإهاب كبش فيهما جميع العلوم حتّى أرش الخدش، وحتّى الجلدة ونصف الجلدة وثلث الجلدة، ويكون عنده مصحف فاطمة عليها السلام.(٤)

٦٨٣/١١ - في الإختصاص المنسوب إلى الشيخ المفيد قدس سره، وبصائر الدرجات :محمّد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، [عن عبداللَّه بن القاسم]، عن عمر بن أبان الكلبي، عن أبان بن تغلب قال: كنت عند أبي عبداللَّه عليه السلام حيث دخل عليه رجل من علماء أهل اليمن، فقال أبوعبداللَّه عليه السلام: يا يماني، أفيكم علماء؟

قال: نعم، قال: فأيّ شيء يبلغ من علم علمائكم؟ قال: إنّه ليسير في ليلة واحدة مسيرة شهر(٥) يزجر الطير ويقفوا الآثار.

فقال له: فعالم المدينة أعلم من عالمكم. قال: فأيّ شيء يبلغ من علم عالمكم بالمدينة؟ قال: إنّه يسير في [كلّ](٦) صباح واحد مسيرة سنة كالشمس إذا اُمرت، إنّها اليوم غير مأمورة، ولكن إذا اُمرت تقطع إثني عشر شمساً، وإثني عشر قمراً، وإثني عشر مشرقاً، وإثني عشر مغرباً، وإثني عشر برّاً، وإثني عشر بحراً، وإثني عشر عالماً، قال: فما بقي في يدي اليماني، فما درى ما يقول، وكفّ أبوعبداللَّه عليه السلام.(٧)

٦٨٤/١٢ - وفي البصائر : عبداللَّه بن جعفر، عن محمّد بن عيسى، عن داود

____________________

(١) ليس في الخصال والبحار، وفي الإحتجاج: وهو.

(٢) الإهاب - ككتاب -: الجلد.

(٣) الماعز: واحد المعز.

(٤) معاني الأخبار: ١٠١ ح٤، الخصال: ٥٢٧/٢ ح١، العيون: ١٦٩/١ ح١، الإحتجاج: ٤٣٧، عنهاالبحار: ١١٦/٢٥ ح١.

(٥) في البصائر، والبحار: شهرين.

(٦) ليس في المصادر.

(٧) الإختصاص: ٣١٢ بإختلاف يسير، بصائرالدرجات: ٤٠١ ح ١٤، عنه البحار: ٣٤٢/٥٧ ح٣٢، و٢٢٧/٥٨ ح٩.

٢٥

النهدي، عن عليّ بن جعفر، عن أبي الحسن عليه السلام أنّه سمعه يقول: لو اُذن لنا لأخبرناب فضلنا، قال: قلت له: العلم منه؟ قال: فقال لي: العلم أيسر من ذلك.(١)

٦٨٥/١٣ - وفيه : - في حديث طويل ومن جملته - قال أبوعبداللَّه عليه السلام لعبداللَّه بن بكر(٢) الأرجاني: يابن بكر، إنّ قلوبنا غير قلوب الناس، إنّا مصفّون مصطفون، نرى ما لايرى الناس، ونسمع ما لايسمعون، وإنّ الملائكة تنزل علينا في رحالنا وتقلّب على فرشنا وتشهد [طعامنا](٣) وتحضر موتانا.

وتأتينا بأخبار ما يحدث قبل أن يكون، وتصلّي معنا وتدعو لنا، وتلقي علينا أجنحتهم، وتتقلّب على أجنحتها صبياننا، وتمنع الدوابّ أن تصل إلينا، وتأتينا ممّا في الأرض من كلّ نبات في زمانه، وتسقينا من ماء كلّ أرض نجد ذلك في آنيتنا.

وما من يوم ولا ساعة ولا وقت صلاة إلّا وهى تنبّهنا لها، وما من ليلة تأتي علينا إلّا وأخبار كلّ أرض عندنا وما يحدث فيها، وأخبار الجنّ وأخبار أهل الهوا من الملائكة، وما ملك يموت في الأرض ويقوم غيره إلّا اُتينا بخبره(٤) وكيف سيرته في الّذين قبله، وما من أرض من ستّة أرضين إلى السابعة إلّا ونحن نؤتى بخبرهم.

فقلت له: جعلت فداك، أين منتهى هذا الجبل؟

قال: إلى الأرض السادسة وفيها جهنّم على وادٍ من أوديته، عليه حفظه أكثر من نجوم السماء وقطر المطر وعدد ما في البحار وعدد الثرى، قد وكّل كلّ ملك منهم بشيء وهو مقيم عليه لايفارقه.

قلت: جعلت فداك، إليكم [جميعاً] يلقون الأخبار؟

____________________

(١) بصائر الدرجات: ٥١٢ ح ٢٧، عنه البحار: ٣٧١/٢٥ ح ٢١، مختصر البصائر: ٦٨.

(٢) بكير، خ.

(٣) من الكامل.

(٤) في الكامل: إلّا أتانا خبره، وفي التأويل: إلّا أتتنا بخبره.

٢٦

قال: لا، إنّما يلقى ذاك إلى صاحب الأمر، [و] إنّا لنحمل ما لايقدر العباد على [حمله ولاعلى](١) الحكومة فيه فنحكم فيه، فمن لم يقبل حكومتنا جبرته الملائكة على قولنا، واُمرت الّذين يحفظون ناحيته أن يقسروه(٢) [على قولنا]، فإن كان من الجنّ من أهل الخلاف والكفر أوثقته وعذّبته حتّى تصير إلى ما حكمنا به.

قلت: جعلت فداك، فهل يرى الإمام ما بين المشرق [والمغرب]؟

قال: يابن بكر، فكيف يكون حجّة [على ما بين قطريها وهو لايراهم ولايحكم فيهم؟ وكيف يكون حجّة] على قوم غيّب لايقدر عليهم ولايقدرون عليه؟ وكيف يكون مؤدّياً عن اللَّه وشاهداً على الخلق وهو لايراهم؟ وكيف يكون حجّة عليهم وهو محجوب عنهم وقد حيل بينهم وبينه أن يقوم بأمر ربّه فيهم؟ واللَّه يقول:( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ ) (٣) يعني به من على الأرض.

والحجّة من بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يقوم مقامه، وهو الدليل على ما تشاجرت فيه الاُمّة، والآخذ بحقوق الناس، والقيام بأمراللَّه والمنصف لبعضهم من بعض، فإذا لم يكن معهم من ينفذ قوله وهو يقول:( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ ) (٤) فأيّ آية في الآفاق غيرنا أراها اللَّه أهل الآفاق؟ وقال:( وَمَا نُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا ) (٥) فأيّ آية أكبر منّا؟

واللَّه، إنّ بني هاشم وقريشاً لتعرف ما أعطانا اللَّه، ولكن الحسد أهلكهم كما أهلك إبليس، وإنّهم ليأتونا(٦) إذا اضطرّوا وخافوا على أنفسهم، فيسألونا فنوضح لهم فيقولون: نشهد أنّكم أهل العلم، ثمّ يخرجون فيقولون: ما رأينا أضلّ ممّن اتّبع هؤلاء ويقبل مقالاتهم.

____________________

(١) من التأويل.

(٢) يقسروه: يقهروه.

(٣) سبأ: ٢٨.

(٤) فصّلت: ٥٣.

(٥) الزخرف: ٤٨.

(٦) في الكامل: ليأتوننا.

٢٧

قلت: جعلت فداك، فأخبرني عن الحسين عليه السلام لو نبش كانوا يجدون في قبره شيئاً؟

قال: يابن بكر، ما أعظم مسائلك؟ الحسين عليه السلام مع أبيه واُمّه وأخيه الحسن عليهم السلام في منزل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يحيون كما يحيى ويرزقون كما يرزق، فلو نبش في أيّامه لوجد، وأمّا اليوم فهو حيّ عند ربّه ينظر إلى معسكره، وينظر إلى العرش متى يؤمر أن يحمله، وإنّه لعلى يمين العرش متعلّق يقول: يا ربّ، أنجز لي ما وعدتني.

وإنّه لينظر إلى زوّاره وهو أعرف بهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم، وبدرجاتهم وبمنزلتهم عنداللَّه من أحدكم بولده وما في رحله، وإنّه ليرى من يبكيه فيستغفر له رحمة له، ويسأل أباه الإستغفار له ويقول: لو تعلم أيّها الباكي ما اُعدّلك لفرحت أكثر ممّا جزعت، ويستغفر له رحمة له كلّ من سمع بكاءه من الملائكة في السماء وفي الحائر، وينقلب وما عليه من ذنب.(١)

٦٨٦/١٤ - في البحار : من كتاب منهج التحقيق إلى سواء الطريق، عن البزنطي، عن محمّد بن حمران، عن أسود بن سعيد قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام فقال مبتدأ من غير أن أسأله: نحن حجّة الله، ونحن باب اللَّه، ونحن لسان اللَّه ونحن وجه اللَّه، ونحن عين اللَّه في خلقه، ونحن ولاة أمراللَّه في عباده.

ثمّ قال: يا أسود بن سعيد، إنّ بيننا وبين كلّ أرض ترّاً مثل ترّ البنّاء فإذا اُمرنا

____________________

(١) كامل الزيارات: ٥٤١ ضمن ح ٢، الإختصاص: ٣٤٠ إلى قوله: «وهو مقيم عليه لايفارقه »، عنهما البحار: ٣٧٤/٢٥ ضمن ح ٢٤.

وأورده في تأويل الآيات: ٨٨٤/٢ ح ١٢، ومدينة المعاجز: ١٤٢/٦ ح ٣٤٠، والبرهان: ١٤٨/٤ح١ عن الكامل. وأخرجه في البحار: ٣٠٠/٢٧ ح٤ و ٢٩٢/٤٤ ح ٣٥ عن الكامل (قطعة)، تقدّم ج ٣٥٠/١ ح ٣٨١ (قطعة).

٢٨

في أمرنا(١) جذبنا ذلك الترّ فأقبلت إلينا الأرض بقلبها(٢) وأسواقها ودورها حتّى ننفذ فيها ما نؤمر فيها من أمراللَّه تعالى.(٣)

٦٨٧/١٥ - ومنه : يرفعه إلى ابن أبي عمير، عن المفضّل، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال:لو اُذن لنا أن نعلم الناس حالنا عنداللَّه ومنزلتنا منه لما احتملتم.

فقال له: في العلم؟ فقال عليه السلام: العلم أيسر من ذلك، إنّ الإمام وكر لإرادة اللَّه عزّوجلّ، لايشاء إلّا من يشاء اللَّه.(٤)

٦٨٨/١٦ - في الأمالي : لأبي علي ابن الشيخ الطوسي قدس سره: بأسانيده عن أبي حمزة، قال: سمعت أباعبداللَّه عليه السلام يقول: إنّ منّا لمن ينكت في قلبه، وإنّ منا لمن يؤتى في منامه، وإنّ منّا لمن يسمع الصوت مثل صوت السلسلة في الطشت، وإنّ منّا لمن يأتيه صورة أعظم من جبرئيل وميكائيل.

وقال أبوعبداللَّه عليه السلام: منّا من ينكت في قلبه، [ومنّا من يقذف(٥) في قلبه]، ومنّا من يخاطب.(٦)

٦٨٩/١٧ - في الإرشاد والإحتجاج : كان الصادق عليه السلام يقول: علمنا غابر و مزبور، ونكت في القلوب، ونقر في الأسماع، وإنّ عندنا الجفر الأحمر والجفر الأبيض ومصحف فاطمة عليها السلام، وعندنا الجامعة، فيها جميع ما يحتاج إليه الناس،

____________________

(١) في الإختصاص: فإذا أمرنا في الأرض بأمر، وفي الأصل: فإذا اُمرنا في أمر.

(٢) في الإختصاص: بقليبها.

(٣) المحتضر: ١٢٧، عنه البحار: ٣٨٤/٢٥ ح ٤٠، وأورده المفيد رحمه الله في الإختصاص: ٣١٨ من قوله عليه السلام: «يا أسود بن سعيد» وأورده الصفّار رحمه الله في البصائر: ٦١ ح١ إلى قوله: «يا أسود بن سعيد».

(٤) المحتضر: ١٢٨، عنه البحار: ٣٨٥/٢٥ ح ٤١، وتقدّم ج ٣٤٩/١ ح ٣٧٩، وفي هذا المجلّد ح ٦٨٤ (نحوه).

(٥) قال المجلسي رحمه الله: لعلّ النكت والقذف نوعان من الإلهام.

(٦) أمالي الطوسي: ٤٠٧ ح ٦٣ المجلس الرابع عشر، عنه البحار: ١٩/٢٦ ح٣. وللحديث تتمّة.

٢٩

فسئل عن تفسير هذا الكلام.

فقال: أمّا الغابر: فالعلم بما يكون، وأمّا المزبور: فالعلم بما كان.

وأمّا النكت في القلوب: فهو الإلهام، وأمّا النقر في الأسماع: فحديث الملائكة عليهم السلام نسمع كلامهم ولانرى أشخاصهم.

وأمّا الجفر الأحمر: فوعاء فيه سلاح رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ولن يخرج حتّى يقوم قائمنا أهل البيت.

وأمّا الجفر الأبيض: فوعاء فيه توراة موسى وإنجيل عيسى وزبور داود، وكتب اللَّه الاُولى.

وأمّا مصحف فاطمة عليها السلام: ففيه ما يكون من حادث، وأسماء من يملك إلى أن تقوم الساعة.

وأمّا الجامعة: فهو كتاب طوله سبعون ذراعاً، إملاء رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم من فلق(١) فيه وخطّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام بيمينه، فيها(٢) واللَّه، جميع ما تحتاج إليه الناس إلى يوم القيامة، حتّى أنّ فيه أرش الخدش، والجلدة ونصف الجلدة.(٣)

٦٩٠/١٨ - في الإختصاص : عن اليقطيني، عن زكريّا المؤمن، عن ابن مسكان وأبي خالد القماط وأبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم قال: قال أبوجعفر عليه السلام:إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أنال في الناس وأنال، وعندنا عرى العلم وأبواب الحكم ومعاقل العلم وضياء الأمر وأواخيه(٤) فمن عرفنا نفعته معرفته، وقبل منه عمله ومن لم يعرفنا لم ينفعه اللَّه بمعرفة ما علم، ولم يقبل منه عمله.(٥)

____________________

(١) الفَلْق: الشق. والفِلْق - بالكسر -: الأمر العجيب.

(٢) في المصادر: بيده، فيه.

(٣) الإحتجاج: ١٣٤/٢، الإرشاد: ٢٧٤، عنهما البحار: ١٨/٢٦ ح١.

(٤) الآخية: عروة تثبت في أرض أوحائط وتربط فيها الدابّة.

(٥) الإختصاص: ٣٠٣، عنه البحار: ٣٢/٢٦ ح ٤٧.

٣٠

٦٩١/١٩ - في بصائر الدرجات : أحمد بن إسحاق، عن الحسن [بن العبّاس] بن جريش، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أبوعبداللَّه عليه السلام: إنّا أنزلناه نور كهيئة العين على رأس النبيّ والأوصياء، لايريد أحد منّا علم أمر من أمر الأرض، أو أمر من أمر السماء إلى الحجب الّتي بين اللَّه وبين العرش إلّا رفع طرفه إلى ذلك النور، فرأى تفسير الّذي أراد فيه مكتوباً.(١)

أقول : لعلّ المراد بالعين هنا عين الشمس، ويحتمل الديدبان والجاسوس.

٦٩٢/٢٠ - وفيه : عبداللَّه بن محمّد، عن الخشّاب، عن عبداللَّه بن جندب، عن عليّ بن إسماعيل الأزرق قال: قال أبوعبداللَّه عليه السلام: إنّ اللَّه أحكم وأكرم وأجلّ وأعظم وأعدل من أن يحتجّ بحجّة ثمّ يغيّب عنه شيئاً من اُمورهم.(٢)

٦٩٣/٢١ - وفيه : إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن سيف، عن أبيه، عن عبدالكريم بن عمرو، عن أبي الربيع الشامي قال: قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام: بلغني عن عمرو بن الحمق(٣) حديث، فقال: أعرضه.

قال: دخل على أميرالمؤمنين عليه السلام فرأى صفرة في وجهه فقال: ما هذه الصفرة؟فذكر وجعاً به.

فقال له عليّ عليه السلام: إنّا لنفرح لفرحكم، ونحزن لحزنكم، ونمرض لمرضكم، وندعو لكم، وتدعون فنؤمّن.(٤)

قال عمرو: قد عرفت ما قلت، ولكن كيف ندعو فتؤمّن؟ فقال: إنّا سواء علينا

____________________

(١) بصائر الدرجات: ٤٤٢ ح٥، عنه البحار: ١٣٥/٢٦ ح ١١.

(٢) بصائر الدرجات: ١٢٣ ح١، عنه البحار: ١٣٨/٢٦ ح٥.

(٣) في المصدر: عمرو بن إسحاق.

(٤) أقول: ويؤيّده ما قال عليه السلام لرميله: يا رميله، ما من مؤمن ولامؤمنة يمرض إلّا مرضنا لمرضه، ولا حزن إلّا حزنّا لحزنه، ولا دعا إلّا آمنّا لدعائه (البحار: ١٥٤/٢٦ ح ٤٢).

٣١

البادى والحاضر، فقال أبوعبداللَّه عليه السلام: صدق عمرو.(١)

٦٩٤/٢٢ - في إرشاد القلوب : بالإسناد إلى المفيد يرفعه إلى سلمان الفارسي رضوان اللَّه عليه قال: قال أميرالمؤمنين عليه السلام:

يا سلمان، الويل كلّ الويل لمن لايعرفنا(٢) حقّ معرفتنا وأنكر فضلنا. يا سلمان، أيّما أفضل: محمّد صلى الله عليه وآله وسلم أو سليمان بن داود عليه السلام؟

قال سلمان: بل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم أفضل.

فقال: يا سلمان، فهذا آصف بن برخيا قدر أن يحمل عرش بلقيس من فارس إلى سبأ(٣) في طرفة عين وعنده علم من الكتاب، ولا أفعل أنا أضعاف ذلك وعندي ألف كتاب، أنزل اللَّه على شيث بن آدم عليه السلام خمسين صحيفة، وعلى إدريس [النبيّ عليه السلام] ثلاثين صحيفة، وعلى إبراهيم الخليل عليه السلام عشرين صحيفة، والتوراة والإنجيل والزبور [و] الفرقان. فقلت: صدقت يا سيّدي.

قال الإمام عليه السلام: يا سلمان، إنّ الشاكّ في اُمورنا وعلومنا كالمستهزىء(٤) في معرفتنا وحقوقنا، وقد فرض اللَّه ولايتنا في كتابه في غير موضع، وبيّن ما أوجب العمل به وهو [غير] مكشوف.(٥)

ورواه أيضاً الكراجكي رحمه الله في الكنز.(٦)

٦٩٥/٢٣ - في أمالي الصدوق قدس سره : أبي، عن سعد، عن ابن أبي الخطّاب، عن ابن أسباط، عن البطائني، عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام أنّه

____________________

(١) بصائر الدرجات: ٢٦٠ ح٢، عنه البحار: ١٤٠/٢٦ ح ١٢.

(٢) في البحار: لايعرف لنا.

(٣) في التأويل: من سبأ إلى فارس.

(٤) كالممتري، خ.

(٥) في البحار: وهو مكشوف.

(٦) إرشاد القلوب: ٣١٤/٢، عنه البحار: ٢٢١/٢٦ ح ٤٧، تأويل الآيات: ٢٤٠/١ ح ٢٤.

٣٢

قال: يا أبا بصير، نحن شجرة العلم، ونحن أهل بيت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وفي دارنا مهبط جبرئيل، ونحن خزّان علم اللَّه، ونحن معادن وحي اللَّه، من تبعنا نجى، ومن تخلّف عنها هلك، حقّاً على اللَّه عزّوجلّ.(١)

٦٩٦/٢٤ - في التوحيد ومعاني الأخبار : أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن أبان، عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا عبداللَّه عليه السلام يقول: إنّ للَّه عزّوجلّ خلقاً خلقهم من نوره [ورحمته لرحمته](٢) فهم عين اللَّه الناظرة، واُذنه السامعة، ولسانه الناطق في خلقه بإذنه، واُمناؤه على ما أنزل من عُذر أو نُذر أو حجّة.

فبهم يمحوا اللَّه السيّئات، وبهم يدفع الضَيم، وبهم يُنزل الرحمة، وبهم يُحيى ميتاً، وبهم يميت حيّاً، وبهم يَبتلي خلقه، وبهم يَقضي في خلقه قضيّته(٣) .

قلت: جعلت فداك، من هؤلاء؟ قال: الأوصياء.(٤)

٦٩٧/٢٥ - في بصائر الدرجات : أحمد بن محمّد، عن البزنطي، عن محمّد بن حمران، عن أسود بن سعيد قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام فأنشأ يقول ابتداءً من غير أن يُسئل: نحن حجّةالله، ونحن باب اللَّه، ونحن لسان اللَّه، ونحن وجه اللَّه، ونحن عين اللَّه في خلقه، ونحن ولاة أمراللَّه في عباده.(٥)

٦٩٨/٢٦ - وفيه : أحمد بن موسى، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن عليّ ابن حسّان، عن عبدالرحمان بن كثير قال: سمعت أباعبداللَّه عليه السلام يقول: نحن ولاة

____________________

(١) أمالي الصدوق: ٣٨٣ ح ١٥ المجلس الخمسون، عنه البحار: ٢٤٠/٢٦ ح١.

(٢) هكذا في البحار، وفي المعاني ونسخة من التوحيد: ورحمةً من رحمته لرحمته، وفي نسخة اُخرى: من رحمته لرحمته.

(٣) في البحار والمعاني: قضيّة، وفي الأصل: قضاءه.

(٤) التوحيد: ١٦٧ ح١، معاني الأخبار: ١٤ ح ١٠، عنهما البحار: ٢٤٠/٢٦ ح ٢.

(٥) بصائر الدرجات: ٦١ ح١، عنه البحار: ٢٤٦/٢٦ ح ١٣، تقدّم ص ٢٨ ح ٦٨٦.

٣٣

أمراللَّه، وخزنة علم اللَّه، وعيبة(١) وحي اللَّه، وأهل دين اللَّه، وعلينا نزل كتاب اللَّه، وبنا عبد اللَّه، ولولانا ما عرف اللَّه، ونحن ورثة نبيّ اللَّه وعترته.(٢)

أقول : قوله: «بنا عبد اللَّه» أي: نحن علّمنا الناس طريق عبادة اللَّه، أو نحن عبدنا اللَّه حقّ عبادته بحسب الإمكان، أو بولايتنا عبداللَّه فإنّها أعظم العبادات، أو بولايتنا صحّت العبادات فإنّها من أعظم شرائطها.

وقوله: «ولولانا ما عرف اللَّه» أي: لم يعرفه غيرنا، أو نحن عرّفناه الناس، أو بجلالتنا وعلمنا وفضلنا عرفوا جلالة قدر اللَّه وعظم شأنه.(٣)

٦٩٩/٢٧ - في البحار : قال: وروى البرسي رحمه الله، عن محمّد بن سنان، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال: سمعته يقول: نحن جنب اللَّه، ونحن صفوة اللَّه، ونحن خيرة اللَّه ونحن مستودع مواريث الأنبياء، ونحن اُمناء اللَّه، ونحن وجه اللَّه، ونحن راية(٤) الهدى، ونحن العروة الوثقى.

وبنا فتح اللَّه، وبنا ختم اللَّه، ونحن الأوّلون ونحن الآخرون، ونحن أخيار الدهر ونواميس العصر، ونحن سادة العباد وساسة البلاد، ونحن النهج القويم، والصراط المستقيم، ونحن علّة(٥) الوجود، وحجّة المعبود، ولايقبل اللَّه عمل عامل جهل حقّنا.

ونحن قناديل النبوّة ومصابيح الرسالة، ونحن نور الأنوار، وكلمه الجبّار ونحن راية الحقّ الّتي من تبعها نجا، ومن تأخّر عنها هوى، ونحن أئمّة الدين وقائد(٦) الغرّ المحجّلين، ونحن معدن النبوّة، وموضع الرسالة، وإلينا تختلف

____________________

(١) العَيْبَة: وعاء من خوص ونحوه، الصندوق.

(٢) بصائر الدرجات: ٦١ ح٣، عنه البحار: ١٠٦/٢٦ ح٩.

(٣) قاله المجلسي رحمه الله ذيل الحديث، راجع البحار: ٢٤٧/٢٦ ح ١٤.

(٤) في البحار: آية، وفي المصدر: أئمّة.

(٥) في المصدر: عين.

(٦) في المصدر: قادة.

٣٤

الملائكة، ونحن السراج لمن استضاء، والسبيل لمن اهتدى، ونحن القادة إلى الجنّة، ونحن الجسور والقناطر، ونحن السنام الأعظم.

وبنا ينزل الغيث، وبنا ينزل الرحمة، وبنا يدفع العذاب والنقمة، فمن سمع هذا الهدى فليتفقّد في قلبه حبّنا، فإن وجد فيه البغض لنا والإنكار لفضلنا فقد ضلّ عن سواء السبيل، لأنّا حجّة المعبود وترجمان وحيه وعيبة علمه، وميزان قسطه.

ونحن فروع الزيتونة، وربائب(١) الكرام البررة، ونحن مصباح المشكاة الّتي فيها نور النور، ونحن صفوة الكلمة الباقية إلى يوم الحشر المأخوذ لها الميثاق والولاية من الذرّ.(٢)

٧٠٠/٢٨ - في قصص الأنبياء : الصدوق قدس سره، [عن القطّان](٣) عن السكري، عن الجوهري، عن ابن عمارة، عن جابر الجعفي، عن الباقر صلوات اللَّه عليه قال: سألته عن تعبير الرؤيا عن دانيال عليه السلام أهو صحيح؟

قال: نعم، كان يوحى إليه وكان نبيّاً، وكان ممّن(٤) علّمه اللَّه تأويل الأحاديث، وكان صدّيقا حكيماً، وكان واللَّه يدين بمحبّتنا أهل البيت، قال جابر: بمحبّتكم أهل البيت؟

قال: إي واللَّه؛ وما من نبيّ ولاملك إلّا وكان يدين بمحبّتنا.(٥)

٧٠١/٢٩ - في الإختصاص : ابن سنان، عن المفضّل بن عمر قال: قال لي أبوعبداللَّه عليه السلام: إنّ اللَّه تبارك تعالى توحّد بملكه فعرّف عباده نفسه، ثمّ فوّض إليهم

____________________

(١) ربائب، جمع الربيبة: الحاضنة المربيّة الصبيّ.

(٢) مشارق الأنوار: ٥٠، عنه البحار: ٢٥٩/٢٦ ح ٣٦.

(٣) من المصدر، وليس في البحار.

(٤) في البحار: ممّا.

(٥) قصص الأنبياء: ٢٢٩ ح ٢٧٢، عنه البحار: ٣٧١/١٤ ح ١٠، و٢٨٤/٢٦ ح ٤١.

٣٥

أمره وأباح لهم جنّته، فمن أراد اللَّه أن يطهّر قلبه من الجنّ والإنس عرّفه ولايتنا ومن أراد أن يطمس(١) على قلبه أمسك عنه معرفتنا.

ثمّ قال: يا مفضّل، واللَّه ما استوجب آدم أن يخلقه اللَّه بيده وينفخ فيه من روحه إلّا بولاية عليّ عليه السلام وما كلّم اللَّه موسى تكليماً إلّا بولاية عليّ عليه السلام ولا أقام اللَّه عيسى بن مريم آية للعالمين إلّا بالخضوع لعليّ عليه السلام.

ثمّ قال: أجمل الأمر، ما استأهل خلق من اللَّه النظر إليه إلّا بالعبوديّة لنا.(٢)

٧٠٢/٣٠ - في البحار : مشارق الأنوار: بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن جابر، عن أبي عبداللَّه عليه السلام: أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم قال لعليّ عليه السلام: يا عليّ، أنت الّذي احتجّ اللَّه بك على الخلائق أجمعين حين أقامهم أشباحاً في ابتدائهم وقال لهم:( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ ) (٣) فقال: ومحمّد نبيّكم؟ قالوا: بلى، وعليّ عليه السلام إمامكم؟

قال: فأبى الخلائق جميعاً عن ولايتك والإقرار بفضلك، وعتوا عنها إستكباراً إلّا قليلاً منهم، وهم أصحاب اليمين وهم أقلّ القليل(٤) .

وإنّ في السماء الرابعة ملكاً يقول في تسبيحه: سبحان من دلّ هذا الخلق القليل من هذا العالم الكثير على هذا الفضل الجليل.(٥)

٧٠٣/٣١ - الكراجكي قدس سره : وقد ورد عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: أنا أكرم عنداللَّه من

____________________

(١) طَمَسَ القلب: فسد ولايعي شيئاً. طمس عليه: شوّهه أومحاه وأزاله.

(٢) الإختصاص: ٢٤٤، عنه البحار: ٢٩٤/٢٦ ح ٥٦، وأخرجه في ٩٦/٤٠ عن سليم (نحوه). وتقدّم ج ٣٥٠/١ ح ٣٨٢.

(٣) الأعراف: ١٧٢.

(٤) في الأصل: إلّا أقلّ القليل.

(٥) مشارق الأنوار: ١٧ و ١٨، عنه البحار: ٢٩٤/٢٦ ح ٥٧. وأورد الطوسي رحمه الله في أماليه: ٢٣٢ح٤ المجلس التاسع (نحوه).

٣٦

أن يدعني في الأرض أكثر من ثلاث، وهكذا عندنا حكم الأئمّة عليهم السلام.

قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: لو مات نبيّ بالمشرق ومات وصيّه بالمغرب لجمع اللَّه بينهما.(١)

٧٠٤/٣٢ - كتاب القائم للفضل بن شاذان : بإسناده عن جابر بن عبداللَّه قال: اكتنفنا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يوماً في مسجد المدينة فذكر بعض أصحابنا الجنّة.

فقال أبو دجانة: يا رسول اللَّه، سمعتك تقول: الجنّة محرّمة على النبيّين وسائر الاُمم حتّى تدخلها.

فقال له: يا أبا دجانة، أما علمت أنّ للَّه تعالى لواء من نور وعموداً من نور خلقهما اللَّه قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام مكتوب على ذلك: «لا إله إلّا اللَّه، محمّد رسول اللَّه، آل محمّد خير البريّة» صاحب اللواء عليّ أمام القوم.

فقال عليّ عليه السلام: الحمدللَّه الّذي هدانا بك وشرّفك وشرّفنا بك، فقال له النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: أما علمت أنّ من أحبّنا وانتحل محبّتنا أسكنه اللَّه معنا، وتلا هذه الآية:( فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ) (٢) .(٣)

٧٠٥/٣٣ - قرب الإسناد : ابن عيسى، عن البزنطي قال: كتب إليّ الرضا عليه السلام: قال أبوجعفر عليه السلام: من سرّه أن لايكون بينه وبين اللَّه حجاب حتّى ينظر إلى اللَّه وينظر اللَّه إليه فليتولّ آل محمّد، ويبرء(٤) من عدوّهم، ويأتمّ بالإمام منهم، فإنّه إذا كان كذلك نظر اللَّه إليه، ونظر إلى اللَّه.(٥)

____________________

(١) كنز الفوائد: ١٤٠/٢، عنه البحار: ٢٩٨/١٨ و ٣٠٣/٢٦ و ١٣١/١٠٠.

(٢) القمر: ٥٥.

(٣) المحتضر: ٩٧، عنه البحار: ١٢٩/٢٧ ح ١٢٠. وأورده الاسترآبادي في تأويل الآيات: ٦٢٩/٢ح٢ باختلاف يسير.

(٤) يتبرّأ، خ.

(٥) قرب الإسناد: ٣٥١ ضمن ح ١٢٦٠، عنه البحار: ٨١/٢٣ ح ١٧، وفي ذيل الحديث قال رحمه الله:المراد بالنظر إلى اللَّه: النظر إلى رحمته وكرامته أو إلى أوليائه، أو غاية معرفته بحسب وسع =

٣٧

٧٠٦/٣٤ - أمالي ابن الشيخ الطوسي قدس سره : المفيد، عن الجعابي، عن ابن عقدة عن محمّد بن القاسم الحارثي، عن أحمد بن صبيح، عن محمّد بن إسماعيل الهمداني، عن الحسين بن مصعب قال: سمعت جعفر بن محمّد عليهما السلام يقول:

من أحبّنا للَّه وأحبّ محبّنا لا لغرض دنيا يصيبها منه، وعادى عدوّنا لا لإحنة(١) كانت بينه وبينه، ثمّ جاء يوم القيامة وعليه من الذنوب مثل رمل عالج وزبد البحرغفر اللَّه تعالى له.(٢)

٧٠٧/٣٥ - أمالي الشيخ الصدوق قدس سره : ابن المتوكّل، عن الأسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن عليّ بن سالم، عن أبيه، عن الثمالي، عن ابن جبير، عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم:

من سرّه أن يجمع اللَّه له الخير كلّه فليوال عليّاً بعدي وليوال أولياءه وليعاد أعداءه.(٣)

٧٠٨/٣٦ - في الخصال : [في حديث] الأربعمائة قال: قال أميرالمؤمنين عليه السلام: من تمسّك بنا لحق، ومن سلك غير طريقتنا غرق، لمحبّينا أفواج من رحمةالله ولمبغضينا أفواج من غضب اللَّه.(٤)

وقال عليه السلام: من أحبّنا بقلبه، وأعاننا بلسانه، وقاتل معنا أعداءَنا بيده، فهو معنا

____________________

= المرء وقابليّة. وأخرجه في ٥١/٢٧ ح٢. وقال رحمه الله في ذيل الحديث: نظره إلى اللَّه كناية عن غاية المعرفة بحسب طاقته وقابليّته، ونظر اللَّه إليه كناية عن نهاية اللطف والرحمة.

وأورده تمام الحديث في ٢٦٥/٤٩ ح ٨.

(١) الإحْنَة: الحقد والضغْن.

(٢) أمالي الطوسي: ١٥٦ ح ١١ المجلس السادس، عنه البحار: ٥٤/٢٧ ح٧، وأورده الطبري رحمه الله في بشارة المصطفى: ٩٠، عنه البحار: ١٠٦/٢٧ ح ٧٧، ورواه الديلمي رحمه الله في إرشاد القلوب:٧٧/٢.

(٣) أمالي الصدوق: ٥٦٠ ح٧ المجلس الثاني والسبعون، بشارة المصطفى: ١٥٠ و١٩٦. تقدّم في ج ٢١٨/١ ح ٢٣٦ بتخريجاته.

(٤) الخصال: ٦٢٧/٢.

٣٨

[في الجنّة] في درجتنا، ومن أحبّنا بقلبه، وأعاننا بلسانه، ولم يقاتل معنا أعداءنا، فهو أسفل من ذلك بدرجة(١) ومن أحبّنا بقلبه ولم يعن علينا(٢) بلسانه ولابيده فهو في الجنّة.

ومن أبغضنا بقلبه، وأعان علينا بلسانه ويده، فهو مع عدوّنا في النار، [ومن أبغضنا بقلبه، وأعان علينا بلسانه، فهو في النار]، ومن أبغضنا بقلبه ولم يعن علينا بلسانه ولابيده، فهو في النار.(٣)

وقال عليه السلام: أنا يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظلمة. واللَّه، لايحبّني إلّا مؤمن ولايبغضنى إلّا منافق.(٤)

٧٠٩/٣٧ - في المحاسن : عليّ بن الحكم أو غيره، عن حفص الدهّان قال: قال أبوعبداللَّه عليه السلام: إنّ فوق كلّ عبادة عبادة، وحبّنا أهل البيت أفضل عبادة.(٥)

وفي خبر آخر: حبّ عليّ عليه السلام سيّد الأعمال.(٦)

٧١٠/٣٨ - وفيه : أبو محمّد الخليل(٧) بن يزيد، عن عبدالرحمان الحذاء، عن أبي كلدة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم:

الروح والراحة والرحمة والنصرة واليسر واليسار والرضا والرضوان والفرج والمخرج والظهور والتمكين والغنم والمحبّة من اللَّه و [من] رسوله لمن والى عليّاً عليه السلام وائتمّ به.(٨)

وفي خبر آخر : عن الصادق عليه السلام قال: لكلّ شيء أساس، وأساس الإسلام حبّنا

____________________

(١) في المصدر: بدرجتين.

(٢) في المصدر: ولم يعنّا.

(٣) الخصال: ٦٢٩/٢.

(٤) الخصال: ٦٣٣/٢.

(٥) المحاسن: ١١٣ ح ٦٧.

(٦) وفي حديث قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: حبّى وحبّ عليّ بن أبي طالب سيّد الأعمال. راجع البحار:٥٤/٤٠ ضمن ح ٨٩.

(٧) في الأصل: محمّد بن خليل.

(٨) المحاسن: ١٠٧ ح ٣٧.

٣٩

أهل البيت.(١)

٧١١/٣٩ - في البحار : من كتاب الشفاء والجلاء عن أبي عبداللَّه عليه السلام أنّه قال: كما لاينفع مع الشرك شيء فلا يضرّ مع الإيمان شيء.(٢)

٧١٢/٤٠ - كتاب منهج التحقيق إلى سواء الطريق : رواه من كتاب الآل لابن خالويه يرفعه إلى جابر الأنصاري قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إنّ اللَّه عزّوجلّ خلقني وخلق عليّاً وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام من نور واحد، فعصر ذلك النور عصرة فخرج منه شيعتنا، فسبّحنا فسبّحوا، وقدّسنا فقدّسوا، وهلّلنا فهلّلوا، ومجّدنا فمجّدوا، ووحّدنا فوحّدوا.

ثمّ خلق اللَّه السماوات والأرض وخلق الملائكة، فمكثت الملائكة مائة عام لاتعرف تسبيحاً ولاتقديساً، فسبّحنا فسبّحت شيعتنا فسبّحت الملائكة، وكذا في البواقي.(٣)

فنحن الموحّدون حيث لاموحّد غيرنا، وحقيق على اللَّه عزّوجلّ كما اختصّنا واختصّ شيعتنا أن يزلفنا(٤) وشيعتنا في أعلى علّيّين، إنّ اللَّه اصطفانا واصطفى شيعتنا من قبل أن نكون أجساماً فدعانا فأجبناه، فغفر لنا ولشيعتنا من قبل أن نستغفر اللَّه عزّوجلّ.(٥)

٧١٣/٤١ - في معاني الأخبار : ابن البرقي، عن أبيه، عن جدّه، عن محمّد بن

____________________

(١) المحاسن: ١١٣ ح ٦٦.

(٢) البحار: ١٣٢/٢٧ ح ١٢٦، و٦٦/٦٧ ح ٢٠، عن المؤمن والتمحيص: ٣٦ ح ٧٩.

(٣) أي في التقديس والتهليل والتمجيد والتوحيد، قدّسنا فقدّست شيعتنا فقدّست الملائكة، إلى آخرها.

(٤) ينزلنا، خ.

(٥) المحتضر: ١١٢، عنه البحار: ١٣١/٢٧ ح ١٢٢، جامع الأخبار: ١٠، عنه البحار: ٣٤٣/٢٦ ح١٦، وأخرجه في ٨٠/٣٧ ح ٤٩ عن كشف الغمّة.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

الأمويّين في هذا المجال ، أكثر ممّا ذكرناه.

( أحمد جعفر ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

خير البشر فمن أبى فقد كفر :

س : ما معنى : « علي خير البشر ، فمن أبى فقد كفر » (١) ، هل صحيح من أبى ذلك فقد كفر؟

ج : الكفر لغةً بمعنى الستر( يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ) (٢) أي يسترها ويغفرها ، ويأتي الكفر بمعنى الجحود أيضاً وبمعان أُخرى ، والكفر اصطلاحاً : بمعنى الإلحاد بالله ، أو عدم الإيمان بخاتم الأنبياء ، وهذا يعني أنّه يستر على الحقّ ، فإنّ الله هو الحقّ.

ثمّ من الحقّ الثابت نبوّة خاتم الأنبياء محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فمن لم يؤمن به فقد كفر ، وقد ثبت بقول الله ورسوله بالنصوص القرآنية والروائية أنّ أمير المؤمنين عليعليه‌السلام هو خير البشر بعد رسول الله ، فإنّ الرسول هو أشرف خلق الله ، وعليعليه‌السلام بنصّ آية المباهلة هو نفس الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيكون أشرف خلق الله بعد رسوله ، فهو خير البشر ، ومن أبى عن هذا الحقّ فقد كفر ، وستر ما هو الحقّ ، فهو كافر بحقّ الإمام والإمامة والخلافة الحقّة ، كما أنّ من لم يؤمن برسول الله فهو كافر بحقّ النبيّ والنبوّة ، كما أنّ من لم يؤمن بالله فهو كافر بحقّ الله والتوحيد ، فيكون بهذا المعنى من الكفر في العقيدة الصحيحة والتامّة.

فإنّ الإمامة والإيمان بالولاية من العقيدة السليمة والتامّة بصريح القرآن

__________________

١ ـ علل الشرائع ١ / ١٤٢ ، تاريخ بغداد ٧ / ٤٣٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٣٧٢ ، إعلام الورى ١ / ٣١٩ ، ينابيع المودّة ٢ / ٧٨.

٢ ـ التحريم : ٨.

٨١

الكريم ، وآية الإكمال( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) (١) ، وشأن نزولها كما عند المفسّرين هو قضية الغدير الثابت متواتراً ، فمن أبى فقد كفر بأصل من أُصول الدين الإسلامي ، وهي الإمامة الحقّة.

ويحتمل أن يكون الكفر في الحديث الشريف من الكفر العملي ، فإنّ قول علي خير البشر من الولاية ، وأعظم نعمة هي نعمة الولاية( وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) ، والولاية لها شعب ، منها : الحُبّ المقارن مع الطاعة ، فيلزمهما العمل الصالح ، فمن أبى الولاية ومظاهرها وشعائرها ، ومقولاتها ومعانيها ، ومنها « علي خير البشر » فقد كفر وجحد بنعمة الله ، فهو كافر في مقام العمل.

( أبو الصادق ـ فلسطين ـ سنّيّ ـ ٢٠ سنة ـ هندسة تحكّم )

مصادر حديث علي وشيعته هم الفائزون :

س : أين أجد حديث الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ والذي روته أُمّ سلمة : « علي وشيعته هم الفائزون يوم القيامة » ـ في كتب السنّة والشيعة؟

ج : لا يخفى عليك أنّ هذا الحديث ورد بعدّة ألفاظ ، وبأسانيد مختلفة ـ عن أُمّ سلمة ، وابن عباس ، وجابر الأنصاريّ ، وغيرهم ـ ولكن مضمونها واحد ، وهو : أنّ علياًعليه‌السلام وشيعته هم الفائزون يوم القيامة(٢) .

كما لايخفى عليك أيضاً ، أنّ هذا الحديث ورد في مصادر كثيرة للفريقين.

__________________

١ ـ المائدة : ٣.

٢ ـ الأمالي للشيخ الصدوق : ٥٢٤ ، الإرشاد ١ / ٤١ ، شواهد التنزيل ٢ / ٤٦٧ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٣٣٣ ، أنساب الأشراف : ١٨٢ ، ينابيع المودّة ١ / ١٧٣ و ١٩٧ و ٢ / ٧٨ و ٢٤٥ و ٣١٢ ، الدرّ المنثور ٦ / ٣٧٩ ، فتح القدير ٥ / ٤٧٧ ، نور الأبصار : ١١٩ ، المعجم الأوسط ٦ / ٣٥٤ ، مجمع الزوائد ١٠ / ٢١ ، نظم درر السمطين : ٩٢ ، كنز العمّال ١٣ / ١٥٦ ، الصحاح ١ / ٣٩٧ ، النهاية في غريب الحديث ٤ / ١٠٦ ، لسان العرب ٢ / ٥٦٦ ، تاج العروس ٢ / ٢٠٩.

٨٢

« ـ »

معنى حبّه حسنة لا تضرّ معها سيئة :

س : أُودّ الاستفادة إذا سمحتم لي ، يقال في الإمام عليعليه‌السلام : إنّ حبّه حسنة لا تضرّ معها سيئة.

ما هو المقصود بذلك؟ هل يعني أنّه يكفي محبّة الإمامعليه‌السلام بدون صلاة؟ وهذا من المنظور السطحي ، أم محبّة الإمام مقرونة بالأعمال الحسنة ، وليست السيئة؟

ج : لقد استفاضت الأخبار عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « حبّ علي حسنة لا تضرّ معها سيئة ، وبغضه سيئة لا ينفع معها حسنة »(١) .

وهناك عدّة تأويلات ذكرت لهذا الخبر :

منها : عن الشهيد الثاني ( قدس سره ) : « حمله على المحبّة الحقيقيّة الكاملة ، وهي توجب عدم ملابسة شيء من الذنوب البتة ، لأنّ المحبّ الحقيقيّ يؤثر رضا المحبوب كيف كان.

ولاشكّ أنّ رضا عليعليه‌السلام في ترك المحرّمات والقيام بالواجبات ، فمحبّة علي الحقيقيّة تؤثّر لأجل ذلك ، فلا يفعل ما يوجب النار فيدخل الجنّة ، ومن خالف هوى محبوبه فمحبّته معلولة »(٢) .

ومنها : عن علي بن يونس العامليّ ( قدس سره ) : « إنّ من أحبّ علياً لا يخرج من الدنيا إلاّ بتوبة تكفّر سيئاته ، فتكون ولايته خاتمة عمله ، ومن لم يوفّق للتوبة ابتلى بغمّ في نفسه ، أو حزن في ماله ، أو تعسير في خروج روحه ، حتّى يخرج من الدنيا ولا ذنب له يؤاخذ به »(٣) .

__________________

١ ـ ينابيع المودّة ٢ / ٧٥ و ٢٩٢ ، فردوس الأخبار : ٣٤٧.

٢ ـ رسالة في العدالة : ٢٢٧.

٣ ـ الصراط المستقيم ١ / ١٩٩.

٨٣

ومنها : عن الشيخ المفيد ( قدس سره ) : « إنّ الله تعالى آلى على نفسه أن لا يطعم النار لحم رجل أحبّ علياًعليه‌السلام ، وإن ارتكب الذنوب الموبقات ، وأراد الله أن يعذّبه عليها ، كان ذلك في البرزخ ، وهو القبر ومدّته ، حتّى إذا ورد القيامة وردها وهو سالم من عذاب الله ، فصارت ذنوبه لا تضرّه ضرراً يدخله النار »(١) .

ومنها : عن بعض الأعاظم ، نقله الشيخ الماحوزيّ : « إنّ محبّة عليعليه‌السلام توجب الإيمان الخاصّ ، والتشيّع بقول مطلق ، وحينئذ لا يضرّ معه سيئة ، لأنّ العصيان في غير الأُصول الخمسة لا يوجب الخلود في النار ، بل المفهوم من أخبارنا الواردة عن أئمّتناعليهم‌السلام : إنّ ذنوب الشيعة الإمامية مغفورة »(٢) .

ومنها : عن ابن جبر ( قدس سره ) : « لمّا كان حبّه هو الإيمان بالله تعالى وبغضه هو الكفر استحقّ محبّه الثواب الدائم ، ومبغضه العذاب الدائم ، فإن قارن هذه المحبّة سيئة استحقّ بها عقاباً منقطعاً ، ومع ذلك يرجى له عفو من الله تعالى ، أو شفاعة من الرسول ‎صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكلّ شيء قلّ ضرره بإضافته إلى ما كثر ضرره ، جاز أن يقال : إنّه غير ضارّ ، كما يقال : لا ضرر على من يحبّ نفسه في مهلكة ، وإن تلف ماله.

فحبّهعليه‌السلام يصحّح العقيدة ، وصحّة العقيدة تمنع من الخلود ، فلا تضرّ سيئته كلّ الضرر ، وبغضه يفسدها ، وفسادها يوجب الخلود ، ويحبط كلّ حسنة »(٣) .

ومنها : عن الشيخ الطريحي : « الظاهر أنّ المراد بالحبّ الحبّ الكامل المضاف إليه سائر الأعمال ، لأنّه هو الإيمان الكامل حقيقة ، وأمّا ما عداه فمجاز ، وإذا كان حبّه إيماناً وبغضه كفراً ، فلا يضرّ مع الإيمان الكامل سيئة ، بل تغفر إكراماً لعليعليه‌السلام ، ولا تنفع مع عدمه حسنة إذ لا حسنة مع عدم الإيمان »(٤) .

__________________

١ ـ الأربعين : ١٠٥ عن الإرشاد.

٢ ـ الأربعين : ١٠٥.

٣ ـ نهج الإيمان : ٤٤٩.

٤ ـ مجمع البحرين ١ / ٤٤٢.

٨٤

هذه بعض التأويلات وبها نكتفي.

( نور ـ دبي ـ ٢٤ سنة ـ طالب )

تشخيص قبره وبنائه :

س : من هو أوّل من وضع علامة على قبر أمير المؤمنين عليه‌السلام ؟ ومن هو نصب الضريح وبنى القبة؟

ج : بعد شهادة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام بالكوفة تولّى الإمامان الحسن والحسينعليهما‌السلام تغسيله وتكفينه ودفنه في الغريّ ، وقد عفّيا موضع قبرهعليه‌السلام بوصية كانت منه إليهما ، لما كان يعلمه من عدواة بني أُمية له ، وما ينتهون إليه من سوء نيّاتهم.

فلم يزل قبرهعليه‌السلام مخفيّاً حتّى دلّ عليه الإمام الصادقعليه‌السلام في زمن الدولة العباسيّة ، وحينها أخذت الشيعة تأتي إلى زيارتهعليه‌السلام .

وقال ابن الدمشقي : « وقيل : إنّ الرشيد خرج يوماً إلى الصيد ، فأتى إلى موضع قبره الآن ، فأرسل فهداً على صيد ، فتبع الفهد الصيد إلى موضع القبر ، فوقف ولم يتجاوزه ، فعجب الرشيد من ذلك ، فحضر إليه رجل وقال : يا أمير المؤمنين مالي من كرامة إن دللتك على قبر علي بن أبي طالب؟

قال : كلّ كرامة.

قال : هذا قبره.

قال : من أين علمت ذلك؟

قال : كنت أخرج إليه مع أبي فيزوره ، وأخبرني أنّه كان يجيء مع جعفر الصادق فيزوه ، وإنّ جعفراً كان يجيء مع أبيه محمّد الباقر فيزوره ، وأن محمّداً كان يجيء مع علي بن الحسين فيزوره ، وأنّ الحسين أعلمهم أنّ هذا قبره.

٨٥

فتقدّم الرشيد بأن يحجّر ويبنى عليه ، فكان أوّل من بنى عليه هو ، ثمّ تزايد البناء »(١) .

وحكم الرشيد بين سنة ١٧٠هـ ـ ١٩٣ هـ

ولكن السيّد ابن طاووس يذهب إلى أنّ أوّل من وضع صندوقاً على قبر أمير المؤمنين عليعليه‌السلام هو داود بن علي العباسيّ ، المتوفّى ١٣٣ هـ.(٢) .

والظاهر أنّ أوّل من بيّن قبر الإمامعليه‌السلام هو الإمام الصادقعليه‌السلام ، وأوّل من وضع ضريحاً ـ صندوقاً ـ على قبرهعليه‌السلام هو داود بن علي العباسيّ ، وأوّل من أمر ببناء قبّة على قبرهعليه‌السلام هو هارون الرشيد.

( السيّد الموسوي ـ )

كان في صلح الحديبية :

س : هل كان الإمام علي عليه‌السلام في صلح الحديبية أم لا؟

ج : لقد كان الإمام عليعليه‌السلام موجوداً في صلح الحديبية ، فقد روي البخاريّ عن أبي إسحاق قال : « حدّثني البراة : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا أراد أن يعتمر أرسل إلى أهل مكّة يستأذنهم ليدخل مكّة ، فاشترطوا عليه أن لا يقيم بها إلاّ ثلاث ليال ، ولا يدخلها بجلبان السلاح ، ولا يدعو منهم أحداً ، قال : فأخذ يكتب الشرط بينهم علي بن أبي طالب ، فكتب : «هذا ما قاضى عليه محمّد رسول الله » ، فقالوا : لو علمنا أنّك رسول الله لم نمنعك ولبايعناك ، ولكن أكتب هذا ما قاضى عليه محمّد بن عبد الله.

فقال : «أنا والله محمّد بن عبد الله ، وأنا والله رسول الله » ، قال : وكان لا يكتب ، قال : فقال لعلي : «امح رسول الله » ، فقال علي : «والله لا أمحوه

__________________

١ ـ جواهر المطالب ٢ / ١١٤.

٢ ـ فرحة الغريّ : ١٦.

٨٦

أبداً » ، قال : فأرينه ، قال : فأراه إيّاه ، فمحاه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بيده »(١) .

( سلام حسن ـ العراق ـ طالب علم )

طالب بحقّه :

س : سؤالي هو استيضاح لإشكال علق في ذهني ، مفاده : إنّا حين نسأل عن سبب عدم مطالبة الإمام عليعليه‌السلام بحقّه ، وعدم خروجه على من غصب حقّه ، يرد الجواب المعروف : أنّه لم يفعل ذلك حفاظاً على بيضة الإسلام ووحدته ، ولكن نرى أوّلاً : إنّ الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام قد خرج ـ ولو لبعض الشيء ـ على الخلافة المزيّفة ، كما نقل لنا التاريخ ذلك في قصّة نفي الصحابيّ الجليل أبو ذر الغفاريعليه‌السلام ، وكذلك الخطبة الشقشقية ، ومواقف أُخرى أنتم أكثر منّي اطلاعاً عليها.

وأمّا ثانياً : فإنّا نشاهد بحسب الواقع اليوم : أنّ ما عليه المسلمون من تخلّف اليوم ، يرجع بشكل واضح لتلك الرزايا الأُولى من غصب الخلافة ، فأقول : ـ وأرجو السماح من الإمام أوّلاً ومنكم ثانياً ـ لو أنّ الإمام طالب بحقّه جهراً وبقوّة لما حدث ما حدث.

أرجو أن توضّحوا لي هذا الاستفسار بشكل مبسّط ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمّد وآله الميامين.

ج : نوضّح الجواب بنقاط :

١ ـ إنّ جوابنا بأنّ الإمام لم يفعل ذلك حفاظاً على بيضة الإسلام هو جواب على سبب عدم قتال أمير المؤمنينعليه‌السلام لمن غصب حقّه ، وليس جواب عن السؤال عن سبب عدم مطالبته بحقّه.

٢ ـ نحن لا نقول : إنّ الإمامعليه‌السلام لم يطالب بحقّه ـ كما هو مفروض السؤال ـ

__________________

١ ـ صحيح البخاريّ ٤ / ٧١.

٨٧

فهناك تسرّع لدى السائل أو غيره ، وإنّما الصحيح أنّ الإمامعليه‌السلام لم يقاتل ، لأنّ قتاله كان سيضرّ بالإسلام ويضعفه ، وأيضاً لا يصل لحقّه منه لقلّة أنصاره.

ولكن هذا غير المطالبة بالحقّ بالوسائل الأُخرى المتاحة ، والتي ليس فيها ضرر لإلقاء الحجّة على الغاصبين ، والمسلمين الآخرين ، والأجيال اللاحقة من المسلمين.

فإنّ الإمامعليه‌السلام استخدم في المطالبة بحقّه مختلف الأساليب بالقدر المستطاع ، كالتذكير بوصايا الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإثبات أفضليته وأعلميته وقرابته ووراثته ، وغيرها ، أي استخدم جميع الوسائل المتاحة للمقاومة السلبية والإيجابية ، وهذا قطعاً يثبت أنّه طالب بحقّه ، والمطالبة بالحقّ لا تنحصر بالقتال فقط.

٣ ـ نعم إنّ ما نحن فيه اليوم هو من آثار ما مضى من أفعال القوم ، ولو كان الإمامعليه‌السلام يستطيع أن يمنعه بالسيف لفعل ، ولكن يجب أن ننظر بموضوعية لسلوك الإمامعليه‌السلام الحكيم ، بأنّه بسلوكه المتوازن بين عدم القتال وعدم السكوت عن حقّه ، والوقوف ما استطاع أمام محاولات حرف الإسلام عن مساره العام ، وإن وقع الظلم عليه خاصّة ، قد حافظ على الهيكل العام للإسلام كما تجده اليوم ، واستطاع أن يبقي الإسلام الحقّ النازل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حيّاً إلى اليوم ، ببقاء هذه الثلّة المؤمنة الموالية ، وهم شيعة أهل البيتعليهم‌السلام ، وهي المرجوّة والمبشرّة بالنجاة ، حتّى ظهور الحجّة المنتظرعليه‌السلام ، إذ ببقائها بقت الحجّة موجودة لمن يطلبها.

( فدك ـ البحرين ـ ١٦ سنة ـ طالبة )

تكليمه للشمس :

س : أُريد توضيحاً حول الرواية التي نقلها العلاّمة المجلسيّ ( قدس سره ) في كتابه

٨٨

البحار (١) ، عن كتاب « مناقب آل أبي طالب » (٢) لابن شهر آشوب ( قدس سره ) ، حول تكليم الإمام علي عليه‌السلام للشمس ، ولكم جزيل الشكر.

ج : لاشكّ ولا ريب أنّ هناك كثيراً من الفضائل والمناقب للإمام عليعليه‌السلام ، ذكرتها كتب السنّة والشيعة ، ومن تلك الفضائل هي قضية ردّ الشمس لهعليه‌السلام ، كما ردّت من قبل لسليمان وصيّ داودعليهما‌السلام ، وليوشع بن نون وصيّ موسىعليهما‌السلام .

وأمّا بالنسبة إلى قضية تكليم الشمس لهعليه‌السلام فليست ببعيدة ، وذلك :

أوّلاً : باعتبار أنّ للإمامعليه‌السلام كما قلنا فضائل ومناقب كثيرة ، فتكون قضية تكليم الشمس لهعليه‌السلام واحدة من تلك الفضائل الكثيرة ، فليس هو إنساناً عادياً لا فضائل له ولا مناقب حتّى نستبعدها لهعليه‌السلام .

ثانياً : باعتبار أنّ الشمس ردّت لهعليه‌السلام لبيان فضيلة له ، فما المانع من أن تتكلّم معهعليه‌السلام لنفس السبب المذكور.

ثالثاً : باعتبار أنّ القرآن الكريم ذكر لنا قضية مشابهة لها ، وهي تكليم المولى تعالى لموسىعليه‌السلام من خلال الشجرة ، فإذا أمكن تكليم الشجرة بقدرة ربانية ، فما المانع من تكليم الشمس للإمام عليعليه‌السلام بقدرة ربانية؟

كما ذكر لنا القرآن الكريم موارد أُخرى مشابهة لها من ناحية الإعجاز ، كقضية انشقاق القمر للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإحياء عيسىعليه‌السلام للموتى ، وغير ذلك.

( حسن رضائي )

تصدّقه بالخاتم لم يخرجه من الصلاة :

س : يقول أعداء أهل البيت : بأنّ الإمام علي عليه‌السلام عندما تصدّق خرج من

__________________

١ ـ بحار الأنوار ٤١ / ١٧٤.

٢ ـ مناقب آل أبي طالب ٢ / ١٤٣.

٨٩

الصلاة لحظة ، فهذا ليس من صفة الإمام المعصوم؟ فما هو الجواب المقنع؟

ج : هناك عدّة نقاط :

١ ـ لو كان لهذا الإشكال أدنى مجال ، لما عدّت هذه القضية عند الله ورسوله وسائر المؤمنين من مناقب الإمام عليعليه‌السلام .

٢ ـ هذا الالتفات لم يكن من أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى أمر دنيوي ، وإنّما كانت عبادة في ضمن عبادة.

٣ ـ سئل ابن الجوزيّ الحنبلي المتعصّب ـ الذي ردّ الكثير من فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام ـ عن هذا الإشكال ، أجاب ببيتين من الشعر :

يسقي ويشرب لا تلهيه سكرته

عن النديم ولا يلهو عن الناس

أطاعَهُ سـكرُهُ حتّى تمكّن من

فعل الصُحاةِ فهذا واحد الناس(١)

( خالد ـ الجزائر ـ ٢٨ سنة ـ التاسعة أساسي )

سكوته عمّا جرى على ولده محسن :

س : لدي مداخلة أو بالأحرى استفسار إذا سمحتم ، وهو بخصوص إسقاط جنين الزهراءعليها‌السلام .

هل يمكن أن يسكت أمير المؤمنينعليه‌السلام على إسقاط جنينه وقتل ولده ؟

ج : إنّ الإمام عليعليه‌السلام ترك مقاتلة القوم بعد اغتصابهم الخلافة ، لوصية من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بترك مقاتلة القوم ، إذ كان يؤدّي إلى الفرقة ومحو دين الله ، والأهمّ عندهعليه‌السلام أن يستمر دين الله ، وإن كان ناقصاً ، بدل أن يمحى بالكلّية.

هذا بالإضافة إلى أنّ الإمام كان يتمتّع ـ كما هو معروف ـ بأعلى درجات الإيمان والتضحية من أجل الدين ، تجعله يغضّ الطرف عن مظلمة تقع عليه

__________________

١ ـ روح المعاني ٣ / ٣٣٦.

٩٠

مقابل صيانة الدين وحفظ الشريعة ، ولو بالقدر المتيسّر.

فالمطالبة بظلامة ابنه لا تقاس بشيء عند تلك النفوس الكاملة ، مقابل حرف مسار دين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله بغصب الخلافة ، مع ملاحظة أنّ قتل محسن كان في خضم تلك الأحداث التي أدّت إلى غصب الخلافة ، ومصيبة عصيان أمر الله ، وإهمال وصية الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله غطّت وحجبت مصيبة مقتل ابنه ، أو الاعتداء على الزهراءعليها‌السلام ، أو محاولة حرق دارها ، فهي جزئيات دخلت في المصبّ العام للمصيبة ، ولم تكن حوادث مستقلّة منفردة على حدة ، حتّى نحتمل تصرّف وموقف مختلف من الإمامعليه‌السلام اتجاهها.

ولك مثلاً بموقف الحسينعليه‌السلام ، فإنّه ضحّى بكلّ شيء حتّى طفله الرضيع في المصبّ العام لأحداث ثورته ودعوته ، لتصحيح مسار الإسلام.

« ـ ـ »

تكلّمه وهو صغير وقراءته للقرآن قبل نزوله :

س : أمّا بعد ، لقد تلقّيت أجوبتكم ، وجزاكم الله كلّ خير.

لقد قرأت كتاب : علي من المهد إلى اللحد للسيّد القزويني ، ووجدت فيه بعض الأفكار التالية : تكلّم عليعليه‌السلام وهو ابن ثلاثة أيّام ، وأنّه قرأ القرآن قبل أن ينزل على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فما مدى صحّة هذه الأفكار؟ جزاكم الله كلّ خير.

ج : هذه ليست أفكاراً ، وإنّما أقوال تستند إلى روايات ، وردت في بعض المجامع الحديثية عند الشيعة الإمامية ، ككتاب بحار الأنوار.

والحال أنّ التكلّم عند الطفولة بشكل عامّ يُعدّ من المعجزات التي أشار إليها القرآن الكريم بحقّ عيسىعليه‌السلام ، والملاحظ أنّ ولادة الإمام عليعليه‌السلام في جوف الكعبة هو بحدّ ذاته يُعدّ معجزة كبيرة ، تحمل في طيّاتها معان كثيرة للمتأمّل بإنصاف ، ويكون الإخبار عن قراءته للقرآن الكريم قبل إعلان الرسالة هو أحد المعاني التي ينبغي الوقوف عندها في هذه المعجزة والكرامة الأوحدية ـ

٩١

الولادة في جوف الكعبة ـ التي لم تكن لأحد من قبله أو بعده ، ولعلّها تكشف لنا عن مصداق من المصاديق المستفادة من قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « كنت أنا وعلي بن أبي طالب نوراً بين يدي الله ، قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلمّا خلق الله آدم قسّم ذلك النور جزئين ، فجزء أنا ، وجزء علي بن أبي طالب »(١) .

« عبد الله ـ المغرب ـ سنّي ـ ٢٤ سنة »

معنى أنّه ولي الله :

س : أمّا بعد : إذا كانت ولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام بمعنى أنّه ولي لله تعالى ، فأهل السنّة مجمعون عليها ولاشكّ في ذلك ، لأنّه من السابقين للإسلام ، الذين قال الله فيهم : ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )(٢) .

وتكفي شهادة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله له في عدّة أحاديث ، منها قوله : « أليس الله بأولى بالمؤمنين »؟

قالوا : بلى ، قال : « اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه ، وعاد من عاداه » ، رواه أحمد والترمذيّ وابن ماجة بأسانيد صحاح(٣) .

وأمّا إذا كانت ولايته بمعنى أحقّيته بوراثة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في مقام الدين والدنيا ـ أي أنّه الأحق بالخلافة من أبي بكر وعمر ـ فهذا غير مُسَلَّم ، للإجماع على تفضيل أبي بكر وعمر عليه ، وأنّهما أحقّ بالخلافة منه ، وكان هو

__________________

١ ـ نظم درر السمطين : ٧ و ٧٩ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٦٧ ، جواهر المطالب ١ / ٦١ ، ينابيع المودّة ١ / ٤٧ و ٢ / ٣٠٧.

٢ ـ التوبة : ١٠٠.

٣ ـ مسند أحمد ١ / ١١٨ و ١٥٢ و ٤ / ٢٨١ و ٣٧٠ و ٥ / ٣٤٧ و ٣٧٠ ، الجامع الكبير ٥ / ٢٩٧ ، سنن ابن ماجة ١ / ٤٥.

٩٢

نفسهعليه‌السلام معترفاً بهذا ، لا ينازعهما فيه ، وقد بايعهما بالخلافة.

وفي تفضيل عثمان على علي خلاف بين أهل السنّة ، والأكثر على تفضيل عثمان.

أمّا الولاية له ولأولاده بالمعنى الثاني ـ التي يعتقد بها البعض ـ فهي مردودة ؛ لأنّها بمعنى العصمة له وللأئمّة من ذرّيته ، وأحقّيتهم بالولاية الدينية على المؤمنين ، وقد وُجِدَ كثير من المسلمين من الصحابة ومن بعدهم أفضل من بعضهم ، ولأنّ أساس التفضيل في الإسلام ليس قائماً على النسب والقرابة من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل هو بالتقوى والإيمان ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ) (١) .

ومذهب أهل السنّة : أنّه لا عصمة لأحد غير الأنبياء عليهم‌السلام ، وعصمتهم في ما يتعلّق بتبليغ الوحي ، وهم معصومون عن كبائر الذنوب دون صغائرها ، وأهل البيت داخلون تحت قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « كلّ بني آدم خطّاء ، وخير الخطّائين التوّابون » ، رواه أحمد والترمذيّ وابن ماجة ، وحسّنه الألباني .

وهم داخلون كذلك تحت الخطاب الإلهيّ للناس جميعاً ، وذلك في الحديث القدسي الذي رواه مسلم عن أبي ذر عليه‌السلام ، وفيه : « يا عبادي : إنّكم تخطئون بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعاً ، فاستغفروني أغفر لكم »(٢) .

ج : في السؤال فقرات عديدة ، يمكن الإجابة عليها حسب نقاط :

النقطة الأُولى : معنى عليعليه‌السلام ولي الله ، هو تولّي شؤون إدارة البلاد والعباد بأمر من الله سبحانه ، وهو المعنى المستفاد من قوله تعالى :( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (٣) ، التي ذكر المفسّرون نزولها بحقّ الإمام عليعليه‌السلام عندما تصدّق وهو في حال الركوع من صلاته.

__________________

١ ـ الحجرات : ١٣.

٢ ـ صحيح مسلم ٨ / ١٧.

٣ ـ المائدة : ٥٥.

٩٣

وأيضاً المستفاد من قول المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من كنت مولاه فهذا علي مولاه ».

والمراد من كلمة مولى في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله هي ولاية الأمر ، لقرينة لفظية تدلّ عليها ، وهي قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «ألست أولى بكم من أنفسكم »؟ الدالّة على ولاية الأمر بكلّ وضوح ، والتي أردفها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بقوله المتقدّم : «فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه ».

وقد فهم العرب الذين حضروا واقعة التنصيب هذه في غدير خم أنّه تنصيب للإمامة وقيادة الأُمّة من بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما عبّر عن ذلك حسّان بن ثابت ـ شاعر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ في نفس الواقعة ، حيث أنشد قائلاً :

يناديهم يوم الغدير نبيّهم

بخمّ وأسـمع بالرسول مناديا

فقال فمن مولاكم ونبيّكم

فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا وأنت نبيّنا

ولم تلق منّا في الولاية عاصيا

فقال قـم يا علي فإنّني

رضيتك من بعدي إماماً وهاديا

فمن كنت مولاه فهذا وليّه

فكونوا له أتباع صدق مواليا

هناك دعا اللهم وال وليّه

وكن للذي عادى علياً معاديا(١)

إلاّ أنّ السياسة وغلبة الآراء وتفرّق المصالح أخذا بالمسلمين يومذاك شرقاً وغرباً ، تمخّض عنه مؤتمر السقيفة بين المهاجرين والأنصار ، الذي أدّى إلى تنصيب أبي بكر خليفة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله في عملية انتخابية ، جرى فيها من التهديد والوعيد بين الطرفين ، ممّا لا نودّ ذكره ، أو التطرّق إليه.

وأمّا قولك : من أنّ أهل السنّة مجمعون على ولاية عليعليه‌السلام بمعنى الولاية الذي تريده ، فهم ـ كما تعلم ـ يثبتونه لغيره من أفاضل أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل

__________________

١ ـ نظم درر السمطين : ١١٢ ، شواهد التنزيل ١ / ٢٠٢.

٩٤

ـ لو شئت الحقّ ـ يثبتون الولاية بهذا المعنى الذي تريده لكلّ المسلمين.

وعند ذلك ، فما ميزة الإمام عليعليه‌السلام ليختصّه ويفرده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الغدير بهذه الولاية إذا كانت عامّة لجميع المسلمين؟ ألا ترى نفسك أنّك تستهزئ بشخصية الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله عندما تنسب له مثل هذا التصرّف ، وتجعل ذلك الموقف يوم الغدير تحت الشمس الحارقة لذلك الجمع ، ورسول الله يرتقي أقتاب الإبل ، ليقول قولاً متسالماً عليه ، وثابت لجميع المسلمين ، تجعله سفاهة في سفاهة ـ أعوذ بالله ـ يعاب عليه أدنى الناس لو فعله؟

النقطة الثانية : كون الإجماع على تفضيل أبي بكر وعمر على عليعليه‌السلام ، وأنّهما أحقّ بالخلافة منه.

والجواب : لا يوجد إجماع في مسألة التفضيل؟ وإنّما مدرك هذه الأقوال هو بضع روايات فيها الكثير من التأمّل ، فالمفاضلة الواردة في حقّ الثلاثة ـ أبي بكر وعمر وعثمان ـ على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تنسب إلى ابن عمر ، كما هو الوارد في صحيح البخاريّ في مناقب عثمان ، وبملاحظة سنّ ابن عمر على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكونه لم يبلغ الحلم بعد ، يدرك أنّ عالَمه هو عالم الصبيان ، إذ لم يكن ابن عمر قد بلغ مبلغ الرجال ، لينقل حال المفاضلة هذه عندهم ، كما هو واضح.

والمفاضلة الواردة في حقّ الأربعة ـ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ـ فراويها جعدبة بن يحيى ، الذي يمكن العودة إلى ترجمته في لسان الميزان لننظر مصداقية نقله هذا ، بعد القدح الوارد فيه هناك(١) .

وإن كان هناك بحث يجب القيام به في موضوع المفاضلة هذه ، فالآيات والروايات صادحة بتفضيل الإمام عليعليه‌السلام على من سواه بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويمكن للمتتبّع الحصيف أن يقرأ تفسير الآيات الكريمة التالية ، وأسباب

__________________

١ ـ لسان الميزان ٢ / ١٠٥.

٩٥

نزولها ، ليجد موضع الإمام عليعليه‌السلام منها : آية المباهلة ، آية التطهير ، آية المودّة ، آية الولاية ، سورة الدهر ، وغيرها من الآيات الواردة في حقّ أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وبيان منزلته ومكانته العالية.

بل كفاهعليه‌السلام أن يكون حبُّه علامة الإيمان ، وبغضه علامة النفاق ، ليكون قسيم النار والجنّة بجدارة ، إذ المحبّون له سيكونون من المؤمنين ومن أهل الجنّة حتماً ، والمبغضون له سيكونون من المنافقين ومن أهل النار حتماً ، وذلك حسب الحديث الوارد عن الإمام عليعليه‌السلام : «إنّه لعهد النبيّ الأُمّي إليَّ ، لا يحبّني إلاّ مؤمن ، ولا يبغضني إلاّ منافق »(١) .

وروى الترمذيّ بسنده عن أنس بن مالك قال : « كان عند النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله طير ، فقال : «اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير » ، فجاء علي فأكل معه »(٢) .

قال المباركفوريّ : « وأمّا الحاكم فأخرجه في المستدرك وصحّحه »(٣) .

وقال الذهبيّ : « وأمّا حديث الطير ، فله طرق كثيرة قد أفردتها بمصنّف ، ومجموعها هو يوجب أن يكون الحديث له أصل »(٤) .

فأحبّ الخلق إلى الله تعالى هو أكثر الناس اتباعاً لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو أهل

__________________

١ ـ فضائل الصحابة : ١٧ ، صحيح مسلم ١ / ٦١ ، فتح الباري ٧ / ٥٨ ، تحفة الأحوذيّ ١٠ / ١٥١ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤٩٤ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٥ / ٤٧ و ١٣٧ و ٦ / ٥٣٤ ، خصائص أمير المؤمنين : ١٠٤ ، صحيح ابن حبّان ١٥ / ٣٦٧ ، الأذكار النووية : ٢٧٩ ، نظم درر السمطين : ١٠٢ ، كنز العمّال ١٣ / ١٢٠ ، دفع شبه التشبيه : ٢٤١ ، الجامع لأحكام القرآن ٧ / ٤٤ ، علل الدارقطنيّ ٣ / ٢٠٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٣٨ / ٣٤٩ و ٤٢ / ٢١٧ و ٢٧٤ و ٥١ / ١١٩ ، سير أعلام النبلاء ٥ / ١٨٩ و ١٢ / ٣٦٦ و ٥٠٩ و ١٧ / ١٦٩ ، انساب الأشراف : ٩٧ ، الجوهرة : ٦٢ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٩١ ، ينابيع المودّة ١ / ١٤٩ و ٢ / ١٨٠.

٢ ـ الجامع الكبير ٥ / ٣٠٠.

٣ ـ تحفة الأحوذيّ ١٠ / ١٥٣.

٤ ـ تذكرة الحفّاظ ٣ / ١٠٤٣.

٩٦

طاعته سبحانه ، قال تعالى :( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ) (١) .

ومن هنا كانت طاعتهعليه‌السلام طاعة لله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أطاع علياً فقد أطاعني ، ومن عصى علياً فقد عصاني »(٢) .

أخرج هذا الحديث الحاكم في المستدرك على الصحيحين ، والذهبيّ في تلخيص المستدرك في نفس الصفحة ، وصرّح كلّ منهما بصحّته على شرط الشيخين.

كيف لا يكون الأفضل وقد ورد عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أوحي إليَّ في علي ثلاث : أنّه سيّد المسلمين ، وإمام المتّقين ، وقائد الغرّ المحجّلين » ، رواه الحاكم في المستدرك وقال : « هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه »(٣) .

والأفضل هو مَن يكون خيرة الله من خلقه مع النبيّ المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله لفاطمةعليها‌السلام : « يا فاطمة : أما ترضين أنّ الله عزّ وجلّ أطلع إلى أهل الأرض فأختار رجلين ، أحدهما أبوك ، والآخر بعلك »(٤) .

أمّا كون أبي بكر وعمر أحقّ بالخلافة من عليعليه‌السلام فهذا لا وجه له ، إذ لم تكن الأحقّية المدّعاة بتنصيب من الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو بإجماع من الأُمّة ، للخلاف الكبير الوارد في مؤتمر السقيفة ، أو حتّى بامتيازات خاصّة تؤهّلهما لتولّي شؤون المسلمين دونهعليه‌السلام ، فقد ورد عن عمر بن الخطّاب قوله ـ في أكثر من مورد ومورد ـ : « لولا علي لهلك عمر »(٥) .

__________________

١ ـ آل عمران : ٣١.

٢ ـ المستدرك ٣ / ١٢١ ، كنز العمّال ١١ / ٦١٤ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٧.

٣ ـ المستدرك ٣ / ١٣٧.

٤ ـ المصدر السابق ٣ / ١٢٩.

٥ ـ تأويل مختلف الحديث : ١٥٢ ، شرح نهج البلاغة ١ / ١٨ و ١٤١ و ١٢ / ١٧٩ و ٢٠٥ ، نظم درر السمطين : ١٣٠ ، جواهر المطالب ١ / ١٩٥ و ٢٩٦ ، ينابيع المودّة ١ / ٢١٦ و ٢٢٧ و ٣ / ١٤٧.

٩٧

بل قال عمر في نفسه : « كل الناس أفقه من عمر »(١) .

وقد صرّح أبو بكر معترفاً بعجزه عن إدارة شؤون المسلمين بقوله : « أقيلوني فلست بخيركم »(٢) .

وقد صرّح عمر بن الخطّاب ـ وهو أوّل من أختار أبا بكر وبايعه على الخلافة ـ : « أنّ بيعة أبي بكر كانت فلته وقى الله شرّها ، حيث قال : « فلا يغترّنّ امرؤ أن يقول : إنّما كانت بيعة أبي بكر فلته وتمّت ، ألا وأنّها قد كانت كذلك ، ولكن الله وقى شرّها »(٣) .

وأخيراً : فما بالك تحتجّ علينا بما ورد في كتبكم ، وأنت تعلم أن هذا ليس بحجّة في المناظرة ، ألا ترى ما ذكرنا لك ، واحتججنا عليك بما ورد في كتبكم ، ولم نأتِ بما في كتبنا ورواياتنا ، وإلاّ فعندنا أنّهم لا فضل لهم ، حتّى تأتي النوبة لمفاضلتهم مع الإمام عليعليه‌السلام !!

وأمّا تفضيل عثمان على عليعليه‌السلام ، فلا اعتقد أنّه يستحقّ الإجابة بعدما سمعت ما تقدّم.

وأمّا ما ذكرت من عدم منازعته لهما فلا نسلّم به ، بل إنّه طالب بحقّه بأقصى ما تسمح به مصلحة الإسلام ، وأنّه امتنع عن البيعة حتّى أكره بعد ستة أشهر كما يعترف البخاريّ ، وأمّا ما ذكرته من كتبكم فلا حجّة فيه علينا ، مع أنّه ضعيف في نفسه.

__________________

١ ـ الغدير ٦ / ٩٨ عن أربعينة الرازي : ٤٦٧ ، المبسوط ١٠ / ١٥٣ ، كنز العمّال ١٦ / ٥٣٨ ، المجموع ١٦ / ٣٢٧ ، مجمع الزوائد ٤ / ٢٨٤ ، شرح نهج البلاغة ١ / ١٨٢ و ١٧ / ١٧١ ، كشف الخفاء ١ / ٢٦٩ و ٣٨٨ و ٢ / ١١٧ ، الجامع لأحكام القرآن ٥ / ٩٩ و ١٥ / ١٧٩ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٤٧٨ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٣٣ ، فتح القدير ١ / ٤٤٣.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ١٦٩.

٣ ـ صحيح البخاريّ ٨ / ٢٦ ، فتح الباري ١٢ / ١٣٢ ، المصنّف للصنعانيّ ٥ / ٤٤٢ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٨ / ٥٧٠ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٤ / ٢٧٣ ، صحيح ابن حبّان ٢ / ١٤٨ و ١٥٥ ، شرح نهج البلاغة ٢ / ٢٣ و ١١ / ١٣ ، الثقات ٢ / ١٥٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٣٠ / ٢٨٣ ، جامع البيان ٢ / ٤٤٦ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٦٦ ، السيرة النبوية لابن كثير ٤ / ٤٨٧.

٩٨

النقطة الثالثة : الولاية لعليعليه‌السلام وأولاده.

والجواب : التولّي لعليعليه‌السلام وأولاده ـ الأئمّة الأحد عشر من بعده ـ لم يكن وليد رأي أو اجتهاد ، أو دعوة للإرث التقليدي من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو بفعل عامل القرابة والمصاهرة للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإنّما هذا الأمر وليد النصوص النبوية المعصومة ، التي دعت إلى ولاية علي وأهل بيتهعليهم‌السلام .

فقد ورد عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث الثقلين المتواتر المشهور : «إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما فلن تضلّوا بعدي أبداً »(١) .

وواضح لمن له أدنى مسكة علم أنّ التمسّك بالكتاب والعترة هو الاتباع والأخذ بهديهما ، وهو معنى الولاية لهما.

وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «من سرّه أن يحيا حياتي ، ويموت مماتي ، ويسكن جنّة عدن غرسها ربّي ، فليوال علياً من بعدي ، وليوالي وليّه ، وليقتد بالأئمّة من بعدي ، فإنّهم عترتي ، خلقوا من طينتي ، ورزقوا فهماً وعلماً ، وويل للمكذّبين بفضلهم من أمّتي ، للقاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي »(٢) .

__________________

١ ـ فضائل الصحابة : ١٥ ، الجامع الكبير ٥ / ٣٢٨ ، تحفة الأحوذيّ ١٠ / ١٩٦ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤١٨ ، كتاب السنّة : ٣٣٧ و ٦٢٩ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٥ / ٤٥ و ١٣٠ ، خصائص أمير المؤمنين : ٩٣ ، المعجم الصغير ١ / ١٣٥ ، المعجم الأوسط ٤ / ٣٣ و ٥ / ٨٩ ، المعجم الكبير ٣ / ٦٦ و ٥ / ١٥٤ و ١٦٦ و ١٧٠ و ١٨٢ ، شرح نهج البلاغة ٩ / ١٣٣ ، نظم درر السمطين : ٢٣٢ ، كنز العمّال ١ / ١٧٢ و ١٨٦ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ١٢٢ ، المحصول ٤ / ١٧٠ ، الإحكام للآمدي ١ / ٢٤٦ ، الطبقات الكبرى ٢ / ١٩٤ ، علل الدارقطنيّ ٦ / ٢٣٦ ، أنساب الأشراف : ١١١ و ٤٣٩ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٢٨ ، السيرة النبوية لابن كثير ٤ / ٤١٦ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٦ و ١٢ / ٢٣٢ ، ينابيع المودّة ١ / ٧٤ و ٩٥ و ٩٩ و ١٠٥ و ١١٢ و ١١٩ و ١٢٣ و ١٣٢ و ٣٤٥ و ٣٤٩ و ٢ / ٤٣٢ و ٤٣٨ و ٣ / ٦٥ و ١٤١ و ٢٩٤ ، النهاية في غريب الحديث والأثر ١ / ٢١١ و ٣ / ١٧٧ ، لسان العرب ٤ / ٥٣٨ و ١١ / ٨٨ ، تاج العروس ٧ / ٢٤٥.

٢ ـ حلية الأولياء ١ / ١٢٨ ، كنز العمّال ١٢ / ١٠٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٤٠ ، ينابيع المودّة ١ / ٣٧٩ و ٢ / ٤٨٩ ، شرح نهج البلاغة ٩ / ١٧٠ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٠٨.

٩٩

وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من أحبّ أن يحيى حياتي ، ويموت ميتتي ، ويدخل الجنّة التي وعدني ربّي ، قضباناً من قضبانها غرسها بيده ، وهي جنّة الخلد ، فليتولّ علياً وذرّيته من بعده ، فإنّهم لن يخرجوكم من باب هدى ، ولن يدخلوكم في باب ضلالة »(١) .

وأمّا عصمة أهل البيتعليهم‌السلام ، ففي حديث الثقلين دلالة واضحة عليها ، إذ جعل الله سبحانه العصمة من الضلال بالتمسّك بالثقلين معاً ، وغير المعصوم لا يهدي إلى الحقّ مطلقاً ، كما قال تعالى :( أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (٢) .

أمّا قولك : إنّ الولاية له ولأولاده بمعنى العصمة فهي خلط منك ، لأنّ معنى الولاية شيء ـ وهي خلافة الله في أرضه ، والولاية في شؤون الدين والدنيا ـ ومعنى العصمة شيء آخر ، وهو العصمة من الخطأ والنسيان ، وكلّ منفر للناس من أوّل حياته إلى آخرها.

نعم ، نحن نقول : لابدّ للولي أن يكون معصوماً ، إذ لو جاز عليه الخطأ لجاز للناس عدم اتباعه فيه ، فلا تكون له ولاية عليهم ، وغيرها من الأدلّة مذكورة في محلّها ، فالعصمة لازمة للولاية وليست بمعناها ، فافهم.

وأمّا قولك : إنّ بعض الصحابة أفضل منهم ، لو سلّمنا فإنّه لا يلزم التناقض ؛ لأنّه لو فرضنا أنّ هناك صحابيّاً أفضل من بعض الأئمّةعليهم‌السلام ، ولكنّه ليس أفضل من الولي في زمنه ، وهو علي أو الحسن أو الحسينعليهم‌السلام .

ونحن على أقلّ الاحتمالات وتنزّلاً معك نثبت من خلال ما نقلتموه أنتم في تراجمهم أنّ كلّ واحد منهم كان أفضل الخلق في زمانه ، فتأمّل.

ثمّ متى ادعى الشيعة أنّ أساس التفضيل القرابة والنسب ، نعم إنّ القرابة منقبة وفضيلة ، ولكن ليست هي المقوّم للولاية ، وإنّما الولاية اختيار من الله

__________________

١ ـ كنز العمّال ١١ / ٦١٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٤٢ ، ينابيع المودّة ١ / ٣٨٢.

٢ ـ يونس : ٣٥.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518