موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٣

موسوعة الأسئلة العقائديّة6%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-03-4
الصفحات: 621

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 621 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 265642 / تحميل: 6283
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٣

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٣-٤
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

ج : تلقينا سؤالك برحابة صدر ، ونجيب عليه ونضعه في الأسئلة إن شاء الله تعالى : أتعلم من قال بأنّ القرآن ناقص ومحرّف؟

١ ـ عائشة بنت أبي بكر.

٢ ـ عمر بن الخطّاب.

٣ ـ أبو موسى الأشعريّ.

٤ ـ زيد بن ثابت.

٥ ـ عبد الله بن عباس.

٦ ـ أُبي بن كعب.

٧ ـ عبد الله بن مسعود ، وغيرهم.

هذا ، وجاء في روايات أهل السنّة تصريح بأنّ بعض الصحابة كان يقول بالتحريف ، بل أنّ بعض الكتب التي روت أحاديث التحريف التزم مؤلّفوها بأن لا يرووا فيها إلاّ ما صحّ سنده ، وما اعتقدوا به ، وبناءً على هذا يكون الكثير من مؤلّفي الصحاح والسنن ممّن يقول بالتحريف ، أضف إلى هذا فإنّ كتاب ( المصاحف ) لابن أبي داود السجستانيّ ، وكتاب ( الفرقان ) لابن الخطيب ، قد أثبتا التحريف ، وهما من علماء أهل السنّة.

ثمّ كلّ من قال بتحريف القرآن من علماء الشيعة أو السنّة ، إنّما قال بذلك لشبهة حصلت له ، ومثل ذلك لا يستوجب التكفير ، ولو جاز لنا أن نقول بكفر كلّ من قال بتحريف القرآن ، للزم القول بكفر كثير من كبار الصحابة ، وأصحاب الصحاح الستّة ، والمسانيد المعتبرة ، وعلماء المذاهب الأربعة عند أهل السنّة ، وهذا شيء لا يمكن التفوّه به من أجل القول بتحريف القرآن على أساس بعض الشبهات.

( عبد الله ـ الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالب )

تعليق على السؤال السابق وجوابه :

س : قلتم أنّ أئمّة المذاهب الأربعة يقولون بتحريف القرآن ، فهل هناك مصدر لهذا الكلام.

١٠١

ج : إنّنا لم نقل أنّ أئمّة المذاهب الأربعة قالوا بالتحريف ، حتّى تريد منّا المصدر ، وإنّما قلنا : علماء المذاهب الأربعة نقلوا في كتبهم عدّة روايات تدلّ على التحريف ، منها :

١ ـ ( وقد سئلت عائشة عن اللحن الوارد في قوله تعالى :( إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ ) (١) ، وقوله عزّ من قائل :( وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ) (٢) ، وقوله جلّ وعزّ :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ ) (٣) .

فقالت : هذا من عمل الكتّاب ، أخطأوا في الكتاب.

وقد ورد هذا الحديث بمعناه بإسناد صحيح على شرط الشيخين )(٤) .

٢ ـ عن أبي خلف مولى بني جمح أنّه دخل مع عبيد بن عمير على عائشة ، قال : ( جئت أسألك عن آية في كتاب الله عزّ وجلّ ، كيف كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقرؤها؟ قالت : أيّة آية؟ قال :( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا ) (٥) ، أو :( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا أتَوا ) ؟ فقالت : أيّتهما أحبّ إليك؟ قال : قلت : والذي نفسي بيده لإحداهما أحبّ إليّ من الدنيا جميعاً ، أو الدنيا وما فيها ، قالت : أيّتهما؟ قلت :( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا أتَوا ) ، قالت : أشهد أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان كذلك يقرؤها ، وكذلك أُنزلت ، ولكن الهجاء حرّف )(٦) .

٣ ـ عن ابن عباس في هذه الآية( حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا ) (٧) قال : ( إنّما

____________

١ ـ طه : ٦١.

٢ ـ النساء : ١٦٢

٣ ـ المائدة : ٦٩.

٤ ـ الفرقان : ٤١.

٥ ـ آل عمران : ١٨٨.

٦ ـ مسند أحمد ٦ / ٩٥.

٧ ـ النور : ٢٧.

١٠٢

هي خطأ من الكُتّاب ، حتّى تستأذنوا وتسلّموا )(١) .

٤ ـ أخرج عبد بن حميد ، والفريابي ، وابن جرير ، وابن المنذر عن مجاهد في قوله تعالى :( وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ) (٢) ، قال : ( هي خطأ من الكاتب ، وهي في قراءة ابن مسعود : وإذ أخذ ميثاق الذين أوتوا الكتاب ، وأخرج ابن جرير عن الربيع أنّه قرأ : وإذ أخذ الله ميثاق الذين أُوتوا الكتاب.

قال : وكذلك كان يقرؤها أُبيّ بن كعب )(٣) .

٥ ـ روي عن قتادة : ( أنّ عثمان لمّا رفع إليه المصحف قال : إنّ فيه لحناً وستقيمه العرب بألسنتها )(٤) .

٦ ـ عن ابن عباس أنّه قرأ :( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ ـ ولا محدّث ـإِلاَّ إِذَا تَمَنَّى ) (٥) .

٧ ـ عن أبي إدريس الخولانيّ قال : كان أُبي يقرأ : إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ ـ ولو حميتم كما حموا أنفسهم لفسد المسجد الحرام ـ فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ(٦) .

٨ ـ عن ابن عباس أنّه قرأ :( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ ـ إلى أجل ـفَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) (٧) .

____________

١ ـ تفسير القرآن العظيم ٣ / ٢٩٠ ، جامع البيان ١٨ / ١٤٦.

٢ ـ آل عمران : ٨١.

٣ ـ جامع البيان ٣ / ٤٥٠.

٤ ـ كنز العمّال ٢ / ٥٨٧ ، الدرّ المنثور ٢ / ٢٤٦.

٥ ـ فتح الباري ٧ / ٤٢ ، الحجّ : ٥٢.

٦ ـ كنز العمّال ٢ / ٥٦٨ و ٥٩٤ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٦ / ٤٦٤ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ٢٠٩ ، الدرّ المنثور ٦ / ٧٩ ، تاريخ مدينة دمشق ٦٨ / ١٠١ ، الفتح : ٢٦.

٧ ـ النساء : ٢٤ ، المصنّف للصنعانيّ ٧ / ٤٩٨ ، جامع البيان ٥ / ١٨ ، معاني القرآن ٢ / ٦١ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٤٨٦ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤٠ ، فتح القدير ١ / ٤٤٩.

١٠٣

٩ ـ عن الإمام عليعليه‌السلام أنّه قرأ :( وَالْعَصْرِ ـ ونوائب الدهر ـإِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ) (١) .

١٠ ـ عن أبي يونس مولى عائشة أنّه قال : ( أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفاً ، قالت : وإذا بلغت هذه الآية فآذنّي( حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى ) (٢) ، فلمّا بلغتها أذنتها فأملت عليّ : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر و ، قالت عائشة : سمعتها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بزيادة صلاة العصر )(٣) .

١١ ـ عن ابن مسعود قال : ( أقرأني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إِنّي أنا الرزّاق ذو القوّة المتين )(٤) .

١٢ ـ عن ابن مسعود أنّه قرأ : والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلّى والذكر والأنثى ، والآيات هكذا :( وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى ) (٥) .

١٣ ـ عن ابن عباس أنّه قرأ :( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ـ في مواسم الحجّ ـأَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ ) (٦) .

____________

١ ـ العصر : ١ ـ ٢ ، المستدرك ٢ / ٥٣٤ ، كنز العمّال ٢ / ٦٠١ ، جامع البيان ٣٠ / ٣٧٢ ، الجامع لأحكام القرآن ٢٠ / ١٨٠ ، الدرّ المنثور ٦ / ٣٩٢ ، فتح القدير ٥ / ٤٩٢.

٢ ـ البقرة : ٢٣٨.

٣ ـ مسند أحمد ٦ / ١٧٨ ، فتح القدير ١ / ٢٥٧ ، تهذيب الكمال ٢٢ / ٢٣ و ٣٤ / ٤٢٠.

٤ ـ تحفة الأحوذيّ ٨ / ٢٠٩ ، مسند أحمد ١ / ٣٩٤ و ٤١٨ ، فتح الباري ٨ / ٤٦٢ ، عون المعبود ١١ / ١٦ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٤ / ٤٠٦ ، سير أعلام النبلاء ١٠ / ٤٠٣.

٥ ـ الليل : ١ ـ ٣ ، مسند أحمد ٦ / ٤٤٩ ، صحيح البخاريّ ٤ / ٢١٥ ، صحيح مسلم ٢ / ٢٠٦ ، الجامع الكبير ٤ / ٢٦٢ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٦ / ٥١٦ ، صحيح ابن حبّان ١٤ / ٢٣٧.

٦ ـ البقرة : ١٩٨ ، صحيح البخاريّ ٢ / ١٩٧ و ٣ / ٤ و ١٥ ، سنن أبي داود ١ / ٣٩١ ، المستدرك ١ / ٤٨١ و ٢ / ٢٧٧ ، السنن الكبرى للبيهقيّ ٤ / ٣٣٣ ، صحيح ابن حبّان ٩ / ٣٠٥ ، المعجم الكبير ١١ / ٩٣.

١٠٤

١٤ ـ عن ابن عباس وابن مسعود ، أنّه كان يحكّ المعوّذتين من المصحف ويقول : ( لا تخلطوا القرآن بما ليس منه ، إنّهما ليستا من كتاب الله ، إنّما أمر النبيّ أن يتعوّذ بهما ، وكان ابن مسعود لا يقرأ بهما )(١) .

١٥ ـ عن ابن سيرين قال : ( كتب أُبي بن كعب في مصحفه فاتحة الكتاب والمعوّذتين ، واللهم إنّا نستعينك ، واللّهم إيّاك نعبد ، وتركهن ابن مسعود ، وكتب عثمان منهن : فاتحة الكتاب والمعوّذتين )(٢) .

( سعد الربيعي ـ ألمانيا ـ )

آية الولاية :

س : يحاججنا بعض الإخوان من أهل السنّة : بأنّ الشيعة لديهم قول بنقصان القرآن ، وهي آية الولاية ـ وهي غيرها التي في سورة المائدة ـ على أساس أنّها من قرآن الشيعة المحرّف ، وبداية الآية المزعومة : يا أيّها الذين آمنوا آمنوا بالنبيّ وبالوليّ الذين بعثناهما

فما هي الحقيقة في ذلك؟ ولكم الفضل.

ج : نختصر لك في الجواب فنقول : إنّ مسألة التحريف من المسائل التي اتخذها النواصب ذريعة للطعن بالتشيّع ، مع عدم وجود قائل بها في عصرنا الحاضر من الشيعة.

ولو قيل : إنّ في مصادر الشيعة ما يدلّ على التحريف.

قلنا : أوّلاً أكثر ما يدلّ على التحريف في مصادرنا فهو قابل للحمل على التأويل ، والذي غير قابل للحمل على التأويل فأكثره ضعيف سنداً ، والصحيح السند منه ساقط بقاعدة العرض على الكتاب ، حيث يخالف صريح قوله

____________

١ ـ مسند أحمد ٥ / ١٢٩ ، معجم الزوائد ٧ / ١٤٩ ، فتح الباري ٨ / ٥٧١ ، المعجم الكبير ٩ / ٢٣٥ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ٦١١ ، الدرّ المنثور ٦ / ٤١٦ ، فتح القدير ٥ / ٥١٨.

٢ ـ الإتقان في علوم القرآن ١ / ١٧٨.

١٠٥

تعالى :( وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) (١) .

ولو أرجعنا القول إلى أهل السنّة ، لوجدنا أنّ ما هو في مصادرهم من التحريف أضعاف ممّا هو في مصادر الشيعة ، وروي الكثير منه في صحاحهم ، التي التزموا بصحّة كلّ ما روي فيها ، وأهل السنّة لا يقبلون بقاعدة العرض على الكتاب.

هذا ، ويمكنكم أن توجّهوا السؤال إلى من حاججكم في آية الولاية ، وتطلبوا منه أن يأتيكم بالمصدر من كتب الشيعة المعتبرة ، فإنّ هذه الآية لا وجود لها في مصادر الشيعة المعتبرة ، ولم يقبلها أحد من العلماء.

ويمكنكم أيضاً أن تسألوهم عن آية الشيخ والشيخة التي ادعوا أنّها كانت على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وادعوا أنّها نسخت قراءتها مع بقاء حكمها؟ وقولوا لهم : ما معنى نسخ القراءة وبقاء الحكم ، وما فائدته؟

وكذلك يمكنكم أن تسألوهم عن كتاب ( المصاحف ) للسجستانيّ ، وكتاب ( الفرقان ) لابن الخطيب؟ وهما من كبار علماء أهل السنّة ، حيث أثبتا التحريف.

( ـ ـ )

القرآن غير محرّف قطعاً :

س : إنّكم تأكّدون على تحريف القرآن؟

الجواب : على كلّ باحث عن الحقيقة أن يتبع الدليل ، ومهما كانت النتيجة فيقبلها برحابة صدر ، وإن كانت مخالفة للموروث العقائديّ الذي وصل إليه.

تارة نبحث عن مسألة التحريف في مقام أنّ أهل السنّة يتّهمون الشيعة بوجود أحاديث تدلّ على التحريف ، فنذكر لهم من باب النقض وجود أحاديث في

____________

١ ـ الحجر : ٩.

١٠٦

مصادرهم أكثر ممّا هي في مصادر الشيعة.

وتارة نبحث عن أصل مسألة التحريف ، وهل وقع تحريف أم لا؟

فنقول : القرآن غير محرّف قطعاً ، وهذا ممّا تسالمت عليه الأُمّة الإسلاميّة ، والأدلّة العقلية والنقلية على عدم وقوع التحريف ، وما ورد في مصادر المسلمين ممّا ظاهره التحريف ، إما ضعيف السند لا يعمل به ، أو مؤوّل بحيث لا يدلّ على التحريف.

( عبد الله آقا ـ الكويت ـ )

روايات الكلينيّ والقمّيّ محمولة على التفسير :

س : قال صاحب تفسير الصافي في مقدّمة تفسيره : ( وأمّا اعتقاد مشايخنارضي‌الله‌عنهم في ذلك ، فالظاهر من ثقة الإسلام محمّد بن يعقوب الكلينيّ ( طاب ثراه ) أنّه كان يعتقد بالتحريف والنقصان في القرآن ، لأنّه روى روايات في هذا المعنى في كتابه الكافي ، ولم يتعرّض لقدح فيها ، مع أنّه كان يثق بما رواه فيه ، وكذلك علي بن إبراهيم القمّيّرضي‌الله‌عنه فإنّ تفسيره مملوء منه ، وله غلوّ فيه ، وكذلك أحمد بي أبي طالب الطبرسيّرضي‌الله‌عنه فأنّه نسج على منوالهما في كتاب الاحتجاج )(١) .

وشكرا لكم.

ج : إن قيل : في مصادر الشيعة روايات تدلّ على التحريف.

قلنا : في مصادر أهل السنّة أكثر ، أضف إلى ذلك : أنّ ما روي في مصادر الشيعة أكثره ضعيف السند ، أو قابل للحمل على التفسير ، وأمّا ما روي في مصادر أهل السنّة ، فإنّ الكثير منه في الصحاح ، وغير قابل للتأويل.

فإن قيل : إنّ بعض علماء الشيعة قائل بالتحريف.

قلنا : إنّ بعض علماء السنّة ممّن صرّح بأن لا يروي إلاّ ما صحّت له روايته ،

____________

١ ـ تفسير الصافي ١ / ٥٢.

١٠٧

ويعتقد به ، يكون قائلاً بالتحريف ، وذلك عندما يروي أحاديث التحريف ، أضف إلى ذلك : ما روي عن عائشة والصحابة من القول بالتحريف.

فإن قيل : بعض علماء الشيعة ألّف كتاباً في التحريف.

قلنا : السجستانيّ ألّف كتاب ( المصاحف ) ، وابن الخطيب ألّف كتاب ( الفرقان ) ، وهما من علماء أهل السنّة ، وقالا فيهما بالتحريف.

وعلى كلّ حال ، فإن قلتم ، قلنا.

ولكن ، القرآن أعظم من أن نجعله غرضاً لنزاعاتنا ، فندافع عن القرآن ، ونقول : القرآن غير محرّف قطعاً ، وما روي في بعض المصادر في التحريف فهو ضعيف متروك ، وبعض من قال بالتحريف ، فهي أقوال شاذّة متروكة.

وأمّا روايات الكلينيّ وتفسير القمّيّ وكتاب الاحتجاج ، فإنّ أكثرها محمول على التفسير ، وبعضها ضعيف ، وما صحّ منه ولم يمكننا حمله على التفسير فإنّه متروك ، وذلك عملاً بقاعدة عرض الحديث على الكتاب ، فإذا تعارض ترك الحديث ـ وهذا من مختصّات الشيعة ـ أعني مسألة عرض الحديث على الكتاب العزيز.

وأخيراً ، أشير إلى أنّه لابد لأهل السنّة من أن يتنزّلوا من القول بصحّة كلّ ما ورد في البخاريّ ومسلم ، وإلاّ لزمهم القول بالتحريف ، وكذلك عليهم أن يقبلوا بالأحاديث الواردة في مسألة العرض على الكتاب.

( عبد الله آقا ـ الكويت ـ )

لا ننكر وجود أحاديث تدلّ عليه :

س : ما ردّكم على قول المجلسيّقدس‌سره صاحب كتاب بحار الأنوار ، عندما قال في معرض شرحه لحديث هشام بن سالم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : ( إنّ القرآن الذي جاء جبرائيلعليه‌السلام إلى محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله سبعة عشر ألف آية ) ، فقال عن هذا الحديث : موثّق.

١٠٨

فما ردّكم الجليل على قول المجلسيّ ، وشكراً ، المصدر : مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول ٢ / ٥٢٥.

ج : إنّا لا ننكر وجود أحاديث في مصادر الشيعة تدلّ على التحريف ، كما لا ننكر وجود قائلين بالتحريف ، ولكن في مقابل هذا توجد أحاديث أُخرى كثيرة عند أهل السنّة في التحريف ، وقائلين منهم به.

ولكن الرأي الصحيح والمتبع هو ما عليه الأعم الأغلب من علماء الشيعة قديماً وحديثاً ، من القول بعدم التحريف ، وكذلك هو عند أهل السنّة ، فهدفنا هو الدفاع عن القرآن ، وإن كان أهل السنّة يطعنون بالتشيّع في هذه المسألة ، مع وجود التحريف في أُمّهات صحاحهم أكثر بكثير ممّا هو عندنا.

( كميل ـ الكويت ـ )

توجد فيه روايات في مصادر الفريقين :

س : هذه بعض الأحاديث التي طرحها أحد أهل السنّة حول تحريف القرآن بأقوال من علمائنا ، أرجو التعليق عليها ، وتوضيحها ، ولكم منّا جزيل الشكر والامتنان :

١ ـ يقول الفيض الكاشانيّ في تفسير الصافي ١ / ٤٤ ط الأُولى ، مؤسّسة الأعلميّ بيروت : ( المستفاد من جميع هذه الأخبار وغيرها من الروايات من طريق أهل البيتعليهم‌السلام : أنّ القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه ، كما أُنزل على محمّد ، بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله ، ومنه ما هو مغيّر محرّف ، وأنّه قد حذف عنه أشياء كثيرة : منها اسم علي في كثير من المواضيع ، ومنها لفظة آل محمّد غير مرّة ، ومنها أسماء المنافقين في مواضعها ، وغير ذلك ، وأنّه ليس أيضاً على الترتيب المرضي عند الله ، وعند رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ).

٢ ـ يقول السيّد نعمة الله الجزائريّ في الأنوار النعمانية ٢ / ٣٥٧ ط تبريز : ( الثالث : إنّ تسليم تواترها ـ القراءات السبع ـ عن الوحي الإلهيّ ، وكون الكلّ قد نزل به الروح الأمين ، يفضي إلى طرح الأخبار المستفيضة ، بل المتواترة الدالّة

١٠٩

بصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلاماً ، ومادةً وإعراباً ، مع أنّ أصحابنا قد أطبقوا على صحّتها ، والتصديق بها ).

٣ ـ يقول الطبرسيّ في كتابه ١ / ٣٧١ : ( وليس يسوغ مع عموم التقيّة التصريح بأسماء المبدّلين ، ولا الزيادة في آياته ، فحسبك من الجواب عن هذا الموضع ما سمعت ، فإنّ شريعة التقيّة تحظر التصريح بأكثر منه ).

ويقول الطبرسيّ في موضع آخر ١ / ٣٧٧ : ( ولو شرحت لك كلّ ما أسقط وحرّف وبدّل ، وما يجري هذا المجرى ، لطال وظهر ما تحظر التقيّة إظهاره من مناقب الأولياء ، ومثالب الأعداء ).

٤ ـ يقول أبو الحسن العامليّ في مقدّمة تفسيره مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار : ٣٦ من منشورات مؤسّسة إسماعيليان بقم ما نصّه : ( إعلم أنّ الحقّ الذي لا محيص عنه ، بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها ، أنّ هذا القرآن الذي بين أيدينا ، قد وقع فيه بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شيء من التغييرات ، وأسقط الذين جمعوه بعده كثيراً من الكلمات والآيات ، وأنّ القرآن المحفوظ عما ذكر الموافق لما أنزله الله تعالى ، ما جمعه علي وحفظه إلى أن وصل إلى ابنه الحسن ، وهكذا إلى أن وصل إلى القائم وهو اليوم عندهعليه‌السلام ).

وفّقكم الله لما يحبّه ويرضاه.

ج : توجد روايات في مصادر الشيعة وأهل السنّة في التحريف ، وكذلك توجد بعض الأقوال عند الفريقين صريحة في التحريف ، بالأخصّ إذا ما راجعنا كتاب ( المصاحف ) لابن أبي داود السجستانيّ ، وكتاب ( الفرقان ) لابن الخطيب ، وكلاهما من تأليف علماء أهل السنّة ، وكذلك إذا ما رجعنا إلى الروايات الراوية لأقوال الصحابة ، وأُمّهات المؤمنين في التحريف.

وكذلك إذا ما جعلنا بعين الاعتبار كلمات كبار علماء أهل السنّة في صحاحهم ومسانيدهم ، حيث صرّحوا بأنّهم لم يرووا إلاّ ما يعتقدون بصحّة روايته ، ورووا مع ذلك أحاديث في التحريف.

ولكنّ الرأي المتّبع عند الشيعة وأهل السنّة هو عدم التحريف ، بل هو الرأي المشهور عند جميع المسلمين.

١١٠

فلا يعتنى بالروايات المروية في التحريف ، والموجودة في مصادر الفريقين ، كما لا يعتنى ببعض الأقوال في التحريف.

( حسن محمّد ـ البحرين ـ )

معنى نسخ التلاوة :

س : ما هو نسخ التلاوة المعروف عند أهل السنّة؟ وهل هو بمثابة التحريف بالنقيصة في القرآن؟ أرجو توضيح ذلك.

ج : أصل النسخ ثابت ، وهو نزول آية قرآنية في حكم معيّن ، فتأتي آية أُخرى تنسخ حكم تلك الآية ، فالآية المنسوخة باقية في القرآن مع نسخ حكمها.

وأمّا نسخ التلاوة ، فهو نزول آية من القرآن الكريم ، فتنسخ تلاوتها مع بقاء حكمها ، وهذا هو التحريف بعينه ، إذ أن نسخ التلاوة مع بقاء الحكم باطل من أصله ، ولا معنى لنسخ تلاوة آية معينة مع بقاء الحكم ، فنسخ التلاوة يساوي التحريف.

وإذا أُشكل : بورود رواية في مصادر الشيعة ، أو قول من علماء الشيعة يقول بالنسخ ، يكون الردّ : بأنّ الرواية ضعيفة السند ، ومن تنسبون إليه القول بنسخ التلاوة ، فإنّما هو في مقام إيراد الأقوال ، لا في مقام الاعتقاد بما نقله من أقوال ، حتّى ولو ثبت نسبة القول بنسخ التلاوة إلى أحد علماء الشيعة ، فإنّه قول شاذّ نادر.

( باسل الموسويّ ـ البحرين ـ ٢٥ سنة ـ طالب علم )

بحث مفصّل للإمام الخوئيّ حول نسخ التلاوة :

س : ما هو رأيكم في تأويل الشيخ الصدوق لهذا الكلام؟ وهو : وأهل السنّة مجمعون على أنّ القرآن الذي بين أيدينا هو ليس كاملاً ، حيث أنّهم يرون نسخ التلاوة.

١١١

ج : ننقل لكم ما قاله السيّد الخوئيّقدس‌سره حول موضوع نسخ التلاوة(١) :

( أقول : سيظهر لك ـ بعيد هذا ـ أنّ القول بنسخ التلاوة هو بعينه القول بالتحريف ، وعليه فاشتهار القول بوقوع النسخ في التلاوة ـ عند علماء أهل السنّة ـ يستلزم اشتهار القول بالتحريف.

٣ ـ نسخ التلاوة : ذكر أكثر علماء أهل السنّة : أنّ بعض القرآن قد نسخت تلاوته ، وحملوا على ذلك ما ورد في الروايات أنّه كان قرآناً على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيحسن بنا أن نذكر جملة من هذه الروايات ، ليتبيّن أنّ الالتزام بصحّة هذه الروايات ، التزام بوقوع التحريف في القرآن :

١ ـ روى ابن عباس : أنّ عمر قال فيما قال ـ وهو على المنبر ـ : ( إنّ الله بعث محمّداً بالحقّ ، وأنزل عليه الكتاب ، فكان ممّا أنزل الله آية الرجم ، فقرأناها ، وعقلناها ، ووعيناها.

فلذا رجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ورجمنا بعده ، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل : والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله ، فيضلّوا بترك فريضة أنزلها الله ، والرجم في كتاب الله حقّ على من زنى إذا أحصن من الرجال ثمّ إنّا كنّا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله : أن لا ترغبوا عن آبائكم ؛ فإنّه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم ، أو : إنّ كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم )(٢) .

وذكر السيوطيّ : أخرج ابن اشته في المصاحف عن الليث بن سعد قال : ( أوّل من جمع القرآن أبو بكر ، وكتبه زيد وإنّ عمر أُتي بآية الرجم فلم يكتبها ؛ لأنّه كان وحده )(٣) .

____________

١ ـ البيان في تفسير القرآن : ٢٠١.

٢ ـ صحيح البخاريّ ٨ / ٢٦ ، صحيح مسلم ٥ / ١١٦ ، سنن أبي داود ٢ / ٣٤٣ ، الجامع الكبير ٢ / ٤٤٢ ، السنن الكبرى للبيهقيّ ٨ / ٢١١ ، المصنّف للصنعانيّ ٥ / ٤٤١ و ٧ / ٣١٥ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٤ / ٢٧٣ ، صحيح ابن حبّان ٢ / ١٤٧ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ١٢٧.

٣ ـ الإتقان في علوم القرآن ١ / ١٦٣.

١١٢

أقول : وآية الرجم التي ادّعى عمر أنّها من القرآن ، ولم تقبل منه رويت بوجوه :

منها : ( إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتّة ، نكالاً من الله ، والله عزيز حكيم ).

ومنها : ( الشيخ والشيخة فارجموهما البتّة ، بما قضيا من اللذّة ).

ومنها : ( إنّ الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة ) ، وكيف كان فليس في القرآن الموجود ما يستفاد منه حكم الرجم ، فلو صحّت الرواية فقد سقطت آية من القرآن لا محالة.

٢ ـ وأخرج الطبرانيّ بسند موثّق عن عمر بن الخطّاب مرفوعاً : ( القرآن ألف ألف وسبعة وعشرون ألف حرف )(١) .

بينما القرآن الذي بين أيدينا لا يبلغ ثلث هذا المقدار ، وعليه فقد سقط من القرآن أكثر من ثلثيه.

٣ ـ وروى ابن عباس عن عمر ، أنّه قال : إنّ الله عزّ وجلّ بعث محمّداً بالحقّ ، وأنزل معه الكتاب ، فكان ممّا أنزل إليه آية الرجم ، فرجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ورجمنا بعده ، ثمّ قال : كنا نقرأ : ( ولا ترغبوا عن آبائكم فإنّه كفر بكم ) ، أو : ( إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم )(٢) .

٤ ـ عن نافع عن ابن عمر قال : ( لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كلّه وما يدريه ما كلّه؟ قد ذهب منه قرآن كثير ، ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر )(٣) .

٥ ـ وروى عروة بن الزبير عن عائشة قالت : ( كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مائتي آية ، فلمّا كتب عثمان المصاحف لم نقدر منها إلاّ ما هو الآن )(٤) .

____________

١ ـ المعجم الأوسط ٦ / ٣٦١.

٢ ـ مسند أحمد ١ / ٤٧ ، صحيح البخاريّ ٨ / ٢٦ ، المصنّف للصنعانيّ ٥ / ٤٤١ و ٩ / ٥٠.

٣ ـ الإتقان في علوم القرآن ٢ / ٦٦.

٤ ـ الدرّ المنثور ٥ / ١٨٠.

١١٣

ثمّ ينقل السيّد الخوئيّ بقية الروايات إلى أن يقول : وغير خفيّ أنّ القول بنسخ التلاوة بعينه القول بالتحريف والإسقاط.

وبيان ذلك : أنّ نسخ التلاوة هذا ، إمّا أن يكون قد وقع من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإمّا أن يكون ممّن تصدّى للزعامة من بعده ، فإن أراد القائلون بالنسخ وقوعه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهو أمر يحتاج إلى الإثبات.

وقد اتّفق العلماء أجمع على عدم جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد ، وقد صرّح بذلك جماعة في كتب الأُصول وغيرها(١) ، بل قطع الشافعيّ وأكثر أصحابه ، وأكثر أهل الظاهر بامتناع نسخ الكتاب بالسنّة المتواترة ، وإليه ذهب أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه ، بل إنّ جماعة ممّن قال بإمكان نسخ الكتاب بالسنّة المتواترة منع وقوعه(٢) ، وعلى ذلك فكيف تصحّ نسبة النسخ إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بأخبار هؤلاء الرواة؟ مع أنّ نسبة النسخ إلى النبيّ تنافي جملة من الروايات التي تضمّنت أنّ الإسقاط قد وقع بعده.

وإن أرادوا أنّ النسخ قد وقع من الذين تصدّوا للزعامة بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهو عين القول بالتحريف.

وعلى ذلك ، فيمكن أن يدّعى أنّ القول بالتحريف هو مذهب أكثر علماء أهل السنّة ، لأنّهم يقولون بجواز نسخ التلاوة ، سواء أنسخ الحكم أم لم ينسخ ، بل تردّد الأُصوليّون منهم في جواز تلاوة الجنب ما نسخت تلاوته ، وفي جواز أن يمسّه المحدث ، واختار بعضهم عدم الجواز.

نعم ذهبت طائفة من المعتزلة إلى عدم جواز نسخ التلاوة(٣) .

ومن العجيب أنّ جماعة من علماء أهل السنّة أنكروا نسبة القول بالتحريف إلى أحد من علمائهم ، حتّى أنّ الآلوسيّ كذّب الطبرسيّ في نسبة القول

____________

١ ـ الموافقات ٣ / ٦٩.

٢ ـ الإحكام في أُصول الأحكام للآمدي ٣ / ١٦٥.

٣ ـ المصدر السابق ٣ / ١٥٤.

١١٤

بالتحريف إلى الحشويّة ، وقال : ( إنّ أحداً من علماء أهل السنّة لم يذهب إلى ذلك ) ، وأعجب من ذلك أنّه ذكر ، أنّ قول الطبرسيّ بعدم التحريف نشأ من ظهور فساد قول أصحابه بالتحريف ، فالتجأ هو إلى إنكاره(١) ، مع أنّك قد عرفت أنّ القول بعدم التحريف هو المشهور ، بل المتسالم عليه بين علماء الشيعة ومحقّقيهم ، حتّى أنّ الطبرسيّ قد نقل كلام المرتضى بطوله ، واستدلاله على بطلان القول بالتحريف ، بأتمّ بيان وأقوى حجّة )(٢) .

إلى هنا تمّ كلامهقدس‌سره ، ومنه يظهر وجه الاحتجاج بهذا القول.

( مصطفى بطّة ـ الأردن ـ سنّي ـ ٢١ سنة ـ طالب جامعة )

نشير إلى نقاط ريثما يتأمّل فيها المحقّقون :

س : نشكر لكم جهودكم في هذا الموقع ، ونتمنّى أن نرى لكلّ مذهب موقعاً معتبراً كهذا ، يحلّ الإشكال ، ويجيب على التساؤلات.

سؤالي إليكم حول موضوع تحريف القرآن الكريم ، وتحديداً وجود بعض الحذف منه والنقص فيه ، والذي يثيره السنّة باستمرار ، وما قد يلحظه المبتدئ من شيء من التناقض بين كتب الكلام ، من أمثال الإلهيّات الذي جمع من محاضرات للأُستاذ الكبير السبحانيّ ، وكتاب شرح عقائد المظفّر ، التي تنفي التحريف مطلقاً ، وبين الكتب الروائية المتقدّمة ، من أمثال الكافي وبحار الأنوار ، والتي تروي عدداً لابأس به من الروايات ، التي تؤكّد وقوع الحذف ، خاصّة من الآيات التي فيها تصريح بولاية عليعليه‌السلام .

وهذه الروايات تصرّح بوقوع الحذف لفظاً ومعنى وإعراباً ، ومعظمها مروي عن الأئمّة المعصومين ، نرجو إجابتنا إجابة وافية ملزمة ، نتمكّن من عرضها

____________

١ ـ روح المعاني ١ / ٢٥.

٢ ـ مجمع البيان ١ / ٤٣.

١١٥

على أخوتنا الأشاعرة في المنطقة ، الذين يثيرون هذا الموضوع باستمرار ، لعدم وجود ردّ.

وبارك الله فيكم.

ج : نشكركم على متابعتكم للموقع ، ونتمنّى أن نكون قد وفّقنا لأداء المسؤولية حول الدين والمذهب في ردّ الشبهات ، وإنارة الطريق ، والله هو الموفّق.

وأمّا ما ذكرتموه في موضوع التحريف ، فقد أجبنا عنه كراراً ومراراً ، وذكّرّنا الإخوة : بأنّ المسألة لا ثمرة لها عند المسلمين ، بل إنّ المستفيد الأوّل والأخير هم أعداء العقيدة ، فالصفح عنها أحرى وأجدر ؛ ولكن بما أنّ الإخوة يلحّون في المطلب ، نشير إلى عدّة نقاط ، ريثما يتأمّل فيها المحقّقون ، ولكي ينصفوا ، والله من وراء القصد :

١ ـ إنّ الروايات التي تدلّ بظاهرها على التحريف موجودة في كتب أهل السنّة ، وبأعداد مضاعفة عمّا في كتب الشيعة ، وعلى سبيل المثال ـ لا الحصرـ يمكن المراجعة إلى الصحاح والمسانيد.

٢ ـ مضافاً إلى ورود هذه الروايات ، فقد صرّح بعض علماء التفسير عندهم بوقوع التحريف(١) .

ومنهم من تبنّى هذا القول كابن أبي داود السجستانيّ في كتابه ( المصاحف ) ، وابن الخطيب في كتابه ( الفرقان ).

٣ ـ إنّ ورود بعض الروايات في كتب الحديث عند الشيعة ، لا يعني اعتقاد الشيعة بهذه الفكرة ، ولا حتّى التزام مؤلّفيها بها ، بل هو من باب جمع الأحاديث ، كالعمل في الموسوعات فحسب ، والذي يدلّنا في المقام هو :

أوّلاً : إنّ الشيعة من الصدر الأوّل حتّى الآن ، لا تعتقد بوجود كتاب صحيح من أوّله إلى آخره إلاّ القرآن ، وعليه فكلّ تأليف فيه الخطأ والصواب تبعاً

____________

١ ـ روح المعاني ١ / ٢٦ ، الدرّ المنثور ٥ / ١٨٠.

١١٦

للأدلّة المطروحة في كلّ مجال ، وهنا تختلف الشيعة عمّن يعتقد بصحّة روايات الصحاح ، أو الصحيحين على الأقل ، فهو ملزم بما ورد فيها.

ثانياً : إنّ الروايات المذكورة معارضة بروايات أُخرى وردت بإزائها ، تدلّ بالصراحة على نفي التحريف ، وفي مثل هذا المقام تعرض المعارضتان على القرآن ـ على طبق القواعد الأُصولية ـ ومن ثمّ تنفي حجّية الموهم للتحريف.

ثالثاً : توجد روايات صريحة عند الشيعة بعدم حجّية الخبر المخالف للقرآن رأساً ، أو عند المعارضة ، وهذا لا ينسجم مع القول بالتحريف.

رابعاً : إنّ الروايات المذكورة بأجمعها يعتريها ، إمّا ضعف السند ، وإمّا ضعف الدلالة ، أو كلاهما كما بحثه المحقّقون من الشيعة في مظانّها ؛ وأيضاً كلّها قابلة للتأويل جمعاً بينها وبين الأخبار النافية للتحريف ، فبعضها مثلاً من باب الشرح المزجي للآيات مع تفاسيرها ، وبعضها من باب الإشارة إلى المصاديق المأوّلة في الآيات ، وأحياناً بعضها الآخر فيها التصريح ، أو التلويح بشأن النزول ، وهكذا.

٤ ـ إنّ الرأي العام للشيعة قديماً وحديثاً هو الالتزام والاعتقاد بعدم التحريف ، وهذا هو قول العلماء الذين يعتبرون واجهة الشيعة ، وأيضاً هو كلام الوسط الشيعيّ حتّى الآن.

وأمّا ما كتبه بعضهم في هذا المجال خلافاً لهذا الإجماع القطعيّ ـ كالشيخ النوريّ الطبرسيّ والسيّد الجزائريّ ـ فيرد عليه أنّهما لم يمثّلا في مسألة التحريف عقيدة مذهب أهل البيتعليهم‌السلام ، مضافاً إلى أنّ الروايات التي اعتمد عليها النوريّ لإثبات مدّعاه في كتابه فصل الخطاب ، أكثرها من أحاديث أهل السنّة في هذا المجال ، فهو كما ترى!

٥ ـ وأخيراً : فإنّ التأويل المخرج لأهل السنّة من مأزق رواياتهم المذكورة ، لهي أنسب بأن تكون إحدى الطرق عند الشيعة للوقوف في مقابل بعض رواياتهم ، التي قد توهم الموضوع المذكور.

١١٧

٦ ـ ولا يفوتنا أن نشير هنا أنّ البحث عن هذا الموضوع قد جاء مفصّلاً في كلّ من ( البيان ) للسيّد الخوئيّقدس‌سره ، و ( آلاء الرحمن ) للشيخ البلاغيّقدس‌سره ، و ( صيانة القرآن ) للشيخ هادي معرفة ، و ( التحقيق في نفي التحريف ) للسيّد الميلانيّ ، وبقية التفاسير الشيعيّة ، كـ ( مجمع البيان ) للشيخ الطبرسيّقدس‌سره ، و ( التبيان ) للشيخ الطوسيّقدس‌سره ، وغيرهم ، فللمزيد من المعلومات لابأس بالمراجعة إليها.

( أحمد ـ البحرين ـ ٤٢ سنة ـ طالب أكاديمي )

أدلّتنا على عدمه :

س : هل هناك قول عن أيّ إمام ينصّ بعدم تحريف القرآن الكريم؟

ج : استدلّ العلماء بطوائف من الأحاديث لنفي التحريف :

الطائفة الأُولى : أحاديث الثقلين ، الدالّة على التمسّك بالكتاب والسنّة ، فلو كان الكتاب محرّفاً كيف نؤمر بالتمسّك به.

الطائفة الثانية : خطبة الغدير ، حيث أمر فيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله بتدبّر القرآن ، وفهم آياته والأخذ بمحكماته دون متشابهاته ، والأمر بذلك يستلزم عدم تحريفه.

الطائفة الثالثة : أحاديث العرض على الكتاب مطلقاً ، وترك العمل بما لم يوافقه أو لم يشبهه.

الطائفة الرابعة : الأحاديث الواردة في ثواب قراءة السور في الصلوات وغيرها ، وثواب ختم القرآن وتلاوته ، فلولا أنّ سور القرآن وآياته معلومة لدى المسلمين لما تمّ أمرهمعليهم‌السلام بذلك.

الطائفة الخامسة : الأحاديث الواردة بالرجوع إلى القرآن واستنطاقه.

الطائفة السادسة : الأحاديث التي تتضمّن تمسّك الأئمّة من أهل البيتعليهم‌السلام بمختلف الآيات القرآنيّة المباركة.

الطائفة السابعة : الأحاديث الواردة عنهمعليهم‌السلام في أنّ ما بأيدي الناس هو القرآن النازل من عند الله تعالى.

١١٨

منها : ما روي عن الريّان بن الصلت قال : قلت للرضاعليه‌السلام : يا ابن رسول الله ، ما تقول في القرآن؟ فقال : (كلام الله لا تتجاوزوه ، ولا تطلبوا الهدى في غيره فتضلّوا )(١) .

وعن علي بن سالم عن أبيه قال : سألت الصادقعليه‌السلام ، فقلت له : يا ابن رسول الله ، ما تقول في القرآن؟

فقال : (هو كلام الله ، وقول الله ، وكتاب الله ، ووحي الله وتنزيله ، وهو الكتاب العزيز الذي ( لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) (٢) .

الطائفة الثامنة : الأحاديث الواردة في صدر بيان علوّ القرآن ومقامه ومعرفة شأنه.

وعليه ، فلو كان القرآن الموجود محرّفاً ـ نعوذ بالله ـ لما بقي أثر لهذه الطوائف من الأحاديث وما شابهها.

فمجموع هذه الأحاديث على اختلاف طوائفها ، تدلّ دلالة قاطعة على أنّ القرآن الموجود هو القرآن النازل على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من دون أيّ تغيير أو تحريف.

( عبد الله ـ البحرين ـ ٢٠ سنة ـ طالب جامعة )

تعدّد القراءات لا يعدّ تحريفاً :

س : قال تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) (٣) ، فكما قال المفسّرون : المقصود من الحفظ هو الحفظ النصّي ، ولكنّنا نجد أنّ هناك روايات تختلف نصّياً عن بعضها ، فرواية حفص عن عاصم تختلف عن رواية قالون عن نافع ، ورواية قالون عن نافع تختلف عن رواية ورش عن نافع ، فهل يعدّ هذا تحريف للقرآن مع تعدد هذه القراءات؟

____________

١ ـ عيون أخبار الرضا ١ / ٦٢ ، الأمالي للشيخ الصدوق : ٦٣٩.

٢ ـ فصلت : ٤٢ ، الأمالي للشيخ الصدوق : ٦٣٩.

٣ ـ الحجر : ٩.

١١٩

ج : إنّ القرآن الواصل إلينا ثبت بالتواتر من عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الآن ، وهذه القراءات خبر واحد لا يثبت بها النصّ القرآنيّ.

فلا يقال : إنّ القرآن محرّف بها ، مع ملاحظة أنّ الصورة محفوظة في القرآن ، والاختلاف يكون بالحركات والإعجام.

وأمّا أنّه نازل على سبعة أحرف ، وأنّها هي القراءات السبعة فباطل عندنا ، وهذا الحديث له معنى آخر.

وأمّا نزوله فكان على حرف واحد ، قال الإمام الصادقعليه‌السلام : ( إنّ القرآن واحد ، نزل من عند واحد ، ولكن الاختلاف يجيء من قبل الرواة )(١) ، ونحن نقول : أنّ خبر الرواة خبر واحد لا حجّة به علينا ، بعد أن ثبت القرآن بالتواتر.

( حسين حبيب عبد الله ـ البحرين ـ ٢٠ سنة ـ طالب جامعة )

حول كتاب فصل الخطاب :

س : من هو مؤلّف كتاب فصل الخطاب في تحريف كتاب ربّ الأرباب؟ وهل يرى تحريف التنزيل؟

ج : الكتاب للمحدّث النوريّ الطبرسيّقدس‌سره ، وقد ذكر أحد الباحثين ـ وهو السيّد محمّد رضا الجلاليّ ـ في كتابه دفاع عن القرآن ما نصّه : ( أنّ المحدّث النوريّ جمع الروايات من الطرفين ، التي ظاهرها تحريف القرآن ، فقد نقل كلّ الروايات حتّى التي من دون سند ، ونقل أيضاً من كتب مجهولة المؤلّف ، فغرضه كان لمجرد الجمع والتأليف من دون الفحص والتحقيق ، فهو لا يرى التحريف في تنزيل القرآن ، لأنّه يصرّح بأنّ هذه الروايات ليست أدلّة مثبتة لشيء لعدم حجّيتها ، ولأنّها آحاد ، وأنّها ضعيفة السند ).

____________

١ ـ الكافي ٢ / ٦٣٠ ، الاعتقادات للشيخ المفيد : ٨٦.

١٢٠

تزويج أُمّ كلثوم من عمر :

( سعد ـ السعودية ـ )

في مصادر الفريقين :

س : هل صحيح أنّ الإمام علي زوّج إحدى بناته لعمر بن الخطّاب؟

ج : ذكر السيّد علي الشهرستانيّ في كتابه ( زواج أم كلثوم ) ثمانية أقوال في المسألة :

الأقوال الأربعة التي قالت بها الشيعة :

١ ـ عدم وقوع التزويج بين عمر وأم كلثوم.

٢ ـ وقوع التزويج لكنه كان عن إكراه.

٣ ـ أنّ المتزوّج منها هي ربيبة الإمام لا بنته.

٤ ـ أنّ عليّاً زوّج عمر بن الخطاب جنّيّة تشبه أم كلثوم.

الأقوال التي ذهب إليها بعض الشيعة وبعض العامة :

٥ ـ إنكار وجود بنت لعليّ اسمها أمّ كلثوم.

٦ ـ أنّ أمّ كلثوم لم تكن من بنات فاطمة بنت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله بل كانت من أمّ ولد.

٧ ـ القول بتزويجها من عمر ، لكن عمر مات ولم يدخل بها.

٨ ـ أنّ عمر تزوّج بأمّ كلثوم ودخل بها وأولدها زيداً ورقية.

ومن أراد التفصيل فاليراجع الكتاب المذكور.

١٢١

( دينا ـ البحرين ـ ١٥ سنة ـ طالبة ثانوية )

تعليق على الجواب السابق وجوابه :

س : اتّضح لنا من جوابكم على السؤال : أنّ الإمام عليه‌السلام قد خاف من تهديد عمر ، وأنّه عليه‌السلام قد قبل بتزويج ابنته منه ، وكأنّه رغماً عنها ، فهل تسمحون بالتوضيح أكثر ، وجزاكم الله كلّ خير.

ج : حسب النصوص الواردة في مجامعنا الروائية والتاريخيّة ، فإنّ خطبة عمر من أُمّ كلثوم كانت بعد تهديده أباها أمير المؤمنينعليه‌السلام باتهامه بالسرقة وأشياء أُخرى ـ والعياذ بالله ـ إن امتنع عن الأمر(١) .

ولكن في نفس الروايات إشارة واضحة إلى مجرد وقوع العقد ـ لا الدخول ـ وعلى كلّ فإنّ الموضوع ـ إن صحّ وقوعه ـ كان تحت الضغط والتهديد المذكور ، لا بطيب النفس حتّى يدلّ على وجود العلاقة المتعارفة بين الطرفين.

( أُسامة ـ الجزائر ـ )

لو ثبت لثبت أنّ عمر رجل فاسق فاجر :

س : أنا حديث العهد بمذهب آل البيتعليهم‌السلام ، وأُريد أن أسألكم في قضية تزويج أمير المؤمنينعليه‌السلام ابنته لعمر بن الخطّاب ، ففي كتب السنّة قد تزوّجها برضاه ، أمّا في كتب الشيعة أنّهعليه‌السلام تعرّض للتهديد ، فكيف يعقل أن تأخذ منه ابنته ولا يفعل شيئاً؟

والمعروف عن أمير المؤمنين أنّه لا يسكت عن باطل ، حتّى ولو استلزم ذلك إراقة الدماء ، ومسألة زواج ابنته ليس بالأمر إلهيّن ، وإنّما هي مسألة شرف ، وأنا لا أظنّه يسكت عن هذا ، إلاّ إذا كان راضياً بهذا الزواج ، وفّقكم الله.

ج : إنّ النصوص الواردة في هذه المسألة في غاية الاضطراب ، ممّا تجعلنا

____________

١ ـ الكافي ٥ / ٣٤٦ و ٦ / ١١٥.

١٢٢

نشكّ في أصل القضية ، بالأخصّ ما ورد في مصادر أهل السنّة ، حيث لو قبلوا برواياتهم والتزموا بها في هذا الزواج ، عليهم أن يلتزموا بسائر التفاصيل الواردة في نفس الواقعة ، التي تكون نتيجتها : أنّ عمر رجل فاسق فاجر متهوّر ، وذلك لما روي من تفاصيل في هذا الزوا الجواب :

ففي بعض رواياتهم : ( أنّ عمر هدّد عليّاً )!!(١) .

وفي بعضها : ( أنّ عمر لمّا بلغه منع عقيل عن ذلك قال : ويح عقيل سفيه أحمق )!!(٢) .

وفي بعضها : ( التهديد بالدرّة )!!(٣) .

وفي بعضها : ( أنّ أُمّ كلثوم لمّا ذهبت إلى المسجد ليراها عمر!! قام إليها فأخذ بساقها!! وقبّلها )!!(٤) .

أو : ( وضع يده على ساقها فكشفها ، فقالت : أتفعل هذا؟ لولا أنّك أمير المؤمنين لكسرت أنفك ، أو : لطمت عينيّك )!!(٥) .

أو : أخذ بذراعها!! أو : ضمّها إليه!!

( علي الاشكناني ـ الكويت ـ ٣٣ سنة ـ مدرّس )

تعقيب على الجواب السابق :

زواج عمر حتّى إذا ثبت ، فلا يعني شيئاً.

أودّ أوّلاً : أن أبارك للأخ الجزائريّ على ركوبه سفينة أهل البيتعليهم‌السلام .

____________

١ ـ ذخائر العقبى : ١٦٨.

٢ ـ المعجم الكبير ٣ / ٤٥ ، مجمع الزوائد ٤ / ٢٧٢.

٣ ـ الذرّية الطاهرة : ١١٥.

٤ ـ تاريخ بغداد ٦ : ١٨٠.

٥ ـ ذخائر العقبى : ١٦٨ ، تاريخ مدينة دمشق ١٩ / ٤٨٣ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٥٠١ ، أُسد الغابة ٥ / ٦١٤.

١٢٣

وثانياً : فيما يخصّ زواج عمر من أُمّ كلثوم باطل لعدّة وجوه :

منها : أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام كان يكره أن يرى وجه عمر ، كما هو مذكور في صحيح البخاريّ!

ثانياً : أنّ الإمام عليعليه‌السلام كان يرى : أنّ أبا بكر وعمر كاذبان خائنان آثمان غادران ، كما في صحيح مسلم ، فهل يزوّج الإمام عليعليه‌السلام ابنته لرجل فيه هذه المواصفات يا ترى؟!

أمّا على فرض أنّ الإمام علي زوّج ابنته لعمر ، فهو لا يعدو أن يكون محمولاً على أمرين :

أمّا أن يكون الإمام عليعليه‌السلام قد زوّج ابنته حبّاً في عمر ، وهو أمر غير مقبول ، بعد أن سردنا موقف الإمام علي تجاه هذا الرجل!

وثانياً : أن يكون الإمام عليعليه‌السلام زوّج ابنته لتهديد عمر! وكما نعرف أنّ وجود الإمام علي ـ هذا الوجود المقدّس ـ كان ضرورياً للإسلام! وغيابهعليه‌السلام يعني كارثة بالإسلام ، ومحو خارطتها وآثارها ، وتكريس الإسلام المزيّف ، ولهذا لم يسكت الإمام عليعليه‌السلام خوفاً أو جبناً ، معاذ الله ، وإنّما خوفاً على الإسلام.

ثمّ أنّ مسألة الزواج ليست مسألة ذات أهمّية ، فالقرآن الكريم يذكر لنا علاقة بين زوج مؤمن ، وزوجة غير مؤمنة ، كما هو الحال بالنسبة إلى النبيّ نوح ولوطعليهما‌السلام ، وعلاقة بين زوجة مؤمنة ، وزوج غير ذلك ، كما هو الحال بالنسبة إلى زوجة فرعون! بل أنّ القرآن يذكر أنّ النبيّ لوطعليه‌السلام أراد تزويج بناته إلى قوم يمارسون اللواط ، وهم أعداء لله ولرسوله! بسبب ألاّ يخذلوه في ضيوفه.

( عبد الله ـ اليمن ـ زيدي ـ ٤٣ سنة ـ طالب علم )

تعليق على الجواب السابق وجوابه :

س : ممّا ذكره علي اشكناني ولم يعترض عليه علماؤكم الاثني عشرية في موقعكم :

١٢٤

١ ـ قال : أفلا يزوّج الإمام علي ابنته ـ وهو أمر لم يحدث ـ كي لا يخذل الإسلام ، وكي يبقى الوجود المقدّس للإمامعليه‌السلام .

وأقول : إن كان سكوت الإمام علي على اغتصاب ابنته من أجل بقائه المقدّس كما تقول ، فهل تحقّقت منفعة تذكر من هذا البقاء؟ ونحن نرى من ينكرون ولايته وقدسيته ، وهم أهل السنّة ، هم غالبية المسلمين في العالم؟

الحقيقة أنّ تغاضي الإمام عن اغتصاب ابنته ـ الذي تجعلونه افتراضاً لا حقيقة ـ هذا التغاضي لم يفضي إلاّ إلى ضياع الإمامة ، وظلم الشيعة وظلم آل البيت ، وانحسار التشيّع منذ زمن الإمام وإلى اليوم ، فما الفائدة من سكوته وتغاضيه الذي تزعمونه افتراضاً؟

٢ ـ قال : إنّ أمير المؤمنين كان يكره أن يرى وجه عمر , كما هو مذكور في صحيح البخاريّ!

أطلب من المدعو أشكناني نقل الرواية في البخاريّ ، فإن ثبتت صدّقناه ، وإن لم تثبت نتّهمه بالكذب ، ونتّهم القائمين على الموقع بالتواطؤ مع الكاذبين على اعتبار السماح بنشره موافقة عليه.

٣ ـ قال : إنّ الإمام عليعليه‌السلام كان يرى أنّ أبا بكر وعمر بأنّهما كاذبان خائنان آثمان غادران , كما في صحيح مسلم , فهل يزوّج الإمام عليعليه‌السلام ابنته لرجل فيه هذه المواصفات يا ترى!!

وأقول : وهذه أيضاً نطالبه فيها بنقل الرواية من مسلم ، فإن ثبتت صدّقناه ، وإن لم تثبت نتّهمه بالكذب ، ونتّهم القائمين على الموقع بالتواطؤ مع الكاذبين على اعتبار السماح بنشره موافقة عليه.

ج : إنّ الإمام عليعليه‌السلام لم يرتكب محرّماً بتزويج ابنته من عمر على فرض صحّة الروايات التي تنقل ذلك الخبر ، فحفظ وجود الإمام من القتل أو التشويه بالسرقة ، أو أيّ شيء لا يتورّع عمر عن ارتكابه أهمّ من تزويج ابنته من عمر ، الذي يبلغ ما بلغ أن يكون مكروهاً ، فيكون عمل الإمامعليه‌السلام للدفاع عن الإسلام وعدم رجوع الحال إلى الجاهلية ، كما اتفق القوم على ذلك يكون عمله راجحاً.

١٢٥

وقد تحقّقت المنفعة بعمله هذا ، الذي أبقى اسم الإسلام إلى الآن ، وأبقى أيضاً اسم التشيع إلى الآن ، ولا يهم أن يكونوا هم الأقلية ، لأنّ الله تعالى وعد بنصر دينه في آخر الزمان ، وما هذه الأيّام ولا بهم جولة في قبال دولة الحقّ ، وقد قال عزّ وجلّ( وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُون ) ، ثمّ إنّ المتكلّم نفى الفائدة من وجود الإمام لأن الشيعة هم أقل من السنّة ولازم كلامه أنّه لا فائدة من وجود النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ لأنّ النصارى أكثر من المسلمين. ولا أظن المتكلّم يدرك ما يخرج من رأسه.

وقولك : ـ اغتصاب ابنته ـ تعبير غير دقيق تريد منه التشنيع ، فإنّ ما نقوله وما تقوله بعض الروايات من الاغتصاب لا يعني إلاّ أنّ الأمر حصل في أوّل الأمر عن كراهة ، ثمّ إنّ الإمام بعد ذلك أوكل الأمر إلى عمّه العباس كما تقول بعض الروايات ، وحصل الزواج على سنّة الله ورسوله.

أمّا الفائدة التي حصلت بسكوت الإمامعليه‌السلام فهي بقاء الإسلام إلى يومنا هذا ، فلو أنّ الإمام قام بالثورة كما تريد أنت مع قلّة الناصر لقُتل الإمام ، كما قال هوعليه‌السلام : ( إنّ القوم استضعفوني ، وكادوا يقتلوني )(١) ، فيذهب علم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي يحمله الإمام هدراً ، فلا يبقى شيعيّ ولا سنّيّ ولا زيديّ ، وتعود جاهلية.

أمّا ما ذكره الأشكنانيّ من أنّ الإمامعليه‌السلام كان يكره وجه عمر ، فيبدو أنّ هذا كان اعتماداً على الرواية الموجودة في البخاريّ التي تقول : ( استنكر علي وجوه الناس )(٢) ، وعندما دعا أبو بكر دعاه لوحده ، ولم يسمح لغيره ( كراهية لمحضر عمر ) ، وإن ما ذكره كان من فهمه لتلك الواقعة ، والمركز قد ذكر اسمه في آخر تعليقه ليميّز القارئ ما يصدر منّا عمّا يصدر من غيرنا.

____________

١ ـ الإمامة والسياسة ١ / ٣١.

٢ ـ صحيح البخاريّ ٥ / ٨٣.

١٢٦

أمّا ما ذكره الأشكنانيّ من أنّ الإمامعليه‌السلام كان يرى أنّ أبا بكر وعمر كاذبان ، فإنّ هذا موجود في صحيح مسلم على لسان عمر(١) ، حيث خاطب علي والعباس : ( فرأيتماه ] أي أبا بكر [ كاذباً آثماً غادراً خائناً ) الى أن يقول : ( فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً ).

والإمامعليه‌السلام على الرغم من كلّ هذا رأى أنّ من المصلحة الأهمّ قبول إيقاع الزواج ، وهو الإمام المعصوم الذي لا يخطأ في التشخيص ، وهو المُعَلَّم من رسول الله ألف باب من العلم ، ينفتح له من كلّ باب ألف باب.

( محمّد ـ البحرين ـ ٢٠ سنة ـ طالب جامعة )

بحث تفصيلي وردّ الشبهات حوله :

س : إلى مركز الأبحاث العقائديّة.

نرجو منكم التفصيل إن أمكن ، حول التحقيق في موضوع تزويج أُمّ كلثوم من عمر ، وردّ ما يثار من شبهات حوله ، الرجاء التفصيل في ذلك.

ج : من الأُمور التي كثر الكلام حولها عبر العصور والقرون ، مسألة تزويج الإمام عليعليه‌السلام ابنته أُمّ كلثوم من عمر ، لذا نرى أكثر الكتب الكلامية عند الفريقين تحدّثت عنه بإيجاز ، ولمّا نتصفّح ما كتبه أهل السنّة حول هذا الحدث ، نراهم فرحين به ومستبشرين ، لأنّهم ـ على زعمهم ـ عثروا على دليل وشاهد يقصم ظهر الشيعة ، ولا يبقي لهم باقية ـ كما صرّح به بعضهم ـ.

لذا نحن هنا نورد بعض ما ذُكر حول هذا الحدث ، ونعلّق عليه بإيجاز واختصار :

أمّا بالنسبة إلى أصل تحقّق هذا الزواج فنقول : إنّ علماءنا ذهبوا في هذا الأمر إلى أربعة أقوال :

____________

١ ـ صحيح مسلم ٥ / ١٥٢.

١٢٧

أ ـ عدم ثبوته ، فمنهم الشيخ المفيدقدس‌سره حيث ذكر : ( أنّ الخبر الوارد في ذلك غير ثابت لا سنداً ولا دلالة )(١) .

ب ـ ذهب بعض الإخباريّين إلى أنّها كانت جنّية ، ولم يتزوّج عمر من أُمّ كلثوم حقيقة ، مستندين إلى بعض الروايات ، ولكن هذه الروايات ضعيفة ، مضافاً إلى أنّها أخبار آحاد لا توجب علماً ولا عملاً(٢) .

ج ـ هناك من يذهب إلى أنّها كانت أُمّ كلثوم بنت أبي بكر ، أخت محمّد ابن أبي بكر ، وحيث كانت ربيبة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وبمنزلة بنته سرى الوهم إلى أنّها بنته حقيقة(٣) .

د ـ القول الأخير ما دلّت عليه بعض الأخبار الصحيحة ـ وهو المشهور عند علمائنا ـ أنّها كانت بنته حقيقة ، ولكنّهعليه‌السلام إنّما زوّجها من عمر بعد مدافعة كثيرة ، وامتناع شديد ، حتّى ألجأتهعليه‌السلام الضرورة ـ ورعاية المصلحة العامّة ـ إلى أن ردّ أمرها إلى عمّه العباس بن عبد المطلب ، فزوّجها إيّاه.

هذا ما عندنا ، أمّا عند أهل السنّة ، فلنا معهم وقفة في سند ما رووه ودلالته ، فنقول : ما ورد من هذا الأمر في صحيح البخاريّ مجرد كون أُمّ كلثوم كانت عند عمر من دون أيّ تفصيل ، وهذا ما لا يمكن به إثبات الرضى بالزواج.

ثمّ لو وضعنا الأسانيد التي روت خبر تزويج أُمّ كلثوم عند أهل السنّة في ميزان النقد العلميّ ، لرأيناها ساقطة عن درجة الاعتبار ، لأنّ رواتها بين : مولى لعمر ، وقاضي الزبير ، وقاتل عمّار ، وعلماء الدولة الأُموية ، ولرأينا أنّ رجال أسانيده بين : كذّاب ، ووضّاع ، وضعيف ، ومدلّس ، لا يصحّ الاحتجاج بهم ، والركون إلى قولهم.

____________

١ ـ المسائل السروية : ٨٦.

٢ ـ الخرائج والجرائح ٢ / ٨٢٦.

٣ ـ الأنوار العلوية : ٤٣٦.

١٢٨

هذا ما اعترف به علماء أهل السنّة في الجرح والتعديل.

وأمّا من حيث المتن والدلالة ، ففيها ما لا يمكن الالتزام به :

منه : ما رواه الدولابيّ عن ابن إسحاق : من اعتذار علي لعمر بصغر سنّها إلى أن قال : ( فرجع علي فدعاها فأعطاها حلّة ، وقال : (انطلقي بهذه إلى أمير المؤمنين ، فقولي : يقول لك أبي : كيف ترى هذه الحلة

فأتته بها ، فقالت له ذلك ، فأخذ عمر بذراعها ، فاجتذبتها منه ، فقالت : أرسل فأرسلها ، وقال : حصان كريم ، انطلقي فقولي : ما أحسنها وأجملها ، وليست والله كما قلت ، فزوّجها إيّاه )(١) .

كيف يفعل الإمام عليعليه‌السلام هذا العمل؟ ألم تكن ابنته كريمة عليه حتّى يرسلها بهذه الحالة من دون أن يصحبها بالنساء؟ ثمّ كيف يأخذ عمر بذراعها ، ولم تكن زوجته ولا تحلّ له؟

ومنه : ما رواه ابن عساكر : فبعثها إليه ببرد ، وقال لها : (قولي له : هذا البرد الذي قلت لك ) ، فقالت ذلك لعمر ، ووضع يده على ساقها وكشفها ، فقالت له : أتفعل هذا! لولا أنّك أمير المؤمنين لكسرت أنفك ، ثمّ خرجت حتّى جاءت أباها ، فأخبرته الخبر ، وقالت : بعثتني إلى شيخ سوء ، فقال : ( مهلا يا بنية ، فإنّه زوجك )(٢) .

فكيف يعقل بالإمام عليعليه‌السلام أن يعرض ابنته للنكاح هكذا؟ وكيف يواجهها عمر بهذا العمل؟ وهي لا تعلم شيئاً من أمر الخطبة والنكاح؟ ثمّ ما الداعي لخليفة المسلمين من كشف ساقها في المجلس؟ ولم يتمّ النكاح بعد بصورة تامّة؟!

ومنه : ما رواه الدولابي أيضاً من قول عليعليه‌السلام لابنته : (انطلقي إلى أمير

____________

١ ـ الذرّية الطاهرة : ١١٤.

٢ ـ تاريخ مدينة دمشق ١٩ / ٤٨٣.

١٢٩

المؤمنين ، فقولي له : إنّ أبي يقريك السلام ، ويقول لك : إنّا قد قضينا حاجتك التي طلبت ) ، فأخذها عمر فضمّها إليه ، وقال : إنّي خطبتها من أبيها فزوجنيها.

فقيل : يا أمير المؤمنين ما كنت تريد؟ إنّها صبيّة صغيرة.

فقال : إنيّ سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (كلّ سبب منقطع )(١) .

سبحان الله! عليعليه‌السلام يرضى بزواج ابنته من دون إعلامها ، وبهذه الصورة التي لا يفعلها أقلّ الناس كرامة ، فكيف ببيت النبوّة؟! وكيف يضمّها عمر إليه أمام الناس ، وهم لا يعلمون أمر الخطبة والنكاح؟! وهل يفعل غيور بزوجته هكذا أمام الناس؟! لست أدري.

ومنه : ما في الطبقات لابن سعد ، من قول عمر للمسلمين الحاضرين في المسجد النبويّ الشريف : ( رفئوني )(٢) .

والحال أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن هذا النوع من التبريك ، كما في مسند أحمد(٣) ، حيث كان من رسوم الجاهلية.

ومنه : الاختلاف في مهرها ، ففي بعض الروايات : أمهرها أربعين ألف درهم(٤) ، وفي بعضها : أنّه أمهرها مائة ألف ، وذكر غير ذلك ، فكيف يفعل هذا ، وهو الذي نهى عن المغالاة في المهور ، وقد اعترضت عليه امرأة وأفحمته.

ثمّ إنّ هذا ينافي ما ورد عند القوم من زهد الخليفة وتقشّفه ، حتّى أنّهم رووا عن أبي عثمان النهدي أنّه قال : ( رأيت عمر بن الخطّاب يطوف بالبيت ، عليه إزار فيه اثنتا عشرة رقعة ، إحداهن بأديم أحمر )(٥) ، أو أنّه مكث زماناً لا

____________

١ ـ الذرّية الطاهرة : ١١٣.

٢ ـ الطبقات الكبرى ٨ / ٤٦٣.

٣ ـ مسند أحمد ٣ / ٤٥١.

٤ ـ السنن الكبرى للبيهقيّ ٧ / ٢٣٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٨ / ١١٦.

٥ ـ الطبقات الكبرى ٣ / ٣٢٨.

١٣٠

يأكل من بيت المال شيئاً ، حتّى دخلت عليه في ذلك خصاصة ، فاستشار الصحابة في الأخذ من بيت المال ، فقال له عثمان : كلّ وأطعم ، وقال له علي : ( غداء وعشاء ) ، فأخذ به عمر )(١) .

فهل أمهرها من بيت المال؟ وهو لا يحلّ له ، أو أمهرها من عنده؟ والتاريخ لا يذكر لنا هذه الثروة لعمر.

ومنه : قضية زواجها من بعد عمر ، فقد ذكروا أنّها تزوّجت بعده بعدّة أشخاص ، منهم عون بن جعفر ، ولا أدري كيف تزوّجت منه بعد موت عمر ، وقد قتل سنة ١٧ هـ ، في زمن عمر في وقعة تستر(٢) .

هذا هو ما عند الفريقين ، فإن أراد أهل السنّة إلزامنا بما عندنا ، فلم يصحّ عندنا سوى أنّ الأمر تمّ بتهديد ووعيد ، ممّا أدّى إلى توكيل الأمر إلى العباس ، ولا يوجد عندنا ما يدلّ على إنجاز الأمر باختيار ورضى ، وطيب خاطر.

وأمّا لو أرادوا إلزامنا بما عندهم ، فهذا أوّلاً ليس من أدب التناظر ، وإلاّ لأمكننا إلزامهم بما ورد عندنا ، وثانياً لا يمكنهم أيضاً الالتزام بأكثر ما ورد عندهم ، لما فيه من طعن ، إمّا في الإمام عليعليه‌السلام حيث يرسل ابنته هكذا ، وإمّا في عمر حيث يأخذ بذراع من لا تحلّ له ، أو يكشف عن ساقها أمام الناس ـ حتّى ولو كانت زوجته ـ لأنّ هذا ينافي الغيرة والكرامة ، ولا يمكن لشيعيّ وسنّيّ الالتزام به.

وأمّا القول بأنّ الكلمة اتفقت بأنّ عمر أولدها ، ولم ينكر ذلك سوى المسعوديّ ، فنقول :

أوّلاً : لم يحصل إجماع على ذلك ، ولم تتفق الكلمة عليه : أمّا عندنا ، فالروايات المعتبرة خالية عنه.

____________

١ ـ المصدر السابق ٣ / ٣٠٧.

٢ ـ المصدر السابق ٨ / ٤٦٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٣ / ١٧٩.

١٣١

وأمّا عند أهل السنّة فمختلفة : ففي بعضها : أنّها ولدت له زيداً(١) ، وفي بعضها الآخر : زيداً ورقية(٢) ، وفي رواية : زيداً وفاطمة(٣) ، مضافاً إلى الاختلاف في موتها مع ابنها ، وهل أنّه بقي إلى زمن طويل أم لا؟

وثانياً : لم ينفرد المسعوديّ بذلك ، بل ذكر أبو محمّد النوبختي في كتاب الإمامة : ( أنّ عمر مات عنها وهي صغيرة ، ولم يدخل بها )(٤) ، وذكر ذلك أيضاً الزرقانيّ المالكيّ في شرح المواهب اللدنية(٥) .

وأمّا أنّ هذا الزواج يدلّ على أنّ عمر كان مؤمناً وصادقاً عند الإمام عليعليه‌السلام ، إذ لو كان مشركاً كيف يزوّجه ابنته؟ وقد قال تعالى :( وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ ) (٦) ، فيرد عليه :

إنّ النكاح إنّما هو على ظاهر الإسلام ، الذي هو الشهادتان ، والصلاة إلى الكعبة ، والإقرار بجملة الشريعة ، فالنكاح لا يدلّنا على درجة إيمان الإنسان ، ولا يدلّ إلاّ على كون الشخص مسلماً.

ثمّ أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام كان محتاجاً إلى التأليف ، وحقن الدماء ، ورأى أنّه لو لم يتمّ هذا الزواج سبّب فساداً في الدين والدنيا ، وإن تمّ أعقب صلاحاً في الدين والدنيا ، فأجاب ضرورة ، فالضرورة تشرّع إظهار كلمة الكفر ، قال تعالى :( إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ ) (٧) فكيف بما دونه.

وأنّ النبيّ لوط قال لقومه :( هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ) (٨) ، فدعاهم

____________

١ ـ البداية والنهاية ٥ / ٣٣٠.

٢ ـ تركة النبيّ : ٩٥ ، الرياض النضرة ٢ / ٣٦٤.

٣ ـ أُنظر : المعارف : ١٠٧.

٤ ـ بحار الأنوار ٤٢ / ٩١.

٥ ـ شرح المواهب اللدنية ٧ / ٩.

٦ ـ البقرة : ٢٢١.

٧ ـ النحل : ١٠٥.

٨ ـ هود : ٧٨.

١٣٢

إلى العقد عليهنّ ، وهم كفّار ضلال ، قد أذن الله تعالى في هلاكهم ، وليس هذا إلاّ للضرورة المدعاة إلى ذلك.

أمّا الآية الكريمة ، فهي لا تدلّ على مدّعاهم ، لأنّها تمنع التزاوج مع الكفّار والمشركين ، الذين يعادون الإسلام ، ويعبدون الأوثان ، ولا تشمل من كان على الإسلام ، كيف وقد كان عبد الله بن أبي سلول وغيره من المنافقين يناكحون ، ويتزاوجون في زمن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لإظهار الشهادتين ، والانقياد للملّة ، وقد أقرّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك ولم يمنعه.

ونحن كما قلنا : نعترف بإسلام القوم ، ولا نحكم إلاّ بكفر النواصب والغلاة ، وما ورد عندنا في كفر غيرهما ، فإنّما يُنزّل على الكفر اللغويّ ، لا الكفر الاصطلاحي الموجب للارتداد ، والخروج عن الملّة.

وأمّا أنّ هذا الزواج يدلّ على أنّ العلاقة بين علي وعمر كانت علاقة مودّة ، فنقول : ذكرنا أنّ ما صحّ عندنا في أمر هذا الزواج ، يدلّ على أنّه تمّ بالإكراه وتهديد ومراجعة ، وما ورد عند أهل السنّة لا يمكنهم الالتزام بدلالته ، حيث يخدش في الخليفة ، ويجعله إنساناً فاسقاً متهوراً!!

مضافاً إلى ما ورد من قول عمر ، لما امتنع الإمام عليعليه‌السلام لصغرها : ( إنّك والله ما بك ذلك ، ولكن قد علمنا ما بك )(١) .

وقوله : ( والله ما ذلك بك ، ولكن أردت منعي ، فإن كانت كما تقول فأبعثها إليّ )(٢) .

وأيضاً ، فإنّ عمر لمّا بلغه منع عقيل عن ذلك قال : ( ويح عقيل ، سفيه أحمق )(٣) .

فأيّ توادد وعلاقة مع هذا؟ ولو كان كذلك ما تأخّرعليه‌السلام عن إجابة دعواه ،

____________

١ ـ الطبقات الكبرى ٨ / ٤٦٤.

٢ ـ ذخائر العقبى : ١٦٨.

٣ ـ المعجم الكبير ٣ / ٤٥.

١٣٣

فقد قال عقبة بن عامر الجهنيّ : ( خطب عمر بن الخطّاب إلى علي بن أبي طالب ابنته من فاطمة ، وأكثر تردّده إليه )(١) .

أو ما قاله عمر : ( أيّها الناس ، إنّه والله ما حملني على الإلحاح على علي بن أبي طالب في ابنته ، إلاّ إنّي سمعت رسول الله )(٢) .

ثمّ إنّ مجرّد التناكح لا يدلّ على أيّ شيء ، وأيّ علاقة بين العوائل ، كيف وقد عقد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على أُمّ المؤمنين أُمّ حبيبة بنت أبي سفيان ، وهي في الحبشة ، وكان أبوها آنذاك رأس المشركين المتآمرين على الإسلام والمسلمين؟ فهل هذا يدلّ على شيء عندكم؟ كما أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله زوّج ابنته قبل البعثة ـ على رأي أهل السنّة ـ من كافرين يعبدان الأصنام : عتبة بن أبي لهب ، وأبو العاص بن الربيع ، ولم يكنصلى‌الله‌عليه‌وآله في حال من الأحوال موالياً لأهل الكفر ، فقد زوّج مَنْ تبرأ من دينه.

وإنّ الإمام عليعليه‌السلام رغم اعتقاده بأحقيقته ومظلوميته في أمر الخلافة ـ كما كان يبيّنه مراراً ـ لكنّه ترك المنازعة مراعاة لمصلحة المسلمين ، وكان يقول : ( لأسلِمَنّ ما سلمت أُمور المسلمين ، ولم يكن فيها جور إلاّ عليّ خاصّة )(٤) .

فأصبحعليه‌السلام بعد اتخاذه هذه السياسة الحكيمة ، هو المعتمد والمستشار عند القوم في المسائل المعقّدة العلميّة والسياسيّة ، وهذا ما أدّى إلى توفّر أرضية إيجابية جيّدة عند الناس لصالحهعليه‌السلام ، وكلّما تقدّم الزمان زادت هذه الأرضية.

هذا بالإضافة إلى نشاط أنصارهعليه‌السلام في التحرّك نحو تبيين موقعه السامي ، فلمّا رأى عمر بن الخطّاب ذلك ، حاول إخماد هذه البذرة بطرق مختلفة ، مثلاً : ولّى سلمان على المدائن ، وبدأ يمدح عليّاً أمام الخاصّ والعام ، حتّى أنّ ابن الدمشقي روى في جواهر المطالب : ( أنّ رجلاً أهان عليّاً عند عمر ، فنهض

____________

١ ـ تاريخ بغداد ٦ / ١٨٠.

٢ ـ مناقب الإمام علي بن أبي طالب : ١٣٥.

٣ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ١٦٦.

١٣٤

عمر من مجلسه ، وأخذ بتلابيبه حتّى شاله من الأرض ، ثمّ قال : أتدري من صغّرت )؟(١) .

وكذلك بدأ بالتقرّب منه ، فخطب ابنته الصبية أُمّ كلثوم ، وهو شيخ كبير ، واظهر أنّه لا يريد ما يتصوّرون ، بل يريد الانتساب فقط ، وكذلك يحدّثنا التاريخ أنّ عمر استوهب أحد أولاد عليعليه‌السلام فسمّاه باسمه ( عمر ) ، ووهب له غلاماً سمّي مورقاً(٢) .

فهذه الأُمور كلّها كانت خطّة وتدبير سياسي من قبل الخليفة الثاني ، والغرض منها امتصاص المعارضة وتخميدها ، والتظاهر أمام الناس بحسن الصلة ، والتعامل فيما بينهم ، ومن ثَمّ إبعاد الإمام عليعليه‌السلام عن دفّة الحكم ، وسلبه آليات المعارضة

وإلاّ فلو كان الخليفة صادقاً ، فلماذا استشاط غضباً لمّا تحدّث عبد الرحمن ابن عوف ـ وهم في منى قبيل مقتل الخليفة ـ عن رجل ، قال : ( لو قد مات عمر لقد بايعت فلاناً ، فغضب عمر ، وقال : إنّي إن شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذّرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أُمورهم. فمنعه عبد الرحمن ، وأشار عليه أن يتكلّم في المدينة ، فلمّا قدم المدينة صعد المنبر ، وقال فيما قال : ثمّ أنّه بلغني أنّ قائلاً منكم يقول : والله لو مات عمر بايعت فلاناً ، من بايع رجلاً من غير مشورة من المسلمين ، فلا يبايع هو ، ولا الذي بايعه ، تغرّة أن يقتلا )(٣) .

وقد ذكر لنا بعض شرّاح الحديث : أمثال ابن حجر العسقلانيّ في مقدّمة فتح الباري عند شرحه للمبهمات ، وكذلك القسطلانيّ في إرشاد الساري : أنّ القائل هو الزبير ، قال : لو قد مات عمر لبايعنا عليّاً.

____________

١ ـ جواهر المطالب ١ / ٨٦.

٢ ـ تاريخ مدينة دمشق ٤٥ / ٣٠٤.

٣ ـ صحيح البخاريّ ٨ / ٢٦.

١٣٥

والغرض من هذا التطويل ، إنّما هو تبيين زيف مدّعى القوم في ترسيم صورة وهمية ، وبزعمهم ودّية بين القوم وبين الإمام عليعليه‌السلام ، فأيّ صلة ، وأيّ علاقة ودّية بعد هذا يا أخي؟!

وأمّا استدلال بعض فقهاء الشيعة بهذا الزواج على جواز نكاح الهاشميّة من غير الهاشميّ ، كما قال ذلك الشهيد الثاني في المسالك ، ممّا جعل الخصم يحتجّ به في المقام ، فيرد عليه :

أنّ الشهيد الثاني كان في صدد بيان حكم شرعيّ فقهيّ بحت في النكاح ـ كما سنبيّن ذلك ـ ولم يكن بصدد إظهار رأي كلامي حول هذا الزواج ، لا سلباً ولا إيجاباً ، بل إنّما اتخذه كأصل موضوعيّ ، واستشهد به.

ذكر المحقّق الحلّيّ في الشرائع في كتاب النكاح : أنّ الكفاءة شرط في النكاح ، وهي التساوي في الإسلام ، فعقّب على ذلك قائلاً : ويجوز انكاح الحرّة العبد والهاشميّة غير الهاشميّ ، وبالعكس.

فشرح الشهيد الثاني كلامه قائلاً : لمّا تقرّر أنّ الكفاءة المعتبرة في التناكح هي الإسلام أو الإيمان ، ولم يجعل الحرّية وغيرها من صفات الكمال شرطاً ، صحّ تزويج العبد للحرّة ، والعربية للعجميّ ، والهاشميّة لغيره ، وبالعكس ، إلاّ في نكاح الحرّ الأمة ، ففيه ما مرّ.

وكذا أرباب الصنائع الدنية ـ كالكنّاس والحجام ـ بذوات الدين من العلم والصلاح ، والبيوتات من التجّار وغيرهم ، لعموم الأدلّة الدالّة على تكافؤ المؤمنين بعضهم لبعض ، وزوّج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ابنته عثمان ، وزوّج ابنته زينب بأبي العاص بن الربيع ، وليسا من بني هاشم ، وكذلك زوّج عليعليه‌السلام ابنته أُمّ كلثوم من عمر وخالف ابن الجنيد منّا

فهذا الكلام كما ترى ، رأي فقهيّ بحت ، لا ربط له بمدّعى القوم ، ولا يثبت إلاّ أصل الزواج دون كيفيّته ، وما حدث حوله.

وأمّا القول بأنّ عليّاً ذاك الشجاع البطل الغيور ، فكيف يكره ويجبر على تزويج ابنته؟ فنقول : إنّ الشجاعة شيء ، ورعاية المصلحة العامّة شيء آخر ،

١٣٦

فقد ورد في صحيحة هشام بن سالم ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : (لمّا خطب إليه ، قال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : إنّها صبية ، قال : فلقي العباس ، فقال له : ما لي؟ أبي بأس؟ قال : وما ذاك؟ قال : خطبت إلى ابن أخيك فردّني ، أما والله لأعورنّ زمزم ، ولا أدع لكم مكرمة إلاّ هدّمتها ، ولأقيمنّ عليه شاهدين بأنّه سرق ، ولأقطعنّ يمينه ، فأتاه العباس فأخبره ، وسأله أن يجعل الأمر إليه ، فجعله إليه )(١) .

فالعاقل يقدّم هنا الأهمّ على المهمّ ، فلو امتنع الإمامعليه‌السلام سبّب امتناعه مفسدة ، وإن وافق مكرهاً لم يكن فيه جور إلاّ عليه خاصّة ، مع سلامة أُمور المسلمين ، فقدّم هذا على ذلك ، وإلاّ فهوعليه‌السلام ذاك الغيور الشجاع الذي لا يخاف في الله لومة لائم ، وهو الذي لا يبالي أوقع على الموت أو وقع الموت عليه ، وهو الشاهر سيفه لله وفي الله ، كما حدث في قتاله الناكثين والمارقين والقاسطين.

وأمّا اعتراضهم علينا بقولهم : لماذا يترك علي الأمر لعمّه مع وجوده؟ وهل هناك فرق بين أن يزوّجها علي مباشرة ، وبين أن يتولّى العباس ذلك؟ فنقول :

إنّهعليه‌السلام فعل هذا ليكون أبلغ في إظهار الكراهة ، وليثار هذا السؤال عند الناس : لماذا لم يحضر عليّاً؟ ولماذا ترك أمرها لعمّه؟ هل حدث شيء؟ وهذا الأسلوب هو أحد آليّات الكفاح ، وقد سبق أن استخدمته الصدّيقة الزهراءعليها‌السلام ، حيث أوصت أن تُدفن ليلاً ، ويُخفى قبرها ، ليبقى هذا السؤال قائماً أبد الآبدين : أين قبر بنت الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

وأمّا قولهم : إنّ ما روي عند الشيعة في أمر هذا الزواج ، من أنّ ذلك ( فرج غصبناه ) يردّ عليه : أنّها جملة مخجلة تخدش الحياء ، ولا تخرج من إنسان مهذّب ، وأنّها تعني أنّ الزواج لم يتمّ بأسلوب شرعيّ ، ولم يتمّ بقبول والدها ووليّها الشرعيّ ، ولا بقبولها أيضاً ، بل تمّ الأمر استبداداً وجبراً ، فنقول :

لا نعلم السبب في تعليق القائل : إنّها جملة مخجلة ، هل أقلقته تلك الكلمة ،

____________

١ ـ الكافي ٥ / ٣٤٦.

١٣٧

وقد قال الله تعالى في مريم :( وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا ) (١) .

وقال تعالى :( وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ) (٢) .

فظهر : أنّ مجرّد استعمال هذه الكلمة لبيان أمر لا قبح فيه.

وهلاّ كان ما فعله خليفة المسلمين بالصبية العفيفة التي لا تحلّ له ـ من الأخذ بالذراع ، أو الكشف عن الساق أمام الناس ، حتّى ولو كانت زوجته ـ مخجلاً؟!

وهل يصدر هذا العمل من إنسان مهذّب ـ على حدّ تعبير القائل ـ؟!

ثمّ إنّ الزواج تمّ بأسلوب شرعيّ ، ولم يقل أحد ـ والعياذ بالله ـ أنّه تمّ بأسلوب غير شرعيّ ، غاية ما هناك أنّ عليّاًعليه‌السلام كان مكرهاً ، وأوكل الأمر إلى عمّه العباس حفظاً لمصلحة الأُمّة الإسلاميّة. وإنّ الإكراه يحلّ معه كلّ محرّم ، ويزول معه كلّ اختيار ، فيجوز معه إظهار كلمة الكفر ، ويحلّ معه أكل الميتة والدم ولحم الخنزير عند الضرورات ، مع حرمته حال الاختيار ، فقد ورد عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : (وضع الله عن أُمّتي الخطأ والنسيان ، وما استكرهوا عليه )(٣) .

( مختار ـ الجزائر ـ ٣٧ سنة ـ ليسانس حقوق )

تعقيب حول الجواب السابق :

إخواني العامليّن في موقع العقائد ، أُريدكم التعمّق في البحث حول هذا

____________

١ ـ التحريم : ١٢.

٢ ـ النور : ٣١.

٣ ـ السنن الكبرى للبيهقيّ ٧ / ٣٥٧.

١٣٨

الموضوع ، خاصّة في الجوانب التالية : من هي أُمّها؟ كم كان عمرها وقت زواجها بعمر؟

بعد قراءتي لمجمل الأسئلة والتفاصيل الواردة ، أنا متأكّد من أنّ هذه القضية مفتعلة ، ولا أساس لها من الصحّة ، وإن حدثت بتلك التفاصيل ، فقد زادتني كرهاً لعمر ، نظراً لتصرّفاته اللاأخلاقية.

( هدى صالح ـ أمريكا ـ )

بعض أقوال علماء الشيعة فيه :

س : الأساتذة في مركز الأبحاث العقائديّة.

أشدّ على أيديكم ، وأسأل المولى عزّ وجلّ أن يوفّقكم لكلّ خير ، ولي طلب بسيط ، وهو : أنّكم ذكرتم الكثير عن موضوع تزويج أُمّ كلثوم من عمر ، ويحقّ للإنسان أن يشكّ في أصل هذا الزواج ، ولا يعير له أيّ أهمّية ، ولكن أُريد منكم أن تذكروا لنا بعض الأقوال لعلمائنا القدامى والمعاصرين بنصّها ، وذلك إتماماً للفائدة.

ج : في مقام الجواب ننقل لكم بعض الأقوال ، والروايات بنصّها :

١ ـ قال الشيخ المفيدقدس‌سره في بعض رسائله : ( إنّ الخبر الوارد بتزويج أمير المؤمنينعليه‌السلام من عمر غير ثابت ، وطريقه من الزبير بن بكّار ، ولم يكن موثوقاً به في النقل ، وكان متّهماً فيما يذكره ، وكان يبغض أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وغير مأمون فيما يدّعيه على بني هاشم. وإنّما نشر الحديث إثبات أبي محمّد الحسن بن يحيى صاحب النسب ذلك في كتابه ، فظنّ كثير من الناس أنّه حقّ لروايته رجل علوي له ، وهو إنّما رواه عن الزبير بن بكّار.

والحديث نفسه مختلف : فتارة يروى : أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام تولّى العقد له على ابنته.

وتارة يروى : أنّ العباس تولّى ذلك عنه.

١٣٩

وتارة يروى : أنّه لم يقع العقد إلاّ بعد وعيد من عمر ، وتهديد لبني هاشم.

وتارة يروى : أنّه كان عن اختيار وإيثار.

ثمّ إنّ بعض الرواة يذكر إنّ عمر أولدها ولداً أسماه زيداً.

وبعضهم يقول : إنّه قتل من قبل دخوله بها.

وبعضهم يقول : إنّ لزيد بن عمر عقباً.

ومنهم من يقول : إنّه قتل ولا عقب له.

ومنهم من يقول : إنّه وأُمّه قُتلا.

ومنهم من يقول : إنّ أُمّه بقيت بعده.

ومنهم من يقول : إنّ عمر أمهر أُمّ كلثوم أربعين ألف درهم.

ومنهم من يقول : أمهرها أربعة آلاف درهم.

ومنهم من يقول : كان مهرها خمسمائة درهم.

ويبدو هذا الاختلاف فيه يبطل الحديث ، فلا يكون له تأثير على حال.

ثمّ إنّه لو صحّ لكان له وجهان ، لا ينافيان مذهب الشيعة في ضلال المتقدّمين على أمير المؤمنينعليه‌السلام .

أحدهما : أنّ النكاح إنّما هو على ظاهر الإسلام الذي هو الشهادتان ، والصلاة إلى الكعبة ، والإقرار بجملة الشريعة ، وإن كان الأفضل مناكحة من يعتقد الإيمان ، وترك مناكحة من ضمّ إلى ظاهر الإسلام ضلالاً لا يخرجه عن الإسلام ، إلاّ أنّ الضرورة متى قادت إلى مناكحة الضال مع إظهاره كلمة الإسلام ، زالت الكراهة من ذلك ، وساغ ما لم يكن بمستحبّ مع الاختيار.

وأمير المؤمنينعليه‌السلام كان محتاجاً إلى التأليف ، وحقن الدماء ، ورأى أنّه إن بلغ مبلغ عمر عمّا رغب فيه من مناكحة ابنته أثّر ذلك الفساد في الدين والدنيا ، وأنّه إن أجاب إليه أعقب صلاحاً في الأمرين ، فأجابه إلى ملتمسه لما ذكرناه.

والوجه الآخر : أنّ مناكحة الضال ـ كجحد الإمامة وادعائها لمن لا يستحقّها ـ حرام ، إلاّ أن يخاف الإنسان على دينه ودمه ، فيجوز له ذلك ، كما

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621