موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٣

موسوعة الأسئلة العقائديّة3%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-03-4
الصفحات: 621

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 621 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 265592 / تحميل: 6279
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٣

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٣-٤
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

قال : سمعت أبا حميد الساعديّ في عشرة من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيهم أبو قتادة الحارث بن ربعي.

فقال أبو حميد الساعدي : أنا أعلمكم بصلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قالوا : لِمَ! ما كنت أكثرنا له تبعاً ، ولا أقدمنا له صحبة. قال : بلى. قالوا : فاعرض علينا.

قال : فقال : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتّى يحاذي بهما منكبيه ، ثمّ يكبّر حتّى يقرّ كلّ عضو منه في موضعه معتدلاً ، ثمّ يقرأ ثمّ يكبّر ، ويرفع يديه حتّى يحاذي بهما منكبيه ، ثمّ يركع ويضع راحتيه على ركبتيه ، ثمّ يعتدل ولا ينصب رأسه ولا يقنع ، ثمّ يرفع رأسه فيقول : ( سمع الله لمن حمده ) ، ثمّ يرفع يديه حتّى يحاذي بهما منكبيه ، حتّى يعود كلّ عضو منه إلى موضعه معتدلاً.

ثمّ يقول : ( الله أكبر ) ، ثمّ يهوي إلى الأرض ، فيجافى يديه عن جنبيه ، ثمّ يرفع رأسه ، فيثنى رجله اليسرى فيقعد عليها ، ويفتح أصابع رجليه إذا سجد ، ثمّ يعود ، ثمّ يرفع فيقول : ( الله أكبر ) ، ثمّ يثني برجله فيقعد عليها معتدلاً ، حتّى يرجع أو يقرّ كلّ عظم موضعه معتدلاً ، ثمّ يصنع في الركعة الأُخرى مثل ذلك.

ثمّ إذا قام من الركعتين كبّر ، ورفع يديه حتّى يحاذي بهما منكبيه كما فعل ، أو كبّر عند افتتاح الصلاة ، ثمّ يصنع مثل ذلك في بقية صلواته ، حتّى إذا كان في السجدة التي فيها التسليم ، أخّر رجله اليسرى وقعد متوركاً على شقّه الأيسر ، فقالوا جميعاً : صدق ، هكذا كان يصلّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ).

والذي يوضّح صحّة الاجتماع به الأُمور التالية :

١ ـ تصديق أكابر الصحابة ، وهذا العدد لأبي حميد يدلّ على قوّة الحديث ، وترجيحه على غيره من الأدلّة.

٢ ـ أنّه وصف الفرائض والسنن والمندوبات ، ولم يذكر القبض ، ولم

٢٠١

ينكروا عليه ، أو يذكروا خلافه ، وكانوا حريصين على ذلك ، لأنّهم لم يسلّموا له أوّل الأمر أنّه أعلمهم بصلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل قالوا جميعاً : صدقت ، هكذا كان رسول الله يصلّي ، ومن البعيد جدّاً نسيانهم وهم عشرة ، وفي مجال المذاكرة.

٣ ـ الأصل في وضع اليدين هو الإرسال ؛ لأنّه الطبيعي فدلّ الحديث عليه ؛ لأنّه لو كان غير ذلك لذكر.

٤ ـ هذا الحديث لا يقال عنه إنّه عام ، وأحاديث التكتّف خصّصته ، لأنّه وصف وعدّد جميع الفرائض والسنن والمندوبات ، وكامل هيئة الصلاة ، وهو في معرض التعليم والبيان ، والحذف فيه خيانة ، وهذا بعيد عنه وعنهم.

٥ ـ بعض من حضر من الصحابة قد روى أحاديث التكتّف ، فلم يعترض ، فدلّ على أنّ التكتّف منسوخ ، أو على أقلّ أحواله بأنّه جائز للاعتماد لمن طوّل في صلاته ، وليس من سنن الصلاة ، ولا من مندوباتها ، كما هو مذهب الليث ابن سعد ، والأوزاعيّ ، ومالك.

٢٠٢

التوحيد والتثليث :

( حسين ـ البحرين ـ )

تعدّد المشيئة دليل على التوحيد :

س : كيف يمكننا الردّ على الإشكالية التي يطرحها بعض المسيح ، وهي : إمكانية الاستدلال على الثالوث عن طريق الثلاث شموع التي يتّحد نورها في ضوء واحد؟

ج : إنّ الإشكال الأساسيّ الذي يرد على الثالوث : أنّ لكلّ واحد من الثلاث له مشيئة ، فإمّا أن تتّحد مشيئة الثلاث دائماً ولا تختلف ، فهذا لا يمكن مع التزامنا بالتعدّدية ، وينجر هذا القول إلى الالتزام بالوحدانية من حيث لا يشعرون ، ولا يمكن القول بالتعدّد.

وإمّا أن تختلف ، فإذا اختلفت المشيئة عند الثلاث ، فأيّها تقدّم؟ فمن قدّمت مشيئته على غيره كان هو الربّ ، والآخر مربوب.

( ـ ـ )

بهما يناظر مع المسيحية :

س : كيف نستطيع أن نناظر ونباحث مع أهل الكتاب سيّما المسيحيّين؟ جزاكم الله عن الإسلام خير الجزاء وجعلنا من جيران مولانا أمير المؤمنين في الجنّة.

ج : أهم اختلاف هو في التوحيد والتثليث ، وبهذا الموضوع يمكن مناظرتهم ، يعني لابدّ وأن تكون بداية المناظرة في هذا الموضوع ، الذي هو أصل الاختلاف.

٢٠٣

ونوصيكم بمطالعة كتب العلاّمة الشيخ محمد جواد البلاغيّقدس‌سره ؛ فإنّ له مؤلّفات قيّمة أمثال : التوحيد والتثليث ، الرحلة المدرسية.

وكذلك نوصيكم بمطالعة كتب الأُستاذ ديدات في مناظراته مع علماء المسيحية ، وكذلك نوصيكم بمطالعة كتاب هبة السماء رحلتي من المسيحية إلى الإسلام للأُستاذ علي الشيخ.

( ـ ـ )

الردّ على شبهة ابن كمّونة :

س : هل شبهة ابن كمّونة المسمّاة بشبهة افتخار الشياطين لها حلّ وجواب؟ وأين أجد الجواب؟ في أيّ كتاب؟

ج : خير ما قيل في ردّ شبهة ابن كمّونة : إنّ المفهوم الواحد لا يمكن انتزاعه من الأُمور المتخالفة والمتباينة بما هي كذلك ، بل لابدّ في صحّته وجود جهة وحدة مشتركة بينها ، كمفهوم الإنسان المنتزع من جزئيات متباينة بالعوارض ، ومتّحدة في تمام الماهية المشتركة.

ومن أوضح البراهين على التوحيد ما أفاده بعض العباقرة ، وفرسان ميدان المعقول : أنّ الكثرة بين الأشياء إن كانت نوعية فبالماهية ، وإن كانت عددية ، فإن كانت في الجواهر فبالمادّة ولواحقها ، وإن كانت في الأعراض فبالموضوعات ، وإذا استحال أن يكون له تعالى موضوع أو ماهية أو هيولى ومادّة ، فكيف تتحقّق الأثنينية.

ويمكن استفادة الجواب على شبهة ابن كمّونة من كلام الإمام الصادقعليه‌السلام في حديث مع زنديق ، وكان من قول الإمام الصادقعليه‌السلام : ( لا يخلو قولك : إنّهما اثنان ، من أن يكونا قديمين قويّين ، أو يكونا ضعيفين ، أو يكن أحدهما قويّاً والأخر ضعيفاً ، فإن كانا قويّين ، فلم لا يدفع كلّ منهما صاحبه ويتفرّد بالتدبير ، وإن زعمت أنّ أحدهما قويّ والآخر ضعيف ، ثبت أنّه واحد

٢٠٤

كما نقول ، للعجز الظاهر في الثاني.

فإن قلت : إنّهما اثنان ، لم يخل من أن يكونا متّفقين من كلّ جهة ، أو متفرّقين من كلّ جهة ، فلمّا رأينا الخلق منتظماً ، والفلك جارياً ، والتدبير واحداً ، والليل والنهار ، والشمس والقمر ، دلّ صحّة الأمر والتدبير وائتلاف الأمر على أنّ المدبّر واحد.

ثمّ يلزمك إن ادّعيت اثنين فرجة ما بينهما حتّى يكونا اثنين ، فصارت الفرجة ثالثاً بينهما قديماً معهما ، فيلزمك ثلاثة ، فإن ادّعيت ثلاثة لزمك ما قلت في الاثنين ، حتّى تكون بينهم فرجة ، فيكونوا خمسة ، ثمّ يتناهى في العدد إلى ما لا نهاية له في الكثرة )(١) .

____________

١ ـ شرح أُصول الكافي ٣ / ٤٢.

٢٠٥
٢٠٦

التوسّل والاستغاثة :

( أُمّ عبد الله. السعودية )

بأهل البيت جائز :

س : لماذا نتوسّل بأهل البيت عليهم‌السلام ؟ مع الاستشهاد بالقرآن الكريم ، والأحاديث الشريفة للشيعة والسنّة؟

ج : قد خلق الله سبحانه العالم التكوينيّ على أساس الأسباب والمسبّبات ، فلكلّ ظاهرة في الكون سبب عادي يؤثّر فيها بإذنه سبحانه ، فالماء مثلاً يؤثّر على الزرع بصريح هذه الآية :( وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ ) (١) .

والباء في الآية بمعنى السببية ، والضمير يرجع إلى الماء ، وهذا ليس بمعنى تفويض النظام لهذه الظواهر المادّية ، والقول بتأصّلها في التأثير ، واستقلالها في العمل ، بل الكلّ متدلٍّ بوجوده سبحانه ، قائم به ، تابع لمشيئته وإرادته وأمره.

هذا هو الذي نفهمه من الكون ، ويفهمه كلّ من أمعن النظر فيه ، فكما أنّ الحياة الجسمانية قائمة على أساس الأسباب والوسائل ، فهكذا نزول فيضه المعنوي سبحانه إلى العباد تابع لنظام خاصّ كشف عنه الوحي ، فهدايته سبحانه تصل إلى الإنسان عن طريق ملائكته ، وأنبيائه ورسله وكتبه ، فالله

____________

١ ـ البقرة : ٣٢.

٢٠٧

سبحانه هو الهادي( وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ) (١) .

والقرآن أيضاً هو الهادي :( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) (٢) .

والنبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضاً هو الهادي ، ولكن في ظلّ إرادة الله سبحانه :( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) (٣) .

فهداية الله تعالى تصل إلى الإنسان عن طريق الأسباب والوسائل التي جعلها الله سبحانه طريقاً لها. وإلى هذا الأصل القويم يشير الإمام الصادقعليه‌السلام في كلامه ، فيقول :( أبى الله أن يجري الأشياء إلاّ بأسباب ، فجعل لكلّ شيء سبباً ، وجعل لكلّ سبب شرحاً ) (٤) .

فعلى ضوء هذا الأساس ، فالعالم المعنوي يكون على غرار العالم المادّي ، فللأسباب سيادة وتأثير بإذنه سبحانه ، وقد شاء الله أن يكون لها دور في كلتي النشأتين ، فلا غرور لمن يطلب رضا الله أن يتمسّك بالوسيلة ، قال الله سبحانه :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (٥) . فالله سبحانه حثّنا للتقرّب إليه على التمسّك بالوسائل وابتغائها ، والآية دعوة عامّة لا تختصّ بسبب دون سبب ، بل تأمر بالتمسّك بكلّ وسيلة توجب التقرّب إليه سبحانه.

وعندئذ يجب علينا التتبّع في الكتاب والسنّة ، حتّى نقف على الوسائل المقرّبة إليه سبحانه ، وهذا ممّا لا يعلم إلاّ من جانب الوحي ، والتنصيص عليه في الشريعة ، ولولا ورود النصّ لكان تسمية شيء بأنّه سبب للتقرّب بدعة في الدين ، لأنّه من قبيل إدخال ما ليس من الدين في الدين.

____________

١ ـ الأحزاب : ٤.

٢ ـ الإسراء : ٦.

٣ ـ الشورى : ٥٢.

٤ ـ الكافي ١ / ١٨٣.

٥ ـ المائدة : ٣٥.

٢٠٨

ونحن إذا رجعنا إلى الشريعة ، نقف على نوعين من الأسباب المقرّبة إلى الله سبحانه :

النوع الأوّل : الفرائض والنوافل التي ندب إليها الكتاب والسنّة ، ومنها : التقوى ، والجهاد الواردين في الآية ، وإليه يشير الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ويقول : (إنّ أفضل ما توسّل به المتوسّلون إلى الله سبحانه وتعالى ، الإيمان به وبرسوله ، والجهاد في سبيله ؛ فإنّه ذروة الإسلام ، وكلمة الإخلاص ؛ فإنّها الفطرة ، وإقامة الصلاة ؛ فإنّها الملّة ، وإيتاء الزكاة ؛ فإنّها فريضة واجبة ، وصوم شهر رمضان ؛ فإنّه جُنّة من العقاب ، وحجّ البيت واعتماره ؛ فإنّهما ينفيان الفقر ، ويرحضان الذنب ، وصلة الرحم ؛ فإنّها مثراة في المال ، ومنسأة في الأجل ، وصدقة السرّ ؛ فإنّها تكفّر الخطيئة ، وصدقة العلانية ؛ فإنّها تدفع ميتة السوء ، وصنائع المعروف ؛ فإنّها تقيّ مصارع الهوان )(١) .

غير أنّ مصاديق هذا النمط من الوسيلة لا تنحصر في ما جاء في الآية ، أو في تلك الخطبة ، بل هي من أبرزها.

النوع الثاني : وسائل ورد ذكرها في الكتاب والسنّة الكريمة ، وحثّ عليها الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتوسّل بها الصحابة والتابعون ، وكلّها توجب التقرّب إلى الله سبحانه.

ومن تلك الوسائل المقرّبة هم أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام .

فقد ورد في بعض الروايات : أنّ المراد من الوسيلة في قوله تعالى :( وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ) هم أهل البيتعليهم‌السلام ، منها :

١ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (الأئمّة من ولد الحسين ، من أطاعهم فقد أطاع الله ، ومن عصاهم فقد عصى الله ، هم العروة الوثقى ، وهم الوسيلة إلى الله تعالى ) (٢) .

____________

١ ـ شرح نهج البلاغة ٧ / ٢٢١.

٢ ـ عيون أخبار الرضا ١ / ٦٣ ، ينابيع المودّة ٢ / ٣١٨ و ٣ / ٢٩٢.

٢٠٩

٢ ـ قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في قوله تعالى( وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ) : (أنا وسيلته )(١) .

٣ ـ ورد في زيارة الجامعة الكبيرة المروية عن الإمام الهاديعليه‌السلام : (مستشفع إلى الله تعالى بكم ، ومتقرّب بكم إليه ، ومقدّمكم أمام طلبتي وحوائجي ، وإرادتي في كلّ أحوالي وأُموري )(٢) .

٤ ـ ورد في دعاء التوسّل عن الأئمّةعليهم‌السلام : (يا سادتي ومواليَّ إنّي توجّهت بكم أئمّتي وعُدّتي ليوم فقري وحاجتي إلى الله ، وتوسّلت بكم إلى الله ، واستشفعت بكم إلى الله )(٣) .

٥ ـ ورد في دعاء الندبة : (وجعلتهم الذريعة إليك ، والوسيلة إلى رضوانك )(٤) .

هذا وكانت سيرة أصحاب أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام يتوسّلون بدعائهم ، لأنّ التوسّل بدعاء الإمام ؛ لأجل أنّه دعاء روح طاهرة ، ونفس كريمة ، وشخصية مثالية ، كرّمها الله وعظّمها ، ورفع مقامها وذكرها ، وقال :( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (٥) .

فهذا هو علي بن محمّد الحجّال ، كتب إلى الإمام الهاديعليه‌السلام ، وجاء في كتابه : وأصابتني علّة في رجلي ، لا أقدر على النهوض والقيام بما يجب ، فإن رأيت أن تدعو الله أن يكشف علّتي ، ويعينني على القيام بما يجب عليّ ، وأداء الأمانة في ذلك(٦) .

____________

١ ـ مناقب آل أبي طالب ٢ / ٢٧٣.

٢ ـ عيون أخبار الرضا ١ / ٣٠٨.

٣ ـ بحار الأنوار ٩٩ / ٢٤٩.

٤ ـ إقبال الأعمال ١ / ٥٠٥.

٥ ـ الأحزاب : ٣٣.

٦ ـ كشف الغمة ٣ / ١٨٢.

٢١٠

وذكر ابن حجر في كتابه ( الصواعق المحرقة ) توسّل الإمام الشافعيّ بآل البيتعليهم‌السلام :

آل النبيّ ذريعتي

وهم إليـه وسيلتي

أرجو بهـم أعـطى غداً

بيدي اليمين صحيفتي(١)

وقال الشاعر الصاحب بن عبّاد في ذلك :

وإذا الرجال توسّلوا بوسيلة

فوسيلتي حبّي لآل محمّد

الله طهّرهم بفضل نبيّهم

وأبان شيعتهم بطيب المولد(٢)

ثمّ من المتّفق عليه جواز التوسّل بدعاء الرجل الصالح ، وبحقّه وحرمته ومنزلته ، فكيف بمن هم سادة وقدوة الصلحاء؟ ألا وهم أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام .

وتأييداً لما قلنا ، صرّح الزرقانيّ في شرح المواهب بجواز بل استحباب التوسّل بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لزائره(٣) وغيرهم.

( رؤوف ـ السعودية ـ ٢٧ سنة ـ طالب )

الأئمّة هم الوسيلة إلى الله تعالى :

س : قال الله تعالى : ( وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) (٤) ، وقال : ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (٥) ، ونحن نتّجه للأئمّة ، أنا لا أشكّ في الأئمّة ، بل لم لا نعتمد على الله ( حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) (٦) ؟ لم اعتمادنا على الأئمّة أكثر من اعتمادنا على الله تعالى؟

____________

١ ـ الصواعق المحرقة ٢ / ٥٢٤.

٢ ـ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٩٩.

٣ ـ شرح المواهب اللدنية ٨ / ٣١٧.

٤ ـ آل عمران : ١٢٢.

٥ ـ غافر : ٦٠.

٦ ـ آل عمران : ١٧٣.

٢١١

ج : إنّ الله تعالى قال :( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) .

وهو يعني أنّ العبد لابدّ أن ينقطع إلى الله تعالى في طلب كلّ شيء ، لافتقاره لكلّ شيء ، فهو المحتاج إلى الله والفقير إليه ، والله تعالى الغني عن عباده.

إلاّ أنّ ذلك لا يمنع من أن نجعل الأئمّةعليهم‌السلام وسيلة إلى الله تعالى ، فكما أمرنا بدعائه ، فقد أمرنا بابتغاء الوسيلة إليه ، قال تعالى :( وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ) (١) ، وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (الأئمّة من ولد الحسين ، من أطاعهم فقد أطاع الله ، ومن عصاهم فقد عصى الله ، هم العروة الوثقى ، وهم الوسيلة إلى الله تعالى )(٢) .

وأعلم يا أخي : إنّ قلّة طاعتنا ، وكثرة ذنوبنا نحن العبيد ، كلّ ذلك يوجب حجب الدعاء عن الله تعالى ، والاستجابة لنا ، إلاّ أنّ توسّطهمعليهم‌السلام وشفاعتهم ، وقرب منزلتهم إلى الله تعالى ، يقتضي منه تعالى أن يستجيب دعاءنا كرامة لهمعليهم‌السلام .

كما إنّك لو سألت أحداً حاجة ـ وتعلم أنّ قضاءها يكون بتوسّط أحد مقرّبيه ـ فإنّ العقل يدعوك إلى أن تسأل هذا المقرّب بحاجتك ، وأن يتوسّط بحقّه وبمنزلته في قضاء حاجتك. والأئمّةعليهم‌السلام لكرامتهم عند الله يستجيب لنا ، ويقضي حوائجنا ، بحقّهم عنده ، ولا ينافي ذلك في توكلّنا على الله تعالى بعد أن نقرّ بربوبيّته وقدرته ، ونعترف بعبوديتنا له تعالى ، فهل ينافي هذا التوكلّ على الله تعالى ، والانقطاع إليه في أُمورنا وحوائجنا؟!

( علي ـ سنّي ـ )

من وسائلهما التوسّل بالنبيّ وآله :

س : تستدلّون على التوسّل بالنبيّ والأئمّة بقوله تعالى : ( وَابْتَغُواْ إِلَيهِ

____________

١ ـ المائدة : ٣٥.

٢ ـ عيون أخبار الرضا ١ / ٦٣ ، ينابيع المودّة ٢ / ٣١٨ و ٣ / ٢٩٢.

٢١٢

الْوَسِيلَةَ ) ، بينما فسّر علي الوسيلة بالعمل الصالح ، كما جاء في نهج البلاغة : خطبة ١١٠ ، حيث قال : ( إنّ أفضل ما توسّل به المتوسّلون إلى الله سبحانه وتعالى ، الإيمان به وبرسوله ، والجهاد في سبيله ، فإنّه ذروة الإسلام ، وكلمة الإخلاص فإنّها الفطرة ، وإقامة الصلاة فإنّها الملّة )(١) .

فما تفسيركم لهذا التناقض بين الآية الكريمة ، وكلام علي في نهج البلاغة؟

ج : ليس هناك تناقض بين الآية الكريمة ، وكلام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، لأنّه وردت روايات تفسّر الوسيلة بالعمل الصالح ، وأيضاً وردت عندنا روايات تفسّر الوسيلة بمعنى التوسّل بالنبيّ وأهل بيتهعليهم‌السلام .

ثمّ إنّ الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام لم يحصر الوسيلة بالعمل الصالح ، وإنّما قال : أفضل ما توسّل به المتوسّلون إلى الله سبحانه وتعالى كذا وكذا ، وذكر مجموعة من الأعمال الصالحة ، وهذا معناه توجد وسائل فاضلة ، ولكن هذا أفضل.

ومن المعلوم : أنّ أفعل التفضيل تأتي للمفاضلة بين أمرين مشتركين في النوع ، مختلفين بالدرجة في الغالب.

فعندما نقول : أفضل الصلوات الصلاة الوسطى ، فهذا لا يعني أنّ بقية الصلوات غير مطلوبة.

وعندما نقول : أفضل الليالي في شهر رمضان ليلة القدر ، فهل معناه أنّ غيرها ليس فيها فضيلة؟ كلاّ.

وعندما نقول : أفضل الوسائل العمل الصالح أو التقوى ، لا يعني أنّ بقية الوسائل من التوسّل بالنبيّ وأهل بيتهعليهم‌السلام ليس لها فضيلة.

وإن قلت : إذاً ، التوسّل بالعمل الصالح أفضل من التوسّل بالأشخاص.

قلت : أنّ الملاك الأساسيّ للمتوسِّل والمتوسَّل به هو تقوى الله تعالى ، يعني

____________

١ ـ شرح نهج البلاغة ٧ / ٢٢١.

٢١٣

الذي جعل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بهذا المقام عند الله تعالى هو بتقواه ، وهكذا الإنسان المتوسّل ، فكلّما يكون أكثر تقوى كلّما كان أكثر استجابة ، إذاً الملاك لكلّ منهما هو القرب إلى الله تعالى.

ثمّ إنّ دليلنا على التوسّل ليس هو الآية فقط ، وإنّما دليلنا آيات أُخرى منها :( قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ ) (١) .

فهنا لم يقولوا : اللهم أنّا نستغفر أو اغفر لنا ، بل قالوا : يا أبانا استغفر لنا ، أي اطلب لنا من الله تعالى المغفرة.

فهذا توسّل بأبيهم يعقوبعليه‌السلام ، وهكذا نحن نأتي إلى الإمامعليه‌السلام ونقول له : بجاهك عند الله ، اسأل الله أن يغفر لنا ، ويفرّج عنّا.

مضافاً إلى خبر عثمان بن حنيف ، الذي يروي قضية توسّل ذلك الأعمى بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وشفاءه ، حيث قال : ( اللهم إنّي أسألك وأتوجّه إليك بنبيي محمّد نبيّ الرحمة ، يا محمّد إنّي أتوجّه بك إلى ربّك أن يكشف لي عن بصري ، فردّ الله تعالى عليه بصره )(٢) .

( أبو مجاهد ـ ـ )

الرقية لا مانع منها عقلاً وشرعاً :

س : هل تجوز الرقية شرعاً وعقلاً؟

ج : لا مانع من الرقية عقلاً وشرعاً إذا كانت في حدودها وموازينها الشرعيّة ، فهي تدخل تحت عمومات الأدعية والتوسّل ، والتبرّك المشروع ـ باختلاف مواردها ـ فلا يصغى لما تقوله جماعة في منعها رأساً ، كيف وقد وردت في كتبهم المعتبرة أحاديث دالّة على الجواز : منها : ( استرقوا لها فإنّ بها النظرة )(٣) .

____________

١ ـ يوسف : ٩٧.

٢ ـ السنن الكبرى للنسائيّ ٦ / ١٦٩.

٣ ـ صحيح البخاريّ ٧ / ٢٣ ، المستدرك ٤ / ٢١٢ ، المصنّف للصنعانيّ ١١ / ١٦ ، الجامع الصغير ١ / ١٤٩.

٢١٤

ومنها : قول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله للذي رقى بالقرآن ، وأخذ عليه أجراً : (من أخذ برقية باطلٍ فقد أخذت برقية حقّ )(١) .

ومنها : بعدما عرض عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعض الرقيات قال : (لابأس بها ، إنّما هي مواثيق )(٢) .

وأيضاً قد أمرصلى‌الله‌عليه‌وآله غير واحد من أصحابه بالرقية ، وسمع بجماعة يرقون فلم ينكر عليهم(٣) .

( أبو ذر ـ ـ )

بذوات الصالحين من مسائل العقيدة :

س : التوسّل في الدعاء بذوات الصالحين بحقّهم أو جاههم ، هل هي من مسائل العقيدة أم من الفروع؟

ج : قد ثبت بالأدلّة القطعية مشروعية التوسّل ، ومطلوبيّته عند الله تعالى ، وهذا لا مجال لإنكاره بعد الوقوف على أدلّته العقلية والنقلية من الكتاب والسنّة.

ثمّ أنّ الحكم على هذا الموضوع ، إن كان من باب إثبات أو ردّ تلك الأدلّة ، فهي ترتبط بالمسائل العقائديّة ربطاً وثيقاً ، وإن كان من باب العمل ، فهي مسألة فرعية تتعلّق بأفعال المكلّف باستحبابها في إتيانها.

( الموالي ـ البحرين ـ ٢٠ سنة ـ طالب جامعة )

بقولنا يا علي :

س : يسأل البعض عن كلمة ( علي ) عندما يقولها الشيعة ، فهل هي تعني

____________

١ ـ تحفة الأحوذيّ ٦ / ١٨٢ و ٣٠١ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٥ / ٤٤٦.

٢ ـ مسند أحمد ٣ / ٣٩٣ ، تحفة الأحوذيّ ٦ / ١٨٢ ، المعجم الأوسط ٨ / ٢٩٧.

٣ ـ النهاية في غريب الحديث والأثر ٢ / ٢٥٥.

٢١٥

( العلي ) الله عزّ وجلّ أم الإمام علي عليه‌السلام ؟

ج : الاستغاثة بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وبإخوانه النبيّين والمرسلين ، وبالأوصياء والصالحين ، هي عبارة عن سؤال الشفاعة منهم لقضاء الحوائج ، ودفع النوائب ، وتفريج الكروب ، ولا ريب أنّ كلّ من يناديهم من المؤمنين ، فهو عالم أنّه لا يعبد إلاّ الله ، ولا يفعل ما يريد ، ولا يمنح ما يطلب إلاّ الله ، وليس هؤلاء إلاّ شفعاء فقط.

وقد أرشدنا الله ورسوله للاستغاثة بعباد الله الصالحين من الأنبياء والأوصياء ، بقوله :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ) (١) .

وقد ورد في بعض الأخبار : أنّ المقصود من الوسيلة هو أمير المؤمنين عليعليه‌السلام (٢) ، فعندما تنادي الشيعة بكلمة : ( يا علي ) في الواقع تتوسّل بهعليه‌السلام إلى الله تعالى ، لما يحمله من المنزلة والمقام الرفيع ، والقرب من المولى تعالى.

( محمّد ـ الكويت ـ )

بأهل البيت مأمورون به :

س : لماذا مبدأ التوسّل بأهل البيت؟ والله تعالى يقول في كتابه بما معناه : أنّه أقرب للإنسان من حبل الوريد ، وشكراً.

ج : إنّ الله سبحانه أمرنا بذلك بقوله تعالى :( وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ) ، فالأنبياء والأوصياء والأولياء الصالحون إنّما هم واسطة فيض ، ومن الوسائل التي نصل بها إلى الله سبحانه ، فالتوسّل بهم توسّل بالله تعالى ، بل لو لم نتوسّل بهم فإنّا خالفنا الله في عبادته والتوسّل به ، لأنّ الله يريد العبادة التي هو يأمر بها ، لا أنّ الإنسان بعقله وفكره يعبد ربّه. كما قال الشيطان عندما أمره الله أن يسجد لآدم ، أن يعفيه عن هذه السجدة ، ويسجد لله سجدة لم يسجدها

____________

١ ـ المائدة : ٣٥.

٢ ـ مناقب آل أبي طالب ٢ / ٢٧٣.

٢١٦

أحد من الملائكة ، فأبى الله عليه ذلك ، وقال : أريد العبادة والسجدة التي أنا أريدها ، لا أنت الذي تريده.

وقد ورد عن الأئمّة الأطهارعليهم‌السلام : ( بنا عرف الله ، وبنا عبد الله )(١) ، فهم باب الله الذي منه يؤتى ، وهم السبب المتّصل بين السماء والأرض ، وهم سفن النجاة من ركبها نجى ، ومن تخلّف عنها غرق وهوى.

( محمّد ـ السعودية ـ ١٦ سنة ـ طالب ثانوية )

فلسفة قول الشيعة : يا علي :

س : سؤالي هو : ما هو فلسفة قول الشيعة عند قيامهم ، أو عند حملهم أشياء ثقيلة : يا أبا الحسن أو يا علي ، ودمتم موفّقين لكلّ خير.

ج : في البدء لابد من البحث عن مشروعية مثل هذه الأقوال ، لأنّه إذا ثبت حرمتها ، فلا مجال ولا جدوى للبحث في فلسفة هذه الأقوال.

فنقول : الأصل في الأفعال والأقوال الحلّيّة ، كما يذكر ذلك في علم الأُصول ، وكذا في القواعد الفقهيّة : (كلّ شيء هو لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه )(٢) ، فما لم يثبت حرمة فعل أو قول فهو باق على الحلّيّة ، هذا أوّلاً.

وأمّا ثانياً ، فهو الكلام في فلسفة مثل هذه الأقوال ، فنقول : هذه الأقوال هي عبارة عن نداء يخاطب به الإنسان غيره ، كما نقول : يا زيد أو يا عمرو ، وما إلى ذلك ، فكما لا يوجد أيّ إشكال على مثل هذا النداء حيث نستعمله يومياً عشرات المرّات ، فكذا لا إشكال في قولنا : يا محمّد ويا علي.

والفرق بأنّ رسول الله وعليّاً وفاطمة أموات ، والذين نناديهم أحياء ، فيصحّ ويحل نداء الأحياء ، دون نداء الأموات ، فهو فرق لا يستلزم الاختلاف في الحكم بالحلّيّة ؛ إذ لا يوجد دليل على التفصيل بين الحلّيّة في مناداة الأحياء ،

____________

١ ـ التوحيد : ١٥٢.

٢ ـ الكافي ٥ / ٣١٣.

٢١٧

والحرمة في مناداة الأموات.

هذا مضافاً إلى أنّ أيّ نداء لشخص ـ سواء كان حيّاً أو ميّتاً ـ إن كان المنادي والقائل يعتقد قدرة المنادى ، والمدعو على إعانة القائل على الأمر المعيّن على نحو الاستقلالية عن الله تعالى ، فهو شرك وحرام قطعاً.

وإن كان يعتقد بقدرة المدعو ـ كالنبيّ وعليعليهما‌السلام ـ على العمل المعيّن ، كأن يدعوان له أو يشفعان له ، أو ما إلى ذلك من موارد الاستعانة ، وهذا من دون الاعتقاد باستقلالية المنادى ، بل مع اعتقاد أنّه من أولياء الله ، وأنّه يستطيع أن يعين الشخص المنادي من خلال وساطته عند الله ومنزلته عنده ، فهذا لا مانع فيه. بل الاستعانة والنداء مع هذا الاعتقاد ، هو نداء لله تعالى بصورة أُخرى ، واستعانة به تعالى.

( علي الشهراني ـ البحرين ـ ٢٣ سنة ـ طالب )

الأدلّة على جوازهما :

س : أنا تصفّحت كتب الشيعة فلم أجد الإجابة الوافية بشأن التوسّل بالأموات ، خصوصاً من السنّة ، لأنّي جادلت أحد أهل السنّة بالجواز ، قال : أنا أقبل فقط من البخاريّ ومسلم. قلت : إنّك متعصّب ، هذه كلّها من مصادركم ، وأغلقت عليه الإنترنت ، وشكراً لكم.

ج : إنّ التوسّل يتصوّر على قسمين :

١ ـ تارة نطلب من الله تعالى بحقّ نبيّ أو إمام ، أو عبد صالح ، أن يقضي حوائجنا.

٢ ـ وتارة نطلب من النبيّ والوصي ، والعبد الصالح ، أن يطلب من الله تعالى قضاء الحوائج.

قال تعالى :( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ

٢١٨

الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا) (١) .

وقال تعالى حكاية عن أولاد يعقوب :( قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (٢) .

وربما يقول قائل : إنّ هذا جائز في حال الحياة ، أمّا بعد الممات فلا ، لكونه شركاً بالله تعالى.

فيقال : إنّ الشيء لا ينقلب عمّا هو عليه ، وإذا كان جائزاً ، فلا فرق سواء كان في حياته أو بعد مماته ، إذ أنّ النبيّ آتاه الله الدرجة الرفيعة ، وهو الوسيلة إلى الله في الدنيا والآخرة ، فلا بدع لو توسّل به المؤمن في كلّ يوم ، وقال : يا وجيهاً عند الله اشفع لنا عند الله.

وروي عن عثمان بن حنيف أنّه قال : ( أنّ رجلاً ضرير البصر أتى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : أدع الله أن يعافيني. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إن شئتَ أخّرت لك وهو خير ، وإن شئتَ دعوت ). قال : فادعه.

فأمرهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يتوضّأ فيحسن وضوءه ، ويصلّي ركعتين ، ويدعو بهذا الدعاء : اللهم إنّي أسألك وأتوجّه إليك بمحمّد نبيّ الرحمة ، يا محمّد إنّي توجّهت بك إلى ربّي في حاجة هذه لتقضى ، اللهم شفّعه فيّ.

قال ابن حنيف : فو الله ما تفرّقنا ، وطال بنا الحديث ، حتّى دخل علينا كأن لم يكن به ضرّ )(٣) .

قال الرفاعيّ الوهابيّ المعاصر : ( لا شكّ أنّ هذا الحديث صحيح ومشهور ، وقد ثبت فيه بلاشكّ ولا ريب ارتداد بصر الأعمى بدعاء رسول الله ).

____________

١ ـ النساء : ٦٤.

٢ ـ يوسف : ٩٧ ـ ٩٨.

٣ ـ سنن ابن ماجة ١ / ٤٤١ ، مسند أحمد ٤ / ١٣٨ ، مستدرك الحاكم ١ / ٣١٣ ، الجامع الصغير ١ / ١٨٣ ، المعجم الكبير ٩ / ٣١ ، تاريخ مدينة دمشق ٥٨ / ٣٧٥ ، سبل الهدى والرشاد ١٢ / ٤٠٧.

٢١٩

وروي عن عمر بن الخطّاب ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : (لما اقترف آدم الخطيئة قال : يا ربّ أسألك بحقّ محمّد لما غفرت لي )(١) .

هذا ، وقد جرت سيرة المسلمين في حياة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وبعد وفاته على التوسّل بهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والأولياء الصالحين ، والاستشفاع بمنزلتهم وجاههم عند الله تعالى.

( البحرين ـ سنّي ـ ٢١ سنة ـ طالب جامعة )

اعتقاد باستقلالية الأسباب شرك :

س : من المعلوم لدى أهل السنّة أنّ الاستغاثة والاستشفاء والتوسّل والدعاء بقبر كائن من كان شرك ، لقوله تعالى :( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) (٢) .

ولقوله تعالى :( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ) (٣) .

ولقوله تعالى :( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ) (٤) .

فمن يؤمن بكمال القرآن لم يسأل ، ولم يدعو ، ولم يستغفر غير الله.

ولقوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) (٥) .

وبعد هذه الآيات من القرآن لكلّ من يؤمن بالقرآن ـ وهذه ليست أحاديث من البخاريّ أو مسلم وإنّما قرآن ـ ماذا تقول فيمن يصرّ على دعاء واستغاثة غير الله تعالى؟

قد تقول : إنّ النية موجّهة إلى الله تعالى ، وحينها نقول : ما هو تعريف

____________

١ ـ المستدرك على الصحيحين ٢ / ٦١٥ ، سبل الهدى والرشاد ١ / ٨٥ ، الدرّ المنثور ١ / ٥٨.

٢ ـ البقرة : ١٨٦.

٣ ـ الشعراء : ٨٠.

٤ ـ النمل : ٦٢.

٥ ـ الأعراف : ١٩٤.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621