موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٣

موسوعة الأسئلة العقائديّة6%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-03-4
الصفحات: 621

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 621 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 266296 / تحميل: 6296
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٣

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٣-٤
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

والحافظ جلال الدين السيوطيّ في الجامع الصغير(١) ، وتبعه شارحه العلاّمة المنّاويّ في فيض القدير(٢) .

ورواه أيضاً أبو يعلى بسند لابأس به ، والحافظ عبد العزيز بن الأخضر ، وزاد أنّه قال في حجّة الوداع ، ووهم من زعم وضعه كابن الجوزيّ ، قال السمهوديّ : ( وفي الباب : ما يزيد على عشرين من الصحابة ).

والمتحصّل من ذلك كلّه : أنّ حديث الثقلين ـ الكتاب والعترة ـ صحيح متواتر لا يمكن ردّه ، أو الالتفاف عليه بأساليب مثل : ضعّفه فلان ، أو قال بوضعه فلان ، أو أنّ تصحيح فلان لا يؤخذ به ، وذلك لاختلاف طرق هذا الحديث وكثرتها ـ كما نصّ على ذلك أعلام أهل السنّة أنفسهم حسبما عرفته سابقاً ـ ممّا لا يمكن القبول معه بدعوى التضعيف أو الوضع ، بأيّ حال من الأحوال ، لكثرة الطرق وتضافرها.

أمّا دعوى أنّ الحديث لم يرد بلفظ التمسّك في صحيح مسلم ، لذا لا يكون اتباع أهل البيتعليهم‌السلام حجّة ، أو واجباً على الناس ، فهي دعوى واهية ومردودة من عدّة وجوه :

الوجه الأوّل : أنّ للحديث المذكور طرقاً صحيحة كثيرة ـ باعتبار أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ذكره في مواطن متعدّدة ، كما نصّ على ذلك علماء الحديث عند أهل السنّة ـ وفيها من الدلالات الواضحات على الأخذ بهدي أهل البيتعليهم‌السلام ومتابعتهم ، بألفاظ دالّة على حجّية الأخذ والاتّباع كما سيأتي بيانه ، فلا وجه للاقتصار على صحيح مسلم فقط.

وقد وردت الألفاظ الدالّة على الاتّباع بطرق أُخرى صحيحة ، إذ الاقتصار على صحيح مسلم فقط ـ بعد القطع بأنّ هذا الصحيح لم يشتمل على الأحاديث

____________

١ ـ الجامع الصغير ١ / ٤٠٢.

٢ ـ فيض القدير ٣ / ١٩.

٣٦١

النبويّة الصحيحة كلّها ـ يعد تضييعاً للسنّة النبويّة الشريفة وردّ لها ، وهو محرّم شرعاً.

الوجه الثاني : إنّ المتمعّن في الرواية التي ينقلها مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم ، يمكنه استفادة الحجّية فيها في متابعة أهل البيتعليهم‌السلام أيضاً.

وذلك لمورد العطف في كلام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ذكره للثقل الأوّل ، وهو الكتاب الكريم ، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ذلك : ( وأهل بيتي ) ، أي كما ورد الأمر والحث بالتمسّك بالكتاب ، فأهل البيتعليهم‌السلام كذلك(١) .

ولو تنزّلنا هنا مع الخصم وقلنا ـ حسب دعواه ـ أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يوص هنا سوى بالمودّة والمحبّة لأهل البيتعليهم‌السلام المستفادة من كلمة أذكّركم ـ حسب فهمه ـ إلاّ أنّه يبقى مقام التمسّك بحجّية الاتّباع على قوّته حسب ألفاظ الحديث ، وذلك لأنّ الاتّباع إنّما هو جزء من المودّة والمحبّة التي أوصى بها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في حقّ أهل بيته ، بل هو حقيقة المودّة والمحبّة حسب المفهوم القرآنيّ للمودّة والمحبّة ، كما في قوله تعالى :( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ) (٢) .

فلا يمكن المصير بعد ذلك إلى دعوى المودّة والمحبّة القلبية المجرّدة عن الاتّباع ، والقرآن الكريم يعدّ مؤسّساً للمفاهيم الشرعيّة التي يجب على المسلمين الأخذ بها ، والالتفات إليها وعدم تجاوزها.

الوجه الثالث : لقد ورد لفظ الأخذ والأمر به في رواية غير واحد ، كالترمذيّ في صحيحه(٣) ، وابن أبي شيبة في مصنّفه(٤) ، وأحمد في مسنده(٥) ، وابن سعد في

____________

١ ـ صحيح مسلم ٧ / ١٢٣.

٢ ـ آل عمران : ٣١.

٣ ـ الجامع الكبير ٥ / ٣٢٩.

٤ ـ المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ١٧٦ و ٤١٨.

٥ ـ مسند أحمد ٣ / ٥٩.

٣٦٢

طبقاته(١) ، والطبرانيّ في معجمه الكبير(٢) .

قال القاري : ( والمراد بالأخذ بهم التمسّك بمحبّتهم ، ومحافظة حرمتهم ، والعمل بروايتهم ، والاعتماد على مقالتهم )(٣) .

وقال الخفاجي : ( ما أن أخذتم به ) أي : تمسّكتم وعملتم به واتبعتموه(٤) ، فإذن الأخذ هو الاتّباع.

وفي الحديث الذي صحّحه الحاكم في المستدرك ، وتابعه الذهبيّ عليه ، قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وأهل بيتي ، وأنّهما لن يتفرّقا حتّى يردا عليّ الحوض )(٥) .

وفقه هذا الحديث ودلالته واضحة لمن له أدنى مسكة علم ، وتعرّف على علوم القرآن والعربية ، فعدم الافتراق عن القرآن يعني تمام طاعة أهل البيتعليهم‌السلام لله تعالى ، وهو دليل العصمة ، وعلامة الهداية ، إذ أنّ باقتراف المعاصي ـ ولو للحظة واحدة ـ يتحقّق الافتراق لغة ، وقد أخبر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعدمه ، كما في هذا الحديث الصحيح ، الأمر الذي يدلّ على كمال طاعتهم لله سبحانه ، وأنّهم أئمّة الهدى الواجب اتباعهم ، كما نصّ عليه القرآن بقوله :( أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (٦) .

وأمّا قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( حتّى يردا عليّ الحوض ) فهو دليل على وجود من يكون أهلاً للتمسّك به منهم في كلّ زمان إلى يوم القيامة ، وهذا المعنى الذي فهمناه من الحديث فهمه العلماء الأعلام من أهل السنّة ، وشرّاح الأحاديث النبويّة.

____________

١ ـ الطبقات الكبرى ٢ / ١٩٤.

٢ ـ المعجم الكبير ٣ / ٦٦ و ١٨٠ و ٥ / ١٦٦ و ١٨٢.

٣ ـ تحفة الأحوذيّ ١٠ / ١٩٦.

٤ ـ نسيم الرياض ٣ / ٤١٠.

٥ ـ المستدرك ٣ / ١٤٨.

٦ ـ يونس : ٣٥.

٣٦٣

قال ابن حجر في الصواعق : ( وفي أحاديث الحثّ على التمسّك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهّل منهم للتمسّك به إلى يوم القيامة ، كما أنّ الكتاب العزيز كذلك ، ولهذا كانوا أماناً لأهل الأرض كما يأتي ، ويشهد لذلك الخبر السابق : في كلّ خلف من أُمّتي عدول من أهل بيتي )(١) .

وقال الحافظ السمهودي : ( هذا الخبر يفهم وجود من يكون أهلاً للتمسّك به من أهل البيت والعترة الطاهرة في كلّ زمان إلى قيام الساعة , حتّى يتوجّه الحثّ المذكور إلى التمسّك به ، كما أنّ الكتاب العزيز كذلك ، فلذلك كانوا أماناً لأهل الأرض ، فإذا ذهبوا ذهب أهل الأرض )(٢) .

____________

١ ـ الصواعق المحرقة ٢ / ٤٤٢.

٢ ـ فيض القدير ٣ / ٢٠.

٣٦٤

حديث الدار :

( أحمد ـ ـ )

مصادره في كتب أهل السنّة :

س : نحن عندما نحتجّ على أهل السنّة في نزول آية الإنذار ، أو حديث الدار ، يقولون : بأنّ البخاريّ روى عن ‏ابن عباس ‏قال : ‏ ‏لمّا نزلت :( ‏وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ )(١) صعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ‏على ‏الصفا ، ‏فجعل ينادي : يا ‏‏بني فهر ، ‏‏يا ‏بني عديّ ‏ ، لبطون ‏‏قريش ‏حتّى اجتمعوا ، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما هو ، فجاء ‏أبو لهب ‏وقريش ‏ ، ‏فقال : ‏ ( أرأيتكم لو أخبرتكم أنّ خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي )؟ قالوا : نعم ، ما جربنا عليك إلاّ صدقاً.

قال : ( فإنّي نذير لكم بين يدي عذاب شديد ) ، فقال ‏أبو لهب : ‏ ‏تبّاً لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا؟ فنزلت :( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ) (٢) ، فما رأيكم في هذا الكلام؟ ودمتم سالمين.

ج : صحيح أنّ هذه الرواية وردت في صحيح البخاريّ عن ابن عباس ، ولكنّها رواية ساقطة عن الحجّية ، لأنّ ابن عباس إنّما أسلم بالمدينة ، وهذه القصّة كانت بمكّة ، وكان ابن عباس يومئذ إمّا لم يولد ، وإمّا طفلاً ، كما صرّح بذلك شرّاح صحيح البخاريّ ـ كالقسطلانيّ في ( إرشاد الساري ) ، والعسقلانيّ في

____________

١ ـ الشعراء : ٢١٤.

٢ ـ المسد : ١ ـ ٢ ، صحيح البخاريّ ٦ / ١٦.

٣٦٥

( فتح الباري ) ، والعينيّ في ( عمدة القاري ) ـ وعليه فالرواية لا حجّية فيها لأنّها مرسلة ، هذا أوّلاً.

وثانياً : نحن إنّما نحتجّ عليهم بما رواه أعلام السنّة لحديث الدار الوارد في شأن نزول آية الإنذار(١) .

( عبد الله ـ ـ ٢٩ سنة )

رواه عدّة رواة :

س : ذكر ابن كثير في البداية والنهاية ، أنّ راوي حديث الدار هو عبد الغفّار بن القاسم أبو مريم ، وهو كذّاب شيعي ، اتهمه علي بن المديني وغيره بوضع الحديث ، وضعّفه الباقون(٢) .

لو كان كلام ابن كثير صحيحاً ، لا يمكن لنا أن نثبت بحديث الدار إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فما هو الردّ على ذلك ، وشكراً على إجابتكم مقدّمة.

ج : يتّضح الجواب ببيان عدّة نقاط :

١ ـ إنّ طعن ابن كثير لعبد الغفّار بن القاسم غير صحيح ، فقد وصفه ابن حجر العسقلانيّ بقوله : ( كان ذا اعتناء بالعلم وبالرجال ) ، وقال شعبة :

____________

١ ـ مسند أحمد ١ / ١١١ ، المعجم الأوسط ٢ / ٢٧٢ ، مجمع الزوائد ٨ / ٣٠٢ و ٩ / ١١٣ ، كنز العمال ١٣ / ١٢٨ و ١٤٩ ، شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢١٠ ، تفسير القرآن العظيم ٣ / ٣٦٣ ، الدرّ المنثور ٥ / ٩٧ ، التاريخ الكبير ٦ / ٣٣ ، علل الدارقطنيّ ٣ / ٧٥ ، تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٦٢ ، البداية والنهاية ٣ / ٥٣ ، السيرة النبويّة لابن كثير ١ / ٤٥٧ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٦٢ ، دلائل النبوّة ٢ / ١٧٩ ، نظم درر السمطين : ٨٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٤ / ٣٢ و ٤٢ / ٤٧ و ٦٧ / ١٦٣ ، سبل الهدى والرشاد ٢ / ٣٢٤ ، ينابيع المودّة ١ / ٣١١ ، جامع البيان ١٩ / ١٤٨ ، التفسير الكبير ٨ / ٥٣٦ ، السيرة النبويّة لابن إسحاق : ١٨٨ ، تفسير الثعلبي ٧ / ١٨٢.

٢ ـ البداية والنهاية ٣ / ٥٣.

٣٦٦

( لم أر أحفظ منه ) ، وقال ابن عدي : ( سمعت ابن عقدة يثني على أبي مريم ويطريه ، وتجاوز الحدّ في مدحه حتّى قال : لو ظهر على أبي مريم ما اجتمع الناس إلى شعبة ، قال : وإنّما مال إليه ابن عقدة هذا الميل لإفراطه في التشيّع ).

ثمّ قال ابن حجر ـ في ترجمته ذاتها ـ : وقال البخاريّ : عبد الغفّار بن القاسم ابن قيس بن فهد ليس بالقوي عندهم.

حدّثنا أحمد بن صالح ، حدّثنا محمّد بن مرزوق ، حدّثنا الحسين بن الحسن الفزاري ، حدّثنا عبد الغفّار بن القاسم ، حدّثني عدي بن ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال حدّثني بريدة : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (علي مولى من كنت مولاه )(١) .

فمن هذا الحديث الذي ذكره جاء طعنهم عليه ، وتضعيفهم له.

٢ ـ لم ينفرد عبد الغفّار بن القاسم بحديث الدار فقط ، فقد ورد الحديث من طرق أُخرى ليس فيها عبد الغفار ، كما في : تاريخ ابن عساكر قال : أخبرنا أبو البركات عمر بن إبراهيم الزيديّ العلوي بالكوفة ، أنبأنا أبو الفرج محمّد ابن أحمد علان الشاهد ، أنبأنا محمّد بن جعفر بن محمّد بن الحسين ، أنبأنا أبو عبد الله محمّد بن القاسم بن زكريا المحاربي ، أنبأنا عباد بن يعقوب ، أنبأنا عبد الله بن عبد القدّوس ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن عباد ابن عبد الله عن علي بن أبي طالب قال : (أيّكم يقضي ديني ، ويكون خليفتي ووصيي من بعدي؟ فقلت : أنا يا رسول الله ، فقال : أنت يا علي ، أنت يا علي )(٢) .

وكما في تاريخ الطبري : حدّثني زكريا بن يحيى الضرير قال : حدّثنا عفّان ابن مسلم قال : حدّثنا أبو عوانة ، عن عثمان بن المغيرة ، عن أبي صادق ، عن

____________

١ ـ لسان الميزان ٤ / ٤٣.

٢ ـ تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٨.

٣٦٧

ربيعة بن ناجد : أنّ رجلاً قال لعليعليه‌السلام : يا أمير المؤمنين ، بم ورثت ابن عمّك دون عمّك؟

فقال علي : (هاؤم ) ـ ثلاث مرّات ـ حتّى اشرأب الناس ، ونشروا آذانهم ، ثمّ قال : ( جمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أو دعا رسول الله ـبني عبد المطلب ثمّ قال رسول الله : فأيّكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي؟ فلم يقم إليه أحد ، فقمت إليه وكنت أصغر القوم ، فقال : اجلس ) ، قال : (ثمّ قال ثلاث مرّات ، كلّ ذلك أقوم إليه فيقول لي : اجلس ، حتّى كان في الثالثة ، فضرب بيده على يدي ) ، قال : ( فبذلك ورثت ابن عمّي دون عمّي )(١) .

وكما في رواية الحاكم : ( حدّثني ابن فنجويه قال : حدّثنا موسى بن محمّد ابن علي بن عبد الله قال : حدّثنا الحسن بن علي بن شبيب المعمّري قال : حدّثنا عباد بن يعقوب قال : حدّثنا علي بن هاشم ، عن صباح بن يحيى المزني ، عن زكريا بن ميسرة ، عن أبي إسحاق ، عن البراء قال : لمّا نزلت( ‏وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) )(٢) .

فهل خفي هذا كلّه ، وغيره عن ابن كثير؟ كلاّ طبعاً ، إلاّ أنّه لم يجد منفذاً إليها ، إلاّ ما صنعه بعضهم على أبي مريم ، فتناوله وطعن فيه ، وأوهم القارئ أنّ هذه الرواية محصورة في هذا الطريق!

٣ ـ ثمّ أين تأويله الذي اتكأ عليه ، من قوله تعالى :( ‏وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) ؟ فهل كان أمر الله تعالى له بإنذار عشيرته أن يقضوا عنه دينه ، ويحفظوا له عياله؟! وهل يستدعي أمر كهذا كلّ ما فعله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من دعوة أربعين رجلاً ثلاث مرّات ، وإبلاغهم ، أمّا كان يكفيه أن يستدعي من يثق به منهم ويطمئن إليه فيوصيه بعياله ، وقضاء دينه؟

____________

١ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٦٤.

٢ ـ شواهد التنزيل ١ / ٥٤٢.

٣٦٨

( ـ عمان ـ ٤٠ سنة )

خصوصيّاته :

س : لماذا النبيّ في بداية دعوته ينصّب له خليفة من بعده ، والدين بعد لم ينتشر؟ وهل معنى : أنت خليفتي ، أيّ على المسلمين أم على أهل بيته فقط؟ ودمتم في بركة الله.

ج : من جملة أدلّتنا على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام الدالّة على إمامته وولايته بالنصّ هو حديث الدار ، لما في هذا الحديث من خصوصيّات ، قد لا تكون في غيره.

الخصوصية الأُولى : صدور هذا الحديث في أوائل الدعوة النبويّة ، وفي بدء البعثة المحمّدية ، فكأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مأمور بأن يبلّغ ثلاثة أُمور في آن واحد وفي عرض واحد : مسألة التوحيد والدعوة إلى الله تعالى ، ومسألة رسالته ، ومسألة خلافته من بعده الثابتة لعليعليه‌السلام ، وقد أسفر ذلك المجلس ، وتلك الدعوة عن هذه الأُمور الثلاثة.

الخصوصية الثانية : أنّ القوم من أبي لهب وغيره قالوا ـ وهم يضحكون ـ لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع وتطيع لابنك علي.

هذا يؤيّد قولنا : في أنّ معنى قوله : وخليفتي من بعدي ، ليس معناه : خليفتي على أهلي فقط ، بل على كلّ المسلمين ، فأُولئك المشركون فهموا من هذا اللفظ ، ومن كلام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّه يريد أن ينصّب عليّاً إماماً مطاعاً من بعده لعموم المسلمين.

الخصوصية الثالثة : استدلال الإمام عليعليه‌السلام بحديث الدار في جواب سائل ـ يروي هذا الخبر النسائيّ ـ يقول : إنّ رجلاً قال لعلي : يا أمير المؤمنين ، لم ورثت ابن عمّك دون عمّك؟ أي ، بأي دليل أصبحت أنت وارثاً لرسول الله؟ ولم يكن العباس وارثاً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

فذكر الإمامعليه‌السلام حديث الإنذار ، وجاء في هذا الحديث بهذا اللفظ ،

٣٦٩

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : (أنت أخي وصاحبي ووارثي ووزيري ).

فذكر أمير المؤمنين في جواب هذا السائل هذا الخبر ، ثمّ قالعليه‌السلام : (فبذلك ورثت ابن عمّي دون عمّي )(١) .

إذاً ، يصبح الإمام عليعليه‌السلام بحكم هذا الحديث خليفة لرسول الله ووزيراً له ، ووارثاً ووصياً وقائماً مقامه ، ووليه من بعده ، والناس كلّهم مأمورون لأن يطيعوه ويسمعوه.

أو ليست الخلافة والإمامة هذه؟ وأيّ شئ يريدون منّا عند إقامتنا الأدلّة على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام أوضح وأصرح من مثل هذه الأحاديث الواردة في كتبهم ، وبأسانيد معتبرة ، ينصّون هم على صحّتها؟

وهل ورد مثل هذا في حقّ أحد غير عليعليه‌السلام مع هذه الخصوصيّات من حيث السند والدلالة ، والقرائن الموجودة في لفظه؟

____________

١ ـ السنن الكبرى للنسائيّ ٥ / ١٢٦.

٣٧٠

حديث ردّ الشمس :

( رؤوف. السعودية ـ ٢٧ سنة ـ طالب )

عدم تدوينه لا يدلّ على عدم وجوده :

س : إذا كانت رواية ردّ الشمس لعلي صحيحة ، وهي معجزة كونية ، فإنّ من الطبيعي أنّ الكثيرين من أهل الأرض قد شاهدها.

والسؤال : أنّ حادثة مثل هذه لا يمكن أن تمر دون أن تدوّن في كتب أصحاب السير والمؤرّخين من الأُمم الأُخرى ، ولأصبحت مشهورة باعتبارها حدث كوني غير قابل للتفسير ، ومثلها نقيس على معجزة شقّ القمر التي وردت في القرآن الكريم.

فهل ورد ما يشير إلى هاتين الحادثتين من كتب لغير المسلمين؟ بالإضافة إلى أنّ التأخير الذي حصل في حركة الفلك ـ في تصوّري ـ أنّه من الممكن قياسه ومعرفة قدره ومقداره.

ج : أوّلاً : الذي يظهر من سؤالكم هو أنكم تعمّمون إشكال ردّ الشمس مع شقّ القمر ، فإذاً الإشكال ليس خاصّاً بالشيعة بل يُعم.

وثانياً : إنّ المقصود من قولكم ـ كتب أصحاب السير والمؤرّخين من الأُمم الأُخرى ـ هو ما كان أيّام الرسالة لا بعدها ، أي كلّ ما قارنها ، كما أنّكم لا تقصدون بالطبع ، كتب المسلمين ومدوّناتهم ، إذ لنا فيها الكثير ممّا سنوافيك به في فرصة أُخرى بإذن الله تعالى.

وثالثاً : لاشكّ ولا ريب بحدوث حوادث كونية عظيمة على مدّ التاريخ ، بدءاً من طوفان نوحعليه‌السلام ، إلى فلق البحر لموسىعليه‌السلام ، إلى إبراء الأكمة والأبرص

٣٧١

لعيسىعليه‌السلام ، وكذا إحياء الموتى ، بل وبناء صرح هامان ، وعجل السامري ، وقصر سليمان ، وكلّ الحوادث الكونية والإعجازية.

ولا ريب أنّ أهل الأرض قد شاهدوها بل لمسوها ، فأين محلّ هذه الحوادث من كتب السير والمؤرّخين؟

بل هناك أُمور مسلّمة جدّاً قارنت ولادة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثل أصحاب الفيل ، وكسر طاق كسرى ، وحوادث أُخرى ، كلّ هذه أين دوّنت؟ ومن أين تُعرف؟ بل لا نجد أيّ تدوين للجزئيات الكونية في تاريخ البشر آنذاك ، ولا نعرف مدوّنات في هذا الباب ، وكذا كلّ ما كان من زلازل ، أو فيضانات ، أو طوفان ، وخسف وانهدام ، وغيرها لا نعرف لها مصدراً إلى يومنا هذا ، سوى ما حدّثتنا به الكتب السماوية ، علماً بأنّ تلك الحوادث غالباً ما تقترن بأصوات مهيبة ، وصواعق وآثار مهيجة جدّاً ومخيفة ، بخلاف ردّ الشمس ، أو خسوف القمر ، وحتّى شقّه ، حيث يندر من يلتفت له أو يتوجّه إليه.

وبكلمة جامعة : أنّ تاريخ البشرية مملوء بالمجاهيل والمبهمات ، وكثير ممّا ورد فيه من الحدسيات بل التوهّمات ، فما نعرف اليوم شيئاً عن لقمان مثلاً ، أو زردشت ، أو غيرهما ، مولداً ومسكناً ومدفناً ، هذا أوّلاً.

وثانياً : أنّ كلّ حادثة كونية إنّما تعلم لمن كان مترقّباً لها ، ناظراً إليها ، أو يكون ذلك بشكل عفوي وتصادف محض ، وذاك ممّن هو فطن ومتوجّه ، بل قد يحدث كسوف أو خسوف مكرّراً ولا يعلم به أحد ، إلاّ من كان راصداً للحادثة مترقّباً لها.

وثالثاً : أنّ من الواضح أنّ غروب الشمس يكون ممكن الرؤية في نصف الكرة دون النصف الآخر ، وعليه يخرج نصف الناس من الشبهة.

ورابعاً : أنّ من الواضح أنّ تدوين الحوادث والوقائع التاريخيّة ونشرها لم يكن كيومنا هذا ، وذلك لانتشار الأُمّية وعدم وجود وسائل الارتباط.

وخامساً : أنّ حركة ردّ الشمس لم تكن إلاّ من جهة تمديد في الزمن ،

٣٧٢

بمعنى أنّها من نهار إلى نهار ، ومن شمس إلى شمس ، ومن النادر للإنسان يلحظ مثل هذا أو يحّس به ، بخلاف الكسوف التام الذي يستلزم ظلام مطبق مثلاً ، أو زلزال مهيب ، أو خسف ، أو ما شابه ذلك.

هذا ، ولم يكن يومذاك من يهتمّ بالأُمور الكونية ، والأجرام الفلكية ، بل لم يعرفوا عظمة الكون وعجائبه كيومك هذا ، كما ولا نعرف من مؤرّخ أو غيره ـ لو كان ـ تكذيب للحادثة ونفيها.

سادساً : أنّ حركة التدوين مسألة متأخّرة جدّاً ، لا نعرفها إلاّ من أواخر القرن الثاني الهجريّ ، وما كان قبل ذلك فكان سبر واثبات لتاريخ الملوك والخلفاء ، وما جرى على أيديهم من حروب وبناء ، وغير ذلك.

وبعد ملاحظة ما سلف ، فلا تعجب من عدم ذكر أمثال هذه الحوادث وضبطها في كتبنا ، فضلاً عن غيرنا ، ولا يدلّ ذا ولا ذاك على عدم وقوع الحادثة بحال ، وعدم الوجدان لا يدلّ على عدم الوجود ، بل الوقوع أدلّ دليل على الإمكان.

وبعد كلّ هذا ، نسأل ما هي كتب غير المسلمين التي عاصرت زمن الرسالة؟ واختصّت بالتدوين وضبط مثل هذه الحوادث ، حتّى نرجع لها ونأخذ منها؟

أمّا قولكم : ( في تصوّري أنّه يمكن قياس ومعرفة قدره ومقداره ) ، فليس لنا اختصاص في ذلك ، كي نثبت به تصوّركم أو ننفيه ، ولا يعدّ موضوعاً عقائدياً يخصّنا الإجابة عليه.

( أُمّ زينب ـ الإمارات ـ )

رواته :

س : يرجى توضيح معجزة ردّ الشمس للإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام .

ج : قال ابن شهر آشوب : ( روى أبو بكر بن مردويه في المناقب ، وأبو إسحاق

٣٧٣

الثعلبي في تفسيره ، وأبو عبد الله النطنزي في كتاب الخصائص ، والخطيب في الأربعين ، وأبو أحمد الجرجاني في تاريخ جرجان ، ردّ الشمس لعليعليه‌السلام .

ولأبي بكر الورّاق كتاب طرق من روى ردّ الشمس ، ولأبي عبد الله الجعل مصنّف في جواز ردّ الشمس ، ولأبي القاسم الحسكانيّ مسألة في تصحيح ردّ الشمس وترغيم النواصب الشُمُس ، ولأبي الحسن الشاذان كتاب بيان ردّ الشمس على أمير المؤمنينعليه‌السلام .

وذكر أبو بكر الشيرازي في كتابه بالإسناد عن شعبة ، عن قَتادة ، عن الحسن البصري ، عن أُمّ هانئ هذا الحديث مستوفى ، ثمّ قال : قال الحسن عقيب هذا الخبر : وأنزل الله عزّ وجلّ آيتين في ذلك : قوله تعالى :( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ) (١) يعني هذا يخلف هذا لمن أراد أن يذكر فرضاً ، أو نام عليه ، أو أراد شكوراً.

وانزل أيضاً :( يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ) (٢) ، وذكر أنّ الشمس رُدّت عليه مراراً

وأمّا المعروف مرّتان : في حياة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بكراع الغميم ، وبعد وفاته ، ببابل.

فأمّا في حال حياتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما روت أُم سلمة ، وأسماء بنت عُمَيس ، وجابر بن عبد الله الأنصاريّ ، وأبو ذرّ الغفاريّ ، وابن عبّاس ، والخُدريّ ، وأبو هريرة ، والصادقعليه‌السلام : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى بكراع الغَميم ؛ فلمّا سلّم نزل عليه الوحي ، وجاء عليعليه‌السلام ، وهو على ذلك الحال ، فأسنده إلى ظهره ، فلم يزل على تلك الحال حتّى غابت الشمس ، والقرآن ينزل على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا تمّ الوحي قال : (يا علي! صلّيتَ )؟.

____________

١ ـ الفرقان : ٦٢.

٢ ـ الزمر : ٥.

٣٧٤

قال : (لا ) ، وقصّ عليه ، فقال : ( ادع ليردّ الله عليك الشمس ) ، فسأل الله ، فردّت عليه بيضاء نقية.

وفي رواية أبي جعفر الطحاويّ : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( اللهُمّ إنّ عليّاً كان في طاعتك ، وطاعة رسولك ، فاردد عليه الشمس ) ، فردّت ، فقام عليعليه‌السلام وصلّى ، فلمّا فرغ من صلاته وقعت الشمس وبدر الكواكب.

وفي رواية أبي بكر مَهرويه : قالت أسماء : أمَا والله ، لقد سمعنا لها عند غروبها صريراً كصرير المنشار في الخشب

وسُئل الصاحب أن ينشد في ذلك ، فأنشأ :

لا تقبل التوبـة مـن تائب

إلاّ بحـبّ ابن أبـي طالب

أخي رسول الله بل صهره

والصـهر لا يعدل بالصاحب

يا قوم من مثـل عليٍّ وقد

ردّت عليه الشمس من غائب

وأمّا بعد وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ما روى جويرية بن مسهّر ، وأبو رافع ، والحُسين بن عليعليهما‌السلام : أنّ أمير المؤمنين لمّا عبر الفرات ببابل ، صلّى بنفسه في طائفة معه العصر ، ثمّ لم يفرغ الناس من عبورهم حتّى غربت الشمس ، وفاتت صلاة العصر الجمهور ، فتكلّموا في ذلك ، فسأل الله تعالى ردّ الشمس عليه ، فردّها عليه ، فكانت في الأُفق ، فلمّا سلّم القوم ، غابت ، فسُمع لها وجيب شديد ، هال الناس ذلك ، وأكثروا التهليل والتسبيح والتكبير ، ومسجد ردّ الشمس بالصاعدية من أرض بابل شايع ذايع.

وعن ابن عبّاس بطرق كثيرة ، أنّه لم تردّ الشمس إلاّ لسليمان وصيّ داود ؛ وليوشع وصيّ موسى ؛ ولعليّ بن أبي طالب وصيّ محمّدعليه‌السلام (١) .

وتحدّث الشيخ الأميني في الغدير عن موضوع ردّ الشمس ، وجواب المنكرين ،

____________

١ ـ مناقب آل أبي طالب ٢ / ١٤٣.

٣٧٥

وبيان رواته ، وذكر ثلاثة وأربعين من كبار الأعلام الذين رووا هذا الحديث(١) .

وقال : ( حديث ردّ الشمس لعليعليه‌السلام ببابل ، أخرجه نصر بن مزاحم في كتاب صفّين ص ٥٢ ط مصر ، بإسناده عن عبد خير ، ثمّ ينقل ما قاله عبد خير في كيفيّة صلاته مع علي )(٢) ، وتختلف روايته عن رواية ابن شهر آشوب.

وأنشد ابن حمّاد في ذلك :

وردّت لك الشمس في بابل

فساميت يوشع لمّا سمى

ويعقوب ما كان أسباطه

كنجليك سبطي نبي الهدى(٣)

( يحيى سليم القرشي ـ السعودية ـ سنّي ـ طالب جامعة )

من ألّف حوله من أهل السنّة :

س : كثيراً يتردّد عنكم عن ردّ الشمس لعلي رضي‌الله‌عنه ، أُريد أن أعلم منكم ما هي مصادركم؟ والدليل على ذلك ، أرجو إفادتي بذلك ، والسلام.

ج : إنّ حديث ردّ الشمس أخرجه جمع من الحفّاظ الأثبات بأسانيد جمّة ، صحّح جمع من مهرة الفنّ بعضها ، وحكم آخرون بحسنه ، وشدّد جمع منهم النكير على : ابن حزم ، وابن الجوزيّ ، وابن تيمية ، وابن كثير ، الذين ضعّفوا الحديث.

وجاء آخرون من الأعلام ، وقد عظم عليهم الخطب بإنكار هذه المأثرة النبويّة ، والمكرمة العلوية الثابتة ، فأفردوها بالتأليف ، وجمعوا فيه طرقها وأسانيدها ، فمنهم :

____________

١ ـ الغدير ٣ / ١٢٦ ـ ١٤٢.

٢ ـ المصدر السابق ٣ / ٣٩٣.

٣ ـ مناقب آل أبي طالب ٢ / ١٤٦.

٣٧٦

١ ـ أبو بكر الورّاق ، له كتاب في من روى ردّ الشمس ، ذكره له ابن شهر آشوب في المناقب(١) .

٢ ـ أبو الفتح الموصليّ محمّد بن الحسن الأزديّ ، المتوفّى ٣٧٧ هـ ، له كتاب مفرد فيه ، ذكره له الحافظ الكنجيّ في الكفاية(٢) .

٣ ـ أبو عبد الله الجعل الحسين بن علي البصري البغداديّ ، المتوفّى ٣٩٩ هـ ، له كتاب جواز ردّ الشمس ، ذكره له ابن شهر آشوب في المناقب(٣) .

٤ ـ أبو القاسم الحاكم ابن الحذاء النيسابوريّ الحسكانيّ الحنفيّ ، المتوفّى ٤٨٣ هـ ، له رسالة في الحديث اسماها : ( مسألة في تصحيح ردّ الشمس وترغيم النواصب الشمس ) ، ذكر شطراً منها ابن كثير في البداية والنهاية(٤) ، وذكرها له الذهبيّ في التذكرة(٥) .

٥ ـ أبو الحسن شاذان الفضلي ، له رسالة في طرق حديث ردّ الشمس ، ذكرها له المتقيّ الهنديّ في الكنز(٦) .

٦ ـ اخطب خوارزم ، أبو المؤيّد موفّق بن أحمد ، المتوفّى ٥٦٨ هـ ، له كتاب ردّ الشمس لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، ذكره له معاصره ابن شهر آشوب في المناقب(٧) .

٧ ـ أبو علي الشريف محمّد بن اسعد بن علي بن معمّر الحسني النقيب النسّابة ، المتوفّى ٥٨٨ هـ ، له جزء في جمع طرق حديث ردّ الشمس لعليعليه‌السلام ، ذكره له ابن حجر في الميزان(٨) .

____________

١ ـ مناقب آل أبي طالب ٢ / ١٤٣.

٢ ـ كفاية الطالب : ٣٨٣.

٣ ـ مناقب آل أبي طالب ٢ / ١٤٣.

٤ ـ البداية والنهاية ٦ / ٨٨.

٥ ـ تذكرة الحفّاظ ٣ / ١٢٠٠.

٦ ـ كنز العمّال ١٢ / ٣٥٠.

٧ ـ مناقب آل أبي طالب ٢ / ١٧٢.

٨ ـ لسان الميزان ٥ / ٧٦.

٣٧٧

٨ ـ الحافظ جلال الدين السيوطيّ ، المتوفّى ٩١١ هـ ، له رسالة في الحديث ، اسماها : ( كشف اللبس عن حديث ردّ الشمس ) ، ذكرها له محمّد زهري النجّار ـ من علماء الأزهر ـ في مقدّمته على كتاب شرح المعاني(١) .

٩ ـ أبو عبد الله محمّد بن يوسف الصالحيّ الدمشقيّ ، المتوفّى ٩٤٢ هـ ـ تلميذ السيوطيّ ـ له كتاب : ( مزيل اللبس عن حديث ردّ الشمس ) ، ذكره في سبل الهدى والرشاد(٢) .

وآخر ما صدر في هذا الباب تتبعاً وجمعاً هو كتاب : ( كشف الرمس عن حديث ردّ الشمس ) ، للشيخ محمّد باقر المحموديّ المعاصر ، المطبوع من قبل مؤسّسة المعارف الإسلاميّة.

وأمّا الذين ادرجوا الحديث في تأليفهم فلا يحصون كثرة ، عدّ من العامّة منهم ٣٢ مصنّفاً ، في كتاب كشف الرمس ، وهم أكثر من ذاك بكثير.

ولا يسعنا ذكر تلكم المتون ، وتلكم الطرق والأسانيد ، إذ يحتاج إلى تأليف ضخم يخصّ به ، غير أنّا نذكر نماذج ممّن أخرجه من الحفّاظ والأعلام ، بين من ذكره من غير غمز فيه ، وبين من تكلّم حوله وصحّحه ، وفيها مقنع وكفاية :

١ ـ الحافظ أبو جعفر أحمد بن محمّد الطحاويّ ، المتوفّى ٣٢١ هـ ، في مشكل الآثار(٣) .

٢ ـ الحافظ أبو القاسم الطبرانيّ ، المتوفّى ٣٦٠ هـ ، رواه في المعجم الكبير(٤) .

٣ ـ الحاكم أبو عبد الله النيسابوريّ ، المتوفّى ٤٠٥ هـ ، رواه في تاريخ

____________

١ ـ شرح معاني الآثار ١ / ٤٦.

٢ ـ سبل الهدى والرشاد ٩ / ٤٣٧.

٣ ـ مشكل الآثار ٢ / ٨.

٤ ـ المعجم الكبير ٢٤ / ١٤٥.

٣٧٨

نيسابور ، في ترجمة عبد الله بن حامد الفقيه الواعظ.

٤ ـ الحافظ ابن مردويه الأصفهاني ، المتوفّى ٤١٠ هـ ، أخرجه في المناقب(١) .

٥ ـ الحافظ أبو بكر البيهقيّ ، المتوفّى ٤٥٨ هـ ، رواه في الدلائل ، كما في فيض القدير(٢) .

٦ ـ الحافظ القاضي عياض أبو الفضل المالكيّ الأندلسيّ إمام وقته ، المتوفّى ٥٤٤ هـ ، رواه في ( الشفا بتعريف حقوق المصطفى )(٣) وصحّحه.

٧ ـ أخطب الخطباء الخوارزميّ ، المتوفّى ٥٦٨ هـ ، رواه في المناقب(٤) .

٨ ـ العلاّمة سبط ابن الجوزيّ ، المتوفّى ٦٥٤هـ ، رواه في تذكرة الخواص(٥) .

٩ ـ الحافظ أبو عبد الله محمّد بن يوسف الكنجيّ الشافعيّ ، المتوفّى ٦٥٨ هـ ، جعل في كتابه ( كفاية الطالب ) فصلاً في حديث ردّ الشمس.

١٠ ـ شيخ الإسلام الجوينيّ ، المتوفّى ٧٣٠ هـ ، رواه في فرائد السمطين(٦) .

١١ ـ الحافظ ابن حجر العسقلانيّ ، المتوفّى ٨٥٢ هـ ، ذكره في فتح الباري ، وقال : ( روى الطحاويّ ، والطبرانيّ في الكبير ، والحاكم ، والبيهقيّ في الدلائل ، عن أسماء بنت عميس : أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا لمّا نام على ركبة علي ففاتته صلاة العصر ، فردّت الشمس حتى صلّى علي ، ثمّ غربت ، وهذا أبلغ في المعجزة ، وقد أخطأ ابن الجوزيّ بإيراده له في الموضوعات ، وهكذا ابن تيمية في كتاب الردّ على الروافض في زعم وضعه ، والله أعلم )(٧) .

١٢ ـ الإمام العينيّ الحنفيّ ، المتوفّى ٨٥٥ هـ ، قال في عمدة القاري شرح

____________

١ ـ مناقب علي بن أبي طالب : ١٤٥.

٢ ـ فيض القدير ٥ / ٥٦٢.

٣ ـ الشفا بتعريف حقوق المصطفى ١ / ٢٨٤.

٤ ـ المناقب : ٣٠٦.

٥ ـ تذكرة الخواص : ٥٣.

٦ ـ فرائد السمطين ١ / ١٨٣.

٧ ـ فتح الباري ٦ / ١٥٥.

٣٧٩

صحيح البخاريّ : ( وقد وقع ذلك أيضاً للإمام علي ، أخرجه الحاكم ، عن أسماء بنت عميس وذكره الطحاويّ في ( مشكل الآثار ) قال : وكان أحمد بن صالح يقول : لا ينبغي لمن سبيله العلم أن يتخلّف عن حفظ حديث أسماء لأنّه من أجل علامات النبوّة ، وقال : وهو حديث متّصل ، ورواته ثقات ، وإعلال ابن الجوزيّ هذا الحديث لا يلتفت إليه )(١) .

١٣ ـ الحافظ أبو العباس القسطلانيّ ، المتوفّى ٩٢٣ هـ ، ذكره في المواهب اللدنية من طريق الطحاويّ ، والقاضي عياض ، وابن مندة ، وابن شاهين ، والطبرانيّ ، وأبي زرعة ، من حديث أسماء بنت عميس ، ومن طريق ابن مردويه من حديث أبي هريرة(٢) .

١٤ ـ الحافظ ابن حجر الهيتميّ ، المتوفّى ٩٧٤ هـ ، عدّه في الصواعق المحرقة كرامةً باهرةً لأمير المؤمنينعليه‌السلام وقال : ( وحديث ردّها صحّحه الطحاويّ والقاضي في الشفاء ، وحسّنه شيخ الإسلام أبو زرعة ، وتبعه غيره ، وردّوا على جمعٍ قالوا : إنّه موضوع )(٣) .

١٥ ـ شهاب الدين الخفاجي الحنفيّ ، المتوفّى ١٠٦٩ هـ ، قال في شرح الشفا : ( ورواه الطبرانيّ بأسانيد مختلفة ، رجال أكثرها ثقات )(٤) .

١٦ ـ أبو عبد الله الزرقانيّ المالكيّ ، المتوفّى ١١٢٢ هـ ، صحّحه في شرح المواهب وقال : ( وذكره ابن الجوزيّ في الموضوعات فأخطأ ) ، وبالغ في الردّ على ابن تيمية ، وقال : ( فالعجب العجاب إنّما هو من كلام ابن تيمية هذا )(٥) .

١٧ ـ ميرزا محمّد البدخشيّ قال في نزل الأبرار : ( الحديث صرّح بتصحيحه

____________

١ ـ عمدة القاري شرح صحيح البخاريّ ١٥ / ٥٩.

٢ ـ شرح المواهب اللدنية ٥ / ١١٥.

٣ ـ الصواعق المحرقة ٢ / ٣٧٥.

٤ ـ نسيم الرياض في شرح الشفا ٣ / ١٠.

٥ ـ شرح المواهب اللدنية ٥ / ١١٥.

٣٨٠

جماعة من الأئمّة الحفّاظ : كالطحاويّ ، والقاضي عياض وغيرهما ، وقال الطحاويّ : هذا حديث ثابت رواته ثقات )(١) .

١٨ ـ الشيخ محمّد الصبّان ، المتوفّى ١٢٠٦ هـ ، عدّه في إسعاف الراغبين من معجزات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن كرامات أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وذكر الحديث(٢) .

١٩ ـ السيّد محمّد مؤمن الشبلنجيّ ، عدّه في نور الأبصار من معجزات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) ، نكتفي بهذا المقدار القليل.

( علي الشهراني ـ البحرين ـ ٢٣ سنة ـ طالب )

معجزة للرسول وفضيلة لعلي :

س : يرى أهل الاختلاف والبدع : أنّ قضية رجوع الشمس إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام غير صحيحة ، نرجو التفضّل بالردّ على ذلك.

ج : تارة نبحث عن سند حديث ردّ الشمس ، فإنّه حديث صحيح أخرجه جمع من الحفّاظ والمحدّثين بأسانيد متعدّدة ، وطرقه كثيرة ، وفيها طرق صحيحة ثابتة ، نصّ على ذلك غير واحد منهم ، وهي تنتهي إلى : الإمام علي والإمام الحسينعليهما‌السلام ، وابن عباس ، وجابر ، وأبي هريرة ، وأبي رافع ، وأبي سعيد الخدري ، وأسماء بنت عميس ، كما أنّ بعض كبار علماء أهل السنّة أفردوه بالتأليف.

وللتفصيل حول من روى هذا الحديث ، وصحّح أسانيده ، راجع المصادر التي ذكرت ذلك(٤) .

____________

١ ـ نزل الأبرار : ٤٠.

٢ ـ إسعاف الراغبين : ٥٨ و ١٥٢.

٣ ـ نور الأبصار : ٤٣.

٤ ـ الغدير ٣ / ١٢٦ ، قبسات من فضائل أمير المؤمنين : ٢٣ ، تاريخ مدينة دمشق : ترجمة أمير المؤمنين ، إحقاق الحقّ ٥ / ٥٢١ و ١٦ / ٣١٦.

٣٨١

وأمّا بخصوص شبهة أهل الاختلاف والبدع ، فإنّ نظرة سريعة في متن الحديث تدفع هذا الإشكال : ( عن أسماء بنت عميس : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى الظهر بالصهباء من أرض خيبر ، ثمّ أرسل عليّاً في حاجة ، فجاء وقد صلّى رسول لله العصر ، فوضع رأسه في حجر علي ، ولم يحرّكه حتّى غربت الشمس ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( اللهم إنّ عبدك عليّاً احتبس نفسه على نبيّه ، فردّ عليه شرقها ).

قالت أسماء : فطلعت الشمس حتّى رفعت على الجبال ، فقام علي فتوضّأ وصلّى العصر ، ثمّ غابت الشمس )(١) .

ولا أعلم لماذا يحارب النواصب هذه الفضيلة؟ التي هي معجزة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل أن تكون فضيلة لأمير المؤمنينعليه‌السلام .

____________

١ ـ البداية والنهاية ٦ / ٨٨ نقلاً عن تصحيح ردّ الشمس وترغيم النواصب الشمس للحسكاني.

٣٨٢

حديث السفينة :

( السيّد جلال ـ البحرين ـ ٢٧ سنة ـ ماجستير )

من ذكره من أهل السنّة :

س : أرجو أن تردّوا على هذه الشبهة التي وردتني من وهابيّ ، وترسلوا لي الردّ لأعطيه إيّاه.

في حوار لي مع وهابيّ ذكرت له : قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجى ، ومن تخلّف عنها غرق وهوى ) ، فقال : بأنّ الرواية منكرة ، وقال الألبانيّ : موضوعة.

ج : إنّ حديث السفينة ذكره الكثير من علماء أهل السنّة في كتبهم ، فمنهم :

الحاكم النيسابوريّ في المستدرك وصحّحه(١) , والطبرانيّ في المعجم(٢) ، وإلهيّثمي في مجمع الزوائد(٣) ، وغيرهم(٤) .

____________

١ ـ المستدرك ٢ / ٣٤٣ و ٣ / ١٥١.

٢ ـ المعجم الصغير ١ / ١٣٩ و ٢ / ٢٢ ، المعجم الأوسط ٥ / ٣٥٥ و ٦ / ٨٥ ، المعجم الكبير ٣ / ٤٥ ، ١٢ / ٢٧.

٣ ـ مجمع الزوائد ٩ / ١٦٨.

٤ ـ الجامع الصغير ١ / ٣٧٣ و ٢ / ٥٣٣ ، كنز العمّال ١٢ / ٩٤ ، شواهد التنزيل ١ / ٣٦١ ، ذخائر العقبى : ٢٠ ، مسند الشهاب ٢ / ٢٧٣ و ٢٧٥ ، فيض القدير ٢ / ٦٥٨ ، الدرّ المنثور ٣ / ٣٣٤ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ١٢٣ ، علل الدارقطنيّ ٦ / ٢٣٦ ، تهذيب الكمال ٢٨ / ٤١١ ، سبل الهدى والرشاد ١٠ / ٤٩٠ ، ينابيع المودّة ١ / ٩٣ و ٢ / ١٠١ و ١١٨ و ٢٦٩ و ٣٢٧ ، نزل الأبرار : ٦ ، نظم درر السمطين : ٢٣٥ ، ميزان الاعتدال ١ / ٤٨٢ و ٤ / ١٦٧ ، لسان العرب ٣ / ٢٠ ، تاج العروس ٢ / ٢٥٩.

٣٨٣

قال ابن حجر في صواعقه ما هذا لفظه : وجاء من طرق عديدة يقوي بعضها بعضاً : ( إنّما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا )(٥) .

وكان العلاّمة نجم الدين العسكريّ في كتابه المعد لذكر حديث الثقلين وحديث السفينة ، قد ذكر من طرق أهل السنّة مع تعيين مواضع مصادر الحديث ما زاد عن حدّ التواتر ، بل عن مائة حديث(١) ، فراجع ثمّة.

( أحمد ـ ـ. ١٨ سنة )

رواته من الصحابة والتابعين :

س : نشكركم على إجاباتكم ، وبارك الله في جهودكم.

قرأت في منهاج السنّة لابن تيمية حول حديث السفينة ، فهناك يقول : ( أمّا قوله : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح ، فهذا لا يعرف له إسناد لا صحيح ، ولا هو في شيء من كتب الحديث التي يعتمد عليها ، فإن كان قد رواه من يروي أمثاله من حطاب الليل الذين يروون الموضوعات ، فهذا ممّا يزيده وهناً ).

فالرجاء ، هل كلامه صحيح؟ وإذا لم يكن صحيحاً ، فما هو الردّ؟

ج : لا يخفى بطلان هذا الكلام وهوانه على ذوي البصيرة والخبرة بالأحاديث ، إذ روى حديث السفينة جماعة كبيرة من علماء أهل السنّة وحفّاظهم ، بطرق متكاثرة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

هذا وقد رواه ثمانية من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهم :

الإمام عليعليه‌السلام ، أبو ذر الغفاريّ ، عبد الله بن عباس ، أبو سعيد الخدري ، أبو الطفيل عامر بن واثلة ، سلمة بن الأكوع ، أنس بن مالك ، عبد الله بن الزبير.

وممّن رواه من التابعين فكثيرون ، ومن أشهرهم :

الإمام علي بن الحسينعليهما‌السلام ، سعيد بن جبير ، حنش بن المعتمر ، سعيد بن

____________

١ ـ الصواعق المحرقة ٢ / ٤٤٥.

٢ ـ حديث الثقلين : ١٣٠.

٣٨٤

المسيّب ، عطية بن سعيد العوفي ، عامر بن عبد الله بن الزبير ، أياس بن سلمة ابن الأكوع ، رافع مولى أبي ذر.

ونضيف على هذا ما ذكره الأخوة في موقع البرهان ( www.albrhan.org ) في الإجابة على عبارة ابن تيميّة :

ابن تيميّة والألبانيّ وبعض الجهلة ، تلاعب مكشوف في حديث السفينة :

أما ابن تيمية في ( منهاج البدعة التيمية ) ج ٧ ص ٣٩٥.

قال ابن تيمية : " وأما قوله مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح فهذا لا يعرف له إسناد لا صحيح ولا هو في شيء من كتب الحديث التي يعتمد عليها فإن كان قد رواه مثل من يروي أمثاله من حطاب الليل الذين يروون الموضوعات فهذا ما يزيده وهنا.

أما الألباني :

ففي سلسلته الضعيفة الحديث رقم ٤٥٠٣ فقال عنه ضعيف الإسناد لأنّ طريق ابن لهيعة لا معاضد له ( حدّثنا يحيى بن يعلى بن منصور ينا ابن أبي مريم ثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عامر بن عبيد الله بن الزبير عن أبيه أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها سلم ومن تركها غرق ).

ولكنه جهل أو تجاهل عمدا طريق مصنف ابن أبي شيبة الذي يرفعه لمرتبة الحسن!!

مصنف ابن أبي شيبة ج ٦ ص ٣٧٢ ح ٣٢١١٥ : ( حدّثنا معاوية بن هشام قال ثنا عمار عن الأعمش عن المنهال عن عبد الله بن الحارث عن علي قال : إنّما مثلنا في هذه الأمة كسفينة نوح وكتاب حطة في بني إسرائيل ).

وهذا الجهل لا بأس به؛ لأنّا تعوّدنا على جهل القوم حتى في أسانيدهم.

ولكن الذي يحز في القلب أن نفس الطرق التي ذكرها الألبانيّ في سلسلته الضعيفة يمكن أن تتعاضد بنفس موازين الألبانيّ ؛ إذ في أبحاث الألبانيّ قد عضّد نفس هذه الطرق ببعضها! ولكن عندما لم يكن الكلام عن فضائل أهل البيتعليهم‌السلام .

٣٨٥

توضيح : ـ أننا لا نحب الإطالة ولكن لا بأس بـها هنا ـ :

قال الألبانيّ عن إسناد حديث ابن عباس الذي خدشه بأبي الصهباء الكوفـيّ إذ لم يوثقه إلا ابن حبان ، وبالحسن بن أبي جعفر وهو متروك وقال فيه البخاريّ منكر الحديث.

نقول : أمّا أبو الصهباء الكوفـيّ ، فقد وثقه الذهبيّ في الكاشف!

الكاشف ج ٢ ص ٤٣٦ ت ٦٦٩٢ : ( أبو الصهباء الكوفـيّ عن سعيد بن جبير وعنه حماد بن زيد وعدّة ( ثقة ).

فهل جهل أم تجاهل؟!

في نظرنا ، إلى هنا لا بأس به ، لأنّنا تعودنا ـ كما قلنا سابقا ـ على الجهل.

لكن الطامة الكبرى فهنا :

أنّ السبب لعدم قابلية هذا الطريق ـ طريق ابن عباس ـ لأن يتعاضد من طريق ابن لهيعة الذي ذكره الألبانيّ نفسه ، هو وجود الحسن بن أبي جعفر الذي زعم الألبانيّ أنه شديد الضعف ، فالحسن بن أبي جعفر في نظر الألبانيّ لا يستشهد بحديثه لشدة ضعفه.

ولكن لننظر لما قاله الألبانيّ عن ( الحسن بن أبي جعفر ) في سلسلته الصحيحة ج ٦ ص ١٢٤٠ ـ ١٢٤١.

أخرجه الدارقطنيّ وعلقه البيهقيّ وقال : الحسن بن أبي جعفر ليس بالقويّ ، وقال الذهبي في الكاشف : صالح ، خيّر ، ضعفوه. وقال الحافظ : ضعيف الحديث مع عبادته وفضله. قلت ـ أي الالباني ـ : ( فمثله يستشهد به ) إن شاء الله تعالى ).

سبحان الله! يستشهد به هنا ، ولا يستشهد ] به في فضائل أهل البيت [ لماذا الحقد على أهل البيت؟!

( أحمد ـ ـ ١٨ سنة )

دلالته على إمامة أهل البيت :

س : هل يدلّ حديث السفينة على إمامة أهل البيتعليهم‌السلام ؟ أم مجرد يدلّ على

٣٨٦

محبّتهم والتودّد لهم؟ أرجو الإجابة وشاكراً جهودكم.

ج : يدلّ حديث السفينة على إمامة أهل البيتعليهم‌السلام من وجوه :

١ ـ وجوب اتباعهمعليهم‌السلام على الإطلاق ، ولا يجب اتباع أحد كذلك ـ بعد الله ورسوله ـ إلاّ الإمام.

٢ ـ اتباعهمعليهم‌السلام يوجب النجاة والخلاص ، ومن المعلوم أنّ كونهمعليهم‌السلام كذلك دليل العصمة.

٣ ـ أفضليتهمعليهم‌السلام من سائر الناس مطلقاً ، إذ لو كان أحد أفضل منهم ـ أو في مرتبتهم من الفضل ـ لأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالاقتداء به دونهمعليهم‌السلام ، وإلاّ لزم أن يكون قد غشّ أُمّته ، وحاشا لرسول الله من ذلك.

٤ ـ عصمتهمعليهم‌السلام ، إنّ هذا الحديث يدلّ على أن محبّة أهل البيتعليهم‌السلام توجب النجاة ، وهذا المعنى يستلزم عصمتهم ، إذ لو كان منهم ما يوجب سخط الباري تعالى لما جازت محبّتهم ومتابعتهم ، فضلاً عن وجوبها وكونها سبباً للنجاة ، وإذا ثبت عصمتهمعليهم‌السلام لم يبق ريب في إمامتهم.

٥ ـ يدلّ على هلاك وضلال المتخلّفين عن أهل البيتعليهم‌السلام ، وتخلّف الخلفاء عنهم من الوضوح بمكان ، فبطل بهذا خلافتهم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وثبتت خلافة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٦ ـ يدلّ على أنّ من اتبعهمعليهم‌السلام كان من المفلحين الناجين ، ومن خالفهم وتركهم كان من الكافرين الخاسرين ، فبهم وباتباعهم يعرف المؤمن من الكافر ، وهذا المعنى أيضاً يقتضي الإمامة والرئاسة العامّة ، لأنّه من شؤون العصمة المستلزمة للإمامة.

٧ ـ يدلّ على لزوم وجود إمام معصوم من أهل البيتعليهم‌السلام في كلّ زمان إلى يوم القيامة ، ليتسنّى للأُمّة في جميع الأدوار ركوب تلك السفينة.

٣٨٧
٣٨٨

حديث العشرة المبشّرة :

( حسام ـ ألمانيا ـ )

أدلّة على بطلانه وعدم صحّته :

س : أسمع أنّ الشيعة يقولون : بأنّ أبا بكر ، وعمر ابن الخطّاب ، اغتصبا حقّ سيّدنا علي عليه‌السلام في الإمامة ، وغير ذلك من الأُمور التي تجعلهم من أهل الضلال ، فكيف نوفّق بين هذا الكلام ـ إن صحّ عن الشيعة ـ وبين أنّهما مبشّران بالجنّة؟ ولكم كلّ التقدير.

ج : نحن نعتقد أنّ حديث العشرة المبشّرة هو من الموضوعات المختلقة على عهد بني أُمية ، وضعوه على لسان بعض الصحابة.

وممّا يثبت القول ببطلان حديث تبشير العشرة بالجنّة ، ما رواه الشيخان والنسائيّ عن سعد بن أبي وقّاص عن أبيه قال : ما سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لأحد يمشي على الأرض ، أنّه من أهل الجنّة إلاّ لعبد الله بن سلام(١) .

فهذا أبو سعد ـ وهو أب أحد العشرة المذكورين في حديث التبشير ـ قد شهد بأنّه لم يسمع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يبشّر أحداً بالجنّة ، سوى عبد الله بن سلام.

لكنّا نعلم أنّ قوله هذا لا يصحّ على إطلاقه ، إذ قد استفاضت النقول بتبشير جماعة من خيار الصحابة بالجنّة ، إلاّ أنّ القدر المتيقّن من كلامه أنّه لم تقع البشارة من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لجميع أُولئك العشرة ، لاسيّما على النحو المذكور في حديث العشرة ، وإن قطعنا بوقوعه لبعضهم في موطن آخر ، كتبشير النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله

____________

١ ـ صحيح البخاريّ ٤ / ٢٢٩ ، صحيح مسلم ٧ / ١٦٠ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٥ / ٧٠.

٣٨٩

أمير المؤمنين عليّاًعليه‌السلام ، وأهل بيته الكرام بالجنّة ، وإخباره بأنّه ساقي الحوض وصاحبه عليه ، وأنّ الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ، وغير ذلك.

فتبيّن : أنّ حديث العشرة المبشّرة والشهادة لهم بالجنّة ، وإنّما هو ـ كما قلنا ـ من الموضوعات المختلقة.

ثمّ إنّ ممّا يبيّن بطلان الخبر ، أنّ أبا بكر لم يحتجّ به لنفسه ، ولا احتجّ به له في مواطن دفع فيها إلى الاحتجاج به ـ كالسقيفة وغيرها ـ وكذلك عمر ، وعثمان أيضاً ، كيف ذهب عنه الاحتجاج؟ ـ إن كان حقّاً ـ لمّا حُوصر ، وطُولب بخلع نفسه ، وهمّوا بقتله ، وما منعه من التعلّق به لدفعهم عن نفسه؟ بل تشبّث بأشياء تجري مجرى الفضائل والمناقب ، وذكر القطع بالجنّة أولى منها وأحرى ، فلو كان الأمر على ما ظنّه القوم من صحّة هذا الحديث عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو روايته في وقت عثمان لاحتجّ به على حاصريه في يوم الدار في استحلال دمه ، وقد ثبت في الشرع حظر دماء أهل الجِنان.

ثمّ ما الذي ثبّط طلحة والزبير الناكثَين ، وسائر الأحياء من العشرة يوم ذاك عن نجدة وليّهم بحديث التبشير بالجنّة؟! ولِمَ ضنّ به أُولئك الرهط ـ لو كان ـ على صاحبهم ، مع أنّه من أنجع ما يُدرأ به الشرّ وتحسم به مادّة النزاع؟!

وعلامَ نبذوا ابن عفّان بعد مقتله ثلاثة أيّام ملقىً على المزبلة حتّى خرج به ناس يسير من أهله إلى حائط بالمدينة ، يقال له : ( حشّ كوكب ) كانت اليهود تدفن فيه موتاهم ، فرجم المسلمون سريره ، ومنعوا الصلاة عليه ، إلى غير ذلك ممّا هو مذكور في كتب السِيَر والتواريخ في قصّة قتل عثمان(١) .

بل روى ابن عبد ربّه الأندلسيّ عن العتبيّ قال : ( قال رجل من بني ليث : لقيت الزبير قادماً ، فقلت : أبا عبد الله ، ما بالك؟ قال : مطلوب مغلوب ، يغلبني ابني ويطلبني ذنبي ، قال قدمت المدينة ، فلقيت سعد بن أبي وقّاص فقلت : أبا إسحاق ،

____________

١ ـ الاستيعاب ٣ / ١٦١ ، تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٤٣٨ ، المعجم الكبير ١ / ٧٩ ، تاريخ مدينة دمشق ٣٩ / ٥٣٢ ، تاريخ المدينة ١ / ١١٢ ، الإمامة والسياسة ١ / ٦٥.

٣٩٠

من الذي قتل عثمان؟ قال : قتله سيف سلّته عائشة ، وشحذه طلحة ، وسمّه علي ، قلت : فما حال الزبير؟ قال : أشار بيده ، وصمت بلسانه )(١) .

فلو أنّ شيئاً من تبشير عثمان بالجنّة كان قد ثبت عند الصحابة ، لَما ألّبوا عليه ولا كتبوا إلى الناس يستدعونهم لجهاده ، والمنصف المتأمّل لذلك يجزم بأنّ حديث التبشير لم يكن له إذ ذاك عين ولا أثر ، وإنّما اختُلق في دولة بني أُمية.

ثمّ قد علم البرّ والفاجر ، والمؤمن والكافر ، ما وقع من أكثر هؤلاء المبشّرين من المخالفات للإمام عليعليه‌السلام ، وبين طلحة والزبير من المباينة في الدين ، والتخطئة من بعضهم لبعض ، والتضليل والحرب وسفك الدم على الاستحلال به دون التحريم ، وخروج الجميع من الدنيا على ظاهر التديّن بذلك دون الرجوع عنه بما يوجب العلم واليقين ، فكيف يكون كلّ من الفريقين على الحقّ والصواب؟(٢) .

وكيف يحكم للجميع بالأمان من عذاب الجحيم ، والفوز بجنّات النعيم ، والحقّ مع علي يدور معه حيث دار؟(٣) .

ثمّ لو كان الحديث صحيحاً ـ كما زعموا ـ لكان الأمان من عذاب الله لأبي بكر وعمر وعثمان به حاصلاً ، ولَما جزعوا عند احتضارهم من لقاء الله تعالى ، واضطربوا من قدومهم على أعمالهم ، مع اعتقادهم أنّها مرضية لله سبحانه ، ولا شكّوا بالظفر بثواب الله عزّ وجلّ ، ولجَرَوا في الطمأنينة لعفو الله تعالى ـ لثقتهم بخبر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ مجرى أمير المؤمنينعليه‌السلام في التضرّع إلى الله عزّ وجلّ في حياته أن يقبضه الله تعالى إليه ، ويعجِّل له السعادة بما وعده من الشهادة ، وعند احتضاره أظهر من سروره بقرب لقائه برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واستبشاره بالقدوم على الله عزّ وجلّ لمعرفته بمكانه ، ومحلّه من ثوابه ،

____________

١ ـ العقد الفريد ٥ / ٤٦.

٢ ـ الإفصاح : ٧٣ ، الطرائف : ٥٢٢.

٣ ـ المستدرك ٣ / ١٢٤ ، شرح نهج البلاغة ٦ / ٣٧٦ و ١٠ / ٢٧٠ ، شواهد التنزيل ١ / ٢٤٦ ، ينابيع المودّة ١ / ٢٧٠.

٣٩١

كيف؟! ومن أطاع الله أحبّ لقاءه ، ومن عصاه كره لقاءه.

قال الشيخ المفيدقدس‌سره : ( والخبر الظاهر أنّ أبا بكر جعل يدعو بالويل والثبور عند احتضاره ، وأنّ عمر تمنّى أن يكون تراباً عند وفاته ، وودَّ لو أنّ أُمّه لم تلده ، وأنّه نجا من أعماله كفافاً ، لا له ولا عليه ، وما ظهر من جزع عثمان بن عفّان عند حصر القوم له ، وتيقّنه بهلاكه ، دليل على أنّ القوم لم يعرفوا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما تضمّنه الخبر من استحقاقهم الجنّة على كلّ حال ، ولا أمِنوا من عذاب الله سبحانه لقبيح ما وقع منهم من الأعمال )(١) .

هذا وقد ثبت عند المحقّقين عدم صحّة أسانيد كافّة الطرق المنقولة لهذا الحديث ، إمّا من جهة الإرسال ، وإمّا من جهة اشتمالها على كذّابين ومدلّسين ، أو مهملين ومجهولين.

ويؤيّد ما ذكرنا عدم نقل البخاريّ ومسلم لهذا الحديث ، مع نقلهما لما هو دون هذا الحديث في إثبات فضائل بعض هذه العشرة!!

وممّا قرّرنا ينكشف لك : أنّ حديث تبشير العشرة بالجنّة زخرف من القول ، ليس له أصل ، فلا تغرّنك كثرة طرقه ، ولا تهولنّك وفرة أسانيده وشهرته ، فلرُبّ مشهور لا أصل له.

ومن هنا اتّضح : أنّ أبا بكر وعمر وعثمان ليسا من المبشّرين بالجنّة ، وعليه لا يرد على معتقدات الشيعة شيء.

( حسام ـ ألمانيا ـ )

تعقيب على الجواب السابق :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لا أعرف كيف أشكركم على هذا الجهد البنّاء ، والردّ المقنع الذي

____________

١ ـ الإفصاح : ٧٣.

٣٩٢

ارفقتموه لي ، والذي سوف يساعدني كثيراً عند محاورتي لبعض معاندي أهل السنّة.

( أبو ساجد ـ أمريكا ـ ٣٣ سنة ـ بكالوريوس )

تعقيب على الجواب السابق :

أشكر مركز الأبحاث العقائديّة على الردّ المقنع على حديث العشرة المبشّرة بالجنّة المزعومة.

هناك دليل عقلي ونقلي على بطلانه وهو : كيف لرجل ـ مثل عمر بن الخطّاب ـ يدخل الجنّة وهو صاحب بدع ورذائل؟ وأشهرها :

١ ـ أنّه ابتدع صلاة التراويح وجعلها جماعة.

٢ ـ أنّه ابتدع التكتّف بالصلاة تقليداً للمجوس عبدة النار.

٣ ـ كان يعترض على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأكبر اعتراض هو عند كتابة الوصية ، واتهامه النبيّ بالهجر.

٤ ـ هجومه على بيت الزهراء وعليعليهما‌السلام ، وحرق الباب ، وإسقاط الجنين ، ورفس غلامه قنفذ لبطن فاطمةعليها‌السلام .

٥ ـ كان غليظاً خاصّة على النساء ، وهو أوّل حاكم يضرب الناس من غير حقّ.

٦ ـ كان يعتقد بتحريف القرآن ، ويعتقد بسورتين مزعومتين.

٧ ـ مبايعته هو وأبو بكر وعثمان وبقية العشرة المزعومين للإمام عليعليه‌السلام في غدير خم ، ومن ثمّ نكثوا وغدروا به.

فبعد كلّ هذه الرذائل ، هل يدخل الجنّة من غير حساب ولا عقاب؟

ملاحظة : هذه الرذائل الذي ذكرتها موجودة في كتب أهل السنّة ، والمصادر مذكورة عند مركز الأبحاث لمن يريد أن يتأكّد.

٣٩٣

( نسيم محمّد ـ أمريكا ـ ٣٠ سنة ـ طالب جامعة )

تعقيب على الجواب السابق :

أحببت أن أساهم بالجواب حول مسألة العشرة المبشّرين بالجنّة ، فأقول : ذكر الإمام مالك الحديث التالي في الموطّأ : ( مرّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مع أبي بكر على شهداء أُحد ، فقال : (هؤلاء أشهد عليهم ) ، فقال أبو بكر : ألسنا يا رسول الله بإخوانهم؟ أسلمنا كما أسلموا ، وجاهدنا كما جاهدوا؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (بلى ، ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي )!! ، فبكى أبو بكر ، ثمّ بكى ، ثمّ قال : إنا لكائنون بعدك؟ )(١) .

فهل هذا الحديث يدلّ على أنّ أبا بكر من المبشّرين؟ وهذا هو حاله.

ونقل المتقيّ الهنديّ عن الضحّاك بن مزاحم قال : ( قال أبو بكر ـ ونظر إلى عصفور ـ : طوبى لك يا عصفور ، تأكل من الثمار ، وتطير في الأشجار ، لا حساب عليك ولا عذاب ، والله! لوددت أنّي كبش يسمّنني أهلي ، فإذا كنت أعظم ما كنت وأسمنه يذبحوني ، فيجعلوني بعضي شواء ، وبعضي قديداً ، ثمّ أكلوني ، ثمّ ألقوني عذرة في الحش ، وأنّي لم أكن خلقت بشراً )(٢) .

فبالله عليكم ، هل هذا كلام شخص بشّره الله ورسوله بالجنّة؟

وروى الحافظ أبو نعيم عن الضحّاك قال : ( قال عمر : يا ليتني كنتُ كبش أهلي ، يسمّنوني ما بدا لهم ، حتّى إذا كنت أسمن ما أكون ، زارهم بعض من يحبّون ، فجعلوا بعضي شواء ، وبعضي قديداً ، ثمّ أكلوني ، فأخرجوني عذرة ، ولم أك بشراً )(٣) ، بينما قال الإمام عليعليه‌السلام لحظة استشهاده : (فُزتُ وربّ الكعبة ).

____________

١ ـ الموطّأ ٢ / ٤٦٢.

٢ ـ كنز العمّال ١٢ / ٥٢٩.

٣ ـ حلية الأولياء ١ / ٨٨.

٣٩٤

والبخاريّ يروي لنا كلام عمر بن الخطّاب ساعة احتضاره ، قال عمر أثناء وفاته : ( والله لو أنّ لي طلاع الأرض ذهباً لافتديتُ بهِ من عذاب الله )!!(١) .

بالله عليكم ، هل يقول هذا الكلام من تقولون له بحديث البشارة بالجنّة؟ وهذا يدلّ بطلان أنّه من المبشّرين في الجنّة.

ويروي الإمام أحمد في مسنده ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : (إنّ من أصحابي من لا يراني بعد أن أفارقه ) ، وكان عمر يسأل أُمّ سلمة : بالله منهم أنا؟(٢) .

لماذا يسألها عمر من دون سائر الصحابة؟ لماذا عمر يسأل أُمّ سلمة إذا كان من المبشّرين بالجنّة؟ كاد المريب أن يقول : خذوني فأين هم من حديث البشارة بالجنّة؟ والحرّ تكفيه الإشارة.

( حسين مردان ـ العراق ـ ٣٩ سنة ـ مهندس )

ما ورد في تأييده مردود :

س : لي تعقيب على بطلان كون الخلفاء من بعد الرسول غير مبشّرين بالجنّة.

هناك حديث للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول ما مضمونه : ( إنّ الله اطلع على أهل بدر ، فقال : أعملوا ما شئتم ، فإنّي قد غفرت لكم ) ، وكان الخلفاء من الذين شهدوا بدراً.

ولقد كانوا من الذين جاهدوا مع الرسول الكريم في بدايات الدعوة ، فهل يحقّ لنا الآن أن لا نذكرهم بخير؟ بسبب خلافهم مع الإمام علي ، ولماذا عاش الإمام معهم دون مشاكل كبيرة؟ الرجاء أعطونا إجابة شافية.

ج : الحديث الذي اعتبرته دليلاً على مدّعاك لا يصمد أمام النقد لوجوه :

١ ـ الحديث من أحاديث الآحاد ، وهي مضطربة الطرق والإسناد.

____________

١ ـ صحيح البخاريّ ٤ / ٢٠١.

٢ ـ مسند أحمد ٦ / ٢٩٠.

٣٩٥

٢ ـ معارضة هذا الحديث لمجموعة كبيرة من الآيات القرآنيّة ، والروايات التي رواها الثقات.

٣ ـ اختلفت دلالة الأحاديث ، لكن أغلبها يشير إلى احتمال حصول الغفران على سبيل الظنّ ، لا كما نقلته على سبيل اليقين.

ولو سلّمنا صحّة سند الأحاديث ، فكلّه مشروط بسلامة العاقبة ، ولا يجوز أن يخبر الحكيم مكلّفاً غير معصوم ، بأن لا عقاب عليه ، فليفعل ما يشاء ، كما وأنّه أمّا أن يكون قصد النبيّ : اعملوا ما شئتم من أعمال الشرّ ، أو يكون قصده : اعملوا ما شئتم من أعمال الخير والبر.

فإن قالوا : أراد أعمال الخير والبر ، قيل لهم : هذا غير مستنكر أن يكون الله قد غفر لهم ما كان منهم من كراهية الجهاد في هذه المواطن ، كما أخبر عنهم في قوله :( كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ ) (١) إلى آخر القصّة.

فهذه أحوال كلّها مذمومة من أهل بدر ، فجائز أن يكون الله قد غفر لهم من بعد بأفعال جميلة ظهرت منهم ، ثمّ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : استأنفوا عمل الخير بالطاعة ، وحسن العمل والتسليم ، وإن كان هذا فيهم كذلك ، فليس هذا حالاً يوجب لأهل بدر كلّهم النجاة ، بل يوجب لمن استأنف منهم أعمال الخير بالمسارعة إلى الطاعة والانقياد بالرضا ، والتسليم إلى ما قد وعدهم الله من المغفرة والعفو عن الدين.

أمّا الذين وصفهم فيه بالأعمال المذمومة ، ومن قصّر في ذلك ، وجرى إلى خلاف ما يرتضيه الله منه ، حمله من بعض معانيه ممّا يلزم غيره من المسلمين.

وإن قالوا : إنّه أراد بقوله : اعملوا ما شئتم من الأعمال السيّئة ، كان هذا القائل جاهلاً متخرّصاً ، لأنّ هذا يوجب إباحة المحارم لأهل بدر ، والتحليل لهم

____________

١ ـ الأنفال : ٥.

٣٩٦

ما حرّمه على غيرهم في الشريعة ، من الزنا والربا ، وشرب الخمر ، وقتل النفس التي حرّم الله قتلها

وإن قالوا : إنّ الله قد علم أنّهم لا يأتون بشيء من ذلك ، قيل لهم : إن كان هذا كما وصفتم ، فقوله : اعملوا ما شئتم وهم لا يعملون ، لا معنى له ولا فائدة فيه ، وليس هذا من قول الحكيم.

وإن قالوا : إنّما أراد بذلك إظهار جلالة منزلتهم للناس ، وتبيين فضيلتهم بتحليل المحارم ، والإباحة للمحظورات ، فيجعل للجاهل سبيلاً إلى الدخول في ذلك ، أو في شيء منه ، قيل لهم : هذا ما لا يستقيم عند ذوي عقل ولا فهم.

مع ما يقال لهما كيف يصحّ ما يقولون : إنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قال للزبير : ( إنّك تقاتل عليّاً ، وأنت ظالم له ) ، فلو كان أباح لهم ما زعمتم ، لكان قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله للزبير : تقاتل عليّاً وأنت ظالم له ، ظلماً من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واعتداء على الزبير(١) .

وحتّى لو غضضنا النظر عن دلالة الحديث ، فإنّ إقرارك بوجود الخلاف بينهم وبين الإمام عليعليه‌السلام وحده يكفي لعدم استحقاقهم للجنّة ، لأنّ الخلاف الذي تذكره ليس هو خلافاً شخصيّاً ، بل خلاف يفصح عن عصيانهم لأوامر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعدم امتثال أوامره ، وإذا كنت شيعيّاً كما تقول ، فأنت تعترف قطعاً باغتصاب الخلفاء الثلاثة للخلافة ، وهذا من أعظم الكبائر.

وما ورد عن الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله يكفي ، إذ قال : (أنا فرطكم على الحوض ، ولأنازعن أقواماً ثمّ لأغلبن عليهم ، فأقول : يا ربّ أصحابي أصحابي! فيقال إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك )!(٢) ، وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : (والذي نفسي بيده

____________

١ ـ كنز العمّال ١١ / ٣٤٠ ، الإصابة ٢ / ٤٦٠ ، الإمامة والسياسة ١ / ٩٢ ، ينابيع المودّة ٢ / ٣٨٩.

٢ ـ مسند أحمد ١ / ٣٨٤ و ٤٠٢ ، صحيح مسلم ٧ / ٦٨ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٨ / ٦٠٢ ، مسند أبي يعلى ٩ / ١٠٢ و ١٢٦ ، كنز العمّال ١٤ / ٤١٨.

٣٩٧

لأذودن عن حوضي رجالاً كما تذاد الغريبة من الإبل )(١) .

أمّا عدم إيصال الخلاف إلى حدّ الاقتتال ، فذلك لعهد عهده له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن لا يفرّق بين المسلمين ، والإسلام ما يزال بعد في أوّله.

____________

١ ـ مسند أحمد ٢ / ٤٦٧ ، صحيح مسلم ٧ / ٧٠ ، فتح الباري ١١ / ٤١٤ ، كنز العمّال ١٤ / ٤٢٠.

٣٩٨

حديث المؤاخاة :

( هاشم ـ الكويت ـ ١٨ سنة ـ طالب جامعة )

العسقلانيّ يرد ابن تيمية لتضعيفه الحديث :

س : يدّعي بعض المتعصّبين من أهل السنّة بطلان حديث المؤاخاة بين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين عليه‌السلام ، وعدم وجود سند صحيح لهذه الحادثة ، فماذا تردّون عليهم؟

ج : إنّ القائل بضعف حديث المؤاخاة هو ابن تيمية في كتابه منهاج السنّة(١) ، ولكنّه كلام باطل جدّاً ، فللمؤاخاة أحاديث صحيحة كثيرة ، حتّى اعترف بذلك كبار العلماء الحفّاظ من أهل السنّة ، كابن حجر العسقلانيّ في فتح الباري(٢) ، وصرّح ببطلان كلام ابن تيمية ، وردّ عليه.

( مصطفى ـ السعودية ـ )

يثبت إمامة عليعليه‌السلام :

س : لاشكّ أنّ حديث المؤاخاة يثبت أنّ عليّاً أخ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكنّه لا يدلّ على إمامة عليعليه‌السلام نصّاً.

سؤال طُرح ، فالرجاء ردّه ، وجزاكم الله خيراً.

ج : إنّ النصّ من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله على نوعين ، منه ما يدلّ بلفظه وصريحه على

____________

١ ـ منهاج السنّة ٧ / ٢٧٨.

٢ ـ فتح الباري ٧ / ٢١١.

٣٩٩

الإمامة ، ومنه ما يدلّ ـ فعلاً كان أو قولاً ـ بنوع من التنزيل عليها ، وحديث المؤاخاة من النوع الثاني.

لأنّ الغرض من مؤاخاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله للإمام عليعليه‌السلام هو تعريف بمنزلة الإمامعليه‌السلام ، وبيان فضله على غيره ، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يؤاخي بين الرجل ونظيره ـ كما دلّ عليه بعض الأخبار ـ فيكون أمير المؤمنينعليه‌السلام هو النظير لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما جعلته آية المباهلة نفسه ، وذلك رمز لإمامتهعليه‌السلام ، ولذا احتج الإمام عليعليه‌السلام بهذا الحديث يوم الشورى(١) .

كما أشار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضاً إلى ذلك بقوله : (أنت أخي ووارثي ) ، قالعليه‌السلام : (وما أرثك )؟ قال : (ما ورثت الأنبياء قبلي كتاب الله وسنّتي )(٢) .

فإنّ عليّاًعليه‌السلام إذا ورث مواريث الأنبياء كان من خلفائهم ، وإمام الأُمّة ، إذ ليس الإمام إلاّ من كان كذلك.

( محمّد ـ ـ ٢١ سنة )

متواتر ورواه الكثير من أهل السنّة :

س : ما هو حديث المؤاخاة؟ وهل هو صحيح سنداً؟ شاكرين جهودكم في خدمة الإسلام.

ج : بعد هجرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المدينة المنوّرة بعدّة أشهر ، آخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين أصحابه من المهاجرين ـ الذين هاجروا من مكّة إلى المدينة ـ وبين الأنصار ، وهم أهل المدينة ، على الحقّ والمواساة ، فكان يؤاخي بين الرجل ونظيره ، حتّى بقي هو وعليعليهما‌السلام فآخاه ، أي جعله أخاً له ، ومن جملة ما قالهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : (وأنت أخي ووارثي ) ، وهذا نعبّر عنه بحديث المؤاخاة.

____________

١ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ١٦٧ ، كنز العمّال ٥ / ٧٢٥ ، تاريخ مدينة دمشق ، ميزان الاعتدال ١ / ٤٤٢.

٢ ـ مفردات غريب القرآن : ٥١٩.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621