موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٣

موسوعة الأسئلة العقائديّة6%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-03-4
الصفحات: 621

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 621 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 266616 / تحميل: 6307
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٣

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٣-٤
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

جماعة من الأئمّة الحفّاظ : كالطحاويّ ، والقاضي عياض وغيرهما ، وقال الطحاويّ : هذا حديث ثابت رواته ثقات )(١) .

١٨ ـ الشيخ محمّد الصبّان ، المتوفّى ١٢٠٦ هـ ، عدّه في إسعاف الراغبين من معجزات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن كرامات أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وذكر الحديث(٢) .

١٩ ـ السيّد محمّد مؤمن الشبلنجيّ ، عدّه في نور الأبصار من معجزات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) ، نكتفي بهذا المقدار القليل.

( علي الشهراني ـ البحرين ـ ٢٣ سنة ـ طالب )

معجزة للرسول وفضيلة لعلي :

س : يرى أهل الاختلاف والبدع : أنّ قضية رجوع الشمس إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام غير صحيحة ، نرجو التفضّل بالردّ على ذلك.

ج : تارة نبحث عن سند حديث ردّ الشمس ، فإنّه حديث صحيح أخرجه جمع من الحفّاظ والمحدّثين بأسانيد متعدّدة ، وطرقه كثيرة ، وفيها طرق صحيحة ثابتة ، نصّ على ذلك غير واحد منهم ، وهي تنتهي إلى : الإمام علي والإمام الحسينعليهما‌السلام ، وابن عباس ، وجابر ، وأبي هريرة ، وأبي رافع ، وأبي سعيد الخدري ، وأسماء بنت عميس ، كما أنّ بعض كبار علماء أهل السنّة أفردوه بالتأليف.

وللتفصيل حول من روى هذا الحديث ، وصحّح أسانيده ، راجع المصادر التي ذكرت ذلك(٤) .

____________

١ ـ نزل الأبرار : ٤٠.

٢ ـ إسعاف الراغبين : ٥٨ و ١٥٢.

٣ ـ نور الأبصار : ٤٣.

٤ ـ الغدير ٣ / ١٢٦ ، قبسات من فضائل أمير المؤمنين : ٢٣ ، تاريخ مدينة دمشق : ترجمة أمير المؤمنين ، إحقاق الحقّ ٥ / ٥٢١ و ١٦ / ٣١٦.

٣٨١

وأمّا بخصوص شبهة أهل الاختلاف والبدع ، فإنّ نظرة سريعة في متن الحديث تدفع هذا الإشكال : ( عن أسماء بنت عميس : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى الظهر بالصهباء من أرض خيبر ، ثمّ أرسل عليّاً في حاجة ، فجاء وقد صلّى رسول لله العصر ، فوضع رأسه في حجر علي ، ولم يحرّكه حتّى غربت الشمس ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( اللهم إنّ عبدك عليّاً احتبس نفسه على نبيّه ، فردّ عليه شرقها ).

قالت أسماء : فطلعت الشمس حتّى رفعت على الجبال ، فقام علي فتوضّأ وصلّى العصر ، ثمّ غابت الشمس )(١) .

ولا أعلم لماذا يحارب النواصب هذه الفضيلة؟ التي هي معجزة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل أن تكون فضيلة لأمير المؤمنينعليه‌السلام .

____________

١ ـ البداية والنهاية ٦ / ٨٨ نقلاً عن تصحيح ردّ الشمس وترغيم النواصب الشمس للحسكاني.

٣٨٢

حديث السفينة :

( السيّد جلال ـ البحرين ـ ٢٧ سنة ـ ماجستير )

من ذكره من أهل السنّة :

س : أرجو أن تردّوا على هذه الشبهة التي وردتني من وهابيّ ، وترسلوا لي الردّ لأعطيه إيّاه.

في حوار لي مع وهابيّ ذكرت له : قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجى ، ومن تخلّف عنها غرق وهوى ) ، فقال : بأنّ الرواية منكرة ، وقال الألبانيّ : موضوعة.

ج : إنّ حديث السفينة ذكره الكثير من علماء أهل السنّة في كتبهم ، فمنهم :

الحاكم النيسابوريّ في المستدرك وصحّحه(١) , والطبرانيّ في المعجم(٢) ، وإلهيّثمي في مجمع الزوائد(٣) ، وغيرهم(٤) .

____________

١ ـ المستدرك ٢ / ٣٤٣ و ٣ / ١٥١.

٢ ـ المعجم الصغير ١ / ١٣٩ و ٢ / ٢٢ ، المعجم الأوسط ٥ / ٣٥٥ و ٦ / ٨٥ ، المعجم الكبير ٣ / ٤٥ ، ١٢ / ٢٧.

٣ ـ مجمع الزوائد ٩ / ١٦٨.

٤ ـ الجامع الصغير ١ / ٣٧٣ و ٢ / ٥٣٣ ، كنز العمّال ١٢ / ٩٤ ، شواهد التنزيل ١ / ٣٦١ ، ذخائر العقبى : ٢٠ ، مسند الشهاب ٢ / ٢٧٣ و ٢٧٥ ، فيض القدير ٢ / ٦٥٨ ، الدرّ المنثور ٣ / ٣٣٤ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ١٢٣ ، علل الدارقطنيّ ٦ / ٢٣٦ ، تهذيب الكمال ٢٨ / ٤١١ ، سبل الهدى والرشاد ١٠ / ٤٩٠ ، ينابيع المودّة ١ / ٩٣ و ٢ / ١٠١ و ١١٨ و ٢٦٩ و ٣٢٧ ، نزل الأبرار : ٦ ، نظم درر السمطين : ٢٣٥ ، ميزان الاعتدال ١ / ٤٨٢ و ٤ / ١٦٧ ، لسان العرب ٣ / ٢٠ ، تاج العروس ٢ / ٢٥٩.

٣٨٣

قال ابن حجر في صواعقه ما هذا لفظه : وجاء من طرق عديدة يقوي بعضها بعضاً : ( إنّما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا )(٥) .

وكان العلاّمة نجم الدين العسكريّ في كتابه المعد لذكر حديث الثقلين وحديث السفينة ، قد ذكر من طرق أهل السنّة مع تعيين مواضع مصادر الحديث ما زاد عن حدّ التواتر ، بل عن مائة حديث(١) ، فراجع ثمّة.

( أحمد ـ ـ. ١٨ سنة )

رواته من الصحابة والتابعين :

س : نشكركم على إجاباتكم ، وبارك الله في جهودكم.

قرأت في منهاج السنّة لابن تيمية حول حديث السفينة ، فهناك يقول : ( أمّا قوله : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح ، فهذا لا يعرف له إسناد لا صحيح ، ولا هو في شيء من كتب الحديث التي يعتمد عليها ، فإن كان قد رواه من يروي أمثاله من حطاب الليل الذين يروون الموضوعات ، فهذا ممّا يزيده وهناً ).

فالرجاء ، هل كلامه صحيح؟ وإذا لم يكن صحيحاً ، فما هو الردّ؟

ج : لا يخفى بطلان هذا الكلام وهوانه على ذوي البصيرة والخبرة بالأحاديث ، إذ روى حديث السفينة جماعة كبيرة من علماء أهل السنّة وحفّاظهم ، بطرق متكاثرة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

هذا وقد رواه ثمانية من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهم :

الإمام عليعليه‌السلام ، أبو ذر الغفاريّ ، عبد الله بن عباس ، أبو سعيد الخدري ، أبو الطفيل عامر بن واثلة ، سلمة بن الأكوع ، أنس بن مالك ، عبد الله بن الزبير.

وممّن رواه من التابعين فكثيرون ، ومن أشهرهم :

الإمام علي بن الحسينعليهما‌السلام ، سعيد بن جبير ، حنش بن المعتمر ، سعيد بن

____________

١ ـ الصواعق المحرقة ٢ / ٤٤٥.

٢ ـ حديث الثقلين : ١٣٠.

٣٨٤

المسيّب ، عطية بن سعيد العوفي ، عامر بن عبد الله بن الزبير ، أياس بن سلمة ابن الأكوع ، رافع مولى أبي ذر.

ونضيف على هذا ما ذكره الأخوة في موقع البرهان ( www.albrhan.org ) في الإجابة على عبارة ابن تيميّة :

ابن تيميّة والألبانيّ وبعض الجهلة ، تلاعب مكشوف في حديث السفينة :

أما ابن تيمية في ( منهاج البدعة التيمية ) ج ٧ ص ٣٩٥.

قال ابن تيمية : " وأما قوله مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح فهذا لا يعرف له إسناد لا صحيح ولا هو في شيء من كتب الحديث التي يعتمد عليها فإن كان قد رواه مثل من يروي أمثاله من حطاب الليل الذين يروون الموضوعات فهذا ما يزيده وهنا.

أما الألباني :

ففي سلسلته الضعيفة الحديث رقم ٤٥٠٣ فقال عنه ضعيف الإسناد لأنّ طريق ابن لهيعة لا معاضد له ( حدّثنا يحيى بن يعلى بن منصور ينا ابن أبي مريم ثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عامر بن عبيد الله بن الزبير عن أبيه أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها سلم ومن تركها غرق ).

ولكنه جهل أو تجاهل عمدا طريق مصنف ابن أبي شيبة الذي يرفعه لمرتبة الحسن!!

مصنف ابن أبي شيبة ج ٦ ص ٣٧٢ ح ٣٢١١٥ : ( حدّثنا معاوية بن هشام قال ثنا عمار عن الأعمش عن المنهال عن عبد الله بن الحارث عن علي قال : إنّما مثلنا في هذه الأمة كسفينة نوح وكتاب حطة في بني إسرائيل ).

وهذا الجهل لا بأس به؛ لأنّا تعوّدنا على جهل القوم حتى في أسانيدهم.

ولكن الذي يحز في القلب أن نفس الطرق التي ذكرها الألبانيّ في سلسلته الضعيفة يمكن أن تتعاضد بنفس موازين الألبانيّ ؛ إذ في أبحاث الألبانيّ قد عضّد نفس هذه الطرق ببعضها! ولكن عندما لم يكن الكلام عن فضائل أهل البيتعليهم‌السلام .

٣٨٥

توضيح : ـ أننا لا نحب الإطالة ولكن لا بأس بـها هنا ـ :

قال الألبانيّ عن إسناد حديث ابن عباس الذي خدشه بأبي الصهباء الكوفـيّ إذ لم يوثقه إلا ابن حبان ، وبالحسن بن أبي جعفر وهو متروك وقال فيه البخاريّ منكر الحديث.

نقول : أمّا أبو الصهباء الكوفـيّ ، فقد وثقه الذهبيّ في الكاشف!

الكاشف ج ٢ ص ٤٣٦ ت ٦٦٩٢ : ( أبو الصهباء الكوفـيّ عن سعيد بن جبير وعنه حماد بن زيد وعدّة ( ثقة ).

فهل جهل أم تجاهل؟!

في نظرنا ، إلى هنا لا بأس به ، لأنّنا تعودنا ـ كما قلنا سابقا ـ على الجهل.

لكن الطامة الكبرى فهنا :

أنّ السبب لعدم قابلية هذا الطريق ـ طريق ابن عباس ـ لأن يتعاضد من طريق ابن لهيعة الذي ذكره الألبانيّ نفسه ، هو وجود الحسن بن أبي جعفر الذي زعم الألبانيّ أنه شديد الضعف ، فالحسن بن أبي جعفر في نظر الألبانيّ لا يستشهد بحديثه لشدة ضعفه.

ولكن لننظر لما قاله الألبانيّ عن ( الحسن بن أبي جعفر ) في سلسلته الصحيحة ج ٦ ص ١٢٤٠ ـ ١٢٤١.

أخرجه الدارقطنيّ وعلقه البيهقيّ وقال : الحسن بن أبي جعفر ليس بالقويّ ، وقال الذهبي في الكاشف : صالح ، خيّر ، ضعفوه. وقال الحافظ : ضعيف الحديث مع عبادته وفضله. قلت ـ أي الالباني ـ : ( فمثله يستشهد به ) إن شاء الله تعالى ).

سبحان الله! يستشهد به هنا ، ولا يستشهد ] به في فضائل أهل البيت [ لماذا الحقد على أهل البيت؟!

( أحمد ـ ـ ١٨ سنة )

دلالته على إمامة أهل البيت :

س : هل يدلّ حديث السفينة على إمامة أهل البيتعليهم‌السلام ؟ أم مجرد يدلّ على

٣٨٦

محبّتهم والتودّد لهم؟ أرجو الإجابة وشاكراً جهودكم.

ج : يدلّ حديث السفينة على إمامة أهل البيتعليهم‌السلام من وجوه :

١ ـ وجوب اتباعهمعليهم‌السلام على الإطلاق ، ولا يجب اتباع أحد كذلك ـ بعد الله ورسوله ـ إلاّ الإمام.

٢ ـ اتباعهمعليهم‌السلام يوجب النجاة والخلاص ، ومن المعلوم أنّ كونهمعليهم‌السلام كذلك دليل العصمة.

٣ ـ أفضليتهمعليهم‌السلام من سائر الناس مطلقاً ، إذ لو كان أحد أفضل منهم ـ أو في مرتبتهم من الفضل ـ لأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالاقتداء به دونهمعليهم‌السلام ، وإلاّ لزم أن يكون قد غشّ أُمّته ، وحاشا لرسول الله من ذلك.

٤ ـ عصمتهمعليهم‌السلام ، إنّ هذا الحديث يدلّ على أن محبّة أهل البيتعليهم‌السلام توجب النجاة ، وهذا المعنى يستلزم عصمتهم ، إذ لو كان منهم ما يوجب سخط الباري تعالى لما جازت محبّتهم ومتابعتهم ، فضلاً عن وجوبها وكونها سبباً للنجاة ، وإذا ثبت عصمتهمعليهم‌السلام لم يبق ريب في إمامتهم.

٥ ـ يدلّ على هلاك وضلال المتخلّفين عن أهل البيتعليهم‌السلام ، وتخلّف الخلفاء عنهم من الوضوح بمكان ، فبطل بهذا خلافتهم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وثبتت خلافة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٦ ـ يدلّ على أنّ من اتبعهمعليهم‌السلام كان من المفلحين الناجين ، ومن خالفهم وتركهم كان من الكافرين الخاسرين ، فبهم وباتباعهم يعرف المؤمن من الكافر ، وهذا المعنى أيضاً يقتضي الإمامة والرئاسة العامّة ، لأنّه من شؤون العصمة المستلزمة للإمامة.

٧ ـ يدلّ على لزوم وجود إمام معصوم من أهل البيتعليهم‌السلام في كلّ زمان إلى يوم القيامة ، ليتسنّى للأُمّة في جميع الأدوار ركوب تلك السفينة.

٣٨٧
٣٨٨

حديث العشرة المبشّرة :

( حسام ـ ألمانيا ـ )

أدلّة على بطلانه وعدم صحّته :

س : أسمع أنّ الشيعة يقولون : بأنّ أبا بكر ، وعمر ابن الخطّاب ، اغتصبا حقّ سيّدنا علي عليه‌السلام في الإمامة ، وغير ذلك من الأُمور التي تجعلهم من أهل الضلال ، فكيف نوفّق بين هذا الكلام ـ إن صحّ عن الشيعة ـ وبين أنّهما مبشّران بالجنّة؟ ولكم كلّ التقدير.

ج : نحن نعتقد أنّ حديث العشرة المبشّرة هو من الموضوعات المختلقة على عهد بني أُمية ، وضعوه على لسان بعض الصحابة.

وممّا يثبت القول ببطلان حديث تبشير العشرة بالجنّة ، ما رواه الشيخان والنسائيّ عن سعد بن أبي وقّاص عن أبيه قال : ما سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لأحد يمشي على الأرض ، أنّه من أهل الجنّة إلاّ لعبد الله بن سلام(١) .

فهذا أبو سعد ـ وهو أب أحد العشرة المذكورين في حديث التبشير ـ قد شهد بأنّه لم يسمع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يبشّر أحداً بالجنّة ، سوى عبد الله بن سلام.

لكنّا نعلم أنّ قوله هذا لا يصحّ على إطلاقه ، إذ قد استفاضت النقول بتبشير جماعة من خيار الصحابة بالجنّة ، إلاّ أنّ القدر المتيقّن من كلامه أنّه لم تقع البشارة من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لجميع أُولئك العشرة ، لاسيّما على النحو المذكور في حديث العشرة ، وإن قطعنا بوقوعه لبعضهم في موطن آخر ، كتبشير النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله

____________

١ ـ صحيح البخاريّ ٤ / ٢٢٩ ، صحيح مسلم ٧ / ١٦٠ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٥ / ٧٠.

٣٨٩

أمير المؤمنين عليّاًعليه‌السلام ، وأهل بيته الكرام بالجنّة ، وإخباره بأنّه ساقي الحوض وصاحبه عليه ، وأنّ الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ، وغير ذلك.

فتبيّن : أنّ حديث العشرة المبشّرة والشهادة لهم بالجنّة ، وإنّما هو ـ كما قلنا ـ من الموضوعات المختلقة.

ثمّ إنّ ممّا يبيّن بطلان الخبر ، أنّ أبا بكر لم يحتجّ به لنفسه ، ولا احتجّ به له في مواطن دفع فيها إلى الاحتجاج به ـ كالسقيفة وغيرها ـ وكذلك عمر ، وعثمان أيضاً ، كيف ذهب عنه الاحتجاج؟ ـ إن كان حقّاً ـ لمّا حُوصر ، وطُولب بخلع نفسه ، وهمّوا بقتله ، وما منعه من التعلّق به لدفعهم عن نفسه؟ بل تشبّث بأشياء تجري مجرى الفضائل والمناقب ، وذكر القطع بالجنّة أولى منها وأحرى ، فلو كان الأمر على ما ظنّه القوم من صحّة هذا الحديث عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو روايته في وقت عثمان لاحتجّ به على حاصريه في يوم الدار في استحلال دمه ، وقد ثبت في الشرع حظر دماء أهل الجِنان.

ثمّ ما الذي ثبّط طلحة والزبير الناكثَين ، وسائر الأحياء من العشرة يوم ذاك عن نجدة وليّهم بحديث التبشير بالجنّة؟! ولِمَ ضنّ به أُولئك الرهط ـ لو كان ـ على صاحبهم ، مع أنّه من أنجع ما يُدرأ به الشرّ وتحسم به مادّة النزاع؟!

وعلامَ نبذوا ابن عفّان بعد مقتله ثلاثة أيّام ملقىً على المزبلة حتّى خرج به ناس يسير من أهله إلى حائط بالمدينة ، يقال له : ( حشّ كوكب ) كانت اليهود تدفن فيه موتاهم ، فرجم المسلمون سريره ، ومنعوا الصلاة عليه ، إلى غير ذلك ممّا هو مذكور في كتب السِيَر والتواريخ في قصّة قتل عثمان(١) .

بل روى ابن عبد ربّه الأندلسيّ عن العتبيّ قال : ( قال رجل من بني ليث : لقيت الزبير قادماً ، فقلت : أبا عبد الله ، ما بالك؟ قال : مطلوب مغلوب ، يغلبني ابني ويطلبني ذنبي ، قال قدمت المدينة ، فلقيت سعد بن أبي وقّاص فقلت : أبا إسحاق ،

____________

١ ـ الاستيعاب ٣ / ١٦١ ، تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٤٣٨ ، المعجم الكبير ١ / ٧٩ ، تاريخ مدينة دمشق ٣٩ / ٥٣٢ ، تاريخ المدينة ١ / ١١٢ ، الإمامة والسياسة ١ / ٦٥.

٣٩٠

من الذي قتل عثمان؟ قال : قتله سيف سلّته عائشة ، وشحذه طلحة ، وسمّه علي ، قلت : فما حال الزبير؟ قال : أشار بيده ، وصمت بلسانه )(١) .

فلو أنّ شيئاً من تبشير عثمان بالجنّة كان قد ثبت عند الصحابة ، لَما ألّبوا عليه ولا كتبوا إلى الناس يستدعونهم لجهاده ، والمنصف المتأمّل لذلك يجزم بأنّ حديث التبشير لم يكن له إذ ذاك عين ولا أثر ، وإنّما اختُلق في دولة بني أُمية.

ثمّ قد علم البرّ والفاجر ، والمؤمن والكافر ، ما وقع من أكثر هؤلاء المبشّرين من المخالفات للإمام عليعليه‌السلام ، وبين طلحة والزبير من المباينة في الدين ، والتخطئة من بعضهم لبعض ، والتضليل والحرب وسفك الدم على الاستحلال به دون التحريم ، وخروج الجميع من الدنيا على ظاهر التديّن بذلك دون الرجوع عنه بما يوجب العلم واليقين ، فكيف يكون كلّ من الفريقين على الحقّ والصواب؟(٢) .

وكيف يحكم للجميع بالأمان من عذاب الجحيم ، والفوز بجنّات النعيم ، والحقّ مع علي يدور معه حيث دار؟(٣) .

ثمّ لو كان الحديث صحيحاً ـ كما زعموا ـ لكان الأمان من عذاب الله لأبي بكر وعمر وعثمان به حاصلاً ، ولَما جزعوا عند احتضارهم من لقاء الله تعالى ، واضطربوا من قدومهم على أعمالهم ، مع اعتقادهم أنّها مرضية لله سبحانه ، ولا شكّوا بالظفر بثواب الله عزّ وجلّ ، ولجَرَوا في الطمأنينة لعفو الله تعالى ـ لثقتهم بخبر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ مجرى أمير المؤمنينعليه‌السلام في التضرّع إلى الله عزّ وجلّ في حياته أن يقبضه الله تعالى إليه ، ويعجِّل له السعادة بما وعده من الشهادة ، وعند احتضاره أظهر من سروره بقرب لقائه برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واستبشاره بالقدوم على الله عزّ وجلّ لمعرفته بمكانه ، ومحلّه من ثوابه ،

____________

١ ـ العقد الفريد ٥ / ٤٦.

٢ ـ الإفصاح : ٧٣ ، الطرائف : ٥٢٢.

٣ ـ المستدرك ٣ / ١٢٤ ، شرح نهج البلاغة ٦ / ٣٧٦ و ١٠ / ٢٧٠ ، شواهد التنزيل ١ / ٢٤٦ ، ينابيع المودّة ١ / ٢٧٠.

٣٩١

كيف؟! ومن أطاع الله أحبّ لقاءه ، ومن عصاه كره لقاءه.

قال الشيخ المفيدقدس‌سره : ( والخبر الظاهر أنّ أبا بكر جعل يدعو بالويل والثبور عند احتضاره ، وأنّ عمر تمنّى أن يكون تراباً عند وفاته ، وودَّ لو أنّ أُمّه لم تلده ، وأنّه نجا من أعماله كفافاً ، لا له ولا عليه ، وما ظهر من جزع عثمان بن عفّان عند حصر القوم له ، وتيقّنه بهلاكه ، دليل على أنّ القوم لم يعرفوا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما تضمّنه الخبر من استحقاقهم الجنّة على كلّ حال ، ولا أمِنوا من عذاب الله سبحانه لقبيح ما وقع منهم من الأعمال )(١) .

هذا وقد ثبت عند المحقّقين عدم صحّة أسانيد كافّة الطرق المنقولة لهذا الحديث ، إمّا من جهة الإرسال ، وإمّا من جهة اشتمالها على كذّابين ومدلّسين ، أو مهملين ومجهولين.

ويؤيّد ما ذكرنا عدم نقل البخاريّ ومسلم لهذا الحديث ، مع نقلهما لما هو دون هذا الحديث في إثبات فضائل بعض هذه العشرة!!

وممّا قرّرنا ينكشف لك : أنّ حديث تبشير العشرة بالجنّة زخرف من القول ، ليس له أصل ، فلا تغرّنك كثرة طرقه ، ولا تهولنّك وفرة أسانيده وشهرته ، فلرُبّ مشهور لا أصل له.

ومن هنا اتّضح : أنّ أبا بكر وعمر وعثمان ليسا من المبشّرين بالجنّة ، وعليه لا يرد على معتقدات الشيعة شيء.

( حسام ـ ألمانيا ـ )

تعقيب على الجواب السابق :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لا أعرف كيف أشكركم على هذا الجهد البنّاء ، والردّ المقنع الذي

____________

١ ـ الإفصاح : ٧٣.

٣٩٢

ارفقتموه لي ، والذي سوف يساعدني كثيراً عند محاورتي لبعض معاندي أهل السنّة.

( أبو ساجد ـ أمريكا ـ ٣٣ سنة ـ بكالوريوس )

تعقيب على الجواب السابق :

أشكر مركز الأبحاث العقائديّة على الردّ المقنع على حديث العشرة المبشّرة بالجنّة المزعومة.

هناك دليل عقلي ونقلي على بطلانه وهو : كيف لرجل ـ مثل عمر بن الخطّاب ـ يدخل الجنّة وهو صاحب بدع ورذائل؟ وأشهرها :

١ ـ أنّه ابتدع صلاة التراويح وجعلها جماعة.

٢ ـ أنّه ابتدع التكتّف بالصلاة تقليداً للمجوس عبدة النار.

٣ ـ كان يعترض على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأكبر اعتراض هو عند كتابة الوصية ، واتهامه النبيّ بالهجر.

٤ ـ هجومه على بيت الزهراء وعليعليهما‌السلام ، وحرق الباب ، وإسقاط الجنين ، ورفس غلامه قنفذ لبطن فاطمةعليها‌السلام .

٥ ـ كان غليظاً خاصّة على النساء ، وهو أوّل حاكم يضرب الناس من غير حقّ.

٦ ـ كان يعتقد بتحريف القرآن ، ويعتقد بسورتين مزعومتين.

٧ ـ مبايعته هو وأبو بكر وعثمان وبقية العشرة المزعومين للإمام عليعليه‌السلام في غدير خم ، ومن ثمّ نكثوا وغدروا به.

فبعد كلّ هذه الرذائل ، هل يدخل الجنّة من غير حساب ولا عقاب؟

ملاحظة : هذه الرذائل الذي ذكرتها موجودة في كتب أهل السنّة ، والمصادر مذكورة عند مركز الأبحاث لمن يريد أن يتأكّد.

٣٩٣

( نسيم محمّد ـ أمريكا ـ ٣٠ سنة ـ طالب جامعة )

تعقيب على الجواب السابق :

أحببت أن أساهم بالجواب حول مسألة العشرة المبشّرين بالجنّة ، فأقول : ذكر الإمام مالك الحديث التالي في الموطّأ : ( مرّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مع أبي بكر على شهداء أُحد ، فقال : (هؤلاء أشهد عليهم ) ، فقال أبو بكر : ألسنا يا رسول الله بإخوانهم؟ أسلمنا كما أسلموا ، وجاهدنا كما جاهدوا؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (بلى ، ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي )!! ، فبكى أبو بكر ، ثمّ بكى ، ثمّ قال : إنا لكائنون بعدك؟ )(١) .

فهل هذا الحديث يدلّ على أنّ أبا بكر من المبشّرين؟ وهذا هو حاله.

ونقل المتقيّ الهنديّ عن الضحّاك بن مزاحم قال : ( قال أبو بكر ـ ونظر إلى عصفور ـ : طوبى لك يا عصفور ، تأكل من الثمار ، وتطير في الأشجار ، لا حساب عليك ولا عذاب ، والله! لوددت أنّي كبش يسمّنني أهلي ، فإذا كنت أعظم ما كنت وأسمنه يذبحوني ، فيجعلوني بعضي شواء ، وبعضي قديداً ، ثمّ أكلوني ، ثمّ ألقوني عذرة في الحش ، وأنّي لم أكن خلقت بشراً )(٢) .

فبالله عليكم ، هل هذا كلام شخص بشّره الله ورسوله بالجنّة؟

وروى الحافظ أبو نعيم عن الضحّاك قال : ( قال عمر : يا ليتني كنتُ كبش أهلي ، يسمّنوني ما بدا لهم ، حتّى إذا كنت أسمن ما أكون ، زارهم بعض من يحبّون ، فجعلوا بعضي شواء ، وبعضي قديداً ، ثمّ أكلوني ، فأخرجوني عذرة ، ولم أك بشراً )(٣) ، بينما قال الإمام عليعليه‌السلام لحظة استشهاده : (فُزتُ وربّ الكعبة ).

____________

١ ـ الموطّأ ٢ / ٤٦٢.

٢ ـ كنز العمّال ١٢ / ٥٢٩.

٣ ـ حلية الأولياء ١ / ٨٨.

٣٩٤

والبخاريّ يروي لنا كلام عمر بن الخطّاب ساعة احتضاره ، قال عمر أثناء وفاته : ( والله لو أنّ لي طلاع الأرض ذهباً لافتديتُ بهِ من عذاب الله )!!(١) .

بالله عليكم ، هل يقول هذا الكلام من تقولون له بحديث البشارة بالجنّة؟ وهذا يدلّ بطلان أنّه من المبشّرين في الجنّة.

ويروي الإمام أحمد في مسنده ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : (إنّ من أصحابي من لا يراني بعد أن أفارقه ) ، وكان عمر يسأل أُمّ سلمة : بالله منهم أنا؟(٢) .

لماذا يسألها عمر من دون سائر الصحابة؟ لماذا عمر يسأل أُمّ سلمة إذا كان من المبشّرين بالجنّة؟ كاد المريب أن يقول : خذوني فأين هم من حديث البشارة بالجنّة؟ والحرّ تكفيه الإشارة.

( حسين مردان ـ العراق ـ ٣٩ سنة ـ مهندس )

ما ورد في تأييده مردود :

س : لي تعقيب على بطلان كون الخلفاء من بعد الرسول غير مبشّرين بالجنّة.

هناك حديث للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول ما مضمونه : ( إنّ الله اطلع على أهل بدر ، فقال : أعملوا ما شئتم ، فإنّي قد غفرت لكم ) ، وكان الخلفاء من الذين شهدوا بدراً.

ولقد كانوا من الذين جاهدوا مع الرسول الكريم في بدايات الدعوة ، فهل يحقّ لنا الآن أن لا نذكرهم بخير؟ بسبب خلافهم مع الإمام علي ، ولماذا عاش الإمام معهم دون مشاكل كبيرة؟ الرجاء أعطونا إجابة شافية.

ج : الحديث الذي اعتبرته دليلاً على مدّعاك لا يصمد أمام النقد لوجوه :

١ ـ الحديث من أحاديث الآحاد ، وهي مضطربة الطرق والإسناد.

____________

١ ـ صحيح البخاريّ ٤ / ٢٠١.

٢ ـ مسند أحمد ٦ / ٢٩٠.

٣٩٥

٢ ـ معارضة هذا الحديث لمجموعة كبيرة من الآيات القرآنيّة ، والروايات التي رواها الثقات.

٣ ـ اختلفت دلالة الأحاديث ، لكن أغلبها يشير إلى احتمال حصول الغفران على سبيل الظنّ ، لا كما نقلته على سبيل اليقين.

ولو سلّمنا صحّة سند الأحاديث ، فكلّه مشروط بسلامة العاقبة ، ولا يجوز أن يخبر الحكيم مكلّفاً غير معصوم ، بأن لا عقاب عليه ، فليفعل ما يشاء ، كما وأنّه أمّا أن يكون قصد النبيّ : اعملوا ما شئتم من أعمال الشرّ ، أو يكون قصده : اعملوا ما شئتم من أعمال الخير والبر.

فإن قالوا : أراد أعمال الخير والبر ، قيل لهم : هذا غير مستنكر أن يكون الله قد غفر لهم ما كان منهم من كراهية الجهاد في هذه المواطن ، كما أخبر عنهم في قوله :( كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ ) (١) إلى آخر القصّة.

فهذه أحوال كلّها مذمومة من أهل بدر ، فجائز أن يكون الله قد غفر لهم من بعد بأفعال جميلة ظهرت منهم ، ثمّ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : استأنفوا عمل الخير بالطاعة ، وحسن العمل والتسليم ، وإن كان هذا فيهم كذلك ، فليس هذا حالاً يوجب لأهل بدر كلّهم النجاة ، بل يوجب لمن استأنف منهم أعمال الخير بالمسارعة إلى الطاعة والانقياد بالرضا ، والتسليم إلى ما قد وعدهم الله من المغفرة والعفو عن الدين.

أمّا الذين وصفهم فيه بالأعمال المذمومة ، ومن قصّر في ذلك ، وجرى إلى خلاف ما يرتضيه الله منه ، حمله من بعض معانيه ممّا يلزم غيره من المسلمين.

وإن قالوا : إنّه أراد بقوله : اعملوا ما شئتم من الأعمال السيّئة ، كان هذا القائل جاهلاً متخرّصاً ، لأنّ هذا يوجب إباحة المحارم لأهل بدر ، والتحليل لهم

____________

١ ـ الأنفال : ٥.

٣٩٦

ما حرّمه على غيرهم في الشريعة ، من الزنا والربا ، وشرب الخمر ، وقتل النفس التي حرّم الله قتلها

وإن قالوا : إنّ الله قد علم أنّهم لا يأتون بشيء من ذلك ، قيل لهم : إن كان هذا كما وصفتم ، فقوله : اعملوا ما شئتم وهم لا يعملون ، لا معنى له ولا فائدة فيه ، وليس هذا من قول الحكيم.

وإن قالوا : إنّما أراد بذلك إظهار جلالة منزلتهم للناس ، وتبيين فضيلتهم بتحليل المحارم ، والإباحة للمحظورات ، فيجعل للجاهل سبيلاً إلى الدخول في ذلك ، أو في شيء منه ، قيل لهم : هذا ما لا يستقيم عند ذوي عقل ولا فهم.

مع ما يقال لهما كيف يصحّ ما يقولون : إنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قال للزبير : ( إنّك تقاتل عليّاً ، وأنت ظالم له ) ، فلو كان أباح لهم ما زعمتم ، لكان قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله للزبير : تقاتل عليّاً وأنت ظالم له ، ظلماً من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واعتداء على الزبير(١) .

وحتّى لو غضضنا النظر عن دلالة الحديث ، فإنّ إقرارك بوجود الخلاف بينهم وبين الإمام عليعليه‌السلام وحده يكفي لعدم استحقاقهم للجنّة ، لأنّ الخلاف الذي تذكره ليس هو خلافاً شخصيّاً ، بل خلاف يفصح عن عصيانهم لأوامر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعدم امتثال أوامره ، وإذا كنت شيعيّاً كما تقول ، فأنت تعترف قطعاً باغتصاب الخلفاء الثلاثة للخلافة ، وهذا من أعظم الكبائر.

وما ورد عن الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله يكفي ، إذ قال : (أنا فرطكم على الحوض ، ولأنازعن أقواماً ثمّ لأغلبن عليهم ، فأقول : يا ربّ أصحابي أصحابي! فيقال إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك )!(٢) ، وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : (والذي نفسي بيده

____________

١ ـ كنز العمّال ١١ / ٣٤٠ ، الإصابة ٢ / ٤٦٠ ، الإمامة والسياسة ١ / ٩٢ ، ينابيع المودّة ٢ / ٣٨٩.

٢ ـ مسند أحمد ١ / ٣٨٤ و ٤٠٢ ، صحيح مسلم ٧ / ٦٨ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٨ / ٦٠٢ ، مسند أبي يعلى ٩ / ١٠٢ و ١٢٦ ، كنز العمّال ١٤ / ٤١٨.

٣٩٧

لأذودن عن حوضي رجالاً كما تذاد الغريبة من الإبل )(١) .

أمّا عدم إيصال الخلاف إلى حدّ الاقتتال ، فذلك لعهد عهده له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن لا يفرّق بين المسلمين ، والإسلام ما يزال بعد في أوّله.

____________

١ ـ مسند أحمد ٢ / ٤٦٧ ، صحيح مسلم ٧ / ٧٠ ، فتح الباري ١١ / ٤١٤ ، كنز العمّال ١٤ / ٤٢٠.

٣٩٨

حديث المؤاخاة :

( هاشم ـ الكويت ـ ١٨ سنة ـ طالب جامعة )

العسقلانيّ يرد ابن تيمية لتضعيفه الحديث :

س : يدّعي بعض المتعصّبين من أهل السنّة بطلان حديث المؤاخاة بين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين عليه‌السلام ، وعدم وجود سند صحيح لهذه الحادثة ، فماذا تردّون عليهم؟

ج : إنّ القائل بضعف حديث المؤاخاة هو ابن تيمية في كتابه منهاج السنّة(١) ، ولكنّه كلام باطل جدّاً ، فللمؤاخاة أحاديث صحيحة كثيرة ، حتّى اعترف بذلك كبار العلماء الحفّاظ من أهل السنّة ، كابن حجر العسقلانيّ في فتح الباري(٢) ، وصرّح ببطلان كلام ابن تيمية ، وردّ عليه.

( مصطفى ـ السعودية ـ )

يثبت إمامة عليعليه‌السلام :

س : لاشكّ أنّ حديث المؤاخاة يثبت أنّ عليّاً أخ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكنّه لا يدلّ على إمامة عليعليه‌السلام نصّاً.

سؤال طُرح ، فالرجاء ردّه ، وجزاكم الله خيراً.

ج : إنّ النصّ من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله على نوعين ، منه ما يدلّ بلفظه وصريحه على

____________

١ ـ منهاج السنّة ٧ / ٢٧٨.

٢ ـ فتح الباري ٧ / ٢١١.

٣٩٩

الإمامة ، ومنه ما يدلّ ـ فعلاً كان أو قولاً ـ بنوع من التنزيل عليها ، وحديث المؤاخاة من النوع الثاني.

لأنّ الغرض من مؤاخاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله للإمام عليعليه‌السلام هو تعريف بمنزلة الإمامعليه‌السلام ، وبيان فضله على غيره ، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يؤاخي بين الرجل ونظيره ـ كما دلّ عليه بعض الأخبار ـ فيكون أمير المؤمنينعليه‌السلام هو النظير لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما جعلته آية المباهلة نفسه ، وذلك رمز لإمامتهعليه‌السلام ، ولذا احتج الإمام عليعليه‌السلام بهذا الحديث يوم الشورى(١) .

كما أشار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضاً إلى ذلك بقوله : (أنت أخي ووارثي ) ، قالعليه‌السلام : (وما أرثك )؟ قال : (ما ورثت الأنبياء قبلي كتاب الله وسنّتي )(٢) .

فإنّ عليّاًعليه‌السلام إذا ورث مواريث الأنبياء كان من خلفائهم ، وإمام الأُمّة ، إذ ليس الإمام إلاّ من كان كذلك.

( محمّد ـ ـ ٢١ سنة )

متواتر ورواه الكثير من أهل السنّة :

س : ما هو حديث المؤاخاة؟ وهل هو صحيح سنداً؟ شاكرين جهودكم في خدمة الإسلام.

ج : بعد هجرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المدينة المنوّرة بعدّة أشهر ، آخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين أصحابه من المهاجرين ـ الذين هاجروا من مكّة إلى المدينة ـ وبين الأنصار ، وهم أهل المدينة ، على الحقّ والمواساة ، فكان يؤاخي بين الرجل ونظيره ، حتّى بقي هو وعليعليهما‌السلام فآخاه ، أي جعله أخاً له ، ومن جملة ما قالهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : (وأنت أخي ووارثي ) ، وهذا نعبّر عنه بحديث المؤاخاة.

____________

١ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ١٦٧ ، كنز العمّال ٥ / ٧٢٥ ، تاريخ مدينة دمشق ، ميزان الاعتدال ١ / ٤٤٢.

٢ ـ مفردات غريب القرآن : ٥١٩.

٤٠٠

ولا يخفى عليك ، إنّنا من خلال هذا الحديث نثبت أحقّية الإمام عليعليه‌السلام لمنصب الإمامة والخلافة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حيث يثبت هذا الحديث فضيلة كبيرة ، ومنزلة عظيمة لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهي : أنّه أخ له ووارثه.

كما لاشكّ أنّ هذا الحديث تواتر نقله ، ولا يمكن إنكاره ، ولا التشكيك فيه ، فقد رواه أصحاب السنن والسير والتواريخ من أعلام أهل السنّة في كتبهم ، فضلاً عن علماء الشيعة ، وعليه فهو حديث صحيح ، ولا يعبأ بقول ابن كثير وابن حزم ـ المعروفين بالنصب والتعصّب ضدّ فضائل عليعليه‌السلام ـ بأنّه حديث غير صحيح ، خصوصاً وأنّ بعض علماء أهل السنّة قد صححه وقوّاه.

وفي هذا المجال نذكر بعض نصوص هذا الحديث ، وبعض مصادره من أهل السنّة ، ومن قال بتصحيحه ، حتّى يتبيّن الحقّ لم ينكره.

١ ـ روي عن زيد بن أبي أوفى قال : لمّا آخى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بين أصحابه ، وآخى بين عمر وأبي بكر فقال علي : (يا رسول الله ، ذهب روحي ، وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري ، فإن كان من سخطة عليّ؟ فلك العتبى والكرامة ).

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : (والذي بعثني بالحقّ ، ما أخّرتك إلاّ لنفسي ، فأنت عندي بمنزلة هارون من موسى ووارثي ).

قال : (يا رسول الله ما أرث منك )؟! قال : (ما أورثت الأنبياء ) ، قال : (ما أورثت الأنبياء قبلك )؟! قال : (كتاب الله وسنّة نبيّهم ، وأنت معي في قصري في الجنّة مع فاطمة ابنتي ، وأنت أخي ورفيقي )(١) .

____________

١ ـ المعجم الكبير ٥ / ٢٢١ ، نظم درر السمطين : ٩٤ ، كنز العمّال ٩ / ١٦٧ و ١٣ / ١٠٥ ، الدرّ المنثور ٤ / ٣٧١ ، تاريخ مدينة دمشق ٢١ / ٤١٥ و ٤٢ / ٥٣ ، المناقب : ١٥٢ ، ينابيع المودّة ١ / ١٧٧ ، الآحاد والمثاني ٥ / ١٧٢.

٤٠١

٢ ـ وروي : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله آخى بين أصحابه ، فبقي رسول الله وأبو بكر وعمر وعلي ، فآخى بين أبي بكر وعمر ، وقال لعلي : ( إنّما تركتك لنفسي ، أنت أخي وأنا أخوك ، فإنّ ذكرك أحد فقل : أنا عبد الله وأخو رسول الله ، لا يدّعيها بعدك إلاّ كذّاب )(١) .

____________

١ ـ ذخائر العقبى : ٦٦ ، نظم درر السمطين : ٩٥ ، كنز العمّال ١١ / ٦٠٨ و ١٣ / ١٤٠ ، علل الدارقطنيّ ٩ / ٢٠٥ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٥٢ و ٦١ ، جواهر المطالب ١ / ٧١ ، تحفة الأحوذيّ ١٠ / ١٥٢.

٤٠٢

حديث مدينة العلم :

( ناصر ـ أمريكا ـ )

تصريح علماء السنّة بصحّته وحسنه :

س : سألني أحد الإخوة عن حديث ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ) ، وأنا في أمريكا لا يوجد لديّ كثير من المصادر ، فهل لكم أن ترشدونا إليه من كتب العامّة.

ج : من أقوى الأدلّة على أعلميّة أمير المؤمنينعليه‌السلام من جميع الصحابة ، حديث (أنا مدينة العلم وعلي بابها ) ، هذا الحديث الوارد عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالأسانيد والطرق المعتبرة في كتب الفريقين ، وله ألفاظ مختلفة وشواهد متكثّرة ، حتّى نصّ جماعة من علماء أهل السنّة على كونه من الأحاديث المشتهرة ، وتفرّغ آخرون لإبطال الطاعنين في سنده.

لكن السبب الأصلي لطعن القوم في سنده قوّة دلالته على أفضلية الإمامعليه‌السلام ، والأفضلية مستلزمة للإمامة والخلافة ، ولهذا عمد بعضهم إلى التلاعب في متنه بالتأويل والتحريف.

فممّن صرّح بصحّته وحسنه من علماء أهل السنّة : سبط ابن الجوزيّ في تذكرة الخواص(١) ، الحاكم النيسابوريّ في المستدرك(٢) ، يحيى بن معين(٣) ،

____________

١ ـ تذكرة الخواص : ٥١.

٢ ـ المستدرك ٣ / ١٢٦.

٣ ـ تهذيب الكمال ١٨ / ٧٧.

٤٠٣

البدخشانيّ في نزل الأبرار ، الذي التزم فيه بالصحّة(٤) ، محمّد بن يوسف الكنجيّ في كفاية الطالب(١) ، ابن الجزريّ في أسنى المطالب(٢) ، السخاويّ في المقاصد الحسنة(٣) ، ابن حجر العسقلانيّ(٤) ، صلاح الدين العلائيّ(٥) ، الصالحيّ الشاميّ(٦) ، المنّاويّ في فيض القدير(٧) ، الصبّان في إسعاف الراغبين(٨) ، الشوكانيّ في الفوائد المجموعة(٩) .

( ـ ـ )

صحّحه الحاكم :

س : أرجو إفادتنا بسند صحيح أنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ).

ج : حديث (أنا مدينة العلم وعلي بابها ) له أسانيد صحيحة في كتب أهل السنّة ، منها : ما أخرجه الحاكم ـ وصححّه ـ عن سفيان بن سعيد الثوري ـ من رجال الصحاح الستة ـ عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ـ وثّقه : ابن معين والعجلي والنسائيّ وابن سعد ، وذكره ابن حبّان في الثقات ، وقال أبو حاتم : ما به بأس صالح الحديث ـ عن عبد الرحمن بن بهمان ـ ذكره ابن حبّان في الثقات ، ووثّقه

____________

١ ـ نزل الأبرار : ٣٨.

٢ ـ كفاية الطالب : ١١٩.

٣ ـ أسنى المطالب : ٧٠.

٤ ـ المقاصد الحسنة : ١٢٣.

٥ ـ كشف الخفاء ١ / ٢٠٤ عنه في اللآلي.

٦ ـ سبل الهدى والرشاد ١ / ٥٠٩.

٧ ـ نفس المصدر السابق.

٨ ـ فيض القدير ٣ / ٦١.

٩ ـ إسعاف الراغبين : ١٤٨.

١٠ ـ الفوائد المجموعة : ٣٤٩.

٤٠٤

ابن حجر في التهذيب وتقريب التهذيب ، وكذا غيرها ـ قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : سمعت رسول الله يقول : ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأت من الباب )(١) .

( وليد محمّد ـ مصر ـ ٢٧ سنة )

جاء بسند معتبر في كتبنا :

س : تمنّيت أن تقوموا بإعطائنا السند الصحيح الموثّق من كتب الشيعة الكرام حول حديث : أنا مدينة العلم ولا رغبة لي بما في كتب السنّة ، وبارك الله فيكم.

ج : إنّ حديث (أنا مدينة العلم ) موجود في كتبنا بأسانيد معتبرة ، وهو حقيقة مسلّمة ، بحيث جاء ذكره حتّى في زيارات الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وحتّى في الأدعية المأثورة.

ومن أسانيده المعتبرة : رواية الشيخ الصدوققدس‌سره قال : حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن خالد ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه الحسن بن راشد ، عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال : (قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على منبره : يا علي ، أنا مدينة العلم وأنت بابها ، وهل تؤتى المدينة إلاّ من بابها )(٢) .

____________

١ ـ المستدرك ٣ / ١٢٦.

٢ ـ الأمالي للشيخ الصدوق : ٦٥٥.

٤٠٥
٤٠٦

حديث من مات ولم يعرف إمام زمانه :

( أبوعلي ـ الكويت ـ ٣١ سنة ـ دبلوم صيدلة )

في مصادر الفريقين :

س : نرجو التفضّل في معرفة سند هذا الحديث وصحّته ، والحديث هو : ( من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ) ، وشكراً لكم ، والسلام.

ج : إنّ هذا الحديث قد ورد بعبارات متقاربة ومضمون واحد ، بطرق متعدّدة في مصادر كثيرة من الفريقين ، نذكر فيما يلي طرفاً منها :

أوّلاً : قد وردت هذه الرواية في كتب الحديث عند الشيعة في حدّ التواتر والاستفاضة ، وهو كما نعلم آية صحّة الحديث من حيث الصدور ، مضافاً إلى أنّ جلّ الأسناد في هذا المجال صحيحة ومعتبرة وقابلة للاعتماد(١) .

ثانياً : إنّ هذا الحديث قد جاء في موارد كثيرة عند أهل السنّة(٢) .

____________

١ ـ انظر : الرسائل العشر : ٣١٧ ، الإمامة والتبصرة : ١٥٢ ، كمال الدين وتمام النعمة : ٤٠٩ ، الفصول المختارة : ٣٢٥ ، الإفصاح : ٢٨ ، مناقب آل أبي طالب ١ / ٢١٢ و ٣ / ١٨ ، تفسير أبي حمزة الثمالي : ٨٠.

٢ ـ انظر : مسند أحمد ٤ / ٩٦ ، مجمع الزوائد ٥ / ٢١٨ و ٢٢٤ ، مسند أبي داود : ٢٥٩ ، كتاب السنّة : ٤٨٩ ، مسند أبي يعلى ١٣ / ٣٦٦ ، صحيح ابن حبّان ١٠ / ٤٣٤ ، المعجم الأوسط ٦ / ٧٠ ، المعجم الكبير ١٩ / ٣٨٨ ، مسند الشاميّين ٢ / ٤٣٨ ، شرح نهج البلاغة ٩ / ١٥٥ و ١٣ / ٢٤٢ ، كنز العمّال ١ / ١٠٣ و ٦ / ٦٥ ، علل الدارقطنيّ ٧ / ٦٣ ، ينابيع المودّة ١ / ٣٥١ و ٣ / ٣٧٢ و ٤٥٦.

٤٠٧

( منى علي ـ البحرين ـ )

دليل على وجوب معرفة الإمام وطاعته :

س : ما معنى الحديث الشريف : ( من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية )؟ مع الشكر الجزيل.

ج : قد ورد هذا الحديث الصحيح المتّفق عليه في عدّة مصادر ، بألفاظ قريبة المعنى ، وهو دليل صريح على وجوب معرفة الإمام ، والاعتقاد بولايته الإلهيّة ، ووجوب طاعته والانقياد له ، وأنّ الجاهل أو الجاحد له يموت على الكفر ، كما هو الحال بالنسبة إلى الاعتقاد بالنبوّة لنبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فالنتيجة : إنّ الاعتقاد والالتزام بمعرفة الإمام ركن أساسي في الدين لا مجال للتهرّب منه.

( علي محمّد الصبّاغ ـ البحرين ـ )

سنده وألفاظه :

س : الإخوة الأكارم في موقع العقائد الإسلاميّة المحترمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد ، سؤال مهمّ وضروريّ جدّاً : حديث ( من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ) ، أُريد سند ومتن هذا الحديث من كتب السنّة تحديداً ، وماذا يعني هذا الحديث؟

ج : ورد الحديث بعبارات مختلفة ، وإليك نصّها :

١ ـ (من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية )(١) .

____________

١ ـ مسند أحمد ٤ / ٩٦ ، مجمع الزوائد ٥ / ٢١٨ ، مسند أبي داود : ٢٥٩ ، المعجم الكبير ١٩ / ٣٨٨ ، مسند الشاميّين ٢ / ٤٣٨ ، شرح نهج البلاغة ٩ / ١٥٥ ، كنز العمّال ١ / ١٠٣ و ٦ / ٦٥ ، علل الدارقطنيّ ٧ / ٦٣.

٤٠٨

٢ ـ (من مات وليس عليه إمام مات ميتة جاهلية )(١) .

٣ ـ (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية )(٢) .

٤ ـ (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية )(٣) .

ومعنى الحديث : أنّ لكلّ زمان إماماً حقّاً ، يجب معرفته وطاعته ، والإذعان بولايته ، ومعاداة أعدائه ، والبراءة من كلّ ولاية غير ولايته ، التي هي ولاية الله ورسوله.

وأمّا تحديد مصداق الإمام ، فلابدّ من الاستفادة من سائر النصوص الشريفة ، أمثال ما ورد عند الشيعة وأهل السنّة : من أنّ الأئمّة بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله اثنا عشر إماماً ، كلّهم من قريش ، وفي بعض النصوص : من بني هاشم.

____________

١ ـ مجمع الزوائد ٥ / ٢٢٥ ، كتاب السنّة : ٤٨٩ ، مسند أبي يعلى ١٣ / ٣٦٦ ، صحيح ابن حبّان ١٠ / ٤٣٤ ، المعجم الأوسط ٦ / ٧٠.

٢ ـ ينابيع المودّة ٣ / ٣٧٢.

٣ ـ المجموع ١٩ / ١٩٠ ، مواهب الجليل ٨ / ٣٦٧ ، المحلّى ١ / ٤٦ و ٩ / ٣٥٩ ، نيل الأوطار ٧ / ٣٥٦ ، صحيح مسلم ٦ / ٢٢ ، السنن الكبرى للبيهقيّ ٨ / ١٥٦ ، فتح الباري ١٣ / ٥ ، تحفة الأحوذيّ ٨ / ١٣٢ ، كتاب السنّة : ٤٨٩ و ٥٠٠ ، المعجم الكبير ١٩ / ٣٣٥ ، رياض الصالحين : ٣٣٦ ، كنز العمّال ٦ / ٥٢ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٥٣٠.

٤٠٩
٤١٠

حديث المنزلة :

( حميد ـ عمان ـ )

دلالته على إمامة علي ومصادره :

س : ما هو حديث المنزلة؟ وهل يدلّ على إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام ؟

ج : هو قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للإمام عليعليه‌السلام :

( أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ) ، وهو من الأحاديث المتواترة ، فقد رواه جمهرة كبيرة من الصحابة ، ومصادره كثيرة ، نذكر منها من كتب أهل السنّة : صحيح البخاريّ(١) ، صحيح مسلم(٢) ، وغيرهما(٣) .

____________

١ ـ صحيح البخاريّ ٤ / ٢٠٨ و ٥ / ١٢٩.

٢ ـ صحيح مسلم ٧ / ١٢٠.

٣ ـ سبل السلام ١ / ٤٤ ، ذخائر العقبى : ١٢٠ ، فضائل الصحابة : ١٣ ، الجامع الكبير ٥ / ٣٠٢ و ٣٠٤ ، المستدرك ٢ / ٣٣٧ و ٣ / ١٠٩ ، السنن الكبرى للبيهقيّ ٩ / ٤٠ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٠٩ ، فتح الباري ٧ / ٦٠ و ٩ / ٥٣ ، تحفة الأحوذيّ ١٠ / ١٥٧ و ١٦١ ، مسند أبي داود : ٢٨ ، المصنّف للصنعانيّ ٥ / ٤٠٦ و ١١ / ٢٢٦ ، مسند الحميدي ١ / ٣٨ ، مسند ابن الجعد : ٣٠١ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤٩٦ و ٨ / ٥٦٢ ، مسند ابن راهويه ٥ / ٣٧ ، مسند سعد بن أبي وقّاص : ٥١ و ١٠٣ و ١٧٤ و ١٧٧ ، الآحاد والمثاني ٥ / ١٧٢ ، كتاب السنّة : ٥٥١ و ٥٨٦ و ٥٩٥ و ٦١٠ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٥ / ٤٤ و ١٠٨ و ١١٣ و ١٢٠ و ١٢٥ و ١٤٤ و ٢٤٠ ، خصائص أمير المؤمنين : ٤٨ و ٦٤ و ٧٦ و ٨٠ و ٨٥ و ١١٦ ، مسند أبي يعلى ١ / ٢٨٦ و ٢ / ٥٧ و ٦٦ و ٨٦ و ٩٩ و ١٣٢ و ١٢ / ٣١٠ ، أمالي المحامليّ : ٢٠٩ و ٢٥١ ، صحيح ابن حبّان ١٥ / ١٦ و ٣٦٩ ، المعجم الصغير ٢ / ٢٢ و ٥٤ ، المعجم الأوسط ٢ / ١٢٦ و ٣ / ١٣٩ و ٥ / ٢٨٧ و ٦ / ٧٧ و ٨٣

٤١١

ودلالته على ولاية عليعليه‌السلام وإمامته بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله واضحة ، إذ أنّ هارون كان خليفة لموسىعليه‌السلام ونبيّاً ، وقد أثبت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نفس المنزلة لعليعليه‌السلام باستثناء النبوّة ، فدلّ ذلك على ثبوت الخلافة لهعليه‌السلام .

____________

و ٧ / ٣١١ و ٨ / ٤٠ ، المعجم الكبير ١ / ١٤٦ و ٢ / ٢٤٧ و ٤ / ١٧ و ١٨٤ و ٥ / ٢٠٣ و ٢٢١ و ١١ / ٦١ و ١٢ / ١٥ و ٧٨ و ١٩ / ٢٩١ و ٢٣ / ٣٧٧ و ٢٤ / ١٤٦ ، فوائد العراقيين : ٩٤ ، شرح نهج البلاغة ٢ / ٢٦٤ و ٥ / ٢٤٨ و ٦ / ١٦٩ و ١٠ / ٢٢٢ و ١٣ / ٢١١ و ٢٤٩ و ١٧ / ١٧٤ و ١٨ / ٢٤ ، الأذكار النوويّة : ٢٧٧ ، نظم درر السمطين : ٢٤ و ٩٥ و ١٠٧ و ١٣٤ و ١٩٤ ، موارد الظمآن : ٥٤٣ ، كنز العمّال ٥ / ٧٢٤ و ٩ / ١٦٧ و ١١ / ٥٩٩ و ٦٠٣ و ١٣ / ١٠٦ و ١٢٣ و ١٥١ و ١٥٨ و ١٦٣ و ١٧٢ و ١٩٢ و ١٦ / ١٨٦ ، كشف الخفاء ٢ / ٣٨٢ و ٤٢٠ ، إرواء الغليل ٥ / ١١ و ٨ / ١٢٧ ، شواهد التنزيل ١ / ١٩٠ و ١٩٤ و ٢ / ٣٥ و ٤١٨ ، الجامع لأحكام القرآن ١ / ٢٦٦ و ٧ / ١ و ٨ / ٢٨٠ ، الطبقات الكبرى ٣ / ٢٣ ، التاريخ الكبير ١ / ١١٥ ، معرفة الثقات ٢ / ١٨٤ و ٤٥٧ ، الثقات ١ / ١٤٢ و ٢ / ٩٣ ، طبقات المحدّثين ٤ / ٢٦٤ ، علل الدارقطنيّ ٤ / ٣١٣ و ٣٧٣ و ٣٨١ ، تاريخ بغداد ١ / ٣٤٢ و ٤ / ٥٦ و ١٧٦ و ٢٩١ و ٤٢٥ و ٥ / ١٤٧ و ٧ / ٤٦٣ و ٨ / ٥٢ و ٢٦٢ و ١٠ / ٤٥ و ١١ / ٤٣٠ و ١٢ / ٣٢٠ ، تاريخ مدينة دمشق ٢ / ٣١ و ١٣ / ١٥٠ و ١٨ / ١٣٨ و ٢٠ / ٣٦٠ و ٢١ / ٤١٥ و ٣٠ / ٦٠ و ٣٥٩ و ٣٨ / ٧ و ٣٩ / ٢٠١ و ٤١ / ١٨ و ٤٢ / ١٦ و ٤٢ و ٥٣ و ٩٨ و ١١١ و ١١٦ و ١٣٩ و ١٤٤ و ١٥٠ و ١٥٦ و ١٦٢ و ١٦٨ و ١٧٥ و ١٨١ و ٥٤ / ٢٢٦ و ٧٠ / ٣٥ ، أُسد الغابة ٤ / ٢٦ و ٥ / ٨ ، تهذيب الكمال ٥ / ٢٧٧ و ٥٧٧ و ٧ / ٣٣٢ و ٨ / ٤٤٣ و ١٤ / ٤٠٧ و ١٦ / ٣٤٦ و ٢٠ / ٤٨٣ و ٢٥ / ٣٩٦ و ٤٢٣ و ٣٢ / ٤٨٢ و ٣٥ / ٢٦٣ ، تذكرة الحفّاظ ١ / ١٠ و ٢١٧ و ٢ / ٥٢٣ ، ميزان الاعتدال ١ / ٥٦١ و ٢ / ٣ و ٣ / ١٢٢ ، سير أعلام النبلاء ١ / ١٤٢ و ١٢ / ٢١٤ و ١٣ / ٣٤١ و ١٤ / ٢١٠ و ١٥ / ٤٢ ، تهذيب التهذيب ٢ / ٢٠٩ و ٦ / ٨٤ و ٧ / ٢٩٦ ، لسان الميزان ٢ / ٣٢٥ و ٤١٤ و ٥ / ٣٧٨ ، الإصابة ٤ / ٤٦٤ ، أنساب الأشراف : ٩٢ و ١٠٦ ، الجوهرة : ١٤ و ٦٩ ، تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٣٦٨ ، التنبيه والإشراف : ٢٣٦ ، ذكر أخبار إصبهان ١ / ٨٠ و ٢ / ٢٨١ و ٣٢٨ ، البداية والنهاية ٥ / ١١ و ٧ / ٢٥١ و ٣٧٠ و ٣٧٥ و ٨ / ٨٤ ، السيرة النبويّة لابن هشام ٤ / ٩٤٧ ، المناقب : ٣٩ ، السيرة النبويّة لابن كثير ٤ / ١٢ ، النزاع والتخاصم : ١٠١ ، جواهر المطالب ١ / ٣٧ و ٥٧ و ١٧١ و ١٩٧ و ٢١٢ و ٢٩٦ ، سبل الهدى والرشاد ٥ / ٤٤١ و ١١ / ٢٩١ ، ينابيع المودّة ١ / ١١٢ و ١٥٦ ، ١٦٠ و ١٧٧ و ٢٠٠ و ٢٤٠ و ٢٥٥ و ٢٥٩ و ٣٠٩ و ٣٤١ و ٣٤٨ و ٣٧٤ و ٣٨٩ و ٤٠٤ و ٤٣١ و ٢ / ٦٥ و ٨٦ و ٩٧ و ١١٩ و ١٤٦ و ١٥٣ و ٢٠١ و ٢٣٧ و ٣٠٢ و ٣٨٦ و ٣ / ٢٠٨ و ٢٦١ و ٢٧٨ و ٣٦٩ و ٤٠٣.

٤١٢

( سعد ـ السعودية ـ )

هو أحد أدلّة الإمامة :

س : بالنسبة لحديث المنزلة ، يقول أهل السنّة : أنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قاله فقط عندما خلّف عليّاً بالمدينة في غزوة تبوك ، وهذا لا يدلّ على خلافته ، فما هو ردّكم؟

وثانياً : أنّ هارون لم يصبح خليفة لموسى ؛ لأنّه توفّي في زمنه ، بل أصبح يوشع بن نون ، فما هو ردّكم؟

ج : نعلمكم أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يقل حديث المنزلة مرّة واحدة ـ وذلك في غزوة تبوك ـ حتّى يرد الإشكال ، بل قاله عدّة مرّات ، وكرّره في عدّة مواطن ، ومن تلك المواطن :

١ ـ عند مؤاخاته لأمير المؤمنينعليه‌السلام (١) .

٢ ـ في خطبة غدير خم(٢) .

٣ ـ في قضية فاطمة ابنة حمزة سيّد الشهداء(٣) .

٤ ـ في حديث عن جابر في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) .

٥ ـ عند تسمية الإمام الحسنعليه‌السلام ، عن أسماء بنت عميس ثمّ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي : (أيّ شيء سمّيت ابني )؟ قال : (ما كنت لاسبقك بذلك ) ، فقال : (ولا أنا

____________

١ ـ الآحاد والمثاني ٥ / ١٧٢ ، المعجم الأوسط ٨ / ٤٠ ، المعجم الكبير ٥ / ٢٢١ و ١١ / ٦٣ ، كنز العمّال ٩ / ١٦٧ و ١٧٠ و ١١ / ٦٠٧ و ١٣ / ١٠٦ ، الثقات ١ / ١٤٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٢١ / ٤١٥ و ٤٢ / ٥٣ ، سير أعلام النبلاء ١ / ١٤٢ ، المناقب : ٣٩ و ١٤٠ و ١٥٢ ، ينابيع المودّة ١ / ١٥٩ و ١٧٧ و ١٧٩ و ٤٣١ ، نظم درر السمطين : ٩٥ ، الدرّ المنثور ٤ / ٣٧١.

٢ ـ المناقب : ٦١ ، ينابيع المودّة ٣ / ٢٧٨.

٣ ـ تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ١٧٠ و ١٨٦.

٤ ـ الجامع الكبير ٥ / ٣٠٤ ، كتاب السنّة : ٥٨٨ ، المعجم الكبير ٢ / ٢٤٧ ، تاريخ بغداد ٤ / ٥٦ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ١٣٩ و ١٧٦ ، لسان الميزان ٥ / ٣٧٨ ، الجوهرة : ١٥ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٧٨ ، المناقب : ١٠٩ ، ينابيع المودّة ١ / ٢٦٠ و ٢ / ٣٠٢.

٤١٣

أسابق ربّي ) ، فهبط جبرائيلعليه‌السلام فقال : (يا محمّد إنّ ربّك يقرئك السلام ويقول لك : علي منك بمنزلة هارون من موسى ، لكن لا نبيّ بعدك )(١) .

٦ ـ في حديث عن أُمّ سلمة(٢) .

وهناك موارد أُخرى ، وعليه فالحديث يدلّ على خلافة وإمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وبالنسبة إلى سؤالكم الثاني فنقول : إنّ المقصود من كون هارون خليفة لموسىعليه‌السلام هو ما جاء في قوله تعالى :( وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِح ) (٣) .

فهذا مقام لهارون بأمر من الله تعالى ، وقد نزّل نبيّنا عليّاً بهذه المنزلة من نفسه ، ومن المقطوع به أنّ هذا المعنى لم يرد في حقّ غير عليعليه‌السلام من صحابة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولذا ورد عن غير واحد منهم ـ كما مرّ ـ أنّه كان يتمنّى لو ورد هذا الحديث في حقّه عن النبيّ ، وثبتت له هذه المنزلة منه.

وأمّا الاستخلاف بمعنى القيام مقام النبيّ بعد الموت ، فهذا ممّا لم يثبت لهارون لموته قبل موسى ، ولكنّه ثبت لعلي لوجوده بعد الرسول الأعظم بحديث المنزلة ، وغيره من الأحاديث القطعية ، المتّفق عليها بين المسلمين.

وبعبارة أوضح : إنّ رتبة الوصاية كانت موجودة عند هارون ، ولكن لم يصل إليها لطروّ المانع وهو الموت ، وأمّا في الإمام عليعليه‌السلام فلعدم وجود المانع كانت الوصاية قد وصلت إلى مرحلة الفعلية بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

____________

١ ـ ذخائر العقبى : ١٢٠ ، نظم درر السمطين : ١٩٤ ، ينابيع المودّة ٢ / ٦٤ و ٢٠١ و ٣ / ٢٦١.

٢ ـ مسند أبي يعلى ١٢ / ٣١٠ ، صحيح ابن حبّان ١٥ / ١٥ ، المعجم الكبير ١٢ / ١٥ ، موارد الظمآن : ٥٤٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٢ و ١٦٩ و ١٨١ ، ميزان الاعتدال ٢ / ٣ ، لسان الميزان ٢ / ٤١٤ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٧٨ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٢٩١ ، ينابيع المودّة ١ / ٣٨٩ ، مجمع الزوائد ٩ / ١١١.

٣ ـ الأعراف : ١٤٢.

٤١٤

وبالجملة : فإنّ الحديث يدلّ بدلالة قطعية على إمامة ووصاية أمير المؤمنينعليه‌السلام .

( أحمد جعفر ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

كلّ ما ثبت لهارون يثبت لعلي إلاّ النبوّة :

س : حين نذكر دلالات حديث المنزلة ، وأنّ الاستثناء من أدوات العموم ، ممّا يعني ثبوت جميع المنازل للإمام علي عليه‌السلام التي كانت لهارون عليه‌السلام ما عدا النبوّة ، فإنـّهم يردّون بشبهة : بأن لو كان هذا هو المعنى الذي نذهب إليه في الحديث ، فيجب أن يكون علي عليه‌السلام نبيّاً في حياة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما كان هارون نبيّاً في حياة موسى عليه‌السلام ، وذلك بدليل قوله : ( إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ) ، ممّا يستلزم كون علي عليه‌السلام نبيّاً في حياة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فما هو ردّكم؟

ج : من المسلّم أن لا نبيّ في زمن نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله غيره.

ثمّ إن حديث المنزلة ، وإن كان يثبت للإمام عليعليه‌السلام كلّ ما كان ثابتاً لهارونعليه‌السلام ، ومنها نبوّته في حياة موسىعليه‌السلام ، إلاّ أنّ هناك قيود وتخصيصات في غير هذا الحديث ، أخرجت كون عليعليه‌السلام نبيّاً في حياة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

هذا ويمكن أن يردّ الأشكال بجواب آخر : بأنّ كلمة ( بعدي ) في الحديث يمكن أن تكون عامّة ، فتشمل البعدية الرتبية ، بالإضافة إلى البعدية الزمانية ، فمعنى لا نبيّ بعدي ، أي : لا نبيّ بعدي من جهة الرتبة ، كما أنّه لا نبيّ بعدي من جهة الزمان.

أي بمعنى : لا نبيّ بعد زماني ، فأنا خاتم الأنبياء ، وفي زماني لا نبيّ بعدي له رتبة النبوّة حتّى تصل له ، إن لم أكن موجوداً وحاضراً معكم.

ويؤيّد هذا الاستعمال ، أي استعمال البعدية بمعنى الرتبية ، ما ورد في قضية بريدة ، حيث قال : بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعثين إلى اليمن ، على أحدهما علي بن أبي طالب ، وعلى الآخر خالد بن الوليد ، فقال : ( إذا التقيتم فعلي على الناس ،

٤١٥

وإن افترقتما فكلّ واحد منكما على جنده ).

قال : فلقينا بني زيد من أهل اليمن فاقتتلنا ، فظهر المسلمون على المشركين ، فقتلنا المقاتلة وسبينا الذرّية ، فاصطفى علي امرأة من السبي لنفسه ، قال بريدة : فكتب معي خالد بن الوليد إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يخبره بذلك ، فلمّا أتيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله دفعت الكتاب فقرأ عليه ، فرأيت الغضب في وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقلت : يا رسول الله ، هذا مكان العائذ ، بعثتني مع رجل ، وأمرتني أن أطيعه ، ففعلت ما أرسلت به ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا تقع في علي ، فإنّه منّي وأنا منه ، وهو وليّكم بعدي ، وأنّه منّي وأنا منه ، وهو وليّكم بعدي )(١) .

أي هو وليّكم بعدي في الرتبة ، بمعنى أن لم أكن حاضراً وموجوداً معكم فالولاية من بعدي تكون له ، فعلي وليّ عليكم في حياتي أن لم أكن موجوداً بينكم ، وإلاّ فالولاية لي.

هذا بالإضافة إلى أن الاستثناء في الحديث متّصل ، وأنّه لابدّ من أن يكون متّصلاً ، وأنّه لا يصحّ حمله على الانقطاع ، لوجوب حمل الاستثناء دائماً على الاتصال ما أمكن ، ولعدم وجود شرط الاستثناء المنقطع في هذا الحديث ، وهو وجود مخالفة بوجه من الوجوه.

وعليه فمعنى الحديث يكون : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ النبوّة ، لأنّه لا نبيّ بعدي ، فحذف لفظ النبوّة الذي هو المستثنى في الحقيقيّة.

وفي بعض الروايات وردت فيها لفظ النبوّة ، ففي كتاب البداية والنهاية لابن كثير قال : ( عن عائشة بنت سعد ، عن أبيها : أنّ عليّاً خرج مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حتّى جاء ثنية الوداع ، وعلي يبكي يقول : (تخلّفني مع الخوالف )؟!

____________

١ ـ مسند أحمد ٥ / ٣٥٦ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٢٧ ، تحفة الأحوذيّ ٥ / ٢٩٤ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٥ / ١٣٣ ، خصائص أمير المؤمنين : ٩٨ ، شرح نهج البلاغة ٩ / ١٧٠ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ١٨٩ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٨٠ ، ينابيع المودّة ٢ / ٤٩٠.

٤١٦

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : (أو ما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ النبوّة ) ، وهذا إسناده صحيح ولم يخرّجوه(١) .

إذاً لعليعليه‌السلام ما لهارون إلاّ النبوّة ، فليست له لا في حياة النبيّ ولا بعد حياتهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

____________

١ ـ البداية والنهاية ٧ / ٣٧٧.

٤١٧
٤١٨

الخلفاء :

( هاني ـ الكويت ـ سنّي )

كيفية تقييمهم :

س : ما تقولون في الصدّيق أبي بكر؟ وفي الفاروق عمر بن الخطّاب؟ وفي الشهيد عثمان بن عفّان؟ وماذا تقصدون بالبراءة من الخلفاء الراشدين؟

ج : نلخّص الجواب في نقطتين :

١ ـ أنّ تقييم الفرد في المنطق الإسلاميّ يرجع إلى سلوكه وسيرته ـ قولاً وعملاً وتقريراً ـ فنحن لا نقيّم الأشخاص بما هم أشخاص ، بل نقيّمهم بعد عرض أعمالهم على الكتاب والسنّة ؛ لنرى مدى قرب هذا أو ذاك ، أو بعده عن المسار الصحيح ، لأنّ الحقّ لا يعرف بالرجال ، ولكن الرجال يُعرفون بالحقّ.

وعليه ، فقضيّتنا مع الصحابة لم تكن قضية قبلية ، أو عصبية ، أو عشائرية ، بل هي قضية دين وشريعة ، واتّباع نصّ أو مخالفته.

وحيث ثبت أنّ الخلفاء الثلاثة كانوا يجتهدون أمام النصوص ، ويتّبعون المصلحة التي يتصوّرونها مع وجود النصّ القرآنيّ والسنّة النبويّة ، وجب علينا الابتعاد عنهم ، والتمسّك بالمتعبّدين الذين لا يفتونا برأي واجتهاد ، بل كلّ ما قالوه كان عن آثار ورثوها كابر عن كابر.

إذاً ، إنّ اجتهادات هؤلاء الخلفاء ، وتأصيلهم لأُصول بعيدة عن واقع التشريع الإسلاميّ ، هو الذي أوقعهم في كثير من الأخطاء العقائديّة والفقهيّة والاجتماعيّة ، وهو الآخر قد دعا حماة الدين أن يرشدوا الناس إلى الابتعاد عن

٤١٩

أُولئك ، لكي لا يتأثّر الآخرون بأخطائهم.

وعليه ، فنحن حين نرشد الآخرين إلى أخطاء أُولئك الخلفاء ، لا نبغي من ورائه إلاّ الوقوف على الحقيقة ، وللحدّ من الانحراف عن جادّة النصوص ، وذلك اتباعاً لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : (ما إن أخذتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً ) ؛ لأنّ الاجتهاد مقابل النصّ يؤدّي بالفرد إلى الابتعاد عن سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وما نزل به الوحي ، وقد أطلق عن الشريعة بالإسلام لما يعنيه من التسليم والانقياد ، والأخذ بالنصوص ، والابتعاد عن الرأي.

وعليه ، فلا يمكن للمسلم المتعبّد الركون إلى أهل الاجتهاد والرأي والمصلحة المتوهّمة ، لأنّه سيؤدّي بالفرد إلى الابتعاد عن النصوص ـ قرآناً وسنّة ـ شيئاً فشيئاً ، ثمّ أخذه بما شرع رأياً على أنّه شريعة ودين.

٢ ـ وبناء على ما تقدّم من اعتبار مقاييس الأعمال ، فعلينا كمسلمين أن نتبرّأ من كلّ من خالف كتاب الله وسنّة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واجتهد مقابل النصّ ، وشرّع أُموراً غير شرعيّة في شريعة المسلمين ، مهما كان نوع المخالفة ، ومهما كانت منزلة الشخص المخالف.

( أُمّ محمّد ـ ـ سنّية )

عدم قرب الشيخين من رسول الله :

س : إنّ الشيعة تدّعي : أنّ الخليفتين نكثوا العهد بعد الرسول ، فلماذا كانوا أقرب الناس إلى الرسول؟ وكانوا معاونيه في الدعوة الإسلاميّة ، ألم يكن الرسول يعلم بذلك؟ وهو الذي يخبر عن كلّ صغيرة وكبيرة ، فلماذا لم يتكلّم الرسول ويخبر بذلك؟

ج : أمّا قولك : لماذا كان الشيخان أقرب الناس إلى الرسول ، فلا ندري ما مقصودك من القرب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ هل بمعنى القرابة؟ فهذا ـ كما تعلميّن ـ غير صحيح ، أم أنّك تقصدين أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعتمد عليهما في

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621