موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٣

موسوعة الأسئلة العقائديّة9%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-03-4
الصفحات: 621

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 621 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 265607 / تحميل: 6281
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٣

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٣-٤
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

كلّ صغيرة وكبيرة ، فهذا ـ كما تعلميّن أيضاً ـ غير ثابت ، وذلك لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يخصّهما في شيء كما خصّ غيرهما.

وأهمّ ما نلاحظه أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يؤاخ بينه وبين أحدٍ منهما ، بل لم تذكر جميع كتب السير أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله خصّهما في المشورة دون أصحابه ، أو أودعهما سرّه دون غيرهما من المسلمين ، أو ولاّهما على شيء قد اختصّا به ، بل بالعكس من ذلك ، فإنّ الحقيقة هي خلاف ما تذكرينه تماماً ، وذلك لشواهد :

أوّلاً : أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله سدّ الأبواب المشرفة على المسجد ، ومنها باب أبي بكر وعمر ، ولم يميّزهما عن غيرهما ، وأبقى باب علي بن أبي طالبعليه‌السلام مفتوحاً.

فقد روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : (أمّا بعد ، فإنّي أُمرت بسدّ هذه الأبواب إلاّ باب علي ، فقال فيه قائلكم : والله ما سددت شيئاً ولا فتحته ، ولكن أمرت بشيء فاتّبعته )(١) .

وروي أيضاً عن الإمام عليعليه‌السلام أنّه قال : (أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بيدي ، فقال : إنّ موسى سأل ربّه أن يطهّر مسجده بهارون ، وإنّي سألت ربّي أن يطهّر مسجدي بك وبذرّيتك ، ثمّ أرسل إلى أبي بكر أن سدّ بابك ، فاسترجع ثمّ قال : سمعاً وطاعة ، فسدّ بابه ، ثمّ أرسل إلى عمر ، ثمّ أرسل إلى العباس بمثل ذلك ، ثمّ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أنا سددت أبوابكم وفتحت باب علي ، ولكن الله فتح باب علي وسدّ أبوابكم )(٢) .

ثانياً : أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمّر أُسامة بن زيد على الشيخين ، وعلى جمعٍ من الصحابة ، وكان فتىً صغيراً ، ولم يقدّم الشيخين في هذا الجيش؟

____________

١ ـ المستدرك ٣ / ١٢٥ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٥ / ١١٨ ، خصائص أمير المؤمنين : ٧٣ ، كنز العمّال ١١ / ٦١٨ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ١٣٨ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٧٩ ، المناقب : ٣٢٧ ، جواهر المطالب ١ / ١٨٦ ، ينابيع المودّة ٢ / ١٦٩ و ٢٣٣ و ٣٩٨.

٢ ـ كنز العمّال ١٣ / ١٧٥ ، النزاع والتخاصم : ١١٧.

٤٢١

فعن عبد الله بن عبد الرحمن : ( أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مرض موته ، أمّر أُسامة بن زيد بن حارثة على جيش فيه جلّة المهاجرين والأنصار ، منهم أبو بكر وعمر ، وأبو عبيدة بن الجرّاح ، وعبد الرحمن بن عوف ، وطلحة والزبير ، وأمره أن يغير على مؤتة ، حيث قتل أبوه زيد )(١) .

ثالثاً : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد آخى بينه وبين عليعليه‌السلام ، في حين لم يؤاخ بينه وبين أحدٍ من الشيخين ، بل آخى بين أبي بكر وبين خارجة بن زيد(٢) ، وآخى بين عمر بن الخطّاب وبين عتبان بن مالك(٣) .

فلو كان الشيخان أقرب الناس من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لآخى بينه وبين أحدهما.

رابعاً : أنّ الشيخين لو كانا قريبين من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لبلّغ أحدهما عنه ، في حين أنّه قال : ( علي منّي وأنا منه ، ولا يؤدّي عنّي إلاّ علي )(٤) .

فلو كان الشيخان أقرب الناس لبلّغا عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وخصصهما بتبليغه.

إلى آخر الصفات والمنازل التي لم يختصّ بهما الشيخان ، فكيف يكونان من أقرب الناس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

أمّا عدم إخبار الرسول عن خفايا سرائرهم فإنّه كان يخضع لمصالح ومفاسد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعلم بها ، ويمكن استنتاجها لمن نظر نظرة تأمّل لتاريخ تلك الحقبة وكما أنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يخبر عن المنافقين اللذين كانوا يحيطون به.

____________

١ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ٥٢.

٢ ـ الجامع لأحكام القرآن ١٤ / ١٢٤ ، تفسير القرآن العظيم ٣ / ٤٧٧ ، الدرّ المنثور ٣ / ٢٠٧ ، فتح القدير ٢ / ٣٣٠.

٣ ـ مقدّمة فتح الباري : ٣٢١.

٤ ـ سنن ابن ماجة ١ / ٤٤ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤٩٥ ، الآحاد والمثاني ٣ / ١٨٣ ، كتاب السنّة : ٥٨٤ ، فيض القدير ٤ / ٤٧٠ ، تحفة الأحوذيّ ١٠ / ١٥٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٧.

٤٢٢

( زياد ـ فلسطين ـ سنّي )

عدم صلاحية الأوّل والثاني للخلافة :

س : ما تقولون في أميري المؤمنين أبو بكر وعمر؟ الموصوفان بأنّهما أعدل رجلين في العالم بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

ولماذا تكثرون من تقديس عليرضي‌الله‌عنه وأبنائه بطريقة غريبة؟ نحن نحترم عليّاً ، ونكن له كلّ الاحترام ـ كونه صحابي جليل من صحابة رسول الله ـ أمّا أن نزيد آية في القرآن الكريم ( وجعلنا علي صهرك ) ، فهذا لا يمكن قبوله أبداً ، لأنّ القرآن قد وصلنا متواتراً ، وكوننا نزيد هذه الآية ، فهذا انتقاص في حقّ الله ، وكأنّنا نصف الله بالنسيان أو الخطأ.

ج : إنّ الشيعة ترى أنّ الأفضلية في كافّة الجهات الإيجابية كانت لأمير المؤمنين عليعليه‌السلام ـ كما هو مذكور في كتب العقائد عندهم ـ وعليه ، فإنّ مؤهّلاته الشخصية كانت هي الوحيدة لاستيعاب أمر الخلافة والوصاية والإمامة بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، خصوصاً بعد صدور النصوص المتواترة والمستفيضة التي تصرّح بكلّ وضوح : بأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله استخلفه في أمر الإمامة بعده.

وممّا ذكرنا يظهر : أنّ العدول عن هذا الأمر واضح البطلان ، فنستنج أنّ خلافة الأوّل والثاني كانت خلافاً للعقل والنقل ـ كما أشرنا إليه ـ فهل تسمّى مخالفة العقل عدلاً؟!

ويكفي في عدم صلاحيتهما للخلافة ، ما صدر منهما تجاه بضعة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة الزهراءعليها‌السلام ـ كما ذكر في محلّه ـ والتي قال في شأنها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : (فاطمة بضعة منّي ، فمن أغضبها أغضبني )(١) .

____________

١ ـ صحيح البخاريّ ٤ / ٢١٠ ، ذخائر العقبى : ٣٧ ، فتح الباري ٧ / ٦٣ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٥٢٦ ، الآحاد والمثاني ٥ / ٣٦١ ، نظم درر السمطين : ١٧٦ ، الجامع الصغير ٢ / ٢٠٨ ، كنز العمّال ١٢ / ١٠٨ و ١١٢ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٤٤٤ ، ينابيع المودّة ٢ / ٥٢ و ٧٣ و ٧٩ و ٩٧ و ٣٢٢.

٤٢٣

وإمّا كلامك عن تقديس الشيعة لعليعليه‌السلام ، فهل ترى فيه إشكال بعد ما ورد من نصوص وآثار في هذا المجال لا تعدّ ولا تحصى ، ويكفيك أن تطالع الكتب المختصّة بهذا الموضوع ، وتنظر بعين الأنصاف حتّى ترى ما كان لهعليه‌السلام من مناقب وفضائل ملأت الخافقين.

وأمّا ما ذكرته من آية مجعولة ، فلم نر لها أثراً في الأوساط الشيعيّة ،( سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ) (١) .

( ـ الكويت ـ )

في نظر الشيعة :

س : أُريد رأيكم الصريح في أبي بكر وعمر وعثمان؟ جرحكم وتعديلكم لهم ، ولكم الشكر.

ج : إنّ هذا السؤال يرجع إلى مسألة عدالة الصحابة : فأهل السنّة قالوا بعدالة جميع الصحابة ، وبأيّهم اقتديتم اهتديتم ، مع اعترافهم بعدم عصمة الصحابة ، وفيهم القاتل والمقتول ، والظالم والمظلوم.

وأمّا الشيعة ، فلا تقول بعدالة جميع الصحابة ، بل تجري عليهم قواعد الجرح والتعديل ، فمن كان على الطريقة المستقيمة ، ولم يغيّر ولم يبدّل ، فالشيعة تحترمه وتقدّسه ، ومن نافق أو غيّر وبدّل وانحرف ، فالشيعة وكلّ عاقل لا يقيمون أيّ احترام وتقدير لهكذا شخص.

وكذلك الشيعة تقول : بأنّ الإمامة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالنصّ ، ورسول الله نصّ على من يلي الأمر من بعده ، وهو أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، وتستدلّ الشيعة على هذا بآيات وأحاديث من مصادر الفريقين.

وكذلك يمكنك مراجعة ما ورد في صحاح ومسانيد أهل السنّة في روايتهم

____________

١ ـ النور : ١٦.

٤٢٤

عن النبيّ ، أنّه قال : (فاطمة بضعة منّي ، فمن أغضبها أغضبني )(١) .

وكذلك مراجعة الصحاح والمسانيد ، وكتب السير والتاريخ عند أهل السنّة : من أنّ فاطمة ماتت ، وهي واجدة على أبي بكر وعمر ، أو هجرتهما ولم تكلّمهما(٢) ، وبالمقارنة بين هذين الحديثين مع قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) (٣) ، يتّضح لك موقفنا منهم.

( حسين علي ـ الجزائر ـ ٢٦ سنة ـ ليسانس فلسفة )

لم يثبت لهم موقف في الغزوات :

س : لماذا لا نجد أيّ مكان لأبي بكر في الغزوات التي خاضها النبيّ؟ وهل فعلاً كان من الذين قالوا بوفاة الرسول في غزوة أُحد؟ وهل كان من الذين تفاوضوا من أجل أن يرجعوا إلى قريش؟

ج : نعم ، لم يثبت للخلفاء الثلاثة موقف مشرّف في جميع الغزوات ، وإنّما كان دورهم جليّاً في الهزيمة والتثبيط من عزيمة المسلمين.

وأمّا في غزوة أُحد ، فكانوا من الفارّين(٤) ، حتّى أنّ أبا بكر بنفسه كان

____________

١ ـ صحيح البخاريّ ٤ / ٢١٠ ، ذخائر العقبى : ٣٧ ، فتح الباري ٧ / ٦٣ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٥٢٦ ، الآحاد والمثاني ٥ / ٣٦١ ، نظم درر السمطين : ١٧٦ ، الجامع الصغير ٢ / ٢٠٨ ، كنز العمّال ١٢ / ١٠٨ و ١١٢ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٤٤٤ ، ينابيع المودّة ٢ / ٥٢ و ٧٣ و ٧٩ و ٩٧ و ٣٢٢.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ٥٠ و ١٦ / ٢١٨ ، صحيح البخاريّ ٨ / ٣ ، فتح الباري ٦ / ١٣٩ ، المصنّف للصنعانيّ ٥ / ٤٧٢ ، تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٤٤٨ ، البداية والنهاية ٥ / ٣٠٦ ، السيرة النبويّة لابن كثير ٤ / ٥٦٧ و ٥٧٠.

٣ ـ الأحزاب : ٥٧.

٤ ـ شرح نهج البلاغة ١٥ / ٢٤ ، الدرّ المنثور ٢ / ٨٨ ، كنز العمّال ٢ / ٣٧٦ و ١٣ / ٧١ ، جامع البيان ٤ / ١٩٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٣٩ / ٢٥٧ ، البداية والنهاية ٧ / ٢٣١ ، سبل الهدى والرشاد ٤ / ٢٠٦ ، السيرة الحلبية ٢ / ٣٠٩.

٤٢٥

يذعن بفراره ، بأنّه أوّل من فاء يوم أُحد(١) .

وتصرّح بعض المصادر : أنّ عمر وغيره من المهاجرين والأنصار أخبروا أنس بن النضر بقتل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) .

وأمّا بالنسبة للتفاوض مع قريش ، فتؤكّد كتب السيرة : بأنّ بعض المسلمين ـ من أصحاب الصخرة ـ بعد هزيمتهم في أُحد ، قد أبدوا استعدادهم لأخذ الأمان من أبي سفيان ، والالتحاق بقريش(٣) .

ولا يخفى أنّ أصحاب الصخرة كانوا من المهاجرين لا الأنصار ، لأنّهم صرّحوا في كلامهم ، بأنّ قريش قومهم ، وبنو عمومتهم.

( عمر عثمان ـ السودان ـ سنّي ـ ٣٠ سنة ـ طالب )

علاقتهم بالإمام علي :

س : أُريد أن أعرف العلاقة بين الإمام علي وأبو بكر وعمر وعثمان؟

ج : حسب الأدلّة النقلية الموجودة ، فإنّ أُولئك الثلاثة ، قد غصبوا الخلافة من الإمام عليعليه‌السلام ، مع علمهم بتقدّمه عليهم ومعرفتهم بنصّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عليه ،

____________

١ ـ الطبقات الكبرى ٣ / ٢١٨ ، السيرة النبويّة لابن كثير ٣ / ٥٨ ، البداية والنهاية ٤ / ٣٣ ، مسند أبي داود : ٣ ، المستدرك ٣ / ٢٦٦ ، كتاب الأوائل : ٩١ ، كنز العمّال ١٠ / ٤٢٥ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٤٢٥ ، تاريخ مدينة دمشق ٢٥ / ٧٥ ، تهذيب الكمال ١٣ / ٤١٧ ، سبل الهدى والرشاد ٤ / ١٩٩.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ١٤ / ٢٧٦ ، جامع البيان ٤ / ١٥٠ ، تفسير القرآن الكريم ١ / ٤٢٢ ، الدرّ المنثور ٢ / ٨١ ، الثقات ١ / ٢٢٨ ، تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ١٩٩ ، البداية والنهاية ٤ / ٣٩ ، السيرة النبويّة لابن هشام ٣ / ٦٠٠ ، السيرة النبويّة لابن كثير ٣ / ٦٨ ، سبل الهدى والرشاد ٤ / ٢١٥.

٣ ـ فتح الباري ٧ / ٢٧١ ، جامع البيان ٤ / ١٤٩ ، الدرّ المنثور ٢ / ٨٠ ، تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٢٠١ ، البداية والنهاية ٤ / ٢٦ ، السيرة النبويّة لابن كثير ٣ / ٤٤ ، سبل الهدى والرشاد ٤ / ١٩٦ ، السيرة الحلبية ٢ / ٣١٠.

٤٢٦

وقد صرّح واحتجّ الإمام عليعليه‌السلام في مواقف متعددّة بهذا الموضوع ، ولعلّ من أبرز وأوضح مصاديق شكاويه ، ما أدلى به في خطبته المعروفة بالشقشقية ـ الموجودة في نهج البلاغة ـ إذ يؤكّد فيه اغتصاب حقّه في عهد الخلفاء الثلاثة.

نعم ، إنّ الإمامعليه‌السلام ومن منطلق أخذ المصالح العليا بعين الاعتبار ، لم يقم بأيّ عمل ظاهري في سبيل إرجاع حقّه ، بعد أن رأى أنّ الوسط العام في المجتمع آنذاك قد خدع بخطط الغاصبين ، فخشيعليه‌السلام قيام الفتن الداخلية ، وحدوث الردّة عند الأكثر ـ إذ هم قريبو العهد بالإسلام ـ وهجوم الأجانب على الدولة الإسلاميّة الفتيّة ، فصبر عن حقّه الواضح ، بعد ما أشار إليه بلسانه أحياناً ، وبسلوكه تارةً ، وإليه يشير في نفس الخطبة المذكورة : ( فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا )(١) .

وملاحظة ما ورد في النصوص من احتجاجات أمير المؤمنينعليه‌السلام على الخلفاء في مواطن متعدّدة ، لإثبات أحقّيته بمنصب الخلافة ، خير شاهد على إيضاح المطلب.

( إبراهيم زاير حسين ـ البحرين ـ ٣٤ سنة ـ طالب جامعة )

فتوحاتهم وإذعانهم بفضائل علي :

س : لدي سؤالان ، أرجو مساعدتي في الإجابة عليهما :

الأوّل : في زمن الخليفة الأوّل والخليفة الثاني زادت الفتوحات ، وقد قويت شوكة الإسلام في خلافتهما ، ومن المشهود لهما بإخلاصهما ، فكيف يحقّ لنا اتهامهما بغصب الخلافة؟

الثاني : هل يحقّ لنا اتهامهما بغصب الخلافة؟ بالرغم من أنـّهما كانا يعترفان بفضل الإمام عليعليه‌السلام ، وهو ما شاع في كتب التاريخ ، فلو كان الأمر كذلك لقاما بعكس ذلك.

____________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ١٥١.

٤٢٧

أرجو أن توضّحوا المسألة بالتفصيل قدر الإمكان ، لكون السائل من إخواننا السنّة ، ودمتم ذخراً ، وسدّد الله خطاكم ، وزادكم علماً.

ج : إنّ التفسير والتحليل هو فرع وجود الواقع في الخارج ، فعلينا إذاً أن نبحث عن الواقع ، وثمّ نرى القضايا على ضوئه ، لا أن نعتمد على تفسير خاطئ ، وننفي الواقع من خلاله.

وأمّا فيما نحن فيه ، فإنّ الغصب المذكور واقع تاريخيّ ، شهدت له أئمّة السير والحديث في كتبهم ، وذكروا المناقشات والحوادث المتعلّقة به ، فكيف ننكره رأساً ، اعتماداً على احتمالات ، وتأويلات مزيّفة؟!

ثمّ إنّ زيادة الفتوحات العسكريّة هل تدلّ بملازمة عقلية على حقّانية الفاتح؟ أم أنّها أُمور تدور قيمتها مدار النيّة والصدق في العمل؟ وكم ترى في طول التاريخ من قادة فاتحين ومنتصرين ، ليس لهم منها إلاّ أمر الدنيا؟

وأمّا إذعانهما بفضل الإمام عليعليه‌السلام ، فهو إن دلّ على شيء ، فإنّما يدلّ على كثرة فضائلهعليه‌السلام التي ملأت الخافقين ، ممّا أجبرت الخصوم على الاعتراف ببعضها ، وقد صرّح البعض حينما سئل عن فضائل عليعليه‌السلام قال : ( ما أقول في شخص أخفى أعداؤه فضائله حسداً ، وأخفى أولياؤه فضائله خوفاً وحذراً ، فظهر ما بين هذين فضائل طبقت الشرق والغرب )(١) .

( اشرف سالم ـ مصر ـ سنّي )

اعتراض الإمام علي عليهم :

س : من الثابت تاريخيّاً أنّ الإمام علي رضي‌الله‌عنه لم يعترض على تولّي الخلفاء الراشدين ، فلماذا اعترضت الشيعة على ذلك بعد وفاته؟

ج : في الجواب عن ذلك نقول :

____________

١ ـ كشف اليقين : ٤.

٤٢٨

١ ـ إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام قد اعترض غير مرّة ، كيف وقد تأخّر أو رفض ـ على قولين ـ البيعة مع أبي بكر ، وهذا بحدّ نفسه دليل قاطع في المقام ، إذ لو كانت البيعة فرضاً مسلّماً ، أفهل يعقل تهاونه وعدم مبالاته وقعوده ـ والعياذ بالله ـ عن الوظيفة الشرعيّة؟ أما يدلّ هذا على الاستنكار للوضع الموجود؟ أما يدلّ على مطالبته للحقّ ، وإعلانه عن عدم أحقّية خلافة أبي بكر؟

مضافاً إلى أنّهعليه‌السلام قد احتجّ بحديث الغدير في موارد ، منها يوم الشورى(١) ، وأيضاً أنّهعليه‌السلام خرج يحمل فاطمةعليها‌السلام على دابّة ليلاً في مجالس الأنصار ، تسألهم النصرة(٢) .

٢ ـ إنّهعليه‌السلام قد بيّن موارد اعتراضه بعد بسط يده في أيّام خلافته ، ويدلّ عليه ما ورد في الخطبة الشقشقية المعروفة(٣) ، من أنّ سكوته آنذاك لم يكن عن رضىً ، بل لمصلحة حفظ بيضة الإسلام عن التلف ، فهو في الواقع اعتراض صامت ، وقد فهمت الشيعة هذا منهعليه‌السلام بدلالة تلك الخطبة وغيرها ، والقرائن الحافّة بحياتهعليه‌السلام ، والروايات التي وردت من طريق أهل البيتعليهم‌السلام ، فلم تزل تصرّح باعتراضها لهذا الأمر منذ ذلك العهد حتّى الآن ، وهذا ليس بدافع الحبّ والولاء لأئمّتهمعليهم‌السلام فحسب ، بل هو أيضاً لبيان وإظهار انحراف المسيرة التاريخيّة للخلافة.

( كميل ـ عمان ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة )

ادعاء التواتر في فضلهم يحتاج إلى إثبات :

س : قد قرأت في أحد الكتب السنية رواية ، مفادها بأنّ النبيّ كان يحبّ أبا بكر وعمر ، ويقول الكاتب : بأنّ الرواية متواترة ، فماذا تقولون؟

____________

١ ـ مناقب الإمام علي : ١٣٨ ، شرح نهج البلاغة ٦ / ١٦٧.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ١٣ ، الإمامة والسياسة ١ / ٢٩.

٣ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ١٥١.

٤٢٩

ج : ادعاء التواتر شيء ، وإثباته شيء آخر ، ومعنى التواتر كما هو واضح لدى جميع المسلمين هو : اتفاق جماعة على خبر لا يحتمل تواطؤهم على الكذب ، وهذا يشترط في جميع طبقات الأسانيد ، يعني : كلّ طبقة في السند لابدّ أن تكون متواترة ، حتّى يصدق على الخبر أنّه متواتر.

فإثبات أنّ الخبر الفلاني متواتر عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ليس بهذه السهولة ، أضف إلى ذلك ، فإنّ علماء الرجال ألّفوا الكتب الكثيرة في الموضوعات ، وذكروا الكثير ممّا روي في فضائل أبي بكر وعمر وعثمان من الموضوعات ، فلا يمكن إثبات صحّتها ، فضلاً عن إثبات تواترها.

( خالد علي ـ الإمارات ـ سنّي )

تقدّموا على علي بلا استحقاق :

س : ما قولكم في الصحابة أبو بكر الصدّيق وعمر بن الخطّاب؟

ج : علينا أن نتّبع العقل وما يؤدّي إليه العقل ، بالاعتماد على الأدلّة ، فنقول : أصل الاختلاف بعد وفاة الرسول المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله في الإمامة والخلافة :

فقالت الشيعة : إنّ الإمامة بالنصّ ، حيث وردت نصوص قرآنية وأحاديث نبوية على إمامة عليعليه‌السلام كما في آية الولاية ، وآية التطهير ، وآية المباهلة ، وفي حديث الغدير ، وحديث الدار ، وحديث الولاية ، وحديث الثقلين ، وحديث الطير ، وحديث المنزلة.

وهذا هو أصل الاختلاف ، فالشيعة التي تقول : بأنّ الإمامة والخلافة بعد رسول الله بالنصّ ، يعني : نصّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على أنّ الخليفة بعده ، هو علي ابن أبي طالبعليه‌السلام ، فبالله عليك ماذا يكون حكم المتقدّم على أمير المؤمنين علي؟!

فعليك أن تبحث لتصل إلى حقيقة الأمر ، ولا ندعوك إلى اعتناق التشيّع ، وإنّما ندعوك للبحث والتحقيق في الأُمور ، ومن ثمّ الاعتقاد بما تتوصّل إليه ، بشرط أن تترك التعصّب ، وتنظر في الموروث بعين الإنصاف.

٤٣٠

وأختم كلامي بذكر حديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حيث قال لفاطمةعليها‌السلام : (فاطمة بضعة منّي ، فمن أغضبها أغضبني )(١) .

وقد استدلّ السهيلي بهذا الحديث على أنّ من سبّ فاطمة كفر ، لأنّه يغضبهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّها أفضل من الشيخين(٢) .

وروى البخاريّ : ( أنّ فاطمة غضبت على أبي بكر فهجرته ، فلم تزل مهاجرته حتّى توفّيت )(٣) .

وروى البخاريّ أيضاً : ( أنّ فاطمة وجدت على أبي بكر فهجرته ، فلم تكلّمه حتّى توفّيت )(٤) .

وروى الترمذيّ : ( أنّ فاطمة قالت لأبي بكر وعمر : والله لا أكلّمكما أبداً ، فماتت ولا تكلّمهما )(٥) .

وروى ابن قتيبة : ( فقال عمر لأبي بكر : انطلق بنا إلى فاطمة ، فإنّا قد أغضبناها ، فانطلقا جميعاً ، فاستأذنا على فاطمة ، فلم تأذن لهما ، فأتيا عليّاً فكلّماه ، فأدخلهما عليها ، فلمّا قعدا عندها ، حوّلت وجهها إلى الحائط ، فسلّما عليها ، فلم تردعليهما‌السلام فقالت : (أرأيتكما إن حدّثتكما حديثاً عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تعرفانه وتفعلان به )؟ قالا : نعم.

فقالت : (نشدتكما الله ، ألم تسمعا رسول الله يقول : رضا فاطمة من رضاي ، وسخط فاطمة من سخطي ، فمن أحبّ فاطمة ابنتي فقد أحبّني ، ومن

____________

١ ـ صحيح البخاريّ ٤ / ٢١٠ ، ذخائر العقبى : ٣٧ ، فتح الباري ٧ / ٦٣ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٥٢٦ ، الآحاد والمثاني ٥ / ٣٦١ ، نظم درر السمطين : ١٧٦ ، الجامع الصغير ٢ / ٢٠٨ ، كنز العمّال ١٢ / ١٠٨ و ١١٢ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٤٤٤ ، ينابيع المودّة ٢ / ٥٢ و ٧٣ و ٧٩ و ٩٧ و ٣٢٢.

٢ ـ فيض القدير ٤ / ٥٥٤.

٣ ـ صحيح البخاريّ ٤ / ٤٢.

٤ ـ المصدر السابق ٥ / ٨٢.

٥ ـ الجامع الكبير ٣ / ٢٥٥.

٤٣١

أرضى فاطمة فقد أرضاني ، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني )؟ قالا : نعم ، سمعناه من رسول الله ، قالت : ( فإنّي أشهد الله وملائكته أنّكما أسخطتماني ، وما أرضيتماني ، ولئن لقيت النبيّ لاشكونّكما إليه ).

فقال أبو بكر : أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة ، ثمّ انتحب أبو بكر يبكي حتّى كادت نفسه أن تزهق ، وهي تقول : (والله لأدعون الله عليك في كلّ صلاة أصليه ا ) ، ثمّ خرج باكياً ، فاجتمع إليه الناس ، فقال لهم : يبيت كلّ رجل منكم معانقاً حليلته ، مسروراً بأهله ، وتركتموني وما أنا فيه ، لا حاجة لي في بيعتكم ، أقيلوني بيعتي )(١) .

وقال الله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا ) (٢) .

( كُميل ـ الكويت ـ )

حول أُمّهاتهم :

س : بوركت جهودكم في دحض افتراءات ( القوم ) ، ووفّقكم الله دوماً وأبداً ، لنصرة أهل بيت النبوّة.

أمّا بعد ، أرجو من سماحتكم إدراج معلومات حول أُمّهات كلّ من الخلفاء الثلاثة ـ أبو بكر وعمر وعثمان ـ وأنسابهم من الكتب المعتمدة لدى أهل السنّة ، حتّى نكون على بيّنة من أشخاصهم.

ج : أمّا أبو بكر ، فأسرته لم تكن من الأُسر الشريفة في قريش ، قال ابن الأثير ـ في حديث أبي بكر والنسّابة : إنّك من زمعات قريش ـ : ( الزمعة بالتحريك : التلعة الصغيرة : أي لست من أشرافهم )(٤) .

____________

١ ـ الإمامة والسياسة ١ / ٣١.

٢ ـ الأحزاب : ٥٧.

٣ ـ النهاية في غريب الحديث والأثر ٢ / ٣١٣.

٤٣٢

وقال الجوهري : ( والزمع : رذال الناس وسفلتهم )(١) .

وفي شرح نهج البلاغة : ( لمّا بويع أبو بكر ، جاء أبو سفيان إلى علي ، فقال : أغلبكم على هذا الأمر أذلّ بيت من قريش وأقلّها )(٢) .

وفي شرح نهج البلاغة أيضاً : ( أنّ أبا بكر قال في الجاهلية لقيس بن عاصم المنقري : ما حملك على أن وأدت؟ قال : مخافة أن يخلف عليهن مثلك )(٣) .

وفي إلزام النواصب : ( أجمع أهل السير : أنّ أبا قحافة كان أجيراً لليهود يعلّم أولادهم ، وقد تعجّب أبوه ـ أبو قحافة ـ يوم بويع ابنه ـ أبو بكر ـ للخلافة ، فقال : كيف ارتضت الناس بابني مع حضور بني هاشم؟!

قالوا : لأنّه أكبر الصحابة سنّاً ، فقال : والله أنا أكبر منه )(٤)

وأمّا عمر : فقد قال ابن كثير : ( وكان الخطّاب والد عمر بن الخطّاب ، عمّه وأخاه لأُمّه ، وذلك لأنّ عمرو بن نفيل كان قد خلف على امرأة أبيه بعد أبيه ، وكان لها من نفيل أخوه الخطّاب )(٥) .

روي عن أنس أنّه قال : ( خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو غضبان ، فخطب الناس ، فقال : لا تسألوني عن شيء اليوم إلاّ أخبرتكم به ، ونحن نرى أنّ جبرائيل معه فقال عمر : يا رسول الله إنّا كنّا حديثي عهد بجاهلية ، فلا تبد علينا سوآتنا ، فاعف عنّا عفا الله عنك )(٦) .

وفي النهاية : ( في حديث خزيمة : كان عمر في الجاهلية مبرطشاً ، وهو السعي بين البائع والمشتري ، شبه الدلاّل )(٧) .

____________

١ ـ الصحاح ٣ / ١٢٢٦.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ٤٠.

٣ ـ المصدر السابق ١٣ / ١٧٧.

٤ ـ إلزام النواصب : ٩٧ نسخة خطّية.

٥ ـ السيرة النبويّة لابن كثير ١ / ١٥٣ ، البداية والنهاية ٢ / ٢٩٦.

٦ ـ مجمع الزوائد ٧ / ١٨٨ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤٣٨ ، مسند أبي يعلى ٦ / ٣٦١.

٧ ـ النهاية في غريب الحديث والأثر ١ / ١١٩.

٤٣٣

وفي الإصابة : ( خرج عمر من المسجد ومعه الجارود العبدي ، فإذا بامرأة برزت على ظهر الطريق ، فسلّم عليها عمر ، فردّت عليه وقالت : هيهاً يا عمر ، عهدتُك وأنت تسمّى عميراً في سوق عكّاظ ، تروّع الصبيان بعصاك ، فلم تذهب الأيّام حتّى سمّيت عمر!! ثمّ لم تذهب الأيّام حتّى سمّيت أمير المؤمنين!! فاتق الله في الرعية )(١) .

وروى هاشم بن محمّد بن السائب الكلبي ـ أحد علماء أهل السنّة ـ في كتابه المثالب ، قال : ( كانت صهاك أمة حبشية لهاشم بن عبد مناف ، ثمّ وقع عليها عبد العزّى بن رياح ، فجاءت بنفيل جدّ عمر بن الخطّاب )(٢) .

وروى الحافظ أبو نعيم عن الضحّاك قال : ( قال عمر : يا ليتني كنتُ كبش أهلي ، يسمّنوني ما بدا لهم ، حتّى إذا كنت أسمن ما أكون ، زارهم بعض من يحبّون ، فجعلوا بعضي شواء ، وبعضي قديداً ، ثمّ أكلوني ، فأخرجوني عذرة ، ولم أك بشراً )(٣) .

وأمّا عثمان : ( فروى مؤلّف كتاب إلزام النواصب ، عن هشام بن محمّد السائب الكلبي ، أنّه قال : ومّمن كان يلعب به ويُفتحل ، عفّان أبو عثمان )(٤) .

قال الشهرستاني : ( ووقعت في زمانه ـ عثمان ـ اختلافات كثيرة ، وأخذوا عليه أحداثاً كلّها محالة على بني أُمية.

منها : ردّه الحكم بن أُمية إلى المدينة ، بعد أن طرده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

ومنها : نفيه أبا ذر إلى الربذة ، وتزويجه مروان بن الحكم بنته ، وتسليمه خمس غنائم أفريقية له ، وقد بلغت مائتي ألف دينار.

____________

١ ـ الإصابة ٨ / ١١٥ ، تاريخ المدينة ٢ / ٣٩٤ و ٧٧٤.

٢ ـ الطرائف : ٤٦٩ عن المثالب.

٣ ـ حلية الأولياء ١ / ٨٨.

٤ ـ بحار الأنوار ٣١ / ٤٩٨ عن إلزام النواصب.

٤٣٤

ومنها : إيواؤه عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، وكان رضيعه ، بعد أن أهدر النبيّ دمّه ، وتوليته إيّاه مصر بأعماله )(١) .

( أبو حسن ـ السعودية ـ )

إنفاقهم الأموال في ميزان النقد العلميّ :

س : يحتجّ أبناء السنّة : بأنّ أبا بكر وعمر وعثمان أفضل من الإمام عليعليه‌السلام ، لأنّ أبا بكر قد تصدّق بكلّ ماله في سبيل الله ، ويروون أنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( ما نفعني مال مثل مال أبي بكر ) ، وأنّ عمر أنفق نصف ماله ، وعثمان أنفذ جيش العسرة ، فكيف نردّ على هذا الكلام؟

أرجو أن تكون الإجابة موثّقة حتّى يمكنني الرجوع للمصادر ، ولكم جزيل الشكر.

ج : إنّ الموارد التي ذكروها كمنقبة لأُولئك الثلاثة ، كلّها مردودة عقلاً ونقلاً ودلالةً ، فنقول توضيحاً :

١ ـ إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن محتاجاً إلى أموال أبي بكر ، إذ كان يكفله عمّه أبو طالبعليه‌السلام قبل زواجهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبعد تزويجه بخديجةعليها‌السلام كانت أموالها تحت يده تغنيه ، هذا كلّه قبل الهجرة.

وأمّا بعد الهجرة ، فغاية ما يدّعى : أنّ أبا بكر جاء بستة آلاف درهم ـ وهي جميع ما كانت عنده من المال ـ من مكّة إلى المدينة ، وما عساها أن تجدي نفعاً لو أنفقها كلّها؟ وما هي قيمتها تجاه مصارف الدولة والحكومة الإسلاميّة آنذاك؟

٢ ـ لو كان لأبي بكر هذه الأموال الطائلة ـ كما يقولون ـ أليس كان الأجدر به أن يصرف قسطاً منها لإغناء أو رفع فاقة أبيه ـ أبي قحافة ـ والذي

____________

١ ـ الملل والنحل ١ / ٢٦.

٤٣٥

كان أجيراً لعبد الله بن جدعان للنداء على طعامه.

وأيضاً لو كان له ما حسبوه من الثروة ، لما ردّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله إليه ثمن الراحلة التي قدّمها له ، ولم يكن ردّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إيّاها إلاّ لضعف حال أبي بكر من ناحية المال ، أو أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يرقه أن يكون لأحد عليه منّة.

٣ ـ متى كان إنفاق أبي بكر لثروته الطائلة على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله !!؟ وكيف أنفق ولم يره أحد ، ولا رواه راوٍ ، ولم يذكر التاريخ مورداً من موارد نفقاته؟ وقد حفظ له تقديم راحلة واحدة مع أخذ ثمنها من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٤ ـ إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام تصدّق بأربعة دراهم ليلاً ونهاراً ، وسرّاً وجهراً ، فنزلت آية في حقّه :( الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ) (١) ، وتصدّق بخاتمه ، فأنزل الله تعالى :( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ ) (٢) ، وأطعم هو وأهله مسكيناً ويتيماً وأسيراً ، فنزل في حقّهم :( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ ) (٣) .

ثمّ هل من المعقول أن ينفق أبو بكر بجميع ماله ، ولم يوجد له مع ذلك كلّه ذكر في القرآن؟! إلاّ أن يقال :( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) (٤) .

٥ ـ إنّ الروايات المنقولة في ثراء أبي بكر كلّها مفتعلة وموضوعة سنداً ، فمثلاً ترى أنّهم يروون عن عائشة أنّها كانت تفتخر بأموال أبيها في الجاهلية(٥) ، والحال أنّ عائشة لم تدرك العهد الجاهلي ، كيف وقد ولدت بعد المبعث بأربع أو خمس سنين(٦) ، وهكذا حال الأحاديث الأُخرى.

____________

١ ـ البقرة : ٢٧٤.

٢ ـ المائدة : ٥٥.

٣ ـ الإنسان : ٨.

٤ ـ المائدة : ٢٧.

٥ ـ ميزان الاعتدال ٣ / ٣٧٥ ، مجمع الزوائد ٤ / ٣١٧.

٦ ـ الإصابة ٨ / ٢٣١.

٤٣٦

٦ ـ هل يعقل أنّ أبا بكر وعمر كانا صاحبي ثروة ، وقد أخرجهما الجوع ذات ليلة في المدينة طلباً للطعام؟!(١) .

٧ ـ من أين جاء عمر بأموال تزيد على حاجته حتّى ينفق نصفها ، وهو كان في الجاهلية إمّا راعياً(٢) ، أو نخّاساً للحمير(٣) ، أو حمّالاً للحطب مع أبيه.

٨ ـ إنّ إنفاق عثمان على جيش العسرة ، أيضاً هو من المواضيع المختلقة عندهم ، إذ ذكره الرازيّ في تفسيره لآية( الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُون ) (٤) ، وذكره آخرون في تفسيرهم لآية( الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ) (٥) ، والحال أنّ هاتين الآيتين هما من سورة البقرة ، وهي أوّل سورة مدنية ، وقد نزلت قبل غزوة تبوك وجيشها ـ جيش العسرة الواقعة في شهر رجب سنة تسع ـ بعدّة سنين.

مضافاً إلى أنّ البيضاوي في تفسيره ، والزمخشري في كشّافه ، يؤكّدان نزول الآية الأخيرة في أبي بكر(٦) ، فكيف ينحلّ هذا التناقض؟

وهكذا الكلام في مكذوبة أبي يعلى الدالّة على إنفاق عثمان بعشرة آلاف دينار في غزوة ، إذ إنّ إسناده ضعيف جدّاً ، كما جاء في فتح الباري(٧) .

ثمّ إنّ رواياتهم ـ على تقدير التسليم ـ تدلّ على تجهيز عثمان مائتي راحلة في غزوة تبوك ، وكان جيش رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي خرج به يومئذٍ خمسة وعشرين

____________

١ ـ صحيح مسلم ٦ / ١١٦ ، مسند أبي يعلى ١١ / ٤١ ، صحيح ابن حبّان ١٢ / ١٦ ، الدرّ المنثور ٦ / ٣٨٩.

٢ ـ تاريخ المدينة ٢ / ٦٥٥.

٣ ـ الطرائف : ٤٦٨ ، عن نهاية الطلب للحنبلي.

٤ ـ البقرة : ٢٦٢ ، التفسير الكبير ٣ / ٤٠.

٥ ـ البقرة : ٢٧٤ ، الدرّ المنثور ١ / ٣٦٣ ، فتح القدير ١ / ٢٩٤.

٦ ـ أنوار التنزيل ١ / ١٤١ ، الكشّاف ١ / ٥٠٤.

٧ ـ فتح الباري ٥ / ٣٠٦ و ٧ / ٤٤.

٤٣٧

ألفاً غير الأتباع ، فما هي النسبة بين أُولئك المجاهدين وبين مائتي راحلة؟ ولماذا هذه المبالغة الكاذبة في كونه ـ أي عثمان ـ جهّز وأنفذ جيش العسرة؟

٩ ـ إنّ الإنفاق عمل قصدي ، فيشترط في صحّته نية القربة ، وليس مجرد صرف المال ، وفي المقام لا يوجد دليل نقلي معتدٌّ به على تأييد إعطائهم الأموال من آية محكمة أو حديث معتبر ، وكلّ ما في الأمر بعض الروايات الموضوعة والضعيفة والمتعارضة فيما بينها ، لا تغني ولا تسمن من جوع.

١٠ ـ الذي يقوى في النظر : أنّ هذه الأكاذيب كلّها قد وضعت في قبال فضائل أهل البيتعليهم‌السلام المسلّمة عند الكلّ ، ريثما يتوفّر لأُولئك الثلاثة وأشياعهم بعض الصلاحيات في تصدّيهم لأمر الأُمّة والإمامة.

( أحمد ـ ـ )

نفي ما يوهم تأييد الأئمّة لهم :

س : يقول الإمام الصادقعليه‌السلام لامرأة سألته عن أبي بكر وعمر : أتولاّهما؟ فقال : ( تولّيهما ) ، فقالت : فأقول لربّي إذا لقيته إنّك أمرتني بولايتهما؟! فقال لها : ( نعم )(١) .

وتعجّب رجل من أصحاب الإمام الباقر حين وصف الباقر أبا بكر بالصدّيق!! فقال الرجل : أتصفه بذلك؟! فقال الباقر : ( نعم الصدّيق ، فمن لم يقل له الصدّيق ، فلا صدّق الله له قولاً في الآخرة )(٢) ، ما رأيكم في هذا الكلام؟

ج : بالنسبة للحديث الأوّل فيلاحظ :

أنّ الحديث قد روي في نفس الكافي في موضعين(٣) ، ولكن بسند ضعيف ،

____________

١ ـ الكافي ٨ / ١٠١.

٢ ـ كشف الغمّة ٢ / ٣٦٠.

٣ ـ الكافي ٨ / ١٠١ و ٢٣٧.

٤٣٨

لورود معلّى بن محمّد فيه ، الذي ضعّفه النجاشيّ ، وابن الغضائريّ ، كما أشار إليه العلاّمة المجلسيّقدس‌سره في شرحه على الكافي(١) .

ثمّ مع فرض صحّة الحديث سنداً ، فلابأس في دلالته ، فهذه الرواية ونظائرها قد صدرت تقيّة ، كما يشير إليه فرض الرواية في صدرها ، فإنّ يوسف بن عمر الثقفي ـ وهو أحد طغاة بني أُمية ـ كان واقفاً على أخبار أُمّ خالد ، فأراد الإمامعليه‌السلام أن لا يثير حفيظة الظلمة ، الذين لا يرقبون في المؤمنين إلاً ولا ذمّة.

ويؤيّد ما ذكرنا أيضاً ، ورود اسم كثير النوا فيها ، الذي كان من وعّاظ السلاطين ، والمنحرفين القريبين من السلطة ، وله أفكار وأنصار.

نعم إنّ الإمامعليه‌السلام ، وفي نفس الوقت يعطي الرأي الصحيح في الموضوع ، من خلال ترجيحه لأبي بصير وردّه كثير النوا وأصحابه ، وحتّى أنّ العبارة المستشهد بها من كلامهعليه‌السلام في الرواية ، ليس فيها ما هو صريح على تأييد أبي بكر وعمر ، فإنّ هذه الفقرة هكذا : فسألته عنهما ، فقال لها : (تولّيهما ) ، قالت : فأقول لربّي إذا لقيته إنّك أمرتني بولايتهما؟ قال : (نعم ).

فإنّ كلمة ( تولّيهما ) يحتمل فيه وجه آخر ، وهو الترك ، من باب( نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى ) (٢) أي : نتركه وندعه مع ما أحبّه والتزم به ، أي أنّ الإمامعليه‌السلام قد استعمل التورية في استخدام هذه الكلمة ، فأراد معنىً صحيحاً ، وإن كانت توهم معنى آخر أيضاً.

وحتّى أنّ كلمة (نعم ) قد توهم بموافقة الإمامعليه‌السلام لكلام السائلة ، ولكن في نفس الوقت يمكن أن يردّ بأنّ كلمة (نعم ) تأتي لتأييد النفي كما للإثبات ، فإن كان مقصودهعليه‌السلام التأييد الحتمي ، كان ينبغي لهعليه‌السلام أن يستعمل كلمة ( بلى ) التي لا تدلّ إلاّ على الإقرار الإيجابي.

____________

١ ـ مرآة العقول ٢٥ / ٢٤٤.

٢ ـ النساء : ١١٥.

٤٣٩

وكيف ما كان ، وحتّى لو كانت المعاني المستعملة قد توهم شيئاً ، فإنّ الإمامعليه‌السلام وفي تتمّة الحديث نبّه بمراده في المقام بشكل دقيق ، بتأييده رأي أبي بصير ، علماً بأنّنا حتّى في فرض عدم ورود ذيل الرواية ، كنّا نحكم بصدورها تقيّة ـ لما ذكرناه من ظروف صدور الرواية ـ فلا يدلّ على مدّعى أهل السنّة بتاتاً.

وأمّا الحديث الثاني ، فيغنينا البحث عنه عدم إسناده في كشف الغمّة ، فلا يعلم سلسلة السند بعد عروة ، الذي هو راوي الحديث ، فالحديث مقطوع السند ، ولا يكون حجّة ، فنستغني عنه.

ولا يخفى على المتتبع : أنّ الأربلي ‎ ، وإن كان من علماء الشيعة ، ولكن جاء بأحاديث كثيرة من تراث العامّة في هذا الكتاب ، لا توجد لها أثر في مجامعنا الحديثية ، فيجب على الباحث أن يكون فطناً في تمييز الخطأ عن الصواب.

( محمّد الشوحة ـ الأردن ـ سنّي ـ ٢٦ سنة ـ طالب جامعة )

لا توجد لهم فضائل في كتبنا :

س : وبعد ، إنّ في كتب أهل السنّة التاريخيّة والعقائديّة ، وكتب الصحاح ، الكثير من الأحاديث الدالّة على فضل ومكانة الإمام علي وعلو شأنه.

والسؤال : هل في كتب الشيعة التاريخيّة أو الدينية ، مثل أُصول الكافي والتهذيب والاستبصار ما يدلّ ولو بشكل بسيط ، أو أيّ إشارة إلى مكانة أبي بكر ، وعمر بن الخطّاب ، علماً بأنّهما كانا من السبّاقين لرفع راية الإسلام ، وكانا من الملازمين للرسول الأعظم.

وبتسليم أنّ الأئمّة الاثني عشر كانوا يعلمون بالأُمور المستقبلية ، فالأولى أنّ النبيّ كان على علم بالأُمور المستقبلية ، فكيف يضع ثقته وصحبته بأُناس

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

معنى قول الله عزّ وجلّ :( وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي ) (١) ، كيف يجوز أن يكون كليم الله موسى بن عمرانعليه‌السلام لا يعلم أنّ الله ـ تعالى ذكره ـ لا يجوز عليه الرؤية ، حتّى يسأله هذا السؤال؟

فقال الإمام الرضاعليه‌السلام : ( إنّ كليم الله موسى بن عمرانعليه‌السلام علم أنّ الله تعالى عن أن يُرى بالأبصار ، ولكنّه لما كلّمه الله عزّ وجلّ وقرّبه نجيّاً ، رجع إلى قومه فأخبرهم : أنّ الله عزّ وجلّ كلّمه وقرّبه وناجاه.

فقالوا : لن نؤمن لك حتّى نسمع كلامه كما سمعت ، وكان القوم سبعمائة ألف رجل ، فاختار منهم سبعين ألفاً ، ثمّ اختار منهم سبعة آلاف ، ثمّ اختار منهم سبعمائة ، ثمّ اختار منهم سبعين رجلاً لميقات ربّه ، فخرج بهم إلى طور سينا ، فأقامهم في سفح الجبل ، وصعد موسىعليه‌السلام إلى الطور ، وسأل الله تبارك وتعالى أن يكلّمه ويسمعهم كلامه ، فكلّمه الله تعالى ذكره ، وسمعوا كلامه من فوق وأسفل ، ويمين وشمال ، ووراء وأمام ؛ لأنّ الله عزّ وجلّ أحدَثه في الشجرة ، ثمّ جعله منبعثاً منها حتّى سمعوه من جميع الوجوه.

فقالوا : لن نؤمن لك بأنّ هذا الذي سمعناه كلامَ الله ، حتّى نرى الله جهرةً ، فلمّا قالوا هذا القول العظيم واستكبروا وعتوا ، بعث الله عزّ وجلّ عليهم صاعقةً فأخذتهم بظلمهم فماتوا.

فقال موسىعليه‌السلام : يا ربّ ، ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعتُ إليهم ، وقالوا : إنّك ذهبت بهم فقتلتهم ؛ لأنّك لم تكن صادقاً فيما ادّعيت من مناجاة الله إيّاك ، فأحياهم الله وبعثهم معه ، فقالوا : إنّك لو سألت الله أن يريك أن تنظر إليه لأجابك ، وكنت تخبرنا كيف هو ، فنعرفه حقّ معرفته.

فقال موسىعليه‌السلام : يا قوم إنّ الله لا يُرى بالأبصار ، ولا كيفية له ، وإنّما يعرف بآياته ويعلم بأعلامه ، فقالوا : لن نؤمن لك حتّى تسأله.

____________

١ ـ الأعراف : ١٤٣.

٥٢١

فقال موسى عليه‌السلام : يا ربّ ، إنّك قد سمعت مقالة بني إسرائيل ، وأنت أعلم بصلاحهم ، فأوحى الله جلّ جلاله إليه : يا موسى ، اسألني ما سألوك ، فلن أُؤاخذك بجهلهم ، فعند ذلك قال موسى عليه‌السلام : ( ربّ أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقرَّ مكانه ـ وهو يهوي ـ فسوف تراني ، فلمّا تجلّى ربّه للجبل ـ بآية من آياته ـ جعله دكّاً وخرَّ موسى صعقاً ، فلمّا أفاق قال : سبحانك تُبت إليك ـ يقول : رجعت إلى معرفتي بك عن جهل قومي ـ وأنا أوّل المؤمنين منهم بأنّك لا تُرى ).

فقال المأمون : لله درّك يا أبا الحسن ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة(١) .

وأمّا بالنسبة إلى تجلّي الله عزّ وجلّ للجبل ، فإنّ ظاهر الآية أنّه سبحانه تجلّى للجبل ، وهو لم يتحمّل تجلّيه ، لا أنّه رآه وشاهده.

( أبو علي ـ الجزائر ـ )

التي طلبها موسى :

س : من أيّ قسم كانت الرؤية التي طلبها سيّدنا موسىعليه‌السلام ؟ إذا كان الجواب هو الرؤية البصرية ، فهل سيّدنا موسىعليه‌السلام ـ الذي هو من أولي العزم من الأنبياء ، على علوّ مرتبته وصفاء نفسه ـ لم يكن حاصلاً على هذه الرؤية قبل طلبها؟

وإذا كان الجواب هو الرؤية القلبية ، فلماذا كان جواب الله تعالى باستحالة الرؤية ، مع أنّها متيسّرة للمؤمنين الخلّص فضلاً عن الأنبياء؟

ملاحظة : هذا الأشكال واجهني ، وأنا أبحث مسألة الرؤية ، أرجو أن نتعاون على فكّه.

ج : الرؤية التي طلبها نبيّ الله موسىعليه‌السلام من الله تعالى ، هي الرؤية الحسّية

____________

١ ـ التوحيد : ١٢١.

٥٢٢

البصرية ، لا الرؤية المعنوية القلبية ، ولهذا أجابه الله عزّ وجلّ باستحالة هذه الرؤية الحسّية البصرية بقوله :( لَن تَرَانِي ) (١) .

والسبب الذي دعا موسىعليه‌السلام أن يطلب هذه الرؤية ـ مع علمه واعتقاده بعدم رؤية الله تعالى في الدنيا والآخرة ، لأنّه يلزم منه التجسيم في حقّ الله تعالى ، ومن ثمّ المحدودية والتناهي ، وهذه كلّها من ملازمات الممكن ، والله واجب الوجود وليس بممكن ـ هو بضغط من قومه ، ولم يكن بدافع من نفس موسىعليه‌السلام ، بدليل قوله تعالى عن لسان قوم موسى :( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً ) (٢) .

( خالد ـ الكويت ـ ٣٥ سنة ـ مهندس )

في المنام أيضاً غير ممكنة :

س : أتوجّه بسؤالي إلى مكتبكم الموقّر ، بخصوص رؤية الباري تعالى في المنام ، حيث إنّ كثيراً ما يخبرني بعض المقرّبين برؤيتهم ، مثل هذه الرؤى ، فقد يرونه نوراً أو رجلاً مهيباً ، فهل هذه رؤى؟ أم هي من الأحلام؟ وكيف يكون للشيطان مدخلاً في هذا الأمر؟

علماً بأنّ رؤية الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يتدخّل فيها الشيطان ، فكيف بالخالق سبحانه؟ وهل هذه الرؤى من الرؤى القلبية؟

ج : لا معنى لرؤية الله تعالى في اليقظة أو في المنام ، فإنّ الدليل العقلي والنقلي قائم بعدم إمكان رؤيته من الأساس ، كما هو مقرّر في محلّه.

وأمّا إخبار البعض بحصول هكذا أحلام ، فإن صحّ الخبر ـ بحيث يعتمد عليه ويركن إليه ـ فهو من باب انعكاس عالم التخيّل عند الفرد ، فلا حقيقة له بتاتاً.

____________

١ ـ الأعراف : ١٤٣.

٢ ـ البقرة : ٥٥.

٥٢٣

خصوصاً أنّ الأجواء التي يعيش فيها الإنسان قد تؤثّر في خلق الصور الخيالية الموهومة عنده.

ويحتمل أنّ بعض المبتلين بهذه التوهّمات قد قرؤوا أو سمعوا مقالات باطلة من بعض مجسّمة العصر ـ السلفيّة والوهابيّة ـ حول إمكان الرؤية ، فحصلت لهم هذه التخيّلات الفاسدة.

ثمّ لا ينكر دور الشيطان في المقام ؛ ولا يقاس بعدم إمكان تمثّله بصورة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ إذ أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إنسان مخلوق ، فقد يتوهّم أحد أنّ الشيطان يتمكّن أن يظهر في صورة وهيئة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فنفاهصلى‌الله‌عليه‌وآله بهذا الحديث ـ على أنّ الرواية المشار إليها قابلة للنقاش السندي والدلالي ، ولكن لا يسعنا التطرّق إليه في هذا المختصر ـ فبما أنّ الأمر كان ملتبّساً ، رفع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله هذا الالتباس ، ودفع هذه الشبهة.

وبعبارة مختصرة : فإنّ الأمر في المقام كان لا يحتاج كثيراً إلى رفع الإبهام والشبهة ، فإنّ العقل بوحده يكفي في ردّها ؛ فاعتماداً على قدرة العقل لم ترد في المقام نصوص تنفي وتحذّر من مكر الشيطان.

وإلاّ ، فإنّ المقام أيضاً هو مرتع الشيطان يلعب ويعبث بعقيدة المؤمن الساذج ، كما تبنى هذا الدور بعضهم في عصرنا ، وقال : بجواز الرؤية فضل وأضل ، أعاذنا الله وإيّاكم من الفتن.

( علي موسى ـ البحرين ـ ٢٣ سنة ـ طالب )

ممتنعة للكتاب والسنّة والعقل :

س : ما الأدلّة العقلية ، ومن القرآن والسنّة أنّ الله سبحانه لا يرى لا في الدنيا ولا في الآخرة بالتفصيل ، حتّى نردّ الشبهات؟ اشرحوا لنا ( وَيَبْقَى وَجْهُ

٥٢٤

رَبِّكَ) (١) ، وعن التركيب وما شابه؟

ج : الأدلّة على امتناع رؤية الباري تعالى في الدنيا والآخرة من القرآن والسنّة والعقل كثيرة.

فمن القرآن :

١ ـ قوله تعالى :( لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ ) (٢) .

٢ ـ قوله تعالى :( وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ) (٣) .

٣ ـ قوله تعالى :( قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي ) (٤) .

ومن السنّة :

١ ـ عن الإمام الباقرعليه‌السلام : (لم تره العيون بمشاهدة العيان ، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان ، لا يعرف بالقياس ، ولا يدرك بالحواس ، ولا يشبه بالناس )(٥) .

٢ ـ عن الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام : (ويلك لا تدركه العيون في مشاهدة الأبصار ، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان )(٦) .

٣ ـ عن الإمام الصادقعليه‌السلام : (إنّ الله عظيم رفيع ، لا يقدر العباد على صفته ، ولا يبلغون كنه عظمته ، ولا تدركه الأبصار ، وهو يدرك الأبصار )(٧) .

٤ ـ عن الإمام الرضاعليه‌السلام عن قول الله تعالى :( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا

____________

١ ـ الرحمن : ٢٧.

٢ ـ الأنعام : ١٠٣.

٣ ـ طه : ١١٠.

٤ ـ الأعراف : ١٤٣.

٥ ـ التوحيد : ١٠٨.

٦ ـ المصدر السابق : ١٠٩.

٧ ـ المصدر السابق : ١١٥.

٥٢٥

نَاظِرَةٌ ) (١) : (يعني مشرقة تنظر ثواب ربّها )(٢) .

ومن العقل :

قد اقتضت الضرورة العقلية على أنّ الأبصار بالعين متوقّف على حصول المقابلة بين العين والمرئى ، أو حكم المقابلة ، كما في رؤية الصور في المرآة ؛ وعليه ، فلا يمكن تحقّق الرؤية فيما إذا تنزّه الشيء عن المقابلة ، أو الحلول في المقابلة ، وقد ثبت مسبقاً أنّ المولى عزّ وجلّ ليس بجسم ولا جسماني ، ولا في جهة ، والرؤية فرع كون الشيء في جهة خاصّة.

والمقصود من الوجه الذي نسب إلى الحقّ تعالى في الآية هو ذاته سبحانه ، لا العضو الخاصّ الموجود في جسم الإنسان وما يشابهه ؛ فالقرآن عندما يتحدّث عن هلاك ما سوى الله وفنائه ، يقول :( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ) (٣) .

ثمّ يخبر عقيب ذلك مباشرة عن بقاء الذات الإلهيّة ودوامها ، وأنّه لا سبيل للفناء إليها ، فيقول :( وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ ) (٤) .

والتركيب قد يكون عقلياً ، وهو التركيب من الجنس والفصل ، وقد يكون خارجياً كتركيب الجسم من المادّة والصورة ، وتركيب المقادير وغيرها ، والجميع منتف عن الواجب تعالى ، لاشتراك المركبات في افتقارها إلى الأجزاء ، فلا جنس له ولا فصل له ، ولا غيرهما من الأجزاء الحسّية والعقليّة.

____________

١ ـ القيامة : ٢٢ ـ ٢٣.

٢ ـ التوحيد : ١١٦.

٣ ـ الرحمن : ٢٦.

٤ ـ الرحمن : ٢٧.

٥٢٦

الرجعة :

( عبد الحميد عيد ـ البحرين ـ )

مفهومها ووقوعها :

س : ما هو مفهوم الرجعة؟ وفي أيّ زمن تحصل؟

ج : إنّ مفهوم الرجعة هو : رجوع جماعة من الأموات إلى الحياة الدنيوية قبل يوم القيامة في صورتهم التي كانوا عليها ، وذلك عند قيام الإمام المهديّعليه‌السلام وبعده.

ولا يرجع إلاّ من علت درجته في الإيمان ، أو من بلغ الغاية في الفساد ، ثمّ يصيرون بعد ذلك إلى النشور ، وما يستحقّونه من الثواب والعقاب.

وأهمّ ما استدلّت به الشيعة الإمامية على إمكان الرجعة ، هو الأحاديث الكثيرة المتواترة عن النبيّ والأئمّةعليهم‌السلام ـ المروية في الكتب المعتمدة ـ وإجماع الطائفة المحقّة على ثبوتها ، حتّى أصبحت من ضروريات مذهب الإمامية ، كما استدلّوا أيضاً بالآيات القرآنيّة الدالّة على وقوعها في الأُمم السابقة ، أو الدالّة على وقوعها في المستقبل ، إمّا نصّاً صريحاً ، أو بمعونة الأحاديث المعتمدة الواردة في تفسيرها.

ثمّ لا يخفى عليك ، أنّ القول بالرجعة ليس من مختصّات الشيعة ، فإنّ الجميع يؤمنون برجعة السيّد المسيحعليه‌السلام في آخر الزمان.

( السيّد محمّد البحرانيّ ـ البحرين ـ ٤١ سنة ـ طالب جامعة )

لجميع الناس أو بعضهم :

س : ما هي حقيقة الرجعة؟ مِن العلماء مَن يقر هذا الاعتقاد ومنهم من ينفيه

٥٢٧

ويدحضه وأدلّته على مدعاه؟ والحقائق المرتبطة بالرجعة؟

ج : إنّ الرجعة بمعناها الاصطلاحيّ ، هي الرجوع إلى الدنيا ، ويدلّ عليها بعض الآيات القرآنيّة والنصوص المستفيضة من أهل البيتعليهم‌السلام ، وأصل هذا الاعتقاد من ضروريات المذهب الجعفريّ ، وإن اختلف في حوزة شموله ، فمنهم من يقول بالرجعة لجميع الناس ، ومنهم من يحصرها في عدد معيّن ؛ ثمّ إنّ هناك اختلافاً بالنسبة إلى هؤلاء المتعينيّن مع الاتفاق في موارد.

وأمّا بدء هذه الحركة ، فهو في زمن الإمام الحجّةعليه‌السلام ، ويمتدّ إلى ما بعد أيّامه ، هذا هو المقدار المتيقّن في المسألة ، وفي هذا المجال أقوال وكلمات للعلماء لا يسعنا ذكر تفاصيلها.

( علي المؤمن ـ السعودية ـ )

إثباتها من الكتاب والسنّة :

س : لقد أوضحتم جزاكم الله مفهوم الرجعة من خلال بعض الإجابات ، لكن السؤال : كيف أثبت الرجعة من خلال آيات القرآن الكريم والسنّة؟ شاكراً لكم.

ج : قال السيّد المرتضىقدس‌سره : ( اعلم أنّ الذي يقوله الإمامية في الرجعة لا خلاف بين المسلمين ـ بل بين الموحّدين ـ في جوازه ، وأنّه مقدور لله تعالى.

وإنّما الخلاف بينهم : في أنّه يوجد لا محالة ، أو ليس كذلك ، ولا يخالف في صحّة رجعة الأموات إلاّ ملحد وخارج عن أقوال أهل التوحيد ، لأنّ الله تعالى قادر على إيجاد الجواهر بعد إعدامها ، وإذا كان عليها قادراً جاز أن يوجدها متى شاء )(١) .

وقال الآلوسي : ( وكون الإحياء بعد الإماتة ، والإرجاع إلى الدنيا من

____________

١ ـ رسائل المرتضى ٣ / ١٣٥.

٥٢٨

الأُمور المقدورة له عزّ وجلّ ، ممّا لا ينتطح فيه كبشان ، إلاّ أنّ الكلام في وقوعه )(١) .

فإذا كان إمكان الرجعة أمراً مسلّماً به عند جميع المسلمين ، فلماذا الشكّ والاستغراب لوقوع الرجعة؟! ولماذا التشنيع والنبز بمن يعتقد بها ، لورود الأخبار الصحيحة المتواترة عن أئمّة الهدىعليهم‌السلام بوقوعها؟

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (لتركبن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر ، وذراعاً بذراع ، حتّى لو أنّ أحدهم دخل حجر ضب لدخلتم )(٢) .

وقال تعالى :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ) (٣) .

فجميع الروايات الواردة في تفسير هذه الآية المباركة ، تدلّ على أنّ هؤلاء ماتوا مدّة طويلة ، ثمّ أحياهم الله تعالى ، فرجعوا إلى الدنيا ، وعاشوا مدّة طويلة.

فإذا كانت الرجعة قد حدثت في الأزمنة الغابرة ، فلم لا يجوز حدوثها في آخر الزمان :( سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً ) (٤) .

وقال تعالى :( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ ) (٥) .

____________

١ ـ روح المعاني ١٠ / ٢٣٧.

٢ ـ مسند أحمد ٢ / ٥١١ ، صحيح البخاريّ ٨ / ١٥١ ، المستدرك ٤ / ٤٥٥ ، مجمع الزوائد ٧ / ٢٦١ ، مسند أبي داود : ٢٨٩ ، كتاب السنّة : ٣٦ ، المعجم الكبير ٦ / ١٨٦ ، شرح نهج البلاغة ٩ / ٢٨٦.

٣ ـ البقرة : ٢٤٣.

٤ ـ الأحزاب : ٦٢.

٥ ـ البقرة : ٢٥٩.

٥٢٩

لقد اختلفت الروايات والتفاسير في تحديد هذا الذي مرّ على قرية ، لكنّها متّفقة على أنّه مات مائة عام ، ورجع إلى الدنيا وبقي فيها ، ثمّ مات بأجله ، فهذه رجعة إلى الحياة الدنيا.

وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (لتركبن سنن من كان قبلكم ).

هذا ، وروي عن أبي بصير أنّه قال : قال لي أبو جعفرعليه‌السلام : ( ينكر أهل العراق الرجعة )؟ قلت : نعم ، قال : أمّا يقرؤون القرآن( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا ) ؟(١) .

وروي عن حمّاد ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : ما يقول الناس في هذه الآية :( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا ) ؟ قلت : يقولون : إنّها في القيامة.

قالعليه‌السلام : ليس كما يقولون ، إنّ ذلك الرجعة ، أيحشر الله في القيامة من كلّ أُمّة فوجاً ويدع الباقين؟! إنّما آية القيامة قوله :( وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ) (٢) .

ويمكن أن يتجلّى لنا الهدف من هذا الأمر الخارق الذي أخبر عنه أئمّة الهدىعليهم‌السلام ، إذا عرفنا أنّ العدل الإلهيّ واسع سعة الرحمة الإلهيّة ، ومطلق لا يحدّه زمان ولا مكان ، وأنّه أصيل على أحداث الماضي والحاضر والمستقبل ، والرجعة نموذج رائع لتطبيق العدالة الإلهيّة ، ذلك لأنّها تعني أنّ الله تعالى يعيد قوماً من الأموات ممّن محّض الإيمان محضاً ، أو محّض الكفر محضاً ، فيديل المحقّين من المبطلين عند قيام المهديّعليه‌السلام .

وفي الختام : نشير إلى أنّ الشيخ الحرّ العامليّقدس‌سره أورد في الباب الثاني من كتابه ( الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة ) اثني عشر دليلاً على صحّة الاعتقاد بالرجعة ، وأهمّ ما استدلّ به الإمامية على ذلك : هو الأحاديث الكثيرة المتواترة علن النبيّ والأئمّةعليهم‌السلام ـ المروية في الكتب المعتمدة ـ وإجماع الطائفة

____________

١ ـ النمل : ٨٣ ، مختصر بصائر الدرجات : ٢٥.

٢ ـ الكهف : ٤٧ ، مختصر بصائر الدرجات : ٤١.

٥٣٠

المحقّة على ثبوت الرجعة ، حتّى أصبحت من ضروريات مذهب الإمامية.

( حسين العلوي ـ ـ )

نسيان الكافر فيها لعالم البرزخ :

س : هل أنّ أُولئك الأفراد الذين محّضوا الكفر محضاً ، هل مرّوا بعالم البرزخ؟ إذا كانت الإجابة نعم ، هل يتذكّرون ذلك العالم عند بعثهم مرّة أُخرى؟ وإذا كانت الإجابة نعم ، ألا يؤثّر ذلك فيهم؟

خالص شكري لكم ، ودمتم للإسلام ولآل البيت مصباحاً تنيرون به طريق الحقّ.

ج : من الممكن أن يكون هؤلاء وغيرهم قد مرّوا بعالم البرزخ ، ورأوا ما وعدهم الله من سوء المنقلب ، ومن العذاب وعاقبة كفرهم ، إلاّ أنّ هؤلاء لم يتذكّروا عالم البرزخ ، ولم يبق شيء في ذاكرتهم ممّا رأوه ، لذا فإنّ النشأة السابقة التي مرّ بها الإنسان لا يمكن تذكّرها ، كنشأة عالم الجنين ، وما مرّ به الجنين من أطوارٍ ومراحل ، هذا حال جميع الخلق الذين يمرّون بنشأة قبل خلقهم ، فهم لا يتذكّرون منها شيئاً ، كما أن الكفّار لا يتذكّرون من عوالمهم البرزخية شيئاً ، ودليل ذلك قوله تعالى :( قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ) (١) .

مع أنّهم لبثوا أحقاباً وهم لا يتذكّرون كم لبثوا ، ولو تأمّلنا في حال النائم ، فهو لا يتذكّر كم نامَ ، وفي أيّ نشأةٍ كان ، وبأيّ الأحوال مرّ ، وقس كلّ ذلك حال الكفّار ، وقد مروا بعالم البرزخ.

ومن الممكن أيضاً ـ وهو الأقرب والأصحّ ـ أنّ هؤلاء قد محضوا الكفر والنفاق فلا يرجعون عن غيّهم حتى ولو رأوا العذاب ومرّوا به ، وقد قال تعالى :( وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ

____________

١ ـ الكهف : ١٩.

٥٣١

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ ) (١) .

( ـ ـ )

رواياتها تنصّ على رجعة النبيّ وآله :

س : هل رواية أنّ جزاء الحسين الدنيوي ، هو حكمه الطويل في زمن الرجعة؟ هل تحكم فيه كلّ الأئمّة أم إمام دون آخر؟ وماذا عن رسول الله؟

ج : الرجعة تعدّ واحدة من أُمور الغيب ، واستدلّ الإمامية على صحّة الاعتقاد بالرجعة بالأحاديث الصحيحة المتواترة عن النبيّ وآله المعصومينعليهم‌السلام ـ المروية في المصادر المعتبرة ـ فضلاً عن إجماع الطائفة المحقّة على ثبوت الرجعة ، حتّى أصبحت من ضروريات المذهب.

كما واستدلّ الشيعة على إمكان الرجعة بالآيات القرآنيّة ، الدالّة على رجوع أقوام من الأُمم السابقة إلى الحياة الدنيا ، رغم خروجهم من عالم الأحياء إلى عالم الموتى ، كالذين خرجوا من ديارهم حذر الموت وهم ألوف ، والذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها ، والذين أخذتهم الصاعقة ، وأصحاب الكهف ، وذي القرنين ، وغيرهم.

واستدلّ الشيعة على وقوع الرجعة في المستقبل ، بقوله تعالى :( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا ) (٢) الدال على الحشر الخاصّ قبل يوم القيامة.

ومن حصيلة مجموع الروايات الواردة في الرجعة نلاحظ : أنّها تنصّ على رجعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأمير المؤمنينعليه‌السلام ، والإمام الحسينعليه‌السلام ، وكذلك باقي الأئمّة والأنبياءعليهم‌السلام ، وتنصّ كذلك على رجعة عدد من أنصار الإمام المهديّعليه‌السلام ، وبعض أصحاب الأئمّة ، ومن جانب آخر تنصّ على رجعة الظالمين ،

____________

١ ـ الأنعام : ٢٧ ـ ٢٨.

٢ ـ النمل : ٨٣.

٥٣٢

وأعداء الله ورسوله وأهل بيتهعليهم‌السلام .

قال السيّد عبد الله شبر : ( يجب الإيمان بأصل الرجعة إجمالاً ، وأن بعض المؤمنين وبعض الكفّار يرجعون إلى الدنيا ، وإيكال تفاصيلها إليهمعليهم‌السلام ، والأحاديث في رجعة أمير المؤمنين والحسينعليهما‌السلام متواترة معنى ، وفي باقي الأئمّة قريبة من التواتر ، وكيفية رجوعهم ، هل هو على الترتيب أو غيره؟ فكلّ علمه إلى الله سبحانه وإلى أوليائه ).

( أبو أحمد البحرانيّ ـ البحرين ـ ٣١ سنة ـ طالب علم )

كيفية حكم الأئمّة بعدها :

س : هلاّ بيّنتم لنا عن كيفية حكم الأئمّةعليهم‌السلام بعد الرجعة؟ فهل تكون على سبيل المثال الحاكمية للإمام الحسينعليه‌السلام حين يرجع؟ أم تكون للمهدي المنتظرعليه‌السلام ؟ خصوصاً بعد دلالة الروايات على أنّه أوّل من يرجع من الأئمّةعليهم‌السلام .

وهل أنّ البشرية بعد حاكمية دولة الحقّ تنقى من شوائب الإجرام إلى قيام الساعة؟ أم أنّ بعض الناس ينقلبون على الحقّ ويتّبعون الباطل؟

ج : من خلال مراجعة بعض الروايات يتّضح أنّ أوّل من يحكم هو الإمام المنتظرعليه‌السلام ، ثمّ بعد ذلك الإمام الحسينعليه‌السلام ، فعن الإمام الصادقعليه‌السلام حينما سئل عن الرجعة أحقّ هي؟ قال : ( نعم ) ، فقيل له : من أوّل من يخرج؟ قال : ( الحسينعليه‌السلام يخرج عن أثر القائم ) ، قلت : ومعه الناس كلّهم؟ قال : ( لا ، بل كما ذكر الله في كتابه :( يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا ) (١) قوم بعد قوم ، ويقبل الحسينعليه‌السلام في أصحابه الذين قُتلوا معه ، ومعه سبعون نبيّاً ، كما بعثوا مع موسى بن عمرانعليه‌السلام ، فيدفع إليه القائم الخاتم ، فيكون الحسينعليه‌السلام هو الذي يلي غسله وكفنه وحنوطه ، ويواريه في حفرته )(٢) .

____________

١ ـ النبأ : ١٨.

٢ ـ مختصر بصائر الدرجات : ٤٨.

٥٣٣

ثمّ إنّ بعض الروايات تشير إلى أنّ النبيّ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله يقتل إبليس ، فيكون بقتله هلاك جميع أشياعه ، فعند ذلك يعبد الله تعالى ولا يشرك به شيئاً ، أمّا قبل ذلك في زمن الإمام المهديّعليه‌السلام فالخلق سوف لا يكونون معصومين ، وليس جميعهم عدولاً ، لكن الإمام يحكم بينهم بالعدل ، ويأخذ للمظلوم حقّه من الظالم.

٥٣٤

رزية يوم الخميس :

( محمّد ـ قطر ـ )

لم يكتب النبيّ بعدها كتاباً :

س : نشكر لكم هذه الجهود لنشر معالم أهل البيتعليهم‌السلام ، ووفّقكم الله لكلّ خير.

سؤالي هو عن رزية يوم الخميس ، الكلّ يعلم بأنّ الرزية حدثت يوم الخميس ، والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حسب علميّ توفّى يوم الاثنين ، فلماذا لم يكتب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وصيّته في هذه المدّة؟ ولكم منّي كلّ شكر وامتنان على ما تقدّموه.

ج : إنّما عدل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الكتابة ، لأنّ كلمة عمر بن الخطّاب : ( إنّ الرجل ليهجر ، أو ليهذي ، أو قد غلب عليه الوجع ، وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله ) ، واتفاق كلمة أكثر الحاضرين على ما قاله عمر ـ هذه الكلمة التي فاجأت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ اضطرّته إلى العدول عن الكتابة ، إذ لم يبق بعدها أثر لكتابة الكتاب سوى الفتنة والاختلاف من بعده ، في أنّه هل هجر فيما كتبه ـ والعياذ بالله ـ أو لم يهجر ، كما اختلفوا في ذلك وأكثروا اللغو واللغط نصب عينيّه ، فلم يتسنّ له يومئذ أكثر من قوله لهم : (قوموا عنّي )(١) .

____________

١ ـ مسند أحمد ١ / ٣٢٥ ، صحيح البخاريّ ١ / ٣٧ و ٨ / ١٦١ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٤ / ٣٦ ، شرح نهج البلاغة ١٢ / ٨٧ ، الإحكام في أُصول الأحكام لابن حزم ٧ / ٩٨٤ ، الطبقات الكبرى ٢ / ٢٤٤ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٧١ ، الشفا بتعريف حقوق المصطفى ٢ / ١٩٢ ، السيرة النبويّة لابن كثير ٤ / ٤٩٩.

٥٣٥

ولو أصرّ فكتب الكتاب للجّوا في قولهم هجر ، ولأوغل أشياعهم في إثبات هجره ـ والعياذ بالله ـ فسطّروا به أساطيرهم ، وملأوا طواميرهم ردّاً على ذلك الكتاب ، وعلى من يحتجّ به.

لهذا اقتضت حكمته البالغة أن يضربصلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذلك الكتاب صفحاً ، لئلا يفتح هؤلاء المعارضون وأولياؤهم باباً إلى الطعن في النبوّة ـ نعوذ بالله وبه نستجير ـ وقد رأىصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ عليّاً وأولياءه خاضعون لمضمون ذلك الكتاب ـ سواء عليهم كتب أم لم يكتب ـ وغيرهم لا يعمل به ، ولا يعتبره حتّى لو كتب ، فالحكمة ـ والحال هذه ـ توجب تركه ، إذ لا أثر له بعد تلك المعارضة سوى الفتنة ، كما لا يخفى.

( أبو الزين ـ الأردن ـ )

قول بعضهم للإمام السجّاد : أنّه ليهجر :

س : بعد السلام والتحية أحتجّ الأخوة الأشاعرة بما يشابه حديث الرزية عندهم ، في ختام نشرة وزّعوها حول موضوع الرزية ، قال الكاتب : ملاحظة هذه رواية روتها كتب الشيعة الإمامية في حقّ أحد الأئمّة ، وهو معصوم عندهم ، لا فرق بينه وبين النبيّ إلاّ بالإيحاء :

قال ابن طاووس شرف العترة وركن الإسلام في كتابه فرج المهموم : ( ومن ذلك في دلائل علي بن الحسينعليهما‌السلام ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر بن رستم ، قال : حضر علي بن الحسين الموت ، فقال لولده : ( يا محمّد أيّ ليلة هذه )؟ ثمّ دعا بوضوء فجيء به ، فقال : ( إنّ فيه فارة ) ، فقال بعض القوم : أنّه ليهجر ، فجاءوا بالمصباح ) (١) .

ج : يلاحظ أوّلاً : أنّ الحديث المذكور مع اشتماله على هذه الصيغة ـ ليهجرـ

____________

١ ـ فرج المهموم : ٢٢٨.

٥٣٦

قد ورد فقط في كتاب فرج المهموم بسند غير واضح ، وعليه فلا دليل على اعتباره مطلقاً.

وثانياً : جاء هذا الحديث بدون ذكر هذه العبارة في مصادر حديثية أُخرى : كمختصر بصائر الدرجات(١) ، وبصائر الدرجات(٢) ، والكافي(٣) ، ومناقب آل أبي طالب(٤) ، وكشف الغمّة(٥) .

ومنه يظهر : أنّ النقل المذكور في السؤال حتّى لو كان معتبراً ـ فرضاً ـ كان متعارضاً مع نقل باقي المصادر التي ذكرناها ، فتكون مرجوحة بالنسبة إليها.

وثالثاً : أنّ الأئمّةعليهم‌السلام كانوا يعيشون حالة التقيّة والتستّر من الأعداء ، وهذا يعني أنّهم كانوا يحاطون بمجموعة من الأشخاص الذين لهم صلة بالجهات الحكومية آنذاك ، أو على الأقلّ لا يعترفون بإمامتهم ، وهذا يظهر من حياتهم وسيرتهم بأدنى تأمّل ، إذ يوجد هناك من كان راوياً عن الإمامعليه‌السلام ، ولم يعتقد به كإمام.

وعلى هذا ، فصدور كلمة أو اتخاذ موقف لدى بعض الناس لا يدلّ على تشيّعه ، بل وفي عبارة الرواية المذكورة ما يوحي خلاف ذلك ، إذ جاء فيها : ( فقال بعض القوم ) ، والتعبير بالقوم يستعمل عادةً في أحاديثنا للإشارة إلى أهل السنّة ، كما هو الحال بالنسبة للتعبير بالناس.

وعليه ، فالخطّ المعادي للحقّ قال للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّه ليهجر ، واستمر هذا الخطّ المعادي إلى أن وصل إلى زمن الإمام السجّادعليه‌السلام ، وقال : إنّه ليهجر ، ولو تتبعنا في التاريخ ربما وجدنا أنّ هذه الكلمة تكرّرت لسائر أهل البيتعليهم‌السلام .

____________

١ ـ مختصر بصائر الدرجات : ٧.

٢ ـ بصائر الدرجات : ٥٠٣.

٣ ـ الكافي ١ / ٤٦٨.

٤ ـ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٢٨٣.

٥ ـ كشف الغمّة ٢ / ٣٢٢.

٥٣٧

( عبد العليم ـ أندونيسيا ـ ٣٨ سنة ـ طالب جامعة )

سبب امتناع النبيّ من الكتابة :

س : سؤالي هو : لماذا عندما أمر الله تعالى النبيّ بكتابة كتاب للقوم في رزية الخميس ، وعندها تجرّأ عمر ومنع النبيّ من كتابة ذلك الكتاب ، فهل كان امتناع النبيّ من الكتابة بأمر من الله؟ أم منه ، مع رضا الله بذلك؟ وإذا كان منه تعالى ، فهل كان بداءً؟ أو كان غير ذلك ، يعني هل كان عمر سبباً في منع الكتابة؟ والحال الآية القرآنيّة تشير إلى أنّ الله يعصمك من الناس؟؟

وشكراً لجهودكم الطيّبة.

ج : إنّ الأوامر والنواهي الواردة على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قد تكون مطلقة ـ أي لا تتقيّد بحالة دون حالة ـ وقد ترد بصورة التعليق ـ أي أنّها مقيّدة بقيود ـ ولكلّ من القسمين شواهد في سيرته وحياتهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وفي المقام ، كانت كتابة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مشروطة ومقيّدة بتمكين الكلّ ، وعدم إظهار الخلاف عندهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبما أنّه لم تحصل هذه الجهة انتفت الكتابة من الأساس.

ولو أمعنّا النظر في المسألة ، لوجدنا أنّ الكتابة في ذلك الظرف الحسّاس ـ وبدون رضوخ القوم لها ـ كانت تؤدّي إلى انشقاق وتشتّت الأُمّة ، مضافاً لفقدها قائدها ؛ فنظراً لهذه المصلحة الهامّة غضّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله طرفه ، ورفع يده عن الكتابة ، اعتماداً على إبلاغ ووصول الوصية المذكورة بمرّات وكرّات في طول عهد البعثة النبويّة ، وخشيةً منهصلى‌الله‌عليه‌وآله على وحدة الأُمّة.

نعم ، لو كانت تكتب تلك الوصية ، كان أمر الإمامة والخلافة أكثر وضوحاً عند عامّة الناس ، ولكن في نفس الوقت ، بما أنّ عمر خالف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله جهراً ، وأيّدته عصابته في ذلك ، رأى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ كتابة الوصية آنذاك أصبحت مرجوحة ، فأعرض عنها.

٥٣٨

وبالجملة : فمنع عمر كان سبباً سلبيّاً في الموضوع بدون شكّ.

وأمّا الآية الشريفة ، فتشير إلى قضية الإبلاغ في غدير خم ، إذ كان الأمر هناك مطلقاً ، وبدون تعليق على شرط أو قيد ؛ وحتّى أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يخشى من ارتداد الناس ، وعدم قبولهم للحقّ ، فجاء الوحي لدفع هذا الاحتمال ، فكان الأمر كما أراده الله تعالى.

فظهر ممّا ذكرنا : أنّ موضوع الإبلاغ في الغدير يختلف عن موضوع كتابة الوصية ، باختلاف نوعية الأمر النازل على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

( حسين الثابت ـ السعودية ـ ٤٠ سنة ـ خرّيج ثانوية )

موقف المسلمين من مقولة عمر :

س : كيف سكت المسلمون عندما سمعوا من عمر كلمة يهجر؟ هل هؤلاء لم يكونوا مسلمين؟ أم إسلامهم بالقول فقط؟ وإذا كانوا بهذا المستوى ، من الذي بنى أمجاد الإسلام؟ أليس هم هؤلاء المسلمين؟ وكيف رضخوا بالأمر الواقع؟ هل خوفاً من عمر؟ أم أنّ في الأمر سرّاً؟ خصوصاً إذا علمنا أنّ الإسلام انتصر بالسيف ، ووصل إلى جميع بقاع الدنيا ـ كما نقرأ في التاريخ ـ وهناك أحداث سياسية مضطربة في عهد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كيف نوفّق بين هذا وهذا؟

هل لا يوجد تناقض بين الأمرين؟ خصوصاً أنّ المسلمين دائماً ما يفتخرون بإنجازاتهم وبطولاتهم التي ملأت الخافقين ، نرجو الإيضاح ، وكيف قبل المسلمون خلافة أبي بكر؟ رغم أنّه غير موصى به من قبل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، هل المسلمون قبلوا ذلك رغماً عنهم؟ أم أنّ ذلك مؤامرة منهم؟ وأين الأغلبية منهم؟ والأبطال الذين مدحهم الرسول في حياته صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

ج : لم يثبت لدينا أنّ المسلمين بأجمعهم قد سمعوا كلمة عمر ، بل سمعها الحاضرون عند النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ نقل هذا الخبر والحادث بواسطة هؤلاء إلى الآخرين ، فوصل إلينا.

وبما أنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قد نهاهم من التشاجر والخلاف عنده ، حصل نوع من

٥٣٩

الغفلة والتناسي عند القوم بالنسبة لمقولة عمر ، فاستغلّ أصحاب السقيفة هذه الفجوة ، واشتغال الناس بمأساة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فحدث ما حدث.

وعليه ، فالنتيجة حصلت لهم بفضل التعتيم الإعلامي المذكور ، وإلاّ فالخطّ العامّ من المسلمين كان لا يصبر على هذه الجسارة الصادرة من عمر إن سمعها.

ثمّ ذكرت الأمجاد ، فإنّ كان المراد منها الفتوحات التي كان بعضها باستشارة أمير المؤمنينعليه‌السلام فلا كلام في شرعيّتها ، ومدى تأثيرها في توسيع رقعة الإسلام ، مع نشر فكره وثقافته.

وأمّا أكثر هذه الحروب والفتوحات لم تكن في مصلحة الدين بقدر ما كان الداعي إليها توسيع دائرة الحكم ، فترى أحياناً أنّها كانت مثيرة للضغائن عند بعض الأُمم والقوميات ، ممّا كان ينعكس سلبيّاً على معاملتهم مع أصل الدين.

وصفوة القول : أنّنا لا نسلّم بأنّ مطلق الفتوحات بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله تحسب من الأمجاد ، بل الأمر قابل للنقاش في الموارد المختلفة.

فخلافة الثلاثة الأُول جاءت نتيجةً لمؤامرة مدبّرة من قبل البعض ، خلافاً للنصوص الواردة في الموضوع ، ورغماً عن رأي الأقلّية المحقّة ، فاستغلّوا غفلة الأغلبية وعدم تجاوبهم مع الحقّ ، فجاءوا بالباطل بدلاً عن الحقّ.

ويمكنك مراجعة الأسئلة المتعلّقة بالإمامة فإن فيها أجوبة أكثر تفصيلاً.

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621