موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٣

موسوعة الأسئلة العقائديّة9%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-03-4
الصفحات: 621

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 621 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 265635 / تحميل: 6283
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٣

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٣-٤
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

منه غريب(١) ، فإنَّ الكتاب المزبور للسيِّد عبد الكريم بن طاووس كما عن رياض العلماء وغيره(٢) ، ومن ذلك تلخيص لهذا الكتاب سمّاه مصنّفه الدلائل البرهانية في تصحيح الحضرة الغروية.

قال الشيخ عبد الله الأفندي في رياض العلماء : (رأيت الكتاب المزبور في طهران ولم أعلم مؤلِّفه )(٣) .

قلت : ومؤلِّفه هو الشيخ أحمد الجوذري النَّجفي ، ألَّفه سنة ١٠٤٨ ، وتوحيد منه نسخة عتيقة عند بعض السادة في كربلاء(٤) .

__________________

(١) مجالس المؤمنين ١ : ٧٥.

(٢) رياض العلماء ٣ : ١٦٤ ، الذريعة ١٦ : ١٥٩ رقم ٤٣٣ ، هدية العارفين ١ : ٦١٠.

(٣) رياض العلماء ٣ : ١٦٣.

(٤) قال شيخ الباحثين الطهراني عند تعريفه للكتاب ما نصّه : (الدلائل البرهانية في تصحيح الحضرة الغروية هو تلخيص فرحة الغري المطبوع أصله في (١٣٦٨) للسيِّد عبد الكريم بن طاووس الحلّي الَّذي توفّى (٦٩٣) والتلخيص للعلّامة الحلّي المتوفّى (٧٢٦) ، وهو مرتّب على ترتيب أصله في مقدمة وخمسة عشر باباً أوّله : «الحمد لله مظهر الحق ومبدئه ، ومدحض الباطل ومزجيه وبعد فإني وقفت على كتاب السيِّد النقيب عبد الكريم بن أحمد بن طاووسرحمه‌الله المتضمن الأدلة القاطعة على موضع مضجع مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام فاخترت منه معظمه بحذف أسانيده ومكرراته وسميته بـ الدلائل البرهانية في تصحيح الحضرة الغروية» ، وفي أوّل الباب الرابع قال : «اخبرني الوزير رئيس المحققين نصير الدين محمّد عن أبيه يرفعه» ، وقال في أوّل الباب الخامس : «أخبرني ولدي عن الفقيه محمّد بن نما ، عن الفقيه محمّد بن إدريس يرفعه» ، وقال بعده أيضاً : «وأخبرني الفقيه نجم الدين أبو القاسم جعفر بن سعيد» هؤلاء كلهم مشايخ العلّامة الحلي ، وحكى صاحب الرياض عن المير منشي أنه نسبه في رسالته الفارسية في تأريخ قم إلى العلّامة الحلي ، ثُمَّ تنظر هو في صحّة النسبة وأحتمل السهو عن المير منشي.

أقول : ظاهر كلام صاحب الرياض أنه لم ير الكتاب ، ولو كان رأى أسانيده المذكورة لم يشك في صحّة النسبة ، مع أن العالم الجليل السيِّد أحمد بن شرف الحسيني القمّي كتب نسخة (الدلائل البرهانية) بخطه في بلدة قم في (٩٧٨) عن نسخة كان على ظهرها خط العلّامة الحلي ، وكتب ما هو صورة خط العلّامة في ظهر تلك النسخة على نسخته ، والصورة هذه : (تم الجزء الأوّل من مختلف الشيعة في أحكام الشريعة بمنه ولطفه في رابع جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وستمائة على يد مصنفه حسن بن يوسف بن مطهر الحلي) ، وقد رأيت النسخة التي بخط السيِّد أحمد القمّي المذكور في طهران ، وقد كتب هو على ظهرها أنه تأليف العلّامة ...) (الذريعة ٨ : ٢٤٨ رقم ١٠٢٢) ، وأرى أنّ الشيخ أحمد الجوذري هو ناسخ

١٢١

[ح] ـ ومن ذلك كتاب مصباح الأنوار في مناقب إمام الأبرار : ينسب إلى الشيخ الطوسي ، وخطّأه العلّامة المجلسي في قائمة البحار ، وقال : (كثيراً ما يروي عن الشيخ شاذان بن جبرائيل القمِّي وهو متأخّر عن الشيخ بسنين)(١) .

[ط] ـ ومن ذلك كتاب جامع الأخبار : فإنّ نسبته إلى الصدوق شائعة ، وهو خطأ كما في قائمة البحار ، فإنه يروي عن الصدوق بخمس وسائط.

فقيل : إنه لعلي بن سعد بن أبي الفرج الخياط(٢) ، ونسبه جدّي بحر العلوم في فهرست كتبه إلى الطبرسي(٣) .

__________________

النسخة لا مؤلِّفها ، والكتاب طبع ضمن تعليقات المحدّث الأرموي على كتاب الغارات في ج ٢ ص ٥١٩ وما بعدها ، فتأمَّل.

(١) بحار الأنوار ١ : ٢١ ، أقول : مؤلِّف الكتاب هو الشيخ هاشم بن محمّد على ما صرّح به المجلسي في أوّل بحاره ج ١ ص ٢١ ، والحر العاملي في أمل الآمل ج ٢ ص ٣٤١ رقم ١٠٥٠ ، والكنتوري في كشف الحجب والأستار : ٥٢٦ رقم ٢٩٦١ ، والشيخ أغا بزرك الطهراني في الذريعة ٢١ : ١٠٣ رقم ٤١٣٦ ، وقال عن نسبته للشيخ الطوسي ما نصّه : ( وعلى ظهر النسخة كتب أنه للشيخ الطوسي ، ولعل هذا منشأ اشتباه من انتسابه إلى الشيخ الطوسي ، كما في مدينة المعاجز وفي كشكول الشيخ أحمد شكر فنسبته إلى الشيخ الطوسي سهو وخطأ كما في مدينة المعاجز. وينقل عنه في أحكام الأموات من البحار مكرراً منها في كيفية صلاة عليّ وفاطمةعليهما‌السلام ، وقال هنا إنه لبعض الأصحاب ، ولكن صرّح في (الأمل) بأنه للشيخ هاشم بن محمّد. ولعل مستند وجه النسبة إلى الطوسي ما وجد من كتاب (تأويل الآيات) لتلميذ الكركي المتوفّى ٩٤٠ حيث نقل فيه عنه (المصباح) المذكور ناسياً له إلى الطوسي).

(٢) بحار الأنوار ١ : ١٣.

(٣) كذا ، وأصل هذه النسبة هي في فهرست الحر العامليرحمه‌الله الوارد في كتابه أمل الآمل ج ٢ ص ٧٥ رقم ٢٠٣ ونص قوله هو : (الحسن بن الفضل بن الحسن الطبرسي ، كان فاضلاً محدّثاً ، له كتاب مكارم الأخلاق ، ويُنسب إليه أيضاً كتاب جامع الأخبار ، وربّما يُنسب إلى محمّد بن محمّد الشعيري).

وكذا ذكره العاملي في إجازته للشيخ محمّد فاضل المشهدي والموجودة في إجازات البحار ، ولذا فإنَّ نسبة القول للسيِّد بحر العلوم من الشارح لعلّها من سهو القلم ؛ إذ لم يُعرف له رحمه‌الله كتابٌ أو رسالة بهذا العنوان ، إلا إذا سلمنا بأنَّ السيِّد نقل قول العاملي في أحد كتبه دون الإشارة لمصدر قوله. (ينظر : إجازة العاملي للمشهدي في بحار الأنوار ١٠٧ : ١٠٧ ، ونسبة الكتاب للطبرسي رحمه‌الله فيها في ص ١١٦).

١٢٢

ويظهر من بعض مواضع هذا الكتاب وهو فصل تقليم الأظفار أنّ اسم مؤلِّفه محمّد بن محمّد الشعيري ، وهو غير متعين وإن صرَّح به في أمل الآمل(١) .

[ي] ـ ومن ذلك رسالة القبلة الموسومة بإزاحة العلّة : ذكر الشيخ الحرّ العاملي في الفائدة الرابعة من الوسائل أنَّ الرسالة المزبورة للفضل بن شاذان(٢) ، وهو من العثرات فإن الرسالة للشيخ الجليل شاذان بن جبرئيل القمِّي كما صرّح هو بنفسه في أمل الآمل ، وقال : (وعندنا منه نسخة)(٣) .

وفي أوّل الرسالة : فإنَّ الأمير الأجل العالم الزاهد جمال الدين زين الإسلام والمسلمين ، شرف الحاج والحرمين فرامز بن عليّ البقراني الجرجاني أدام الله سعده ، لمّا كان بمكة سنة ثمان وخمسين وخمسمائة إلى آخر ما ذكر ، وأين هو من الفضل بن شاذان المتوفّى في أيام العسكريعليه‌السلام (٤) .

__________________

(١) أمل الآمل ٢ : ٧٥ ، ٣٠٠ ، ينظر حول الكتاب ونسبته في الذريعة ٥ : ٣٣ رقم١٥١ ، وقد طبع الكتاب أخيراً في مؤسسة آل البيت لإحياء التراث ، بتحقيق علاء آل جعفر ، وذلك في سنة ١٤١٣ هـ مع التعريف بمؤلِّف الكتاب في مقدِّمته وأثبت فيها أنّه للشيخ محمّد بن محمّد السبزواري ق ٦.

(٢) وسائل الشيعة (ط ـ الإسلامية) ٢٠ : ٣٩.

(٣) أمل الآمل ٢ : ١٣٠ رقم ٣٦٤.

(٤) ذكرها المحدّث النوريرحمه‌الله في مستدرك الوسائل ٣ : ١٨١ ، وقال الشيخ أغا بزرك الطهرانيرحمه‌الله عنها في الذريعة ، ما نصّه : (إزاحة العلّة في معرفة القبلة من سائر الأقاليم للشيخ سديد الدين أبي الفضل شاذان بن جبرئيل بن إسماعيل بن أبي طالب القمّي نزيل المدينة وصاحب (الفضائل) المعروف بالمناقب ، أوّله : (الحمد لله الَّذي تفرد بالكبرياء اعلم أنَّ الناس يتوجوه إلى القبلة من أربعة جوانب الأرض) ألَّفه سنة ٥٥٨ كما صرّح به في ديباجته ، وأدرجه العلّامة المجلسي بتمامه في باب القبلة من مجلد صلاة البحار المطبوع ، وبما أنّ كنيته أبو الفضل واسمه شاذان اشتبه الشيخ الحر فنسبه في جملة تصانيفه إلى الفضل بن شاذان النيسابوري المتوفّى سنة ٢٦٠ بل صرّح في آخر هداية الأمَّة أنّه من الكتب المؤلَّفة في عصر الأئمةعليهم‌السلام ؛ لأنَّ الفضل بن شاذان يروي عن الإمام الرضا والإمام الجوادعليهما‌السلام ، وقد سبق الشيخ الحر في هذا الاشتباه السيِّد حسين بن الحسن الحسيني ـ الَّذي هو من طبقة تلاميذ المحقّق الكركي ، وقد قابل وصحح نسخة من اُصول الكافي الموجودة في الخزانة الرضوية في سنة ٩٦١ ـ فإنه كتب بخطه حاشية المحقّق الكركي

١٢٣

[ك] ـ ومن ذلك كتاب مسند فاطمةعليها‌السلام : عدّه في أمل الآمل من الكتب المجهولة(١) ، وهو من تآليف الشيخ الحافظ أبي الحسن علي بن عمر الدار قطني ، كما في غيبة البحار وغيرها(٢) .

[ل] ـ ومن ذلك كتاب قصص الأنبياء وقد نسبه المشهور إلى قطب الدين سعيد بن هبة الله وهو الظاهر من بعض أسانيده أيضاً(٣) ، واحتمل بعض الأعلام أنه تأليف فضل الله بن علي بن عبد الله الحسيني الراوندي كما يظهر من بعض أسانيد السيِّد ابن طاووس(٤) ، وقد صرّح بكونه منه في رسالة النجوم وكتاب فلاح السائل(٥) .

[م] ـ ومن ذلك كتاب البدع المحدثة لعلي بن أحمد أبي القاسم الكوفيّ صاحب كتاب الأوصياء المتوفّى سنة ٣٥٣ ، وهذا الكتاب هو المشهور بالاستغاثة في بدع الثلاثة والعلّامة المجلسي في البحار والحر العاملي في الأمل نسباه إلى

__________________

على الشرائع وبعض رسائله وكتب في آخرها نسخة إزاحة العلّة ، فرغ من كتابتها في تاسع شعبان سنة ٩٤١ وكتب على ظهرها أنّه للفضل بن شاذان ، لكن المقطوع أنّ هذا من سهو قلمه فإنه كتب هكذا : (أنّه للشيخ سديد الدين الفضل بن شاذان بن جبرئيل) فأسقط سهواً لفظ (أبي) قبل (الفضل) وزاد لفظ (ابن) بعده وهذه النسخة رأيتها في مكتبة آية الله المجدد الشيرازي طاب ثراه). (الذريعة ١ : ٥٢٧ رقم ٢٥٧٢).

(١) أمل الآمل ٢ : ٣٥٦.

(٢)ذكره المجلسيرحمه‌الله في بحار الأنوار ٥١ : ١٠٦ بعنوان «مسند سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام».

(٣) أمل الآمل ٢ : ١٢٥ رقم ٣٥٦.

(٤) إشارة إلى قول العلّامة المجلسيرحمه‌الله في بحار الأنوار ١ : ١٢.

(٥) أي من قطب الدين الراوندي كما في فرج المهموم : ١١٨ ، وفلاح السائل : ١٩٥ ، وقال الشيخ الطهرانيرحمه‌الله بالتعدد في الذريعة ، ينظر الذريعة ١٧ : ١٠٤ رقم ٥٦٩ وفي ص ١٠٥ رقم ٥٧٤.

١٢٤

الشيخ كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني المتوفّى ٦٧٩(١) .

وقال شيخنا يوسف البحراني : (ثُمَّ إن ما ذكره شيخنا المذكور من نسبة كتاب الاستغاثة في بدع الثلاثة للشيخ ـ يعني ابن ميثم ـ غلط ، قَدْ تبع فيه بعض من تقدَّمه ولكن رجع عنه أخيراً فيما وقفت عليه من كلامه ، وبذلك صرّح تلميذه العالم الشيخ عبد الله بن صالح البحرانيّرحمه‌الله ) ، انتهى(٢) .

وهو مذكور في فهرست النجاشي أيضاً بعنوان كتاب البدع المحدثة ، (ويشهد على ما ذكرنا روايته بلا واسطة عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفيّ)(٣) .

قال النجاشي : (كان يقول : إنه من آل أبي طالب ، وغلا في آخر أمره وفسد مذهبه ، وصنَّف كتباً كثيرة أكثرها على الفساد ، إلى أن قال : توفّي أبو القاسم بموضع يقال له : كرمي من ناحية فسا(٤) ، وكانت وفاته سنة ٣٥٢ ، وقبره بكرمي إلخ)(٥) .

[ن] ـ ومن ذلك كتاب دفع المناواة عن التفضيل والمساواة : يبحث فيه عن

__________________

(١) بحار الأنوار ١ : ١٩ ، ٣٧ ، وأمّا الحر العاملي فإنّه لم يصرّح به في كتابه أمل الآمل ، ولعلّه من سهو القلم ، ومجمل ما ذكره فيه ـ أي أمل الآمل ـ عن ترجمة البحراني هو ما نصّه : (الشيخ كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحريني ، كان من العلماء الفضلاء المدقِّقين ، متكلماً ماهراً ، له كتب منها : كتاب شرح نهج البلاغة كبير ومتوسط وصغير ، وشرح المائة كلمة ، ورسالة في الإمامة ، ورسالة في الكلام ، ورسالة في العلم ، وغير ذلك ، يروي عنه السيِّد عبد الكريم بن أحمد بن طاووس ، وغيره). (ينظر : أمل الآمل ٢ : ٣٣٢ رقم ١٠٢٢).

(٢) لؤلؤة البحرين : ٢٦٠.

(٣) هذه الجملة لم ترد في رجال النجاشي ، ولم أهتد إلى مصدرها ، فلاحظ.

(٤) فسا : بالفتح والقصر كلمة أعجمية وعندهم : بسا ، مدينة بفارس أنزه مدينة بها فيما قيل. (معجم البلدان ٤ : ٢٦٠).

(٥) رجال النجاشي : ٢٦٥ رقم ٦٩١ ، وينظر في صحَّة نسبة الكتاب للكوفي : معالم العلماء : ٩٩ رقم ٤٣٦ ، كشف الحجب والأستار : ٨٢ رقم ٨٢ ، خاتمة مستدرك الوسائل ١ : ١٦٣ ـ ١٧١ رقم ٢٧ ، الذريعة ٢ : ٢٨ رقم١١٢ ، وغيرها.

١٢٥

تفضيل الأئمّة على سائر الأنبياء ومساواتهم مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في جميع المراتب سوى مرتبة النبوة ، وهو مؤلَّف جليل لسيِّد المحقّقين السيِّد حسين ابن السيِّد ضياء الدين أبي تراب حسن بن صاحب الكرامات الباهرة والمقامات الزاهرة شمس الدين السيِّد أبي جعفر محمّد الموسويّ الكركي المعروف بالأمير سيِّد حسين ، وهو ابن بنت الشيخ علي المحقّق الثاني ، ونازل منزلته من بعده عند الأُمراء والسلاطين ، توفّي بالطاعون سنة ١٠٠١ بقزوين ، وعندي منه نسخة صحيحة ، وقد جعل خطبته باسم السلطان الشاه طهماسب الصفويّ ، وفي آخر الكتاب ذكر ما لفظه : (وفرغ من تسويدها مؤلِّفها المذنب الجاني الحسين بن الحسن الحسيني رابع ربيع الأوّل من سنة تسع وخمسين وتسعمائة من الهجرة النبويّة ، وقد فرغ كاتبه من استنساخه سنة ٩٦٢ )(١) .

وعليه ، فلا يمكن رواية المجلسي الأوّل ـ أعني المولى محمّد تقي ـ عنه لتولّده بعد وفاته بسنتين أعني سنة ١٠٠٣ ، فما في فوائد الأُصول لجدّي العلامة بحر العلومرحمه‌الله من أنّ الكتاب المزبور هو للسيِّد القاضي أمير حسين الَّذي هو من مشايخ إجازة المجلسيّ الأوّل ، وعليه اعتمد في صحَّة كتاب فقه الرضاعليه‌السلام غفلة منهرحمه‌الله (٢) ، بناء على : «أنَّ الصارم قَدْ ينبو والجواد قَدْ يكبو »، لما عرفت من تاريخ وفاته الموافق مع طبقة الشهيد الثانيرحمه‌الله فهو غيره قطعاً.

ومن عجب الاشتباه وغريبه ما رأيت في كتاب أسرار الحكم(٣) للحكيم

__________________

(١) ينظر عن صحَّة نسبة الكتاب له : الذريعة ٨ : ٢٣٢ رقم ٩٦٨.

(٢) فوائد الأُصول : ١٤٩ ضمن فائدة ٤٥.

(٣) راجع الفصل الثاني من الباب الثالث في أفعال الله تعالى. (منهرحمه‌الله ). (ينظر : أسرار الحكم : ٢٣٤).

١٢٦

المحقِّق الحاج ملا هادي السبزواريرحمه‌الله ، حيث نقل فيه عن بعض المحقِّقين إنكار كون التجريد من كتب المحقِّق الخواجة نصير الدين الطوسي طاب ثراه(١) ، وبالجملة هذا الكتاب من أشهر كتب هذا المحقِّق مضافاً إلى ما صرّح به غير واحد من شرّاح الكتاب المزبور في مبادئ شروحهم من الجزم بنسبة الكتاب المزبور إلى المحقِّق المذكور(٢) ، ومن جملة المعترفين : العلّامة الحِلّي في أوّل شرحه الَّذي سماه بكشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد(٣) ، وكذلك الفاضل الملا علي القوشجي ، قال ما لفظه : (وإن كتاب التجريد الَّذي صنفه في هذا الفن المولى الأعظم والبحر المعظّم ، قدوة العلماء الراسخين ، اُسوة الحكماء المتألهين ، نصير الحقِّ والدين محمّد بن محمّد الطوسيّ قدس الله نفسه وطيّب رمسه )(٤) .

ومن عجيب ما وقع من المحقِّق السبزواري المزبور في كتابه المذكور أنه عبّر عن شرح العلّامة للتجريد بالأسرار الخفيّة مع تصريح الشارحرحمه‌الله بأنه سمّاه

__________________

(١) مع أنّ شأن هذا الكتاب أجل من أن يُنسب إلى غيره ، غير أن المحقّق التفتازاني لمّا رأى كلمة في بحث الماهية من هذا الكتاب على غير التحقيق لم يرضَ صدور مثل ذلك من مثله فقال : (إن هذا ممَّا يصدق نسبه الكتاب إلى غيره ، وهذا ممَّا يدل على عظم شأن الرجل في نظر العموم. وكفى دليلاً على ذلك أن علماء الإفرنج تمسكوا في الردّ على الإسلام ، وإنكار إعجاز القرآن ، من حيث عجز الإتيان بمثله ، أنه لم يأت أحد بمثل المحيطي أيضاً). (منهرحمه‌الله ).

(٢) ينظر : الذريعة ٣ : ٣٥٢ رقم ١٢٧٨ فقد ذكر الكتاب وعدد شروحه.

(٣) كشف المراد : ٤.

(٤) القوشجي هو علاء الدين علي بن محمّد ت ٨٧٩ هـ ، له رسالة : مسرة القلوب في دفع الكروب في علم الهيئة.

١٢٧

بكشف المراد(١) .

هذا ما وسعني ثبته من الأوهام وهو يسير من كثير ، والسبب الوحيد في هذه الاشتباهات هو المسامحة فيما جرى عليه ديدن القدماء في صدر كتبهم ، فكانوا يذكرون اسم المؤلِّف لتسكين المتعلِّم على ما هو الشأن في مبادئ الحال من معرفة حال الأقوال في مراتب الرجال ، وإن كان المحقِّقون يعرفون الرجال بالحقّ لا الحقّ بالرجال ، ولنعم ما قال مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام : «لا تنظر إلى من قال وانظر إلى ما قال »(٢) .(٣)

[في شرح بعض عبارات المقدّمة أيضا]

[٣٧] ـ قالرحمه‌الله : «حيث كان من فضل الله تعالى علينا أن أهّلنا لاقتفاء آثارهم ، أحببنا الأُسوة بهم في أفعالهم ، فشرعنا بتوفيق الله في تأليف هذا الكتاب الموسوم بمعالم الدين وملاذ المجتهدين »(٤) .

أقول : يقال : أهّله الله للخير تأهُّلاً إذا جعله أهلاً له.

__________________

(١) أسرار الحكم : ٢٣٤.

(٢) شرح مئة كلمة للبحراني : ٦٨.

(٣) ولقد عثرت على مطلب لا تكاد تطاوعني نفسي على تركه ، هو أنه ذكر السيِّد عبد اللطيف ـ من أحفاد السيِّد الجزائري ـ في تاريخه الفارسيّ الموسوم بتحفة العالم : (أنَّ في أكبر آباد من بلاد الهند مكتبة لشاه جهان الهندي مشتملة على ثلاثة لكوك من الكتب الخطية ، ومن أحسن الخطوط ، لكلّ مائة مجلد منها وكيل خاص يتكفل حفظها. حاوية لأقسام الفنون وأصناف العلوم العربية ، والفارسية ، والإنكليزية نظماً ونثراً وتاريخاً ودواوين ، والقطع التي هي بخط الأساتذة في فن الكتابة من الأوّلين والآخرين وتصاوير المصوِّرين من أهالي إيران ، وهند ، وروم ، والإفرنج ، ممَّا لا يفي العمر بالإطلاع عليها ، قال : وفيها جملة مجلدات من بحار المجلسي بخط يده ، قال : وسمعت من بعض المباشرين أنَّ فيها سبعمائة مجلَّد كلّها بخط مصنِّفيها وقعت بيده من مكتبة السلاطين التيموريّة ، قال : والحقّ أنَّ قيمة هذه لا تعادل قيمة ما عنده من دفائن وخزائن ، وأسباب الذهب والجواهر ، بل هي لا تعادل العشر من عشر ذلك). (منهرحمه‌الله ).

(٤) معالم الدين : ٤.

١٢٨

والمعالم : جمع مَعلَم وهو موضع العلم ومربطه.

والباء في قوله : (بمعالم الدين) للتقوية(١) ؛ لكون العامل ليس أصلاً في العمل لكونه اسماً ن والمناسبة بين الاسم والمسمّى واضحة.

[٣٨] ـ قالرحمه‌الله : «وجدّدنا به معاهد المسائل الشرعية ، وأحيينا به مدارس المباحث الفقهية ، وشفعنا فيه تحرير الفروع بتهذيب الأُصول ، وجمعنا بين تحقيق الدليل والمدلول »(٢) .

أقول : المعاهد جمع معهد ، وهو المكان المعهود فيه الشيء ، والمكان الَّذي لا يزال القوم يرجعون إليه ، وكلا المعنيين يناسب المقام(٣) .

ومدارس : جمع مدرسة ، محل تعليم العلم.

وشفّعنا : أضفنا وزدنا عليه ، وفيه دلالة على أنَّ المقصود بالأصالة من تأليف الكتاب تحرير المسائل الفقهية ، والتعرض للأُصول إنما هو من باب المقدِّمة.

وفي قوله : تحرير الفروع بتهذيب الأٌصول ، من براعة الاستهلال ما لا يخفى لطفه ، فإنَّ التحرير من الكتب الفرعية ، والتهذيب من الكتب الأُصولية(٤) ،

__________________

(١) فيه نظر ؛ لأن الباء لم يُعهد أن تكون للتقوية ، بل لم أقف فيها على نصّ أو نقل ، والعلّة المذكورة لا تُجدي وحدها شيئاً ، فالصحيح ـ كما هو المشهور ونصّ عليه نجم الأئمة الشيخ الرضي في شرحه ـ هو : أن الباء زائدة ؛ لأن هذه الأفعال (سمّى وأسمى ووسم وكنوت) تتعدى إلى مفعولين صريحين ، وقد يقترن ثانيهما بالباء فتكون زائدة ، فالياء هنا زيدت في المفعول الثاني ومدخولها مجرور لفظاً منصوب محلاً ، أما المفعول الأول فهو الضمير المستتر في الوصف النائب عن الفاعل ؛ لأن الوصف اسم مفعول. (السيد محمد الطباطبائي)

(٢) معالم الدين : ٥.

(٣) ينظر : العين ١ : ١٠٢.

(٤) أراد المؤلِّفرحمه‌الله كتابي العلّامة الحلّيرحمه‌الله : «تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية» و «تهذيب الوصول إلى علم الأُصول».

١٢٩

وكلاهما للعلامة الحِلّيرحمه‌الله ، ولما في لفظ التحرير من الإشارة إلى أنَّ هذا البيان خال من الحشو والزوائد.

والمراد من الدليل : هو الأُصول.

ومن المدلول : هو الفقه.

الإيجاز والإطناب والمساواة

[٣٩] ـ قالرحمه‌الله : «بعبارات قريبة من الطباع ، وتقريرات مقبولة عند السماع ، من غير إيجاز موجب للإخلال ، ولا إطناب معقب للملال »(١) .

أقول : المقبول من طرق التعبير عن المراد ـ على ما ذكره الخطيب القزويني ـ تأديته بلفظ مساوٍ له ، أو ناقص عنه وافٍ به ، أو بلفظ زائد على المراد لفائدة(٢) .

فالمساواة أن يكون اللفظ بمقدار أصل المراد.

والمراد بالإيجاز أن يكون اللفظ ناقصاً عنه وافياً به ، وهذا النوع ـ أعني الإيجاز ـ اعتنت به فصحاء العرب وبلغاؤهم كثيراً ، فإنهم كانوا إذا قصدوا الإيجاز أتوا بألفاظ يستغنون بواحدها عن ألفاظ كثيرة ، كأدوات الاستفهام ، والشروط وغير ذلك ، فقولك : أين زيد؟ مغنٍ من قولك : أزيد في الدار ، أم في المسجد ، أم في السوق؟ إلى أن تستقرئ جميع الأماكن.

وقولك : من يَقُم أقم معه ، مغنٍ عن قولك : إن يقمْ زيد أو عمرو أقم معه.

وما بالدار من أحد ، مغنٍ عن قولك : ما فيها زيد ولا عمرو ولا بكر ، إلى أن تستقرئ جميع الأشخاص.

__________________

(١) معالم الدين : ٥.

(٢) شرح المختصر على تلخيص المفتاح : ٢٥٦.

١٣٠

فغالب كلام العرب مبني على الإيجاز ، والاختصار ، وأداء المقصود بأقل عبارة ، ولذا قالصلى‌الله‌عليه‌وآله مفتخراً : «اُوتيت جوامع الكلم »(١) .

أي قوة إيجاز في اللفظ مع بسط في المعاني ، ثُمَّ إنَّ هذا النوع على ضربين : إيجاز قصر ، وإيجاز حذف.

فإيجاز القصر : اختصار الألفاظ ، كقوله تعالى : ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ(٢) فإن معناه كثير ولفظه يسير ؛ لأن المراد به أنَّ الإنسان إذا علم أنه متى قَتَلَ قُتِل ، كان ذلك داعياً إلى أن لا يقدم على القتل ، وارتفاع القتل عن الناس حياة لهم.

ومن ذلك أيضاً قوله تعالى : ﴿إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(٣) ، فإنّه تعالى وعظ فيها بألطف موعظة ، وذكَّر بألطف تذكرة ، واستوعب جميع أقسام المعروف والمنكر ، وأتى بالطباق اللفظي والمعنوي ، وحسن النسق والتسهيم ، وحسن البيان والإيجاز ، وائتلاف اللفظ ومعناه ، والمساواة وصحَّة المقابلة ، وتمكين الفاصلة ، ومن ذلك قول الشاعر :

يا أيُّها المُتَحَلِّي دُونَ شِيمَتِه

إنَّ التَّخَلُّقَ يأتي دُونَهُ الخَلْقُ(٤)

__________________

(١) كنز العمال ١ : ٣٧١.

(٢) سورة البقرة : من آية ١٧٩.

(٣) سورة النحل : ٩٠.

(٤) هو لسالم بن واصبة كما في لسان العرب ١٠ : ٨٧ ، وفيه : «غير شيمته» ، ينظر العمدة ١ : ٣٩٨.

١٣١

وإيجاز الحذف : عبارة عن حذف بعض اللفظ لدلالة الباقي عليه ، كقوله تعالى : ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا(١) أي : أهل القرية ، ومن ذلك قول الشاعر :

«عَلَفْتُها تِبْناً وماءً بارداً »(٢) أي سقيتها ماءً بارداً ، فاللفظ الناقص عن المراد غير الوافي به هو الإيجاز المخل ، كقول الحاري بن الحِلْزّة اليشكري :

والعيش خيرٌ في ظلَالِ النوك ممَن

عاش كَدّاً في ظلال العَقْلِ(٣)

والمراد : أن العيش في ظلال النَّوكِ أي الحمق والجهالة ، خير من العيش الشاق في ظلال العقل ، ولكنّ اللفظ غير واف بهذا المراد.

وأمّا الإطناب المستحسن : فهو أن يكون اللفظ زائداً على أصل المراد لفائدة.

قال الزمخشري : (وكما يجب على البليغ في مظانّ الإجمال أن يجمل ويوجز ؛ فكذلك الواجب عليه في موارد التفصيل والإشباع أن يفصّل ويشبع) ، انتهى(٤) .

قلت : ومن ذلك قوله تعالى : ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّـهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ(٥) .

__________________

(١) سورة يوسف : من آية ٨٢.

(٢) تكملة البيت كما جاء في لسان العرب ٢ : ٢٨٧ : «حتى شتت همالة عيناها».

(٣) مختصر المعاني : ١٧١.

(٤) الكشّاف عن حقائق التنزيل ١ : ١١٣.

(٥) سورة البقرة : ١٦٤.

١٣٢

أطنَبَ فيها أبلغ إطناب وزاد على المتعارف ، وهو أن يقول في وقوع كلّ ممكن على نظام مخصوص لآيات للعقلاء ، وما كان زائداً على أصل المراد لغير فائدة ، ولا يكون اللفظ الزائد متعيِّناً هو الإطناب الممل الغير المستحسن ، كقول ابن الأبرش يذكّر غدْر الزبّاء بجَذِيمة بن الأبرش(١) :

وقدَّدتِ الأَدِيمَ لِراهِشَيْهِ

وألفى قَوْلَها كَذِباً وَمِيْنا(٢)

الكذب والمَيْن : بمعنى واحد ، ولا فائدة في الجمع بينهما فأحدهما لا على التعيين زائد.

قصة الزباء

ولهذا البيت قصة مذكورة في كتب التاريخ وهي أنَّ عَدي ـ بالفتح ـ بن زيد العبادي يذكر حال الزبّاء مع جَذِيمة الأبرش وجَذِيمة ـ بفتح الجمي وكسر الذال المعجمة ـ والأبرش لقبه ؛ لأنه كان به برص فهابت العرب أن تلقبه بالأبرص ، فأبدلوا الصاد شيناً ، وكان قَدْ ملك العراق.

وقيل : إنّه أوّل من أوقد الشمع في مجلسه ، وأوّل من نصب المنجنيق في الحصار من العرب ، فكان ملكه قبل المسيحعليه‌السلام ، وقيل : بعده بمدّة يسيرة ، وكان من أمره أنّه حارب ملك الجزيرة وأعمال الفرات ومشارق الشام.

ويقال لذلك الملك : عمرو بن الضرب بن حسان العميلقي ، فجرى بينه وبين جّذِيمة حروب فانتصر جّذِيمة عليه وقتل عمراً. وكان لعمرو بنت تُدعى

__________________

(١) هذا القول هو لعدي بن زيد العبادي وليس لابن الأبرش ، وإلا فالنص لا يستقيم. (ينظر : التبيان ١ : ٢٤٢ ، أمالي المرتضى ٢ : ٢٢٣ ، الصحاح ٦ : ٢٢١٠ ، لسان العرب ١٣ : ٤٢٥ ، تاج العروس ١٨ : ٥٥٨)

(٢) ينظر : «ديوان عدي بن زيد العبادي : ١٨٣ ، وفيه : (وقدّمت الأديم).

١٣٣

الفارغة ـ بالفاء والغين ـ وقيل : نائلة ، ولقبها الزبّاء ـ بالراء المعجمة والباء الموحَّدة المشدَّدة ، من الزبب وهو كثرة الشعر ـ لأنها كانت حسنة الحواجب ، طويلة الشعر جداً ، وكانت عاقلة فملكت بعده وبنت مدينتين على شاطئ الفرات من الجانب الشرقي والغربي وهما اليوم خراب.

وكان فيما ذُكر قَدْ أسقفت الفرات وجعلته طريقاً بين المدينتين(١) ، وأخذت في الحيلة على جَذِيمة وأطمعته بنفسها حَتَّى اغتر وكانت بكراً ، فجمع جَذِيمة أصحابه واستشارهم فأشاروا عليه بالمضي إليها ، وخالفهم قصير بن سعد ـ تابع له من لخم(٢) ، وقيل : كان ابن عمه ووزيره ولم يكن قصيراً ؛ ولكن سمّي بذلك لمكره ودهائه ـ وقال له : لا تفعل ، فخالفه وسار نحوها في جماعة يسيرة فاستقبلته ، وأحاطوا به وحملوه إلى قصرها فأمرت به فشدّوا بين يديه بسيور من أديم كما يفعله الفصّادون ، ثُمَّ قطعت رَواهشه(٣) فسال الدم حَتَّى مات.

وكان له ابن اُخت اسمه : عمرو ، فملّكوه مكانه ، فأتاه قصير وقال : نصحت خالك فخالفني ، وأنا اُريد أن تقطع اُذنيَّ وتجدع أنفي وتضربني ضرباً شديداً بالسياط ، ودعني والزبّاء ، ففعل به ذلك.

__________________

(١) جاء في كتاب معجم ما استعجم للبكري الأندلسي ج ٢ ص ٤٨٥ ؛ ما نصّه : (الخانوقة : على وزن فاعولة ، هي المدينة التي بنتها الزبّاء على شاطئ الفرات من أرض الجزيرة، وعمدت إلى الفرات عند قلِّة مائة فسكِّر ، ثُمَّ بنت في بطنه أزجاً جعلت فيه نفقاً إلى البرية ، وأجرت عليه الماء فكانت إذا خافت عدواً دخلت في النفق وخرجت إلى مدينة أختها الزبيبة).

(٢) لخم : قبيلة من اليمن نزلت الشام. (ينظر : الأسباب ٥ : ١٣٢).

(٣) رواهشه : أعصاب في باطن الذراع ، واحدها : راهش. (ينظر: النهاية في غريب الحديث ٢ : ٢٨٢ ، لسان العرب ٦ : ٣٠٧).

١٣٤

فهرب قصير على تلك الحالة إلى الزبّاء على أنّه مغاضب لعمرو وأنّه فعل بي ما ترين فصدقت به ، ورقت له وأنعمت عليه وقرَّبته ، وصار من أخصّائها ، وكان يأخذ مالها ويتجر به ، ويضيف إليه أضعافاً من عنده ، ويظهر أنّه من مال التجارة.

وما زال يدبِّر الأمر حَتَّى احتال عليها ، وأدخل إلى قصرها أربعة آلاف رجل بالسلاح ، وجعلهم في صناديق وأقفلها من الداخل ، وحملهم على الإبل ، فلمَّا شاهدت الزبّاء ثقل تلك الأجمال ارتابت منها ، وقالت :

ما للجمال مشيها وئيدا

أجنْدلاً يحملْن أَمْ حديدا

أَم صرفاناً بارداً شديدا

أم الرجال جُثَّماً قُعُودا(١)

فلمّا دخلت الإبل إلى حصن الزبّاء خرجت الرجال من الصناديق ، وأخذت المدينة عنوة ، فخرجت الزبّاء هاربة من قصرها إلى السرب الَّذي اتخذته تحت الفرات إلى حصن اُختها في الجانب الآخر ، وكان قصير قَدْ وقف على طريق السرب ، فأبصرت قصيراً ومعه عمرو وبيده السيف ، فمصّت خاتماً كان في يدها فيه سمّ ساعة ، وقالت : (بيدي لا بيد عمرو) فذهب مثلاً.

وخُرِّبت المدينة ، وسبيت الذراري، وأخذ عمرو بثأر خاله جَذِيمة ، وطال ملكه إلى أن بلغ مائة سنة ، ثُمَّ ملك بعده ابنه امرؤ القيس ، وهذه خلاصة القصة(١) .

__________________

(١) الوئيد : السكون والرزانة والتأني والمشي بثقل. (مجمع البحرين ٤ : ٤٥٨) ، الجندل : الحجارة والمكان الغليظ (العين ٦ : ٢٠٦) ، الصرفان : جنس من تمر (معجم مقاييس اللُّغة ٣ : ٣٤٣) ، الجاثم : اللازم لمكانه لا يبرح كاللابد (لسان العرب ١٢ : ٨٣).

١٣٥

وإليها أشار ابن دريد في مقصورته حيث يقول :

وقد سما عمرو إلى أوتارهِ

فاحتطّ منها كل عالي المستمى

فاسْتَنْزَلَ الزبَّاءَ قَسْراً وهيَ مِنْ

عقاب لوح الجو أعلى منتمى(٢)

فيا لها قصة في شرحها طول.

الكلام على بيت للمتنبي

رجع : وقد يحصل الإطناب بحشو زائد على أصل المراد لغير فائدة ، ويكون الزائد متعيّناً وهو على قسمين، لأن الزيادة :

[أ] ـ إمّا مفسدة للمعنى كقول أبي الطيّب المتنبّي :

ولا فضل فيها للشجاعة والنّدى

وَصَبرِ الفتى لولا لقاء شَعوبِ(٣)

والضمير في (فيها) : راجع إلى الدّنيا المذكورة فيما قبله(٤) .

و (صبر الفتى) أي : على المصائب ، وهو بالجر عطف على الشجاعة.

__________________

(١) الكامل في التاريخ ١ : ٥٤٢ ـ ٣٥١ وفيه مجمل القصة ، خزانة الأدب ٧ : ٢٧٢ ، الأعلام ٣ : ٤١ فإن مؤلِّفه ذكر فيه ملخص القصة عند ترجمته للزبّاء.

(٢) المستمى : الَّذي يستمي الوحش ، أي يطلها في كنسها ، ولا يكون ذلك إلّا في شدّة الحر. العقاب : طائر معروف ، وعقاب اللوح : أعلاه. (ينظر خزانة الأدب ٨ : ٢٧١) ، والبيتان هما من مقصورة أبي بكر محمّد بن الحسن بن دريد الأزدي المشهورة في مدح أبي العبَّاس إسماعيل بن عبد الله بن محمّد بن ميكال ، وكان مؤدبه ، وخمّسها الشيخ محمّد رضا النحوي ، وأورد تخميسها السيِّد الأمين في أعيان الشيعة ٩ : ٣١٠.

(٣) ديوان أبي الطيب / شرح الواحدي ٢ : ٦٧٥ رقم القصيدة ٣١.

(٤) البيت الَّذي قبله :

سبقنا إلى الدنيا فلو عاش أهلها

منعنا بها من جيئه وذهوب

ينظر : شرح ديوان المتنبي للواحدي ٢ : ٦٧٥.

١٣٦

والشَعوب : بفتح الشين المعجمة ، والعين المهملة ، والواو والباء الموحدة كصبور ، من أسماء المنيّة ، غير منصرف للعلميّة والتأنيث ، وإنّما صرفها للضرورة.

والمعنى : أنّه لا فضيلة في الدنيا للشجاعة والعطاء والصبر على الشدائد على تقدير عدم الموت ، وهذا إنّما يصح في الشجاعة والصبر دون العطاء ، من حيث إنّ الشجاع إذا تيقّن بالخلود هان عليه الاقتحام في الحروب والمعارك ؛ لعدم خوفه من الهلاك ، فالفضل في الاقتحام مع خوف الموت ، وكذلك الصابر إذا تيقّن بزوال الحوادث والشدائد لخلوده في الدنيا وزوال ما يحدث فيها هان عليه صبره على المكروه لوثوقه بالتخلّص ، فالفضل في الصبر مع علمه بقلّة المكث وعدم تيسّر التدارك ؛ لعدم مساعدة الدهر وفجأة الموت.

وهذان بخلاف الباذل فإنّه إذا تيقّن بالخلود شقّ عليه بذل المال ؛ لاحتياجه إليه دائماً ، فالفضل في الإنفاق مع تيقّن الخلود لا مع اليقين بالموت ، فذكر الندى في البيت حشو زائد ، مفسد للمعنى ، هذا خلاصة كلام المحقِّق التفتازاني في (المطوّل)(١) .

ثمَّ نقل عن ابن جنّي ما يوجّه به مقصود المتنبي واستظهره ، وهو : (أنّ في الخلود وتنقّل الأحوال من عسر إلى يسر ، ومن شدّة إلى رخاء ، ما يسكّن النفوس ويسهل البؤس ، فلا يظهر لبذل المال كثير فضل ) ، انتهى(٢) .

__________________

(١) المطوّل : ٤٨٢ بتفاوت يسير.

(٢) مختصر المعاني : ١٧١ ، التفسير (شرح ديوان المتنبي لابن جني) ٢ : ١٤٥.

١٣٧

قال الواحدي في شرحه : (ويجوز أن يكون المعنى : أنّ الإنسان إنّما يشجع ليدفع الموت عن نفسه ، ويجود أيضاً لذلك ، ويصبر في الحرب لدفع الموت أيضاً ، فلو لم يكن في الدنيا موتٌ لم يكن لهذه الأشياء فضل) ، انتهى(١) .

[ب] ـ وإمّا غير مُفسدة ، كقول زهير بن أبي سلمى :

وأَعلَمُ عِلْمَ اليوم والأمْسِ قَبْلَهُ

ولكنَّني عَن عِلْمِ مَا بَعده عَمِ(٢)

فقوله : قَبْلَهُ ، حشو زائد لكنّه لا يفسد المعنى.

تقديم المسند إليه

[٤٠] ـ قالرحمه‌الله : «أنا أبتهل إلى الله سبحانه أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم ، وأتضرّع إليه أن يهديني حين تضلّ الأفهام إلى النهج القويم ، ويثبّتني حيث تزلّ الأقدام على الصراط المستقيم »(٣) .

أقول : قبل الشروع فيما يتعلّق بشرح عبارة المصنِّفرحمه‌الله لابدّ لنا من التنبيه على أمر يكون كالمقدِّمة فنقول :

إنّ تقديم المسند إليه قَدْ يفيد التخصيص ، يعني : انفراد المسند إليه بالخبر الفعلي ردّاً على من زعم انفراد غيره به ، أو مشاركة الغير معه فيه.

نحو : أنا سعيت في حاجتك ، لمن زعم أنّ غيرك انفرد بالسعيّ في حاجته ، أو كان مشاركاً لك فيه ، فيكون على الأوّل : قصر قلب ، وعلى الثاني : قصر إفراد ،

__________________

(١) ديوان أبي الطيب / شرح الواحدي ٢ : ٦٧٧ رقم القصيدة ٣١.

(٢) شرح المعلقات السبع : ٧٤ ، شرح ديوان زهير بن أبي سلمى : ٣٠.

(٣) معالم الدين : ٥.

١٣٨

ويؤكّد على الأوّل بنحو : لا غيري ، وعلى الثاني بنحو : وحدي ؛ لأنّ الغرض من التأكيد دفع شبهة خالجت قلب السامع ، والشبهة في الأوّل : أنّ الفعل صدر من غيرك.

وفي الثاني : أنّه صدر منك بمشاركة الغير ، والحال صريحاً ومطابقة على دفع الأوّل ، نحو : لا غيري ، وعلى دفع الثاني ، نحو : وحدي ، دون العكس ، ومنه يعرف وجه اختصاص الأوّل بقصر القلب من حيث إنّ الكلام مسوق فيه لقلب اعتقاد المخاطب ، بخلاف الثاني فإنّه مسوق لإثبات الانفراد.

هذا وقد يقدّم لتقوية الحكم وتقريره في ذهن السامع ، وتحقيق أنَّ المتكلم بل المسند إليه وإن كان غير المتكلم يفعل فعل المسند ، لا أنّ غيره لا يفعل ذلك.

نحو : هذا يعطي الجزاء ، وسبب التقوية تكرار الإسناد فيه من حيث إنّ المسند لكونه جملة مشتملة على الإسناد ، مع كونها مستندة بأجمعها إلى المسند إليه المتقدِّم.

وهذا كلّه مذكور في مظانّه من كتب المعاني والبيان(١) .

إذا عرفت ذلك كلّه فنقول : قال المحقّق التفتازاني في شرح عبارة الخطيب القزويني وهي قوله : (وأنا أسأل الله من فضله) ما لفظه : (لا يُعرف لتقديم المسند

__________________

(١) الإتقان في علوم القرآن ٢ : ١٣٨.

١٣٩

إليه ها هنا جهة حسن ؛ إذ لا مقتضى للتخصيص ولا للتقوّي ، فكأنّه جعل الواو للحال ، فأتى بالجملة الاسمية) ، انتهى(١) .

الظاهر أنَّ نظره في ما ذكره إلى ما عرفت في المقدِّمة من أن التخصيص والتقوي إنّما يكونان مع الإنكار من المخاطب ، وهو لا يناسب مثل المقام ؛ إذ لا يحتمله مثل عبارة الخطيب المذكورة في مقام خطبة الكتاب.

نعم ، نقل الفاضل الجلبي في حاشيته على كتاب المطوّل : (أنَّ بعض العلماء يجوِّز أن يكون التقديم للتخصيص الحقيقي دون الإضافي ، ولا يعتبر فيه رد المخاطب عن الخطأ في الاعتقاد ، والمعنى : أنا أسأل الله لا غيري ؛ لأنّ ما التفت إليه لا يصلح ، أي : لا يليق لأن يلتفت إليه غيري ، فضلاً عن أن يسأل النفع به.

فيكون المراد استحقار مؤلِّفه ، ويجوز أن يكون القصر إضافياً ، أي : أنا أسأل لا معارضيَّ وحسّادي من علماء الزَّمان.

ثُمَّ قال : وكلاهما ليس بشيء ، أمّا الأوّل : فلأنّ استحقار مؤلِّفه بحيث يدّعي عدم صلاحيته لأن يلتفت إليه غيره غير مناسب ، لما أسلفه من مدح مختصره ، وترجيحه على المفتاح ، إلا بتكلّف.

وامّا الثاني : فلأنّه ليس هاهنا من يعتقد شركة معارضيه وحُسّاده له في السؤال حَتَّى يحتاج إلى التخصيص وتوجد جهة الحسن ، وذلك أيضاً ظاهر) ، انتهى(٢) .

ثُمَّ إنَّ جدّي الفاضل الصالح المازندرانيرحمه‌الله ذكر هذا المطلب بعينه في حاشية المعالم ، ورفع الإشكال عن الأوّل : بأنّ مدح الكتاب بالنظر إلى ذاته لا ينافي استحقاره من حيث كونه منسوباً إلى مؤلِّفه.

__________________

(١) المطول : ١٣٧.

(٢) حاشية الجلبي : ٨٢ بتفاوت يسير.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

الصفوة من النبيّين والمرسلين من نسلهما ، ومعاذ الله أن ذلك على ما قالوا من الأخوة والأخوات )(١) .

ولنا روايات أُخرى بهذا المضمون أيضاً ، ومنها ما يدلّ على أنّ الله تعالى بعث إلى هابيل حوراء وإلى قابيل امرأة من طائفة الجنّ ، والجنّ أيضاً يتشكّل بشكل الإنسان كما كان ذلك للملائكة ، وأنّ الحور في الجنان أشكالهن كشكل النساء في الدنيا ، والملائكة وإن كانوا من المجرّدات ، ولكن يتشكّلوا بشكل الإنسان أيضاً ، بأمر الله سبحانه لحكمة خاصّة.

عن معاوية بن عمّار قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن آدم أبي البشر أكان زوّج ابنته من ابنه؟

فقال : (معاذ الله ، والله لو فعل ذلك آدم عليه‌السلام لما رغب عنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وما كان آدم إلاّ على دين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ).

فقلت : وهذا الخلق من ولد من هم؟ ولم يكن إلاّ آدم وحوّاء

فقال :عليه‌السلام : (فلمّا أدرك قابيل ما يدرك الرجل ، أظهر الله عزّ وجلّ جنّية من ولد الجانّ ، يقال لها : جهانة في صورة أنسية ، فلمّا رآها قابيل ومقها ـ أي مال إليها ـ فأوحى الله إلى آدم : أن زوّج جهانة من قابيل ، فزوّجها من قابيل.

ثمّ ولد لآدم هابيل ، فلمّا أدرك هابيل ما يدرك الرجل ، أهبط الله إلى آدم حوراء واسمها : ترك الحوراء ، فلمّا رآها هابيل ومقها ، فأوحى الله إلى آدم أن زوّج تركاً من هابيل ففعل ذلك ، فكانت ترك الحوراء زوجة هابيل بن آدم )(٢) .

وعن الإمام الباقرعليه‌السلام قال : (إنّ الله عزّ وجلّ أنزل حوراء من الجنّة إلى آدم ، فزوّجها أحد ابنيه ، وتزوّج الآخر إلى الجنّ فولدتا جميعاً ، فما كان من الناس من جمال وحُسن خلق فهو من الحوراء ، وما كان فيهم من سوء الخلق فمن بنت الجان ) ، وأنكر أن يكون زوّج بنيه من بناته(٣) .

____________

١ ـ علل الشرائع ١ / ١٨.

٢ ـ بحار الأنوار ١١ / ٢٢٦.

٣ ـ علل الشرائع ١ / ١٠٣.

٤٦١

( أبو عباس ـ البحرين ـ ٤٠ سنة ـ طالب جامعة )

ظاهر القرآن لا يساعد بالتزاوج من جنس آخر :

س : المشكلة التي يطرحها العلاّمة الطباطبائي تجاه هذه الروايات هي : أنّه لا يمكن فلسفياً أن يقع التزاوج بين جنسين مختلفين ، كالبشر والحور ، أو كالبشر والجنّ ، فلذلك مال إلى تقوية القول بتزاوج الأخوة والأخوات.

ج : إنّ السيّد الطباطبائي لم يجعل السبب في قوله بتزاوج الأخوة والأخوات في شريعة آدم ، هو عدم إمكان زواج البشر بالحور أو الجنّ ، بل جعل ذلك لأنّه لا يتناسب مع ظاهر القرآن ، فإنّ ظاهر إطلاق قوله تعالى :( وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء ) (١) ، أنّ النسل موجود من الإنسان ، إنّما ينتهي إلى آدم وزوجته ، من غير أن يشاركهما في ذلك غيرهما من ذكر أو أُنثى ، ولم يذكر القرآن للبث إلاّ إيّاهما ، ولو كان لغيرهما شركه في ذلك ، لقال : وبثّ منهما ومن غيرهما أو ذكر ذلك بما يناسبه من لفظ ، ومن المعلوم أنّ انحصار مبدأ النسل في آدم وزوجته يقضي بازدواج بنيهما من بناتهما.

( علي جبر القره غولي ـ ٢٦ سنة ـ العراق ـ طالب علم )

الزواج من جنس آخر ممكن إذا تحوّل :

س : هل من الممكن أن يتّصل مخلوق الجنّ بمخلوق البشر جنسياً؟ أو أيّ وسيلة اتصال أُخرى؟

وما حقيقة أو تفسير الآية :( وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلاد ) (٢) ؟ وكيف يمكن للجنّ أن يمسّ البشر بحيث يعبّر عنه أنـّه ممسوس أو مجنون والعياذ بالله.

____________

١ ـ النساء : ١.

٢ ـ الإسراء : ٦٤.

٤٦٢

ج : الجنّ مخلوقون من نار ، والإنس مخلوقون من تراب ، ولا يتصوّر على هذا أنّه يمكن أن يحصل تزاوج بينهما ، لاختلاف في مادّة الخلق ، فضلاً عن النوع الواحد ، فهل يتصوّر زواج إنسان من كلب ، وحصان ببقرة ، فكيف بالجنّ.

وإن مر عليك أنّ جنّياً تزوّج من إنسان ، فهذا لا يعني بقاءه على صورته ، بل حوّله الله تعالى إلى مخلوق أنسي حتّى يصحّ التزاوج ، هذا كلّه على فرض صحّة تلك الأخبار.

وأمّا ما يتعلّق بالآية القرآنيّة ، فيقول العلاّمة الطباطبائي : ( فمشاركة الشيطان للإنسان في ماله أو ولده ، مساهمته له في الاختصاص والانتفاع ، كأن يحصل المال الذي جعله الله رافعاً لحاجة الإنسان الطبيعية من غير حلّه ، فينتفع به الشيطان لغرضه ، والإنسان لغرضه الطبيعي ، أو يحصّله من طريق الحلّ ، لكن يستعمله في غير طاعة الله فينتفعان به معاً ، وهو صفر الكفّ من رحمه الله.

وكأن يولد الإنسان من غير طريق حلّه أو يولد من طريق حلّه ، ثمّ يربّيه تربية غير صالحة ، ويؤدّبه بغير أدب الله ، فيجعل للشيطان سهماً ولنفسه سهماً ، وعلى هذا القياس )(١) .

واستناد الجنون إلى الشيطان أو الجنّ ليس على نحو الاستقامة ، ومن غير واسطة ، بل لأسباب طبيعية ، كاختلال الأعصاب والآفة الدماغية أسباب قريبة وراءها الشيطان(٢) .

( السعودية )

خلق الأئمّة لهداية الخلق :

س : هل أنّ أهل البيت عليهم‌السلام خلقوا لهداية الخلق؟ والأخذ بيدهم ، وفّقكم الله.

____________

١ ـ الميزان في تفسير القرآن ١٣ / ١٤٦.

٢ ـ المصدر السابق ٢ / ٤١٣.

٤٦٣

ج : من الواضح أنّ الله تعالى لم يخلق هذا الخلق عبثاً( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا ) (٣) ، وإنّما خلق الله الأشياء من أجل الإنسان( وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ) (٤) ، وخلق الإنسان من أجل تكامله ، والتكامل يحتاج إلى هداة إليه ، والهداة هم أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ـ كما نقرأ في زيارة الجامعة الكبيرة المروية عن الإمام الهاديعليه‌السلام ـ : ( السلام على أئمّة الهدى ومصابيح الدجى وأنتم نور الأخيار وهداة الأبرار ).

إذاً الأئمّةعليهم‌السلام خُلقوا لهداية الخلق ، والخلق وباقي المخلوقات خُلقت لأجل اتباع الخمسة من أهل الكساءعليهم‌السلام ، كما ورد هذا المعنى في حديث الكساء ـ المروي عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ ـ : ( يا ملائكتي ويا سكّان سماواتي ، إنّي ما خلقت سماء مبنية ، ولا أرضاً مدحية ، ولا قمراً منيراً ، ولا شمساً مضيئة ، ولا فلكاً يدور ، ولا بحراً يجري ، ولا فلكاً يسري ، إلاّ في محبّة هؤلاء الخمسة ، الذين هم تحت الكساء ).

جعلنا الله وإيّاكم من المتمسّكين بولاية أهل البيتعليهم‌السلام .

( عباس ـ عمان ـ ٢٥ سنة )

الاستنساخ البشري ليس خلقاً جديداً :

س : ما الذي يثبت الاستنساخ في القرآن؟ لأنّنا نقرأ في الآيات القرآنيّة أنّ الخلق إمّا أن يكون من الطين مباشرة ـ كخلق آدم عليه‌السلام ـ أو ببث الروح والنفخ ـ كخلق عيسى عليه‌السلام ـ أو كالخلق العادي من مني يمنى من أين نستشف الاستنساخ من القرآن الكريم؟

ج : إنّ الاستنساخ ـ على ما ذكره أهل الاختصاص ـ ليس خلقاً جديداً بمعنى الإيجاد من العدم ، بل هو نقل الصفات والمميّزات من مخلوق إلى آخر ، بغية

____________

١ ـ المؤمنون : ١١٥.

٢ ـ الجاثية : ١٣.

٤٦٤

تطوير وتحسين المواصفات في المخلوق الثاني ، وإن كان الأمر حاليّاً في عالم الفرضيات والنظريات بالنسبة للخلقة الإنسانية ، ويبدو أنّه قد يرى بعض المشاكل والموانع في طريقه نحو التطبيق والفعلية.

ثمّ على فرض الوجود فلا يكون متناقضاً مع الخلق الأوّل الذي ابتدعه الله تعالى في صورة آدمعليه‌السلام وحوّاء ، فإنّ النسل البشري ـ في كافّة أنحاء تقلّباته ـ ينتهي بالمآل إليهما ، وعليه فتبقى اطلاقات الآيات القرآنيّة والأحاديث كلّها بحالها في هذا المجال ، فإنّ النصوص الدينية تصرّح بأنّ الإيجاد الأوّل كان بيد الله تعالى ، ثمّ إنّ التطوّرات حصلت أو قد تحصل في دائرة شمولية هذا الخلق.

وأخيراً : فإنّ الحكم الشرعيّ في هذا المجال يجب أن ينظر فيه من زاوية النظرة الفقهيّة ، فيراجع فيه إلى المراجع والمجتهدين وذوي الاختصاص.

( حسين جبّاري ـ البحرين ـ ٢٣ سنة. طالب )

أوّل مخلوق جسماني خلق هو الماء :

س : ما هو أوّل خلق الله؟ وخصوصاً أنّ السنّة يختلفون في هذا الأمر ، فهناك من يقول أنّه الماء ، ومن يقول أنّه نور محمّد ، فما هو قول الشيعة في هذا الأمر؟ وما هو الدليل على ذلك من القرآن.

ج : قد وردت عندنا روايات تبيّن من هو أوّل خلق لله تعالى ، منها ما ورد عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : (أوّل ما خلق الله روحي )(١) ، وعنه أيضاً : (أوّل ما خلق الله العقل )(٢) ، وعن الإمام الصادقعليه‌السلام : (قال الله تبارك وتعالى : يا محمّد إنّي خلقتك وعليّاً نوراً ـ يعني روحاً ـ بلا بدن ، قبل أن أخلق سماواتي وأرضي ، وعرشي وبحري ، فلم تزل تهلّلني وتمجّدني )(٣) ، وهناك روايات أُخرى تشير

____________

١ ـ شرح أُصول الكافي ١٢ / ١١.

٢ ـ المصدر السابق ١ / ٢٠٤.

٣ ـ الكافي ١ / ٤٤٠.

٤٦٥

إلى أنّ الماء أوّل صنع في عالم الخلق ، وقد شرح المازندرانيّ في شرح أُصول الكافي هذا الاختلاف ، وقال : لا منافاة بين هذه الروايات ، لأنّ هذه الثلاثة متحدة بالذات مختلفة بالحيثيات.

إذ هذا المخلوق الأوّل من حيث أنّه ظاهر بذاته ومظهر لظهوره وجودات غيره ، وفيضان الكمالات من المبدأ عليها سمّي نوراً ، ومن حيث إنّه حيّ وبسببه حياة كلّ موجود سمّي روحاً ، ومن حيث أنّه عاقل لذاته وصفاته وذوات سائر الموجودات وصفاتها سمّي عقلاً(٤) .

وجاء في الهامش : أنّ أوّل صادر من الواجب تعالى في السلسلة الطولية ـ أعني العلل والمعلولات ـ أشرف المخلوقات مطلقاً ، لكونه أقرب إلى الواجب تعالى ، وليس إلاّ روح خاتم الأنبياءصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو نور لتحقّق معناه فيه ، وكونه ظاهراً بذاته ومظهراً لغيره ، وهو عقل لتقدّم العقل على الجسم

وأمّا كون الماء أوّل المخلوقات فالمراد منه أوّل موجود جسماني ، لا أوّل الموجودات مطلقاً كما علم ممّا مر ، وأعلم أنّ الإمامعليه‌السلام جرى ها هنا على اصطلاح الناس في ذلك العصر ، فإنّ العناصر عندهم كانت منحصرة في أربعة : الماء والهواء أي الريح ، والنار والأرض ، وبيّنعليه‌السلام أنّ الأصل هو الماء ، والثلاثة الأُخرى مولدة منه.

( عادل. البحرين ـ ٢١ سنة ـ طالب ثانوية )

الهدف من الخلقة :

س : أودّ منكم الإجابة على هذه الأسئلة التي تكاد تفجّر رأسي حول الغاية من خلق الإنسان :

من أين أنا؟ ولماذا؟ وإلى أين؟ الرجاء كلّ الرجاء السرعة في الردّ.

____________

١ ـ شرح أُصول الكافي ١٢ / ١١.

٤٦٦

ج : من حقّك أن تسأل مثل هذا ، فلابدّ للإنسان أن يعرف من أين مبدأه ، وإلى أين منتهاه ، وما هي العلّة من وجوده؟ فأنت في الواقع تسأل عن أصلين من أُصول الدين ، وهما : التوحيد والمعاد ، بالإضافة إلى الهدف من خلق الإنسان؟

وللإجابة على ذلك على نحو الإجمال ؛ هو أن تفهم أنّ البداية من الله ، وأنّ النهاية إلى الله ، وقد أوجز سبحانه ذلك بقوله :( إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ) (١) .

أمّا ما هي الغاية أو الحكمة من خلق الإنسان؟ فهي التخلّق بالقيم والمثل الروحية والأخلاقية ، والاتصاف بالأسماء والصفات الإلهيّة ، وذلك يتحقّق بالعبودية لله تعالى.

وبما أنّك مسلم فلابدّ أن تعترف بالقرآن ، ولابدّ أن ترجع إليه لأنّه خير معين ، وهو يجيبك على ما في خلجات نفسك ، فالله تعالى يقول في كتابه العزيز :( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ) (٢) ، فالعبودية هي الغرض الإلهيّ من خلق الإنسان ، وكمال عائد إليه هي وما يتبعها من الآثار ، كالرحمة والمغفرة وغير ذلك ، ولو كان للعبادة غرض كالمعرفة الحاصلة بها والخلوص لله ، كان هو الغرض الأقصى ، والعبادة غرضاً متوسّطاً.

وقد قال تعالى :( ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ ) (٣) ، وقوله :( خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) تعليل لقوله :( لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ) (٤) ، أي إنّما انحصرت الألوهية فيه لأنّه خالق كلّ شيء من غير استثناء ، فلا خالق غيره لشيء من الأشياء حتّى يشاركه في الألوهية ، وكلّ شيء مخلوق له خاضع له بالعبودية فيها ، وقوله :( فَاعْبُدُوهُ ) متفرّع كنتيجة على قوله :( ذَلِكُمُ

____________

١ ـ البقرة : ١٥٦.

٢ ـ الذاريات : ٥٦.

٣ ـ الأنعام : ١٠٢.

٤ ـ البقرة : ١٦٣.

٤٦٧

اللهُ رَبُّكُمْ ) أي إذا كان الله سبحانه هو ربّكم لا غير فاعبدوه.

وقد قال تعالى أيضاً :( إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى ) (١) ، وهذه وغيرها من الآيات الكثيرة تثبت المعاد ، والرجوع إلى عالم أخر ، فلابدّ إذاً من الاستعداد إلى ذلك العالم.

وإن كنت تجد في نفسك شيء من الإسلام ؛ فلابدّ إذاً من البحث في القرآن وإعجازه حتّى يتسنّى لك الاستفادة منه ، فالقرآن تحدّى جميع البشر أن يأتوا بمثله ، وقد عجزوا عن ذلك! فهو إذاً من قوّة عليا فوق قدرة البشر.

ثمّ أنّ الإيمان بالمبدأ والتوجّه إلى ما وراء الطبيعة من الأُمور الفطرية ، التي عجنت خلقة الإنسان بها كما عجنت بكثير من الميول والغرائز ، وإنّ الشعور الديني الذي يتأجّج لدى الشباب في سنّ البلوغ ، يدعو الإنسان إلى الاعتقاد بأنّ وراء هذا العالم عالماً آخر ، يستمد هذا العالم وجوده منه ، وإنّ الإنسان بكلّ خصوصيّاته متعلّق بذلك العالم ويستمد منه ، وقد ذكر الله تعالى ذلك بقوله :( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) (٢) .

وإنّ عبارة فطرة الله تفسير للفظة الدين الواردة قبلها ، وهي تدلّ بوضوح على أنّ الدين شيء خُلِق الإنسان عليه وفُطِر به ، كما خُلِق وفُطِر على كثير من الميول والغرائز ، والدين هنا يعني الاعتقاد بخالق العالم والإنسان ، وأنّ مصير الإنسان بيده.

ثمّ إنّ الدين عامل قويّ يرجّح كفّة الأخلاق ، ويوصي الإنسان بالعمل بالقيم وكبح جماح الغرائز ، لأنّ المتدّين يعتقد بأنّ كلّ ما يعمل من خير وشر في هذه الدنيا يحاسبه الله سبحانه عليه بأشدّ الحساب.

____________

١ ـ العلق : ٨.

٢ ـ الروم : ٣٠.

٤٦٨

الخمس :

( راشد حسين علي ـ الكويت ـ )

جزاء تاركه عمداً :

س : ما جزاء تارك الخمس عمداً؟

ج : إنّ الخمس واجب على الجميع ، وتاركه عمداً إذا لم يكن مستحلاً له فهو من مرتكبي الكبائر ، ويعاقب يوم القيامة عقاباً شديداً ، ويجب عليه إخراج جميع ما تعلّق بذمّته من الخمس منذ سنّ التكليف ، وإذا لم يعلم مقداره ، فعليه بمراجعة مرجع التقليد أو وكيله لإجراء المصالحة معه.

( حسن محمّد يوسف ـ البحرين ـ ١٨ سنة ـ طالب جامعة )

يشمل غير غنائم الحرب :

س : هل الخمس واجب في غنائم الحرب فقط ، كما يقول أهل السنّة؟ ولماذا؟

ج : إنّ دليل وجوب الخمس في القرآن كما تعلم هو قوله تعالى :( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى ) (١) .

والغنيمة هنا مطلق ما يغنمه المرء وما يكسبه من تجارةٍ أو هبةٍ أو بسبب الحرب ، الذي من خلاله يغنم على ممتلكات العدو.

هذا معنى الغنيمة ، فالغنيمة بمعنى الغنم والظفر والحصول على شيء ،

____________

١ ـ الأنفال : ٤١.

٤٦٩

وقد أكّد هذا المعنى الراغب الأصفهاني ـ وهو من علماء أهل السنّة ـ بأنّ كلّ ما يحصل عليه من كسبٍ ومن غيره في حربٍ أو غير حرب فهو غنم ، فقال : والغنم : إصابته والظفر به ، ثمّ استعمل في كلّ مظفورٍ به من جهة العدى وغيرهم(١) .

قال تعالى :( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ ) ، وقال :( فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّبًا ) (٢) والمغنم : ما يغنم وجمعه مغانم ، قال تعالى :( فَعِندَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ) (٣) .

فالغنيمة ، هو مطلق حصول الإنسان على شيء من حربٍ أو غير حرب ، هذا ما يوافق القرآن ، وأهل اللسان ، وما خالفه لا يلتفت إليه ولا يسمع إلى قوله.

فالذين حصروا الخمس في غنيمة الحرب خالفوا ما عليه إطلاق المعنى ، وحصروه في غنائم الحرب من دون دليل ، بل خلاف القرآن واجتهاد مقابل النصّ.

وبعبارة أُخرى : فإنّ الدليل مع من قال بإطلاق اللفظ على معنى الغنائم جميعاً ، في الحرب أو التجارة أو غيرها.

وأمّا من ضيّق دائرة نطاق اللفظ ليحصرها على مورد واحد من موارد الغنيمة ، كانت دوافعه سياسية معروفة ، فأهل البيتعليهم‌السلام ومن تبعهم كانوا يشكّلون قوّة خطرٍ دائم على النظام ، ولغرض إضعاف القوّة الهاشميّة الناشطة آنذاك ، ولغرض فرض حصارٍ اقتصادي يوجب شل حركة الهاشميّين ، أوّلوا الغنيمة إلى كلّ ما يكسبه المقاتل في الحرب ، وألغوا جميع معانيها الأُخرى ، وعلماء البلاط لا يفتون إلاّ بما يضمن مصالح النظام ، ودفع أي احتمال خطر

____________

١ ـ مفردات غريب القرآن : ٣٦٦.

٢ ـ الأنفال : ٦٩.

٣ ـ النساء : ٩٤.

٤٧٠

يحيط بهم الآن أو مستقبلاً ، وبذلك عطّلوا عاملاً قوياً ومهمّاً في تنشيط الهاشميّين وتفعيل تحرّكاتهم ، هذا هو سبب حصر اللفظ على معنى واحد ، وهو كما ترى لا يستقيم.

( حيدر ـ الكويت ـ )

أدلّة وجوبه في أرباح المكاسب :

س : ما هي الدلائل الشرعيّة على وجوب الخمس من القرآن الكريم ، وكتب السنّة والشيعة؟ حيث أنّه لا يوجد عند السنّة إلاّ الزكاة ، لأنّها ذكرت في القرآن الكريم ، وشكراً.

ج : من المواضيع المختلف فيها بين الشيعة والسنّة هو إخراج الخمس من أرباح المكاسب ، وكلّ ما حصلوا عليه من أموال طيلة سنتهم بشروط خاصّة ، بعد الاتفاق بينهم على وجوب الخمس في غنائم الحرب ، لصريح الآية الكريمة :( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللهِ ) (١) ، ولصريح قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع : الإيمان بالله ، وأقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وأن تؤدّوا خمس ما غنمتم )(٢) .

فالشيعة ـ امتثالاً لأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يخرجون خمس أرباح مكاسبهم ، وما حصلوا عليه من أموال طيلة سنتهم ـ التي تتوفر فيها شرائط خاصّة ـ ، ويفسّرون معنى الغنيمة بكلّ ما يكسبه الإنسان من أرباح بصفة عامّة.

أمّا أهل السنّة ، فقد أجمعوا على تخصيص الخمس بغنائم الحرب فقط ، وفسّروا قوله تعالى :( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ ) يعني ما حصّلتم عليه في الحرب.

____________

١ ـ الأنفال : ٤١.

٢ ـ صحيح البخاريّ ١ / ١٣٣ و ٢ / ١٠٩ و ٤ / ٤٤ و ٥ / ١١٦.

٤٧١

وما ذهب إليه أهل السنّة من تخصيص الخمس بغنائم الحرب غير صحيح ، وذلك لأمرين :

١ ـ أخرجوا في صحاحهم فرض الخمس في غير غنائم الحرب ، ونقضوا بذلك تأويلهم ومذهبهم ، فقد جاء في صحيح البخاريّ أن في الركاز الخمس ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( في المعدن جُبار ، وفي الركاز الخمس )(١) .

والركاز هو : الكنز الذي يستخرج من باطن الأرض ، وهو ملك لمن استخرجه ، ويجب فيه الخمس لأنّه غنيمة ، كما أنّ الذي يستخرج العنبر واللؤلؤ من البحر ، يجب عليه إخراج الخمس لأنّه غنيمة.

وبما أخرجه البخاريّ في صحيحه يتبيّن لنا : أنّ الخمس لا يختص بغنائم الحرب.

٢ ـ خلاف المعنى اللغويّ للغنيمة ، فقد جاء في المنجد : ( أنّ الغنيمة ما يؤخذ من المحاربين عنوة ، المكسب عموماً )(٢) ، وعلى هذا فكلّ مكسب فهو غنيمة ، وعليه فالغنيمة تشمل أرباح المكاسب.

ثمّ لا يخفى عليك أنّ الشيعة اعتمدت في وجوب الخمس على الآية والروايات الواردة عن أهل البيتعليهم‌السلام ، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا ، والذين هم عدل الكتاب ، لا يضلّ من تمسّك بهم ، ويأمن من يلجأ إليهم.

( رياض عيسى ـ البحرين ـ )

أهمّيته وكيفية إخراجه :

س : أُريد توضيحاً عن الخمس ، وكيفية إخراجه؟

ج : قال الله تعالى :( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ

____________

١ ـ المصدر السابق ٢ / ١٣٧.

٢ ـ المنجد : ٥٦١.

٤٧٢

وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِالله ) (١) .

الخمس من الفرائض الإسلاميّة والواجبات الدينية على كلّ مسلم ومؤمن. فعن الإمام الباقرعليه‌السلام قال عندما قرأت عليه آية الخمس : (ما كان لله فهو لرسوله ، وما كان لرسوله فهو لنا ) ، ثمّ قال : (لقد يسّر الله على المؤمنين أنّه رزقهم خمسة دراهم ، وجعلوا لربّهم واحداً ، وأكلوا أربعة حلالاً ) ، ثمّ قال : (هذا من حديثنا صعب مستصعب ، لا يعمل به ولا يصبر عليه إلاّ ممتحن قلبه للإيمان )(٢) .

ويبدو أنّ إعطاء الخمس من مظاهر هذا الامتحان الإلهيّ ، فمن أعطى الخمس بطيب نفسه وابتهاج وسرور ، فإنّ ذلك من علامات الإيمان ، ولا يصبر عليه إلاّ ممتحن قلبه للإيمان.

وعن الإمام الكاظمعليه‌السلام قال : (قال لي هارون : أتقولون إنّ الخمس لكم؟ قلت : نعم ، قال : إنّه لكثير ، قلت : إنّ الذي أعطاناه علم أنّه لنا غير كثير )(٣) .

فمن أمثال هارون الرشيد الطاغية يصعب عليه الخمس ويراه كثيراً ، فكيف بمن ينكر ويمنع أصل ذلك؟

والخمس كما في الآية الشريفة للأصناف الستة : لله وللرسول ولذوي القربى ـ وهم الأئمّة الأطهار ـ وما كان لله فهو لرسوله ، وما كان للرسول فهو للإمام المعصومعليه‌السلام .

وقد تعارف بين المتشرّعة وجود سهم في زمن الغيبة الكبرى ، باسم سهم الإمام ، يصرف في ترويج الدين الإسلاميّ والمصالح العامّة بإذن من مرجع

____________

١ ـ الأنفال : ٤١.

٢ ـ بصائر الدرجات : ٤٩.

٣ ـ بحار الأنوار ٤٨ / ١٥٨.

٤٧٣

التقليد الجامع للشرائط أو وكيله ، والنصف الثاني من الخمس يعطى للأصناف الثلاثة الأُخرى المذكورين في الآية الشريفة من الهاشميّين بدلاً من الزكاة ، لأنّها من غيرهم تحرم عليهم ، ويسمّى هذا القسم : بسهم السادة.

فالخمس من الفرائض المؤكّدة المنصوص عليها في القرآن الكريم ، وقد ورد الاهتمام الكبير بشأنه في كثير من الروايات المأثورة عن أهل البيتعليهم‌السلام ، وفي بعضها اللعن والويل والثبور على من يمتنع من أدائه ، وعلى من يأكله بغير استحقاق.

فمن كتاب لإمامنا المهديّعليه‌السلام قال : (ومن أكل من أموالنا شيئاً ، فإنّما يأكل في بطنه ناراً )(١) .

وقالعليه‌السلام أيضاً في كتاب آخر : (بسم الله الرحمن الرحيم : لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على كلّ من أكل من مالنا درهماً حراماً )(٢) .

وقالعليه‌السلام أيضاً : (وأمّا المتلبّسون بأموالنا فمن استحلّ منها شيئاً فأكله ، فإنّما يأكل النيران )(٣) .

فيا ترى ، فهل يعيش برغد وسعادة من يمنع الخمس؟ وأنّى يكون ذلك وصاحب العصر والزمانعليه‌السلام يدعو عليه؟ وطوبى لمن أدّى خمسه ، وشمله دعاء مولاه ، فكيف لا يسعد ولا يوفّق في حياته ، ولا يعيش بهناء في الدنيا ، وجنّات عرضها السماوات والأرض في الآخرة.

وهذا المال ممّن؟ أليس من الله سبحانه؟ فلماذا يبخل الإنسان؟

وإن قيل : إنّما هو بكدّي وعرق جبيني ، فنقول : وممّن الحول والقوّة؟ وممّن الصحّة والعافية؟ وممّن التوفيق؟ فلماذا لا نطيع ربّ العالمين؟ ولماذا البخل؟ وما قيمة المال بلغ ما بلغ؟ فكيف لو كان ذلك موجباً لدعاء صاحب الأمرعليه‌السلام

____________

١ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ٥٢١.

٢ ـ المصدر السابق : ٥٢٢.

٣ ـ المصدر السابق : ٤٨٥.

٤٧٤

عليه ، فيما لم يودّ حقوقه الشرعيّة؟ وفي المال حقّ للسائل والمحروم ، وما ثمن المال لو كان عاقبته النيران والويل ، ولعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

وجاء في تفسير القمّيّ عندما يسأل أهل النار( مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ) (١) ؟ فمن أجوبتهم ، يقولون :( وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ) (٢) قال : ( حقوق آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله من الخمس لذوي القربى ، واليتامى والمساكين ، وابن السبيل ، وهم آل محمّدعليهم‌السلام )(٣) .

وجاء أيضاً في قوله تعالى :( وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ) (٤) أي لا تدعوهم ، وهم الذين غصبوا آل محمّد حقّهم ، وأكلوا أموال اليتامى وفقراءهم ، وأبناء سبيلهم(٥) ، وهذا من التأويل أن لم يكن من التفسير ، فتدبّر وأمعن النظر ، فلا يقل الخمس عن الزكاة في القدر ، ولا في الحكمة والأثر.

وأمّا كيفية استخراج الخمس ، فإنّه مذكور بالتفصيل في الرسائل العملية لمراجعنا الكرام ، فر اجع.

( أحمد ـ ـ )

آية( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) لا تدلّ عليه :

س : وجدت في تفسير آية( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ ) ، وفي رواية أنّ علي بن الحسين عليهما‌السلام قال لرجل من أهل الشام : ( نحن ذو القرابة ) ، وأنّ معناها الخمس.

____________

١ ـ المدّثّر : ٤٢.

٢ ـ المدّثّر : ٤٤.

٣ ـ تفسير القمّيّ ٢ / ٣٩٥.

٤ ـ الفجر : ١٨.

٥ ـ تفسير القمّيّ ٢ / ٤٢٠.

٤٧٥

ووجدت روايات في بعض الكتب ، أنّه حينما نزلت الآية ، أعطى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فدكاً لفاطمةعليها‌السلام ، فلذا أيّها الأساتذة الأفاضل ، إذا كانت الآية هي الخمس ، فما هو التفسير في إعطاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فدكاً لفاطمةعليها‌السلام عند نزولها ، فهل فدك كانت من الخمس؟

أرجو منكم الإجابة التي تشفي الغليل ، وتطمئن القلب.

ج : نعم ، وردت روايات كثيرة إلى حدّ الاستفاضة في إعطاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فدكاً لفاطمةعليها‌السلام بعد نزول هذه الآية ، والتي وردت في سورتين(١) ، وأيضاً ورد في رواية الاحتجاج عن الإمام السجّادعليه‌السلام تأويله( ذَا الْقُرْبَى ) بأهل البيتعليهم‌السلام (٢) .

ولكن لم يرد في أثر أنّ مقصود الآية هو الخمس ، فالمجامع الروائية خالية من هذا المعنى ، ولا نعلم له وجهاً وجيهاً ، وللمزيد من الإيضاح راجع تفاسير الميزان ، الصافي ، العيّاشيّ ، البرهان ، وكافّة المجموعات الحديثية عند الفريقين.

وأمّا إبداء احتمال لدى بعض المفسّرين ، فبما أنّه لا يعتمد على دليل قوي فلا حجّية له.

( أُمّ بدر ـ الكويت ـ سنّية )

أين حديث الرسول في وجوب الخمس :

س : أين حديث الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله في وجوب الخمس في ما زاد عن المؤنة؟ مع العلم لقد اطلعت على أحاديث الأئمّة ، ووجدت حديث الرسول عن الخمس في غنائم الحرب والركاز فقط ، ولم أجد روايات عن الإمام علي رضي‌الله‌عنه عن خمس في ما زاد عن المؤنة.

ج : الدليل على وجوب الخمس فيما يفضل عن مؤنة السنة له ولعياله من أرباح التجارات والصناعات والزراعات ، هو قوله تعالى :( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن

____________

١ ـ الإسراء : ٢٦ ، الروم : ٣٨.

٢ ـ الاحتجاج ٢ / ٣٣.

٤٧٦

شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ ) (١) ، والغنيمة اسم للفائدة ، فكما يتناول هذا اللفظ غنيمة دار الحرب بإطلاقه ، يتناول غيرها من الفوائد.

وكذلك الدليل على الوجوب الأخبار المستفيضة عن أهل البيتعليهم‌السلام (٢) .

وهذا الحكم مقطوع به في كلام فقهاء الشيعة ، بل ادّعى عليه العلاّمة في التذكرة والمنتهى الإجماع ، وتواتر الأخبار(٣) .

وكما تعلمون ، فإنّ الأحكام الشرعيّة تعبّدية ، فإذا ثبت الحكم برواية صحيحة يجب الاتباع ، فكيف بثبوته بالأخبار المتواترة.

( حسين ثابت ـ السعودية ـ )

آية الخمس تشمل غير غنائم الحرب :

س : ما هو الدليل على أنّ الخمس واجب شرعيّ عامّ؟ وليس واجباً فقط في الحرب؟ كما نعلم في نزول آية : ( وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ ) (٤) ، وهل يؤيّد ذلك في مصادر إخواننا أبناء السنّة؟ ودمتم سالمين.

ج : إنّ الشيعة تلتزم بتعميم الحكم المستفاد من الآية المذكورة ، بمعونة الروايات والأحاديث المتواترة الواردة من طريق أهل البيتعليهم‌السلام ، وهذا ممّا لا ريب فيه.

ثمّ قد يدّعي أهل السنّة باختصاص الآية بغنائم الحرب ، ويلاحظ عليهم :

أوّلاً : إنّ هذا القول مخالف لإجماع أهل اللغة في معنى كلمة ( الغنيمة ) ، فإنّهم يصرّحون باشتمالها على كلّ ما ظفر به من الفوائد والأرباح والمكاسب ، وغنائم الحرب.

____________

١ ـ الأنفال : ٤١.

٢ ـ وسائل الشيعة ٩ / ٤٩٩.

٣ ـ تذكرة الفقهاء ١ / ٢٥٢ ، منتهى المطلب ١ / ٥٤٨.

٤ ـ الأنفال : ٤١.

٤٧٧

وعليه ، فصرف معنى الكلمة عن ظهورها ، وحصره في غنيمة الحرب ، يحتاج إلى دليل عقليّ أو نقليّ ، وكلاهما مفقودان في المسألة.

ثانياً : ورد في بعض الأحاديث في المصادر السنّية في تخميس موارد ليست من غنائم الحرب ، فجاء أنّه ( في الركاز الخمس )(١) ، ممّا يؤيّد عدم انحصار قانون الخمس في غنائم الحرب فحسب.

ثالثاً : هناك من يرى من أعلام السنّة وجوب الخمس في غير غنائم الحرب من الكنز وغيره ، فمثلاً ينسب البخاريّ إلى الحسن وجوب الخمس في العنبر واللؤلؤ(٢) ، ونقل بعضهم وجوب الخمس في المعدن عن عدّة ، منهم أبي حنيفة والزهري ، وأصحاب الرأي(٣) .

رابعاً : نرى بعض أعلام أهل السنّة ـ كابن حزم ـ يعتمد على نفس الآية المذكورة في استدلاله لوجوب الخمس في الكنز(٤) .

وهذا إنّما يدلّ على التزامه بإطلاق الآية ، أي أنّه يعتقد بأنّ آية الغنيمة لا تختصّ بغنائم الحرب ، بل وتعمّ كافّة المكاسب والفوائد.

( إبراهيم محمّد ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

يجب في المال الحلال المخلوط بالحرام :

س : كيف يصدق لفظ الغنيمة في الخمس على المال المخلوط بالحرام؟ وما يفضل عن مؤونة سنته؟ وشكراً.

____________

١ ـ صحيح البخاريّ ٢ / ١٣٧ ، سنن ابن ماجة ٢ / ٨٣٩ ، سنن أبي داود ٢ / ٥٣ ، السنن الكبرى للبيهقيّ ٤ / ١٥٢ ، مسند أحمد ١ / ٣١٤ و ٣ / ٣٣٦ ، مجمع الزوائد ٣ / ٧٨ ، فتح الباري ٣ / ٢٨٨ ، تحفة الأحوذيّ ٣ / ٢٤٣.

٢ ـ صحيح البخاريّ ٢ / ١٣٦.

٣ ـ المجموع ٦ / ٩٠.

٤ ـ المحلّى ٧ / ٣٢٤.

٤٧٨

ج : بالرجوع إلى اللغة نجد أنّ كلمة الغنيمة هي الفائدة المكتسبة ، والفائدة تنطبق على كلّ ما أوجب فيه الخمس ، بما فيه المال المخلوط بالحرام ، وما يفضل عن مؤنة سنته ، وعلى هذا الأساس اعتبر بعض المفسّرين الآية القرآنيّة تشمل كلّ أقسام الخمس ، ففي تفسير الميزان قال : ( الغنم والغنيمة إصابة الفائدة من جهة تجارة أو عمل أو حرب ، وينطبق بحسب مورد نزول الآية على غنيمة الحرب والغنم ـ بالضم فالسكون ـ إصابته والظفر به ، ثمّ استعمل في كلّ مظفور به من جهة العدى وغيرهم )(١) .

وقال أيضاً : ( وإنّ الحكم متعلّق بما يسمّى غنماً وغنيمة ، سواء كانت غنيمة حربية مأخوذة من الكفّار أو غيرها ، ممّا يطلق عليه الغنيمة لغة ، كأرباح المكاسب والغوص والملاحة ، والمستخرج من الكنوز والمعادن ، وإن كان مورد نزول الآية هو غنيمة الحرب ، فليس للمورد أن يخصّص )(٢) .

والذي يدعم هذا التفسير لمعنى الغنيمة الروايات التي توضّح أنّ الخمس يشمل جميع تلك الأقسام.

والذي يخصّص مفاد الآية ليشمل ما يفضل عن مؤنة سنته دون غيره من الفوائد المصروفة في المؤنة روايات عنهمعليهم‌السلام ، فعن محمّد بن حسن الأشعريّ قال : كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثانيعليه‌السلام : اخبرني عن الخمس أعلى جميع ما يستفيده الرجل ، من قليل وكثير ، من جميع الضروب؟ وعلى الضياع فكيف ذلك؟ فكتب بخطّه : (الخمس بعد المؤنة )(٣) .

وأمّا الحلال المخلوط بالحرام ، فقد اختلف فيه هل يجب فيه الخمس بعنوان خمس؟ أو يجب فيه إخراج الخمس بعنوان ردّ للمظالم؟ فالذي أوجب فيه الخمس قال : إنّ اسم الغنيمة يشمله ، لأنّه فائدة ، وكلّ فائدة غنيمة ، وإن

____________

١ ـ الميزان في تفسير القرآن ٩ / ٨٩.

٢ ـ المصدر السابق ٩ / ٩١.

٣ ـ الاستبصار ٢ / ٥٥.

٤٧٩

كان يرى بعضهم أنّ الحلال المخلوط بالحرام إنّما وجب فيه الخمس استناداً إلى السنّة ، واستدلّ بروايات فيها عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : (إنّ رجلاً أتى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : يا أمير المؤمنين إنّي أصبت مالاً لا أعرف حلاله من حرامه؟ فقال : أخرج الخمس من ذلك المال ، فإنّ الله قد رضي من المال بالخمس ، واجتنب ما كان صاحبه يعلم )(١) ، واستشكلّ بعضهم أن يجب في الحلال المخلوط بالحرام الخمس ، وقال : إنّما يدفع الخمس عن ذلك بعنوان أعم من الخمس وردّ المظالم ، ويرجع في ذلك لمراجع التقليد والرسائل العمليّة.

____________

١ ـ تهذيب الأحكام ٤ / ١٢٤.

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621