موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٣

موسوعة الأسئلة العقائديّة9%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-03-4
الصفحات: 621

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 621 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 265563 / تحميل: 6275
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٣

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٣-٤
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

أرد ذلك فسقط في البئر فمات فعلى من دية هذا فقال ديته على القوم الذين استنجدوا الرجل فأنجدهم وأنقذ أموالهم ونساءهم وذراريهم أما إنه لو كان آجر نفسه بأجرة لكانت الدية عليه وعلى عاقلته دونهم وذلك أن سليمان بن داودعليه‌السلام أتته امرأة عجوز تستعديه على الريح فقالت يا نبي الله إني كنت قائمة على سطح لي وإن الريح طرحتني من السطح فكسرت يدي فأعدني على الريح فدعا سليمان بن داودعليه‌السلام الريح فقال لها ما دعاك إلى ما صنعت بهذه المرأة فقالت صدقت يا نبي الله إن رب العزة جل وعز بعثني إلى سفينة بني فلان لأنقذها من الغرق وقد كانت أشرفت على الغرق فخرجت في سنني وعجلتي إلى ما أمرني الله عز وجل به فمررت بهذه المرأة وهي على سطحها فعثرت بها ولم أردها فسقطت فانكسرت يدها قال فقال سليمان يا رب بما أحكم على الريح فأوحى الله عز وجل إليه يا سليمان احكم بأرش كسر يد هذه المرأة على أرباب السفينة التي أنقذتها الريح من الغرق فإنه لا يظلم لدي أحد من العالمين.

٢ ـ عنه ، عن محمد بن أسلم ، عن هارون بن الجهم ، عن محمد بن مسلم قال قال أبو

قوله عليه‌السلام : « ديته على القوم الذين استنجدوا » لم أر من الفقهاء من تعرض لمضمون الخبر نفيا وإثباتا.

وفي القاموس : استنجدني فأنجدته : أي استعان بي فأعنته.

قوله عليه‌السلام : « فقالت صدقت » يمكن أن يكون المراد بالريح الملك الموكل بها مجازا ، ويحتمل أن يكون مخاطبة الريح استعارة تمثيلية لبيان استعلام سليمانعليه‌السلام سبب ما أرسل له الريح ، ولا يبعد أن يكون الله تعالى أعطى الريح في ذلك الوقت الحياة لظهور هذا الأمر على نبيه ، وليكون معجزة له إن لم نقل بنوع شعور للجمادات مطلقا كما قيل. والله يعلم.

وقال في القاموس :سنن الطريق مثلثة وبضمتين نهجه وجهته ، وجاءت الريح سناسن على طريقة واحدة.

الحديث الثاني : ضعيف.

٢٠١

جعفرعليه‌السلام أيما ظئر قوم قتلت صبيا لهم وهي نائمة فانقلبت عليه فقتلته فإن عليها الدية من مالها خاصة إن كانت إنما ظاءرت طلب العز والفخر وإن كانت إنما ظاءرت من الفقر فإن الدية على عاقلتها.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي العباس قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ما للرجل يعاقب به مملوكه فقال على قدر ذنبه قال فقلت فقد عاقبت حريزا بأعظم من جرمه فقال ويلك هو مملوك لي وإن حريزا شهر السيف وليس مني من شهر السيف.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن إبراهيم بن أبي

وقال في الشرائع : لو انقلبت الظئر فقتلته لزمها الدية في مالها إن طلبت بالمظائرة الفخر ، ولو كان للضرورة فديته على عاقلتها.

وقال في المسالك : في سند الرواية ضعف وجهالة يمنع من العمل بمضمونها مع مخالفتها للأصل من أن فعل النائم خطاء محض ، لعدم القصد فيه إلى الفعل أصلا ، وطلب الفخر لا يخرج الفعل عن وصفه بالخطاء وغيره ، فكأن القول بوجوب ديته على العاقلة مطلقا أقوى وهو خيرة أكثر المتأخرين.

الحديث الثالث : حسن.

وكان شهر السيف في قتال الخوارج بسجستان ، وروى الكشي عن حمدويه ، ومحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج « قال : استأذن فضل البقباق لحريز على أبي عبد اللهعليه‌السلام فلم يأذن له فعادوه فلم يأذن له ، فقال له : أي شيء للرجل أن يبلغ من عقوبته غلامه؟ قال : على قدر جريرته ، فقال : قد عاقبت حريزا بأعظم مما صنع ، فقال : ويحك أنا فعلت ذلك إن حريزا جرد السيف ، قال :

ثم قال : لو كان حذيفة ما عاودني فيه بعد أن قلت له : لا. انتهى.

أقول : ولعلهعليه‌السلام إنما حجبه للتقية من خلفاء الجور ، ولعدم اجترائه بعد ذلك على مثله ، ويدل على قلة معرفة أبي العباس بالآداب.

الحديث الرابع : مرفوع.

٢٠٢

البلاد ، عن بعض أصحابه رفعه قال كانت في زمن أمير المؤمنينعليه‌السلام امرأة صدق يقال لها أم قيان فأتاها رجل من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام فسلم عليها قال فرآها مهتمة فقال لها ما لي أراك مهتمة فقالت مولاة لي دفنتها فنبذتها الأرض مرتين فدخلت على أمير المؤمنينعليه‌السلام فأخبرته فقال إن الأرض لتقبل اليهودي والنصراني فما لها إلا أن تكون تعذب بعذاب الله ثم قال أما إنه لو أخذت تربة من قبر رجل مسلم فألقي على قبرها لقرت قال فأتيت أم قيان فأخبرتها فأخذوا تربة من قبر رجل مسلم فألقي على قبرها فقرت فسألت عنها ما كانت حالها فقالوا كانت شديدة الحب للرجال لا تزال قد ولدت فألقت ولدها في التنور.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يحبس في تهمة الدم ستة أيام فإن جاء أولياء المقتول ببينة وإلا خلى سبيله.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال إذا مات ولي المقتول قام ولده من بعده مقامه بالدم.

٧ ـ علي بن محمد ، عن بعض أصحابه ، عن محمد بن سليمان ، عن سيف بن عميرة ، عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي الحسنعليه‌السلام إن الله عز وجل يقول في كتابه : «وَمَنْ

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

وقال في الشرائع : إذا اتهم والتمس الولي حبسه حتى يحضر بينة ففي إجابته تردد ، ومستند الجواز رواية السكوني ، وفيه ضعف.

وقال في المسالك : القول بحبس المتهم بالدم ستة أيام للشيخ وأتباعه استنادا إلى الرواية المذكورة ، وإطلاق الدم يشمل الجرح والقتل ، وتقييد المصنف بالتماس الولي خلاف إطلاق الرواية وفتوى الشيخ ، وفي المختلف اختار الحبس مع وجود التهمة في نظر الحاكم ، والأصح عدم الحبس قبل الثبوت مطلقا.

الحديث السادس : مرسل كالحسن.

الحديث السابع : ضعيف.

٢٠٣

قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً » فما هذا الإسراف الذي نهى الله عز وجل عنه قال نهى أن يقتل غير قاتله أو يمثل بالقاتل قلت فما معنى قوله : «إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً » قال وأي نصرة أعظم من أن يدفع القاتل إلى أولياء المقتول فيقتله ولا تبعة تلزمه من قتله في دين ولا دنيا.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال دخل أمير المؤمنينعليه‌السلام المسجد فاستقبله شاب يبكي وحوله قوم يسكتونه فقال عليعليه‌السلام ما أبكاك فقال يا أمير المؤمنين إن شريحا قضى علي بقضية ما أدري ما هي إن هؤلاء النفر خرجوا بأبي معهم في السفر فرجعوا ولم يرجع أبي

قوله عليه‌السلام : « فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ » قال المحقق الأردبيلي (ره) : أي ولي الدم لا يتجاوز حد ما شرع له في الشرع ، فإنه لو تجاوز فقد جعل من تعدى عليه منصورا بشرع التعويض له ، مثل أن مثل الولي بقاتل أبيه ثم أراد قتله فجعل الله القاتل منصورا بشرع القصاص في المثلة ثم القصاص ، ونحو ذلك ، وبالجملة لا يجوز له أن يتعدى الشرع بأن يقتل اثنين بواحد ، وحرا بعبد ، ومسلما بكافر ، ولا يتجاوز في طريق القتل عما حد له ، ويحتمل كون الضمير للولي ، يعني حسبه أن الله تعالى قد نصره بأن أوجب له القصاص والتعويض ، فلا يستزد على ذلك ، ويحتمل للمظلوم بأن الله تعالى ناصره حيث أوجب القصاص بقتله وينصره في الآخرة بالثواب.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « هكذا تحكم » قال الوالد العلامة (ره) : أي كان يجب عليك أن تسألني في أمثال تلك الوقائع حتى أحكم بالواقع كما اشترطت عليك في القضاء ، أو لما كان موضع التهمة كان يجب عليك السؤال والتفتيش ، أو لما ادعوا موته وأنه ما خلف مالا كان يمكنك طلب الشهود والتفريق حتى يتبين الحق ، أو لما خرج معهم كان يجب عليهم أن يردوه أو يثبتوا موته ، وأنه لم يخلف شيئا كما تدل عليه أخبار كثيرة.

٢٠٤

فسألتهم عنه فقالوا مات فسألتهم عن ماله فقالوا ما ترك مالا فقدمتهم إلى شريح فاستحلفهم وقد علمت يا أمير المؤمنين أن أبي خرج ومعه مال كثير فقال لهم أمير المؤمنينعليه‌السلام ارجعوا فرجعوا والفتى معهم إلى شريح فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام يا شريح كيف قضيت بين هؤلاء فقال يا أمير المؤمنين ادعى هذا الفتى على هؤلاء النفر أنهم خرجوا في سفر وأبوه معهم فرجعوا ولم يرجع أبوه فسألتهم عنه فقالوا مات فسألتهم عن ماله فقالوا ما خلف مالا فقلت للفتى هل لك بينة على ما تدعي فقال لا فاستحلفتهم فحلفوا فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام هيهات يا شريح هكذا تحكم في مثل هذا فقال يا أمير المؤمنين فكيف فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام والله لأحكمن فيهم بحكم ما حكم به خلق قبلي إلا داود النبيعليه‌السلام يا قنبر ادع لي شرطة الخميس فدعاهم فوكل بكل رجل منهم رجلا من الشرطة ثم نظر إلى وجوههم فقال ما ذا تقولون أتقولون إني لا أعلم ما صنعتم بأبي هذا الفتى إني إذا لجاهل ثم قال فرقوهم وغطوا رءوسهم قال ففرق بينهم وأقيم كل رجل منهم إلى أسطوانة من أساطين المسجد ورءوسهم مغطاة بثيابهم ثم دعا بعبيد الله بن أبي رافع كاتبه فقال هات صحيفة ودواة وجلس أمير المؤمنين صلوات الله عليه في مجلس القضاء وجلس الناس إليه فقال لهم إذا أنا كبرت فكبروا ثم قال للناس اخرجوا ثم دعا بواحد منهم فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه ثم قال لعبيد الله بن أبي رافع اكتب إقراره وما يقول ثم أقبل عليه بالسؤال فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام في أي يوم خرجتم من منازلكم وأبو هذا الفتى معكم فقال الرجل في يوم كذا وكذا قال وفي أي شهر قال في شهر كذا وكذا قال في أي سنة قال في سنة كذا وكذا قال وإلى أين بلغتم في سفركم حتى مات أبو هذا الفتى قال إلى موضع كذا وكذا قال وفي منزل من مات قال في منزل فلان بن فلان قال وما كان مرضه قال كذا وكذا قال وكم يوما مرض قال كذا و

وقال في القاموس :الشرطة بالضم واحدة الشرط ، وهم أول كتيبة تشهد الحرب وتتهيأ للموت وواحد(١) من أعوان الولاة ، وقال : «الخميس : الجيش لأنه خمس فرق المقدمة ، والقلب والميمنة ، والميسرة ، والساقة ، وقال في الصحاح :الإجالة : الإدارة يقال في الميسر : أجل السهام.

__________________

(١) في المصدر : « طائفة ».

٢٠٥

كذا قال ففي أي يوم مات ومن غسله ومن كفنه وبما كفنتموه ومن صلى عليه ومن نزل قبره فلما سأله عن جميع ما يريد كبر أمير المؤمنينعليه‌السلام وكبر الناس جميعا فارتاب أولئك الباقون ولم يشكوا أن صاحبهم قد أقر عليهم وعلى نفسه فأمر أن يغطى رأسه وينطلق به إلى السجن ثم دعا بآخر فأجلسه بين يديه وكشف عن وجهه ثم قال كلا زعمتم أني لا أعلم ما صنعتم فقال يا أمير المؤمنين ما أنا إلا واحد من القوم ولقد كنت كارها لقتله فأقر ثم دعا بواحد بعد واحد كلهم يقر بالقتل وأخذ المال ثم رد الذي كان أمر به إلى السجن فأقر أيضا فألزمهم المال والدم فقال شريح يا أمير المؤمنين وكيف حكم داود النبيعليه‌السلام فقال إن داود النبيعليه‌السلام مر بغلمة يلعبون وينادون بعضهم بيا مات الدين فيجيب منهم غلام فدعاهم داودعليه‌السلام فقال يا غلام ما اسمك قال مات الدين فقال له داودعليه‌السلام من سماك بهذا الاسم فقال أمي فانطلق داودعليه‌السلام إلى أمه فقال لها يا أيتها المرأة ما اسم ابنك هذا قالت مات الدين فقال لها ومن سماه بهذا قالت أبوه قال وكيف كان ذاك قالت إن أباه خرج في سفر له ومعه قوم وهذا الصبي حمل في بطني فانصرف القوم ولم ينصرف زوجي فسألتهم عنه فقالوا مات فقلت لهم فأين ما ترك قالوا لم يخلف شيئا فقلت هل أوصاكم بوصية قالوا نعم زعم أنك حبلى فما ولدت من ولد جارية أو غلام فسميه مات الدين فسميته قال داودعليه‌السلام وتعرفين القوم الذين كانوا خرجوا مع زوجك قالت نعم قال فأحياء هم أم أموات قالت بل أحياء قال فانطلقي بنا إليهم ثم مضى معها فاستخرجهم من منازلهم فحكم بينهم بهذا الحكم بعينه وأثبت عليهم المال والدم وقال للمرأة سمي ابنك هذا عاش الدين ثم إن الفتى والقوم اختلفوا في مال الفتى كم كان فأخذ أمير المؤمنينعليه‌السلام خاتمه وجميع خواتيم من عنده ـ ثم قال أجيلوا هذا السهام فأيكم أخرج خاتمي فهو صادق في دعواه لأنه سهم الله وسهم

قوله عليه‌السلام : « لأنه سهم الله » أي القرعة أو خاتمهعليه‌السلام ، ولعله حكم في واقعة لا يتعداه ، وعلى المشهور بين الأصحاب ليس هذا موضع القرعة ، بل عندهم أن القول قول المنكر مع اليمين.

٢٠٦

الله لا يخيب.

٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن إسحاق بن إبراهيم الكندي قال حدثنا خالد النوفلي ، عن الأصبغ بن نباتة قال لقد قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام فاستقبله شاب يبكي وحوله قوم يسكتونه فلما رأى أمير المؤمنينعليه‌السلام قال يا أمير المؤمنين إن شريحا قضى علي قضية ما أدري ما هي فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام ما هي فقال الشاب إن هؤلاء النفر خرجوا بأبي معهم في سفر فرجعوا ولم يرجع فسألتهم عنه فقالوا مات فسألتهم عن ماله فقالوا ما ترك مالا فقدمتهم إلى شريح فاستحلفهم وقد علمت أن أبي خرج ومعه مال كثير فقال لهم ارجعوا فرجعوا وعليعليه‌السلام يقول :

أوردها سعد وسعد يشتمل

ما هكذا تورد يا سعد الإبل

الحديث التاسع : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « أوردها سعد » هذا مثل ضربه صلوات الله عليه لبيان أن شريحا لا يتأتى منه القضاء ولا يحسنه ، والاشتمال بالثوب إدارته على الجسد كله ، وإيراد الإبل إحضارها الماء لتشرب.

قال الميداني في مجمع الأمثال في شرح هذا البيت : هذا سعد بن زيد بن مناة أخو مالك بن زيد ، ومالك هذا هو سبط تميم بن مرة وكان يحمق إلا أنه كان إبل أهل زمانه ، ثم إنه تزوج وبنى بامرأته فأورد الإبل أخوه سعد ولم يحسن القيام عليها والرفق بها ، فقال مالك :

« أوردها سعد وسعد مشتمل

ما هكذا تورد يا سعد الإبل »

ويروى يا سعد لا تروى بهذاك(١) الإبل ، فقال سعد مجيبا له :

« تظل يوم وردها مزعفرا

وهي خناطيل تجوس الخضراء »

قالوا : يضرب لمن أدرك المراد بلا تعب ، والصواب أن يقال : يضرب لمن قصر في طلب الأمر انتهى كلامه.

يقال :فلان إبل الناس أي أعلمهم برعي الإبل ، والمزعفر المصبوغ بالزعفران

__________________

(١) في المصدر « بهذاك ».

٢٠٧

ما يغني قضاؤك يا شريح ثم قال والله لأحكمن فيهم بحكم ما حكم أحد قبلي إلا داود النبيعليه‌السلام يا قنبر ادع لي شرطة الخميس قال فدعا شرطة الخميس فوكل بكل رجل منهم رجلا من الشرطة ثم دعا بهم فنظر إلى وجوههم ثم ذكر مثل حديث الأول إلى قوله سمي ابنك هذا عاش الدين فقلت جعلت فداك كيف تأخذهم بالمال إن ادعى الغلام أن أباه خلف مائة ألف أو أقل أو أكثر وقال القوم لا بل عشرة آلاف أو أقل أو أكثر فلهؤلاء قول ولهذا قول قال فإني آخذ خاتمه وخواتيمهم وألقيها في مكان واحد ثم أقول أجيلوا هذه السهام فأيكم خرج سهمه فهو الصادق في دعواه لأنه سهم

والأسد والخناطيل قطعان البقر ، والجوس الطلب أي تصير تلك يوم ورودها على الماء كالأسد ، أو كجماعة البقر تطلب الخضر في المراعى لقوتها ، وقيل : إن سعدا أورد الإبل الماء للسقي من دون احتياط منه في إيرادها الماء ، حتى تزاحمت ونزع منها ما غلق عليها الذي يقال له الشمال ، فقوله « سعد مشتمل » إشارة إلى هذا.

وقال الفيروزآبادي : الشمال ككتاب شيء كمخلاة يغطي بها ضرع الشاة إذا ثقلت ، وشملها يشملها علق عليها الشمال وشده انتهى.

وفي روايات العامة أنهعليه‌السلام قال بعد هذا البيت : « إن أهون السقي التشريع » قال في النهاية : أشرع ناقته أدخلها في شريعة الماء ، ومنه حديث عليعليه‌السلام : « إن أهون السقي التشريع » هو إيراد أصحاب الإبل إبلهم شريعة لا يحتاج معها إلى الاستقاء من البئر ، وقيل : معناه إن سقي الإبل هو أن تورد شريعة الماء أولا ثم يستقى لها ، يقول : فإذا اقتصر على أن يوصلها إلى الشريعة ويتركها فلا يستقي لها فإن هذا أهون السقي وأسهله ، مقدور عليه لكل أحد ، وإنما السقي التام أن ترويها انتهى.

وقال الميداني أيضا : أهون هنا من الهون ، والهوينا بمعنى السهولة ، والتشريع : أن تورد الإبل ماء لا تحتاج إلى متحه(١) ، بل تشرع فيه الإبل شروعا. يضرب لمن يأخذ الأمر بالهوينا ولا يستقصي ، يقال : فقد رجل فاتهم أهله أصحابه فرفع إلى شريح

__________________

(١) متح الماء نزعه.

٢٠٨

الله وسهم الله لا يخيب.

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال خرج رجل من المدينة يريد العراق فأتبعه أسودان أحدهما غلام لأبي عبد اللهعليه‌السلام فلما أتى الأعوص نام الرجل فأخذا صخرة فشدخا بها رأسه فأخذا فأتي بهما محمد بن خالد وجاء أولياء المقتول فسألوه أن يقيدهم فكره أن يفعل فسأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن ذلك فلم يجبه قال عبد الرحمن فظننت أنه كره أن يجيبه لأنه لا يرى أن يقتل اثنان بواحد فشكا أولياء المقتول محمد بن خالد وصنيعه إلى أهل المدينة فقال لهم أهل المدينة إن أردتم أن يقيدكم منه فاتبعوا جعفر بن محمدعليه‌السلام فاشكوا إليه ظلامتكم ففعلوا فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام أقدهم فلما أن دعاهم ليقيدهم اسود وجه غلام أبي عبد اللهعليه‌السلام حتى صار كأنه المداد فذكر ذلك لأبي عبد اللهعليه‌السلام فقالوا أصلحك الله إنه لما قدم ليقتل اسود وجهه حتى صار كأنه المداد فقال إنه كان يكفر بالله جهرة فقتلا جميعا.

١١ ـ أحمد بن محمد العاصمي ، عن علي بن الحسن الميثمي ، عن علي بن أسباط ، عن عمه يعقوب بن سالم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كانت امرأة بالمدينة تؤتى فبلغ ذلك عمر

فسألهم البينة في قتله ، فارتفعوا إلى عليعليه‌السلام وأخبروه بقول شريح ، فقالعليه‌السلام :

أوردها سعد وسعد مشتمل

يا سعد لا تروى إلى(١) هذا الإبل

ثم قال : « أهون السقي التشريع » ثم فرق بينهم ، وسألهم فاختلفوا ثم أقروا بقتله انتهى.

الحديث العاشر : حسن. وفي القاموس :الأعوص قرب المدينة ، وواد بديار بأهله ، وفي النهاية :الشدخ كسر الشيء الأجوف تقول : شدخت رأسه فانشدخ.

الحديث الحادي عشر : موثق على الظاهر ، إذ الظاهر أنالميثمي هو ابن الفضال التيمي.

قوله عليه‌السلام : « تؤتى » أي يأتيها الرجالقوله « وما هذا » قاله على سبيل التحقير.

قوله عليه‌السلام : « لئن كنتم اجتهدتم » أي استنبطتم من النصوص ما أصبتم في الاستنباط

__________________

(١) في المصدر : على.

٢٠٩

فبعث إليها فروعها وأمر أن يجاء بها إليه ففزعت المرأة فأخذها الطلق فانطلقت إلى بعض الدور فولدت غلاما فاستهل الغلام ثم مات فدخل عليه من روعة المرأة ومن موت الغلام ما شاء الله فقال له بعض جلسائه يا أمير المؤمنين ما عليك من هذا شيء وقال بعضهم وما هذا قال سلوا أبا الحسن فقال لهم أبو الحسنعليه‌السلام لئن كنتم اجتهدتم ما أصبتم ولئن كنتم

وإن قلتم بمحض الرأي والاستحسانات العقلية فقد أخطأتم ، وإنما أمرهعليه‌السلام « بالدية » مع أن خطاء الولاة وما يترتب على أحكامهم على بيت المال ، لأنه لم يكن أهلا للحكم ، وكان غاصبا ، أو لأنه أخطأ في طلبها على وجه روعها ، مع أنه يحتمل أن يكون المراد أن عليك دية الصبي من بيت المال ، وقال العلامة (ره) في المختلف : إذا ذكرت امرأة عند الحاكم بسوء فأرسل إليها فأسقطت ما في بطنها فزعا منه فخرج الجنين ميتا فعلى الحاكم الضمان ، لما روي من قصة المجهضة وأين يكون الضمان قال الشيخ في المبسوط : على ما مضى وعنى به أنه على بيت المال ، لأنه خطاء الحاكم وقال ابن إدريس : الذي يقتضيه مذهبنا أن دية الجنين على عاقلة الإمام والحاكم ، لأن هذا بعينه قتل الخطإ المحض ، وهو أن يكون غير عامد في فعله ولا قصده ، وكذلك هنا ، لأنه لم يقصد الجنين بفعل ولا قصد قتل ، وإنما قصد شيئا آخر ، فالدية على عاقلته والكفارة في ماله والمسألة منصوصة لنا ، فقد وردت في فتياء أمير المؤمنينعليه‌السلام في قصة المجهضة أوردها شيخنا المفيد في الإرشاد في قضايا أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث سأل عن جماعة من الصحابة عن ذلك فأخطأوا وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام جالسا فقال له عمر : ما عندك في هذا فتنصل من الجواب فعزم عليه ، فقال : إنه إن كان القوم قاربوك فقد غشوك ، وإن كانوا قد ارتأوا فقد قصروا ، والدية على عاقلتك ، لأن قتل الصبي خطاء تعلق به ، فقال : أنت والله نصحتني من بينهم ، والله لا تبرح حتى تجري الدية على بني عدي ، ففعل ذلك أمير المؤمنينعليه‌السلام وإنما نظر شيخنا إلى ما ذكره المخالفون ، والمعتمد ما قاله الشيخ ، لأنه خطاء الحاكم ، وخطاء الحاكم في الأحكام مضمون على بيت المال ، وقصة عمر لا حجة فيها ، لأنه لم يرسل لها بعد ثبوت ما ذكر عنها ، ولأنه لم يكن

٢١٠

قلتم برأيكم لقد أخطأتم ثم قال عليك دية الصبي.

١٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صالح بن سعيد ، عن يونس ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل أعنف على امرأته أو امرأة أعنفت على زوجها فقتل أحدهما الآخر قال لا شيء عليهما إذا كانا مأمونين فإن اتهما ألزما اليمين بالله أنهما لم يريدا القتل.

١٣ ـ محمد بن يحيى رفعه في غلام دخل دار قوم فوقع في البئر فقال إن كانوا متهمين ضمنوا.

١٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن بريد العجلي قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن مؤمن قتل رجلا ناصبا معروفا بالنصب على دينه غضبا لله تبارك وتعالى أيقتل به فقال أما هؤلاء فيقتلونه به ولو رفع إلى إمام عادل ظاهر لم يقتله به قلت فيبطل دمه قال لا ولكن إن كان له ورثة فعلى الإمام أن يعطيهم الدية من بيت المال لأن قاتله إنما قتله غضبا لله عز وجل وللإمام ولدين المسلمين.

حاكما عند عليعليه‌السلام انتهى كلامه ولنعم ما أفادرحمه‌الله .

الحديث الثاني عشر : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « ألزما اليمين » لعله على المشهور محمول على القسامة.

الحديث الثالث عشر : مرفوع.

الحديث الرابع عشر : صحيح.

قوله : « رجلا ناصبا » إن كان المراد بالناصب ، المبغض المعاند لأهل البيتعليهم‌السلام كما هو الأظهر فهو كافر ، ودمه هدر ، فلعل المراد بالدية أنه إذا كان له أولياء وورثة من المؤمنين يعطيهم الإمام الدية من بيت المال استحبابا ، ولا يمكن حمله على التقية كما لا يخفى ، وإن كان المراد المخالف المتعصب في مذهبه إذ قد يطلق الناصب على هذا أيضا في الأخبار فظاهر إطلاق كلام الأصحاب لزوم القود في العمد ، وظاهر كثير من الأخبار عدمه ، ويمكن القول بلزوم الدية من بيت المال وعدم القود ،

٢١١

١٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن علي بن الحسن بن رباط ، عن ابن مسكان ، عن أبي مخلد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كنت عند داود بن علي فأتي برجل قد قتل رجلا فقال له داود بن علي ما تقول قتلت هذا الرجل قال نعم أنا قتلته قال فقال له داود ولم قتلته قال فقال إنه كان يدخل على منزلي بغير إذني فاستعديت عليه الولاة الذين كانوا قبلك فأمروني إن هو دخل بغير إذن أن أقتله فقتلته قال فالتفت داود إلي فقال يا أبا عبد الله ما تقول في هذا قال فقلت له أرى أنه قد أقر بقتل رجل مسلم فاقتله قال فأمر به فقتل ثم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إن أناسا من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان فيهم سعد بن عبادة فقالوا يا سعد ما تقول لو ذهبت إلى منزلك فوجدت فيه رجلا على بطن امرأتك ما كنت صانعا به قال فقال سعد كنت والله أضرب رقبته بالسيف قال فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهم في هذا الكلام فقال يا سعد من هذا الذي قلت أضرب عنقه بالسيف قال فأخبره بالذي قالوا وما قال سعد قال فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند ذلك يا سعد فأين الشهود الأربعة الذين قال الله عز وجل فقال سعد يا رسول الله بعد رأي عيني وعلم الله فيه أنه قد فعل فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إي والله يا سعد بعد رأي عينك وعلم الله عز وجل إن الله عز وجل قد جعل لكل

والمسألة في غاية الإشكال ، ولم أر في كلامهم تحقيق هذا المبحث والله يعلم.

الحديث الخامس عشر : مجهول.

وقال في المختلف : قال الشيخ في النهاية : من قتل رجلا ثم ادعى أنه وجده مع امرأته وفي داره قتل به أو يقيم البينة على ما قال ، وقال ابن إدريس : الأولى أن يقيد ذلك بأن الموجود كان يزني بالمرأة وكان محصنا فحينئذ لا يجب على قاتله القود ولا الدية ، لأنه مباح الدم ، فأما إن قام البينة أنه وجده مع المرأة لا زانيا بها أو زانيا بها ولا يكون محصنا ، فإنه يجب على من قتله القود ، ولا ينفعه بينته ، وهذا النزاع لفظي ، ومقصود الشيخ سقوط القود في القتل المستحق ، أو يقال : جاز أن يكون وجدانه مع امرأته وفي داره شبهة مسوغة لقتله ، فلهذا سقط القود ، ولا يلزم

٢١٢

شيء حدا وجعل على من تعدى حدود الله حدا وجعل ما دون الشهود الأربعة مستورا على المسلمين.

١٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن رجل من أصحابنا ، عن أبي الصباح الكناني قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إن لنا جارا من همدان يقال له الجعد بن عبد الله وهو يجلس إلينا فنذكر عليا أمير المؤمنينعليه‌السلام وفضله فيقع فيه أفتأذن لي فيه فقال لي يا أبا الصباح أفكنت فاعلا فقلت إي والله لئن أذنت لي فيه لأرصدنه فإذا صار فيها اقتحمت عليه بسيفي فخبطته حتى أقتله قال فقال يا أبا الصباح هذا الفتك وقد نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الفتك يا أبا الصباح إن الإسلام قيد الفتك ولكن دعه فستكفى بغيرك قال أبو الصباح فلما رجعت من المدينة إلى الكوفة لم ألبث بها إلا ثمانية عشر يوما فخرجت إلى المسجد فصليت الفجر ثم عقبت فإذا رجل يحركني برجله فقال يا أبا الصباح البشرى فقلت بشرك الله بخير فما ذاك فقال إن الجعد بن عبد الله بات البارحة في داره التي في الجبانة فأيقظوه للصلاة فإذا هو مثل الزق المنفوخ ميتا فذهبوا يحملونه فإذا لحمه يسقط عن عظمه فجمعوه في نطع فإذا تحته أسود فدفنوه.

محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن محبوب مثله.

منه سقوط الضمان ،قوله عليه‌السلام « مستورا » أي لا يجوز إفشاؤه.

الحديث السادس عشر : مرسل بسنديه.

قوله : « فإذا صار فيها » أي في البقعة التي رصدته فيها ، وقال في القاموس :قحم في الأمر كنصر قحوما : رمى بنفسه فيه فجأة بلا روية ، وقحمه تقحيما وأقحمته فانقحم واقتحم ، وقال :خبطه يخبطه ضربه شديدا والقوم بسيفه جلدهم ، وقال في النهاية في باب القاف : فيه « قيد الإيمان الفتك » أي إن الإيمان يمنع عن القتل ، كما يمنع القيد عن التصرف ، فكأنه جعل القتل مقيدا وقال في باب الفاء : فيه « الإيمان قيد الفتك »الفتك أن يأتي الرجل صاحبه وهو غار غافل ، فيشد عليه فيقتله انتهى وفي القاموس :الأسود : الحية العظيمة.

٢١٣

١٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه رفعه ، عن بعض أصحاب أبي عبد اللهعليه‌السلام أظنه أبا عاصم السجستاني قال زاملت عبد الله بن النجاشي وكان يرى رأي الزيدية فلما كنا بالمدينة ذهب إلى عبد الله بن الحسن وذهبت إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام فلما انصرف رأيته مغتما فلما أصبح قال لي استأذن لي على أبي عبد اللهعليه‌السلام فدخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام وقلت إن عبد الله بن النجاشي يرى رأي الزيدية وإنه ذهب إلى عبد الله بن الحسن وقد سألني أن أستأذن له عليك فقال ائذن له فدخل عليه فسلم فقال يا ابن رسول الله إني رجل أتولاكم وأقول إن الحق فيكم وقد قتلت سبعة ممن سمعته يشتم أمير المؤمنينعليه‌السلام فسألت عن ذلك عبد الله بن الحسن فقال لي أنت مأخوذ بدمائهم في الدنيا والآخرة فقلت فعلام نعادي الناس إذا كنت مأخوذا بدماء من سمعته يشتم علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام فكيف قتلتهم قال منهم من جمع بيني وبينه الطريق فقتلته ومنهم من دخلت عليه بيته فقتلته وقد خفي ذلك علي كله قال فقال له أبو عبد اللهعليه‌السلام يا أبا خداش عليك بكل رجل منهم قتلته كبش تذبحه بمنى لأنك قتلتهم بغير إذن الإمام ولو أنك قتلتهم بإذن الإمام لم يكن عليك شيء في الدنيا والآخرة.

١٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي ، عن مروك بن عبيد ، عن بعض أصحابنا ، عن منصور بن حازم قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام كنت أخرج في الحداثة إلى المخارجة مع شباب أهل الحي وإني بليت أن ضربت رجلا

الحديث السابع عشر : مرفوع.

قوله عليه‌السلام : « كبش تذبحه » لم أر قائلا من الأصحاب بوجوب هذه الكفارة ، بل ولا بوجوب استيذان الإمام في ذلك ، ولعلهما على الاستحباب ، وقال في الشرائع : من سب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاز لسامعه قتله ما لم يخف الضرر على نفسه أو ماله أو غيره من أهل الإيمان ، وكذا من سب أحد الأئمة وقال في المسالك : هذا الحكم موضع وفاق وبه نصوص.

الحديث الثامن عشر : ضعيف على المشهور ، والسند الآخر مرسل.

وقال في القاموس :المخارجة : أن يخرج هذا من أصابعه ما شاء ، والآخر

٢١٤

ضربة بعصا فقتلته فقال أكنت تعرف هذا الأمر إذ ذاك قال قلت لا فقال لي ما كنت عليه من جهلك بهذا الأمر أشد عليك مما دخلت فيه.

محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن مروك بن عبيد مثله.

١٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من اقتص منه فهو قتيل القرآن.

٢٠ ـ وبهذا الإسناد قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله البئر جبار والعجماء جبار والمعدن

مثل ذلك ، ويدل الخبر على أن الإيمان يجب ما قبله كالإسلام ، ولم أظفر بذلك في كلام الأصحاب.

الحديث التاسع عشر : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « فهو قتيل القرآن » لعل المراد أن سراية القصاص غير مضمون على أحد ، لأنه وقع بحكم القرآن فكأنه قتيل القرآن وعليه الفتوى ، ويحتمل أن يكون المعنى أن من قتل قصاصا فكأن القرآن قتله ، فعلى القرآن وصاحبه تداركه ، أو الغرض رفع الحرج عمن فعل ذلك ، بأنه لم يفعل حقيقة بل القرآن فعله.

الحديث العشرون : ضعيف على المشهور.

وقال في النهاية فيه : « جرح العجماء جبار »الجبار : الهدر ، والعجماء الدابة ومنه الحديث « السائمة جبار » أي الدابة المرسلة في رعيها ، وقال : وفيه « البئر جبار » قيل : هي العادية القديمة لا يعلم لها حافر ولا مالك ، فيقع فيها الإنسان أو غيره فهو جبار أي هدر وقيل : هو الأجير الذي ينزل إلى البئر فينقيها ويخرج شيئا وقع فيها فيموت.

وقال الجوهري : الجبار : الهدر ، يقال : ذهب دمه جبارا.

وفي الحديث « المعدن جبار » أي إذا انهار على من يعمل فيه فهلك لم يؤخذ به مستأجره انتهى.

أقول : لعل المعنى أن الدابة في الرعي إذا جنى فلا شيء على مالكها ، وكذا الدابة التي انفلتت من غير تفريط من مالكها كما مر ، والمرادبالبئر إما البئر الذي

٢١٥

جبار.

٢١ ـ وبهذا الإسناد قال رفع إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه رجل داس بطن رجل حتى أحدث في ثيابه فقضىعليه‌السلام عليه أن يداس بطنه حتى يحدث في ثيابه كما أحدث أو يغرم ثلث الدية.

هذا آخر كتاب الديات ويتلوه إن شاء الله تعالى كتاب الشهادات.

حفرها في ملك مباح ، فوقع فيها إنسان أو من استأجر أحدا ليعمل في بئر فانهارت عليه وكذا المعدن.

قال العلامة (ره) في التحرير : إذا. جنت الماشية على الزرع ليلا ضمن صاحبها ، وإن جنت نهارا لم يضمن ، وعليه دلت رواية السكوني وهو ضعيف ، والوجه اشتراط التفريط في الضمان ، سواء كان ليلا أو نهارا ولو أتلفت البهيمة غير الزرع لم يضمن مالكها ما أتلفته إلا أن يكون يده عليها ، سواء كان ليلا أو نهارا وقال : لو استأجر أجيرا فيحفر في ملكه بئرا أو يبني له بناء فتلف الأجير بذلك لم يضمنه المستأجر ، لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « البئر جبار ، والعجماء جبار ، والمعدن جبار ».

الحديث الحادي والعشرون : ضعيف على المشهور.

وقال في التحرير : من داس بطن إنسان حتى أحدث ديس بطنه حتى يحدث في ثيابه أو يفتدي ذلك بثلث الدية ، لرواية السكوني ، وفيه ضعف انتهى.

وقال في المسالك : ذهب جماعة إلى الحكومة لضعف المستند ، وهو الوجه هذا آخر كتاب الديات ويتلوه إن شاء الله كتاب الشهادات.

٢١٦

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الشهادات

( باب )

( أول صك كتب في الأرض )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن خلف بن حماد ، عن عبد الله بن سنان قال لما قدم أبو عبد اللهعليه‌السلام على أبي العباس وهو بالحيرة خرج يوما يريد عيسى بن موسى فاستقبله بين الحيرة والكوفة ومعه ابن شبرمة القاضي فقال له إلى أين يا أبا عبد الله فقال أردتك فقال قد قصر الله خطوك قال فمضى معه فقال له ابن شبرمة ما تقول يا أبا عبد الله في شيء سألني عنه الأمير فلم يكن عندي فيه شيء فقال وما هو قال سألني عن أول كتاب كتب في الأرض قال نعم إن الله عز وجل عرض على آدمعليه‌السلام ذريته عرض العين في صور الذر نبيا فنبيا وملكا فملكا ومؤمنا

كتاب الشهادات

باب أول صك كتب في الأرض

وفي الصحاح : الصك كتاب وهو فارسي معرب.

الحديث الأول : صحيح.

وقال في الصحاح :الحيرة بالكسر : مدينة بقرب الكوفة.قوله عليه‌السلام : « عرض العين » أي بحيث رآهم بالعين ، وفي الصحاح :الذر جمع ذرة وهي أصغر النمل.

وأقول : في هذا الخبر إشكال من وجهين.

أحدهما : الاختلاف الوارد في هذه القضية في المدة التي وهبها ففي بعضها ستون

٢١٧

فمؤمنا وكافرا فكافرا فلما انتهى إلى داودعليه‌السلام قال من هذا الذي نبأته وكرمته وقصرت عمره قال فأوحى الله عز وجل إليه هذا ابنك داود عمره أربعون سنة وإني قد كتبت الآجال وقسمت الأرزاق وأنا أمحو ما أشاء وأثبت وعندي أم الكتاب فإن جعلت له شيئا من عمرك ألحقت له قال يا رب قد جعلت له من عمري ستين سنة تمام المائة قال فقال الله عز وجل لجبرئيل وميكائيل وملك الموت اكتبوا عليه كتابا فإنه سينسى قال فكتبوا عليه كتابا وختموه بأجنحتهم من طينة عليين قال فلما حضرت آدم الوفاة أتاه ملك الموت فقال آدم يا ملك الموت ما جاء بك قال جئت لأقبض روحك قال قد بقي من عمري ستون سنة فقال إنك جعلتها لابنك داود قال ونزل عليه جبرئيل وأخرج له الكتاب فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام فمن أجل ذلك إذا خرج الصك على المديون ذل المديون فقبض روحه.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن عيسى بن أيوب ، عن علي بن مهزيار عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لما عرض على آدم ولده نظر إلى داود فأعجبه فزاده خمسين سنة من عمره قال ونزل عليه جبرئيل وميكائيل فكتب عليه ملك الموت صكا بالخمسين سنة فلما حضرته الوفاة أنزل عليه ملك الموت فقال آدم قد بقي من عمري خمسون سنة قال فأين الخمسون التي جعلتها لابنك داود قال فإما أن يكون نسيها أو أنكرها فنزل عليه جبرئيل وميكائيلعليه‌السلام فشهدا عليه وقبضه ملك الموت فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام كان

وفي بعضها أربعون ، وفي بعضها خمسون.

وثانيهما : مخالفته لأصول الشيعة من جواز السهو على الأنبياءعليهم‌السلام ، وإن قلنا بعدم النسيان فيلزم الإنكار والجحد مع العلم وهو أشكل ، إلا أن يقال : إنهعليه‌السلام لم ينسه ولم يجحد ، وإنما سأل ورجا أن يكون له ما قرر له أولا من العمر ، مع أن الإسهاء قد جوزه الصدوق (ره) عليهمعليه‌السلام ، ولا يبعد حمله على التقية لاشتهار هذه القصة بين العامة ، رواه الترمذي وغيره من رواتهم.

الحديث الثاني : مجهول.

٢١٨

أول صك كتب في الدنيا.

( باب )

( الرجل يدعى إلى الشهادة )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل «وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا »(١) فقال لا ينبغي لأحد إذا دعي إلى الشهادة يشهد عليها أن يقول لا أشهد لكم.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل «وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا » فقال لا ينبغي لأحد إذا دعي إلى شهادة يشهد عليها أن يقول لا أشهد لكم.

علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله وقال فذلك قبل الكتاب.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن

باب الرجل يدعى إلى الشهادة

الحديث الأول : موثق.

قوله عليه‌السلام : « إذا ما دعوا » قيل : المراد إذا دعوا إلى أداء الشهادة ، وقيل : إلى تحملها ففيه مجاز مشارفة ، وعلى الأخير دلت الروايات الكثيرة ، فيدل على وجوب التحمل وحمل الأكثر على الوجوب الكفائي ، وذهب ابن إدريس وجماعة إلى عدم الوجوب ، وظاهر كلام أكثر القائلين بالوجوب ، وجوب الإجابة وإن احتاجت إلى سفر مع تحمل مؤنة السفر ، والله يعلم.

الحديث الثاني : مجهول والسند الثاني حسن.

الحديث الثالث : مجهول.

__________________

(١) البقرة : ٢٨٢.

٢١٩

الفضيل ، عن أبي الحسنعليه‌السلام في قول الله عز وجل «وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا » فقال إذا دعاك الرجل لتشهد له على دين أو حق لم ينبغ لك أن تقاعس عنه.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل «وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا » قال قبل الشهادة

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن جراح المدائني قال إذا دعيت إلى الشهادة فأجب.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن داود بن سرحان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : لا يَأْبَ الشُّهَداءُ أن تجيب حين تدعى قبل الكتاب.

( باب )

( كتمان الشهادة )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ومحمد بن علي ، عن أبي جميلة ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من كتم شهادة أو شهد بها ليهدر لها بها دم امرئ مسلم أو ليزوي مال امرئ مسلم أتى

قوله عليه‌السلام : « لم ينبغ » ظاهره الاستحباب ولا ينافي الوجوب الكفائي ، وفي القاموس :تقاعس عنه وتقعس : تأخر.

الحديث الرابع : حسن.

الحديث الخامس : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « إذا دعيت » أي تحملها ، ويحتمل الأداء والأعم والأول أظهر.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

باب كتمان الشهادة

الحديث الأول : ضعيف.

وفي الصحاح :أهدر السلطان دمه أي أبطله وأباحه.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أو ليزوي» وإن كان حقا أيضا كان سببا لتضييع دم مسلم أو ماله ،

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

الخوارج والأباضية :

( الموالي لسفينة النجاة ـ قطر ـ )

تاريخ الأباضية :

س : أودّ أن أبدأ بحوار مع صديق لي ، وهو من معتنقي مذهب الأباضية ، أُريد معرفة عن هذا المذهب؟ وكيف نشأ وتأسّس؟ وبطرق علميّة منطقية يقبلها العقل ، لكي أبدأ حواري مع أخي من هذا المذهب ، وأرجو أن يوفّقني الله لإنارة الطريق له ولغيره.

إذا أمكن أدلّة متسلسلة ورائعة من القرآن والسنّة النبويّة المحمّدية.

ج : إنّ الأباضية مذهب تشعّب تاريخيّاً وعقائديّاً من مذهب الخوارج ـ الذي هو معروف لدى الجميع ـ ومع أنّ الأباضية في زماننا تنكر نسبتها إلى الخوارج منشأً ومعتقداً ، ولكن نظرة يسيرة في المصادر الموجودة ، تعطينا اليقين بأنّ هذه الطريقة قد انبثقت من بطون الخوارج في التاريخ ، طبعاً مع اختلاف طفيف في الأفكار والعقائد ، أغلب الظنّ أنّه من ثمرة الضغوط الواردة عليها ، وللفرار من العزلة السياسيّة والاجتماعيّة التي سادت أوساطها.

وتختلف المصادر الموجودة في تعيين القائد الأوّل لهذه الحركة ، فبينما تؤكّد بعضها بأنّه هو عبد الله بن أباض التميميّ(١) ـ الذي توفّي في أواخر أيّام عبد الملك ابن مروان ـ تنفي الأُخرى هذا الادعاء ، وتنسبه إلى أقوال الأُمويّين آنذاك ، وتدّعي أنّ رئيس هذا المذهب أبو الشعثاء جابر بن يزيد الأزديّ ، المتوفّى ٩٦ هـ(٢) .

____________

١ ـ أصدق المناهج في تمييز الأباضية من الخوارج : ٢٠.

٢ ـ الأباضية مذهب إسلامي معتدل : ٩.

٤٨١

فعلى كلا القولين فإنّ إمام هذه الحركة لم يشهد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يأخذ منه شيئاً ، وعليه لابدّ من إثبات مذهبه بأدلّة كافية وشافية تحقّق مدّعاه ؛ والموجود فعلاً من تراثهم العقائديّ هو فكرة الخوارج في مضمونه السياسيّ ـ إلاّ في حكمهم على المذاهب الأُخرى بالتكفير ، وشهرهم السلاح في وجه من خالفهم ـ مع شيءٍ يسير من عقائد المعتزلة ، وأحكام فقهيّة من مذاهب إسلامية شتّى.

وعلى سبيل المثال : أنّهم يرون مخالفة عثمان بعد مضي ستّ سنوات من خلافته ، والإمام عليعليه‌السلام بعد معركة صفّين ، كانت على حقّ ، ويخالفون التحكيم ، شأنهم في ذلك شأن الخوارج ، إلى غير ذلك من موارد الشبه بين حركة الأصل الخوارج ، والفرع الأباضية.

ولا يخفى على المتأمّل في سيرتهم ، أنّهم تخلّوا عن سلبيّات الخوارج في العهود القريبة ، تحفّظاً على كيانهم الاجتماعيّ ، وهذا أمر جيّد وفي محلّه ، لو كان التزاماً عملياً بالابتعاد عن منهج الخوارج وأساليبهم ، خصوصاً إذا كان فيه إشارة واضحة لاتباع سبيل الحقّ أينما دلّ الدليل.

( عبد الله حاجي ـ الكويت ـ )

أُصول الأباضية :

س : من هم الأباضية؟ سمعت عنهم الكثير ، وأُريد أعرف من يكونون؟

ج : إنّ الفرقة الأباضية هي إحدى فرق الخوارج ، وهم اتباع عبد الله بن أباض ـ على قول ـ ، الذي عاصر معاوية ، وعاش إلى أواخر أيّام عبد الملك بن مروان.

وقد حكم الأباضية مكّة والمدينة فترة وجيزة ، وتوجد طوائف منهم يسكنون في الصحراء الغربية بين مصر وليبيا ، وجماعة في الجزائر ومسقط ، وفي عمان لهم سلطة حتّى الآن ، ويعتبر مذهبهم المذهب الرسمي فيها.

ثمّ أنّ الأباضية تشترك مع سائر فرق الخوارج في أمرين بلا شكّ ولا شبهة ،

٤٨٢

ولا يمكن لأحد منهم إنكاره.

١ ـ تخطئة التحكيم.

٢ ـ عدم اشتراط القرشية في الإمام.

ثمّ إنّ لهم أُصولاً يتميّزون في بعضها عن أهل السنّة ، وإن كانوا يلتقون فيها مع غيرهم ، وهي :

١ ـ صفات الله ليست زائدة على ذاته بل هي عين ذاته.

٢ ـ امتناع رؤية الله سبحانه في الآخرة.

٣ ـ إنّ القرآن حادث غير قديم ، ومخلوق لله سبحانه.

٤ ـ إنّ الشفاعة لا تنال أهل الكبائر ، وإنّما هي تسرّع المؤمنين بدخول الجنّة.

٥ ـ إنّ مرتكب الكبيرة كافر نعمة لا كافر ملّة.

٦ ـ وجوب الخروج على الإمام الجائر.

٧ ـ التولّي لأولياء الله والحبّ لهم ، والبغض لأعداء الله والبراءة منهم ، والتوقّف فيمن لم يعلم فيه موجب الولاية ولا البراءة.

( إدريس عبد الله الرواحي ـ عمان. أباضي ـ ١٩ سنة ـ طالب )

تعليق على الجواب السابق وجوابه :

س : أُريد أن أعلّق على هذا الكلام المكتوب عن الأباضية :

فإنّهم لا يقولون بوجوب الخروج على الإمام الجائر ، وإنّما يقولون بالجواز ، وهناك فرق كبير بين الوجوب والجواز ، كما هو معروف لدى الجهّال ، فضلاً عن طلبة العلم ، وأنّهم لم يتفرّدوا بهذا القول لوحدهم ، وإنّما وافقهم على ذلك الحنفيّة ، فليتفكّر من كان له عينان يقرأ بهما كتابات الأباضية أنفسهم لا ما كتبه عنهم غيرهم من غير الرجوع إلى كتب الأباضية ، وهذا من الظلم والإجحاف بمكان ، فتفكّروا يا أُولي الألباب ، والله أعلم.

ج : جاء في كتاب بحوث في الملل والنحل للشيخ السبحانيّ ، ما نصّه :

( يقول أبو الحسن الأشعريّ : والأباضية لا ترى اعتراض الناس بالسيف ،

٤٨٣

لكنّهم يرون إزالة أئمّة الجور ، ومنعهم من أن يكونوا أئمّة ، بأيّ شيء قدروا عليه بالسيف أو بغيره.

وربما ينسب إليهم أمر غير صحيح ، وهو أنّ الأباضية لا يرون وجوب إقامة الخلافة.

إنّ وجوب الخروج على الإمام الجائر أصل يدعمه الكتاب والسنّة النبويّة ، وسيرة أئمّة أهل البيت إذا كانت هناك قدرة ومنعة ، وهذا الأصل الذي ذهبت إليه الأباضية بل الخوارج عامّة ، هو الأصل العام في منهجهم ، ولكن نرى أنّ بعض الكتّاب الجدد من الأباضية ـ الذين يريدون إيجاد اللقاء بينهم وبين أهل السنّة ـ يطرحون هذا الأصل بصورة ضئيلة.

يقول علي يحيى معمّر : إنّ الأباضية يرون أنّه لابدّ للأُمّة المسلمة من إقامة دولة ، ونصب حاكم يتولّى تصريف شؤونها ، فإذا ابتليت الأُمّة بأن كان حاكمها ظالماً ، فإنّ الأباضية لا يرون وجوب الخروج عليه ، لاسيّما إذا خيف أن يؤدّي ذلك إلى فتنة وفساد ، أو أن يترتّب على الخروج ضرر أكبر ممّا هم فيه.

ثمّ يقول : إذا كانت الدولة القائمة جائرة ، وكان في إمكان الأُمّة المسلمة تغييرها بدولة عادلة دون إحداث فتن أكبر تضر بالمسلمين ، فإنّهم ينبغي ـ إنّ الرجل لتوخّي المماشاة مع أهل السنّة يعبّر عن مذهبه بلفظ لا يوافقه ، بل عليه أن يقول مكان ينبغي ( يجب ) ـ لهم تغييرها.

أمّا إذا كان ذلك لا يتسنّى إلاّ بفتن وإضرار ، فإنّ البقاء مع الدولة الجائرة ومناصرتها في حفظ الثغور ، ومحاربة أعداء الإسلام ، وحفظ الحقوق والقيام بما هو من مصالح المسلمين ، وإعزاز كلمتهم ، أوكد وأوجب.

إنّ ما ذكره لا تدعمه سيرة الأباضية في القرون الأُولى ، ويكفي في ذلك ما ذكره المؤرّخون في حقّ أبي يحيى عبد الله بن يحيى طالب الحقّ ، قالوا : إنّه كتب إلى عبيدة بن مسلم بن أبي كريمة ، وإلى غيره من الأباضية بالبصرة يشاورهم بالخروج ، فكتبوا إليه : إن استطعت ألاّ تقيم إلاّ يوماً واحداً فافعل ،

٤٨٤

فأشخص إليه عبيدة بن مسلم أبا حمزة المختار بن عوف الأزديّ في رجال من الأباضية فقدموا عليه حضرموت ، فحثّوه على الخروج ، وأتوه بكتب أصحابه ، فدعا أصحابه فبايعوه ، فقصدوا دار الإمارة

وأظنّ أنّ ما يكتبه علي يحيى معمّر في هذا الكتاب ، وفي كتاب ( الأباضية في موكب التاريخ ) دعايات وشعارات لصالح التقارب بين الأباضية وسائر الفرق ، خصوصاً أهل السنّة ، ولأجل ذلك يريد أن يطرح أُصول الأباضية بصورة خفيفة ، حتّى يتجاوب مع شعور أهل السنّة ، تلك الأكثرية الساحقة.

وأوضح دليل على أنّهم يرون الخروج واجباً مع القدرة والمنعة بلا اكتراث ، أنّهم يوالون المحكّمة الأُولى ويرون أنفسهم أخلافهم ، والسائرين على دربهم ، وهم قد خرجوا على علي بزعم أنّه خرج بالتحكيم عن سواء السبيل.

وأظنّ أنّ هذا الأصل أصل لامع في عقيدة الخوارج والأباضية بشرطها وشروطها ، وأنّ التخفيض عن قوّة هذا الأصل دعاية بحتة.

والعجب أنّه يعترف بهذا الأصل في موضع آخر من كتابه ، ويقول : إنّ الثورة على الظلم والفساد والرشوة ، وما يتبع ذلك من البلايا والمحن ، إنّما هو المنهج الذي جاء به الإسلام ودعا إليه المسلمين ، ودعا المسلمون إليه ، وقاموا به في مختلف أدوار التاريخ ، ولم تسكت الألسنة الآمرة بالمعروف ، الناهية عن المنكر ، ولم تكفّ الأيدي الثائرة في أيّ فترة من فترات الحكم المنحرف وقد استشهد في هذا السبيل عدد من أفذاذ الرجال ، ويكفي أن أذكر الأمثلة لأُولئك الثائرين على الانحراف والفساد : شهيد كربلاء الإمام الحسين سبط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعبد الله بن الزبير نجل ذات النطاقين ، وسعيد بن جبير ، وزيد بن علي بن الحسين ، وكلّ واحد من هؤلاء يمثّل ثورة عارمة من الأُمّة المسلمة على الحكم الظالم ، والخروج عليه ومدافعته حتى الاستشهاد )(١) .

____________

١ ـ بحوث في الملل والنحل ٥ / ٢٦٤.

٤٨٥

( كميل ـ عمان ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة )

كانت عبادتهم بلا علم وثقافة :

س : كيف تفسّرون قتل الخوارج لزوجة عبد الله بن الخباب؟ وبقر بطنها رغم حملها ، مع أنّ حركتهم كانت ذات طابع دينيّ؟

ج : لاشكّ ولا ريب أنّ عبادة العالم تعادل عبادة الجاهل بأضعاف مضاعفة ، وذلك لأنّ العابد غير العالم لا يؤمن من وقوعه في الأخطاء الفاحشة ، والخوارج من أمثال هؤلاء ، عبادتهم بلا علم وثقافة دينية ، فوقعوا بما وقعوا فيه.

( كميل ـ عمان ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة )

يعتبرون مقصّرين :

س : أسألكم عن كيفية التوفيق بين دخول الخوارج النار ، وبين أنّهم أرادوا الحقّ فأخطاؤوه ، وذلك لأنّ الإنسان يحاسب بحسب عقله ، وهؤلاء أرادوا الحقّ ، فكيف يستقيم أن يدخلوا النار؟

ج : علينا أوّلاً إثبات صحّة الحديث القائل : أنّهم أرادوا الحقّ فأخطاؤوه ، وعلى فرض صحّة الحديث ، فإنّ المقصود من أخطاؤوه عدم إصابتهم للحقّ ، وعدم الإصابة تكون غالباً عن تقصير في طلب الحقّ ، وتدخّل الأهواء النفسانية وحبّ الدنيا.

الكلّ يدّعي أنّه يريد الحقّ ، ولكن بعضهم يصل ، وبعضهم لا يصل ، والذي وصل تجرّد عن كلّ التعصّبات ، وكانت بغيته الوحيدة إصابة الحقّ ، وأمّا من لم يصل فعلى قسمين :

١ ـ قاصر ، وهذا القسم لا يصدق على الخوارج ، الذين أدرك الكثير منهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسمع حديثه ، أو سمع ممّن سمع حديث الرسول ، الأحاديث التي صرّح فيها بوجوب لزوم عليعليه‌السلام ، وأنّه مع الحقّ والحقّ معه ، فالخوارج لا يصدق عليهم القصور ، بل يشملهم الشقّ الثاني.

٤٨٦

٢ ـ مقصّر ، وهذا يشمل اللذين تمكّنوا من تحصيل العلوم والوصول إلى الحقّ ، كالخوارج الذين سمعوا حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو عاشروا من سمع حديثه.

( كميل ـ عمان ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة )

تعليق على الجواب السابق وجوابه :

س : إذا كان الخوارج مقصّرين ؛ فلم قال الإمام علي عليه‌السلام في حقّهم : ليس من أراد الحقّ فأخطأه كمن أراد الباطل فأصابه ، وليس فقط الإمام علي ، وإنّما الإمام الحسن أيضاً ، حينما أرسل إليه معاوية لحرب الخوارج.

ج : يكون المعنى : ليس من أراد الحقّ ( فقصّر في طلبه ) فأخطأه ( أي : لم يصبه ) كمن أراد الباطل ( من البداية ) فأصابه.

فهنا الكلام في مقام المقايسة بين القسم الأوّل والقسم الثاني ، وقطعاً فإنّ من أراد الحقّ من البداية ولكن قصّر في طلبه ، وتدخّلت عوامل حبّ الدنيا ، واستولى الشيطان على قلبه فلم يصب الحقّ ، هذا القسم ليس كمن طلب الباطل من أوّل الأمر.

( كميل ـ عمان ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة )

لم يكن اندفاعهم للموت مشروعاً :

س : أودّ سؤالكم عن الآية : ( فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) (١) ، ما فهمت من هذه الآية : أنّ من تمسّك بالمذهب الحقّ ، هم من بالفعل يتمنّون الشهادة ، ولكن في التاريخ نرى أُناساً يحرصون على الشهادة بالرغم من بغضهم لأمير المؤمنين عليه‌السلام ، مثل الخوارج ؛ فكيف التوفيق؟

____________

١ ـ البقرة : ٩٤.

٤٨٧

ج : لابدّ من معرفة معنى الآية والمقصود منها ، لتتّضح لنا جوانب الشبهة وإمكانية حلّها.

إنّ الآية الكريمة في صدد الإخبار عن الذين تهوّدوا ، وقالوا نحن أحباء الله وأولياؤه ، فأراد القرآن ردّ هذه الدعوى وتكذيبها ، فقال على سبيل التعجيز :( فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) ، ثمّ أجاب في نفس السورة( وَلاَ يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ) (١) ، لأنّ ما ارتكبوه من مخالفةٍ لأوامره تعالى ، وعدائهم لرسل الله تيقّنوا من أنفسهم بسوء مصيرهم ، وسوء منقلبهم كذلك ، ولذا فهم لا يتمنّون الموت ، ولا يتمنّون لقاءه تعالى.

أمّا الفرق المنحرفة المبغضة لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، فإنّ اندفاعهم للموت لم يكن مشروعاً وحقّاً ، وذلك لأنّ اعتقادهم الباطل يدفعهم إلى الموت بدافع العناد ، وليس الإيمان الحقّ لقضيّتهم وهدفهم واعتقادهم ، وهناك فرق بين من يتمنّى الموت بدافع الحقّ ، وبين من يتمنّى الموت بدافع العناد والجهل.

ألا ترى من اندفاع بعض الكفّار الذين لا يعتنقون الإسلام ـ بل لعلّهم لا يؤمنون بالله تعالى ـ يندفعون إلى الموت لتحقيق غاياتهم وأهدافهم ، كالذي يقوم بعمليةٍ انتحارية لدافع دنيوي لانتسابه إلى منظّمة سياسية مثلاً ، أو كالذين قرّروا الانتحار الجماعي في نهاية القرن الميلادي العشرين ، بدعوى انتهاء العالم ، فهل تحسب هؤلاء اندفعوا للموت لقناعتهم في لقاء الله تعالى؟

وهكذا حال الخوارج ومن ماثلهم من الفرق ، فإنّ اندفاعهم للموت لا يكون إلاّ عن عنادٍ وجهل ، وليس بدافع الحبّ الإلهيّ المحض ، ولا عليكم في دعاويهم ، بل عليك بواقع الحال ، وما يقتضيه الإيمان بالله تعالى ، وما تتطلّبه شروط الشهادة من أجله تعالى.

____________

١ ـ البقرة : ٩٥.

٤٨٨

الدعاء :

( أبو سلطان ـ عمان ـ )

حول مقطع منه :

س : لدي سؤال يرجى التكرّم بالردّ عليه مشكورين.

ورد في دعاء الصلوات ـ الذي أورده الشيخ القمّيّ في مفاتيح الجنان ، نقلاً عن المصباح ، والذي درج الشيعة على قرائته ، ظهر يوم الجمعة بعد الصلاة ـ في الفقرة الأخيرة من الصلوات : ( اللهم صلّ على محمّد المصطفى ، وعلي المرتضى ، وفاطمة الزهراء ، والحسن الرضا ، والحسين المصفّى ، وجميع الأوصياء ، مصابيح الدجى ، وأعلام الهدى ، ومنار التقى ، والعروة الوثقى ، والحبل المتين ، والصراط المستقيم ، وصلّ على وليّك وولاة عهدك ، والأئمّة من ولده ، ومدّ في أعمارهم ، وزد في آجالهم ، وبلغهم أقصى آمالهم ديناً ودنياً وآخرة ، إنّك على كلّ شيء قدير ).

الأمر الذي يؤدّي إلى إثارة عدد من التساؤلات ، نوجزه على النحو التالي :

١ ـ ما هو رأي سماحتكم؟ ورأي الأعلام في سند هذا الدعاء؟

٢ ـ هل يتطابق هذا المتن وهذا المضمون مع عقائد الإمامية ، التي تقضي بحصر الإمامة في الأئمّة الاثني عشرعليهم‌السلام ؟

٣ ـ في حالة صحّة السند ، ما هو توجيه هذا المضمون؟

٤ ـ وفي هذا الصدد ، ما هو رأيكم ورأي الأعلام فيما أورده الشيخ الصدوق عن وجود اثني عشر مهديّاً بعد الإمام المهديّعليه‌السلام ؟ يرجى التكرّم بالإجابة على هذه الاستفسارات.

ج : يمكن حمل عبارة ( وصلّ على وليّك ) على أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ،

٤٨٩

بقرينة (والأئمّة من ولده ) ، حيث لا يوجد أئمّة من غير أبناء عليعليه‌السلام ، أوّلهم الإمام الحسن ، وآخرهم الإمام المهديّ.

وأمّا قوله : (ومدّ في أعمارهم ) يمكن أن يكون المقصود خصوص الإمام الحجّةعليه‌السلام ، وإن كان الاستعمال لضمير الجمع ، وهذا لا مانع منه في اللغة ، حيث نراه مستعملاً في القرآن ، كقوله تعالى :( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ ) (١) ، حيث كان القائل واحداً ، وكذا قوله تعالى في آية المباهلة :( قُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ) (٢) ، حيث عبّر بضمير الجمع في( وَنِسَاءنَا ) ، مع أنّه لم يكن غير فاطمة الزهراءعليها‌السلام بين الحضور.

كما يمكن حملها على روايات الرجعة ، وهي متواترة إجمالاً ، لا على نحو التفصيل ، لذا لا يجب الاعتقاد بجميع تفاصيل روايات الرجعة ، لأنّها أخبار آحاد ، وهذا ما تشير إليه رواية الشيخ الصدوققدس‌سره وأمثالها.

أمّا بالنسبة للبحث السندي ، فالقاعدة العامّة تقتضي البحث أوّلاً في الدلالة والمضمون ، فإن كانت موافقة للقرآن ، وليس فيها ما يتعارض مع المباني القرآنيّة ، أو ما هو متواتر في السنّة ، أو يخالف العقل الصريح ، فلا مانع من التمسّك بها ، وإن كان سندها ضعيفاً ، حيث ليس المطلوب في مثل هذه الأُمور ـ كالأدعية والقضايا الأخلاقية ـ البحث في السند.

( حسن محمّد يوسف ـ البحرين ـ )

ما يقال للعاطس :

س : أرجو أن تذكر بعض الروايات عن الدليل الشرعيّ عن قولنا لشخص ما :

____________

١ ـ آل عمران : ١٧٣.

٢ ـ آل عمران : ٦١.

٤٩٠

( رحمك الله ) عندما يعطس من طريقنا ، ومن طريق القوم ، ولك جزيل الشكر والامتنان.

ج : أمّا من مصادرنا فرويت روايات كثيرة في ذلك ، منها : كان أبو جعفرعليه‌السلام إذا عطس ، فقيل له : يرحمك الله ، قال : (يغفر الله لكم ويرحمكم ) ، وإذا عطس عنده إنسان ، قال : (يرحمك الله )(١) .

وعن الإمام عليعليه‌السلام قال : (إذا عطس أحدكم فسمّتوه ، قولوا : يرحمكم الله ، وهو يقول : يغفر الله لكم ويرحمكم )(٢) .

وعطس رجل عند أبي جعفرعليه‌السلام ، قال : الحمد لله ، فلم يسمّته أبو جعفر ، وقال : ( نقصنا حقّنا ) ، وقال : (إذا عطس أحدكم فليقل : الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمّد وأهل بيته ) ، قال : فقال الرجل ، فسمّته أبو جعفرعليه‌السلام (٣) .

وأمّا ما روي من طريق القوم : فروى البخاريّ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : (إذا عطس أحدكم فليقل : الحمد لله ، وليقل له أخوه أو صاحبه : يرحمك الله ، فإذا قال له : يرحمك الله ، فليقل : يهديكم الله ويصلح بالكم )(٤) .

وروى البخاريّ أيضاً عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : (فإذا عطس أحدكم وحمد الله ، كان حقّاً على كلّ مسلم سمعه أن يقول له : يرحمك الله )(٥) .

( عبد الله ناصر ـ الكويت ـ )

مستحبّات ليلة القدر :

س : أرجو الإجابة على هذه الأسئلة :

____________

١ ـ الكافي ٢ / ٦٥٥.

٢ ـ وسائل الشيعة ١٢ / ٨٩.

٣ ـ الكافي ٢ / ٦٥٤.

٤ ـ صحيح البخاريّ ٧ / ١٢٥.

٥ ـ نفس المصدر السابق.

٤٩١

١ ـ كم من رمضان يصادف ليلة القدر؟

٢ ـ ما الدعاء المناسب عند ختمة القرآن؟

٣ ـ ما مستحبّات ليلة القدر؟

ج : إنّ ليلة القدر مردّدة بين ليلة ١٩ و ٢١ و ٢٣ من شهر رمضان.

والدعاء المناسب عند ختم القرآن ، هو ما كان يدعو به أمير المؤمنينعليه‌السلام : (اللهم اشرح بالقرآن صدري ، واستعمل بالقرآن بدني ، ونوّر بالقرآن بصري ، وأطلق بالقرآن لساني ، واعنّي عليه ما أبقيتني ، فإنّه لا حول ولا قوّة إلاّ بك )(١) .

وأمّا مستحبّات ليلة القدر فكثيرة ، منها :

١ ـ الغسل.

٢ ـ الصلاة ركعتان ، يقرأ في كلّ ركعة بعد الحمد التوحيد سبع مرات ، ويقول بعد الفراغ سبعين مرة : استغفر الله وأتوب إليه.

٣ ـ تأخذ المصحف فتنشره وتضعه بين يديك ، وتقول : (اللهم إنّي أسألك بكتابك المُنزل ، وما فيه وفيه اسمك الأكبر ، وأسماؤك الحُسنى ، وما يُخاف ويُرجى ، أن تجعلني من عُتقائك من النار ) ، وتدعو بما بدا لك من حاجة(٢) .

٤ ـ تأخذ المصحف فتدعه على رأسك ، وتقول : (اللهم بحقّ هذا القرآن ، وبحقّ من أرسلته به ، وبحقّ كلّ مؤمن مدحته فيه ، وبحقّك عليهم فلا أحد أعرف بحقّك منك ).

ثمّ قل عشر مرّات : بك يا الله ، وعشر مرّات : بمحمّد ، وعشر مرّات : بعلي ، وعشر مرّات : بفاطمة ، وعشر مرّات : بالحسن ، وعشر مرّات : بالحسين ، وعشر مرّات : بعليّ بن الحسين ، وعشر مرّات : بمحمّد بن علي ، وعشر مرّات : بجعفر بن محمّد ، وعشر مرّات : بموسى بن جعفر ، وعشر مرّات ، بعليّ بن

____________

١ ـ بحار الأنوار ٨٩ / ٢٠٩.

٢ ـ الكافي ٢ / ٦٢٩.

٤٩٢

موسى ، وعشر مرّات : بمحمّد بن علي ، وعشر مرّات : بعلي بن محمّد ، وعشر مرّات ، بالحسن بن علي ، وعشر مرّات : بالحجّة ، وتسأل حاجتك(١) .

٥ ـ زيارة الإمام الحسينعليه‌السلام ، ففي الحديث عن الإمام الصادقعليه‌السلام : ( إذا كان ليلة القدر ، وفيها يفرق كلّ أمر حكيم ، نادى منادٍ تلك الليلة من بطنان العرش : أنّ الله قد غفر لمن زار قبر الحسين في هذه الليلة )(٢) .

٦ ـ إحياء هذه الليالي الثلاث ، فعن الإمام الباقرعليه‌السلام : ( من أحيا ليلة القدر غُفرت له ذنوبه ، ولو كانت ذنوبه عدد نجوم السماء ، ومثاقيل الجبال ، ومكاييل البحار )(٣) .

٧ ـ الصّلاة مائة ركعة ، فإنّها ذات فضل كثير ، والأفضل أن يقرأ في كلّ ركعة بعد الحمد التوحيد عشر مرّات.

هذا ، وهناك أعمال أُخرى يذكرها الشيخ عباس القمّيّ في كتابه مفاتيح الجنان ، فراجع.

ونسألكم الدعاء.

( بدر ـ ـ )

شروط استجابته :

س : تحية طيّبة ، وبعد : ما هي شروط استجابة الدعاء؟ نرجو من سماحتكم الإجابة الوافية ، ولكم جزيل الشكر.

ج : لقد حدَّدت النصوص الإسلاميّة عن النبيّ وآلهعليهم‌السلام آداباً للدعاء ، وقرّرت شروطاً لابدّ للداعي أن يراعيها كي يتقرّب إلى خزائن رحمة الله تعالى وذخائر لطفه ، ويتحقّق مطلوبه من الدعاء.

____________

١ ـ بحار الأنوار ٩٥ / ١٤٦.

٢ ـ كامل الزيارات : ٣٤١.

٣ ـ إقبال الأعمال ١ / ٣٤٦.

٤٩٣

وإذا أهملها الداعي فلا تتحقّق له الاستجابة المرجوة من الدعاء ، ولا تحصل له نورانية القلب ، وتهذيب النفس ، وسُمُوُّ الروح المطلوبة في الدعاء.

وفيما يلي أهمّ هذه الشروط والآداب :

الأوّل : الطهارة :

من آداب الدعاء أن يكون الداعي على وضوء ، سيَّما إذا أراد الدعاء عقيب الصلاة ، فقد رَوَى مسمع عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال : (يا مسمع ، ما يمنع أحدكم إذا دخل عليه غَمٌّ من غموم الدنيا ، أن يتوضّأ ثمّ يدخل مسجده ، ويركع ركعتين فيدعو الله فيهما(١) .

الثاني : الصدقة ، وشمُّ الطيب ، والذهاب إلى المسجد :

روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال : (كان أبي إذا طلب الحاجة قدَّم شيئاً فتصدّق به ، وشمَّ شيئاً من طيب ، وراح إلى المسجد )(٢) .

الثالث : الصلاة :

ويستحبّ أن يصلّي الداعي ركعتين قبل أن يشرع بالدعاء ، فقال الإمام الصادقعليه‌السلام : (من توضّأ فأحسن الوضوء ، وصلّى ركعتين ، فأتمَّ ركوعهما وسجودهما ، ثمّ جلس فأثنى على الله عزّ وجلّ ، وصلّى على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ سأل حاجته ، فقد طلب الخير في مظانِّه ، ومن طلب الخير في مظانِّه لم يخب )(٣) .

الرابع : البسملة :

ومن آداب الدعاء أن يبدأ الداعي دعاءه بالبسملة ، لقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (لا يُرَدُّ دعاء أوَّله بسم الله الرحمن الرحيم )(٤) .

____________

١ ـ تفسير العيّاشيّ ١ / ٤٣.

٢ ـ الكافي ٢ / ٤٧٧.

٣ ـ المصدر السابق ٣ / ٤٧٨.

٤ ـ الدعوات : ٥٢.

٤٩٤

الخامس : الثناء على الله تعالى :

ينبغي للداعي إذا أراد أن يسأل ربّه شيئاً من حوائج الدنيا والآخرة ، أن يحمد الله ويثني عليه ، ويشكر ألطافه ونعمه قبل أن يشرع في الدعاء.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : (الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره ، وسبباً للمزيد من فضله ، ودليلاً على آلائه وعظمته )(١) .

السادس : الدعاء بالأسماء الحسنى :

على الداعي أن يدعو الله تعالى بأسمائه الحسنى ، لقوله تعالى :( وَللهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ) (٢) .

وقوله تعالى :( قُلِ ادْعُواْ اللهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى ) (٣) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (لله عزّ وجلّ تسعة وتسعون اسماً ، من دعا الله بها استجاب له ، ومن أحصاها دخل الجنّة )(٤) .

السابع : الصلاة على النبيّ وآلهعليهم‌السلام :

لابدّ للداعي أن يصلّي على محمّد وآلهعليهم‌السلام بعد الحمد والثناء على الله سبحانه ، وهي تؤكّد الولاء لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولأهل بيته المعصومينعليهم‌السلام ، الذي هو في امتداد الولاء لله تعالى ، لذا فهي من أهمّ الوسائل في صعود الأعمال ، واستجابة الدعاء.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (لا يزال الدعاء محجوباً حتّى يصلّى عليَّ وعلى أهل بيتي )(٥) .

____________

١ ـ شرح نهج البلاغة ٩ / ٢٠٩.

٢ ـ الأعراف : ١٨٠.

٣ ـ الإسراء : ١١٠.

٤ ـ التوحيد : ١٩٥.

٥ ـ كفاية الأثر : ٣٩.

٤٩٥

الثامن : التوسّل بمحمّد وأهل بيتهعليهم‌السلام :

وينبغي للداعي أن يلج من الأبواب التي أمر الله تعالى بها ، وأهل البيتعليهم‌السلام هم سفن النجاة لهذه الأُمّة ، فحريٌّ بمن دعا الله تعالى أن يتوسّل إلى الله بهمعليهم‌السلام ، ويسأله بحقّهم ، ويقدّمهم بين يدي حوائجه.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (الأوصياء منّي بهم تُنصر أُمّتي ، وبهم يُمطرون ، وبهم يدفع الله عنهم ، وبهم يُستجاب دعائهم )(١) .

التاسع : الإقرار بالذنوب :

وعلى الداعي أن يعترف بذنوبه مقرّاً مذعناً ، تائباً عمَّا اقترفه من خطايا ، وما ارتكبه من ذنوب.

قال الإمام الصادقعليه‌السلام : (إنّما هي مدحة ، ثمّ الثناء ، ثمّ الإقرار بالذنب ، ثمّ المسألة ، إنّه والله ما خرج عبد من ذنب إلاّ بالإقرار )(٢) .

العاشر : المسألة :

وينبغي للداعي أن يذكر ـ بعد الثناء على الله تعالى والصلاة على النبيّ وآلهعليهم‌السلام والإقرار بالذنب ـ ما يريد من خير الدنيا والآخرة ، وأن لا يستكثر مطلوبه ، لأنّه يطلب من ربّ السماوات والأرض ، الذي لا يعجزه شيء ، ولا تنفد خزائن رحمته التي وسعت كلّ شيء.

الحادي عشر : معرفة الله ، وحسن الظنّ به سبحانه :

وهذا يعني أنّ من دعا الله تعالى يجب أن يكون عارفاً به وبصفاته ، فعلى الداعي أن يوقن برحمة الله اللامتناهية ، وبأنّه سبحانه لا يمنع أحداً من فيض نعمته ، وأنّ باب رحمته لا يغلق أبداً.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (قال الله عزّ وجلّ : من سألني وهو يعلم أنّي أضرُّ وأنفع استجبت له )(٣) .

____________

١ ـ تفسير العيّاشيّ ١ / ١٤.

٢ ـ الكافي ٢ / ٤٨٤.

٣ ـ ثواب الأعمال : ١٥٣.

٤٩٦

وقيل للإمام الصادقعليه‌السلام : ما بالنا ندعو فلا يستجاب لنا؟! قالعليه‌السلام : (لأنّكم تدعون من لا تعرفونه )(١) .

الثاني عشر : العمل بما تقتضيه المعرفة :

على الداعي أن يعمل بما تقتضيه المعرفة لخالقه ، بأنّ يفي بعهد الله ويطيع أوامره ، وهما من أهمّ الشروط في استجابة الدعاء.

قال رجل للإمام الصادقعليه‌السلام : يقول الله :( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (٢) ، وإنَّا ندعو فلا يُستجاب لنا؟! فقالعليه‌السلام : ( إنّكم لا تفون لله بعهده ، فإنّه تعالى يقول :( وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) (٣) ،والله لو وفيتم لله سبحانه لوفى لكم )(٤) .

الثالث عشر : الإقبال على الله تعالى :

من أهمّ آداب الدعاء هو أن يقبل الداعي على الله سبحانه بقلبه ، وعواطفه ، ووجوده ، وأن لا يدعو بلسانه وقلبه مشغول بشؤون الدنيا.

فهناك اختلاف كبير بين مجرّد قراءة الدعاء ، وبين الدعاء الحقيقيّ ـ الذي ينسجم فيه اللسان انسجاماً تامّاً مع القلب ـ فَتَهتَزُّ له الروح ، وتحصل فيه الحاجة في قلب الإنسان ومشاعره.

قال الإمام الصادقعليه‌السلام : (إنّ الله عزّ وجلّ لا يستجيب دعاء بظهر قلبٍ ساهٍ ؛ فإذا دعوت فأقبل بقلبك ، ثمّ استيقن بالإجابة )(٥) .

الرابع عشر : الاضطرار إلى الله سبحانه :

لابدّ للداعي أن يتوجّه إلى الله تعالى توجّه المضطرّ الذي لا يرجو غيره ، وأن

____________

١ ـ التوحيد : ٢٨٩.

٢ ـ غافر : ٦٠.

٣ ـ البقرة : ٤٠.

٤ ـ بحار الأنوار ٦٦ / ٣٤١.

٥ ـ الكافي ٢ / ٤٧٣.

٤٩٧

يرجع في كلّ حوائجه إلى ربّه ، ولا ينزلها بغيره من الأسباب العادية التي لا تملك ضرّاً ولا نفعاً.

فإذا لجأ الداعي إلى ربّه بقلب سليم ، وكان دعاؤه حقيقياً صادقاً جادّاً ، وكان مدعوُّه ربّه وحده لا شريك له ، تحقّق الانقطاع الصادق بالاضطرار الحقيقيّ إلى الله تعالى ، الذي هو شرط في قبول الدعاء.

الخامس عشر : تسمية الحوائالجواب :

إنّ الله تعالى محيط بعباده ، يعلم حالهم وحاجاتهم ، وهو أقرب إليهم من حبل الوريد ، ولكنّه سبحانه يحبُّ أن تُبثُّ إليه الحوائج ، وتُسمَّى بين يديه تعالى ، وذلك كي يُقبل الداعي إلى ربّه ، محتاجاً إلى كرمه ، فقيراً إلى لطفه ومغفرته.

قال الإمام الصادقعليه‌السلام : (إنّ الله تبارك وتعالى يعلم ما يريد العبد إذا دعاه ، ولكنّه يحبُّ أن تُبثّ إليه الحوائج ، فإذا دعوت فسمِّ حاجتك )(١) .

السادس عشر : ترقيق القلب :

ويستحبّ الدعاء عند استشعار رقّة القلب ، وحالة الخشية التي تنتابه بذكر الموت ، والبرزخ ، ومنازل الآخرة ، وأهوال يوم المحشر ، وذلك لأنّ رقَّة القلب سبب في الإخلاص المؤدّي إلى القرب من رحمة الله وفضله.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (اغتنموا الدعاء عند الرقّة ، فإنّها رحمة )(٢) .

السابع عشر : البكاء والتباكي :

خير الدعاء ما هيّجه الوجد والأحزان ، وانتهى بالعبد إلى البكاء من خشية الله ، الذي هو سيّد آداب الدعاء وذروتها ، ذلك لأنّ الدمعة لسان المذنب الذي يفصح عن توبته ، وخشوعه وانقطاعه إلى بارئه ، والدمعة سفير رِقَّةِ القلب ، الذي يؤذن بالإخلاص والقرب من رحاب الله تعالى.

____________

١ ـ المصدر السابق ٢ / ٤٧٦.

٢ ـ الدعوات : ٣٠.

٤٩٨

قال الإمام الصادقعليه‌السلام لأبي بصير : (إن خفتَ أمراً يكون أو حاجة تريدها ، فابدأ بالله ومَجِّدهُ ، واثنِ عليه كما هو أهله ، وصلِّ على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَسَل حاجتَكَ ، وتباكَ ولو مثل رأس الذباب ، إنّ أبي كان يقول : إنّ أقرب ما يكون العبد من الربّ عزّ وجلّ وهو ساجد باكٍ )(١) .

الثامن عشر : العموم في الدعاء :

ومن آداب الدعاء أن لا يخصَّ الداعي نفسه بالدعاء ، بل يذكر إخوانه المسلمين والمسلمات ، والمؤمنين والمؤمنات.

وهذا من أهمّ آداب الدعاء ، لأنّه يدلّ على التضامن ونشر المودَّة والمحبّة بين المؤمنين ، وإزالة أسباب الضغينة والاختلاف فيما بينهم ، وذلك من منازل الرحمة الإلهيّة ، ومن أقوى الأسباب في استجابة الدعاء ، فضلاً عن ثوابه الجزيل للداعي والمدعو له.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (إذا دعا أحدكم فليعمُّ ، فإنّه أوجب للدعاء )(٢) .

التاسع عشر : التضرّع ومدُّ اليدين :

ومن آداب الدعاء إظهار التضرّع والخشوع ، فقد قال تعالى :( وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً ) (٣) .

وقد ذمَّ الله تعالى الذين لا يتضرّعون إليه في قوله تعالى :( وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ) (٤) .

وعن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ :( فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ) ، فقالعليه‌السلام : (الاستكانة هي الخضوع ،

____________

١ ـ الكافي ٢ / ٤٨٣.

٢ ـ المصدر السابق ٢ / ٤٨٧.

٣ ـ الأعراف : ٢٠٥.

٤ ـ المؤمنون : ٧٦.

٤٩٩

والتضرُّع هو رفع اليدين والتضرُّع بهما )(١) .

العشرون : الإسرار بالدعاء :

فيستحبّ أن يدعو الإنسان خُفية ليبتعد عن مظاهر الرياء التي تمحق الأعمال وتجعلها هباءً منثوراً ، قال تعالى :( ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ) (٢) .

وقال الإمام الرضاعليه‌السلام : (دعوة العبد سِراً دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية )(٣) .

الواحد والعشرون : التَرَيُّث بالدعاء :

ومن آداب الدعاء أن لا يستعجل الداعي في الدعاء ، بل يدعو مترسّلاً ، وذلك لأنّ العجلة تنافي حالة الإقبال والتوجّه إلى الله تعالى ، وما يلزم ذلك من التضرُّع والرقّة ، كما أنّ العجلة قد تؤدّي إلى ارتباك في صورة الدعاء ، أو نسيان لبعض أجزائه.

الثاني والعشرون : عدم القنوط :

وعلى الداعي أن لا يقنط من رحمة الله ، ولا يستبطأ الإجابة فيترك الدعاء ، لأنّ ذلك من الآفات التي تمنع ترتّب أثر الدعاء ، وهو بذلك أشبه بالزارع ، الذي بذر بذراً فجعل يتعاهده ويرعاه ، فلّما استبطأ كماله وإدراكه تركه وأهمله.

فعن أبي بصير ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال : (لا يزال المؤمن بخير ورجاء ، رحمة من الله عزّ وجلّ ما لم يستعجل ، فيقنط ويترك الدعاء ) ، قلتُ له : كيف يستعجل؟ قالعليه‌السلام : (يقول : قد دعوت منذ كذا وكذا وما أرى الإجابة )(٤) .

____________

١ ـ الكافي ٢ / ٤٨٠.

٢ ـ الأعراف : ٥٥.

٣ ـ الكافي ٢ / ٤٧٦.

٤ ـ المصدر السابق ٢ / ٤٩٠.

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621