موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٤

موسوعة الأسئلة العقائديّة10%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-04-1
الصفحات: 585

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 585 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 265691 / تحميل: 7503
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٤

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٤-١
العربية

١
٢

٣
٤

دليل الكتاب

السبئية وعبد الله بن سبأ ٧

السجود على التربة ١٥

سرية أُسامة ٢٧

السقيفة ٣٣

الشطرنج ٣٧

الشفاعة ٤٣

الشهادة الثالثة في الأذان ٥٣

الشورى ٥٩

الشيعة ٦٣

الصحابة ١٢٧

الصلاة ١٦٩

صلاة التراويح ١٩١

الصلاة عند القبور ٢٠٣

الصوم ٢٠٩

صوم يوم عاشوراء ٢١٥

الطهارة والنجاسة ٢٢٣

عائشة بنت أبي بكر ٢٢٧

٥

عالم الذرّ ٢٥٧

عثمان بن عفّان ٢٩٣

العصمة ٣٠٣

علم المعصوم ٣٥٩

عمر بن الخطّاب ٣٧٥

العولمة والحداثة ٤٠٧

الغدير ٤١١

الغسل ٤٢٧

الغلوّ ٤٣١

الغناء والموسيقى ٤٤١

الغيبة ٤٤٩

فاطمة الزهراءعليها‌السلام ٤٧١

فدك ٥١١

فرق ومذاهب ٥١٧

الفرقة الناجية ٥٦٧

الفهرس ٥٧٣

٦

السبئية وعبد الله بن سبأ :

( حامد ـ البحرين ـ )

ابن سبأ بين الأسطورة والواقع :

س : من هو عبد الله بن سبأ؟

ج : هناك نظريتان حول عبد الله بن سبأ ، نذكرهما باختصار :

١ ـ إنّ عبد الله بن سبأ شخصية وهمية وأسطورة ، وهذا القول كما ذهب إليه السيّد العسكري والشيخ مغنية ، ذهب إليه عدد من المفكّرين المسلمين المستشرقين.

نعم ، إنّ الآراء التي نشرها السيّد العسكري حول عبد الله بن سبأ ، الأسطورة السبئية ، والتي صدرت في مجلّدين ، ليست هي كُلّ النتائج التي توصّل إليها ، فهناك مجلّد مخطوط اسمه « عبد الله بن سبأ والأسطورة السبئية » حيث تناول فيه الأسطورة السبئية بتفصيل أوسع.

٢ ـ إنّ عبد الله بن سبأ له وجود عادي ، وأنّ الكثير ممّا نسب إليه لا أصل له ، بل اخترعه النواصب للطعن بالتشيّع.

والأدلّة تساعد على أنّ ابن سبأ كان له وجود ، ولكن أعداء التشيّع أرادوا وسيلة يتّخذونها للطعن بالتشيّع ، وخير وسيلة كانت لهم أن جعلوا من ابن سبأ شخصية تاريخية كبيرة نسبوا له تأسيس التشيّع ، مع أنّ ابن سبأ ملعون على

٧

لسان أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، وملعون على لسان علمائنا ، والشيعة منه براء ، ولا توجد له أيّ صلة بالتشيّع.

( عبد الله حاجي ـ الكويت ـ )

طعن علماء السنّة بابن سبأ :

س : تحياتي لكم على هذا المجهود الذي تبذلونه ، منذ فترة قريبة كنت أتناقش مع أحد السنّة ، فذكر لي شخص اسمه « عبد الله بن سبأ » ، لذا أُريد أن اسأل بعض الأسئلة عن هذا الشخص :

١ ـ هل كان يهودياً؟

٢ ـ هل صحيح أنّه مؤسّس مذهب الشيعة؟

٣ ـ هل صحيح أنّه دخل على الإمام عليعليه‌السلام ، وقال له : أنت ربّي؟

٤ ـ هل صحيح كانت له علاقة قوية بالإمام عليعليه‌السلام ؟

ج : نجيب على أسئلتك إجمالاً وتفصيلاً :

أمّا أجمالاً : بالنسبة لسؤالك الأوّل نقول : نعم ، كان يهودياً ، إن لم نقل أنّه شخصية وهمية.

وبالنسبة لسؤالك الثاني نقول : غير صحيح ، بل مؤسّس أساس التشيّع هو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وبالنسبة لسؤالك الثالث نقول : نعم ، هو أوّل من قال بألوهية الإمام عليعليه‌السلام .

وبالنسبة لسؤالك الرابع نقول : غير صحيح ، ومن يدّعي ذلك فليأتنا بدليل.

وأمّا تفصيلاً : فالذي أفاده جمع من المحقّقين والباحثين ـ كالعلاّمة السيّد مرتضى العسكري في كتابه عبد الله بن سبأ ـ أنّه رجل اختلقه خصوم الشيعة ، كيداً لهم وإزراءً عليهم.

وتأييداً لذا ، قال الدكتور عبد العزيز الهلابي ـ الأُستاذ في قسم التاريخ بكُلّية الآداب بجامعة الملك سعود بالرياض ـ : « وعلى أيّة حال ، فسَيف ـ وهو راوي قصّة ابن سبأ ـ أراد طعن الشيعة في الصميم ، وذلك بنسبة مذهب التشيّع

٨

إلى يهودي حاقد على الإسلام ، يريد تقويضه من الداخل ، وأنّ أفكار الشيعة ـ المعتدلين منهم والغلاة ـ ليست سوى أفكار هذا اليهودي »(١) .

وقال الدكتور طه حسين : « إنّ أمر السبئية وصاحبهم ابن السوداء ، إنّما كان متكلّفاً منحولاً ، قد اختُرع بأخَرَة ، حين كان الجدال بين الشيعة وغيرهم من الفِرق الإسلامية ، أراد خصوم الشيعة أن يُدخِلوا في أُصول هذا المذهب عنصراً يهودياً ، إمعاناً في الكيد لهم والنيل منهم »(٢) .

ويأتي الدكتور أحمد محمّد صبحي ، ليستعرض كلام الدكتور طه حسين حول وهمية عبد الله بن سبأ ، ثمّ يعلّق على هذا الموضوع قائلاً :

« ويبدوا أنّ مبالغة المؤرّخين وكتّاب الفرق في حقيقة الدور الذي قام به عبد الله بن سبأ ، يرجع إلى سبب آخر غير ما ذكره الدكتور طه حسين ، فلقد حدثت في الإسلام أحداث سياسية ضخمة ـ كمقتل عثمان ، ثمّ حرب الجمل ، وقد شارك فيها كبار الصحابة ، وزوجة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكُلّهم يتفرّقون ويتحاربون ـ وكُلّ هذه الأحداث تصدم وجدان المسلم المتتبع لتاريخه السياسي ولم يكن من المعقول أن يتحمّل وزر ذلك كُلّه صحابة أجلاّء أبلوا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بلاءً حسناً ، فكان لابدّ أن يقع عبء ذلك كُلّه على ابن سبأ »(٣) .

وحسبكم هذه الكلمات التي كتبها محمّد كرد علي قائلاً : « أمّا ما ذهب إليه بعض الكتّاب من أنّ مذهب التشيّع من بدعة عبد الله بن سبأ ـ المعروف بابن السوداء ـ فهو وهم ، وقلّة علم بتحقيق مذهبهم ، ولمن علم منزلة هذا الرجل عند الشيعة ، وبراءتهم منه ومن أقواله وأعماله ، وكلام علمائهم في الطعن فيه بلا خلاف في ذلك ، علم مبلغ هذا القول من الصواب »(٤) .

____________

١ ـ وقفة مع الجزائري : ٨١ ، نقلاً عن كتاب الهلابي ، عبد الله بن سبأ : ٢٦.

٢ ـ نفس المصدر السابق ، نقلاً عن كتاب طه حسين ، علي وبنوه : ٥١٨.

٣ ـ نظرية الإمامة : ٣٩.

٤ ـ الغدير ٣ / ٩٥ ، نقلاً عن كتاب محمّد كرد علي ، خطط الشام ٦ / ٢٥١.

٩

( خالد ـ الجزائر ـ )

تعليق على الجواب السابق وجوابه :

س : عفواً ، لكن هناك تناقضاً في إجاباتكم حول ابن سبأ المزعوم : فمرّة تقولون : إنّ ابن سبأ كان وهماً ، ومرّة تقولون : إنّه ادعى الألوهية لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، مع أنّ بعض أهل السنّة أنكروا أو شكّكوا في وجوده ، والذين رووا روايات ابن سبأ ضعّفهم علماء الرجال من السنّة ، وهذه بعض الأدلّة من كتب إخواننا من أهل السنّة :

١ ـ فقد أشرتم إلى رأي طه حسين ، وراجعت كتابه ـ الفتنة الكبرى عثمان ، الطبعة التاسعة ، دار المعارف القاهرة ـ فبعد ذكر ما رواه العامّة عن ابن سبأ المزعوم ، يقول في صفحة ١٣٤ :

« وأكبر الظنّ أنّ عبد الله بن سبأ هذا ـ إن كان كُلّ ما يروى عنه صحيحاً ـ إنّما قال ما قال ، ودعا ما دعا إليه بعد ما كانت الفتنة ، وعظم الخلاف ، فهو قد استغل الفتنة ولم يثرها.

وأكبر الظنّ كذلك أنّ خصوم الشيعة أيّام الأمويين والعباسيين قد بالغوا في أمر ابن سبأ هذا ، ليشكّكوا في بعض ما نسب من الأحداث إلى عثمان وولاته من ناحية ، وليشنّعوا على علي وشيعته من ناحية أُخرى ، فيردّوا بعض أُمور الشيعة إلى يهودي أسلم كيداً للمسلمين ، وما أكثر ما شنّع خصوم الشيعة على الشيعة! وما أكثر ما شنّع الشيعة على خصومهم في أمر عثمان ، وفي غير أمر عثمان!

فلنقف من هذا كُلّه موقف التحفّظ والتحرّج والاحتياط ، ولنكبّر المسلمين في صدر الإسلام عن أن يعبث بدينهم وسياستهم وعقولهم ودولتهم رجل أقبل من صنعاء ، وكان أبوه يهودياً ، وكانت أمّه سوداء ، وكان هو يهودياً ثمّ أسلم لا رغباً ولا رهباً ، ولكن مكراً وكيداً وخداعاً ، ثمّ أتيح له من النجح ما كان يبتغي ، فحرّض المسلمين على خليفتهم حتّى قتلوه ، وفرّقهم بعد ذلك ، أو قبل ذلك شيعاً وأحزاباً ».

١٠

٢ ـ وأشرتم إلى رأي الدكتور أحمد محمود صبحي ، فراجعت كلامه ، وانقل كلامه كاملاً بلا تحريف ، يقول الدكتور السنّي أحمد محمود صبحي في كتابه ـ الزيدية ، الطبعة الثانية سنة ١٩٨٤ دار الزهراء للنشر العربي ، صفحة ٢٢ ـ :

« وينسب الكثيرون ظهور التشيّع إلى هذه الفترة ، ويردّها بعض أهل السنّة إلى شخصية يهودي أسلم ليكيد للإسلام والمسلمين ، هو عبد الله بن سبأ ، ويصوّره القائلون بهذا الرأي محرّكاً الأحداث التاريخية ، بل والعقائدية في هذه الفترة ، من أواخر عهد عثمان وأثناء خلافة علي ، فهو يؤلّب الناس على عثمان حتّى أفضى الأمر إلى حصاره وقتله ، ثمّ هو يثير حرب الجمل ، ولم يكن اجتماع الفريقين على قتال.

أمّا من الناحية العقائدية ، فهو أوّل من نادى بقداسة علي ، وأنّه وصي النبيّ ، وأنّه نادى برجعته بعد مقتله ، ثمّ هو أوّل من هاجم الخلفاء الثلاثة ، واعتبرهم مغتصبون حقّه.

ويهدف كتّاب الفرق من أهل السنّة ـ أشاعرة وسلفية ـ من هذه الرواية إلى إدانة التشيّع من جهة ، وإلى تبرير قيام حرب بين بعض كبار الصحابة وتبرئتهم من دمائها ، حتّى تتسنّى موالاتهم جميعاً من جهة أُخرى ، لقد ساءتهم الحرب وأرادوا أن يحفظوا لصحابة كبار مكانتهم في نفوس المسلمين ، فلم يجدوا إلاّ أن يتحمّل وزر ذلك كُلّه يهودي أسلم ليكيد للإسلام.

ولكن فاتهم أنّ هذا التفسير يعني أنّ يهودياً نكرة ، قد تلاعب بصحابة كبار فأثار بينهم قتال ، وأمّا ما اختلقه ابن سبأ من عقائد فقد أثبت البحث الدقيق أنّ هذا استباق للحوادث ، وأنّ الأفكار المنسوبة إليه من اختلاق المتأخّرين ».

٣ ـ أمّا الرواية التي تصف ابن سبأ ، وما قام به من أعمال خيالية لا يقبلها العقل السليم ، فقد رواها جمع من السنّة ، والظاهر أنّ كُلّ من روى هذه الرواية مثل ابن خلدون وابن كثير وغيرهما ، أخذها من تاريخ الطبري ، لأنّه التاريخ المعتبر والمعتمد عند جمهور السنّة.

١١

نرجع إلى تاريخ الطبري ، طبعة دار الفكر ، بيروت لبنان ، الطبعة الأُولى سنة ١٩٩٨ ، المجلد الخامس ، أحداث سنة خمس وثلاثين ، صفحة ١٤٧ ذكر مسير من سار إلى ذي خشب من أهل مصر ، وسبب مسير من سار إلى ذي المروة من أهل العراق ، يقول الطبري : « أخبرنا شعيب بن إبراهيم ، أخبرنا سيف بن عمر ، عن عطية عن يزيد الفقعسي ، قال : كان ابن سبأ يهودياً من أهل صنعاء ».

هنا ندرس الرواية ورواتها حسب كتب الرجال من إخواننا من أهل السنّة :

أوّلاً : شعيب بن إبراهيم الكوفي ، مجهول ، راجع : ميزان الاعتدال ١ / ٤٤٧ ، لسان الميزان ٣ / ١٤٥.

ثانياً : سيف بن عمر ، يروي الأحاديث الكاذبة وينسبها إلى الرواة الثقات ، راجع : ميزان الاعتدال ١ / ٤٣٨ ، تهذيب التهذيب ٤ / ٢٩٥.

ثالثاً : يزيد الفقعسي ، مجهول لم يذكر اسمه في كتب الرجال.

وبعد هذا ، لنا أن نتساءل : لماذا يصرّ بعض الناس على هذه الرواية التي رواها الطبري؟ مع أنّ كُلّ رواتها هم بين كذّاب ومجهول ووضّاع ، وهل يصحّ أن يعتمد على رواية كهذه في إثبات نسبة طائفة تعد ثاني أكبر طائفة من المسلمين؟

ولنا أن نتساءل : هل جهل العلماء ـ الذين أصرّوا على هذه الرواية ـ سند الرواية أم تجاهلوها؟ ولم يكن همّهم إلاّ اتهام الشيعة أنّهم من اختلاق اليهودي ابن سبأ المزعوم.

ج : ليس في إجاباتنا تناقض وتعارض ، غاية ما هنالك أردنا طرح المسألة بشكل فيه نوع من التردّد ، وعدم القطع برأي دون آخر ، وإنّما أشرنا إلى الآراء في المسألة ، وما ذُكر من استدلال ؛ ويرجع ذلك إلى أصل الواقع ، والاضطراب الشديد في جزئياتها ، والاختلافات في الأقوال ، وهذا هو السبب وراء من قال بأسطورية عبد الله بن سبأ.

١٢

( عبد الله ـ الكويت ـ ٢٨ سنة ـ خرّيج ثانوية )

وجود ابن سبأ محلّ نظر :

س : كنت أتصفّح في أحد المواقع الشيعية فوجدت هذه الرواية ، في بحار الأنوار : « وقال بعضهم : بل هو الربّ ، وهو عبد الله بن سبأ وأصحابه ، وقالوا : لولا أنّه الربّ كيف يحيي الموتى؟ قال : فسمع بذلك أمير المؤمنينعليه‌السلام وضاق صدره ، وأحضرهم ، وقال : « يا قوم ، غلب عليكم الشيطان إن أنا إلاّ عبد الله ، أنعم عليّ بإمامته وولايته ووصية رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأرجعوا عن الكفر ، فأنا عبد الله وابن عبده ، ومحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله خير منّي ، وهو أيضاً عبد الله ، وإن نحن إلاّ بشر مثلكم ».

فخرج بعضهم من الكفر ، وبقي قوم على الكفر ما رجعوا ، فألحّ عليهم أمير المؤمنينعليه‌السلام بالرجوع ، فما رجعوا ، فأحرقهم بالنار ، وتفرّق منهم قوم في البلاد ، وقالوا : لولا أنّ فيه من الربوبية ما كان أحرقنا بالنار ، فنعوذ بالله من الخذلان »(١) .

وكان الموقع يعدّ هذا الشيء من معجزات الإمام عليعليه‌السلام ، فما ردّكم على هذه الرواية؟ وهل هي رواية صحيحة؟ والمعلوم أنّ عبد الله بن سبأ شخص أسطوري.

ج : وردت الإشارة إلى تلك الرواية في بحار الأنوار مرّتين ، مرّة نقلاً عن الفضائل ، وأُخرى عن عيون المعجزات ، وإذا رجعنا إلى سند الروايتين نجد أنّ كلاهما جاءت عن طريق أبي الأحوص عن أبيه ، عن عمّار الساباطي ، وهذا يعني أنّهما في الحقّيقة رواية واحدة منسوبة إلى عمّار الساباطي ، وبالرجوع إلى سند رواية عيون المعجزات ، نجد أنّ كلاً من حسّان بن أحمد الأزرق ، وموسى ابن عطية الأنصاري مجهول الحال.

____________

١ ـ بحار الأنوار ٤١ / ٢١٤.

١٣

وأنّ نسبة كتاب الأنوار إلى الحسن بن همام غير صحيحة ، بل الصحيح أنّ الكتاب لمحمّد بن همام ، هذا بالإضافة إلى ما قيل في عمّار من أنّه ضعيف فاسد المذهب ، لا يعمل على ما يختصّ بروايته.

وأمّا رواية الفضائل فإنّها مقطوعة السند ، كما وإنّ كلا الطريقين لا يظهر منهما أنّ عمّار الساباطي ينسب الرواية إلى المعصومينعليهم‌السلام ، بل هو ناقل لواقعة تاريخية هو بعيد عنها بما يقارب من المائة والخمسين سنة ، إذاً فالروايتان على هذا غير تامّتي السند.

هذا بالإضافة إلى أنّ هناك اختلافاً في مضمون الروايتين على الرغم من أنّ مرجع سندهما واحد ، فرواية عيون المعجزات تذكر أنّ الذين أحرقهم أمير المؤمنينعليه‌السلام وذراهم في الريح ، رجعوا إلى منازلهم بأحسنّ ما كانوا بعد ثلاثة أيّام ، والأُخرى لم تذكر ذلك.

ورواية الفضائل تذكر حال ذلك الملك وسقوط قصره وندمه عن عدم إيمانه بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّه الآن في النار ، ولا يعذّب بالنار وغير ذلك ، والأُخرى لا تذكر ذلك ، كما وأنّ رواية الفضائل تقول : إنّ الذين قالوا أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام هو الربّ هو عبد الله بن سبأ وأصحابه ، والأُخرى تقول : إنّ بعضهم قالوا مثل ما قال عبد الله بن سبأ وأصحابه.

فهذه الاختلافات وغيرها تدلّ على أنّ الرواة غير مضبوطين في نقل الرواية ، فالحصيلة من كُلّ ذلك أنّه لا يمكن الاعتماد على هكذا رواية ، وإنّ ما تثبته من وجود عبد الله بن سبأ يبقى محلّ نظر.

وقد ذكرنا مسبقاً من أنّ هناك نظريتين : إحداهما تقول : إنّه شخصية وهمية ، والأُخرى تقول : بأنّه له وجود ، وإن كانت الأدلّة تساعد على أنّ ابن سبأ كان له وجود ، ولكن أعداء التشيّع أرادوه وسيلة يتخذونها للطعن بالتشيّع ، وخير وسيلة كانت لهم أن جعلوا من ابن سبأ شخصية تاريخية كبيرة ، نسبوا له تأسيس التشيّع مع أنّ ابن سبأ ملعون على لسان أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، وملعون على لسان علماء المذهب ، والشيعة منه براء ، ولا توجد أيّ صلة له بالتشيّع.

١٤

السجود على التربة :

( مفيد أبو جهاد ـ السعودية ـ )

أدلّته من السنّة :

س : ما الأدلّة التي تقول بوجوب السجود على التربة؟ في السنّة النبوية الشريفة ، وذلك من كتب الشيعة والسنّة؟

ج : إنّ الشيعة لا يوجبون السجود على التربة فحسب ، بل يوجبون السجود على الأرض ـ التي منها التربة ـ أو ما أنبتته الأرض ، إلاّ ما أُكل أو لبس ، فلا يجوز السجود عليه ، ويستدلّون على ذلك بـ :

١ ـ قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً »(١) ، ومن المعلوم ، أنّ لهذا الحديث ألفاظاً مختلفة ، ولكنّ المعنى والمضمون واحد.

كما لا يخفى أنّ المقصود من كلمة « مسجداً » يعني : مكان السجود ، والسجود هو وضع الجبهة على الأرض تعظيماً لله تعالى ، ومن كلمة « الأرض » يعني : التراب والرمل والحجر و... ، وممّا لاشكّ فيه ، أنّ التربة جزء من أجزاء الأرض ، فيصحّ السجود عليها.

____________

١ ـ الخصال : ٢٠١ و ٢٩٢ ، الأمالي للشيخ الصدوق : ٢٨٥ ، الأمالي للشيخ الطوسي : ٥٧ ، مسند أحمد ١ / ٣٠١ و ٢ / ٢٥٠ و ٤٤٢ و ٥٠٢ و ٥ / ١٤٥ ، سنن الدارمي ٢ / ٢٢٤ ، صحيح البخاري ١ / ٨٦ و ١١٣ ، سنن ابن ماجة ١ / ١٨٨ ، الجامع الكبير ٣ / ٥٦ ، سنن النسائي ١ / ٢١٠ و ٢ / ٥٦.

١٥

٢ ـ قال خالد الحذاء : رأي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يسجد كأنّه يتّقي التراب ، فقال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «ترّب وجهك يا صهيب »(١) .

وصيغة الأمر « ترّب » هنا تدلّ على استحباب السجود على التربة دون غيرها من أجزاء الأرض.

٣ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأبي ذر : «حيثما أدركت الصلاة فصلّ ، والأرض لك مسجد »(٢) .

٤ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إذا سجدت فمكّن جبهتك وانفك من الأرض »(٣) .

٥ ـ عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : كنت أصلّي مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الظهر ، فآخذ قبضة من حصى في كفّي لتبرد حتّى اسجد عليها من شدّة الحرّ(٤) .

فنقول : لو كان السجود على الثياب جائزاً ، لكان أسهل من التبريد جدّاً ، وهذا الحديث ظاهر على عدم جواز السجود على غير الأرض.

٦ ـ قال الإمام الصادقعليه‌السلام : « لا تسجد إلاّ على الأرض ، أو ما انبتت الأرض ، إلاّ القطن والكتّان »(٥) .

٧ ـ قال الإمام الصادقعليه‌السلام : «السجود على الأرض فريضة ، وعلى الخمرة سنّة »(٦) . وظاهره : أنّ السجود على الأرض فرض من الله عزّ وجلّ ، والسجود على الخمرة ـ التي هي من النباتات ، حصيرة مصنوعة من سعف النخل ـ ممّا سنّه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

____________

١ ـ المصنّف للصنعاني ١ / ٣٩١.

٢ ـ صحيح البخاري ٤ / ١٣٦ ، صحيح مسلم ٢ / ٦٣ ، سنن النسائي ٢ / ٣٢ ، السنن الكبرى للنسائي ٦ / ٣٧٧.

٣ ـ أحكام القرآن للجصّاص ٣ / ٢٧٢ ، كنز العمّال ٨ / ١٦٤.

٤ ـ مسند أحمد ٣ / ٣٢٧ ، سنن النسائي ٢ / ٢٠٤ ، السنن الكبرى للنسائي ١ / ٢٢٧.

٥ ـ الكافي ٣ / ٣٣٠ ، الاستبصار ١ / ٣٣١ ، تهذيب الأحكام ٢ / ٣٠٣.

٦ ـ الكافي ٣ / ٣٣١.

١٦

٨ ـ قال الإمام الصادقعليه‌السلام : «السجود لا يجوز إلاّ على الأرض ، أو ما انبتت الأرض ، إلاّ ما أُكل أو لبس »(١) .

والنتيجة : أنّ جميع الأحاديث تدلّ على وجوب السجود على الأرض ، أو ما انبتت من دون عذر ، وممّا لاشكّ فيه أنّ التربة هي جزء من الأرض ، فيصحّ السجود عليها ، بل تستحبّ إذا كانت من أرض كربلاء ، لوجود روايات كثيرة في هذا المجال عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام .

( أحمد ـ السعودية ـ )

أدلّة وضع الجبهة على الأرض :

س : أتمنّى منكم لو ترسلوا بعض الأدلّة من القرآن أو السنّة ، بما يفيد وجوب وضع الجبهة على ما يصحّ السجود عليه ، واستحباب باقي الأعضاء ، مع دعائي لكم بالتوفيق والتسديد.

ج : إنّ الأحكام الشرعية تعبّدية ، لا يمكن أخذها إلاّ من الكتاب والسنّة الصحيحة ، والروايات صريحة ودالّة على وجوب وضع الجبهة على الأرض ، أو ما يصحّ السجود عليه ، وأمّا باقي الأعضاء ، فمستحبّ.

والروايات الدالّة على ذلك كثيرة ، فقد ذكر الشيخ الحرّ العامليقدس‌سره في كتابه « وسائل الشيعة » تحت عنوان : أنّه لا يجوز السجود بالجبهة إلاّ على الأرض ، أو ما أنبتت غير مأكول ولا ملبوس(٢) ، فذكر أحد عشر حديثاً ، منها :

١ ـ عن هشام بن الحكم ، أنّه قال لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أخبرني عمّا يجوز السجود عليه؟ وعمّا لا يجوز؟

____________

١ ـ علل الشرائع ٢ / ٣٤١ ، تهذيب الأحكام ٢ / ٢٣٤.

٢ ـ وسائل الشيعة ٥ / ٣٤٣.

١٧

قال : «السجود لا يجوز إلاّ على الأرض ، أو على ما أنبتت الأرض ، إلاّ ما أُكل أو لبس » ، فقال له : جعلت فداك ما العلّة في ذلك؟

قال : «لأنّ السجود خضوع لله عزّ وجلّ ، فلا ينبغي أن يكون على ما يؤكل ويلبس ، لأنّ أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون ، والساجد في سجوده في عبادة الله عزّ وجلّ ، فلا ينبغي أن يضع جبهته في سجوده على معبود أبناء الدنيا ، الذين اغترّوا بغرورها ».

٢ ـ عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك قال : قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : «لا يسجد إلاّ على الأرض ، أو ما أنبتت الأرض ، إلاّ القطن والكتّان ».

٣ ـ عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «وكُلّ شيء يكون غذاء الإنسان في مطعمه أو مشربه أو ملبسه ، فلا تجوز الصلاة عليه ولا السجود ، إلاّ ما كان من نبات الأرض من غير ثمر ، قبل أن يصير مغزولاً ، فإذا صار غزلاً فلا تجوز الصلاة عليه ، إلاّ في حال ضرورة ».

كما وذكر تحت عنوان : عدم جواز السجود اختياراً على القطن والكتّان والشعر والصوف ، وكُلّ ما يلبس أو يؤكل ، سبعة أحاديث(١) .

وذكر تحت عنوان : جواز السجود بغير الجبهة على ما شاء ، ثلاثة أحاديث(٢) .

وذكر تحت عنوان : أنّ من أصابت جبهته مكاناً غير مستو ، أو لا يجوز السجود عليه ، ستة أحاديث(٣) .

كما وذكر صاحب كتاب ( جامع أحاديث الشيعة ) مائتين وتسعين حديثاً يتعلّق بالسجود ، فأشارت بعض أحاديثه إلى ذلك(٤) .

____________

١ ـ المصدر السابق ٥ / ٣٤٦.

٢ ـ المصدر السابق ٥ / ٣٥٢.

٣ ـ وسائل الشيعة ٦ / ٣٥٣.

٤ ـ جامع أحاديث الشيعة ٥ / ٤٦٣.

١٨

( يعقوب نور ـ الكويت ـ سنّي )

حكمته :

س : لماذا نرى بالمذهب الشيعي الصلاة على التربة؟

ج : إنّ السجود على الأرض ممّا أجمع عليه المسلمون ، لما رواه الكُلّ متواتراً عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : «جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً »(١) .

والشيعة إنّما تسجد على التربة ، لأنّها قطعة متّخذة من الأرض ، يجوز السجود عليها ، وأمّا غير الأرض ، فلم يثبت جوازه.

ومن جانب آخر ، فإنّ الأرض وإن كانت كُلّها مسجداً ، إلاّ أنّ الدليل كما قد خصّ بعضها بالكراهة ـ كالأرض السبخة ـ خصّ بعضها الآخر بالرجحان والاستحباب ـ كأرض كربلاء ـ لمّا ورد عن أئمّتناعليهم‌السلام من الفضل الكثير ، والثواب العظيم للسجود عليها.

فالشيعة اتّخذت هذه القطع من الأرض كمسجد لها ، كما كان الأمر في الصدر الأوّل في اتّخاذ الحصباء والخمرة في هذا المجال.

ففي الحديث : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يسجد على الخمرة ، والخمرة حصيرة أصغر من المصلّى ، وقيل : الخمرة الحصير الصغير الذي يسجد عليه ، سمّيت خمرة لأنّ خيطها مستورة بسعفها(٢) .

وأيضاً عن ابن الوليد قال : « سألت ابن عمر عمّا كان بدء هذه الحصباء التي في المسجد؟ قال : نعم ، مطرنا من الليل فخرجنا لصلاة الغداة ، فجعل الرجل

____________

١ ـ الخصال : ٢٠١ و ٢٩٢ ، الأمالي للشيخ الصدوق : ٢٨٥ ، الأمالي للشيخ الطوسي : ٥٧ ، مسند أحمد ١ / ٣٠١ و ٢ / ٢٥٠ و ٤٤٢ و ٥٠٢ و ٥ / ١٤٥ ، سنن الدارمي ٢ / ٢٢٤ ، صحيح البخاري ١ / ٨٦ و ١١٣ ، سنن ابن ماجة ١ / ١٨٨ ، الجامع الكبير ٣ / ٥٦ ، سنن النسائي ١ / ٢١٠ و ٢ / ٥٦.

٢ ـ لسان العرب ٤ / ٢٥٨.

١٩

يمر على البطحاء ، فيجعل في ثوبه من الحصباء ، فيصلّي عليه ، فلمّا رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذاك قال : « ما أحسن هذا البساط » ، فكان ذلك أوّل بدئه »(١) .

( عادل عبد الحسين العطّار ـ البحرين ـ )

أمر مستحبّ لا واجب :

س : أُريد منك شرحاً مفصّلاً عن السجود على التربة الحسينية ، هذا لكثرة سؤال زوجتي ، لأنّها على المذهب السني المالكي ، هذا ، ووفّقكم الله إلى ما فيه الخير.

ج : إنّ الشيعة لا تجوّز السجود إلاّ على الأرض ، أو ما أنبتته الأرض من غير المأكول والملبوس ، وتستدلّ بما روي عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام في ذلك ، وكذلك تستدلّ بما روي في مصادر أهل السنّة ، منها :

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً » ، ومعلوم : أنّ لفظ الفرش ليس من الأرض ، ولا يصدق عليه اسم الأرض ، كما أنّ الحديث المروي عن أبي سعيد الخدري قال : « فبصرت عيناي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على جبهته أثر الماء والطين »(٢) .

كما أنّ أحاديث كثيرة وردت : أنّ الصحابة كانوا يأخذون قبضة من حصى في كفّهم لتبرد حتّى يسجدون عليها(٣) ، وكذلك وردت أحاديث بأنّ النبيّ والصحابة كانوا يسجدون على حصير ، ويتخذّون منه خمرة للصلاة عليها ، ولا نطيل عليكم بذكر بقيّة الأحاديث ، والشيعة عملت بهذه الأحاديث.

____________

١ ـ السنن الكبرى للبيهقي ٢ / ٤٤٠.

٢ ـ صحيح البخاري ٢ / ٢٥٦ ، سنن أبي داود ١ / ٣١١ ، سنن النسائي ٢ / ٢٠٨ ، مسند أحمد ٣ / ٧ ، صحيح ابن حبّان ٨ / ٤٣١.

٣ ـ السنن الكبرى للبيهقي ٢ / ١٠٥ ، سنن أبي داود ١ / ١٠٠ ، المستدرك ١ / ١٩٥ ، المصنّف لابن أبي شيبة ١ / ٣٥٨ ، صحيح ابن حبّان ٦ / ٥٣.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

[التقي على الاول(١) والاكثرون على الثاني(٢) .

(الرابعة) لو تصدق بها بعد الحول، فكره المالك هل يضمن أم لا؟ الشيخ في الكتابين على الاول(٣) (٤) وبه قال ابن ادريس(٥) وابو علي(٦) واختاره العلامة في المختلف(٧) والمفيد(٨) وتلميذه على الثاني(٩) وبه قال القاضي(١٠) وابن حمزة(١١) واختاره المصنف(١٢) ].

____________________

(١)الكافي: (فصل في اللقطة) ص ٣٥٠ س ١٣ قال: فيجب تعريفه سنة كاملة إلى قوله: والا فلاقطه بالخيار بين ان يتصرف فيه الخ.

(٢)المبسوط: ج ٣ ص ٣٢١ س ٣ قال: ولا يجوز ان يتملكها.

وفي القواعد: ج ١ ص ١٩٧ س ١٨ قال: ولا يحل تملكه وفي السرائر: ص ١٧٨ س ٣٣ قال: وهذا الضرب لا يجوز تملكه ولا يصير بعد السنة كسبيل ماله الخ.

(٣)المبسوط: ج ٣ كتاب اللقطة ص ٣٢١ س ٣ قال: والصدقة بشرط الضمان.

(٤)كتاب الخلاف: كتاب اللقطة مسألة ١٢ قال: بين ان يتصدق بها بشرط الضمان.

(٥)السرائر: باب اللقطة ص ١٧٨ س ٣٤ قال: فان تصدق به ثم جاء صاحبه ولم يرض بصدقته كان ضامنا له.

(٦)و(٧) المختلف: ج ٢ (الفصل الثالث في اللقطة) ص ١٧٠ س ١٢ قال: وبه (أي الضمان) قال ابوعلي إلى قوله: والاقوى الاول (أي الضمان).

(٨)المقنعة: باب اللقطة ص ٩٩ س ٦ قال: ليس عليه بعد السنة والتعريف فيها ضمان لصاحبه.

(٩)المراسم: ذكر اللقطة ص ٢٠٦ س ١٩ قال: فما وجد في الحرم إلى قوله: والا تصدق به عنه ولا ضمان عليه.

(١٠)المهذب: كتاب اللقطة والضوال واللقيط والآبق ص ٥٦٧ س ٨ قال: وان لم يحضر بعد السنة تصدق به عنه ولا يلزم منه بعد ذلك شئ.

(١١)الوسيلة: فصل في بيان اللقطة والضالة ص ٢٧٨ س ٩ قال: والا تصدق به عنه بعد سنة من غير ضمان.

(١٢)لاحظ عبارة النافع.

٢٨١

(مسائل)

(الاولى) ما يوجد في خربة، او فلاة، او تحت الارض فهو لواجده. ولو وجده في ارض لها مالك، او بائع، ولو كان مذفونا عرفه المالك او البائع، فان عرفه فهو احق به، والا كان للواجد، وكذا ما يجده في جوف دابته. ولو وجد في جوف سمكة قال الشيخ: اخذه بلا تعريف.

[وللشيخ في النهاية القولان: فالاول اختياره في باب الحج(١) والثاني في اللقطة(٢) .

احتج الاولون: بعموم ضمان اليد، لقولهعليه‌السلام : على اليد ما اخذت حتى تؤدي(٣) .

ولانه تصرف باتلاف المال بغير اذن صاحبه.

احتج الاخرون: بانها امانة عنده وقد دفعها مشروعا، فلا يتعقبه ضمان، ولان الاصل عدم الضمان.

فالحاصل: ان لقطة الحرم قد امتازت عن غيرها من اللقط بامور.

(أ) تحريم اخذها.

(ب) عدم تملكها وان قلت عن النصاب.

(ج) عدم تملكها بعد الحول.

(د) عدم ضمان المتصدق بها مع كراهية المالك.

وفي الكل شك لكن المحصل ما ذكرناه.

قال طاب ثراه: ولو وجده في جوف سمكة قال الشيخ: اخذه بلا تعريف].

____________________

(١)النهاية: باب اخر من فقه الحج ص ٢٨٤ س ٢٠ قال: والا تصدق به وكان ضامنا.

(٢)النهاية: باب اللقطة والضالة ص ٣٢٠ س ١١ قال: تصدق به عنه وليس عليه شئ.

(٣)عوالي اللئالي: ج ١ ص ٢٢٤ الحديث ١٠٦ وص ٣٨٩ الحديث ٢٢ وج ٢ ص ٣٤٥ الحديث ١٠ وح ٣ ص ٢٤٦ الحديث ٢ وص ٢٥١ الحديث ٣ ولاحظ ما علق عليه.

٢٨٢

(الثانية) ما وجده في صندوقه او داره فهو له. ولو شاركه في التصرف كان كاللقطة اذا انكره.

[أقول: اذا وجد شيئا في جوف سمكة فلا يخلو اما ان يكون مباحا في الاصل كالدرة، أو يعلم سبق الملك عليه. فاذا علم سبق الملك فلا يخلو اما ان يكون ملك مسلم او محتمل كالسبيكة، فالثالث والاول يملكهما الواجد وعليه الخمس، فان كان هو الصائد اعتبر بلوغ قيمته دينارا، وان كان قد ابتاعها اخرج خمسه وحل له الباقي، ولا يعتبر فيه نصاب الغوص، ولا المعدن، ولا مؤنة السنة، ويكون من باب اللقطة، وهذا شأنها وجوب اخراج خمسها من غير مقدر له.

والثاني: وهو ما يعلم سبق ملك المسلم له، بان يكون عليه سكة الاسلام، فيه احتمالان.

احدهما الحاقه بالاول، ليأس المالك منه كالماخوذ في المفاوز. والاخر، وهو الاقوى، وجوب التعريف فيهما، لعصمة مال المسلم.

والاصل في هذا الحكم: ان ما في جوف السمكة باق على اصل الاباحة، لم يدخل في ملك الصائد لعدم علمه به، فيكون باقيا على اصل الاباحة، فتملكه الثاني باثبات يده عليه. ويعلم من هذا افتقار تملك المباح إلى نية التملك، لانه لو كان مجرد امساكه باليد كاف في حصول الملك لملكه الصائد، ولم يكن للمشتري، كما لو كان المبيع غير السمكة كالدابة، فانه يجب على المشتري تعريف البائع اجماعا من غير تفصيل.

وهذا مذهب الشيخرحمه‌الله (١) والمستند اجماع علمائنا، واطلاق سلار(٢) يحمل]

____________________

(١)النهاية: باب اللقطة والضالة ص ٣٢١ س ١٦ قال: ان ابتاع بعيرا إلى قوله: فوجد في جوفه شيئا له قيمة عرفه من ابتاع إلى اخره ثم قال: فان ابتاع سمكة فوجد في جوفها إلى قوله: اخرج منه الخمس وكان له الباقي.

(٢)المراسم: ذكر اللقطة ص ٢٠٦ س ١٥ قال: فما وجده في بطن شئ إلى قوله: او في بحر وماء اخرج خمسه والباقي ملكه، وان انتقل اليه بالشراء عرف ذلك إلى البائع الخ.

٢٨٣

[على التفصيل، ولا عبرة بندور ابن ادريس حيث لم يفرق بين السمكة والدابة واوجب التعريف فيهما(١) واطلق سلار وجوب تعريف ما يجده في بطن حيوان اشتراه دون ما صاده او ملكه بميراث(٢) .

القسم الثاني: ان يعلم سبق ملك مسلم له، كما لو وجد عليه اثر الاسلام، فيكون حكمه حكم ما يوجد في المفاوز والخربان: فالشيخ في النهاية وابن ادريس اطلقا القول بمالك الواجد له(٣)(٤) فان كان الواجد هو الصائد ملك ذلك عندهما، وان كان مبتاعا ملكه عند الشيخ خاصة.

وقال في المبسوط يكون لقطة لدلالته على سبق ملك المسلم له(٥) وهو اختيار العلامة(٦) .

احتج الشيخ على المدعي الاول: بعموم صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما قال: سألته عن الورق يوجد في دار، فقال: ان كانت الدار معمورة فهي لاهلها، وان كانت خربة فانت أحق بما وجدت(٧) ].

____________________

(١)السرائر: باب اللقطة ص ١٧٩ س ٣٦ قال: ان ابتاع بعيرا فوجد في جوفه شيئا عرفه من ابتاع ذلك الحيوان منه إلى قوله: وكذلك حكم من ابتاع سمكة الخ.

(٢)تقدم آنفا.

(٣)النهاية: باب اللقطة والضالة ص ٣٢٠ س ١٤ قال: واما الذي يجده في غير الحرم إلى قوله: وان لم يجئ كان كسبيل ماله.

(٤)السرائر: باب اللقطة ص ١٧٨ س ٢٩ قال: كما اباح الشارع التصرف بعد السنة إلى قوله: او يكون ما يجده في موضع خرب قد باد اهله.

(٥)المبسوط: ج ٣ (فصل في حكم اللقيط وما يوجد معه) ص ٣٣٨ س ٢ قال: فان كان من ضرب الاسلام فانه يكون لقطة.

(٦)المختلف: ج ٢ (الفصل الثالث في اللقطة) ص ١٧٦ س ٧ قال بعد نقل المبسوط: وهو حسن لان اثر الاسلام يدل على سبق تملك المسلم له.

(٧)التهذيب: ج ٦(٩٤) باب اللقطة والضالة ص ٣٩٠ قطعة من حديث ٥.

٢٨٤

[و(ما) في الاستفهام والمجازات للعموم.

واجاب العلامة عنه بحمله على انتفاء اثر الاسلام، او بعد التعريف حولا(١) .

تحصيل اذا وجد شيئا في جوف دابة، فان كان عليه اثر الاسلام فهو لقطة، قاله الشيخ في المبسوط(٢) وهو مذهب الاكثر(٣) وفي النهاية اطلق القول بتملك المشتري له مع عدم معرفة البائع(٤) وتبعه ابن ادريس(٥) . وان لم يكن عليه اثر الاسلام وعرفه البائع فهو احق به، وان لم يعرفه ملكه الواجد وعليه الاصحاب، وصرح به العلامة في التذكرة(٦) .

لصحيحة عبدالله بن جعفر قال: كتبت إلى الرجل أسأله عن رجل اشترى جزورا أو بقرة للاضاحي، فلما ذبحها وجد في جوفها صرة فيها دراهم او دنانير او جوهر، لمن يكون؟ قا ل: فوقععليه‌السلام عرفها البائع فان لم يعرفها فالشي لك رزقك الله اياه(٧) ].

____________________

(١)المختلف: ج ٢ (فصل في حكم اللقيط وما يوجد معه) ص ١٧٦ س ٩ قال: والجواب انه محمول على انتفاء سكة الاسلام.

(٢)لم اظفر على مفروض المسألة غير الذي تقدم آنفا.

(٣)المختلف: ج ٢ (الفصل الثالث في اللقطة) ص ١٧٣ س ٦ قال: مسألة قال الشيخ في النهاية الخ فلاحظ فيها مذهب الاكثر.

(٤)تقدم مختاره آنفا.

(٥)السرائر: باب اللقطة ص ١٧٩ س ٣٦ قال: ان ابتاع بعيرا او بقرة او شاة فوجد في جوفه شيئا إلى قوله: وكان له الباقي.

(٦)التذكرة: ج ٢ (المطلب الثالث في اللواحق) ص ٢٦٥ س ٢٦ قال: مسألة لو وجد شئ في جوف دابة إلى قوله: والا كانت ملكا له.

(٧)التهذيب: ج ٦(٩٤) باب اللقطة والضالة ص ٣٩٢ الحديث ١٤.

٢٨٥

[واحتمل العلامة في التذكرة: ان يكون لقطة يعرفها البائع وغيره، ويبدء بالبائع، قال: لكن علماء‌نا على الاول(١) .

وذهب احمد إلى ان ما يجده في جوف السمكة يكون للصياد، لانه لم يعلم به فلم يدخل في المبيع، كما لو باعا دارا له فيها مال مدفون، ويكون ذلك للصياد ان كان مما يخلق في البحر كالدرة. ولو كان مما لا يكون في البحر كالدراهم والدنانير فهو لقطة، وكذا الدرة لو كان عليها اثر اليد كما لو كانت مثقوبة، او متصلة بذهب او فضة او غيرهما(٢) . وهو في موضع المنع، لان مطلق اليد لا يوجب الاحترام لجواز كونها يد مشرك.

فروع

(أ) يكره اخذ اللقطة من الاموال وان قلت.

(ب) يحرم التقاط نصاب التعريف لا بنية الانشاد، فلو التقطه بنية تملكه فعل حراما، وكانت يده يد ضمان. ولو نوى الحفظ بعد ذلك وعرف حولا لم يزل الضمان. وهل له التملك بعد الحول؟ يحتمل عدمه، لانه اخذ مال الغير على وجه لا يجوز اخذه، فاشبه الغاصب. ويحتمل جوازه لبطلان النية فكان وجودها كعدمها،]

____________________

(١)التذكرة: ج ٢ كتاب اللقطة ص ٢٦٥ س ٢٦ قال: مسألة: لو وجد شيئا في جوف دابة إلى قوله: لكن علمائنا على الاول.

(٢)نقله عن احمد في التذكرة: ج ٢ كتاب اللقطة ص ٢٦٥ س ٣٠ قال: وقال احمد الخ.

وفي كتاب المغني لابن قدامة: ج ٦ كتاب اللقطة ص ٣٧٠ تحت رقم ٤٥١٩ قال: ومن اصطاد سمكة فوجد فيها درة فهي للصياد لان الدر يكون في البحر بدليل قول الله تعالى (وتستخرجوا منه حلية تلبسونها) فيكون لآخذها إلى قوله: او متصلة بذهب أو فضة او غيرهما.

٢٨٦

(الثالثة) لا تملك اللقطة بحول الحول وان عرفها ما لم ينو التملك، وقيل: تملك بمضي الحول.

[واختاره فخر المحققين(١) .

(ج) اخذ الضالة الممتنعة في الفلاة وغيرها في العمران حرام.

واخذ غير الممتنع في الفلاة غير الشاة مكروه، واذا تحقق تلفه كان مباحا.

قال طاب ثراه: لا تملك اللقطة بحول الحول وان عرفها، ما لم ينو التملك، وقيل: تملك بمضي الحول.

أقول: للاصحاب هنا ثلاثة اقوال.

(الاول) دخولها في ملك الملتقط بعد التعريف بغير اختياره، وهو ظاهر الشيخ في النهاية(٢) وابني بابويه(٣) (٤) وابن ادريس(٥) .

(الثاني) لا يدخل الا باختياره، ويكفي فيه النية، ولا يشترط تلفظه، اختاره العلامة في المختلف(٦) وفخر المحققين(٧) ].

____________________

(١)الايضاح: ج ٢ (في احكام اللقطة) ص ١٥٧ س ٩ قال في شرح قول المصنف: (ولو نوى التملك ثم عرف السنة) اقول: لبطلان النية فكان وجودها كعدمها الخ ذ(٢) النهاية: باب اللقطة والضالة ص ٣٢٠ س ١٥ قال: وان لم يجئ كان كسبيل ماله ويجوز له التصرف فيه.

(٣)المختلف: ج ٢ (في اللقطة) ص ١٧١ س ١٩ فبعد نقل قول النهاية كما قدمناه قال: وكذا قال ابنا بابويه.

(٤)المقنع: باب اللقطة ص ١٢٧ س ١٩ قال: فان جاء صاحبها، والا فهي كسبيل مالك.

(٥)السرائر: باب اللقطة ص ١٧٩ س ٢ قال: فان لم يجئ كان كسبيل ماله بعد السنة والتعريف فيها يجوز له التصرف فيها الخ.

(٦)المختلف: ج ٢ في اللقطة ص ١٧١ س ٣٢ قال: والمعتمد ما ذهب اليه الشيخ في الخلاف والمبسوط.

(٧)الايضاح: ج ٢ في احكام اللقطة ص ١٥٧ س ٢٢ قال بعد نقل قول المختلف: وهو الصحيح عندي

٢٨٧

(الثاني) الملتقط من له اهلية الاكتساب.

فلو التقط الصبي او المجنون جاز، ويتولى الولي التعريف.

وفي المملوك تردد، اشبهه: الجواز، وكذلك المدبر المكاتب، وام لولد.

[(الثالث) لا تدخل في ملكه الا باختياره، وبان يقول: اخترت ملكها وهو قول الشيخ في الخلاف(١) وابن حمزة(٢) والتقي(٣) .

احتج الاولون: بعموم قول الصادقعليه‌السلام : يعرفها سنة فان جاء لها طالب والا فهي كسبيل ماله رواه الحلبي(٤) في الصحيح عقيب التعريف وعدم مجئ المالك بكونها كسبيل ماله، لان الفاء للتعقيب من غير تراخ، فلا يكون معلقا على غيره، والا لتراخى عنه.

احتج العلامة: بقول احدهماعليهما‌السلام : والا فاجعلها في عرض مالك(٥) يجري عليها ما يجري على مالك، والفاء للتعقيب، وصيغة افعل للامر، ولا اقل من ان يكون للاباحة، لانه ليس للتهديد قطعا فيستدعي ان يكون المأمور به مقدورا بعد التعريف وعدم مجئ المالك، لانه عقب امره بالجعل بعدم مجئ المالك والتعريف سنة، ولم يذكر اللفظ، فلو شرط لتأخر البيان عن وقت الحاجة، فلا يشترط اللفظ، وهو المطلوب.

احتج ابن حمزة: بان ما قلناه مجمع على تملكه به، وغيره ليس عليه دليل.

قال طاب ثراه: وفي المملوك تردد، اشبهه الجواز].

____________________

(١)كتاب الخلاف: كتاب اللقطة مسألة ١٠ قال: لا تدخل في ملكه الا باختياره، بان يقول: هذا قد اخترت ملكها.

(٢)و(٣) لم اعثر عليهما في كتابي الوسيلة والكافي في باب اللقطة، ولكن قال في المختلف (ج ٢ ص ١٧١ س ٢٢) بعد نقل قول الشيخ في الخلاف والمبسوط: وكذا قال ابن حمزة وابوالصلاح.

(٤)التهذيب: ج ٦(٩٤) باب اللقطة والضالة ص ٣٨٩ الحديث ٣.

وعبارة " رواه..إلى قوله ماله " ساقطة من ل(٥) التهذيب: ج ٦(٩٤) باب اللقطة والضاله ص ٣٩٠ الحديث ٥.

٢٨٨

(الثالث) في الاحكام، وهي ثلاثة.

(الاول) لا يدفع اللقطة الا بالبينة.

ولا يكفي الوصف، وقيل: يكفي في الاموال الباطنة كالذهب والفضة، وهو حسن.

[أقول: منشأ التردد كون العبد أهلا للتملك، واللقطة اكتساب، ويؤول إلى الملك لدخولها بعد التعريف في ملك الملتقط بمضي الحول مطلقا عند الشيخ(١) ومع نية التملك عندنا فلا يصح التقاطه، لعدم تحقق لازم اللقطة فيه.

ولرواية ابي خديجة (سالم بن مكرم الجمال)(٢) عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: سأله ذريح عن المملوك يأخذ اللقطة، فقال: ما للمملوك واللقطة، المملوك لا يملك من نفسه شيئا، فلا يعرض لها المملوك(٣) واختارها فيمن لا يحضره الفقيه(٤) .

وذهب الشيخ في الكتابين إلى الجواز(٥) (٦) عملا بعموم الاخبار، ولان له اهلية الاكتساب.

اما لقطة الحرم فلا تعرض لها، لانها امانة محضة، والمولى مستولى على منافعه، وربما يتوجه على السيد بذلك ضرر، فيكون حراما.

قال طاب ثراه: ولا يكفي الوصف، وقيل: يكفي في الامور الباطنة، وهو حسن.

أقول: وجه حسنه تعسر اطلاع البينة على اعيان الاموال غالبا، فالاقتصار على]

____________________

(١)تقدم مختاره آنفا.

(٢)ليس في التهذيب جملة (سالم بن مكرم الجمال) ولكنه موجود في من لا يحضره الفقيه.

(٣)التهذيب: ج ٦(٩٤) باب اللقطة والضالة ص ٣٩٧ الحديث ٣٧.

(٤)من لا يحضره الفقيه: ج ٣(٩٠) باب اللقطة والضالة ص ١٨٨ الحديث ٨.

(٥)المبسوط ج ٣ كتاب اللقطة ص ٣٢٥ س ٣ قال: هل للعبد ان يلتقط اللقطة؟ قيل فيه قولان احدهما له ان يلتقط، والثاني ليس له ذلك، والاول اقوى لعموم الاخبار.

(٦)كتاب الخلاف: كتاب اللقطة مسألة ٨ قال: العبد اذا وجد لقطة جاز ان يلتقطها.

٢٨٩

[البينة عسر وحرج فيكون منفيا بالآية(١) والرواية(٢) ولانها امارة يغلب معها الظن.

ولما رواه الشيخ في التهذيب عن محمد الحجال عن ثعلبة عن سعيد بن عمرو الخثعمي قال: خرجت إلى مكة وانا من اشد الناس حالا فشكوت إلى أبي عبداللهعليه‌السلام ، فلما خرجت وجدت على بابه كيسا فيه سبعمائة دينار، فرجعت اليه من فوري ذلك فاخبرته، فقال لي: يا سعيد اتق الله عزوجل وعرفه في المشاهد وكنت رجوت ان يرخص لي فيه، فخرجت وانا مغتم، فأتيت منى، فتنحيت عن الناس حتى أتيت الماقوفة(٣) فنزلت في بيت متنحيا عن الناس، ثم قلت: من يعرف الكيس؟ فأول صوت صوت اذا رجل على رأسي يقول: أنا صاحب الكيس، فقلت في نفسي: أنت فلا كنت، قلت: فما علامة الكيس؟ فاخبرني بعلامته، فدفعته اليه قال: فتنحى ناحية فعدها فاذا الدنانير على حالها، ثم عد منها سبعين دينارا فقال: خذها حلالا خير لك من سبعمائة حراما، فاخذتها ثم دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام فاخبرته كيف تنحيت وكيف صنعت فقال: اما انك حين شكوت الي امرنا لك بثلاثين دينارا، يا جارية هاتيها فاخذتها وانا من احسن قومي حالا(٤) .

____________________

(١)قال تعالى (وما جعل عليكم في الدين من حرج) سورة الحج / ٧٨.

(٢)عوالي اللئالي: ج ١ ص ٣٨٣ الحديث ١١ وص ٢٢٠ الحديث ٩٣ وج ٢ ص ٧٤ الحديث ١٩٥ وج ٣ ص ٢١٠ الحديث ٥٤ ولاحظ ما علق عليه.

(٣)الماقوفه: لعله اسم موضع، او اسم لمحل الوقوف بمنى (هكذا في هامش التهذيب وفي ملاذ الاخيار ج ١٠ ص ٤٢٦).

(٤)التهذيب: ج ٦(٩٤) باب اللقطة والضالة ص ٣٩٠ الحديث ١٠.

٢٩٠

(ذكر الجعالة) مقدمة الجعالة: لغة ما يجعل عوضا عن فعل يتوقع ايجاده.

وشرعا: الصيغة الدالة على الاذن في عمل بعوض التزمه بقوله.ولما احتبح إلى هذا العقد لرد الاباق والضلال، ذكره عقيب اللقطة.وغايته صحة الترام الاعواض على الاعمال المجهولة، لا مساس الحاجة اليها.والاصل فيه: الكتاب، والسنة، والاجماع.

اما الكتاب: قوله تعالى (قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وانا به زعيم)(١) وفيه دلالة على جواز ضمان الجعالة قبل العمل.

واما السنة: فمن طريق الخاصة ما رواه ابن أبي سيار عن الصادقعليه‌السلام قال: ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جعل في جعل الابق دينارا اذا اخذه في مصره، وان اخذه في غير مصره فاربعة دنانير(٢) .

واجمعت الامة على جواز الجعللا يختلفون فيه، وان اختلفوا في آحاد مسائله.

تنبيه

وقد اختص هذا العقد بخاصيتين.

(أ) جواز وقوعه على عمل مجهول.

(ب) عدم استحقاق العامل الا بتمام العمل، فلو جاء بالضالة او الآبق من مكان بعيد حتى قارب المنزل، فابق العبد او شرد البعير لم يستحق شيئا].

____________________

(١)سورة يوسف / ٧٢.

(٢)التهذيب: ج ٦(٩٤) باب اللقطة والضالة ص ٣٩٨ الحديث ٤٣.

٢٩١

(الثاني) لا بأس بجعل الابق، فان عينه لزم بالرد، وان لم يعينه ففي رد العبد من المصر دينار، ومن خارج البلد اربعة دنانير على رواية ضعيفة يؤيدها الشهرة، والحق الشيخان: البعير، وفي ما عداهما اجرة المثل.

(الثالث) لا يضمن الملتقط في الحول لقطة ولا لقيطا ولا ضالة مالم يفرط.

[ويشاركه في الخاصية الاولى المضاربة، لكن الاجرة فيها مجهولة، وهنا معلومة، فاختصاص هذا العقد بجواز بدل معلوم في مقابلة مجهول.

وهذا العقد جائز من الطرفين قبل الشروع في العمل، وبعده كذلك في طرف العامل، لان الحق له، فجاز له اسقاطه، ولا يجوز للجاعل الا بعد بذل مقابل ما صدر من العمل.

قال طاب ثراه: لا بأس بجعل الابق، فان عينه لزم بالرد، وان لم يعين ففي رد العبد من المصر دينار، ومن خارج البلد اربعة دنانير على رواية ضعيفة يعضدها (يؤيدها خ - ل) الشهرة والحق الشيخان البعير.

أقول: الذي ورد به النص رواية ابن أبي سيار المتقدمة(١) ، وهي خاصة بالابق، ونسبت الالحاق إلى الشيخين(٢)(٣) لسبقهما إلى القول به، وتبعهما على ذلك كثير

____________________

(١)تقدم آنفا.

(٢)المقنعة: باب جعل الابق ص ٩٩ س ٢٤ قال: واذا وجد الانسان عبدا ابقا، او بعيرا شاردا فرده على صاحبه كان له على ذلك جعل ان كان وجده في المصر فدينار إلى قوله: بذلك ثبتت السنة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٣)النهاية: باب اللقطة والضالة ص ٣٢٣ س ١٧ قال: ولا بأس للانسان أن ياخذ الجعل إلى قوله: وكان قد وجد عبدا او بغيرا الخ.

٢٩٢

ممن تأخر عن عصرهما(١) وفي طريق الرواية المذكورة سهل بن زياد(٢) وهو ضعيف، لكن تأيدت بشهرتها في عمل الاصحاب بمضمونها.

____________________

(١)لاحظ المختلف: ج ٢ (الفصل الرابع في الجعالة) ص ١٧٦ فيمن وافق الشيخ في الالحاق كابن ادريس وابن البراج وغيرهما.

(٢)سند الحديث كما في التهذيب (محمد بن يعقوب (*) عن محمد بن علي عن أبي سعيد عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون البصري عن عبدالله بن عبدالرحمان الاصم عن مسمع بن عبدالملك كرد بن أبي سيار عن إبي عبداللهعليه‌السلام ).

(*)قال في هامش التهذيب ما لفظه (قال في الوافي: هذا الحديث لم نجده في الكافي.

وقد فحصنا عنه نحن فلم نظفر به ايضا).

٢٩٣

كتاب المواريث والنظر في المقدمات، والمقاصد، واللواحق المقدمات المقدمة الاولى في موجبات الارث

وهي نسب وسبب، فالنسب ثلاث مراتب

(مقدمة)

الارث لغة: البقاء قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : انكم على ارث من ابيكم ابراهيم(١) اي على بقية، من بقايا شريعته.

والوارث الباقي، ومنه الوارث في اسمائه تعالى: أي الباقي بعد فناء خلقه(٢) ، وسمي الوارث وارثا لبقائه بعد موت المورث.

____________________

(١)سنن النسائي: ج ٥ باب رفع اليدين في الدعاء بعرفة ص ٢٥٥ ولفظ الحديث (يزيد بن شيبان قال: كنا وقوفا بعرفة مكانا بعيدا من الموقف فأتانا ابن مربع الانصاري فقال: إني رسول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اليكم يقول: كونوا على مشاعركم فإنكم على ارث من إرث أبيكم ابراهيمعليه‌السلام ).

(٢)الوارث صفة من صفات الله عزوجل، وهو الباقي الدائم الذي يرث الخلائق ويبقى بعد فنائهم (لسان العرب ج ٢ ص ١٩٩).

٢٩٤

(١)الابوان والولد وان نزل.

(٢)والا جداد وان علوا، والاخوة واولادهم وان نزلوا.

(٣)والاعمام والاخوال.

والسبب قسمان: زوجية وولاء.

والولاء ثلاث مراتب: ولاء العتق، ثم ولاء تضمن الجريرة، ثم ولاء الامامة.

وشرعا: انتقال حق الغير بعد الموت على سبيل الخلافة، والوارث: من انتقل اليه حق الميت خلافه، وترادفه الميراث، والجمع المواريث.

فالحق اعم من ان يكون مالا أو غيره كحق الشفعة والقصاص والحد.

ويعبر عنه بالفرائض، وهي جمع فريضة، واشتقاقها من الفرض.

وهي في اللغة: التقدير والقطع والبيان(١) .

وفي الاصطلاح: ما ثبت ذلك بدليل مقطوع به كالكتاب والسنة والاجماع.

وسمي هذا النوع من النفقة فرائض، لانها سهام مقدرة مقطوعة مبينة، ثبتت بدليل مقطوع به فقد اشتمل على المعنى اللغوي والشرعي.

وانما اختص بهذا الاسم، لان الله تعالى سماه به، فقال بعد القسمة: " فريضة من الله "(٢) والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضا سماه به حيث قال: تعلموا الفرائض(٣) ولان الله سبحانه ذكر الصلاة والزكاة وغيرهما من العبادات مجملة ولم

____________________

(١)قال ابن عرفة: الفرض التوقيت.

واصل الفرض القطع، وقوله تعالى: " لاتخذن من عبادك نصيبا مفروضا "، أي موقتا وفي الصحاح: اي مقتطعا محدودا (لسان العرب ج ٧ ص ٢٠٢ و ٢٠٣ و ٢٠٥ لغة فرض).

(٢)النساء ١١.

(٣)السنن الكبرى للبيهقي: ج ٦ ص ٢٠٨ باب الحث على تعليم الفرائض.

وسنن الدارقطني: ج ٤ كتاب الفرائض والسير وغير ذلك الحديث ٤٥ وعوالي اللئالي: ج ٣ باب المواريث ص ٤٩١ قطعة من حديث ٢.

٢٩٥

المقدمة الثانية: في موانع الارث

وهي ثلاث: الكفر، والرق، والقتل.

اما الكفر فانه يمنع في طرف الوارث، فلا يرث الكافر مسلما، حربيا كان الكافر أو ذميا أو مرتدا.

ويرث الكافر اصليا ومرتدا، فميراث المسلم لوارثه المسلم انفرد بالنسب او شاركه الكافر، أو كان اقرب حتى لو كان ضامن جريرة مع ولد كافر فالميراث للضامن. ولو لم يكن وارث مسلم فميراثه للامام. والكافر يرثه المسلم ان اتفق ولا يرثه الكافر الا اذا لم يكن وارث مسلم. ولو كان وارث مسلم كان أحق بالارث وان بعد وقرب الكافر. واذا اسلم الكافر على ميراث قبل قسمته شارك ان كان مساويا في النسب، وحاز الميراث ان كان اولى، سواء كان المورث مسلما أو كافرا. ولو كان الوارث المسلم واحدا لم يزاحمه الكافر وان اسلم، لانه لا تتحقق هنا قسمة يبين مقاديرها وتفاصيلها وذكر هذا النوع وبين مقاديره بقدر لا يحتمل الزيادة والنقصان. والاصل فيه: الكتاب والسنة والاجماع.

أما الكتاب فقوله تعالى: " وورث سليمان داود "(١) وقوله " فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من ال يعقوب "(٢) وقوله تعالى: " يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ان امرو هلك ليس له ولد وله اخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها ان لم يكن لها ولد "(٣) وقوله: " وان كان رجل يورث كلالة او امرأة وله اخ او اخت فلكل واحد منهما السدس "(٤) إلى غير ذلك من الايات الدالة على تفصيل الارث.

____________________

(١)النمل: ١٦.

(٢)النساء ١٧٦.

(٤)النساء: ١٢.

٢٩٦

وكان التوارث في الجاهلية بالحلف، وبالمعاهدة والنصرة.

واقروا عليه في صدر الاسلام، قال تعالى: " والذين عقدت ايمانكم فاتوهم نصيبهم "(١) ثم نسخ ذلك وصار التوارث بالهجرة، فروى ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله آخى بين المهاجرين واأنصار لما قدم المدينة، فكان يرث المهاجري من الانصاري والانصاري من المهاجري ولا يرث وارثه الذي بمكة وان كان مسلما(٢) ، لقوله تعالى: " إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا باموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا اولئك بعضهم اولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا "(٣) .

ثم نسخت هذه الآية بالرحم والقرابة بقوله تعالى: " واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله " آلاية(٤) فبين أن اولى الارحام أولى من المهاجرين إلا أن تكون وصية. هذا تفصيله في الكتاب.

وأما السنة فمتواترة وأجمعت الامة عليه وان اختلفوا في آحاد مسائله.

تذنيب

يتأكد استحباب التفقه في المواريث، روى عبدالله بن مسعود ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________

(١)النساء: ٣٣.

(٢)عوالي اللئالي: ج ٣ باب المواريث ٤٩٢ الحديث ٤ وقريب منه مافي سنن البيهقي: ج ٦ باب نسخ التوارث بالتحالف وغيره ص ٢٦٢ س ٢٨ فلاحظ.

ونقله بتمامه في المبسوط: ج ٤ كتاب الفرائض والمواريث ص ٦٧ س ٩ قال: فروى ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الخ.

(٣)الانفال: ٧٢.

(٤)الانفال: ٧٥.

٢٩٧

قال: تعلموا القرآن وعلموه الناس، وتعلموا الفرائض وعلموها الناس، فاني امرء مقبوض، وسيقبض العلم وتظهر الفتن حتى يختلف الرجلان في فريضة لا يجدان من يفصل بينهما(١) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تعلموا الفرائض وعلموها الناس، فانها نصف العلم، وهو ينسى، وهو اول شئ ينتزع من امتي(٢) .وهذا حض عظيم على تعلم هذا العلم، وذلك من وجوه:

(أ) انهعليه‌السلام أمر بتعلمه وتعليمه، والامر من الحكيم الذي لا ينطق عن الهوى دليل اشتمال الفعل المأمور به على المصلحة الراجحة.

(ب) إعلامهعليه‌السلام : بانه ينسى، وفيه تخويف باهمال التعلم عند امكان الفرصة منه، لجواز ارتفاعه عند ارادته، فلا تجد السبيل إلى معرفته. فاقتضى الجزم والاشتغال، المبادرة اليه على الفور.

(ج) انهعليه‌السلام جعله نصف العلم، وهو قليل الحجم، يسير التناول. وذلك دليل شرفه، لان ما عظمت قيمته وصغر مقداره كان اشرف في الشاهد كالجواهر بالنسبة إلى الحديد.

فان قلت: ما معنى التصنيف المذكور في هذا الحديث؟

____________________

(١)عوالي اللئالي: ج ٣ باب المواريث ص ٤٩١ الحديث ٢ وقريب منه مافي سنن البيهقي: ج ٦ باب الحث على تعليم الفرائض ص ٢٠٨ س ٢١.

(٢)اورده الشيخ في المبسوط: ج ٤ كتاب الفرائض والمواريث ص ٦٧ س ٢ واورده البيهقي في سننه: ج ٦ ص ٢٠٩ س ٣ ثم قال: تفرد به حفص بن عمر وليس بالقوى، وفي الهامش بعد نقل (تفرد به حفص بن عمر) ما لفظه، قلت: لم أر احدا وافقه على هذه العبارة اللينة في حق هذا الرجل، بل اساؤ القول فيه، قال البخاري منكر الحديث رماه يحيى بن يحيى بالكذب، وقال النسائي: ضعيف، وقال ابن حيان: لا يجوز الاحتجاج به بحال الخ.

٢٩٨

قلت: معناه ان الناس لهم حالتان، حالة حيات وحالة وفات، وعلم الفرائض لما كان مختصا بحالة الوفاة كان نصف العلم.

فان قلت: فعلى هذا لو كان علم الفرائض نصف العلم كما ذكرتم، لثبت ذلك في الوصايا، لتعلق احكامها لما بعد الموت، وكذلك الغسل والتكفين والدفن. فالجواب من وجوه:

(أ) ان الوصايا ليست لازمة لكل متوف، فكم ذي مال مات ولم يوص.

(ب) انها متعلقة بفعل العبد، وقد يوصي وقد يترك، وليس كذلك الميراث فانه لا صنع للعبد فيه، فكان ألزم بالوفاة وأخص بها من الوصية.

(ج) ان احكام الوصية لا يختص بما بعد الموت، فان ايجاب الوصية، والرجوع عنها، وحكم زياة الموصى به وهلاكه، واعتبار اهلية الوصي إلى غير ذلك من الاحكام انما يعتبر قبل الموت، بخلاف الميراث.

(د) ان الوصية مذكورة في علم الفرائض أيضا، حيث يجب البدء‌ة بها فبل الميراث ويؤخر عن الدين، فلم يخل علم الفرائض عن ذكرها جملة، وان خلا عن ذكرها تفصيلا، حتى ان بعض الفرضيين جعل بابا للوصايا في كتاب الميراث. ومن هذا الجواب الاخير يعلم الجواب عن فصل الغسل والتكفين والتجهيز اذا كان علم الفرائض مفتتحا بذكره، وهو الحق الذي يبدء به من تركة الميت قبل قسمة الميراث، فكان من مقدمة المواريث، فيندرج تحت علم الفرائض. وانما انفصلت عنها في البحث؟ لانها احكام يجب على الاحياء مباشرتها، وهم المخاطبون بها، والميت محل اثر الفعل المأمور به، فكان لاحقا بقسم احكام الاحياء، ولهذا المعنى ذكرها الفقهاء في كتاب الطهارة.

ووجه آخر، وهو ان التنصيف باعتبار انقسام مؤون الانسان في حالتي حياته وموته إلى قسمين، واحكام المواريث بعد الموت، فكانت احد القسمين، فكان

٢٩٩

(مسائل)

(الاولى) الزوج المسلم أحق بميراث زوجته من ذوى قرابتها الكفار، كافرة كانت أو مسلمة، له النصف بالزوجية والباقي بالرد. وللزوجة المسلمة الربع مع الورثة الكفار، والباقي للامام. ولو اسلموا أو اسلم احدهم قال الشيخ، يرد عليهم مافضل عن سهم الزوجية وفيه تردد. نصف العلم.

قيل: وجه التنصيف: ان دخول المال في ملك الانسان بطريقين: مكتسب كالبيع ونحوه مما للانسان فيه صنع واختيار، وغير مكتسب، وهو الميراث، وهذا العلم لبيان احد الطريقين، فكان نصفا بهذا الاعتبار.

قال طاب ثراه: ولو أسلموا أو احدهم قال الشيخ: ترد عليهم مافضل عن نصيب الزوجية، وفيه تردد.

أقول: اذا كان احد الزوجين مسلما وباقي الورثة كفار، فان كان زوجا فالمال له، النصف بالتسمية والباقي بالرد. وان كان زوجة كان لها الربع والباقي للامام، فان اسلم الورثة أو أحدهم لم يكن لمن اسلم مزاحمة الزوج، لاستقرار ملكه على كل التركة بالموت. وكذا في مسألة الزوجة بعد القسمة مع الامام ولو كان اسلامه قبل القسمة، اخذ مافضل عن نصيب الزوجة، وحجب الامام.

هذا هو مقتضى الاصل، وهو مذهب ابن ادريس(١) واختاره المصنف(٢)

____________________

(١)السرائر: كتاب المواريث ص ٤٠٤ س ٦ قال بعد قول النهاية: قال محمد بن ادريس: إلى قوله: فان اسلم الوارث الكافر قبل قسمة المال بينها وبين الامام اخذ ما كان يأخذه الامام، وان اسلم بعد القسمة فلا شئ له بحال.

(٢)لاحظ عبارة النافع.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585