موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٤

موسوعة الأسئلة العقائديّة10%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-04-1
الصفحات: 585

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 585 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 265945 / تحميل: 7517
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٤

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٤-١
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

أقول : تخيّلوا معي ، لو أنّ المسلمين اليوم تسابقوا مع زوجاتهم ، تأسّياً بما رواه أئمّتهم عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الذي بعث ليتمم مكارم الأخلاق؟ أين آداب الطريق يا رسول الله؟ أين هي الغيرة؟ وهل من الخُلق العظيم أن يتسابق الرجل مع زوجته؟ وهل يبقى لرسول الله ولأُمّ المؤمنين عائشة هيبة إذا رآهما أحد؟!

وعن أبي سلمة قال : دخلت أنا وأخو عائشة على عائشة ، فسألها أخوها عن غسل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فدعت بإناء نحو من صاع فاغتسلت ، وافاضت على رأسها ، وبيننا وبينها حجاب(١) .

سؤال : هل يعقل أن يصدر هذا الفعل من امرأة ، يفترض أن تكون عنواناً للعفّة والأخلاق ، وقدوة حسنة للمؤمنات ، بحكم كونها أُمّهم؟! فماذا ترون يا سادة يا كرام ، فيمن يرمي نبيّكم بهذا الكلام؟

( غانم النصار ـ الكويت ـ )

حكمها في الدنيا الإسلام :

س : هل يقول كبار علماء الشيعة بأنّ عائشة كافرة؟ جزاكم الله خيراً.

ج : إنّ حكمها في هذه الدنيا الإسلام ، وكونها مسلمة ، وما ارتكبته من مخالفات لله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإنّ هذا متعلّق بيوم القيامة.

( جعفر صادق ـ البحرين ـ )

خلاصة حرب الجمل :

س : ما هي خلاصة حرب الجمل؟

ج : بعد مقتل عثمان بن عفّان ، بايع الناس الإمام أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، ومن بين المبايعين طلحة بن عبيد الله ، والزبير بن العوام ، وطلباً منهعليه‌السلام أن يولّيهما بعض ولاياته ، ولكن الإمامعليه‌السلام قال لهما : «واعلما إنّي لا أشرك في

____________

١ ـ صحيح البخاري ١ / ٦٨.

٢٤١

أمانتي إلاّ من أرضى بدينه وأمانته من أصحابي ، ومن عرفت دخيلته »(١) ، فداخلهما اليأس من المنصب ، فاستأذناه للعمرة ، وخرجا من المدينة إلى مكّة ناكثين بيعة أمير المؤمنينعليه‌السلام .

ولمّا وصلا إلى مكّة دخلا على عائشة ، وأخذا يحرّضانها على الخروج ، فخرجت عائشة معهما على جمل ـ مطالبة بدم عثمان ـ قاصدين الشام ، فصادفهم في إثناء الطريق عبد الله بن عامر ـ عامل عثمان على البصرة ـ قد صرفه أمير المؤمنينعليه‌السلام بحارثة بن قدامة السعدي ، فرجّح لهم البصرة ، لما فيها من كثرة الضيع والعدّة ، فتوجّهوا نحوها ، فمانع عنها عثمان بن حنيف ، والخزّان والموكلون ، فوقع بينهم القتال ، ثمّ اسروا عثمان وضربوه ونتفوا لحيته.

ولمّا سمع أمير المؤمنينعليه‌السلام بوصولهم ، جهّز جيشاً وخرج إلى البصرة ، ولمّا وصلها بعث إليهم يناشدهم ، فأبوا إلاّ الحرب لقتاله.

ثمّ أخذ الإمامعليه‌السلام يناشد طلحة والزبير فلم تنفع معهما ، عند ذلك نشبت الحرب بينهما ، وأسفرت عن قتل ستة عشر ألف وسبعمائة وسبعون رجلاً من أصحاب الجمل ، وأربعة آلاف رجلاً من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وانكسار جيش أصحاب الجمل.

ثمّ إنّ الإمامعليه‌السلام أمر محمّد بن أبي بكر ، أن ينزل عائشة في دار آمنة بنت الحارث ، ثمّ أمر بإرجاعها إلى المدينة ، ورجع هوعليه‌السلام إلى الكوفة.

هذا ، ومع العلم بأنّ أكثر المؤرّخين ذكروا : أنّ عائشة كانت من أوائل المحرّضين على قتل عثمان ، وعباراتها مشهورة ومعروفة : « اقتلوا نعثلاً لعن الله نعثلاً فقد كفر» !!(٢) .

____________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ٢٣١.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ٢١٥ و ٢٠ / ١٧ ، تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٤٧٧ ، الإمامة والسياسة ١ / ٧٢.

٢٤٢

( أبو الزين ـ الأردن ـ )

تفسير القمّي في قوله تعالى :( فَخَانَتَاهُمَا )

س : أيّها الأحبّة ، جاء في تفسير القمّي في قوله تعالى :( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً فَخَانَتَاهُمَا ) (١) : « والله ما عنى بقوله :( فَخَانَتَاهُمَا ) إلاّ الفاحشة ، وليقيمن الحدّ على فلانة فيما أتت في طريق ، وكان فلان يحبّها ، فلمّا أرادت أن تخرج إلى »(٢) .

فكيف بعد ذلك تنفون الموضوع بشدّة وتقولون : الشيعة قاطبة على القول بأنّ الآية نازلة في حقّ مارية ، مع أنّ طائفة قليلة من علمائهم فقط أشارت لذلك.

ثمّ أودّ أن أسألكم : هل أنّ زوجات الأنبياء متّفق عند الإمامية على منع وقوع الفاحشة منهن شرعاً تكريماً للنبي؟ أم أنّ في المسألة خلاف؟ وشكراً.

ج : بالنسبة للرواية المنقولة من تفسير القمّي فيلاحظ :

أوّلاً : إنّ الأدلّة العقلية والنقلية ـ ومنها إجماع الإمامية ـ قائمة على تنزيه زوجات الأنبياءعليهم‌السلام من الفواحش ، احترازاً من مسّ حياة الأنبياءعليهم‌السلام بالدنس ، وعليه فما يوهم أن يكون خلاف ذلك فهو مردود أساساً.

ثانياً : لا يوجد هناك تفسير شيعي يشير إلى أنّ الآية المذكورة قد نزلت في حقّ مارية ، وأغلب الظنّ أنّ الذين أسندوا هذا القول للشيعة خلطوا بين هذه الآية وبين شأن نزول الآيات الأوّل من السورة ، التي وردت روايات كثيرة بأنّها نزلت في حقّ مارية ، عندما أفشى بعض زوجات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله سرّها.

ثالثاً : إنّ الرواية المذكورة ليست تامّة السند ، فللبحث السندي فيها مجال ، فمثلاً : أنّ الروايات الموجودة في نفس الصفحة كُلّها مسندة إلى المعصومعليه‌السلام ، ولكن هذه الرواية بظاهرها هي مقول قول علي بن إبراهيم ، ولم يسندها إلى الإمامعليه‌السلام .

____________

١ ـ التحريم : ١٠.

٢ ـ تفسير القمّي ٢ / ٣٧٧.

٢٤٣

مضافاً إلى أنّ إسناد تفسير القمّي ليست كُلّها معتبرة ، ففيها الصحيح وفيها غيره ، فلابدّ من ملاحظة السند في كُلّ مورد ، وهو كما ترى في المقام.

رابعاً : إنّ الرواية لم تصرّح باسم الشخص ، ولا يمكننا الجزم بنية القائل في استعمال فلان وفلانة ، وتمييزهما دعوى بدون دليل.

خامساً : من المسلّم القطعي بإجماع المسلمين ، حرمة نكاح زوجات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بصراحة :( وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) (١) ، فكيف يحتمل مخالفة هذا الحكم القطعي بمرأى ومسمع من المسلمين؟!

وبالجملة : فالاستدلال المذكور مفنّد من أساسه عقلاً ونقلاً.

( أبو توفيق ـ السعودية ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

القمّي والبرسي والمجلسي واتهامهم لها بالفاحشة :

س : أمّا بعد ، هل قال أحد من علماء الإمامية : بأنّ عائشة قد زنت؟ علماً بأنّ عثمان الخميس في مناظرته على قناة المستقلّة ذكر : أنّ القمّي والمجلسي ورجب البرسي قد ذكروا هذا الفعل من عائشة ، ولم يرد السيّد محمّد الموسوي كلامه.

أفيدونا جزاكم الله خيراً.

ج : إنّ الأدلّة العقلية والنقلية ـ ومنها إجماع الإمامية ـ قائمة على تنزيه زوجات الأنبياءعليهم‌السلام من الفاحشة ـ أي الزنا ـ ، احترازاً من مسّ حياة الأنبياءعليهم‌السلام بالدنس ، وعليه فما يوهم أن يكون خلاف ذلك فهو مردود أساساً.

وعليه فما ادّعاه عثمان الخميس ـ من أنّ المجلسي والقمّي والبرسي ذكروا في كتبهم زنا عائشة ـ فهو كذب وافتراء عليهم ، ولا صحّة له من الواقع ، فهذه كتبهم ومؤلّفاتهم مطبوعة ، وفي متناول أيدي الناس.

____________

١ ـ الأحزاب : ٦.

٢٤٤

نعم ، قال القمّي عند تفسير قوله تعالى :( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا ) (١) ما نصّه : « والله ما عنى بقوله فخانتاهما إلاّ الفاحشة ، وليقيمن الحدّ على فلانة فيما أتت في طريق ، وكان فلان يحبّها ، فلمّا أرادت أن تخرج إلى قال لها فلان : لا يحلّ لك أن تخرجي من غير محرم ، فزوّجت نفسها من فلان »(٢) .

وقد نقل العلاّمة المجلسي هذا عن القمّي وقال عنه ما نصّه : « فيه شناعة شديدة ، وغرابة عجيبة ، نستبعد صدور مثله عن شيخنا علي بن إبراهيم ، بل نظنّ قريباً أنّه من زيادات غيره ، لأنّ التفسير الموجود ليس بتمامه منهقدس‌سره ، بل فيه زيادات كثيرة من غيره ، فعلى أيّ هذه مقالة يخالفها المسلمون بأجمعهم ـ من الخاصّة والعامّة ـ وكُلّهم يقرّون بقداسة أذيال أزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ممّا ذكر ، نعم بعضهم يعتقدون عصيان بعضهنّ لمخالفتها أمير المؤمنين عليعليه‌السلام »(٣) .

وجاء في البحار بعد نقله قول القمّي ما نصّه :

« بيان : المراد بفلان طلحة ، وهذا إن كان رواية فهي شاذة مخالفة لبعض الأُصول ، وإن كان قد يبدو من طلحة ما يدلّ على أنّه كان في ضميره الخبيث مثل ذلك ، لكن وقوع أمثال ذلك بعيد عقلاً ونقلاً وعرفاً وعادةً ، وترك التعرّض لأمثاله أولى »(٤) .

ومن هذا يتّضح أنّ العلاّمة المجلسي مجرد ناقل قول القمّي ، ورادّ عليه ، فكيف يتّهمه الخميس بأنّه قائل بذلك.

وأمّا الحافظ البرسي ، فعلى فرض أنّه نقل شيئاً من ذلك ، فعلماؤنا لا يأخذون بما تفرّد بنقله.

____________

١ ـ التحريم : ١٠.

٢ ـ تفسير القمّي ٢ / ٣٧٧.

٣ ـ بحار الأنوار ٢٢ / ٢٤٠.

٤ ـ المصدر السابق ٣٢ / ١٠٧.

٢٤٥

وقال العلاّمة المجلسي حول كتب البرسي : « ولا اعتمد على ما يتفرّد بنقله ، لاشتمال كتابيه على ما يوهم الخبط والخلط والارتفاع »(١) .

( المنصور ـ البحرين ـ )

زواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله منها كان بأمر الله :

س : هل زواج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله من عائشة بأمر من الله تعالى؟

ج : إنّ زواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من عائشة كان بأمر من الله تعالى ، ومن ضمن الأهداف التي تحصّلت من هذا الزواج وغيره ارتباط النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بجميع قبائل العرب ، فهناك حكمة إلهية وتدبير منه تعالى ، وتمييز من يطيعه عمّن يعصيه ، ولا ينفعها ذلك إن كانت خانت الله والرسول ، بخروجها على إمام زمانها

قال تعالى :( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) (٢) .

( ألياس ـ السعودية ـ ٢٤ سنة ـ طالب جامعة )

موقفها من دفن الحسن :

س : هل توجد أدلّة في كتب التاريخ عن ما جرى في دفن الإمام الحسن المجتبى عليه‌السلام ، من منع دخول الإمام الحسين عليه‌السلام بجثمان أخيه من قبل عائشة وقولها : أتدخلون بيتي من لا أحبّ؟

ج : نعم ، ذكرت كتب التاريخ والسير موقف عائشة من دفن الإمام الحسنعليه‌السلام ، وإليك بعضها :

____________

١ ـ المصدر السابق ١ / ١٠.

٢ ـ التحريم : ١٠.

٢٤٦

١ ـ روى الشيخ الكلينيقدس‌سره بسنده عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول : « لمّا احتضر الحسن بن عليعليهما‌السلام قال للحسين : يا أخي إنّي أُوصيك بوصية فاحفظها ، فإذا أنا متّ فهيّئني ، ثمّ وجّهني إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأحدث به عهداً ، ثمّ اصرفني إلى أُمّي فاطمةعليها‌السلام ، ثمّ ردّني فادفنّي بالبقيع.

واعلم أنّه سيصيبني من الحميراء ما يعلم الناس من صنيعها وعداوتها لله ولرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعداوتها لنا أهل البيت.

فلمّا قُبض الحسنعليه‌السلام وضع على سريره ، فانطلقوا به إلى مصلّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الذي كان يصلّي فيه على الجنائز ، فصلّى على الحسنعليه‌السلام ، فلمّا أن صلّي عليه حمل فادخل المسجد ، فلمّا أوقف على قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بلغ عائشة الخبر ، وقيل لها : إنّهم قد أقبلوا بالحسن بن علي ليدفن مع رسول الله ، فخرجت مبادرة على بغل بسرج ـ فكانت أوّل امرأة ركبت في الإسلام سرجاً ـ فوقفت وقالت : نحّوا ابنكم عن بيتي ، فإنّه لا يدفن فيه شيء ، ولا يهتك على رسول الله حجابه.

فقال لها الحسين بن عليعليهما‌السلام : قديماً هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله ، وأدخلت بيته من لا يحبّ رسول الله قربه ، وإنّ الله سائلك عن ذلك يا عائشة ، إنّ أخي أمرني أن أقرّبه من أبيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليحدث به عهداً.

واعلمي أنّ أخي أعلم الناس بالله ورسوله ، وأعلم بتأويل كتابه من أن يهتك على رسول الله ستره ، لأنّ الله تبارك وتعالى يقول :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ ) (١) ، وقد أدخلت أنت بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الرجال بغير أذنه ، وقد قال الله عزّ وجلّ :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ) (٢) ولعمري لقد ضربت أنت لأبيك وفاروقه عند

____________

١ ـ الأحزاب : ٣٥.

٢ ـ الحجرات : ٢.

٢٤٧

إذن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المعاول ، وقال الله عزّ وجلّ :( إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى ) (١) ، ولعمري لقد أدخل أبوك وفاروقه على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بقربهما منه الأذى ، وما رعيا من حقّه ما أمرهما الله به على لسان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إنّ الله حرّم من المؤمنين أمواتاً ما حرّم منهم أحياء ، وتالله يا عائشة ، لو كان هذا الذي كرهتيه من دفن الحسن عند أبيه رسول اللهعليهما‌السلام جائزاً فيما بيننا وبين الله ، لعلمت أنّه سيدفن ، وإن رغم معطسك ».

قال : ثمّ تكلّم محمّد بن الحنفية وقال : يا عائشة يوماً على بغل ، ويوماً على جمل ، فما تملكين نفسك ، ولا تملكين الأرض عداوة لبني هاشم.

قال : فأقبلت عليه فقالت : يا بن الحنفية هؤلاء الفواطم يتكلّمون فما كلامك؟ فقال لها الحسينعليه‌السلام : « وأنى تبعدين محمّداً من الفواطم ، فو الله لقد ولدته ثلاث فواطم : فاطمة بنت عمران بن عائذ بن عمرو بن مخزوم ، وفاطمة بنت أسد بن هاشم ، وفاطمة بنت زائدة بن الأصم ابن رواحة بن حجر بن عبد معيص بن عامر ».

قال : فقالت عائشة للحسينعليه‌السلام : نحّوا ابنكم ، واذهبوا به فإنّكم قوم خصمون.

قال : فمضى الحسينعليه‌السلام إلى قبر أُمّه ، ثمّ أخرجه فدفنه بالبقيع »(٢) .

٢ ـ قال الشيخ الحرّ العامليقدس‌سره : لمّا توفّي الحسنعليه‌السلام مسموماً ، وخرج به أخوه الحسينعليه‌السلام ليجدد به العهد بقبر جدّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، خرجت عائشة على بغلة شهباء ، يحف بها بنو أُمية وهي تصيح : لا تدخلوا بيتي من لا أحبّ ، إنّ دفن الحسن في بيتي لتجز هذه ، وأومأت إلى ناصيتها.

____________

١ ـ الحجرات : ٣.

٢ ـ الكافي ١ / ٣٠٢.

٢٤٨

وليت شعري ألم تسمع أُمّ المؤمنين قول جدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حقّه : « اللهم إنّي أحبّه فاحبّه ، وأحبّ من يحبّه »(١) .

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « اللهم إنّ هذا ابني وأنا أحبّه ، فأحبّه وأحبّ من يحبّه »(٢) .

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من سرّه أن ينظر إلى سيّد شباب أهل الجنّة ، فلينظر إلى الحسن »(٣) (٤) .

٣ ـ روى ابن عساكر بسنده عن أبي عتيق قال : « سمعت جابر بن عبد الله يقول : شهدنا حسن بن علي يوم مات ، فكادت الفتنة أن تقع بين حسين بن علي ومروان بن الحكم ، وكان الحسن قد عهد إلى أخيه أن يدفن مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإن خاف أن يكون في ذلك قتال فليدفن بالبقيع ، فأبى مروان أن يدعه ، ومروان يومئذ معزول ، يريد أن يرضي معاوية بذلك ، فلم يزل مروان عدوّاً لبني هاشم حتّى مات.

قال جابر : فكلّمت يومئذ حسين بن علي فقلت : يا أبا عبد الله اتق الله ، فإنّ أخاك كان لا يحبّ ما ترى ، فادفنه بالبقيع مع أُمّه ففعل »(٥) .

____________

١ ـ مسند أحمد ٢ / ٢٤٩ و ٣٣١ و ٥٣٢ ، صحيح البخاري ٣ / ٢٠ و ٧ / ٥٥ ، سنن ابن ماجة ١ / ٥١ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٧٦ ، مسند الحميدي ٢ / ٤٥١ ، مسند ابن الجعد : ٢٩٥ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ٤٩ ، مسند أبي يعلى ١١ / ٢٧٩ ، صحيح ابن حبّان ١٥ / ٤١٧ ، المعجم الكبير ٣ / ٣٢ ، نظم درر السمطين : ١٩٨ ، تاريخ بغداد ١٢ / ٩ ، تاريخ مدينة دمشق ١٣ / ١٧٦ و ١٨٦ و ١٩٢ و ٢٨٨ ، تهذيب الكمال ٦ / ٢٢٦ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٢٥٠ ، تهذيب التهذيب ٢ / ٢٥٨ ، البداية والنهاية ٨ / ٣٨ ، سبل الهدى والرشاد ٩ / ٣٦٩ و ١١ / ٦٤ ، ينابيع المودّة ٢ / ٤٤ ، ذخائر العقبى : ١٢٢.

٢ ـ كنز العمّال ١٣ / ٦٥٢ ، تاريخ مدينة دمشق ١٣ / ١٩٧.

٣ ـ الجامع الصغير ٢ / ٦٠٩ ، موارد الظمآن : ٥٥٣ ، كنز العمّال ١٢ / ١١٦ ، تاريخ مدينة دمشق ١٣ / ٢٠٩ ، الأنساب ٣ / ٤٧٦ ، البداية والنهاية ٨ / ٣٩ ، ينابيع المودّة ٢ / ١٠٢.

٤ ـ وسائل الشيعة ١ / ٣٥.

٥ ـ تاريخ مدينة دمشق ١٣ / ٢٨٧.

٢٤٩

وعن ابن عمر قال : « حضرت موت حسن بن علي ، فقلت للحسين : اتق الله ولا تثر فتنة ، ولا تسفك الدماء ، وادفن أخاك إلى جنب أُمّه ، فإنّ أخاك قد عهد بذلك إليك ، فأخذ بذلك الحسين »(١) .

٤ ـ جاء في تاريخ اليعقوبي : « وقيل : إنّ عائشة ركبت بغلة شهباء وقالت : بيتي لا آذن فيه لأحد ، فأتاها القاسم بن محمّد بن أبي بكر فقال لها : يا عمّة! ما غسلنا رؤوسنا من يوم الجمل الأحمر ، أتريدين أن يقال يوم البغلة الشهباء؟ فرجعت »(٢) .

( ـ ـ سنّي )

كانت مخطئة ومخالفة لأمر الله ورسوله :

س : أتمنّى أن تعينوني على فهم بعض الأُمور التي مرّت عليّ ، وأُريد التأكّد منها ، هل ما سمعت عن كره الشيعة للسيّدة عائشة صحيح؟ جزاكم الله كُلّ خير.

ج : إنّ مسألة الحبّ والبغض من المسائل المتّفق عليها بين المسلمين كافّة ، وهي الحبّ في الله ، والبغض في الله ، وكذلك الموالاة لأولياء الله والمعاداة لأعدائه.

قال تعالى :( لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ باللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ الله وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (٣) .

____________

١ ـ المصدر السابق ١٣ / ٢٨٨.

٢ ـ تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٢٥.

٣ ـ المجادلة : ٢٢.

٢٥٠

ولا عداء شخصي للشيعة مع أحد أبداً ، وإنّك ترى أنّ أهل البيتعليهم‌السلام يرحمون حتّى أعداءهم وقاتليهم ، ويبكون عليهم ويوصون بهم.

وترى أنّ الشيعة يتعاملون مع المسلمين كافّة كُلّ بحسبه ، فالمؤمن الصادق موقّر لديهم ، وإن كان ابن كافر ، والمنحرف مذموم لديهم ، وإن كان ابن أو أخ إمام.

فهذا عمّار وسلمان وأبو ذر والمقداد وأُمّ سلمة وعبد الله بن عباس ومحمّد بن أبي بكر ، وغيرهم من المؤمنين الملتزمين الممدوحين في الأحاديث الشريفة الصحيحة.

وها هو عبيد الله بن العباس وجعفر الكذّاب ، وغيرهم من السادة الهاشميين ، ولكنّهم يتبرّأون منهم ، ويبغضون أعمالهم.

فنحن لدينا موازين شرعية نضع الناس بحسبها لا بأهوائنا ولا بالنسب ، وإنّما بالتقوى والسيرة الحسنة ، أو العكس لأيّ شخص كائناً من كان.

وأمّا بخصوص عائشة ، فقد ثبت أنّها آذت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في كثير من المواقف ، كما في قصّة المغافير ، وتهديد الله تعالى لها أشدّ تهديد في القرآن لأحد من العالمين ، قال تعالى :( وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ الله هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ) (١) ، وكذلك في الكثير من أقوالها وأفعالها معهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وكذلك موقفها من الإمام عليعليه‌السلام بعد تحذير النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إيّاها من ذلك الخروج ، وحرب أمير المؤمنين والخروج على إمام زمانها.

وأيضاً موقفها من دفن الإمام الحسن المجتبىعليه‌السلام مع جدّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعدم إذنها بذلك ، وغير ذلك ممّا هو معلوم لدى الجميع.

فموقفنا ليس شخصياً وعداءً لذاتها ، بل هو موقف من أعمالها ، وعدم كونها بمستوى المسؤولية والموقع الرفيع ، بكونها زوجة خاتم النبيينصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

____________

١ ـ التحريم : ٤.

٢٥١

وقد قال تعالى :( يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ) (١) ، وكان عمر في زمن خلافته يمنعهن حتّى من الخروج للحجّ ، حتّى أذن لهن في آخر خلافته ، فكيف بالخروج على إمام زمانها ومحاربته.

فإنا نعتقد أنّها كانت مخطئة ومخالفة لأمر الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعلى هذا فالدليل يسوقنا إلى عدم موالاتها ، ولا غرابة ، فالقرآن يعلّمنا البراءة من زوجة نوح ولوط ، وموالاة آسية امرأة فرعون.

( عيسى الشيباني ـ الإمارات ـ ٢٦ سنة ـ طالب ثانوية عامّة )

كانت تعلم بمبايعة الناس لعليعليه‌السلام :

س : وفّقكم الله لخدمة الإسلام والمسلمين ، وأظهر الحقّ على لسانكم وفي كتبكم المقدّسة ، يدّعي البعض بأنّ خروج عائشة في معركة الجمل عن عدم درايتها بأنّ علي بن أبي طالبعليه‌السلام قد تمّت له البيعة ، واستلام الخلافة له , وبالتالي هي معذورة في خروجها على الإمام في تلك الحرب ، حيث أنّها لو علمت لما خرجت على رأس الجيش؟

الرجاء توضيح هذه الشبهة ، ولكم فائق الاحترام والتقدير.

ج : المعروف أنّ واقعة الجمل كان سببها خروج عائشة مع طلحة والزبير للمطالبة بدم عثمان ، إلاّ أنّ الثابت تاريخياً أنّ عائشة هي التي حرّضت الناس على قتل عثمان بن عفّان ، وأصدرت فتوى بقتله بعد نعته بنعثل اليهودي ، وقالت : « اقتلوا نعثلاً فقد كفر »(٢) ، تعني عثمان ، وفي رواية أُخرى : « اقتلوا نعثلاً قتل الله نعثلاً »(٣) تعني عثمان ، ونعثل هو رجل يهودي كان يعيش في

____________

١ ـ الأحزاب : ٣٠ ـ ٣٣.

٢ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٤٧٧ ، شيخ المضيرة أبو هريرة : ١٧١.

٣ ـ تاج العروس ٨ / ١٤١ ، لسان العرب ١١ / ٦٧٠ ، شرح نهج البلاغة ٦ / ٢١٥ و ٢٠ / ٢٢.

٢٥٢

المدينة طويل اللحية ، بل ورد أنّ حفصة وعائشة قالتا لعثمان : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سمّاك نعثلاً تشبيها بنعثل اليهودي »(١) ، وقيل : « إنّ نعثل هو الشيخ الأحمق ، وهو رجل من أهل مصر كان طويل اللحية وكان يشبه عثمان »(٢) .

وقال ابن أبي الحديد : « قال كُلّ من صنّف في السير والأخبار : إنّ عائشة كانت من أشدّ الناس على عثمان ، حتّى أنّها أخرجت ثوباً من ثياب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فنصبته في منزلها ، وكانت تقول للداخلين إليها : هذا ثوب رسول الله لم يبل ، وعثمان قد أبلى سنّته»(٣) .

وقد صدّق المسلمون ـ وعلى رأسهم الصحابة ـ دعوى عائشة ، واستجابوا لتحريضها ، فشاركوا في قتله ، ودفنوه في مقبرة اليهود(٤) .

ولكن السؤال المثير هو : لماذا خرجت عائشة للمطالبة بدم عثمان؟ وتجييش الجيوش من أجل ذلك؟

قال الطبري عن تلك الأحداث : « أنّ عائشة لما انتهت إلى سرف ـ موضع ستة أميال من مكّة ـ راجعة في طريقها إلى مكّة ، لقيها عبد ابن أُمّ كلاب ، وهو عبد ابن أبي سلمة ينسب إلى أُمّه ، فقالت له : مهيم؟

قال : قتلوا عثمان ، فمكثوا ثمانياً ، قالت : ثمّ صنعوا ماذا؟

قال : أخذها أهل المدينة بالاجتماع ، فجازت بهم الأُمور إلى خير مجاز ، اجتمعوا على علي بن أبي طالب ، فقالت : والله ليتَ إنّ هذه انطبقت على هذه إن تمّ الأمر لصاحبك ، ردّوني ردّوني ، فانصرفت إلى مكّة وهي تقول : قتل والله عثمان مظلوماً ، والله لأطلبن بدمه ، فقال لها ابن أُمّ كلاب : ولم؟ فو الله أنّ أوّل من أمال حرفه لأنتِ ، ولقد كنتِ تقولين : اقتلوا نعثلاً فقد كفر.

____________

١ ـ كشف الغمّة ٢ / ١٠٨.

٢ ـ لسان العرب ١١ / ٦٩٩.

٣ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ٢١٥.

٤ ـ أُنظر : الطبقات الكبرى ٣ / ٧٨.

٢٥٣

قالت : إنّهم استتابوه ثمّ قتلوه ، وقد قلت وقالوا ، وقولي الأخير خير من قولي الأوّل ، فقال ابن أُمّ كلاب :

منكِ البداء ومنكِ الغير

ومنكِ الرياح ومنكِ المطر

وأنتِ أمرتِ بقتل الإمام

وقلتِ لنا أنّه قد كفر

فهبنا أطعناكِ في قتله

وقاتله عندنا من أمر

إلى آخر الأبيات.

فانصرفت إلى مكّة ، فنزلت على باب المسجد ، فقصدت الحجر ، فسترت واجتمع إليها الناس ، فقالت : يا أيّها الناس ، إنّ عثمان قُتل مظلوماً ، ووالله لأطلبن بدمه »(١) .

والحاصل : إنّ عائشة كانت تعلم بمبايعة الناس لأمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، ومن هنا كانت نقطة الانقلاب في موقفها ، وبمراجعة يسيرة إلى المصادر التاريخية تجد أنّ عائشة حتّى عند إخبارها بمقتل عثمان قبل علمها بمبايعة عليعليه‌السلام كانت تسمّيه نعثلاً وتتشفّى بمقتله ، ولكن علمها بمبايعة الإمامعليه‌السلام قلب موقفها تماماً ، وقادها إلى القيام بتلك الفتنة الكبيرة التي راح ضحيّتها عشرات الآلاف من المسلمين ، فكيف لا تعلم عائشة بمبايعة الناس لأمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، وهي عندما قدمت إلى البصرة وجدت عليها عثمان بن حنيف عامل أمير المؤمنينعليه‌السلام عليها ، وقد أرسل أليها أبو الأسود الدؤلي يسألها عن خبرها ، وعن علّة مجيئها إلى البصرة ، فقالت له : أطلب بدم عثمان ، قال : إنّه ليس في البصرة من قتلة عثمان أحد ، قالت : صدقت ولكنّهم مع علي بن أبي طالب بالمدينة(٢) .

____________

١ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٤٧٦.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ٢٢٦.

٢٥٤

وعندما لم تجد عائشة آذاناً صاغية من عثمان بن حنيف وأصحابه في البصرة في مطالبها ، اشتد النزاع بين الفريقين حتّى حصلت تلك الواقعة المسمّاة بـ « واقعة الجمل الأصغر » ، والتي كان من آثارها أن قتل أربعون رجلاً من شيعة عليعليه‌السلام في المسجد ، وسبعون آخرون في مكان آخر ، وأسروا عثمان بن حنيف ، وكان من فضلاء الصحابة ، فأرادوا قتله ، ثمّ خافوا أن يثأر له أخوه سهل والأنصار ، فنتفوا لحيته وشاربيه وحاجبيه ورأسه وضربوه وحبسوه ، ثمّ طردوه من البصرة(١) .

وكان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قد أخبر عائشة عن خروجها هذا وحذّرها منه ، وقال لها : «لا تكوني التي تنبحك كلاب الحوأب » ، والحوأب هو وادي كثير الماء نبحت كلابه عند مسير عائشة إلى البصرة ، وعندما سألت عنه أخبروها أنّ هذا المكان يسمّى بماء الحوأب.

فقالت : ردّوني ، ردّوني ، وذكرت التحذير الذي سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكن وبمحضر من طلحة والزبير أحسّ بجسامة الموقف ، فاحضر خمسين رجلاً ، وشهدوا بأنّ هذا المكان لا يسمّى بماء الحوأب ، وكانت تلك أوّل شهادة زور في الإسلام كما يذكره المؤرّخون(٢) .

وخلاصة القول في مسير عائشة هو قول أمير المؤمنينعليه‌السلام في خطبة له : « أيّها الناس ، إنّ عائشة سارت إلى البصرة ومعها طلحة والزبير ، وكُلّ منهما يرى الأمر له دون صاحبه ، أمّا طلحة فابن عمّها ، وأما الزبير فختنها ، والله لو ظفروا بما أرادوا ـ ولن ينالوا ذلك أبداً ـ ليضربن أحدهما عنق صاحبه بعد تنازع

____________

١ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٤٨٥ ، انساب الأشراف : ٢٢٥ ، أُسد الغابة ٢ / ٤٠ ، شرح نهج البلاغة ٦ / ٢٢٦.

٢ ـ أُنظر : مسند أبي يعلى ٨ / ٢٨٢ ، شرح نهج البلاغة ٦ / ٢٢٥ و ٩ / ٣١٠ ، انساب الأشراف : ٢٢٤ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٨١ ، البداية والنهاية ٧ / ٢٥٨ ، المناقب : ١٨١.

٢٥٥

منهما شديد ، والله إنّ راكبة الجمل الأحمر ما تقطع عقبة ، ولا تحل عقدة إلاّ في معصية الله وسخطه ، حتّى تورد نفسها ومن معها موارد الهلكة »(١) .

وقد حذّر الله سبحانه قبل هذا نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من الخروج من بيوتهنّ وأمرهنّ بالقرار فيها بقوله :( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ) (٢) ، ولذا نقول : ما حكم من خرجت من بيتها ومدينتها بل وكُلّ بلادها ، وذهبت إلى بلاد أُخرى تبعد عنها آلاف الأميال ، وأشعلت كُلّ هذه الفتنة التي يراها البعض بداية لفتن صفّين والنهروان ، وثمّ تولّي معاوية على رقاب المسلمين ، ثمّ واقعة كربلاء ، وما جرى على المسلمين إلى يومنا هذا؟ التي يعدّها البعض نتيجة حتمية لضعف العرب والمسلمين بسبب الفتن التي أشعلها الأوائل بوجه الخلافة العلوية.

ولا نريد أن نشير هنا إلى قول النبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي رواه مسلم عن ابن عمر قال : خرج رسول الله من بيت عائشة فقال : «رأس الكفر من هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان »(٣) ، بل جاء في صحيح البخاري عن عبد الله قال : قام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله خطيباً ، فأشار نحو مسكن عائشة فقال : «هاهنا الفتنة ، هاهنا الفتنة ، هاهنا الفتنة ، من حيث يطلع قرن الشيطان »(٤) .

____________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ٢٣٣.

٢ ـ الأحزاب : ٣٣.

٣ ـ صحيح مسلم ٨ / ١٨١.

٤ ـ صحيح البخاري ٤ / ٤٦.

٢٥٦

عالم الذرّ :

( ميسون رضا ـ لبنان ـ ٢٣ سنة ـ دراسة ماجستير في العلوم الإلهية )

بحث مفصّل للعلاّمة الطباطبائي حوله :

س : فكرة موجزة عن عالم الذرّ : أهم العلماء الذين يؤيّدون هذه النظرية ، بعض المصادر التي تناولت هذا الأمر من خلال أحاديث أهل البيت عليهم‌السلام .

ج : ننقل لك ما قاله العلاّمة الطباطبائيقدس‌سره حول الموضوع :

قوله تعالى :( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا ) (١) .

أخذ الشيء من الشيء يوجب انفصال المأخوذ من المأخوذ منه ، واستقلاله دونه بنحو من الأنحاء ، وهو يختلف باختلاف العنايات المتعلّقة بها ، والاعتبارات المأخوذة فيها ، كأخذ اللقمة من الطعام ، وأخذ الجرعة من ماء القدح ، وهو نوع من الأخذ ، وأخذ المال والأثاث من زيد الغاصب ، أو الجواد أو البائع أو المعير ، وهو نوع آخر ، أو أنواع مختلفة أُخرى ، وكأخذ العلم من العالم ، وأخذ الأهبة من المجلس ، وأخذ الحظّ من لقاء الصديق وهو نوع ، وأخذ الولد من والده للتربية ، وهو نوع إلى غير ذلك.

فمجرد ذكر الأخذ من الشيء لا يوضّح نوعه إلاّ ببيان زائد ، ولذلك أضاف الله سبحانه إلى قوله :( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ ) الدال على تفريقهم وتفصيل بعضهم من بعض.

____________

١ ـ الأعراف : ١٧٢.

٢٥٧

قوله :( مِن ظُهُورِهِمْ ) ليدلّ على نوع الفصل والأخذ ، وهو أخذ بعض المادّة منها ، بحيث لا تنقص المادّة المأخوذ منها بحسب صورتها ، ولا تنقلب عن تمامها واستقلالها ، ثمّ تكميل الجزء المأخوذ شيئاً تامّاً مستقلاً من نوع المأخوذ منه ، فيؤخذ الولد من ظهر من يلده ويولده ، وقد كان جزء ، ثمّ يجعل بعد الأخذ والفصل إنساناً تامّاً مستقلاً من والديه ، بعدما كان جزء منهما.

ثمّ يؤخذ من ظهر هذا المأخوذ مأخوذ آخر ، وعلى هذه الوتيرة حتّى يتمّ الأخذ ، وينفصل كُلّ جزء عمّا كان جزء منه ، ويتفرّق الأناسي وينتشر الأفراد ، وقد استقلّ كُلّ منهم عمّن سواه ، ويكون لكُلّ واحد منهم نفس مستقلة لها ما لها ، وعليها ما عليها ، فهذا مفاد قوله :( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) ، ولو قال : أخذ ربّك من بني آدم ذرّيتهم أو نشرهم ونحو ذلك ، بقي المعنى على إبهامه.

وقوله :( وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ ) ينبأ عن فعل آخر إلهي تعلّق بهم ، بعد ما أخذ بعضهم من بعض ، وفصل بين كُلّ واحد منهم وغيره ، وهو إشهادهم على أنفسهم ، والإشهاد على الشيء هو إحضار الشاهد عنده ، وإراءته حقيقته ، ليتحمّله علماً تحمّلاً شهودياً ، فإشهادهم على أنفسهم ، هو إراءتهم حقيقة أنفسهم ، ليتحمّلوا ما أُريد تحمّلهم من أمرها ، ثمّ يؤدّوا ما تحمّلوه إذا سئلوا.

وللنفس في كُلّ ذي نفس جهات من التعلّق والارتباط بغيرها ، يمكن أن يستشهد الإنسان على بعضها دون بعض ، غير أنّ قوله :( أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ ) يوضّح ما أشهدوا لأجله ، وأُريد شهادتهم عليه ، وهو أن يشهدوا ربوبيته سبحانه لهم ، فيؤدّوها عند المسألة.

فالإنسان وإن بلغ من الكبر والخيلاء ما بلغ ، وغرّته مساعدة الأسباب ما غرّته ، واستهوته لا يسعه أن ينكر أنّه لا يملك وجود نفسه ، ولا يستقلّ بتدبير أمره ، ولو ملك نفسه لوقّاها ممّا يكرهه من الموت ، وسائر آلام الحياة

٢٥٨

ومصائبها ، ولو استقلّ بتدبير أمره لم يفتقر إلى الخضوع قبال الأسباب الكونية ، والوسائل التي يرى لنفسه أنّه يسودها ويحكم فيها ، ثمّ هي كالإنسان في الحاجة إلى ما وراءها ، والانقياد إلى حاكم غائب عنها ، يحكم فيها لها أو عليها ، وليس إلى الإنسان أن يسدّ خلّتها ويرفع حاجتها.

فالحاجة إلى ربّ ـ مالك مدبّر ـ حقيقة الإنسان ، والفقر مكتوب على نفسه ، والضعف مطبوع على ناصيته ، لا يخفى ذلك على إنسان له أدنى الشعور الإنساني ، والعالم والجاهل ، والصغير والكبير ، والشريف والوضيع في ذلك سواء.

فالإنسان في أيّ منزل من منازل الإنسانية نزل ، يشاهد من نفسه أنّ له ربّاً يملكه ويدبّر أمره ، وكيف لا يشاهد ربّه وهو يشاهد حاجته الذاتية؟ وكيف يتصوّر وقوع الشعور بالحاجة من غير شعور بالذي يحتاج إليه؟

فقوله :( أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ ) بيان ما أشهد عليه ، وقوله :( قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا ) اعتراف منهم بوقوع الشهادة وما شهدوه ، ولذا قيل : إنّ الآية تشير إلى ما يشاهده الإنسان في حياته الدنيا ، أنّه محتاج في جميع جهات حياته من وجوده ، وما يتعلّق به وجوده من اللوازم والأحكام ، ومعنى الآية إنّا خلقنا بني آدم في الأرض ، وفرّقناهم وميّزنا بعضهم من بعض بالتناسل والتوالد ، وأوفقناهم على احتياجهم ، ومربوبيتهم لنا ، فاعترفوا بذلك قائلين : بلى شهدنا أنّك ربّنا.

وعلى هذا يكون قولهم :( بَلَى شَهِدْنَا ) من قبيل القول بلسان الحال ، أو إسناد اللازم القول إلى القائل بالملزوم ، حيث اعترفوا بحاجاتهم ، ولزمه الاعتراف بمن يحتاجون إليه ، والفرق بين لسان الحال ، والقول بلازم القول :

أنّ الأوّل انكشاف المعنى عن الشيء لدلالة صفة من صفاته ، وحال من أحواله عليه ، سواء شعر به أم لا ، كما تفصح آثار الديار الخربة عن حال ساكنيها ، وكيف لعب الدهر بهم؟ وعدت عادية الأيّام عليهم؟ فأسكنت

٢٥٩

أجراسهم وأخمدت أنفاسهم ، وكما يتكلّم سيماء البائس المسكين عن فقره ومسكنته وسوء حاله.

والثاني انكشاف المعنى عن القائل ، لقوله بما يستلزمه أو تكلّمه بما يدلّ عليه بالالتزام.

فعلى أحد هذين النوعين من القول ، أعني القول بلسان الحال ، والقول بالاستلزام يحمل اعترافهم المحكي بقوله تعالى :( قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا ) ، والأوّل أقرب وأنسب ، فإنّه لا يكتفي في مقام الشهادة إلاّ بالصريح منها المدلول عليه بالمطابقة دون الالتزام.

ومن المعلوم : أنّ هذه الشهادة على أيّ نحو تحقّقت فهي من سنخ الاستشهاد المذكور في قوله :( أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ ) ، فالظاهر أنّه قد استوفى الجواب بعين اللسان الذي سألهم به ، ولذلك كان هناك نحو ثالث يمكن أن يحمل عليه هذه المساءلة والمجاوبة ، فإنّ الكلام الإلهي يكشف به عن المقاصد الإلهية بالفعل ، والإيجاد كلام حقيقي ـ وإن كان بنحو التحليل ـ كما تقدّم مراراً في مباحثنا السابقة ، فليكن هنا قوله :( أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ ) وقولهم :( بَلَى شَهِدْنَا ) من ذاك القبيل ، وسيجيء للكلام تتمّة.

وكيف كان فقوله :( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ ) الآية ، يدلّ على تفصيل بني آدم بعضهم من بعض ، وإشهاد كُلّ واحد منهم على نفسه ، وأخذ الاعتراف على الربوبية منه ، ويدلّ ذيل الآية وما يتلوه أعنّي قوله :( أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ) (١) على الغرض من هذا الأخذ والإشهاد.

وهو على ما يفيده السياق إبطال حجّتين للعباد على الله ، وبيان أنّه لولا هذا الأخذ والإشهاد ، وأخذ الميثاق على انحصار الربوبية ، كان للعباد أن يتمسّكوا

____________

١ ـ الأعراف : ١٧٢ ـ ١٧٣.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

الاول، فيبقى على إحرامه بالنسبة إلى الطيب والنساء والصيد لا غير حتى يأتي بالمناسك، ويتحقق في الثاني، فيتحلل ويعيد الحج من قابل، ويلوح من كلام ابن الجنيد(١) التحلل والاجتزاء بقضاء باقي المناسك، وقال ابن حمزة(٢) : يتسنيب فيها ولم يذكر التحلل، ولو منع عن سعي العمرة أمكن التحلل، لعدم إفادة الطواف شيئا.

ولو ظن انكشاف العدو تربص ندبا، فإن استمر تحلل بالهدي إن لم يتحقق الفوات وإلا فبالعمرة، ولو عدل إلى العمرة مع الفوات فصد عن إتمامها تحلل أيضا، وكذا لو قلنا: ينقلب إحرامه إليها بالفوات، وعلى هذا لو صار إلى بلده ولما يتحلل وتعذر العود في عامه لخوف الطريق فهو مصدود، فله التحلل بالذبح والتقصير في بلده.

ولو كان العدو يندفع بالقتال لم يجب وأن ظن الظفر، ويجوز إذا كانوا مشركين، ومنعه الشيخ(٣) التفاتا إلى إذن الامام في الجهاد، ويندفع بأنه نهي عن منكر، ولو كانوا مسلمين فالاولى ترك قتالهم، ولو فعله جاز من حيث النهي عن المنكر، ولو ظن العطب أو تساوى الاحتمالان سقط في الموضعين.

ولو بدأوا بالقتال وجب دفاعهم مع المكنة في الموضعين، فإن لبسوا جنة القتال كالجباب والجواشن والمخيط فعليهم الفدية، ولو طلبوا مالا ففيه ما سلف في الشرائط، ولو لم يوثق بهم لم يجب قطعا، والشيخ(٤) لم يوجب على التقديرين وإن قل، والفاضل(٥) إذا كثر كره دفعه إن كان العدو كافرا للصغار.

____________________

(١) المختلف: ج ١ ص ٣١٨.

(٢) الوسيلة: ص ١٩٤.

(٣) المبسوط: ج ١ ص ٣٣٤.

(٤) نفس المصدر.

(٥) المنتهى: ج ٢ ص ٨٤٩.

٤٨١

ويجب قضاء الحج والعمرة بعد التحلل إذا كانا مستقرين، وإلا وجب إن بقيت الاستطاعة، سواء قضاه(١) في عامه أو لا، ولو كان الاصل ندبا استحب القضاء، والتسمية بالقضاء في مواضعه مجاز، لعدم الوقت المحدود.

فروع ستة: لا فرق بين الصد العام والخاص بالنسبة إلى المصدود، فلو حبس الظالم بعض الحاج تحلل، ولو(٢) كان بحق وهو قادر عليه لم يتحلل، وإلا تحلل، ولو كان عليه دين يحل قبل قدوم الحاج فمنعه صاحبه من المضي تحلل.

الثاني: لو أحاط العدو بهم جاز التحلل، لانه زيادة في العذر، ولانهم يستفيدون به الامن ممن أمامهم.

الثالث: لو صد عن الموقفين دون مكة فله التحلل والمصابرة، فإن فات الحج فالعمرة، ولا يجوز فسخه إلى العمرة قبل الفوات كما جاز فسخ حج الافراد إلى العمرة ابتداء، لان المعدول إليه هناك عمرة التمتع المتصلة بالحج، فهو عدول من جزء إلى كل، بخلاف هذه الصورة فإنه إبطال للحج بالكلية، نعم لو كان الحج ندبا إفردا أمكن ذلك، لانه يجوز له التحلل لا إلى بدل فالعمرة أولى.

الرابع: لا يجب على المصدود إذا تحلل بالهدي من النسك المندوب حج ولا عمرة، ولا يلزم من وجوب العمرة بالفوات وجوبها بالتحلل، إذ ليس التحلل فواتا محضا.

الخامس: لو أحرم الرق بغير إذن سيده حلله من غير هدي، وكذا لو أذن له في نسك فأتى بغيره، وإن كان عدولا إلى الادنى، كما لو أذن له في الحج

____________________

(١) في " م ": قضى.

(٢) في " م ": وإن.

٤٨٢

فاعتمر، أو في التمتع فقرن على مذهب ابن أبي عقيل، لانه يسقط عنه سعي الحج عنده لتحقق المخالفة، مع احتمال المنع، وكذا لو قرن على مذهب الجعفي، والاحتمال فيه أقوى، لعدم الفرق بينهما إلا في تعجيل التحلل. هذا إذا كان السياق لا من مال السيد إن جوزناه من الاجنبي، وإلا فله تحليله قطعا، لان القران بغير سياق باطل بإجماعنا والتمتع لم ينوه.

ولو أذن له في الاحرام في وقت فقدمه فله تحليله قبل حضور الوقت المأذون فيه، وفي ما بعده تردد، التفاتا إلى مصادفة المأذون فيه، وإلى أن أصله وقع فاسدا، والاول مختار الفاضل(١) ، والاشبه الثاني.

السادس: لو اجتمع الاحصار والصد فالاشبه تغليب الصد، لزيادة التحلل به، ويمكن التخيير، وتظهر الفائدة في الخصوصيات، والاشبه جواز الاخذ بالاخف من أحكامهما، ولا فرق بين عروضهما معا أو متعاقبين، نعم لو عرض الصد بعد بعث المحصر، أو الاحصار بعد ذبح المصدود ولما يقصر، ففي ترجيح جانب السابق قوي، وهنا لواحق متفرقة.

(١٢١) درس

صرح في ثامن ضروب الحج من التهذيب(٢) جواز الحج ندبا والصلاة ندبا والزكاة ندبا لمن عليه واجب، والتمتع للمكي في الحج المندوب أفضل. وإشعار الابل وهي باركة ونحرها قائمة، ويستقبل بها حال الاشعار القبلة، ويتولاه بنفسه تأسيا بالنبي صلى الله عليه وآله(٣) ، ويقول: بسم الله اللهم منك ولك تقبل مني. فإن عقد به الاحرام فليكن في الميقات بعد غسله ولبس ثوبيه

____________________

(١) التذكرة: ج ١ ص ٣٩٧.

(٢) التهذيب: ب ٤ ضروب الحج ذيل ح ٩٢ ج ٥ ص ٣٠.

(٣) وسائل الشيعة: ب ٣٦ ح ٣، ب ٣٥ ح ٣ من ابواب الذبح ج ١٠ ص ١٣٥ ١٣٦.

٤٨٣

وصلاة الاحرام، ولو لم يتمكن من السوق ثم تمكن فحيث يمكن يشعر أو يقلد.

واشترط ابن الجنيد(١) أن تكون النعل قد صلى فيها مهديه، ويلوح منه أن السير والخيط مما صلى فيه، لان تقليد الغنم بخيط أو سير جائز.

وفسر الصادق عليه السلام(٢) لسفيان الثوري قوله تعالى: " تلك عشرة كاملة "(٣) أن كمالها كمال الاضحية، أي هما سواء في الكمال، وروى معاوية(٤) عنه تسميته طواف النساء طواف الزيارة.

وصرح المفيد(٥) رحمه الله بتقديم القارن والمفرد طوافهما وسعيهما، وهو في صحيح حماد بن عثمان(٦) والحلبي(٧) عنه عليه السلام، ورواه عن الباقر عليه السلام زرارة(٨) .

وفي صحيح عبدالرحمن بن الحجاج(٩) عن الصادق عليه السلام إحرام المجاور(١٠) بحجه من الجعرانة بكسر الجيم وكسر العين، وقال(١١) الباقر عليه السلام(١٢) لمن أحرم قبل الميقات: لا يعرض لي بابان كلاهما حلال إلا أخذت باليسير إن الله يحب اليسر ويعطي على اليسر ما لا يعطي على العنف، وفيه تلويح بصحته، ولانه لم يأمره بالاعادة، إلا أنه معارض بنحو رواية ابراهيم الكرخي(١٣)

____________________

(١) لا يوجد لدينا كتابه.

(٢) التهذيب: ب ٤ ضروب الحج ح ١٢٠ ج ٥ ص ٤٠.

(٣) سورة البقرة: الآية ١٩٦.

(٤) وسائل الشيعة: ب ٢ من أبواب أقسام الحج ح ١٣ ج ٨ ص ١٥٦.

(٥) لم نعثر عليه.

(٦) وسائل الشيعة: ب ١٤ من أبواب أقسام الحج ح ١ ج ٨ ص ٢٠٤.

(٧) وسائل الشيعة: ب ١٣ من أبواب أقسام الحج ح ٤ ج ٨ ص ٢٠٣.

(٨) وسائل الشيعة: ب ١٤ من أبواب أقسام الحج ح ٢ ج ٨ ص ٢٠٤.

(٩) وسائل الشيعة: ب ٩ من أبواب أقسام الحج ح ٥ ج ٨ ص ١٩٢.

(١٠) في " ز ": المجاور مكة.

(١١) في " ق " قال.

(١٢) وسائل الشيعة: ب ١١ من أبواب المواقيت ح ٧ ج ٨ ص ٢٣٥.

(١٣) وسائل الشيعة: ب ٩ من أبواب المواقيت ح ٢ ج ٨ ص ٢٣١.

٤٨٤

المتضمنة لعدم الانعقاد، فتحمل الاولى على النذر أو التقية.

وروى عبدالله بن سنان(١) الاحرام للمدني من ستة أميال إذا لم يأت الشجرة، وروي(٢) أن الصادق عليه السلام أخر الاحرام عن الشجرة إلى الجحفة للمرض، وروى أبوشعيب المحاملي(٣) مرسلا تأخير المضطر إلى الحرم.

ولم أقف الآن على رواية بتحريم غير المخيط، إنما نهي(٤) عن القميص والقباء والسراويل، وفي صحيح معاوية(٥) لا تلبس ثوبا تزره ولا تدرعه ولا تلبس سراويل، وتظهر الفائدة في الخياطة في الازار وشبهه.

وروى علي بن أبي حمزة(٦) عن أبي الحسن والكاظم عليه السلام أن الحائض لا تقدم طواف النساء، فإن أبت الرفقة الاقامة عليها استعدت عليهم، والاصح جوازه لها ولكل مضطر، رواه الحسن بن علي(٧) عن أبيه عنه، وفي الرواية الاولى إشارة إلى عدم شرعية استنابة الحائض في الطواف، كما يقوله متأخروا الاصحاب في المذاكرة.

وقد روى الكليني(٨) في الحسن عن الصادق عليه السلام في امرأة حاضت ولم تطف طواف النساء، فقال: لا يقيم عليها جمالها ولا تستطيع أن تتخلف عن أصحابها تمضي وقد تم حجها، وهو لا ينافي إعادة الطواف من قابل، وهو دليل أيضا على عدم استنابتها، ويؤيده أيضا ما رواه عن أبي

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٧ من أبواب المواقيت ح ١ و ٣ ج ٨ ص ٢٣٠.

(٢) وسائل الشيعة: ب ٦ من أبواب المواقيت ح ٤ ج ٨ ص ٢٢٩.

(٣) وسائل الشيعة: ب ١٦ من أبواب المواقيت ح ٣ ج ٨ ص ٢٤١.

(٤) وسائل الشيعة: ب ٤٥ من أبواب تروك الاحرام ح ١ و ٢ ج ٩ ص ١١٥.

(٦) وسائل الشيعة: ب ٦٤ من أبواب الطواف ح ٥ ج ٩ ح ٤٧٤.

(٧) وسائل الشيعة: ب ٦٤ من أبواب الطواف ح ١ ج ٩ ص ٤٧٣.

(٨) وسائل الشيعة: ب ٨٤ من أبواب الطواف ح ١٣ ج ٩ ص ٥٠٠.

٤٨٥

الحسن(١) في امرأة حاضت فخافت أن يفوتها الحج تتحمل بقطنة بماء اللبن فانقطع، وروي(٢) أيضا أنها تدعو لانقطاعه.

وروى اسحاق بن عمار(٣) عن أبي الحسن عليه السلام ما رأيت الناس أخذوا عن الحسن والحسين عليهما السلام إلا الصلاة بعد العصر وبعد الغداة في طواف الفريضة، وروى محمد بن مسلم(٤) عن الباقر عليه السلام في ركعتي طواف الفريضة أكرهه عند اصفرار الشمس عند طلوعها، وروى(٥) غيره أيضا ذلك، ويعارضها رواية ميسر(٦) عن الصادق عليه السلام وغيرها.

ولا يجوز التقدم إلى منى على التروية بأزيد من ثلاثة أيام، قاله المفيد(٧) ، لرواية اسحاق بن عمار(٨) عن أبي الحسن عليه السلام، وروى عبدالرحمن بن الحجاج(٩) عنه عليه السلام أن أباه كان يقول: ذو الحجة كله من أشهر الحج.

وروى السكوني(١٠) بإسناده إلى علي عليه السلام في المحرم والمحل يقتلان صيدا، على المحرم الفداء وعلى المحل نصف الفداء، وروى أبوبصير(١١) عن الصادق عليه السلام في بيضة النعامة شاة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، فإن لم يستطع

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٩٢ من أبواب الطواف ح ١ ج ٩ ص ٥٠٨.

(٢) وسائل الشيعة: ب ٩٣ من أبواب الطواف ح ١ ج ٩ ص ٥٠٨.

(٣) وسائل الشيعة: ب ٧٦ من أبواب الطواف ح ٤ ج ٩ ص ٥٨٧.

(٤) وسائل الشيعة: ب ٧٦ من أبواب الطواف ح ٧ ج ٩ ص ٤٨٨.

(٥) وسائل الشيعة: ب ٧٦ من أبواب الطواف ح ١٢ ج ٩ ص ٤٨٩.

(٦) وسائل الشيعة: ب ٧٦ من أبواب الطواف ح ٦ ج ٩ ص ٤٨٨.

(٧) لم نعثر عليه.

(٨) وسائل الشيعة: ب ٣ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ح ١ ج ١٠ ص ٤.

(٩) وسائل الشيعة: ب ٥١ من أبواب الذبح ح ٤ ج ١٠ ص ١٦٥.

(١٠) وسائل الشيعة: ب ٢١ من أبواب كفارات الصيد ح ١ ج ٩ ص ٢١٢.

(١١) وسائل الشيعة: ب ٢٣ من أبواب كفارات الصيد ح ٣ ج ٩ ص ٢١٥.

٤٨٦

فإطعام عشرة مساكين إذا أصابه وهو محرم، وهو محمول على بيض اشتراه نضيجا أو مكسورا وإلا وجب الارسال، وروى زرارة(١) عن أحدهما عليهما السلام إن قتل الصبي المحرم صيدا فعلى أبيه.

واليوم المشهود يوم عرفة، ويوم الحج الاكبر يوم النحر.

(١٢٢) درس

روى الكليني عن زرارة(٢) أيضا عن أحدهما عليهما السلام أن الجمار ركن يرمين كلهن يوم النحر ثم ترك ذلك، وعن حمران(٣) أن الباقر عليه السلام كان يرميهن جمع يوم النحر.

وعن معاوية بن عمار(٤) عن الصادق عليه السلام المعتمر إذا ساق الهدي يحلق قبل الذبح، وروى(٥) أيضا عنه النحر قبل الحلق، ومثله رواه زرارة(٦) ، وروى معاوية(٧) أيضا أن الحزورة بين الصفا والمروة.

وعن الحلبي(٨) عن الصادق عليه السلام إذا لبى من لا يريد الحج بحج أو عمرة فليس بشئ ولا ينبغي له أن يفعل، وروى البزنطي(٩) مرسلا عن الصادق عليه السلام أعظم الناس وزرا من وقف وسعى وطاف وصلى ثم

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ١٧ من أبواب أقسام الحج ح ٥ ج ٨ ص ٢٠٨.

(٢) وسائل الشيعة: ب ١٦ من أبواب رمي جمرة العقبة ح ٢ ج ١٠ ص ٨٢.

(٣) وسائل الشيعة: ب ١٦ من أبواب رمي جمرة العقبة ح ٣ ج ١٠ ص ٨٢.

(٤) وسائل الشيعة: ب ٣ من أبواب الحلق والتقصير ح ٢ ج ١٠ ص ١٨١.

(٥) وسائل الشيعة: ب ٣ من أبواب الحلق والتقصير ح ١ ج ١٠ ص ١٨١.

(٦) وسائل الشيعة: ب ٣ من أبواب الحلق والتقصير ح ٣ ج ١٠ ص ١٨١.

(٧) وسائل الشيعة: ب ٤ من أبواب الذبح ح ٤ ج ١٠ ص ٩٣.

(٨) وسائل الشيعة: ب ١٧ من أبواب الاحرام ح ٤ ج ٩ ص ٢٥.

(٩) وسائل الشيعة: ب ٣٨ من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح ٨ ج ٨ ص ٦٦.

٤٨٧

ظن أن الله لم يغفر له.

وعن الفضيل بن يسار(١) عن أحدهما عليهما امن حج ثلاث ولاء فهو بمنزلة مدمن الحج وإن لم يحج، وروى عمر بن يزيد(٢) عن الصادق عليه السلام لا يلي الموسم مكي.

والدفن في الحرم أفضل من عرفات ولو مات بها، رواه علي بن سليمان(٣) .

وروى داود الرقي(٤) عن الصادق عليه السلام أنه شكا إليه غريما له خاف توى ماله عليه، فأمره بالطواف عن عبدالمطلب وعبدالله وأبي طالب وآمنة وفاطمة بنت أسد، كل واحد منهم اسبوعا وركعتيه، ثم الدعاء برد ماله، ففعل فإذا غريمه واقف على باب الصفا لايفائه.

وحافظ متاع القوم حتى يطوفوا أعظمهم أجرا عن الصادق عليه السلام(٥) ، (وعنه(٦) العقود عند المريض أفضل من الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله(٧) ، وعنه عليه السلام(٨) من سبق إلى موضع فهو أحق به يومه وليلته، ومن أماط أذى من طريق مكة كتب الله له حسنة ومن كتب له حسنة لم يعذبه(٩) ، ولا يزال العبد في حد الطواف ما دام حلق الرأس عليه(١٠).

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٤٥ من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح ٩ ج ٨ ص ٨٩.

(٢) وسائل الشيعة: ب ٥ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ح ٢ ج ١٠ ص ٧.

(٣) وسائل الشيعة: ب ٤٤ من أبواب مقدمات الطواف ح ٢ ج ٩ ص ٣٨١.

(٤) وسائل الشيعة: ب ٥١ من أبواب الطواف ح ٣ ج ٩ ص ٤٦١.

(٥) وسائل الشيعة: ب ١١ من أبواب الطواف ح ١ ج ٩ ص ٣٩٩.

(٦) وسائل الشيعة: ب ١١ من ابواب الطواف ح ٢ ج ٩ ص ٤٠٠.

(٧) ما بين المعقوفتين أثبتناه من بقية النسخ.

(٨) وسائل الشيعة: ب ٥٦ من أبواب أحكام المساجد ح ١ ج ٣ ص ٥٤٢.

(٩) وسائل الشيعة: ب ٤٧ من أبواب الطواف ح ١ ج ٩ ص ٣٨٥.

(١٠) وسائل الشيعة: ب ١٢ من أبواب الحلق والتقصير ح ١ ج ١٠ ص ١٩١.

٤٨٨

وروى الحسين بن مسلم(١) عن أبي الحسن عليه السلام يوم الاضحى يوم الصوم ويوم عاشوراء يوم الفطر.

وروى الصدوق(٢) عن أبي عبدالله عليه السلام أن الله تبارك وتعالى حول الكعبة عشرين ومائة رحمة، منها ستون للطائفين وأربعون للمصلينوعشرون للناظرين، وروى(٣) أيضا أن من صلى في المسجد الحرام صلاة واحدة قبل الله منه كل صلاة صلاها وكل صلاة يصليها إلى أن يموت.

وإذا رد النائب فاضل الاجرة استحب للمستأجر ترك أخذه، رواه الصدوق(٤) ، وروى(٥) أيضا أن النائب إذا مات قبل الفعل ولا مال له أجزأ عن الميت، وإن كان له عند الله حجة أثبتت لصاحبه، وقال الصادق عليه السلام(٦) لمن حج عن اسماعيل: لك تسع وله واحدة، وحجة الجمال والتاجر والاجير تامة.

ويؤخر الاحرام بالصبي عند البرد إلى العرج، فإن شق فالجحفة، فإن شق فبطن مر، وكان علي بن الحسين عليه السلام(٧) يضع السكين في يد الصبي ويقبض الرجل على يده فيذبح.

ومن أدان وحج قضى دينه، والمؤمن محرم المؤمنة، لقوله تعالى: " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض "(٨) ، واستنابة الرجل عن المرأة أفضل، ويجوز

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ١٠ من أبواب أحكام شهر رمضان ح ٦ ج ٧ ص ٢٠٦.

(٢) الفقيه: باب فضائل الحج ح ١٥٣ ج ٢ ص ٢٠٧.

(٣) الفقيه: باب فضل المساجد ح ٦٨١ ج ١ ص ٢٢٨.

(٤) الفقيه: ح ٦٨ ٢٨ ج ٢ ص ٤٢٢.

(٥) الفقيه: ح ٢٨٧١ ج ٢ ص ٤٢٣.

(٦) وسائل الشيعة: ب ١ من أبواب النيابة في الحج ح ٨ ج ٨ ص ١١٦.

(٧) وسائل الشيعة: ب ٣٦ من أبواب الذبح ح ٢ ج ١٠ ص ١٣٧.

(٨) سورة التوبة: الآية ٧١.

٤٨٩

للوصي في الاستئجار للحج مباشرته، ولو شك الوارث في حج المورث حج عنه، إذا علم أنه قد وجب عليه واستقر، ويجوز ن يتمتع عن واحد ويحج عن آخر، وأفتى به الجعفي(١) ، ولو أحرم في شهر وأحل في آخر كتب له أفضلهما، ويجوز تشريك الغير في الحج ندبا ولو بعد فراغه.

(١٢٣) درس

من كلام ابن الجنيد قال(٢) : روى ابن عباس(٣) أن النبي صلى الله عليه وآله قال: إذا حج الاعرابي ثم هاجر فعليه اخرى، ولعله على الندب.

وجعل عسفان ميقاتا لمن دخل مفردا للعمرة إذا أراد أن يتمتع بعمرة، وخير بينه وبين ذات عرق، وجعل ميقات أهل مكة لحجهم الجعرانة. واستحب أن يكون في أول ذي الحجة، وكذا المجاور ما لم يتجاوز المكي الحرم فلا عمرة عليه لدخوله. ولا يجزئ الاحرام بغير صلاة إلا للحائض. وفائدة الاشتراط إباحة تأخير قضاء النسك، ولولاه لوجب المبادرة في أول أوقات الامكان. والاحتياط لمن أراد التمتع أن ينوي المتعة ويهل بالحج. وليكثر من لبيك ذا المعارج، لان فيها إثبات فضيلة رسول الله صلى الله عليه وآله في الاسراء. ولا بأس بالمراوحة بين الاثواب إذا كان قد أخرج جميعها عند الميقات. ولو وطئ بعير الراكب ليلا شيئا في وكره بغير عمد فلا جزاء عليه، مع أنه قال: لا فرق بين العامد وغيره، ويمكن إخراج هذا للحرج كما لو ملاء الجراد الطرق.

____________________

(١) و(٢) لا يوجد لدينا كتابه.

(٣) سنن البيهقي: باب إثبات فرض الحج ٤ ص ٣٢٥.

٤٩٠

وقال: لو علم أن النعامة ذات فراخ أهدى بدنة ذات جنين ونحرهما جميعا، وفي أكل الجراد عمدا دم ومعناه إذا كان على الرفض لاحرامه، وقال: لو اجتمعت في الصيد الواحد أفعال يوجب كل منها الجزاء بانفراده لم تتداخل، كما لو أشار إلى صيد حتى صيد، ثم أعان عليه حتى ذبح، ثم أكل منه، ثم أطعم.

ومن نفر طيور الحرم كان عليه لكل طائر ربع قيمته، ولم يذكر العود ولا عدمه، وإذا أحرم وفي ملكه صيد خلاه خارج الحرم، فإن أدخله وجب تخليته إن كان ممتنعا، وإلا حفظه حتى يمتنع.

قال: ولا يستحب أن يحرم وفي يده صيد ولا لحم صيد، وقيد في الميتة المقدمة على الصيد للقادر على الفداء بأن يكون مباحا أكلها بالذكاة وألا أكل الصيد.

وقال: لا يصلي إذا دخل المسجد تطوعا حتى يطوف ويصلي له ويسعى، ولو طاف في ما ليس له لبسه في إحرامه افتدى عن كل ثوب بدم، وهو مخالف للمشهور، وجعل استئناف طواف الفريضة عند قطعه أحوط، وجوز البناء ولكن يبتدئ بالحجر، وكذلك الساعي يبتدئ بالصفا أو بالمروة لو قطعه في أثناء الشوط، ولو ابتدأ بالسعي قبل الطواف أعاده بعده، فإن فاته ذلك قدم، والمشهور وجوب الاعادة مطلقا.

ولا يحل الطيب بالحلق لمكي أخر إحرامه إلى يوم التروية، وعلى الامام أن يمضي للطوافين والسعي من منى ليومه، ويعود حتى يصلي بالناس الظهر بمنى، ولا يؤخر المتمتع الزيارة عن يوم النحر، وكذا من بحكمه، وهو المكي الذي أخر إحرامه إلى يوم التروية.

قال: وروي عن أبي جعفر عليه السلام(١) الاتمام في الثلاثة الايام بمنى

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٢٧ من أبواب صلاة المسافر ح ٣ ج ٥ ص ٥٥٤.

٤٩١

للحاج، وأرى ذلك إذا نوى مقام خمسة أيام أولها أيام منى، وهو شاذ.

ومن تعذر حمله إلى الجمرة يرمي بالحصى في يد غيره مكبرا مع كل حصاة، ويفصل بين كل سبع منها بدعاء، ثم يأمر الغير بالرمي.

ومن نفر في الاول لم يقرب الصيد حتى يمضي اليوم الثالث.

ويحرم إجارة بيوت مكة فيدفع الحاج الاجرة عن حفظ رحله.

وتجب الاضحية على البالغ مرة واحدة والاستحباب في كل سنة، ويجوز التبرع بها عن الغير، ويستحب كون الاضحية من غالب قوت بلد الضحية، فإن اشترك فمن أعلاها، ويجوز أن يشرك فيها من يشاء من أهله وغيره حاضرا أو غائبا، إلا من لا يجوز توليه في الدين أو من يريد أن لا يهدي نصيبه منه.

ويكره التعرض للصوف والشعر واللبن من الاضحية الواجبة، ولا بأس به في التطوع، ولا يذبح أمام المصر إلا في المصلى بعد خطبته، وروت أم سلمة(١) أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إذا أهل هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره ولا بشره.

والفرعة والعتيرة والبحيرة والسائبة والوصيلة والحامي التي كانت الجاهلية توجبها في مواسمها منسوخة بالهدي والاضحية والعقيقة، ويفهم من هذا أنها كانت مشروعة والقرآن ينفيه، إلا أن يعني بالنسخ الرفع المطلق.

(١٢٤) درس

منع ابن ادريس(٢) من الاحرام عمن زال عقله، لسقوط الحج عنه، وجوز ذلك عنه من الولي جماعة، وهو المعتمد، ولا يلزم من سقوط التكليف عنه عدم

____________________

(١) سنن ابن ماجة: باب ١١ من كتاب الاضاحي ح ٣١٤٩ ج ٢ ص ١٠٥٢.

(٢) السرائر: ج ١ ص ٦٢٠.

٤٩٢

الاعتداد به، كإحرام الصبي المميز والاحرام بغير المميز، وتظهر الفائدة لو زال المانع قبل الوقوف.

وقال: لا يكره الاحرام في الكتان وإن كره التكفين فيه.

ولو قتل الطير الاهلي غرم لصاحبه قيمته السوقية، وتصدق بقيمته الشرعية على المساكين، ويشكل إذا كان في الحل، نعم لو كان في الحرم كالقماري وقال بملكه أمكن ما قاله، وكذا إذا أراد بالقيمة الفداء.

وفي فرخ النعامة إبل في سنه، ونقل عن بعض الاصحاب أن في الفرخ إذا تحرك في بيضة الحمامة شاة.

وقال سلار(١) في الوداع: من السنة المتأكدة صلاة ركعتين فما زاد بإزاء كل ركن، آخرها الركن الذي فيه الحجر، وعد(٢) من موجبات الدم الاحرام بالعمرة في رجب ثم المقام بمكة حتى يحرم(٣) منها للرواية(٤) السالفة، ومنع المستحاضة من دخول الكعبة(٥) .

ومن فتاوى الجعفي(٦) يجوز للمدني تأخير الاحرام إلى الجحفة، ويجوز لمريد الاحرام التطيب بما ليس فيه مسك ولا عنبر، وهما ضعيفان، ولا يلبس ثوبا مخيطا يتدرعه.

ولو عجز عن بدنة النعامة أطعم ثلاثين مسكينا، فإن عجز صام ثمانية عشر يوما، وفي بقرة البقرة يعجز عنها الصدقة على ثمانية عشر مسكينا، فإن عجز صام تسعة أيام، وفي شاة الظبي يعجز عنها الصدقة على عشرة مساكين، فإن عجز صام ثلاثة أيام، وفي شاة الثعلب والارنب يعجز عنها صيام ثلاثة أيام، وكلها متروكة.

وفي اليحمور والايل ونحوهما ما في حمار الوحش وهي بقرة، ولم يذكره الاصحاب، ومن نتف ريش طير في الحرم تصدق على مسكين باليد الناتفة،

____________________

(١) المراسم: ص ١١٧.

(٢) المراسم: ص ١٢٠ ١٢١.

(٣) في " ز ": يحرم بالحج.

(٤) وسائل الشيعة: ب ١٨ من ابواب العود إلى منى ح ٣ ج ١٠ ص ٢٣١.

(٥) المراسم: ص ١٢٣.

(٦) لايوجد لدينا كتابه.

٤٩٣

وعليه أن يمسكه ويعلفه حتى ينبت، وفي بغاث الطير مد، وفي العصفور(١) والقبرة والفاختة والحجلة واليعفور جدي، وهو شاذ.

وقال: لو عجز عن الارسال في بيض الحمام والطير ففي كل بيضة شاة، ثم إطعام عشرة مساكين، ثم صيام ثلاثة أيام، وجوز الظلال للصبيان، وجعل المشي أفضل من الركوب، والحفا أفضل من الانتعال، ويجعل بينه وبين جمرة العقبة عشرين ذراعا.

وقال أبوالصلاح الحلبي(٢) : ميقات المجاور ميقات بلده، ويجوز له الاحرام من الجعرانة، وإن ضاق الوقت فمن خارج الحرم، وميقات المعتمر ميقات أهله، فإن اعتمر من مكة فخارج الحرم، وميقات أهله أفضل، ومن منزله بين الميقات ومكة إحرامه من الميقات أفضل، وأهل مكة مخيرون بين سائر المواقيت، وأوجب في قتل الزنابير صاعا، وفي قتل الكثير دم شاة.

وقال المفيد رحمه الله(٣) : في الزنبور تمرة، فإن قتل كثيرا منها تصدق بمد من طعام أو مد من تمر، وقال(٤) : يكره للمحرم أن يأكل من يد امرأته أو أمته شيئا تلقمه إياه، ويسقط المشي عن ناذره بعد طواف النساء، وروى المفيد(٥) عن الصادق عليه السلام سقوطه إذا رمى جمرة العقبة.

ومن فروع المبسوط(٦) : يكره للمحرم لبس الثياب المعلمة بالابريسم وخطبة النساء، ولو وطئ العاقد محرما لزمه المسمى إن سمى وإلا فمهر المثل، والاقرب مهر المثل وإن سمى، ولا تبطل الاجارة المطلقة بالتأخير، وليس

____________________

(١) في " ز ": الصعوة.

(٢) الكافي في الفقه: ص ٢٠٢.

(٣) المقنعة: ص ٤٣٨.

(٤) المقنعة: ص ٤٣٤.

(٥) المقنعة: ص ٤٤٩.

(٦) المبسوط: ج ١ ص ٣٢٠.

٤٩٤

للمستأجر فسخها، وقد مر ثبوت الخيار.

ويدخل أغنياء الحاج في الوصية للحاج، وإن كان الفقراء أفضل، ولو قال: من حج عني فله عبد أو دينار أو درهم فحج تخير الجاعل في دفع واحد منها، ويحتمل أجرة المثل للجهالة.

وقال: في الزنبور تمرة، فإن قتل كثيرا منها تصدق بمد من طعام أو مد من تمر، وقال: يحرم الدبا كالجراد، ويشكل بعدم تحليله، ويحرم البيض الذي يكسره المحرم، والاقرب حله.

وفي الخلاف(١) : لا يحرم صيد وج وهو مكان بالطائف ولا يكره للاصل، وهو بالواو والجيم المشددة.

(١٢٥) درس

ينبغي للامام الاعظم إذا لم يشهد الموسم نصب امام عليه في كل عام، كما فعل النبي صلى الله عليه وآله(٢) من تولية علي عليه السلام سنة تسع على الموسم وأمره بقراء‌ة براء‌ة، وكان قد ولى غيره فعزله عن أمر الله تعالى، وولي علي عليه السلام على الحج أيام ولايته الظاهرة.

وروى ابن بابويه(٣) عن العمري أن المهدي عليه السلام يحضر الموسم في كل سنة، يرى الناس ويرونه ويعرفهم ولا يعرفونه.

ويشترط في الوالي العدالة والفقه في الحج، وينبغي أن يكون شجاعا مطاعا ذا رأي وهداية وكفاية.

وعليه في مسيره أمور خمسة عشر: جمع الناس في سيرهم ونزولهم حذرا من المتلصصة، وترتيبهم في السير والنزول، وإعطاء كل طائفة معتادا في السير

____________________

(١) الخلاف: ج ١ ص ٤٤٢.

(٢) وسائل الشيعة: ب ٥٣ من أبواب الطواف ح ١ ج ٩ ص ٤٦٣.

(٣) كمال الدين: باب من شاهد القائم (ع) ح ٨ ج ٢ ص ٤٤٠.

٤٩٥

وموضعا من النزول، ليهتدي ضالهم إليهم، وأن يرتاد لهم المياه والمراعي، وأن يسلك بهم أوضح الطرق وأخصبها وأسهلها مع الاختيار.

وأن يحرسهم في سيرهم(١) ونزولهم، ويكف عنهم من يصدهم عن المسير ببذل مال أو قتال مع إمكانه، ولو احتاج إلى خفارة بذل لها أجرة، فإن كان هناك بيت مال أو تبرع به الامام أو غيره فلا بحث، وإن طلب من الحجيج فقد مر حكمه، وأن يرفق بهم في السير على سير أضعفهم، وأن يحمل المنقطع منهم من بيت المال أو من الوقف على الحاج إن كان، وإلا فهو من فروض الكفاية.

وأن يراعي في خروجه الاوقات المعتادة، فلا يتقدم بحيث يؤدي إلى فناء الزاد، ولا يتأخر فيؤدي إلى النصب أو فوات الحج، وأن يؤدب الجناة حدا أو تعزيرا إذا فوض إليه ذلك، وأن يحكم بينهم إن كان أهلا، وإلا رفعهم إلى الاهل.

وأن يمهلهم عند الوصول إلى الميقات ريثما يتهيؤا له بفروضه وسننه، ويمهلهم بعد النفر لقضاء حوائجهم من المناسك المتخلفة وغيرها، وأن يقيم على الحائض والنفساء كي ما تطهرا، روي(٢) نصا، وأن يسير بهم إلى زيارة النبي والائمة عليهم السلام، ويمهلهم بالمدينة بقدر أداء مناسك الزيارات والتوديع وقضاء حاجاتهم.

وعليه في إمامة المناسك أمور: الاعلام بوقت الاحرام ومكانه وكيفيته، وكذا في كل فعل ومنسك، والخطب الاربع تتضمن أكثر ذلك، ولتكن الاولى بعد صلاة الظهر من اليوم السابع من ذي الحجة وبعد إحرامه لمكان تقدمه إلى منى، والثانية يوم عرفة قبل صلاة الظهر، والثالثة يوم النحر، والرابعة في النفر الاول.

____________________

(١) في " ز " مسيرهم.

(٢) وسائل الشيعة: ب ٣٦ من أبواب آداب السفر إلى الحج ح ١ ج ٨ ص ٣٠٥.

٤٩٦

وكلها مفردة إلا خطبة عرفة فإنها اثنتان، يعرفهم في الاولى كيفية الوقوف وآدابه ووقت الافاضة ومبيت المزدلفة ووقت الافاضة منها، ويحضهم على الدعاء والاذكار، ثم يجلس جلسة خفيفة كالاولى، ويقوم إلى الثانية فيأتي بها مخففة، بحيث يفرغ منها بفراغ المؤذن من الاذان والاقامة، وصرح الشيخ في الخلاف(١) بأن الخطبة قبل الاذان، قال ابن الجنيد(٢) : وروي عن الصادق عليه السلام(٣) أن النبي صلى الله عليه وآله خطب بعرفة بعد الصلاة، وأنه خطب الرابعة في غد يوم النحر.

وتقدمه في الخروج إلى منى ليصلي بها الظهرين، وتخلفه فيها حتى تطلع الشمس، وكذا يتخلف بجمع حتى تطلع ولا يلبث بعد طلوعها، وتقدمه يوم النحر في الافاضة إلى مكة، ثم يعود ليومه ليصلي الظهرين بالحجيج في منى، وتأخره بمنى إلى النفر الثاني، ثم يتقدم الصلاة الظهرين بمكة، وأمر أهل مكة بالتشبه بالمحرمين أيام الموسم، وإمامة الحجيج في الصلوات وخصوصا الصلوات التي معها الخطب.

وعلى الناس طاعته فيما يأمر به، ويستحب لهم التأمين على دعائه، ويكره التقدم بين يديه فيما ينبغي التأخر عنه وبالعكس، ولو نهى حرم.

وعليه الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وخصوصا فيما يتعلق بالمناسك والكفارات، ولو كان الحكم مختلفا فيه بين علماء الشيعة فليس لهم أن يأمرهم باتباع مذهبه إذا لم يكن الامام الاعظم أو من أخذ عنه، إلا أن يكون الخطأ ظاهرا فيه لندور القول، فله رد معتقده.

ويجوز أن يتولى الامام الواحد وظائف السفر وتأدية المناسك وأن يفوضا

____________________

(١) الخلاف: ج ١ ص ٤٠٧.

(٢) لم نعثر عليه.

(٣) لا يوجد لدينا كتابه.

٤٩٧

إلى إمامين، ولو كان إمام التأدية والتعليم حلالا جاز، والظاهر أنه مكروه لما فيه من تغيير سنة السلف، ولو أمر الامام مناديا أن ينادي أيام منى كما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله(١) بديل بن ورقا ألا لا تصوموا فإنها أيام أكل وشرب وبعال كان حسنا.

(١٢٦) درس

لنختم كتاب الحج بأخبار اثني عشر: الاول: روى البزنطي(٢) عن ثعلبة عن ميسر، قال: كنا عند أبي جعفر عليه السلام في الفسطاط نحوا من خمسين رجلا، فقال لنا: أتدرون أي البقاع أفضل عند الله منزلة؟ فلم يتكلم أحد، فكان هو الراد على نفسه، فقال: تلك مكة الحرام التي رضيها الله لنفسه حرما وجعل بيته فيها.

ثم قال: أتدرون أي بقعة في مكة أفضل حرمة؟ فلم يتكلم أحد، فكان هو الراد على نفسه، فقال: ذلك المسجد الحرام.

ثم قال: أتدرون أي بقعة في المسجد أعظم عند الله حرمة؟ فلم يتكلم أحد، فكان هو الراد على نفسه، فقال: ذلك بين الركن الاسود إلى باب الكعبة، ذلك حطيم اسماعيل عليه السلام الذي كان يذود فيه غنيمته ويصلي فيه. فوالله لو أن عبدا صف قدميه في ذلك المكان، قائما الليل مصليا حتى يجنه النهار، وقائما النهار حتى يجنه الليل، ولم يعرف حقنا وحرمتنا أهل البيت، لم يقبل الله منه شيئا أبدا.

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٥١ من أبواب الذبح ح ٨ ج ١٠ ص ١٦٦.

(٢) ثواب الاعمال: ح ٣ ص ٢٤٤ مع بعض الاختلاف في سنده.

٤٩٨

إن أبانا إبراهيم عليه السلام وعلى محمد وآله كان مما اشترط على ربه أن قال: رب اجعل افئدة من الناس تهوي إليهم، أما أنه لم يعن الناس كلهم، فأنتم أولئك رحمكم الله ونظراؤكم، وإنما مثلكم في الناس مثل الشعرة السوداء في الثور الانور.

الثاني: ما رواه الصدوق(١) بإسناده إلى أبي حمزة الثمالي، قال: قال لنا علي بن الحسين عليه السلام: أي البقاع أفضل؟ فقلت: الله ورسوله وابن رسوله أعلم، فقال: أفضل البقاع ما بين الركن والمقام، ولو أن رجلا عمر ما عمر نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، يصوم النهار ويقوم الليل في ذلك المكان، ثم لقي الله عزوجل بغير ولايتنا، لم ينفعه ذلك شيئا.

الثالث: ما رواه سعيد الاعرج(٢) عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: أحب الارض إلى الله عزوجل مكة، وما تربة أحب إلى الله من تربتها، ولا حجر أحب إليه(٣) من حجرها، ولا شجر أحب إليه(٤) من شجرها، ولا جبال أحب إليه(٥) من جبالها، ولا ماء أحب إليه(٦) من مائها.

الرابع: ما رواه الصدوق(٧) عن الباقر عليه السلام، قال: أتى آدم هذا البيت ألف أتية على قدميه، منها سبعمائة حجة وثلثمائة عمرة، وكان يأتيه من ناحية الشام على ثور.

الخامس: عن الصادق عليه السلام(٨) من أم هذا البيت حاجا أو معتمرا تبرء من الكبر، رجع من ذنوبه كهيئة(٩) يوم ولدته امه، والكبر أن يجهل الحق

____________________

(١) من لا يحضره الفقيه: ح ٢٣١٣ ج ٢ ص ٢٤٥.

(٢) وسائل الشيعة: ب ١٩ من أبواب مقدمات الطواف ح ١ ج ٩ ص ٣٤٩.

(٣) و(٤) و(٥) و(٦) في " م " و " ق ": إلى الله.

(٧) من لا يحضره الفقيه: ح ٢٢٧٤ ج ٢ ص ٢٢٩.

(٨) وسائل الشيعة: ب ٣٨ من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح ١ ج ٨ ص ٦٤ وفيه مبرء‌ا.

(٩) في " ز ": كهيئته.

٤٩٩

ويطعن على أهله.

السادس: قال الصادق عليه السلام(١) : من نظر إلى الكعبة، فعرف من حقنا وحرمتنا مثل الذي عرف من حقها وحرمتها، غفر الله له ذنوبه وكفاه هم الدنيا والآخرة، وروي(٢) من نظر إلى الكعبة لم يزل يكتب له حسنة ويمحى عنه سيئة حتى يصرف بصره عنها.

السابع: قال الباقر عليه السلام(٣) : ما يقف أحد على تلك الجبال بر ولا فاجر إلا استجاب الله له، فأما البر فيستجاب له في آخرته ودنياه، وأما الفاجر فيستجاب له في دنياه، وما من رجل وقف بعرفة من أهل بيت من المؤمنين إلا غفر الله لاهل ذلك البيت من المؤمنين، وما من رجل من أهل كورة وقف بعرفة من المؤمنين إلا غفر الله لاهل تلك الكورة من المؤمنين.

الثامن: عن الصادق عليه السلام(٤) للذي يحج عن الرجل أجر وثواب عشر حجج، ويغفر له ولابيه ولامه ولابنه ولابنته ولاخيه ولاخته ولعمه وعمته ولخاله وخالته.

التاسع: قال الصادق عليه السلام(٥) : من أنفق درهما في الحج كان خيرا له من مائة ألف درهم ينفقها في حق، قال ابن بابويه(٦) : وري أن درهما في الحج أفضل من ألفي ألف درهم في ما سواه في سبيل الله، وأن درهما يصل إلى الامام مثل ألف ألف في الحج(٧) .

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٢٩ من أبواب مقدمات الطواف ح ٥ ج ٩ ص ٣٦٤.

(٢) وسائل الشيعة: ب ٢٩ من أبواب مقدمات الطواف ح ٦ ج ٩ ص ٣٦٤.

(٣) وسائل الشيعة: ب ٦٢ من أبواب النيابة في الحج ح ٢ ج ٨ ص ١١٤.

(٤) وسائل الشيعة: ب ١ من أبواب النيابة في الحج ح ٢ ج ٨ ص ١١٦.

(٥) وسائل الشيعة: ب ٤٢ من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح ١٠ ج ٨ ص ٨٢.

(٦) من لا يحضره الفقيه: ح ٢٢٤٩ ج ٢ ص ٢٢٥.

(٧) في باقي النسخ: مثل ألف ألف في حج.

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585