موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٤

موسوعة الأسئلة العقائديّة10%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-04-1
الصفحات: 585

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 585 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 265694 / تحميل: 7504
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٤

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٤-١
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

أقول : تخيّلوا معي ، لو أنّ المسلمين اليوم تسابقوا مع زوجاتهم ، تأسّياً بما رواه أئمّتهم عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الذي بعث ليتمم مكارم الأخلاق؟ أين آداب الطريق يا رسول الله؟ أين هي الغيرة؟ وهل من الخُلق العظيم أن يتسابق الرجل مع زوجته؟ وهل يبقى لرسول الله ولأُمّ المؤمنين عائشة هيبة إذا رآهما أحد؟!

وعن أبي سلمة قال : دخلت أنا وأخو عائشة على عائشة ، فسألها أخوها عن غسل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فدعت بإناء نحو من صاع فاغتسلت ، وافاضت على رأسها ، وبيننا وبينها حجاب(١) .

سؤال : هل يعقل أن يصدر هذا الفعل من امرأة ، يفترض أن تكون عنواناً للعفّة والأخلاق ، وقدوة حسنة للمؤمنات ، بحكم كونها أُمّهم؟! فماذا ترون يا سادة يا كرام ، فيمن يرمي نبيّكم بهذا الكلام؟

( غانم النصار ـ الكويت ـ )

حكمها في الدنيا الإسلام :

س : هل يقول كبار علماء الشيعة بأنّ عائشة كافرة؟ جزاكم الله خيراً.

ج : إنّ حكمها في هذه الدنيا الإسلام ، وكونها مسلمة ، وما ارتكبته من مخالفات لله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإنّ هذا متعلّق بيوم القيامة.

( جعفر صادق ـ البحرين ـ )

خلاصة حرب الجمل :

س : ما هي خلاصة حرب الجمل؟

ج : بعد مقتل عثمان بن عفّان ، بايع الناس الإمام أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، ومن بين المبايعين طلحة بن عبيد الله ، والزبير بن العوام ، وطلباً منهعليه‌السلام أن يولّيهما بعض ولاياته ، ولكن الإمامعليه‌السلام قال لهما : «واعلما إنّي لا أشرك في

____________

١ ـ صحيح البخاري ١ / ٦٨.

٢٤١

أمانتي إلاّ من أرضى بدينه وأمانته من أصحابي ، ومن عرفت دخيلته »(١) ، فداخلهما اليأس من المنصب ، فاستأذناه للعمرة ، وخرجا من المدينة إلى مكّة ناكثين بيعة أمير المؤمنينعليه‌السلام .

ولمّا وصلا إلى مكّة دخلا على عائشة ، وأخذا يحرّضانها على الخروج ، فخرجت عائشة معهما على جمل ـ مطالبة بدم عثمان ـ قاصدين الشام ، فصادفهم في إثناء الطريق عبد الله بن عامر ـ عامل عثمان على البصرة ـ قد صرفه أمير المؤمنينعليه‌السلام بحارثة بن قدامة السعدي ، فرجّح لهم البصرة ، لما فيها من كثرة الضيع والعدّة ، فتوجّهوا نحوها ، فمانع عنها عثمان بن حنيف ، والخزّان والموكلون ، فوقع بينهم القتال ، ثمّ اسروا عثمان وضربوه ونتفوا لحيته.

ولمّا سمع أمير المؤمنينعليه‌السلام بوصولهم ، جهّز جيشاً وخرج إلى البصرة ، ولمّا وصلها بعث إليهم يناشدهم ، فأبوا إلاّ الحرب لقتاله.

ثمّ أخذ الإمامعليه‌السلام يناشد طلحة والزبير فلم تنفع معهما ، عند ذلك نشبت الحرب بينهما ، وأسفرت عن قتل ستة عشر ألف وسبعمائة وسبعون رجلاً من أصحاب الجمل ، وأربعة آلاف رجلاً من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وانكسار جيش أصحاب الجمل.

ثمّ إنّ الإمامعليه‌السلام أمر محمّد بن أبي بكر ، أن ينزل عائشة في دار آمنة بنت الحارث ، ثمّ أمر بإرجاعها إلى المدينة ، ورجع هوعليه‌السلام إلى الكوفة.

هذا ، ومع العلم بأنّ أكثر المؤرّخين ذكروا : أنّ عائشة كانت من أوائل المحرّضين على قتل عثمان ، وعباراتها مشهورة ومعروفة : « اقتلوا نعثلاً لعن الله نعثلاً فقد كفر» !!(٢) .

____________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ٢٣١.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ٢١٥ و ٢٠ / ١٧ ، تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٤٧٧ ، الإمامة والسياسة ١ / ٧٢.

٢٤٢

( أبو الزين ـ الأردن ـ )

تفسير القمّي في قوله تعالى :( فَخَانَتَاهُمَا )

س : أيّها الأحبّة ، جاء في تفسير القمّي في قوله تعالى :( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً فَخَانَتَاهُمَا ) (١) : « والله ما عنى بقوله :( فَخَانَتَاهُمَا ) إلاّ الفاحشة ، وليقيمن الحدّ على فلانة فيما أتت في طريق ، وكان فلان يحبّها ، فلمّا أرادت أن تخرج إلى »(٢) .

فكيف بعد ذلك تنفون الموضوع بشدّة وتقولون : الشيعة قاطبة على القول بأنّ الآية نازلة في حقّ مارية ، مع أنّ طائفة قليلة من علمائهم فقط أشارت لذلك.

ثمّ أودّ أن أسألكم : هل أنّ زوجات الأنبياء متّفق عند الإمامية على منع وقوع الفاحشة منهن شرعاً تكريماً للنبي؟ أم أنّ في المسألة خلاف؟ وشكراً.

ج : بالنسبة للرواية المنقولة من تفسير القمّي فيلاحظ :

أوّلاً : إنّ الأدلّة العقلية والنقلية ـ ومنها إجماع الإمامية ـ قائمة على تنزيه زوجات الأنبياءعليهم‌السلام من الفواحش ، احترازاً من مسّ حياة الأنبياءعليهم‌السلام بالدنس ، وعليه فما يوهم أن يكون خلاف ذلك فهو مردود أساساً.

ثانياً : لا يوجد هناك تفسير شيعي يشير إلى أنّ الآية المذكورة قد نزلت في حقّ مارية ، وأغلب الظنّ أنّ الذين أسندوا هذا القول للشيعة خلطوا بين هذه الآية وبين شأن نزول الآيات الأوّل من السورة ، التي وردت روايات كثيرة بأنّها نزلت في حقّ مارية ، عندما أفشى بعض زوجات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله سرّها.

ثالثاً : إنّ الرواية المذكورة ليست تامّة السند ، فللبحث السندي فيها مجال ، فمثلاً : أنّ الروايات الموجودة في نفس الصفحة كُلّها مسندة إلى المعصومعليه‌السلام ، ولكن هذه الرواية بظاهرها هي مقول قول علي بن إبراهيم ، ولم يسندها إلى الإمامعليه‌السلام .

____________

١ ـ التحريم : ١٠.

٢ ـ تفسير القمّي ٢ / ٣٧٧.

٢٤٣

مضافاً إلى أنّ إسناد تفسير القمّي ليست كُلّها معتبرة ، ففيها الصحيح وفيها غيره ، فلابدّ من ملاحظة السند في كُلّ مورد ، وهو كما ترى في المقام.

رابعاً : إنّ الرواية لم تصرّح باسم الشخص ، ولا يمكننا الجزم بنية القائل في استعمال فلان وفلانة ، وتمييزهما دعوى بدون دليل.

خامساً : من المسلّم القطعي بإجماع المسلمين ، حرمة نكاح زوجات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بصراحة :( وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) (١) ، فكيف يحتمل مخالفة هذا الحكم القطعي بمرأى ومسمع من المسلمين؟!

وبالجملة : فالاستدلال المذكور مفنّد من أساسه عقلاً ونقلاً.

( أبو توفيق ـ السعودية ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

القمّي والبرسي والمجلسي واتهامهم لها بالفاحشة :

س : أمّا بعد ، هل قال أحد من علماء الإمامية : بأنّ عائشة قد زنت؟ علماً بأنّ عثمان الخميس في مناظرته على قناة المستقلّة ذكر : أنّ القمّي والمجلسي ورجب البرسي قد ذكروا هذا الفعل من عائشة ، ولم يرد السيّد محمّد الموسوي كلامه.

أفيدونا جزاكم الله خيراً.

ج : إنّ الأدلّة العقلية والنقلية ـ ومنها إجماع الإمامية ـ قائمة على تنزيه زوجات الأنبياءعليهم‌السلام من الفاحشة ـ أي الزنا ـ ، احترازاً من مسّ حياة الأنبياءعليهم‌السلام بالدنس ، وعليه فما يوهم أن يكون خلاف ذلك فهو مردود أساساً.

وعليه فما ادّعاه عثمان الخميس ـ من أنّ المجلسي والقمّي والبرسي ذكروا في كتبهم زنا عائشة ـ فهو كذب وافتراء عليهم ، ولا صحّة له من الواقع ، فهذه كتبهم ومؤلّفاتهم مطبوعة ، وفي متناول أيدي الناس.

____________

١ ـ الأحزاب : ٦.

٢٤٤

نعم ، قال القمّي عند تفسير قوله تعالى :( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا ) (١) ما نصّه : « والله ما عنى بقوله فخانتاهما إلاّ الفاحشة ، وليقيمن الحدّ على فلانة فيما أتت في طريق ، وكان فلان يحبّها ، فلمّا أرادت أن تخرج إلى قال لها فلان : لا يحلّ لك أن تخرجي من غير محرم ، فزوّجت نفسها من فلان »(٢) .

وقد نقل العلاّمة المجلسي هذا عن القمّي وقال عنه ما نصّه : « فيه شناعة شديدة ، وغرابة عجيبة ، نستبعد صدور مثله عن شيخنا علي بن إبراهيم ، بل نظنّ قريباً أنّه من زيادات غيره ، لأنّ التفسير الموجود ليس بتمامه منهقدس‌سره ، بل فيه زيادات كثيرة من غيره ، فعلى أيّ هذه مقالة يخالفها المسلمون بأجمعهم ـ من الخاصّة والعامّة ـ وكُلّهم يقرّون بقداسة أذيال أزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ممّا ذكر ، نعم بعضهم يعتقدون عصيان بعضهنّ لمخالفتها أمير المؤمنين عليعليه‌السلام »(٣) .

وجاء في البحار بعد نقله قول القمّي ما نصّه :

« بيان : المراد بفلان طلحة ، وهذا إن كان رواية فهي شاذة مخالفة لبعض الأُصول ، وإن كان قد يبدو من طلحة ما يدلّ على أنّه كان في ضميره الخبيث مثل ذلك ، لكن وقوع أمثال ذلك بعيد عقلاً ونقلاً وعرفاً وعادةً ، وترك التعرّض لأمثاله أولى »(٤) .

ومن هذا يتّضح أنّ العلاّمة المجلسي مجرد ناقل قول القمّي ، ورادّ عليه ، فكيف يتّهمه الخميس بأنّه قائل بذلك.

وأمّا الحافظ البرسي ، فعلى فرض أنّه نقل شيئاً من ذلك ، فعلماؤنا لا يأخذون بما تفرّد بنقله.

____________

١ ـ التحريم : ١٠.

٢ ـ تفسير القمّي ٢ / ٣٧٧.

٣ ـ بحار الأنوار ٢٢ / ٢٤٠.

٤ ـ المصدر السابق ٣٢ / ١٠٧.

٢٤٥

وقال العلاّمة المجلسي حول كتب البرسي : « ولا اعتمد على ما يتفرّد بنقله ، لاشتمال كتابيه على ما يوهم الخبط والخلط والارتفاع »(١) .

( المنصور ـ البحرين ـ )

زواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله منها كان بأمر الله :

س : هل زواج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله من عائشة بأمر من الله تعالى؟

ج : إنّ زواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من عائشة كان بأمر من الله تعالى ، ومن ضمن الأهداف التي تحصّلت من هذا الزواج وغيره ارتباط النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بجميع قبائل العرب ، فهناك حكمة إلهية وتدبير منه تعالى ، وتمييز من يطيعه عمّن يعصيه ، ولا ينفعها ذلك إن كانت خانت الله والرسول ، بخروجها على إمام زمانها

قال تعالى :( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) (٢) .

( ألياس ـ السعودية ـ ٢٤ سنة ـ طالب جامعة )

موقفها من دفن الحسن :

س : هل توجد أدلّة في كتب التاريخ عن ما جرى في دفن الإمام الحسن المجتبى عليه‌السلام ، من منع دخول الإمام الحسين عليه‌السلام بجثمان أخيه من قبل عائشة وقولها : أتدخلون بيتي من لا أحبّ؟

ج : نعم ، ذكرت كتب التاريخ والسير موقف عائشة من دفن الإمام الحسنعليه‌السلام ، وإليك بعضها :

____________

١ ـ المصدر السابق ١ / ١٠.

٢ ـ التحريم : ١٠.

٢٤٦

١ ـ روى الشيخ الكلينيقدس‌سره بسنده عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول : « لمّا احتضر الحسن بن عليعليهما‌السلام قال للحسين : يا أخي إنّي أُوصيك بوصية فاحفظها ، فإذا أنا متّ فهيّئني ، ثمّ وجّهني إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأحدث به عهداً ، ثمّ اصرفني إلى أُمّي فاطمةعليها‌السلام ، ثمّ ردّني فادفنّي بالبقيع.

واعلم أنّه سيصيبني من الحميراء ما يعلم الناس من صنيعها وعداوتها لله ولرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعداوتها لنا أهل البيت.

فلمّا قُبض الحسنعليه‌السلام وضع على سريره ، فانطلقوا به إلى مصلّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الذي كان يصلّي فيه على الجنائز ، فصلّى على الحسنعليه‌السلام ، فلمّا أن صلّي عليه حمل فادخل المسجد ، فلمّا أوقف على قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بلغ عائشة الخبر ، وقيل لها : إنّهم قد أقبلوا بالحسن بن علي ليدفن مع رسول الله ، فخرجت مبادرة على بغل بسرج ـ فكانت أوّل امرأة ركبت في الإسلام سرجاً ـ فوقفت وقالت : نحّوا ابنكم عن بيتي ، فإنّه لا يدفن فيه شيء ، ولا يهتك على رسول الله حجابه.

فقال لها الحسين بن عليعليهما‌السلام : قديماً هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله ، وأدخلت بيته من لا يحبّ رسول الله قربه ، وإنّ الله سائلك عن ذلك يا عائشة ، إنّ أخي أمرني أن أقرّبه من أبيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليحدث به عهداً.

واعلمي أنّ أخي أعلم الناس بالله ورسوله ، وأعلم بتأويل كتابه من أن يهتك على رسول الله ستره ، لأنّ الله تبارك وتعالى يقول :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ ) (١) ، وقد أدخلت أنت بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الرجال بغير أذنه ، وقد قال الله عزّ وجلّ :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ) (٢) ولعمري لقد ضربت أنت لأبيك وفاروقه عند

____________

١ ـ الأحزاب : ٣٥.

٢ ـ الحجرات : ٢.

٢٤٧

إذن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المعاول ، وقال الله عزّ وجلّ :( إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى ) (١) ، ولعمري لقد أدخل أبوك وفاروقه على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بقربهما منه الأذى ، وما رعيا من حقّه ما أمرهما الله به على لسان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إنّ الله حرّم من المؤمنين أمواتاً ما حرّم منهم أحياء ، وتالله يا عائشة ، لو كان هذا الذي كرهتيه من دفن الحسن عند أبيه رسول اللهعليهما‌السلام جائزاً فيما بيننا وبين الله ، لعلمت أنّه سيدفن ، وإن رغم معطسك ».

قال : ثمّ تكلّم محمّد بن الحنفية وقال : يا عائشة يوماً على بغل ، ويوماً على جمل ، فما تملكين نفسك ، ولا تملكين الأرض عداوة لبني هاشم.

قال : فأقبلت عليه فقالت : يا بن الحنفية هؤلاء الفواطم يتكلّمون فما كلامك؟ فقال لها الحسينعليه‌السلام : « وأنى تبعدين محمّداً من الفواطم ، فو الله لقد ولدته ثلاث فواطم : فاطمة بنت عمران بن عائذ بن عمرو بن مخزوم ، وفاطمة بنت أسد بن هاشم ، وفاطمة بنت زائدة بن الأصم ابن رواحة بن حجر بن عبد معيص بن عامر ».

قال : فقالت عائشة للحسينعليه‌السلام : نحّوا ابنكم ، واذهبوا به فإنّكم قوم خصمون.

قال : فمضى الحسينعليه‌السلام إلى قبر أُمّه ، ثمّ أخرجه فدفنه بالبقيع »(٢) .

٢ ـ قال الشيخ الحرّ العامليقدس‌سره : لمّا توفّي الحسنعليه‌السلام مسموماً ، وخرج به أخوه الحسينعليه‌السلام ليجدد به العهد بقبر جدّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، خرجت عائشة على بغلة شهباء ، يحف بها بنو أُمية وهي تصيح : لا تدخلوا بيتي من لا أحبّ ، إنّ دفن الحسن في بيتي لتجز هذه ، وأومأت إلى ناصيتها.

____________

١ ـ الحجرات : ٣.

٢ ـ الكافي ١ / ٣٠٢.

٢٤٨

وليت شعري ألم تسمع أُمّ المؤمنين قول جدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حقّه : « اللهم إنّي أحبّه فاحبّه ، وأحبّ من يحبّه »(١) .

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « اللهم إنّ هذا ابني وأنا أحبّه ، فأحبّه وأحبّ من يحبّه »(٢) .

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من سرّه أن ينظر إلى سيّد شباب أهل الجنّة ، فلينظر إلى الحسن »(٣) (٤) .

٣ ـ روى ابن عساكر بسنده عن أبي عتيق قال : « سمعت جابر بن عبد الله يقول : شهدنا حسن بن علي يوم مات ، فكادت الفتنة أن تقع بين حسين بن علي ومروان بن الحكم ، وكان الحسن قد عهد إلى أخيه أن يدفن مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإن خاف أن يكون في ذلك قتال فليدفن بالبقيع ، فأبى مروان أن يدعه ، ومروان يومئذ معزول ، يريد أن يرضي معاوية بذلك ، فلم يزل مروان عدوّاً لبني هاشم حتّى مات.

قال جابر : فكلّمت يومئذ حسين بن علي فقلت : يا أبا عبد الله اتق الله ، فإنّ أخاك كان لا يحبّ ما ترى ، فادفنه بالبقيع مع أُمّه ففعل »(٥) .

____________

١ ـ مسند أحمد ٢ / ٢٤٩ و ٣٣١ و ٥٣٢ ، صحيح البخاري ٣ / ٢٠ و ٧ / ٥٥ ، سنن ابن ماجة ١ / ٥١ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٧٦ ، مسند الحميدي ٢ / ٤٥١ ، مسند ابن الجعد : ٢٩٥ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ٤٩ ، مسند أبي يعلى ١١ / ٢٧٩ ، صحيح ابن حبّان ١٥ / ٤١٧ ، المعجم الكبير ٣ / ٣٢ ، نظم درر السمطين : ١٩٨ ، تاريخ بغداد ١٢ / ٩ ، تاريخ مدينة دمشق ١٣ / ١٧٦ و ١٨٦ و ١٩٢ و ٢٨٨ ، تهذيب الكمال ٦ / ٢٢٦ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٢٥٠ ، تهذيب التهذيب ٢ / ٢٥٨ ، البداية والنهاية ٨ / ٣٨ ، سبل الهدى والرشاد ٩ / ٣٦٩ و ١١ / ٦٤ ، ينابيع المودّة ٢ / ٤٤ ، ذخائر العقبى : ١٢٢.

٢ ـ كنز العمّال ١٣ / ٦٥٢ ، تاريخ مدينة دمشق ١٣ / ١٩٧.

٣ ـ الجامع الصغير ٢ / ٦٠٩ ، موارد الظمآن : ٥٥٣ ، كنز العمّال ١٢ / ١١٦ ، تاريخ مدينة دمشق ١٣ / ٢٠٩ ، الأنساب ٣ / ٤٧٦ ، البداية والنهاية ٨ / ٣٩ ، ينابيع المودّة ٢ / ١٠٢.

٤ ـ وسائل الشيعة ١ / ٣٥.

٥ ـ تاريخ مدينة دمشق ١٣ / ٢٨٧.

٢٤٩

وعن ابن عمر قال : « حضرت موت حسن بن علي ، فقلت للحسين : اتق الله ولا تثر فتنة ، ولا تسفك الدماء ، وادفن أخاك إلى جنب أُمّه ، فإنّ أخاك قد عهد بذلك إليك ، فأخذ بذلك الحسين »(١) .

٤ ـ جاء في تاريخ اليعقوبي : « وقيل : إنّ عائشة ركبت بغلة شهباء وقالت : بيتي لا آذن فيه لأحد ، فأتاها القاسم بن محمّد بن أبي بكر فقال لها : يا عمّة! ما غسلنا رؤوسنا من يوم الجمل الأحمر ، أتريدين أن يقال يوم البغلة الشهباء؟ فرجعت »(٢) .

( ـ ـ سنّي )

كانت مخطئة ومخالفة لأمر الله ورسوله :

س : أتمنّى أن تعينوني على فهم بعض الأُمور التي مرّت عليّ ، وأُريد التأكّد منها ، هل ما سمعت عن كره الشيعة للسيّدة عائشة صحيح؟ جزاكم الله كُلّ خير.

ج : إنّ مسألة الحبّ والبغض من المسائل المتّفق عليها بين المسلمين كافّة ، وهي الحبّ في الله ، والبغض في الله ، وكذلك الموالاة لأولياء الله والمعاداة لأعدائه.

قال تعالى :( لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ باللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ الله وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (٣) .

____________

١ ـ المصدر السابق ١٣ / ٢٨٨.

٢ ـ تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٢٥.

٣ ـ المجادلة : ٢٢.

٢٥٠

ولا عداء شخصي للشيعة مع أحد أبداً ، وإنّك ترى أنّ أهل البيتعليهم‌السلام يرحمون حتّى أعداءهم وقاتليهم ، ويبكون عليهم ويوصون بهم.

وترى أنّ الشيعة يتعاملون مع المسلمين كافّة كُلّ بحسبه ، فالمؤمن الصادق موقّر لديهم ، وإن كان ابن كافر ، والمنحرف مذموم لديهم ، وإن كان ابن أو أخ إمام.

فهذا عمّار وسلمان وأبو ذر والمقداد وأُمّ سلمة وعبد الله بن عباس ومحمّد بن أبي بكر ، وغيرهم من المؤمنين الملتزمين الممدوحين في الأحاديث الشريفة الصحيحة.

وها هو عبيد الله بن العباس وجعفر الكذّاب ، وغيرهم من السادة الهاشميين ، ولكنّهم يتبرّأون منهم ، ويبغضون أعمالهم.

فنحن لدينا موازين شرعية نضع الناس بحسبها لا بأهوائنا ولا بالنسب ، وإنّما بالتقوى والسيرة الحسنة ، أو العكس لأيّ شخص كائناً من كان.

وأمّا بخصوص عائشة ، فقد ثبت أنّها آذت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في كثير من المواقف ، كما في قصّة المغافير ، وتهديد الله تعالى لها أشدّ تهديد في القرآن لأحد من العالمين ، قال تعالى :( وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ الله هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ) (١) ، وكذلك في الكثير من أقوالها وأفعالها معهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وكذلك موقفها من الإمام عليعليه‌السلام بعد تحذير النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إيّاها من ذلك الخروج ، وحرب أمير المؤمنين والخروج على إمام زمانها.

وأيضاً موقفها من دفن الإمام الحسن المجتبىعليه‌السلام مع جدّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعدم إذنها بذلك ، وغير ذلك ممّا هو معلوم لدى الجميع.

فموقفنا ليس شخصياً وعداءً لذاتها ، بل هو موقف من أعمالها ، وعدم كونها بمستوى المسؤولية والموقع الرفيع ، بكونها زوجة خاتم النبيينصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

____________

١ ـ التحريم : ٤.

٢٥١

وقد قال تعالى :( يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ) (١) ، وكان عمر في زمن خلافته يمنعهن حتّى من الخروج للحجّ ، حتّى أذن لهن في آخر خلافته ، فكيف بالخروج على إمام زمانها ومحاربته.

فإنا نعتقد أنّها كانت مخطئة ومخالفة لأمر الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعلى هذا فالدليل يسوقنا إلى عدم موالاتها ، ولا غرابة ، فالقرآن يعلّمنا البراءة من زوجة نوح ولوط ، وموالاة آسية امرأة فرعون.

( عيسى الشيباني ـ الإمارات ـ ٢٦ سنة ـ طالب ثانوية عامّة )

كانت تعلم بمبايعة الناس لعليعليه‌السلام :

س : وفّقكم الله لخدمة الإسلام والمسلمين ، وأظهر الحقّ على لسانكم وفي كتبكم المقدّسة ، يدّعي البعض بأنّ خروج عائشة في معركة الجمل عن عدم درايتها بأنّ علي بن أبي طالبعليه‌السلام قد تمّت له البيعة ، واستلام الخلافة له , وبالتالي هي معذورة في خروجها على الإمام في تلك الحرب ، حيث أنّها لو علمت لما خرجت على رأس الجيش؟

الرجاء توضيح هذه الشبهة ، ولكم فائق الاحترام والتقدير.

ج : المعروف أنّ واقعة الجمل كان سببها خروج عائشة مع طلحة والزبير للمطالبة بدم عثمان ، إلاّ أنّ الثابت تاريخياً أنّ عائشة هي التي حرّضت الناس على قتل عثمان بن عفّان ، وأصدرت فتوى بقتله بعد نعته بنعثل اليهودي ، وقالت : « اقتلوا نعثلاً فقد كفر »(٢) ، تعني عثمان ، وفي رواية أُخرى : « اقتلوا نعثلاً قتل الله نعثلاً »(٣) تعني عثمان ، ونعثل هو رجل يهودي كان يعيش في

____________

١ ـ الأحزاب : ٣٠ ـ ٣٣.

٢ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٤٧٧ ، شيخ المضيرة أبو هريرة : ١٧١.

٣ ـ تاج العروس ٨ / ١٤١ ، لسان العرب ١١ / ٦٧٠ ، شرح نهج البلاغة ٦ / ٢١٥ و ٢٠ / ٢٢.

٢٥٢

المدينة طويل اللحية ، بل ورد أنّ حفصة وعائشة قالتا لعثمان : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سمّاك نعثلاً تشبيها بنعثل اليهودي »(١) ، وقيل : « إنّ نعثل هو الشيخ الأحمق ، وهو رجل من أهل مصر كان طويل اللحية وكان يشبه عثمان »(٢) .

وقال ابن أبي الحديد : « قال كُلّ من صنّف في السير والأخبار : إنّ عائشة كانت من أشدّ الناس على عثمان ، حتّى أنّها أخرجت ثوباً من ثياب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فنصبته في منزلها ، وكانت تقول للداخلين إليها : هذا ثوب رسول الله لم يبل ، وعثمان قد أبلى سنّته»(٣) .

وقد صدّق المسلمون ـ وعلى رأسهم الصحابة ـ دعوى عائشة ، واستجابوا لتحريضها ، فشاركوا في قتله ، ودفنوه في مقبرة اليهود(٤) .

ولكن السؤال المثير هو : لماذا خرجت عائشة للمطالبة بدم عثمان؟ وتجييش الجيوش من أجل ذلك؟

قال الطبري عن تلك الأحداث : « أنّ عائشة لما انتهت إلى سرف ـ موضع ستة أميال من مكّة ـ راجعة في طريقها إلى مكّة ، لقيها عبد ابن أُمّ كلاب ، وهو عبد ابن أبي سلمة ينسب إلى أُمّه ، فقالت له : مهيم؟

قال : قتلوا عثمان ، فمكثوا ثمانياً ، قالت : ثمّ صنعوا ماذا؟

قال : أخذها أهل المدينة بالاجتماع ، فجازت بهم الأُمور إلى خير مجاز ، اجتمعوا على علي بن أبي طالب ، فقالت : والله ليتَ إنّ هذه انطبقت على هذه إن تمّ الأمر لصاحبك ، ردّوني ردّوني ، فانصرفت إلى مكّة وهي تقول : قتل والله عثمان مظلوماً ، والله لأطلبن بدمه ، فقال لها ابن أُمّ كلاب : ولم؟ فو الله أنّ أوّل من أمال حرفه لأنتِ ، ولقد كنتِ تقولين : اقتلوا نعثلاً فقد كفر.

____________

١ ـ كشف الغمّة ٢ / ١٠٨.

٢ ـ لسان العرب ١١ / ٦٩٩.

٣ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ٢١٥.

٤ ـ أُنظر : الطبقات الكبرى ٣ / ٧٨.

٢٥٣

قالت : إنّهم استتابوه ثمّ قتلوه ، وقد قلت وقالوا ، وقولي الأخير خير من قولي الأوّل ، فقال ابن أُمّ كلاب :

منكِ البداء ومنكِ الغير

ومنكِ الرياح ومنكِ المطر

وأنتِ أمرتِ بقتل الإمام

وقلتِ لنا أنّه قد كفر

فهبنا أطعناكِ في قتله

وقاتله عندنا من أمر

إلى آخر الأبيات.

فانصرفت إلى مكّة ، فنزلت على باب المسجد ، فقصدت الحجر ، فسترت واجتمع إليها الناس ، فقالت : يا أيّها الناس ، إنّ عثمان قُتل مظلوماً ، ووالله لأطلبن بدمه »(١) .

والحاصل : إنّ عائشة كانت تعلم بمبايعة الناس لأمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، ومن هنا كانت نقطة الانقلاب في موقفها ، وبمراجعة يسيرة إلى المصادر التاريخية تجد أنّ عائشة حتّى عند إخبارها بمقتل عثمان قبل علمها بمبايعة عليعليه‌السلام كانت تسمّيه نعثلاً وتتشفّى بمقتله ، ولكن علمها بمبايعة الإمامعليه‌السلام قلب موقفها تماماً ، وقادها إلى القيام بتلك الفتنة الكبيرة التي راح ضحيّتها عشرات الآلاف من المسلمين ، فكيف لا تعلم عائشة بمبايعة الناس لأمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، وهي عندما قدمت إلى البصرة وجدت عليها عثمان بن حنيف عامل أمير المؤمنينعليه‌السلام عليها ، وقد أرسل أليها أبو الأسود الدؤلي يسألها عن خبرها ، وعن علّة مجيئها إلى البصرة ، فقالت له : أطلب بدم عثمان ، قال : إنّه ليس في البصرة من قتلة عثمان أحد ، قالت : صدقت ولكنّهم مع علي بن أبي طالب بالمدينة(٢) .

____________

١ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٤٧٦.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ٢٢٦.

٢٥٤

وعندما لم تجد عائشة آذاناً صاغية من عثمان بن حنيف وأصحابه في البصرة في مطالبها ، اشتد النزاع بين الفريقين حتّى حصلت تلك الواقعة المسمّاة بـ « واقعة الجمل الأصغر » ، والتي كان من آثارها أن قتل أربعون رجلاً من شيعة عليعليه‌السلام في المسجد ، وسبعون آخرون في مكان آخر ، وأسروا عثمان بن حنيف ، وكان من فضلاء الصحابة ، فأرادوا قتله ، ثمّ خافوا أن يثأر له أخوه سهل والأنصار ، فنتفوا لحيته وشاربيه وحاجبيه ورأسه وضربوه وحبسوه ، ثمّ طردوه من البصرة(١) .

وكان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قد أخبر عائشة عن خروجها هذا وحذّرها منه ، وقال لها : «لا تكوني التي تنبحك كلاب الحوأب » ، والحوأب هو وادي كثير الماء نبحت كلابه عند مسير عائشة إلى البصرة ، وعندما سألت عنه أخبروها أنّ هذا المكان يسمّى بماء الحوأب.

فقالت : ردّوني ، ردّوني ، وذكرت التحذير الذي سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكن وبمحضر من طلحة والزبير أحسّ بجسامة الموقف ، فاحضر خمسين رجلاً ، وشهدوا بأنّ هذا المكان لا يسمّى بماء الحوأب ، وكانت تلك أوّل شهادة زور في الإسلام كما يذكره المؤرّخون(٢) .

وخلاصة القول في مسير عائشة هو قول أمير المؤمنينعليه‌السلام في خطبة له : « أيّها الناس ، إنّ عائشة سارت إلى البصرة ومعها طلحة والزبير ، وكُلّ منهما يرى الأمر له دون صاحبه ، أمّا طلحة فابن عمّها ، وأما الزبير فختنها ، والله لو ظفروا بما أرادوا ـ ولن ينالوا ذلك أبداً ـ ليضربن أحدهما عنق صاحبه بعد تنازع

____________

١ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٤٨٥ ، انساب الأشراف : ٢٢٥ ، أُسد الغابة ٢ / ٤٠ ، شرح نهج البلاغة ٦ / ٢٢٦.

٢ ـ أُنظر : مسند أبي يعلى ٨ / ٢٨٢ ، شرح نهج البلاغة ٦ / ٢٢٥ و ٩ / ٣١٠ ، انساب الأشراف : ٢٢٤ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٨١ ، البداية والنهاية ٧ / ٢٥٨ ، المناقب : ١٨١.

٢٥٥

منهما شديد ، والله إنّ راكبة الجمل الأحمر ما تقطع عقبة ، ولا تحل عقدة إلاّ في معصية الله وسخطه ، حتّى تورد نفسها ومن معها موارد الهلكة »(١) .

وقد حذّر الله سبحانه قبل هذا نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من الخروج من بيوتهنّ وأمرهنّ بالقرار فيها بقوله :( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ) (٢) ، ولذا نقول : ما حكم من خرجت من بيتها ومدينتها بل وكُلّ بلادها ، وذهبت إلى بلاد أُخرى تبعد عنها آلاف الأميال ، وأشعلت كُلّ هذه الفتنة التي يراها البعض بداية لفتن صفّين والنهروان ، وثمّ تولّي معاوية على رقاب المسلمين ، ثمّ واقعة كربلاء ، وما جرى على المسلمين إلى يومنا هذا؟ التي يعدّها البعض نتيجة حتمية لضعف العرب والمسلمين بسبب الفتن التي أشعلها الأوائل بوجه الخلافة العلوية.

ولا نريد أن نشير هنا إلى قول النبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي رواه مسلم عن ابن عمر قال : خرج رسول الله من بيت عائشة فقال : «رأس الكفر من هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان »(٣) ، بل جاء في صحيح البخاري عن عبد الله قال : قام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله خطيباً ، فأشار نحو مسكن عائشة فقال : «هاهنا الفتنة ، هاهنا الفتنة ، هاهنا الفتنة ، من حيث يطلع قرن الشيطان »(٤) .

____________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ٢٣٣.

٢ ـ الأحزاب : ٣٣.

٣ ـ صحيح مسلم ٨ / ١٨١.

٤ ـ صحيح البخاري ٤ / ٤٦.

٢٥٦

عالم الذرّ :

( ميسون رضا ـ لبنان ـ ٢٣ سنة ـ دراسة ماجستير في العلوم الإلهية )

بحث مفصّل للعلاّمة الطباطبائي حوله :

س : فكرة موجزة عن عالم الذرّ : أهم العلماء الذين يؤيّدون هذه النظرية ، بعض المصادر التي تناولت هذا الأمر من خلال أحاديث أهل البيت عليهم‌السلام .

ج : ننقل لك ما قاله العلاّمة الطباطبائيقدس‌سره حول الموضوع :

قوله تعالى :( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا ) (١) .

أخذ الشيء من الشيء يوجب انفصال المأخوذ من المأخوذ منه ، واستقلاله دونه بنحو من الأنحاء ، وهو يختلف باختلاف العنايات المتعلّقة بها ، والاعتبارات المأخوذة فيها ، كأخذ اللقمة من الطعام ، وأخذ الجرعة من ماء القدح ، وهو نوع من الأخذ ، وأخذ المال والأثاث من زيد الغاصب ، أو الجواد أو البائع أو المعير ، وهو نوع آخر ، أو أنواع مختلفة أُخرى ، وكأخذ العلم من العالم ، وأخذ الأهبة من المجلس ، وأخذ الحظّ من لقاء الصديق وهو نوع ، وأخذ الولد من والده للتربية ، وهو نوع إلى غير ذلك.

فمجرد ذكر الأخذ من الشيء لا يوضّح نوعه إلاّ ببيان زائد ، ولذلك أضاف الله سبحانه إلى قوله :( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ ) الدال على تفريقهم وتفصيل بعضهم من بعض.

____________

١ ـ الأعراف : ١٧٢.

٢٥٧

قوله :( مِن ظُهُورِهِمْ ) ليدلّ على نوع الفصل والأخذ ، وهو أخذ بعض المادّة منها ، بحيث لا تنقص المادّة المأخوذ منها بحسب صورتها ، ولا تنقلب عن تمامها واستقلالها ، ثمّ تكميل الجزء المأخوذ شيئاً تامّاً مستقلاً من نوع المأخوذ منه ، فيؤخذ الولد من ظهر من يلده ويولده ، وقد كان جزء ، ثمّ يجعل بعد الأخذ والفصل إنساناً تامّاً مستقلاً من والديه ، بعدما كان جزء منهما.

ثمّ يؤخذ من ظهر هذا المأخوذ مأخوذ آخر ، وعلى هذه الوتيرة حتّى يتمّ الأخذ ، وينفصل كُلّ جزء عمّا كان جزء منه ، ويتفرّق الأناسي وينتشر الأفراد ، وقد استقلّ كُلّ منهم عمّن سواه ، ويكون لكُلّ واحد منهم نفس مستقلة لها ما لها ، وعليها ما عليها ، فهذا مفاد قوله :( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) ، ولو قال : أخذ ربّك من بني آدم ذرّيتهم أو نشرهم ونحو ذلك ، بقي المعنى على إبهامه.

وقوله :( وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ ) ينبأ عن فعل آخر إلهي تعلّق بهم ، بعد ما أخذ بعضهم من بعض ، وفصل بين كُلّ واحد منهم وغيره ، وهو إشهادهم على أنفسهم ، والإشهاد على الشيء هو إحضار الشاهد عنده ، وإراءته حقيقته ، ليتحمّله علماً تحمّلاً شهودياً ، فإشهادهم على أنفسهم ، هو إراءتهم حقيقة أنفسهم ، ليتحمّلوا ما أُريد تحمّلهم من أمرها ، ثمّ يؤدّوا ما تحمّلوه إذا سئلوا.

وللنفس في كُلّ ذي نفس جهات من التعلّق والارتباط بغيرها ، يمكن أن يستشهد الإنسان على بعضها دون بعض ، غير أنّ قوله :( أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ ) يوضّح ما أشهدوا لأجله ، وأُريد شهادتهم عليه ، وهو أن يشهدوا ربوبيته سبحانه لهم ، فيؤدّوها عند المسألة.

فالإنسان وإن بلغ من الكبر والخيلاء ما بلغ ، وغرّته مساعدة الأسباب ما غرّته ، واستهوته لا يسعه أن ينكر أنّه لا يملك وجود نفسه ، ولا يستقلّ بتدبير أمره ، ولو ملك نفسه لوقّاها ممّا يكرهه من الموت ، وسائر آلام الحياة

٢٥٨

ومصائبها ، ولو استقلّ بتدبير أمره لم يفتقر إلى الخضوع قبال الأسباب الكونية ، والوسائل التي يرى لنفسه أنّه يسودها ويحكم فيها ، ثمّ هي كالإنسان في الحاجة إلى ما وراءها ، والانقياد إلى حاكم غائب عنها ، يحكم فيها لها أو عليها ، وليس إلى الإنسان أن يسدّ خلّتها ويرفع حاجتها.

فالحاجة إلى ربّ ـ مالك مدبّر ـ حقيقة الإنسان ، والفقر مكتوب على نفسه ، والضعف مطبوع على ناصيته ، لا يخفى ذلك على إنسان له أدنى الشعور الإنساني ، والعالم والجاهل ، والصغير والكبير ، والشريف والوضيع في ذلك سواء.

فالإنسان في أيّ منزل من منازل الإنسانية نزل ، يشاهد من نفسه أنّ له ربّاً يملكه ويدبّر أمره ، وكيف لا يشاهد ربّه وهو يشاهد حاجته الذاتية؟ وكيف يتصوّر وقوع الشعور بالحاجة من غير شعور بالذي يحتاج إليه؟

فقوله :( أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ ) بيان ما أشهد عليه ، وقوله :( قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا ) اعتراف منهم بوقوع الشهادة وما شهدوه ، ولذا قيل : إنّ الآية تشير إلى ما يشاهده الإنسان في حياته الدنيا ، أنّه محتاج في جميع جهات حياته من وجوده ، وما يتعلّق به وجوده من اللوازم والأحكام ، ومعنى الآية إنّا خلقنا بني آدم في الأرض ، وفرّقناهم وميّزنا بعضهم من بعض بالتناسل والتوالد ، وأوفقناهم على احتياجهم ، ومربوبيتهم لنا ، فاعترفوا بذلك قائلين : بلى شهدنا أنّك ربّنا.

وعلى هذا يكون قولهم :( بَلَى شَهِدْنَا ) من قبيل القول بلسان الحال ، أو إسناد اللازم القول إلى القائل بالملزوم ، حيث اعترفوا بحاجاتهم ، ولزمه الاعتراف بمن يحتاجون إليه ، والفرق بين لسان الحال ، والقول بلازم القول :

أنّ الأوّل انكشاف المعنى عن الشيء لدلالة صفة من صفاته ، وحال من أحواله عليه ، سواء شعر به أم لا ، كما تفصح آثار الديار الخربة عن حال ساكنيها ، وكيف لعب الدهر بهم؟ وعدت عادية الأيّام عليهم؟ فأسكنت

٢٥٩

أجراسهم وأخمدت أنفاسهم ، وكما يتكلّم سيماء البائس المسكين عن فقره ومسكنته وسوء حاله.

والثاني انكشاف المعنى عن القائل ، لقوله بما يستلزمه أو تكلّمه بما يدلّ عليه بالالتزام.

فعلى أحد هذين النوعين من القول ، أعني القول بلسان الحال ، والقول بالاستلزام يحمل اعترافهم المحكي بقوله تعالى :( قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا ) ، والأوّل أقرب وأنسب ، فإنّه لا يكتفي في مقام الشهادة إلاّ بالصريح منها المدلول عليه بالمطابقة دون الالتزام.

ومن المعلوم : أنّ هذه الشهادة على أيّ نحو تحقّقت فهي من سنخ الاستشهاد المذكور في قوله :( أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ ) ، فالظاهر أنّه قد استوفى الجواب بعين اللسان الذي سألهم به ، ولذلك كان هناك نحو ثالث يمكن أن يحمل عليه هذه المساءلة والمجاوبة ، فإنّ الكلام الإلهي يكشف به عن المقاصد الإلهية بالفعل ، والإيجاد كلام حقيقي ـ وإن كان بنحو التحليل ـ كما تقدّم مراراً في مباحثنا السابقة ، فليكن هنا قوله :( أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ ) وقولهم :( بَلَى شَهِدْنَا ) من ذاك القبيل ، وسيجيء للكلام تتمّة.

وكيف كان فقوله :( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ ) الآية ، يدلّ على تفصيل بني آدم بعضهم من بعض ، وإشهاد كُلّ واحد منهم على نفسه ، وأخذ الاعتراف على الربوبية منه ، ويدلّ ذيل الآية وما يتلوه أعنّي قوله :( أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ) (١) على الغرض من هذا الأخذ والإشهاد.

وهو على ما يفيده السياق إبطال حجّتين للعباد على الله ، وبيان أنّه لولا هذا الأخذ والإشهاد ، وأخذ الميثاق على انحصار الربوبية ، كان للعباد أن يتمسّكوا

____________

١ ـ الأعراف : ١٧٢ ـ ١٧٣.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

بحث

ما يخلفه الإنسان بعد موته :

المستفاد من الرّوايات الشريفة ، بالإضافة لما ورد في الآيات المباركة أعلاه ، إنّه ثمّة أعمال وآثار يخلفها الإنسان بعد موته ، وما ينجسم من تلك الأعمال والآثار حتى يوم القيامة يبقى مرتبطا بذات الفاعل الأصلي ، فإن كانت الأعمال حيّرة فستصله حسنات تتمة العمل واستمراره ، وإن كانت شريرة فلا يجني منها سوى الهون والعذاب.

فعن الإمام الصادق ٧ ، أنّه قال : «ليس يتبع الرجل بعد موته من الأجر إلّا ثالث خصال : صدقة أجراها في حياته ، فهي تجري بعد موته ، وسنّة هدى سنّها ، فهي تعمل بها بعد موته ، وولد صالح يستغفر له»(١) .

وفي رواية اخرى : «ست خصال يتنفع بها المؤمن بعد موته : ولد صالح يستغفر له ، مصحف يقرأ منه ، وقليب (بئر) يحفره ، وغرس يغرسه ، وصدقة ماء يجربه ، وسنة حسنة يؤخذ بها بعده»(٢) .

فيما أكّدت بعض الرّوايات على (العلم) الذي يخلّفه بعده.(٣) وقد حذّرت كثير من الرّوايات من أن يسنّ الإنسان سنّة سيئة ، لأنّ الفاعل الأوّل ستتابع عليه آثام تلك السنة إلى يوم القيامة.

وكذلك حثت وشوقت على استنان السنن الحسنة ، لينتفع الفاعل الأوّل لها بثوابها الجاري إلى يوم القيامة.

وذكر العلّامة الطبرسي حديثا في هذا المضمار إنّ سائلا قام على عهد النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فسأل ، فسكت القوم ، ثمّ أنّ رجلا أعطاه ، فأعطاه القوم فقال

__________________

(١) بحار الأنوار ، ج ٧١ ، ص ٢٥٧.

(٢) المصدر السابق.

(٣) منية المريد ، ص ١١.

٤٨١

النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من استن خيرا فاستن به فله أجره ، ومثل أجور من اتبعه ، غير منتقص من أجورهم ، ومن استن شرّا فاستن به فعليه وزره ، مثل أوزار من اتبعه غير منتقص من أوزارهم» فتلا حذيفة بن اليمان قوله تعالى :( عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ ) (١) .

وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال : «فكيف بكم لو تناهت بكم الأمور وبعثرت القبور ، هناك تبلو كلّ نفس ما أسلفت ، وردّوا إلى الله مولاهم الحق ، وضل عنهم ما كانوا يفترون»(٢) .

فتعكس هذه الآيات والرّوايات أبعاد مسئولية الإنسان أمام أعماله ، وتبيّن عظم المسؤولية ، فأثار فعل الخيرات أو المنكرات يتصل إليه وإن امتدت الآلاف السنين بعد موته!(٣) .

* * *

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٤٤٩.

(٢) نهج البلاغة ، الخطبة ٢٢٦.

(٣) لمزيد من التفصيل. راجع تفسير الآية (٢٥) من سورة النحل.

٤٨٢

الآيات

( يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧) فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (٨) كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (٩) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ (١٠) كِراماً كاتِبِينَ (١١) يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ (١٢) )

التّفسير

لا داعي للغرور :

تنتقل الآيات أعلاه من المعاد إلى الإنسان ، ببيان إيقاظي عسى أن ينتبه الإنسان من غفلة ما في عنقه من حقّ وما على عاتقه من مسئوليات جسام أمام خالقه سبحانه وتعالى ، فتخاطب الآية الاولى الإنسان باستفهام توبيخي محاط بالحنان والرأفة الرّبانية :( يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ) .

فالقرآن يذكّر الإنسان بإنسانيته ، وما لها من إكرام وأفضلية ، ثمّ جعله أمام «ربّ» «كريم» ، فالرّب وبمقتضى ربوبيته هو الحامي والمدبّر لأمر تربية وتكامل الإنسان ، وبمقتضى كرمه أجلس الإنسان على مائدة رحمته ، ورعاه بما أنعم عليه ماديا ومعنويا ودون أن يطلب منه أيّ مقابل ، بل ويعفو عن كثير من ذنوب

٤٨٣

الإنسان لفضل كرمه

فهل من الحكمة أن يتمرد هذا الموجود المكرّم على هكذا ربّ رحيم كريم؟!

وهل يحقّ لعاقل أن يغفل عن ذكر ربّه ولو للحظة واحدة ، ولا يطيع أمر مولاه الذي يتضمن سعادته وفوزه؟!

ولهذا فقد ورد عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند تلاوته للآية المباركة أنّه قال : «غرّه جهله»(١) .

ومن هنا ، يتقرّب لنا هدف الآية ، فهي تدعو الإنسان لكسر حاجز غروره وتجاوز حالة الغفلة ، وذلك بالاستناد على مسألة الربوبية والكرم الإلهي ، وليس كما يحلو للبعض من أن يصور هدف الآية ، على أنّه تلقين الإنسان عذره ، فيقول : غرّني كرمك! أو كما قيل للفضيل بن عياض : «لو أقامك الله ويوم القيامة بين يديه ، فقال :( ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ) ، ماذا كنت تقول له؟ قال : أقول : غرّني ستورك المرخاة»(٢) .

فهذا ما يخالف تماما ، لأنّها في صدد كسر حالة غرور الإنسان وإيقاظه من غفلته ، وليست في صدد إضافة حجاب آخر على حجب الغفلة!

فلا ينبغي لنا أن نذهب بالآية بما يحلو لنا ونوجهها في خلاف ما تهدف إليه! «غرّك» : من (الغرور) ، و «الغرّة» : غفلة في اليقظة ، وبعبارة اخرى : غفلة في وقت لا ينبغي فيه الغفلة ، ولما كانت الغفلة أحيانا مصدرا للاستعلاء والطغيان فقد استعملت (الغرور) بهذه المعاني.

والغرور) : كلّ ما يغرّ الإنسان من مال ، جاه ، شهوة وشيطان ، وقد فسّر الغرور بالشيطان ، لأنّه أخبث من يقوم بهذا الدور الدنيء في الدّنيا.

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٤٤٩ ؛ والدر المنثور ، وروح المعاني ، وروح البيان ، والقرطبي ، عند تفسير الآية المبحوثة.

(٢) المصدر السابق.

٤٨٤

وذكر في تفسير «الكريم» آراء كثيرة ، منها : إنّه المنعم الذي تكون جميع أفعاله إحسان ، وهو لا ينتظر منها أيّ نفع أو دفع ضرر.

ومنها : هو الذي يعطي ما يلزمه وما لا يلزمه.

ومنها : هو من يعطي الكثير بالقليل.

ولو جمعنا كلّ ما ذكر وبأعلى صورة لدخل في كرم اللهعزوجل ، فيكفي كرم الله جلالا أنّه لا يكتفي عن المذنبين ، بل يبدل (لمن يستحق) سيئاتهم حسنات.

وروي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام عند تلاوته لهذه الآية ، أنّه قال : (إن الإنسان) «أدحض مسئول حجّة ، وأقطع مغترّ معذرة ، لقد أبرح (أي اغتر) جهالة بنفسه.

يا أيّها الإنسان ، ما جرّأك على ذنبك ، وما غرّك بربّك ، وما أنسك بهلكة نفسك؟

أمّا من دائك بلول (أي شفاء) ، أم ليس من نومتك يقظة؟ أما ترحم نفسك ما ترحم من غيرك؟ فلربّما ترى الضاحي من حرّ الشمس فتظلّه ، أو ترى المبتلى بألم يمض جسده فتبكي رحمة له! فما صبرك على دائك ، وجلدك على مصابك ، وعزاك عن البكاء على نفسك وهي أعزّ الأنفس عليك ، وكيف لا يوقظك خوف بيات نقمة (أي تبيت بنقمة من الله) وقد تورطت بمعاصيه مدارج سطواته! فتداو من داء الفترة في قلبك بعزيمة ، ومن كرى (أي النوم) الغفلة في ناظرك بيقظة ، وكن لله مطيعا وبذكره آنسا ، وتمثل (أي تصور) في حال توليك عنه إقباله عليك ، يدعوك إلى عفوه ويتغمدك بفضله وأنت متول عنه إلى غيره ، فتعالى من قوي ما أكرمه! وتواضعت من ضعيف ما أجرأك على معصيته! ...»(١) .

وتعرض لنا الآية التالية جانبا من كرم الله ولطفه على الإنسان :( الَّذِي

__________________

(١) نهج البلاغة ، الخطبة ٢٢٣.

٤٨٥

خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ ما (١) شاءَ رَكَّبَكَ ) .

فالآية قد طرحت مراحل خلق الإنسان الأربعة أصل الخلقة ، التسوية ، التعديل ، ومن ثمّ التركيب.

ففي مرحلة الاولى : يبدأ خلق الإنسان ومن نطفة في ظلمات رحم الام.

وفي مرحلة الثّانية : مرحلة «التسوية والتنظيم» وفيها يقدر الباري سبحانه خلق كلّ عضو من أعضاء الإنسان بميزان متناهي الدّقة.

فلو أمعن الإنسان النظر في تكوين عينه اذنه أو قلبه ، عروقه وسائر أعضاءه ، وما أودع فيها من ألطاف ومواهب وقدرات إلهية ، لتجسم أمامه عالما من العلم والقدرة واللطف والكرم الإلهي.

عطاء ربّاني قد شغل العلماء آلاف السنين بالتفكير والبحث والتأليف ، ولا زالوا في أوّل الطريق

وفي المرحلة الثّالثة : يكون التعديل بين «القوى» و «الأعضاء» وتحكيم الارتباط فيما بينها.

وبدن الإنسان قد بني على هذين القسمين المتقاربين ، فـ اليدين ، الرجلين ، العينين ، الأذنين ، العظام ، العروق ، الأعصاب والعضلات قد توزعت جميعها على هذين القسمين متجانس ومترابط.

هذا بالإضافة إلى أنّ الأعضاء في عملها يكمل بعضها للبعض الآخر ، فجهاز التنفس مثلا يساعد في عمل الدورة الدموية بدورها تقدم يد العون إلى عملية التنفس ، ولأجل ابتلاع لقمة غذاء ، لا تصل إلى الجهاز الهضمي إلّا بعد أن يؤدّي كلّ من : الأسنان ، اللسان ، الغدد وعضلات الفم دوره الموكل به ، ومن ثمّ تتعاضد أجزاء الجهاز الهضمي على إتمام عملية الهضم وامتصاص الغذاء ، لينتج منه القوّة

__________________

(١) «ما» : زائدة ، واحتملها البعض (شرطية) ، ولكنّ الرأي الأوّل أقرب للصواب.

٤٨٦

اللازمة للحركة والفعالية

وكلّ ما ذكر ، وغيره كثير ، قد جمع قصيرة رائعة( ... فَعَدَلَكَ ) .

وقيل : «عدلك» إشارة إلى اعتدال قامة الإنسان ، وهو ما يمتاز به عن بقية الحيوانات ، وهذا المعنى أقرب للمرحلة القادمة ولكن المعنى الأوّل أجمع.

وفي المرحلة الرابعة : تكون عملية «التركيب» وإعطاء الصورة النهائية للإنسن نسبة إلى بقية الموجودات.

نعم ، فقد تكرم الباري بإعطاء النوع الإنساني صورة موزونة عليها مسحة جمالية بديعة قياسا مع بقية الحيوانات ، وأعطى الإنسان فطرة سليمة ، وركّبه بشكلّ يكون فيه مستعدا لتلقي كلّ علم وتربية.

ومن حكمة الباري أن جعل الصور الإنسانية مختلفة متباينة ، كما أشارت إلى ذلك الآية (٢٢) من سورة الروم :( وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ ) ، ولولا الاختلاف المذكور لاختل توازن النظام الاجتماعي البشري.

ومع الاختلاف في المظهر فإنّ الباري جلّ شأنه قدّر الاختلاف والتفاوت في القابليات والاستعدادات والأذواق والرغبات ، وجاء هذا النظم بمقتضى حكمته ، وبه يمكن تشكيل مجتمع متكامل سليم وكلّ حوائجه ستكون مؤمّنة.

وتلخص الآية (٤) من سورة التين خلق الله للإنسان بصورة إجمالية :( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) .

والخلاصة : فالآيات المبحوثة ، إضافة لآيات أخر كثيرة تهدف وبشكلّ دقيق إلى تعريف الإنسان المغرور بحقيقته ، منذ كان نطفة قذرة ، مرورا بتصويره وتكامله في رحم امّه ، حتى أشدّ حالات نموه وتكامله ، وتؤكّد على أنّ حياة الإنسان في حقيقتها مرهونة بنعم الله ، وكلّ حيّ يفعم برحمة الله في كل لحظات حياته ، ولا بدّ لكلّ حي ذي لبّ وبصيرة من أن يترحل من مطية غروره وغفلته ،

٤٨٧

ويضع طوق عبودية المعبود الأحد في رقبته ، وإلّا فالهلاك الحتمي.

وتتناول الآية التالية منشأ الغرور والغفلة :( كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ ) .

فالكرم الإلهي ، ولطف الباري منعمه ليست بمحفز لغروركم ، ولكنكم آليتم على عدم إيمانكم بالقيامة ، فوقعتم بتلك الهاوية الموهمة.(١)

ولو دققنا النظر في حال المغرورين والغافلين ، لرأينا أنّ الشك بيوم القيامة أو إنكاره هو الذي استحوذ على قلوبهم وما دونه مجرّد مبررات واهية ، ومن هنا يأتي لتشديد على أصل المعاد ، فلو قوي الإيمان بالمعاد في القلوب لارتفع الغرور وانقشعت الغفلة عن النفوس.

«الدين» : يراد به هنا ، الجزاء يوم الجزاء ، وما احتمله البعض من أنّه (دين الإسلام) فبعيد عن سياق حديث الآيات ، لأنّها تتحدث عن «المعاد».

وتأتي الآيات التالية لتوضح أنّ حركات وسكنات الإنسان كلّها مراقبة ومحسوبة ولا بدّ الإيمان بالمعاد وإزالة عوامل الغفلة والغرور ، فتقول( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ ) (٢) .

وهؤلاء الحفظة لهم مقام كريم عند الله تعالى ودائبين على كتابة أعمالكم :( كِراماً كاتِبِينَ ) .

( يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ ) .

و «الحافظين» : هم الملائكة المكلفون بحفظ وتسجيل أعمال الإنسان من خير أو شرّ ، كما سمّتهم الآية (١٧) من سورة (ق) بالرقيب العتيد :( ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) ، كما وذكرتهم الآية (١٦) من نفس السورة :( إِذْ يَتَلَقَّى

__________________

(١) «كلا» حرف ردع لإنكار شيء ذكر وتوهم ، لكن أي إنكار قصدته الآية؟ ثمة احتمالات عديدة للمفسرين في ذلك ، وأهمها ما ذكر أعلاه ، أي أن «كلا» جاءت لتنفي كل أسباب ومنابع الغرور والغفلة وتجعلها في إنكار القيامة والتكذيب به فقط. وهو ما ورد بعد «بل» وهذا ما اختاره الراغب في مفردات (في مادة : بل) ، وقال بعد ذكره للآية : قيل ليس هاهنا ما يقتضي أن يغرهم به تعالى ولكن تكذيبهم هو الذي حملهم على ما ارتكبوه.

(٢) قيل : إن «الواو» هنا حالية ، كما في روح المعاني وروح البيان ، ولكن احتمال كونها (استئنافية) أقرب للحال.

٤٨٨

الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ) .

وثمّة آيات قرآنية اخرى تشير إلى رقابة الملائكة لما يفعله الإنسان في حياته.

إنّ نظر وشهادة اللهعزوجل على أعمال الإنسان ، ممّا لا شك فيه ، فهو الناظر لما يبدر من الإنسان قبل أيّ أحد ، وأدق من كلّ شيء ، ولكنّه سبحانه ولزيادة التأكيد ولتحسيس الإنسان بعظم مسئولية ما يؤديه ، فقد وضع مراقبين يشهدون على الإنسان يوم الحساب ، ومنهم هؤلاء الملائكة الكرام.

وقد فصّلنا أقسام المراقبين الذين يحفون بالإنسان من كلّ جهة ، وذلك ذيل الآيتين (٢٠ و٢١) من سورة فصّلت ، ونوردها هنا إجمالا ، وهي على سبعة أقسام.

أوّلا : ذات الله المقدّسة ، كما في قوله تعالى :( وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ) (١) .

ثانيا : الأنبياء والأوصياءعليهم‌السلام ، بدلالة قوله تعالى :( فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً ) (٢) .

ثالثا : أعضاء بدن الإنسان ، بدلالة قوله تعالى :( يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ) (٣) .

رابعا : جلد الإنسان وسمعه وبصره ، بدلالة قوله تعالى :( حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ) (٤) .

خامسا : الملائكة ، بدلالة قوله تعالى :( وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ

__________________

(١) يونس ، الآية ٦١.

(٢) النساء ، الآية ٤١.

(٣) النور ، الآية ٢٤.

(٤) فصلت ، الآية ٢١.

٤٨٩

وَشَهِيدٌ ) (١) ، وبدلالة الآية المبحوثة أيضا.

سادسا : الأرض المكان الذي يعيش عليه الإنسان ، بدلالة قوله تعالى :( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها ) (٢) .

سابعا : الزمان الذي تجري فيه أعمال الإنسان ، بدلالة ما روي عن الإمام عليعليه‌السلام في وقوله : «ما من يوم يمرّ على ابن آدم إلّا قال له ذلك اليوم : يا ابن آدم أنا يوم جديد وأنا عليك شهيد»(٣) .

وفي كتاب الإحتجاج للشيخ الطبرسي : إنّ شخصا سأل الإمام الصادقعليه‌السلام عن علّة وضع الملائكة لتسجيل أعمال الإنسان في حين أنّ اللهعزوجل عالم السرّ وأخفى؟

فقال الإمامعليه‌السلام : «استعبدهم بذلك ، وجعلهم شهودا على خلقه ، ليكون العباد لملازمتهم إيّاهم أشدّ على طاعة الله مواظبة ، وعن معصيته أشدّ انقباضا ، وكم من عبد يهم بمعصية فذكر مكانهما فارعوى وكفّ ، فيقول ربّي يراني ، وحفظتي عليّ بذلك يشهد ، وأنّ برأفته ولطفه وكّلهم بعباده ، يذبّون عنهم مردة الشياطين ، وهوام الأرض ، وآفات كثيرة من حيث لا يرون بإذن الله ، إلى أن يجيء أمر اللهعزوجل »(٤) .

ويستفاد من هذه الرواية أنّ للملائكة وظائف اخرى إضافة لتسجيلهم لأعمال الإنسان كحفظ الإنسان من الحوادث والآفات ووساوس الشيطان.

(وقد بحثنا موضوع وظائف ومهام الملائكة بتفصيل في ذيل الآية (١) من سورة فاطر ـ فراجع).

__________________

(١) سورة ق ، الآية ٢١.

(٢) الزلزال ، الآية ٤.

(٣) سفينة البحار ، ج ٢ ، ص ٧٣٩ (مادة : يوم).

(٤) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٥٢٢.

٤٩٠

وقد وصفت الآيات المبحوثة هؤلاء الملائكة بأنّهم «كرام» ، ليكون الإنسان أكثر دقّة في مراقبة نفسه وأعماله ، لأنّ الناظر كلّما كان ذا شأن كبير ، تحفظ الإنسان منه أكثر وأكثر واستحى من فعل المعاصي أمامه.

وعلّة ذكر «كاتبين» للتأكيد على إنّهم لا يكتفون بالمراقبة والحفظ دون تسجيل ذلك بدقّة متناهية.

وذكر :( يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ ) تأكيد آخر على كونهم مطلعين على كلّ الأعمال وبشكل تام ، واستنادا إلى اطلاعهم ومعرفتهم يسجلون ما يكتبونه.

فالآيات تشير إلى حرية إرادة الإنسان ، وتشير إلى كونه مختارا ، وإلّا فما قيمة تسجيل الأعمال؟ وهل سيبقى للتحذير والإنذار من معنى؟

وتشير أيضا إلى جدّية ودقّة الحساب والجزاء والإلهي.

ويكفي فهم واستيعاب هذه الإشارات البيانية الرّبانية لإنقاذ الإنسان من وقوعه في هاوية المعاصي ، وتكفيه الإشارات عظة ليزكي ويعرف مسئوليته ويعمل بدروه.

* * *

بحث

كتبة صحائف الأعمال :

لم تكن الآيات المبحوثة الدليل الوحيد على وجود المراقبين لأعمال الإنسان ، والكاتبين لها بخيرها وشرّها ، بل ثمّة آيات كثيرة وروايات عديدة تناولت ذلك ومن جملة ما ورد من الأحاديث بهذا الشأن.

١ ـ سؤال عبد الله بن موسى بن جعفرعليه‌السلام لأبيه عن الملكين هل يعلمان بالذنب إذا أراد العبد أن يفعله ، أو الحسنة؟

فقال الإمامعليه‌السلام : «ريح الكنيف وريح الطيب سواء؟».

٤٩١

قال : لا.

قال : «إنّ العبد إذا همّ بالحسنة خرج نفسه طيّب الريح ، فيقول صاحب اليمين لصاحب الشمال : قم فإنّه قد همّ بالحسنة ، فإذا فعلها كان لسانه قلمه وريقه مداده ، فأثبتها له ، وإذا همّ بالسيئة خرج نفسه منتن الريح ، فيقول صاحب الشمال لصاحب اليمين ، قف فإنّه قد همّ بالسيئة ، فإذا هو فعلها كان لسانه قلمه وريقه مداده ، وأثبتها عليه»(١) .

فالرواية تبيّن ما للنيّة من أثر على كامل وجود الإنسان ، وأنّ الملائكة يسجلون ما وقع من فعل من الإنسان ولكنّهم مطلعين على فعل الواقع قبل وقوعه ، وعليه فتسجيلهم لأعمال الإنسان دقيق جدّا ، ولا يفوتهم شيئا إلّا وكتبوه في صحيفته.

والرواية أيضا ، تأتي في سياق الحديث النبوي الشريف : «إنّما الأعمال بالنيات» للتأكيد على ما لنيّة الإنسان من أثر على فعله الحسن أو السيء.

وتبيّن أيضا ، بأنّ وسائل الكتابة هي جوارح الإنسان الناوي للفعل ، فلسانه القلم وريقه المداد!

٢ ـ وثمّة روايات تؤكّد على أنّ الملائكة مأمورة بتسجيل النوايا الحسنة دون النوايا السيئة ، ومنها : «إنّ تبارك وتعالى جعل لآدم في ذريته من همّ بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة ، ومن همّ بحسنة وعملها كتبت له بها عشرا ، ومن همّ بسيئة ولم يعملها لم تكتب له ، ومن همّ بها وعملها كتبت عليه سيئة».(٢)

فالرواية تبيّن منتهى اللطف الرّباني الفصل الإلهي على الإنسان ، وتحث الإنسان على الأعمال الصالحة فنيّته السيئة لا تسجل عليه ، وفعله السيء يكتب عليه وفق موازين العدل ، في حين أنّ نيّته الحسنة وفعله الحسن يسجلان

__________________

(١) اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٤٢٩ ، باب «من يهمّ بالحسنة أو السيئة» الحديث ٣.

(٢) المصدر السابق ، الحديث ١ ـ ٢.

٤٩٢

له وفق اللطف والتفضل الإلهي

٣ – وروي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنّه قال : «يهمّ العبد بالحسنة فيعملها ، فإن هو لم يعملها كتب الله له حسنة بحسن نيّته ، وإن هو عملها كتب الله له عشرا ، ويهمّ بالسيئة أن يعملها ، فإن لم يعملها لم يكتب عليه شيء وإن عملها اجّل سبع ساعات ، وقال صاحب الحسنات لصاحب السيئات وهو صاحب الشمال : لا تعجل عسى أن يتبعها بحسنة تمحوها ، فإن اللهعزوجل يقول :( إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ) ، أو الاستغفار فإنّ هو قال : استغفر الله الذي لا إله إلّا هو ، عالم الغيب والشهادة ، العزيز الحكيم ، الغفور الرحيم ، ذو الجلال والإكرام وأتوب إليه ، لم يكتب عليه شيء ، وإن مضت سبع ساعات ولم يتبعها بحسنة أو استغفار قال صاحب الحسنات لصاحب السيئات : اكتب على الشقي المحروم»(١) .

٤ – وروي عن الإمام الصادقعليه‌السلام : «إنّ المؤمنين إذا أقبلا على المساءلة قالت الملائكة بعضها لبعض : تنحوا عنهما فإنّ لهما سرّا وقد ستر الله عليهما»!(٢)

٥ – وفي خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال فيها بعد أن دعى الناس فيها لتقوى الله : «اعلموا عباد الله ، إنّ عليكم رصدا من أنفسكم ، وعيونا من جوارحكم ، وحفّاظ صدق يحفظون أعمالكم ، وعدد أنفاسكم ، لا تستركم منهم ظلمة ليل داج ولا يكنّكم منهم باب ذو رتاج «أي إحكام» ، وإنّ غدا من اليوم قريب»(٣) .

* * *

__________________

(١) المصدر السابق ، الحديث ٤.

(٢) اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ١٨٤ ، الحديث ٢ ؛ وعنه نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ١١٠.

(٣) نهج البلاغة ، الخطبة ١٥٧.

٤٩٣

الآيات

( إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤) يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ (١٥) وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ (١٦) وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (١٨) يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (١٩) )

التّفسير

«يوم لا تملك نفس لنفس شيئا» :

بعد ذكر الآيات السابقة لتسجيل أعمال الإنسان من قبل الملائكة ، تأتي الآيات أعلاه لتتطرق إلى نتائج تلك الرقابة ، وما سيصل إليه كلّ من المحسن والمسيء من عاقبة ، فتقول الآية الاولى :( إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ ) .

والثّانية :( وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ) .

«الأبرار» : جمع (بار) و «برّ» على وزن (حق) ، بمعنى : المحسن ، و (البرّ) بكسر الراء ـ كلّ عمل صالح والآية تريد العقائد السليمة ، والنيات والأعمال الصالحة.

«نعيم» : وهي مفرد بمعنى النعمة ، ويراد به هنا «الجنّة» ، وجاءت بصيغة

٤٩٤

النكرة لبيان أهمية وعظمة هذه النعمة ، التي لا يصل لإدراك حقيقتها إلّا الله سبحانه وتعالى ، واختيرت كلمة «نعيم» بصيغة الصفة المشبهة ، للتأكيد على بقاء واستمرار هذه النعمة ، لأنّ الصفة المشبهة عادة ما تتضمّن ذلك.

«الفجّار» : جمع (فاجر) من (فجر) ، وهو الشقّ الواسع ، وقيل للصبح فجر لكونه فجر الليل ، أيّ شقّه بنور الصباح ، و (الفخور) : شقّ ستر الديانة والعفة ، والسير في طريق الذنوب.

«جحيم» : من (الجحمة) ، وهي تأجج النّار ، وتطلق الآيات القرآنية (الحجيم) على جهنّم عادة.

ويمكن أن يراد بقوله تعالى :( إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ) الحال الحاضر ، أيّ : إنّ الأبرار يعيشون في نعيم الجنّة حاليّا ، وإنّ الفجّار قابعون في أودية النّار ، كما يفهم من إشارة الآية (٥٤) من سورة العنكبوت :( إِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ ) .

وقال بعض : المراد من الآيتين هو حتمية الوقوع المستقبلي ، لأنّ المستقبل الحتمي والمضارع المتحقق الوقوع يأتي بصيغة الحال في اللغة العربية ، وأحيانا يأتي بصيغة الماضي.

فالمعنى الأوّل أكثر انسجاما مع ظاهر الآية ، إلّا أنّ المعنى الثّاني أنسب للحال ، والله العالم.

وتدخل الآية التالية في تفصيل أكثر لمصير الفجّار :( يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ ) .

فإذا كانت الآية السابقة تشير إلى أنّ الفجّار هم في جهنّم حاليا ، فسيكون إشارة هذه الآية ، إلى أنّ دخولهم جهنّم سيتعمق ، وسيحسون بعذاب نارها ، بشكل أشدّ.

«يصلون» : من (المصلى) على وزن (سعي) ، و «صلى النّار» : دخل فيها ، ولكون الفعل في الآية قد جاء بصيغة المضارع ، فإنّه يدل على الاستمرار

٤٩٥

والملازمة في ذلك الدخول.

ولزيادة التفصيل ، تقول الآية التالية :( وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ ) .

اعتبر كثير من المفسّرين كون الآية دليلا على خلود الفجّار في العذاب ، وخلصوا إلى أنّ المراد بـ «الفجّار» هم «الكفّار» ، لكون الخلود في العذاب يختص بهم دون غيرهم.

ف «الفجّار» : إذن : هم الذين يشقون ستر التقوى والعفة بعدم إيمانهم وتكذيبهم بيوم الدين ، ولا يقصد بهم ـ في هذه الآيات ـ أولئك الذي يشقّون الستر المذكور بغلبة هوى النفس مع وجود حالة الإيمان عندهم.

وإتيان الآية بصيغة زمان الحال تأكيدا لما أشرنا إليه سابقا ، من كون هؤلاء يعيشون جهنّم حتّى في حياتهم الدنيا (الحالية) أيضا( ... وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ ) ، فحياتهم بحدّ ذاتها جهنّما ، وقبورهم حفرة من حفر النيران (كما ورد في الحديث الشريف) ، وعليه فجهنّم القبر والبرزخ وجهنّم الآخرة كلّها مهيأة لهم.

كما وتبيّن الآية أيضا : إنّ عذاب أهل جهنّم عذاب دائم ليس له انقطاع ، ولا يغيب عنهم ولو للحظة واحدة.

ولأهمية خطب ذلك اليوم العظيم ، تقول الآية التالية :( وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ ) .

( ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ ) .

فإذا كانت وحشة وأهوال ذلك اليوم قد أخفيت عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وهو المخاطب في الآية ـ مع كلّ ما له من علم بـ القيامة ، المبدأ ، المعاد فكيف يا ترى حال الآخرين؟!!

والآيات قد بيّنت ما لأبعاد يوم القيامة من سعة وعظمة ، بحيث لا يصل لحدّها أيّ وصف أو بيان ، وكما نحن (السجناء في عالم المادة) لا نتمكن من إدراك حقيقة النعم الإلهية المودعة في الجنّة ، فكذا هو حال إدراكنا بالنسبة

٤٩٦

لحقيقة عذاب جهنّم ، وعموما لا يمكننا إدراك ما سيجري من حوادث في ذلك اليوم الرهيب المحتوم.

وينتقل البيان القرآني للتعبير عن إحدى خصائص ذلك اليوم ، وبجملة وجيزة ، لكنها متضمّنة لحقائق ومعان كثيرة :( يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ) .

فستتجلّى حقيقة أنّ كلّ شيء في هذا العالم هو بيد الله العزيز القهّار ، وستبان حقيقة حاكمية الله المطلقة ومالكيته على كلّ من تنكر لهذه الحقيقة الحقّة ، وستنعدم تلك التصورات الساذجة التي حكمت أذهان المغفلين بكون فلان أميرا ورئيسا أو حاكما ، وسينهار أولئك البسطاء الذين اعتبروا أن قدراتهم مستقلة بعد أن أكل الغرور نفوسهم وتكالب التكبر على تصرفاتهم في الحياة الدنيا الفانية.

وتشهد على الحقيقة ـ بالإضافة إلى الآية المذكورة ـ الآية (١٦) من سورة المؤمن حيث تقول :( لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ ) .

وتشير الآية (٣٧) من سورة عبس إلى انشغال الإنسان بنفسه في ذلك اليوم دون كلّ الأشياء الاخرى ، ولو قدّر أن يمنح قدرا معينا من القدرة ، لما نفع بها أحد دون نفسه! ، حيث تقول الآية :( لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ) .

حتّى روي عن الإمام الباقرعليه‌السلام ، أنّه تناول ذلك الموقف بقوله : (إن الأمر يومئذ واليوم كله لله ، ...) وإذا كان يوم القيامة بادت الحكام فلم يبق حاكم إلّا الله»(١)

وهنا يواجهنا السؤال التالي : هل يعني ذلك ، إنّ الآية تتعارض وشفاعة الأنبياء والأوصياء والملائكة؟

ويتّضح جواب السؤال المذكور من خلال البحوث التي قدمناها بخصوص موضوع (الشفاعة) فقد صرّح الحكيم في بيانه الكريم ، إنّ الشّفاعة لن تكون إلّا

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٤٥٠.

٤٩٧

بإذنه ، وإنّ الشّفاعة غير مطلقة ، حسب ما تشير إليه الآية (٢٨) من سورة الأنبياء( لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى ) اللهم! إنّ الخلائق تنتظر رحمتك ولطفك في ذلك اليوم الرهيب ، ونحن الآن نتوقع لطفك.

إلهنا! لا تحرمنا من الطافك وعناياتك في هذا العالم والعالم الآخر.

ربّنا! أنت الحاكم المطلق في كلّ مكان وزمان ، فاحفظنا من التورط في شباك الذنوب والسقوط في وادي الشرك واللجوء الى الغير

آمين يا ربّ العالمين

نهاية سورة الإنفطار

انتهى المجلد التاسع عشر

* * *

٤٩٨

الفهرس

سورة المعارج

محتوى السورة ٥

فضيلة هذه السورة ٦

تفسير الآيات : ١ ـ ٣ ٧

سبب النّزول ٧

العذاب العاجل ٩

ملاحظة

إشكالات المعاندين الواهية ١٠

تفسير الآيات : ٤ ـ ٧ ١٤

يوم مقداره خمسين ألف سنة ١٤

تفسير الآيات : ٨ ـ ١٨ ١٧

تفسير الآيات : ١٩ ـ ٢٨ ٢١

أوصاف المؤمنين ٢١

تفسير الآيات : ٢٩ ـ ٣٥ ٢٧

القسم الآخر من صفات أهل الجنّة ٢٧

تفسير الآيات : ٣٦ ـ ٤١ ٣٢

الطمع الواهي في الجنّة ٣٢

٤٩٩

ملاحظة

ربّ المشارق والمغارب ٣٥

تفسير الآيات : ٤٢ ـ ٤٤ ٣٧

كأنّهم يهرعون إلى الأصنام ٣٧

«سورة نوح»

محتوى سورة ٤٣

فضيلة هذه السورة ٤٤

تفسير الآيات : ١ ـ ٤ ٤٥

رسالة نوح الأولى ٤٥

ملاحظة

العوامل المعنوية لزيادة ونقصان العمر ٤٧

تفسير الآيات : ٥ ـ ٩ ٤٨

استخدام مختلف الوسائل لهدايتهم ، ولكن ٤٨

ملاحظتان

١ ـ أسلوب الإبلاغ ومنهجه ٥١

٢ ـ لماذا الفرا من الحقيقة ٥١

تفسير الآيات : ١٠ ـ ١٤ ٥٣

ثمرة الإيمان في الدنيا ٥٣

ملاحظة

الرّابطة بين التقوى والعمران ٥٥

تفسير الآيات : ١٥ ـ ٢٠ ٥٨

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585