موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٤

موسوعة الأسئلة العقائديّة10%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-04-1
الصفحات: 585

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 585 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 265792 / تحميل: 7513
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٤

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٤-١
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

التي تتميّز بأوراق عريضة جدّا وخضراء وجميلة ، وفاكهتها حلوة ولذيذة.

و «منضود» : من مادّة (نضد) بمعنى متراكم.

وممكن أن يشير هذا التعبير إلى تراكم الأوراق أو تراكم الفاكهة أو كليهما ، حتّى أنّ البعض قال : إنّ هذه الأشجار مليئة بالفاكهة إلى حدّ أنّها تغطّي سيقان وأوراق الأشجار.

وقال بعض المفسّرين : بالنظر إلى أنّ أوراق شجر السدر صغيرة جدّا ، وأوراق شجر الموز كبيرة جدّا ، فإنّ ذكر هاتين الشجرتين إشارة جميلة إلى جميع أشجار الجنّة التي تكون صفاتها بين صفات هاتين الشجرتين(١) .

ثمّ يستعرض سبحانه ذكر النعمة الثالثة من نعم أهل اليمين بقوله :( وَظِلٍّ مَمْدُودٍ ) .

فسّر البعض هذا (الظلّ الواسع) بحالة شبيهة للظلّ الذي يكون بين الطلوعين من حيث انتشاره في كلّ مكان ، وقد نقل حديث للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذا المعنى في روضة الكافي(٢) .

والمقصود هنا أن لا حرّ في الجنّة ، وأنّ أهلها في ظلال لطيفة واسعد تلطّف الروح.

وينتقل الحديث إلى مياه الجنّة حيث يقول سبحانه :( وَماءٍ مَسْكُوبٍ ) .

«مسكوب» من مادّة (سكب) على وزن «حرب» وتعني في الأصل الصبّ ، ولأنّ صبّ الماء يكون من الأعلى إلى الأسفل بصورة تيّار أو شلّال فإنّه بذلك يصوّر لنا مشهدا رائعا حيث إنّ خرير المياه ينعش الروح ، ويبهر العيون ، وهذه هي إحدى الهبات التي منحها الله لأهل الجنّة ، ومن الطبيعي أنّ هذه الجنّة المليئة بالأشجار العظيمة ، والمياه الجارية ، لا بدّ أن تكون فيها فواكه كثيرة ، وهذا ما ذكرته

__________________

(١) الفخر الرازي في التّفسير الكبير نهاية الآية مورد البحث ، ج ٢٩ ، ص ١٦٢.

(٢) روضة الكافي ، مطابق نقل نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٢١٦.

٤٦١

الآية الكريمة ، حيث يقول سبحانه في ذكر خامس نعمة :( وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ ) .

نعم ، ليست كفواكه الدنيا من حيث محدوديتها في فصول معيّنة من أسابيع أو شهور ، أو يصعب قطفها بلحاظ الأشواك ، أو العلو مثل النخيل ، أو مانع ذاتي في نفس الإنسان ، أو أنّ المضيف الأصلي الذي هو الله والملائكة الموكّلين بخدمة أهل الجنّة يبخلون عليهم كلّا ، لا يوجد شيء من هذا القبيل ، فالمقتضي موجود بشكل كامل ، والمانع بكلّ أشكاله مفقود.

ثمّ يشير سبحانه إلى نعمة اخرى حيث يقول :( وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ) أي الزوجات الرفيعات القدر والشأن.

«فرش» : جمع فراش وتعني في الأصل كلّ فراش يفرش ولهذا التناسب فإنّها تستعمل في بعض الأحيان كناية عن الزوج (سواء كان رجلا أو امرأة) لذا جاء في الحديث عن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : (الولد للفراش وللعاهر الحجر).

وفسّر البعض الفرش بمعناها الحقيقي وليس كناية ، واعتبرها إشارة إلى الفرش الثمينة والتي لها قيمة عظيمة في الجنّة. ولكن إذا فسّرت بهذه الصورة ، فسيقطع ارتباط هذه الآية مع الآيات اللاحقة التي تتحدّث عن حوريات وزوجات الجنّة.

ويصف القرآن الكريم زوجات الجنّة بقوله تعالى :( إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً ) .

وهذه الآية لعلّها تشير إلى الزوجات المؤمنات في هذه الدنيا حيث يمنحهنّ الله سبحانه خلقا جديدا في يوم القيامة ، ويدخلن الجنّة وهنّ في قمّة الحيوية والشباب والجمال والكمال الظاهر والباطن ، وبشكل يتناسب مع كمال الجنّة وخلوّها من كلّ نقص وعيب.

وإذا كان المقصود بذلك (الحوريات) فإنّ الله تعالى خلقهنّ بصورة لا يعتريهنّ فيها غبار العجز والضعف ، ويمكن أن يكون التعبير بالإنشاء إشارة إلى

٤٦٢

المعنيين أيضا.

ثمّ يضيف تعالى :( فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً ) .

واحتمال أن يكون الوصف مستمرّا ، كما صرّح كثير من المفسّرين بذلك ، وأشير له في الرّوايات الإسلامية أيضا ، حيث الزواج لا يغيّر وضعهنّ ويبقين أبكارا(١) .

ويضيف في وصفهنّ بوصف آخر فيقول تعالى :( عُرُباً ) .

(عربا) جمع (عروبة) على وزن (ضرورة) بمعنى المرأة التي يحكي وضع حالها عن مقام عفّتها وطهارتها ، وعمّا تكنّه من المحبّة لزوجها ، (إعراب) : على وزن (إظهار) معناه هو نفس مدلول الإظهار ، ويأتي هذا المصطلح أيضا بمعنى الفصاحة ولطافة الكلام ، ويمكن جمع المعنيين في هذه الآية.

والوصف الآخر لهن( أَتْراباً ) أي أنّها متماثلات في الجمال وأتراب في الظاهر والباطن ، ومتماثلات في العمر مع أزواجهنّ.

(أتراب) جمع (ترب) على وزن (ذهن) بمعنى المثل والشبيه ، وقال البعض : إنّ هذا المعنى أخذ من الترائب وهي عظام قفص الصدر ، لأنّها تتشابه الواحدة مع الاخرى.

إنّ هذا الشبه والتماثل يمكن أن يكون في أعمار الزوجات بالنسبة لأزواجهنّ ، كي يدركن إحساسات ومشاعر أزواجهنّ كاملة ، وبذلك تصبح الحياة أكثر سعادة وانسجاما ، بالرغم من أنّ السعادة تحصل مع اختلاف العمر أحيانا ، إلّا أنّ الغالب ليس كذلك. كما يمكن أن يكون المقصود بالتشابه والتساوي في الصفات الجمالية والنفسية وحسن الظاهر والباطن.

ثمّ يضيف تعالى :( لِأَصْحابِ الْيَمِينِ ) .

__________________

(١) روح المعاني ، ج ٢٧ ، ص ١٢٣ وبالضمن يجدر الانتباه إلى أنّ هذه الحالة ، مع فاء التفريع عطفت على الآية السابقة.

٤٦٣

وهذا تأكيد جديد على اختصاص هذه الصفات والنعم الإلهيّة بهم.

ويحتمل أيضا أن تكون هذه الجملة مكمّلة لجملة( إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً ) (١) .

وفي نهاية هذا العرض يقول سبحانه :( ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ ) .

«ثلّة» : في الأصل بمعنى قطعة مجتمعة من الصوف ، ثمّ أطلقت على كلّ مجموعة من الناس عظيمة ومتماسكة ، وبهذا الترتيب فإنّ مجموعة عظيمة من أصحاب اليمين هم من الأمم السابقة ، ومجموعة عظيمة من الامّة الإسلامية ، لأنّ بين المجموعتين كثير من الصالحين والمؤمنين. بالرغم من أنّ السابقين للإيمان في الامّة الإسلامية أقلّ من السابقين للإيمان في الأمم السابقة ، وذلك لكثرة تلك الأمم وكثرة أنبيائها.

وقال البعض : إنّ هاتين المجموعتين كلاهما من الامّة الإسلامية ، قسم من أوّلهم وقسم من آخرهم ، إلّا أنّ التّفسير الأوّل أصحّ.

* * *

__________________

(١) في الصورة الاولى عبارة (أصحاب اليمين) خبر لمبتدأ محذوف ، وفي التقدير تصبح هكذا : (هذه كلّها لأصحاب اليمين) وفي الصورة الثانية جار ومجرور متعلّق بأنشأناهنّ ، والتّفسير الأوّل أصحّ.

٤٦٤

الآيات

( وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ (٤١) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (٤٤) إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ (٤٥) وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (٤٦) وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (٤٨) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠) )

التّفسير

العقوبات المؤلمة لأصحاب الشمال :

بعد الاستعراض الذي مرّ بنا حول النعم والهبات العظيمة التي منحها الله سبحانه للمقرّبين من عباده ولأصحاب اليمين من أوليائه ، يتطرّق الآن إلى ذكر المجموعة الثالثة( أَصْحابُ الشِّمالِ ) والعذاب المؤلم والعاقبة السيّئة التي حلّت بهم ، في عملية مقارنة لوضع المجموعات الثلاثة حيث يقول البارئ :( وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ ) .

٤٦٥

أصحاب الشمال هم الذين يستلمون صحائف أعمالهم بأيديهم اليسرى إشارة إلى سوء عاقبتهم ، وأنّهم من أهل المعاصي والذنوب ، وممّن تكون النار مصيرا لهم ، ويستعمل هذا التعبير عادة لبيان (حسن) أو (سوء) نهاية الإنسان كما في قولنا : السعادة أقبلت علينا يا لها من سعادة!. أو المصيبة داهمتنا يا لها من مصيبة. وكذلك في قوله تعالى :( وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ ) .

ثمّ يشير سبحانه إلى ثلاثة أنواع من العقوبات التي يواجهونها ، الهواء الحارق القاتل من جهة( سَمُومٍ ) والماء المغلي المهلك من جهة اخرى( وَحَمِيمٍ ) ، وظلّ الدخان الخالق الحارّ من جهة ثالثة( وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ ) هذه الألوان من العذاب حاصرهم وتطوقهم وتسلب منهم الصبر والقدرة إنّها آلام وعذاب لا يطاق ، ولو لم يكن غيره من جزاء لكفاهم.

«سموم» : من مادّة (سمّ) بمعنى الهواء الحارق الذي يدخل في مسام الجلد فتهلكهم ، (ويقال للسمّ سمّا لأنّه ينفذ في جميع خلايا الجسم).

و «حميم» : بمعنى الشيء الحارّ ، وهنا جاء بمعنى الماء الحارق والذي أشير له في آيات قرآنية سابقة كما في قوله تعالى( يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ ) .(١)

«يحموم» : من نفس المادّة أيضا ، وهنا بمناسبة الظلّ فسّرت الكلمة بمعنى الظلّ الغليظ الأسود والحارّ.

ثمّ يضيف البارئ مؤكّدا فيقول :( لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ ) .

المظلّة عادة تحمي الإنسان من الشمس والمطر والهواء ولها منافع اخرى ، والظلّ المشار إليه في الآية الكريمة ليس له من هذه الفوائد شيء يذكر.

والتعبير بـ (كريم) من مادّة (كرامة) بمعنى مفيد فائدة ، ولذلك فإنّ المتعارف بين العرب إذا أرادوا أن يعرفوا شيئا أو شخصا بانّه غير مفيد يقولون (لا كرامة

__________________

(١) الحجّ. ١٩.

٤٦٦

فيه).

ومن الطبيعي أنّ مظلّة من الدخان الأسود الخانق لا ينتظر منها إلّا الشرّ والضرر (لا كرامة).

وبالرغم من أنّ أجزاء أهل النار له أنواع مختلفة مرعبة من العذاب ، إلّا أنّ ذكر الأقسام الثلاثة يكفي لإعطاء فكرة عن بقيّة الأهوال.

وفي الآيات اللاحقة يذكر الأسباب التي أدّت بأصحاب الشمال إلى هذا المصير المخيف والمشؤوم ، وذلك بثلاث جمل ، يقول في البداية :( إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ ) .

«مترف» : كما ورد في لسان العرب من مادّة ترف ـ على وزن (سبب) ـ بمعنى التنعّم ، وتطلق على الشخص الذي ملكته الغفلة وجعلته مغرورا سكران ، وجرّته إلى الطغيان.(١)

صحيح أنّ أصحاب الشمال ليسوا جميعا من زمرة المترفين ، إلّا أنّ المقصودين في القرآن الكريم هم أربابهم وأكابرهم.

والملاحظ في عصرنا الحاضر أنّ فساد المجتمعات وعوامل الانحراف ورأس الحروب والدمار ونزيف الدم وأنواع الظلم ومركز الشهوات والفساد في العالم أجمع بيد «الزمرة» المترفة المغرورة ، ولهذا فالقرآن الكريم قد شخصّهم وحدّد موقفه منهم ابتداء.

وهنالك رأي ثان وهو : إنّ نعم الله سبحانه واسعة وعديدة ولا تنحصر بالأموال فقط ، بل تشمل الصحّة والشباب والعمر فإذا كانت هذه النعم أو بعضها مبعثا للغرور والغفلة ، فإنّها ستكون مصدرا أساسيا للذنوب ، وهذا المفهوم يسري على أصحاب الشمال.

__________________

(١) لسان العرب ، ج ٩ ، ص ١٧.

٤٦٧

ثمّ يشير سبحانه إلى العامل الثاني الذي كان مصدرا وسببا لعذاب أصحاب الشمال ، فيقول سبحانه :( وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ ) .

«الحنث» في الأصل يعني كلّ نوع من الذنوب ، وقد استعمل هذا المصطلح في كثير من الموارد بمعنى نقض العهد ومخالفة القسم ، لكونه مصداقا واضحا للذنب ، وبناء على هذا فإنّ خصوصية أصحاب الشمال ليس فقط في ارتكاب الذنوب ولكن في الإصرار عليها ، لأنّ الذنب يمكن صدوره من أصحاب اليمين أيضا ، إلّا أنّهم لا يصرّون عليه أبدا ، ويستغفرون ربّهم ويعلنون التوبة إليه عند تذكّره.

وفسّر البعض «الحنث العظيم» بمعنى الشرك ، لأنّه لا ذنب أعظم من الشرك.

قال تعالى :( إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ ) (١) .

وفسّر (الحنث) بالكذب ، لأنّه أعظم الذنوب ، ومفتاح المعاصي ، خصوصا حينما يكون الكذب توأما لتكذيب للأنبياءعليه‌السلام والمعاد.

والظاهر أنّ هذه جميعا تعتبر مصاديق للحنث العظيم.

وثالث عمل سبب لهم هذا الويل والعذاب ، هو أنّهم قالوا :( وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ) .

وعلى هذا فإنّ إنكار القيامة والذي هو بحدّ ذاته مصدر للكثير من الذنوب ، هو وصف آخر لأصحاب الشمال ، ومصدر لشقائهم. وتعبير( كانُوا يَقُولُونَ ) يوضّح لنا أنّهم كانوا يصرّون ويعاندون في إنكار يوم القيامة أيضا.

وهنا مطلبان جديران بالملاحظة وهما :

الأوّل : أنّ القرآن الكريم في معرض حديثه عن (المقرّبين) و (أصحاب اليمين) لم يعط توضيحا عن أعمالهم التي سبّبت لهم تلك النعم وذلك الجزاء ، إلّا ضمن إشارة عابرة. أمّا عند ما جاء دور الحديث عن أصحاب الشمال فقد وضّحت

__________________

(١) النساء ، آية ٤٨.

٤٦٨

أفعالهم بصورة كافية ، وذلك ليكون إتماما للحجّة عليهم من جهة ، وإظهار أنّ جزاءهم هذا كان انسجاما مع مبادئ العدالة تماما من جهة اخرى.

والمسألة الاخرى : أنّ الذنوب الثلاثة التي أشير إليها في الآيات الثلاثة السابقة كانت بمثابة نفي اصول الدين الثلاثة من قبل أصحاب الشمال.

ففي آخر آية تحدّث القرآن الكريم عن تكذيبهم ليوم القيامة ، وفي الآية الثانية عن إنكار التوحيد ، وفي الآية الاولى كانت الحديث عن المترفين وهي إشارة إلى تكذيب الأنبياء كما جاء في قوله تعالى :( وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ ) .(١)

والتعبير بـ( تُراباً وَعِظاماً ) لعلّه إشارة إلى أنّ لحومنا تتحوّل إلى تراب ، وعظامنا إلى رميم ، ومع ذلك فكيف نكون خلقا جديد؟

ولمّا كانت عودة الحياة إلى التراب أبعد من عودتها إلى العظام لذا ذكر في البداية حيث يقول تعالى :( تُراباً وَعِظاماً ) .

والعجيب أنّ هؤلاء يرون مشاهد المعاد بأعينهم في هذه الدنيا ومع ذلك فإنّهم ينكرونها(٢) . ألم يروا إلى الكثير من الموجودات الحيّة كالنباتات تموت وتجفّ وتصبح ترابا ثمّ تلبس لباس الحياة مرّة اخرى ، وأساسا فإنّ الذي خلق الخلق أوّل مرّة لن يعييه إعادة الخلق ثانية ، ولن يكون عليه ذلك صعبا وعسيرا ولكنّهم مع ذلك يصرّون على إنكار المعاد.

إنّهم لم يكتفوا بما ذكروا وذهبوا إلى أكثر من ذلك حيث قالوا بتعجّب :( أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ ) (٣) الذين لم يبق منهم أثر وتناثرت كلّ ذرّة من تراب أجسادهم

__________________

(١) الزخرف ، ٢٣.

(٢) يجب الانتباه هنا إلى تكرا حرف الاستفهام والتعبير بـ (أنّ) كلّها للتأكيد.

(٣) الهمزة في (أو آبائنا الأوّلون) استفهامية ، والواو واو عطف وهنا قدّمت الهمزة الاستفهامية عليها.

٤٦٩

في جهة ، أو أصبحت جزءا من بدن كائن آخر؟

ولكن ، كما قيل مفصّلا في نهاية سورة ياسين ، فإنّ هذه التساؤلات وغيرها ليست سوى حجج واهية أمام الدلائل القويّة المتوفّرة حول مسألة المعاد.

ثمّ إنّ القرآن الكريم يأمر الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يجيبهم :( قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ) (١) .

«ميقات» من مادّة (وقت) بمعنى الزمان الذي يحدّد لعمل ما أو موعد.

والمقصود من الميقات هنا هو نفس الوقت المقرّر للقيامة ، حيث يجتمع كلّ البشر للحساب ، ويأتي أحيانا كناية عن المكان الذي عين لإنجاز عمل معيّن ، مثل مواقيت الحجّ ، التي هي أسماء أماكن خاصّة للشروع بالإحرام.

ويستفاد من التعابير المختلفة التي وردت في الآية السابقة والتأكيدات العديدة حول مسألة الحشر ، مثل : (إنّ ، اللام ، «مجموعون» التي جاءت بصيغة اسم مفعول ، ووصف «يوم» بأنّه معلوم) ممّا يكون واضحا ومؤكّدا أنّ حشر جميع الناس ينجز في يوم واحد ، وجاء هذا المعنى في آيات قرآنية اخرى أيضا(٢) .

ومن هنا يتّضح جيّدا أنّ الذين كانوا يتصوّرون أنّ القيامة تقع في أزمنة متعدّدة حيث إنّ لكلّ امّة قيامة ، هم غرباء عن آيات الله تماما.

ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ معلومية يوم القيامة هي عند الله فقط ، وإلّا فإنّ جميع البشر بما فيهم الأنبياء والمرسلون والمقرّبون والملائكة ليس لهم علم بتوقيتها.

* * *

__________________

(١) استعملت (إلى) في هذه الجملة إشارة إلى أنّ القيامة تكون في نهاية هذا العالم ، ويمكن أن تكون هنا بمعنى بـ «لام» كما هو في الكثير من الآيات القرآنية وردت (لميقات).

(٢) هور ، الآية ١٠٣ ، مريم ، الآية ٩٥.

٤٧٠

الآيات

( ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥) هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (٥٦) )

التّفسير

عقوبات جديدة للمجرمين :

هذه الآيات استمرار للأبحاث المرتبطة بعقوبات أصحاب الشمال ، حيث يخاطبهم بقوله :( ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ ) (١) .

كان الحديث في الآيات السابقة حول الأجواء التي تحيط بـ (أصحاب الشمال) وينتقل الحديث في الآيات أعلاه إلى مشربهم ومأكلهم مقارنا بمأكل ومشرب المقرّبين وأصحاب اليمين.

والجدير بالذكر أنّ المخاطبين في هذه الآيات هم «الضالّون المكذّبون»

__________________

(١) (من) في (من شجر) تبعيضية ، و (من) في (زقّوم) بيانية.

٤٧١

الذين يتّسمون مضافا إلى الضلال والانحراف بأنّ لديهم روح العناد والإصرار على الباطل في مقابل الحقّ.

(زقّوم) كما ذكرنا سابقا : نبات مرّ نتن الرائحة وطعمه غير مستساغ ، وفيه عصارة إذا دخلت جسم الإنسان يصاب بالتورّم ، وتقال أحيانا لكلّ نوع من الغذاء المنفّر لأهل النار(١) .

وللمزيد حول (الزقّوم) يراجع نهاية الآية (٦٢) سورة الصافات ، وكذلك نهاية الآية (٤٣) سورة الدخان.

والتعبير بـ( فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ ) إشارة إلى الجوع الشديد الذي يصيبهم بحيث إنّهم يأكلون بنهم وشره من هذا الغذاء النتن وغير المستساغ جدّا فيملئون بطونهم.

وعند تناولهم لهذا الغذاء السيء يعطشون. ولكن ما هو شرابهم؟!

يتبيّن ذلك في قوله تعالى :( فَشارِبُونَ عَلَيْهِ ) (٢) ( مِنَ الْحَمِيمِ فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ ) .

إنّ البعير الذي يبتلى بداء العطش فإنّ شدّة عطشه تجعله يشرب الماء باستمرار حتّى يهلك ، وهذا هو نفس مصير( الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ ) في يوم القيامة.

«حميم» : بمعنى الماء الحارّ جدّا والحارق ، وتطلق عبارة (وليّ حميم) على طبيعة العلاقة الصادقة الوديّة الحارّة ، و «حمّام» مشتقّ من نفس المادّة أيضا.

(هيم) على وزن (ميم) جمع هائم ، واعتبرها البعض جمع أهيم وهيماء ، وهي في الأصل من (هيام) على وزن (فرات) بمعنى مرض العطش الذي يصيب البعير ،

__________________

(١) مجمع البحرين ومفردات الراغب ، ولسان العرب ، وتفسير روح المعاني.

(٢) الجدير بالذكر أنّ في الآية السابقة كان الضمير مؤنثا (منها) يعود على (شجر من زقّوم) وفي هذه الآية كان الضمير مذكرا (عليه) يعود على الشجر ، وذلك لأنّ الشجر اسم جنس يستعمل للذكر والمؤنث ، وكذلك ثمر ، (مجمع البيان نهاية الآية مورد البحث).

٤٧٢

ويستعمل هذا التعبير للعشق الحادّ أو للعشّاق الذين لا يقرّ لهم قرار.

ويعتبر بعض المفسّرين أنّ معنى (هيم) هي الأراضي الرملية والتي كلّما سقيت بماء تسرّب منها فتظهر الظمأ دائما.

وفي آخر آية ـ مورد البحث ـ يشير سبحانه إلى طبيعة مأكلهم ومشربهم في ذلك اليوم حيث يقول :( هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ ) .

فأين نزلهم ونزل أصحاب اليمين الذين ينعمون بالاستقرار في ظلال الأشجار الوارفة ، ويتناولون ألذّ الفواكه وأطيب الأطعمة ، وأعذب الشراب الطهور ، ويطوف حولهم الولدان المخلّدون وحور العين ، وهم سكارى من عشق البارئعزوجل ؟

أين أولئك؟ وأين هؤلاء؟

مصطلح (نزل) كما قلنا سابقا بمعنى الوسيلة التي يكرمون بها الضيف العزيز ، وتطلق أحيانا على أوّل طعام أو شراب يؤتى به للضيوف ، ومن الطبيعي أنّ أهل النار ليسوا ضيوفا ، وأنّ الزقّوم والحميم ليس وسيلة لضيافتهم. بل هو نوع من الطعن فيهم ، وأنّه إذا كان كلّ هذا العذاب هو مجرّد استقبال لهم ، فكيف بعد ذلك سيكون حالهم؟

* * *

٤٧٣

الآيات

( نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ (٥٧) أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ (٥٨) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ (٥٩) نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٦٠) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ (٦١) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ (٦٢) )

التّفسير

سبعة أدلّة على المعاد :

بما أنّ الآيات السابقة تحدّثت عن تكذيب الضالّين ليوم المعاد ، فإنّ الآيات اللاحقة استعرضت سبعة أدلّة على هذه المسألة المهمّة ، كي يتركّز الإيمان وتطمئن القلوب بالوعود الإلهيّة التي وردت في الآيات السابقة حول «المقرّبين وأصحاب اليمين وأصحاب الشمال» ، وأساسا فإنّ أبحاث هذه السورة تتركّز على بحث المعاد بشكل عامّ.

يقول سبحانه في المرحلة الاولى :( نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ ) أي لم لا

٤٧٤

تصدّقون بالمعاد(١) ؟!

لماذا تتعجّبون من الحشر والمعاد الجسمي بعد أن تصبح أجسامكم ترابا؟ ألم نخلقكم من التراب أوّل مرّة؟ أليس حكم الأمثال واحدا؟

هذه الاستدلالات في الحقيقة شبيهة بما جاء في قوله تعالى :( وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ) .(٢)

وفي الآية اللاحقة يشير البارئ إلى دليل ثان حول هذه المسألة فيقول :( أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ ) (٣) ( أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ ) .

من الذي يجعل من هذه النطفة الحقيرة التي لا قيمة لها في كلّ يوم بخلق جديد وشكل جديد ، وخلق بعد خلق؟! هذه التطورات العجيبة التي بهرت العقول واولى الألباب من المفكّرين ، هل كانت من خلقكم أم من خلق الله تعالى؟

وهل أنّ القادر على الخلق المتكرّر يعجز عن إحياء الموتى في يوم القيامة؟ إنّ المفاهيم التي وردت في هذه الآية تحكي نفس المفاهيم التي جاءت في قوله تعالى :( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ) .(٤)

وإذا تجاوزنا ذلك وأخذنا بنظر الإعتبار ما يقوله علماء اليوم حول قطرة الماء هذه (النطفة) التي في ظاهر الأمر لا قيمة لها ، سوف يتّضح لنا الحال أكثر ،

__________________

(١) (لولا) في الاصطلاح تستعمل للحضّ والتحريك لإنجاز عمل ما ، وكما يقول البعض فإنّها في الأصل مركّبة من (لم) و (لا) والتي تعطي معنى السؤال والنفي ثمّ تبدّلت الميم إلى واو ، ويستعمل هذا المصطلح في مكان يتسامح فيه فرد أو أفراد في إنجاز عمل ما ، ويقال لهم : لماذا لا تعملون هكذا وهكذا؟

(٢) سورة يس ، ٧٨ ـ ٧٩.

(٣) جاءت «رأيتم» هنا من الرؤية بمعنى العلم وليست المشاهدة بالعين المجرّدة.

(٤) الحجّ ، ٥.

٤٧٥

حيث يقولون : إنّ الحيمن (الأسبر) هو حيوان مجهري صغير جدّا وإنّ منيّ الرجل يحتوي على عدد هائل من الحيامن في كلّ إنزال تقدّر بين (٢ ـ ٥) مليون حيمن وهذا يمثّل مقدار مجموع سكّان عدّة (بلدان في العالم)(١) هذا الحيوان المنوي يتّحد مع بويضة المرأة (أوول) ، فتتكوّن البيضة المخصّبة التي تنمو بسرعة وتتكاثر بصورة عجيبة ، حيث تصنع خلايا جسم الإنسان ، ومع أنّ الخلايا متشابهة في الظاهر ، إلّا أنّها تتوزّع بسرعة إلى مجاميع عديدة ، فقسم منها يختص بالقلب ، والآخر بالأطراف ، والثالث بالاذن والحنجرة ، وكلّ مجموعة مستقرّة في مكانها المحدّد له ، فلا خلايا الكلية تنتقل إلى خلايا القلب ، ولا خلايا القلب تتحوّل إلى خلايا العين ، ولا العكس.

والخلاصة أنّ «النطفة المخصّبة» في المرحلة الجنينيّة تمرّ بعوالم عديدة مختلفة حتّى تصبح جنينا ، وكلّ هذا في ظلّ خالقية إلهيّة مستمرّة ، في حين أنّ دور الإنسان في هذه العملية بسيط جدّا ، ويقتصر على وضع النطفة في الرحم ، والذي ينجز بلحظة واحدة.

أليست هذه المسألة دليلا حيّا على مسألة المعاد؟

أو ليست هذه القدرة العظيمة تدلّل على قدرة إحياء الموتى أيضا(٢) .

ثمّ يستعرض ذكر الدليل الثالث حيث يقول سبحانه :( نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ) .

نعم ، إنّنا لن نغلب أبدا ، وإذا قدّرنا الموت فلا يعني ذلك أنّنا لا نستطيع أن نمنح العمر السرمدي ، بل أنّ الهدف هو أن نذهب بقسم من الناس ونأتي بآخرين محلّهم. وأخيرا نعيدكم خلقا جديدا في عالم لا تعلمون عنه شيئا( عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ ) .

__________________

(١) كتاب أوّل جامعة ، ج ١ (بحث معرفة الجنين) ، ص ٢٤١.

(٢) في هذا الموضوع ذكرنا توضيحات اخرى في نهاية الآية (٥) من سورة الحجّ.

٤٧٦

وفي تفسير هاتين الآيتين هناك وجهة نظر اخرى وهي : أنّ الآية الثانية لم تأت لبيان هدف الآية الاولى ولكن تكملة لها ، حيث يريد سبحانه أن يبيّن المعنى التالي وهو : أنّنا لسنا بعاجزين ومغلوبين على أن نذهب بقسم ونأتي بآخرين مكانهم(١) .

ويوجد تفسيران لجملة( عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ ) .

الأوّل : هو نفس التّفسير المذكور أعلاه ، والذي هو المشهور بين المفسّرين ، وطبقا لهذا الرأي تكون عملية تبديل الأقوام في هذه الدنيا.

والثاني هو : أنّ المقصود من (أمثال) هم نفس البشر الذين يبعثون في يوم القيامة ، والتعبير بـ (مثل) لأنّ الإنسان لا يبعث مرّة اخرى بكلّ خصوصياته التي كان عليها ، إذ أنّه سيكون في وقت جديد وكيفيات جديدة من حيث الروح والجسم.

إلّا أنّ التّفسير الأوّل هو الأنسب حسب الظاهر.

وعلى كلّ حال ، فإنّ الهدف هو الاستدلال على المعاد من خلال مسألة الموت ، ويمكن توضيح الدليل بالصورة التالية : إنّ الله الحكيم الذي خلق الإنسان وقدّر له الموت فطائفة يموتون وآخرين يولدون باستمرار ، من البديهي أنّ له هدف.

فإذا كانت الحياة الدنيا هي الهدف فالمناسب أن يكون عمر الإنسان خالدا وليس بهذا المقدار القصير المقترن مع ألوان الآلام والمشاكل.

وسنّة الموت تشهد أنّ الدنيا معبّرا وليست منزلا وأنّها جسر وليست مقصدا ، لأنّها لو كانت مستقرّا ومقصد للزم أن تدوم الحياة فيها.

جملة( وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ ) ظاهرا إشارة إلى خلق الإنسان يوم القيامة ،

__________________

(١) طبقا للتفسير الأوّل فإنّ الجار والمجرور في (على أنّ نبدّل) متعلّق بـ (قدّرنا) والذي جاء في الآية السابقة ، طبقا للتفسير الثاني فإنّها متعلّقة بـ (مسبوقين) (يرجى الانتباه).

٤٧٧

والتي هي الهدف لحياة وفناء هذه الدنيا ، ومن البديهي لأي شخص لم ير الدار الآخرة أنّه لن يستطيع إدراكها ومعرفة قوانينها والأنظمة المسيطرة عليها من خلال الألفاظ والصور التي تنقل لنا عنها ، نعم إنّنا نستطيع أن نرى شبحها وظلالها فقط من التصوير اللفظي لها ، ولذا فإنّ الآية أعلاه تعكس هذه الحقيقة ، حيث تذكر أنّ الله سيخلقنا في عالم جديد وبأشكال وظروف جديدة لا ندرك أسرارها(١) .

وفي آخر آية ـ مورد البحث ـ يتحدّث سبحانه عن رابع دليل للمعاد حيث يقول :( وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ ) .

هذا الدليل نستطيع بيانه بصورتين :

الاولى : في المثال التالي : إذا كنا نسير في صحراء وشاهدنا قصرا مهيبا عظيما مثيرا للإعجاب في محتوياته ومواد بنائه وهندسته ، وقيل لنا : إنّ الهدف من هذا القصر هو استعماله كمحطّة للراحة والهدوء لعدّة ساعات فقط لقافلة صغيرة فإنّنا سنحكم في أنفسنا بصورة قاطعة على عدم الحكمة في هذا العمل ، إذ من المناسب لمثل الهدف المتقدّم ذكره أن تعد خيمة صغيرة فقط.

وعلى هذا فإنّ خلق هذه الدنيا العظيمة وما فيها من أجرام سماوية وشمس وقمر وأنواع المخلوقات الأرضية الاخرى ، هل يمكن أن يكون لهدف صغير محدود ، كأن يعيش الإنسان فيها بضعة أيّام؟ كلّا ليس كذلك ، وإلّا فانّه يعني أنّ خلق العالم سيكون بدون هدف ، ولكن ممّا لا شكّ فيه أنّ هذه المخلوقات العظيمة قد خلقت لموجود شريف ـ مثل الإنسان ـ ليعرف الله سبحانه من خلالها ، معرفة تكون رأسماله الوحيد في الدار الآخرة ، فالهدف إذن هو الدار الآخرة ، وهذا دليل آخر على المعاد.

وهذا البيان هو ما نجده في الآية الشريفة :( وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما

__________________

(١) اعتبر البعض أن الآية هي إشارة إلى مسخ الأقوام السابقين في هذا العالم ، حيث إن الله سبحانه قد مسخهم بأشكال لا يعلمونها ، إلا أن هذا المعنى لا ينسجم مع ظاهر الآية.

٤٧٨

بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ) .(١)

الثانية : هو أنّنا نلاحظ مشاهد المعاد في هذا العالم تتكرّر أمامنا في كلّ سنة وفي كلّ زاوية وكلّ مكان ، حيث مشهد القيامة والحشر في عالم النبات ، فتحيى الأرض الميتة بهطول الأمطار الباعثة للحياة قال تعالى :( إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى ) ،(٢) وقد أشير إلى هذا المعنى كذلك في الآية ٦ من سورة الحجّ.

* * *

ملاحظة

حجيّة القياس :

إنّ هذه المسألة تطرح عادة في اصول الفقه ، وهي أنّنا لا نستطيع إثبات الحكم الشرعي عن طريق القياس كقولنا مثلا : (إنّ المرأة الحائض التي يجب أن تقضي صومها يجب أن تقضي صلاتها كذلك) ـ أي يجب أن تكون استنتاجاتنا من الكلّي إلى الجزئي ، وليس العكس ـ وبالرغم من أنّ علماء أهل السنّة قد قبلوا القياس في الغالب كأحد مصادر التشريع في الفقه الإسلامي ، فإنّ قسما منهم يوافقوننا في مسألة (نفي حجيّة القياس).

والظريف هنا أنّ بعض مؤيّدي القياس أرادوا أن يستدلّوا بمقصودهم بالآية التالية :( وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى ) أي قيسوا النشأة الاخرى (القيامة) على النشأة الاولى (الدنيا).

إلّا أنّ هذا الاستدلال عجيب ، لأنّه أوّلا : إنّ المذكور في الآية هو استدلال عقلي وقياس منطقي ، ذلك أنّ منكري المعاد كانوا يقولون : كيف تكون لله القدرة على إحياء العظام النخرة؟ فيجيبهم القرآن الكريم بالمفهوم التالي : إنّ القوّة التي

__________________

(١) سورة ص ، ٣٧.

(٢) فصّلت ، ٣٩.

٤٧٩

كانت لها القدرة على خلقكم في البداية هي نفسها ستكون لها القدرة لخلقكم مرّة ثانية ، في الوقت الذي لا يكون القياس الظنّي بالأحكام الشرعية بهذه الصورة أبدا ، لأنّنا لا نحيط بمصالح ومفاسد كلّ الأحكام الشرعية.

وثانيا : إنّ من يقول ببطلان القياس يستثني قياس الأولوية ، فمثلا يقول تعالى :( فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما ) ونفهم بطريق أولى ألّا تؤذيهما من الناحية البدنية.

والآية مورد البحث من قبيل قياس الأولوية وليس لها ربط بالقياس الظنّي مورد الخلاف والنزاع ، لأنّه لم يكن شيء من المخلوقات في البداية ، واللهعزوجل خلق الوجود من العدم وخلق الإنسان من التراب ، ولذا فإنّ إعادة الإنسان إلى الوجود مرّة اخرى أيسر من خلقه ابتداء ، وتعكس الآية الكريمة التالية هذا المفهوم حيث يقول تعالى :( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ) .(١)

وننهي حديثنا هذا بالحديث التالي : «عجبا كلّ العجب للمكذّب بالنشأة الاخرى وهو يرى النشأة الاولى ، وعجبا للمصدّق بالنشأة الاخرى وهو يسعى لدار الغرور»(٢) .

* * *

__________________

(١) الروم ، ٢٧.

(٢) ذكر هذا الحديث في تفسير روح البيان وروح المعاني والقرطبي والمراغي باختلاف مختصر بعنوان خبر ، وبدون تصريح باسم الرّسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا أنّ ظاهر تعبيراتهم أنّ الحديث للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفي كتاب الكافي أيضا نقل القسم الأوّل من هذا الحديث عن الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام .

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

وآرائها ؛ وما ذكرناه هو القدر المتيقّن المنقول في كتبهم ، وإلاّ فهم يلتزمون بخرافات وأساطير باطلة ، قد يخفونها على عامّة الناس.

( فاطمة ـ العراق ـ )

عقيدة اليزيديين :

س : ما هي عقيدة اليزيديين عبدة الشيطان؟

ج : اليزيدية إحدى الطوائف التي تكتّمت في إظهار معتقداتها ، لهذا نرى الباحثين في هذا المذهب يختلفون في نتائج تحقيقاتهم ، فنرى جماعة من ينسب اليزيدية إلى يزيد بن معاوية الأُموي ، وجماعة تنسبهم إلى يزيد بن أنيسة الخارجي ، وجماعة يرجعونهم إلى دين المجوس ، ويرون أن كلمة يزيدية مشتقّة من الكلمة الفارسية « يزدان» التي تعني الله ، وبعضهم يدّعي أنّ كلمة اليزيدية مأخوذة من لفظة يزد ، المدينة المشهورة في إيران.

والظاهر أنّهم كانوا في بداية أمرهم من المجوس ، فاعتنقوا الإسلام بعد مجوسيّتهم ، ولمّا حلّ الشيخ عدي بن مسافر الأُموي بين ظهرانيهم في منتصف القرن السادس للهجرة ، وأسّس طريقته العدوية ، كانوا أوّل من والاها واعتنقها ، وقد غلوا فيه ونسبوا إليه ما لا يصحّ نسبته إلى مخلوق مثله ، وبعد وفاته ظهر بين خلفائه بعض من أضلّهم ، وأبعدهم عن التعاليم الإسلامية ، فظهرت فيهم براعم الدين القديم.

وإنّما سمّو باليزيدية لأنّهم كانوا يعتقدون بصلاح يزيد بن معاوية اعتقاداً تجاوز الحدّ حتّى قالوا فيه إلهاً.

ويرى اليزيدون أنّ الكون وجد من قوّتين : قوّة الخير وهي الله ، وقوّة الشرّ وهي الشيطان ، ولهذا يتحاشون عن ذكر اسم الشيطان.

وتختلف العبادة التي يتقرّب بها اليزيدية ، فعبادتهم للشيطان عبادة تضرّع ، وتعطّف وخشية ، وعبادتهم لله عبادة خضوع وشكر وامتنان.

٥٢١

وقد بلغ الخوف باليزيدية من الشيطان درجة أنّهم تركوا عبادة إله الرحمة ، مبرئين أنفسهم من الخطأ في ذلك ، إنّ الله الذي لا حدّ لصلاحه وجوده ومحبّته للخلائق ، لا يفعل بهم شرّاً لأنّه صالح ، أمّا الشيطان فهو منقاد طبعاً إلى عمل الشرّ ، لأنّه مصدر الشرّ ومبدأه ، وعليه فالفطنة تقتضي على من يريد سعادة الحياة أن يهمل عبادة الله الصالح بطبيعته ، الذي لا يشاء عمل الشرّ ، ويطلب ولاء الشيطان وحمايته تخلّصاً من أذاه ، إذ للشيطان وحده أن يسلّط الشرور وأن يدفعها.

هذه بعض عقائد اليزيدية في الكون ، وأمّا عن شعائرهم التعبّدية ـ كالصوم والصلاة ، والحجّ والزكاة ، وسائر فروض العبادة ـ فإنّها تخالف ما فرض الإسلام من ناحية الكم والكيف.

( الموالي ـ السعودية ـ )

فرقة الكرامية :

س : من هم الكرامية؟ وما هي أهمّ آراؤهم الفقهية والعقائدية؟ وما رأي علماء المسلمين فيهم؟ وهل الفرقة الوهّابية الضالّة تعتبر امتداداً لهم؟

نرجو ذكر بعض المصادر التي تتناولهم بالتفصيل ، حفظكم الله ورعاكم.

ج : إنّ مؤسّس فرقة الكرامية هو : محمّد بن كرام السجستاني ـ المتوفّى ٢٥٥ هـ ـ وباسمه سمّيت هذه الفرقة ، وهي من الفرق المنحرفة ، ولهم آراء فاسدة ، كالقول بالتجسيم ، وأنّ لله على العرش استقراراً ، وعلى أنّه بجهة فوق ذاتاً ، وأطلق عليه اسم الجوهر ، ومسألة اليد والوجه والرؤية كُلّها من اعتقاداتهم ، ولم تمت الكرامية بموت مؤسّسها ، فلقد عاشت بعد موته ، حيث تلقّاها الهروي الأنصاري ، ثمّ احتضنها ابن تيمية ، واعتقد بكثير من عقائدها ، وكذلك الوهّابية المتأثّرون بأفكار ابن تيمية.

٥٢٢

( حسن ـ البحرين ـ ٢٠ سنة ـ طالب جامعة )

حركة القرامطة حركة سياسية :

س : من هم القرامطة؟ وما حقيقة حركة القرامطة في الجزيرة العربية؟

ج : إنّ القرامطة حركة سياسية ، ينتسبون إلى حمدان قرمط ، الذي كان أحد دعاتهم ـ وسمّي بذلك ، أي قرمط ، لأنّه كان يترقمط في مشيته ، أي يقارب بين خطواته ، وقد أقام في الكوفة سنة ٢٧٨ هـ ـ وادعوا انتسابهم إلى الفرقة الإسماعيلية.

والعباسيون في ذلك الوقت كانوا قد أعلنوا عداءهم للفاطميين ولاة مصر ، وكانوا يحاولون إلصاق أيّة تهمة بالخليفة الفاطمي آنذاك ، وبالفاطميين أنفسهم ، وقد ساعد بثّ هذه الدعوى أن حمدان قرمط قد أدّعى انتسابه إلى الإسماعيلية ، وحاول أن يجعل من نفسه منتسباً إلى المذهب الإسماعيلي ، لاستقطاب العامّة من البسطاء إليه ، بل ادّعى أكثر من ذلك ، وهو انتسابه إلى الفاطميين ، إلاّ أنّه لم يثبت ذلك.

وفي سنة ٢٨١ هـ قدم إلى البحرين من يدّعي أنّه رسول المهدي الفاطمي ، وطلب منهم الانضمام إلى دعوة القرامطة ، فأجابه بعضهم ، وكان أبرزهم أبي سعيد الجنابي ، واسمه الحسن بن بهرام.

وفي سنة ٢٨٣ هـ تزعّم أبو سعيد الجنابي الحركة القرمطية في البحرين ، وسار بأصحابه إلى القطيف ، ثمّ إلى البصرة ، وقد عهد أبو سعيد الجنابي إلى ابنه أبي طاهر حركة القرامطة ، ففي سنة ٣٠٧ هـ سار إلى البصرة فاستباحها ، وفي سنة ٣١٢ هـ اعترض حجّاج بيت الله الحرام فقتل منهم ، وانهزم الباقون.

وفي سنة ٣١٧ هـ هجم على مكّة ، وقتل كثيراً من الحجّاج ونهب أموالهم ، وفي سنة ٣١٩ هـ سار أبو طاهر أيضاً إلى مكّة ، فقتل الحجّاج واقتلع الحجر الأسود ، وحمله إلى هجر ، فلمّا بلغ الخبر إلى المهدي الفاطمي ، كتب إليه بالنكير واللعن ، وهدّده إذا لم يرجع الحجر الأسود.

٥٢٣

هذه نبذة من تاريخ القرامطة ، والشيعة منهم براء ، ومن أفعالهم القبيحة ، أعاذنا الله وإيّاكم من الفتن والأهواء ، إنّه سميع الدعاء.

( موالي ـ الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالب )

الإخبارية وإنكارهم للعقل :

س : كيف نردّ على الإخبارية الذين ينكرون العقل والإجماع في استنباط الحكم الشرعي؟

ج : إنّ البحث في هذا المجال ، ومن ثمّ الحكم فيه يحتاج إلى دراسة مفصّلة لمقطع من علم الأُصول ، ولا يسعنا التطرّق إليه في هذا المختصر ، ولكن مع هذا نشير إلى نقاط ذات صلة في الجواب :

أوّلاً : لا يرى الأُصولي حجّية العقل مطلقاً ـ حتّى يرد عليه كلام الإخباري ـ بل إنّ العقل عنده حجّة في فهم الحكم ، والدليل في المستقّلات العقلية ، وأمّا الإجماع ـ في نظر المحقّقين من الأُصوليين ـ فليس حجيّته من جهة نفسه ، بل حجيّته تأتي من اشتماله على قول المعصومعليه‌السلام ، فإن كان فهو ، وإلاّ ليس الإجماع على الإطلاق حجّة.

وفي الواقع : أنّ الإجماع المعتمد عند الأُصولي المحقّق مرجعه إلى السنّة والروايات ليس إلاّ.

وأمّا الدليل على كلام الأُصولي لحجّية العقل في المجالين المذكورين ، هو استقلال العقل في الدلالة على المطلب ، وعدم ردع الشارع عنه ، وهذا آية ارتضائه لهذه السيرة العقلائية.

وثانياً : أمّا الآيات والروايات الواردة في المنع عن الاعتماد على العقل ، فكُلّها تنصبّ في مجرى اتّباع العقل بصورة ناقصة ، مثلاً في باب المنع عن القياس أو الاستحسان ، إذ لا يعقل أن يمنع من إجراء العقل بتاتاً ، فإنّه يفضي إلى عدم حجّية النواهي في هذه النصوص المذكورة أيضاً.

٥٢٤

هذا ما تيسّر لنا توضيحه ، وللمزيد من المعلومات ينبغي الرجوع إلى مظانّها في مباحث علم الأُصول ، وعلى الخصوص إلى كتاب فرائد الأُصول ، الذي يطلق عليه الرسائل للشيخ الأنصاري.

( خالد ـ استراليا ـ )

عقائد الشيخية :

س : أُريد توضيحاً حول الفرقة الشيخية ، الذين ينتمون إلى الشيخ الأحسائي ، وما هو الفرق الأساسي بينهم وبين الفرق الأُخرى في الشيعة؟

ج : إنّ الشيخية في الأصل هم أتباع الشيخ أحمد الأحسائي ، المتوفّى ١٢٤١ هـ.

أمّا العقيدة المميّزة عندهم تبتني على التركيز بوجود ركن رابع في عصر غيبة الإمام المنتظرعليه‌السلام ، تخوّل إليه أكثر مسؤوليات وصلاحيّات الإمامعليه‌السلام ، بعدما كان يرون أنّ الإمام المهديعليه‌السلام قد غاب عن عالم الدنيا إلى عالم الأرواح ، وظهوره هو عوده إلى هذا العالم ، ومن ثمّ يقوم الركن الرابع مقامهعليه‌السلام حذراً من تعطيل الشريعة.

واصطلاح الركن الرابع جاء كإشارة إلى الأركان الأساسية الأربعة في الدين والمذهب ، وهي : التوحيد ، النبوّة ، الإمامة ، الركن الرابع.

ومن عقائدهم أيضاً نفيهم المعاد الجسماني ، بل يقولون بإعادة النفوس يوم القيامة في قالب مثالي ، الذي يصوّرونه بصورة خاصّة.

ثمّ إنّ هذه الفرقة قد التفّت حول السيّد كاظم الرشتي عقيب موت الأحسائي كتلميذٍ له ، وركن رابع جديد لطائفتهم ، الذي هو أيضاً توفّى ١٢٥٩ هـ ، وخلّف التفرّق والتشعّب داخل حوزتهم ، ممّا أدّى انقسامهم إلى فرق متعدّدة ، أهمّها فعلاً طائفتان :

٥٢٥

شيخية كرمان الذين يتبعون حاج محمّد كريم خان القاجار كوصيّ للرشتي ، وهذه المجموعة قد انحرفت تدريجاً عن الالتزام بالظواهر الشرعية والأحكام الدينية.

والإحقاقية وهم اتباع ملا باقر الاسكوئي التبريزي ، وفي زماننا كانوا تبعاً للشيخ الإحقاقي الساكن في الكويت ، وبحسب المعلومات المتوفّرة عندنا ، فهذه المجموعة بالذات قد تخلّت كثيراً ما عن تطرّفات العقيدة الأُمّ للفرقة ، وتبنّت الفكر الشيعي المعتدل المتمثّل في الحوزات العلمية ومراجع التقليد ، كما يظهر ذلك من سيرتهم ومؤلّفاتهم ، وهذا شيء يستحقّ التقدير إلى حدٍّ ما ، والعلم عند الله.

( هند ـ المغرب ـ ١٩ سنة ـ طالبة ثانوية )

المذاهب الإسلامية الموجودة حالياً :

س : كم مذهب إسلامي موجود الآن؟

ج : إنّ أكثر الفرق والمذاهب الإسلامية انقرضت ، والمشهور من الباقي منها الآن ، هي :

١ ـ المذاهب الإسلامية الأربعة : المذهب الحنفي ، والمالكي ، والشافعي ، والحنبلي ، وهم أتباع أبي الحسن الأشعري في أُصول العقيدة.

٢ ـ الأباضية ، وهي إحدى فرق الخوارج.

٣ ـ الزيدية ، وهي إحدى فرق الشيعة.

٤ ـ الإسماعيلية ، وهي إحدى فرق الشيعة.

ولكُلّ واحدة من هذه الفرق الثلاث منهجها وفقهها الخاصّ بها.

٥ ـ الشيعة الإمامية الاثنا عشرية ، وهم أتباع الأئمّة المعصومينعليهم‌السلام من آل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الأُصول والفروع.

٥٢٦

والسبب في تعدّد المذاهب الإسلامية هو اختلافهم من ناحية أُصول العقيدة ـ كاختلافهم في صفات الله ، وفي عدله ، وفي القضاء والقدر ، والجبر والاختيار ، والإمامة ، والعصمة ، وغيرها ـ ومن ناحية مناهج استنباط الأحكام الشرعية في استعمال الرأي والقياس ، والاستحسان ، والمصالح المرسلة ، وسنّة الصحابي ، وسنّة أهل البيتعليهم‌السلام وغيرها.

( بريطانيا ـ سنّي ـ ٢٥ سنة )

العلويون :

س : ما هي العلوية؟ وما هي الشيعة؟ وما هي أوجه الاختلاف والتشابه بينهما؟

ج : إنّ الشيعة الاثني عشرية تطلق على المذهب الجعفري ، الذي يعتقد بإمامة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ـ كخليفة ووصيّ للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ومن بعده الأئمّة المعصومين الإحدي عشرعليهم‌السلام .

نعم ، هناك فرق من الشيعة ـ كالزيدية والإسماعيلية ـ تتقلّص عدد الأئمّةعليهم‌السلام عندهم إلى أربعة أو ستّة ، ولكن هؤلاء لم يعدّوا من المذهب الجعفري الاثني عشري.

وأمّا العلوية ، فحسب المعلومات المتوفّرة عنهم ، فإنّهم شيعة إمامية جعفرية ، يعتقدون بالأئمّة المعصومين الاثني عشرعليهم‌السلام .

نعم ، كُلّ ما هناك أنّهم انعزلوا في طول التاريخ عن المجتمعات الشيعية ، بسبب مطاردتهم من قبل حكّام الجور ، والسلطات الظالمة بين حين وآخر هنا وهناك ، ممّا أدّى إلى ظهور التخلّف الديني نوعاً ما في بعض طبقات العوام منهم ، وهذا أصبح سبباً قويّاً في رميهم بالتهم ؛ وإلاّ فهم شيعة جعفريّون ، يعتقدون ما تعتقده الشيعة الاثنا عشرية في العقائد والأحكام ، من الأُصول

٥٢٧

والفروع ، وهذا ممّا تشهد له آثارهم المكتوبة ، وشهادة علماء الحوزات العلمية الشيعية ، وسيرة علمائهم في كافّة مجالات العلم والعمل.

وعليه ، فإذا سُمع عنهم شيء لا يتّفق مع الخطّ العام للثقافة الشيعية ، فهو إمّا موضوع ومختلق ، وإمّا هو صادر عن بعض العوام منهم ، فلا دلالة له على التزامات مذهبهم.

بقي علينا أن نذكر : بأنّ العلويين أبناء عشائر وقبائل خاصّة تلتزم بالمذهب الشيعي ، فالمذهب الشيعي هو الإطار العام للعلويين ، وغيرهم من أبناء المذهب ، وبناءً عليه فكُلّ علوي شيعي ، ولكن ليس كُلّ شيعي يجب أن يكون من العلويين ، فهم امتداد عرقي يعتقدون بالتشيّع من الأوّل حتّى الآن.

( علي ـ المغرب ـ ٢٢ سنة ـ ليسانس )

نقطة الخلاف بين الشيعة وبقية المذاهب :

س : ما هي مواطن الاختلاف بين المذهب الجعفري وباقي المذاهب الشيعية ، خصوصاً الزيدية والإسماعيلية؟ ولماذا هذا الاختلاف مادام أنّ الأئمّة محدّدون بمقتضى نصوص الرسول الأعظم.

ج : إنّ المذهب الإمامي الاثني عشري ، يلتزم في أساسه بإمامة الأئمّة الاثني عشر المعصومينعليهم‌السلام ، وهذا هو نقطة الخلاف بينه وبين باقي المذاهب الشيعية ، فمثلاً الزيدية تشترك معنا في الاعتقاد بأربعة من أئمّتنا فقط ، في حين أنّ الإسماعيلية توافقنا في ستّة منهم.

وأمّا دليل عدم قبول هذه المذاهب جميع أئمّتنا مع ورود النصّ النبوي ، ونصوص الأئمّةعليهم‌السلام ، فإنّه يرجع إلى عدم رضوخهم للحقّ ، شأنهم في ذلك شأن أهل السنّة في عدم انصياعهم للأوامر والوصايا المتواترة والمستفيضة في إمامة وخلافة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وأولاده المعصومينعليهم‌السلام .

٥٢٨

( هادي ـ لبنان ـ )

الفرق بين الاخباريين والأُصوليين :

س : جناب الإخوة الأعزاء أدامكم المولى ، أُودّ أن أزعجكم بهذا السؤال : من هم الاخباريون؟ وما العلاقة بينهم وبين الأُصولية؟

ج : إنّ اصطلاح الاخباريين يطلق على جماعةٍ من علماء الشيعة ، كانوا يرون طريق الاجتهاد المألوف عند الأُصوليين مغلقاً ، ويجب العمل فقط مطابقاً للنصوص الروائية الموجودة ، وعلى الأخصّ الكتب الأربعة ، من حيث أنّها صحيحة السند بأكملها ، ويتفرّع على هذا المبنى حكمهم بالاحتياط في الشبهات الحكمية التحريمية ، كشرب التبغ وغيره.

نعم ، الاختلاف بين الأُصوليين والإخباريين اختلاف في المباني الفقهية والأُصولية ، وليس اختلافاً في أُصول مباني المذهب.

( علاء علاونة ـ ـ )

الحركة البهائية حركة استعمارية :

س : الرجاء تزويدي بأيّ معلومات تخصّ الحركة البهائية ، ومعتقداتهم وطقوسهم ، وأيّ شيء يخصّ هذه الحركة ، وفّقكم الله.

ج : إنّ الحركة البهائية وقسيمها الأزلية وأصلهما البابية ، حركة استعمارية لا علاقة لها بالأديان السماوية ، ومنشؤها فكرة عشوائية صدرت من الخبط الحادث في عقل شخص يدعى سيّد علي محمّد ـ الذي سُمّي فيما بعد بـ « باب » ـ من تلامذة السيّد كاظم الرشتي نزيل كربلاء ، وقطب الشيخية آنذاك ، فاستغلّها الاستعمار الروسي أوّلاً ، والبريطاني ثانياً لتحقّق مآربها ، فألقوها في أحضان الصهيونية بالمآل ، وهذا ممّا يشهد التاريخ به.

ثم إنّ هذه الحركة تشعّبت بعد الباب إلى فرقتين رئيسيّتين : البهائية والأزلية ـ تسميةً لألقاب مزعومة لدى قطبيها : بهاء الله وصبح أزل ـ وبما أنّ البهائية

٥٢٩

تحالفت مع الاستعمار البريطاني ، وأبدت استعدادها في العمالة والتجسّس أكثر من الأزلية ، تبنّاها البريطانيون وبعدهم الأمريكان والصهاينة ، ولم يبق ذكر من الأزلية إلاّ القليل في جزيرة قبرص ، وعلى العكس تماماً انتشرت البهائية بدعم من الاستعمار ، حتّى أنّها حازت على إجازة تأسيس مركز رئيسي لها في حيفا في فلسطين ، بإذن من سلطات الاحتلال البريطاني في وقته.

وأمّا العقائد والأحكام عندهم ، فهي تختلف باختلاف أذواق ولاتهم ، فمثلاً أنّ « بهاء » قد نسخ جملة من أحكام « باب » للتسهيل.

وعلى الجملة ، لا نجد أثراً استدلالياً لهم في العقائد ، وأمّا في الأحكام فقد أخذوا فيها شطراً من الأديان السماوية ، وخلطوها بآرائهم ريثما يظهروها على البسطاء ، بأنّها من جعل السماء!!

وأمّا كتبهم المقدّسة فهي في الواقع كتابات شخصية ، لم يوجد فيها أيّ جهة إعجاز ، أو إشارة بأنّها متلقّاة من الوحي ، وهي مشحونة بالأغلاط الأدبية والعلمية ـ كما يراها ذوو الاختصاص ـ.

وبالجملة : فهذه الحركة حركة مفتعلة ، لا نصيب لها من الواقع ، ولا تستحقّ الخوض في التحقيق عنها بأكثر من هذا.

( محمّد إبراهيم الإبراهيم ـ الكويت ـ )

الدولة الفاطمية كانت إسماعيلية :

س : عندي عدّة أسئلة عن الدولة الفاطمية ، وهي :

١ ـ هل الدولة الفاطمية شرعية؟

٢ ـ هل فعلاً وقع العلويين عن نسب المهدي؟

هذا النصّ : ولم يستطع الخليفة العباسي المقتدر بالله أن يدفع قيامها ، وكُلّ ما فعله أنّه أصدر منشوراً بالطعن في نسب المهدي ، وقّعه وجهاء الهاشميين بما فيهم العلويون؟

٥٣٠

٣ ـ هل كانت الدولة الفاطمية تنشر علوم أهل البيت أم لا؟ ولماذا يحاربونها السنّة؟

٤ ـ هل فعلاً استعانت الدولة الفاطمية باليهود؟ ونسألكم الدعاء.

ج : إنّ الدولة الفاطمية كانت على المذهب الإسماعيلي ، والمذهب الإسماعيلي له خلافات جذرية مع الإمامية ، وإن كانت لها بعض المشتركات مع الإمامية.

والخليفة العباسي ـ كما ورد في التاريخ وثبت عند المحقّقين ـ عمل عريضة طويلة في القدح بنسب الفاطميين ، أجبر العلماء على التوقيع فيها ، وأكّد على علماء الإمامية بما فيهم الأشراف والسادة منهم ، وأجبرهم على التوقيع ، وهدّد مَن لم يوقّع في هذه العريضة ، ومع هذا فإنّ الشيخ المفيدقدس‌سره لم يرد اسمه فيمن وقّع ، وكذلك الكثير من زعماء الإمامية ممّن امتنع من التوقيع.

والدولة الفاطمية وإن كانت إسماعيلية ، إلاّ أنّ لها مشتركات مع الإمامية ، لذا ما قامت به من نشر أحاديث أهل البيتعليهم‌السلام ينصبّ نفعه على الإمامية أيضاً ، ولم يثبت عن الدولة الفاطمية أنّها استعانت باليهود ، وإنّما هي افتراءات وجّهها النواصب إليهم للطعن بهم.

وفي الختام : نودّ أن ننبّه على أنّ ما ذكره التاريخ والمؤرّخون عن الدولة الفاطمية الكثير منه غير صحيح ، وإنّما هي أكاذيب افتعلتها الأيدي الأثيمة للطعن بالدولة الفاطمية ، وإن كنّا لا ننزّه الدولة الفاطمية أيضاً من بعض الانحرافات.

( أياد ـ السعودية ـ )

عقائد الدروز :

س : هل تعتبر الطائفة الدرزية من الطوائف الإسلامية؟ وما هي عقائدهم؟

٥٣١

ج : اختلفت الآراء والأبحاث حول الطائفة الدرزية ، ننقل لكم بعض الآراء حول عقائدهم :

١ ـ ما ورد في دائرة المعارف البستانية : « وإيمان الدروز أنّ الله واحد أحد ، لا بداءة له ولا نهاية ، وأنّ النفوس مخلّدة تتقمّص بالأجساد البشرية ـ التناسخ ـ ولابدّ لها من ثواب وعقاب يوم المعاد بحسب أفعالها ، وعندهم للوصية نفوذ تام ، فإنّ الإنسان مختار أنّ يوصي قبل موته بأملاكه لمن يشاء ، قريباً كان أم غريباً »(١) .

٢ ـ ما ورد في دائرة المعارف المصرية : « من معتقداتهم أنّ الحاكم بأمر الله هو الله نفسه ، وقد ظهر على الأرض عشر مرّات ، ويعتقدون أنّ إبليس ظهر في جسم آدم ، ثمّ نوح ثمّ إبراهيم ثمّ موسى ثمّ عيسى ثمّ محمّد ، ويعتقدون بأنّ عدد الأرواح محدود ، فالروح التي تخرج من جسد الميت تعود إلى الدنيا في جسد طفل جديد ، ويعتقدون بالإنجيل ، فيختارون منها ما يستطيعون تأويله ، ويتركون ما عداه ، ويعتقدون أنّ الحاكم بأمر الله تجلّى لهم في أوّل سنة ٤٠٨ هـ ، فأسقط عنهم التكاليف من صلاة وصيام ، وزكاة وحجّ وجهاد ، وولاية وشهادة ».

٣ ـ ما ورد في دائرة المعارف الإسلامية : « وقد قام مذهب الإسماعيلية على فكرة أنّ الله قد تجسّد في الإنسان في جميع الأزمان ، وهم يتصوّرون أنّ الله ذاته أو على الأقلّ القوّة الخالقة ، تتكوّن من مبادئ متكثّرة ، يصدر الواحد منها عن الآخر ، ويتجسّد كُلّ مبدأ من هذه المبادئ في الإنسان ، وقد احتفظت العقيدة الدرزية بهذا المذهب.

فالخليفة الحاكم ـ وفقاً لهذه العقيدة ـ يمثّل الله في وحدانيته ، ومعرفة ذات الله وصفاته وتجلياته في سلسلة المبادئ المتجسّدة في الأئمّة هي عقائد هذا المذهب »(٢) .

____________

١ ـ دائرة المعارف ٧ / ٦٧٥.

٢ ـ دائرة المعارف الإسلامية ٩ / ٢١٧.

٥٣٢

٤ ـ ما ورد في موسوعة الأديان في العالم : « كان الموحّدون الدروز منذ نشأة مذهبهم في مطلع القرن الخامس للهجرة محترسين في كتمانه ، مشيحين عن إعلانه ، صيانة لأنفسهم من الاضطهاد ، ووقاية لها من العدوان في ذلك الزمان ، هذه الفرقة المتفرّعة من الشيعة ، كانت عرضة لنقمة الشيعة والسنّة على السواء »(١) .

عقيدة التجلّي الإلهي في الدرزية ، هي أجلّ العقائد وأشرفها(٢) .

إنّ موقف الدروز المعاصرين من الإسلام والمسلمين لمثير للدهشة والغرابة ، فالكتب الدرزية المعاصرة مشحونة بالمغالطات حول هذا الموضوع ، إنّ الدروز لا يفتأون يعلنون انتماءهم إلى الإسلام ويفاخرون بذلك ، وفي ثنايا الكتب الدرزية المعاصرة محاولات كثيرة لتبرئة الدروز من تهمة المروق عن الإسلام ، وذلك تبعاً لمبدأ التقية(٣) .

٥ ـ ما ورد في كتاب « الموحدّون الدروز في الإسلام » لمؤلّفه الشيخ مرسل نصر ، رئيس المحكمة الاستئنافية الدرزية العليا في لبنان : « إنّ الموحّدين الدروز انطلاقاً من إيمانهم بالإسلام ديناً ، وبمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله رسولاً ، يشهدون أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، ويقرّون بوجوب الصلاة والصيام ، والزكاة والحجّ ، والجهاد والولاية »(٤) .

وبعد يتبادر إلى ذهن القارئ الكريم السؤال الآتي : ما هي الفوارق بين مذهب التوحيد وبقية المذاهب الإسلامية؟ فالجواب : على ذلك أن ثمّة فوارق عدّة ، وهي :

١ ـ اعتماد الزوجة الواحدة.

____________

١ ـ موسوعة الأديان في العالم / الدروز الموحدون : ٢٩.

٢ ـ المصدر السابق : ٣٣.

٣ ـ المصدر السابق : ١٣٤.

٤ ـ الموحدون الدروز : ٣٣.

٥٣٣

٢ ـ عدم إعادة المطلّقة.

٣ ـ حرية الإيصاء.

٤ ـ التقمّص اجتهاداً(١) .

هذه بعض الأقوال عن الطائفة الدرزية من المؤيّدين والنافين ، والله العالم بحقائق الأُمور.

( خالد ـ الجزائر ـ ٢٧ سنة ـ التاسعة أساسي )

تعقيب على الجواب السابق :

لديّ تعليق بسيط حول الطائفة الدرزية إذا سمحتم :

يقول العلاّمة الشيخ محمّد جواد مغنيةقدس‌سره في كتابه نفحات محمّدية : « وسُئلت أكثر من مرّة : هل الدروز مسلمين؟ وكان جوابي : أنّ أهل الإسلام هم القوم الذين يدينون به ، أي إسلام القرآن وسنّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهم الذين يحجّون إلى الكعبة ، ويزورون الروضة المحمّدية ، ويصلّون إلى القبلة ، ويعلنون من على المآذن الشهادة لله بالوحدانية ، ولمحمّد بالرسالة ، ويصومون رمضان ، ويأتون الزكاة ، ويدرسون القرآن والسنّة النبوية

والدروز لا يلتزمون بشعائر الإسلام ، التي أشرنا إليها كما يفعل السنّة والشيعة ، ولا يعلنون ما يدينون ، نقول هذا مع الاحترام لعقيدتهم الدينية ، ولغيرتهم الإنسانية ، وأخلاقهم العالية ، ومع الاعتراف بشهامتهم وشجاعتهم »(٢) .

وأظن أنّ الشيخ قدس‌سره أعلم بعقيدة الدروز ، نظراً لتواجدهم بكثرة في لبنان ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

____________

١ ـ المصدر السابق : ٥١.

٢ ـ نفحات محمّدية : ١٢٣.

٥٣٤

( زهير ـ ـ )

عقائد الأشاعرة :

س : من هم الأشاعرة؟ وما هي أهمّ عقائدهم في الاختلاف مع الأُمّة الإسلامية؟

ج : هم أصحاب أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري البصري ، ومن عقائدهم : أنّ صفات الباري تعالى ـ كعلمه وحكمته وقدرته وحياته ـ هي أشياء زائدة على ذاته سبحانه ، وهي أيضاً قديمة ، كذاته جلّ وعلا ، فحينئذٍ يلزم تعدّد القديم ، وهو شرك ، وهذا الشرك يسمّى شرك الصفات.

وإنّ أبا الحسن الأشعري كان تلميذاً لأبي علي الجبّائي من شيوخ المعتزلة ، ثمّ أعرض عنه ، وانحاز إلى الكلابية ـ أصحاب عبد الله بن سعيد الكلابي ـ وأختار مذهبه في إثبات الصفات ، وإثبات القدر خيره وشرّه من الله تعالى ، وأبطل القول بتحسين العقل وتقبيحه ، لأنّ العقل لا يوجب المعارف بل السمع ، وأنّ المعارف تحصل بالعقل وتجب بالسمع ، ولا يجب على الله شيء بالعقل ، والنبوّات من الجائزات العقلية والواجبات السمعية ، وأكثر أهل السنّة اليوم على هذا المذهب.

والأشاعرة يكفّرون المعتزلة ، والمعتزلة يكفّرون الأشاعرة ، لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « القدرية مجوس هذه الأُمّة »(١) ، فالمعتزلة يقولون : القدرية هم الأشاعرة ، والأشاعرة يقولون : القدرية هم المعتزلة.

( علي الشهراني ـ البحرين ـ ٢٣ سنة ـ طالب )

تقسيم العلماء إلى إخباريين وأُصوليين لا يثير الفتنة :

س : تقولون : إنّ نعمة الله الجزائري ، والسيّد هاشم البحراني ، والشيخ النوري كلّهم إخباريون وليسوا أُصوليين ، ما الذي تقصدون؟ هل هم على

____________

١ ـ سنن أبي داود ٢ / ٤١٠ ، المستدرك ١ / ٨٥ ، السنن الكبرى للبيهقي ١٠ / ٢٠٣ ، كتاب السنّة : ١٤٩.

٥٣٥

خطأ؟ لماذا تثيرون الفتنة والحسّاسية : هذا إخباري وهذا أُصولي؟ أنا لا أعتقد من المراجع يقبل هذا.

ج : العلماء سواء كانوا من الإخباريين أو الأُصوليين فكُلّهم من علماء الطائفة الحقّة ، نحترمهم وهم قدوتنا ، رضوان الله عليهم ، حتّى أنّ مدير مركز الأبحاث العقائدية سماحة الشيخ فارس الحسون ( رحمه الله ) ألّف كتاباً مختصّاً بحياة السيّد هاشم البحراني ، وهو كتاب قيّم فيه دراسة معمّقة عن هذا العالم الجليل.

ولكن الأمر اختلط عليكم ، وذلك لعدم معرفتكم بمباني الطرفين ، إذ الإخباريون يقولون بصحّة كُلّ الكتب الأربعة وغيرها من كتب الحديث لقدامى الأصحاب ، بينما الأُصوليون لا يقولون بهذا ، ويجرون قواعد الجرح والتعديل عل كُلّ الأحاديث.

وبما أنّ المشهور من العلماء هم الأُصوليون ، فما يحتجّ به علينا من روايات نناقش سندها ، ولا نقول بقول الإخباريين بأن كُلّ أحاديث الكتب الأربعة صحيحة.

( علي الشهراني ـ البحرين ـ ٢٣ سنة ـ طالب )

تعقيب على الجواب السابق :

لعلّكم متفهّمين وضعي ، كما تعرفون كُلّ الفقهاء في البحرين إخباريين ، وآخرهم الشيخ محمّد أمين زين الدينقدس‌سره ، كما نحترمهم نحن في البحرين ، كما نحترم الأُصوليين ، إلاّ أنّ هناك اختلاف كما أشرتم ، وهذا بين الفقهاء ، هم يحدّدون هذه الرواية صح أم خطأ كما قلتم.

أرجو السماح على تعبيري إن كان حادّاً ، أنا أحترمكم وأثق بكم بكُلّ ما تقولون ، ولكن كما يفهم منكم هناك تهجّم على الإخباريين.

٥٣٦

( هشام محمود ـ مصر ـ )

طرق الصوفية ممتزجة بين الحقّ والباطل :

س : الإخوة الأفاضل : ما هو قولكم في طرق الصوفية : مثل العزمية والخليلية و... ، وكُلّ منهم يقول أنّه إمام العصر؟ أرجو الردّ ، وجزاكم الله خيراً.

ج : إنّ أكثر طرق الصوفية هي من اختراعات البشر ، ولم يرد في الشرع ما ينصّ على هذه الطرق ، فهي طرق ممتزجة بين الحقّ والباطل ، بين الأذكار الحقّة وبين الإتيان بها بطريقة ما أنزل الله بها من سلطان ، وعليه فإنّ علينا البحث فيها ، فما وافق النصّ منها يؤخذ به ، وما خالف النصّ والدليل يترك.

( هداية ـ السعودية ـ )

الفوارق والمشتركات بين الشيعة والمعتزلة :

س : ما هي الفوارق والمشتركات الكلامية بين الشيعة والمعتزلة؟

ج : لا يخفى عليكم أنّ الفروق والمشتركات بين الشيعة والمعتزلة كثيرة ، وقد ذكر الشيخ المفيدقدس‌سره في كتابه « أوائل المقالات » تلك الفروقات الكلامية ، ونحن نذكر بعضها للاختصار ، وهي :

١ ـ القول بالإمامة :

اتفق أهل الإمامة على أنّه لابدّ في كُلّ زمان من إمام موجود ، يحتجّ الله عزّ وجلّ به على عباده المكلّفين ، ويكون بوجوده تمام المصلحة في الدين ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

واتفقت الإمامية على أنّ إمام الدين لا يكون إلاّ معصوماً من الخلاف لله تعالى ، عالماً بجميع علوم الدين ، كاملاً في الفضل ، بايناً من الكُلّ بالفضل عليهم في الأعمال التي يستحقّ بها النعيم المقيم ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

واتفقت الإمامية على أنّ الإمامة لا تثبت مع عدم المعجز لصاحبها ، إلاّ بالنصّ على عينه والتوقيف ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٥٣٧

واتفقت الإمامية على أنّ الإمامة بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في بني هاشم خاصّة ، ثمّ في علي والحسن والحسينعليهم‌السلام ، ومن بعد في ولد الحسينعليهم‌السلام دون ولد الحسن إلى آخر العالم ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

واتفقت الإمامية على أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله استخلف أمير المؤمنينعليه‌السلام في حياته ، ونصّ عليه بالإمامة بعد وفاته ، وأنّ من دفع ذلك فقد دفع فرضاً من الدين ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

واتفقت الإمامية على أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نص على إمامة الحسن والحسين بعد أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وأنّ أمير المؤمنين أيضاً نص عليهما كما نص الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

واتفقت الإمامية على أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نصّ على علي بن الحسينعليه‌السلام ، وأنّ أباه وجدّه نصّاً عليه كما نصّ عليه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّه كان بذلك إماماً للمؤمنين ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك(١) .

٢ ـ القول في محاربي أمير المؤمنينعليه‌السلام :

واتفقت الإمامية على أنّ الناكثين والقاسطين من أهل البصرة والشام أجمعين كفّار ضلال ، ملعونون بحربهم أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وأنّهم بذلك في النار مخلّدون ، وأجمعت المعتزلة سوى الغزّال منهم وابن باب ، على خلاف ذلك.

واتفقت الإمامية على أنّ الخوارج على أمير المؤمنينعليه‌السلام المارقين عن الدين ، كفّار بخروجهم عليه ، وأنّهم في النار بذلك مخلّدون ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك(٢) .

____________

١ ـ أوائل المقالات : ٢٩.

٢ ـ المصدر السابق : ٤٢.

٥٣٨

٣ ـ القول في أنّ العقل لا ينفكّ عن سمع ، وأنّ التكليف لا يصحّ إلاّ بالرسلعليهم‌السلام :

واتفقت الإمامية على أنّ العقل محتاج في علمه ونتائجه إلى السمع ، وأنّه غير منفكّ عن سمع ينبّه العاقل على كيفية الاستدلال ، وأنّه لابدّ في أوّل التكليف وابتدائه في العالم من رسول ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٤ ـ القول في الفرق بين الرسل والأنبياءعليهم‌السلام :

واتفقت الإمامية على أنّ كُلّ رسول فهو نبيّ ، وليس كُلّ نبيّ فهو رسول ، وقد كان من أنبياء الله عزّ وجلّ حفظة لشرائع الرسل وخلفائهم في المقام ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٥ ـ القول في آباء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأُمّه وعمّه أبي طالبعليه‌السلام .

واتفقت الإمامية على أنّ آباء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من لدن آدم إلى عبد الله بن عبد المطلب مؤمنون بالله عزّ وجلّ موحّدون له

وأجمعوا على أنّ عمّه أبا طالبرضی‌الله‌عنه مات مؤمناً ، وأنّ آمنة بنت وهب كانت على التوحيد ، وأنّها تحشر في جملة المؤمنين ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٦ ـ القول في الرجعة والبداء وتأليف القرآن :

واتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة ، وإنّ كان بينهم في معنى الرجعة اختلاف.

واتفقوا على إطلاق لفظ « البداء » في وصف الله تعالى ، وأنّ ذلك من جهة السمع دون القياس.

واتفقوا على أنّ أئمّة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن ، وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٧ ـ القول في الوعيد :

واتفقت الإمامية على أنّ الوعيد بالخلود في النار متوجّه إلى الكفّار خاصّة ، دون مرتكبي الذنوب من أهل المعرفة بالله تعالى ، والإقرار بفرائضه من أهل الصلاة ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٥٣٩

واتفقت الإمامية على أنّ من عذّب بذنبه من أهل الإقرار والمعرفة والصلاة ، لم يخلّد في العذاب ، وأخرج من النار إلى الجنّة ، فينعم فيها على الدوام ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٨ ـ القول في الشفاعة :

واتفقت الإمامية على أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يشفع يوم القيامة ، لجماعة من مرتكبي الكبائر من أُمّته ، وأنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام يشفع في أصحاب الذنوب من شيعته ، وأنّ أئمّة آل محمّدعليهم‌السلام يشفعون كذلك ، وينجي الله بشفاعتهم كثيراً من الخاطئين وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٩ ـ القول في الأسماء والأحكام :

واتفقت الإمامية على أنّ مرتكب الكبائر من أهل المعرفة والإقرار لا يخرج بذلك عن الإسلام ، وأنّه مسلم ، وإن كان فاسقاً بما فعله من الكبائر والآثام وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

١٠ ـ القول في الإسلام والإيمان :

واتفقت الإمامية على أنّ الإسلام غير الإيمان ، وأنّ كُلّ مؤمن فهو مسلم ، وليس كُلّ مسلم مؤمناً ، وأنّ الفرق بين هذين المعنيين في الدين كما كان في اللسان ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

١١ ـ القول في التوبة وقبولها :

واتفقت الإمامية على أنّ قبول التوبة تفضّل من الله عزّ وجلّ ، وليس بواجب في العقول إسقاطها وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

١٢ ـ القول في أصحاب البدع ، وما يستحقّون عليه من الأسماء والأحكام :

واتفقت الإمامية على أنّ أصحاب البدع كُلّهم كفّار ، وأنّ على الإمام أن يستتيبهم عند التمكّن بعد الدعوة لهم ، وإقامة البينات عليهم ، فإنّ تابوا عن بدعهم وصاروا إلى الصواب ، وإلاّ قتلهم لردّتهم عن الإيمان ، وأن من مات منهم على تلك البدعة فهو من أهل النار ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585