موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٤

موسوعة الأسئلة العقائديّة10%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-04-1
الصفحات: 585

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 585 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 267540 / تحميل: 7552
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٤

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٤-١
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

( محمّد إبراهيم الإبراهيم ـ الكويت ـ ٢٣ سنة ـ ثانوية عامّة )

من التزم منهم بوصية الرسول فهو ممدوح :

س : يرجى تزويدي بأسماء جميع معاصرين النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من الصحابة ، مع ذكر الموالي منهم لأهل البيت والمعادي لهم؟ دون الحاجة لذكر الموقف الذي حصل له.

مع خالص شكري وتقديري لجهودكم المبذولة في خدمة الدين والمسلمين ، ودمتم موفّقين إن شاء الله.

ج : فكما روى علماء المذاهب الإسلامية : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما فلن تضلّوا بعدي أبداً » ، قالهصلى‌الله‌عليه‌وآله في عدّة مواطن ، آخرها قبيل وفاته ، ويعتبر هذا الحديث وصية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أُمّته.

وكذا قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في يوم غدير خم : «من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه »(١) ، فجمع المسلمين ، وأخذ منهم البيعة لعليعليه‌السلام .

فالصحابة الذين عملوا بوصية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والتزموا بالبيعة التي أخذها منهم لعليعليه‌السلام يوم غدير خم ، فهؤلاء هم الصحابة الذين استقاموا على الطريق السوي.

نعم ، ربما كان بعض الصحابة ، ولظروف قاسية لم يلتزموا بوصية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فترة ، ثمّ عادوا إلى الحقّ ، فهؤلاء أيضاً من الممدوحين.

وما ورد على لسان الروايات بالارتداد بالنسبة إلى الصحابة الذين لم يلتزموا بوصية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهو ارتداد عن الولاية والإمامة لا ارتداد عن الإسلام.

وكُلّ متفحّص في كتب الحديث والسير والتاريخ سيشخص الصالح من الصحابة من الطالح.

____________

١ ـ الدرّ المنثور ٢ / ٢٩٣.

١٤١

( أحمد ـ ـ سنّي )

حديث لا تسبّوا أصحابي :

س : قال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تسبّوا أصحابي ، فإنّ أحدكم لو أنفق مثل أُحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه » (١) ، ما صحّة هذا الحديث؟ ومن هو الذي رواه من الصحابة؟

ج : قد روى هذا الحديث أبو هريرة ، وأبو سعيد الخدري ، وآخرون.

وعلى فرض صحّة الحديث ، فليس المقصود هو أنّه لا تسبّوا كُلّ الصحابة ، حتّى ولو كان منافقاً ، أو فاسقاً ، أو مرتدّاً ، أو ، بل المقصود : لا تسبّوا الصحابة الذين آمنوا ، وعملوا الصالحات ، وأطاعوا الله ورسوله ، ويؤيّد هذا قوله تعالى :( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم ـ أي من الصحابة ـمَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) (٢) ، وأمّا غير المؤمنين من الصحابة لا يغفر لهم.

إذاً فمجرّد اسم الصحابي لا ينفع ، بل لابدّ أن يكون مؤمناً ، وعاملاً للصالحات ، ومطيعاً لله ورسوله.

( أبو أيمن علي ـ الجزائر ـ سنّي )

تساؤلات؟

س : أنا من المداومين على قراءة كتب إخواننا الشيعة وأشرطتهم ، خصوصاً المستبصرين منهم ، وأحاول جهدي الاقتناع بمحصّلاتهم العقائدية ، لكنّني ألاحظ عليهم الكثير من التحفّظات ، وهي كالتالي : مواقفهم المبدئية من بعض الصحابة ، تجعلهم يرمونهم بأيّ كان من النقائص ، كتفسيرهم مثلاً لحادثة الإفك ، والغار ، وغيرها كثير.

____________

١ ـ مسند أحمد ٣ / ١١ و ٦٤ و ٦ / ٦ ، صحيح البخاري ٤ / ١٩٥ ، سنن أبي داود ٢ / ٤٠٤ ، السنن الكبرى للبيهقي ١٠ / ٢٠٩.

٢ ـ الفتح : ٢٩.

١٤٢

ألا تعتقدون أنّ ما تقومون به في هذا الموقع يعمّق فجوة الخلاف بين المسلمين؟

ألا تعتقدون الإخوّة في قناة المنار قدوة لكم في حرصهم على الوئام الإسلامي؟ وهناك أسئلة كثيرة أتمنّى أن يتّسع صدركم لها ، ودمتم في رعاية الله.

ج : نحيّي فيكم هذه الروح الشفّافة ، والتطلّع والبحث في كتب الشيعة والمستبصرين منهم ، وهذا كُلّه إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على وجود روح البحث والتحقيق عندكم ، والتجرّد عن تقليد الموروث بلا دليل ، وهذه صفة قلّ من يتّصف بها في عصرنا الحاضر.

وأمّا تحفّظاتكم في مسألة الصحابة ، فإنّ البحث في هذا الموضوع لابدّ وأن يبحث فيه بحثاً مبنائياً ، نشرع فيه من بداية الهرم وحتّى منتهاه ، وبداية الهرم هو مسألة كون الصحابة جميعاً عدول ، وهنا عندنا بعض التحفّظات والأسئلة :

١ ـ هل الصحابة معصومون؟

٢ ـ إذا قلنا : لا ، فكيف نثبت عدالتهم ككُلّ؟!

٣ ـ هل فيهم من قتل بعضهم بعضاً؟

٤ ـ هل فيهم مَن كفّر بعضهم بعضاً؟

٥ ـ هل فيهم من لعن وسبّ وشتم بعضهم بعضاً؟

٦ ـ إذا كان كُلّ هذا موجود ، فكيف نقول بعدالتهم جميعاً؟!

٧ ـ مَن هم المنافقون؟

٨ ـ هل المنافق كافر؟

٩ ـ أم المنافق مَن أظهر الإسلام وأبطن الكفر؟

١٠ ـ هل الآيات الواردة في المنافقين تقصد بعض الصحابة؟

١١ ـ إذاً مَن هم المنافقون من الصحابة؟!

١٢ ـ ألم يضعّف علماء الحديث : « أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم» ورموه بالوضع؟!(١) .

____________

١ ـ لسان الميزان ٢ / ١٣٧ و ٣١٢.

١٤٣

١٣ ـ هل أنّ ما استدلّ من آيات على عدالة الصحابة ، هل هو صريح أو يدلّ على عدالة جميعهم ، إذ بحثنا في الكُلّ؟

وبعد كُلّ هذا ، فإذا لم نستطع أن نثبت عدالة جميع الصحابة ، يحقّ لنا بل يجب أن نبحث في حالاتهم وخصوصياتهم ، فمن ثبتت عدالته فهو الصحابي الذي يقتدى به ، ونطمئن بما ينقله من أحاديث ، ومن لم تثبت عدالته وغيّر وبدّل ، فإنّه ليس فقط لا يستحقّ الاقتداء به ، وأخذ معالم الدين منه ، بل يستحقّ لعنة الله والرسول والمؤمنين.

وفي الختام : كما أنّنا نقدّر ما تقوم به قناة المنار من الحفاظ على الوحدة الإسلامية ، والتقريب بين المذاهب ، وهذا فرض على الجميع ، عقيدة نعتقد بها ، ولكن لا ينافي هذا الجلوس على طاولة الحوار الهادئ الهادف ، الحوار الأخوي ، وذلك للوصول إلى نتيجة فيما اختلفنا فيه ، فإن توصّلنا إلى نتيجة فهو المطلوب ، وإلاّ فإنّ اختلاف الرأي لا يفسد للودّ قضية.

هذا ، وإنّ وحدتنا وتقاربنا الظاهري مع الاعتراف بوجود اختلافات أساسية ، ومن دون أن نوجد الجوّ الهادئ للحوار الهادف قربة إلى الله ، فإنّ هكذا وحدة سوف لن تستمرّ ، لأنّ الاختلافات ستظهر وستؤثّر ، وربما لو ظهرت ستكون شديدة بعض الشيء ، لأنّ الإخفاء سيولد الكبت ، والكبت يولد الانفجار.

( علي ـ السعودية ـ )

حديث خير القرون قرني :

س : ما مدى صحّة الحديث : « خير القرون قرني ، ثمّ الذين يلونهم ، ثمّ الذين يلونهم »؟ (١) وما هي دلالته؟ جزاكم الله خيراً ، ونفعنا بكم.

____________

١ ـ أحكام القرآن للجصّاص ١ / ٦١٥ ، تفسير القرآن العظيم ٣ / ٣٣١ و ٤ / ٣٠٥ ، الإصابة ١ / ٢١ ، البداية والنهاية ٦ / ٢٨٣.

١٤٤

ج : في الجواب نشير إلى نقاط :

١ ـ إنّ هذا الحديث وأمثاله لم يرد من طرق الشيعة ، وإنّما ورد من طرق أهل السنّة ، وهو لا يمكن أن يكون حجّة علينا ، لأنّ قانون المناظرة والمحاججة أن تذكر المسائل المتّفق عليها بين الطرفين ، أو أن يحتجّ بما وافق عليه الطرف الآخر ، «ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم »(١) .

٢ ـ بعد الإغماض عمّا في سند هذا الحديث عند أهل السنّة ، فإنّه لا دلالة لهذا الحديث على ما يقصده أهل السنّة منه ، وذلك بادعائهم خيرية جميع الناس الموجودين في قرن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لأنّ قولنا : إنّ قريش أفصح العرب وأكرمهم ، لا يقتضي لغة وعرفاً أن يكون كُلّ واحد من آحاده كذلك ، لظهور وجود الآحاد المتّصفة بأضداد ذلك.

٣ ـ هذا الحديث معارض بما رواه أهل السنّة عن عمر ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أتدرون أيّ الخلق أفضل إيماناً »؟ قالوا : الملائكة ، قال : « وحقّ لهم بل غيرهم » ، قالوا : الأنبياء ، قال : « وحقّ لهم بل غيرهم » ، ثمّ قال : « أفضل الخلق إيماناً قوم في أصلاب الرجال يؤمنون بي ولم يروني ، فهم أفضل الخلق إيماناً »(٢) .

٤ ـ وكذلك هذا الحديث معارض بأحاديث أُخرى مثل : « مثل أُمّتي مثل المطر ، لا يدرى أوّله خير أم آخره »(٣) ، وقوله : « ليدركن المسيح أقواماً ، إنّهم لمثلكم أو خير ثلاثاً »(٤) .

٥ ـ إن مظلومية أهل بيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر متسالم عليه ، وكُلّ ما ذكرته كتب الحديث والتاريخ ممّا جرى على فاطمةعليها‌السلام ، وعلي أمير المؤمنين

____________

١ ـ تهذيب الأحكام ٩ / ٣٢٢.

٢ ـ فيض القدير ٤ / ٣٦٩ ، كنز العمّال ١٢ / ١٨٢ ، الجامع لأحكام القرآن ٤ / ١٧٢.

٣ ـ مسند أحمد ٣ / ١٣٠ و ١٤٣ و ٤ / ٣١٩ ، مجمع الزوائد ١٠ / ٦٨ ، مسند أبي داود : ٩٠ و ٢٧٠ ، مسند أبي يعلى ٦ / ٣٨٠.

٤ ـ فتح الباري ٧ / ٥ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٤ / ٥٦٧ و ٨ / ٥٤٨.

١٤٥

والحسنينعليهم‌السلام ، كُلّ هذا كان في تلك البرهة من الزمن ، وكُلّ الفتن كانت في تلك البرهة من الزمن!!

فكيف يعبّر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن تلك الفترة بأنّها ، وفيها سفكت دماء أهل بيتهعليهم‌السلام ، وظلمت ابنته ، وقتل الحسن والحسينعليهما‌السلام ؟!

كُلّ ذلك ، وقد أخبر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله عن ما يجري على أهل بيته بأحاديث كثيرة.

ولا تنس عزيزي القارئ فترة بني أُمية التي كانوا يسبّون فيها أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، ويلعنونه على المنابر.

٦ ـ كُلّ ما جرى من محن على أهل بيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكذلك ما جرى من فتن عمياء ، كُلّ ذلك جرى من أناس شاهدوا الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو شاهدوا من شاهد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فتكون الحجّة عليهم أكمل ، والعقاب أشدّ بكثير ممّن لم تتمّ عليهم الحجّة.

وأخيراً : فإنّ هذا الحديث وأمثاله لا يمكن أن يستند عليه باحث متجرّد عن أيّ تعصّب ، هدفه إصابة الحقّ.

إضافة إلى أنّ اختلاف الأئمة نشأ نتيجة اختلاف القرن الأوّل الذي وقعت فيه الحروب ، وسفكت الدماء وقتل بعضهم بعضاً.

( ـ ـ سنّي )

الرسول لم يصلحهم :

س : لقد قرأت الكثير عن الشيعة أو الرافضة ، ولكن عندي ملاحظة على موضوع الصحابة ، واتهامكم لهم ، ألم يستطع الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يصلح الصحابة؟ ألم يستطع أن يحذّرنا منهم؟ وهم من حملوا لنا رسالة الإسلام والقرآن ، وأوصلوه لنا بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ألم يستطع علي رضی‌الله‌عنه أن يخلّصنا منهم؟ وهو أشجع الرجال وأقواهم.

١٤٦

ج : إنّ الشيعة ليس لها عداء شخصي وخصومة مع الصحابة ، بل وبعبارة واضحة : لا تعتقد ولا تلتزم بما سمّوه الآخرين بـ « عدالة الصحابة» ، أي لم تر أصلاً موضوعياً ـ من الكتاب والسنّة والعقل والإجماع ـ في المقام يطهّر الصحابة بأجمعهم عن الخطأ والزلل ، وهذا لم يكن اتهاماً منّا لهم ، بل هو نتيجة متابعة الدليل والعقل.

وأمّا الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهو وإن كان يستطيع أن يصلح المنحرف منهم بالقدرة الإلهية والمعجزة ، ولكن ليس هذا دأب الرسل ، ولم تكن وظيفته تفرض عليه أن يعالج كافّة الانحرافات بالقهر والغلبة :( فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ ) (١) ، وإلاّ فأين دور الامتحان والاختبار؟!

وهكذا كان معاملة الإمام عليعليه‌السلام معهم ، فكان يداريهم ما لم يقفوا في وجه الحكومة ، ثمّ عندما أقدموا على محاربته تصدّى لهم.

وأمّا أنّ رسالة الإسلام والقرآن قد وصلت إلينا بواسطة المنحرفين من الصحابة ، فهذا بهتان عظيم ، بل أنّ المعارف والأحكام كانت لها حملة لا تأخذهم في الله لومة لائم ، وهم أهل البيتعليهم‌السلام ، والخطّ الموالي لهم في مختلف العصور والفترات دون انقطاع ، وحاش للإسلام أن يحتاج لبعض المنحرفين والمنافقين والظلمة ـ وإن تلبّسوا بزيّ الصحابة ـ في نقل ثقافته وفكره إلى الأجيال.

وهنا نشير إلى نكتة مهمّة في مقام النقض وهي : إنّ الكثير من الأنبياء والرسل السابقين على نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لم يستطيعوا أن يبلّغوا رسالات ربّهم ، بل قُتلوا وشرّدوا ، فهل يصحّ لنا أن نعترض ونقول : ألم يستطيعوا أن يصلحوا أُمّتهم؟!

القضية ليست قضية استطاعة وعدمها ، وإنّما اختبار وامتحان ، فالأنبياء والرسل بعثوا ليوضّحوا للناس البينات ،( وَلَقَدْ جَاءكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ

____________

١ ـ الغاشية : ٢١ ـ ٢٢.

١٤٧

اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ ) (١) ،( وَلَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ ) (٢) ، وذلك :( لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ) (٣) .

وثمّة مسألة أُخرى وهي : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نوّه إلى مسألة ما سيحدث بعده من الاختلاف بين الصحابة ، وأن بعضهم سيضرب رقاب بعض ، وأنّهم سيرجعون بعدّه مرتدّين.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّكم محشورون إلى الله تعالى ، ويؤخذ بقوم منكم ذات الشمال ، فأقول : يا ربّ أصحابي! فيقال لي : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم مذ فارقتهم ، فأقول كما قال العبد الصالح :( كُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا توفّيتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ) (٤) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ليردن عليّ الحوض رجال ممّن صحبني ورآني ، حتّى إذا رفعوا إليّ ورأيتهم اختلجوا دوني ، فلأقولن : ربّ أصحابي أصحابي؟ فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك »(٥) .

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « بينا أنا قائم فإذا زمرة ، حتّى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال : هلمّ ، فقلتُ : أين؟ قال : إلى النار والله ، قلتُ : ما شأنهم؟ قال : إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقري ، ثمّ إذا زمرة فلا أراهم يخلص منهم إلاّ مثل همل النعم ، فأقول : أصحابي أصحابي ، فقيل : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول : بُعداً بُعداً ـ أو : سحقاً سحقاً ـ لمن بدّل بعدي »(٦) .

____________

١ ـ البقرة : ٩٢.

٢ ـ البقرة : ٩٩.

٣ ـ الأنفال : ٤٢.

٤ ـ المائدة : ١١٧ ، مسند أحمد ١ / ٢٣٥ و ٢٥٣ ، صحيح البخاري ٤ / ١١٠ و ١٤٣ و ٥ / ١٩٢ و ٢٤٠ و ٧ / ١٩٥ ، صحيح مسلم ٨ / ١٥٧.

٥ ـ مسند أحمد ٥ / ٤٨ ، صحيح البخاري ٧ / ٢٠٨ ، صحيح مسلم ٧ / ٧٠ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤١٥ ، مسند ابن راهويه ١ / ٣٧٩.

٦ ـ صحيح البخاري ٧ / ٢٠٨ ، كنز العمّال ١١ / ١٣٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٨ / ١٠٨.

١٤٨

( السيّد يوسف البيومي ـ لبنان ـ ٢٥ سنة ـ طالب جامعة وحوزة )

تفسير آية( محمّد رَّسُولُ اللهِ )

س : إنّ هناك آية في القرآن الكريم تتكلّم عن أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والسنّة يستدلّون بها على عدالتهم ، وهذه الآية هي : ( محمّد رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء ) (١) ، فما هو التفسير الحقيقي لهذه الآية؟ وكيف يمكن أن ندحض زعمهم؟ ولكم الأجر والثواب.

ج : ننقل لكم نصّ ما قاله الشيخ المفيدقدس‌سره حول الآية في كتابه « الإفصاح » : « فإن قال : أفليس الله تعالى يقول في سورة الفتح :( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ) ، وقد علمت الكافّة أنّ أبا بكر وعمر وعثمان من وجوه أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ورؤساء من كان معه ، وإذا كانوا كذلك فهم أحقّ الخلق ، بما تضمّنه القرآن من وصف أهل الإيمان ، ومدحهم بالظاهر من البيان ، وذلك مانع من الحكم عليهم بالخطأ والعصيان؟!

قيل لهم : إنّ أوّل ما نقول في هذا الباب : أنّ أبا بكر وعمر وعثمان ، ومن تضيفه الناصبة إليهم في الفضل ـ كطلحة والزبير ، وسعد وسعيد ، وأبي عبيدة ، وعبد الرحمن ـ لا يتخصّصون من هذه المدحة بما خرج عنه أبو هريرة وأبو الدرداء ، بل لا يتخصّصون بشيء لا يعمّ عمرو بن العاص ، وأبا موسى الأشعري ، والمغيرة بن شعبة ، وأبا الأعور السلمي ، ويزيد ومعاوية بن أبي سفيان ، بل لا يختصّون منه بشيء دون أبي سفيان صخر بن حرب ، وعبد الله ابن أبي سرح ، والوليد بن عقبة بن أبي معيط ، والحكم بن أبي العاص ،

____________

١ ـ الفتح : ٢٩.

١٤٩

ومروان بن الحكم ، وأشباههم من الناس ، لأنّ كُلّ شيء أوجب دخول من سمّيتهم في مدحة القرآن ، فهو موجب دخول من سمّيناه ، وعبد الله بن أبي سلول ، ومالك بن نويرة ، وفلان وفلان ، إذ إنّ جميع هؤلاء أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومن كان معه ، ولأكثرهم من النصرة للإسلام ، والجهاد بين يدي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والآثار الجميلة والمقامات المحمودة ما ليس لأبي بكر وعمر وعثمان ، فأين موضع الحجّة لخصومنا في فضل من ذكره على غيره؟ من جملة من سمّيناه ، وما وجه دلالتهم منه على إمامتهم ، فإنا لا نتوهّمه ، بل لا يصحّ أن يدّعيه أحد من العقلاء؟!

ثمّ يقال لهم : خبّرونا عمّا وصف الله تعالى به من كان مع نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله بما تضمّنه القرآن ، أهو شامل لكُلّ من كان معهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الزمان ، أم في الصقع والمكان ، أم في ظاهر الإسلام ، أم في ظاهره وباطنه على كُلّ حال ، أم الوصف به علامة تخصيص مستحقّه بالمدح دون من عداه ، أم لقسم آخر غير ما ذكرناه؟

فإن قالوا : هو شامل لكُلّ من كان مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في الزمان أو المكان أو ظاهر الإسلام.

ظهر سقوطهم وبان جهلهم ، وصرّحوا بمدح الكفّار وأهل النفاق ، وهذا ما لا يرتكبه عاقل.

وإن قالوا : إنّه يشمل كُلّ من كان معه على ظاهر الديانة وباطنها معاً ، دون من عددتموه من الأقسام.

قيل لهم : فدلّوا على أئمّتكم وأصحابكم ، ومن تسمّون من أوليائكم ، أنّهم كانوا في باطنهم على مثل ما أظهروه من الإيمان ، ثمّ ابنوا حينئذ على هذا الكلام ، وإلاّ فأنتم مدعون ومتحكّمون بما لا تثبت معه حجّة ، ولا لكم عليه دليل ، وهيهات أن تجدوا دليلاً يقطع به على سلامة بواطن القوم من الضلال ، إذ ليس به قرآن ولا خبر عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن اعتمد فيه على غير هذين ، فإنّما اعتمد على الظنّ والحسبان.

١٥٠

وإن قالوا : إنّ متضمّن القرآن من الصفات المخصوصة ، إنّما هي علامة على مستحقّي المدحة من جماعة مظهري الإسلام ، دون أن تكون منتظمة لسائرهم على ما ظنّه الجهّال.

قيل لهم : فدلّوا الآن على من سمّيتموه كان مستحقّاً لتلك الصفات ، لتتوجّه إليه المدحة ، ويتمّ لكم فيه المراد ، وهذا ما لا سبيل إليه حتّى يلج الجمل في سمّ الخياط.

ثمّ يقال لهم : تأمّلوا معنى الآية ، وحصّلوا فائدة لفظها ، وعلى أيّ وجه تخصص متضمّنها من المدح ، وكيف مخرج القول فيها؟ تجدوا أئمّتكم أصفاراً ممّا ادعيتموه لهم منها ، وتعلموا أنّهم باستحقاق الذمّ وسلب الفضل بدلالتها منهم بالتعظيم والتبجيل من مفهومها ، وذلك أنّ الله تعالى ميّز مثل قوم من أصحاب نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله في كتبه الأُولى ، وثبوت صفاتهم بالخير والتقى في صحف إبراهيم وموسى وعيسىعليهم‌السلام ، ثمّ كشف عنهم بما ميّزهم به من الصفات التي تفرّدوا بها من جملة المسلمين ، وبانوا بحقيقتها عن سائر المقرّبين.

فقال سبحانه :( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ ) وكأنّ تقدير الكلام : إنّ الذين بينت أمثالهم في التوراة والإنجيل من جملة أصحابك ومن معك ـ يا محمّد ـ هم أشدّاء على الكفّار ، والرحماء بينهم الذين تراهم ركّعاً سجّداً ، يبتغون فضلاً من الله ورضواناً.

وجرى هذا في الكلام مجرى من قال : زيد بن عبد الله إمام عدل ، والذين معه يطيعون الله ، ويجاهدون في سبيل الله ، ولا يرتكبون شيئاً ممّا حرّم الله ، وهم المؤمنون حقّاً دون من سواهم ، إذ هم أولياء الله الذين تجب مودّتهم دون من معه ممّن عداهم ، وإذا كان الأمر على ما وصفناه ، فالواجب أن تستقرئ الجماعة في طلب هذه الصفات ، فمن كان عليها منهم فقد توجّه إليه المدح

١٥١

وحصل له التعظيم ، ومن كان على خلافها ، فالقرآن إذاً منبّه على ذمّه ، وكاشف عن نقصه ، ودالّ على موجب لومه ، ومخرج له عن منازل التعظيم.

فنظرنا في ذلك واعتبرناه ، فوجدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وجعفر بن أبي طالب ، وحمزة بن عبد المطلب ، وعبيدة بن الحارث ، وعمّار بن ياسر ، والمقداد ابن الأسود ، وأبا دجانة ـ وهو سمّاك بن خرشة الأنصاري ـ وأمثالهم من المهاجرين والأنصار ( رضي الله عنهم ) ، قد انتظموا صفات الممدوحين من الصحابة في متضمّن القرآن.

وذلك أنّهم بارزوا من أعداء الملّة الأقران ، وكافحوا منهما الشجعان ، وقتلوا منهم الأبطال ، وسفكوا في طاعة الله سبحانه دماء الكفّار ، وبنوا بسيوفهم قواعد الإيمان ، وجلوا عن نبيّهمصلى‌الله‌عليه‌وآله الكرب والأحزان ، وظهر بذلك شدّتهم على الكفّار ، كما وصفهم الله تعالى في محكم القرآن ، وكانوا من التواصل على أهل الإسلام ، والرحمة بينهم على ما ندبوا إليه ، فاستحقّوا الوصف في الذكر والبيان.

فأمّا إقامتهم الصلاة وابتغاؤهم من فضل الله تعالى القربات ، فلم يدفعهم عن علو الرتبة في ذلك أحد من الناس ، فثبت لهم حقيقة المدح لحصول مثلهم فيما أخبر الله تعالى عنهم في متقدّم الكتب ، واستغنينا بما عرفنا لهم ممّا شرحناه في استقراء غيرهم ، ممّن قد ارتفع في حاله الخلاف ، وسقط الغرض بطلبه على الاتفاق.

ثمّ نظرنا فيما ادعاه الخصوم لأجل أئمّتهم ، وأعظمهم قدراً عندهم من مشاركة من سمّيناه فيما ذكرنا من الصفات وبيّناه ، فوجدناهم على ما قدّمناه من الخروج عنها ، واستحقاق أضدادها على ما رسمناه.

وذلك أنّه لم يكن لأحد منهم مقام في الجهاد ، ولا عرف لهم قتيل من الكفّار ، ولا كلّم كلاماً في نصرة الإسلام ، بل ظهر منه الجزع في مواطن القتال ، وفرّ في يوم خيبر وأُحد وحنين ، وقد نهاهم الله تعالى عن الفرار ، وولّوا

١٥٢

الأدبار ، مع الوعيد لهم على ذلك في جلي البيان ، وأسلموا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله للحتوف في مقام بعد مقام ، فخرجوا بذلك عن الشدّة على الكفّار ، وهان أمرهم على أهل الشرك والضلال ، وبطل أن يكونوا من جملة المعنيين بالمدحة في القرآن ، ولو كانوا على سائر ما عدا ما ذكرناه من باقي الصفات ، وكيف وأنّى يثبت لهم شيء منها بضرورة ولا استدلال ، لأنّ المدح إنّما توجّه إلى من حصل له مجموع الخصال في الآية دون بعضها ، وفي خروج القوم من البعض بما ذكرناه ، ممّا لا يمكن دفعه إلاّ بالعناد ، ووجوب الحكم عليهم بالذمّ بما وصفناه؟! وهذا بيّن جلي والحمد لله.

ثمّ يقال لهم : قد روى مخالفوكم عن علماء التفسير من آل محمّدعليهم‌السلام : أنّ هذه الآية إنّما نزلت في أمير المؤمنين والحسن والحسين والأئمّةعليهم‌السلام من بعدهم خاصّة دون سائر الناس ، وروايتهم لما ذكرنا عمّن سمّينا أولى بالحقّ والصواب ، ممّا ادعيتموه بالتأويل والظنّ الحسبان والرأي ، لإسنادهم مقالتهم في ذلك إلى من ندب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الرجوع إليه عند الاختلاف ، وأمر باتباعه في الدين ، وأمن متبعه من الضلال.

ثمّ إنّ دليل القرآن يعضده البيان ، وذلك أنّ الله تعالى أخبر عمّن ذكره بالشدّة على الكفّار ، والرحمة لأهل الإيمان ، والصلاة له ، والاجتهاد في الطاعات ، بثبوت صفته في التوراة والإنجيل ، وبالسجود لله تعالى وخلع الأنداد ، ومحال وجود صفة ذلك لمن سجوده للأوثان ، وتقرّبه لللات والعزّى دون الله الواحد القهّار ، لأنّه يوجب الكذب في المقال ، أو المدحة بما يوجب الذمّ من الكفر والعصيان.

وقد اتفقت الكافّة على أنّ أبا بكر وعمر وعثمان ، وطلحة والزبير ، وسعداً وسعيداً ، وأبا عبيدة وعبد الرحمن ، قد عبدوا قبل بعثة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الأصنام ، وكانوا دهراً طويلاً يسجدون للأوثان من دون الله تعالى ، ويشركون به الأنداد ، فبطل أن تكون أسماؤهم ثابتة في التوراة والإنجيل ، بذكر السجود على ما نطق به القرآن ، وثبت لأمير المؤمنين والأئمّة من ذرّيتهعليهم‌السلام ذلك ، للاتفاق على أنّهم لم يعبدوا قط غير الله تعالى ، ولا سجدوا لأحد سواه ، وكان

١٥٣

مثلهم في التوراة والإنجيل واقعاً موقعه على ما وصفناه ، مستحقّاً به المدحة قبل كونه ، لما فيه من الإخلاص لله سبحانه على ما بيّناه.

ووافق دليل ذلك برهان الخبر عمّن ذكرناه ، من علماء آل محمّدعليهم‌السلام ، بما دلّ به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من مقاله الذي اتفق العلماء عليه ، وهذا أيضاً ممّا لا يمكن التخلّص منه مع الإنصاف.

ثمّ يقال لهم : خبّرونا عن طلحة والزبير ، أهما داخلان في جملة الممدوحين بقوله تعالى :( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ ) إلى آخره ، أم غير داخلين في ذلك؟

فإن قالوا : لم يدخل طلحة والزبير ونحوهما في جملة القوم.

خرجوا من مذاهبهم ، وقيل لهم : ما الذي أخرجهم من ذلك ، وأدخل أبا بكر وعمر وعثمان ، فكُلّ شيء تدعونه في استحقاق الصفات ، فطلحة والزبير أشبه أن يكونا عليها منهم ، لما ظهر من مقاماتهم في الجهاد ، الذي لم يكن لأبي بكر وعمر وعثمان فيه ذكر على جميع الأحوال؟!

فلا يجدون شيئاً يعتمدون عليه في الفرق بين القوم ، أكثر من الدعوى الظاهرة الفساد.

وإن قالوا : إنّ طلحة والزبير في جملة القوم الممدوحين بما في الآية.

قيل لهم : فهلاّ عصمهما المدح الذي ادعيتموه لهم ، من دفع أمير المؤمنينعليه‌السلام عن حقّه ، وإنكار إمامته ، واستحلال حربه ، وسفك دمه ، والتديّن بعداوته على أيّ جهة شئتم : كان ذلك من تعمّد ، أو خطأ ، أو شبهة ، أو عناد ، أو نظر ، أو اجتهاد!

فإن قالوا : إنّ مدح القرآن ـ على ما يزعمون ـ لم يعصمهما من ذلك ، ولابدّ من الاعتراف بما ذكرناه ، لأنّ منع دفعه جحد الاضطرار.

قيل لهم : فبما تدفعون أنّ أبا بكر وعمر وعثمان ، قد دفعوا أمير المؤمنينعليه‌السلام عن حقّه ، وتقدّموا عليه وكان أولى بالتقدّم عليهم ، وأنكروا إمامته وقد كانت ثابتة ، ودفعوا النصوص عليه وهي له واجبة ، ولم يعصمهم

١٥٤

ذلك ، ثمّ توجّه المدح لهم من الآية ، كما لم يعصم طلحة والزبير ممّا وصفناه ، ووقع منهم في إنكار حقّ أمير المؤمنينعليه‌السلام ، كما وقع من الرجلين المشاركين لهم فيما ادعيتموه من مدح القرآن ، وعلى الوجه الذي كان منهما ذلك ، من تعمّد أو خطأ أو شبهة أو اجتهاد أو عناد؟ وهذا ما لا سبيل لهم إلى دفعه ، وهو مبطل لتعلّقهم بالآية ، ودفع أئمّتهم عن الضلالة ، وإن سلم لهم منها ما تمنّوه تسليم جدل للاستظهار.

ويؤكّد ذلك : أنّ الله تعالى مدح من وصف بالآية ، بما كان عليه في الحال ، ولم يقض بمدحه له على صلاح العواقب ، ولا أوجب العصمة له من الضلال ، ولا استدامة لما استحقّ به المدحة في الاستقبال.

ألا ترى أنّه سبحانه قد اشترط في المغفرة لهم والرضوان ، الإيمان في الخاتمة ، ودلّ بالتخصيص لمن اشترط له ذلك ، على أنّ في جملتهم من يتغيّر حاله ، فيخرج عن المدح إلى الذمّ واستحقاق العقاب ، فقال تعالى فيما اتصل به من وصفهم ومدحهم بما ذكرناه من مستحقّهم في الحال :( كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) (١) .

فبعضهم في الوعد ولم يعمهم به ، وجعل الأجر مشترطاً لهم بالأعمال الصالحة ، ولم يقطع على الثبات ، ولو كان الوصف لهم بما تقدّم موجباً لهم الثواب ، ومبيّناً لهم المغفرة والرضوان ، لاستحال الشرط فيهم بعده وتناقض الكلام ، وكان التخصيص لهم موجباً بعد العموم ظاهر التضاد ، وهذا ما لا يذهب إليه ناظر ، فبطل ما تعلّق به الخصم من جميع الجهات ، وبان تهافته على اختلاف المذاهب في الأجوبة والإسقاطات ، والمنّة لله »(٢) .

____________

١ ـ الفتح : ٢٩.

٢ ـ الإفصاح : ١٣٩.

١٥٥

( عبد الله النمر ـ السعودية ـ )

حقيقة الخلاف حولهم بين الشيعة والسنّة :

س : أُريد معرفة حقيقة الخلاف بين الشيعة وأهل السنّة في مسألة الصحابة؟

ج : الكلام حول عدالة الصحابة عنوان وتعبير لا يرسم حقيقة الخلاف بين الشيعة الإمامية وأهل السنّة ، لأنّ الخلاف ليس في كُلّ الصحابة ، فانّ الإمامية تعدل الصحابة ممّن تابع ووالى علياًعليه‌السلام ـ كسلمان والمقداد وعمّار وأبي ذر ، وخالد بن سعيد بن العاص وأخيه ، وابن التيّهان وذي الشهادتين ، وجابر بن عبد الله الأنصاري ، وأبي بردة الأسلمي ، وغيرهم جمع غفير ممّن والى علياًعليه‌السلام ـ وكذلك غالب وجلّ الأنصار فإنّهم ممدوحون عندهم.

وإنّما الخلاف حقيقة هو في أصحاب السقيفة ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر فإنّ القرآن الكريم قد نطق بوجود المنافقين ، والذين في قلوبهم مرض ، والمرجفون ، ومنهم الذين يلمزون رسول الله في الصدقات ، ومنهم الذين يؤذون النبيّ ، ويقولون : هو أُذن ، ومنهم من عاهد الله ونكث ، ومنهم الذين يلمزون المطوّعين من المؤمنين ، ومنهم المخلّفون بمقعدهم ، ومنهم الخوالف ، ومنهم المعذرون ، ومنهم الذين مردوا على النفاق ، ومنهم المرجون ، ومنهم الذين ارتابت قلوبهم ، ومنهم الذين ابتغوا الفتنة ، ومنهم أهل الإفك ، وغيرهم من الطوائف التي نصّ عليها القرآن ، فكما قد مدح طائفة منهم ، فقد ذمّ طوائف عديدة كثيرة ، أفتؤمنون ببعض وتكفرون ببعض؟!

وفي سورة المدّثر ـ وهي رابع سورة من البعثة ، نزلت على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ يشير القرآن إلى اندساس مجموعة في صفوف المسلمين الأوائل ، ويطلق عليهم اسم( الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ) (١) ، أي ممّن يظهر الإسلام ويبطن المرض في قلبه ، وقد فسّرت سورة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله معنى المرض ، وهو الظغينة والعداء للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله

____________

١ ـ المائدة : ٥٢.

١٥٦

وخاصّته ، وقد ذمّ القرآن بعض أهل بدر في سورة الأنفال ، كما ذمّ بعض أهل أُحد في سورة آل عمران ، كما ذمّ طوائف من الصحابة في واقعة الأحزاب في سورة الأحزاب وسورة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذمّ جماعة منهم في واقعة حنين.

بل في واقعة أُحد قال تعالى :( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ) (١) .

وقد اشترط القرآن الكريم لنجاة الصحابي وكُلّ مسلم شرائط ، إن وفى بها نجى وسلم وفاز ، وإلاّ فيهلك ويخسر ، لقوله تعالى مخاطباً أصحاب بيعة الرضوان :( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ الله فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ) (٢) ، فالناكث هالك منهم بحكم القرآن الكريم ، ومن ثمّ اصطلح بين الصحابة اشتراط أن لا يبدّل الواحد منهم في الدين ، ولا يحدث حدث.

وفي ذيل سورة الفتح ، وعد القرآن بعض الذين مع الرسول بالنجاة فقال :( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) (٣) ، فقال تعالى :( مِنْهُم ) أي بعضهم لا كُلّهم.

وقد روى البخاري ومسلم في كتاب الفتن والعلم : إنّ جمع من الصحابة يرتدّون على أدبارهم القهقري بعد رسول الله ، ويبعدون عن حوض الكوثر ، ويختلسون دون رسول الله ، فيقولصلى‌الله‌عليه‌وآله : «ربّ أصحابي أصحابي ، فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول : سحقاً سحقاً »(٤) .

____________

١ ـ آل عمران : ١٤٤.

٢ ـ الفتح : ١٠.

٣ ـ الفتح : ٢٩.

٤ ـ مسند أحمد ٢ / ٣٠٠ و ٣ / ٢٨ و ٥ / ٣٣٣ ، صحيح البخاري ٧ / ٢٠٨ و ٨ / ٨٧ ، صحيح مسلم ١ / ١٥١ و ٧ / ٦٦ ، السنن الكبرى للبيهقي ٤ / ٧٨.

١٥٧

( خالد ـ الجزائر ـ ٢٧ سنة ـ التاسعة أساسي )

عدم ثبوت توبة طلحة والزبير :

س : هل ثبتت توبة الزبير ابن العوام بعد محاربته للإمام عليعليه‌السلام ؟

إذ إنّ كثيراً من المصادر التاريخية تذكر أنّ الزبير انسحب من المعركة بعد أن ذكّره أمير المؤمنينعليه‌السلام بكلام ، فتبعه ابن جرموز فقتله ، وهو يصلّي ، وأصبح ابن جرموز فيما بعد من كبار الخوارج.

وهل صحّت توبة طلحة ، إذ إنّ المصادر تذكر أن مروان بن الحكم قتله أثناء المعركة؟ حتّى يختلط الحابل بالنابل ، فهل أراد طلحة الانسحاب من المعركة ـ كالزبير ـ فقتله مروان حتّى لا يتمّ الصلح؟

ج : إنّ طلحة والزبير قد ضلاّ وأضلاّ الكثير بنكثهما البيعة مع أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وبهذا أصبحا جاحدين لإمام زمانهما ، وشملهما الحديث : «من مات وليس عليه إمام مات ميتة جاهلية »(١) .

وأيضاً قد فقدا إيمانهما بخروجهما على إمام زمانهما ، فاعتُبرا من الغاوين المنحرفين.

وأمّا توبتهما فلم تثبت بطريق صحيح ، لأنّهما قُتلا وهما مصمّمان على الحرب مقيمان على الفسق ، ولو كانا تائبين للزمهما أن يصرّحا بخطئهما ، وظلمهما واعتداءاتهما ، ثمّ كان يجب عليهما الحضور في معسكر الإمامعليه‌السلام ، وإطاعة أوامره ونواهيه ، لا الانسحاب والفرار من المعركة ؛ إذ قد يحتمل أن انسحاب الزبير كان بسبب بدو العجز والانكسار في معسكر الضلال.

وأمّا قضية طلحة فهي أوضح ، لأنّه كان عازماً على الاستمرار في القتال إلى أن غدر به صاحبه.

____________

١ ـ كتاب السنّة : ٤٨٩ ، مجمع الزوائد ٥ / ٢٢٥ ، مسند أبي يعلى ١٣ / ٣٦٦ ، المعجم الأوسط ٦ / ٧٠.

١٥٨

وبالجملة : فهما إلى النار ، ولا سبيل إلى فرض صحّة توبتهما ؛ وهذا ما عليه أعلام الشيعة ، كالشيخ المفيد وغيره من وجوه الطائفة.

( فراس العبدواني ـ ـ )

لا يصحّ الترضي على جميعهم :

س : هل صحيح أنّه يستحبّ الترضي للصحابة ، ولا يصحّ أن يقال بعد ذكر اسم الإمام علي بقول عليه‌السلام أو ( كرّم الله وجهه ) ، والصحيح أن يقال : رضی‌الله‌عنه .

ج : هذه دعوى بلا دليل ، إذ إنّ من الصحابة :

١ ـ يسار بن سبع ـ المعروف بأبي الغادية الجهني ـ وهو من الصحابة بإجماع أهل السنّة ، وهو قاتل عمّار بن ياسررضی‌الله‌عنه ، وقد صحّ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله : « قاتل عمّار وسالبه في النار »(١) ، فهذا الشخص في النار بشهادة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما اعترف شيخ الوهّابية ناصر الدين الألباني ، فكيف ترضى على أهل النار؟!

٢ ـ مسلم بن عقبة المري ، ذكره ابن عساكر وابن حجر من الصحابة(٢) ، وهو الذي غزا المدينة ، واستباح بنات الصحابة والتابعين ، وقد صحّ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله : «من آذى أهل المدينة آذاه الله ، وعليه لعنة الله والملائكة »(٣) ، واعترف النووي بأنّه من أهل النار ، فكيف تترضى عليه؟!

٣ ـ بسر بن أرطاة ، قد أوقع بأهل المدينة ومكّة أفعال قبيحة ، وآذى الصحابة ، وارتكب الأُمور العظام منها ما نقله أهل الأخبار والحديث : من ذبحه عبد الرحمن وقثم ابني عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب ، وهما

____________

١ ـ المستدرك ٣ / ٣٨٧ ، مجمع الزوائد ٧ / ٢٤٤ و ٩ / ٢٩٧ ، الآحاد والمثاني ٢ / ١٠٢ ، الجامع الصغير ٢ / ٢٣٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٣ / ٤٧٤.

٢ ـ تاريخ مدينة دمشق ٥٨ / ١٠٢ ، الإصابة ٦ / ٢٣٢.

٣ ـ مجمع الزوائد ٣ / ٣٠٧ ، الجامع الصغير ٢ / ٥٤٧ ، كنز العمّال ١٢ / ٢٣٧ ، فيض القدير ٦ / ٢٥.

١٥٩

صغيران بين يدي أُمّهما ، وكان معاوية سيّره إلى الحجاز واليمن ليقتل شيعة علي ، ويأخذ البيعة له ، فسار إلى المدينة ففعل بها أفعالاً شنيعة ، وسار إلى اليمن ففعل فيها كذلك.

وقال الدارقطني : « بسر بن أرطاة له صحبة ، ولم تكن له استقامة بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ودخل المدينة فهرب منه كثير من أهلها ، وقتل فيها كثيراً ، وأغار على همدان باليمن ، وسبى نساءهم ، فكنّ أوّل مسلمات سُبين في الإسلام »(١) .

فكيف ترضى على القتلة المستبيحين للنفس المحرّمة ، وللزنا؟!

٤ ـ معاوية بن خديج أو حديج ، ذكروا في ترجمته أنّه كان صحابياً ، وكان من أسبّ الناس لعليعليه‌السلام ، وقد صحّ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله : « من سبّ علياً فقد سبّني »(٢) ، فكيف تترضى على رجل يسبّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

٥ ـ المغيرة بن شعبة ، ولي لمعاوية الكوفة ، وكان ينال من عليعليه‌السلام ، ولم يكتفِ بذلك ، بل أمر الولاة بالنيل منه ، وقد صحّ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله : «ولا يحبّه إلاّ مؤمن ، ولا يبغضه إلاّ منافق »(٣) ، فكيف تترضى على المنافقين؟!

٦ ـ مروان بن الحكم ، كان يسبّ علياًعليه‌السلام ، فكيف تترضى عليه؟!

٧ ـ معاوية بن أبي سفيان ، كان يسبّ علياً ، ويأمر الولاة بسبّه ، فكيف تترضى عليه؟!

____________

١ ـ أُسد الغابة ١ / ١٨٠ ، تهذيب ٤ / ٦٢.

٢ ـ مسند أحمد ٦ / ٣٢٣ ، ذخائر العقبى : ٦٦ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٢١ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ١٣٣ ، خصائص أمير المؤمنين : ٩٩ ، نظم درر السمطين : ١٠٥ ، الجامع الصغير ٢ / ٦٠٨ ، كنز العمّال ١١ / ٥٧٣ و ٦٠٢ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٣٢ و ٣٠ / ١٧٩ و ٤٢ / ٢٦٦ و ٥٣٣ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٩١ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٢٥٠ و ٢٩٤ ، ينابيع المودّة ١ / ١٥٢ و ٢ / ١٠٢ و ١٥٦ و ٢٧٤ و ٣٩٥ ، جواهر المطالب ١ / ٦٥.

٣ ـ شرح نهج البلاغة ٨ / ١١٩ و ٩ / ١٧٢ و ١٨ / ٢٤ ، كنز العمّال ١٤ / ٨١ ، تاريخ مدينة دمشق ١٢ / ٣٩٨ و ٤٢ / ١٣٤ و ٢٧٩ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٤١١ ، جواهر المطالب ١ / ٢٥٠ ، ينابيع المودّة ٢ / ١٧٩ و ٤٩٢.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

وآرائها ؛ وما ذكرناه هو القدر المتيقّن المنقول في كتبهم ، وإلاّ فهم يلتزمون بخرافات وأساطير باطلة ، قد يخفونها على عامّة الناس.

( فاطمة ـ العراق ـ )

عقيدة اليزيديين :

س : ما هي عقيدة اليزيديين عبدة الشيطان؟

ج : اليزيدية إحدى الطوائف التي تكتّمت في إظهار معتقداتها ، لهذا نرى الباحثين في هذا المذهب يختلفون في نتائج تحقيقاتهم ، فنرى جماعة من ينسب اليزيدية إلى يزيد بن معاوية الأُموي ، وجماعة تنسبهم إلى يزيد بن أنيسة الخارجي ، وجماعة يرجعونهم إلى دين المجوس ، ويرون أن كلمة يزيدية مشتقّة من الكلمة الفارسية « يزدان» التي تعني الله ، وبعضهم يدّعي أنّ كلمة اليزيدية مأخوذة من لفظة يزد ، المدينة المشهورة في إيران.

والظاهر أنّهم كانوا في بداية أمرهم من المجوس ، فاعتنقوا الإسلام بعد مجوسيّتهم ، ولمّا حلّ الشيخ عدي بن مسافر الأُموي بين ظهرانيهم في منتصف القرن السادس للهجرة ، وأسّس طريقته العدوية ، كانوا أوّل من والاها واعتنقها ، وقد غلوا فيه ونسبوا إليه ما لا يصحّ نسبته إلى مخلوق مثله ، وبعد وفاته ظهر بين خلفائه بعض من أضلّهم ، وأبعدهم عن التعاليم الإسلامية ، فظهرت فيهم براعم الدين القديم.

وإنّما سمّو باليزيدية لأنّهم كانوا يعتقدون بصلاح يزيد بن معاوية اعتقاداً تجاوز الحدّ حتّى قالوا فيه إلهاً.

ويرى اليزيدون أنّ الكون وجد من قوّتين : قوّة الخير وهي الله ، وقوّة الشرّ وهي الشيطان ، ولهذا يتحاشون عن ذكر اسم الشيطان.

وتختلف العبادة التي يتقرّب بها اليزيدية ، فعبادتهم للشيطان عبادة تضرّع ، وتعطّف وخشية ، وعبادتهم لله عبادة خضوع وشكر وامتنان.

٥٢١

وقد بلغ الخوف باليزيدية من الشيطان درجة أنّهم تركوا عبادة إله الرحمة ، مبرئين أنفسهم من الخطأ في ذلك ، إنّ الله الذي لا حدّ لصلاحه وجوده ومحبّته للخلائق ، لا يفعل بهم شرّاً لأنّه صالح ، أمّا الشيطان فهو منقاد طبعاً إلى عمل الشرّ ، لأنّه مصدر الشرّ ومبدأه ، وعليه فالفطنة تقتضي على من يريد سعادة الحياة أن يهمل عبادة الله الصالح بطبيعته ، الذي لا يشاء عمل الشرّ ، ويطلب ولاء الشيطان وحمايته تخلّصاً من أذاه ، إذ للشيطان وحده أن يسلّط الشرور وأن يدفعها.

هذه بعض عقائد اليزيدية في الكون ، وأمّا عن شعائرهم التعبّدية ـ كالصوم والصلاة ، والحجّ والزكاة ، وسائر فروض العبادة ـ فإنّها تخالف ما فرض الإسلام من ناحية الكم والكيف.

( الموالي ـ السعودية ـ )

فرقة الكرامية :

س : من هم الكرامية؟ وما هي أهمّ آراؤهم الفقهية والعقائدية؟ وما رأي علماء المسلمين فيهم؟ وهل الفرقة الوهّابية الضالّة تعتبر امتداداً لهم؟

نرجو ذكر بعض المصادر التي تتناولهم بالتفصيل ، حفظكم الله ورعاكم.

ج : إنّ مؤسّس فرقة الكرامية هو : محمّد بن كرام السجستاني ـ المتوفّى ٢٥٥ هـ ـ وباسمه سمّيت هذه الفرقة ، وهي من الفرق المنحرفة ، ولهم آراء فاسدة ، كالقول بالتجسيم ، وأنّ لله على العرش استقراراً ، وعلى أنّه بجهة فوق ذاتاً ، وأطلق عليه اسم الجوهر ، ومسألة اليد والوجه والرؤية كُلّها من اعتقاداتهم ، ولم تمت الكرامية بموت مؤسّسها ، فلقد عاشت بعد موته ، حيث تلقّاها الهروي الأنصاري ، ثمّ احتضنها ابن تيمية ، واعتقد بكثير من عقائدها ، وكذلك الوهّابية المتأثّرون بأفكار ابن تيمية.

٥٢٢

( حسن ـ البحرين ـ ٢٠ سنة ـ طالب جامعة )

حركة القرامطة حركة سياسية :

س : من هم القرامطة؟ وما حقيقة حركة القرامطة في الجزيرة العربية؟

ج : إنّ القرامطة حركة سياسية ، ينتسبون إلى حمدان قرمط ، الذي كان أحد دعاتهم ـ وسمّي بذلك ، أي قرمط ، لأنّه كان يترقمط في مشيته ، أي يقارب بين خطواته ، وقد أقام في الكوفة سنة ٢٧٨ هـ ـ وادعوا انتسابهم إلى الفرقة الإسماعيلية.

والعباسيون في ذلك الوقت كانوا قد أعلنوا عداءهم للفاطميين ولاة مصر ، وكانوا يحاولون إلصاق أيّة تهمة بالخليفة الفاطمي آنذاك ، وبالفاطميين أنفسهم ، وقد ساعد بثّ هذه الدعوى أن حمدان قرمط قد أدّعى انتسابه إلى الإسماعيلية ، وحاول أن يجعل من نفسه منتسباً إلى المذهب الإسماعيلي ، لاستقطاب العامّة من البسطاء إليه ، بل ادّعى أكثر من ذلك ، وهو انتسابه إلى الفاطميين ، إلاّ أنّه لم يثبت ذلك.

وفي سنة ٢٨١ هـ قدم إلى البحرين من يدّعي أنّه رسول المهدي الفاطمي ، وطلب منهم الانضمام إلى دعوة القرامطة ، فأجابه بعضهم ، وكان أبرزهم أبي سعيد الجنابي ، واسمه الحسن بن بهرام.

وفي سنة ٢٨٣ هـ تزعّم أبو سعيد الجنابي الحركة القرمطية في البحرين ، وسار بأصحابه إلى القطيف ، ثمّ إلى البصرة ، وقد عهد أبو سعيد الجنابي إلى ابنه أبي طاهر حركة القرامطة ، ففي سنة ٣٠٧ هـ سار إلى البصرة فاستباحها ، وفي سنة ٣١٢ هـ اعترض حجّاج بيت الله الحرام فقتل منهم ، وانهزم الباقون.

وفي سنة ٣١٧ هـ هجم على مكّة ، وقتل كثيراً من الحجّاج ونهب أموالهم ، وفي سنة ٣١٩ هـ سار أبو طاهر أيضاً إلى مكّة ، فقتل الحجّاج واقتلع الحجر الأسود ، وحمله إلى هجر ، فلمّا بلغ الخبر إلى المهدي الفاطمي ، كتب إليه بالنكير واللعن ، وهدّده إذا لم يرجع الحجر الأسود.

٥٢٣

هذه نبذة من تاريخ القرامطة ، والشيعة منهم براء ، ومن أفعالهم القبيحة ، أعاذنا الله وإيّاكم من الفتن والأهواء ، إنّه سميع الدعاء.

( موالي ـ الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالب )

الإخبارية وإنكارهم للعقل :

س : كيف نردّ على الإخبارية الذين ينكرون العقل والإجماع في استنباط الحكم الشرعي؟

ج : إنّ البحث في هذا المجال ، ومن ثمّ الحكم فيه يحتاج إلى دراسة مفصّلة لمقطع من علم الأُصول ، ولا يسعنا التطرّق إليه في هذا المختصر ، ولكن مع هذا نشير إلى نقاط ذات صلة في الجواب :

أوّلاً : لا يرى الأُصولي حجّية العقل مطلقاً ـ حتّى يرد عليه كلام الإخباري ـ بل إنّ العقل عنده حجّة في فهم الحكم ، والدليل في المستقّلات العقلية ، وأمّا الإجماع ـ في نظر المحقّقين من الأُصوليين ـ فليس حجيّته من جهة نفسه ، بل حجيّته تأتي من اشتماله على قول المعصومعليه‌السلام ، فإن كان فهو ، وإلاّ ليس الإجماع على الإطلاق حجّة.

وفي الواقع : أنّ الإجماع المعتمد عند الأُصولي المحقّق مرجعه إلى السنّة والروايات ليس إلاّ.

وأمّا الدليل على كلام الأُصولي لحجّية العقل في المجالين المذكورين ، هو استقلال العقل في الدلالة على المطلب ، وعدم ردع الشارع عنه ، وهذا آية ارتضائه لهذه السيرة العقلائية.

وثانياً : أمّا الآيات والروايات الواردة في المنع عن الاعتماد على العقل ، فكُلّها تنصبّ في مجرى اتّباع العقل بصورة ناقصة ، مثلاً في باب المنع عن القياس أو الاستحسان ، إذ لا يعقل أن يمنع من إجراء العقل بتاتاً ، فإنّه يفضي إلى عدم حجّية النواهي في هذه النصوص المذكورة أيضاً.

٥٢٤

هذا ما تيسّر لنا توضيحه ، وللمزيد من المعلومات ينبغي الرجوع إلى مظانّها في مباحث علم الأُصول ، وعلى الخصوص إلى كتاب فرائد الأُصول ، الذي يطلق عليه الرسائل للشيخ الأنصاري.

( خالد ـ استراليا ـ )

عقائد الشيخية :

س : أُريد توضيحاً حول الفرقة الشيخية ، الذين ينتمون إلى الشيخ الأحسائي ، وما هو الفرق الأساسي بينهم وبين الفرق الأُخرى في الشيعة؟

ج : إنّ الشيخية في الأصل هم أتباع الشيخ أحمد الأحسائي ، المتوفّى ١٢٤١ هـ.

أمّا العقيدة المميّزة عندهم تبتني على التركيز بوجود ركن رابع في عصر غيبة الإمام المنتظرعليه‌السلام ، تخوّل إليه أكثر مسؤوليات وصلاحيّات الإمامعليه‌السلام ، بعدما كان يرون أنّ الإمام المهديعليه‌السلام قد غاب عن عالم الدنيا إلى عالم الأرواح ، وظهوره هو عوده إلى هذا العالم ، ومن ثمّ يقوم الركن الرابع مقامهعليه‌السلام حذراً من تعطيل الشريعة.

واصطلاح الركن الرابع جاء كإشارة إلى الأركان الأساسية الأربعة في الدين والمذهب ، وهي : التوحيد ، النبوّة ، الإمامة ، الركن الرابع.

ومن عقائدهم أيضاً نفيهم المعاد الجسماني ، بل يقولون بإعادة النفوس يوم القيامة في قالب مثالي ، الذي يصوّرونه بصورة خاصّة.

ثمّ إنّ هذه الفرقة قد التفّت حول السيّد كاظم الرشتي عقيب موت الأحسائي كتلميذٍ له ، وركن رابع جديد لطائفتهم ، الذي هو أيضاً توفّى ١٢٥٩ هـ ، وخلّف التفرّق والتشعّب داخل حوزتهم ، ممّا أدّى انقسامهم إلى فرق متعدّدة ، أهمّها فعلاً طائفتان :

٥٢٥

شيخية كرمان الذين يتبعون حاج محمّد كريم خان القاجار كوصيّ للرشتي ، وهذه المجموعة قد انحرفت تدريجاً عن الالتزام بالظواهر الشرعية والأحكام الدينية.

والإحقاقية وهم اتباع ملا باقر الاسكوئي التبريزي ، وفي زماننا كانوا تبعاً للشيخ الإحقاقي الساكن في الكويت ، وبحسب المعلومات المتوفّرة عندنا ، فهذه المجموعة بالذات قد تخلّت كثيراً ما عن تطرّفات العقيدة الأُمّ للفرقة ، وتبنّت الفكر الشيعي المعتدل المتمثّل في الحوزات العلمية ومراجع التقليد ، كما يظهر ذلك من سيرتهم ومؤلّفاتهم ، وهذا شيء يستحقّ التقدير إلى حدٍّ ما ، والعلم عند الله.

( هند ـ المغرب ـ ١٩ سنة ـ طالبة ثانوية )

المذاهب الإسلامية الموجودة حالياً :

س : كم مذهب إسلامي موجود الآن؟

ج : إنّ أكثر الفرق والمذاهب الإسلامية انقرضت ، والمشهور من الباقي منها الآن ، هي :

١ ـ المذاهب الإسلامية الأربعة : المذهب الحنفي ، والمالكي ، والشافعي ، والحنبلي ، وهم أتباع أبي الحسن الأشعري في أُصول العقيدة.

٢ ـ الأباضية ، وهي إحدى فرق الخوارج.

٣ ـ الزيدية ، وهي إحدى فرق الشيعة.

٤ ـ الإسماعيلية ، وهي إحدى فرق الشيعة.

ولكُلّ واحدة من هذه الفرق الثلاث منهجها وفقهها الخاصّ بها.

٥ ـ الشيعة الإمامية الاثنا عشرية ، وهم أتباع الأئمّة المعصومينعليهم‌السلام من آل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الأُصول والفروع.

٥٢٦

والسبب في تعدّد المذاهب الإسلامية هو اختلافهم من ناحية أُصول العقيدة ـ كاختلافهم في صفات الله ، وفي عدله ، وفي القضاء والقدر ، والجبر والاختيار ، والإمامة ، والعصمة ، وغيرها ـ ومن ناحية مناهج استنباط الأحكام الشرعية في استعمال الرأي والقياس ، والاستحسان ، والمصالح المرسلة ، وسنّة الصحابي ، وسنّة أهل البيتعليهم‌السلام وغيرها.

( بريطانيا ـ سنّي ـ ٢٥ سنة )

العلويون :

س : ما هي العلوية؟ وما هي الشيعة؟ وما هي أوجه الاختلاف والتشابه بينهما؟

ج : إنّ الشيعة الاثني عشرية تطلق على المذهب الجعفري ، الذي يعتقد بإمامة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ـ كخليفة ووصيّ للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ومن بعده الأئمّة المعصومين الإحدي عشرعليهم‌السلام .

نعم ، هناك فرق من الشيعة ـ كالزيدية والإسماعيلية ـ تتقلّص عدد الأئمّةعليهم‌السلام عندهم إلى أربعة أو ستّة ، ولكن هؤلاء لم يعدّوا من المذهب الجعفري الاثني عشري.

وأمّا العلوية ، فحسب المعلومات المتوفّرة عنهم ، فإنّهم شيعة إمامية جعفرية ، يعتقدون بالأئمّة المعصومين الاثني عشرعليهم‌السلام .

نعم ، كُلّ ما هناك أنّهم انعزلوا في طول التاريخ عن المجتمعات الشيعية ، بسبب مطاردتهم من قبل حكّام الجور ، والسلطات الظالمة بين حين وآخر هنا وهناك ، ممّا أدّى إلى ظهور التخلّف الديني نوعاً ما في بعض طبقات العوام منهم ، وهذا أصبح سبباً قويّاً في رميهم بالتهم ؛ وإلاّ فهم شيعة جعفريّون ، يعتقدون ما تعتقده الشيعة الاثنا عشرية في العقائد والأحكام ، من الأُصول

٥٢٧

والفروع ، وهذا ممّا تشهد له آثارهم المكتوبة ، وشهادة علماء الحوزات العلمية الشيعية ، وسيرة علمائهم في كافّة مجالات العلم والعمل.

وعليه ، فإذا سُمع عنهم شيء لا يتّفق مع الخطّ العام للثقافة الشيعية ، فهو إمّا موضوع ومختلق ، وإمّا هو صادر عن بعض العوام منهم ، فلا دلالة له على التزامات مذهبهم.

بقي علينا أن نذكر : بأنّ العلويين أبناء عشائر وقبائل خاصّة تلتزم بالمذهب الشيعي ، فالمذهب الشيعي هو الإطار العام للعلويين ، وغيرهم من أبناء المذهب ، وبناءً عليه فكُلّ علوي شيعي ، ولكن ليس كُلّ شيعي يجب أن يكون من العلويين ، فهم امتداد عرقي يعتقدون بالتشيّع من الأوّل حتّى الآن.

( علي ـ المغرب ـ ٢٢ سنة ـ ليسانس )

نقطة الخلاف بين الشيعة وبقية المذاهب :

س : ما هي مواطن الاختلاف بين المذهب الجعفري وباقي المذاهب الشيعية ، خصوصاً الزيدية والإسماعيلية؟ ولماذا هذا الاختلاف مادام أنّ الأئمّة محدّدون بمقتضى نصوص الرسول الأعظم.

ج : إنّ المذهب الإمامي الاثني عشري ، يلتزم في أساسه بإمامة الأئمّة الاثني عشر المعصومينعليهم‌السلام ، وهذا هو نقطة الخلاف بينه وبين باقي المذاهب الشيعية ، فمثلاً الزيدية تشترك معنا في الاعتقاد بأربعة من أئمّتنا فقط ، في حين أنّ الإسماعيلية توافقنا في ستّة منهم.

وأمّا دليل عدم قبول هذه المذاهب جميع أئمّتنا مع ورود النصّ النبوي ، ونصوص الأئمّةعليهم‌السلام ، فإنّه يرجع إلى عدم رضوخهم للحقّ ، شأنهم في ذلك شأن أهل السنّة في عدم انصياعهم للأوامر والوصايا المتواترة والمستفيضة في إمامة وخلافة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وأولاده المعصومينعليهم‌السلام .

٥٢٨

( هادي ـ لبنان ـ )

الفرق بين الاخباريين والأُصوليين :

س : جناب الإخوة الأعزاء أدامكم المولى ، أُودّ أن أزعجكم بهذا السؤال : من هم الاخباريون؟ وما العلاقة بينهم وبين الأُصولية؟

ج : إنّ اصطلاح الاخباريين يطلق على جماعةٍ من علماء الشيعة ، كانوا يرون طريق الاجتهاد المألوف عند الأُصوليين مغلقاً ، ويجب العمل فقط مطابقاً للنصوص الروائية الموجودة ، وعلى الأخصّ الكتب الأربعة ، من حيث أنّها صحيحة السند بأكملها ، ويتفرّع على هذا المبنى حكمهم بالاحتياط في الشبهات الحكمية التحريمية ، كشرب التبغ وغيره.

نعم ، الاختلاف بين الأُصوليين والإخباريين اختلاف في المباني الفقهية والأُصولية ، وليس اختلافاً في أُصول مباني المذهب.

( علاء علاونة ـ ـ )

الحركة البهائية حركة استعمارية :

س : الرجاء تزويدي بأيّ معلومات تخصّ الحركة البهائية ، ومعتقداتهم وطقوسهم ، وأيّ شيء يخصّ هذه الحركة ، وفّقكم الله.

ج : إنّ الحركة البهائية وقسيمها الأزلية وأصلهما البابية ، حركة استعمارية لا علاقة لها بالأديان السماوية ، ومنشؤها فكرة عشوائية صدرت من الخبط الحادث في عقل شخص يدعى سيّد علي محمّد ـ الذي سُمّي فيما بعد بـ « باب » ـ من تلامذة السيّد كاظم الرشتي نزيل كربلاء ، وقطب الشيخية آنذاك ، فاستغلّها الاستعمار الروسي أوّلاً ، والبريطاني ثانياً لتحقّق مآربها ، فألقوها في أحضان الصهيونية بالمآل ، وهذا ممّا يشهد التاريخ به.

ثم إنّ هذه الحركة تشعّبت بعد الباب إلى فرقتين رئيسيّتين : البهائية والأزلية ـ تسميةً لألقاب مزعومة لدى قطبيها : بهاء الله وصبح أزل ـ وبما أنّ البهائية

٥٢٩

تحالفت مع الاستعمار البريطاني ، وأبدت استعدادها في العمالة والتجسّس أكثر من الأزلية ، تبنّاها البريطانيون وبعدهم الأمريكان والصهاينة ، ولم يبق ذكر من الأزلية إلاّ القليل في جزيرة قبرص ، وعلى العكس تماماً انتشرت البهائية بدعم من الاستعمار ، حتّى أنّها حازت على إجازة تأسيس مركز رئيسي لها في حيفا في فلسطين ، بإذن من سلطات الاحتلال البريطاني في وقته.

وأمّا العقائد والأحكام عندهم ، فهي تختلف باختلاف أذواق ولاتهم ، فمثلاً أنّ « بهاء » قد نسخ جملة من أحكام « باب » للتسهيل.

وعلى الجملة ، لا نجد أثراً استدلالياً لهم في العقائد ، وأمّا في الأحكام فقد أخذوا فيها شطراً من الأديان السماوية ، وخلطوها بآرائهم ريثما يظهروها على البسطاء ، بأنّها من جعل السماء!!

وأمّا كتبهم المقدّسة فهي في الواقع كتابات شخصية ، لم يوجد فيها أيّ جهة إعجاز ، أو إشارة بأنّها متلقّاة من الوحي ، وهي مشحونة بالأغلاط الأدبية والعلمية ـ كما يراها ذوو الاختصاص ـ.

وبالجملة : فهذه الحركة حركة مفتعلة ، لا نصيب لها من الواقع ، ولا تستحقّ الخوض في التحقيق عنها بأكثر من هذا.

( محمّد إبراهيم الإبراهيم ـ الكويت ـ )

الدولة الفاطمية كانت إسماعيلية :

س : عندي عدّة أسئلة عن الدولة الفاطمية ، وهي :

١ ـ هل الدولة الفاطمية شرعية؟

٢ ـ هل فعلاً وقع العلويين عن نسب المهدي؟

هذا النصّ : ولم يستطع الخليفة العباسي المقتدر بالله أن يدفع قيامها ، وكُلّ ما فعله أنّه أصدر منشوراً بالطعن في نسب المهدي ، وقّعه وجهاء الهاشميين بما فيهم العلويون؟

٥٣٠

٣ ـ هل كانت الدولة الفاطمية تنشر علوم أهل البيت أم لا؟ ولماذا يحاربونها السنّة؟

٤ ـ هل فعلاً استعانت الدولة الفاطمية باليهود؟ ونسألكم الدعاء.

ج : إنّ الدولة الفاطمية كانت على المذهب الإسماعيلي ، والمذهب الإسماعيلي له خلافات جذرية مع الإمامية ، وإن كانت لها بعض المشتركات مع الإمامية.

والخليفة العباسي ـ كما ورد في التاريخ وثبت عند المحقّقين ـ عمل عريضة طويلة في القدح بنسب الفاطميين ، أجبر العلماء على التوقيع فيها ، وأكّد على علماء الإمامية بما فيهم الأشراف والسادة منهم ، وأجبرهم على التوقيع ، وهدّد مَن لم يوقّع في هذه العريضة ، ومع هذا فإنّ الشيخ المفيدقدس‌سره لم يرد اسمه فيمن وقّع ، وكذلك الكثير من زعماء الإمامية ممّن امتنع من التوقيع.

والدولة الفاطمية وإن كانت إسماعيلية ، إلاّ أنّ لها مشتركات مع الإمامية ، لذا ما قامت به من نشر أحاديث أهل البيتعليهم‌السلام ينصبّ نفعه على الإمامية أيضاً ، ولم يثبت عن الدولة الفاطمية أنّها استعانت باليهود ، وإنّما هي افتراءات وجّهها النواصب إليهم للطعن بهم.

وفي الختام : نودّ أن ننبّه على أنّ ما ذكره التاريخ والمؤرّخون عن الدولة الفاطمية الكثير منه غير صحيح ، وإنّما هي أكاذيب افتعلتها الأيدي الأثيمة للطعن بالدولة الفاطمية ، وإن كنّا لا ننزّه الدولة الفاطمية أيضاً من بعض الانحرافات.

( أياد ـ السعودية ـ )

عقائد الدروز :

س : هل تعتبر الطائفة الدرزية من الطوائف الإسلامية؟ وما هي عقائدهم؟

٥٣١

ج : اختلفت الآراء والأبحاث حول الطائفة الدرزية ، ننقل لكم بعض الآراء حول عقائدهم :

١ ـ ما ورد في دائرة المعارف البستانية : « وإيمان الدروز أنّ الله واحد أحد ، لا بداءة له ولا نهاية ، وأنّ النفوس مخلّدة تتقمّص بالأجساد البشرية ـ التناسخ ـ ولابدّ لها من ثواب وعقاب يوم المعاد بحسب أفعالها ، وعندهم للوصية نفوذ تام ، فإنّ الإنسان مختار أنّ يوصي قبل موته بأملاكه لمن يشاء ، قريباً كان أم غريباً »(١) .

٢ ـ ما ورد في دائرة المعارف المصرية : « من معتقداتهم أنّ الحاكم بأمر الله هو الله نفسه ، وقد ظهر على الأرض عشر مرّات ، ويعتقدون أنّ إبليس ظهر في جسم آدم ، ثمّ نوح ثمّ إبراهيم ثمّ موسى ثمّ عيسى ثمّ محمّد ، ويعتقدون بأنّ عدد الأرواح محدود ، فالروح التي تخرج من جسد الميت تعود إلى الدنيا في جسد طفل جديد ، ويعتقدون بالإنجيل ، فيختارون منها ما يستطيعون تأويله ، ويتركون ما عداه ، ويعتقدون أنّ الحاكم بأمر الله تجلّى لهم في أوّل سنة ٤٠٨ هـ ، فأسقط عنهم التكاليف من صلاة وصيام ، وزكاة وحجّ وجهاد ، وولاية وشهادة ».

٣ ـ ما ورد في دائرة المعارف الإسلامية : « وقد قام مذهب الإسماعيلية على فكرة أنّ الله قد تجسّد في الإنسان في جميع الأزمان ، وهم يتصوّرون أنّ الله ذاته أو على الأقلّ القوّة الخالقة ، تتكوّن من مبادئ متكثّرة ، يصدر الواحد منها عن الآخر ، ويتجسّد كُلّ مبدأ من هذه المبادئ في الإنسان ، وقد احتفظت العقيدة الدرزية بهذا المذهب.

فالخليفة الحاكم ـ وفقاً لهذه العقيدة ـ يمثّل الله في وحدانيته ، ومعرفة ذات الله وصفاته وتجلياته في سلسلة المبادئ المتجسّدة في الأئمّة هي عقائد هذا المذهب »(٢) .

____________

١ ـ دائرة المعارف ٧ / ٦٧٥.

٢ ـ دائرة المعارف الإسلامية ٩ / ٢١٧.

٥٣٢

٤ ـ ما ورد في موسوعة الأديان في العالم : « كان الموحّدون الدروز منذ نشأة مذهبهم في مطلع القرن الخامس للهجرة محترسين في كتمانه ، مشيحين عن إعلانه ، صيانة لأنفسهم من الاضطهاد ، ووقاية لها من العدوان في ذلك الزمان ، هذه الفرقة المتفرّعة من الشيعة ، كانت عرضة لنقمة الشيعة والسنّة على السواء »(١) .

عقيدة التجلّي الإلهي في الدرزية ، هي أجلّ العقائد وأشرفها(٢) .

إنّ موقف الدروز المعاصرين من الإسلام والمسلمين لمثير للدهشة والغرابة ، فالكتب الدرزية المعاصرة مشحونة بالمغالطات حول هذا الموضوع ، إنّ الدروز لا يفتأون يعلنون انتماءهم إلى الإسلام ويفاخرون بذلك ، وفي ثنايا الكتب الدرزية المعاصرة محاولات كثيرة لتبرئة الدروز من تهمة المروق عن الإسلام ، وذلك تبعاً لمبدأ التقية(٣) .

٥ ـ ما ورد في كتاب « الموحدّون الدروز في الإسلام » لمؤلّفه الشيخ مرسل نصر ، رئيس المحكمة الاستئنافية الدرزية العليا في لبنان : « إنّ الموحّدين الدروز انطلاقاً من إيمانهم بالإسلام ديناً ، وبمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله رسولاً ، يشهدون أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، ويقرّون بوجوب الصلاة والصيام ، والزكاة والحجّ ، والجهاد والولاية »(٤) .

وبعد يتبادر إلى ذهن القارئ الكريم السؤال الآتي : ما هي الفوارق بين مذهب التوحيد وبقية المذاهب الإسلامية؟ فالجواب : على ذلك أن ثمّة فوارق عدّة ، وهي :

١ ـ اعتماد الزوجة الواحدة.

____________

١ ـ موسوعة الأديان في العالم / الدروز الموحدون : ٢٩.

٢ ـ المصدر السابق : ٣٣.

٣ ـ المصدر السابق : ١٣٤.

٤ ـ الموحدون الدروز : ٣٣.

٥٣٣

٢ ـ عدم إعادة المطلّقة.

٣ ـ حرية الإيصاء.

٤ ـ التقمّص اجتهاداً(١) .

هذه بعض الأقوال عن الطائفة الدرزية من المؤيّدين والنافين ، والله العالم بحقائق الأُمور.

( خالد ـ الجزائر ـ ٢٧ سنة ـ التاسعة أساسي )

تعقيب على الجواب السابق :

لديّ تعليق بسيط حول الطائفة الدرزية إذا سمحتم :

يقول العلاّمة الشيخ محمّد جواد مغنيةقدس‌سره في كتابه نفحات محمّدية : « وسُئلت أكثر من مرّة : هل الدروز مسلمين؟ وكان جوابي : أنّ أهل الإسلام هم القوم الذين يدينون به ، أي إسلام القرآن وسنّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهم الذين يحجّون إلى الكعبة ، ويزورون الروضة المحمّدية ، ويصلّون إلى القبلة ، ويعلنون من على المآذن الشهادة لله بالوحدانية ، ولمحمّد بالرسالة ، ويصومون رمضان ، ويأتون الزكاة ، ويدرسون القرآن والسنّة النبوية

والدروز لا يلتزمون بشعائر الإسلام ، التي أشرنا إليها كما يفعل السنّة والشيعة ، ولا يعلنون ما يدينون ، نقول هذا مع الاحترام لعقيدتهم الدينية ، ولغيرتهم الإنسانية ، وأخلاقهم العالية ، ومع الاعتراف بشهامتهم وشجاعتهم »(٢) .

وأظن أنّ الشيخ قدس‌سره أعلم بعقيدة الدروز ، نظراً لتواجدهم بكثرة في لبنان ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

____________

١ ـ المصدر السابق : ٥١.

٢ ـ نفحات محمّدية : ١٢٣.

٥٣٤

( زهير ـ ـ )

عقائد الأشاعرة :

س : من هم الأشاعرة؟ وما هي أهمّ عقائدهم في الاختلاف مع الأُمّة الإسلامية؟

ج : هم أصحاب أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري البصري ، ومن عقائدهم : أنّ صفات الباري تعالى ـ كعلمه وحكمته وقدرته وحياته ـ هي أشياء زائدة على ذاته سبحانه ، وهي أيضاً قديمة ، كذاته جلّ وعلا ، فحينئذٍ يلزم تعدّد القديم ، وهو شرك ، وهذا الشرك يسمّى شرك الصفات.

وإنّ أبا الحسن الأشعري كان تلميذاً لأبي علي الجبّائي من شيوخ المعتزلة ، ثمّ أعرض عنه ، وانحاز إلى الكلابية ـ أصحاب عبد الله بن سعيد الكلابي ـ وأختار مذهبه في إثبات الصفات ، وإثبات القدر خيره وشرّه من الله تعالى ، وأبطل القول بتحسين العقل وتقبيحه ، لأنّ العقل لا يوجب المعارف بل السمع ، وأنّ المعارف تحصل بالعقل وتجب بالسمع ، ولا يجب على الله شيء بالعقل ، والنبوّات من الجائزات العقلية والواجبات السمعية ، وأكثر أهل السنّة اليوم على هذا المذهب.

والأشاعرة يكفّرون المعتزلة ، والمعتزلة يكفّرون الأشاعرة ، لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « القدرية مجوس هذه الأُمّة »(١) ، فالمعتزلة يقولون : القدرية هم الأشاعرة ، والأشاعرة يقولون : القدرية هم المعتزلة.

( علي الشهراني ـ البحرين ـ ٢٣ سنة ـ طالب )

تقسيم العلماء إلى إخباريين وأُصوليين لا يثير الفتنة :

س : تقولون : إنّ نعمة الله الجزائري ، والسيّد هاشم البحراني ، والشيخ النوري كلّهم إخباريون وليسوا أُصوليين ، ما الذي تقصدون؟ هل هم على

____________

١ ـ سنن أبي داود ٢ / ٤١٠ ، المستدرك ١ / ٨٥ ، السنن الكبرى للبيهقي ١٠ / ٢٠٣ ، كتاب السنّة : ١٤٩.

٥٣٥

خطأ؟ لماذا تثيرون الفتنة والحسّاسية : هذا إخباري وهذا أُصولي؟ أنا لا أعتقد من المراجع يقبل هذا.

ج : العلماء سواء كانوا من الإخباريين أو الأُصوليين فكُلّهم من علماء الطائفة الحقّة ، نحترمهم وهم قدوتنا ، رضوان الله عليهم ، حتّى أنّ مدير مركز الأبحاث العقائدية سماحة الشيخ فارس الحسون ( رحمه الله ) ألّف كتاباً مختصّاً بحياة السيّد هاشم البحراني ، وهو كتاب قيّم فيه دراسة معمّقة عن هذا العالم الجليل.

ولكن الأمر اختلط عليكم ، وذلك لعدم معرفتكم بمباني الطرفين ، إذ الإخباريون يقولون بصحّة كُلّ الكتب الأربعة وغيرها من كتب الحديث لقدامى الأصحاب ، بينما الأُصوليون لا يقولون بهذا ، ويجرون قواعد الجرح والتعديل عل كُلّ الأحاديث.

وبما أنّ المشهور من العلماء هم الأُصوليون ، فما يحتجّ به علينا من روايات نناقش سندها ، ولا نقول بقول الإخباريين بأن كُلّ أحاديث الكتب الأربعة صحيحة.

( علي الشهراني ـ البحرين ـ ٢٣ سنة ـ طالب )

تعقيب على الجواب السابق :

لعلّكم متفهّمين وضعي ، كما تعرفون كُلّ الفقهاء في البحرين إخباريين ، وآخرهم الشيخ محمّد أمين زين الدينقدس‌سره ، كما نحترمهم نحن في البحرين ، كما نحترم الأُصوليين ، إلاّ أنّ هناك اختلاف كما أشرتم ، وهذا بين الفقهاء ، هم يحدّدون هذه الرواية صح أم خطأ كما قلتم.

أرجو السماح على تعبيري إن كان حادّاً ، أنا أحترمكم وأثق بكم بكُلّ ما تقولون ، ولكن كما يفهم منكم هناك تهجّم على الإخباريين.

٥٣٦

( هشام محمود ـ مصر ـ )

طرق الصوفية ممتزجة بين الحقّ والباطل :

س : الإخوة الأفاضل : ما هو قولكم في طرق الصوفية : مثل العزمية والخليلية و... ، وكُلّ منهم يقول أنّه إمام العصر؟ أرجو الردّ ، وجزاكم الله خيراً.

ج : إنّ أكثر طرق الصوفية هي من اختراعات البشر ، ولم يرد في الشرع ما ينصّ على هذه الطرق ، فهي طرق ممتزجة بين الحقّ والباطل ، بين الأذكار الحقّة وبين الإتيان بها بطريقة ما أنزل الله بها من سلطان ، وعليه فإنّ علينا البحث فيها ، فما وافق النصّ منها يؤخذ به ، وما خالف النصّ والدليل يترك.

( هداية ـ السعودية ـ )

الفوارق والمشتركات بين الشيعة والمعتزلة :

س : ما هي الفوارق والمشتركات الكلامية بين الشيعة والمعتزلة؟

ج : لا يخفى عليكم أنّ الفروق والمشتركات بين الشيعة والمعتزلة كثيرة ، وقد ذكر الشيخ المفيدقدس‌سره في كتابه « أوائل المقالات » تلك الفروقات الكلامية ، ونحن نذكر بعضها للاختصار ، وهي :

١ ـ القول بالإمامة :

اتفق أهل الإمامة على أنّه لابدّ في كُلّ زمان من إمام موجود ، يحتجّ الله عزّ وجلّ به على عباده المكلّفين ، ويكون بوجوده تمام المصلحة في الدين ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

واتفقت الإمامية على أنّ إمام الدين لا يكون إلاّ معصوماً من الخلاف لله تعالى ، عالماً بجميع علوم الدين ، كاملاً في الفضل ، بايناً من الكُلّ بالفضل عليهم في الأعمال التي يستحقّ بها النعيم المقيم ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

واتفقت الإمامية على أنّ الإمامة لا تثبت مع عدم المعجز لصاحبها ، إلاّ بالنصّ على عينه والتوقيف ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٥٣٧

واتفقت الإمامية على أنّ الإمامة بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في بني هاشم خاصّة ، ثمّ في علي والحسن والحسينعليهم‌السلام ، ومن بعد في ولد الحسينعليهم‌السلام دون ولد الحسن إلى آخر العالم ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

واتفقت الإمامية على أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله استخلف أمير المؤمنينعليه‌السلام في حياته ، ونصّ عليه بالإمامة بعد وفاته ، وأنّ من دفع ذلك فقد دفع فرضاً من الدين ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

واتفقت الإمامية على أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نص على إمامة الحسن والحسين بعد أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وأنّ أمير المؤمنين أيضاً نص عليهما كما نص الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

واتفقت الإمامية على أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نصّ على علي بن الحسينعليه‌السلام ، وأنّ أباه وجدّه نصّاً عليه كما نصّ عليه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّه كان بذلك إماماً للمؤمنين ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك(١) .

٢ ـ القول في محاربي أمير المؤمنينعليه‌السلام :

واتفقت الإمامية على أنّ الناكثين والقاسطين من أهل البصرة والشام أجمعين كفّار ضلال ، ملعونون بحربهم أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وأنّهم بذلك في النار مخلّدون ، وأجمعت المعتزلة سوى الغزّال منهم وابن باب ، على خلاف ذلك.

واتفقت الإمامية على أنّ الخوارج على أمير المؤمنينعليه‌السلام المارقين عن الدين ، كفّار بخروجهم عليه ، وأنّهم في النار بذلك مخلّدون ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك(٢) .

____________

١ ـ أوائل المقالات : ٢٩.

٢ ـ المصدر السابق : ٤٢.

٥٣٨

٣ ـ القول في أنّ العقل لا ينفكّ عن سمع ، وأنّ التكليف لا يصحّ إلاّ بالرسلعليهم‌السلام :

واتفقت الإمامية على أنّ العقل محتاج في علمه ونتائجه إلى السمع ، وأنّه غير منفكّ عن سمع ينبّه العاقل على كيفية الاستدلال ، وأنّه لابدّ في أوّل التكليف وابتدائه في العالم من رسول ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٤ ـ القول في الفرق بين الرسل والأنبياءعليهم‌السلام :

واتفقت الإمامية على أنّ كُلّ رسول فهو نبيّ ، وليس كُلّ نبيّ فهو رسول ، وقد كان من أنبياء الله عزّ وجلّ حفظة لشرائع الرسل وخلفائهم في المقام ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٥ ـ القول في آباء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأُمّه وعمّه أبي طالبعليه‌السلام .

واتفقت الإمامية على أنّ آباء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من لدن آدم إلى عبد الله بن عبد المطلب مؤمنون بالله عزّ وجلّ موحّدون له

وأجمعوا على أنّ عمّه أبا طالبرضی‌الله‌عنه مات مؤمناً ، وأنّ آمنة بنت وهب كانت على التوحيد ، وأنّها تحشر في جملة المؤمنين ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٦ ـ القول في الرجعة والبداء وتأليف القرآن :

واتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة ، وإنّ كان بينهم في معنى الرجعة اختلاف.

واتفقوا على إطلاق لفظ « البداء » في وصف الله تعالى ، وأنّ ذلك من جهة السمع دون القياس.

واتفقوا على أنّ أئمّة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن ، وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنّة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٧ ـ القول في الوعيد :

واتفقت الإمامية على أنّ الوعيد بالخلود في النار متوجّه إلى الكفّار خاصّة ، دون مرتكبي الذنوب من أهل المعرفة بالله تعالى ، والإقرار بفرائضه من أهل الصلاة ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٥٣٩

واتفقت الإمامية على أنّ من عذّب بذنبه من أهل الإقرار والمعرفة والصلاة ، لم يخلّد في العذاب ، وأخرج من النار إلى الجنّة ، فينعم فيها على الدوام ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٨ ـ القول في الشفاعة :

واتفقت الإمامية على أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يشفع يوم القيامة ، لجماعة من مرتكبي الكبائر من أُمّته ، وأنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام يشفع في أصحاب الذنوب من شيعته ، وأنّ أئمّة آل محمّدعليهم‌السلام يشفعون كذلك ، وينجي الله بشفاعتهم كثيراً من الخاطئين وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٩ ـ القول في الأسماء والأحكام :

واتفقت الإمامية على أنّ مرتكب الكبائر من أهل المعرفة والإقرار لا يخرج بذلك عن الإسلام ، وأنّه مسلم ، وإن كان فاسقاً بما فعله من الكبائر والآثام وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

١٠ ـ القول في الإسلام والإيمان :

واتفقت الإمامية على أنّ الإسلام غير الإيمان ، وأنّ كُلّ مؤمن فهو مسلم ، وليس كُلّ مسلم مؤمناً ، وأنّ الفرق بين هذين المعنيين في الدين كما كان في اللسان ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

١١ ـ القول في التوبة وقبولها :

واتفقت الإمامية على أنّ قبول التوبة تفضّل من الله عزّ وجلّ ، وليس بواجب في العقول إسقاطها وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

١٢ ـ القول في أصحاب البدع ، وما يستحقّون عليه من الأسماء والأحكام :

واتفقت الإمامية على أنّ أصحاب البدع كُلّهم كفّار ، وأنّ على الإمام أن يستتيبهم عند التمكّن بعد الدعوة لهم ، وإقامة البينات عليهم ، فإنّ تابوا عن بدعهم وصاروا إلى الصواب ، وإلاّ قتلهم لردّتهم عن الإيمان ، وأن من مات منهم على تلك البدعة فهو من أهل النار ، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك.

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585