موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٤

موسوعة الأسئلة العقائديّة10%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-04-1
الصفحات: 585

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 585 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 266560 / تحميل: 7528
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٤

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٤-١
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

ومن هذا المنطلق ، كان التواجد الشيعي في إيران منذ الصدر الأوّل مع الفتوحات الإسلامية ، فعلى سبيل المثال ترى أنّ مناطق من آذربيجان عندما فُتحت أسلم أهلها ، واعتنقوا المذهب الشيعي ، بما إنّ القائد لفتوحات تلك المنطقة كان مسلم بن عوسجةرضی‌الله‌عنه ـ الذي استشهد فيما بعد في كربلاء ـ فيقول التاريخ عنه : أنّه كان يأخذ البيعة لعليعليه‌السلام بعد الشهادتين.

وترى أيضاً : إنّ أهل قم كانوا من الشيعة الخلّص في القرن الأوّل الهجري بنزول الأشعريين فيها(١) .

وإنّ خراسان كانت تحتضن الزخم الهائل من الشيعة ، بعدما هجّر زياد بن أبيه ـ حاكم الكوفة ـ خمسين ألف من الشيعة من الكوفة إلى خراسان ـ وهذا هو الداعي لاستغلال العباسيين الموقف للثورة على الأمويين بمعونة الخراسانيين ، لما كانوا يعرفون العداء بينهم وبين الأمويين ـ وأنّ قدوم الإمام الرضاعليه‌السلام إلى خراسان ، كان له التأثير التام ـ وإن كان هوعليه‌السلام تحت رقابة عباسية شديدة ـ في نشر الفكر الشيعي في تلك المنطقة بالأخصّ ، وفي جميع ربوع إيران على نحو العموم.

وبالجملة : كانت نشأة التشيّع في بعض المناطق الأُخرى هكذا : كمنطقة همدان ، إصفهان ، ري ، قزوين ، فارس ، طبرستان ، كاشان ، سجستان ـ من القرن الثالث للهجرة ـ وكرمان ، خوزستان ـ من القرن الرابع للهجرة ـ بيهق ـ من القرن السادس ـ ومناطق أُخرى.

ثانياً : إنّ الدولة الصفوية ـ التي جاءت إلى الحكم في القرن العاشر للهجرة ـ لا دور لها في تأسيس الفكر الشيعي في إيران.

نعم ، كان لها الفضل في تشييد أركان التشيّع في المنطقة ، بحذف الحكومات الجائرة التي كانت تمنع الإعلام والتحرّك الشيعي ، وأيضاً

____________

١ ـ معجم البلدان ٤ / ٣٩٧.

٨١

ساهمت ـ هذه الدولة ـ في تثبيت الأُسس الشيعية في المعارف والعقائد والأحكام بتخصيص الموارد المالية ، ودعم علماء الطائفة وغيرها.

ولا يخفى أنّ هذا الدور كان أيضاً للدولة البويهية والدولة السربدارية ، وبعض ملوك المغول ، الذين تشيّعوا بيد العلاّمة الحلّيقدس‌سره ـ في القرن الثامن ـ في نطاق أضيق.

( حسين حسن العلي ـ سوريا ـ )

يعتمدون على الكتاب والعترة في إثبات مذهبهم :

س : السلام على من يتّبع هدي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لماذا اسمع عن أهل السنّة أنّ عندهم دلائل من القرآن والحديث ، ولا اسمع هذا الشيء من الشيعة؟

ج : إنّ الشيعة تعتمد في حقّانيّتها على الحديث المتواتر عند الفريقين ، وهو حديث الثقلين ، حيث قال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي »(١) ، فمن باب أولى تعتمد الشيعة على هذين المصدرين كركيزتين أساسيّتين في إثبات مذهبها ، واستخراج أُصولها وفروعها.

____________

١ ـ فضائل الصحابة : ١٥ ، الجامع الكبير ٥ / ٣٢٨ ، تحفة الأحوذي ١٠ / ١٩٦ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤١٨ ، كتاب السنّة : ٣٣٧ و ٦٢٩ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ٤٥ و ١٣٠ ، خصائص أمير المؤمنين : ٩٣ ، المعجم الصغير ١ / ١٣٥ ، المعجم الأوسط ٤ / ٣٣ و ٥ / ٨٩ ، المعجم الكبير ٣ / ٦٦ و ٥ / ١٥٤ و ١٦٦ و ١٧٠ و ١٨٢ ، شرح نهج البلاغة ٩ / ١٣٣ ، نظم درر السمطين : ٢٣٢ ، كنز العمّال ١ / ١٧٢ و ١٨٦ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ١٢٢ ، المحصول ٤ / ١٧٠ ، الإحكام للآمدي ١ / ٢٤٦ ، الطبقات الكبرى ٢ / ١٩٤ ، علل الدارقطني ٦ / ٢٣٦ ، أنساب الأشراف : ١١١ و ٤٣٩ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٢٨ ، السيرة النبوية لابن كثير ٤ / ٤١٦ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٦ و ١٢ / ٢٣٢ ، ينابيع المودّة ١ / ٧٤ و ٩٥ و ٩٩ و ١٠٥ و ١١٢ و ١١٩ و ١٢٣ و ١٣٢ و ٣٤٥ و ٣٤٩ و ٢ / ٤٣٢ و ٤٣٨ و ٣ / ٦٥ و ١٤١ و ٢٩٤ ، النهاية في غريب الحديث والأثر ١ / ٢١١ و ٣ / ١٧٧ ، لسان العرب ٤ / ٥٣٨ و ١١ / ٨٨ ، تاج العروس ٧ / ٢٤٥.

٨٢

وهل كان هناك مورداً واحداً تدّعيه الشيعة بلا سندٍ من الكتاب والسنّة الصحيحة؟ والمتّتبع للأقوال يرى أنّ ما تقوله هذه الطائفة ـ في أيّ مجال ـ هو المطابق للقرآن والآثار المروية حتّى في كتب أهل السنّة.

وللكلام في هذا المضمار مجال واسع ، ويكفيك أن تقرأ كتب الشيعة المشحونة بهذه الأدلّة القرآنية والحديثية.

( ليالي ـ السعودية ـ ١٨ سنة ـ طالبة ثانوية )

الفرق بينهم وبين السنّة :

س : ما الفرق بين الشيعة والسنّة؟

ج : الفرق بين الشيعة والسنّة باختصار هو : أنّ الشيعة تعتقد بإمامة أمير المؤمنين عليعليه‌السلام بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بلا فصل ـ بحسب الأدلّة العقلية والنقلية المذكورة في مظانّها ـ ثمّ ترى الإمامة في المعصومين الأحد عشر ـ المنصوص عليهم من قبل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من أولاد عليعليه‌السلام ـ وهذا هو الفارق الأساسي بينهما.

ثمّ إنّ هناك فروقاً أُخرى في فهم الشريعة ، وأُصول الدين وفروعه ، كُلّها تبتني على الأخذ من معارف وعلوم أهل البيتعليهم‌السلام ، فالشيعة ـ بما ترى العصمة في أئمّتهاعليهم‌السلام ـ تلتزم بالسير في هداهم والتمسّك بسيرتهم.

ولكن أهل السنّة بما أنّهم حرموا من اتّباع خط الإمامة ، أصبحوا صفر اليد من هذه المعارف الإلهية ، وعلى العكس ، أخذوا علومهم من أشخاص معيّنين ـ كأئمّة المذاهب الأربعة وغيرهم ـ ممّن لا ضمان لعلومهم وأقوالهم من الخطأ والزلل ، ثمّ( أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الحقّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى ) (١) .

____________

١ ـ يونس : ٣٥.

٨٣

( حيدر ـ الكويت ـ )

من علامات الشيعي التختم باليمين :

س : ما هي الدلائل التي نأخذها ـ نحن الشيعة ـ عند ارتداء الخاتم باليد ، حيث أنّنا نرتدي الخواتم ـ سواء عقيق أو غيره ـ في كلتا اليدين.

فأرجو أن توضّحوا لنا الدلائل من كتب السنّة والشيعة ، حيث أن السنّة يقولون : إنّ التختّم ـ عموماً باليمين أو باليسار ـ هو بدعة ، فكيف أرد على مثل هؤلاء؟

ج : لا خلاف في استحباب التختّم ـ وخصوصاً باليمين عند الشيعة ـ وهذا ممّا تكاثرت عليه الروايات والأقوال عند علماء الشيعة ، وقد أخذوه قطعاً من السنّة النبوية الشريفة.

فعلى سبيل المثال : « عن عائشة : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يتختّم في يمينه ، وقبضصلى‌الله‌عليه‌وآله والخاتم في يمينه »(١) .

وذكر السلامي : « أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يتختّم في يمينه والخلفاء الأربعة بعده ، فنقله معاوية إلى اليسار ، فأخذ المروانية بذلك »(٢) .

وأيضاً صرّح بعضهم كالإمام البروسوي في تفسيره : « كالتختّم باليمين فإنّه في الأصل سنّة ، لكنّه لمّا كان شعار أهل البدعة والظلمة صارت السنّة أن يجعل الخاتم في خنصر اليد اليسرى في زماننا »(٣) .

وأمّا ما روي من طريق أهل البيتعليهم‌السلام في استحباب التختّم في اليمين فكثير جدّاً(٤) .

____________

١ ـ مجمع الزوائد ٥ / ١٥٣.

٢ ـ ربيع الأبرار ٤ / ٢٤.

٣ ـ روح البيان ٤ / ١٤٢.

٤ ـ جامع أحاديث الشيعة ٢١ / ٤٥٩.

٨٤

نعم ، إذا تختّم الإنسان باليمين فقد أصاب السنّة ، فإذا أراد أن يتختّم بخاتم آخر ، فيمكنه أن يتختّم باليسار ، بشرط أن يبقى الخاتم الأوّل في يده اليمنى.

( صفاء ـ سوريا ـ )

الفرق بينهم وبين العلويين :

س : من هم العلويين؟ وما الفرق بينهم وبين الشيعة؟

ج : العلويون منهم من يؤلّه علياًعليه‌السلام فهؤلاء كفّار ، ولا توجد لهم أيّ صلة بالشيعة ، ومنهم من يغالي في عليعليه‌السلام ويعطي له صفات الربوبية ، وهؤلاء أيضاً لا صلة لهم بالشيعة ، ومنهم من لا يلتزم بالأحكام الشرعية ولا يرى وجوبها ، وهؤلاء أيضاً التشيّع منهم بريء.

نعم ، بعض العلويين معتدلين في الاعتقاد ، ملتزمين بالأحكام الشرعية ، يعتقدون ويعملون كما يعمل الشيعة ، وهؤلاء لا يوجد فرق أساسي بينهم وبين الشيعة.

( سلمان ـ الكويت ـ )

منها الإخبارية والشيخية والأُصولية :

س : أُريد الإجابة بكُلّ صراحة ، هل الشيعة ينقسمون إلى ثلاثة أقسام هي : الإخبارية والشيخية والأُصولية؟ وإذا كان صحيحاً أرجو التوضيح ، وإذا كان خاطئاً أرجو معرفة الصواب ، مع خالص الشكر لكم.

ج : إنّ الشيعة ينقسمون الآن إلى ثلاث فرق : الشيعة الزيدية ، والشيعة الإسماعيلية ، والشيعة الإمامية الاثني عشرية.

والزيدية والإسماعيلية قليلون ، والنسبة الأكثر تعود إلى الشيعة الإمامية الاثني عشرية ، حتّى إنّه إذا أطلق لفظ التشيّع يتبادر إلى الأذهان الإمامية.

٨٥

وأمّا ما ذكرت من الإخبارية والشيخية والأُصولية فإنّها ليست فرق ، بل هم شيعة إمامية اثنا عشرية ، وإن اختلفوا في بعض المباني العلمية فيما بينهم ، إلاّ أنّ اختلافهم لا يخرجهم عن التشيّع ، شأنهم شأن اختلاف مراجع مذهب واحد في بعض النظريات.

( أبو الزين ـ الأردن ـ )

لو ميّزت شيعتي ما أجدهم إلاّ واصفة :

س : أسيادنا الأعزّة ، ما تحليلكم لقول الإمام عليعليه‌السلام الوارد في الكافي : « لو ميّزت شيعتي ما أجدهم إلاّ واصفة ، ولو امتحنتهم لما وجدتهم إلاّ مرتدّين »(١) .

يستغل بعض المشاغبين هذا النصّ للقول أنّ الإمام قد تبرّأ ممّن ينتسب لمسلكه.

ج : الرواية هذا نصّها : وبهذا الإسناد ، عن محمّد بن سليمان ، عن إبراهيم ابن عبد الله الصوفي ، قال : حدّثني موسى ابن بكر الواسطي قال : قال لي أبو الحسنعليه‌السلام : «لو ميّزت شيعتي لم أجدهم إلاّ واصفة ، ولو امتحنتهم لما وجدتهم إلاّ مرتدّين ، ولو تمحصتهم لما خلص من الألف واحد ، ولو غربلتهم غربلة لم يبق منهم إلاّ ما كان لي ، إنّهم طال ما أتكوا على الأرائك ، فقالوا : نحن شيعة علي ، إنّما شيعة علي من صدق قوله فعله ».

وهذه الرواية أوّلاً : ليست عن الإمام أبي الحسن عليعليه‌السلام ، بل المراد من أبي الحسن هنا هو الإمام الكاظمعليه‌السلام .

وثانياً : ضعيفة السند بإبراهيم بن بكر الصوفي.

وثالثاً : تتعرّض لمن يخالفون أهل البيتعليهم‌السلام ويدّعون أنّهم من شيعتهم ، كمؤيّدي أعدائهم والمدافعين عنهم ، فإنّها تتعرّض لمن يدعون محبّة أهل البيت ولا يعملون بمقتضى المحبّة.

____________

١ ـ الكافي ٨ / ٢٢٨.

٨٦

وأهل السنّة هم الذين يفعلون ذلك ، فيدّعون حبّ أهل البيت ويأخذون دينهم من أعدائهم ، فالبخاري يروي عن معاوية وعمرو بن العاص ومروان وغيرهم من أعداء أهل البيت ، ولا يروي عن فاطمة الزهراء والإمام الحسنعليهما‌السلام .

فأكثر أهل السنّة يدّعون المحبّة ولا يصدّقهم العمل ، وفي آخر هذه الرواية : « إنّما شيعتنا من صدق قوله فعله ».

ورابعاً : إذا كان أكثر من يدّعي التشيّع ويحاول اللحوق بركبهم بهذه الأوصاف ، فما حال النواصب والتابعين لأعدائهم؟!

( فاطمة ـ الإمارات ـ )

الفرق بينهم وبين الصوفية :

س : هل يمكن أن تزوّدوني ببعض المعلومات حول الطائفة الصوفية ، وعن الفرق بيننا ـ نحن الشيعة ـ وبينهم في عقيدة التوسّل بالأولياء؟

ج : توجد الكثير من المشتركات فيما بيننا وبين الصوفية ، منها مسألة الزيارة والتبرّك والتوسّل ، كما وتوجد اختلافات أساسية أيضاً ، إذ إنّ الكثير من الصوفية على منهج أهل السنّة ، وإن كانت عندهم محبّة شديدة لأهل البيتعليهم‌السلام ، إذ كما تعلمون أنّ الحبّ شيء والاتباع شيء آخر.

كما أنّ الشيعة تتمسّك بالأذكار بما روي عن أهل البيتعليهم‌السلام ، وذلك سواء كان في نفس الذكر والدعاء أو في عدده وتكراره ، أمّا الصوفية فلهم أذكارهم الخاصّة ، والتمسّك بعدد معيّن لم ترد أكثرها في الأحاديث النبوية ، ولا في أحاديث أهل البيتعليهم‌السلام .

والتصوّف يميل إلى العزلة ، والتشيّع صريح في كون الإنسان في المجتمع ، ويكون أيضاً متّصلاً بالله تعالى ، وذلك تمسّكاً من الشيعة بأهل البيتعليهم‌السلام الذين قالوا : «لا رهبانية في الإسلام »(١) ، وفوارق أُخرى كثيرة.

____________

١ ـ مجمع البيان ٩ / ٤٠٢ ، دعائم الإسلام ٢ / ١٩٣.

٨٧

( حسن محمّد يوسف ـ البحرين ـ )

لا تألّه غير الله تعالى :

س : هل نقول ـ نحن الشيعة ـ بتأليه النبيّ أو الإمام أو أحد الأئمّة عليهم‌السلام ؟ وما هو مصدر هذه الفكرة؟

ج : إنّ الشيعة تعتقد بالتوحيد والعدل والنبوّة والإمامة والمعاد ، ولا تألّه غير الله تعالى ، ومن ينسب إلى الشيعة أنّهم يألّهون غير الله تعالى فهو افتراء على الشيعة.

وأمّا مصدر هذه الفكرة هو : إنّ من طرق خصوم الشيعة للطعن بالتشيّع هو الافتراء والالتجاء إلى اختلاق أفكار ونسبتها إلى الشيعة ، والكثير من هذه النسب والافتراءات لم يسمع بها الشيعة ، فضلاً عن أن يعتقدوا بها.

( حسن أحمد عبد الرزاق ـ البحرين ـ )

اعتمدوا على القرآن والسنّة والعقل :

س : من هو أحق الشيعة أو السنّة؟ وما الدليل؟

ج : إنّ الدين عند الله الإسلام ، ونبي هذا الدين هو محمّد المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومعجزته القرآن الكريم ، والتشيّع هو الإسلام ، والإسلام هو التشيّع ، ومنشأ الاختلاف كان بعد وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأصل الاختلاف في الإمامة ، فمن المسلّم عند الجميع أنّ الأنبياء كان لهم أوصياء ، فهل لنبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وصي؟

هل عيّن رسول الله الخليفة من بعده ونصّ عليه؟ وإذا لم يكن قد عيّن الخليفة ، هل وضّح الرسول نظام الحكم في الإسلام؟ وما هي الأُسس التي تبتني عليه الأُمّة في تعيين الخليفة؟

هل الخلافة ببيعة الناس لشخص حتّى ولو كان كبار القوم قد تخلّفوا عن البيعة! كما حدث لخلافة أبي بكر! أم أنّها بالنصّ والتعيين كما نصّ

٨٨

أبو بكر على عمر؟! أم أنّها بالشورى؟ كما حدث لعثمان ، مع العلم أنّ الشورى ما كانت حقيقية ، وإنّما هي أقرب ما تكون إلى مسرح أو تمثيلية!!

أُناس اعتمدوا على القرآن الكريم ، والسنّة النبوية الشريفة ، وأدلّة العقل والفطرة ، وقالوا : إنّ الإمامة بالنصّ ، نصّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على عليعليه‌السلام بالإمامة ، والإمامة إلهية ، واحتجّوا بآية التطهير ، وآية الاستخلاف ، وآية المباهلة ، وآية الإنذار ، وآية التصدّق بالخاتم ، وحديث الثقلين ، وحديث الغدير ، وحديث المنزلة ، وغيرها من الآيات والأحاديث.

وإنّ العقل يحتّم على كُلّ إنسان يريد سفراً أن يوصي بعياله من يدبّر أُمورهم ويرجعون إليه ، فكيف برسول الله يغادر أُمّته إلى الأبد ، ويتركهم سدى بلا أن يعيّن لهم خليفة ، وهؤلاء الناس هم الشيعة ، لمشايعتهم علياًعليه‌السلام .

( محمّد خالد زواهرة ـ فلسطين ـ )

ما كانت في عهد الرسول سنّة ولا شيعة :

س : هل كانت الشيعة في زمن الرسول؟ وما رأي الإسلام بشكل عام فيها؟

ج : ما كانت في عهد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله سنّة ولا شيعة ، كان الرسول والقرآن ، وإنّما نشأ الاختلاف بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حيث اختلفت الأُمّة في مسألة الخلافة والإمامة.

فقسم قال : بأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مات ولم يعيّن ولم ينصّ على أحد يكون بعده خليفة ، وإنّما أوكل الأمر إلى الأُمّة ، فتارة قالوا : الخليفة يكون بالبيعة ، وهي لم تتمّ لأبي بكر ، إذ تخلّف عنها كبار بني هاشم والصحابة ، ولم يبايعوا إلاّ بعد مدّة وبالقوّة ، وتارة ينصّ أبو بكر على عمر ، وتارة الشورى التي أمر بها عمر ، وهي أشبه ما تكون بالتمثيلية ، وهؤلاء هم أهل السنّة.

٨٩

وقسم قال : بأنّ الإمامة بالنصّ ـ وكما كان للأنبياء السابقين أوصياء فكذلك لنبيّنا ـ وإنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نصّ على الإمام عليعليه‌السلام في الغدير وغيره ، ويستدلّ هؤلاء بآيات كثيرة ـ كآية البلاغ والتطهير والإنذار والتصدّق بالخاتم ـ وبأحاديث كثيرة متواترة ـ كحديث الغدير والثقلين والطير والسفينة ـ وهؤلاء هم الشيعة.

( بشاير ـ الكويت ـ )

أحاديث في فضلهم من مصادر السنّة :

س : إنّي أواجه صعوبة مع أحد صديقاتي في ما هو معنى الشيعة؟ ولماذا أطلق هذا الاسم؟ وأنا في الحقيقة لا أعلم الكثير ، فأحببت أن أشارك حتّى أستفيد ، ولا تتصوّرون فرحتي الكبيرة لأنّي وجدت هذا الموقع ، وشكراً.

ج : إنّ الاختلاف في الأُمّة الإسلامية نشأ بعد وفاة النبيّ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فالشيعة قالت : بأنّ الإمامة والخلافة بعد رسول الله بالنصّ ـ يعني أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نصّ على شخص بعينه ليكون الخليفة والإمام بعده ـ وهذا الشخص المنصوص عليه هو الإمام عليعليه‌السلام للآيات والأحاديث الدالّة على ذلك.

فمن تابع علياًعليه‌السلام وقال بإمامته بعد الرسول بلا فصل فهم الشيعة ، يعني شايعوا علياًعليه‌السلام .

هذا ، وسنذكر لك بعض الأحاديث الواردة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حول فضل الشيعة ، ومن مصادر أهل السنّة :

فقد روى الكثير من مفسّري أهل السنّة وعلماء الحديث في تفسير قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (١) .

____________

١ ـ البينة : ٧.

٩٠

١ ـ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : «هو أنت وشيعتك »(١) ، «أنت يا علي وشيعتك »(٢) ، «هم أنت وشيعتك »(٣) .

٢ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : «أنت وشيعتك في الجنّة »(٤) .

٣ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إذا كان يوم القيامة دعي الناس بأسمائهم وأسماء أمّهاتهم ستراً من الله عليهم ، إلاّ هذا ـ يعني علياً ـ وشيعته ، فإنّهم يدعون بأسمائهم وأسماء آبائهم لصحّة ولادتهم »(٥) .

٤ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : « يا علي إنّك ستقدم على الله أنت وشيعتك راضين مرضيين »(٦) .

٥ ـ وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : « يا علي إنّ الله قد غفر لك ولولدك ولأهلك ولذرّيتك ولشيعتك ولمحبّي شيعتك »(٧) .

٦ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا علي إنّ أوّل أربعة يدخلون الجنّة : أنا ، وأنت ، والحسن ، والحسين ، وذرارينا خلف ظهورنا ، وأزواجنا خلف ذرارينا ، وشيعتنا عن أيماننا وعن شمائلنا »(٨) .

____________

١ ـ نظم درر السمطين : ٩٢ ، الدرّ المنثور ٦ / ٣٧٩ ، فتح القدير ٥ / ٤٧٧ ، المناقب : ٢٢٦ ، ينابيع المودّة ٢ / ٣٥٧.

٢ ـ جامع البيان ٣٠ / ٣٣٥.

٣ ـ شواهد التنزيل ٢ / ٤٥٩.

٤ ـ المعجم الأوسط ٦ / ٣٥٤ و ٧ / ٣٤٣ ، كنز العمّال ١١ / ٣٢٣ ، تاريخ بغداد ١٢ / ٢٨٤ و ٣٥٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٣٣٢ ، المناقب : ١١٣ ، ينابيع المودّة ١ / ٤٢٥.

٥ ـ مروج الذهب ٣ / ٤٢٨.

٦ ـ المعجم الأوسط ٤ / ١٨٧ ، نظم درر السمطين : ٩٢ ، كنز العمّال ١٣ / ١٥٦ ، شواهد التنزيل ٢ / ٤٦٥ ، ينابيع المودّة ٢ / ٣٥٧ و ٤٤٥ و ٤٥٢ ، الصحاح ١ / ٣٩٧ ، النهاية في غريب الحديث والأثر ٤ / ١٠٦ ، لسان العرب ٢ / ٥٦٦ ، تاج العروس ٢ / ٢٠٩.

٧ ـ ينابيع المودّة ٢ / ٣٥٧ و ٤٥٢ ، الصواعق المحرقة ٢ / ٤٦٧ و ٦٧٢.

٨ ـ المعجم الكبير ١ / ٣١٩ و ٣ / ٤١ ، كنز العمّال ١٢ / ١٠٤ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٦٩ ، الصواعق المحرقة ٢ / ٤٦٦ و ٦٧١ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٣١.

٩١

هذا ، وإنّ الإنسان لا يصدق عليه أنّه من شيعة علي إلاّ إذا اتبعه وأخذ معالم دينه منه.

( أبو الزين ـ الأردن ـ )

نصيحة في جواب رسالة النصح :

س : نحن من الذين هدانا الله إلى اعتناق مذهب أهل البيت عليهم‌السلام ، وعلماؤنا دائماً يتهجّمون علينا ويرموننا بالجهل وما إلى ذلك من الكلمات البذيئة ، حتّى أنّ مدير جمعية الصالحين أصدر منشوراً تحت عنوان « رسالة النصح » ، نرجو أن تولّوها اهتماماً خاصّاً ، لعلّ الله تعالى يفتح على أيديكم ، إنّه سميع مجيب.

ج : لقد قرأنا مقتطفات من رسالة النصح ـ التي وجهها الأُستاذ مدير جمعية الصالحين ـ ونحن بدورنا ـ مع احترامنا لهذا الأُستاذ ـ نوجّه رسالة إلى كُلّ إنسان تجرّد عن العصبية ، واتخذ البحث الموضوعي منهجاً له لمعرفة الحقّ ، فنقول :

الإنسان بفطرته يفكّر ، وبفطرته يبحث عن الحقّ ، والتكليف الموجّه إلى المخلوق من الخالق هو أن يبحث الإنسان عن الحقّ بمقدار وسعه ، ومن ثمّ يعتقد به ، وسيكون بهذا قد أدّى تكليفه أمام خالقه ، ومثل هكذا إنسان سيلقى ربّه يوم القيامة منادياً : ربّاه هذه عقيدتي اعتقدت بها بعد بحث وتمحيص بمقدار وسعي

أمّا إذا اقتصر الإنسان على عقائده الموروثة ، متجنّباً توسيع آفاق رؤيته لمعرفة الحقّ ، بذريعة أنّ كُلّ فكر غير ما هو عليه ضلال وبدعة ، فإنّ هذا سوف يسدّ سُبل الهداية لمن يرث الأفكار الخاطئة من مجتمعه.

وأمّا منهج كيفية البحث الموضوعي الذي يرضي الله تعالى ، فيبيّنه لنا أمير المؤمنين عليعليه‌السلام بقوله : «لا يعرف الحقّ بالرجال ، اعرف الحقّ تعرف أهله »(١) ،

____________

١ ـ روضة الواعظين : ٣١.

٩٢

وقد صدق أمير المؤمنينعليه‌السلام إذ جعل المناط في معرفة الحقّ هو معرفة الحقّ نفسه ، لا معرفة الحقّ بالرجال.

وهذه المقولة تفيدنا بأن يجرّد الإنسان نفسه من الموروث ، وممّا ورثه من البيئة والرجال ، وليس المقصود أن يتخلّى من الموروث ، بل المقصود أن يبحث في الموروث ، فما وافق منه الكتاب والسنّة والعقل اتبعه ، وما خالفه رفضه.

ومعرفة الحقّ في أيّ مسألة لا يمكن إلاّ بعد معرفة المباني التي تبتني عليه هذه المسألة ، فالبحث في الجزئيات من دون معرفة المباني بحث عقيم لا يوصل إلى الحقّ.

فإذا أردنا أن نعرف أيّة مسألة ـ عند أيّ مذهب ما ـ لابدّ علينا أوّلاً أن نعرف المبنى الذي ابتنت عليه هذه المسألة وإلاّ فسنقع في متاهات ، وسنرمي المؤمنين بما لم يقولوه.

وعليه ، فالمناقشة في المسائل العقائدية في مذهب أهل البيتعليهم‌السلام لا يمكن معرفتها والوصول إلى كنهها إلاّ بعد معرفة المباني التي تبتني عليها هذه المسائل.

ومنها على سبيل المثال : ينبغي أن نعرف معنى التمسّك بأهل البيتعليهم‌السلام ، هل هو مجرد محبّة سطحية لا أثر لها في واقعنا العملي؟ أم هو اتباع واقتداء وانتهال علوم ومعارف الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله منهم؟

كما ينبغي أن نعرف مَن هم أهل البيت؟ وما المراد من سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

فمعرفة المصدر الذي منه نتلقّى العلوم والمعارف الإسلامية ـ التي جاء بها الرسول ـ يعتبر من المباني التي لابدّ من الإحاطة بها قبل الخوض في الجزئيات.

ومن هذا القبيل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي » ، فعلينا أن نبحث أوّلاً هل هذا الحديث صحيح؟ أو أنّ الحديث الذي يقول : «كتاب الله وسنّتي » صحيح؟ أو أنّ كلا الحديثين صحيحان؟

٩٣

وذلك بالجمع بينهما ، بأنّ أهل البيت هم المصدر الذي يمكن الوثوق به لمعرفة سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وهذه المفردة مهمّة جدّاً ، إذ تبيّن لنا المصدر الذي منه نأخذ معالم ديننا ، وأحكامنا الشرعية.

كما يحقّ لنا أن نتساءل : لماذا قال الرجل : حسبنا كتاب الله؟ ولماذا منع من تدوين سنّة رسول الله؟ ولماذا حرق مدوّنات سنّة رسول الله؟

والسؤال الآخر : من هم آل البيتعليهم‌السلام ؟ وهذه مسألة مهمّة جدّاً ، علينا أن نعرفهم لنأخذ معالم ديننا منهم ونقتدي بهديهم ، ونجعلهم سبيلاً موثوقاً يوصلنا إلى ما جاء به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

هل آل البيت هم : النبيّ وعلي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام ؟ ـ كما ورد في الصحاح والمسانيد والسنن في تفسير آية التطهير ـ أو أنّهم نساؤه؟ كما قال به البعض.

وبناءً على مقولة هذا القائل بأنّ نساءه من أهل البيت ، ماذا يقول بالنسبة للأحاديث الواردة في الصحاح والسنن في حصر أهل البيت بهؤلاء الخمسة؟

بالأخصّ ما ورد من سؤال أُمّ المؤمنين أُمّ سلمة : وأنا منهم يا رسول الله؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا ، إنّك على خير »(١) .

وأمّا مسألة الفرق بين الشيعة والسنّة ، فلا يمكن التوصّل إليها بالتمسّك بالجزئيات ، وإنّما يمكن التوصّل إليه بمعرفة أُسس الاختلاف ومبانيه ، فأصل الخلاف هو في الإمامة والخلافة والصحبة والصحابة.

فالشيعة تعتقد أنّ الله تعالى اصطفى لهذه الأُمّة بعد الرسول أئمّة ـ( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ) (٢) ـ كما اصطفى آل عمران وآل إبراهيم ، فجعلهم حفظة

____________

١ ـ شواهد التنزيل ٢ / ٦٣ و ١١٥ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٤٢ ، المستدرك ٢ / ٤١٦ ، مسند أبي يعلى ١٢ / ٤٥٦ ، المعجم الكبير ٣ / ٥٣ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ١٣.

٢ ـ آل عمران : ٣٤.

٩٤

على الشريعة ، التي جاء بها الرسول وخلفاؤه في الأرض ، وقد مدّهم بعناياته الخاصّة ، فهم الملجأ بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لأخذ معالم الدين ، لأنّهم أعرف الناس بعد الرسول بمحكم القرآن ومتشابهه ، ومطلقه ومقيّده ، وناسخه ومنسوخه ، وهم الذين جعل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله التمسّك بهم وبالقرآن عصمة من الضلال ، فالشيعة تتّبعهم وتأخذ معالم الدين منهم.

ولكن أهل السنّة يعتقدون بأنّ مصدر أخذ معالم الشريعة هم الصحابة ، وهم لمّا رأوا التناحر والتمزّق والصراع بين مصادر أخذ معالم الدين اضطروا إلى مقولة عدالة الصحابة مع اعترافهم بعدم عصمتهم ، ومع اعترافهم بأنّ فيهم القاتل والمقتول ، ومع اعترافهم بأنّ فيهم من كفّر بعضهم بعضاً ، وأنّ فيهم من لعن بعضهم بعضاً ، ومع اعترافهم بورود آيات كثيرة تخاطب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وتحذّره من المنافقين ـ والمنافق غير الكافر ، إذ المنافق من يظهر الإسلام ويبطن الكفر ـ ، ومع اعترافهم بورود أحاديث كثيرة في الصحاح والسنن تقول : «ليأتينّ أقوام يوم القيامة فيذادون عن الحوض أعرفهم بأسمائهم فأقول : يا ربّ أصحابي أصحابي! فيأتي النداء : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك! فأقول : بعداً بعداً ، أو قال : سحقاً سحقاً لمن بدّل بعدي »!(١) .

وأمّا الشيعة فيقولون : نحن مع احترامنا للصحابة لكنّنا حين أخذ معالم الدين نجري عليهم قواعد الجرح والتعديل ، وننظر إلى سيرتهم ، فمن لم يغيّر ولم يبدّل ولم يحدث في الدين فهو مصدر ثقة ، نعتمد عليه في نقله لروايات الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن كان غير ذلك فلا.

____________

١ ـ مسند أحمد ٣ / ٢٨ و ٢٨١ و ٥ / ٤٨ و ٣٩٣ و ٤٠٠ ، صحيح البخاري ٤ / ١١٠ ، صحيح مسلم ٧ / ٦٨ ، المستدرك ٢ / ٤٤٧ ، المصنّف للصنعاني ١١ / ٤٠٧ ، مسند ابن راهويه ١ / ٣٧٩ ، صحيح ابن حبّان ١٦ / ٣٤٤ ، المعجم الكبير ٧ / ٢٠٧ ، مسند الشاميين ٣ / ٣١٠ ، الجامع الصغير ٢ / ٤٤٩ ، جامع البيان ٤ / ٥٥ ، الدرّ المنثور ٢ / ٣٤٩.

٩٥

فهذه الأبحاث من المباني التي لابدّ أن نتطرّق إليها ، وأمّا الأُمور الأُخرى فهي أُمور تترتّب على هذه الأبحاث ، ويمكننا أن نتداولها فيما لو حدّدنا مواقفنا من البحث الأساسي.

وكذلك مسألة الإمامة والخلافة ، وهل نصّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على أحد؟ وهل عيّن نظام الحكم أم أهمله؟ وإذا عيّن وقلنا بأنّه عيّنه شورى ، فهل كانت خلافة الخلفاء كلّهم بالشورى؟ أم نصّ بعضهم على بعض؟

وهل اطلعنا على استدلالات الشيعة؟ ومرادنا من الاطلاع قراءة ما كتبه الشيعة أنفسهم لا ما كتبه أعداؤهم.

وأمّا مسألة الاستشهاد بقول واحد من علماء فرقة معيّنة ، فهو لا يدلّ ولا يمثّل رأي كُلّ تلك الفرقة ، ولا ينكر أحد وجود أقوال شاذّة في كُلّ مذهب ، لا يمكن حملها على جميع المذهب.

وأمّا التشنيع على الشيعة بتصرّفات بعض أبنائها فهذا تهريج ، وهذه مقولة بعيدة عن البحث العلمي الموضوعي ، لأنّ بعض أهل السنّة يشرب الخمر ولا يتّقي الله تعالى ، ولا يصلّي ولا يصوم ، فهل يصحّ لنا أن نرمي جميع أهل السنّة أو غالبيتهم بهذه الصفات؟ أو أن نستنكر منهجهم الفكري بهذه الطريقة؟

وأمّا مسألة البدعة وأهل البدع ، فإذا أردنا أن يكون بحثنا موضوعياً مبتنياً على المباني فعلينا أن نعرف معنى البدعة ، فهي إدخال ما ليس من الدين في الدين ، وعليه فعلينا أن نعرف الدين لنعرف المسائل التي هي ليست من الدين ، ثمّ دخلت في الدين.

فإذا عرفنا الدين بالبحث والتتبع يمكننا بعد ذلك أن نعرف هل مقولة « الصلاة خير من النوم » في الأذان من الدين أو لا؟

أو أنّ نافلة صلاة شهر رمضان جماعة ـ المعروفة بصلاة التراويح ـ كانت من الدين أو لم تكن؟ وإنّما سنّها البعض قائلاً : « نعمت البدعة »!!

٩٦

أو أنّ مقولة قائلهم : « متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أُحرّمهما »!! من الدين أم ليست من الدين؟!

أو أنّ مقولة : « السنّة هي التختّم باليمين ولكن بما أنّها صارت شعاراً للرافضة فالسنّة تكون التختم باليسار » ، فهل هذا من الدين؟!

والمسألة الأُخرى هي : بالله عليكم إذا تحرّى شخص الحقّ وبحث بفكر حرّ بعيد عن كُلّ تعصّب وتقليد أعمى ، فتوصّل إلى أنّ الحقّ مع أهل البيتعليهم‌السلام ومذهبهم ، فهل يمكننا أن ننهى هذا الشخص ونقول له : لماذا بحثت؟ ونرميه بشتّى الألفاظ الركيكة.

ونسلّط الضوء على المقولة التي تقول : « وغرّتك كثرتهم» ، ونسيت أو تناسيت أنّ أهل الحقّ هم القلّة في كُلّ زمان ومكان!

بالله عليك ، أناشد فطرتك ، ألم تعلم أنّ أتباع مذهب أهل البيتعليهم‌السلام كانوا على مرّ العصور هم المضطهدون المقتولون المشرّدون ، فأين كثرتهم؟! أليسوا هم من أهل القلّة التي تصدق عليهم مقولة هذا القائل : ونسيت أو تناسيت أنّ أهل الحقّ هم القلّة.

يكفي لمن له أدنى معرفة بالتاريخ أن يراجع وليرى الفجائع التي ارتكبت ضدّ الشيعة ـ من إباحة دمائهم وأعراضهم وأموالهم ، وما لقوه من قتل وظلم ـ.

وأقسم بالله ، لو أنّ أيّ فرقة من الفرق الإسلامية الأُخرى لاقت عشر معشار ما لاقاه شيعة أهل البيت لما بقي لهم الآن إلاّ الاسم ، ولانمحوا عن التاريخ أساساً.

ولكن السؤال هنا : إنّ الشيعة على رغم ما لاقوه من ظلم وتعدّي ومصاعب هل انمحوا من التاريخ؟ أم بقوا وصمدوا وواجهوا من واجههم بالدليل والبرهان والبحث العلمي حتّى نصرهم الله ، وهم يوماً بعد يوم في انتشار واسع في العالم ، ودليل انتشارهم هو دليلهم القاطع والقوي المتّفق مع العقل والفطرة ، الذي جعل الأنظار تتوجّه إليهم وإلى كتبهم وأدلّتهم ومبانيهم الفكرية ، كما يمكننا أن نعتبر التراث الإسلامي الذي جاء به الشيعة هو الأنقى والأفضل ، لأنّه

٩٧

لم يتأثّر بضغوط السلطات الجائرة ولم يخضع لهم ، ولم يسمح لتراثه الإسلامي أن يصاغ بصورة تتلاءم مع أهواء حكّام الجور من بني أُمية وبني العباس وغيرهم.

فكان الشيعة هي الثلّة الوحيدة التي صمدت بوجه الذين أرادوا أن يغيّروا معالم الدين وفق مصالحهم ومبتغياتهم الشخصية ، فالذي يستخدم العقل ويتمسّك بالدليل والبرهان ويبحث وينقّب ويصل إلى الحقّ لا يتأثّر بمقولات من يقول : هل نصبت نفسك مجتهداً لتطلق أحكاماً تتعلّق بعقائد الأُمّة

أو من يقول : هل هي من اختصاص حثالة من الأولاد يعبثون بشرع الله

هذه المقولات الجارحة ـ غفر الله لمن قالها ـ لا تؤثّر على الشباب الواعي الذي يتحرّى الحقيقة ليجدها ويقبلها برحابة صدر.

وأمّا الإحصائيات الدقيقة عن نسبة الشيعة من بين المسلمين جميعاً ، فالقدر المتيقّن أنّ الشيعة الإمامية يمثّلون ٢٥ % من المسلمين بجميع طوائفهم.

وأمّا فيما يخصّ معاوية فإنّ هذا البحث إذا أردنا أن نبحثه وفق الأُسس والأُصول فإنّه يعود إلى مبنى عدالة جميع الصحابة الذي مرّ ذكره.

فإذا كان معاوية من الصحابة ، فإنّه لاشكّ سيكون من الذين بلغته أقوال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حقّ عليعليه‌السلام أمثال : « الحقّ مع علي وعلي مع الحقّ» ، وحديث سدّ الأبواب ، وحديث مدينة العلم ، وحديث الطير المشوي ، وحديث الغدير ، وآية التطهير ، وآية الولاية ، وآية المباهلة ، وغير ذلك.

وهنا نورد حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حقّ عليعليه‌السلام : « سيكون من بعدي فتنة ، فإذا كان ذلك فألزموا علي بن أبي طالب ، فإنّه أوّل من آمن بي ، وأوّل من يصافحني يوم القيامة ، وهو الصدّيق الأكبر ، وهو فاروق هذه الأُمّة ، وهو يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب المنافقين »(١) .

____________

١ ـ الإصابة ٧ / ٢٩٤ ، المناقب : ١٠٥ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٥٠ ، أُسد الغابة ٥ / ٢٨٧.

٩٨

وكذلك ما رواه الحاكم النيسابوري في « المستدرك » وصحّحه ، حيث قال سعد بن أبي وقّاص لمن شتم علياً : يا هذا ، على ما تشتم علي بن أبي طالب ، ألم يكن أوّل من أسلم؟ ألم يكن أوّل من صلّى مع رسول الله؟ ألم يكن أزهد الناس؟ ألم يكن أعلم الناس؟ وذكر حتّى قال : ألم يكن ختن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على ابنته؟ ألم يكن صاحب راية رسول الله في غزواته؟ ثمّ استقبل القبلة ورفع يديه وقال : اللهم إن هذا يشتم ولياً من أوليائك ، فلا تفرّق هذا الجمع حتّى تريهم قدرتك ، قال قيس : فو الله ما تفرّقنا حتّى ساخت به دابته ، فرمته على هامّته في تلك الأحجار فانفلق دماغه ومات(١) .

فنحن الآن في عصرٍ لا يعذر فيه الجاهل ، لأنّ التقدّم الحادث في عصرنا في مجال الاتصالات مهّد السبيل للوصول إلى الحقائق ، وجعل العالم بأسرة كأنّه قرية صغيرة.

فيا ترى هل يعقل أن يأتي أقوام فيقولون : القاتل والمقتول في الجنّة!! القاتل اجتهد في قتل وقتال عليعليه‌السلام فأخطأ! فبالله عليك كيف وسعه أن يجتهد في مقابل النصوص التي سمعها بنفسه من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله فهل هذا اجتهاد؟ أم هو اتباع للأهواء والمصالح والمبتغيات؟!

وفي النهاية أختم رسالتي بالإشارة إلى مسألة الوحدة والتقريب بين المذاهب الإسلامية فأقول : إنّ مفهوم الوحدة هو أن يتقارب المسلمون بشتّى المذاهب فيما اتفقوا عليه ، وهذا المتّفق عليه يكون سبباً لتقاربهم ووحدة صفهم.

وأمّا في المسائل الخلافية الموجودة حتّى بين المذاهب الأربعة السنّية فنقول : على المسلمين أن يجلسوا على طاولة الحوار الهادف الهادئ بعد تزكية أنفسهم وقصد التقرّب إلى الله تعالى فقط ، لأنّ الإنسان إذا لم يتمكّن من مجاهدة هواه ، فإنّه لا يتمكّن أن يطمئن إلى النتائج الفكرية التي يتوصّل إليها ، فمن

____________

١ ـ المستدرك ٣ / ٥٠٠.

٩٩

لم يتغلّب على هواه ، لا يستطيع أن يتنازل عن عقائده الموروثة ، ولا يستطيع أن يتخلّى عن التعصّب ، فتكون النتيجة أنّه يلتجئ إلى التبرير والتمويه والمغالطة اتباعاً لهواه.

فالحوار والتفاهم هو الرابط الوحيد بين من يختلفون في الفكر والعقيدة ، فإن توصّلوا بالدليل إلى النتيجة فهو المطلوب ، وإن لم يتوصّلوا فتبقى الوجوه المشتركة التي أقلّها هي الإنسانية هي السبب في أخوتهم وعلاقتهم ، وهذا هو الذي رسمه لنا الله تعالى ، ونبيّه العظيم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ونوجّه نداءنا إلى جميع الإخوان من جميع المذاهب الإسلامية : أن يتّحدوا ويتقاربوا ويتحاببوا في الله ، وأن تكون أبحاثهم علمية موضوعية متجرّدة عن أيّ تعصّب أو تقليد أعمى للموروث.

( ـ السعودية ـ )

توضيح المذهب الشيعي :

س : نشكركم إخواني على تعاونكم مع العالم ، وجزاكم الله خيراً.

أمّا بعد : في إحدى محادثاتي مع الأخوات على الماسنجر اتصلت بي بنت من أهل السنّة ، ودامت المحادثات بيننا لأيّام على أشياء عديدة ، وعندما وصلنا إلى المذاهب أرادت أن تعرف نبذة عن الشيعة ، لاحتمال دخولها في المذهب الشيعي ، بعدما تعرف من هم؟

وأنا الآن أُريد منكم مساعدتي في توضيح المذهب الشيعي لها ، وما هي الأساسيات الواجب أن تعلمها لدينا؟ مع الشكر الجزيل.

ج : أهمّ شيء في البحث الموضوعي أن نعرف أنّ لكُلّ إنسان موروثاً ، وهذا الموروث شيء محترم يعتزّ به كُلّ منّا ، لكنّ المشكلة تكمن فيما إذا تعصّبنا لهذا الموروث ، نحن لا نريد ممّن خالفنا أن يترك الموروث ويرفضه ، بل نريد منه أن لا يتعصّب له ، بل ينظر له نظرة ناقد وباحث عن الحقيقة ، فما وافق من هذا الموروث الحقّ اتبعناه ، وما خالف للحقّ والأدلّة العقلية رفضناه.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

وأما أحكامه فمسائل: يبطل الحج بترك الوقوف بعرفات عمدا، ورواية ابن فضال(١) أنه سنة مزيفة بالارسال، ومعارضته بالاجماع، ومؤولة بالثبوت بالسنة.

ولو تركه ناسيا أو لعذر أو جاهلا على إشكال وقف به ليلا إلى طلوع الفجر، والواجب هنا مسمى الموقوف. ولو عارضه اختياري المشعر فالمشعر أولى، ولو تعارض الاضطراريان ولم يكن وقف بعرفة فعلى المشهور من عدم إجزاء الاضطراري وحده يؤثر عرفات رجاء إدراك المشعر وإن بعد، وعلى القول بإجزاء اضطراري المشعر يقف به.

ولو لم يدرك سوى الليل ويعلم العجز عن المشعر نهارا، فالاقرب صرفه في المشعر إن جعلنا الوقوف الليلي اختياريا، وهو قوي وإن جعلناه اضطراريا فكالفرض السابق.

(١٠٩) درس

إذا غربت الشمس أفاض إلى المشعر الحرام وجوبا، ويستحب أن يدعو بالمأثور، ويسأل العتق من النار، ويكثر من الاستغفار للآية(٢) ، والسكينة والوقار، فإذا بلغ الكثيب الاحمر عن يمين الطريق قال ما رواه معاوية(٣) عن الصادق عليه السلام: اللهم ارحم موقفي وزد في عملي وسلم لي ديني وتقبل مناسكي، وتضيف إليه: اللهم لا تجعله آخر العهد مني لهذا(٤) الموقف وارزقنيه أبدا ما أبقيتني، والاقتصاد في السير لا وضفا وإيضاعا، لقول رسلو الله صلى الله عليه وآله(٥) : عليكم بالدعة، والمضي بطريق المأزمين، والنزول ببطن

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ١٩ من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ح ١٤ ج ١٠ ص ٢٦.

(٢) سورة البقرة: الآية ١٩٩.

(٣) وسائل الشيعة: ب ١ من أبواب الوقوف بالمشعر ح ١ ج ١٠ ص ٣٤.

(٤) في باقي النسخ: من هذا.

(٥) وسائل الشيعة: ب ١ من أبواب الوقوف بالمشعر ح ١ ج ١٠ ص ٣٤.

٤٢١

الوادي عن يمين الطريق قريبا من المشعر.

وتأخير العشاء‌ين إلى جمع للجمع بأذان وإقامتين إجماعا، وأوجب الحسن(١) تأخيرهما إلى المشعر في ظاهر كلامه، وله التأخير وإن ذهب ثلث الليل رواه محمد بن مسلم(٢) ، وأن لا يصلي سنة المغرب بينهما بل بعدهما، وروي(٣) فعلهما(٤) بينهما، وينبغي الصلاة قبل حط الرحل للتأسي(٥) ، ولو منع صلى بعرفة أو في الطريق.

وإحياء تلك الليلة بالمزدلفة بالذكر والتلاوة والدعاء، فإذا طلع الفجر وصلى انتصب للدعاء والذكر والثناء والصلاة على النبي وآله عليهم السلام إلى أن يشرق(٦) ثبير، والطهارة والغسل، قاله الصدوق(٧) والشيخ في الخلاف(٨) .

ووطئ الصرورة المشعر برجله أو بعيره، وقد قال الشيخ(٩) : هو قزح فيصعد عليه ويذكر الله عنده، وقال الحلبي(١٠): يستحب وطئ المشعر وفي حجة الاسلام آكد، وقال ابن الجنيد(١١): يطأ برجله أو بعيره المشعر الحرام قرب المنارة، والظاهر أنه المسجد الموجود الآن.

والواجب فيه ستة: النية به، والاستدامة حكما.

____________________

(١) المختلف: ج ١ ص ٢٩٩.

(٢) وسائل الشيعة: ب ٥ من أبواب الوقوف بالمشعر ح ١ ج ١٠ ص ٣٩.

(٣) وسائل الشيعة: ب ٦ من أبواب الوقوف بالمشعر ح ٥ ج ١٠ ص ٤١.

(٤) في " ز ": فعلهما.

(٥) وسائل الشيعة: ب ٥ من أبواب الوقوف بالمشعر ح ٥ ج ١٠ ص ٣٩.

(٦) هكذا في النسخ وفي المعتمدة " يشرف ".

(٧) من لا يحضره الفقيه: ج ٢ ص ٥٤٥.

(٨) الخلاف: ج ٢ ص ٢٨٦.

(٩) المبسوط: ج ١ ص ٣٦٨ وفيه فراخ.

(١٠) الكافي في الفقه: ص ١٩٨.

(١١) لا يوجد لدينا كتابه.

٤٢٢

وثانيها: المبيت به، تأسيا بالنبي صلى الله عليه وآله(١) ، وقيل: ليس بركن، وفي التذكرة(٢) : ليس بواجب، والاشبه أنه ركن عند عدم البدل من الوقوف نهارا، فلو وقف ليلا لا غير وأفاض قبل طلوع الفجر صح حجه وجبره بشاة، وقال ابن ادريس(٣) : يفسد حجه، والروايات(٤) تخالفه، وفي صحيح هشام بن سالم(٥) جواز صلاة الصبح بمنى ولم يقيد بالضرورة، ورخص النبي صلى الله عليه وآله(٦) للنساء والصبيان الافاضة ليلا، وكذا يجوز للخائف.

وثالثها: الوقوف بالمشعر، وحده ما بين المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسر، وفي رواية زرارة(٧) إلى الجبل إلى حياض محسر، ويكره الوقوف على الجبل إلا لضرورة، وحرمه القاضي(٨) ، والظاهر أن ما أقبل من الجبال من المشعر دون ما أدبر منها.

ورابعها: الوقوف بعد الفجر إلى طلوع الشمس، والاولى استئناف النية له، والمجزئ فيه الذي هو ركن مسماه، ولو أفاض قبل طلوع الشمس ولم يتجاوز محسرا فلا بأس بل يستحب، وإن تجاوزه اختيارا أثم ولا كفارة، وقال الصدوقان(٩) : عليه شاة، وقال ابن ادريس(١٠): يستحب المقام إلى طلوع

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٢ من أبواب أقسام الحج ح ٤ ج ٨ ص ١٥٠ والمطلوب في ص ١٥٣ س ٢.

(٢) التذكرة: ج ١ ص ٣٧٤.

(٣) السرائر: ج ١ ص ٥٨٩.

(٤) وسائل الشيعة: ب ١٦ من أبواب الوقوف بالمشعر ح ١ ج ١٠ ص ٤٩.

(٥) وسائل الشيعة: ب ١٧ من أبواب الوقوف بالمشعر ح ٨ ج ١٠ ص ٥٢.

(٦) وسائل الشيعة: ب ١٧ من أبواب الوقوف بالمشعر ح ٣ ج ١٠ ص ٥٠.

(٧) وسائل الشيعة: ب ٨ من أبواب الوقوف بالمشعر ح ٢ ج ١٠ ص ٤٢.

(٨) المهذب: ج ١ ص ٢٤٥.

(٩) المختلف: ج ١ ص ٣٠٠، من لا يحضره الفقيه: ج ٢ ص ٥٤٦.

(١٠) السرائر: ج ١ ص ٥٨٩.

٤٢٣

الشمس، والاول أشهر، ولا يفيض الامام حتى تطلع(١) الشمس استحبابا، وأوجبه عليه ابن حمزة(٢) .

وخامسها: السلامة من الجنون والاغماء والسكر والنوم في جزء من الوقت كما مر.

وسادسها: كونه ليلة النحر ويومه حتى تطلع الشمس، وللمضطر إلى زوال الشمس، والكلام في الغلط هنا كالكلام في عرفات. وتستحب السكينة والوقار في إفاضته، وذكر الله تعالى، والاستغفار، والدعاء، والهرولة بوادي محسر للماشي والراكب، ولو نسي الهرولة تداركها، ويقول فيها: اللهم سلم عهدي واقبل توبتي وأجب دعوتي واخلفني فيمن تركت بعدي، وقال الصدوق(٣) : أمر الصادق عليه السلام رجلا ترك السعي في وادي محسر بالرجوع إليه من مكة، والهرولة فيه قبل العود من عرفة بدعة قاله الحسن(٤) ، وروي(٥) أن قدرها مائة ذراع أو مائة خطوة، وأنه يكره الاقامة بالمشعر بعد الافاضة.

وأوجب القاضي(٦) فيه ذكر الله(٧) تعالى والصلاة على النبي وآله عليهم السلام، للآية(٨) ، ولقول الصادق عليه السلام(٩) : إن ذكروا الله أجزأهم،

____________________

(١) في " ز ": مطلع.

(٢) الوسيلة: ص ١٧٧.

(٣) من لا يحضره الفقيه: ج ٢ ص ٤٦٩.

(٤) لم نعثر عليه.

(٥) وسائل الشيعة: ب ١٣ من أبواب الوقوف بالمشعر ح ٥ و ٣ ج ١٠ ص ٤٦ و ٤٧.

(٦) المهذب: ج ١ ص ٢٥٤.

(٧) في باقي النسخ: الذكر لله.

(٨) سورة البقرة: الآية ٢٠٠.

(٩) وسائل الشيعة: ب ٢٥ من أبواب الوقوف بالمشعر ح ٣ ج ١٠ ص ٦٣.

٤٢٤

وقال عليه السلام(١) : يكفي اليسير من الدعاء وقد سئل عن الوقوف.

وأما أحكامه فمسائل: الوقوف بالمشعر ركن أعظم من عرفة عندنا، فلو تعمد تركه بطل حجه، وقول ابن الجنيد(٢) بوجوب البدنة لا غير ضعيف، ورواية حريز(٣) بوجوب البدنة على متعمد تركه أو المستخف به متروكة، محمولة على من وقف به ليلا قليلا ثم مضى. ولو تركه نسيانا فلا شئ عليه إذا كان قد وقف بعرفات اختيارا، ولو نسيهما بالكلية بطل حجه، وكذا الجاهل.

ولو ترك الوقوف بالمشعر جهلا بطل حجه عند الشيخ في التهذيب(٤) ، ورواية محمد بن يحيى(٥) بخلافه، وتأولها الشيخ(٦) على تارك كمال الوقوف جهلا وقد أتى باليسير منه.

وأقسام الوقوفين بالنسبة إلى الاختيار والاضطرار ثمانية مجزئة إلا الاضطراري الواحد منهما، وفي اضطراري المشعر رواية(٧) صحيحة بالاجزاء، وعليها ابن الجنيد(٨) والصدوق(٩) والمرتضى(١٠) في ظاهر كلامهما، وقال ابن الجنيد(١١): يلزمه دم لفوات عرفة، ويمكن تأويلها بمن أدرك اضطراري عرفة،

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٢٥ من أبواب الوقوف بالمشعر ح ٤ و ٧ ج ١٠ ص ٦٣ و ٦٤.

(٢) المختلف: ج ١ ص ٣٠٠.

(٣) وسائل الشيعة: ب ٢٦ من أبواب الوقوف بالمشعر ذيل ح ١ ج ١٠ ص ٦٥.

(٤) التهذيب: ج ٥ ص ٢٩٢.

(٥) وسائل الشيعة: ب ٢٥ من أبواب الوقوف بالمشعر ح ٦ ج ١٠ ص ٦٤.

(٦) التهذيب: ج ٥ ص ٢٩٣.

(٧) وسائل الشيعة: ب ٢٣ من أبواب الوقوف بالمشعر ح ٨ ج ١٠ ص ٥٩.

(٨) المختلف: ج ١ ص ٣٠١.

(٩) علل الشرائع: ب ٢٠٤ ذيل ح ١ ج ٢ ص ٤٥١.

(١٠) الانتصار: ص ٩٠.

(١١) المختلف: ج ١ ص ٣٠١.

٤٢٥

ولا يجزئ اضطراري عرفات قولا واحدا.

وخرج الفاضل(١) وجها بإجزاء اختياري المشعر وحده وهذا اختياري عرفة وحده، ولعله لقول الصادق عليه السلام(٢) : الوقوف بالمشعر فريضة وبعرفة سنة، وقوله عليه السلام(٣) : إذا فاتتك المزدلفة فاتك الحج، ويعارض بما اشتهر من قول النبي صلى الله عليه وآله(٤) : الحج عرفة، وأصحاب الاراك لا حج لهم(٥) ، ويتفرع عليه اختياري المشعر لو تعارضا ولا يمكن الجمع بينهما، وإن سوينا بينهما تخير، ولو قيل بترجيح عرفات لانه المخاطب به الآن كان قويا.

خاتمة: من فاته الوقوفان سقطت عنه أفعال الحج، ووجب عليه التحلل بعمرة مفردة، والافضل الاقامة بمنى أيام التشريق ثم الاعتمار، وإن كان قد ساق هديا نحره بمكة لا بمنى، لعدم سلامة الحج له، وإلا فلا دم عليه للفوات، ونقل الشيخ(٦) وجوبه، وهو المروي عن الصادق عليه السلام(٧) بطريق داود الرقي.

وفي الرواية أنه يحلق ثم يتخير بين إنشاء العمرة من أدنى الحل فيجزئه عن الحج في القابل وبين العود إلى أهله فيحج في القابل، وحملها الشيخ(٨) على

____________________

(١) المختلف: ج ١ ص ٢٩٨.

(٢) وسائل الشيعة: ب ٤ من أبواب الوقوف بالمشعر ح ٣ ج ١٠ ص ٣٧.

(٣) وسائل الشيعة: ب ٢٣ من أبواب الوقوف بالمشعر ح ٢ ج ١٠ ص ٥٧.

(٤) سنن ابن ماجة: ب ٥٧ من كتاب المناسك ح ٣٠١٥ ج ٢ ص ١٠٠٣، ومستدرك الوسائل: ب ١٨ من أبواب إحرام الحج ح ٣ ج ١٠ ص ٣٤.

(٥) وسائل الشيعة: ب ١٠ من أبواب احرام الحج والوقوف بعرفة ح ١١ ج ١٠ ص ١٢.

(٦) النهاية: ص ٢٥٦.

(٧) وسائل الشيعة: ب ٢٧ من أبواب الوقوف بالمشعر ح ٥ ج ١٠ ص ٦٦.

(٨) التهذيب: ج ٥ ص ٢٩٥.

٤٢٦

كون الفائت ندبا، أو على من اشترط في حال إحرامه، لرواية ضريس(١) عن الباقر عليه السلام، فإنها مصرحة بأن المشترط يكفيه العمرة وغيره يحج من قابل، ولم يذكر فيها طواف النساء.

والعمل بهذه بعيد، لان الفائت إن كان واجبا مستقرا لم يسقط بالاشتراط، وإن كان غير مستقر ولم يفت بفعل المكلف لم يجب قضاؤه بعدم(٢) الاشتراط، وإن كان بفعله فكالمستقر، وإن كان ندبا لم يجب قضاؤه مطلقا(٣) وإن لم يعتمر.

وأوجب علي بن بابويه(٤) وابنه(٥) على المتمتع بالعمرة يفوته الموقفان العمرة ودم شاة، ولا شئ على المفرد سوى العمرة، ولم يذكر أيضا طواف النساء.

ولو أراد من فاته الحج البقاء على إحرامه إلى القابل، فالاشبه المنع، وهل ينقلب إحرامه أو يقلبه بالنية؟ الاحوط الثاني، ورواية محمد بن سنان(٦) فهي عمرة مفردة، تدل على الاول، ورواية معاوية(٧) فليجعلها عمرة، تدل على الثاني.

والقضاء تابع للاداء في الفور والتراخي والنوع، ومن جوز العدول عن القران والافراد إلى التمتع في الاداء جوزه في القضاء، ولا تجزئ عمرة التحلل عن عمرة الاسلام.

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٢٧ من أبواب الوقوف بالمشعر ح ٢ ج ١٠ ص ٦٥.

(٢) في " ز ": لعدم.

(٣) في " م " و " ز ": بالاشتراط مطلقا.

(٤) المختلف: ج ١ ص ٢٩٤.

(٥) المقنع (ضمن الجوامع الفقهية): ص ٢٢.

(٦) وسائل الشيعة: ب ٢٣ من أبواب الوقوف بالمشعر ح ٤ ج ١٠ ص ٥٧.

(٧) وسائل الشيعة: ب ٢٧ من أبواب الوقوف بالمشعر ح ١ ج ١٠ ص ٦٥.

٤٢٧

(١١٠) درس

يستحب التقاط حصى الجمار من جمع، وهو سبعون حصاة، فإن أخذ زائدا احتياطا فحسن، ويجوز من الحرم بأسره إلا المساجد مطلقا على الاشبه، والقدماء لم يذكروا غير المسجد الحرام والخيف، ولا يجزئ من غير الحرم.

ويجب كونها أبكارا، ويستحب أن يكون برشا كحلية ملتقطة منقطة رخوة بقدر الانملة طاهرة مغسولة، ويكره الصلبة والمكسرة والسود والبيض والحمر، وقال الحلبي(١) : الافضل البرش ثم البيض والحمر، وتبعه ابن زهرة(٢) ، ورواية البزنطي(٣) تدفعه، وجوز في الخلاف(٤) الرمي بالبرام والجوهر، وفيه بعد إن كان من الحرم، وأبعد إن كان من غيره.

ويستحب الاقتصاد في سيره إلى منى، والدعاء بالمأثور، فإذا وردها لم يعرج على شئ سوى رمي حجرة العقبة بسبع حصيات، وهي حد منى، وحدها الآخر وادي محسر.

ويجب في الرمي ستة: النية، والاولى التعرض للاداء والعدد.

وثانيها: إصابة الجمرة بها، فلو لم يصب لم يحتسب، والجمرة اسم لموضع الرمي، وهو البناء أو موضعه مما يجتمع من الحصى، وقيل: هي مجتمع الحصى لا السائل منه، وصرح علي بن بابويه(٥) بأنه الارض.

ولو وقعت على الارض ثم وثبت إلى الجمرة بواسطة صدم الارض أو المحمل وشبهه أجزأت، ولو شك في

____________________

(١) الكافي في الفقه: ص ٢١٥.

(٢) الغنية (ضمن الجوامع الفقهية): ص ٥١٩.

(٣) وسائل الشيعة: ب ٢٠ من أبواب الوقوف بالمشعر ذيل ح ٢ ج ١٠ ص ٥٤.

(٤) الخلاف: ج ٢ ص ٣٤٢.

(٥) لا يوجد لدينا كتابه.

٤٢٨

الاصابة أعاد، ولو وثبت حصاة بها لم تحتسب الحصاة، فإن أصابت المرمية احتسبت، ولو وقعت على ما هو أعلى من الجمرة ثم استرسلت إليها أجزأت.

وثالثها: إيصالها بما يسمى رميا، ولو وضعها وضعا أو طرحها من غير رمي لم يجزئ على قول.

ورابعها: تلاحق الحصيات، فلو رمى بها دفعة فالمحسوب واحدة، والمعتبر تلاحق الرمي لا الاصابة، فلو أصابت المتلاحقة دفعة أجزأت، ولو رمى بها دفعة فتلاحقت في الاصابة لم يجزئ.

وخامسها: وقوع الرمي في وقته، وهو منذ طلوع الشمس إلى غروبها، فلو رمى ليلة النحر أو قبل طلوع الشمس لم يجزئ إلا لضرورة، كالمريض والمرأة والخائف والعبد، هذا إذا كان قد وقف بالمشعر ليلا وتعذر عليه الوقوف به نهارا، فلو أمكنه الوقوف به نهارا ففي إجزاء الرمي ليلا عندي نظر، لقضية التريب.

وروى الصدوق(١) أن تارك المشعر لو ذكر بعد الرمي يرجع فيقف به ثم يرمي.

وفي رواية أبي بصير(٢) عن الصادق عليه السلام رخص رسول الله صلى الله عليه وآله للنساء والصبيان أن يفيضوا بليل وأن يرموا الجمار بليل، قال الصادق عليه السلام(٣) : أفض بهن بليل ويرمين الجمرة، وقال الشيخ(٤) وابن زهرة(٥) والفاضل(٦) : يجزئ رميها بعد طلوع الفجر اختيارا.

____________________

(١) من لا يحضره الفقيه: باب ماجاء فيمن جهل الوقوف بالمشعر ح ٢٩٩٠ ج ٢ ص ٤٦٩.

(٢) وسائل الشيعة: ب ١٧ من أبواب الوقوف بالمشعر ح ٣ ج ١٠ ص ٥٠.

(٣) وسائل الشيعة: ب ١٧ من أبواب الوقوف بالمشعر ح ٢ ج ١٠ ص ٥٠.

(٤) الخلاف: ج ٢ ص ٣٤٤.

(٥) الغنية (ضمن الجوامع الفقهية): ص ٥١٩.

(٦) التحرير: ج ١ ص ١٠٤.

٤٢٩

وسادسها: مباشرة الرمي، فلو استناب غيره لم يجزئ إلا مع العذر، كالمرض والغيبة والصبا.

ولو شركه في الحصاة غيره ابتداء أو في أثناء المسافة لم يجزئ، سواء كان إنسانا أو غيره.

ولو أغمي على المنوب لم ينعزل النائب، لزيادة العجز وليس بوكالة محضة، ولو اغمي عليه قبل الاستنابة وخيف فوت الرمي، فالاقرب رمي الولي عنه، فإن تعذر فبعض المؤمنين، لرواية رفاعة(١) عن الصادق عليه السلام يرمى عمن أغمي عليه.

ويجب الترتيب سابعا(٢) إذا كان الرمي في أيام التشريق، فيبدأ بالاولى ثم الوسطى ثم جمرة(٣) العقبة، كل جمرة بسبع حصيات في كل يوم من أيامه، فلو نكس أعاد على ما يحصل معه الترتيب، وهو يحصل بأربع حصيات مع النسيان أو الجهل لا مع التعمد، فيعيد الاخيرتين ويبني على الاربع في الاولى، وكذا لو رمى الثانية بأربع ورمى الثالثة بعدها يجزئ مع النسيان لا العمد.

ولو نقص عن الاربع بطل ما بعده مطلقا، وفي صحته قولان، والمروي(٤) المنع، ولو(٥) رمى ثلاثا ثم رمى اللاحقة استأنف فيهما، وقال ابن ادريس(٦) : يبني على الثلاث، نعم لو رمى الاخيرة بثلاث ثم قطعه عمدا أو نسيانا بنى عليها عند الشيخ في المبسوط(٧) ، واستأنف عند علي بن بابويه(٨) .

ويجب الرمي في الايام الثلاثة لمن أقام اليوم الثالث عشر، ولا يجب على من نفر في الاول نفرا سائغا، ولو كان غير سائغ كغير المتقي للصيد والنساء

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ١٧ من أبواب رمي جمرة العقبة ح ٥ ج ١٠ ص ٨٤.

(٢) في " ز " و " ق ": متتابعا.

(٣) في " م ": بالوسطى ثم بجمرة.

(٤) وسائل الشيعة: ب ٦ من أبواب العود إلى منى ح ٣ ج ١٠ ص ٢١٦.

(٥) في باقي النسخ: فلو.

(٦) السرائر: ج ١ ص ٦١٠.

(٧) المبسوط: ج ١ ص ٣٧٩.

(٨) المختلف: ج ١ ص ٣١١.

٤٣٠

وكمن غربت عليه الشمس ليوم الثاني عشر وجب قضاؤه، فلو كان له ضرورة جازت الاستنابة.

ويجوز هنا ليلا في مواضع جوازه يوم النحر، والوقت في الموضعين واحد، وقال في الخلاف(١) : لا يجوز الرمي أيام التشريق إلا بعد الزوال، وقد روي(٢) رخصة قبل الزوال، وقال ابن زهرة(٣) : وقته بعد الزوال في أيام التشريق، وقال علي بن بابويه(٤) : يجوز من أول النهار إلى الزوال، وروي(٥) رخصة إلى آخره، والكل ضعيف.

وأما المستحب فأحد عشر: الطهارة، فلو رمى الجنب والمحدث فالاظهر الاجزاء، وقال المفيد(٦) والمرتضى(٧) وابن الجنيد(٨) : لا يرمي إلا وهو على طهر، تعويلا على صحيحة محمد بن مسلم(٩) ، وهي محمولة على الندب، لرواية أبي غسان(١٠) بجوازه على غير طهر.

وثانيها: استحباب المشي في الرمي يوم النحر وباقي الايام على الاظهر، وفي المبسوط(١١): الركوب في جمرة العقبة يومها أفضل، تأسيا بالنبي صلى الله عليه

____________________

(١) الخلاف: ج ٢ ص ٣٥١.

(٢) وسائل الشيعة: انظر ب ١٣ من أبواب رمي جمرة العقبة ج ١٠ ص ٧٨.

(٣) الغنية (ضمن الجوامع الفقهية): ص ٥١٩.

(٤) المختلف: ج ١ ص ٣١٠.

(٥) وسائل الشيعة: انظر ب ١٣ من أبواب رمي جمرة العقبة ج ١٠ ص ٧٨.

(٦) المقنعة: ص ٤١٧.

(٧) رسائل الشريف المرتضى: المجموعة الثالثة ص ٦٨.

(٨) المختلف: ج ١ ص ٣٠٢.

(٩) وسائل الشيعة: ب ٢ من أبواب رمي جمرة العقبة ح ١ ج ١٠ ص ٦٩.

(١٠) وسائل الشيعة: ب ٢ من أبواب رمي جمرة العقبة ح ٥ ج ١٠ ص ٧٠.

(١١) المبسوط: ج ١ ص ٣٦٩.

٤٣١

وآله، ورئي(١) الصادق عليه السلام يركب ثم يمشي، فقيل له في ذلك، فقال: أركب إلى منزل علي بن الحسين ثم أمشي كما كان يمشي إلى الجمرة.

وثالثها: رمي جمرة العقبة مستدبرا للقبلة مقابلا لها، وقال الحسن(٢) : يرميها من قبل وجهها من أعلاها، وقال علي بن بابويه(٣) : يقف في وسط الوادي مستقبل القبلة ويدعو والحصى في يده اليسرى ويرميها من قبل وجهها لا من أعلاها، وهو موافق للمشهور إلا في موقف الدعاء.

ورابعها: رمي الاولى والثانية عن يسارهما ويمينه مستقبل القبلة.

وخامسها: الدعاء في ابتداء الرمي والحصيات في يده اليسرى ويأخذ باليمنى.

وسادسها: التكبير مع كل حصاة والدعاء.

وسابعها: القيام عن يسار الطريق بعد فراغه من الاولى مستقبل القبلة، فيحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله، ثم يتقدم قليلا ويدعو ويسأل الله القبول، وكذا يقف عند الثانية بعد الفراغ داعيا، ولا يقف بعد الرمي عند جمرة العقبة، ولو وقف لغرض آخر فلا بأ س، وليقل عند وصوله إلى رحله من الرمي: اللهم بك وثقت وعليك توكلت فنعم الرب ونعم النصير.

وثامنها: تعجيل الرمي يوم النحر بعد طلوع الشمس، وفي باقي الايام مقاربة الزوال في المشهور، وقال في المبسوط(٤) : الافضل بعده، وقال ابن حمزة(٥) : عنده.

وتاسعها: التباعد عشرة(٦) أذرع إلى خمسة عشر ذراعا، وقدرهما علي بن

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٩ من أبواب رمي جمرة العقبة ح ٢ ج ١٠ ص ٧٤.

(٢) المختلف: ج ١ ص ٣٠٣.

(٣) نفس المصدر.

(٤) المبسوط: ج ١ ص ٣٧٨.

(٥) الوسيلة: ص ١٨٨.

(٦) في باقي النسخ: بعشرة.

٤٣٢

بابويه(١) بالخطى.

وعاشرها: الرمي خذفا، وهو أن يضع الحصاة على بطن إبهام اليد اليمنى ويدفعها بظفر السبابة قال المعظم، وأوجب المرتضى(٢) الخذف بأن يضعها على إبهام اليد اليمنى ويدفعها بظفر الوسطى مدعيا للاجماع، وابن ادريس(٣) أوجب الخذف بالمعنى المشهور.

وحادي عشرها: وضع الحصى في يد المنوب العاجز، ثم يأخذها النائب من يده إن أمكن حمله إليها فإنه مستحب، نص عليه علي بن بابويه، قال(٤) : ومره أن يرمي من كفه إلى كفك وارم أنت من كفك إلى الجمرة، وحمله، رواه اسحاق بن عمار(٥) عن الكاظم عليه السلام.

وهنا مسائل: الاولى: ذهب الشيخ(٦) والقاضي(٧) وهو ظاهر المفيد(٨) وابن الجنيد(٩) إلى استحباب الرمي، وقال ابن ادريس(١٠): لا خلاف عندنا في وجوبه، ولا أظن أن أحدا من المسلمين يخالف فيه، وكلام الشيخ أنه سنة محمولة على ثبوته بالسنة، وقال المحقق(١١): لا يجب قضاؤه في القابل لو فات مع

____________________

(١) المختلف: ج ١ ص ٣٠٣.

(٢) الانتصار: ص ١٠٥.

(٣) السرائر: ج ١ ص ٥٩٠.

(٤) لم نعثر عليه.

(٥) وسائل الشيعة: ب ١٧ من أبواب رمي جمرة العقبة ح ٢ و ٤ ج ١٠ ص ٨٣.

(٦) الاستبصار: ج ٢ ص ٢٩٧.

(٧) المهذب: ج ١ ص ٢٠٨.

(٨) المقنعة: ص ٤٣١.

(٩) المختلف: ج ١ ص ٣٠٢.

(١٠) السرائر: ج ١ ص ٦٠٦.

(١١) المختصر النافع: ص ٩٧.

٤٣٣

قوله بوجوب أدائه، والاصح وجوب الاداء والقضاء.

وحمل الشيخ(١) رواية معاوية(٢) أن الناسي والجاهل لا يعيد على الاعادة في سنته لخروج أيامه ولكن يجب في القابل، وفي الخلاف(٣) لو فاته ثلاث حصيات فما دون فلا شئ عليه، وإن رماها في القابل كان أحوط.

الثانية: لو فاته يوم رمي قضاه في الغد في وقت الرمي، مقدما للفائت على الحاضر وجوبا، ويراعى فيه الترتيب في القضاء كالاداء، ولا يرمي الاداء إلا بعد فراغه من رمي الثلاث، ولو كان الفائت واحدة أو اثنتين قدمه أيضا، بل لو كان حصاة وجب تقديمها.

ويستحب أن يرمي القضاء غدوة بعد طلوع الشمس، والاداء عند الزوال في الاظهر، لرواية عبدالله بن سنان(٤) ، وروى معاوية(٥) أنه يجعل بينهما ساعة.

ولو فاته رمي يومين قدم الاول فالاول.

الثالثة: لو فاته جمرة وجهل تعيينها أعاد على الثلاث مرتبا، لامكان كونها الاولى، وكذا لو فاته أربع حصيات من جمرة وجهلها، ولو فاته دون الاربع كرره على الثلاث، ولا يجب الترتيب هنا، ولو فاته من كل جمرة واحدة أو اثنتان أو ثلاث وجب الترتيب، ولو فاته ثلاث أو اثنتان وشك في كونها من واحدة أو أكثر رمى العدد الفائت على كل واحد مرتبا، ولو شك في أربع استأنف.

الرابعة: لو ذكر فوات الرمي أو بعضه وقد صار بمكة أو غيرها وجب العود إليه ما دام الوقت، فإن تعذر استناب.

وإن خرجت أيام الرمي وجب القضاء

____________________

(١) التهذيب: ج ٥ ص ٢٦٤.

(٢) وسائل الشيعة: ب ٣ من أبواب العود إلى منى ح ٣ ج ١٠ ص ٢١٣.

(٣) الخلاف: ج ٢ ص ٣٥٧.

(٤) وسائل الشيعة: ب ١٥ من أبواب رمي جمرة العقبة ح ١ ج ١٠ ص ٨١.

(٥) وسائل الشيعة: ب ٣ من أبواب العود إلى منى ح ٢ ج ١٠ ص ٢١٣.

٤٣٤

في القابل على الاصح مباشرة أو استنابة، ولا يحرم عليه شئ من محرمات الاحرام في الاظهر، وفي رواية عبدالله بن جبلة(١) عن الصادق عليه السلام من ترك رمي الجمار متعمدا لم تحل عليه النساء وعليه الحج من قابل، ولم نقف على قائل به من الاصحاب فيحمل على الندب.

ولو فاته رمي الجمرة يوم النحر قضاه في اليوم الاول من أيام التشريق مقدما له أيضا، وتجب نية القضاء في كل مافات.

الخامسة: لا يشترط في استنابة المريض اليأس من برئه، ولو زال عذره بعد فعل نائبه لم تجب الاعادة وإن كان في الوقت خلافا لابن الجنيد(٢) ، ولو زال عذره في أثناء الرمي بنى، ولو اتفق الرمي بعد زاول عذره، لعدم إعلام النائب به مع إمكانه أو لا معه، ففي إجزاء فعله عندي نظر، من امتناع تكليف الغافل مع امتثال أمره، ومن مصادفة المانع من الاستنابة.

السادسة: لو رمى بحصى نجس أجزأ، نص عليه في المبسوط(٣) ، ومنعه ابن حمزة(٤) لما روي(٥) من غسله، قلنا: لا لنجاسة أو يحمل على الندب، ولو رمى بخاتم فضة من حجارة الحرم أجزأ، ولو رمى بصخرة عظيمة، فالاقرب الاجزاء، ولو رمى بحجر مسته النار أجزأ ما لم يستحل.

السابعة: لو نفر في النفر الاول استحب دفن حصى اليوم الثالث عشر، ولم أقف على استحباب الاستنابة في رميه عنه في الثالث عشر، نعم قال ابن الجنيد(٦) : إنه يرمي حصى الثالث عشر في الثاني عشر بعد رمي يومه.

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٤ من أبواب العود إلى منى ح ٥ ج ١٠ ص ٢١٤.

(٢) لايوجد لدينا كتابه.

(٣) المبسوط: ج ١ ص ٣٦٩.

(٤) الوسيلة: ص ١٨١.

(٥) الفقه الرضوي: ص ٢٢٥.

(٦) لا يوجد لدينا كتابه.

٤٣٥

الثامنة: روى معاوية(١) عن الصادق عليه السلام فيمن سقطت منه حصاة فاشتبهت يأخذ من تحت قدمه حصاة ويرمي بها، وروى عبدالاعلى(٢) أنه لو نسي رمي حصاة أعادها إن شاء من ساعته وإن شاء في غده.

التاسعة: ينبغي أن يأخذ على الطريق الوسطى إلى الجمرة الكبرى، تأسيا بالنبي صلى الله عليه وآله، قاله الشيخ في المبسوط(٣) .

(١١١) درس

يجب ذبح الهدي على المتمتع بعد الرمي يوم النحر أو نحره بمنى، ولو تمتع المكي فثالث الاوجه وجوبه عليه إن تمتع ابتداء لا إذا عدل إلى التمتع، وهو منقول عن المحقق(٤) ، ويحتمل وجوبه عليه إن كان لغير حج الاسلام، وفي صحيح العيص(٥) يجب على من اعتمر في رجب وأقام بمكة وخرج منها حاجا لا على من خرج فأحرم من غيرها، وفيه دقيقة، وإنما يجب الهدي بإحرام الحج لا بالعمرة قاله في الخلاف(٦) ، ولا بوقوف عرفة ولا برمي جمرة العقبة.

ولا تباع ثياب التجمل فيه، ولو باعها واشتراه أجزأ.

ويجب كونه من النعم، وأفضلها البدن ثم البقر ثم الغنم، ولا يجزئ غير الثني، وهو من البقر والمعز ما دخل في الثانية، ومن الابل في السادسة، ويجزئ من الضأن ماكمل سبعة أشهر، وقيل: ستة أشهر.

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٧ من أبواب العود إلى منى ح ١ ج ١٠ ص ٢١٧.

(٢) وسائل الشيعة: ب ٧ من أبواب العود إلى منى ح ٣ ج ١٠ ص ٢١٨.

(٣) المبسوط: ج ١ ص ٣٦٨.

(٤) المختصر النافع: ص ٨٩.

(٥) وسائل الشيعة: ب ١ من أبواب الذبح ح ٢ ج ١٠ ص ٨٥.

(٦) الخلاف: ج ٢ ص ٢٧٣.

٤٣٦

وأن يكون تاما، فلا يجزئ الاعور، والمريض، والاعرج البين، ولا الاجرب، ولا مكسور القرن الداخل وإن بقي ثلثه خلافا للصفار(١) ، ولا مقطوع الاذن ولو قليلا، ولا الخصي، ويكره الموجوء، وقال ابن ادريس(٢) : لايجزئ، وقال الحسن(٣) : يكره الخصي، ولو تعذر غيره أجزأ، وكذا لو ظهر خصيا وكان المشتري معسرا، لصحيحة عبدالرحمن بن الحجاج(٤) ولو كان مجبوبا.

وروي(٥) المنع من المقابلة وهي المقطوعة طرف الاذن ويترك معلقا، ولا المدابرة وهي المقطوعة مؤخر الاذن، وكذلك الخرقاء وهي التي في اذنها ثقب مستدير، والشرقاء وهي المشقوقة الاذنين باثنتين.

ويجب كونه ذا شحم على الكليتين، ويكفي الظن وإن أخطأ، فلا يجزئ الاعجف.

وتجزئ الجماء وهي فاقدة القرن خلقة، والصمعاء وهي الفاقدة الاذن خلقة أو صغيرتها على كراهية فيهما، وفي إجزاء البتراء وهي مقطوعة الذنب قول.

وتجب الوحدة على قول، فلا يجزئ الواحد عن أكثر من واحد ولو عزت الاضاحي، لصحيح محمد بن مسلم(٦) ورواه الحلبي(٧) ، وقيل: يجزئ عند الضرورة عن سبعة وسبعين أولي خوان واحد، والذي رواه معاوية بن عمار(٨)

____________________

(١) نقله عنه الصدوق من لا يحضره الفقيه: باب الاضاحي ذيل ح ٣٠٦٢ ج ٢ ص ٤٩٦.

(٢) السرائر: ج ١ ص ٥٩٧.

(٣) المختلف: ج ١ ص ٣٠٧.

(٤) وسائل الشيعة: ب ١٢ من أبواب الذبح ح ٣ و ٤ ج ١٠ ص ١٠٥.

(٥) وسائل الشيعة: ب ٢١ من أبواب الذبح ح ٢ ج ١٠ ص ١١٩.

(٦) وسائل الشيعة: ب ١٨ من أبواب الذبح ح ١ ج ١٠ ص ١١٣.

(٧) وسائل الشيعة: ب ١٨ من أبواب الذبح ح ٤ ج ١٠ ص ١١٣.

(٨) وسائل الشيعة: ب ١٨ من أبواب الذبح ح ٥ ج ١٠ ص ١١٣.

٤٣٧

إجزاء الخمسة لاولي الخوان الواحد، وروى أبوبصير(١) إجزاء البدنة والبقرة عن سبعة إذا اجتمعوا من أهل بيت واحد ومن غيرهم، وفي رواية حمران(٢) إجزاء البدنة عن سبعين مطلقا، وروى علي بن أسباط(٣) إجزاء الشاة عن سبعين مطلقا، وقال المفيد(٤) وعلي بن بابويه(٥) : يجزئ البقرة عن خمسة إذا كانوا أهل بيت، وقال سلار(٦) : يجزئ البقرة عن خمسة وأطلق، والاشتراك أظهر بين الاصحاب، وعلى القول بالوحدة لو تعذرت انتقل إلى الصوم.

ولو اشتراها على أنها مهزولة فخرجت سمينة أجزأت لصحيح الرواية(٧) ، ومنعه الحسن(٨) ، والظاهر أنه أراد به لو خرجت بعد الذبح.

ولو ظن التمام فظهر النقص لم يجزئ بخلاف العكس، ويجئ على قوله عدم الاجزاء، ولو تعذر إلا فاقد الشرائط أجزأ، وروى الحلبي(٩) إجزاء المعيب إذا لم يعلم بعيبه حتى نقد ثمنه، وروى معاوية(١٠) عدم الاجزاء.

ويستحب كونه إناثا من الابل والبقر، ذكرانا من الضأن والمعز، وأن يكون كبشا من الضأن أو تيسا من المعز، وأن يكون مما عرف به ويكفي قول المالك، وأن يكون سمينا ينظر في سواد ويمشي في سواد ويبرك في سواد، وفي رواية(١١)

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ١٨ من أبواب الذبح ح ٦ ج ١٠ ص ١١٤.

(٢) وسائل الشيعة: ب ١٨ من أبواب الذبح ح ١١ ج ١٠ ص ١١٥.

(٣) وسائل الشيعة: ب ١٨ من أبواب الذبح ح ٩ ج ١٠ ص ١١٤.

(٤) المقنعة: ص ٤٥٢.

(٥) المختلف: ج ١ ص ٣٠٥.

(٦) المراسم: ص ١١٤.

(٧) وسائل الشيعة: ب ١٨ من أبواب الذبح ح ٦ ج ١٠ ص ١١١.

(٨) المختلف: ج ١ ص ٣٠٦.

(٩) وسائل الشيعة: ب ٢٤ من أبواب الذبح ح ٣ ج ١٠ ص ١٢٢.

(١٠) وسائل الشيعة: ب ٢٤ من أبواب الذبح ح ١ ج ١٠ ص ١٢٢.

(١١) وسائل الشيعة: ب ١٣ من أبواب الذبح ح ٦ ج ١٠ ص ١٠٨ .

٤٣٨

ويبعر في سواد، إما بكون هذه المواضع سودا وإما بكونه ذا ظل، أو بكونه رعى ومشى ونظر وبرك في الخضرة فسمن لذلك، قال الراوندي(١) : والثلاثة مروية عن أهل البيت عليهم السلام، ويكره الثور والجمل.

ويجب النية في الذبح، ويجزئ الاستنابة في ذبحه.

ويستحب جعل يده مع يده فينويان، ومباشرته أفضل إن أحسن، ويستحب للنائب ذكر المنوب لفظا ويجب نية، ونحر الابل قائمة صواف مربوطة يداها ما بين الخف إلى الركبة رواه أبوالصباح(٢) ، وروى أبوخديجة(٣) أنه يعقل يدها اليسرى وطعنها من الجانب الايمن، والدعاء بالمأثور.

ويجب مراعاة شروط الذبيحة.

ومكان هدي التمتع منى، وزمانه يوم النحر، فإن فات أجزأ في ذي الحجة، وفي رواية أبي بصير(٤) تقييده بما قبل يوم النفر، وحملت على من صام ثم وجد، ويشكل بأنه إحداث قول ثالث، إلا أن يبنى على جواز صيامه في التشريق.

ويجب أن يصرفه في الصدقة والاهداء والاكل، وظاهر الاصحاب الاستحباب.

مسائل: لو فقد الهدي ووجد ثمنه خلفه عند ثقة ليذبحه عنه في ذي الحجة، فإن تعذر فمن القابل فيه، ولو عجز عن الثمن صام، وأطلق الحسن(٥) وجوب الصوم عند الفقد، وخير ابن الجنيد(٦) بينهما وبين الصدقة بالوسطى من قيمة الهدي

____________________

(١) لايوجد لدينا كتابه.

(٢) وسائل الشيعة: ب ٣٥ من أبواب الذبح ح ٢ ج ١٠ ص ١٣٥.

(٣) وسائل الشيعة: ب ٣٥ من أبواب الذبح ح ٣ ج ١٠ ص ١٣٥.

(٤) وسائل الشيعة: ب ٤٤ من أبواب الذبح ح ٣ ج ١٠ ص ١٥٣.

(٥) المختلف: ج ١ ص ٣٠٤.

(٦) المختلف: ج ١ ص ٢٠٤.

٤٣٩

تلك(١) السنة، وحتم ابن ادريس(٢) الصوم مطلقا، والاول أظهر.

الثانية: إذا انتقل فرضه إلى الصوم فهو ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع، ولو جاور بمكة انتظر شهرا أو وصوله إلى بلده، وليكن الثلاثة بعد التلبس بالحج ويجوز من أول ذي الحجة، ويستحب السابع وتالياه ولا يجب، ونقل ابن ادريس(٣) أنه لا يجوز قبل هذه الثلاثة، وجوز بعضهم صومه في إحرام العمرة وهو بناء على وجوبه بها، وفي الخلاف(٤) : لا يجب الهدي قبل إحرام الحج بلا خلاف، ويجوز الصوم قبل إحرام الحج، وفيه إشكال، ويسقط الصوم بفوات ذي الحجة ولما لم يصم الثلاثة بكمالها ويتعين الهدي.

الثالثة: لو صام ثم وجد الهدي في وقته استحب الذبح ولا يجب، لرواية حماد بن عثمان(٥) الصحيحة بإجزائه، وتحمل رواية عقبة بن خالد(٦) بذبحه على الندب.

الرابعة: لو صام بعد التشريق ففي الاداء والقضاء(٧) قولان أشبههما الاول، وفي جواز صومها في أيام التشريق خلاف، فجوز الصدوقان(٨) والشيخ(٩) صوم الثالث عشر وما بعده، لصحيحة عبدالرحمن بن الحجاج(١٠) يصام يوم الحصبة، ولعله لعدم استيعاب مقامه بمنى، وجوز ابن الجنيد(١١) أيام التشريق للرواية(١٢)

____________________

(١) في " ز ": في تلك.

(٢) و(٣) السرائر: ج ١ ص ٥٩٣.

(٤) الخلاف: ج ٢ ص ٢٧٣.

(٥) وسائل الشيعة: ب ٤٥ من أبواب الذبح ح ١ ج ١٠ ص ١٥٤.

(٦) وسائل الشيعة: ب ٤٥ من أبواب الذبح ح ٢ ج ١٠ ص ١٥٤.

(٧) في " ق ": أو القضاء.

(٨) المختلف: ج ١ ص ٣٠٤، المقنع (ضمن الجوامع الفقهية): ص ٢٤.

(٩) النهاية: ص ٢٥٥.

(١٠) وسائلالشيعة: ب ٥١ من أبواب الذبح ح ٤ ج ١٠ ص ١٦٥.

(١١) المختلف: ج ١ ص ٣٠٤.

(١٢) وسائل الشيعة: ب ٥١ من أبواب الذبح ح ٥ ج ١٠ ص ١٦٥ .

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585