موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٥

موسوعة الأسئلة العقائديّة8%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-05-8
الصفحات: 667

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 667 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 297101 / تحميل: 6707
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٥

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٥-٨
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

مريداً للعلوّ في الأرض والفساد ، وهذا حال فرعون !! والله تعالى يقول :( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) ، فمن أراد العلوّ في الأرض والفساد لم يكن من أهل السعادة في الآخرة

وليس هذا كقتال الصدّيق للمرتدّين ومانعي الزكاة ، فإنّ الصدّيق إنّما قاتلهم على طاعة الله ورسوله لا على طاعته ، فإنّ الزكاة فرض عليهم ، فقاتلهم على الإقرار بها وعلى أدائها ، بخلاف من قاتل ليطاع هو »(١)

٣ ـ طعنه فيه وفي فضائله :

قال ابن تيمية : « إنّ الفضائل الثابتة في الأحاديث الصحيحة لأبي بكر وعمر أكثر وأعظم من الفضائل الثابتة لعلي ، والأحاديث التي ذكرها هذا ، وذكر أنّها في الصحيح عند الجمهور ، وأنّهم نقلوها في المعتمد من قولهم وكتبهم هو من أبين الكذب على علماء الجمهور ، فإنّ هذه الأحاديث التي ذكرها أكثرها كذب أو ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث ، والصحيح الذي فيها ليس فيه ما يدلّ على إمامة علي ، ولا على فضيلته على أبي بكر وعمر ، بل وليست من خصائصه ، بل هي فضائل شاركه فيها غيره ، بخلاف ما ثبت من فضائل أبي بكر وعمر ، فإنّ كثيراً منها خصائص لهما ، لاسيّما فضائل أبي بكر ، فإنّ عامّتها خصائص لم يشركه فيها غيره

وأمّا ما ذكره من المطاعن فلا يمكن أن يوجّه على الخلفاء الثلاثة من مطعن إلّا وجّه على علي ما هو مثله أو أعظم منه .

فإنّ عليرضي‌الله‌عنه لم ينزّهه المخالفون ، بل القادحون في علي طوائف متعدّدة ، وهم أفضل من القادحين في أبي بكر وعمر وعثمان ، والقادحون فيه أفضل من الغلاة فيه ، فإنّ الخوارج متّفقون على كفره ، وهم عند المسلمين كلّهم خير من الغلاة .

______________________

(١) المصدر السابق ٤ / ٤٩٩

١٠١

ومن المعلوم أنّ المنزّهين لهؤلاء أعظم وأكثر وأفضل ، وإنّ القادحين في علي حتّى بالكفر والفسوق والعصيان طوائف معروفة ، وهم أعلم من الرافضة وأدين .

والذين قدحوا في عليرضي‌الله‌عنه وجعلوه كافراً أو ظالماً ليس فيهم طائفة معروفة بالردّة عن الإسلام ، بخلاف الذين يمدحونه ويقدحون في الثلاثة .

بخلاف من يكفّر علياً ويلعنه من الخوارج ، وممّن قاتله ولعنه من أصحاب معاوية وبني مروان وغيرهم ، فإنّ هؤلاء كانوا مقرّين بالإسلام وشرائعه ، يقيمون الصلاة ، ويؤتون الزكاة ، ويصومون رمضان ، ويحجّون البيت العتيق ، ويحرّمون ما حرّم الله ورسوله ، وليس فيهم كفر ظاهر ، بل شعائر الإسلام وشرائعه ظاهرة فيهم ، معظّمة عندهم .

فمعلوم أنّ الذين قاتلوه ولعنوه وذمّوه من الصحابة والتابعين وغيرهم هم أعلم وأدين من الذين يتولّونه ويلعنون عثمان ، ولو تخلّى أهل السنّة عن موالاة عليرضي‌الله‌عنه وتحقيق إيمانه ووجوب موالاته لم يكن في المتولّين له من يقدر أن يقاوم المبغضين له من الخوارج والأُموية والمروانية ؛ فإنّ هؤلاء طوائف كثيرة »(١)

والكلام واضح لا يحتاج إلى تعليق

٥ ـ طعنه في فاطمةعليها‌السلام واتهامها بالنفاق !!

قال ابن تيمية : « إنّ فاطمةرضي‌الله‌عنها إنّما عظم أذاها لما في ذلك من أذى أبيها ، فإذا دار الأمر بين أذى أبيها وأذاها كان الاحتراز عن أذى أبيها أوجب ، وهذا حال أبي بكر وعمر ، فإنّهما احترزا عن أن يؤذيا أباها أو يريباه بشيء ، فإنّه عهد عهداً وأمر بأمر ، فخافا أن غيّرا عهده وأمره أن يغضب لمخالفة أمره وعهده ويتأذّى بذلك ، وكلّ عاقل يعلم أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا حكم بحكم وطلبت فاطمة أو غيرها ما يخالف ذلك الحكم ، كان مراعاة حكم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله
______________________

(١) المصدر السابق ٥ / ٦ ـ ١٠

١٠٢

أولى !! فإنّ طاعته واجبة ومعصيته محرّمة »(١)

فصوّر فاطمةعليها‌السلام بأنّها تريد أن يحكم أبو بكر بغير حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فرفض أبو بكر ذلك فتأذّت !!

وهذا معناه النفاق في فاطمة ـ أعاذنا الله من هذا ـ لأنّ الذين يريدون أن يحكم إليهم بخلاف حكم الله ورسوله هم المنافقون

هذا وهناك الكثير من المطاعن التي وجّهها ابن تيمية إلى أهل البيتعليهم‌السلام وإلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، سواء من ناحية التنقيص فيه ، أو تكذيب فضائله الثابتة له ، ومن شاء راجع « منهاج السنّة » ليرى النصب فيه طافح ، والتحامل على عليعليه‌السلام وأهل بيته ظاهر !! هذا ما يتعلّق بابن تيمية الحرّاني

وأمّا ما يتعلّق بمحمّد بن عبد الوهّاب فمنهجه هو منهج ابن تيمية لا غير ، سواء من ناحية العقيدة ـ كصفات الله والأنبياء وغيرها ـ أو من ناحية تحامله على المسلمين وتكفيرهم ، أو من ناحية تحامله على أهل البيتعليهم‌السلام

وارجع إلى كتابه « كشف الشبهات » لترى فيه التكفير الصريح للأُمّة الإسلامية جمعاء ، لأنّها تزور القبور ، وتتوسّل بالأنبياء والصالحين !!

وكذلك كتابه « الدرر السنية في الأجوبة النجدية » ، تجده مليئاً بالتكفير ورمي المسلمين بالغلوّ والشرك ، فمن نماذج تكفيره للمسلمين قوله :

١ ـ قال : « وهذا ـ أي الشرك ـ هو فعلكم عند الأحجار والبنايات التي على القبور وغيرها »!!(٢)

٢ ـ قال : ويصيحون كما صاح إخوانهم حيث قالوا :( أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَٰهًا وَاحِدًا إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ) (٣)

ومقصوده بذلك المسلمين الذي يزورون القبور ويتوسّلون بالأنبياء والصالحين !

______________________

(١) المصدر السابق ٤ / ٢٥٣

(٢) كشف الشبهات : ١٧

(٣) المصدر السابق : ١٩

١٠٣

٣ ـ وقال في نفس الصفحة : « فإذا عرفت أنّ هذا الذي يسمّيه المشركون في زماننا الاعتقاد هو الشرك الذي أنزل فيه القرآن ، وقاتل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الناس عليه ؛ فاعلم أنّ شرك الأوّلين أخفّ من شرك أهل زماننا بأمرين » !!

٤ ـ قال : « أنّ الذين قاتلهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أصحّ عقولاً وأخفّ شركاً من هؤلاء » !!(١)

فهذا تكفير صريح لعامّة المسلمين ، أعاذنا الله من ذلك

٥ ـ قال : « وأنا أذكر لك أشياء ممّا ذكر الله في كتابه جواباً لكلام احتجّ به المشركون في زماننا علينا » !!(٢)

وغير ذلك كثير جدّاً يمكن مراجعته في الكتابين اللذين أشرنا إليهما

فمحمّد بن عبد الوهاب لم يتورّع في دماء المسلمين ، وحكم على الأُمّة الإسلامية بالشرك والكفر ، وأنّ شركها أعظم من شرك كفّار قريش أو اليهود والنصارى ، وقام بمحاربتهم وسفك دمائهم ، وقتل ذراريهم واستباحة أعراضهم ، إلى غير ذلك من الأفاعيل الشنيعة التي تبيّن مدى فساد عقيدة هذا الشخص وضحالة تفكيره ، وخطورته في نفس الوقت

« خالد ـ السعودية ـ سنّي »

تكفيره الشيعة :

س : أنتم الشيعة تتّهمون شيخ الإسلام ابن تيمية ، بأنّه يكفّر الشيعة ، فأين دليلكم على ذلك ؟

ج : ابن تيمية !! وما أدراك ما ابن تيمية ؟! أصل الفتنة ، وأصل كلّ خلاف ، شديد النصب للإمام عليعليه‌السلام

______________________

(١) المصدر السابق : ٢١

(٢) المصدر السابق : ١٣

١٠٤

ابن تيمية يقول بالتجسيم والتشبيه ، ابن تيمية يقول بقدم غير الله تعالى ، وبحوادث لا أوّل لها

ابن تيمية ينفي فضائل الإمام عليعليه‌السلام ، حتّى اعترض عليه الألباني في « سلسلة الأحاديث الصحيحة » ، وقال عنه : « إنّ هذه الاشتباهات وقع فيها ابن تيمية لتسرّعه في الردّ على الرافضة »

ابن تيمية يكذّب أكاذيب واضحة ، ولا يتّقي الله ولا يتورّع ، ابن تيمية ردّ عليه كبار علماء المذاهب الإسلامية ، قبل علماء الشيعة ، حتّى إنّ بعضهم نعته بالكفر والزندقة

ونقول في الجواب على قولك : راجع كتابه « منهاج السنّة النبوية »(١) لتجد ذلك بنفسك

وفي الختام : نذكّرك بكلام الحافظ أبو الفضل عبد الله الغماري : « وابن تيمية ، يحتجّ كثير من الناس بكلامه ، ويسمّيه بعضهم شيخ الإسلام ، وهو ناصبي ، عدوّ لعلي كرّم الله وجهه ، اتهم فاطمة بأنّ فيها شعبة من النفاق ، وكان مع ذلك مشبهاً ، إلى بدع أُخرى كانت فيه ، ومن ثمّ عاقبه الله تعالى فكانت المبتدعة بعد عصره تلامذة كتبه ، ونتائج أفكاره ، وثمار غرسه »(٢)

« حيدر القزّاز ـ كندا ـ ٢٩ سنة ـ مهندس »

رأيه في قاتل علي :

س : أرجو بيان ما رأي ابن تيمية بالمجرم عبد الرحمن ابن ملجم ( لعنه الله ) ؟ وما هو رأيه عندما قتل أمير المؤمنينعليه‌السلام ؟ مع ذكر المصادر إن أمكن

ج : إنّ ابن تيمية ـ كعادته ـ يحاول الطعن بالإمام عليعليه‌السلام ، وذلك بصورة غير مباشرة ، كتكذيب فضائله ، والتشكيك في المسلّمات ، بل وبصورة مباشرة
______________________

(١) منهاج السنّة النبوية ٤ / ٣٦٣ و ٧ / ٩ و ٢٧

(٢) الصبح السافر : ٥٤

١٠٥

أحياناً ، فتراه ذلك الناصبي المراوغ ، الذي يتلاعب بالألفاظ والأساليب

فتراه يقول في ابن ملجم : « والذي قتل علياً ، كان يصلّي ويصوم ، ويقرأ القرآن ، وقتله معتقداً أنّ الله ورسوله يحبّ قتل علي ، وفعل ذلك محبّة لله ورسوله ـ في زعمه ـ وإن كان في ذلك ضالاً مبتدعاً »(١)

ويقول عنه أيضاً : « كان من أعبد الناس »(٢)

هذا قول ابن تيمية في ابن ملجم ، وقد وصف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قاتل عليعليه‌السلام بأنّه : « أشقى الناس »(٣)

« السيّد أحمد السيّد نزار ـ البحرين »

ردّ علماء أهل السنّة على قوله بالتجسيم :

س : تحية طيّبة وبعد :

هناك من الأصدقاء من يقول : إنّ ابن تيمية ومحمّد بن عبد الوهّاب لا يقولان بالتجسيم ، وما يقال ذلك عنهما نابع من التعصّب ، وردّ التهمة بتهمة مثلها

أين هي الكتب والمصادر التي يدّعون فيها أنّهما يقولان بالتجسيم بصراحة ؟ دون أن يكون لها وجه آخر ، أرجو ذكر أقوالهما مع ذكر المصادر لكي تتمّ الحجّة

ج : المعروف عن بعض الحنابلة أنّهم من القائلين بالتجسيم ، بمعنى أنّ لله تعالى يداً ، ووجهاً وعيناً وساقاً ، وأنّه متربّع على العرش ، شأنه شأن الملوك والسلاطين ، واستدلّوا على ذلك ، بآيات من القرآن الكريم ، كقوله تعالى :( يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) ، و( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) ، و( يَوْمَ يُكْشَفُ
______________________

(١) منهاج السنّة النبوية ٧ / ١٥٣

(٢) المصدر السابق ٥ / ٤٧

(٣) مجمع الزوائد ٧ / ١٤ و ٢٩٩ ، فيض القدير ١ / ٦٧٢ و ٣ / ١٢٨ ، ينابيع المودّة ٢ / ٢٠٠ و ٣٩٦ ، جواهر المطالب ٢ / ١٠٦ ، وغيرها من مصادر أهل السنّة ، فضلاً عن المصادر الشيعية

١٠٦

عَن سَاقٍ ) ، و( الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ ) وغيرها من الآيات

وقالوا : إنّ اليد والوجه والساق والاستواء جاءت في القرآن على وجه الحقيقة في معانيها ، وليست مصروفة إلى معانيها المجازية

وقالوا : نعم يد الله ليست كيدنا ، ووجهه ليس كوجهنا ، وساقه ليس كساقنا بدليل قوله تعالى :( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )

ولا يخفى عليك أنّ ابن تيمية ، ومحمّد بن عبد الوهّاب يدّعيان أنّهما من الحنابلة

وأقوال ابن تيمية في التجسيم كثيرة جدّاً ، وللوقوف على ذلك راجع مثلاً كتابه « الفتوى الحموية الكبرى في مجموعة الفتاوى ، كتاب الأسماء والصفات »

وإنّ عقيدته في التجسيم كانت واحدة من أهمّ محاور الصراع الذي خاضه مع علماء عصره ، فهي السبب الوحيد لما دار بينه وبين المالكية من فتن في دمشق ، وهي السبب الوحيد لاستدعائه إلى مصر ، ثمّ سجنه هناك ، كما كانت سبباً في عدّة مجالس عقدت هنا وهناك لمناقشة أقواله

ولم تنفرد المالكية في الردّ عليه ، بل كان هذا هو شأن الحنفية ، والشافعية أيضاً ، وأمّا الحنبلية فقد نصّوا على شذوذه عنهم

قال الشيخ الكوثري الحنفي في وصف عقيدة ابن تيمية في الصفات : « إنّها تجسيم صريح » ، ثمّ نقل مثل ذلك عن ابن حجر المكّي في كتابه « شرح الشمائل »

وللشافعية دورهم البارز في مواجهة هذه العقيدة ، فقد صنّفوا في بيان أخطاء ابن تيمية فيها تصانيفاً كثيرةً ، وربّما يُعدّ من أهمّ تصانيفهم تلك ما كتبه شيخهم شهاب الدين ابن جَهبَل ـ المتوفّى سنة ٧٣٣ هـ ـ ويكتسب هذا التصنيف أهمّيته لسببين :

أوّلهما : إنّ هذا الشيخ كان معاصراً لابن تيمية ، وقد كتب ردّه هذا في حياة ابن تيمية موجّهاً إليه

١٠٧

والثاني : إنّه ختمه بتحدٍّ صريح قال فيه : « ونحن ننتظر ما يَرِدُ من تمويههِ وفساده ، لنبيّن مدارج زيغه وعناده ، ونجاهد في الله حقّ جهاده »

ثمّ لم يذكر لابن تيمية جواباً عليه ، رغم أنّه قد وضع ردّاً على الحموية الكبرى التي ألقاها ابن تيمية على المنبر في سنة ٦٩٨ هـ

وأمّا دفاع ابن تيمية عن التجسيم ، فهو دفاع المجسّمة الصرحاء ، فيقول ردّاً على القائلين بتنزيه الله تعالى عن الأعضاء والأجزاء : « إنّهم جعلوا عُمدتهم في تنزيه الربّ عن النقائص على نفي الجسم ، ومن سلك هذا المسلك ، لم يُنزِّه الله عن شيء من النقائص البتّة »(١)

ثمّ طريق إثبات شيء على المتّهم لا يتمّ بإقراره فقط ومن كتبه ، فإنّه قد لا يذكر ذلك صريحاً ، خوفاً من المسلمين ، ولكن هناك طريقة أُخرى ، وهي شهادة شهود عليه ، فإن هذا من أقوى أدلّة الإثبات ، خاصّة إذا كانوا كثيرين

وقد شهد على ابن تيمية الكثير ، منهم : ابن بطوطة في كتابه ، إذ يقول تحت عنوان : حكاية الفقيه ذي اللُّوثة ـ اللُّوثة بالضمّ : مَسُّ جنون ـ ! :

« وكان بدمشق من كبار الفقهاء الحنابلة ، تقي الدين بن تيمية ، كبير الشام ، يتكلّم في الفنون ، إلّا أنّ في عقله شيئاً ! وكان أهل دمشق يُعظّمونه أشدّ التعظيم ، ويعظهم على المنبر ، وتكلّم مرّة بأمرٍ أنكره الفقهاء

قال : وكنت إذ ذاك بدمشق ، فحضرته يوم الجمعة ، وهو يعِظ الناس على منبر الجامع ويذكّرهم ، فكان من جُملة كلامه أنّ قال : إنّ الله ينزِلُ إلى سماء الدنيا كنزولي هذا ، ونزل درجةً من المنبر !

فعارضه فقيه مالكي ، يعرف بابن الزهراء ، وأنكر ما تكلّم به ، فقامت العامّة إلى هذا الفقيه ، وضربوه بالأيدي والنعال ضرباً كثيراً ، حتّى سقطت عمامته ، وظهر على رأسه شاشية حرير ، فأنكروا عليه لباسها ، واحتملوه إلى دار عزّ الدين بن مسلم ، قاضي الحنابلة ، فأمر بسجنه ، وعزّره بعد ذلك »(٢)

______________________

(١) مجموع الفتاوى ١٣ / ١٦٤

(٢) رحلة ابن بطوطة : ١١٢

١٠٨

ومقولة ابن تيمية هذه ذكرها ابن حجر العسقلاني أيضاً في كتابه(١)

تلك صورة عن عقيدته في الله تعالى ، فهو يجيز عليه تعالى الانتقال والتحوّل والنزول ، وفي هذا التصوّر من التجسيم ما لا يخفى ، فالذي ينتقل من مكان إلى مكان ، وينزل ويصعد ، فلابدّ أنّه كان أوّلاً في مكان ، ثمّ انتقل إلى مكان آخر ، فخلا منه المكان الأوّل ، واحتواه المكان الثاني ، والذي يحويه المكان لا يكون إلّا محدوداً ! فتعالى الله عمّا يصفون !!

« سامر ـ فلسطين ـ »

تعقيب على الجواب السابق :

مجرد تعليق بسيط : ابن تيمية والوهّابية ، هم ملعونون وهم كفرة ، كما قال ابن عابدين : خوارج العصر ، وشيخنا عبد الله الهرري له باع طويل في الردّ على الكافرين ، ومن كتبه : « المقالات السنية في كشف ضلالات أحمد ابن تيمية » ، وهو من (٥٠٠) صفحة ، وله أيضاً الردّ على الوهّابية أكثر من كتاب ، أعانه الله للوقوف في وجههم

وليس الشيعة وحدهم يكفّرون ابن تيمية ، بل أهل السنّة ، فهم مجسّمة ، ويبغضون أهل البيت ، وثبت عندنا أنّ ابن تيمية ردّ أكثر من (٢٠) حديثاً في سيّدنا عليعليه‌السلام ، أقرأ كتاب المحدّث الهرري « الدليل الشرعي في عصيان من قاتلهم علي من صحابي وتابعي » ، وردّ على ابن تيمية ( لعنه الله )

« علوي ـ ـ »

رأيه في الجامع الكبير للترمذي :

س : هل هناك فرق بين المسند والصحيح عند القوم ؟ إذ الوهّابية يرفضون أن يكون الجامع الكبير للترمذي من الصحاح ، وإذا كان هناك ما يدفع كلامهم ، فأرجو البيان وذكر المصدر

______________________

(١) الدرر الكامنة ١ / ١٥٤

١٠٩

الجواب : الفرق بين المسند والصحيح هو : أنّ المسند هو الأحاديث التي يرويها المحدّث بأسانيد عن كلّ واحدٍ من الصحابة ، فيذكر أحاديثه تحت عنوان اسمه ، كما هو الحال في مسند أحمد مثلاً

أمّا الصحيح فهو مجموعة الأحاديث ، التي يرى المحدّث صحّتها بحسب شروطه ، مبوّبةً بحسب الموضوعات

والوهابيّة الذين يرفضون « الجامع الكبير » للترمذي إنّما يقلِّدون ابن تيمية في كتابه « منهاج السنّة النبوية » ، لكنّكم إذا راجعتموه وجدتم ابن تيمية يحتجُّ بـ « الجامع الكبير » للترمذي ، في كلّ موردٍ يكون في صالحه ، وأمّا رفضه له فهو لروايته مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام

فقال في حديث« أنا مدينة العلم وعلي بابها » : « أضعف وأوهى ، ولهذا إنّما يعدّ في الموضوعات ، وإن رواه الترمذي »(١)

وقال في موضع : « والترمذي في جامعة روى أحاديث كثيرة في فضائل علي ، كثير منها ضعيف ، ولم يرو مثل هذا لظهور كذبه »(٢)

وفي آخر : « والترمذي قد ذكر أحاديث متعدّدة في فضائله ، وفيها ما هو ضعيف بل موضوع »(٣)

فهو لا يرفض « الجامع الكبير » للترمذي بل يستدلّ برواياته وينقلها في كتبه ، وإنّما يرفض الروايات التي نقلها في فضائل الإمام عليعليه‌السلام

« عماد ـ ـ »

كلماته الدالّة على التجسيم :

س : هل بإمكانكم إخباري في أيّ كتاب قالت الوهّابية بإنّ الله له أرجل وأيدي ، ووجه وأعين .

______________________

(١) منهاج السنّة النبوية ٧ / ٥١٥

(٢) المصدر السابق ٧ / ١٧٨

(٣) المصدر السابق ٥ / ٥١١

١١٠

الجواب : بإمكانك التقصّي عن عقيدة الوهّابية في التجسيم من خلال فتاوى علمائهم ، أو بالسؤال من علمائهم ، عن تفسير آية :( ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ) (١) ، أو قوله تعالى :( هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) (٢) ، إلى غير ذلك من الآيات ، وأنظر ماذا تجاب من قبلهم ؟ عندها تستطيع الحكم أنت بنفسك على ما يعتقدونه ، من صفات الربّ جلّ جلاله

ولعلّنا سنزوّدك ما يمكن ذكره في هذا المقام المختصر ، ببعض أقوال شيخهم ابن تيمية ، فقد قال عن حديث لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« إنّ الله يضحك إلى رجلين ، يقتل أحدهما الآخر ، كلاهما يدخل الجنّة » : متّفق عليه(٣)

ومثله قال عن حديث لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« ولا تزال جهنّم يلقى فيها ، وهي تقول : هل من مزيد ؟ حتّى يضع ربّ العزّة فيها رجله ، فينزوي بعضها إلى بعض ، فتقول : قط قط » (٤)

وما ذكره محمّد بن عبد الوهّاب في كتابه « التوحيد »(٥) ، عن ابن مسعود قال : جاء حبر من الأحبار إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا محمّد ، إنّا نجد أنّ الله يجعل السماوات على إصبع من أصابعه ، والأرضين على إصبع ، والشجر على إصبع ، والماء على إصبع ، والثرى على إصبع ، وسائر الخلق على إصبع ، فيقول : أنا الملك ، فضحك النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر ، ثمّ قرأ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) (٦)

وقد قال ابن باز في فتاويه : « التأويل في الصفات منكر ولا يجوز ، بل يجب
______________________

(١) الأعراف : ٥٤

(٢) الإسراء : ١

(٣) العقيدة الواسطية : ٢٠

(٤) نفس المصدر السابق

(٥) كتاب التوحيد : ١٥٧

(٦) الزمر : ٦٧

١١١

إمرار الصفات كما جاءت على ظاهرها اللائق بالله جلّ وعلا ، بغير تحريف ولا تعطيل ، ولا تكييف ولا تمثيل(١)

وقال أيضاً : « الصحيح الذي عليه المحقّقون ، أنّه ليس في القرآن مجاز على الحدّ الذي يعرفه أصحاب فنّ البلاغة ، وكلّ ما فيه فهو حقيقة في محلّه(٢)

هذا بعض ما أمكننا إرشادك إليه من أقوالهما ، وجملةً من فتاويهما ، وعليك أن تتحقّق عن الباقي بنفسك ، وإن شئت فارجع إلى :

١ ـ العقيدة الواسطية لابن تيمية

٢ ـ شرح العقيدة الواسطية لابن عثمين

٣ ـ كتاب التوحيد لمحمّد بن عبد الوهّاب

٤ ـ شرح نونية ابن قيّم الجوزية لمحمّد خليل هراس

٥ ـ كتاب العرش لابن تيمية

٦ ـ كتاب السنّة لعبد الله بن أحمد بن حنبل

وكتب أُخرى لهم في هذا المجال ، وفيها التجسيم بأجلى صورة


______________________

(١) فتاوى ابن باز ١ / ٢٩٧

(٢) المصدر السابق ١ / ٣٦٠

١١٢

ابن عباس :

« زين ـ السعودية ـ »

أقوال علماء الشيعة فيه :

س : ما رأي علماء الشيعة في عبد الله بن عباسرضي‌الله‌عنه ؟

ج : نذكر بعض أقوال علماء الشيعة في ابن عباس :

١ ـ قال العلّامة الحلّي : « من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان محبّاً لعليعليه‌السلام وتلميذه ، حاله في الجلالة والإخلاص لأمير المؤمنينعليه‌السلام أشهر من أن يخفى

وقد ذكر الكشّي(١) أحاديث تتضمّن قدحاً فيه ، وهو أجلّ من ذلك ، وقد ذكرناها في كتابنا الكبير وأجبنا عنها رضي الله تعالى عنه »(٢)

٢ ـ قال الشيخ حسن صاحب المعالم : « عبد الله بن عباس ، حاله في المحبّة والإخلاص لمولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والموالاة والنصرة له ، والذبّ عنه ، والخصام في رضاه ، والمؤازرة ممّا لا شبهة فيه ، وقد كان يعتمد ذلك مع من يجب اعتماده معه ، على ما نطق به لسان السيرة »(٣)

٣ ـ قال العلّامة التستري ـ بعد أن ذكر جملة من مواقفه مع أعداء أهل البيت ـ : « وبالجملة : بعدما وقفت على محاجّاته مع عمر وعثمان ، ومعاوية وعائشة ، وابن الزبير وباقي أعداء أهل البيت ، وتحقيقه للمذهب ودفعه عن
______________________

(١) اختيار معرفة الرجال ١ / ٢٧٩

(٢) خلاصة الأقوال : ١٩٠

(٣) التحرير الطاووسي : ٣١٢

١١٣

الشبه ، لو قيل : إنّ هذا الرجل أفضل رجال الإسلام بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والأئمّة الاثني عشرعليهم‌السلام ، وحمزة وجعفر ( رضوان الله عليهما ) كان في محلّه »(١)

« يوسف ـ الإمارات ـ ٣٠ سنة ـ طالب جامعة »

ما قيل فيه مردود :

س : ما رأيكم في ابن عباس ؟

ج : هناك رأيان في ابن عباس ، رأي عدّه من الثقات للروايات المادحة له ، وقدح بالروايات الذامّة له ، ورأي ثان عدّه من الضعفاء للروايات الذامّة له ، ولأجل معرفة سبب تضعيفه ، نورد بعض ما أُشكل عليه :

أوّلاً : أنّه نقل بيت المال من البصرة إلى الحجاز حينما كان والياً على البصرة ، وهذا دليل خيانته وعدم عدالته ، وخروجه على طاعة إمام زمانه

وفيه : إنّ ما اشتهر عن نقله لبيت مال البصرة لم يثبت برواية صحيحة يطمئن إليها ، نعم كلّ من اعتمد على الخبر كان مدركه الشهرة وليس أكثر ، بل إنّ بعض علمائنا طعن في صحّة هذه الشهرة ، ونسب ما اشتهر في ذمّ ابن عباس إلى ما أشاعه معاوية من الطعن في أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وقد ذهب إلى ذلك السيّد الخوئيقدس‌سره في معجمه(٢)

قال ابن أبي الحديد : « وقد اختلف الناس في المكتوب إليه هذا الكتاب ، فقال الأكثرون : إنّه عبد الله بن عباس ، ورووا في ذلك روايات ، واستدلّوا عليه بألفاظ من ألفاظ الكتاب ، كقولهعليه‌السلام :« أشركتك في أمانتي » وقال الآخرون ـ وهم الأقلّون ـ : هذا لم يكن ، ولا فارق عبد الله بن عباس عليّاًعليه‌السلام ولا باينه ولا خالفه ، ولم يزل أميراً على البصرة إلى أن قتل عليعليه‌السلام

______________________

(١) قاموس الرجال ٦ / ٤٩٠

(٢) معجم رجال الحديث ١١ / ٢٥٤

١١٤

قالوا : ويدلّ على ذلك ما رواه أبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني من كتابه الذي كتبه إلى معاوية من البصرة لمّا قتل عليعليه‌السلام ، وقد ذكرناه من قبل ، قالوا : وكيف يكون ذلك ؟ ولم يخدعه معاوية ويجرّه إلى جهته ، فقد علمتم كيف اختدع كثيراً من عمّال أمير المؤمنينعليه‌السلام فما باله وقد علم النبوّة التي حدثت بينهما ، لم يستمل ابن عباس ، ولا اجتذبه إلى نفسه ، وكلّ من قرأ السير وعرف التواريخ يعرف مشاقّة ابن عباس لمعاوية بعد وفاة عليعليه‌السلام وما كان يلقاه من قوارع الكلام وشديد الخصام ، وما كان يثني به على أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ويذكر خصائصه وفضائله ، ويصدع به من مناقبه ومآثره ، فلو كان بينهما غبار أو كدر لما كان الأمر كذلك ، بل كانت الحال تكون بالضدّ لما اشتهر من أمرهما .

وقد أُشكل عليّ أمر هذا الكتاب ، فإن أنا كذّبت النقل وقلت : هذا كلام موضوع على أمير المؤمنينعليه‌السلام خالفت الرواة ، فإنّهم قد أطبقوا على رواية هذا الكتاب عنه ، وقد ذكر في أكثر كتب السير

وإن صرفته إلى عبد الله بن عباس صدّني عنه ما أعلمه من ملازمته لطاعة أمير المؤمنينعليه‌السلام في حياته وبعد وفاته ، وإن صرفته إلى غيره لم أعلم إلى من أصرفه »(١)

وقال العلّامة التستري : « قاعدة عقلية : إذا تعارض العقل والنقل يقدّم العقل ، فإذا كان معلوماً ملازمته لطاعة أمير المؤمنينعليه‌السلام في حياته وبعد وفاته ، ولا استماله معاوية ـ مع انتهازه الفرصة في مثل ذلك ـ نقطع بأنّ النقل باطل ، وكيف يحتمل صحّة ذلك النقل مع أنّه طعن في معاوية بخيانة عمّاله ؟ فلو كان هو أيضاً خان لردّ عليه معاوية طعنه »(٢)

______________________

(١) شرح نهج البلاغة ١٦ / ١٦٩

(٢) قاموس الرجال ٦ / ٤٢٦

١١٥

على أنّا لو سلّمنا صحّة الحادثة ، فإنّ ذلك يمكن أن يكون من باب طروء الشبهة ، على كون استحقاقه بعض بيت المال اعتماداً على اجتهاده ، لقوله لابن الزبير ـ على فرض صحّة الرواية ـ : « وأمّا حملي المال ، فإنّه كان مالاً جبيناه ، وأعطينا كلّ ذي حقٍّ حقّه ، وبقيت بقية هي دون حقّنا في كتاب الله ، فأخذنا بحقّنا »(١)

فقوله : « هي دون حقّنا في كتاب الله » مشعر بأنّ ابن عباس قد اعتمد في اجتهاده على آية في كتاب الله ، استظهر منها صحّة حمل ما بقي من بيت المال ، ولعلّه قد تاب بعد تنبيه أمير المؤمنينعليه‌السلام له

ثانياً : إنّه ثبت صحّة قوله بإمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، إلّا أنّه لم يثبت بعد ذلك قوله بإمامة الحسن ، وإمامة الحسين ، وإمامة علي بن الحسينعليهم‌السلام وقد أدركهم ، وهذا طعن في إيمانه ، وصحّة اعتقاده

وفيه : إنّ التسالم على قوله بإمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام وأتباعه بلغ إجماع الفريقين ، فلا مجال للتشكيك فيه ، أمّا قوله بإمامة الحسنعليه‌السلام ، فإنّ الأربلي في « كشف الغمّة » نقل عن أبي مخنف ، بإسناده عن ابن إسحاق السبيعي وغيره قالوا :

« خطب الحسن بن عليعليهما‌السلام صبيحة الليلة التي قبض فيها أمير المؤمنينعليه‌السلام ثمّ جلس ، فقام عبد الله بن عباس ما بين يديه فقال : معاشر الناس ، هذا ابن نبيّكم ، ووصيّ إمامكم فبايعوه

ثمّ قال الراوي : فرتب العمّال ، وأمّر الأمراء ، وأنفذ عبد الله بن عباس إلى البصرة ، ونظر في الأُمور »(٢)

وهذا دليل على قوله بإمامة الحسنعليه‌السلام ، وعلى هذا يترتّب قوله بإمامة الحسينعليه‌السلام ، وإمامة علي بن الحسينعليهما‌السلام لعدم وجود الدليل النافي على قوله ______________________

(١) شرح نهج البلاغة ٢٠ / ١٣٠

(٢) كشف الغمّة ٢ / ١٦١

١١٦

بإمامتهما ، أي لم يصدر منهماعليهما‌السلام ذمّاً في حقّه ، إضافة إلى حسن سيرته ، واستقامته في عهديهما ، ولم يظهر منه ما يخالفهما ، ولو كانت هناك أدنى مخالفة للإمامينعليهما‌السلام لأظهره الرواة ، خصوصاً وقد كان معرضاً للطعن والذمّ من قبل أعداء أهل البيتعليهم‌السلام

« ـ السعودية ـ »

تقييم رواياته :

س : ما هي قيمة أحاديث ابن عباس عند علمائنا ؟ هل هي مقبولة عندهم أو مردودة ؟

ج : لا إشكال في جلالة قدر ابن عباس عند الجميع ، كما يظهر ذلك من كلام العلماء والرجاليين

نعم ، قد يكون هناك بعض الموارد الموجبة للتوقّف ، ولكن أُجيب عنها بما لا مزيد عليه(١)

ومجمل الكلام حول هذا الشخص هو : أنّه كان موالياً وعارفاً للحقّ ، ولكن لأُمور لم تتّضح لحدّ الآن كان لا يقتحم الصراعات الموجودة آنذاك ، فكان شاهداً للحقّ ـ إن صحّ التعبير ـ ومدافعاً عنه في حدّ وسعه ، فيجب أن ننظر إلى حياته من هذه الزاوية حتّى نعرف التفسير الصحيح لمجموعة تصرّفاته ، ومواقفه في كافّة الجوانب

ثمّ وإن كان ابن عباس ثقة ومعتمداً ، ولكن بالنسبة لأحاديثه ينبغي ملاحظة عدّة أُمور :

١ ـ لا يخفى أنّ مجموعة كبيرة من الأحاديث المنسوبة إليه في كتب الفريقين سندها منقطع ، أي أنّها إمّا مرسلة أو مقطوعة ، فلا حجّية لمفادها ، إلّا ما كانت منها تؤيّد بأخبار معتبرة أُخرى

______________________

(١) أُنظر : قاموس الرجال ٦ / ٤١٨

١١٧

٢ ـ توجد هناك طائفة من الأخبار تنقل عن لسان ابن عباس بدون إسنادها إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو إلى أحد من الأئمّةعليهم‌السلام ، أي أنّها آراؤه في تلك الموارد

وهذا القسم أيضاً لا يعتبر حجّة من الناحية الشرعية ، إلّا إذا كان موافقاً لما صدر عن المعصومعليه‌السلام

٣ ـ إنّ شخصية ابن عباس كانت معرّضةً للهجوم والتشويه من قبل أعداء الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، خصوصاً بني أُمية ، فدسّت الأيادي الأثيمة روايات وأحاديث في سبيل النيل من سمعته ، وهذه الفئة من الروايات جلّها ـ بل كلّها ـ جاءت عن طريق العامّة ، وعليه فينبغي التأمّل والتريّث في أحاديثه التي نقلت بإسنادهم ، وإن كانت معنعنة وغير مرسلة ومتّصلة ، خصوصاً في المواضع الخلافية بين الشيعة والسنّة

١١٨

أبو بكر :

« سلمان المحمّدي ـ البحرين ـ »

الفضل بالتقوى لا والد زوجة النبيّ :

س : كيف حصل أبو بكر على تلك المنزلة ، ليكون والد زوجة الرسول ؟

ج : قال تعالى :( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) (١)

فإذا كان من الممكن أن تكون زوجتا نوح ولوط من الكفّار ، ونوح ولوط من الأنبياء ، فلا يمكن أن نحكم بفضل على امرأة لمجرد كونها زوجة نبيّ ، والفضل يكون بالتقوى والقرب من الله والإخلاص له ، وكذلك قوله تعالى :( فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ) (٢)

هذا كلّه في أزواج الأنبياء ، فكيف بآباء أزواج الأنبياء ؟!

« سعيد خليل ـ لبنان ـ »

بعض مثالبه :

س : نشكر لكم جهودكم في طريق الإصلاح ، وإظهار الدين الحقّ

السؤال : نريد أن نعرف نبذة عن أبي بكر ، ودوره كيف كان ؟ شاكرين
______________________

(١) التحريم : ١٠

(٢) الأعراف : ٨٣

١١٩

لكم جهودكم ، وأجركم عند الله إن شاء الله

ج : سألت عن أبي بكر ، فنجيبك باختصار :

١ ـ إنّ أبا بكر قد أغضب فاطمةعليها‌السلام فهجرته حتّى توفّيت ، رواه البخاري في صحيحه(١) ، ومسلم في صحيحه(٢) ، وأحمد في مسنده(٣) ، وروى ابن قتيبة قول فاطمةعليها‌السلام لأبي بكر :« والله لأدعون الله عليك في كلّ صلاة أُصلّيها » (٤)

٢ ـ إنّ أبا بكر لا يعرف معنى قوله تعالى :( وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ) (٥)

٣ ـ إنّ أبا بكر لسانه قد أورده الموارد(٦)

٤ ـ إنّ أبا بكر وعمر انهزما يوم خيبر وأُحد(٧)

٥ ـ إنّ أبا بكر وعمر رفعا أصواتهما عند النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى نزل النهي(٨)

______________________

(١) صحيح البخاري ٨ / ٣

(٢) صحيح مسلم ٥ / ١٥٤

(٣) مسند أحمد ١ / ٦

(٤) الإمامة والسياسة ١ / ٣١

(٥) عبس : ٣١ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٦ ، فتح الباري ١٣ / ٢٢٩

(٦) الطبقات الكبرى ٥ / ١١ ، الموطّأ ٢ / ٩٨٨ ، مجمع الزوائد ١٠ / ٣٠٢ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٦ / ٢٣٧ و ٨ / ٥٧٢ ، كتاب الصمت وآداب اللسان : ٥٠ و ٥٥ مسند أبي يعلى الموصلي ١ / ١٧ شرح نهج البلاغة ٧ / ٩٠ و ١٠ / ١٣٧ ، كنز العمّال ٣ / ٨٣٤ ، فيض القدير ٥ / ٤٦٧ ، تفسير الثعالبي ٢ / ١٧٦ ، العلل ٢ / ١٣٢ و ٣ / ٢٦٩ ، التاريخ الكبير ٨ / ٩٠ ، الثقات ٢ / ١٧٢ ، علل الدارقطني ١ / ١٠٩ و ١٥٩ تاريخ مدينة دمشق ٨ / ٣٤٥ ، وغيرها من مصادر أهل السنّة

(٧) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٣٧ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٢٤ ، شرح نهج البلاغة ١٧ / ١٦٨ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ١٠٧ ، خصائص أمير المؤمنين : ٥٣

(٨) مسند أحمد ٤ / ٦ ، صحيح البخاري ٦ / ٤٦ و ٨ / ١٤٥ ، الجامع الكبير ٥ / ٦٣ ، جامع البيان ٢٦ / ١٥٥ ، أسباب نزول الآيات : ٢٥٧ ، زاد المسير ٧ / ١٧٧ ، الجامع لأحكام القرآن ١٦ / ٣٠٣ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ٢٢٠ ، الدرّ المنثور ٦ / ٨٤ ، تفسير الثعالبي ٥ / ٢٦٧ ، الإحكام في أُصول الأحكام لابن حزم ٦ / ٨٠٤ ، تاريخ مدينة دمشق ٩ / ١٩١ ، أُسد الغابة ٤ / ٢٠٧ ، تاريخ المدينة المنوّرة ٢ / ٥٢٣ ، السيرة النبوية لابن كثير ٤ / ٧٨ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٤٣٧

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

متعة الحجّ :

( ـ ـ )

ماهيّتها وتحريم عمر لها :

س : شكراً على المجهود الذي تبذلونه من أجل نشر مذهب أهل البيت ، ووفّقكم الله إلى ذلك ، وأرجو منكم وبدون مزاحمة أن توضّحوا لي : ما المقصود بمتعة الحجّ؟ ودمتم موفّقين

ج : ينقسم الحجّ إلى ثلاثة أقسام : حجّ إفراد ، وحجّ قِران ، وحجّ تمتّع ، ولكُلّ قسم أحكامه وخصائصه ، وقد كان القسمان الأوّل والثاني ـ أي الإفراد والقِران ـ معروفين حتّى حجّة الوداع ، حيث هبط جبرائيل على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وأعلمه بقسم ثالث من الحجّ ، وهو حجّ التمتّع.

وحجّ التمتّع : أن يحرم من الميقات ، ويأتي مكّة محرماً ، فيطوف حول البيت سبعة أشواط ، ثمّ يصلّي ركعتي صلاة الطواف ، ثمّ يسعى بين الصفا والمروة ، ويقصّر فيحل من إحرامه ، فإذا أحلّ من إحرامه حلّ له كُلّ شيء من النساء والطيب ، وكُلّ تروك الإحرام.

وهذه الفترة بين عمرته ـ هي عمرة التمتّع ـ حتّى الوقوف بعرفة تسمّى متعة الحجّ ، فيتمتّع الحاج خلال هذه الفترة بكُلّ ما كان محظوراً عليه من تروك الإحرام ، فهذه هي متعة الحجّ.

٢٠١

وقد عارض النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك عمر بن الخطّاب حيث قال : كيف نحلّ يا رسول الله ونتمتّع بالنساء والطيب وغير ذلك؟! وأصرّ عمر أن لا يفعلها!! وأعلن تحريمها عند خلافته ، كما اعترفت بذلك صحاح أهل السنّة.

روى البخاري : « عن عمران بن حصين : تمتّعنا على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونزل القرآن ، قال رجل برأيه ما شاء »(١) .

وقال العسقلاني : « قال رجل برأيه ما شاء هو عمر بن الخطّاب لا عثمان بن عفّان ، لأنّ عمر أوّل من نهى عنها ، فكان مَن بعده تابعاً له في ذلك »(٢) .

وروى أحمد : « عن أبي موسى أنّه كان يفتي بالمتعة ، فقال له رجل : رويدك ببعض فتياك ، فإنّك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعدك ، حتّى لقيه فسأله ، فقال عمر : قد علمت أنّ النبيّ قد فعله وأصحابه ، ولكنّي كرهت أن يظلّوا بهنّ معرّسين في الأراك ، ثمّ يروحون في الحجّ تقطر رؤوسهم »(٣) .

وهذه مخالفة واضحة صريحة من عمر بن الخطّاب لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في أحكامه ، وهو يعلم أنّ رسول الله( مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ) (٤) .

فماذا تعني هذه المخالفة وهذا الرأي قبال حكم الله ورسوله؟!

( إبراهيم ـ ـ ٢٧ سنة )

أدلّتها ومن نهى عنها :

س : الرجاء بيان المقصود من حجّ التمتّع؟ وما الدليل عليه؟ ومن نهى عنه؟ ولكم جزيل الشكر.

__________________

١ ـ صحيح البخاري ٢ / ١٥٣ و ٥ / ١٥٨.

٢ ـ إرشاد الساري ٤ / ٨٨.

٣ ـ مسند أحمد ١ / ٥٠ ، السنن الكبرى للبيهقي ٥ / ٢٠ ، فتح الباري ٣ / ٣٣٢ ، السنن الكبرى للنسائي ٢ / ٣٤٩ ، صحيح مسلم ٤ / ٤٥ ، سنن ابن ماجة ٢ / ٩٩٢.

٤ ـ النجم : ٣ ـ ٤.

٢٠٢

ج : المقصود من حجّ التمتّع هو : إحرام الشخص بالحجّ في أشهره المعروفة ـ شوّال وذي القعدة وذي الحجّة ـ والإتيان بأعمالها ، وهو الإحرام من الميقات بالعمرة إلى الحجّ ، ثمّ يدخل مكّة فيطوف بالبيت سبعة أشواط ، ثمّ يصلّي ركعتي الطواف في مقام إبراهيم ، ثمّ يسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط ، ثمّ يقصر ، بأن يقلّم شيئاً من أظفاره ، أو يأخذ شيئاً من شعره ، فيحلّ له حينئذ جميع ما حرّم عليه بالإحرام.

ثمّ ينشئ بعد ذلك إحراماً للحجّ من مكّة يوم التروية ، والإتيان بأعماله من الوقوف بعرفات ، والإفاضة إلى المشعر الحرام الخ.

ويصحّ هذا النوع من الحجّ ممّن كان آفاقياً ، أي من لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ، بحيث يبتعد بيته عن مكّة بمقدار يجوز فيه تقصير الصلاة ، والمسافة هي عند الإمامية ( ٤٨ ) ميلاً من كُلّ جانب ، وهي لا تتجاوز عن ( ١٦ ) فرسخاً.

وقد تظافرت الروايات المروية عند الفريقين أنّ متعة الحجّ ورد ذكرها وأحكامها في القرآن ، وهو قوله تعالى :( فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) (١) .

وتفسير الآية الشريفة : إنّ من( تَمَتَّعَ ) بسبب الإتيان( بِالْعُمْرَةِ ) بما يحرم على المحرم ـ كالطيب والمخيط والنساء ـ ومتوجّهاً( إِلَى الْحَجِّ ) ،( فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) أي عليه ما استيسر من الهدي من البدنة أو البقرة أو الشاة ، ثمّ تبيّن الآية الشريفة حكم من لم يقدر على ذلك ، وهو الصيام عشرة أيّام.

وكيفية الصيام هي( ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ ) متواليات و( وَسَبْعَةٍ إِذَا

__________________

١ ـ البقرة : ١٩٦.

٢٠٣

رَجَعْتُمْ ) إلى أوطانكم( تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ) ،( ذَلِكَ ) التمتّع بالعمرة إلى الحجّ فرض( لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) أي لم يكن من أهل مكّة وقُراها( وَاتَّقُواْ اللهَ ) فيما أُمرتم به ، ونُهيتم عنه في أمر الحجّ( وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) .

والآية صريحة في جواز التمتّع بمحظورات الإحرام بعد الإتيان بأعمال العمرة ، وقبل الإحرام للحجّ ، ولم يدّع أحد أنّ الآية نسخت بآية أُخرى ، أو قول أو فعل من قبل النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله أكّدها وأمر بها.

روى أحمد : « عن عائشة زوج النبيّ قالت : خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الحجّ ، لخمس ليال بقين من ذي القعدة ، ولا يذكر الناس إلاّ الحجّ ، حتّى إذا كان بسرف وقد ساق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله معه الهدي ، وأشراف من أشراف الناس ، أمر الناس أن يحلّوا بعمرة إلاّ من ساق الهدي ودخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مكّة ، فحلّ كُلّ من كان لا هدي معه ، وحلّ نساؤه بعمرة »(١) .

وروى ابن هشام : عن حفصة ابنة عمر قالت : لمّا أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نساءه أن يحللن بعمرة قلن : فما يمنعك يا رسول الله أن تحلّ معنا؟ فقال : «إنّي أهديت ولبدت ، فلا أحلّ حتّى أنحر هديي »(٢) .

وتظافرت الروايات حول هذه الواقعة وما أمر به النبيّ ، وسنذكر هنا قسماً منها.

١ ـ روى ابن داود : عن جابر بن عبد الله : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أصحابه أن يجعلوها عمرة : يطوفوا ، ثمّ يقصّروا ، ويحلّوا ، إلاّ من كان معه الهدي ، فقالوا : أفنطلق إلى منى وذكورنا تقطر؟! فبلغ ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : «لو أنّي استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت ، ولولا أنّ معي الهدي لأحللت »(٣) .

__________________

١ ـ مسند أحمد ٦ / ٢٧٣ ، تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٤٠١.

٢ ـ السيرة النبوية لابن هشام ٤ / ١٠٢١.

٣ ـ سنن أبي داود ١ / ٤٠٢.

٢٠٤

٢ ـ روى مسلم : « عن أبي رجاء قال : قال عمران بن حصين : نزلت آية المتعة في كتاب الله ـ يعني متعة الحجّ ـ وأمرنا بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ لم تنزل آية تنسخ آية متعة الحجّ ، ولم ينه عنها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى مات ، قال رجل برأيه بعد ما شاء »(١) .

وكان عمر بن الخطّاب أوّل من نهى عنها ، وبهذا تواترت الأخبار ، منها :

١ ـ روى الطبراني : « عن سعيد بن المسيّب : إنّ عمر بن الخطّاب نهى عن المتعة في أشهر الحجّ وقال : فعلتها مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا أنهى عنها ، وذلك أنّ أحدكم يأتي من أُفق من الآفاق شعثاً نصباً معتمراً في أشهر الحجّ ، فإنّما شعثه ونصبه وتلبيته في عمرته ، ثمّ يقدم فيطوف بالبيت ويحلّ ويلبس ويتطيّب ويقع على أهله إن كانوا معه ، حتّى إذا كان يوم التروية أهل بالحجّ ، وخرج إلى منى يلبّي بحجّة لا شعث فيها ولا نصب ولا تلبية إلاّ يوماً ، والحجّ أفضل من العمرة ، لو خلينا بينهم وبين هذا لعانقوهم تحت الإزار »(٢) .

٢ ـ روى ابن حزم : « ثمّ اتفق أيوب وخالد كلاهما عن أبي قلابة قال : قال عمر بن الخطّاب : مُتعتان كانتا على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا أنهى عنهما وأضرب عليهما ، هذا لفظ أيّوب ، وفي رواية خالد : أنا أنهى عنهما وأُعاقب عليهما : متعة النساء ومتعة الحجّ »(٣) .

٣ ـ روى أحمد : « عن جابر قال : مُتعتان كانتا على عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فنهانا عنهما عمر فانتهينا »(٤) .

ولا نريد الاستطراد أكثر من هذا في ذكر الروايات التي أكّدت أنّ عمر بن الخطّاب نهى عن متعة الحجّ ، وأنّه كان يعاقب عليها ، وهي جزء من التشريع ، وسنّة الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله .

__________________

١ ـ صحيح مسلم ٤ / ٤٨.

٢ ـ مسند الشاميين ٣ / ٣٢٠ ، كنز العمّال ٥ / ١٦٤.

٣ ـ المحلّى ٧ / ١٠٧.

٤ ـ مسند أحمد ٣ / ٣٢٥ و ٣٥٦ و ٣٦٣.

٢٠٥

( ـ الكويت ـ ٢٠ سنة )

موقف المسلمين من نهي عمر :

س : اخوتي الأعزّاء : ما هو موقف المسلمين من نهي عمر لمتعة الحجّ؟ ودمتم موفّقين.

ج : لقد عارض المسلمون هذا النهي الصريح من عمر ، وإليك الروايات الدالّة على ذلك مختصرة :

١ ـ روى مالك : « عن محمّد بن عبد الله ، أنّه سمع سعد بن أبي وقّاص ، والضحّاك بن قيس ، عام حجّ معاوية بن أبي سفيان ، وهما يذكران التمتّع بالعمرة إلى الحجّ ، فقال الضحّاك بن قيس : لا يفعل ذلك إلاّ من جهل أمر الله عزّ وجلّ! فقال سعد : بئس ما قلت يا ابن أخي! فقال الضحّاك : فإنّ عمر بن الخطّاب قد نهى عن ذلك ، فقال سعد : قد صنعها رسول الله وصنعناها معه »(١) .

وللقارئ أن يمعن جيّداً في قول الضحّاك : لا يفعل ذلك إلاّ من جهل أمر الله عزّ وجلّ ، إذ إنّ التمتّع بالعمرة إلى الحجّ هي من أوامر الله الصريحة في القرآن الكريم ، لكنّها أصبحت عنده بسبب نهي عمر عنها مخالفة لأمر الله!!

وهذا من أسوأ آثار البدعة في الدين ، إذ تتحوّل الشريعة إلى بدعة عند الجهلة.

٢ ـ روى الترمذي : « عن ابن شهاب : أنّ سالم بن عبد الله حدّثه : أنّه سمع رجلاً من أهل الشام وهو يسأل عبد الله بن عمر عن التمتّع بالعمرة إلى الحجّ ، فقال عبد الله بن عمر : حلال.

فقال الشامي : إنّ أباك قد نهى عنها! فقال عبد الله بن عمر : أرأيت إن كان أبي نهى عنها وصنعها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أمر أبي يتبع أم أمر رسول الله؟ فقال الرجل : بل أمر رسول الله ، فقال : لقد صنعها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله »(٢) .

__________________

١ ـ الموطّأ ١ / ٣٤٤ ، الجامع الكبير ٢ / ١٥٩.

٢ ـ الجامع الكبير ٢ / ١٥٩ ، مسند أبي يعلى ٩ / ٤١٥.

٢٠٦

٣ ـ عن ابن تيمية : « وقد كان بعض الناس يناظر ابن عباس في المتعة ، فقال له : قال أبو بكر وعمر ، فقال ابن عباس : يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء ، أقول : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وتقولون : قال أبو بكر وعمر »(١) .

٤ ـ روى الهيثمي : « عن الحسن : أنّ عمر بن الخطّاب أراد أن ينهى عن متعة الحجّ ، فقال له أُبي : ليس ذلك لك ، قد تمتّعنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأضرب عمر »(٢) .

لكن هذا الإضراب كان مؤقّتاً ، فقد نهى عنها فيما بعد.

ثمّ إنّ المتأخّرين قاموا بحفظ كرامة عمر ، فحرّفوا الكلم عن مواضعه ، وأوّلوا نهي عمر بوجهين :

١ ـ قال القرطبي : « وذلك أن يحرم الرجل بالحجّ حتّى إذا دخل مكّة ، فسخ حجّه في عمرة ، ثمّ حلّ وأقام حلالاً حتّى يهل بالحجّ يوم التروية »(٣) .

وهذا كما ترى ، لا يوافق ما مرّ من النصوص ، خصوصاً ما نقلناه من المناظرة بين سعد والضحّاك بن قيس ، ومن وقف على النصوص الكثيرة ، والمناظرة الدائرة بين النبيّ وأصحابه ، وبين الصحابة أنفسهم يقف على أنّه نهى عن حجّ التمتّع.

روى البخاري : عن مروان بن الحكم قال : شهدت عثمان وعلياً ، وعثمان ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما ، فلمّا رأى علي ـ أي النهي ـ أهل بهما : لبيك بعمرة وحجّة قال : «ما كنت لأدع سنّة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لقول أحد »(٤) .

٢ ـ إنّ نهي عمر عن متعة الحجّ لأجل اختصاص إباحة المتعة بالصحابة في عمرتهم مع رسول الله فحسب.

__________________

١ ـ الفتاوى الكبرى ٢ / ٤٦٠.

٢ ـ مجمع الزوائد ١ / ٢٨٥.

٣ ـ الجامع لأحكام القرآن ٢ / ٣٩٢.

٤ ـ صحيح البخاري ٢ / ١٥١.

٢٠٧

ويكفينا في الردّ عليه ما نقله ابن القيّم : « فإنّ هذه الآثار ـ أي الدالّة على الاختصاص بالصحابة ـ بين باطل لا يصحّ ، عمّن نسب إليه البتة ، وبين صحيح عن قائل غير معصوم لا تعارض به نصوص المعصوم »(١) .

ففي صحيحة الشيخين وغيرهما عن سراقة بن مالك قال : متعتنا هذه يا رسول الله لعامنا هذا أم للأبد؟ قال : « لا بل للأبد »(٢) .

قال العيني في قوله تعالى :( فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ ) (٣) : « وهذا عام ، وأجمع المسلمون على إباحة التمتّع في جميع الأعصار ، وإنّما اختلفوا في فضله ، وأمّا السنّة فحديث سراقة : المتعة لنا خاصّة أو هي للأبد؟ قال : « هي للأبد » ، وحديث جابر المذكور في صحيح مسلم في صفة الحجّ نحو هذا.

ومعناه : أهل الجاهلية كانوا لا يجيزون التمتّع ، ولا يرون العمرة في أشهر الحجّ ، فجوّزوا ، فبيّن النبيّ أنّ الله قد شرع العمرة في أشهر الحجّ ، وجوّز المتعة إلى يوم القيامة »(٤) .

__________________

١ ـ زاد المعاد ٢ / ١٩١.

٢ ـ أُنظر : صحيح البخاري ٣ / ١١٤ ، صحيح مسلم ٤ / ٣٧.

٣ ـ البقرة : ١٩٦.

٤ ـ عمدة القاري ٩ / ٢٨٤.

٢٠٨

متعة النساء :

( ندى ـ ـ )

في الكتاب والسنّة :

س : ما هو البرهان من القرآن والسنّة الصحيحين على جواز المتعة؟

ج : لاشكّ ولا ريب في تشريع متعة النساء ـ الزواج المؤقت ـ في الإسلام ، وهذا ما نصّ عليه القرآن الكريم والسنّة الشريفة ، وإنّما الخلاف بين المسلمين في نسخها أو عدمه؟ فذهب أهل السنّة إلى أنّها منسوخة ، واستدلوا لذلك بعدّة روايات متعارضة فيما بينها ، بينما ذهبت الشيعة إلى بقاء هذا التشريع المقدّس وعدم نسخه لا من القرآن ولا السنّة.

وقبل التطرّق إلى الأدلّة نودّ القول : أنّ زواج المتعة ما هو إلاّ قضية فقهية ثابتة عند قوم ، وغير ثابتة عند آخرين ـ كسائر القضايا والأحكام الفقهية الأُخرى التي يمكن الاختلاف فيها ـ فليس من الصحيح التشنيع والتشهير بالشيعة وجعل زواج المتعة أداة لذلك ، فإنّ هذه الأساليب غير العلمية تكون سبباً للفرقة بين المسلمين ، في الوقت الذي تتركّز حاجتنا إلى لمّ الشعث ورأب الصدع.

وأمّا ما دلّ على مشروعيتها في القرآن الكريم قوله تعالى :( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ) (١) ، فقد روي عن جماعة ـ من كبار الصحابة والتابعين المرجوع إليهم في قراءة القرآن الكريم وأحكامه ـ التصريحُ

__________________

١ ـ النساء : ٢٤.

٢٠٩

بنزول هذه الآية المباركة في المتعة ، منهم : عبد الله بن عباس ، وأُبي بن كعب ، وعبد الله بن مسعود ، وجابر بن عبد الله ، وأبو سعيد الخدري ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، والسدي ، وقتادة(١) .

وما دلّ على مشروعيتها من السنّة الشريفة :

أخرج البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم ، عن عبد الله بن مسعود قال : كنّا نغزو مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليس لنا نساء ، فقلنا : ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك ، ثمّ رخّص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ، ثمّ قرأ عبد الله :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) (٢) .

مضافاً إلى ذلك الإجماع المنقول ، نصّ على ذلك القرطبي حيث قال : لم يختلف العلماء من السلف والخلف أنّ المتعة نكاح إلى أجل لا ميراث فيه ، والفرقة تقع عند انقضاء الأجل من غير طلاق ، ثمّ نقل عن ابن عطية كيفية هذا النكاح وأحكامه(٣) .

وكذا الطبري ، فقد نقل عن السدّي : هذه هي المتعة ، الرجل ينكح المرأة بشرطٍ إلى أجل مسمّى(٤) .

وعن ابن عبد البرّ في التمهيد : وأجمعوا أنّ المتعة نكاح لا إشهاد فيه ولا ولي ، وإنّه نكاح إلى أجلٍ ، تقع فيه الفرقة بلا طلاق ، ولا ميراث بينهما(٥) .

__________________

١ ـ أُنظر : صحيح البخاري ٦ / ١٢٩ ، جامع البيان ٥ / ١٨ ، معاني القرآن : ٦١ ، أحكام القرآن للجصّاص ٢ / ١٨٤ ، نواسخ القرآن : ١٢٤ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤٠ ، فتح القدير ١ / ٤٤٩ ، السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ٢٠٥ ، المغني لابن قدامة ٧ / ٥٧١ ، سير أعلام النبلاء ١٣ / ١٠٨.

٢ ـ المائدة : ٨٧ ، وأُنظر : مسند أحمد ١ / ٤٣٢ ، صحيح البخاري ٦ / ١١٩ ، صحيح مسلم ٤ / ١٣٠ ، السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ٧٩ و ٢٠٠ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٣ / ٢٧١ و ٣٩١ ، السنن الكبرى للنسائي ٦ / ٣٣٧ ، مسند أبي يعلى ٩ / ٢٦٠ ، صحيح ابن حبّان ٩ / ٤٤٩.

٣ ـ الجامع لأحكام القرآن ٥ / ١٣٢.

٤ ـ جامع البيان ٥ / ١٨.

٥ ـ التمهيد ١٠ / ١١٦.

٢١٠

وما زالت متعة النساء سارية المفعول مباحة للمسلمين زمن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وزمن أبي بكر ، وشطراً من خلافة عمر بن الخطّاب ، حتّى قال : مُتعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهما ، وأُعاقب عليهما ، وقد أورد مقالته هذه جمهرة من الكتّاب والحفّاظ في كتبهم(١) .

فثبت من خلال هذا الاستعراض المختصر جواز ومشروعية زواج المتعة في الإسلام ، ومات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وهي بعد مشرّعة غير محرّمة ، حتّى حرّمها عمر في أيّام خلافته.

( قيس ـ الدانمارك ـ )

أنواع الزواج وشروطه :

س : ما هي أنواع الزواج في الإسلام؟ وما هي شروطه؟

ج : في نظر الشيعة الإمامية أنّ الزواج الثابت في الإسلام هو : الزواج الدائم ، والزواج المؤقت ـ المتعة ـ ولا يوجد في زماننا اتصال واقتران بين الزوجين شرعي إلاّ من خلال هذين الزواجين.

وأمّا شروطهما فهي :

١ ـ يشترط في كليهما التلفّظ بصيغة عقد الزواج من الإيجاب والقبول.

ففي الدائم تقول المرأة للرجل : زوّجتكَ نفسي ـ أو أنكحتك نفسي ـ على المهر المعلوم.

فيقول الرجل لها : قبلت.

__________________

١ ـ أُنظر : السنن الكبرى للبيهقي ٧ / ٢٠٦ ، معرفة السنن والآثار ٥ / ٣٤٥ ، الاستذكار ٤ / ٦٥ و ٥ / ٥٠٥ ، التمهيد ٨ / ٣٥٥ و ١٠ / ١١٣ و ٢٣ / ٣٥٧ و ٣٦٥ ، المحلّى ٧ / ١٠٧ ، المبسوط للسرخي ٤ / ٢٧ ، المغني لابن قدامة ٧ / ٥٧٢ ، الشرح الكبير ٧ / ٥٣٧ ، شرح معاني الآثار ٢ / ١٤٦ ، أحكام القرآن للجصّاص ١ / ٣٣٨ و ٣٥٤ و ٣ / ٣١٢ ، التفسير الكبير ٤ / ٤٢ ، الجامع لأحكام القرآن ٢ / ٣٩٢ ، الدرّ المنثور ٢ / ١٤١.

٢١١

وفي المؤقت تقول المرأة للرجل : متّعتك نفسي ـ أو أنكحتك نفسي ـ على المهر المعلوم في المدّة المعلومة.

فيقول الرجل لها : قبلت.

٢ ـ يشترط في كليهما تعيين المهر.

ولا فرق بين أن يكون المهر مالاً ـ كألف دينار أو درهم ـ أو غير مال ، كمنفعة أو عمل أو تعليم أو غير ذلك.

٣ ـ يشترط في كليهما إذن الولي على الأحوط عند المشهور ـ الأب والجد من طرف الأب ـ إذا كانت البنت بكراً ، ولا يشترط في كليهما إذن الولي إذا كانت المرأة ثيّباً.

٤ ـ يشترط في كليهما العدّة بالمدخول بها ، لمن تريد أن تتزوّج ثانية.

٥ ـ يشترط في الدائم النفقة على الزوجة ، ولا يشترط في المؤقت إلاّ مع الشرط ضمن العقد.

٦ ـ يشترط في المؤقت ذكر مدّة التمتّع ، كسنة أو شهر أو يوم أو غير ذلك.

٧ ـ يشترط في الدائم التوارث بين الزوجين دون المؤقت.

٨ ـ يشترط الإشهاد في طلاق الزوجة الدائمة.

٩ ـ لا طلاق في زواج المؤقت ، وإنّما تبين المرأة بانقضاء المدّة المقرّرة ، أو بهبة بقية المدّة لها.

١٠ ـ لا يشترط في كليهما الإشهاد حال العقد ، بل هو أمر مستحبّ.

( شاكر أحمد ـ السعودية ـ سنّي )

جوازها :

س : ما هو الدليل لجواز زواج المتعة؟ وهل ترضى أن تطبّقها على أُختك أو ابنتك؟

٢١٢

ج : الشيعة تستدلّ بالكتاب والسنّة الشريفة على إباحته ، وأنّ هذا الزواج كان مباحاً على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعهد أبي بكر ، وشطراً من عهد عمر ، إلى أن حرّمه عمر بن الخطّاب ، وعمر هو من رواة حديث جواز المتعة ، حيث قال : « مُتعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أُحرّمهما » ، فالشيعة تأخذ بروايته وتترك درايته.

وأمّا قولك : هل ترضى أن تطبّقها ، فنقول : إنّ هذا الحكم مباح ، والإباحة ليست فيها إلزام بالعمل ، وكم من مباحات نتركها أو لا ترضاها عاداتنا وتقاليدنا ، وعلى سبيل المثال نقول : قال تعالى :( فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ ) (١) ، فهي صريحة في جواز تعدّد الزوجات ، فهل ترضى أن تزوّج أُختك إلى من له ثلاث زوجات؟ مع أنّ في جوازه نصّ قرآني صريح.

( عبد الله المحمّدي ـ السعودية ـ )

كيفية صيغتها :

س : أودّ الإفادة عن زواج المتعة بالبكر والثيّب ، وكيفية نطقه وشروط صحّتهما ، وهل يجوز التمتّع بمن لا تعتقد بزواج المتعة؟

ج : المشهور بين فقهاء الإمامية هو : عدم جواز التمتّع بالبكر غير الرشيدة ، إلاّ بإذن وليّها.

أمّا الرشيدة ، فالمسألة خلافية بين الفقهاء ، بين مجيزٍ وناهٍ ، ومعلّق ذلك على إذن الولي ، وبذلك يلزم رجوع المكلّف إلى مقلّده في هكذا أحكام شرعية ، هذا عن التزويج بالبكر.

أمّا الزواج بالثيّب ، فلا إشكال في جوازه ومشروعيته.

__________________

١ ـ النساء : ٣.

٢١٣

أمّا كيفية نطقه وشروط صحّته : فيشترط فيه تعيين المدّة والمهر ، وعدم كونها في عدّة آخر ، كأن تقول للرجل : متّعتك نفسي ـ أو أنكحتك نفسي ـ في المدّة المعلومة على المهر المعلوم ، وتلحظ حين قولها : المدّة المعلومة ، شهراً أو سنة أو يوماً ، أو غير ذلك ممّا تعاقدا عليه من الزمن في التمتّع ، وفي حين قولها : المهر المعلوم ، تلحظ ما تعاهدا عليه من مال ـ كألف دينار أو درهم ـ أو ما له المالية ـ كالسجّاد والتعلّم ـ أو غير ذلك ممّا لحظوه في العقد.

ويلزم على المرأة أن تعني بكلامها الإنشاء لا الإخبار ، ويقول الرجل ـ حين سماعه بكلام المرأة ـ : قبلتُ.

وأمّا اللاتي لا يؤمن بزواج المتعة من المسلمين فالأولى ترك التمتّع بهنّ.

أمّا الناصبة المعلنة بعداوة أهل البيتعليهم‌السلام ، فلا يجوز التمتّع بها ، لكونها كافرة ، بل هي شرّ من اليهود والنصارى على ما روي في أخبار أهل البيتعليهم‌السلام .

هذا ، وعليكم الرجوع إلى من تقلّدونه في الأحكام للأخذ بها.

( أمير العرادي ـ الكويت ـ )

الأدلّة على جوازها :

س : ما هو الدليل على جواز زواج المتعة؟ وما هو ردّكم على من يقول : أنّ المتعة تسبّب اختلاط الأنساب ، لأنّه قد يتزوّج الفرد امرأة تزوّجها والده ، أو أخوه دون علم ، وأنجب منها الاثنان ، وأنّ المتعة تشبه زواج المقت؟

ج : إنّ زواج المتعة ـ أي الزواج المنقطع ـ ممّا اتفقت عليه الإمامية ، واُعتبر من مختصّاتهم ، واستدلّوا له بأدلّة عديدة من القرآن الكريم ، والسنّة القطعية ـ كالتواتر ـ والإجماع.

ونذكر لك بعض الروايات في ذلك :

٢١٤

ورى الشيخ الكلينيقدس‌سره عن أبي بصير قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن المتعة؟ فقال : نزلت في القرآن( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ ) (١) .

وروى عن عبد الله بن سليمان قال : سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول : «كان علي عليه‌السلام يقول : لولا ما سبقني به بني الخطّاب ما زنى إلاّ شقي »(٢) .

وقد وردت أحاديث كثيرة أيضاً في استحباب زواج المتعة ، منها : عن محمّد ابن مسلم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قال لي : « تمتّعت »؟ قلت : لا ، قال : «لا تخرج من الدنيا حتّى تحيي السنّة »(٣) .

وهنالك روايات أُخرى تثبت عدم نسخ هذا الحكم وبقاءه إلى اليوم ، ففي الوسائل بأسانيد كثيرة إلى أبي عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام : هل نسخ آية المتعة شيء؟ قال : «لا ، ولولا ما نهى عنها عمر ما زنى إلاّ شقي »(٤) .

فما يقال من أنّها منسوخة بروايات عن الصحابة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مضافاً إلى ضعف سندها ، وتناقضها وتعارضها فيما بينها ، لا يقابل ولا يعارض ما ثبت بالضرورة عند الإمامية من شرعيّتها ، وعدم نسخها إلى يوم القيامة.

وبعد أن ثبت بالدليل والبرهان جوازها ، فلا مجال للاستحسان وإبداء الرأي وأشباه ذلك ، فهذه الأُمور متأخّرة عن الدليل الشرعي ، حتّى عند القائلين بحجيّتها وصحّتها.

والإشكال الذي أوردته من اختلاط الأنساب غير وارد ، وذلك لأنّ الأحكام الشرعية الثابتة لا تبطل اعتماداً على ما ربما تترتّب عليها ، وحكم ما ذكرته

__________________

١ ـ النساء : ٢٤ ، الكافي ٥ / ٤٤٨.

٢ ـ نفس المصدر السابق.

٣ ـ وسائل الشيعة ٢١ / ١٥.

٤ ـ المصدر السابق ٢١ / ١١.

٢١٥

حكم الرضاع ، فما ربما يتسبّب من الاختلاط في الرضاع أكثر بكثير من موردنا ، فهل يصحّ لنا أن نحرّم الرضاع لأجله؟! وكذا ما ذكرته قد يقع في الزواج الدائم وإن كان نادراً.

( ـ السعودية ـ ٢٢ سنة )

الفرق بينها وبين زواج المسيار :

س : ما هو الفرق بين زواج المسيار وزواج المتعة؟ هل الفارق هو الأسامي والاصطلاحات؟ أم هناك اختلافاً جوهرياً؟

ج : زواج المسيار هو أن يتّفق الزوجان فيما بينهما على إسقاط حقوق الزوجة من النفقة ، وتقسيم الليلة بين الزوجتين ، ثمّ ينتهي بالطلاق ، أو يستمرّا في حياتهما إن شاءا كذلك.

وهذا الزواج كما تعلم اتفاقٌ بين الزوجين بإسقاط الحقوق إشباعاً للحاجة الجنسية بينهما ، وهي طريقة مستجدّة ، وممّا يُؤسف عليه أنّ هؤلاء الذين لجئوا إلى هذه الطريقة من الزواج لم يريدوا ـ عن عمدٍ أو عن جهل ـ أن يذعنوا إلى حكم شرعي شرّعه الله تعالى في كتابه ـ كما شرّع الزواج الدائم ـ وهو نكاح المتعة ، فبما أنّ المجتمع يخشى إفلات أبنائه بسبب الدوافع الجنسية غير المهذّبة ، شرّع الله تعالى ـ وهو العالم بما يحتاجه خلقه ـ شرّع زواج المتعة تلافياً لأي عملٍ يوقع الإنسان في معصيته ، بعد أن يكون غرضاً للتجاذبات الجنسية المجنونة.

وزواج المتعة هو عقد بين الزوجين على مهرٍ معلوم وبأجلٍ معلوم ، فإذا انتهى الأجل انتهى الزواج دون الحاجة إلى طلاق ، وليس بين الزوجين توارث ـ أي لا يرث أحدهما الآخر ـ إن مات أحدهما في مدّة العقد ، وعلى الزوجة أن تعتد بحيضة واحدة ، أو بخمسٍ وأربعين يوماً ، إذا كانت ممّن لا تحيض.

٢١٦

وبهذا استطاع الإسلام من أوّل بزوغه أن يعالج المشكلة الجنسية بحكمةٍ بالغة ، لم ينسخ حكم زواج المتعة أبداً ، بل اجتهد رجل برأيه فحرّم ذلك ، وبقي البعض على تشريع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، واتبع الآخرون تحريم من اجتهد بالتحريم.

فزواج المتعة زواجٌ قائم بذاته له خصوصياته ، وللزوجة مهرها وعليها عدّتها ، في حين زواج المسيار هو زواج دائم بإسقاط حقوق الزوجة ، أو حقوق الزوجين كلاهما.

( كوثر ـ المغرب ـ دكتورة في الرياضيات )

فرقها مع الزنا ، ولم تحرّم يوم خيبر :

س : لدي عدّة أسئلة حول الزواج المؤقت :

١ ـ ما الفرق بين المتعة والزنا؟

٢ ـ هل هذا الزواج يجوز لرجل له زوجة في البيت ، ويعيش مع أطفاله وعائلته ، بدون أن يستأذن زوجته؟

٣ ـ هل يجوز للمتمتعة أن تفسخ عقد المتعة؟

٤ ـ ما رأيكم حول هذا الحديث : قال عليعليه‌السلام : « إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر » (١) ؟

ج : أوّلاً : أنّ قولك : ما الفرق بين المتعة والزنا ، هو كقولك : ما الفرق بين الزواج والزنا؟ أو ما الفرق بين البيع والربا؟ وهكذا ، فالزواج هو تشريع من الله تعالى بعقدٍ يقع بين الطرفين ، لتتمّ العلاقة الجنسية بين الزوجين ، والزنا هو تمرد على ذلك العقد ، فتقع العلاقة بين الرجل والمرأة دون الاستناد إلى شرعية هذا الاقتران.

وهكذا البيع فهو تبادل منفعة محلّلة ، والربا هو كسب الفائدة من الزيادة حراماً ، وهكذا يتمّ التقابل بين التشريع وبين غير التشريع ، أي بين الحلال

__________________

١ ـ صحيح مسلم ٤ / ١٣٤ ، البداية والنهاية ٤ / ٢١٩.

٢١٧

وبين الحرام ، فبالكلام يقع التحليل ، وبالكلام يتمّ التحريم ، فالكلام الذي هو العقد له أثره في التشريعات ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، فالمتعة عقد شرعي يقع بين الزوجين على مهرٍ معيّن ، والزنا هو اتفاق محرّم لا يستند إلى عقدٍ بين الرجل والمرأة.

ثمّ إنّ مشروعية هذا العقد تؤكّدها الآية الكريمة( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ) (١) .

قال السيوطي في تفسير الآية : « وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان متعة النساء في أوّل الإسلام ، كان الرجل يقدم البلدة ليس معه من يصلح له ضيعته ولا يحفظ متاعه ، فيتزوّج المرأة إلى قدر ما يرى أنّه يفرغ من حاجته ، فتنظر في متاعه ، وتصلح له ضيعته ، وكان يقرأ : فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ إلى أجل مسمّى »(٢) .

وأخرج ابن جرير عن مجاهد( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ ) قال : يعني نكاح المتعة(٣) .

وأخرج عن السدي في الآية قال : « هذه المتعة ، الرجل ينكح المرأة بشرط إلى أجلٍ مسمّى ، وإذا انقضت المدّة فليس له عليها سبيل ، وهي منه بريئة ، وعليها أن تستبرئ ما في رحمها ، وليس بينهما ميراث ، ليس يرث واحد منهما صاحبه »(٤) .

وعلى هذا ، فإنّ المتعة زواج شرعي يتمّ بعقدٍ بين الزوجين ، وعلى مهر معلوم ، وبأجلٍ معلوم ، أي أنّ الفرق بينها وبين الزواج الدائم ، أنّ في المتعة تحديداً للأجل ، وهذا كما تعلمين ـ أيّتها الأُخت ـ محاولة تشريعية راعى بها

__________________

١ ـ النساء : ٢٤.

٢ ـ الدرّ المنثور ٢ / ١٣٩.

٣ ـ جامع البيان ٥ / ١٨.

٤ ـ نفس المصدر السابق.

٢١٨

الإسلام تهذيب الدوافع الجنسية ، ومحاولة السيطرة عليها ، وتجنّب المزالق الأخلاقية ، التي تؤدّي بالمجتمع إلى مخاطر الانحراف والسقوط ، وعلينا أن نفرّق بين التشريع وحكمته وبين عواطفنا الفردية ومصالحنا الشخصية ، وأن لا نحمّل مسؤولية ذلك على حكمة التشريع البديعة والحكمة الإلهية الرائعة.

ثانياً : نعم ، يحقّ للزوج أن يتزوّج متعة دون أن يستأذن زوجته ، فإنّ ذلك معلّق برغبة الزوج وإرادته ، فكما يحقّ للزوج أن يتزوّج زوجة ثانية بالزواج الدائم ، يحقّ له أن يتزوّج ثانية بالزواج المنقطع.

وأعلمي أنّ هذا الزواج المنقطع سيجنّب العائلة من أزماتٍ ومشاكل خطيرة ، حيث أنّ الرجل لو رغب في امرأةٍ ما ، ولم يحقّ له الاقتران بها ، فإنّه سوف يرى كُلّ شيء حوله غير مقنعٍ ، وسيعكس هذه الحالة على زوجته ، وعلى علاقته بها وبأطفاله ، وسيجعل ذلك سبباً في عدم قناعته بحياته الزوجية ، فيلجأ إلى ارتكاب ما حرّمه الله وهو الزنا ، فتكون المشكلة وبالاً عليه وعلى عائلته ، وعلى المجتمع جميعاً ، في حين إذا وجد هناك مجالاً لتنفيذ رغبته بطريق حلال ، فسوف يكون ذلك حافزاً لحبّ زوجته واحترامها وحبّ أطفاله كذلك ، لإمكانية تنفيذ رغبته واستجابة عواطفه.

وسيجد أنّ الإسلام قد استجاب في تشريعاته لرغباته ، فسيكون أكثر التزاماً وأكثر تمسّكاً ، وعلى الزوج في الوقت نفسه مراعاة علاقته بزوجته وأطفاله ، وأن لا يكون اقترانه بأُخرى متعة على حساب حبّه لزوجته ولأطفاله ، كما عليه مراعاة احتياجات عائلته بكُلّ مسؤولية.

ثالثاً : لا يحقّ للمرأة فسخ عقد المتعة مادامت هي في مدّة العقد ولم ينته أجله ، نعم يحقّ للزوج أن يهبها المدّة المتبقية ، فإنّ عصمة الزوجية بيد الزوج لا بيد الزوجة ، فهو الذي يملك إنهاء المدّة وإبراءها ، كما لا يحقّ للمرأة أن تطلّق نفسها في الزواج الدائم ، لأنّ الزوجية بيد الزوج وليست بيد الزوجة ، فانتهاء المدّة في المتعة هو بمثابة الطلاق في الزواج الدائم.

٢١٩

رابعاً : أنّ روايات تحريم المتعة مضطربة اضطراباً عجيباً ، فبعضها تذكر أنّ علياًعليه‌السلام قال : «إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله حرّمها في خيبر » ، والأُخرى تقول : أنّه حرّمها في حجّة الوداع ، وثالثة تقول : بتحريمها في عام أوطاس ، وهكذا رابعة وخامسة ، وكُلّ رواية تحكي أنّ وقت التحريم يختلف عمّا حكته الرواية الأُخرى ، على أنّ نسخ الحكم ـ أي إلغائه ـ لا يكون إلاّ بآية بيّنة من كتاب الله ، أو بسنّة قطعية عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

أمّا أخبار الآحاد ـ أي التي لم تصل إلى حدّ اليقين والعلم ـ لا يمكن الاعتماد عليها ، وهذه الرواية من هذا القبيل ، أي من قبيل أخبار الآحاد وهي ظنّية ، فلا يمكنها نسخ حكم قطعي يقيني كنكاح المتعة ، الذي أحلّه كتاب الله تعالى وقرّره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبهذا فقد ثبت جواز نكاح المتعة ، والإبقاء على حلّيته مهما كانت الظروف ، وافترضت المقتضيات.

( عبد الله ـ الكويت ـ سنّي ـ ٢٥ سنة ـ دبلوم تجارة )

جائزة مع الزانية :

س : في البداية أودّ أن أقول بأنّني لم أجد موقعاً في الإنترنت مثل موقعكم هذا ، حيث أنّني من محبّي معرفة الإسلام الحقّ ، وهذا الموقع وضّح لي الكثير من الأشياء ، التي كانت تُخفى عليّ ، المهمّ أُحبّ أن أقول بأنّني سنّي المذهب حتّى الآن ، ولكن فهمت الكثير من هذا الموقع ، وجزاكم الله خيراً ، حيث أنّني لم أكن أعرف معنى السجود على التربة ، وجمع الصلوات ، والخمس ، وزواج المتعة.

مع أنّي لست مع زواج المتعة كثيراً ، لأنّه بدأ الشباب بالعزوف عن الزواج العادي ، بحجّة جواز زواج المتعة لكُلّ شخص بالغ ، حيث أنّي لاحظت أنّ المراهقين عندنا في الكويت ـ يعني الذين عمرهم ما بين ١٥ إلى ١٨ ـ أكثر إقبالاً على هذا النوع من الزواج ، ممّا يجعلهم يتعوّدون على النساء ، والمشكلة

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667