موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٥

موسوعة الأسئلة العقائديّة8%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-05-8
الصفحات: 667

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 667 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 297160 / تحميل: 6707
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٥

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٥-٨
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

ولكنّنا نشكّ في هذا الأمر ، لأنّ عثمان قد هاجر إلى الحبشة مع من هاجر ، فمن أين جاء عثمان إلى مكّة ، وجرى منه ما جرى؟!

إلاّ أن يقال : إنّهم يقولون : إنّ أكثر من ثلاثين رجلاً قد عادوا إلى مكّة بعد شهرين من هجرتهم كما تقدّم ، وكان عثمان منهم ، ثمّ عاد إلى الحبشة.

وعلى كُلّ حال ، فإنّ أمر اتهام عثمان ـ ونحن نجد في عثمان بعض الصفات التي تنسجم مع مدلول الآية ، كما يشهد له قضيّته مع عمّار حين بناء المسجد في المدينة ـ أو غيره من بني أُمية لأهون بكثير من اتهام النبيّ المعصوم ، الذي لا يمكن أن يصدر منه أمر كهذا على الإطلاق ، وإن كان يهون على البعض اتهام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بها أو بغيرها ، شريطة أن تبقى ساحة قدس غيره منزّهة وبريئة!!

تاريخ هذه القضية :

ونسجّل أخيراً : تحفّظاً على ذكر المؤرّخين لرواية ابن مكتوم ، ونزول سورة عبس بعد قضية الغرانيق ؛ فإنّ الظاهر هو أنّ هذه القضية قد حصلت قبل الهجرة إلى الحبشة ، لأنّ عثمان كان قد هاجر إلى الحبشة قبل قضية الغرانيق بشهرين كما يقولون ، إلاّ أن يكون عثمان قد عاد إلى مكّة مع من عاد ، بعد أن سمعوا بقضية الغرانيق كما يدّعون.

أعداء الإسلام وهذه القضية :

وممّا تجدر الإشارة إليه هنا : أنّ بعض المسيحيين الحاقدين قد حاول أن يتّخذ من قضية عبس وتولّى وسيلة للطعن في قدسية نبيّنا الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكن الله يأبى إلاّ أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون( وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (١) .

فها نحن قد أثبتنا : أنّها أكاذيب وأباطيل ما أنزل الله بها من سلطان.

__________________

١ ـ التوبة : ٣٢.

٣٤١

( غانم النصار ـ الكويت ـ )

تأخير نزول الوحي عليه لا يدلّ على عدم عصمته :

س : تقول الروايات : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أخطأ عدّة مرّات ، ونحن نقول : أنّ الرسول معصوم من كُلّ زلل ، وإن كان كذلك ما هو تفسيركم للروايات التي فسّرت نزول سورة الكهف؟ التي تقول : أنّ الرسول لم يقل إن شاء الله ، وانقطع عنه الوحي عدّة أيّام؟ أليس في هذا زلل؟ يرجى التوضيح.

ج : من المعلوم أنّ العصمة هي الابتعاد عن كُلّ خطأ وزلّة ، وهذا المعنى ثابت ومسلّم بالنسبة إلى الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وأمّا مورد السؤال فلا يدلّ على صدور معصية أو خطأ تمس جانب العصمة منه ـ والعياذ بالله ـ بل أكثر ما تدلّ الروايات الواردة في هذا المجال هو الإشارة إلى الجانب التأديبي والأخلاقي بالنسبة إلى الأُمّة ، أي يعطي الفرد المسلم درساً لكي لا يستقل في كافّة تصرّفاته عن مبدأ الوجود ، وقد ورد عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أدّبني ربّي فأحسنَ تأديبي »(١) .

مضافاً إلى أنّه يحتمل قوياً أن يكون في تأخّر الوحي فترة وجيزة مصالح أُخرى ، من اختبار المؤمنين وغيره ، وهذا الأمر كان له نظير في الأُمم السابقة ، فقد ذكر القرآن الكريم تأخير نزول النصر على نبي من الأنبياء ، إلى أن قالوا :( وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ ) (٢) .

وبالجملة : فليس في تأخير نزول الأمر الإلهي أيّ محذور عقلي أو شرعي ، حتّى يكون إشكالاً وإيراداً على عصمة الأنبياءعليهم‌السلام .

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١١ / ٢٣٣ ، الجامع الصغير ١ / ٥١.

٢ ـ البقرة : ٢١٤.

٣٤٢

( علي ـ البحرين ـ ٣٠ سنة ـ دبلوم )

لماذا ختمت به الرسالات مع أنّ العلم يتطوّر :

س : لماذا ختم الله الرسالات السماوية برسالة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ على الرغم من أنّ العلم ما زال يتطوّر؟

ج : لم يقل أحد أنّ الله بعث الأنبياء والرسل بعلم الطبّ أو العلوم المادّية من الهندسة والتكنولوجيا ، وإنّما بعثهم لإيصال أوامر الله ونواهيه للبشرية ، ليكونوا الواسطة بين الله وبين خلقه ، وعلى هذا فلا مانع من ختم الرسالة بالنبيّ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، على الرغم من أنّ العلم ما زال يتطوّر ، فإنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وإن كان يعلم هذه العلوم بتعليم إلهي ، ولكنّه لم يبعث لهذا الفرض ، لذا لا نجده كان يستعمل هذه العلوم إلاّ في موارد نادرة.

فلم يبعث الله الأنبياء ليعلّموا الناس الطبّ أو النجارة أو الزراعة أو تطوير العلوم ، وإنّما بعثه ليكون واسطة بينه وبين الخلق في إيصال أوامر الله ونواهيه للبشرية ، لعبادة ربّ العالمين وعدم الخروج عن طاعته تعالى ، وبذلك تتمّ الحجّة ويكون الثواب والعقاب ، وفي إجراء أوامر الله ونواهيه تطبيق للعدل الإلهي في الكرة الأرضية.

( سمير ـ روسيا ـ ٢٥ سنة )

الجمع بين كون آباءه موحّدون وتسمية عبد المطلب ابنه بعبد العزى :

س : جزاكم الله خيراً عن هذا الموقع وعن جهودكم الجليلة ، عندي سؤال حيّرني ، وأرجو أن أجد عندكم ج :

بما أنّ آباء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله من آدم عليه‌السلام موحّدون ، ومن البعيد جدّاً أن يختار الله تعالى الأنبياء من نطف غير طاهرة قد دنّستها الأرجاس ، فما علّة تسمية عبد المطلب لابنه المعروف بأبي لهب بعبد العزّى؟ حفظكم الله ، والسلام عليكم .

٣٤٣

الجواب : ممّا يجب أن نعرفه قبل الخوض في التسمية ومشروعيتها : أنَّ هناك أدلّة عديدة نؤمن بها بأنّ آباء الأنبياء والأئمّةعليهم‌السلام موحّدون مؤمنون ، وهم من أصلح وأفضل أهل زمانهم ، قال تعالى :( مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ ) (١) ، وكذلك قوله تعالى :( وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ) (٢) .

وقد جاءت أحاديث كثيرة تتضمّن هذه المعاني ، فنذكر منها اختصاراً :

روى ابن جرير الطبري الشيعي : «قذفنا في صلب آدم ، ثمّ أخرجنا إلى أصلاب الآباء وأرحام الأُمّهات ، لا يصيبنا نجس الشرك ، ولا سفاح الكفر ، يسعد بنا قوم ، ويشقى بنا آخرون »(٣) .

وورد في تاريخ اليعقوبي : فكانت قريش تقول : عبد المطلب إبراهيم الثاني(٤) .

وكذلك قصّته المشهورة ، وقوله العظيم في وجه أبرهة الحبشي : للبيت ربٌّ يحميه ، واستسقائه بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عند الجدب والمجاعة ، وتوجّهه إلى الكعبة ، والتوجّه والتوسّل به إلى الله تعالى.

وقال الشيخ المفيد : واتفقت الإمامية على أنّ آباء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من لدن آدم إلى عبد الله بن عبد المطلب مؤمنون بالله عزّ وجلّ موحّدون له.

واحتجّوا في ذلك بالقرآن والأخبار ، قال الله عزّ وجلّ :( الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لم يزل ينقلني من أصلاب الطاهرين إلى أرحام المطهّرات ، حتّى أخرجني في عالمكم هذا »(٥) .

وروى الشيخ الصدوق بإسناده عن الإمام عليعليه‌السلام أنّه قال : «والله ما عبد أبي ولا جدّي عبد المطلب ولا هاشم ولا عبد مناف صنماً قط ».

__________________

١ ـ الحجّ : ٧٨.

٢ ـ الشعراء : ٢١٨.

٣ ـ دلائل الإمامة : ١٥٨.

٤ ـ تاريخ اليعقوبي ٢ / ١١.

٥ ـ أوائل المقالات : ٤٥.

٣٤٤

قيل له : فما كانوا يعبدون؟ قال : «كانوا يصلّون إلى البيت على دين إبراهيم عليه‌السلام متمسّكين به »(١) .

وقد روى أهل السنّة في تفاسيرهم ما يدعم صلاحهم ومدحهم ، ونقتصر على هذه الرواية :

روى السيوطي عن ابن مردويه عن ابن عباس قال : سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقلت : بأبي أنت وأُمّي أين كنت وآدم في الجنّة؟ فتبسّم حتّى بدت نواجذه ثمّ قال : «إنّي كنتُ في صلبه ولم يلتقِ أبواي قطّ على سفاح ، لم يزلِ الله ينقلني من الأصلاب الطيّبة إلى الأرحام الطاهرة ، مصفّى مهذّباً ، لا تتشعّب شعبتان إلاّ كنت في خيرهما »(٢) .

وبعد هذه المقدّمة والتسليم بها ، ينبغي علينا إحسان الظنّ بهم ، وتأويل بعض الأسماء مثل « عبد العزّى » التي وردت عنهم ، خصوصاً أنّ أبا لهب هذا من الكفّار ، وليس والداً للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا للأئمّةعليهم‌السلام ، ولله الحمد والمنّة.

ومع ذلك نقول : بأنّ الأسماء عند العرب من أقسام الألفاظ المرتجلة التي لا تدلّ فيها الألفاظ على معانيها بل على مسمّياتها ، ومنها أسماء الأعلام والبلدان والآلات والأدوات وغيرها.

فمثلاً مَن سمّى ابنه جميلاً لا يجعله بهذه التسمية جميلاً واقعاً ، بل قد يكون غيرَ جميلٍ واقعاً ، ومن سمّى ابنه عبد الله قد يكون عدّواً لله ، فلم يدلّ الاسم على مسمّاه وهكذا.

بالإضافة إلى أن مفردة « العُزّى » غير مختصّة بالآلهة في أصل وضعها في اللغة العربية ، فإنّها تعني العزيزة الشريفة ـ مؤنث الأعز ـ ، فيكون معنى « عبد العزّى » خادم العزيزة ، وليس عبداً بمعنى العبادة ، كما في عبد المطلب نفسه.

__________________

١ ـ كمال الدين وتمام النعمة : ١٧٤.

٢ ـ الدرّ المنثور ٥ / ٩٨.

٣٤٥

وكذلك تسمية هذا الابن من بين أبنائه السبعة بهذه التسمية ، لها دلالتها على علم عبد المطلب بجحده وكفره بالرسالة العظيمة في مستقبله ، ويدعم هذا الرأي تسمية عدو الله أبي لهب بعبد العزّى ، وتسمية أبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعبد الله.

وربما علمه وفعله في هاتين التسميتين ناتجة عن المداراة والمصلحة والتقية ، مع ذلك المجتمع القبلي الجاهلي الظالم ، فلولا هذه التغطية بعبد العزّى ، والتي قد يقصد منها « خادم العزيزة » ، وظاهرها اعترافه بآلهتهم كما كان أبو طالب يفعل ذلك معهم حمايةً للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لما استطاع التسمية بعبد الله والحفاظ عليه وعلى نفسه من هؤلاء المشركين ، ليكون نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله بأبهى صورة ، وأجمل الأسماء وأحبّها إلى الله تعالى ، والله العالم.

( حسين الميّاحي ـ العراق ـ ٣٥ سنة ـ طالب حوزة )

قضية زوجة زيد :

س : أدامكم الله ووفّقكم لكُلّ خير ، وسدّد خطاكم لنصرة الدين الحنيف.

لا يخفى عليكم ما يتعرّض له المذهب الحقّ ، مذهب أهل البيتعليهم‌السلام من حملات مسعورة ، خصوصاً في هذه الأيّام التي أصبحت فيها عقائد الشيعة ونظرياتهم وآراؤهم تلقى الترحيب والقبول من جمهور المسلمين.

ومساهمة منّا في دفع الشبهات التي يتشبّث بها المخالفون ، وتنطلي على العامّة أحياناً ، نرجو مساعدتنا في إيضاح ما يحتاج إلى التوضيح في أُمورنا العقائدية ، التي نرغب في الحصول عليها من المصادر الموثوقة ، لكي تكون إجاباتنا شافية كافية.

وسؤالي هو حول موقف علمائنا ورأيهم في الرواية الواردة في عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ، عن علي بن محمّد بن الجهم : أنّ المأمون سأل الإمام الرضاعليه‌السلام

٣٤٦

مجموعة من الأسئلة منها : أنّه سأله عن قوله تعالى :( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ ) (١) .

وأنّ الإمام الرضاعليه‌السلام أجاب : « إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قصد دار زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي في أمر أراده ، فرأى امرأته تغتسل ، فقال لها : سبحان الذي خلقك » (٢) ، وما في هذا الخبر من إساءة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ تقبّل الله أعمالكم.

ج : إنّه من المؤسف تسامح البعض في تعابيره بشكل يمنح الأعداء حرّية الطعن في مقام النبوّة ، في الوقت الذي يمكن أن يفهم من القرائن الموجودة في نفس الآية ، وسبب نزولها وتاريخ النزول ، والأمر ليس بشكل معقّد.

إنّ زيداً كان عبداً للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله واعتقه ، وكان ابناً له بالتبنّي ، وكان الابن بالتبنّي طبقاً للسنّة الجاهلية يتمتّع بكُلّ أحكام الابن الحقيقي ، ومن جملتها حرمة الزواج بزوجة الابن المتبنّى المطلّقة.

في البداية خطب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ابنة عمّته زينب لزيد ، ولكنّها رفضت لأنّها كانت ترى أنّ موقعها الاجتماعي أعلى من زيد ، فنزلت الآية الكريمة تهدّد مخالفة الله سبحانه ورسوله بقولها :( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) (٣) ، فرضخت زينب.

وكان المقصود من وراء ذلك كسر سنّة جاهلية ، تقتضي بأنّ المؤمن ليس كفواً للمؤمنة ، ولكن لم يستمر الزواج طويلاً لحدوث خلاف بين الزوجين ، فصمّم زيد على طلاقها ، وصمّم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بدوره جبراً لخاطر زينب أن يتزوّج بها ، إذا ما طلّقها زيد ، ليحقّق إلى جنب ذلك هدفاً آخر ، وهو هدم سنّة جاهلية أُخرى ، ويوضّح جواز الزواج بزوجة الابن المتبنّى المطلّقة.

ولكن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله خاف إبراز ما أضمره ، خشية من المجتمع وسننه الباطلة ، فطلب منه الله سبحانه أن لا يخشى الناس ممّا صمّم عليه ، بل عليه أن يخشى

__________________

١ ـ الأحزاب : ٣٧.

٢ ـ عيون أخبار الرضا ٢ / ١٨٠.

٣ ـ الأحزاب : ٣٦.

٣٤٧

الله وحده ، وعلى هذا نفهم أنّ هدف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله هدف نبيل ، قصد من ورائه هدم سنّتين جاهليتين.

وإذا كانت التهمة الموجّهة إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله صحيحة ، وأنّه كان يعجبه جمال زينب ، فلماذا لم يخطبها في البداية لنفسه؟ وهي ابنة عمّته ، بل خطبها لزيد؟! ولماذا كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يمنع زيداً من طلاق زينب؟ في حين أنّ المناسب على تقدير رغبته في جمالها عدم تشجيعه على إبقاء الزوجية :( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ ) (١) ؟

على أنّ القرآن أوضح الهدف من الزواج المذكور ، وأنّه ليس جمال زينب ، بل هو شيء آخر :( فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ) (٢) .

وأمّا ما جاء في عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ، فلا نرى اشتماله على قدح في مقام النبوّة ، لأنّ الرواية هكذا : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قصد دار زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي في أمر أراده ، فرأى امرأته تغتسل ، فقال لها : سبحان الذي خلقك أن يتّخذ له ولداً ، يحتاج إلى هذا التطهير والاغتسال ».

والقدح المتصوّر هو من إحدى جهتين ، فهو أمّا من جهة أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله رآها تغتسل ، ولكن من الواضح أنّ الرواية لم تقل رآها عارية ، وإنّما المقصود رآها مشغولة بالغسل ، والمناسب أن تكون مستورة ، أو من جهة أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عبّر بما يوحي بتأثير جمالها عليه ، ولكن يردّه أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يقل : سبحان الذي خلق جمالك ، وإنّما نزّه الله سبحانه من مقالة من قال : أنّ الله قد اتخذ بنات ، إنّه كيف يتّخذ بنتاً وهي تحتاج إلى التطهير والاغتسال؟!

وقد أخذ علمائنا بظاهر القرآن ، وأنّه هو الحجّة ، ولم يعيروا للرواية أهمّية ، وبعضهم أزرى بمثل هذه الرواية في كتب العامّة ، ووافق من أبطلها

__________________

١ ـ الأحزاب : ٣٧.

٢ ـ الأحزاب : ٣٧.

٣٤٨

منهم ، كالفخر الرازي والآلوسي ، نعم لم يتعرّضوا لهذه الرواية ، أو ما في معناها من كتبنا بالخصوص ، إلاّ من قال منهم أنّها قد تكون للتقية.

١ ـ إنّ هذه الشبهة ، وبهذا الحجم إنّما سعّر نارها المستشرقون ، وإن كان لها أصل في روايات الفريقين.

٢ ـ لقد ذكر ابن الأثير في تاريخه ، والطبري في تاريخه أيضاً ، مثل هذه الرواية ، وقد وردت أيضاً من جانبنا ، فضلاً عما ذكرت في رواية قبل الرواية المعنية في نفس الكتاب ، وأيضاً بأكثر من رواية في تفسير القمّي ، وأوردها المجلسي في البحار ، والحويزي في نور الثقلين ، والصافي في تفسيره وغيرهما فراجع ، فإنّ للرواية بهذا المضمون أسانيد أُخرى غير هذا السند!!

٣ ـ كما ذكرت لك أنّ لهذه الروايات أسانيد أُخرى ، وعن عدّة من الأئمّة ، وليست منحصرة بهذا السند حتّى يكفينا تضعيفه ، ولكن مع ذلك نتكلّم في أسانيدها ومتنها.

أ ـ هذه الرواية وردت بسندين مرّة عن طريق علي بن الجهم ، وأنّ السائل هو المأمون ، وأُخرى في الرواية التي قبلها أنّ السائل كان علي بن الجهم نفسه ، نقلها أبو الصلت الهروي ، وهذه الرواية بالخصوص تخلو ممّا ورد في رواية علي بن الجهم من رؤية النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لزينب.

ب ـ وردت الرواية المتضمّنة لرؤية النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لزينب بأسانيد أُخرى في تفسير القمّي ، ولنا في تفسير القمّي وتوثيق رجاله بحث نخالف فيه رأي السيّد الخوئي في معجم رجال الحديث ، لا يسع المجال هنا لبسطه.

ج ـ ولكن مع ذلك قد يكون من الصعب التفصّي عن الرواية بالطعن في السند ، لأنّك كما تعرف ستدعم الروايات بعضها بعضاً ، فقد يقال على رواية علي بن الجهم أنّه تابعه فلان وفلان ، وبعضهم لا يروي إلاّ عن ثقة ، مثل ابن أبي عمير فلاحظ.

د ـ ولكن يمكن الجمع بين الروايات ، ومعارضة متونها مع بعضها ، فإنّ إحداها لا تذكر الرؤية والبقية الأُخرى ، وأن اتفق مضمونها على حدوث الرؤية

٣٤٩

من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لزينب ، ولكن الكيفية التي رآها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عليها متضاربة جدّاً فيها ، وأحسنها ما في رواية علي بن الجهم ، إذ فيه تنزيهاً للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

و ـ قد حمل بعض علمائنا هذه الرواية على التقية ، وذلك لمقام المأمون ، وحضور علماء العامّة في المجلس ، ومنهم نفس علي بن الجهم ، فحملوا جواب الإمام تنزيلاً على ما ذكره العامّة في كتبهم ، إذ في أحد الروايات يطرح السائل أقوال علماء العامّة في المسألة ، ثمّ يجيبه عليها الإمامعليه‌السلام .

ط ـ إنّ ما ذكره الشيخ الصدوققدس‌سره في تعليقه على الرواية من قوله : هذا حديث غريب من طريق علي بن الجهم الخ ، لا يعني بالغريب المصطلح المتداول في علم الحديث ، من أنّه لا متابع له ، وإنّما غريب من جهة رواية علي ابن الجهم الناصبي له ، وقد ذكر الجزائري في قصص الأنبياء قول الصدوق بصيغة أُخرى هكذا : هذا حديث عجيب ، ثمّ علّق عليه بأنّه ليس عجيباً ، فإنّ الله يجري الحقّ في بعض الأحيان على لسان أعدائه.

( حبيب ـ الدانمارك ـ سنّي حنفي ـ ٢٠ سنة )

سهوه في الصلاة غير صحيح :

س : قال الحرّ العاملي : « ذكر السهو في هذا الحديث وأمثاله ـ يقصد حديث السهو ـ محمول على التقية في الرواية ، كما أشار إليه الشيخ وغيره ، لكثرة الأدلّة العقلية والنقلية على استحالة السهو عليه مطلقاً »(١) .

كيف يحمل على التقية؟ وكيف نعرف أيّهما قاله الإمام تقية؟ إنّ التقية تستلزم إظهار خلاف المعتقد ، والوقوع في الأخطاء والذنوب ، ومن ثمّ يقلّد الأتباع الأئمّة ، لقد جمع الشيعة في هذا المعتقد بين المتناقضات ، فإمّا أن يقولوا بالعصمة ، وإمّا أن يقولوا بالتقية ، أمّا الجمع بين الاثنين فهو تناقض واضح وبيّن.

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ٨ / ١٩٩.

٣٥٠

وإن كان العاملي ينقل كثرة الأدلّة العقلية والنقلية على استحالة السهو عليه مطلقاً ، فالمجلسي نفسه ينقل كثرة الأدلّة على صدور السهو عن الأئمّة ، حيث يقول : « وبالجملة المسألة في غاية الإشكال ، لدلالة كثير من الأخبار والآيات على صدور السهو عنهم »(١) .

وكان ابن بابويه وغيره من شيعة القرن الرابع يعتبرون الردّ لهذه الروايات ـ روايات سهو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في صلاته ـ يفضي إلى إبطال الدين والشريعة.

يقول ابن بابويه : « ولو جاز أن تردّ الأخبار الواردة في هذا المعنى لجاز أن تردّ جميع الأخبار ، وفي ردّها إبطال الدين والشريعة ، وأنا احتسب الأجر في تصنيف كتاب منفرد في إثبات سهو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والردّ على منكريه إن شاء الله تعالى »(٢) .

ويؤيّد هذا القول ـ وهو الاعتقاد بأنّ الأئمّة يسهون ـ هو مذهب جميع الشيعة ، ونرى في كتابات شيعية معاصرة أُخرى نقل إجماع الشيعة على نفي السهو عنهم(٣) ، وأنّ ذلك من ضرورات مذهب التشيّع فمن نصدّق؟ ومن هو الذي يعبّر عن مذهب الشيعة؟

وأخيراً أقول : اعتقادنا ـ أهل السنّة ـ في مسألة العصمة هو الموافق لنصوص الكتاب ، فكلّ هذه الآيات التي تفيد وجود ذنوب وتوبة ومعصية ونسيان كُلّها تؤيّد عقيدة أهل السنّة ولله الحمد ، فمن تلك النصوص في كتب الشيعة :

قيل للإمام الرضا : إنّ في سواد الكوفة قوماً يزعمون أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يقع عليه السهو في صلاته ، فقال : « كذبوا لعنهم الله ، أنّ الذي لا يسهو هو الله الذي لا إله إلاّ هو »(٤) .

وهناك نصوص كثيرة في كتبكم تفيد أنّ الأئمّة يستغفرون الله ويعترفون بالمعصية ، بل إنّ علمائكم المتقدّمين كانوا يلعنون من نفى السهو عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنت ترى أنّه بذلك يلعن المظفّر ومن وافقه!

__________________

١ ـ بحار الأنوار ٢٥ / ٣٥١.

٢ ـ من لا يحضره الفقيه ١ / ٣٦٠.

٣ ـ صراط الحقّ ٣ / ١٢١.

٤ ـ عيون أخبار الرضا ١ / ٢١٩.

٣٥١

يقول ابن بابويه : « إنّ الغلاة والمفوضة لعنهم الله ينكرون سهو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ويقولون : لو جاز أن يسهوعليه‌السلام في الصلاة لجاز أن يسهو في التبليغ ، لأنّ الصلاة فريضة كما أنّ التبليغ عليه فريضة وليس سهو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كسهونا ، لأنّ سهوه من الله عزّ وجلّ ، وإنّما أسهاه ليعلم أنّه بشر مخلوق ، فلا يتّخذ ربّاً معبوداً دونه ، وليعلم الناس بسهوه حكم السهو متى سهوا وكان شيخنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد يقول : أوّل درجة في الغلوّ نفي السهو عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله »(١) .

قد يظنّ ظانّ أنّ نفي العصمة على الصورة الإمامية فيه تنقيص من شأن الأنبياء؟ فنقول : إنّ الصواب هو أن تعتقد فيما دلّت عليه نصوص الكتاب ، ولاشكّ أنّ الغلوّ في أي أمر لا يعدّ أمراً محموداً بل هو مذموم.

ونقول : إنّ الأنبياءعليهم‌السلام إن أخطأوا فإنّهم سرعان ما يتوبون ، ويكونون بعد الذنب خيراً منهم قبل الذنب ، إذ بدّل الله سيّئاتهم حسنات ، والله تعالى يحبّ التوّابين العائدين.

ج : إذا ثبت عندنا بالدليل القاطع أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يستحيل عليه السهو مطلقاً ، فإنّ كُلّ الروايات التي ظاهرها يوحي إلى نسبة السهو للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يجب أن تأوّل إلى ما يتوافق مع الدليل القاطع ـ سواءً كان ذلك الدليل القاطع عقلياً أو نقلياً ـ وعلى هذا الأساس حمل الشيخ الحرّ العامليقدس‌سره الروايات على التقية ، وهذا هو أحد الوجوه العلمية لتأويل تلك الروايات ، التي تتعارض مع الدليل القاطع ، وهناك وجوه أُخرى لرفع التعارض.

أمّا كيفية معرفة ما قاله الإمام تقية ، فيكون بعدّة أُمور منها :

١ ـ تعارض الخبر مع الأدلّة القاطعة.

٢ ـ وجود قرائن داخلية أو خارجية.

٣ ـ موافقة الأخبار لروايات أهل المذاهب التي يُتّقى منها في زمن الرواية.

__________________

١ ـ من لا يحضره الفقيه ١ / ٣٥٩.

٣٥٢

ولا تناقض في البين ، إذ نحن نقول : إنّا نعتقد بالعصمة ونعتقد أيضاً بالتقية ، والعمل على أساس التقية لا يقدح بالعصمة ، وليس العمل بالتقية يستلزم الوقوع في الخطأ ، بل هو رخصة أجازها الشارع المقدّس ، بل العمل على التقية في بعض الأحيان واجب لا يجوز مخالفته ، وبالحقيقة أنّ تصوّر الملازمة بين القول بالتقية ونفي العصمة ما هو إلاّ وهم من الأوهام ، وإلاّ فبيّن لنا الملازمة؟!

ثمّ إنّ الذي يعبّر عن رأي مذهب الشيعة هو العالم الذي يأتي بدليل ، ويبطل جميع الأدلّة التي تتعارض مع دليله ، ونحن ممّن لا نعرف الحقّ بالرجال ، ولكن نعرف الرجال بالحقّ ، ولا يقبل قول أيّ عالم إذا تعارض مع الدليل القاطع.

وصاحب البحار الذي تنقل عبارته ، وإن ذكر تلك العبارة ، إلاّ أنّه أيضاً ممّن يقول فيه : « إذا عرفت هذا فأعلم : أنّ العمدة فيما اختاره أصحابنا من تنزيه الأنبياء والأئمّةعليهم‌السلام من كُلّ ذنب ودناءة ومنقصة قبل النبوّة وبعدها قول أئمّتناعليهم‌السلام بذلك المعلوم لنا قطعاً ، بإجماع أصحابنا ( رضوان الله عليهم ) مع تأييده بالنصوص المتظافرة ، حتّى صار ذلك من قبيل الضروريات في مذهب الإمامية »(١) .

وحتّى الإسهاء الذي يريد ابن بابويه إثباته للرسول لم يرتضه من جاء بعده من العلماء ، فقالوا : النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله منزّه حتّى عن الإسهاء من قبل الله تعالى.

والحقّ هو : نفي السهو عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى بذلك المعنى ، وعدم الاعتداد بالروايات التي تنسب السهو للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك لوجوه :

الأوّل : إنّ هذه الروايات معارضة لظاهر القرآن الدالّ على أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مصون عن السهو ، كما في قوله تعالى :( وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللهُ

__________________

١ ـ بحار الأنوار ١١ / ٩١.

٣٥٣

عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ) (١) وغيرها من الآيات.

الثاني : إنّ هذه الروايات معارضة لأحاديث كثيرة تدلّ على صيانة النبيّ عن السهو ، وقد جمعها المحدّث الحرّ العاملي في كتابه « التنبيه بالمعلوم من البرهان ».

الثالث : إنّ ما روته الإمامية من أخبار السهو ، أكثر أسانيده ضعيفة ، وأمّا النقي منها فخبر واحد لا يصحّ الاعتماد عليه في باب الأُصول.

الرابع : إنّها معارضة للأدلّة العقلية ، والتي منها :

١ ـ الوثوق فرع العصمة.

إنّ ثقة الناس بالأنبياء ـ وبالتالي حصول الغرض من بعثتهم ـ إنّما هو رهن الاعتقاد بصحّة مقالهم وسلامة أفعالهم ، وهذا بدوره فرع كونهم معصومين عن الخلاف والعصيان في السرّ والعلن عمداً وسهواً ، من غير فرق بين معصية وأُخرى ، ولا بين فترة من فترات حياتهم وأُخرى.

٢ ـ إنّ الهدف العام الذي بُعث لأجله الأنبياء هو تزكية الناس وتربيتهم ، وأنّ التربية عن طريق الوعظ والإرشاد وأن كانت مؤثّرة ، إلاّ أنّ تأثير التربية بالعمل أشدّ وأعمق وآكد ، وذلك أنّ التطابق بين مرحلتي القول والفعل هو العامل الرئيسي في إذعان الآخرين بأحقّية تعاليم المصلح والمربّي.

ولو كان هناك انفكاك بينهما لأنفضّ الناس من حول النبيّ أو الرسول ، وفقدت دعوته أيّ أثر في القلوب ، ولأجل ذلك يقول سبحانه :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ ) (٢) .

وهذا الأصل التربوي يجرّنا إلى القول بأنّ التربية الكاملة المتوخّاة من بعثة الأنبياء ، وترسيخها في نفوس المتربّين لا تحصل إلاّ بمطابقة أعمالهم لأقوالهم ، فليس هناك مجال لمخالفة أعمالهم لأقوالهم حتّى على سبيل السهو.

__________________

١ ـ النساء : ١١٣.

٢ ـ الصف : ٢ ـ ٣.

٣٥٤

وإذا رجعنا إلى الروايات التي رواها أصحاب الصحاح ، فمع غض النظر عن إسنادها ، فإنّها مضطربة جدّاً في متونها.

والإجماع الذي يقوله صاحب صراط الحقّ لا يقدح به خروج بعض العلماء المعروفي النسب ـ كالصدوق وشيخه ابن الوليد ـ كما هو محقّق في محلّه من الأُصول.

ورواية الإمام الرضاعليه‌السلام لو سلّمنا بصحّة سندها ، فهي من أخبار آحاد ، ولا يمكن الاعتماد عليها في باب الأُصول كما عرفت ، ولتعارضها دلالة مع عشرات الأدلّة التي تشير إلى خلاف مدلولها.

ثمّ إنّ العصيان قد يأتي بمعنى خلاف الأولى ، فإنّه يسمّى عصياناً وسيّئة ـ كما ورد في الحديث «حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين » ـ والروايات والنصوص التي تنسب الذنب والمعصية إليهمعليهم‌السلام ، هي أمّا أنّها لا تدلّ على ما يقدح بالعصمة ـ ولكن فهمك القاصر يوحي لك بذلك ـ أو أنّ الروايات لا يعتمد عليها لضعف أو إرسال سندها.

ولو فرض وجود رواية أو روايتين ، فلا يمكن الاعتماد عليها ، وتُترك الأدلّة العقلية والنقلية القاطعة الكثيرة الدالّة على مطلق عصمتهمعليهم‌السلام .

والعلماء المتقدّمون الذين تذكرهم ، ما هم إلاّ ابن بابويه ، وشيخه محمّد بن الحسن ، وشذوذ اثنين لا يخرق الإجماع الذي عليه علماء الإمامية.

وقد ردّ قول ابن بابويه بسهو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله علماء عصره ومن جاء بعده ، فالحرّ العاملي يردّ ويقول : « واستحالة السهو على المعصوم مطلقاً متّفق عليه من الإمامية ، لم يخالف فيه إلاّ ابن بابويه ، وهو أولى بالسهو من النبيّ »(١) .

وهذا تلميذ ابن بابويه الشيخ المفيد يردّ على أُستاذه فيقول : « الذي خالف في هذا ، وقال بجواز وقوع السهو والنسيان عن المعصوم ، هو الشيخ الصدوق أبو جعفر

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ٨ / ٢٥٢.

٣٥٥

ابن بابويه القمّيقدس‌سره ، فإنّه نظراً إلى ظاهر بعض روايات واردة في ذلك ، كالخبر المروي عن طرق العامّة وزعم أنّ من نفى السهو عنهم هم الغلاة والمفوّضة ومحقّقو أهل النظر من الإمامية ذهبوا إلى نفي وقوع السهو في أُمور الدين عنهم ، لما دلّ على ذلك من الأدلّة القطعية عقلاً ونقلاً ، والأدلّة الدالّة على عصمتهم »(١) .

حتّى أنّه ألّف رسالة في عدم سهو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذكر فيها وهو في ذلك الزمان ـ زمان العلماء المتقدّمين ـ : « وإن شيعياً ـ يعتمد على هذا الحديث في الحكم على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالغلط والنقص ، وارتفاع العصمة ـ لناقص العقل ، ضعيف الرأي ، قريب إلى ذوي الآفات المسقطة عنهم التكليف »(٢) .

فهذه هي عقيدتنا منذ ذلك الزمن ، وليس هنا أيّ تحوّل كما تدّعي ، وليس هنا أيّ غلوّ سوى ما ينسبه ابن بابويه وشيخه ، وقد ردّ عليهم الشيخ المفيد ـ تلميذ ابن بابويه ـ في رسالته تلك ، حتّى أنه قال : « وينبغي أن يكون كُلّ من منع السهو على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في جميع ما عددناه من الشرع ، غالياً كما زعم المتهوّر في مقاله : أنّ النافي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله السهو غال ، وخارج عن حد الاقتصاد »(٣) .

( إبراهيم أحمد ـ السعودية ـ ٣٣ سنة ـ طالب جامعة )

لم يحرّم على نفسه ما هو حرام :

س : بعلمنا أنّ الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله معصوم ، فلا يحرّم ولا يحلّل إلاّ من عند الله ، فما هو تفسيركم للآية التي تقول : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ ) (٤) ، أفيدوني ، ودمتم سالمين.

ج : يتّضح الجواب بعد بيان عدّة أُمور :

__________________

١ ـ أوائل المقالات : ١٧١.

٢ ـ عدم سهو النبيّ : ٧.

٣ ـ المصدر السابق : ٣٠.

٤ ـ التحريم : ١.

٣٥٦

أوّلاً : ليس المراد بالتحريم هنا أنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله شرّع على نفسه الحرمة ، مقابل ما شرّع الله له من الحلّية ، فهذا ما لم يكن ، بل يعني أنّه منع على نفسه ما هو حلال له ، وأوجبه بالحلف ، وهذا ليس تشريعاً ولا قبيحاً ، فإنّ تحريم المرء ما هو حلال له بسبب من الأسباب ، أو لغير سبب ليس حراماً ، ولا من جملة الذنوب ، مع أنّه قد يقال لتارك النَفل لِمَ لَمْ تفعله مع كونه نفلاً؟

وبقرينة :( تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ) يظهر أنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قام بعمل ممّا أحلّ الله له ، فآذاه بعض أزواجه وضيقن عليه ، وألجأنه بسبيل إرضائهن على أن يحلف لهن بتركه وعدم فعله بعد ذلك ، والمسؤولية في هذا تتوجّه إليهن في الحقيقة ، فهن من حملنه على ما ليست لهن بحقّ.

ويؤيّد ذلك قوله تعالى :( إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ ) (١) .

ويومئ إلى ذلك أنّ الله تعالى حين أمر نبيّه أن يتحلّل من يمينه في قوله :( قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ) (٢) ختمها بقوله :( وَالله مَوْلاَكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) فهي تشعر بالنصرة لهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبيان علم الله وحكمته التي كانت وراء أمره له.

وهذا هو الوارد في الخبر ، فقد روي : أنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله كان في بيت حفصة في نوبتها فاستأذنته في الذهاب إلى بيت أبيها لحاجة ، فأذن لها ، فلمّا ذهبت أرسل إلى جاريته مارية القبطية فكانت عنده فلمّا عادت حفصة ووجدتها خاصمته قائلة : إنّما أذنت لي من أجل هذا ، أدخلت أمَتك بيتي ، ثمّ وقعت عليها في يومي ، وعلى فراشي أما رأيت لي حرمة وحقّاً؟! فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أليس هي جاريتي؟ قد أحلّ الله ذلك لي ، اسكتي فهو حرام عليّ »(٣) .

__________________

١ ـ التحريم : ٤.

٢ ـ التحريم : ٢.

٣ ـ مجمع البيان ١٠ / ٥٦.

٣٥٧

ويبدو أنّ أُخريات ظاهرن حفصة ومنهنّ عائشة ، ولم يرضين حتّى حلف على عدم مقاربته لمارية بعد ذلك ، وحين أنزل الله سورة التحريم ، ومع تكريمه له في مخاطبته بلقب النبوّة ، فإنّ قوله :( لِمَ تُحَرِّمُ ) مشوب بالعتاب ، ولذلك فإنّه حين تحلّل من يمينه طلّق حفصة ، وهجر نساءه سبعة وعشرين يوماً ، وسكن في مشربة أُمّ إبراهيم ـ مارية القبطية ـ ونزلت آية التخيير له في نسائه ، وبهذا يتّضح لك أنّ لا منافاة بين الخطاب في هذه الآية وبين العصمة.

ثانياً : إنّ كُلّ ما ورد في القرآن الكريم ممّا ظاهره عتاب أو لوم للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهو محمول على مخالفة الأولى من حيث المصلحة الواقعية ، شخصية أو اجتماعية ، حزبية أو سياسية ، أو ما يشبه ذلك ، وليس على المخالفة الشرعية أو الخُلقية.

ثالثاً : إنّ كثيراً ممّا خوطب به الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله في القرآن ممّا لا يناسب مقامه ، أو ما هو مفروض فيه كرسول ، علماً وتوحيداً وعصمةً لا يقصد به الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله نفسه وإنّما الناس ، ولذلك ورد عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : « إنّ الله تعالى بعث نبيّه بإياك أعني واسمعي يا جارة ، فالمخاطبة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والمعنى للناس »(١) .

وذكروا في الأمثلة قوله تعالى :( وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا ) (٢) ، وقوله تعالى :( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ) (٣) ، فهما ممّا لا يمكن أن يصدرا عنه بحكم علمه وعصمته ، وقوله تعالى على سبيل الإخبار :( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ) (٤) فإنّ القصد فيها أن يعلم الناس أنّه لا يمكن أن يفعل ذلك لا تجويز المنقول عليه حاشاه.

__________________

١ ـ تفسير القمّي ٢ / ١٧١.

٢ ـ الإسراء : ٣٩.

٣ ـ الأحزاب : ١.

٤ ـ الحاقة : ٤٤ ـ ٤٦.

٣٥٨

( حسين حبيب عبد الله ـ البحرين ـ ٢٠ سنة ـ طالب جامعة )

ما ينطق عن الهوى فيما يتعلّق بالوحي :

س : سؤالي يدور حول : هل أنّ الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله كُلّ ما يلفظه وحي ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ) (١) ، فمثلاً : عندما يقوم بأمر معيّن من باب اجتهاد شخصي وليس وحي ، مع وجود العصمة فلا يقع في الخطأ ، فهل هذا ممكن؟ أم أنّ ما يصدر من النبيّ من كلمة أو حركة كان وحياً وأمراً إلهياً؟ رجاءً التوضيح مع الشكر.

ج : ليس مقصود الآية الكريمة مطلق الأقوال الصادرة من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل خصوص ما من شأنه الارتباط بالوحي ، فإذا قالصلى‌الله‌عليه‌وآله لشخص : أفتح الباب أو أغلقها مثلاً ، فليس شأن مثل هذا الارتباط بالوحي ، فلا يكون مشمولاً للآية الكريمة ، أمّا إذا قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «آتوني بكتاب اكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً »(٢) ، فحيث أنّ المناسب لمثله الارتباط بالوحي ، فيكون مشمولاً للآية الكريمة.

وقد تسأل عن القرينة على تخصيص الآية الكريمة بما ذكر؟ إنّ القرينة نفس التعبير الوارد فيها ، حيث قالت :( إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ) (٣) ، فما يرتبط بالوحي لا ينطق به عن الهوى.

( علي ـ البحرين ـ ٢٥ سنة ـ طالب )

العفو عن تركه الأولى :

س : قال تعالى : ( عَفَا اللهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حتّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ ) (٤) ، نلاحظ الخطاب موجّه لرسولنا الكريم صلى‌الله‌عليه‌وآله ، هل معناه ترك الأولى؟ أو ليس من ذلك شيء؟

__________________

١ ـ النجم : ٣.

٢ ـ صحيح البخاري ٤ / ٣١.

٣ ـ النجم : ٤.

٤ ـ التوبة : ٤٣.

٣٥٩

وإنّ كان ليس للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، هل يعني الله تعالى عفا عن المنافقين ، كما قال عزّ من قائل :( عَفَا اللهُ عَنكَ ) ؟ وهل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يأذن لهم؟ ومنهم الذين أذن لهم؟ أي من هو الشخص الذي أذن لشخص آخر؟

وقال تعالى :( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) (١) .

هل هذا عتب؟ ونرجو بيان( وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ، هل يعني هناك ذنب ولو أولى؟ والله تعالى غفر له؟ وما معنى الرحمة هذه؟ والمعروف ضدّها غضب والعياذ بالله؟ والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله معصوم ورحمة للعالمين.

وما معنى :( قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ) ؟ وهل يعني هناك ذنب والعياذ بالله؟ وإن لم يكن ذلك لماذا فرض الله تحلّة الإيمان؟ وهلاّ ضربتم لنا مثالاً في حياتنا؟ إن لم يكن ذنب وجب علينا تحلّة الإيمان؟ على العموم أنا مؤمن أنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله معصوم من كُلّ ذنب ، وكذلك الأئمّة عليهم‌السلام ، ولكن أُريد توضيحاً منكم.

ج : علينا في البداية أنّ نعرف المضمون الإجمالي للآية الكريمة ، وحاصله : أنّ بعض المنافقين جاء إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في غزوة تبوك ، وأخذ ببيان بعض الأعذار الواهية في تركه الخروج للغزوة ، وكان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يعرف أن أعذارهم باطلة ، وأنّهم لا يريدون الخروج رأساً ، وأنّ استنادهم إلى تلك الأعذار ليس صادقاً.

أي أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعلم أنّه حتّى لو لم يأذن لهم يتركون الحرب ، وينكشفون آنذاك لجميع المسلمين ، وحيث أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عرف واقع الحال أذن لهم ، ونزلت الآية لتقول : إنّك لو لم تأذن لهم لانكشف حالهم إلى جميع المسلمين بسرعة ، فالمسألة مسألة عتاب على ترك الأولى ، أي أنّ الأولى له كان هو عدم الأذن لهم ، حتّى ينكشف حالهم للجميع بسرعة.

فالخطاب إذاً موجّه إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وليس إلى المنافقين ، والعفو المذكور عفو عن ترك الأولى.

__________________

١ ـ التحريم : ١ ـ ٢.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

ومنه يظهر أنّ تعريفهعليه‌السلام لتلك الفقرات هو تعريف خاصّ ، يجب ملاحظته في فهم كلامهعليه‌السلام في المقام.

٤ ـ وأخيراً : توجد في نفس نهج البلاغة كلمات وخطب أُخرى تصرّح باحتمال تواجد الحقّ مع القلّة ، مثل : «لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلّة أهله »(١) ، أو« إنّ هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا بقلّة »(٢) .

وعليه ، فيجب أن نفهم كلام الإمامعليه‌السلام في المقام بشكل يتّفق مع كلماته وخطبه في سائر الموارد.

( محمّد ـ أمريكا ـ )

لم يذكر فيه كسر ضلع الزهراء :

س : إذا ثبتت مسألة كسر ضلع الزهراء عليها‌السلام عند علمائنا الأجلاّء ، فلماذا لم يرد ذكرها في نهج البلاغة؟ علماً أنّ الإمام علي عليه‌السلام ذكر معظم ما جرى له في حياته في خطبه المجموعة في نهج البلاغة؟

ج : أوّلاً : إنّ الشريف الرضيقدس‌سره جمع خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام ورسائله وكلماته القصار ، وكان نظره إلى الجانب الأدبي والبلاغي في كلامهعليه‌السلام ، ولم يجمع كُلّ كلام الإمامعليه‌السلام ، حتّى أنّه لم يورد في بعض الأحيان الخطبة بأكملها ، بل أورد قسماً منها.

وعليه ، فلا يرد الإشكال إذا لم ترد مسألة كسر الضلع في نهج البلاغة صريحاً ، مع أنّه أشارعليه‌السلام إلى مظلومية الزهراءعليها‌السلام بإشارات يفهمها اللبيب ، وبعبارات بليغة ، وجمل ظريفة ، حيث قالعليه‌السلام ـ عند دفن فاطمةعليها‌السلام ، كالمناجي به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند قبره ـ :

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١٠ / ٢٦١.

٢ ـ المصدر السابق ٩ / ٩٥.

٤٤١

« السَلامُ عَلَيكَ يا رَسولَ اللهِ عَنّي وَعَن ابنَتِكَ النازِلَة في جِوارِكَ ، وَالسَريعَةِ اللِحاقِ بِكَ! قَلَّ يا رَسولَ الله عَن صَفِيّتِكَ صَبري ، وَرَقّ عَنها تَجَلُدي ، إلاّ أنَّ فِي التَأسّي لي بِعَظيمِ فُرقَتِكَ ، وَفَادِحِ مُصيبَتِكَ مَوضِعَ تَعَزّ ، فلقد وَسّدتُكَ في مَلحودةِ قَبرك ، وفاضَت بينَ نَحري وصَدري نفسُكَ ، إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، فَلَقَد استُرجِعت الوَديعة ، وأخذتِ الرَهينة!

أمّا حُزني فَسَرمَدٌ ، وأمّا لَيلي فَمُسَهّدٌ ، إلى أن يَختارَ اللهُ لي دارك التي أنتَ بِها مُقيم ، وسَتُنَبئكَ ابنتُكَ بِتَضافُرِ أُمّتك عَلَى هَضمِها ، فَأحفِها السُؤالَ ، واستَخبِرها الحالَ ، هذا وَلَم يَطُلِ العَهدُ ، ولَم يَخلُ مِنكَ الذكر ، والسلام عليكما سَلامَ مُودّعٍ ، لا قالٍ ولا سَئمٍ ، فإن أنصَرِف فَلا عَن مَلالةٍ ، وَإن أُقِم فلا عَن سُوء ظَنّ بما وَعَدَ اللهُ الصابِرينَ »(١) .

وفي الختام ننبّهك إلى عدّة نقاط :

١ ـ ليست كُلّ الخطب قد وصلت إلينا ، لأنّ أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام وشيعتهم ـ وعلى مرّ العصور ـ كانوا مظلومين مقهورين ، وفي حالة تقية ، وكذلك الأيادي الأثيمة دمّرت الكثير من تراث أهل البيتعليهم‌السلام .

وبناء عليه إذا لم ترد مسألة كسر الضلع في خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام الواصلة إلينا ، فإنّ هذا لا يعني أنّهمعليهم‌السلام لم يذكروا هذه المسألة في خطبهم ، بالأخصّ مع تصريحهمعليهم‌السلام إلى هذا المطلب في أحاديثهم ورواياتهم الواصلة إلينا.

٢ ـ إنّ مقام الخطبة غير مقام الكلام والحديث ، ففي الخطبة تراعى المسائل البلاغية والإشارات إلى المطالب التي لم يمكن التصريح بها ، لأنّ الخطبة تكون في الملأ العام ، وهذا بخلاف الأحاديث الخاصّة ، والتي تقال لخواص الأصحاب.

٣ ـ إنّ من أكثر المسائل التي حاول النواصب طمسها وامحاءها هي مسألة مظلومية الزهراءعليها‌السلام ، لأنّها المصداق البارز للتبرّي الذي بُني عليه التشيّع بعد

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١٠ / ٢٦٥.

٤٤٢

التولّي ، وكذلك هو الدليل القاطع على فضائح القوم ، فحاول الخصم بكُلّ جهده أن لا تصل هذه الحقائق.

فبعد هذا ، كُلّ ما وصل إلينا من مصاديق مظلومية الزهراءعليها‌السلام فهو من المعجزات ، وبسبب تضحيات العلماء ، الذين ضحّوا بكُلّ شيء لأجل إيصال هذه الحقائق.

( علي ـ ـ )

الخطبة الشقشقية في مصادر سنّية :

س : ناقشي صديق سنّي حول الخطبة الشقشقية لأمير المؤمنين عليه‌السلام ، وأنّها لا صحّة لها لعدم وجود خلاف بين الإمام والخلفاء ، ولم تذكرها كتب علماء أهل السنّة القدماء ، فهل بإمكانكم تزويدي بمصادر الخطبة في كتب السنّة.

ج : إنّ الخطبة الشقشقية من خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام المشهورات ، وقد روتها العامّة والخاصّة ، وشرحوها ، وضبطوا ألفاظها من دون غمز في متنها ، ولا طعن في أسانيدها.

وتكاد أن تكون هذه الخطبة هي الباعث الأوّل ، والسبب الأكبر لمحاولة تزييف نهج البلاغة بإثارة الشبهات الواهية حوله ، وتوجيه الاتهامات الباطلة لجامعه الشريف الرضي بوضعها ، وما علموا أنّ هذه الخطبة بالخصوص مثبّتة في مصنّفات العلماء المشهورة ، وخطوطهم المعروفة قبل أن تلد الرضي أُمُّه ، وإليك طائفة من علماء السنّة الذين رووها ، أو استشهدوا ببعض مقاطعها.

١ ـ الإنصاف في الإمامة لابن قبة الرازي ، كان من المعتزلة ، ومن تلامذة أبي القاسم البلخي شيخ المعتزلة ، ثمّ انتقل إلى مذهب الإمامية.

٤٤٣

٢ ـ أبو القاسم البلخي الكعبي ، المتوفّى سنة ٣١٧ هـ ، إمام البغداديين من المعتزلة ، له تصانيف تضمّن بعضها كثيراً من الخطبة الشقشقية ، كما شهد لنا بذلك ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة(١) .

٣ ـ العقد الفريد لابن عبد ربّه المالكي ، المتوفّى سنة ٣٢٨ هـ ، كما نقل ذلك العلامة المجلسي في البحار(٢) .

ويؤيّد ما نقله المجلسي : أنّ القطيفي ـ في كتاب الفرقة الناجية ـ نصّ على أنّها في الجزء الرابع من العقد الفريد ، ثمّ جاءت الأيدي الأمينة على ودائع العلم! فحذفتها عند النسخ أو عند الطبع ، وكم لهم من أمثالها.

٤ ـ المغني للقاضي عبد الجبار المعتزلي ، المتوفّى ٤١٥ هـ.

٥ ـ نثر الدرر ، وكتاب نزهة الأديب للوزير أبي سعيد الآبي ، المتوفّى ٤٢٢ هـ.

٦ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي(٣) .

٧ ـ تذكرة الخواص لابن الجوزي : ١٣٣.

هذا ، وأنّ كتب الأدب ومعاجم اللغة ، لا تخلو من ذكر الخطبة الشقشقية :

أ ـ مجمع الأمثال للميداني ١ / ٣٦٩.

ب ـ النهاية لابن الأثير(٤) .

ج ـ لسان العرب لابن منظور في مادّة شقشق(٥) .

د ـ تاج العروس للزبيدي(٦) .

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ٢٠٥.

٢ ـ بحار الأنوار ٢٩ / ٥٠٦.

٣ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ١٥١.

٤ ـ النهاية لابن الأثير ٢ / ٤٩٠.

٥ ـ لسان العرب ١٠ / ١٨٥.

٦ ـ تاج العروس ٦ / ٣٩٨.

٤٤٤

( يوسف العاملي. المغرب )

حول عبارة خطرك يسير :

س : جاء في نهج البلاغة في باب حكم أمير المؤمنين عليه‌السلام عبارة هي : وخطرك يسير ـ أي الدنيا ـ ووجدت في كتاب آخر : وخطرك كبير ، فما هو الأصل؟

ج : بحسب المصادر الموجودة عندنا العبارة المذكورة هكذا : « وخطرك يسير »(١) ، ووردت عبارة : « وخطرك حقير »(٢) ، كنسخة أُخرى من عبارة : خطرك يسير.

نعم ، ووردت عبارة : « وخطرك كبير » في بعض المصادر(٣) .

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١٨ / ٢٢٤ ، خصائص الأئمّة : ٧١ ، روضة الواعظين : ٤٤١ ، شرح الأخبار ٢ / ٣٩٢ ، مناقب آل أبي طالب ١ / ٣٧١ ، عدة الداعي : ١٩٥ ، تاريخ مدينة دمشق ٢٤ / ٤٠١ ، ينابيع المودّة ١ / ٤٣٨.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ١٨ / ٢٢٦.

٣ ـ كشف الغمّة ١ / ٧٦ ، بحار الأنوار ٧٥ / ٢٣.

٤٤٥
٤٤٦

الوحدة الإسلامية :

( عبد الحميد صالح المعراج ـ السعودية ـ )

تتحقّق بالتمسّك بوصية الرسول :

س : كيف يتمّ التقريب بين المذهب السنّي والمذهب الشيعي؟ بحيث نتوصّل إلى وحدة باطنية ووحدة ظاهرية ، حيث يتمّ الإقناع لكُلّ من السنّي والشيعي ، بحيث لا يبقى مجال لينكر أحدهما على الآخر ، وبالتالي يعيش كُلّ منهما في سعادة واطمئنان وسلام.

ج : إنّ التمسّك بوصية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هو الحلّ الوحيد لإيجاد التقريب ، والتوصّل إلى الوحدة الباطنية ، وذلك يتمّ ببحث أُمور :

١ ـ ما هي وصية الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لأُمّته؟ الجواب : حديث الثقلين.

٢ ـ هل جاء في حديث الثقلين « الكتاب والعترة » أو « الكتاب والسنّة »؟ الجواب : ورد في حديث الثقلين « الكتاب والعترة » ، كما ورد به الكثير من الأخبار الصحيحة في الصحاح والمسانيد المعتبرة(١) ، وأمّا ما ورد من الوصية

__________________

١ ـ أُنظر : فضائل الصحابة : ١٥ ، الجامع الكبير ٥ / ٣٢٨ ، تحفة الأحوذي ١٠ / ١٩٦ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤١٨ ، كتاب السنّة : ٣٣٧ و ٦٢٩ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ٤٥ و ١٣٠ ، خصائص أمير المؤمنين : ٩٣ ، المعجم الصغير ١ / ١٣٥ ، المعجم الأوسط ٤ / ٣٣ و ٥ / ٨٩ ، المعجم الكبير ٣ / ٦٦ و ٥ / ١٥٤ و ١٦٦ و ١٧٠ و ١٨٢ ، شرح نهج البلاغة ٩ / ١٣٣ ، نظم درر السمطين : ٢٣٢ ، كنز العمّال ١ / ١٧٢ و ١٨٦ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ١٢٢ ، المحصول ٤ / ١٧٠ ، الإحكام للآمدي ١ / ٢٤٦ ، الطبقات الكبرى ٢ / ١٩٤ ، علل الدارقطني ٦ / ٢٣٦ ، أنساب الأشراف : ١١١ و ٤٣٩ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٢٨ ، السيرة

٤٤٧

بالكتاب والسنّة ، فهو حديث ضعيف صرّح بضعفه كبار محدّثي علماء القوم(١) .

٣ ـ من هم أهل البيت؟ الجواب : ورد في تفسير آية التطهير أنّهم : النبيّ وعلي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام .

٤ ـ هل النساء من أهل البيت؟ حيث يستدلّ بسياق الآية على دخولهن في مصداق أهل البيت؟ الجواب : السياق حجّة إذا لم يرد دليل آخر يخالفه ويخرجه عن السياق ، ولكن الروايات المعتبرة خصّصت أهل البيت بهؤلاء ، وأخرجت غيرهم ، حيث أنّ أُمّ سلمة سألت النبيّ : وأنا منهم؟ فأجاب : «إنّك على خير »(٢) .

وبعد كُلّ هذا ، فإنّ التمسّك بوصية النبيّ لأُمّته خير طريق لإيجاد الوحدة.

( عمر بن محمّد ـ السعودية ـ سنّي )

مطلوبة بين المسلمين :

س : الحقيقة أنّكم إخواننا في الإسلام ، ونحن الآن في عصر العولمة والتقدّم ، ولعلّنا نستفيد من هذا التقدّم بدفع عجلة الانصهار الطائفي إلى الأمام ، أعني لابدّ للشيعة والسنّة أن يكونوا على قلب واحد لمواجهة الآفة الكبرى أمريكا وإسرائيل ، نحن يا أخواني نعبد الله ، ونحجّ ونصوم ، وقبلتنا

__________________

النبوية لابن كثير ٤ / ٤١٦ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٦ و ١٢ / ٢٣٢ ، ينابيع المودّة ١ / ٧٤ و ٩٥ و ٩٩ و ١٠٥ و ١١٢ و ١١٩ و ١٢٣ و ١٣٢ و ٣٤٥ و ٣٤٩ و ٢ / ٤٣٢ و ٤٣٨ و ٣ / ٦٥ و ١٤١ و ٢٩٤ ، النهاية لابن الأثير ١ / ٢١١ و ٣ / ١٧٧ ، لسان العرب ٤ / ٥٣٨ و ١١ / ٨٨ ، تاج العروس ٧ / ٢٤٥.

١ ـ كنز العمّال ١ / ١٨٧ ، العلل ١ / ٩ ، الضعفاء الكبير ٢ / ٢٥١ ، الكامل في ضعفاء الرجال ٤ / ٦٩.

٢ ـ مسند أبي يعلى ١٢ / ٤٥٦ ، المعجم الكبير ٣ / ٥٣ ، شواهد التنزيل ٢ / ١١٥ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٤٢ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ١٣.

٤٤٨

واحدة ، وأنا في الحقيقة يا إخواني لا أفرّق بين المذهبين ، لماذا هذا التراشق والتشكيك بالدين بينكم وبين السنّة؟

أتمنّى أن يأتي اليوم الذي نكون به في خندق واحد ضدّ أمريكا واليهود ، دعونا نعمل للأجيال القادمة ، نزرع لهم الحبّ والوآم قبل أن نزرع الحقد.

في عام ١٩٤٨ م دفعت السفارة البريطانية للكتّاب من الشيعة والسنّة لتأليف كتب معادية للطرفين ، والهدف هو إشعال الفتنة بين المسلمين ، نتمنّى من الله العزيز الحكيم أن يصفّي القلوب ، وتذوب الشوائب ، ويرتفع علم الإسلام خفّاقاً رغماً عن أمريكا ، مع تحياتي للجميع.

ج : نحن نعتقد بالوحدة الإسلامية ، وأنّ المسلمين بأمسّ الحاجة إلى التقارب والاتحاد ، بالأخصّ في وقتنا الحاضر ، ولكن هذا لا يعني ترك الحوار الهادئ الهادف للوصول إلى الحقيقة في المسائل العلمية ، فإنّ الأُمم والحضارات والمدارس الفكرية لا يمكن أن تصل إلى مرحلة الترقّي إلاّ بالتقارب الفكري والحوار الهادف.

فالوحدة مطلوبة ، والحوار الهادف مطلوب أيضاً ، بشرط أن لا يخرج الحوار عن أُسسه العلمية.

( رضا ـ البحرين ـ )

تتحقّق بالحوار الهادف :

س : ما هو رأيكم في التقريب بين المذاهب الإسلامية؟ وما هو المطلوب ، تقريب المذاهب أم توحيدها؟ وما الذي يترتّب على ذلك؟

ج : الآية القرآنية الواردة في الوحدة :( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ ) (١) ، ورد في تفسيرها عند الشعية والسنّة : أنّ المراد بحبل الله هو الكتاب والعترة ، وذلك يفهم بوضوح عند مراجعة حديث الثقلين المتواتر : «إنّي

__________________

١ ـ آل عمران : ١٠٣.

٤٤٩

تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي أبداً ».

فالوحدة الحقيقية : التمحور حول الكتاب والعترة ، والتمسّك بهما ، وأخذ معالم الدين منهما ، ولا يمكن أن نفرّق بينهما «لن يفترقا » ، ولن تفيد التأبيد ، يعني إلى يوم قيام الساعة.

هذا ، وإنّ العقل يحتّم على جميع المسلمين : أن يتركوا المنابزات بالألقاب ، والسباب والشتائم ، وكُلّ شيء يكون سبباً للنفرة ، ويتّحد المسلمون في قبال العدو المشترك ، الذي لا يفتأ عن العمل للإحاطة بالمسلمين.

ومع كُلّ هذا ، فإنّ الاختلاف في الرأي حقيقة ثابتة لا يمكن إنكارها ، ولكن كيف نتعامل مع هذا الاختلاف؟

الوحدة الإسلامية والتقارب يحتّمان على الجميع ، أن يجلسوا على طاولة الحوار الهادف الهادئ لبحث الاختلافات قربة إلى الله تعالى ، متجنّبين عن كُلّ ما يسبّب النفرة ، فإن توصّلوا إلى حلّ فهو المطلوب ، وإلاّ فالاختلاف لا يفسد للودّ قضية.

فالوحدة والتقارب يعني ترك النزاع والالتجاء إلى البحث العلمي الموضوعي المبتني على أُسس علمية.

( أُسامة ـ الأردن ـ سنّي )

لتحقيقها نظرتان :

س : الأحبة في الله ، أعرّفكم بنفسي ، فأنا شافعي من مدرسة فقهية مجدّدة في الأردن ، معجب بجهودكم المباركة ، مبغض لكُلّ نصب وتجسيم وتفريق بين المسلمين ، تخلّصت بفضل الله من التعصّب ، غير أنّي أتمنّى منكم بيان جهودكم في التقريب.

أرجو أن تواصلوني بنصائحكم من أجل توصيل الفائدة للسنّة المعتدلين.

٤٥٠

ج : إنّ للتقريب نظرتان : نظرة تقول : بأن يتّحد المسلمون فيما اتفقوا عليه ، ويتركوا فيما اختلفوا فيه لا يبحثونه بالمرّة ، ونظرة تقول : بأن يتّحد المسلمون فيما اتفقوا عليه ويكون سبباً لتقاربهم ، وأمّا فيما اختلفوا فيه فيجلسون على طاولة الحوار الهادف الهادئ متقرّبين بذلك إلى الله تعالى فيتحاوروا ، فإذا توصّلوا إلى نتيجة فيما اختلفوا فيه فهو المطلوب ، وإذا لم يتوصّلوا إلى حلّ فيما اختلفوا فيه ، فتبقى إخوتهم ومحبّتهم ويواصلوا الحوار.

وهذه النظرية الثانية هي التي يركّز عليها المركز ، وبنى منهجه على وفقها ، وكلّنا أمل في أن يدوم الاتصال فيما بيننا.

٤٥١
٤٥٢

الوضوء :

( أحمد جعفر ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

ما ورد في كيفيته من كتاب الغارات لا يعتمد عليه :

س : طالعت كتاب الغارات للثقفي ، فوجدت فيه طريقة الوضوء ، فكان الحديث عن الإمام علي عليه‌السلام يشرح فيه طريقة الوضوء ، وفي الحديث طريقة الوضوء جاءت مطابقة لطريقة وضوء أهل السنّة ، فما هي الحقيقة حول هذا الحديث؟

ج : إنّ الرواية المذكورة في كتاب الغارات لا يمكن الاعتماد عليها(١) ، وذلك لمعارضتها لروايات متواترةٍ صحيحة تصف الوضوء على طريقة الإمامية المتعارفة المتبعة ، لذا فهي ساقطة عن الاعتبار ، وقد روى هذه الرواية الشيخ المفيدقدس‌سره في أماليه بنفس السند(٢) ، إلاّ أنّ نصّها يؤكّد طريقة وضوء الإمامية خلاف النصّ الوارد في كتاب الغارات ، ممّا جعل المحقّق النوريقدس‌سره ـ صاحب المستدرك على الوسائل ـ أن يعتبر ما ورد في نصّ كتاب الغارات هو من تصحيف العامّة ، أي من تحريفهم(٣) .

لذا فلا طعن في سندها ، إلاّ أنّ نصّها مخالف لروايات متواترة تعارضها ، وبذلك فلا يعتنى بهذه الرواية ولا الأخذ بها ، فإنّ وضوء الإمامية قد وردت فيه روايات صحيحة صريحة متواترة فضلاً عن إجماع الطائفة دون معارض.

__________________

١ ـ الغارات ١ / ٢٤٤.

٢ ـ الأمالي للشيخ المفيد : ٢٦٠.

٣ ـ مستدرك الوسائل ١ / ٣٠٦.

٤٥٣

( الكويت ـ ـ )

كيفيته :

س : كيف يتم الوضوء؟

ج : إنّ الوضوء يتمّ بعدّة أُمور :

أوّلاً : غسل الوجه ، ما بين قصاص الشعر إلى طرف الذقن طولاً ، وما اشتملت عليه الإصبع الوسطى والإبهام عرضاً ، والابتداء بأعلى الوجه إلى الأسفل ، ولا يجوز العكس.

ثانياً : غسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الأصابع ، ولا يصحّ العكس.

ثالثاً : مسح مقدّم الرأس بما بقي من بلل اليد ، بمقدار ثلاثة أصابع مضمومة عرضاً ، وقدر إصبع طولاً ، وأن يكون المسح من الأعلى إلى الأسفل بباطن الكفّ اليمنى.

رابعاً : مسح القدمين من أطراف الأصابع إلى الكعبين.

( سامي مراد ـ الكويت ـ )

غسل اليد من المرفق :

س : قال الله تعالى في آية الوضوء :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ ) (١) .

فأرجو أن توضّحوا لي : لماذا يكون وضوؤنا إلى الأصابع؟ وليس إلى المرافق؟ كما في الآية ، أي إنّنا عندما نريد أن نتوضّأ نغسل أيدينا من المرافق إلى الأصابع؟

ج : قال تعالى :( فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ ) ، والأيدي جمع يد ، وهي العضو الخاصّ الذي به القبض والبسط والبطش وغير ذلك ، وهو : ما

__________________

١ ـ المائدة : ٦.

٤٥٤

بين المنكب وأطراف الأصابع ، وبما أنّ المعظم من مقاصد اليد تحصل بما دون المرفق إلى أطراف الأصابع ، سُمّي هذا المقطع باليد أيضاً ، فصار اللفظ بذلك مشتركاً ، كالمشترك بين الكلّ والأبعاض ، وهذا الاشتراك هو الموجب لذكر القرينة المعيّنة إذا أُريد به أحد المعاني ، ولذلك قيّد تعالى قوله :( وَأَيْدِيَكُمْ ) بقوله :( إِلَى الْمَرَافِقِ ) ، ليتعيّن أنّ المراد غسل اليد التي تنتهي إلى المرافق.

فتبيّن : أنّ قوله تعالى :( إِلَى الْمَرَافِقِ ) قيد لقوله :( أَيْدِيَكُمْ ) ، فيكون الغسل المتعلّق بها مطلقاً غير مقيّد بالغاية ، يمكن أن يبدأ فيه من المرفق إلى أطراف الأصابع ، وهو الذي يأتي به الإنسان طبعاً إذا غسل يده في غير حال الوضوء من سائر الأحوال ، أو يبدأ من أطراف الأصابع ويختم بالمرفق ، لكن الأخبار الواردة من طريق أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام تفتي بالنحو الأوّل دون الثاني ، وبعبارة أسهل نقول :

١ ـ إنّ لفظ الأيدي في الآية الشريفة مشترك بين كونه ما بين المنكب وأطراف الأصابع ، أو ما بين المرفق وأطراف الأصابع.

٢ ـ هذا الاشتراك يحتاج إلى قرينة تعيّنه.

٣ ـ قوله تعالى :( إِلَى الْمَرَافِقِ ) قرينة على تعيين المراد من اليد ، فقوله تعالى :( إِلَى الْمَرَافِقِ ) قيد لقوله تعالى :( وَأَيْدِيَكُمْ ) ، لا قيداً لقوله تعالى :( فاغْسِلُواْ ) ، ولا معنى لكونه قيداً لهما جميعاً.

٤ ـ وبعد هذا ، فإنّ الآية غير ناظرة إلى أنّ الغسل من أين يبدأ فيه ، فحينئذ يرجع فيه إلى السنّة.

٥ ـ إنّ الأُمّة أجمعت على صحّة وضوء من بدأ في الغسل بالمرافق وانتهى إلى أطراف الأصابع ، وهذا يؤيّد مدّعانا من الاستفادة من الآية القرآنية.

٤٥٥

( جنيد عباس ـ غانا ـ )

كيفية وضوء رسول الله :

س : من فضلكم كيف كان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله يتوضّأ؟ لأنّي أرى بعض المسلمين يفعلون شيئاً ، وآخرون يفعلون شيئاً آخر ، لذلك أُريد البيان الكامل منكم.

ج : روى الشيخ الكلينيقدس‌سره عن زرارة وبكير أنّهما سألا أبا جعفرعليه‌السلام عن وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فدعا بطشت ، أو تور فيه ماء ، فغمس يده اليمنى ، فغرف بها غرفة ، فصبّها على وجهه ، فغسل بها وجهه ، ثمّ غمس كفّه اليسرى ، فغرف بها غرفة ، فأفرغ على ذراعه اليمنى ، فغسل بها ذراعه من المرفق إلى الكفّ ، لا يردّها إلى المرفق ، ثمّ غمس كفّه اليمنى ، فأفرغ بها على ذراعه اليسرى من المرفق ، وصنع بها مثل ما صنع باليمنى ، ثمّ مسح رأسه وقدميه ببلل كفّه ، لم يحدث لهما ماء جديداً(١) .

__________________

١ ـ الكافي ٣ / ٢٥.

٤٥٦

وطئ الزوجة من الدبر :

( عبد الله ـ الكويت ـ سنّي ـ ٢٥ سنة ـ دبلوم تجارة )

محلّ نقاش عند أهل السنّة :

س : في البداية أودّ أن أقول : بأنّني لم أجد موقعاً في الإنترنت مثل موقعكم هذا ، حيث أنّني من محبّي معرفة الإسلام الحقّ ، وهذا الموقع وضّح لي الكثير من الأشياء ، التي كانت تخفى عليّ أنا ، المهمّ أحبّ أن أقول : بأنّني سنّي المذهب حتّى الآن ، ولكن أحبّ أن أوضّح لكم بعض الأُمور ، أنا اقتنعت من مذهب الشيعة ، حيث أنّني فهمت الكثير من هذا الموقع ، وجزاكم الله خيراً ، حيث أنّني لم أكن أعرف معنى السجود على التربة ، وجمع الصلوات ، والخمس ، وزواج المتعة.

المهمّ أنّ موضوعي ليس زواج المتعة ، بل هو بعض الفتاوى التي تصدر من مراجع الشيعة ، مثل ما يلي : علماء الشيعة يجوّزون في الزواج أن يدخل الرجل بزوجته من الدبر ، وهذا متّفق عليه عند المراجع كُلّهم ، أنا أعلم بأنّه مكروه كراهية شديدة ، والمرأة إن رفضت لا تعتبر ناشزة ، ولكن هل هذا جائز فعلاً؟ أعني بذلك أنّه هل توجد أدلّة تبيّن لنا ـ نحن الباحثون عن الحقّ ـ لماذا هذا جائز عند الشيعة ، وليس جائز عند السنّة؟

وهل يوجد من علماء السنّة من الأوّلين إلى الآن ، من جوّز الدخول على المرأة من الدبر؟ وإن كان يوجد فأرجو ذكر أسمائهم ، حيث أنّه هناك آية قرآنية تبيّن فيها أن تأتي المرأة من ما أمرنا الله ، أو ليس هذا اجتهاد مقابل النصّ

٤٥٧

القرآني؟ أرجو التوضيح ، لأنّ الشيعة هم ينادون بأنّهم يندّدون ويبغضون من يجتهد مقابل النصّ ، مثل عمر بن الخطّاب.

آسف على الإطالة ، ولكنّي أبحث عن الحقّ ، وقد أُعجبت بمذهب أهل البيت ، ولكن رأيت من يمثّل أهل البيت لهم فتاوى غريبة ، كالتي ذكرتها ، وأنا أُريد أن أسير في طريق أهل البيت ، ولكن يوجد فتاوى كالتي ذكرتها ، والمزيد ما لم أذكره أجد فيه غرابة واجتهاد مقابل النصّ القرآني.

على العموم أنا إنسان في طريق الاستبصار ، فقد فهمت كُلّ عقائد أهل البيت ، ولكنّي أعجب من فتاوى العلماء الذين سوف يكون واحد منهم مرجعي ، فأرجو منكم التوضيح التام للأمر الذي ذكرته ، وسوف يكون بيننا تواصل إن شاء الله تعالى.

ج : إنّ موضوع إتيان النساء في أدبارهنّ مختلف فيه عند الشيعة ، فمنهم من يفتي بكراهته ، ومنهم من يحرّمه ، ولكُلّ من الفريقين أدلّة ونصوص قرآنية وروائية لا مجال لنا أن نتعرّض لسردها وتأييدها أو ردّها ، ولكن نشير إلى الآية التي ذكرتموها ، وهي :( فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ) (١) ، فلا يظهر المراد منها على وجه تختصّ بالقُبل ، كما هو ظاهر للمتأمّل ، بل كما يجوز هذا الوجه ، يحتمل أيضاً أن يكون المراد هو حلّية مطلق الإتيان ، ورفع الحظر الذي كان في حالة الحيض.

ثمّ إنّ المتتبّع المنصف يرى أنّ الموضوع هو محلّ النقاش عند السنّة أيضاً ، فعلى سبيل المثال نذكر هنا هذه الرواية التي تجوّز هذا الأمر عندهم : عن أبي سعيد : أنّ رجلاً أصاب امرأته في دبرها ، فأنكر الناس ذلك عليه ، وقالوا : نعيّرها ، فأنزل الله عزّ وجلّ( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) (٢) .

__________________

١ ـ البقرة : ٢٢٢.

٢ ـ البقرة : ٢٢٣.

٤٥٨

قال أبو جعفر : فذهب قوم إلى أنّ وطئ المرأة في دبرها جائز ، واحتجّوا في ذلك بهذا الحديث ، وتأوّلوا هذه الآية على إباحة ذلك(١) .

وأخيراً : لابأس أن نشير إلى نقطة هامّة في المقام ، وهو أنّه في طريق البحث عن العقيدة والمذهب الصحيح لا ينبغي أن نتحقّق في المواضيع الهامشية ، بل يجب علينا أن نبحث في الأُسس والأركان ، ثمّ إنّ رضينا وقنعنا بها نقبل بالتفاصيل بصورة عامّة.

ولا يعقل أن نتساءل في كُلّ مورد عن الأدلّة والتفاصيل ، بل نرجع فيها إلى ذوي الخبرة والاختصاص ، فالمسائل والفروع الفقهية هي محلّ بحث ونقاش حتّى الآن ، وهذا لا يخدش في أصل العقيدة والمذهب بعد ما أثبتنا صحّته بالدلائل العقلية والنقلية.

( عبد الله ـ الكويت ـ سنّي ـ ٢٥ سنة ـ دبلوم تجارة )

تعليق على الجواب السابق وجوابه :

س : السلام عليكم يا أتباع الحقّ ، في الحقيقة أنّني استلمت ردّكم على سؤالي ، وأنا أشكركم جدّاً على جهدكم المتواصل ، لتوصيل مذهب أهل البيت للناس ، ولكن للأسف قليل من الناس من يعرف قدر أهل بيت رسول الله ، المهمّ أنّني قرأت الإجابات ، وإنّني أصارحكم بأنّني لم اقتنع بشكل كامل ، ولكن أصبحت الصورة أوضح والحمد لله.

ولكن مشكلتي هي أنّني لا أملك الوقت الكامل لأطّلع على الكتب التي وضعتم عناوينها ورقم صفحاتها ، وذلك بسبب عملي الطويل وبقائي خارج البيت ، وهذا الموضوع بالنسبة لي مهمّ جدّاً ، فلو تكرّمتم أن تكتبوا لي النصوص الموجودة في الكتب السنّية التي ذكرتموها عن إتيان المرأة في الدبر.

__________________

١ ـ شرح معاني الآثار ٣ / ٤٠ ، جامع البيان ٢ / ٥٣٧ ، فتح الباري ٨ / ١٤١ ، فيض القدير ١ / ٨٨ ، نيل الأوطار ٦ / ٣٥٥ ، الدرّ المنثور ١ / ٢٦٥ ، فتح القدير ١ / ٢٢٩.

٤٥٩

ج : نذكر لكم بعض النصوص المشار إليها في جوابنا لكم ؛ ففي مجال إتيان النساء في أدبارهنّ ، أخرج البخاري عن ابن عمر في آية( فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) (١) ، أنّه قال : يأتيها في الدبر(٢) .

ونقل الطبري عن نافع قال : « كان ابن عمر إذا قرئ القرآن لم يتكلّم ، قال : فقرأت ذات يوم هذه الآية( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) فقال : أتدري فيمن نزلت هذه الآية؟ قلت : لا ، قال : نزلت في إتيان النساء في أدبارهنّ »(٣) .

وعن أبي سعيد الخدري : « أنّ رجلاً أصاب امرأته في دبرها ، فأنكر الناس ذلك عليه ، وقالوا : نعيّرها ، فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية ، وعلّقه النسائي عن هشام بن سعيد عن زيد : وهذا السبب في نزول هذه الآية مشهور »(٤) .

وعن أبي سعيد الخدري قال : أبعر رجل امرأته على عهد رسول الله ، فقالوا : أبعر فلان امرأته ، فأنزل الله( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) (٥) .

وعن مالك قال : « ما أدركت أحداً أقتدي به في ديني يشكّ في أنّه حلال ، يعني وطء المرأة في دبرها ، ثمّ قرأ( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) ، قال : فأيّ شيء أبين من هذا وما أشكّ فيه »(٦) .

وأخرج ابن جرير في كتاب النكاح من طريق ابن وهب عن مالك : أنّه مباح(٧) .

__________________

١ ـ البقرة : ٢٢٣.

٢ ـ صحيح البخاري ٦ / ١٦٠ ، فتح الباري ٨ / ١٤١ ، عمدة القاري ١٨ / ١٥٤.

٣ ـ جامع البيان ٢ / ٥٣٥ ، صحيح البخاري ٥ / ١٦٠ ، عمدة القاري ١٨ / ١٥٣ ، أحكام القرآن لابن العربي ١ / ٢٣٨ ، الجامع لأحكام القرآن ٣ / ٩١ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٢٦٩.

٤ ـ فتح الباري ٨ / ١٤٢.

٥ ـ مسند أبي يعلى ٢ / ٣٥٥.

٦ ـ أحكام القرآن للجصّاص ١ / ٤٢٦ ، المجموع ١٦ / ٤٢٠ ، المغني لابن قدامة ٨ / ١٣١ ، عمدة القاري ١٨ / ١٥٥ ، تفسير القرآن العظيم ١ / ٢٧٢.

٧ ـ الدرّ المنثور ١ / ٢٦٦.

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667