موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٥

موسوعة الأسئلة العقائديّة8%

موسوعة الأسئلة العقائديّة مؤلف:
تصنيف: مكتبة العقائد
ISBN: 978-600-5213-05-8
الصفحات: 667

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 667 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 297473 / تحميل: 6713
الحجم الحجم الحجم
موسوعة الأسئلة العقائديّة

موسوعة الأسئلة العقائديّة الجزء ٥

مؤلف:
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٠٥-٨
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

٢ ـ عن أبي حمزة عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «مصحف فاطمة ما فيه شيء من كتاب الله ، وإنّما هو شيء أُلقي عليها بعد موت أبيها صلى الله عليهما »(١) .

٣ ـ عن عنبسة بن مصعب عن الإمام الصادقعليه‌السلام : «ومصحف فاطمة أما والله ما أزعم أنّه قرآن »(٢) .

٤ ـ عن الحسين بن أبي العلاء قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : «ومصحف فاطمة ما أزعم أنّ فيه قرآناً »(٣) .

٥ ـ عن محمّد بن عبد الملك عن الإمام الصادقعليه‌السلام : «وعندنا مصحف فاطمة ، أما والله ما هو بالقرآن »(٤) .

٦ ـ عن علي بن سعد عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «وفيه مصحف فاطمة ، ما فيه آية من القرآن »(٥) .

٧ ـ عن علي بن أبي حمزة عن الإمام الكاظمعليه‌السلام قال : «عندي مصحف فاطمة ليس فيه شيء من القرآن »(٦) .

٨ ـ عن أبي بصير عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : «وإنّ عندنا لمصحف فاطمة عليها‌السلام ، وما يدريهم ما مصحف فاطمة ، مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرّات ، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد »(٧) .

٩ ـ عن حمّاد بن عثمان قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : «إنّ الله تعالى لمّا قبض نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله دخل على فاطمة من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلاّ الله عزّ وجلّ ، فأرسل إليها ملكاً يسلّي عنها غمّها ويحدّثها ، فشكت ذلك إلى أمير

__________________

١ ـ المصدر السابق : ١٧٩.

٢ ـ المصدر السابق : ١٧٤.

٣ ـ المصدر السابق : ١٧٠.

٤ ـ بحار الأنوار ٢٦ / ٣٨.

٥ ـ بصائر الدرجات : ١٧٦.

٦ ـ المصدر السابق : ١٧٤.

٧ ـ المصدر السابق : ١٧٢.

٢٤١

المؤمنين عليه‌السلام فقال لها : إذا أحسست بذلك فسمعت الصوت فقولي لي ، فأعلمته بذلك ، فجعل يكتب كُلّما سمع حتّى أثبت من ذلك مصحفاً ».

قال : ثمّ قال : «أما إنّه ليس فيه شيء من الحلال والحرام ، ولكن فيه علم ما يكون »(١) .

يتبيّن من خلال هذه الروايات أنّ مصحف فاطمةعليها‌السلام ليس قرآناً ، وليس هناك أيّ رواية توهّم كونه قرآناً ، فضلاً عن كونها ظاهرة في ذلك ليتمسّك بها من يفتّش عن المطاعن ، وعلى فرض وجودها فإنّ الروايات المستفيضة الواضحة صريحة ، والتي قدّمنا طائفة منها تقتضي رفع ذلك التوهّم أو الظهور لو تمّ وسلّم.

( محمّد ـ ٢٢ سنة ـ طالب )

ليس فيه أحكاماً شرعية :

س : بارك الله في جهودكم ، لدي سؤال : هل في مصحف فاطمة أحكام شرعية؟

ج : يزعم البعض أنّ مصحف فاطمةعليها‌السلام يحوي أحكاماً شرعية ، وهو يستند إلى رواية عن الحسين بن أبي العلاء قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : «عندي الجفر الأبيض » ، قال : قلنا : وأيّ شيء فيه؟ قال : فقال لي : «زبور داود ، وتوراة موسى ، وإنجيل عيسى ، وصحف إبراهيم ، والحلال والحرام ، ومصحف فاطمة ، ما أزعم أنّ فيه قرآناً ، وفيه ما يحتاج الناس إلينا ، ولا نحتاج إلى أحد ، حتّى أنّ فيه الجلدة ، ونصف الجلدة ، وثلث الجلدة ، وربع الجلدة ، وأرش الخدش »(٢) .

ونجيب : أوّلاً : إنّ قوله : «وفيه ما يحتاج الناس إلينا » ليس معطوفاً على قوله : «ما أزعم أنّ فيه قرآناً » ليكون بياناً لما يحتويه المصحف ، وإنّما هو

__________________

١ ـ المصدر السابق : ١٧٧.

٢ ـ بصائر الدرجات : ١٧٠.

٢٤٢

معطوف على قوله : «زبور داود ، وتوراة موسى و » أي إنّ في الجفر الأبيض : زبور داود ، وتوراة موسى ، ومصحف فاطمة ، وفيه الحلال والحرام ، وفيه ما يحتاج الناس إلينا.

وثمّة رواية أُخرى عن عنبسة بن مصعب ذكرت : أنّ في الجفر سلاح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والكتب ، ومصحف فاطمة(١) .

ثانياً : إنّ الحلال والحرام ـ أي الأحكام الشرعية ـ موجود في الجفر لا في المصحف.

__________________

١ ـ أُنظر : المصدر السابق : ١٧٤.

٢٤٣
٢٤٤

المعاد :

( السيّد علي ـ البحرين ـ )

رأي الشيعة في التناسخ والحلول والتشبيه :

س : ما معنى التناسخ والحلول والتشبيه؟ وما هو رأي الشيعة فيها؟

ج : إنّ معنى التناسخ هو رجوع الإنسان بعد موته إلى الحياة الدنيوية عن طريق النطفة ، والمرور بمراحل التكوّن البشري من جديد ، ليصير إنساناً مرّة أُخرى ، أو هو انتقال الروح من بدن إلى بدن آخر منفصل عن الأوّل.

وقد اتّفقت الشيعة على بطلان التناسخ وامتناعه ، لأنّ في التناسخ إبطال الجنّة والنار.

سأل المأمون الإمام الرضاعليه‌السلام : ما تقول في القائلين بالتناسخ؟ فقالعليه‌السلام : «من قال بالتناسخ فهو كافر بالله العظيم مكذّب بالجنّة والنار »(١) .

ثمّ إنّ القائلين بالتناسخ ينكرون القيامة والآخرة ، ويقولون : ليس قيامة ولا آخرة ، وإنّما هي أرواح في الصور ، فمن كان محسناً جوزي بأن ينقل روحه إلى جسد لا يلحقه فيه ضرر ولا ألم ، ومن كان مسيئاً جوزي بأن ينقل روحه إلى أجساد يلحق الروح في كونه فيها الضرر والألم ، وليس غير ذلك(٢) .

__________________

١ ـ عيون أخبار الرضا ١ / ٢١٨.

٢ ـ محاضرات في الإلهيات : ٤٢٣.

٢٤٥

وأمّا بالنسبة إلى معنى الحلول ، فهو بمعنى : أنّ الله تعالى يحلّ في أبدان العارفين أو يتحدّ بها ، والحلول والاتحاد من مصطلحات الصوفية.

وقد اتّفقت الشيعة على بطلانه بالوجوه العقلية والنقلية من الكتاب والسنّة الشريفة ، لأنّه يستلزم على تقدير وقوعه اجتماع القدم والحدوث ، والوجوب والإمكان في أبدان العارفين ، وغير ذلك من اللوازم الفظيعة.

وأمّا بالنسبة إلى معنى التشبيه ، فهو بمعنى : التماس الشبه لله تعالى في مخلوقاته ، أو تمثيله تعالى بمخلوقاته في الأُمور الجسمية المادّية ، والأُمور المعنوية الفكرية.

وقد اتّفقت الشيعة على بطلان التشبيه وامتناعه لعدّة أدلّة منها : قوله تعالى :( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) (١) .

( ـ إيران ـ )

من هم الولدان المخلّدون :

س : من هم الولدان المخلّدون الذين ذكروا بالقرآن الكريم؟ وماذا يفعلون يوم القيامة؟

ج : قد وردت آيتان في القرآن الكريم فيها لفظ :( وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ ) ، كما في قوله تعالى :( وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا ) (٢) ، وقوله تعالى :( يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ ) (٣) .

والولدان جمع ولد وهو الغلام ، وطوافهم عليهم ـ على المؤمنين في الجنّة ـ كناية عن خدمتهم لهم ، والمخلّدون من الخلود ، بمعنى الدوام ـ أي دائمون على ما هم عليه من الطراوة والبهاء ، وصباحة المنظر ، وباقون أبداً على هيئتهم من

__________________

١ ـ الشورى : ١١.

٢ ـ الإنسان : ١٩.

٣ ـ الواقعة : ١٧.

٢٤٦

حداثة السن ـ وقيل : من الخَلَد بفتحتين وهو القرط ، والمراد أنّهم مقرطون بالخلد.

( ـ ـ )

معنى( لاَبِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ) :

س : يقول تعالى في كتابه الكريم : ( لِلْطَّاغِينَ مَآبًا لاَبِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ) (١) ، هل تكون الأحقاب مدّة محدّدة قد تنتهي يوماً؟

ج : الأحقاب جمع الحقبة ، وهي مدّة مبهمة من الزمن أو بلا نهاية ، فالأحقاب تكون بمعنى الأزمنة الكثيرة والدهور الطويلة من غير تحديد ، وبهذا المعنى تدلّ الآية على الخلود.

ثمّ إنّه قد ورد في بعض الأخبار والأقوال تحديد الحقب من الزمن بأربعين أو ستّين أو ثمانين سنة من سنين الآخرة ، الذي يكون اليوم فيها( كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ) (٢) ، فإن ثبت هذا المعنى فتكون الآية بمثابة الآية( خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ ) (٣) ، إشارة كنائية إلى الديمومة والأبدية ـ إذ أنّ السماوات والأرض لا خلود لهما البتةً ـ.

نعم جاء عن حمران أنّه سأل الإمام الباقرعليه‌السلام عن قول الله( خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ ) فقال : هذه في الذين يخرجون من النار(٤) ـ لا الخالدين فيها ـ فإن قلنا بهذا التفسير ، فهو مذكور في بعض الآيات الأُخر مثل :( قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللهُ ) (٥) ؛ والعلم عند الله تعالى.

__________________

١ ـ النبأ : ٢٢ ـ ٢٣.

٢ ـ الحج : ٤٧.

٣ ـ هود : ١٠٧.

٤ ـ تفسير العيّاشي ٢ / ١٦٠.

٥ ـ الأنعام : ١٢٨.

٢٤٧

( معد البطاط ـ استراليا ـ ٣٠ سنة )

ماهية الولدان المخلّدون :

س : إنّ في الجنّة ولدان مخلّدون ، فكيف يدخل الله ناس بالجنّة ويبقون خدم؟

ج : إنّ موضوع الولدان المخلّدون أمر مسلّم عند المسلمين ، ولكن اختلفوا في ماهيّتهم ، فقيل : إنّهم أولاد أهل الدنيا لم يكن لهم حسنات فيثابوا عليها ، ولا سيئات فيعاقبوا ، فأنزلوا هذه المنزلة ، كما روي عن عليعليه‌السلام .

ورأي آخر قد روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه سئل عن أطفال المشركين فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « هم خدم أهل الجنّة » ، وقيل : بل هم من خدم الجنّة على صورة الولدان ، خلقوا لخدمة أهل الجنّة(١) .

وهذا يؤيّد بما في بعض الروايات من خلق جماعة لملء الجنّة في مقابل امتلاء جهنّم(٢) ، وأيضاً وجود ولدان مستورون(٣) .

فعلى ضوء ما ذكر لا يرد هناك نقض على حكمة الله في خلقه وعدله.

( رباب ـ البحرين ـ ٢٠ سنة ـ طالبة جامعة )

من يرعى الأطفال بعد موتهم :

س : أُولئك الذين يموتون ساعة الصيحة للآخرة لا يعيشون حياة البرزخ ، كيف ذلك؟ وسمعت أنّ الأطفال الذين يموتون وهم صغار ، ترعاهم السيّدة فاطمة الزهراء عليها‌السلام ، فهل هذا صحيح؟ أم السيّدة مريم عليها‌السلام ؟ وجزاكم الله ألف خير.

__________________

١ ـ مجمع البيان ٩ / ٣٩١.

٢ ـ بحار الأنوار ٨ / ١٣٣ و ١٩٨.

٣ ـ التبيان ١٠ / ٢١٥.

٢٤٨

ج : إنّ الأدلّة العقلية والنقلية لا تدلّ على بقاء الحياة الدنيوية إلى نفخ الصور ، أي صيحة الآخرة ، فيمكن أن نلتزم بانتهاء الحياة في عالمنا ، وانتقال الجيل الأخير من البشر إلى عالم البرزخ قبل نفخ الصور بمدّة ، فيصدق عليهم أيضاً اجتياز البرزخ إلى أن ينفخ في الصور بإماتة الكُلّ.

وأمّا سؤالك عن الأطفال الذين يموتون ، فوردت روايات بمضامين مختلفة قريبة المعنى : بأنّ هؤلاء يراعون ويربّون تربية ربّانية ، إلى أن يرد أحد ذويهم إلى البرزخ ، فيدفعون إليه ، أو يبقون إلى أن يهدوا إلى آبائهم يوم القيامة.

وأمّا أنّ هذه الرعاية بيد من تكون؟ فالروايات الموجودة على طائفتين : منها ما تصرّح بأنّ هؤلاء الأطفال يحضنهم إبراهيمعليه‌السلام وتربّيهم سارةعليها‌السلام (١) ، ومنها ما تؤكّد بأنّ هذه التربية والحضانة تكون بيد فاطمةعليها‌السلام ؛ ويمكن الجمع بأن تكون فئة منهم هكذا وفئة أُخرى كذلك ، أو يكون الإشراف من ناحية فاطمةعليها‌السلام والحضانة والتربية بيدهماعليهما‌السلام .

وعلى أيّ حال لم نعثر على رواية يرد فيها ذكر السيّدة مريمعليها‌السلام كمربّية للأطفال.

( جميل أحمد ـ البحرين )

ما للنساء من أزواج في الجنّة :

س : في الجنّة يفوز المسلمين بالحور العين كما ذكر القرآن الكريم ، فعلى ماذا تحصل المسلمات؟

ج : وردت في عدّة روايات أنّ المؤمنة الصالحة تتخيّر بين البقاء مع زوجها وعدمه ، فمثلاً ورد عن الإمام الصادقعليه‌السلام : «إذا كان هو أفضل منها خيّره ، فإن اختارها كانت من أزواجه ، وإن كانت هي خيراً منه خيرّها ،

__________________

١ ـ شجرة طوبى ١ / ٣٢.

٢٤٩

فإن اختارته كان زوجاً لها »(١) ، وأنّها هي المرادة من الخيرات الحسان والحور العين ، كما ورد : «أنتم الطيّبون ونساؤكم الطيّبات ، كُلّ مؤمنة حوراء عيناء »(٢) .

وأمّا إن لم تتخيّر زوجها ، أو كانت غير متزوّجة في دار الدنيا ، فبمقتضى قوله تعالى :( وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ ) (٣) ، لابدّ وأن يكون هناك ما يؤمّن هذا الجانب الذي أُشير إليه في السؤال ، وإن كنّا لم نعلم بخصوصيات ذلك ، وهذا لا يضّر بنا بعد يقيننا بالنعيم والجنّة.

( أُمّ علي ـ البحرين ـ )

نصوص في المعاد الجسماني :

س : أُريد شرحاً لمعنى تجسيد الروح؟

ج : إذا كان سؤالك عن كيفية المعاد الجسماني ، فالذي ينبغي أن يقال أنّ مورد الإعادة هو الجسم والروح معاً ، وفي نفس القالب الدنيوي ، والأدلّة العقلية والنقلية من الكتاب والسنّة تدلّ على هذا الموضوع ، والمشهور من العلماء والمحقّقين من المتكلّمين يرون هذا النوع من المعاد هو الحقّ ، فمثلاً تقول الآية :( قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ) (٤) ، وأيضاً :( أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ ) (٥) ، وهكذا :( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ ) (٦) .

__________________

١ ـ مجمع البيان ٩ / ٣٥١.

٢ ـ الكافي ٨ / ٢١٣ و ٣٦٥ ، الأمالي للشيخ الصدوق : ٧٢٦.

٣ ـ الزخرف : ٧١.

٤ ـ يس : ٧٩.

٥ ـ العاديات : ٩.

٦ ـ يس : ٥١.

٢٥٠

وورد في نهج البلاغة : «أخرجهم من ضرائح القبور ، وأوكار الطيور ، وأوجرة السباع ، ومطارح المهالك ، سراعاً إلى أمره ، مهطعين إلى معاده »(١) ، «وأخرج من فيها فجدّدهم بعد أخلاقهم ، وجمعهم بعد تفريقهم »(٢) ، «وأعلموا أنّه ليس لهذا الجلد الرقيق صبر على النار ، فارحموا نفوسكم »(٣) ، فنرى في جميع الفقرات الإشارة إلى الجسد الدنيوي في الإعادة ، فلا محيص من الإذعان بهذا الرأي وقبوله.

( السيّد محمّد السيّد حسن ـ البحرين )

شبهة الآكل والمأكول :

س : الرجاء الردّ على شبهة الآكل والمأكول بشكل مفصّل.

ج : إنّ هذه الشبهة من أقدم الشبهات التي وردت في الكتب الكلامية حول المعاد الجسماني ، وقد اعتنى بدفعها المتكلّمون والفلاسفة على اختلاف تعابيرهم ، والإشكال يقرّر بصورتين :

الصورة الأُولى : إذا أكل إنسان إنساناً بحيث عاد بدن الثاني جزءً من بدن الإنسان الأوّل ، فالأجزاء التي كانت للمأكول ثمّ صارت للآكل ، إمّا أن تعاد في كُلّ واحد منهما ، أو تعاد في أحدهما ، أو لا تعاد أصلاً؟ والأوّل محال ، لاستحالة أن يكون جزءً واحداً بعينه في آن واحد في شخصين متباينين.

والثاني خلاف المفروض ، لأنّ لازمه أن لا يعاد الآخر بعينه.

والثالث أسوأ حالاً من الثاني ، إذ يلزم أن لا يكون أي من الإنسانين معاداً بعينه ، فينتج أنّه لا يمكن إعادة جميع الأبدان بأعيانها.

الصورة الثانية : لو أكل إنسان كافر إنساناً مؤمناً ، وقلنا بأنّ المراد من المَعاد هو : حشر الأبدان الدنيوية في الآخرة ، فيلزم تعذيب المؤمن ، لأنّ المفروض

__________________

١ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ٢٤٩.

٢ ـ المصدر السابق ٧ / ٢٠١.

٣ ـ المصدر السابق ١٠ / ١٢٢.

٢٥١

أنّ بدنه أو جزءً منه صار جزءً من بدن الكافر ، والكافر يٌعَذَّب ، فيلزم تعذيب المؤمن.

والفرق بين الصورتين هو : أنّ الإشكال بالتقرير الأوّل يركّز على نقص الإنسان المُعاد من حيث البدن ، ولكنّه في التقرير الثاني يركّز على أنّ المَعاد الجسماني في المقام يستلزم خلاف العدل الإلهي ، فالأساس في الإشكال في الصورتين واحد ، وهو كون بدن إنسان جزءً من بدن إنسان آخر ، ولكن المترتّب على الصورة الأُولى هو عدم صدق كون المُعاد هو المنشأ في الدنيا ، وعلى الصورة الثانية هو تعذيب البريء مكان المجرم.

أمّا الصورة الأُولى من الإشكال ، فبعض احتمالاتها ساقط جدّاً ، وهو عود المأكول جزءً لكلا الإنسانين ، فيبقى الاحتمالان الآخران ، وبأيّ واحد منهما أخذنا يندفع الإشكال ، وذلك بالبيان التالي :

إنّ الإنسان من لدن تكوّنه وتولّده إلى يوم وفاته ، واقع في مهبّ التغيّر وخضم التبدّل ، فليس وجوده جامداً خالياً عن التبدّل ، فبدن الإنسان ليس إلاّ خلايا لا يحصيها إلاّ الله سبحانه ، وكُلّ منها يحمل مسؤوليته في دعم حياة البدن ، والخلايا في حال تغيّر وتبدّل مستمر ، تموت وتخلفها خلايا أُخرى.

إذا عرفت ذلك ، فنقول :

١ ـ لو فرض أنّ بدن إنسان صار جزءً من بدن إنسان آخر ، فبما أنّ للمأكول أبداناً متعدّدة على مدى حياته ، فواحد منها مقرون بالمانع ، والأبدان الأُخر خالية منه فيحشر مع الخالي.

٢ ـ ولو فرض أنّ جميع أبدانه اقترنت بالمانع ، فإنّه أيضاً لا يصد عن القول بالمعاد الجسماني ، لأنّ الناموس السائد في التغذية هو أنّ ما يستفيده الإنسان من الغذاء لا يتعدّى ثلاثة بالمائة من المأكول والباقي يدفعه ، فإذاً لا مانع من أن تتعلّق الروح بأحد هذه الأبدان التي تتفاوت عن البدن الدنيوي من حيث الوزن والحجم ، ولم يدلّ على أنّ المحشور في النشأة الأُخروية يتّحد مع الموجود في النشأة الدنيوية في جميع الجهات ، وعامّة الخصوصيات.

٢٥٢

وأمّا الصورة الثانية من الإشكال : فقد عرفت أنّها ترجع إلى مسألة العدل الإلهي ، وأنّ كون بدن المؤمن جزءً من بدن الكافر يستلزم تعذيب المؤمن ، ولكنّه مبني على إعطاء الأصالة في الحياة للبدن ، وهي نظرية خاطئة ، فإنّ اللذائذ والآلام ترجع إلى الروح ، والبدن وسيلة لتعذيبه وتنعيمه.

فصيرورة بدن المسلم جزءً من بدن الكافر لا يلازم تعذيب المؤمن ، لأنّ المعذّب بتعذيب البدن هو روح الكافر ونفسه ، لا روح المؤمن.

وهذا نظير أخذ كُليةٍ من إنسان حيّ ، ووصلها بإنسان يعاني من ضعفها وعلّتها ، فإذا نجحت عملية الوصل وصارت الكُلية الموصولة جزءً من بدن المريض ، ثمّ عُذّب هذا المريض فالمعذّب هو هو ولو نُعّم ، فالمُنعَّم هو هو ، ولا صلة بينه وبين من وَهَب كُليته وأهداها إليه.

( جنيد عباس ـ غانا ـ )

الحساب أوّلاً ثمّ المرور على الصراط :

س : هل يكون الحساب قبل المرور على الصراط؟ أو يكون المرور على الصراط أوّلاً ثمّ الحساب؟ ودمتم بخير.

ج : إنّ المستفاد من النصوص الروائية هو أنّ الصراط والحساب موقفان من مواقف يوم القيامة ، وبما أنّ موقف الصراط يعني تجاوز الإنسان من منطقة قريبة عن جهنّم ، فإمّا هو ينجو من الهلكة هناك ، وإمّا أن يسقط في الهاوية ـ نعوذ بالله ـ فيظهر أنّ أحد هذين الاحتمالين هو نتيجة أعماله التي حوسب عليها قبل الورود على الصراط.

وعليه ، فموقف الحساب والميزان يكون مقدّماً على الصراط ، وذلك لأنّ محاسبة الأعمال سوف تنتج الوقوع في جهنّم أو الخلاص منها ، وهذا هو شأن الصراط.

٢٥٣

( حسن الموسوي )

مسألة خلق الجنّة والنار :

س : لو تفضّلتم بالجواب على هذا السؤال : هل الجنّة موجودة حالياً أم لا؟ وإن لم تكن حالياً موجودة ، فكيف عاش آدم عليه‌السلام فيها ، وثمّ أُخرج منها؟ وإن كانت موجودة فأين هي حالياً؟ شكراً جزيلاً.

ج : إنّ مسألة خلق الجنّة ـ وكذلك النار ـ مسألة خلافية ؛ فقد ذهب إلى عدم خلقها أكثر المعتزلة والخوارج ، وطائفة من الزيدية ، بينما تعتقد الأشاعرة والشيعة الإمامية خلقها ، استناداً إلى ظهور الآيات والروايات.

نعم ، يظهر من كلام السيّد الرضي من الإمامية أنّه كان يقول بعدم الخلق(١) .

ثم إنّ هذه الجنّة لا علاقة لها بجنّة آدمعليه‌السلام على التحقيق ؛ إذ أنّ جنّتهعليه‌السلام كانت تختلف عن جنّة القيامة جذريّاً ، والفارق الأساسي هو الخلود وعدم الخروج منها ، اللذان لم نجدها في جنّة آدمعليه‌السلام ؛ أضف إلى ذلك عدم وجود أوامر أو تكاليف في جنّة الآخرة ، خلافاً لما كان في جنّة آدم ، وأيضاً لا مجال للشيطان أن يدخل في جنّة القيامة ، على عكس ما حدث في جنّة آدمعليه‌السلام .

وأمّا تعيين محلّ جنّة الخلد حالياً ، فليس من المقدور لأيّ أحد ، لسكوت الآيات والروايات عن هذه الجهة.

( أُمّ علي ـ الإمارات ـ )

نصوص حول عالم البرزخ :

س : ما هي أهمّ النصوص الدالّة على وجود عالم البرزخ؟ وما هي مراحلها؟

__________________

١ ـ حقائق التأويل : ٢٤٥.

٢٥٤

ج : الأدلّة النقلية على وجود عالم البرزخ قد جاءت في الكتاب والسنّة ، فمن الكتاب :

١ ـ قوله تعالى :( وَمِن وَرائِهِم بَرزَخ إلى يَوم يُبعَثون ) (١) .

٢ ـ قوله تعالى :( قالوا رَبَنا أمتنا اثنَتَينِ وَأحيَيتَنا اثنَتَين ) (٢) .

٣ ـ قوله تعالى :( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ ) (٣) .

٤ ـ قوله تعالى :( وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (٤) .

٥ ـ قوله تعالى :( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ) (٥) .

٦ ـ قوله تعالى :( أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا ) (٦) .

وأمّا الروايات فهي متواترة ومتظافرة في كتب الفريقين ، ويمكن الوقوف عليها بمراجعة كتاب بحار الأنوار المجلّد السادس ، والمجامع الحديثية عند غيرنا.

وبعبارة مختصرة : وجود هذا العالم في الفاصل بين هذه الدنيا وعالم القيامة أمر مسلّم عند جميع المسلمين ، ومن ضروريات الدين.

( أحلام )

غير المسلم قد يدخل الجنّة :

السؤال : هل غير المسلم يدخل الجنّة؟ وما هو الدليل؟

__________________

١ ـ المؤمنون : ١٠٠.

٢ ـ غافر : ١١.

٣ ـ البقرة : ١٥٤.

٤ ـ آل عمران : ١٦٩.

٥ ـ غافر : ٤٦.

٦ ـ نوح : ٢٥.

٢٥٥

ج : ورد في الروايات عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام : بأنّ الكثير من غير المسلمين وغير الشيعة هم من المستضعفين ، وهم الذين لم يصل لهم الدليل بكماله ووضوحه ، ولم يكن لهم عناد في قبول الحقّ وإتباعه ، وعبّر عنهم بأنّهم من المرجوّين الذين ترجى لهم رحمة ربّ العالمين(١) .

( صديقة ـ البحرين ـ )

الجنّ يحشرون مع الإنس في الجنّة والنار :

س : كما نعلم أنّ الجنّ يحشرون مع الإنس ليحاسبهم الله ، والجنّ والإنس مكلّفون بالعبادة كما في قوله تعالى :( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ) (٢) ، وهذا التكليف ينبني عليه حساب.

السؤال : هل يحشرون الجنّ على الهيئة التي خُلقوا عليها؟ أم تتبدّل هيئتهم؟ لأنّ الإنسان لا يطيق رؤية الجنّ.

ج : قبل الإجابة على سؤالكم ننقل لكم ما ورد في سورة الأعراف :( وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا أُوْلَـَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُواْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ * قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِن لاَّ تَعْلَمُونَ * وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ * إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ

__________________

١ ـ الكافي ٢ / ٤٠٧.

٢ ـ الذاريات : ٥٦.

٢٥٦

الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ * لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ * وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) (١) .

فمن قوله تعالى :( قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ ) ، نعرف أنّ قسماً من الجنّ والإنس يدخلون في النار ، بسبب استكبارهم وتكذيبهم آيات الله ، وتركهم لما كلّفوا به.

وعليه ، لا فرق للإنسان الداخل في النار أن يرى الجنّ بهيئتهم التي لا تطاق ، أو بهيئة أُخرى تطاق ، لأنّ الإنسان هناك يعيش في أجواء كُلّها لا تطاق ـ من تعذيب وتخويف وحرق وغير ذلك ـ فليكن منها رؤيته للجنّ.

ومن قوله تعالى :( وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ ) ، نعرف أنّ قسماً من الجنّ والإنس يدخلون في الجنّة ، بسبب إيمانهم بآيات الله تعالى وعملهم للصالحات ، وما أوجبه الله عليهم.

وأنّ الله تعالى قد نزع من صدورهم الغلّ ، ونزع الغلّ في الجنّة تصفية الطباع ، وإسقاط الوساوس ، وإعطاء كُلّ نفس مناها ، ولا يتمنّى أحد ما لغيره.

فسلمت قلوبهم وطهرت من الحقد والحسد والشحناء ، ولم يكن بينهم إلاّ التعاطف والتراحم والتواد.

وعليه ، فلو كانت حالة أهل الجنّة ـ من الجنّ والإنس ـ هكذا ، فلابدّ أن هناك نوع من الانسجام والمحبّة بين الجنّ والإنس ، بحيث يمكن التعايش معهم ، والنظر إليهم ، بدون أي خوف وارتباك.

__________________

١ ـ الأعراف : ٣٦ ـ ٤٣.

٢٥٧

ثمّ من قال أنّ رؤية الجنّ لا تطاق ، لأنّ منظرهم مخوف مثلاً ، فالجنّ كما يعرّفه علماؤنا : جنس من الحيوان مستترون عن أعين البشر لرقّتهم(١) .

( عماد الدين ـ أمريكا ـ ٣٦ سنة ـ بكالوريوس هندسة )

الحياة في البرزخ :

س : سمعت أنّ الإنسان يذهب بعد الموت إلى البرزخ ، فكيف هي الحياة في البرزخ؟ هل هي شبه الجنّة أو ماذا؟ الرجاء أفادتني وشكراً.

ج : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من مات فقد قامت قيامته »(٢) ، فالبرزخ هي حياة ونشأة بين الدنيا والآخرة ، والمقصود من الحديث « قامت قيامته » هي القيامة الصغرى ، أو فقل أوّل درجات القيامة ، والقيامة الكبرى هي يوم الحشر الأكبر.

والآيات والروايات تثبت الحياة في عالم البرزخ ، وتثبت فيه النعيم والعذاب ، فالقبر إمّا روضة من رياض الجنّة ، أو حفرة من حفر النيران.

قال الشيخ الصدوق : « اعتقادنا في المسألة في القبر أنّها حقّ لابدّ منها ، فمن أجاب بالصواب فاز بروح وريحان في قبره ، وبجنّة نعيم في الآخرة ، ومن لم يأت بالصواب فله نزل من حميم في قبره ، وتصلية جحيم في الآخرة »(٣) .

قال الله تعالى عن فرعون وأتباعه :( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ) (٤) .

وأجاب الإمام الصادقعليه‌السلام عندما سُئِلَ عن أرواح المؤمنين : « أرواح المؤمنين في حجرات في الجنّة ، يأكلون من طعامها ، ويشربون من شرابها ، ويقولون : ربّنا أقم لنا الساعة لتنجز لنا ما وعدتنا ».

__________________

١ ـ التبيان ٤ / ٣٩٧ ، مجمع البيان ٤ / ٢٥١.

٢ ـ بحار الأنوار ٥٨ / ٧.

٣ ـ الاعتقادات : ٥٨.

٤ ـ غافر : ٤٦.

٢٥٨

وسُئلعليه‌السلام عن أرواح المشركين فأجاب : «في حجرات في النار يأكلون من طعامها ، ويشربون من شرابها ، ويتزاورون فيها ويقولون : ربّنا لا تُقم لنا الساعة ، لتنجز لنا ما وعدتنا »(١) .

وهذه الرواية تدلّ بتمامها على وجود البرزخ بَعد الموت مباشرة ، ونعيم المؤمنين وعذاب الكافرين فيه مستمر حتّى تقوم الساعة.

فالبرزخ عالم حائل وحاجز بين الدنيا والآخرة ، وهو أوّل محطّات الرحلة إلى الآخرة ، وهو المنزل الأوّل للإنسان بعد مفارقة الدنيا بالموت ، كما قال تعالى :( وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) (٢) .

( رقية ـ السعودية ـ )

التناسخ عقيدة باطلة :

س : ماذا تعتقد في التناسخ؟ وكيف تبرّر الحالات التي تحدث عند المعتقدين به؟

ج : التناسخ عقيدة باطلة ، ولو فرضنا أنّ بعض الحالات تحدث عند المعتقدين به ، فإنّها لا تدلّ على صحّة المعتقد ، ومثال ذلك : من لهم رياضات من عبّاد البقر والأوثان ، وما تحدث لهم من حالات ، فإنّها لا تدلّ على صحّة معتقدهم.

( سلام حسن الشمّري ـ العراق ـ طالب علم )

الحساب في البرزخ يختلف عمّا هو في الدنيا :

س : السؤال فرضي : لو أنّ شخصين كان لهما نفس العمر ، كأن يكون ( ٥٥ ) سنة ، وكان لهما نفس الأعمال ، أي أنّهما بعد موتهما كان سجل أعمالهما متساوياً ، ولكن الأوّل عاش من سنة ( ١٨٠٠ إلى ١٨٥٥ ) ، والثاني من

__________________

١ ـ المحاسن ١ / ١٧٨.

٢ ـ المؤمنون : ١٠٠.

٢٥٩

( ١٩٠٠ إلى ١٩٥٥ ) ، فإنّ الأوّل سوف تكون فترة برزخه أكثر ، فلو كانا معذّبين ، فسوف يكون عذاب الأوّل أكثر من الثاني ، ولو كانا منعّمين فكذلك ، نعيم الأوّل أكثر من الثاني.

السؤال المترتّب على هذا الفرض : ألا يضرّ هذا في العدل الإلهي؟ أرجو الإيضاح المبسّط.

ج : السؤال المفترض مبنيّ على أنّ الحساب الزماني في البرزخ ويوم الحشر مثل ما عليه في الحياة الدنيوية.

فيقال : إنّ الحياة الأُخروية لا تقاس بالحياة الدنيوية ، فالنفس بعدما تفارق الجسد في الحياة الدنيوية ، تدخل إلى عالم آخر يختلف من حيث الزمان والمكان وباقي الأُمور الطبيعية ، وهذا الأمر قد أشارت إليه بعض النصوص القرآنية ، والسنّة المحمّدية.

ويمكن أن يقال لرفع الإشكال : إنّ الإنسان إذا ما مات تبدأ استحقاقاته ، فيكون في فترة البرزخ حساب بنحو من الأنحاء ، كما يشير إلى ذلك الحديث : «من مات فقد قامت قيامته »(١) ، وهي التي تسمّى عند البعض بالقيامة الصغرى.

( علي العلي ـ السويد ـ )

وقت موت إبليس :

س : أسأل الله تعالى أن تكونوا في أتمّ الصحّة والعافية ، وأن يسدّد خطاكم لما هو خير ، ويوفّقكم لإعلاء كلمة الحقّ ، إنّه سميع مجيب.

لقد شجّعتموني على أن أسألكم كُلّما احتجت إلى ذلك ، ويا كثرة احتياجاتي ، وأعانكم الله عليها.

__________________

١ ـ بحار الأنوار ٥٨ / ٧.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

( عبد الله ـ الكويت ـ ٢٧ سنة ـ طالب ثانوية )

تعليق على الجواب السابق :

تحية طيّبة ، وبعد : أشكر القائم على هذا الموقع ، والمجيب على سؤال السائل ، والإخوة الذين شاركوا بهذا الموضوع.

والكثير كان يسأل عن مصادر أهل السنّة القائلين بإتيان الزوجة من الدبر ، أو كما ذكر الغير : من الخلف ، فلا حياء بالدين ، وأبدأ بتفسير الإمامين الجليلين العلاّمة جلال الدين محمّد بن أحمد المحلّي ، والعلاّمة جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المطبوع في دار المعرفة بيروت لبنان ، الطبعة الأُولى ١٤٠٣ هجري ١٩٨٣ ميلادي :

ذكروا في تفسيرهم عن أسباب نزول قوله تعالى :( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) : روى الشيخان وأبو داود والترمذي عن جابر قال : كانت اليهود تقول : إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول ، فنزلت( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) .

وأخرج أحمد والترمذي عن ابن عباس قال : جاء عمر إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله ، هلكت ، قال : « وما أهلكك »؟ قال : حوّلت رحلي الليلة ، فلم يرد عليه شيئاً ، فأنزل الله هذه الآية( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) أقبل وأدبر

وأخرج أبن جرير وأبو يعلى وابن مردويه من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري : أنّ رجلاً أصاب امرأته في دبرها ، فأنكر الناس عليه ذلك ، فأنزلت( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) الآية.

وأخرج البخاري عن ابن عمر قال : أنزلت هذه الآية في إتيان النساء في أدبارهن.

وأخرج الطبري في الأوسط بسند جيّد عنه قال : إنّما أنزلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) رخصة في إتيان الدبر.

وأخرج أيضاً عنه : أنّ رجلاً أصاب امرأة في دبرها في زمن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأنكر ذلك ، فأنزل الله( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) .

٤٦١

وتوجد رواية أُخرى لمن يحبّ يراجع المصدر ، ومن هذه الأحاديث نستدلّ بأنّ بعض مصادر أهل السنّة تجوّز إتيان النساء من الدبر.

وأقول بالختام : إن كان المذهب فيه شوائب كما يدّعي الغير ، فالأفضل يطّلع على مذهبه ، وسوف يرى العجب من العجائب التي ذكرت في كتبهم ، وأقول : من أراد الحقّ لا يبحث عن الفرع بل عن الأصل.

( مشري المشري ـ السعودية ـ إسماعيلي ـ ٣٥ سنة ـ طالب جامعة )

حكمه وأدلّته :

س : ما هو حكم إتيان الزوجة من الدبر في المذهبين الشيعي الإمامي والإسماعيلي؟

ج : أختلف الحكم عند الإمامية في جواز الوطء بالدبر ، فالأكثر على جواز الوطء على كراهة شديدة ، والبعض اختار التحريم ، وسبب ذلك لاختلاف الأدلّة ، فمنها من أجازت ذلك ، ومنها من شدّدت على التحريم.

أمّا أدلّة المجوّزين ، فهي رواية عبد الله بن أبي يعفور : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يأتي المرأة في دبرها ، قالعليه‌السلام : « لابأس إذا رضيت » ، قلت : فأين قول الله تعالى :( فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ) ؟ قالعليه‌السلام : « هذا في طلب الولد ، فاطلبوا الولد من حيث أمركم الله ، إنّ الله تعالى يقول :( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) »(١) .

واحتجّوا أنّ كلمة( أنَّى ) في الآية مكانية ، يعني فأتوا نساؤكم في أيّ مكانٍ شئتم ، إضافة إلى إطلاقات جواز التمتّع في المرأة ، فإنّها غير مقيّدة.

أمّا القائلون بالتحريم ، فاستدلّوا برواية معمّر بن خلاّد قال : قال لي أبو الحسنعليه‌السلام : « أيّ شيء يقولون في إتيان النساء في أعجازهن » ؟ قلت : إنّه بلغني أنّ أهل المدينة لا يرون به بأساً.

__________________

١ ـ الاستبصار ٣ / ٢٤٣.

٤٦٢

فقال : « إنّ اليهود كانت تقول : إذا أتى الرجل المرأة من خلفها خرج ولده أحول ، فأنزل الله تعالى :( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) من خلف أو قدّام مخالفاً لقول اليهود ، ولم يعن في أدبارهن »(١) .

على أنّهم حملوا كلمة( أنَّى ) بأنّها زمانية ، أي فأتوا حرثكم في أيّ وقت شئتم ، ولذا من أختار الجواز ذهب إلى كراهة الفعل جمعاً لروايات الحلّية وروايات التحريم.

أمّا على المذهب الإسماعيلي فلم تتوفّر لدينا مصادر فقهية يمكن الرجوع إليها والجزم بها ، إلاّ أنّ ما روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام من الجواز يمكن ركونهم إليه ، وحمل الفعل على الكراهة جمعاً بين روايات وردت عن الصادقعليه‌السلام وأهل البيت في حلّية الفعل وفي تحريمه ، والرجوع إلى علماء الإسماعيلية للقطع بفتواهم هو الأفضل.

( ـ ـ )

معنى قوله :( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) :

س : جاء في سورة البقرة : ( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) ، قرأت في التفسير الكاشف لمحمّد جواد مغنية أن ( فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) ، أنّ جماعة من فقهاء الشيعة الإمامية قد أباحوا وطء الزوجة دبراً ، وأنّ الرازي نقل في تفسير هذه الآية أن ابن عمر كان يقول : المراد من الآية تجويز إتيان النساء في أدبارهن ، فما صحّة هذا القول؟ وما هو الحكم الشرعي في هذه المسألة؟

ج : اعلم أنّ كلمة( أنَّى ) من أسماء الشرط ، وهو إمّا أن يكون للزمان أو للمكان ، فقد وقع الاختلاف فيه ، فمن قال للزمان فيكون تفسير الآية

__________________

١ ـ المصدر السابق ٣ / ٢٤٥.

٤٦٣

الشريفة( فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ ) في أيّ زمان شئتم إلاّ ما خرج بالدليل ، وهو أيّام الأذى ، أي أيّام الحيض.

وإذا كان للمكان فمعنى الآية( فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ ) في أيّ مكان شئتم ، فيعمّ الدبر حينئذٍ ، إلاّ أنّه قيل قد خرج بالدليل أيضاً بقوله تعالى :( وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ) (١) ، وكذلك ورد عن النبيّ الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله : « محاش النساء على أُمّتي حرام »(٢) ، ولكن في روايات أُخرى نُفي البأس عن ذلك ، فالفقهاء جمعاً بين الروايات حكموا بالكراهة ، ومنهم من قال بالكراهة الشديدة ، ومنهم بالحرمة من باب الاحتياط الوجوبي ، كما عند السيّد الخوئيقدس‌سره .

فالمسألة خلافية باعتبار اختلاف لسان الروايات ، وهذا يعني أنّه في مقام التقليد لابدّ أن ترجع إلى من تقلّده ، وتعمل على طبق فتواه.

( أبو علي ـ ـ ٢٠ سنة )

في صحيح البخاري وفتح الباري :

س : السؤال هو عن وطي الزوجة من الدبر ، أتمنّى أن تذكروا نصّ البخاري مع المصدر؟ لأنّ كتاب البخاري يوجد له نسخ كثيرة ، فالأفضل ذكر نصّ الحديث والباب ، وكذلك في المصادر الأُخرى ، ودمتم موفقين.

ج : ننقل لك نصّ ما ورد في البخاري في نكاح الدبر : « عن نافع قال : كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلّم حتّى يفرغ منه ، فأخذت عليه يوماً ، فقرأ سورة البقرة حتّى انتهى إلى مكان قال : تدري فيما أُنزلت؟ قلت : لا ، قال : أُنزلت في كذا وكذا ، ثمّ مضى.

وعن عبد الصمد حدّثني أبي حدّثني أيوب عن نافع عن ابن عمر( فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) قال : يأتيها في

__________________

١ ـ البقرة : ١٨٩.

٢ ـ الاستبصار ٣ / ٢٤٤.

٤٦٤

رواه محمّد بن يحيى بن سعيد عن أبيه عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر »(١) .

قال ابن حجر العسقلاني في شرح هذا الحديث : « أُختلِف في معنى أنّى ، فقيل : كيف ، وقيل : حيث ، وقيل : متى ، وبحسب هذا الاختلاف جاء الاختلاف في تأويل الآية »(٢) .

ثمّ علّق ابن حجر على الحديث « أُنزلت في كذا وكذا » : هكذا أورد مبهماً لمكان الآية والتفسير(٣) .

ثمّ قال ابن حجر : « قوله يأتيها في ، هكذا وقع في جميع النسخ ، لم يذكر ما بعد الظرف وهو المجرور ، ووقع في الجمع بين الصحيحين للحميدي يأتيها في الفرج ، وهو من عنده بحسب ما فهمه ، ثمّ وقفت على سلفه فيه ، وهو البرقاني فرأيت في نسخة الصنعاني زاد البرقاني يعني الفرج ، وليس مطابقاً لما في نفس الرواية عن ابن عمر لما سأذكره.

وقد قال أبو بكر بن العربي في سراج المريدين : أورد البخاري هذا الحديث في التفسير ، فقال : يأتيها في وترك بياضاً ، والمسألة مشهورة ، صنّف فيها محمّد بن سحنون جزءً ، وصنّف فيها محمّد بن شعبان كتاباً ، وبيّن أنّ حديث ابن عمر في إتيان المرأة في دبرها »(٤) .

ثمّ قال ابن حجر : « فأمّا الرواية الأُولى ـ وهي رواية بن عون ـ فقد أخرجها إسحاق بن راهويه في مسنده ، وفي تفسيره بالإسناد المذكور ، وقال بدل قوله حتّى انتهى إلى مكان ، حتّى انتهى إلى قوله :( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) ، فقال : أتدرون فيما أُنزلت هذه الآية؟ قلت : لا ، قال :

__________________

١ ـ صحيح البخاري ٥ / ١٦٠.

٢ ـ فتح الباري ٨ / ١٤٠.

٣ ـ نفس المصدر السابق.

٤ ـ فتح الباري ٨ / ١٤١.

٤٦٥

نزلت في إتيان النساء في أدبارهن ، وهكذا أورده بن جرير من طريق إسماعيل ابن علية عن بن عون ، ومن طريق إسماعيل بن إبراهيم الكرابيسي عن بن عون نحوه ، وأخرجه أبو عبيدة في فضائل القرآن عن معاذ بن عون فأبهمه ، فقال في كذا وكذا.

وأمّا رواية عبد الصمد فأخرجها ابن جرير في التفسير عن أبي قلابة الرقاشي ، عن عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدّثني أبي فذكره بلفظ يأتيها في الدبر ، وهو يؤيّد قول ابن العربي ، ويرد قول الحميدي ، وهذا الذي استعمله البخاري نوع من أنواع البديع يسمّى الاكتفاء ، ولابدّ له من نكته يحسن بسببها استعماله.

وأمّا رواية محمّد بن يحيى بن سعيد القطان فوصلها الطبراني في الأوسط من طريق أبي بكر الأعين ، عن محمّد بن يحيى المذكور بالسند المذكور إلى ابن عمر قال : إنّما نزلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نساؤكم حرث لكم رخصة في إتيان الدبر »(١) .

ثمّ قال ابن حجر : « وقد عاب الإسماعيلي صنيع البخاري فقال : جميع ما أخرج عن بن عمر مبهم لا فائدة فيه »(٢) .

نرجو الإطلاع على جميع البحث هناك ، ففيه المزيد من الروايات والطرق وتصحيحها.

ونقول : هذه ليست المرّة الأُولى التي يقوم البخاري بتقطيع الأحاديث وإبهامها بكذا وكذا ، بل هذا ديدنه ومنهجه في نقل أحاديث تدعم مذهب أهل البيت عموماً ـ سواء في الفقه أو العقائد ـ والحمد لله الذي أظهر هذا الموضع على أيدي علماء ثقات عندهم لا من غيرهم.

__________________

١ ـ نفس المصدر السابق.

٢ ـ نفس المصدر السابق.

٤٦٦

وقال ابن حجر عن التحريم : « وذهب جماعة من أئمّة الحديث ـ كالبخاري والذهبي والبزّار والنسائي وأبي علي النيسابوري ـ إلى أنّه لا يثبت فيه شيء »(٢) .

فهؤلاء كُلّهم وآخرون معهم حتّى يصل الدور إلى مالك والشافعي يقولون بالجواز ، وهم ليسوا من الشيعة ، فثبت قولنا بأنّ المسألة فرعية فقهية خلافية عندنا وعندهم ، ولكن ماذا نفعل لمن عماه نصبه عن الحقيقة.

( أحمد ـ الإمارات ـ ١٩ سنة ـ طالب حوزة )

معنى اللعن الوارد فيه :

س : هذه شبهة وردت في إحدى مواقع الوهّابية في المنتديات ، أرجو الردّ السريع : الخميني يبيح وطء الزوجة في الدبر : يقول الخميني في تحرير الوسيلة : المشهور الأقوى جواز وطء الزوجة دبراً على كراهية شديدة!

ولا نملك إلاّ ذكر قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ملعون من أتى امرأة في دبرها » ، أرجو المساعدة على الردّ على تلك الحثالة الوهّابية ، وشكراً.

ج : وطي الزوجة من دبر مسألة فقهية ، ولابأس أن ننقل هنا كلام السيّد المرتضىقدس‌سره في كتابه « الانتصار » حول الموضوع إذ يقول : « وممّا شنّع به على الإمامية ونسبت إلى التفرّد به ، وقد وافق فيه غيرها القول بإباحة وطء النساء في غير فروجهن المعتادة للوطء ، وأكثر الفقهاء يحظرون ذلك.

وحكى الطحاوي في كتاب الاختلاف عن مالك أنّه قال : ما أدركت أحداً أقتدي به في ديني يشكّ في أنّ وطء المرأة في دبرها حلال ، ثمّ قرأ :( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ ) الآية ، وقال الطحاوي في كتابه هذا : حكى لنا محمّد بن عبد الله بن الحكم أنّه سمع الشافعي يقول : ما صحّ عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في تحريمه ولا تحليله شيء ، والقياس أنّه حلال.

__________________

١ ـ فتح الباري ٨ / ١٤٢.

٤٦٧

والحجّة في إباحة ذلك إجماع الطائفة ، وأيضاً قوله تعالى :( نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) ، ومعنى أنّى شئتم كيف شئتم ، وفي أيّ موضع شئتم وآثرتم ، ولا يجوز حمل لفظة( أَنَّى ) هاهنا على الوقت ، لأنّ لفظة( أَنَّى ) تختصّ بالأماكن ، وقلّما تستعمل في الأوقات ، واللفظة المختصّة بالوقت أيّان شئتم ، ولا فرق بين قولهم : ألق زيداً أنّى كان ، وأين كان في عموم الأماكن ، على أنّا لو سلّمنا أنّ الوقت مراد بهذه اللفظة حملناها على الأمرين معاً من الأوقات والأماكن.

فأمّا من أدّعى أنّ المراد بذلك إباحة وطء المرأة من جهة دبرها في قُبلها بخلاف ما تكرهه اليهود من ذلك ، فهو تخصيص لظاهر القرآن بغير دليل ، والظاهر متناول لما قالوه ولما قلناه »(١) .

أمّا حديث : « ملعون من أتى امرأته في دبرها »(٢) ، لو سلّمنا بصحّة الحديث ، فاللعن لا يعني الحرمة ، وإنّما يدور أمره بين الحرمة والكراهة ، كما هو المعلوم عند المحقّقين من الأُصوليين ، فلا وجه للاستشهاد به ، فإذا استفاد الفقيه من اللعن الكراهة ، فهي تعني الجواز كما لا يخفى ، ومن هنا تجد بعض الفقهاء يفتون في المسألة ـ ومنهم السيّد الخميني في تحرير الوسيلة ـ بجواز وطء الزوجة في دبرها على كراهية شديدة.

فلاحظ ذلك وتأمّله فهل تجده مخالفاً لأدلّة الشرع؟ وقد جاء يستدلّ بها من لا يعرف هذه الصناعة ، بل من لا يدرك أي طرفيه أطول ليصول به ، وتلك محنة أهل العلم مع أهل الجهل في كُلّ زمان ومكان.

__________________

١ ـ الانتصار : ٢٩٤.

٢ ـ مسند أحمد ٢ / ٤٤٤ و ٤٧٩ ، سنن أبي داود ١ / ٤٧٩.

٤٦٨

وقت الإفطار :

( علي ـ المغرب ـ ٢٢ سنة ـ ليسانس )

زوال الحمرة المشرقية :

س : ما معنى قوله تعالى : ( ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ ) (١) ؟

ج : إنّ ظهور الآية تدلّ بالصراحة على وجهة نظر الشيعة في تعيين المغرب ، بأنّه يصدق عند ذهاب وزوال الحمرة المشرقية عن قمّة رأس الإنسان نحو الأُفق.

وتوضيحه : أنّ كلمة( الَّليْلِ ) لا تعطي معنى مجرّد سقوط قرص الشمس في الأُفق الغربي ـ كما عليه أهل السنّة ـ وهذا واضح لمن راجع كتب اللغة في هذا المجال ، فإنّ كلمة( الَّليْلِ ) تحتوي في مفادها على الظلمة والسواد ، وهذا لا يجتمع مع فتوى أهل السنّة.

وأمّا رأي الشيعة فيتّفق مع معنى ومفهوم الكلمة تماماً ، فبعد ذهاب الحمرة في السماء عن فوق رأس الإنسان نحو المغرب ، يبدأ الظلام والسواد في السماء.

نعم ، قد يتكلّف فقهاء أهل السنّة في إثبات رأيهم بالتمسّك بروايات تحدّد تعريف المغرب كما يرونه ، ولكن لنا أيضاً روايات تخالفهم ، فالقاعدة المحكمة في المقام أن نأخذ بالموافق للقرآن ، وهو كما ذكرناه لكم ؛ ولابأس أن نشير هنا بأنّ الفخر الرازي قد ذكر في تفسير الآية وجود رأي أو آراء من أهل السنّة كانت ترى مصداق( الَّليْلِ ) موافقاً لما تتبنّاه الشيعة في المقام(٢) .

__________________

١ ـ البقرة : ١٨٧.

٢ ـ التفسير الكبير ٢ / ٢٧٥.

٤٦٩

ثمّ إنّ تطبيق رأي الشيعة في المقام واضح ، فعندما يرى الإنسان أنّ الحمرة المتبقّية من ضوء الشمس ، قد أتاه من جانب المشرق وزال وتجاوز عن فوق رأسه في السماء ، يقطع حينئذٍ بدخول وقت المغرب المجوّز لصلاته والإفطار.

٤٧٠

الولاية التكوينية والتشريعية :

( أبو أحمد الموسوي ـ ـ )

معنى التكوينية وثبوتها لأهل البيت :

س : اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد ، وعجّل فرج آل محمّد.

ما هو المراد بالولاية التكوينية؟ وهل هي ثابتة لأهل البيتعليهم‌السلام ؟ نرجو بيان الدليل ، وما هو حكم منكرها على فرض ثبوتها؟ وهل يجب الاعتقاد بها؟ أفيدونا غفر الله لكم ، وأدامكم ذخراً.

ج : لقد تعدّدت أسئلتك وسوف نجيب عليها بالنقاط التالية :

١ ـ الولاية التكوينية : هنالك عدّة معانٍ لها يذكرها العلماء في كتبهم ، بعضها شرك محرّم ، وهي القائلة بأنّ معنى الولاية التكوينية لغير الله ، أنّهم يتصرّفون بالكون والخلق بانفصال عن إرادة الله تعالى ، أو أنّ الله تعالى قد فوّض إليهم شؤون العالم ، وهذه المعاني كما قلنا قد اتفق العلماء على استلزامها للشرك المحرّم.

أمّا إن كان معنى الولاية التكوينية غير هذا ، بل هو التصرّف في الكون بإشارة الله وإرادته ، فلا مانع من ذلك ولا محذور ، وقد وقع في حقّ غير أهل البيتعليهم‌السلام ، كما يذكر القرآن الكريم قصّة آصف وزير سليمان( قَالَ الَّذِي

٤٧١

عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي) (١) .

وهنالك معان أُخرى لا تصل إلى الأوّل ، وإن كانت أعمق من الثاني ، أعرضنا عنها للاختصار.

٢ ـ أمّا ثبوتها لأهل البيتعليهم‌السلام ، فلا ريب في ذلك ولا شبهة ـ بما عدا المعنى الأوّل الذي يستلزم الشرك والتفويض المحرّم ـ ويكفينا دلالة على ذلك الآية التي ذكرناها حكاية عن آصف ، فمن كان عنده علم من الكتاب ـ ومن تبعيضية ـ يستطيع أن يتصرّف في شؤون الكون ، ويأتي بعرش بلقيس من اليمن إلى بيت المقدس.

فكيف لا يستطيع ذلك ـ وأكثر منه ـ من عنده علم الكتاب ـ أي جميع الكتاب ـ وقد وردت الروايات الكثيرة أنّ أهل البيتعليهم‌السلام عندهم علم جميع الكتاب ، بل القرآن صريح في ذلك ، حيث يقول إشارة إلى الكتاب الكريم( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) (٢) .

٣ ـ أمّا سؤالك عن حكم منكرها أو وجوب الاعتقاد بها : إنّ مقامات أهل البيتعليهم‌السلام كثيرة جدّاً ، قد لا يصل إلى إدراكها إلاّ الأوحدي من الناس ، وهذا ما نجد بعض الأحاديث المستفيضة تشير إليه ، فعن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال :( فمن عرف فاطمة حقَّ معرفتها ، فقد أدرك ليلة القدر ، وإنّما سمّيت فاطمة لأنّ الخلق فطموا عن معرفتها ) (٣) .

ومن هنا نقول : إنّه ليس ذنباً أن تقصر إفهام البعض عن إدراك هذه الذوات القدسية والأنوار الإلهية ، ولكن الذنب في إنكارها وجحدها بدون دليل وعلم ، بل لمجرّد قصور الذهن وعدم التفاعل.

اللهم عرّفنا حجّتك ، فإنّك إن لم تعرفنا حجّتك ضللنا عن ديننا.

__________________

١ ـ النمل : ٤٠.

٢ ـ آل عمران : ٧.

٣ ـ تفسير فرات : ٥٨١.

٤٧٢

( أبو مصطفى ـ البحرين ـ )

ثبوت التكوينية للمعصوم :

س : ما رأيكم في من يقول بثبوت الولاية التكوينية للمعصوم؟ ولكنّه يجعلها مؤقّتة ، أي يقول : أنّ المعصوم يفعل ما يفعل من معجز بموجب ولاية تكوينية بالعرض ، تكون في طول الولاية التكوينية الذاتية لله تعالى ، ولكن غاية ما هنالك هو أنّ هذه الولاية ليست دائمية ، بل هي مؤقّتة تعطى للمعصوم حين يطلبها هو من الله تعالى ، وليس المقصود أنّه يطلب من الله المعجز ، فيجريها الله على يديه دون أن يكون له في ذلك أي دخل ، بل المراد أنّه يطلب هذه الولاية فيعطيها الله له ، وهو يقوم بالمعجز بها.

ج : في صدد الجواب عن سؤالكم نجيب باختصار :

١ ـ لابدّ أن نفرّق بين الولاية التكوينية والعلم بالغيب ، إذ في العلم بالغيب بإذن الله عدّة نظريات ، بعضها تثبت العلم الفعلي وبعضها الإنشائي ، وبعبارة أُخرى : بعض النظريات تقول المعصوم إذا شاء علم ، وبعضها تقول أنّ علمه حضوري دائماً.

٢ ـ أمّا بالنسبة إلى الولاية التكوينية فعموم الأدلّة النقلية لا تفصّل في مَن أُعطي هذه الولاية بين كونها فعلية أو إنشائية.

فقوله تعالى :( وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي ) (١) ، فالإذن هنا مطلق ، غير مخصّص بزمان معيّن ، فمن أُعطي هكذا إذن يستطيع أن يستعمل هذه القدرة متى شاء.

وكذلك قوله تعالى :( وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللهِ ) (٢) .

__________________

١ ـ المائدة : ١١٠.

٢ ـ آل عمران : ٤٩.

٤٧٣

وقوله تعالى :( فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ ) (١) .

وجريان الريح قطعاً بإذن الله تعالى ، وهو يثبت الولاية التكوينية الفعلية من دون تخصيص بوقت معيّن.

وقوله تعالى :( قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) (٢) ، وهذا أيضاً يثبت الولاية التكوينية من دون أن تخصّص بوقت معيّن.

وأمثال هذه الآيات كثير ، وكذلك توجد روايات كثيرة في هذا الصدد ، بالأخصّ تلك الواردة في معاجز الأنبياء ، بالأخص نبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وآل بيته المعصومين ، وكُلّها مطلقة لا تخصّص هذه الولاية بوقت معيّن ، ولا تقسّمها إلى أقسام.

نعم ، توجد هناك بعض الآراء الشاذّة تقسّم الولاية التكوينية إلى إنشائية وفعلية ، وبعض الآراء التي ترى ارتباطاً مباشراً بين العلم بالغيب والولاية التكوينية ، وبعض آراء أُخرى لا يمكننا المساعدة عليها لضعف الأدلّة التي تعتمد عليها.

( ـ ـ )

التكوينية ثابتة للأئمّة بروايات كثيرة :

س : هل للأئمّة ولاية تكوينية؟

ج : إنّ أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام بما لهم من المكانة الرفيعة والسامية عند الله تعالى ، فلا يأبى العقل والنقل بأن تكون لهم قدرة التصرّف في الكون التي تسمّى في الاصطلاح بـ « الولاية التكوينية » ، وهذا ممّا ورد فيه الروايات الكثيرة.

__________________

١ ـ ص : ٣٦.

٢ ـ النمل : ٤٠.

٤٧٤

ولكن الأمر المهمّ أن نعرف مدى هذه الولاية والسلطة ، فتؤكّد نفس المصادر بأنّها في طول ولاية الله تعالى ، أي : أنّ هذه القدرات كُلّها تكون بإذن صريح من الباري تعالى ولم تكن بالاستقلال ، وهذا هو الفارق بين عقيدة الشيعة ورأي الغلاة والمفوّضة ، فإنّهم يرون الاستقلالية في هذا المجال.

والدليل الواضح لنا في هذا الموضوع هو القرآن الكريم ، فيقول :( وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِىءُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي ) (١) .

فالأنبياء والأئمّةعليهم‌السلام وسائط في هذا التصرّف التكويني ، والروايات الواردة في هذا المجال كُلّها تصرّح أو تلوّح بهذا الموضوع ، ولمعرفتها لابأس بمراجعة كتاب بحار الأنوار أبواب معجزات الأئمّةعليهم‌السلام .

( أبو علي ـ البحرين ـ )

معناهما وتعريفهما :

س : ما الفرق بين الولاية التكوينية والولاية التشريعية؟

ج : يتمّ الجواب على سؤالكم في نقاط خمس :

الأُولى : أنّ مصطلح الولاية التكوينية من المصطلحات المستحدثة في كلمات المتأخّرين ، وغير موجود في كلمات القدماء ، وعليه فهذا المصطلح لم يرد لا في آية قرآنية ولا في سنّة شريفة ، ولكنّه يشير إلى مفهوم قد تداولته العديد من الآيات القرآنية ، والنصوص الشريفة.

الثانية : معنى الولاية التكوينية لغة :

الولاية : التمكّن من الشيء والتسلّط عليه.

التكوينية : مأخوذة من الكون.

__________________

١ ـ المائدة : ١١٠.

٤٧٥

فالولاية التكوينية لغة هي : التمكّن من الإحداث في الكون والتسلّط عليه.

الثالثة : معنى الولاية التكوينية اصطلاحاً :

قد اختلفت كلمات العلماء في معنى هذا الاصطلاح الجديد ، والظاهر : بأنّها القدرة على فعل المعجزات ـ أي : خرق نواميس الطبيعة ـ والتسلّط على الظواهر الكونية ، وما يتعلّق بعالم الوجود ، كالإحياء والإماتة ، والقبض والبسط ، والإيجاد والخلق والمنع ونحو ذلك.

الرابعة : معنى الولاية التشريعية هي : القدرة والتصرّف في أُمور تتعلّق بعالم التشريع والقانون ، كالحلال والحرام ، والواجب والمباح ، والأحكام في الصحّة والبطلان ونحو ذلك.

إذاً ، إذا كان متعلّق التصرّف والولاية هو التشريع فالولاية تشريعية ، وإذا كان متعلّقها أُموراً وجودية فهي ولاية تكوينية.

الخامسة : من له الولاية؟ اتفقت كلمة علمائنا بأنّ للأنبياء والأئمّة المعصومينعليهم‌السلام ولاية تكوينية وتشريعية ، بموهبة وإذن من الله تعالى ، واختلفت كلمتهم في معنى وحدود تلك الولاية وسعة قدرتها.

( أحمد ـ إيران ـ ٢٣ سنة ـ طالب جامعة )

مصطلح الولاية التكوينية :

س : من هو أوّل من استعمل مصطلح الولاية التكوينية؟ ومن هم أهمّ العلماء المعتقدين بالولاية التكوينية؟ وما أهمّ الأدلّة القرآنية لهذه الولاية؟

ج : بالنسبة إلى سؤالك الأوّل نقول :

إنّ مصطلح الولاية التكوينية من المصطلحات المستحدثة في كلمات المتأخّرين ، وغير موجودة في كلمات القدماء ، وعليه فهذا المصطلح لم يرد لا في آية قرآنية ولا في سنّة شريفة ، ولكنّه يشير إلى مفهوم قد تداولته العديد من الآيات القرآنية والنصوص الشريفة ، وبقدر عدم أهمّية الاهتمام بمن وضع هذه

٤٧٦

التسمية من علماء الكلام من علمائنا ( قدس سرهم ) ، إلاّ أنّنا نجد أنّ من الحقّ الإشارة إلى أنّ من وضع التسمية قد وفّق أيّما توفيق في الوصف الدقيق للمفهوم.

وبالنسبة إلى سؤالك الثاني نقول :

اتفقت كلمة علمائنا : بأنّ للأنبياء والأئمّة المعصومينعليهم‌السلام ولاية تكوينية وتشريعية ، بموهبة وإذن من الله تعالى ، واختلفت كلمتهم في معنى وحدود تلك الولاية وسعة قدرتها.

وبالنسبة إلى سؤالك الثالث نجيب : من الآيات القرآنية الدالّة على الولاية التكوينية :

١ ـ قوله تعالى :( قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ) (١) .

٢ ـ قوله تعالى :( قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) (٢) .

٣ ـ قوله تعالى :( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) (٣) .

٤ ـ قوله تعالى :( أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللهِ ) (٤) .

٥ ـ قوله تعالى :( وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ) (٥) .

٦ ـ قوله تعالى :( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ) (٦) .

__________________

١ ـ النمل : ٣٩.

٢ ـ النمل : ٤٠.

٣ ـ الجن : ٦.

٤ ـ آل عمران : ٤٩.

٥ ـ الأنبياء : ٧٩.

٦ ـ النمل : ١٦.

٤٧٧

٧ ـ قوله تعالى :( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ) (١) .

٨ ـ قوله تعالى :( وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ) (٢) .

٩ ـ قوله تعالى :( وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ) (٣) .

١٠ ـ قوله تعالى :( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ) (٤) .

١١ ـ قوله تعالى :( وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لاَّ تَخَافُ دَرَكًا وَلاَ تَخْشَى ) (٥) .

١٢ ـ قوله تعالى :( فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ) (٦) .

١٣ ـ قوله تعالى :( وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً ) (٧) .

١٤ ـ قوله تعالى :( وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِىءُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي ) (٨) .

__________________

١ ـ سبأ : ١٠.

٢ ـ الأنبياء : ٨١.

٣ ـ النمل : ١٨.

٤ ـ البقرة : ٢٦٠.

٥ ـ طه : ٧٧.

٦ ـ الشعراء : ٦٣.

٧ ـ البقرة : ٦٠.

٨ ـ المائدة : ١١٠.

٤٧٨

( أبو علي ـ الكويت ـ )

لا يلزم الغلوّ من ثبوتها لأهل البيت :

س : هذا يعني أنّ الله أعطى الإمام عليعليه‌السلام ولاية تكوينية ، كما تقولون بإذنه ، هل الله أعطى سيّدنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله هذه الولاية ، هذا ما لم يثبت عندنا نحن الشيعة الإمامية؟ أين الأدلّة التي تنصّ على إعطاء الله الولاية التكوينية الخاصّ به فقط لأحد من البشر؟

إنّ إمامنا عليعليه‌السلام وليّنا ووليّ كُلّ مسلم ، لكن المغالات في حبّ أهل البيتعليهم‌السلام من قبلنا ، ونصاب الفرق الأُخرى لهم أدّى إلى هذا الفراق بين المسلمين على أهل البيتعليهم‌السلام .

تذكّروا أنّ المستهدف الآن هي كلمة لا اله إلاّ الله ، رحم الله مولاي عليعليه‌السلام كيف كان يدافع عن هذه الكلمة.

ج : الولاية التكوينية ثابتة في القرآن الكريم للأنبياء ولغير الأنبياء ، فثبوتها بنصّ صريح لبعض الأنبياء بحديث القرآن عن عيسىعليه‌السلام بقوله :( وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللهِ ) (١) ، فالآية تثبت الإحياء لعيسىعليه‌السلام والإحياء تصرّف تكويني لا تشريعي.

كما أنّ الولاية التكوينية تثبت لغير الأنبياء من الناس بقوله تعالى :( قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) (٢) هذا التصرّف الذي قام به وصي سليمان بجلب عرش ملكة سبأ من اليمن إلى فلسطين ، هو أجلى تعبير للولاية التكوينية بمعنى التصرّف بنظام التكوين.

أمّا إثبات الولاية التكوينية لنبيّنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وللأئمّةعليهم‌السلام فيكون بأنّ نبيّنا أفضل من جميع الأنبياء السابقين ، فما ثبت لهم ثبت لنبيّنا ، وأوصياء نبيّنا أفضل من أوصياء جميع الأنبياء ، فما ثبت لأوصياء الأنبياء ثبت لأوصياء نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله .

__________________

١ ـ آل عمران : ٤٩.

٢ ـ النمل : ٤٠.

٤٧٩

والقول بالولاية التكوينية ليس من المغالات فيهمعليهم‌السلام ، إنّما يكون مغالات إذا قلنا : أنّ الولاية التكوينية ثابتة لهم من دون إذن من الله تعالى ، ولا نقول نحن بذلك.

نحن مع كلمة لا إله إلاّ الله دائماً وأبداً ، ولكن معرفة الإمامعليه‌السلام حقّ معرفته لا تخرجنا عن تلك الكلمة ، بل تزيدنا تمسّكاً بها.

( علي ـ أمريكا ـ ٢٧ سنة ـ طالب )

ثابتان لمعصوم بإذن الله :

س : هل لأهل البيت عليهم‌السلام الولايتين التكوينية والتشريعية؟

ج : الولاية التكوينية إذا كانت بمعنى التصرّف الخارق للعادة الصادر من الإمامعليه‌السلام بإذن وإرادة من قبل الله سبحانه فهي ثابتة لهم ، كيف وقد كانت ثابتة لمثل عيسىعليه‌السلام ، حيث كان يبرئ الأكمة والأبرص ، ويحيي الموتى بإذن الله سبحانه ، وكانت ثابتة لآصف بن برخيا :( قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) (١) .

إنّ الولاية التكوينية إذا كانت ثابتة لأمثال هؤلاء ، فلماذا لا يمكن أن تكون ثابتة لمثل الإمامعليه‌السلام ؟ ولكن كُلّ ذلك بإذن الله سبحانه وإرادته.

نعم ، إذا كان يقصد من الولاية التكوينية أنّ أمر التصرّف في العالم قد أُوكل إلى الإمامعليه‌السلام من دون إشراف وإذن من الله سبحانه ، فذلك هو التفويض الباطل والموجب للكفر.

إذاً ، لابدّ من التفصيل في مسألة الولاية التكوينية ، فالثابت منها هو ما كان بإذن الله سبحانه وإرادته ، والمنفي منها ما كان من دون ذلك.

وأمّا الولاية التشريعية فهي ثابتة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جزماً على ما يظهر من روايات متعدّدة ، كما هو الحال في ركعات الصلاة ، حيث أنّ الأوّليين هما من تشريع

__________________

١ ـ النمل : ٤٠.

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667