الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ١٠

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 389

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 389
المشاهدات: 66496
تحميل: 3699


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 389 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 66496 / تحميل: 3699
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 10

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ثمَّ جاء عثمان فسلّم ثمَّ جلس عن يمين عمر، وبين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سبع حصيات، أو قال تسع حصيات فأخذهنَّ في كفّه فسبَّحن حتّى سمعت لهنَّ حنيناً كحنين النخل، ثمَّ وضعهنَّ فخرسن، ثمَّ أخذهنَّ فوضعهنّ في كفِّ أبي بكر فسبّحن حتّى سمعت لهنَّ حنيناً كحنين النخل، ثمَّ وضعهنّ فخرسن، ثمَّ تناولهنّ فوضعن في يد عمر فسبّحن حتّى سمعت لهنِّ حنيناً كحنين النخل، ثمَّ وضعهنِّ فخرسن، ثمَّ تناولهنَّ فوضعهن في يد عثمان فسبّحن حتّى سمعت لهنَّ حنيناً كحنين النخل، ثمَّ وضعهنّ فخرسن، فقال النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هذه خلافة النبوّة(١) .

قال الأميني: هذا الإسناد مضافاً إلى ما في رجاله من المجهول والضعيف ومن تغيّر عقله(٢) وأسنده إليه مَن سمع عنه بعد اختلاطه كما في تهذيب التهذيب ٨: ٣٧٥.

فيه: محمّد بن يونس الكديمي وقد عرَّفناك ترجمته في الجزء التاسع ٣١١ ط ١، وانّه كذّابٌ وضّاعٌ من بيت عُرف بالكذب. كان يكذب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى العلماء ولعلّه وضع على الثقات أكثر من ألف حديث.

اقرأ واعجب من خلافة تدعم بمثل هذه الخزاية، ثمَّ اعجب من حفّاظ أخرجوها في تآليفهم محتجِّين بها ساكتين عنها وهم يعلمون ما فيها من العلل، وإنَّ ربّك ليعلم ما تكنّ صدورهم وما يعلنون.

لفت نظر:

من عجيب ما نراه في هذه الرواية وأمثالها من الموضوعات في مناقب الثلاثة أو الأربعة تنظيم هذا الصفّ المنضَّد كالبنيان المرصوص الذي لا اختلاف فيه. فلا يأتي قطُّ أوّلا إلّا أبو بكر، وثانياً إلّا عمر، وثالثاً إلّا عثمان، ورابعاً إن كان لهم رابع إلّا عليعليه‌السلام سبحان الله فكأنّهم متبانون على هذا الترتيب، فلا يتقدَّم أحدٌ أحداً، ولا يتأخَّر أحدٌ عن أحد، ففي حديث التسبيح: جاء أبو بكر فسلّم، ثمَّ جاء عمر فسلّم، ثمّ جاء عثمان فسلّم، ثمَّ جاء عليٌّ فسلّم.

____________________

١ - تاريخ ابن كثير ٦: ١٣٢، الخصايص الكبرى ٢: ٧٤.

٢ - هو قريش بن أنس المترجم فى تهذيب التهذيب لابن حجر.

١٠١

وفي حديث البستان عن أنس: جاء أبو بكر، ثمّ جاء عمر، ثمّ جاء عثمان(١) .

وفي حديث بئر أريس عن أبي موسى: جاء أبو بكر، ثمّ جاء عمر، ثمّ جاء عثمان(٢)

وفي حديث استيذانهم على النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو مضطجع على فراشه عن عائشة: استأذن أبو بكر، ثمَّ جاء عمر فاستأذن، ثمّ جاء عثمان فاستأذن. راجع ص ٢٧٤ من الجزء التاسع وفي حديث الفخذ والركبة: استأذن أبو بكر، ثمّ جاء عمر فاستأذن، ثمّ جاء عثمان فاستأذن. كما مرّ في الجزء التاسع ص ٢٧٤، ٢٧٥ ط ٢.

وفي حديث جابر بالاسواف: يطلع عليكم رجل من أهل الجنَّة فطلع أبو بكر، ثمّ طلع عمر، ثمَّ طلع عثمان. مجمع الزوائد ٩: ٥٧.

وفي حديث حائط من حوائط المدينة عن بلال جاء أبو بكر يستأذن، ثمَّ جاء عمر، ثمّ جاء عثمان. فتح الباري ٧: ٣٠.

وفي حديث التبشير بالجنَّة عن عبد الله بن عمر: جاء أبو بكر فاستأذن، ثمّ جاء عمر فاستأذن، ثمَّ جاء عثمان فاستأذن(٣) .

وفي حديث خطبة الزهراء فاطمة سلام الله عليها: جاء أبو بكر، ثمَّ عمر، ثمَّ عليّ. ذخائر العقبى ص ٢٧.

وفي حديث بناء مسجد المدينة عن عايشة: جاء أبو بكر بحجر فوضعه، ثمّ جاء عمر بحجر فوضعه، ثمَّ جاء عثمان بحجر فوضعه(٤) .

فهل هذا حكم القَدر يأتي بهم متتابعين؟ أو قضيَّة التباني طيلة حياة النبيِّ الأقدسصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلا يقبلون إلّا بهذا الترتيب؟ أو هو من حكم الطبيعة فلا يختلف ولا يتخلّف؟ أو أنّه من ولائد الإتِّفاق لكنّه لم يتفاوت في أيٍّ من الموارد؟ أو أنّه من مشتهيات الوضّاعين الذين يتحرّون ترتيب الفضيلة هكذا؟ ولعلَّ القول بالأخير هو المتعين فحسب.

٢٨ - عن زيد بن أبي أوفى قال: دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسجده. وفي لفظ: خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونحن في مسجد المدينة، فجعل يقول: أين فلان؟ أين

____________________

١ - راجع الجزء الخامس ص ٢٨٥.

٢ - راجع الصحيحين وغيرهما وحسبك تاريخ ابن كثير ٦: ٢٠٤.

٣ - تاريخ ابن كثير ٧: ٢٠٢.

٤ - راجع الجزء الخامس ص ٢٨٧.

١٠٢

فلان؟ فلم يزل يبعث إليهم ويتفقّدهم حتَّى اجتمعوا عنده فلمّا توافوا عنده حمد الله وأثنى عليه ثمَّ قال: إنِّي محدِّثكم حديثاً فاحفظوه وعوه وحدِّثوا به مَن بعدكم، إنَّ الله عزَّوجلَّ اصطفى من خلقه خلقاً ثمَّ تلا: والله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس خلقاً يدخلهم الجنَّة، وانِّي أصطفي منكم من أحبّ أن أصطفيه ومواخ بينكم كما آخى الله عزّ وجلَّ بين ملائكته، فقم يا أبا بكر! فقام فجثا بين يديه فقال: إنَّ لك عندي يداً الله يجزيك بها، فلو كنت متَّخذاً خليلاً لاتَّخذتك خليلاً، فأنت منِّي بمنزلة قميصي من جسدي، وحرَّك قميصه بيده. ثمَّ قال: ادن يا عمر! فدنا منه فقال: لقد كنت شديد الشغب علينا يا أبا حفص! فدعوت الله أن يعزَّ الإسلام بك أو بأبي جهل، ففعل الله ذلك بك وكنت أحبّهما إلى الله، فأنت معي في الجنَّة ثالث ثلاثة من هذه الاُمّة، ثمَّ آخى بينه وبين أبي بكر.

ثمَّ دعا عثمان فقال: ادن يا أبا عمرو! فلم يزل يدنو منه حتّى ألصق ركبتيه بركبتيه فنظر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى السّماء فقال: سبحان الله العظيم. ثلاث مرّات. ثمّ نظر إلى عثمان وكانت أزراره محلولة فزرَّها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيده ثمّ قال: اجمع عطفي رداءك على نحرك، إنَّ لك شأناً في أهل السّماء، أنت ممّن يرد عليَّ حوضي ( وفي لفظ: يرد عليَّ يوم القيامة ) وأوداجك تشخب دماً، فأقول لك: مَن فعل بك هذا؟ فتقول: فلانٌ وفلان، وذلك كلام جبرئيل إذا هتف من السَّماء فقال: ألا انَّ عثمان أميرٌ على كلّ مخذول. ثمَّ دعا عبد الرَّحمن بن عوف فقال: ادن يا أمين الله! أنت أمين الله، وتسمّى في السَّماء: الأمين، يسلّطك الله على مالك بالحقّ، أما إنَّ لك عندي دعوة وعدتكها وقد أخَّرتها فقال: خِر لي يا رسول الله، قال: حملتني يا عبد الرَّحمن! أمانة ثمَّ قال: إنَّ لك شأناً يا عبد الرحمن! أما انّه أكثر الله مالك وجعل يقول بيده: هكذا وهكذا، ثمَّ آخى بينه وبين عثمان.

ثمَّ دعا طلحة والزبير فقال: ادنوا منِّي فدنوا منه فقال لهما: أنتما حواريّ كحواري عيسى بن مريم ثمَّ آخى بينهما.

ثمَّ دعا عمّار بن ياسر وسعداً فقال: يا عمّار! تقتلك الفئة الباغية، ثمَّ آخى بينهما، ثمَّ دعا عويمر بن زيد أبا الدرداء وسلمان الفارسي وقال: يا سلمان! أنت منّا اهل البيت

١٠٣

وقد آتاك الله العلم الأوَّل والآخر والكتاب الأوَّل والكتاب الآخر، ثمَّ قال: ألا ارشدك يا أبا الدرداء؟ قال: بلى بأبي أنت واُمِّي يا رسول الله! قال: إن تفتقدهم تفقدوك وإن تركتهم لا يتركوك، وإن تهرب منهم يدركوك، فاقرضهم عرضك ليوم فقرك، واعلم أنّ الجزاء أمامك. ثمَّ آخى بينهما.

ثمَّ نظر في وجوه أصحابه فقال: أبشروا وقرّوا عيناً، أنتم أوّل من يرد عليّ الحوض وأنتم في أعلى الغرف، ثمَّ نظر إلى عبد الله بن عمر وقال: ألحمد لله يهدي من الضلالة من يحبُّ، ويلبس الضلالة على مَن أحبَّ، فقال عليٌّ: يا رسول الله! لقد ذهبتْ روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري، فإن كان هذا من سخط عليَّ فلك العتبي والكرامة، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والّذي بعثني بالحقِّ ما أخَّرتك إلّا لنفسي وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى غير انَّه لا نبيَّ بعدي، وأنت أخي ووارثي، قال: يا رسول الله! وما أرث منك؟ قال: ما ورثت الأنبياء من قبلي. قال: ما ورثته الأنبياء من قبلك؟ قال: كتاب ربّهم وسنّة نبيّهم، وأنت معي في قصري في الجنَّة مع فاطمة ابنتي ( وأنت أخي ورفيقي )(١) ثمَّ تلا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إخوانٌ على سرر متقابلين. الأخلّاء في الله ينظر بعضهم إلى بعض.

قال الأميني: قال أبو عمر في الاستيعاب ١: ١٩١ في ترجمة زيد بن أبي أوفى: روى حديث المواخاة بتمامه إلّا أنَّ في إسناده ضعفاً.

وقال ابن حجر في الإصابة ١: ٥٦٠: روى حديثه ابن ابي حاتم والحسن بن سفيان والبخاري في التاريخ الصغير من طريق ابن شرحبيل عن رجل من قريش عن زيد بن أبي أوفى قال: دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسجد المدينة فجعل يقول: أين فلان؟ أين فلان؟ فلم يزل يتفقّدهم ويبعث إليهم حتى اجتمعوا عنده. فذكر الحديث في إخاء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولحديثه طرقٌ عن عبد الله بن شرحبيل، وقال ابن السكن: روي حديثه من ثلاث طرق ليس فيها ما يصحّ، وقال البخاري: لا يعرف سماعُ بعضهم من بعض، ولا يتابع عليه، رواه بعضهم عن ابن أبي خالد عن عبد الله بن أبي أوفي ولا يصحّ.

وقفنا من طرق الرواية الثلاث المعزوَّة إليها على طريقين أحدهما طريق أبي اسحاق

____________________

١ - هذه الزيادة فى بعض الالفاظ.

١٠٤

ابراهيم بن محمّد بن سفيان المجهول عن.

محمّد بن يحيى بن اسماعيل السهمي التمّار، قال الدارقطني: ليس بالمرضيّ. عن نصر بن علي الثقة ان كان هو الجهضمي كما هو الظاهر. عن عبد المؤمن بن عباد، ضعَّفه أبو حاتم، وقال البخاري: لا يتابع على حديثه، وذكره السّاجي وابن الجارود في الضعفاء(١) . عن

يزيد بن سفيان، قال الذهبي: ضعّفه ابن معين. وقال النسائي: متروكٌ. وقال شعبة: لو يُعطى درهماً لوضع حديثاً. له نسخةٌ منكرةٌ تكلّم فيه ابن حبّان. وقال ابن حبّان: نسخةٌ مقلوبةٌ لا يجوز الإحتجاج به إذا انفرد لكثرة خطائه ومخالفة الثقات في الروايات، وقال العقيلي في الضعفاء: لا يعرف بالنقل ولا يُتابع على حديثه(٢) عن

عبد الله بن شرحبيل عن

رجل من قريش. ألله يعلم مَن الرجل، وهل وُلد هو أو لم يُخلق بعدُ، عن زيد بن أبي أوفى.

رجال الطريق الثاني:

عبد الرَّحيم بن واقد الواقدي الخراساني الراوي عن شعيب الأعرابي، قال الخطيب في تاريخه ١١: ٨٥: في حديثه مناكير لأنها عن الضعفاء والمجاهيل. عن

شعيب بن يوسن الأعرابي من اولئك الضعفاء أو المجاهيل الذين أو عز إليهم - الخطيب في عبد الرَّحيم الواقدي: عن

موسى بن صهيب. قال ابن حجر في اللسان: لا يكاد يُعرف، عن

يحيي بن زكريّا، قال ابن عدي: كان يضع الحديث ويسرق، وذكر ابن الجوزي حديثاً باطلاً وقال: هذا حديثٌ موضوعٌ بلا شكّ والمتّهم به يحيى، قال يحيى بن معين: هو دجّالُ هذه الاُمّة(٣) عن

عبد الله بن شرحبيل عن رجل من قريش، هذا الإنسان الذي تنتهي إليه أسانيد

____________________

١ - ميزان الاعتدال ٢: ١٥٦، لسان الميزان ٤: ٧٦.

٢ - ميزان الاعتدال ٣: ٣١٢، لسان الميزان ٦: ٢٨٨.

٣ - لسان الميزان ٦: ٢٥٣.

١٠٥

الرواية ولعلّه هو آفتها لم يُعرف مَن هو، إن كان قد خُلق.

هذه طرق الرواية وتلك نصوص البخاري وابن السكن وأبي عمر وابن حجر على بطلانها وانّها ليس فيها ما يصحّ، على أنَّ المؤاخاة بين المهاجرين وقعت بمكّة قبل الهجرة والتي حدثت بالمدينة بعد الهجرة بخمسة أشهر، هي المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار فأبو بكر فيها أخو خارجة بن زيد الأنصاري، وعمر أخو عتبان بن مالك، وعثمان أخو أوس بن ثابت، والزبير أخو سلمة بن سلامة، وطلحة أخو كعب بن مالك، وعبد الرّحمن بن عوف أخو سعد بن الربيع(١) .

فقول مختلق الرِّواية: دخلت على رسول الله مسجده. أو قوله: خرج علينا رسول الله ونحن في مسجد المدينة. أقوى شاهد على اختلاقها.

وإن تعجب فعجبٌ إخراج غير واحد من الحفّاظ هذه الرواية بين مَن أرسلها إرسال المسلّم محذوف الإسناد كالمحبّ الطبري في الرياض النضرة ١ ص ١٣، وبين مَن أسندها بهذه الطرق الوعرة من دون أيِّ غمز فيها كابن عساكر في تاريخه والعاصمي في زين الفتى، وأعجب من ذلك تدعيم الحجّة على الخصم بها، والركون إليها في تشييد الأحداث والمبادي الساقطة قال العاصمي: في هذا الحديث من العلم: إنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أثنى على أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وآخا بينهم، وأشار إلى ما يصيب عثمان من القوم، ولم يجعله في ذلك مليما ولا سمّاه ذميماً، فلا ينبغي لمسلم أن يبسط لسانه فيهم بما كان من بعضهم إلى بعض لأنّهعليه‌السلام لم يواخ بينهم في الدنيا إلّا وهم يكونون اخوة في الآخرة، وفيه من العلم ايضاً: انَّ النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سمّى المرتضى أخاً ووارثاً ثم بيّن إرثه وجعلها كتاب الله وسنّة الرسول، ولم يجعل فدك وخيبر إرثاً منه، تبيّن من ذلك بطلان قول الرافضة والله المستعان.ا ه.

ومن العجب جِدّاً حسبان العاصمي انفتاح بابين من العلم له من هذه الرواية الباطلة، وأيّ علم هذا مصدره شكوكٌ وأوهام وأكاذيب؟ أنا لست أدري كيف راق العاصمي الإحتجاج بمثلها من رواية تافهة فضلاً عن أن يستخرج منها كنز علمه الدفين ويرجع إليها في الحكم كأنّه يستند إلى ركن وثيق ويغفل أو يغافل عن أنّه مرتكن

____________________

١ - راجع ما اسلفناه من المصادر فى الجزء التاسع صفحة ٣١٦ طبع ١.

١٠٦

إلى شفا جرف هار، على أنا فنَّدنا في أجزاء كتابنا هذا أكثر ما فيها من الفضائل.

ثمَّ إنَّ هذه المقولات التي تضمّنتها الرواية على فرض صدورها كانت بمشهد ومسمع من الصحابة، أو سمعها على الأقل كثيرون منهم، ومن اولئك السامعين الذين وعوها طلحة والزبير وعمّار، فلماذا لم يرجع إليها أحدٌ منهم يوم تشديد الوطئة على عثمان، وفي الحصارين، وحول واقعة الدار؟ فهل اتّخذوها ظهريّاً يومئذ مستخفّين بها؟ حاشاهم وهم الصحابة العدول كما يزعمون، أو أنّهم نسووها كما نسيت مثلها امُّهم عائشة من حديث الحوأب(١) فلم يذكروها حتّى وضعت الفتنة أوزارها، وهذا كما ترى ولعلّه لا يفوه به ذو مسكة.

وأمّا العلم الثاني الذي استخرج كنزه العاصمي من حصر ارث أمير المؤمنين علي من رسول الله بالكتاب والسنّة، وفنَّد حديث فدك وخيبر، وشنّع على الشيعة بذلك فأتفه ممّا قبله فإنَّ الشيعة لا تدَّعي لأمير المؤمنينعليه‌السلام الإرث المالي ولا ادَّعاه هو صلوات الله عليه لنفسه يوم كان يطالبهم بفدك، وإنّما كان يبغيها لأنَّها حقٌّ لابنة عمّه الصدِّيقة الطاهرة سواء كانت نحلة لها من أبيها كما هو الصحيح أو إرثاً على اصول المواريث التي جاء بها الكتاب والسنَّة على تفصيل عسى أن نتفرّغ له، في غير هذا الموضع من الكتاب، فمؤاخذة الشيعة بتلك المزعمة المختلقة تقوّلٌ عليهم، وما أكثر ما افتعلت عليهم الأكاذيب، فإنّ ما تدّعيه الشيعة من إرث الإمامعليه‌السلام عن مخلّفه ومشرِّفهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يشذّ عمّا اجمعت عليه أهل السنَّة، وهو من براهين الخلافة لهعليه‌السلام قال الحاكم: لا خلاف بين أهل العلم انَّ ابن عمّ لا يرث من العمِّ فقد ظهر بهذا الإجماع انّ عليّاً ورث العلم من النبيّ دونهم(٢) فهذه الوراثة الخاصَّة لعليّعليه‌السلام من بين الامّة عبارةٌ اُخرى عن الخلافة عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التي من أجلها كان ترث الأوصياء الأنبياء.

٢٩ - في الصحيحين(٣) من حديث محمّد بن مسكين البصري عن يحيي بن حسان البصري عن سليمان بن بلال عن شريك بن أبي نمر عن سعيد بن المسيّب عن أبي موسى

____________________

١ - راجع الجزء الثالث ص ١٨٨ - ١٩١ طبع ٢.

٢ - راجع الجزء الثالث ص ١٠٠ طبع ٢.

٣ - صحيح البخارى ٥: ٢٥٠، ٢٥١ كتاب المناقب، صحيح مسلم ٧: ١١٨، ١١٩ كتاب المناقب.

١٠٧

عند الأشعري قال: توضَّأت في بيتي ثمّ خرجت فقلت: لأكوننَّ اليوم مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجئت المسجد فسألت عنه فقالوا: خرج وتوجَّه هيهنا، فخرجت في اثره حتى جئت بئر أريس فمكث بابها حتى علمت أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد قضى حاجته وجلس، فجئته فسلّمت عليه فإذا هو قد جلس على قُفّ(١) بئر أريس(٢) فتوسَّطه ثمّ دلّى رجليه في البئر وكشف عن ساقيه فرجعت إلى الباب وقلت: لأكوننَّ بوّاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلم أنشب أن دقّ الباب فقلت: مَن هذا؟ قال: أبو بكر: قلت: على رسلك، وذهبت إلى النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلت: يا رسول الله هذا أبو بكر يستأذن، فقال: ائذن له وبشِّره بالجنَّة، قال: فخرجت مسرعاً حتّى قلت لأبي بكر: ادخل ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يبشّرك بالجنَّة، قال: فدخل حتى جلس إلى جنب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في القفِّ على يمينه ودلَّى رجليه وكشف عن ساقيه كما صنع النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: ثمّ رجعت وقد كنت تركت أخي يتوضّأ وقد كان قال لي: أنا على إثرك، فقلت: إن يُرد الله بفلان خيراً يأت به، قال: فسمعت تحريك الباب، فقلت: مَن هذا؟ قال: عمر. قلت: على رسلك، قال: وجئت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسلّمت عليه وأخبرته، فقال: ائذن له وبشِّره بالجنّة، قال: فجئت وأذنت له وقلت له: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يبشّرك بالجنَّة، قال: فدخل حتَّى جلس مع رسول الله على يساره، وكشف عن ساقيه ودلّى رجليه في البئر كما صنع النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبو بكر قال: ثمّ رجعت فقلت: إن يُرد الله بفلان خيراً يأت به، يُريد أخاه، فإذا تحريك الباب، فقلت: مَن هذا، قال: عثمان بن عفان، قلت: على رسلك، وذهبت إلى رسول الله فقلت: هذا عثمان يستأذن، فقال: ائذن له وبشِّره بالجنَّة على بلوى تصيبه، قال: فجئت فقلت: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأذن لك ويبشّرك بالجنّة على بلوى أو بلاء يصيبك، فدخل وهو يقول: الله المستعان فلم يجد في القفِّ مجلساً فجلس وجاههم من شقّ البئر، وكشف عن ساقيه ودلّاهما في البئر كما صنع أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، قال سعيد بن المسيب: فأوَّلتها قبورهم اجتمعت وانفرد عثمان.

قال الأميني: نحن لا نناقش في إسناد هذه الرواية للاضطراب الواقع فيه، فانّها

____________________

١ - قُفّ البئر: الدكة التى تجعل حولها.

٢ - بستان فى قباء قرب المدينة المشرفة.

١٠٨

تروى عن أبي موسى الأشعري كما سمعت، وعن زيد بن أرقم وهو صاحب القصَّة فيما أخرجه البيهقي في الدلائل، وعن بلال وهو البوّاب في القضيّة فيما أخرجه أبو داود، وعن نافع بن عبد الحرث وهو البوّاب، كما في إسناد أحمد في المسند ٣: ٤٠٨. ولا نضعّفه لمكان البصريِّين الذين لهم قَدم وقدم في اختلاق الحديث ووضع الطامّات على الرسول الأمينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا نؤاخذ من رجاله سليمان بن بلال بقول ابن أبي شيبة: إنّه ليس ممّن يعتمد على حديثه(١) ولا نزيّفها لمكان ابن أبي نمر لقول النسائي وابن الجارود: إنَّه ليس بالقويِّ، وقول ابن حبّان: ربّما أخطأ، وقول ابن الجارود أيضاً: كان يحيى بن سعيد لا يحدَّث عنه. وقول الساجي: كان يرى القدَر(٢) ولا نغمز فيها بمكان سعيد بن المسيّب الذي مرّ الأيعاز إلى ترجمته في الجزء الثامن ص ٩، ولا نتكلّم في منتهى السلسة أبي موسى الأشعري الصّحابي، إذ الصحابة كلّهم عدول عند القوم، وإن لا يسعنا الإخبات إلى مثل هذا الرأي البهرج المحدث والصفح عن قول الإمام الطاهر أمير المؤمنينعليه‌السلام الوارد في أبي موسى الأشعري وصاحبه عمرو بن العاص: ألا إنّ هذين الرجلين اللّذين اخترتموهما حكمين قد نبذا حكم القرآن وراء ظهورهما، وأحييا ما أمات القرآن، وأماتا ما أحيى القرآن، واتّبع كلّ واحد منهما هواه بغير هدى من الله فحكما بغير حجّة بيّنة، ولا سنّة ماضية، واختلفا في حكمهما، وكلاهما لم يرشد، فبرئ الله منهما ورسوله وصالح المؤمنين(٣) فأيّ جرح أعظم من هذا؟ وأيّ عدل يتصوّر في الرَّجل عندئذ؟

ولا نقول ايضاً بانَّ عناية القوم بتخصيص الخلفاء الثلاث من بين الصحابة بالبشارة بالجنّة، وإكثارهم وضع الرواية واختلاق القصص فيها تنبأنا عن أسرار مستسرَّة ونحن لا نميط الستار عنها، ولا تسألوا عن أشياء إن تُبد لكم تسؤكم.

وإنّما نقول: إنّ هذه البشارة الصادرة من الصّادع الكريم إن سُلّمت، وكان المبشِّر مصدَّقاً عند سامعيها، فلماذا كان عمر يسأل حذيفة اليماني - صاحب السرِّ المكنون

____________________

١ - تهذيب التهذيب ٤: ١٧٦.

٢ - تهذيب التهذيب ٤: ٣٣٨.

٣ - راجع الجزء الثانى ص ١٣١ ط ٢.

١٠٩

في تمييز المنافقين - عن نفسه وينشده الله أمن القوم هو؟ وهل ذُكر في المنافقين؟ وهل عدَّه رسول الله منهم(١) والسائل جِدُّ عليم بأنّ المنافقين في الدرك الأسفل من النار، فهل يمكننا الجمع بين هذا السؤال المتسالم عليه وبين تلك البشارة؟ لاها الله.

وهل يتأتَّى الجمع بين تلك البشارة وبين ما صحَّ عن عثمان من حديث(٢) اعتذاره عن خروجه إلى مكّة أيّام حوصر بقوله: إنِّي سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: يُلحد بمكّة رجلٌ من قريش عليه نصف عذاب هذه الامّة من الإنس والجنّ فلن أكون ذلك الرَّجل؟ فهل هذا مقال مَن وثق بايمانه بالله وبرسوله وإطمأنَّ به وعمل صالحاً ثمَّ اهتدى فضلاً عمّن بُشِّر بالجنّة بلسان النبيِّ الصّادق الأمين؟.

٣٠ - أخرج البيهقي في الدلائل من حديث عبد الأعلى بن أبي المساور عن إبراهيم ابن محمّد بن حاطب عن عبد الرَّحمن بن بجيد(٣) عن زيد بن أرقم قال: بعثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: انطلق حتى تأتي أبا بكر فتجده في داره جالساً محتبياً فقل: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرأ عليك السلام ويقول: ابشر بالجنّة، ثمَّ انطلق حتى تأتي الثنيَّة فتلقى عمر راكباً على حمار تلوح صلعته فقل: إنّ رسول الله يقرأ عليك السَّلام ويقول: ابشر بالجنَّة، ثمّ انصرف حتى تأتي عثمان فتجده في السوق يبيع ويبتاع فقل: إنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرأ عليك السَّلام ويقول: أبشر بالجنّة بعد بلاء شديد، فذكر الحديث في ذهابه إليهم فوجد كلًّا منهم كما ذكر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكلًّا منهم يقول: أين رسول الله؟ فيقول: في مكان كذا وكذا، فيذهب إليه، وإنّ عثمان لمـّا رجع قال: يا رسول الله وأيّ بلاء يصيبني؟ والذي بعثك بالحقِّ ما تغيّبت [وفي لفظ: ما تغنّيت] ولا تمنّيت ولا مسست ذكَري بيميني منذ بايعتك، فأيّ بلاء تصيبني؟ فقال: هو ذاك.

قال الأميني: إنّ الباحث في غنى عن عرفان رجال اسناد الرواية بعد وقوفه على ما أسلفناه في هذا الجزء ص ٧٤ في ترجمة عبد الأعلى بن أبي المساور من أنَّه كذّاب

____________________

١ - تاريخ ابن عساكر ٤: ٩٧، التمهيد للباقلاني ص ١٩٦، بهجة النفوس لابن أبى جمرة ٤: ٤٨، احياء العلوم ١: ١٢٩، كنز العمال ٧: ٢٤.

٢ - راجع ص ١٥٣ من الجزء التاسع ط ١.

٣ - بالباء والجيم الموحدتين والدال المهملة كما فى التقريب.

١١٠

خبيثٌ دجّالٌ وضّاعٌ روى عن الاُئمَّة آلاف أحاديث ما حدّثوا بشيىء منها، ولا يعرف أحدٌ أكثر وضعاً منه، وهو ممّن يُضرب المثل بكذبه.

فمثل هذا الإسناد يوصف في مصطلح الفنِّ بالوضع لا بالضعف كما وصفه البيهقي بذلك راجع فتح الباري ٧: ٢٩.

٣١ - أخرج ابن عساكر في تاريخه ٤: ٣١٢ من طريق أبي عمرو الزاهد عن علي بن محمّد الصائغ عن أبيه انّه قال: رأيت الحسين وقد وفد على معاوية زائراً فأتاه في يوم جمعة وهو قائمٌ على المنبر خطيباً فقال له رجلٌ من القوم: يا أمير المؤمنين! ائذن للحسين يصعد المنبر، فقال له: معاوية: ويلك دعني أفتخر فحمد الله وأثنى عليه ثمَّ قال: سألتك بالله يا أبا عبد الله! أليس أنا ابن بطحاء مكّة؟ فقال: اي والذي بعث جدّي بالحقِّ بشيراً، ثمَّ قال: سألتك بالله يا أبا عبد الله! أليس أنا خال المؤمنين؟ فقال اي والذي بعث جدّي نبيّاً، ثمَّ قال: سألتك بالله يا أبا عبد الله! أليس أنا كاتب الوحي؟ فقال: اي والذي بعث جدِّي نذيراً، ثمَّ نزل معاوية وصعد الحسين بن علي فحمد الله بمحامد لم يحمده الأوّلون والآخرون بمثلها، ثمّ قال: حدّثني أبي عن جدّي عن جبرئيل عن الله تعالى انّ تحت قائمة كرسيّ العرش ورقة آس خضراء مكتوبٌ عليها: لا إله إلّا الله محمّدٌ رسول الله، يا شيعة آل محمّد لا يأتي أحدكم يوم القيامة يقول: لا إله إلّا الله ادخله الله الجنّة، فقال له معاوية: سألتك بالله يا أبا عبد الله! من شيعة آل محمّد؟ فقال: الذين لا يشتمون الشيخين أبا بكر وعمر، ولا يشتمون عثمان، ولا يشتمون أبي، ولا يشتمونك يا معاوية.

قال الأميني: قال ابن عساكر: هذا حديثٌ منكر، ولا أرى إسناده متّصلا إلى الحسين. ونحن نقول: إنّه كذبٌ صراح وإسناده متفكّك العرى واهي الحلقات، أمَّا أبو عمرو الزاهد فهو الكذّاب صاحب الطامّات والبلايا الذي ألّف جزؤاً في مناقب معاوية من الموضوعات كما أسلفناه في الجزء الخامس ص ٢٢٦ توفّي سنة ٣٤٥.

وأمّا شيخه علي الصائغ فهو ضعيفٌ جدّاً وصفه بهذا الخطيب في تاريخه ٣: ٢٢٢، وضعَّفه الدارقطني كما في لسان الميزان ٢: ٤٨٩.

وأمّا والده فهو مجهولٌ لا يُذكر بشيىء وهو في طبقة مَن يروي عن مالك المتوفّى سنة ١٧٩.

١١١

فأين وأنّى رأى سيّدنا الحسينعليه‌السلام المستشهد سنة ٦١؟ وكيف أدرك معاوية الذي هلك سنة ٦٠؟ وهل كانت الرؤية والإدراك طيف خيال أو يقظة؟

ثمّ لو صدَّقنا الأحلام فإنَّ مقتضى هذه الاُسطورة أن لا يكون معاوية من شيعة آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذين يدخلهم الله الجنّة لأنَّه كان يقنت بلعن عليّ أمير المؤمنينعليه‌السلام وولديه الإمامين سيّدي شباب أهل الجنّة، إلى جماعة من الصلحاء الأبرار، وحسبه ذلك مخزاةً، وهذا الأمر فيه وفي الطغام من بني أبيه المقتصِّين أثره وأتباعه المتَّبعين له على ذلك شرع سواسيه.

ومن مقتضياتها أيضاً خروج مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام عن اولئك الزمرة المرحومة لأنَّه كان يقنت باللّعن على معاوية وحثالة مِن زبانيته. كبرتْ كلمة تَخرجِ مِن أفواههم.

ولازم هذا التلفيق إخراج من نال من عثمان فضلاً عمَّن أجهز عليه وقتله عن شيعة آل محمد وهم أعيان الصحابة ووجوه المهاجرين والأنصار العدول كلّهم عند القوم فضلاً عن التشيع فحسب، وهل يجسر على هذا التحامل أحدٌ؟ ففي قصارى القول انَّ أصدق كلمة حول هذه المهزأة انّه حديث زور لا مقيل له من الصحّة ولا يسوغ الإعتماد عليه.

٣٢ - روى الخطيب عن أحمد بن محمّد بن أبي بكر الاشناني عن محمّد بن يعقوب الأصم عن السري بن يحيى عن شعيب بن إبراهيم عن سيف بن عمر عن وائل بن داود عن يزيد(١) البهي عن الزبير مرفوعاً: أللّهم إنّك باركت لاُمّتي في صحابتي فلا تسلبهم البركة، وبارك لأصحابي في أبي بكر فلا تسلبه البركة، وأجمعهم عليه، ولا تنشر أمره، أللّهم وأعزّ عمر بن الخطاب، وصبّر عثمان بن عفّان، ووفّق عليّاً، واغفر لطلحة، وثبّت الزبير، وسلّم سعداً، ووقِّر عبد الرَّحمن، وألحق بي السابقين الأوَّلين من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان.

قال الأميني: عقّبه الخطيب بقوله: موضوعٌ فيه ضعفاء أشدُّهم سيف وأوقفناك على ترجمة السري وشعيب وسيف من رجال الإسناد في الجزء الثامن ص ٨٦، ١٤٣، ١٤٤، ٣٣٥ ويكفي كلُّ واحد منهم في اعتلال السند فضلاً عن أن يجتمعوا.

____________________

١ - كذا والصحيح: عبد الله. هو مولى مصعب بن الزبير.

١١٢

٣٣ - أخرج الخطيب قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار أنبأنا أبو طالب العشاري حدَّثنا أبو الحسن محمّد بن عبد العزيز البردعي حدّثنا أبو الحبيش طاهر بن الحسين الفقيه حدّثنا صدقة بن هبيرة بن علي الموصلي حدَّثنا عمر بن الليث حدَّثنا محمّد بن جعفر حدَّثنا عليّ بن محمّد الطنافسي حدَّثنا موسى بن خلف حدَّثنا حمّاد بن أبي سليمان عن إبراهيم بن أبي سعيد الخدري قال: بينما نحن جلوسٌ عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ هبط جبرئيل، فقال السَّلام عليك يا محمّد! انَّ الله قد أتحفك بهذه السَّفرجلة فسبَّحت السفرجلة في كفّه باصناف اللغات فقلنا: تسبّح هذه السَّفرجلة في كفّك؟ فقال: والَّذي بعثني بالحقِّ لقد خلق الله تعالى في جنّة عدن ألف ألف قصر، في كلّ قصر ألف ألف مقصورة، في كلِّ مقصورة ألف ألف سرير، على كلِّ سرير حوراء، تجري من تحت كلِّ سرير أربعة أنهار، على كلّ نهر ألف ألف شجرة، في كلً شجرة ألف ألف غصن، في كلِّ غصن ألف ألف سفرجلة، تحت كلِّ سفرجلة ألف ألف ورقة، تحت كلِّ ورقة ألف ألف ملك، لكلِّ ملك ألف ألف جناح، تحت كلِّ جناح ألف ألف رأس، في كلِّ رأس ألف ألف وجه، في كلِّ وجه ألف ألف فم، في كلِّ فم ألف ألف لسان، تسبّح الله بألف ألف لغة، لا يشبه بعضها بعضاً، ثواب ذلك التسبيح لمحبِّي أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ.

قال السيوطي في اللئالي ١: ٣٨٨: موضوعٌ، صدقة يحدِّث عن المجاهيل، ومحمّد بن جعفر ترك أحمد التحديث عنه، وموسى متروكٌ.

ونحن نقول: لعلّ رواية هذه السفسطة وأمثالها هي التي جعل المؤتمن الساجي سيِّئ الرأي في شيخ الخطيب المبارك بن عبد الجبّار فرماه بالكذب وصرَّح بذلك كما في لسان الميزان ٥: ١٠ وهي التي تعرِّفك بقيّة رجال الإسناد، والعاقل قطُّ لا يثق بمن تكون هذه روايته، وإليك البيان.

١ - أبو طالب العشاري محمّد بن علي بن الفتح، ذكر الذهبي له في الميزان أحاديث حكم بوضعها فقال: قبّح الله مَن وضعه، والعتب إنّما هو على محدِّثي بغداد كيف تركوا العشاري يروي هذه الأباطيل. وقال بعد ذكر توثيق الخطيب إيّاه: ليس بحجَّة. راجع ميزان الاعتدال ٢: ١٠٧.

٢ - أبو الحسن البردعي. قال الخطيب في تاريخه ٢: ٢٥٣: كتبت عنه وكان فيه

١١٣

نظر، مع انَّه لم يخرج عنه من الحديث كبير شيء.

٣ - ابو الحبيش الفقيه. مجهولٌ لا يعرف.

٤ - صدقة، مجهولٌ لا يُذكر بخير، ولا يُعرف بجميل.

٥ - عمر بن الليث مجهولٌ منكرٌ.

٦ - محمّد بن جعفر هو المدائني، قال أحمد: سمعت منه ولكن لم أرو عنه قطُّ ولا اُحدِّث عنه بشيء أبدا، وذكره العقيلي في الضعفاء وحكى قول أحمد، وقال ابن قانع: ضعيفٌ، وقال ابن عبد البرِّ: ليس هو بالقويِّ عندهم، وقال أبو حاتم: يُكتب حديثه و لا يحتجُّ به(١) .

٧ - موسى بن خلف العمّي البصري. قال الآجري: ليس بذاك القويّ، وعن ابن معين ضعيفٌ. وقال ابن حبّان: أكثر من مناكير. وقال الدارقطني: ليس بالقويّ يعتبر به(٢) .

٨ - إبراهيم بن أبي سعيد الخدري، لم يُذكر لأبي سعيد إبنٌ بهذا الاسم وأحسب انّ الصحيح [ابراهيم النخعي عن أبي سعيد الخدري] والله العالم.

٣٤ - أخرج النّحاس في كتاب معاني القرآن قال: حدَّثنا أبو عبد الله أحمد بن علي بن سهل قال: حدّثنا محمّد بن حميد قال: حدَّثنا يحيى بن الضُريس عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال: إنَّ اعرابيّاً قام إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجّة الوداع والنبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واقفٌ بعرفات على ناقته العضباء فقال: إنِّي رجلٌ مسلمٌ فأخبرني عن هذه الآية:( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (٣٠) أُولَٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ ) . الآية(٣) فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما أنت منهم ببعيد ولا هم ببعيد منك هم هؤلاء الأربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ، فاعلِم قومك إنَّ هذه الآية نزلت فيهم. ذكره القرطبي في تفسيره ١٠: ٣٩٨: وقد روينا جميع

____________________

١ - تهذيب التهذيب ٩: ٩٩.

٢ - تهذيب التهذيب ١٠: ٣٤٢.

٣ - سورة الكهف: ٣٠، ٣١.

١١٤

ذلك بالإجازة، والحمد لِلَّه.

قال الأميني: ألا تعجب من رجل التفسير العظيم يروي بالإجازة مثل هذا الكذب الصراح بالاسناد لواهي، ويحمد ربّه على تحريفه لكلم عن مواضعه وتقوُّله على ربِّه وعلى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟؟! أعوذ بالله من الرواية بلادراية.

في الإسناد: أحمد بن علي بن سهل المروزي ترجمه الخطيب البغدادي في تاريخه ٤: ٣٠٣.

ولم يذكر كلمة في الثناء عليه كأنَّه لا يعرف منه إلّا اسمه، وذكره الذهبي في - الميزان وذكر له حديثاً فقال: أورده ابن حزم وقال: أحمد مجهولٌ(١) .

وفيه محمَّد بن حميد أبو عبد الله الرازي التميمي، قال يعقوب بن شيبة: كثير المناكير وقال البخاري: في حديثه نظرٌ، وقال النسائي: ليس بثقة. وقال الجوزجاني: رديُّ المذهب غير ثقة.

وقال فضلك الرازي: عندي عن ابن حميد خمسون ألفاً لا اُحدّث عنه بحرف. وقال صالح الأسدي: كان كلّما بلغه عن سفيان يحيله على مهران، وما بلغه عن منصور يحيله على عمرو بن أبي قيس، ثمَّ قال: كلُّ شيىء كان يحدّثنا ابن حميد كنّا نتَّهمه فيه. وقال في موضع آخر: كانت أحاديثه تزيد، وما رأيت أحداً أجرأ على الله منه، كان يأخذ أحاديث الناس فيقلّب بعضه على بعض. وقال أيضاً: ما رأيت أحداً أحذق بالكذب من رجلين: سليمان الشاذكوني، ومحمّد بن حميد كان يحفظ حديثه كلّه. وقال محمّد بن عيسى الدامغاني: لما مات هارون بن المغيرة سألت محمّد بن حميد أن يخرج إليَّ جميع ما سمع فأخرج إليَّ جزازات فاحصيت جميع ما فيه: ثلاثمائة ونيفاً وستّين حديثاً.

قال جعفر: وأخرج ابن حميد عن هارون بعدُ بضعة عشر ألف حديث. وقال أبو القاسم ابن أخي أبي زرعة: سألت أبا زرعة عن محمّد بن حميد فأومى بإصبعه إلى فمه فقلت له: كان يكذب؟ فقال برأسه: نعم. فقلت له: كان قد شاخ لعلّه كان يعمل عليه و يدلّس عليه، فقال: لا يا بنيّ كان يتعمّد، وقال ابو نعيم بن عدي: سمعت أبا حاتم الرازي في منزله وعنده ابن خراش وجماعةٌ من مشايخ أهل الري وحفّاظهم فذكروا ابن حميد فأجمعوا على انّه ضعيفٌ في الحديث جدّاً، وانّه يحدّث بما لم يسمعه، وإنّه يأخذ أحاديث اهل البصرة والكوفة فيحدّث بها عن الرازيِّين. وقال أبو العبّاس ابن سعيد:

____________________

١ - لسان الميزان ١: ٢٢٢.

١١٥

سمعت داود بن يحيى يقول: سمعت ابن خراش يقول: ثنا ابن حميد وكان والله يكذب.

وقال سعيد بن عمرو البرذعي: قلت لأبي حاتم: أصحّ ما صحّ عندك في محمّد بن حميد الرازي أيّ شيىء هو؟ فقال لي: كان بلغني عن شيخ من الخلقانيِّين: انّ عنده كتاباً عن أبي زهير فأتيته فنظرت فيه فإذا الكتاب ليس هو من حديث أبي زهير وهي من حديث عليِّ بن مجاهد فأبى أن يرجع عنه فقمت وقلت لصاحبي: هذا كذّابٌ لا يحسن أن يكذب. قال: ثمَّ أتيت محمّد بن حميد بعد ذاك فأخرج إليَّ ذلك الجزء بعينه فقلت لمحمَّد بن حميد: ممَّن سمعت هذا؟ قال: من عليّ بن مجاهد، فقرأه وقال فيه: ثنا علي ابن مجاهد فتحيّرت فأتيت الشابَّ الذي كان معي فأخذت بيده فصرنا إلى ذلك الشيخ فسألناه عن الكتاب الّذي أخرجه إلينا فقال: قد استعاره منِّي محمّد بن حميد. وقال أبو حاتم: فبهذا استدللت على انّه كان يومي إلى أنّه أمر مكشوف.

وقال ابن خزيمة: لا يروى عنه، وقال النسائي: ليس بشيىء قال الكتاني: فقلت له: البتة؟ قال: نعم. قلت: ما أخرجت له شيئاً؟ قال: لا. وقال في موضع آخر: كذّاب وكذا قال ابن وارة، وقال ابن حبّان: ينفرد عن الثقات بالمقلوبات(١) .

فمجمل القول في الرَّجل انّه كذّابٌ مكثرٌ والذي أثنى عليه فقد خفي عليه أمره أو كان ذلك قبل ظهور ما ظهر منه من سوء حاله، قال أبو العباس بن سعيد: سمعت داود بن يحيى يقول: حدّثنا عنه أبو حاتم قديماً ثمّ تركه بآخره. وقال أبو حاتم الرازي سألني يحيى بن معين عن ابن حميد من قبل أن يظهر منه ما ظهر فقال أيّ شيىء ينقمون منه؟ فقلت: يكون في كتابه شيىء فيقول: ليس هذا هكذا فيأخذ القلم فيغيّره، فقال: بئس هذه الخصلة. إلخ. وقال أبو علي النيسابوري: قلت لابن خزيمة: لو حدَّث الاستاذ عن محمّد بن حميد فإنّ أحمد قد أحسن الثناء عليه، فقال: إنّه لم يعرفه ولو عرفه كما عرفناه ما أثنى عليه أصلا.

٣٥ - أخرج ابن عساكر من طريق عليّ بن محمّد بن شجاع الربعي عن عبد الوهّاب الميداني الدمشقي عن محمّد بن عبد الله بن ياسر عن محمّد بن بكار عن محمّد بن الوليد عن داود بن سليمان الشيباني عن حازم بن جبلة بن أبي نصرة عن أبيه عن جدّه عن أبي سعيد

____________________

١ - تهذيب التهذيب ٩: ١٢٧ - ١٣١.

١١٦

الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأبي بكر وعمر: والله إنِّي لأحبّكما بحبّ الله إيّاكما، وإنّ الملائكة لتحبّكما بحبِّ الله لكما، أحبّ الله من أحبّكما وصل الله مَن وصلكما، قطع الله من قطعكما، وأبغض الله مَن أبغضكما في دنياكما وآخرتكما(١) .

رجال الاسناد:

١ - عبد الوهّاب الميداني. قال الذهبي نقلاً عن الكتاني: كان فيه تساهلٌ، واتّهم في لقي أبي علي بن هارون الأنصاري، ميزان الاعتدال ٢: ١٦٠.

٢ - محمّد بن عبد الله. في الميزان ٣: ٨٥: نكرةٌ وحديثه [يعني هذا الحديث] منكرٌ بمرَّة.

٣ - محمّد بن بكار. نكرةٌ لا يُعرف، قال ابن حزم: انّه مجهولٌ. وقال الذهبي: صحيحٌ انّه مجهول. راجع ميزان الإعتدال ٣: ٣١.

٤ - محمّد بن الوليد. احسبه ابن أبان القلانسي. كذّابٌ كان يضع الحديث ومن أباطيله ما مرّ في هذا الجزء في فضيلة أبي بكر.

٥ - داود بن سليمان. قال الذهبي: قال الأزدي ضعيفٌ جدّاً. الميزان ١: ٣١٨.

٦ - خازم بن جبلة هو ووالده وجدّه مجاهيل لا يعرفون.

٣٦ - أخرج الأزدي عن محمّد بن عمر الأنصاري عن كثير النواء عن زكريا مولى طلحة عن حسن بن المعتمر قال: سُئل عليٌّ عن أبي بكر وعمر فقال: إنّهما من الوفد السابقين إلى الله مع محمّد، ولقد سألهما موسى من ربّه فأعطاهما محمّداً(٢) .

قال الأميني: قال الذهبي في الميزان ٣: ١١٣: خبرٌ منكرٌ: ضعّفه الأزدي، أقول: في الاسناد كثير النواء قال ابو حاتم: ضعيف الحديث، بابه سعد(٣) بن طريف، و قال الجوزجاني: زائغٌ. وقال النسائي: ضعيفٌ. وقال في موضع آخر: فيه نظر. وقال

____________________

١ - لسان الميزان ٢: ٤١٨، ج ٥: ٢٢٩.

٢ - لسان الميزان ٥: ٣٢١.

٣ - سعد بن طريف مفرط فى التشيع ضعيف الحديث جداً، قال ابن حبان: كان يضع الحديث راجع تهذيب التهذيب ٣: ٤٧٣.

١١٧

ابن عدي: كان غالياً في التشيّع مفرطاً فيه. وعن محمّد بن بشر العبدي: لم يمت كثير النواء حتّى رجع عن التشيع(١) .

وزكريا مولى طلحة وشيخه مجهولان لا يعرفان، هذا ما في الإسناد من العلل و ليس في رجاله ثقة ولا واحد، ومتن الرواية أقوى شاهد على بطلانها.

٣٧ - أخرج أحمد في المسند ١: ١٩٣ باسناده عن عبد الرحمن بن حميد عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف انّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أبو بكر في الجنّة، وعمر في الجنّة، و عليٌّ في الجنّة، وعثمان في الجنّة، وطلحة في الجنّة، والزبير في الجنّة، وعبد الرَّحمن بن عوف في الجنّة، وسعد بن أبي وقاص في الجنّة، وسعيد بن زيد في الجنة، وأبو عبيدة ابن الجراح في الجنّة.

وبهذا الإسناد أخرجه الترمذي في صحيحه ١٣: ١٨٢، ١٨٣ وعن عبد الرّحمن بن حميد عن أبيه عن رسول الله نحوه. والبغوي في المصابيح ٢: ٢٧٧.

وأخرج ابو داود في سننه ٢: ٢٦٤ من طريق عبد الله بن ظالم المازني قال: سمعت سعيد بن زيد بن عمرو قال: لمـّا قدم فلان الكوفة أقام فلان خطيباً فأخذ بيدي سعيد بن زيد فقال: ألا ترى إلى هذا الظالم؟ فأشهد على التسعة انّهم في الجنّة ( فعدّهم ) قلت: ومَن العاشر؟ فتلكأ هنيئة ثمّ قال: أنا.

وأخرج من طريق عبد الرَّحمن الاخينس انّه كان في المسجد فذكر رجلٌ عليّاًعليه‌السلام فقام سعيد بن زيد فقال: أشهد على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّي سمعته وهو يقول: عشرة في الجنّة: النبيّ في الجنّة، وأبو بكر في الجنّة، وعمر في الجنّة، وعثمان في الجنّة، وعليّ في الجنّة، وطلحة في الجنّة، والزبير بن العوام في الجنّة، وسعد بن مالك في الجنّة، وعبد الرَّحمن بن عوف في الجنّة، ولو شئت لسمّيت العاشر قال: فقالوا: من هو؟ فسكت قال: فقالوا: مَن هو؟ فقال: هو سعيد بن زيد، وبهذا الإسناد أخرجه الترمذي في جامعه ١٣: ١٨٣، ١٨٦، وابن الديبع في تيسير الوصول ٣: ٢٦٠، وذكره بالطريقين المحبُّ الطبري في الرياض النضرة ١: ٢٠.

قال الأميني: نحن لا نرى في هذه الرواية أهميّة كبرى تدعم للعشرة المبشّرة منقبة

____________________

١ - ميزان الاعتدال ٢: ٣٥٢، لسان الميزان ٥: ٣٢١، تهذيب التهذيب ٨: ٤١١.

١١٨

رابية تخصُّ بهم دون المؤمنين بعد ما جاء من البشائر الصادقة في الكتاب العزيز لكلّ من آمن بالله وعملاً صالحاً وانّه في الجنَّة.

وبشّر الذين آمنوا وعملوا الصّالحات ان لهم جنات تجري من تحتها الأنهار.

البقرة ٢٥

إنّ الله اشترى‏ من المؤمنين انفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة. التوبة ١١١

إنّ الذين آمنوا وعملوا الصّالحات واخبتوا إلى‏ ربّهم فاؤلئك أصحاب الجنّة.

هود ٢٣

إنّ الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصّالحات جنات تجري من تحتها الأنهار.

الحّج ١٤

إنّ الذين آمنوا وعملوا الصّالحات فلهم جنّات المأوى. السجدة ١٩

ومن يعمل من الصّالحات من ذكر أو انثى‏ وهو مؤمنٌ فاؤلئك يدخلون الجنّة.

النساء ١٢٤

ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى‏ وهو مؤمن فاؤلئك يدخلون الجنّة.

غافر ٤٠

ومَن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار. الفتح ١٧

ومَن يؤمن بالله ويعمل صالحاً يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار.

الطلاق ١١

وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنّات تجري من تحتها الأنهار. التوبة ٧٢

وما أكثر من يدخل الجنّة من امّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد صحّ عن الصّادع الكريم: انّ عليّاً وشيعته هم في الجنّة، وبشّرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك عليّاًعليه‌السلام (١) وصحّ عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله: آتاني جبريل فقال: بشّر امّتك انّه من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنّة، قلت: يا جبريل وإن سرق وإن زنى؟ قال: نعم. قلت: وإن سرق وإن زنى؟ قال: نعم. قلت: وإن سرق وإن زنى؟ قال: نعم وإن شرب الخمر(٢) .

____________________

١ - الغدير ٣: ٧٨، ٧٩ ط ٢.

٢ - أخرجه أحمد والترمذى والنسائي وابن حبان عن أبى ذر.

١١٩

وصحّ عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ابشروا وبشّروا من وراءكم: انّه من شهد أن لا إله إلّا الله صادقاً بها دخل الجنّة(١) .

وصحّ عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي نفسي بيده لتدخلنّ الجنّة كلّكم إلّا من أبى أو شرد على الله شراد البعير. قيل: يا رسول الله! ومن أبى أن يدخل الجنّة؟ فقال: من أطاعني دخل الجنّة ومن عصاني دخل النار(٢)

وصحّ عن جابر انَّه سمع النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنّي لأرجو أن يكون من تبعني من امّتي ربع أهل الجنّة قال: فكبّرناً ثم قال: أرجو أن يكونوا ثلث الناس. قال: فكبّرنا ثمّ قال: أرجو أن يكونوا الشطر(٣) .

وصحّ عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنَّ ربّي وعدني أن يدخل الجنّة من امّتي سبعين ألفاً بغير حساب ثمَّ يشفع كلّ الف لسبعين ألفاً(٤) إلى صحاح كثيرة لدة هذه.

فهؤلاء العشرة المبشَّرة إن كانوا مؤمنين حقّاً آخذين بحجزة الكتاب والسنّة فهم من آحاد أهل الجنّة لا محالة كبقيّة من أسلم وجهه لِلّه وهو محسن.

وهنالك اُناس من الصحابة غير هؤلاء العشرة خصّوا بالبشارة بالجنّة وبشّروا بلسان النبيّ الأقدسصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منهم عمار بن ياسر وقد جاء عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن جبرئيلعليه‌السلام قوله: بشّره بالجنّة حرمت النار على عمّار. وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : دم عمّار ولحمه حرام على النار تأكله أو تمسّه.

وصحَّ عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله: ابشروا آل ياسر موعدكم الجنّة. وصحَّ عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنَّ الجنّة مشتاق إلى أربعة: علي بن أبي طالب، وعمّار بن ياسر، وسلمان الفارسي، والمقداد.

وفي رواية: اشتاقت الجنّة إلى ثلاثة الى علي وعمّار وبلال. ( الغدير٩)

وجاء في زيد بن صوحان عدّة أحاديث في انّه من أهل الجنّة. ( الغدير ٩: ٤١ )

وصحّ من طريق مسلم في عبد الله بن سلام انّه من أهل الجنّة. ( صحيح مسلم ٧: ١٦٠ ).

____________________

١ - أخرجه احمد والطبرانى من طريق أبى موسى الاشعرى.

٢ - أخرجه الطبرانى ورجاله رجال الصحيح كما فى مجمع الزوايد ١٠: ٧٠.

٣ - أخرجه أحمد والبزار والطبراني ورجال البزار رجال الصحيح وكذلك احد اسنادى احمد ( مجمع الزوايد ١٠: ٤٠٣).

٤ - راجع مجمع الزوايد ١٠: ٤٠٥ - ٤١١.

١٢٠