الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ١٠

الغدير في الكتاب والسنة والأدب15%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 389

الجزء ١ المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١
المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 389 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 73114 / تحميل: 4860
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ١٠

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

ألا ابلغ معاوية بن صخر

مغلغلة من الرَّجل اليمانِ

وذكر الأبيات كما ذكرناها سواء. وروى عمر بن شبة وغيره: أنّ ابن مفرغ لمـَّا وصل إلى معاوية أو إلى ابنه يزيد بعد أن شفعت فيه اليمانية وغضبت لما صنع به عباد وأخوه عبيد الله، وبعد أن لقي من عباد بن زياد وأخيه عبيد الله ما لقي ممّا يطول ذكره وقد نقله أهل الأخبار ورواة الأشعار بكر وقال: يا أمير المؤمنين! ركب منّي ما لم يركب من مسلم قطّ على غير حدث في الإسلام ولا خلع يد من طاعة. فقال له معاوية: ألست القائل:

ألا أبلغ معاوية بن حرب

مغلغة من الرّجل اليمانِ

أتغضب أن يقال: أبوك عفّ؟

وترضى أن يقال: أبوك زانِ؟!

فقال ابن المفرغ: لا والذي عظم حقّك ورفع قدرك، يا أمير المؤمنين! ما قلتها قطُّ ولقد بلغني أنَّ عبد الرّحمن بن الحكم قالها ونسب إليَّ. فقال أفلست القائل:

شهدت بأنّ امّك لم تباشر

أبا سفيان واضعة القناعِ

ولكن كان أمراً فيه لبسٌ

على وجه شديد وارتياعِ؟(١)

أوَ لست القائل:

إنَّ زياداً ونافعاً وأبا بكـ

ـ رة عندي من أعجب العجبِ

هم رجالٌ ثلاثةٌ خلقوا

في رحم اُنثى وكلّهم لأبِ(٢)

ذا قرشيٌّ كما يقول وذا

مولى وهذا بزعمه عربي

في أشعار قلتها في زياد وبنيه تهجوهم، أغرب فلا عفا الله عنك، قد عفوت عن جرمك، ولو صحبت زياداً لم يكن شيىءٌ ممّا كان، اذهب فاسكن أيّ أرض أحببت. فاختار الموصل.

قال أبو عمر: ليزيد بن مفرغ في هجو زياد وبنيه من أجل ما لقي من عبّاد بن زياد بخراسان أشعار كثيرة، وقصّته مع عبّاد بن زياد وأخيه عبيد الله بن زياد مشهورةٌ ومن قوله يهجوهم:

____________________

١ - هذه القصيدة كما قال أبو الفرج: طويلة. ذكر منها في الاغاني ١٧: ٦٦ تسعة عشر بيتاً.

٢ - ويروى: انثى مخالف النسب.

٢٢١

أعبّاد ما للّوم عنك محولُ

ولا لك امٌّ في قريش ولا أبُ

وقل لعبيد الله: ما لك والدٌ

بحقّ ولا يدري امرؤ كيف تنسبُ(١)

قال عبيد الله بن زياد: ما هُجيت بشيىء أشدّ عليَّ من قول ابن مفرغ:

فكّر ففي ذاك إن فكّرت معتبرُ

هل نلت مكرمة إلّا بتأمير؟!

عاشت سميّة ما عاشت وما علمت

إنَّ ابنها من قريش في الجماهيرِ

وقال غيره:

زياد لست أدري من أبوه

ولكنّ الحمار أبو زيادِ

ورُوينا: انّ معاوية بن أبي سفيان قال حين أنشده مروان شعر أخيه عبد الرّحمن: والله لا أرضى عنه حتّى يأتي زياداً فيترضّاه ويعتذر إليه. وأتاه عبد الرّحمن يستأذن عليه معتذراً فلم يأذن له، فأقبلت قريش على عبد الرَّحمن بن الحكم فلم يدعوه حتّى أتى زياد فلمّا دخل فسلّم عليه فتشاوس(٢) له زياد بعينه وكان يكسر عينه فقال له زياد: أنت القائل ما قلت؟ فقال عبد الرَّحمن: وما الذي قلت؟ فقال: قلت ما لا يُقال. فقال: عبد الرَّحمن: أصلح الله الأمير انّه لا ذنب لمن اعتب، وإنّما الصفح عمّن أذنب، فاسمع منّي ما أقول قال: هات فأنشأ يقول:

إليك أبا المغيرة تبت ممّا

جرى بالشام من جور اللسانِ

وأغضبت الخليفة فيك حتّى

دعاه فرط غيظٍ أن لحاني

وقلت لمن لحاني في اعتذاري

إليك الحقّ شأنك غير شأنِ

عرفت الحقّ بعد خطأ رأيي

وما ألبسته غير البيانِ

زياد من أبي سفيان غصنٌ

تهادى ناضرٌ بين الجنانِ

أراك أخاً وعمّاً وابن عمّ

فما أدري بعينٍ ما تراني

وأنت زيادةٌ في آل حرب

أحبّ إليَّ من وسطي بناني

ألا أبلغ معاوية بن حرب

فقد ظفرت بما تأتي اليدانِ

فقال له زياد: أراك أحمق مترفاً شاعراً صنع اللسان، يسوغ لك ريقك ساخطاً و

____________________

١ - ذكر أبو الفرج فى الامانى ١٧: ٥٩ من بائية ابن المفرغ هذه اثنى عشر بيتاً.

٢ - من شاس: نظر بمؤخر عينه تكبراً أو تغيظا.

٢٢٢

مسخوطاً، ولكنّا قد سمعنا شعرك وقبلنا عذرك، فهات حاجتك. قال: كتاب إلى أمير المؤمنين بالرضى عنِّي. قال: نعم. فكتب كتاباً أخذه ومضى حتى دخل على معاوية، ففضّ الكتاب ورضَي عنه وردّه إلى حاله وقال: قبّح الله زياداً ألم ينتبه له إذ قال:

وأنت زيادة في آل حرب

.......................

قال أبو عبيدة: كان زياد يزعم انَّ امّه سميّة بنت الأعور من بني عبد شمس ابن زيد مناة بن تميم فقال ابن مفرّغ يردّ ذلك عليه:

فاُقسم ما زياد من قريش

ولا كانت سميّة من تميم

ولكن نسل عبد من بغيّ

عريق الأصل في النسب اللئيم(١)

وأخرج الطبري في تاريخه ٦: ١٢٣ بإسناده عن أبي إسحاق: إنَّ زياداً لمـّا قدم الكوفة قال: قد جئتكم في أمر ما طلبته إلّا لكم. قالوا: اُدعنا إلى ما شئت. قال: تلحقون نسبي بمعاوية. قالوا: أمّا بشهادة الزور فلا، فأتى البصرة فشهد له رجلٌ.

قال ابن عساكر وابن الأثير: كان أبو سفيان صار إلى الطائف فنزل على خمّار يقال له أبو مريم السلولي وكانت لأبي مريم بعد صحبة فقال أبو سفيان لأبي مريم بعد أن شرب عنده: قد اشتدّت به العزوبة، فالتمس لي بغيّاً. فقال: هل لك في جارية الحارث ابن كلدة سُميّة امرأة عُبيد؟ فقال: هاتها على طول ثديها وريح إبطيها. فجاء بها إليه فوقع بها، فولدت زياداً فادّعاه معاوية.

وروى ابن عساكر عن ابن سيرين عن أبي بكرة قال: قال: زياد لأبي بكرة: ألم ترَ انَّ أمير المؤمنين أرادني على كذا وكذا، وولدت على فراش عُبيد واشبهته، وقد علمت أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: من ادّعى لغير أبيه فليتبوّأ مقعده من النار. ثمّ جاء العام المقبل وقد ادّعاه.

وقال محمّد بن اسحاق: كنّا جلوساً عند أبي سفيان فخرج زياد فقال: ويل امّه لو كان له صلب قوم ينتمي إليهم(٢)

ولمـّا بويع معاوية قدم زياد على معاوية فصالحه على ألفي ألف، ثمّ أقبل فلقيه

____________________

١ - الاغانى ١٧: ٥١ - ٦٧، الاستيعاب ١: ١٩٥ - ١٩٨، تاريخ ابن عساكر ٥: ٤٠٦ - ٤٢٣، مروج الذهب ٢: ٥٦، ٥٧. تاريخ ابن كثير ٨: ٩٥، ٩٦، الاتحاف ص ٢٢.

٢ - العقد الفريد ٣: ٢، تاريخ ابن عساكر ٥: ٤٠٩، كامل ابن الاثير ٣: ١٩١.

٢٢٣

مصقلة بن هبيرة الشيباني وضمن له عشرين ألف درهم ليقول لمعاوية: إنّ زياداً قد أكل فارس برًّا وبحراً، وصالحك على ألفي ألف درهم، والله ما أرى الذي يقال إلّا حقّاً.

فإذا قال لك: وما يقال؟ فقل: يُقال: انّه ابن أبي سفيان. ففعل مصقلة ذلك، ورأى معاوية أن يستميل زياداً واستصفى مودّته باستلحاقه، فاتّفقا على ذلك واحضر الناس و حضر من يشهد لزياد، وكان فيمن حضر أبو مريم السلولي فقال له معاوية: بِمَ تشهد يا أبا مريم؟ فقال: أنا أشهد أنَّ أبا سفيان حضر عندي وطلب منِّي بغيّاً فقلت له: ليس عندي إلّا سُميّة. فقال: ائتني بها على قذرها ووضرها. فأتيته بها فخلا معها ثمّ خرجت من عنده وانَّ اسكتيها ليقطران منيّاً. فقال له زياد: مهلاً أبا مريم إنّما بعثت شاهداً ولم تبعث شاتماً. فاستلحقه معاوية(١)

وفي العقد الفريد ٣: ٣: يقال: إنَّ أبا سفيان خرج يوماً وهو ثملٌ إلى تلك الرّايات فقال لصاحبة الراية: هل عندك من بغيّ؟ فقالت ما عندي إلّا سُمَّية قال: هاتها على نتن إبطيها. فوقع بها فولدت له زياداً على فراش عُبيد.

فوجد زياد نفسه بعد حسبه الواطئ ونسبه الوضيع، بعد أن كان لا يُعزى إلى أب معلوم عمراً طويلاً يقرب من خمسين عاماً(٢) فيقال له: زياد بن أبيه. أخا ملك الوقت وابن من يُزعم انّه من شرفاء بيئته، وقد تسنّى له الحصول على مكانة رابية فأعرق نُزعاً في جلب مرضاة معاوية المحابي له بتلك المرتبة الّتي بمثلها حابت هند ابنها المردَّد بين خمسة رجال أو ستّة من بغايا الجاهليّة، لكن آكلة الأكباد ألحقت معاوية بأبي سفيان لدلالة السحنة والشبَه، فطفق زياد يلغ في دماء الشيعة ولمعاوية من ورائه تصديةٌ ومكاء، وإنَّ غلواء الرَّجل المحابي أعمته عن استقباح نسبة الزنا لأبيه يوم استحسن أن يكون له أخ مثل زياد شديد في بأسه، يأتمر أوامره، وينتهي إلى ما يودّه من بوائق وموبقات، و لم يكترث لحكم الشريعة بحرمة مثل ذلك الإلحاق واستعظامها إيّاه، ولا يصيخُ إلى قول النبيِّ الصادقصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال يونس بن أبي عبيد الثقفي لمعاوية: يا معاوية! قضى

____________________

١ - تاريخ اليعقوبي ٢: ١٩٤، مروج الذهب ٢: ٥٦، تاريخ ابن عساكر ٥: ٤٠٩، كامل ابن الاثير ٣: ١٩٢، شرح ابن أبي الحديد ٤: ٧٠، الاتحاف للشبراوى ص ٢٢.

٢ - قيل: ولد عام الفتح سنة ثمان. وقيل: عام الهجرة. وقيل: قبل الهجرة. وقيل: يوم بدر.

_١٤_

٢٢٤

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الولد للفراش وللعاهر الحجَر. فعكست ذلك وخالفت سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: أعد. فأعاد يونس مقاله هذا، فقال معاوية: يا يونس! والله لتنتهينَّ أو لأطيرنّ بك طيراً بطيأ وقوعها(١) .

انظر إلى ايمان الرجل بنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإخباته إلى حديثه بعد استعادته، وعنايته بقبوله ورعايته حرمته، والحكَم في هذه الشنيعة كلّ ذي مسكة من علماء الاُمَّة وذوي حنكتها ومؤلّفيها وكتّابها.

قال سعيد بن المسيب: أوَّل(٢) قضيّة ردَّت من قضاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علانية قضاء فلان، يعني: معاوية في زياد.

وقال ابن يحيي: أوَّل حكم ردّ من أحكام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحكم في زياد.

وقال ابن بعجة: أوَّل داء دخل على العرب قتل الحسن « سبط النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » و ادّعاء زياد(٣) .

وقال الحسن: اربع خصال كنّ في معاوية لو لم يكن فيه منهنَّ إلّا واحدة لكانت موبقة: انتزاؤه على هذه الاُمّة بالسفهاء حتّى ابتزّها أمرها بغير مشورة منهم، وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة. واستخلافه ابنه بعده سكّيراً خمّيراً يلبس الحرير ويضرب بالطنابير. وادّعائه زياداً وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الولد للفراش وللعاهر الحجَر. وقتله حُجراً، ويلاً له من حُجر وأصحاب حُجر قالها. مرّتين(٤) .

وقال الإمام السبط الحسن الزكيّعليه‌السلام لزياد في حضور من معاوية، وعمرو بن العاص، ومروان بن الحكم: وما أنت يا زياد! وقريشاً؟ لا أعرف لك فيها أديماً صحيحاً ولا فرعاً نابتاً، ولا قديماً ثابتاً، ولا منبتاً كريماً، بل كانت امّك بغيّاً تداولها رجال

____________________

١ - الاتحاف للشبراوى ص ٢٢.

٢ - ليست بأول قارورة كسرت فى الاسلام وانّما ردّ من يوم السقيفة وهلمّ جرا إلى يوم الاستلحاق من قضايا رسول الله ما يربو على العدّ.

٣ - تاريخ ابن عساكر ٥: ٤١٢، تاريخ الخلفاء، للسيوطى ص ١٣١، أوائل السيوطى ص ٥١.

٤ - تاريخ ابن عساكر ٢: ٣٨١، تاريخ الطبرى ٦: ١٥٧، الكامل لابن الاثير ٤: ٢٠٩، تاريخ ابن كثير ٨: ١٣٠، محاضرات الراغب ٢: ٢١٤، النجوم الزاهرة ١ ص ١٤١.

٢٢٥

قريش، وفجّار العرب، فلمّا ولدت لم تعرف لك العرب والداً فادّعاك هذا - يعني معاوية - بعد ممات أبيه، ما لك افتخار، تكفيك سُميّة ويكفينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبي عليُّ بن أبي طالب سيّد المؤمنين الذي لم يرد على عقبيه، وعمِّي حمزة سيّد الشهداء، وجعفر الطيّار، وأنا وأخي سيّدا شباب أهل الجنّة(١) .

وفد زياد على معاوية فأتاه بهدايا وأموال عظام وسفط مملؤ جوهراً لم ير مثله فسرّ معاوية بذلك سروراً شديدا، فلمّا رأى زياد ذلك صعد المنبر فقال: أنا والله يا أمير المؤمنين! أقمت لك معر العراق، وجبيت لك مالها، وألفظت إليك بحرها، فقام يزيد ابن معاوية فقال: إن تفعل ذلك يا زياد! فنحن نقلناك من ولاء ثقيف إلى قريش، ومن القلم إلى المنابر، ومن زياد بن عُبيد إلى حرب بن اُميّة. فقال معاوية: اجلس فداك أبي وامّي(٢) .

وقال السكتواري في محاضرة الأوائل ص ١٣٦ اوّل قضيّة ردَّت من قضايا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علانية دعوة معاوية زياداً، وكان أبو سفيان تبرَّأ منه وادَّعى انَّه ليس مِن أولاده وقضى بقطع نسبه، فلمّا تأمّر معاوية قرّبه واستأمر ففعل ما فعل زياد بن أبيه يعني ابن زنيّة من الطغيان والاساءة في حقّ أهل بيت النبوّة. وقال في ص ١٦٤: كان عمر رضي الله عنه إذا نظر إلى معاوية يقول: هذا ابن أبي سفيان كسرى العرب(٣) لأنّه كان أوّل من ردّ قضية من قضايا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين هجر، وزياد بن أبيه أوّل من أساء إساءةً تفرَّد بشينها بين الاُمم في حقً أهل البيت رضي الله عنهم.

وقال في ص ٢٤٦: كان قد تبرّأ من زياد أبو سفيان ومنع حقّه من ميراث الاسلام بحضرة الصّحابة رضي الله عنهم، فلا زال طريداً حتّى دعاه معاوية وقرّبه وأمَّره وردّ القضيّة، وهي أول قضيّة من قضايا الإسلام ردّت، ولذا صارت بليّة شنيعة، ومحنة فاحشة بين الاُمَّة، وأبغض الوسائل تعدِّيه على أفضل الملّة وأحبّ العترة اهـ.

____________________

١ - المحاسن والمساوى للبيهقى ١: ٥٨.

٢ - المجتنى لابن دريد ص ٣٧.

٣ - قول عمر هذا فى معاوية ذكره جمعٌ، راجع الاستيعاب ١: ٢٥٣، أسد الغابة ٤: ٣٨٦، الاصابة ٣: ٤٣٤.

٢٢٦

ولا أحسب أنَّ أحداً من رجالات الدين يشذّ عمَّا قاله الجاحظ في رسالته النابتة في بني اميّة ص ٢٩٣: فعندها استوى معاوية على الملك واستبدَّ على بقيّة الشورى وعلى جماعة المسلمين من الأنصار والمهاجرين في العام الذي سمّوه « عام الجماعة » وما كان عام جماعة بل كان عام فرقة وقهر وجبريّة وغلبة، والعام الذي تحوّلت فيه الإمامة ملكاً كسرويّاً، والخلافة منصباً قيصريّاً، ولم يعدّ ذلك أجمع الضلال والفسق، ثمَّ ما زالت معاصيه من جنس ما حكينا، وعلى منازل ما رتّبنا، حتى ردَّ قضيّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ردًّا مكشوفاً، وجحد حكمه جحداً ظاهراً في ولد الفراش وما يجب للعاهر، مع اجماع الاُمّة على أنّ سميّة لم تكن لأبي سفيان فراشاً، وانّه إنّما كان بها عاهراً فخرج بذلك من حكم الفجّار إلى حكم الكفّار.اهـ.

ولو تحرَّينا موبقات معاوية المكفّرة له وجدنا هذه في أصاغرها، فجلّ أعماله - إن لم يكن كلّه - على الضدّ من الكتاب والسنّة الثابتة، فهي غير محصورة في مخالفته لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الولد للفراش وللعاهر الحجَر.

_ ١٤ _

بيعة يزيد

أحد موبقات معاوية الاربع(١)

إنَّ من موبقات معاوية وبوائقه - وهو بكلّه بوائق - أخذه البيعة لابنه « يزيد » على كُرهٍ من أهل الحلّ والعقد، ومراغمة لبقايا المهاجرين والأنصار، و إنكار من أعيان الصحابة الباقين، تحت بوارق الإرهاب، ومعها طلاة المطامع لأهل الشرَه والشهوات.

كان في خَلد معاوية يوم استقرّت له الملوكيّة وتمَّ له الملك العضوض أن يتّخذ ابنه وليّ عهده ويأخذ له البيعة، ويؤسّس حكومة أمويَّة مستقرّة في أبناء بيته، فلم يزل يروض الناس لبيعة سبع سنين يُعطي الأقارب ويُداني الأباعد(٢) وكان يبتلعه

____________________

١ - راجع كلمة الحسن البصرى المذكورة قبيل هذا صفحة ٢٢٥.

٢ - العقد الفريد ٢: ٣٠٢.

٢٢٧

طوراً، ويجترُّ به حيناً بعد حين، يمُهِّد بذلك السبيل، ويسهِّل حزونته، ولمـَّا مات زياد سنة ٥٣ وكان يكره تلك البيعة أظهر معاوية عهداً مفتعلاً - على زياد - فقرأه على الناس فيه عقد الولاية ليزيد بعده، وأراد بذلك أن يسهِّل بيعة يزيد كما قاله المدائني(١) وقال أبو عمر في الاستيعاب ١: ١٤٢: كان معاوية قد أشار بالبيعة ليزيد في حياة الحسن وعرض بها ولكنّه لم يكشفها ولا عزم عليها إلّا بعد موت الحسن.

قال ابن كثير في تاريخه ٨: ٧٩: وفي سنة ستّ خمسين دعا معاوية النّاس إلى البيعة ليزيد ولده أن يكون وليَّ عهده من بعده، وكان قد عزم قبل ذلك على هذا في حياة المغيرة(٢) بن شعبة، فروى ابن جرير من طريق الشعبي: أنّ المغيرة كان قد قدم على معاوية وأعفاه من إمرة الكوفة فأعفاه لكبره وضعفه، وعزم على توليتها سعيد بن العاص، فلمّا بلغ ذلك المغيرة كأنّه ندم، فجاء إلى يزيد بن معاوية فأشار عليه بأن يسأل من أبيه أن يكون وليَّ العهد فسأل ذلك من أبيه فقال: مَن أمرك بهذا؟ قال: المغيرة. فأعجب ذلك معاوية من المغيرة، وردّه إلى عمل الكوفة، وأمره أن يسعى في ذلك، فعند ذلك سعى المغيرة في توطيد ذلك، وكتب معاوية إلى زياد يستشيره في ذلك فكره زياد ذلك لما يعلم من لعب يزيد وإقباله على اللعب والصيد، فبعث إليه من يثني رأيه عن ذلك وهو عُبيد بن كعب النميري - وكان صاحباً أكيداً لزياد - فسار إلى دمشق فاجتمع بيزيد أوَّلا فكلّمه عن زياد وأشار عليه بأن لا يطلب ذلك، فإنّ تركه خيرٌ له من السعي فيه، فانزجر يزيد عمّا يريد من ذلك، واجتمع بأبيه واتّفقا على ترك ذلك في هذا الوقت، فلمّا مات زياد شرع معاوية في نظم ذلك والدعاء إليه، وعقد البيعة لولده يزيد، وكتب إلى الآفاق بذلك.

صورة أخرى

في بدء بدئها

كان ابتداء بيعة يزيد وأوَله من المغيرة بن شعبة فإنَّ معاوية أراد أن يعزله عن الكوفة

____________________

١ - العقد الفريد ٢: ٣٠٢، تاريخ الطبرى ٦: ١٧٠.

٢ - توفى المغيرة سنة خمسين وقدم على معاوية فى سنة خمس وأربعين واستعفاه من الامرة وهى سنة بدوّ فكر بيعة يزيد فى خلد معاوية بايعاز من المغيرة.

٢٢٨

ويستعمل عوضه سعيد بن العاص فبلغه ذلك فقال: الرأي أن أشخص إلى معاوية فاستعفيه ليظهر للناس كراهتي للولاية، فسار إلى معاوية وقال لأصحابه حين وصل إليه: إن لم أكسبكم الآن ولاية وإمارة لا أفعل ذلك أبداً، ومضى حتّى دخل على يزيد وقال له: إنّه قد ذهب أعيان أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكبراء قريش وذوو أسنانهم وإنّما بقي أبناؤهم وأنت من أفضلهم وأحسنهم رأياً وأعلمهم بالسنّة والسياسة، ولا أدري ما يمنع أمير المؤمنين أن يعقد لك البيعة؟ قال: أوَ ترى ذلك يتمّ؟ قال: نعم. فدخل يزيد على أبيه وأخبره بما قال المغيرة فأحضر المغيرة وقال له: ما يقول يزيد؟ فقال: يا أمير المؤمنين! قد رأيت ما كان من سفك الدماء والإختلاف بعد عثمان(١) وفي يزيد منك خلفٌ فاعقد له، فإن حدث بك حادثٌ كان كهفاً للناس وخلفاً منك ولا تسفك دماء ولا تكون فتنة. قال: ومَن لي بهذا؟ قال: أكفيك أهل الكوفة، ويكفيك زياد أهل البصرة، وليس بعد هذين المصرين أحدٌ يخالفك. قال: فارجع إلى عملك وتحدَّث مع مَن تثق إليه في ذلك، وترى ونرى. فودَّعه ورجع إلى أصحابه فقالوا: مَه. قال: لقد وضعت رِجل معاوية في غرز بعيد الغاية على اُمّة محمّد، وفتقت عليهم فتقاً لا يرتق أبدا. وتمثّل:

بمثلي شاهدي نجوى وغالى

بي الأعداء والخصم الغضابا

وسار المغيرة حتى قدم الكوفة وذاكر من يثق إليه ومن يعلم انّه شيعة لبني اميّة أمر يزيد فأجابوا إلى بيعته فأوفد منهم عشرة ويقال: أكثر من عشرة. وأعطاهم ثلاثين ألف درهم، وجعل عليهم ابنه موسى بن المغيرة وقدموا على معاوية فزيَّنوا له بيعة يزيد ودعوه إلى عقدها. فقال معاوية: لا تعجلوا باظهار هذا وكونوا على رأيكم، ثمَّ قال لموسى: بكم اشترى أبوك من هؤلاء دينهم؟ قال: بثلاثين ألفاً. قال: لقد هان عليهم دينهم، وقيل: أرسل أربعين رجلاً وجعل عليهم ابنه عروة، فلمّا دخلوا على معاوية قاموا خطباء فقالوا: إنَّما أشخصهم إليه النظر لاُمّة محمَّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقالوا: يا أمير المؤمنين! كبرت سنّك وخفنا انتشار الحبل فانصب لنا علماً، وحدّ لنا حدّاً ننتهي إليه.

____________________

١ - ألا مسائل المغيرة عن أن هذا الشقاق والخلاف وسفك الدماء المحرّمة في عدم الاستخلاف هل كان يعلمها رسول الله صلى ‌الله‌ عليه ‌و آله‌ ؟ فلماذا ترك امّته سدى ولم يستخلف كما زعمه هو والسياسيون من رجال الانتخاب الدستورى؟.

٢٢٩

فقال: أشيروا عليَّ. فقالوا: نشير بيزيد بن أمير المؤمنين. فقال: أوَقد رضيتموه؟ قالوا: نعم. قال: وذلك رأيكم؟ قالوا: نعم، ورأي مَن وراءنا. فقال معاوية لعروة سرّاً عنهم: بكم اشترى أبوك من هؤلاء دينهم؟ قال: بأربعمأة دينار. قال: لقد وجد دينهم عندهم رخيصاً، وقال لهم: ما ننظر ما قدمتهم له ويقضي الله ما أراد، والأناة خيرٌ من العجلة فرجعوا، وقوي عزم معاوية على البيعة ليزيد فأرسل إلى زياد يستشيره فأحضر زياد عبيد بن كعب النميري وقال له: إنّ لكلّ مستشير ثقة، ولكلّ سرّ مستودع، وإنَّ الناس قد أبدع بهم خصلتان: إذاعة السرّ، وإخراج النصيحة إلى غير أهلها، وليس موضوع السرّ إلّا أحد رجلين: رجلُ آخرة يرجو ثوابها، ورجل دنيا له شرف في نفسه، وعقل يصون حسبه، و قد خبرتهما منك، وقد دعوتك لأمر اتهمت عليه بطون الصحف: إنَّ أمير المؤمنين كتب يستشيرني في كذا وكذا، وانّه يتخوّف نفرة الناس، ويرجو طاعتهم، وعلاقة أمر الإسلام وضمانه عظيم، ويزيد صاحب رسلة وتهاون مع ما قد أولع به من الصيد، فألق أمير المؤمنين وأدِّ إليه فعلات يزيد وقل له: رويدك بالأمر فأحرى لك أن يتمَّ لك، لا تعجل فإنَّ دركاً في تأخير خيرٌ من فوت في عجلة. فقال له عُبيد: أفلا غير هذا؟ قال. وما هو؟ قال: لا تفسد على معاوية رأيه، ولا تبغض إليه ابنه، واُلقي أنا يزيد فأخبره انَّ أمير المؤمنين كتب إليك، يستشيرك في البيعة له، وانّك تتخوَّف خلاف الناس عليه لهنات ينقمونها عليه، و إنَّك ترى له ترك ما ينقم عليه لتستحكم له الحجَّة على الناس، ويتمّ ما تريد فتكون قد نصحت أمير المؤمنين وسلمت ممّا تخاف من أمر الاُمَّة. فقال زياد: لقد رميت الأمر بحجره، أشخص على بركة الله، فإن أصبت فما لا ينكر، وإن يكن خطأ فغير مستغشّ، وتقول بما ترى، ويقتضي الله بغيب ما يعلم، فقدم على يزيد فذكر ذلك له فكفَّ عن كثير ممّا كان يصنع، وكتب زياد معه إلى معاوية يشير بالتوءدة وأن لا يعجل، فقبل منه، فلمّا مات زياد عزم معاوية على البيعة لابنه يزيد فأرسل إلى عبد الله بن عمر مائة ألف درهم فقبلها فلمّا ذكر البيعة ليزيد قال ابن عمر: هذا أراد، إنَّ ديني إذن لرخيصٌ وامتنع(١) .

____________________

١ - تاريخ الطبري ٦: ١٦٩، ١٧٠، كامل ابن الأثير ٣: ٢١٤، ٢١٥.

٢٣٠

بيعة يزيد فى الشام

وقتل الحسن السبط دونها

لمـّا اجتمعت عند معاوية وفود الأمصار بدمشق باحضار منه وكان فيهم الأحنف بن قيس دعا معاوية الضحاك بن قيس الفهري فقال له: إذا جلستُ على المنبر وفرغتُ من بعض موعظتي وكلامي فاستأذني للقيام فإذا أذنت لك فاحمد الله تعالى واذكر « يزيد » وقل فيه الذي يحقُّ له عليك من حسن الثناء عليه، ثمّ ادعني إلى توليته من بعدي فإنِّي قد رأيت وأجمعت على توليته، فأسأل الله في ذلك وفي غيره الخيرة وحسن القضاء، ثمَّ دعا عبد الرَّحمن بن عثمان الثقفي، وعبد الله بن مسعدة الفزاري، وثور بن معن السّلمي، وعبد الله بن عصام الأشعري، فأمرهم أن يقوموا إذا فرغ الضحاك وأن يصدّقوا قوله ويدعوه إلى يزيد.

ثمَّ خطب معاوية فتكلّم القوم بعده على ما يروقه من الدعوة إلى يزيد فقال معاوية: أين الأحنف؟ فأجابه، قال: ألا تتكلّم؟ فقام الأحنف فحمد الله وأثنى عليه ثمَّ قال: أصلح الله أمير المؤمنين، انَّ الناس قد أمسوا في منكر زمان قد سلف، ومعروف زمان مؤتنف، و يزيد ابن أمير المؤمنين نعم الخلف، وقد حلبت الدهر أشطره يا أمير المؤمنين! فاعرف من تسند إليه الأمر من يدك، ثمّ اعص أمر من يأمرك، لا يغررك مَن يشير عليك ولا ينظر لك وأنت انظر للجماعة واعلم باستقامة الطاعة، إنَّ أهل الحجاز وأهل العراق لا يرضون بهذا ولا يبايعون ليزيد ما كان الحسن حيّاً.

فغضب الضحّاك فقام الثانية فحمد الله وأثنى عليه ثمَّ قال: أصلح الله امير المؤمنين انَّ أهل النفاق من أهل العراق، مروءتهم في أنفسهم الشقاق، وألفتهم في دينهم الفراق، يرون الحقَّ على أهوائهم كأنَّما ينظرون بأقفائهم، اختالوا جهلاً وبطراً، لا يرقبون من الله راقبة، ولا يخافون وبال عاقبة، اتَّخذوا إبليس لهم ربّا، واتَّخذهم إبليس حزبا، فمن يقاربوه لا يسرّوه، ومَن يفارقوه لا يضرّوه، فادفع رأيهم يا أمير المؤمنين! في نحورهم، وكلامهم في صدورهم، ما للحسن وذوي الحسن في سلطان الله الذي استخلف به معاوية في أرضه؟ هيهات ولا تورث الخلافة عن كلالة، ولا يحجب غير الذكر العصبة، فوطِّنوا أنفسكم يا أهل العراق! على المناصحة لإمامكم وكاتب نبيّكم وصهره، يسلم لكم العاجل، ويربحوا من الآجل.

٢٣١

ثمَّ قام الأحنف بن قيس فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: يا أمير المؤمنين! إنّا قد فررنا(١) عنك قريشاً فوجدناك أكرمها زنداً، وأشدَّها عقداً، وأوفاها عهداً، قد علمت انّك لم تفتح العراق عنوة، ولم تظهر عليها قعصا، ولكنّك أعطيت الحسن بن عليّ من عهود الله ما قد علمت ليكون له الأمر من بعدك، فإن تف فأنت أهل الوفاء، وإن تعذر تعلم والله انَّ وراء الحسن خيولاً جياداً، وأذرعاً شداداً، وسيوفاً حداداً، إن تدنُ له شِبراً من غدر، تجد وراءه باعاً من نصر، وإنَّك تعلم أنَّ أهل العراق ما أحبّوك منذُ أبغضوك، ولا أبغضوا عليّاً وحسناً منذُ أحبّوهما، وما نزل عليهم في ذلك خَبَرٌ من - السّماء، وإنَّ السيوف التي شهروها عليك مع عليّ يوم صفّين لعلى عواتقهم، والقلوب التي أبغضوك بها لَبين جوانحهم، وأيم الله إنّ الحسن لأحبّ إلى أهل العراق من عليّ.

ثمَّ قام عبد الرَّحمن بن عثمان الثقفي فأثنى على يزيد وحثَّ معاوية إلى بيعته فقام معاوية فقال:

أيُّها الناس: إنَّ لإبليس من الناس إخواناً وخُلاّناً، بهم يَستعدّ وإيّاهم يستعين، وعلى ألسنتهم ينطق، إن رجوا طمعاً أوجفوا، وإن استُغني عنهم أرجفوا، ثمّ يُلقحون الفتن بالفجور، ويشققون لها حطب النفاق، عيّابون مرتابون، أن لَووَا عروة أمر حنفوا، وإن دُعوا إلى غيّ أسرفوا، وليسوا اولئك بمنتهين، ولا بمقلعين، ولا متَّعظين حتّى تصيبهم صواعق خزي وبيل، وتحلُّ بهم قوارع أمر جليل، تجتثّ اصولهم كاجتثاث اصول الفقع(٢) فأولى لاولئك ثمَّ أولى، فإنّا قد قدَّمنا وأنذرنا إن أغنى التقدّم شيئاً أو نفع النُذُر.(٣)

فدعا معاوية الضحّاك فولّاه الكوفة، ودعا عبد الرَّحمن فولّاه الجزيرة.

ثمَّ قام الأحنف بن قيس فقال: يا أمير المؤمنين! أنت أعلمنا بيزيدُ في ليله ونهاره وسرّه وعلانيته، ومدخله ومخرجه، فإن كنت تعلمه لِلَّه رضاً ولهذه الاُمّة فلا تشاور الناس فيه، وإن كنت تعلم منه غير ذلك، فلا تزوِّده الدنيا وأنت صائرٌ إلى الآخرة،

____________________

١ - فر عن الامر: بحث عنه.

٢ - الفقع بالفتح والكسر: البيضاء الرخوة من الكمأة.

٣ - النذر: الانذار. قال تعالى: فكيف كان عذابى ونذر.

٢٣٢

فإنّه ليس لك من الآخرة إلّا ما طاب، واعلم أنَّه لا حجَّة لك عند الله إن قدّمت يزيد على الحسن والحسين، وأنت تعلم مَن هما، وإلى ما هما، وإنّما علينا أن نقول: سمعنا وأطعنا، غفرانك ربَّنا وإليك المصير(١) .

قال الأميني: لمـّا حسَّ معاوية بدء إعرابه عمّا رامه من البيعة ليزيد انّ الفئة الصالحة من الاُمَّة قطّ لا تخبت إلى تلك البيعة الوبيلة ما دامت للحسن السبط الزكيِّ سلام الله عليه باقيةٌ من الحياة، على انَّه أعطى الإمام مواثيق مؤكّدة ليكون له الأمر من بعده، وليس له أن يعهد إلى أيّ أحد، فرأى توطيد السبل لجروه في قتل ذلك الإمام الطاهر، وجعل ما عهد له تحت قدميه، قال أبو الفرج: أراد معاوية البيعة لابنه يزيد فلم يكن شيىٌء أثقل عليه من أمر الحسن بن علي وسعد بن أبي وقاص فدسَّ إليهما سمّاً فماتا منه(٢) .

وسيوافيك تفصيل القول في أنّ معاوية هو الذي قتل الحسن السبط سلام الله عليه.

عبد الرحمن بن خالد(٣)

في بيعة « يزيد »

خطب معاوية أهل الشام وقال لهم: يا أهل الشام انّه كبرت سنّي وقرب أجلي وقد أردت أن أعقد لرجل يكون نظاماً لكم، وإنّما أنا رجلٌ منكم فرؤا رأيكم.

فاصفقوا واجتمعوا وقالوا: رضينا عبد الرّحمن بن خالد بن الوليد، فشقّ ذلك على معاوية وأسرّها في نفسه، ثمّ انّ عبد الرَّحمن مرض فأمر معاوية طبيباً عنده يهوديّاً يقال له: إبن أثال. وكان عنده مكيناً، أن يأتيه فيسقيه سقية يقتله بها، فأتاه فسقاه فانخرق بطنه فمات، ثمَّ دخل أخوه المهاجر بن خالد دمشق مستخفياً هو وغلام له فرصدا ذلك اليهوديّ فخرج ليلاّ من عند معاوية فهجم عليه ومعه قومٌ هربوا عنه فقتله المهاجر. وفي الأغاني: انَّه قتله خالد بن المهاجر فاُخذ واُتي به معاوية فقال له: لا جزاك الله من زائر

____________________

١ - الامامة والسياسة ١، ١٣٨ - ١٤٢.

٢ - مقاتل الطالبين ص ٢٩.

٣ - أدرك النبى صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله‌ قال أبو عمر فى الاستيعاب: كان من فرسان قريش وشجعانهم كان له فضل وهدى حسن وكرم إلّا انّه كان منحرفا عن على عليه‌السلام وقال ابن حجر فى الاصابة: كان عظيم القدر عند أهل الشام.

٢٣٣

خيراً قتلت طبيبي. قال: قتلت المأمور وبقي الآمر(١) .

قال أبو عمر بعد ذكر القصّة: وقصّته هذه مشهورةٌ عند أهل السير والعلم بالآثار والأخبار اختصرناها، ذكرها عمر بن شبه في أخبار المدينة وذكرها غيره.

قال الأميني: وقعت هذه القصّة سنة ٤٦ وهي السنة الثانية من هاجسة بيعة يزيد....

سعيد بن عثمان

سنة خمس وخمسين

سأل سعيد بن عثمان معاوية أن يستعمله على خراسان فقال: إنَّ بها عبيد الله بن زياد(٢) فقال: أما لقد اصطنعك أبي ورفاك حتّى بلغت باصطناعه المدى الذي لا يُجارى إليه ولا يُسامى، فما شكرت بلاءه ولا جازيته بآلائه، وقدّمت عليّ هذا - يعني يزيد بن معاوية - وبايعت له ووالله لأنا خيرٌ منه أباً واُمّاً ونفساً. فقال معاوية: أمّا بلاء أبيك فقد يحقّ عليَّ الجزاء به، وقد كان من شكري لذلك انّي طلبت بدمه حتى تكشّفت الاُمور: ولست بلائم لنفسي في التشمير، وأمّا فضل أبيك على أبيه فأبوك والله خيرٌ منِّي وأقرب برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأمّا فضل اُمّك على اُمّه فما ينكر امرأة من قريش خيرٌ من امرأة من كلب، وأمّا فضلك عليه فوالله ما اُحبّ أنّ الغوطة دَحَست ليزيد رجالاً مثلك فقال له يزيد: يا أمير المؤمنين! إبن عمّك وأنت أحقُّ مَن نظر في أمره وقد عتب عليك لي فأعتبه(٣) .

وفي لفظ ابن قتيبة: فلمّا قدم معاوية الشام أتاه سعيد بن عثمان بن عفان، وكان شيطان قريش ولسانها قال: يا أمير المؤمنين! على مَ تبايع ليزيد وتتركني؟ فوالله لتعلم أنّ أبي خير من أبيه، واُمّي خيرٌ من اُمّه، وأنا خيرٌ منه، وإنَّك إنّما نلت ما أنت فيه بأبي. فضحك معاوية وقال: يا ابن أخي أمّا قولك: إنّ أباك خيرٌ من أبيه. فيوم من

____________________

١ - الاستيعاب ترجمة عبد الرحمن:، الاغانى ١٥: ١٣: تاريخ الطبرى ٦: ١٢٨ واللفظ لابي عمر.

٢ - سار الى خراسان فى اخريات سنة ٥٣ وأقام بها سنتين كما رواه الطبري فى تاريخه ٦: ١٦٦، ١٦٧.

٣ - تاريخ الطبرى ٦: ١٧١، تاريخ ابن كثير ٨: ٧٩، ٨٠.

٢٣٤

عثمان خيرٌ من معاوية. وأمّا قولك: إنَّ اُمّك خيرٌ من اُمِّه ففضل قرشيّة على كلبيّة فضلٌ بيّن. وأمّا أن أكون نلت ما أنا فيه بأبيك فإنّما هو الملك يؤتيه الله من يشاء، قتل أبوك رحمه الله فتواكلته بنو العاصي وقامت فيه بنو حرب، فنحن أعظم بذلك منّةً عليك، و أمّا تكون خيراً من يزيد فوالله ما اُحبّ انّ داري مملوءة رجالاً مثلك بيزيد، ولكن دعني من هذا القول وسلني اُعطك. فقال سعيد بن عثمان بن عفان: يا أمير المؤمنين! لا يعدم يزيد مزكّيا ما دمت له، وما كنت لأرضى ببعض حقّي دون بعض، فإذا أبيت فاعطني ممّا أعطاك الله. فقال معاوية: لك خراسان؟ قال سعيد: وما خراسان؟ قال: إنّها لك طعمة وصلة رحم. فخرج راضياً وهو يقول:

ذكرت أمير المؤمنين وفضله

فقلت: جزاه الله خيراً بما وصلْ

وقد سبقت منّي إليه بوادرٌ

من القول فيه آية العقل والزللْ

فعاد أمير المؤمنين بفضله

وقد كان فيه قبل عودته ميلْ

وقال: خراسان لك اليوم طعمة

فجوزي أمير المؤمنين بما فعلْ

فلو كان عثمان الغداة مكانه

لما نالني من ملكه فوق ما بذلْ

فلمّا انتهى قوله إلى معاوية أمر يزيد أن يزوّده وأمر إليه بخلعة وشيّعه فرسخاً(١) .

قال ابن عساكر في تاريخه ٦: ١٥٥: كان أهل المدينة يحبّون سعيداً ويكرهون يزيد، فقدم على معاوية فقال له: يا ابن أخي ما شيىءٌ يقوله أهل المدينة؟ قال: ما يقولون؟ قال: قولهم:

والله لا ينالها يزيدُ

حتّى يعضّ هامه الحديدُ

إنّ الأمير بعده سعيدُ

قال: ما تنكر من ذلك يا معاوية؟! والله إنَّ أبي لخيرٌ من أبي يزيد، ولاُمّي خيرٌ من اُمّه، ولأنا خيرٌ منه، ولقد استعملناك فما عزلناك بعدُ، ووصلناك فما قطعناك، ثمَّ صار في يديك ما قد ترى فحلاتنا عنه أجمع. فقال له: أمّا قولك. الحديث.

____________________

١ - الامامة والسياسة ١: ١٥٧.

٢٣٥

وقال: حكى الحسن بن رشيق قصّة سعيد مع معاوية بأطول ممّا مرّ - ثمَّ ذكر حكاية ابن رشيق - وفيها: فوّلاه معاوية خراسان وأجازه بمائة ألف درهم.

كتب معاوية فى بيعة يزيد

كتب معاوية إلى مروان بن الحكم: إنيِّ قد كبرت سنّي، ودقَّ عظمي، وخشيت الإختلاف على الاُمّة بعدي، وقد رأيت أن أتخيّر لهم من يقوم بعدي، وكرهت أن أقطع أمراً دون مشورة من عندك، فأعرض ذلك عليهم وأعلمني بالذي يردّون عليك.

فقام مروان في الناس فأخبرهم به فقال الناس: أصاب ووفّق، وقد أجبنا أن يتخيّر لنا فلا يألو. فكتب مروان إلى معاوية بذلك فأعاد إليه الجواب يذكر « يزيد » فقام مروان فيهم وقال: إنَّ أمير المؤمنين قد اختار لكم فلم يأل وقد استخلف ابنه يزيد بعده فقام عبد الرّحمن بن أبي بكر فقال: كذبت والله يا مروان! وكذب معاوية، ما الخيار أردتما لامّة محمّد ولكنكم تريدون أن تجعلوها هرقليّة كلّما مات هرقل قام هرقل. فقال مروان: هذا الذي أنزل الله فيه:( وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا ) . الآية، فسمعت عائشة مقالته من وراء الحجاب وقالت: يا مروان! يا مروان! فأنصت الناس وأقبل مروان بوجهه فقالت: أنت القائل لعبد الرّحمن انّه نزل فيه القرآن كذبت والله ما هو به و لكنّه فلان بن فلان، ولكنّك أنت فضضٌ من لعنة نبيّ الله(١)

وقام الحسين بن علي فأنكر ذلك، وفعل مثله ابن عمر، وابن الزبير، فكتب مروان بذلك إلى معاوية، وكان معاوية قد كتب إلى عمّاله بتقريظ يزيد ووصفه وأن يوفدوا إليه الوفود من الأمصار فكان فيمن أتاه محمّد بن عمرو بن حزم من المدينة، و الاحنف بن قيس في وفد أهل البصرة، فقال محمّد بن عمرو لمعاوية: إنَّ كلّ راع مسؤل عن رعيَّته فانظر من تولي أمر امّة محمّد فأخذ معاوية بهر(٢) حتى جعل يتنفّس في يوم شاتٍ ثمّ وصله وصرّفه. وأمر الأحنف أن يدخل على يزيد فدخل عليه فلمّا خرج من عنده قال له: كيف رأيت ابن أخيك؟ قال: رأيت شباباً ونشاطاً وجلداً ومزاحاً، ثمّ إنّ

____________________

١ - راجع ما أسلفناه فى الجزء الثامن ص ٢٥٢، ٢٥٣ ط ١.

٢ - البهر: انقطاع النفس من الاعياء.

٢٣٦

معاوية قال للضحّاك بن قيس الفهري: لمـّا اجتمع الوفود عنده انّي متكلمٌ فإذا سكتُّ فكن أنت الذي تدعو إلى بيعة يزيد وتحثّني عليها. فلمّا جلس معاوية للناس تكلّم فعظّم أمر الإسلام وحرمة الخلافة وحقّها وما أمر الله به من طاعة ولاة الأمر ثمّ ذكر يزيد وفضله وعلمه بالسياسة وعرض ببيعته فعارضه الضحاك، فحمد الله وأثنى عليه ثمَّ قال: يا أمير المؤمنين! انّه لا بدّ للناس من والٍ بعدك وقد بلونا الجماعة والاُلفة فوجدناهما أحقن للدماء، وأصلح للدهماء، وآمن للسبل، وخيرًا في العاقبة، والأيّام عوج رواجع والله كلّ يوم هو في شأن، ويزيد ابن أمير المؤمنين في حسن هديه وقصد سيرته على ما علمت، وهو من أفضلنا علماً وحلماً وأبعدنا رأياً، فولّه عهدك، واجعله لنا علماً بعدك، ومفزعاً نلجأ إليه، ونسكن في ظلّه، وتكلّم عمرو بن سعيد الأشدق بنحو من ذلك، ثمّ قام يزيد بن المقنع العذري فقال: هذا أمير المؤمنين وأشار إلى معاوية، فإن هلك فهذا وأشار إلى يزيد، ومَن أبى فهذا وأشار إلى سيفه، فقال معاوية: اجلس فأنت سيّد الخطباء. وتكلّم من حضر من الوفود

فقال معاوية للأحنف: ما تقول يا أبا بحر؟ فقال: نخافكم إن صدقنا، ونخاف الله إن كذبنا، وأنت أمير المؤمنين أعلم بيزيد في ليله ونهاره وسرِّه وعلانيته ومدخله و مخرجه، فإن كنت تعلمه لِلَّه تعالى وللامّة رضا فلا تشاور فيه، وإن كنت تعلم فيه غير ذلك فلا تزوّده الدنيا وأنت صائرٌ إلى الآخرة، وإنّما علينا أن نقول: سمعنا وأطعنا. وقام رجلٌ من أهل الشام فقال: ما ندري ما تقول هذه المعديَّة العراقيّة، وإنّما عندنا سمعٌ وطاعةٌ وضربٌ وازدلاف. فتفرّق الناس يحكون قول الأحنف، وكان معاوية يعطي المقارب، ويُداري المباعد ويلطف به، حتّى استوثق له أكثر الناس وبايعه(١) .

صورة اخرى

قالوا: ثمَّ لم يلبث معاوية بعد وفاة الحسن رحمه الله إلّا يسيراً أن بايع ليزيد بالشام، وكتب بيعته إلى الآفاق، وكان عامله على المدينة مروان بن الحكم فكتب إليه يذكر الذي قضى الله به على لسانه من بيعة يزيد، ويأمره بجمع من قبله من قريش وغيرهم من أهل المدينة يبايعوا ليزيد.

____________________

١ - العقد الفريد ٢: ٣٠٢ - ٣٠٤، الكامل لابن الاثير ٣: ٢١٤ - ٢١٦.

٢٣٧

فلمّا قرأ مروان كتاب معاوية أبى من ذلك وأبته قريشٌ فكتب لمعاوية: انَّ قومك قد أبوا إجابتك إلى بيعتك ابنك فأرني رأيك. فلمّا بلغ معاوية كتاب مروان عرف ذلك من قبله فكتب إليه يأمره أن يعتزل عمله، ويخبره أنّه قد ولّى المدينة سعيد بن العاص، فلمّا بلغ مروان كتاب معاوية أقبل مغاضباً في أهل بيته وناس كثير من قومه حتّى نزل بأخواله بني كنانة فشكا إليهم وأخبرهم بالذي كان من رأيه في أمر معاوية وفي عزله و استخلافه يزيد ابنه عن غير مشاورة مبادرة له، فقالوا: نحن نبلك في يدك، وسيفك في قرابك، فمن رميته بنا أصبناه، ومن ضربته قطعناه، الرأي رأيك، ونحن طوع يمينك. ثمَّ أقبل مروان في وفد منهم كثير ممّن كان معه من قومه وأهل بيته حتى نزل دمشق فخرج حتى أتى سدَّة معاوية وقد أذن للناس، فلمّا نظر الحاجب إلى كثرة مَن معه من قومه وأهل بيته منعه من الدخول، فوثبوا إليه فضربوا وجهه حتَّى خلى عن الباب، ثمَّ دخل مروان ودخلوا معه حتى إذا كان معاوية بحيث تناله يده، قال بعد التسليم عليه بالخلافة: إنّ الله عظيمٌ خطره، لا يقدر قادرٌ قدره، خلق من خلقه عباداً جعلهم لدعائم دينه أوتاداً، هم رقباؤه على البلاد، وخلفاؤه على العباد، أسفر بهم الظلم وألّف بهم الدين، وشدَّد بهم اليقين، ومنح بهم الظفر، ووضع بهم من استكبر، فكان من قبلك من خلفائنا يعرفون ذلك في سالف زماننا، وكنّا نكون لهم على الطاعة اخواناً، وعلى من خالف عنّا أعواناً، يُشدّ بنا العضد، ويُقام منّا الأوَد، ونُستشار في القضيّة، ونستأمر في أمر الرعيّة، وقد أصبحنا اليوم في امور مستخيرة، ذات وجوه مستديرة، تفتح بأزمَّة الضَّلال، وتجلس بأسوأ الرجال، يؤكل جزورها ونمق أحلابها، فما لنا لا نستأمر في رضاعها ونحن فطامها وأولاد فطامها؟ وأيم الله لولا عهودٌ مؤكّدة ومواثيق معقّدة لأقمت أوَد وليّها، فأقم الأمر يا بن أبي سفيان واهدأ من تأميرك الصبيان، واعلم أنَّ لك في قومك نظراً وإنَّ لهم على مناوأتك وزرا.

فغضب معاوية من كلامه غضباً شديداً ثمّ كظم غيظه بحلمه وأخذ بيد مروان ثمّ قال: إنّ الله قد جعل لكلِّ شيىء أصلاً، وجعل لكلِّ خير أهلاً، ثمّ جعلك في الكرم منِّي محتدا والعزيز مني والداً، اخترت من قروم قادة، ثمّ استللت سيّد سادة، فأنت

٢٣٨

ابن ينابيع الكرام(١) ، فمرحباً بك وأهلاً من ابن عمّ، ذكرت خلفاء مفقودين شهداء صدّيقين، كانوا كما نعتَّ، وكنت لهم كما ذكرت، وقد أصبحنا في امور مستخيرة ذات وجوه مستديرة، وبك والله يا بن العمّ نرجو استقامة أوَدها، وذلولة صعوبتها، وسفور ظلمتها، حتّى يتطأطأ جسيمها، ويركب بك عظيمها، فأنت نظير أمير المؤمنين بعده وفي كلِّ شيىء عضده، وإليك بعد عهده، فقد ولّيتك قومك، وأعظمنا في الخراج سهمك، وأنا مجيزٌ وفدك، ومحسنٌ رفدك، وعلى أمير المؤمنين غناك، والنزول عند رضاك.

فكان أوّل ما رزق ألف دينار في كلِّ هلال، وفرض له في أهل بيته مائة مائة.

كتاب معاوية الى سعيد

إنّ معاوية كتب إلى سعيد بن العاص وهو على المدينة يأمره أن يدعو أهل المدينة إلى البيعة ويكتب إليه بمن سارع ممّن لم يسارع، فلمَّا أتى سعيد بن العاص الكتاب دعا الناس إلى البيعة ليزيد وأظهر الغلظة، وأخذهم بالعزم والشدَّة، وسطا بكلِّ مَن أبطأ عن ذلك، فأبطأ الناس عنها إلّا اليسير لا سيّما بني هاشم فإنّه لم يجبه منهم أحدٌ، وكان ابن الزبير من أشدِّ الناس انكاراً لذلك، وردّاً له، فكتب سعيد بن العاص إلى معاوية:

أمّا بعد: فإنّك أمرتني أن أدعو الناس لبيعة يزيد ابن أمير المؤمنين وأن أكتب إليك بمن سارع ممّن أبطأ، وإنِّي اخبرك انّ الناس عن ذلك بطاء لا سيّما أهل البيت من بني هاشم، فإنّه لم يجبني منهم أحدٌ، وبلغني عنهم ما أكره، وأمّا الذي جاهر بعداوته وإبائه لهذا الأمر فعبد الله بن الزبير، ولست أقوى عليهم إلَّا بالخيل والرجال، أو تقدم بنفسك فترى رأيك في ذلك، والسّلام،

فكتب معاوية إلى عبد الله بن العباس، وإلى عبد الله بن الزبير، وإلى عبد الله بن جعفر، والحسين بن عليّ رضي الله عنهم كتباً وأمر سعيد بن العاص أن يوصلها إليهم ويبعث بجواباتها وكتب إلى سعيد بن العاص:

____________________

١ - قايس بين هذه الاطرائات الفارغة المكذوبة وبين قوله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ لذلك الطريد بن الطريد الوزغ بن الوزغ، اللعين بن اللعين. ونحن لو اعطينا لمعاوية حق المقام لقلنا: مكره أخوك لا بطل.

٢٣٩

أمّا بعد: فقد أتاني كتابك وفهمت ما ذكرت فيه من إبطاء الناس عن البيعة ولا سيّما بني هاشم وما ذكر ابن الزبير، وقد كتبت إلى رؤسائهم كتباً فسلّمها إليهم وتنجز جواباتها وابعث بها حتّى أرى في ذلك رأيي، ولتشدّ عزيمتك، ولتصلب شكيمتك، و تحسن نيّتك، وعليك بالرِّفق، وإيّاك والخرق، فإنَّ الرّفق رشدٌ، والخرق نكدٌ، وانظر حسيناً خاصّة فلا يناله منك مكروهٌ، فإنَّ له قرابة وحقّاً عظيماً لا ينكره مسلمٌ ولا مسلمة، وهو ليث عرين، ولست آمنك أن تشاوره أن لا تقوى عليه. فأمّا من يرد مع السباع إذا وردت، ويكنس إذا كنست فذلك عبد الله بن الزبير، فاحذره أشدّ الحذر، ولا قوَّة إلّا بالله، وأنا قادمٌ عليك إن شاء الله. والسَّلام(١) .

قال الأميني: يقولون بأفواهم ما ليس في قلوبهم. نعم: والحقُّ انَّ للحسين و لأبيه وأخيه قرابة وحقّاً عظيماً لا ينكره مسلمٌ ولا مسلمةٌ إلّا معاوية وأذنابه الذين قلّبوا عليهم ظهر المجنّ بعد هذا الاعتراف الذي جحدوا به واستيقنته أنفسهم، بعد أن حليت الأيّام لهم درّتها، فضيّعوا تلك القرابة، وأنكروا ذلك الحقَّ العظيم، وقطعوا رحماً ماسّة إن كان بين الطلقاء وسادات الامّة رحمٌ.

هيهات لا قرَّبت قربى ولا رحم

يوماً إذا أقصت الأخلاق والشيمُ

كانت مودَّة سلمان له رحماً

ولم يكن بين نوح وابنه رحمُ(٢)

كتاب معاوية الى الحسينعليه‌السلام :

أمّا بعد: فقد انتهت إليّ منك امورٌ لم أكن أظنّك بها رغبة عنها، وانّ أحقّ الناس بالوفاء لمن أعطي بيعته من كان مثلك في خطرك وشرفك ومنزلتك التي أنزلك الله بها، فلا تنازع إلى قطيعتك، واتّق الله، ولا تردنَّ هذه الاُمّة في فتنة، وانظر لنفسك ودينك وامّة محمّد، ولا يستخفنّك الذين لا يوقنون.

فكتب إليه الحسين رضي الله عنه:

أمّا بعد: فقد جاءني كتابك تذكر فيه انّه انتهت إليك عنّي امورٌ لم تكن

____________________

١ - الامامة والسياسة لابن قتيبة ١: ١٤٤ - ١٤٦.

٢ - من قصيدة للامير أبى فراس الشهيرة.

_١٥_

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

بن البطريق(١) من طريق الشيخ الجليل الحافظ ربع السنة أحمد بن حنبل بالإسناد الذي له إليه في مسنده قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثنا أبي قال حدثنا ابن نمير وأبو أحمد(٢) الزبيري قالا حدثنا العلاء بن صالح عن المنهال بن عمر(٣) عن عمارة(٤) بن عبد الله قال سمعت علياعليه‌السلام يقول أنا عبد الله وأخو رسوله قال ابن نمير في حديثه وأنا الصديق الأكبر لا يقولها بعد قال أبو أحمد بعدي إلا كاذب مفتر ولقد صليت قبل الناس سبع سنين قال أبو أحمد ولقد أسلمت قبل الناس بسبع سنين(٥) .

وتقرير العمل بهذه الرواية - ما رويناه(٦) من طريق القوم من أن الحق معه.

وبالإسناد قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثنا محمد

__________________

(١) عمدة عيون صحاح الاخبار: ٢٢٠.

(٢) في المصدر: بزيادة: هو.

(٣) في المصدر: عمرو وكذا في « العمدة ».

(٤) في المصدر: عباد وكذا في « العمدة ».

(٥) فضائل الصحابة: ٢ / ٥٨٦ و ٥٨٧ حديث ٩٩٣. وايضا النسائي في خصائصه: ص ٣.

روى بسنده عن عمرو بن عباد بن عبد الله قال: قال علي عليه‌السلام : انا عبد الله واخو رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم وانا الصديق الاكبر لا يقولها بعدي الا كاذب، امنت قبل الناس سبع سنين.

ورواه ايضا ابن جرير الطبري في تاريخه: ٢ / ٥٦ والمحب الطبري في الرياض النضرة: ٢ / ١٥٥. وذكر المتقى في كنز العمال: ٦ / ٤٠٥.

قال: عن سليمان بن عبد الله عن معاذة العدوية قالت: سمعت عليا عليه‌السلام وهو يخطب على منبر البصرة يقول: انا الصديق الاكبر، امنت قبل ان يؤمن ابو بكر، واسلمت قبل ان يسلم.

وذكر هذا ايضا الذهبي في ميزان الاعتدال: ١ / ٤١٧ والمحب الطبري في الرياض النضرة: ٢ / ١٥٧.

(٦) مرت الاشارة اليه ص (٩٧).

٢٨١

قال حدثنا الحسن بن عبد الرحمن الأنصاري قال حدثنا عمر بن سميع(١) عن ابن أبي ليلى(٢) عن أبيه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الصديقون ثلاثة حبيب بن موسى النجار وهو(٣) مؤمن آل يس وحزقيل(٤) مؤمن آل فرعون وعلي بن أبي طالب الثالث وهو أفضلهم(٥) وقد رويناه عن الثعلبي(٦) ورواه الشيخ يحيى(٧) عن ابن المغازلي(٨) .

إذا عرفت هذا فأين التعلق بما لا يعرف أصله من التعلق بما يعرف أصله من طريق من لا يستغش ولا يتهم.

قال وإن جميع الأمة قالت يا خليفة رسول الله(٩) .

وهذه نطقات عاجز عن إقامة البراهين فيتعلق بالدعوى مع العلم بعدم الموافقة من جماعة المسلمين عليها وإن الإجماع مع دفع العوارض التي في هذا المقام وتحصيله استقراء(١٠) في مقام الممتنع فكيف في مثل هذا المقام والعيان يخالفها.

وذكر(١١) أشعارا تساعده وإن استشهادا بشعر في مدح رئيس اجتمع أكثر

__________________

(١) ن: جميع، وكذا في المصدر.

(٢) في المصدر: عن اخيه عيسى بن عبد الرحمن بن ابي ليلى، عن ابيه.

(٣) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر.

(٤) ج: حزبيل. والمصدر: خرتيل.

(٥) فضائل الصحابة: ٢ / ٦٢٧ و ٦٢٨ حديث ١٠٧٢ وذكر حديثا ثانيا يختلف مع ما ذكر باللفظ، انظر ص: ٦٥٥ و ٦٥٦ حديث ١١١٧.

(٦) الكشف والبيان: مخطوط.

(٧) عمدة عيون صحاح الاخبار: ٢٢٢.

(٨) مناقب ابن المغازلي: ٣٤٥ حديث ٢٩٣.

(٩) العثمانية: ١٢٣.

(١٠) ن: اسفرا.

(١١) العثمانية: ١٢٤.

٢٨٢

الناس عليه طريف(١) إذ الشعراء يميلون إلى الجانب الذي تحصل أغراضهم(٢) يذمون الممدوح ويمدحون المذموم( أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ ) إلى آخر السورة(٣) .

وعارض (٤) بالاعتماد على قول رشيد الهجري(٥) والسيد الحميري(٦)

__________________

(١) ن: ظريف.

(٢) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن، وفيها: يشاءون.

(٣)( وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ. أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ. وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) الشعراء ٢٢٤ حتى ٢٢٧.

(٤) العثمانية: ١٢٨.

(٥) من اصحاب أمير المؤمنين الاوفياء وكان يحمل علم البلايا والمنايا.

قال النجاشي وبسنده عن ابي حيان البجلي عن قنواء بنت رشيد الهجري قال: قلت لها: اخبريني ما سمعت من ابيك؟ قالت: سمعت ابي يقول: اخبرني امير المؤمنين عليه‌السلام فقال يا رشيد كيف صبرك اذا ارسل اليك دعي بني امية فقطع يديك ورجليك ولسانك؟ قلت: يا امير المؤمنين اخر ذلك الى الجنة؟ فقال: يا رشيد انت معي في الدنيا والآخرة.

قالت: فو الله ما ذهبت الايام حتى ارسل اليه عبيد الله بن زياد الدعي، فدعاه الى البراءة من امير المؤمنين عليه‌السلام فابى ان يبرأ منه، فقال له الدعي، فباي ميتة قال لك تموت؟ فقال له: اخبرني خليلي انك تدعوني الى البراءة منه فلا ابرأ فتقدمني فتقطع يدي ورجلي ولساني.

فقال: والله لاكذبن قوله فيك.

قال: فقدموه فقطعوا يديه ورجليه وتركوا لسانه، فحملت اطراف يديه ورجليه فقلت: يا ابت هل تجد الما لما اصابك؟ فقال: لا يا بنية الا كالزحام بين الناس، فلما احتملناه واخرجناه من القصر اجتمع الناس حوله فقال: ايتوني بصحيفة ودواة اكتب لكم ما يكون الى يوم الساعة، فارسل اليه الحجام حتى يقطع لسانه، فمات رحمة الله عليه في ليله.

قال: وكان امير المؤمنين عليه‌السلام يسميه رشيد البلايا، وكان قد القى اليه علم المنايا والبلايا وكان حياته اذا لقي الرجل قال له: فلان انت تموت بميتة كذا وتقتل انت يا فلان بقتلة كذا وكذا فيكون كما يقول رشيد. و ( رشيد ) بضم الراء مصغرا.

انظر: تنقيح المقال: ١ / ٤٣١ رجال الكشي: ١ / ٢٩٠ رجال ابن داود: ٩٥.

(٦) هو اسماعيل بن محمد بن يزيد بن وداع الحميري الملقب بالسيد.

٢٨٣

ومنصور النمري(١) .

__________________

ولد من ابوين اباضيين ناصبيين عدوين لامير المؤمنينعليه‌السلام .

قال ابو الفرج الاصفهاني: كان منزلهما بالبصرة في غرفة بني ضبة وكان السيد يقول: طالما سب امير المؤمنين في هذه الغرفة. فاذا سئل عن التشيع عن اين وقع له؟ قال: غاصت عليّ الرحمة غوصا.

ولادته في عمان - واد قريب من الشام - ونشأ في البصرة في بيت ابويه وحين ارشد انتقل الى بيت الامير عقبة بن سلم، وظل في كنفه الى ان مات والداه فغادر البصرة الى الكوفة واخذ فيها الحديث عن الاعمش وتربى هناك وعاش مدة مديدة وهو يعتنق مذهب الكيسانية القائلين بامامة محمد بن الحنفية وغيبته وله في ذلك شعر، ثم ادركته السعادة ببركة الإمام الصادق صلوات الله عليه حتى قال قصيدته الشهيرة.

تجعفرت باسم الله والله اكبر

وايقنت ان الله يعفو ويغفر

توفي السيد بالرميلة ببغداد في خلافة الرشيد ودفن في جنينة ناحية من الكرخ وارخ سنة وفاته المرزباني بسنة ١٧٣ ونقله القاضي المرعشي في مجالسه عن خط الكفعي.

وشعره في اهل البيت كثير جدا منه القصيدة العينية الشهيرة.

لام عمرو باللوى مربع

طامسة اعلامها بلقع

انظر: الاغاني: ٧ / ٣٠ لسان الميزان: ١ / ٤٣٨ العقد الفريد: ٢ / ٢٨٩، تنقيح المقال: ١ / ١٤٢.

(١) هو منصور بن سلمة بن الزبرقان النمري -

ولد في راس العين في الشام وكان مع الرشيد مقدما وكان يمت اليه بام العباس بن عبد المطلب وهي نمرية واسمها: نتيلة.

وكان مع هذا شيعيا مواليا لاهل البيت عليهم‌السلام وهو القائل من قصيدة يرثي بها الحسين عليه‌السلام .

شاء من الناس راتع هامل

يعللون النفوس بالباطل

تقتل ذرية النبي ويرجون

جنان الخلود للقاتل

ويلك يا قاتل الحسين لقد

بؤت بحمل ينوء بالحامل

وهو القائل ايضا:

آل النبي ومن يحبهم

يتطامنون مخافة القتل

امنوا النصارى واليهود وهم

عن امة التوحيد في ازل

٢٨٤

والذي يقال على هذا الكلام وقد يظنه معارضا قويا وليس به إن أولئك المادحين مدحوا والدولة لمن مدحوه قائمة ونجومها ناجمة ورشيد مدح والأرواح من شيعة أمير المؤمنين تختطف اختطاف العقبان البغاث وكان رشيد أحدهم قطع ابن زياد يديه ورجليه وقطع لسانه وصلبه وقد كان أمير المؤمنينعليه‌السلام أخبره بذلك وأخبر به ابن زياد لعنه الله وبعد ذلك لم ينزع عن بغضته(١) ومسبته أسوة بقوم صالح.

والحميري مدح والخليفة المنصور بن العباس وهو عدو هذا البيت يصطلم أرواح أكابره مجدا في هدم سور مفاخره.

والنمري كان على ما أرى في أيام الرشيد وما يتخيل لي(٢) أن بني أمية كثرته(٣) في اصطلامهم وترشيفهم كئوس حمامهم(٤) فأين المادح وهو آمن راغب من المادح وهو خائف آيس مع أن الذين أشار إليهم إن أوردوا(٥) أشعار من ذكر فليس على جهة البرهان فإن كان الجاحظ توهم غير ذلك فقد غلط.

وتعلق بقول ابن عباس لعائشة نحن سمينا أباك صديقا(٦) وهذا إن ثبت فمعناه بطريقنا(٧) سمي أبوك صديقا والقرائن دالة على ذلك إذ فنون

__________________

الا مصاليت ينصرونهم

بظبا الصوارم والقنا الذابل

انشد الرشيد هذه القصيدة بعد موته فقال: لقد هممت ان انبشه ثم احرقه انظر: الشعر والشعراء: ٧٣٦ الاغاني: ١٢ / ١٦ تاريخ بغداد: ١٣ / ٦٥ وطبقات ابن المعتز: ٢٤٢.

(١) ن: بغضه.

(٢) ق: اليّ.

(٣) ن: كسرته.

(٤) ق: جماجمهم.

(٥) ن: اذ اورد.

(٦) العثمانية: ١٢٨.

(٧) ن: بطريقتنا.

٢٨٥

[ كلمات ](١) ابن عباس تشهد - لأمير المؤمنينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعلو الدرجات الساميات وأنه الشمس التي(٢) لا تكسفها يد الحادثات الصادق في اللهجات وأن حال بني هاشم مع الذي تقدم عليهم ظاهر في المعاينات.

قال ثم الذي كان من تأمير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - أبا بكر عليه حين ولاه الموسم وبعثه(٣) على الحاج سنة تسع وبعث عليا يقرأ(٤) آيات من سورة براءة وكان(٥) الإمام وعلي المأموم وكان أبو بكر الدافع(٦) ولم يكن لعلي أن يدفع(٧) حتى يدفع أبو بكر(٨) .

والذي يقال على هذا إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعثه على الموسم مقدما حيث عرف أنه لا طعن ولا ضرب ولا قتال ولا حرب أميرا على من كان بعثه إليهم وليس لأمير المؤمنين صلوات الله عليه نصيب في تقديمه عليه إذ لم يكن عزم رسول الله أن يبعثه إلى مكة قبل أمر الله برد أبي بكر وأخذ الآيات منه فلما أخذها منه وفيها نوع منابذة للكفار بعث بها مع من لا يهاب اللقاء ولا يخاف الأعداء(٩) .

وإذا اعتبر هذا المعنى دل على فضيلة أمير المؤمنين على من سواه وأن غيره لا يسد مسده ولا ينهض معناه بمعناه وما برهانه على أن أبا بكر

__________________

(١) لا توجد في: ن.

(٢) ج وق: الذي.

(٣) في المصدر: وبعثه اميرا على الحاج.

(٤) في المصدر بزيادة: على الناس.

(٥) المصدر: وكان ابو بكر الإمام.

(٦) في المصدر بزيادة: بالموسم.

(٧) المصدر: ن يندفع.

(٨) العثمانية: ١٢٩.

(٩) ن: الاغراء.

٢٨٦

كان الإمام وعلي المأموم وأنه لم يكن لعلي أن يدفع وقد بينا دفعه عن ذلك بأنه ولاه الموسم على الجماعة الذين بعث إليهم و(١) لم يكن علي صلوات الله عليه ممن جرى في خاطره المقدس أن يكون في جملتهم حاضرا مع جماعتهم.

ثم الوجه المانع(٢) لكونه كان أميرا على أمير المؤمنين قدوة للدافعين ما ثبت من كونه صلّى الله عليه مسمى الله من رسول الله بأمير المؤمنين فإذن هو أمير كل من ثبت كونه مؤمنا من المؤمنين إلى يوم الدين.

مع أن أبا الفرج الأصفهاني الأموي روى(٣) في إسناد(٤) متصل بعبد الله(٥) بن عمر ما يشهد بأن(٦) رسول الله خير أبا بكر على لسان أمير المؤمنين أن يتوجه مع علي وعلي أمير عليه أو يرجع فرجع وما ذكر أنه عاد(٧) .

وأما أنه إمام في الصلاة(٨) فإنهم يروون أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال يؤمكم أقرؤكم ولا يختلف الناس في أن أمير المؤمنين أقرأ من أبي بكر رضوان الله عليه وهذا مما لا يحتاج إلى برهان يدل عليه و(٩) لأنه

__________________

(١) ما بين المعقوفتين لا توجد في: ن.

(٢) ن: الساطع.

(٣) ما نزل من القرآن في أهل البيت: مخطوط.

(٤) ق: باسناد.

(٥) ق: الى عبد الله.

(٦) ق: ان.

(٧) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن ويوجد فيها: امامته.

(٨) قال الجاحظ: ثم الذي كان من تفضيله عليه وعلى الناس جميعا ايام شكاته حيث امره ان يؤم الناس ويقوم مقامه في صلاته وعلى منبره حتى ان عائشة وحفصة ارادتا صرف ذلك عنه لعلل سنذكرها في موضعها ان شاء الله فقال النبي (ص): اليكن عني صواحب يوسف، ابى الله ورسوله الا ان يصلي ابو بكر. انظر: العثمانية: ١٣٠.

(٩) لا يوجد في: ن.

٢٨٧

بما أسلفنا وبغيره مما تركنا كان(١) أفضل منه والمفضول لا يتقدم على من هو أفضل في كل شيء منه ولأنا قد روينا أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال إنه إمام المتقين(٢) فكل من ثبت أنه متق فهو إمامه بالنص فكيف يتقدم المأموم الإمام والعجز السنام(٣) .

وصادم الجاحظ ولم أكن تأملت كلامه في وجه بما أن مصادمة علي بقراءة الآيات لم يكن أبو بكر خاليا من خطر قراءتها لأنه الأمير(٤) .

والجواب بما أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه المخاطر وأنه صاحب الخطر بها والأمير المشار إليه عيال عليه.

وأورد على فضيلة أمير المؤمنين بكون رسول الله قال لا يؤديها إلا أنا أو رجل مني بأنه لم يكن بحضرته أبو بكر(٥) والذي يقال على هذا أنه كذب بيان ذلك:

من مسند ابن حنبل يرفع الحديث إلى أنس بن مالك أن رسول الله بعث براءة مع أبي بكر إلى أهل مكة فلما بلغ ذا الحليفة بعث إليه فرده وقال لا يذهب بها إلا رجل من أهل بيتي فبعث علياعليه‌السلام (٦)

__________________

(١) ق: فان.

(٢) مرت الاشارة اليه ص: (١١١).

(٣) السنام: حدبة في ظهر البعير كناية عن ان الداني لا يساوي السامي.

(٤) العثمانية: ١٣٠.

(٥) العثمانية: ١٣٠.

(٦) فضائل الصحابة: ٢ / ٦٤١ وايضا رواه الترمذي في صحيحه: ٢ / ١٨٣.

بسنده عن انس بن مالك قال: بعث النبي صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ببراءة مع ابي بكر ثم دعاه فقال: لا ينبغي لاحد ان يبلغ هذا الا رجل من اهلي فدعا عليا عليه‌السلام فاعطاه اياه.

ورواه ايضا النسائي في خصائصه: ص ٢٠ واحمد بن حنبل في مسنده: ٣ / ٢٨٣ والسيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالى ( بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ ) .

٢٨٨

وفي غير هذه الرواية من طريق ابن حنبل:

__________________

وايضا الترمذي في صحيحه: ٢ / ١٨٣.

بسنده عن ابن عباس قال: بعث النبي صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ابا بكر وامره ان ينادي بهؤلاء الكلمات ثم اتبعه عليا عليه‌السلام فبينا ابو بكر في بعض الطريق اذ سمع رغاء ناقة رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم القصواء فخرج ابو بكر فزعا فظن انه رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم فاذا هو علي عليه‌السلام فدفع اليه كتاب رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم وامر عليا عليه‌السلام ان ينادي بهؤلاء الكلمات ( الحديث ).

النسائي في خصائصه: ص ٢٠.

روى بسنده عن زيد بن يثيع عن علي عليه‌السلام : ان رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلم بعث ببراءة الى اهل مكة مع ابي بكر، ثم اتبعه بعلي عليه‌السلام فقال له: خذ الكتاب فامض به الى اهل مكة، قال: فلحقه فأخذ الكتاب منه فانصرف ابو بكر وهو كئيب فقال لرسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم: انزل فيّ شيء؟ قال: لا، الا اني امرت ان ابلغه انا او رجل من اهل بيتي.

تفسير ابن جرير: ١٠ / ٤٦.

روى بسنده عن زيد بن يثيع قال: نزلت براءة فبعث بها رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم ابا بكر ثم ارسل عليا عليه‌السلام فاخذها منه، فلما رجع ابو بكر قال: هل نزل فيّ شيء؟

قال: لا، ولكني امرت ان ابلغها انا او رجل من اهل بيتي.

وايضا تفسير ابن جرير: ١٠ / ٤٧.

روى بسنده عن السدي قال: لما نزلت هذه الآيات الى رأس اربعين آية بعث بهن رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم مع ابي بكر وامره على الحج، فلما سار فبلغ الشجرة من ذي الحليفة اتبعه بعلي عليه‌السلام فاخذها منه، فرجع ابو بكر الى النبي صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم فقال: يا رسول الله بابي انت وامي انزل في شأني شيء؟ قال: لا ولكن لا يبلغ عني غيري او رجل مني.

احمد بن حنبل في مسنده: ١ / ٣.

روى بسنده عن زيد بن يثيع عن ابي بكر: ان النبي صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم بعثه ببراءة لاهل مكة لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة الا نفس مسلمة، من كان بينه وبين رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم مدة فاجله الى مدته، والله برئ من المشركين ورسوله، قال: فسار بها ثلاثا ثم قال لعلي عليه‌السلام : الحقه فرد عليّ ابا بكر

٢٨٩

قال رجل لو لا أن يقطع(١) الذي بيننا وبين ابن عمك من الحلف فقال علي لو لا أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمرني ألا أحدث شيئا حتى آتيه لقتلتك(٢) .

ومن تفسير الثعلبي من حديث مطول فخرج عليعليه‌السلام على ناقة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العضباء حتى أدرك أبا بكر بذي الحليفة فأخذها(٣) منه فرجع أبو بكر إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال يا رسول الله بأبي أنت وأمي(٤) أنزل في شيء قال لا ولكن لا يبلغ عني غيري أو رجل مني(٥) .

__________________

وبلغها انت، قال: ففعل، قال: فلما قدم على النبي صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم ابو بكر بكى وقال: يا رسول الله حدث فيّ شيء؟ قال: ما حدث فيك الا خير ولكن امرت ان لا يبلغه الا انا او رجل مني.

ذكره ايضا المتقي في كنز العمال: ١ / ٢٤٦ والمحب الطبري في ذخائر العقبى: ص ٦٩ وقد ذكر ايضا الحاكم في مستدركه: ٣ / ٥١ واحمد بن حنبل في مسنده: ١ / ٥١ وايضا في: ١ / ٣٣٠ والسيوطي في الدر المنثور.

(١) ق: نقطع.

(٢) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل قال:

حدثنا ابو الجهم، العلاء ابن موسى الباهلي سنة سبع وعشرين ومائتين قال: حدثنا سواء بن مصعب، عن عطية العوفي، عن ابي سعيد الخدري، قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ابا بكر بسورة براءة على الموسم، واربع كلمات الى الناس فلحقه علي في الطريق فاخذ السورة والكلمات، فكان علي يبلغ وابو بكر على الموسم، فاذا قرأ السورة، نادى: الا لا يدخل الجنة الا نفس مسلمة ولا يقرب المسجد مشرك بعد عامه هذه، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلم عقد، فاجله مدته حتى قال رجل: لو لا ان نقطع الذي بيننا وبين ابن عمك من الحلف، لبدأنا بك، فقال علي: لو لا ان رسول الله امرني ان لا احدث شيئا حتى اتيه لقتلتك. انظر: فضائل الصحابة: ٢ / ٦٤٠.

(٣) ق ون: واخذها.

(٤) ج ون: زيادة ( يا رسول الله ).

(٥) الكشف والبيان: مخطوط.

٢٩٠

فإذا عرفت هذا بأن لك بهت(١) الجاحظ أو جهله وكل محذور.

ثم بيان(٢) نقصه في البصيرة أنه فرق في غير موضع الفرق إذ كلمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يبلغها عني إلا رجل مني لا يفرق الحاصل منها بين حضور أبي بكر وغيبته.

واعترض على لسان العثمانية تفضيل علي بهذه الكلمة بما أن العقود وحلها ترجع إلى الحال أو بعض رهطه كأخ وابن عم(٣) وهذه دعوى لا نعرفها ولا دليل عليها وعلى قود ما قال كانت تقف حال من لا نسب له قريبا(٤) في هذه الصورة(٥) .

وذكر تقديمه له في الصلاة(٦) ولا يعرف(٧) برهان ذلك وليست الإمامة عندهم في الصلاة برهان الفضيلة التامة.

وقال حاكيا فيما(٨) يدل على تفضيل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليا قوله يوم غدير خم وهو قابض على يده وقد أشخصه قائما لمن بحضرته من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم عاد من عاداه ووال من والاه

__________________

(١) ق: ( كذب ) بدل ( بهت ).

(٢) ن: بان.

(٣) قال الجاحظ: وقد زعم ناس من العثمانية ان النبي (ص) لم يقل ذلك لعلي تفضيلا منه له على غيره في الدين ولكن النبي (ص) عامل العرب على مثل ما كان بعضهم يتعرفه من بعض، وكعادتهم في عقد الحلف وحل العقد فكان السيد منهم اذا عقد لقوم حلفا او عاهد عهدا لم يحل ذلك العقد غيره او رجل من رهطه دنيا كاخ او ابن او عم او ابن عم لذلك قال النبي (ص) ذلك القول. انظر العثمانية: ١٣٠.

(٤) لا يوجد في: ق.

(٥) ج وق: الصور.

(٦) العثمانية: ١٣٠.

(٧) ق: نعرف.

(٨) ج ون: فمما.

٢٩١

وقوله: « أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ».

وقوله اللهم ائتني بأحب الناس إليك يأكل معي من هذا الطير ثلاثا كل ذلك يحجبه أنس طمعا أن يكون أنصاريا فأبى الله إلا أن يجعله الآكل والآتي والأحب.

ومن ذلك أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما(١) آخى بين أصحابه فقرن بين الأشكال وقرد(٢) بين الأمثال جعله أخاه(٣) من بين جميع أمته.

وذكر ما حاصله أن المناط الأقوم الإنصاف(٤) يريد بذلك التسوية بين إثبات ما روي في فضل أمير المؤمنين وفضل غيره في كلام بسيط يأتي بعده فنون أحاديث في فضل جماعة من الصحابة.

والذي أقول عند هذا منصفا إن الحال في الروايات والانتفاع بها ينقسم قسمين أحدهما فيما يرجع إلى البناء عليها والثاني فيما يرجع إلى الإلزام بها.

فأما الذي ينتفع به فهو ما ثبتت عدالة رواته(٥) أو كان المخبرون به متواترين وأما ما يرجع إلى الإلزام فمهما كان مما يتعين على الخصم الالتزام(٦) به فإذا وردت رواية تختص بمذهب(٧) ناصرة له فلا تخلو أن تكون من طريق قويم أو لا قويم فإن كان قويما فلا تخلو أن يكون بمقام الموافقة للخصم عليها أو لا فإن كان الأول كانت حجة في نفس الأمر

__________________

(١) في المصدر: ( حين ) بدل ( لما ).

(٢) ج: فرد وقرد اي جمع.

(٣) المصدر: اخا.

(٤) العثمانية: ١٣٤.

(٥) ق: راوية.

(٦) ق: الالزام. ن: التزام.

(٧) ق: مذهب.

٢٩٢

حجة على الخصم وإن لم يوافق الخصم عليها ولا تلزم(١) قواعده فليست حجة على الخصم(٢) وهي نافعة للمذهب الذي وردت من(٣) جهته وإن كانت واردة لا من طريق قويم وليست حجة عند أربابها ولا عند خصومهم وإن كانت واردة من جهة الخصم ناصرة لمذهب خصمه كانت حجة عليه يلزم بها وقرينة نافعة لخصمه الذي لا يعتمد اعتمادا تاما(٤) على روايته.

وإذا تقرر ذلك فإذا روى خصمنا حديثا ناصرا لنا كان حجة عليه لا محالة إذا كان مما يبنى عليه.

أو نقول إنه نوع حجة وإن لم يكن الحديث معتبرا بما أن التهمة زائلة عنه فالضعيف مما يرويه خصمنا بمقام القوي لهذه العلة.

وإن روى حديثا في نصرته كان بمقام التهمة لا يحتج به علينا كما إذا روينا حديثا من جهتنا نصادم به خصمنا فإنه لا يخصمه(٥) وهو باق على مذهبه إلا أن يقول يتعين عليه النظر في أصل المذهب ليبنى على ما رويناه وذلك لا ينفع في بادئ المدافعات بل هو شيء يرجع إلى ما ينبغي للعاقل أن يعتمد عليه من تحرير المقاصد.

وإن روى الخصم لنا [ له ](٦) وعليه كان الترجيح لما عليه إذا كان ثبتا(٧) إلزاما وصحة لبعد التهمة وإن كان غير ثبت فقد ذكرنا ما فيه من كون ذلك أرجح فيما يتعلق بنا لبعده عن التهمة إذ المدلس لا يتهم لنا إذا كان من جهتهم.

__________________

(١) ق وج: والا يلزم.

(٢) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ج.

(٣) ن: عن.

(٤) ن: تماما.

(٥) ن: يخصه.

(٦) لا توجد في: ن.

(٧) ن: بنا.

٢٩٣

وإذا عرفت هذا فنقول أما حديث الغدير وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في شأن علي(١) من كنت مولاه إلى آخره فإن الشيخ الحافظ المعظم ربع المنتسبين إلى السنة أحمد بن حنبل روى بإسناده الذي لا أعرف فيه رافضيا(٢) كما يقول في قصة الغدير وفي سياقه يقول البراء بن عازب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخذ بيد علي فقال ألستم تعلمون أني( أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ ) (٣) مِنْ أَنْفُسِهِمْ قالوا بلى قال ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى فأخذ(٤) بيد علي فقال اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه فلقيه عمر بعد ذلك فقال هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة(٥)

وبإسناده الذي لا أعرف فيه رافضيا(٦) كما زعم مرفوعا إلى زيد بن أرقم وقال في السياق فقال النبي أولستم تعلمون أولستم تشهدون أني

__________________

(١) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٢) من سند احمد بن حنبل، قال: حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل عن ابيه، قال: حدثني ابي، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا علي بن زيد، عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم في سفر، فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا، الصلاة جامعة، وكسح لرسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم تحت شجرتين، فصلى الظهر واخذ بيد عليعليه‌السلام الحديث.

(٣) ق وج: ولي المؤمنين.

(٤) ن: واخذ.

(٥) مسند احمد بن حنبل: ٤ / ٢٨١.

ورواه ايضا ابن ماجة في صحيحه: ١٢ والمتقي الهندي في كنز العمال: ٦ / ٣٩٧ والمحب الطبري في الرياض النضرة: ٢ / ١٦٩.

(٦) مسند احمد، قال: حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل، عن ابيه قال: حدثني ابي، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا ابو عوانة، عن المغيرة، قال: عن ابي عبيدة، عن ميمون: ابي عبد الله قال: قال زيد بن ارقم - وانا اسمع -: نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] بواد يقال له

٢٩٤

أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فمن كنت مولاه(١) إلى آخره.

وبإسناده عن أبي الطفيل وذكر نحوه وفي آخره اللهم وال من والاه وعاد من عاداه(٢)

وبإسناده عن أبي الطفيل عن أبي السريحة أو زيد بن أرقم شعبة الناسي قال من كنت مولاه فعلي مولاه(٣) .

[ وبإسناده عن رياح بن الحرث(٤) وسمع أن أبا أيوب روى عن النبي من

__________________

وادي خم فامر بالصلاة، فصلاها بهجير، ثم قال: فخطبنا وظلل لرسول الله صلى الله عليه [ وآله ] بثوب، على شجرة سمرة ( شجرة صغار الورق قصار الشوك ياكلها الناس - لسان العرب ) من الشمس فقال النبي الحديث.

(١) مسند احمد بن حنبل: ٤ / ٣٧٢ وذكره ايضا في فضائله: ٢ / ٦٨٢ حديث ١١٦٧.

(٢) والحديث كما جاء في مسند احمد: ٤ / ٣٧٠ قال:

حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل، قال حدثنا عبد الله، قال: حدثني ابي، قال: حدثنا حسين ابن محمد وابو نعيم، قالا: حدثنا فطر عن ابي الطفيل قال: جمع علي عليه‌السلام الناس في الرحبة، ثم قال: انشد بالله كل امرئ مسلم سمع رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] يقول يوم غدير خم: ما سمع لما قام، فقام ثلاثون من الناس. وقال ابو نعيم: فقام الناس كثير، فشهدوا حين اخذ بيده فقال للناس: اتعلمون اني ( أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) ؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال من كنت مولاه فهذا مولاه الحديث. ورواه النسائي في خصائصه: ٢٤، والمحب الطبري في الرياض النضرة: ٢ / ١٦٩.

(٣) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل: ٢ / ٥٦٩ حديث ٩٥٩ قال:

حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل، قال: حدثنا ابي قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، قال: سمعت ابا الطفيل يحدث عن ابي السريحة او زيد بن ارقم شك شعبة - عن النبي (ص) انه قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. قال سعيد بن جبير: وانا قد سمعت مثل هذا عن ابن عباس قال محمد: اظنه قال وكتمه.

(٤) مسند احمد بن حنبل: ٥ / ٤١٩.

قال: حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل، قال: حدثنا ابي، قال: حدثنا يحيى بن ادم، قال:

حدثنا حنش بن الحارث بن لقيط النخعي الاشجعي، عن رياح الحرث، قال: جاء رهط الى

٢٩٥

كنت مولاه فعلي مولاه ](١)

وبإسناده عن زاذان وأنه سمع ثلاثة عشر رجلا فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه(٢) .

وبإسناده عن عطية العوفي عن زيد بن أرقم وروى نحو هذا عن النبي(٣)

__________________

عليعليه‌السلام بالرحبة، فقالوا: السلام عليك يا مولانا، قال: كيف اكون مولاكم وانتم قوم عرب؟ قالوا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فان هذا مولاه، قال رياح: فلما مضوا، اتبعتهم وسألت من هؤلاء، قالوا، نفر من الانصار فيهم ابو ايوب الانصاري.

وذكر هذا ايضا في فضائله: ٢ / ٥٧٢ حديث ٩٦٧ وفيه فهذا مولاه.

(١) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٢) مسند احمد: ١ / ٨٤.

قال: حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل قال: حدثنا ابي، حدثنا ابن نمير، قال: حدثنا عبد الملك، عن ابي عبد الرحيم الكندي. عن زاذان ابي عمر، قال: سمعت عليا عليه‌السلام يقول في الرحبة وهو ينشد الناس: من شهد رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] يوم غدير خم وهو يقول ما قال فقام ثلاثة عشر رجلا. فشهدوا انهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وهو يقول: من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

وذكره ايضا في فضائله: ٢ / ٥٨٥ حديث ٩٩١ والهندي في كنز العمال: ٦ / ٤٠٧.

(٣) مسند احمد: ٤ / ٣٦٨.

حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل، قال: حدثني ابي، قال: حدثني ابن نمير، قال: حدثنا عبد الملك يعني ابن ابي سليمان، عن عطية العوفي، قال: اتيت زيد بن ارقم، فقلت له: ان ختنا لي حدثني عنك بحديث في شأن علي يوم غدير خم، فانا احب ان اسمعه منك، فقال: انكم معشر اهل العراق، فيكم ما فيكم، فقلت له: ليس عليك مني بأس قال: نعم كنا بالجحفة، فخرج رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] الينا ظهرا وهو آخذ بعضد علي عليه‌السلام فقال ايها الناس: الستم تعلمون اني ( أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) ؟ قالوا: بلى، قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، قال: فقلت هل قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال: انما اخبرك كما سمعت.

وذكره ايضا في فضائله: ٢ / ٥٨٦ حديث ٩٩٢. وكذلك ذكره المتقي الهندي في كنز العمال: ٦ / ٣٩٠.

٢٩٦

وقال إنما أخبرك بما سمعته.

وبإسناده عن سعيد بن وهب(١) قال نشد علي الناس فقام خمسة أو ستة من أصحاب النبيعليه‌السلام فشهدوا أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال من كنت مولاه فعلي مولاه(٢) .

وبإسناده عن أبي إسحاق سمعت عمر وزاد فيه أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره وأحب من أحبه(٣) وأبغض من أبغضه(٤) .

وبإسناده عن البراء بن عازب(٥) قال أقبلنا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع وقال في السياق عن النبيعليه‌السلام في علي اللهم وال من والاه وعاد من عاداه فلقيه عمر فقال هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة(٦)

__________________

(١) ن: وهيب.

(٢) مسند احمد بن حنبل: ٥ / ٣٦٦.

وذكره في فضائل الصحابة ايضا: ٢ / ٥٩٨ و ٥٩٩ حديث ١٠٢١ وذكره ايضا النسائي في خصائصه: ٢٢ والهيثمي في مجمعه: ٩ / ١٠٤.

(٣) في المصدر بزيادة: قال شعبة: او قال.

(٤) انظر فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل: ٢ / ٥٩٩ حديث ١٠٢٢.

(٥) ن: وهو ابن عازب وكذلك في المصدر.

(٦) فضائل الصحابة: ٢ / ٦١٠ حديث ١٠٤٢.

قال: حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل، حدثنا ابراهيم، قال: حدثنا حجاج، قال: حدثنا حماد، عن علي بن زيد، عن عدي بن ثابت، عن البراء: وهو ابن عازب، قال: اقبلنا مع النبي صلّى الله عليه [ وآله ] في حجة الوداع حتى كنا بغدير خم، فنودي فينا: الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] تحت شجرتين فاخذ بيد علي عليه‌السلام فقال: الست اولى بالمؤمنين من انفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: الست اولى بكل مؤمن من نفسه؟

قالوا: بلى يا رسول الله، قال: هذا مولى من انا مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه فلقيه عمر فقال: هنيئا لك يا ابن ابي طالب اصبحت وامسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.

٢٩٧

وبإسناده عن زيد بن أرقم عن النبيعليه‌السلام في شأن علي من كنت مولاه فعلي مولاه(١) .

وبإسناده عن طاوس عن أبيه عن النبيعليه‌السلام يقول في شأن علي من كنت مولاه فعلي مولاه(٢) .

وبإسناده عن بريدة(٣) عن أبيه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كنت مولاه فعلي مولاه(٤) .

وبإسناده عن بريدة عن النبيعليه‌السلام يقول في شأن علي من كنت مولاه فعلي مولاه(٥) .

__________________

(١) فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل: ٢ / ٦١٣ حديث ١٠٤٨.

حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل، قال: حدثنا علي بن الحسن قال: حدثنا ابراهيم بن اسماعيل، قال: حدثنا ابي، عن ابيه عن سلمة بن كهيل، عن ابي ليلى الكندي، انه حدثه قال: سمعت زيد بن ارقم يقول - ونحن ننتظر جنازة - فسأله رجل من القوم، فقال: ابا عامر اسمعت رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] يوم غدير خم يقول لعلي عليه‌السلام : من كنت مولاه فعلي مولاه؟ قال: نعم، قال ابو ليلى، فقلت لزيد بن ارقم: قالها رسول الله؟ قال: نعم قد قالها له اربع مرات.

(٢) فضائل الصحابة لابن حنبل: ٢ / ٥٩٢ حديث ١٠٠٧.

حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل، قال: حدثني ابي، عن ابيه، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن ابن طاووس عن ابيه، قال: لما بعث رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] عليا عليه‌السلام الى اليمن، خرج بريدة الاسلمي معه فعتب علي عليه‌السلام في بعض الشيء فشكاه بريدة الى رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] فقال (ص) من كنت مولاه فعلي مولاه.

(٣) ن: ابي بريدة.

(٤) فضائل الصحابة: ٢ / ٥٦٣ حديث ٩٤٧.

(٥) مسند احمد بن حنبل: ٥ / ٣٤٧.

حدثنا عبد الله بن احمد بن حنبل قال: حدثني ابي، قال: حدثنا الفضل بن دكين، قال: حدثنا ابن ابي غنية، عن الحسن، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن بريدة قال: غزوت مع علي عليه‌السلام ، الى اليمن، فرأيت منه جفوة فلما قدمت على رسول الله (ص) ذكرت عليا فتنقصته فرأيت وجه رسول الله يتغير فقال يا بريدة: الست ( أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ

٢٩٨

ورواه ابن مردويه من طرق كثيرة جدا وهو ممن لا يتهم على نفسه وأهل نحلته وهو أحد الحفاظ فمما روى فيه عن عمر الإقرار له بأنه مولاه فربما كانت رواية ابن مردويه خمس كراريس زائدا فناقصا.

ورويت في بعض أسفاري يقول من رويت عنه عمي(١) روى عنه نقله شيخ المحدثين وأحد أئمة المسلمين أحمد بن حنبل من ست طرق(٢) ومن الجمع بين الصحاح الستة - لرزين العبدري إمام الحرمين من صحيح أبي داود السجستاني وهو كتاب السنن(٣) ومن صحيح الترمذي عن أبي سريحة وزيد بن أرقم(٤) ونقله الدارقطني في جامعه عن عمر بن الخطاب من طريقين(٥) .

وعن ابن عباس من طريق آخر وعن عدي بن ثابت من طريق واحد. وساقه الإمام الحافظ النسائي في كتابه خصائص أمير المؤمنينعليه‌السلام من تسع طرق عن زيد بن يثيع من طريقين وعن زيد بن أرقم من طريقين وعن البراء بن عازب من طريق واحد وعن ابن حصين من طريق عبد الله بن عمر(٦) .

وساقه أبو جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير

__________________

أَنْفُسِهِمْ ) ؟ قلت: بلى يا رسول الله: فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. وذكره ايضا في فضائل الصحابة: ٢ / ٥٨٤ حديث ٩٨٩.

(١) ن: عمر.

(٢) انظر فضائل الصحابة لاحمد بن حنبل: ٢ / ٥٦٣ و ٥٧٢ و ٥٨٥ و ٥٨٦ و ٥٩٣ و ٥٩٦ و ٥٩٧ و ٥٩٨ و ٦١٠ و ٦١٣.

(٣) الجمع بين الصحاح الستة: ( على ما في كتاب العمدة: ١٠٣ ).

(٤) صحيح الترمذي: ٥ / ٦٣٣.

(٥) عنه البحار: ٣٧ / ١٥٧.

(٦) خصائص امير المؤمنين عليه السلام: الاحاديث ١٠ و ٧٩ و ٨١ و ٨٣ و ٨٤ و ٨٨ و ٩٣ و ٩٤ و ٩٥ و ٩٦ و ٩٨ و ٩٩.

٢٩٩

والتاريخ الكبير من خمسة وسبعين طريقا(١) .

ورواه أبو بكر الجويني(٢) من مائة وخمسة وعشرين طريقا(٣)

ابن عبدة(٤) رواه من مائة وخمس طرق

الحافظ أبو بكر بن مردويه(٥) يرويه عن مائة نفر من أصحاب رسول الله منهم نساء خمس

الحافظ أبو العلاء الهمداني(٦) يقول أنا أرويه عن مائتين وثلاثين

__________________

(١) عنه في البحار: ٣٧ / ١٥٧.

(٢) لم اعثر على ترجمة له.

(٣) عنه في البحار: ٣٧ / ١٥٧.

(٤) ج: ابن عنده وابن عبدة هو قاضي القضاة ابو عبيد الله محمد بن عبدة بن حرب العباداني البصري. حدث عن جماعة منهم: علي بن المديني وهدبة بن خالد وعبد الاعلى بن حماد وكامل بن طلحة. كما حدث عنه عبد العزيز بن جعفر الخرقي وعلي بن لؤلؤ الوراق وابو حفص ابن الزيات وغيرهم. بقي الى سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة. وعاش نيفا وتسعين سنة. انظر:تاريخ بغداد: ٢ / ٣٧٩ وميزان الاعتدال: ٣ / ٦٣٤ والوافي بالوفيات: ٣ / ٢٠٣ سير اعلام النبلاء: ١٤ / ٤٠٨.

(٥) عنه في البحار: ٣٧ / ١٥٧.

(٦) هو صدر الحفاظ ابو العلاء الحسن بن احمد بن الحسن العطار الهمداني الاديب المقري ذكره منتجب الدين ووصفه بالعلامة في علم الحديث والقراءة ولد يوم السبت ١٤ ذي الحجة سنة ٤٨٨ وتوفي ليلة الخميس ١٩ ( ١ و ١١ ) جمادي الاولى سنة ٥٦٩.

قرأ على الحافظ ابي علي الحداد الاصفهاني وعلى مقري واسط ابي العز القلانسي وقرأ عليه جماعة منهم ابناءه: عبد البر ومحيي الدين محمد واحمد وعبد الغني والحافظ ابن عساكر والحافظ منتجب الدين وابن شهر اشوب السروي والموفق بن احمد اخطب خطباء خوارزم وغيرهم له كتاب « مولد امير المؤمنين عليه‌السلام » و « الهادي في معرفة المقاطع والمبادي » و « زاد المسافر » وغير ذلك انظر: فهرست منتجب الدين ترجمة رقم ١٤٢ وتذكرة الحفاظ: ١٣٢٤ وطبقات القراء: ١ / ٢٠٤ رياض العلماء: ١ / ١٥١ روضات الجنات: ٢ / ٩٠.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389