الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ١١

الغدير في الكتاب والسنة والأدب14%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 402

الجزء ١ المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١
المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 402 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 159533 / تحميل: 3918
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ١١

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

ورويناه بإسنادنا إلى محمد بن يحيى الخثعمي، من غير كتاب معاوية بن حكيم.

[١٤٨٩٢] ٤ - وروينا باسنادنا إلى معاوية بن حكيم في كتاب أصله، حديثا آخر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « في السماء أربعة نجوم، ما يعلمها الا أهل بيت من العرب، وأهل بيت من الهند يعرفون منها نجما واحدا، فبذلك قام حسابهم ».

[١٤٨٩٣] ٥ - قال: روينا بأسانيد عن الحسين بن عبيد الله الغضائري، ونقلته من خطه، من الجزء الثاني من كتاب الدلائل تأليف عبد الله بن جعفر الحميري، بإسناده عن بياع السابري قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : ان لي في النظرة في النجوم لذة، وهي معيبة عند الناس، فإن كان فيها اثم تركت ذلك، وإن لم يكن فيها اثم فان لي فيها اللذة، قال: فقال: « تعد الطوالع » فقلت: نعم، فعددتها له، فقال: « كم تسقي الشمس القمر من نورها؟ قلت: هذا شئ لم اسمعه قط؟ قال: » وكم تسقي الزهرة(١) من نورها؟ قلت: ولا هذا، قال: « فكم تسقى الشمس من اللوح المحفوظ ( من نوره )(٢) ؟ » قلت: وهذا شئ لم أسمعه قط، قال: فقال: « هذا شئ إذا علمه الرجل، عرف أوسط قصبة في الأجمة - ثم قال - ليس يعلم النجوم إلا أهل بيت من قريش، وأهل بيت من الهند ».

[١٤٨٩٤] ٦ - وفيه: وجدت في كتاب عتيق اسمه كتاب التجمل: قال أبو أحمد: عن حفص بن البختري قال: ذكرت النجوم عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فقال: « ما يعلمها الا أهل بيت بالهند، وأهل بيت من العرب ».

__________________

٤ - فرج المهموم ص ٩١.

(١) في المصدر: « فلذلك ».

٥ - المصدر السابق ص ٩٧.

(١) في المصدر زيادة: الشمس.

(٢) في المصدر: نورا.

٦ - فرج المهموم ص ٩٩.

١٠١

[١٤٨٩٥] ٧ - وفي الكتاب المذكور أيضا: عن محمد وهارون ابني سهل، وكتبا إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام : ان أبانا وجدنا كان ينظر في النجوم، فهل يحل النظر فيها؟ قال: « نعم ».

[١٤٨٩٦] ٨ - وفيه: انهما كتبا إليهعليه‌السلام : نحن ولد بني(١) نوبخت المنجم [ وقد كتبنا إليك هل يحل النظر في علم النجوم فكتبت نعم، والمنجمون ] يختلفون في صفة الفلك - إلى أن قال - فكتبعليه‌السلام : « نعم، ما لم يخرج من التوحيد ».

[١٤٨٩٧] ٩ - ومن الكتاب المذكور: أبو محمد، عن الحسن بن عمر، عن أبيه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ ) (١) قال: « كان القمر منحوسا بزحل ».

[١٤٨٩٨] ١٠ - ومن كتاب نزهة الكرام وبستان العوام، تأليف محمد بن الحسين بن الحسن الرازي، في أواخر المجلد الثاني منه: روي أن هارون الرشيد بعث إلى موسى بن جعفرعليهما‌السلام فأحضره، فلما حضر عنده قال [ له ](١) : ان الناس ينسبونكم - يا بني فاطمة - إلى علم النجوم، وان معرفتكم بها معرفة جيدة، وفقهاء العامة يقولون: ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « إذا ذكروا(٢) أصحابي فاسكتوا، وإذا ذكروا(٣) القدر فاسكتوا، وإذا ذكر النجوم فاسكتوا » وأمير المؤمنينعليه‌السلام ، كان اعلم الخلائق بعلم النجوم، وأولاده

__________________

٧ - فرج المهموم ص ١٠٠.

٨ - المصدر السابق ص ١٠٠.

(١) ليس في المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٩ - فرج المهموم ص ١٠٠، وعنه في البحار ج ٥٨ ص ٢٥١ ح ٣٧.

(١) القمر ٥٤ الآية ١٩.

١٠ - فرج المهموم ص ١٠٧ - ١٠٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: « ذكر ».

(٣) في المصدر: « ذكر ».

١٠٢

وذريته الذين(٤) تقول الشيعة بإمامتهم كانوا عارفين بها، فقال له الكاظمعليه‌السلام : « هذا حديث ضعيف، واسناده مطعون فيه، والله تبارك وتعالى قد مدح النجوم ولولا أن النجوم صحيحة، ما مدحها الله عز وجل، والأنبياءعليهم‌السلام كانوا عالمين بها، وقد قال الله تبارك وتعالى في حق إبراهيم خليل الرحمن ( صلوات الله عليه ):( وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ) (٥) وقال في موضع آخر:( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ ) (٦) فلو لم يكن عالما بعلم النجوم ما نظر فيها، وما قال:( إِنِّي سَقِيمٌ ) وإدريسعليه‌السلام كان أعلم أهل زمانه بالنجوم، والله تبارك وتعالى قد أقسم بها فقال:( فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ) (٧) وقال في موضع آخر:( وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا - إلى قوله -فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ) (٨) ويعني بذلك اثني عشر برجا وسبع سيارات، والذي يظهر بالليل والنهار بأمر الله عز وجل، وبعد علم القرآن ما يكون(٩) أشرف من علم النجوم، وهو علم الأنبياء والأوصياء وورثة الأنبياء، الذين قال الله عز وجل:( وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) (١٠) ونحن نعرف هذا العلم وما نذكره(١١) ».

فقال له هارون: بالله عليك يا موسى، لا تظهروه عند الجهال وعوام الناس، حتى لا يشنعوا(١٢) عليك، ونفس العوام به، وغط هذا العلم، وارجع إلى حرم جدك، ثم قال له هارون: وقد بقيت مسألة أخرى، بالله عليك أخبرني

__________________

(٤) في المصدر: « التي ».

(٥) الانعام ٦ الآية ٧٥.

(٦) الصافات ٣٧ الآية ٨٨ و ٨٩.

(٧) الواقعة ٥٦ الآية ٧٥ و ٧٦.

(٨) النازعات ٧٩ الآية ١ - ٥.

(٩) في المصدر: « لا يكون ».

(١٠) النحل ١٦ الآية ١٦.

(١١) في المصدر: « ننكره ».

(١٢) في المصدر: « لا يشيعوه عنكم ».

١٠٣

بها، فقال له: « سل » فقال له: بحق القبر والمنبر، وبحق قرابتك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أخبرني أنت تموت قبلي، أم أنا أموت قبلك، لأنك تعرف هذا من علم النجوم؟ فقال له موسىعليه‌السلام : « آمني حتى أخبرك » فقال: لك الأمان، فقال: « أنا أموت قبلك، وما كذبت ولا أكذب، ووفاتي قريب ».

[١٤٨٩٩] ١١ - وفيه وجدت في كتاب عتيق، باسناد متصل إلى الوليد بن جميع قال: إن رجلا سأله عن حساب النجوم، فجعل الرجل يتحرج ان يخبره، فقال له عكرمة، سمعت ابن عباس يقول: علم عجز الناس عنه، وددت اني علمته.

[١٤٩٠٠] ١٢ - الصدوق في الخصال: عن إبراهيم بن محمد بن حمزة بن عمارة، عن سالم بن سالم وأبي عروبة معا، عن أبي الخطاب، عن هارون بن مسلم، عن القاسم بن عبد الرحمن الأنصاري، عن محمد بن علي، عن أبيه، عن الحسين ابن عليعليهم‌السلام ، قال: « نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن خصال - إلى أن قال - وعن النظر في النجوم ».

[١٤٩٠١] ١٣ - أبو الفتح الكراجكي في معدن الجواهر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « العلوم أربعة: الفقه للأديان، والطب للأبدان، والنحو للسان، والنجوم للأزمان(١) ».

[١٤٩٠١] ١٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من اقتبس علما من النجوم، اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد ».

__________________

١١ - فرج المهموم ص ١١٠.

١٢ - الخصال ص ٤١٧ ح ١٠.

١٣ - معدن الجواهر ص ٤٠.

(١) في المصدر: « لمعرفة الأزمان ».

١٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٨١ ح ٢٤٢.

١٠٤

قلت يحمل ما دل على النهي عن النظر بل تكفير المنجم، على من اعتقد قدم الأفلاك والكواكب، أو ان اختلاف حركاتها وأوضاعها علل تامة لصدور الحوادث، أو ان لها حياة ونفوسا تصدر عنهما الحوادث بالإرادة، والاختيار، وغير ذلك من العقائد الفاسدة، المباينة لأصول الملل وأساس الشرائع، وما دل على الجواز، على أنها امارات وعلامات على حدوث الحوادث منه تعالى، أو ما يقرب من ذلك، مما ليس فيه ما ينافي الشرع، ويرتفع شرها بالبر والدعاء والصدقة، والله العالم.

٢٢ -( باب تحريم تعلم السحر، واجره، واستعماله في العقد، وحكم الحل)

[١٤٩٠٣] ١ - العياشي في تفسيره: عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: « لما هلك سليمان، وضع إبليس السحر، ثم كتبه في كتاب وطواه وكتب على ظهره: هذا ما وضع آصف بن برخيا للملك سليمان بن داودعليهما‌السلام من ذخائر كنوز العلم، من أراد كذا وكذا فليقل كذا وكذا، ثم دفنه تحت السرير، ثم استثاره لهم، فقال الكافرون: ما كان يغلبنا سليمان الا بهذا، وقال المؤمنون: هو عبد الله ونبيه، فقال الله في كتابه:( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ) (١) اي: السحر ».

ورواه علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان، عن أبي بصير، عنهعليه‌السلام ، مثله(٢) .

[١٤٩٠٤] ٢ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال:

__________________

الباب ٢٢

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٥٢ ح ٧٤.

(١) البقرة ٢ الآية ١٠٢.

(٢) تفسير القمي ج ١ ص ٥٥.

٢ - الجعفريات ص ١٠٠.

١٠٥

حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « أقبلت امرأة إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالت: يا رسول الله، ان لي زوجا به علي غلظة، واني صنعت شيئا لأعطفه علي، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أف لك كفرت دينك، لعنتك الملائكة الأخيار، لعنتك ملائكة السماء، لعنتك ملائكة الأرض، فصامت نهارها وقامت ليلها، ولبست المسوخ ثم حلقت رأسها، فبلغ ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: ان حلق الرأس لا يقبل منها ».

وروي في الفقيه(١) : مثله، وفيه: « كدرت البحار، وكدرت الطين، ولعنتك الملائكة ». إلى آخره.

[١٤٩٠٥] ٣ - وبهذا الاسناد: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، أنه قال: « من السحت ثمن الميتة - إلى أن قال - واجر الساحر(١) ». الخبر.

[١٤٩٠٦] ٤ - وبهذا الاسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ساحر المسلمين يقتل، وساحر الكفار لا يقتل، فقيل: يا رسول الله، ولم لا يقتل ساحر الكفار؟ قال: لان الشرك أعظم من السحر، لان الشرك والسحر طيران مقرونان ».

[١٤٩٠٧] ٥ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، انه نهى عن التمائم والتول، فالتمائم: ما يعلق من الكتب والخرز وغير ذلك، والتول ما تتحبب به النساء إلى أزواجهن، كالكهانة وأشباهها، ونهىصلى‌الله‌عليه‌وآله عن السحر.

__________________

(١) الفقيه ج ٣ ص ٢٨٢ ح ١٣٤٥.

٣ - الجعفريات ص ١٨٠

(١) في المصدر: الكاهن.

٤ - المصدر السابق ص ١٢٨.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٤٢ ح ٤٩٧.

١٠٦

[١٤٩٠٨] ٦ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ساحر المسلمين يقتل، وساحر الكفار لا يقتل، قيل: يا رسول الله، ولم ذاك؟ قال: لان الشرك والسحر مقرونان، والذي فيه من الشرك أعظم من السحر.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ولذلك لم يقتل [ رسول الله ](١) ابن أعصم(٢) اليهودي الذي سحره.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : فإذا شهد رجلان عدلان على رجل من المسلمين انه سحر قتل(٣) ، والسحر كفر، وقد ذكر الله عز وجل ذلك فقال:( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ - إلى قوله -فَلَا تَكْفُرْ ) (٤) فأخبر جل ذكره، ان السحر كفر، فمن سحر فقد كفر، فقتل(٥) ساحر المسلمين لأنه كفر، وساحر المشركين لا يقتل لأنه كافر بعد بما(٦) جاء عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله » .

[١٤٩٠٩] ٧ - روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي ( صلوات الله عليهم )، أنه قال: « سحر لبيد بن أعصم(١) وأم عبد الله اليهودية، رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في عقد خيوط من احمر واصفر، فعقدا فيه احدى عشرة

__________________

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٨٢ ح ١٧٢٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: عاصم.

(٣) في المصدر زيادة: لأنه كفر.

(٤) البقرة ٢ الآية ١٠٢.

(٥) في المصدر: فيقتل.

(٦) في المصدر: كما.

٧ - المصدر السابق ج ٢ ص ١٣٨ ح ٤٨٧.

(١) في الحجرية: عاصم، وما أثبتناه من المصدر.

١٠٧

عقدة، ثم جعلاه في جف(٢) طلع، ثم أدخلاه في بئر فجعلاه في مراقي(٣) البئر بالمدينة، فأقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا يسمع ولا يبصر ولا يتفهم ولا يتكلم ولا يأكل ولا يشرب، فنزل جبرئيل بمعوذات، ثم قال: يا محمد ما شأنك؟ قال: لا أدري، انا بالحال التي تراني، قال: إن لبيد بن أعصم(٥) وأم عبد الله اليهودية سحراك، وأخبره بالسحر حيث هو، ثم قرأ عليه( بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) (٦) فانحلت عقدة، ثم قرأ أخرى(٧) حتى قرأ احدى عشرة مرة، فانحلت الإحدى عشرة عقدة، وجلس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأخبره جبرئيل الخبر، فقال: انطلق وائتني بالسحر، فجاء به ثم دعا بلبيد وأم عبد الله، فقال: ما دعاكما إلى ما صنعتماه؟ ثم قال للبيد: لا أخرجك الله من الدنيا سالما، وكان موسرا كثير المال، فمر به غلام في اذنه قرط، فجذبه فخرم اذن الصبي، فاخذ فقطعت يده فكوي منها فمات» .

ورواه مع اختلاف وزيادة فرات بن إبراهيم في تفسيره(٨) : عن عبد الرحمن ابن محمد العلوي، ومحمد بن عمر الخزاز، عن إبراهيم بن محمد بن ميمون، عن عيسى بن محمد، عن جده، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام .

[١٤٩١٠] ٨ - ابنا بسطام في طب الأئمةعليهم‌السلام : عن محمد بن جعفر البرسي، عن محمد بن يحيى الأرمني، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن

__________________

(٢) الجف: وعاء الطلع وهو الغشاء الذي يكون فوق طلع النخل ( النهاية ج ١ ص ٢٧٨ ).

(٣) المراقي: جمع مرقاة، وهي الدرجة ومراقي البئر حفر صغار تكون على يمين البئر ويساره يستعان بها في الصعود والنزول ( انظر لسان العرب ج ١٤ ص ٣٣٢ ).

(٤) في المصدر زيادة: عليه.

(٥) في الحجرية: عاصم، وما أثبتناه من المصدر.

(٦) في المصدر زيادة: فقال رسول الله ذلك.

(٧) في المصدر زيادة: فانحلت عقدة أخرى.

(٨) تفسير فرات ص ٢٣٣.

٨ - طب الأئمة ص ١١٣.

١٠٨

عمر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ان جبرئيل أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: يا محمد، قال: لبيك، قال: إن فلانا اليهودي سحرك، وجعل السحر في بئر بني فلان » وذكر القصة.

[١٤٩١١] ٩ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، انه سئل عن المعوذتين انهما من القرآن، فقال الصادقعليه‌السلام : « هما من القرآن - إلى أن قال - وهل تدري ما معنى المعوذتين، وفي اي شئ نزلت(١) ؟ ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سحره لبيد بن أعصم(٢) اليهودي» فقال أبو بصير لأبي عبد اللهعليه‌السلام : وما ( كان ذا؟ وما )(٣) عسى ان يبلغ من سحره؟ قال أبو عبد الله الصادقعليه‌السلام : « بلى، كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يرى أنه يجامع ولا(٤) يجامع وكان يريد الباب ولا يبصره يلمسه بيده، والسحر حق، وما سلط الحسر الا على العين والفرج» . الخبر.

[١٤٩١٢] ١٠ - وعن سهل بن محمد بن سهل، عن عبد ربه بن محمد بن إبراهيم، عن ابن أورمة، عن ابن مسكان، عن الحلبي قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن النشرة للمسحور، فقال: « ما كان أبيعليه‌السلام يرى به بأسا ».

[١٤٩١٣] ١١ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ان الله يرحم عصاة أمتي في الليلة المباركة، بعدد شعور أغنام بني كلب وربيعة ومضر، فيغفر لهم الا ثمانية نفر: المشرك، والكاهن، والساحر،

__________________

٩ - طب الأئمة ص ١١٤.

(١) في المصدر: نزلتا.

(٢) في الحجرية « عاصم » وما أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: كاد، أو.

(٤) في المصدر: وليس.

١٠ - المصدر السابق ص ١١٤.

١١ - لب اللباب: مخطوط.

١٠٩

والعاق، وآكل الربا، ومدمن الخمر، والزاني، والماجن» .

[١٤٩١٤] ١٢ - وروي: انه يخرج عنق من النار فيقول: أين من كذب على الله؟ وأين من ضاد الله؟ وأين من استخف بالله؟ فيقولون: ومن هذه الأصناف الثلاثة؟ فيقول: من سحر فقد كذب على الله، ومن صور التصاوير فقد ضاد الله، ومن تراءى في عمله فقد استخف بالله.

٢٣ -( باب تحريم اتيان العراف وتصديقه، وتحريم الكهانة والقيامة)

[١٤٩١٥] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، أنه قال: « من السحت ثمن الميتة - إلى أن قال - واجر الكاهن - إلى أن قال - واجر القافي(١) ». الخبر.

[١٤٩١٦] ٢ - وبهذا الاسناد، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « لا بد من العريف والعريف في النار، ولا بد من الامرة برة كانت أو فاجرة ».

[١٤٩١٧] ٣ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه )، أنه قال: « من جاء عرافا فسأله وصدقه بما قال، فقد كفر بما انزل الله على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان يقول: [ إن ](١) كثيرا من الرقي وتعليق التمائم شعبة [ من الاشراك ](٢) ».

[١٤٩١٨] ٤ - وعن جعفر بن محمد، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « كنا

__________________

١٢ - لب اللباب: مخطوط.

الباب ٢٣

١ - الجعفريات ص ١٨٠.

(١) القائف: الذي يعرف آثار الاقدام، وكان ذا منزلة في الجاهلية. ( لسان العرب ( قوف ) ج ٩ ص ٢٩٣ ).

٢ - المصدر السابق ص ٢٤٥.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٨٣ ح ١٧٣٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٤ - المصدر السابق ج ٢ ص ١٤٢ ح ٤٩٨.

١١٠

مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات ليلة، إذ رمي بنجم(١) فاستنار، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للقوم: ما كنتم تقولون في الجاهلية إذا رأيتم مثل هذا؟ قالوا(٢) : كنا نقول: مات عظيم وولد عظيم، قال: فإنه لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياة أحد، ولكن ربنا إذا قضى أمرا سبح حملة العرش وقالوا: قضى ربنا بكذا، فتسمع ذلك أهل السماء التي تليهم، فيقولون ذلك، حتى يبلغ ذلك إلى السماء الدنيا، فيسرق(٣) الشياطين السمع، فربما اعتقلوا شيئا فأتوا به الكهنة، فيزيدون وينقصون فتخطئ الكهنة وتصيب، ثم إن الله عز وجل منع السماء بهذه النجوم فانقطعت الكهانة فلا كهانة، وتلا جعفر بن محمدعليهما‌السلام ( إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ ) (٤) وقوله عز وجل:( أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا ) (٥) » .

[١٤٩١٩] ٥ - كتاب درست بن أبي منصور: عن ابن مسكان وحديد، رفعاه إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال: « ان الله أوحى إلى نبي في نبوته: أخبر قومك انهم قد استخفوا بطاعتي وانتهكوا معصيتي - ان قال - وخبر قومك انه ليس مني من تكهن أو تكهن له، أو سحر أو تسحر له » الخبر.

[١٤٩٢٠] ٦ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي: عن عبد الله بن طلحة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث - انه عد من السحت اجر الكاهن الخبر.

[١٤٩٢١] ٧ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب المانعات: عن عطية، عن أبي سعيد

__________________

(١) في المصدر: نجم.

(٢) كان في الأصل: ( قال ) وما أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: فتسترق.

(٤) الحجر ١٥ الآية ١٨.

(٥) الجن ٧٢ الآية ٩.

٥ - كتاب درست بن أبي منصور ص ١٦٧.

٦ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي ص ٧٦.

٧ - المانعات ص ٢.

١١١

قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يدخل الجنة عاق، ولا منان، ولا ديوث، ولا كاهن ومن مشى إلى كاهن فصدقه بما يقول، فقد برئ مما انزل الله على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله » الخبر.

[١٤٩٢٢] ٨ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من صدق كاهنا، فقد كفر بما انزل على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[١٤٩٢٣] ٩ - نهج البلاغة: عن نوف البكالي قال: رأيت أمير المؤمنينعليه‌السلام ذات ليلة، وقد خرج من فراشه فنظر إلى(١) النجوم، فقال: « يا نوف، ان داود قام في مثل هذه الساعة من الليل، فقال: إنها ساعة لا يدعو فيها ( عبد الا استجيب له )(٢) ، إلا أن يكون عشارا، أو عريفا، أو شرطيا »، الخبر.

[١٤٩٢٤] ١٠ - الصدوق في الخصال: عن الحسين، عن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن الحسين بن أبي الخطاب، عن المغيرة بن محمد، عن بكير بن خنيس، عن أبي عبد الله الشامي، عن نوف البكالي قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « يا نوف، اقبل وصيتي: لا تكونن نقيبا، ولا عريفا، ولا عشارا، ولا بريدا ».

[١٤٩٢٥] ١١ - أبو عمرو الكشي في رجاله: عن حمدويه وإبراهيم، عن أيوب بن نوح، عن [ حنان، عن ](١) عقبة بن بشير الأسدي، قال: دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام فقلت له: إني في الحسب الضخم من قومي، وإن قومي كان لهم عريف فهلك، فأرادوا أن يعرفوني عليهم، فما ترى

__________________

٨ - لب اللباب: مخطوط.

٩ - نهج البلاغة ج ٣ ص ١٧٣ رقم ١٠٤.

(١) في المصدر: في.

(٢) كان في الحجرية: عبد ربه الا استحباب، وما أثبتناه من المصدر.

١٠ - بل أمالي الصدوق ص ١٧٤ ح ٩، وعنه في البحار ج ٧٧ ص ٣٨٢ ح ٩.

١١ - رجال الكشي ج ٢ ص ٤٥٩ ح ٣٥٨.

(١) أثبتناه من المصدر وهو الصواب ( راجع معجم رجال الحديث ٦ ص ٢٩٩ و ج ١١ ص ١٥١ ).

١١٢

لي؟(٢) فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « تمن علينا بحسبك! أن الله رفع بالايمان من كان الناس يسمونه(٣) وضيعا إذا كان مؤمنا، ووضع بالكفر من كان يسمونه شريفا إذا كان كافرا، وليس لاحد على أحد تفضل(٤) إلا بتقوى الله، وأما قولك: إن قومي كان لهم عريف فهلك فأرادوا أن يعرفوني عليهم، فإن كنت تكره الجنة وتبغضها فتعرف على قومك، ويأخذ سلطان جائر بامرئ مسلم يسفك دمه، فتشركهم في دمه، وعسى أن لا تنال من دنياهم شيئا ».

٢٤ -( باب حكم الرقي)

[١٤٩٢٦] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا رقى إلا في ثلاث: في حية(١) ، أو في عين، أو دم لا يرقى ».

[١٤٩٢٧] ٢ - وبهذا الاسناد: عن عليعليه‌السلام : « ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن أربع نفخات: في موضع السجود، وفي الرقي، وفي الطعام، والشراب ».

[١٤٩٢٨] ٣ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، انه نهى عن الرقي بغير كتاب الله عز وجل، وما [ لا ](١) يعرف ( من ذكره(٢) وقال: « هذه

__________________

(٢) في المصدر زيادة: قال.

(٣) في المصدر: سموه.

(٤) في المصدر: فضل.

الباب ٢٤

١ - الجعفريات ص ١٦٧.

(١) في المصدر: جبة.

٢ - المصدر السابق ص ٣٨.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٤١ ح ٤٩٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: بذكره.

١١٣

الرقي مما اخذه سليمان بن داودعليهما‌السلام ، [ على الانس و ](٣) الجن والهوام» .

[١٤٩٢٩] ٤ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا رقى إلا في ثلاث: في حمة أو عين، أو دم لا يرقى »، والحمة: السم.

[١٤٩٣٠] ٥ - وعن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « إذا أردت ترقي الجرح - يعني من الألم والدم وما يخاف منه - عليه فضع يدك على الجرح وقل: بسم الله أرقيك، بسم الله الأكبر، من الحديدة والحجر(١) ، والناب الأسمر، والعرق فلا ينعر(٢) والعين فلا تسهر، تردده ثلاث مرات ».

[١٤٩٣١] ٦ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، انه سئل عن رجل رقى ملذوعا بسورة من القرآن فشفي، فأعطاه على ذلك(١) ، فرخص له(٢) .

[١٤٩٣٢] ٧ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن خارجة بن الصلت البرجمي قال: رجعت مع عمي من عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فمررنا بقبيلة من قبائل العرب فقالوا: ظننا انكم تقدمون من عند هذا الذي يدعي النبوة، وعندنا رجل قد جن قد أوثقناه، فهل عندكم شئ فيه راحته؟ فقال عمي: نعم، فذهبوا بنا إلى عند المجنون، فقرأ عمي فاتحة الكتاب، وكان يجمع بصاقه في فمه

__________________

(٣) في الحجرية: « عن » بدل « على » وما أثبتناه من المصدر.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٤١ ح ٤٩٤.

٥ - المصدر السابق ج ٢ ص ١٤٢ ح ٤٩٦.

(١) في المصدر زيادة: الملبود.

(٢) كان في الحجرية: يفتر، وما أثبتناه من المصدر، ونعر الجرح: سال دمه ولم ينقطع « لسان العرب ج ٥ ص ٢٢١ ».

٦ - المصدر السابق ج ٢ ص ٧٤ ح ٢٠٨.

(١) في المصدر: الرقية أجرا.

(٢) في المصدر زيادة: في ذلك.

٧ - تفسير أبى الفتوح الرازي ج ١ ص ١٣.

١١٤

وكلما قرأه مرات ألقى بصاقه في فمه، فعل ذلك به ثلاثة أيام، فبرأ بإذن الله تعالى، فأعطوني شيئا، فقلنا: لا نأكله حتى نسأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله انه حلال، فلما سألناه، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من اكل برقية باطل، فهذا برقية حق ».

قلت: رواه مختصرا ابن الأثير في أسد الغابة فقال: روى يعلى بن عبيد، عن زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي قال: حدثني خارجة بن الصلت: ان عمه أدرك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأسلم ثم رجع، فمر باعرابي مجنون موثق في الحديد، فقال بعضهم: من عنده شئ يداويه به؟ فان صاحبكم جاء بالخير، فقلت: نعم، فرقيته بأم الكتاب كل يوم مرتين، فبرأ فأعطاني مائة شاة، فلم آخذها حتى اتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبرته فقال: « أقلت شيئا غير هذا؟ » قلت: لا، قال: « كلها بسم الله، فلعمري من اكل برقية باطل، فقد أكلت برقية حق ».

٢٥ -( باب حكم القصاص)

[١٤٩٣٣] ١ - العياشي في تفسيره: عن ربعي، عمن ذكره، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في قول الله تعالى:( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا ) (١) قال: « الكلام في الله والجدال في القرآن( فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) (٢) قال: منه القصاص ».

[١٤٩٣٤] ٢ - الصدوق في العيون: عن عبد الواحد(١) بن محمد بن عبدوس، عن

__________________

(١) أسد الغابة ج ٢ ص ٧٤.

الباب ٢٥

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٦٢ ح ٣١.

(١) الانعام ٦ الآية ٦٨.

(٢) الانعام ٦ الآية ٦٨.

٢ - عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ١ ص ٣٠٧ ح ٦٩.

(١) في الطبعة الحجرية: « عبد الله » وما أثبتناه من المصدر، راجع « معجم رجال الحديث ج ١١ ص ٣٦ - ٣٧ ».

١١٥

علي بن محمد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن عبد السلام بن صالح الهروي، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام - في حديث - قال: قلت: يا بن رسول الله، فقد روي لنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال: « من تعلم علما ليماري به السفهاء، أو يباهي به العلماء، أو ليقبل به وجوه الناس إليه، فهو في النار» فقالعليه‌السلام : « صدق جديعليه‌السلام ، أفتدري من السفهاء» ؟ فقلت: لا، يا بن رسول الله، فقال: « [ هم ](٢) قصاص مخالفينا» . الخبر.

٢٦ -( باب كراهة الأجرة على تعليم القرآن مع الشرط، دون تعليم غيره، ودون الهدية، وما يكون من غير شرط، واستحباب التسوية بين الصبيان)

[١٤٩٣٥] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أن أجرة المعلم حرام إذا شارط في تعليم القرآن، أو معلم لا يعلمه الا قرآنا فقط، فحرام اجرته ان شارط أم لم يشارط(١) ».

[١٤٩٣٦] ٢ - وروي عن(١) ابن عباس في قوله: ( أكالون للسحت )(٢) قال: أجرة المعلمين الذين يشارطون في تعليم القرآن.

[١٤٩٣٧] ٣ - وروي ان عبد الله بن مسعود جاء إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال:

__________________

(٢) أثبتناه من المصدر.

الباب ٢٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٤.

(١) في المصدر: « يشرط ».

٢ - المصدر السابق ص ٣٤.

(١) في المصدر « ان ».

(٢) المائدة ٥ الآية ٤٢.

٣ - المصدر السابق ص ٣٤.

١١٦

يا رسول الله، أعطاني فلان الاعرابي ناقة بولدها، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لم(١) يا بن مسعود؟ » فقال: اني كنت علمت له أربع سور من كتاب الله، فقال: « رد عليه - يا بن مسعود - فان الاجر(٢) على القرآن حرام ».

[١٤٩٣٨] ٤ - ابن شهرآشوب في المناقب: قيل إن عبد الرحمن السلمي علم ولد الحسينعليه‌السلام ( الحمد ) فلما قرأها على أبيه أعطاه ألف دينار، وألف حلة، وحشا فاه درا، فقيل له في ذلك، فقال: « وأين يقع هذا من عطائه! يعني تعليمه ».

[١٤٩٣٩] ٥ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « من السحت ثمن الميتة - إلى أن قال - واجر القارئ الذي لا يقرأ القرآن الا بأجر، ولا بأس ان يجرى له من بيت المال ».

[١٤٩٤٠] ٦ - عوالي اللآلي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ان أحق ما أخذتم عليه اجرا كتاب الله ».

٢٧ -( باب عدم جواز اخذ الأجرة على الأذان والصلاة بالناس والقضاء، وسائر الواجبات كتغسيل الأموات وتكفينهم ودفنهم)

[١٤٩٤١] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم، عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « من

__________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) في المصدر: « الأجرة ».

٤ - مناقب آل أبي طالب ج ٤ ص ٦٦.

٥ - الجعفريات ص ١٨٠.

٦ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٧٦ ح ٢١٥.

الباب ٢٧

١ - الجعفريات ص ١٨٠.

١١٧

السحت ثمن الميتة - إلى أن قال - واجر القاضي، الا قاض يجرى عليه من بيت المال، وأجر المؤذن الا مؤذن يجرى عليه من بيت المال» .

٢٨ -( باب عدم جواز بيع المصحف، وجواز بيع الورق والجلد ونحوهما، واخذ الأجرة على كتابته)

[١٤٩٤٢] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « لا بأس ببيع المصاحف وشرائها »، قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « ولا بأس ان يكتب بأجر، ولا يقع الشراء على كتاب الله، ولكن على الجلود والدفتين، يقول: أبيعك هذا بكذا ».

٢٩ -( باب تحريم كسب القمار حتى الكعاب والجوز والبيض، وإن كان الفاعل غير مكلف، وتحريم فعل القمار)

[١٤٩٤٣] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم - يرحمك الله - ان الله تبارك وتعالى نهى عن جميع القمار، وأمر العباد بالاجتناب منها، وسماها رجسا، فقال( رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ) (١) مثل اللعب بالشطرنج والنرد وغيرهما من القمار، والنرد أشر من الشطرنج» ، الخبر.

[١٤٩٤٤] ٢ - الصدوق في المقنع: اتق اللعب بالنرد، فان الصادقعليه‌السلام نهى عن ذلك، ان مثل من يعلب بالنرد قماراً، مثل من يأكل لحم الخنزير، ومثل من

__________________

الباب ٢٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٩ ح ٢٩.

الباب ٢٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٨.

(١) المائدة ٥ الآية ٩٠.

٢ - المقنع ص ١٥٤.

١١٨

يلعب بها من غير قمار، مثل الذي يضع يده في لحم الخنزير، أو في دمه واجتنب الملاهي كلّها واللعب بالخواتيم والأربعة عشر(١) ، فان الصادقينعليهم‌السلام نهوا عن ذلك.

[١٤٩٤٥] ٣ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن حمدويه، عن محمد بن عيسى قال: سمعته يقول: كتب إليه إبراهيم بن عنبسة - يعني إلى علي بن محمدعليهما‌السلام -: ان رأى سيدي ومولاي ان يخبرني عن قول الله:( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ) (١) الآية فما المنفعة جعلت فداك؟ فكتب: « كلما قومر به فهو الميسر »، الخبر.

[١٤٩٤٦] ٤ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « إياكم وهاتين الكعبتين الموشومتين، فإنهما من ميسر العجم ».

٣٠ -( باب تحريم اخذ ما ينثر في الأعراس، الا من يعلم اذن أربابه بانتهابه)

[١٤٩٤٧] ١ - الصدوق في الأمالي: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء، عن الصادق، عن آبائه قال: « قال أمير المؤمنينعليهم‌السلام : دخلت أم أيمن على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وفي ملحفها شئ، فقال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما معك يا أم أيمن؟ فقالت: ان فلانة أملكوها(١) فنثروا

__________________

(١) في المصدر زيادة: وكل قمار.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٠٥ ح ٣١١.

(١) البقرة ٢ الآية ٢١٩.

٤ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٣٦٥.

الباب ٣٠

١ - أمالي الصدوق ص ٢٣٦ ح ٣.

(١) الاملاك: التزويج. ( لسان العرب - ملك - ج ١٠ ص ٤٩٤ ).

١١٩

عليها، فأخذت من نثارهم، ثم بكت أم أيمن، وقالت: يا رسول الله، فاطمةعليها‌السلام زوجتها ولم تنثر عليها شيئا» الخبر.

[١٤٩٤٨] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام انه نهى عن القمار، والنهبة، والنثار، يعني بالنثار: ما ينثر على قوم لم يدعوا إليه، ولم تطب نفس ناثره به لمن صار إليه، وكان يؤخذ اخطافاً(١) وانتهاباً، فهو شبيه بالنهبة.

٣١ -( باب جواز بيع جلد غير مأكول اللحم إذا كان مذكى، دون الميتة)

[١٤٩٤٩] ١ - كتاب محمد بن المثنى الحضرمي: عن جعفر بن محمد بن شريح، عن ذريح المحاربي: قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن جلود السباع التي يجلس عليها، فقال: « ادبغوها » فرخص في ذلك.

[١٤٩٥٠] ٢ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « من السحت ثمن جلود السباع ».

ورواه في الجعفريات: بسنده عنهعليه‌السلام (١) .

قلت: يمكن حمل الخبر الأول على المذكى، والثاني على الميتة، أو حمل الأول على مجرد جواز الانتفاع بها، بناء على جواز الانتفاع بالمنافع المحللة من الميتة، كالاستقاء من جلودها، واطعام كلب الصيد من لحومها، وحرمة المعاوضة عليها، والانتفاع من ثمنها.

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٨٦ ح ١٧٣٩.

(١) في المصدر: اختطافا.

الباب ٣١

١ - كتاب محمد بن المثنى الحضرمي ص ٨٩.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٦.

(١) الجعفريات ص ١٨٠.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

ما أعيى هذا الملك [ المأخوذ فيه البأس والشدَّة من الله شديد البطش ] حتّى تمكّن منه إنسانٌ فصفعه وفقأ عينه؟ ثمَّ لم يزل الخوف مزيج نفسيّته حتّى تخفّى عن الّذين هم في قبضته، ورهن تصرّفه، حيث وكّل بهم وبقبض أرواحهم، ولا كرامة لهم على الله ككرامة موسى النبيّعليه‌السلام فيحاذر الصفعة منهم.

وإن تعجب فعجبٌ انَّ مرسل ملك الموت وهو الله سبحانه لِم لَم يعطه بأساً يفوق كلَّ بأس وهو يعلم مَن خلق، وانَّ فيهم مَن يجرأ على رسوله فيصفعه فيفقأ عينه، وفيهم مَن يخافه الرَّسول فيخفي نفسه عنه؟ أكان ذلك غفلة؟ أم أنَّ خزانة القدرة قد نفدت؟ أم لم يكن يعلم ما يقع - وهو علّام الغيوب - حتّى وقعت الواقعة؟ أم لم يكن في صفوف الموظّفين بعالم الملكوت أيَّ تدريب حتّى يتمكّنوا مقابلة الشّدايد إلى عهد موسى، ثمَّ اطرّد التدريب بإخفاء الموظّف نفسه عند تنفيذ وظيفته؟! تعالى الله عمّا يقول الظالمون علوّاً كبيرا.

وهلمَّ معي إلى النبيِّ المعصوم موسى على نبيّنا وآله وعليه‌السلام ونراه كيف يتجرَّأ على ملك الموت، وهو يعلم انّه رسولٌ من الله العظيم، وانّه إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعةً ولا يستقدمون، وانّه لا تُجديه الصفعة والفقأة، وعلى فرض أن يهرب عنه هذا الرَّسول أو ينسحب عنه بانتظام فإنّه يأتيه غيره أشدّ منه بأساً، لأنّ الله سبحانه مميته لا محالة، ولا مردَّ لمجري قضائه، وهب انَّه تخلّص من بأس هذا الملك فهل يتخلّص من بأس مُرسله المنتقم القهّار، وقد أثار غضبه بمجابهة ممثّله؟ أبعد الله الإفك والزّور عليه سبحانه وعلى رسوله وملائكته، وانتقم من كلِّ أفّاك أثيم.

أضف إلى ذلك كلّه ما قاله سيّدنا الحجَّة شرف الدّين العاملي في كتاب أبي هريرة ص ٨٦ ممّا لفظه:

ونحن لِمَ برئنا من أصحاب الرسّ وفرعون موسى وأبي جهل وأمثالهم ولعنّاهم بكرة وأصيلا؟ أليس ذلك لأنّهم آذوا رُسل الله حين جاؤوهم بأوامره؟ فكيف نجوّز مثل فعلهم على أنبياء الله وصفوته من عباده؟ حاشا لله انَّ هذا لبهتانٌ عظيمٌ.

ثمَّ إنَّ من المعلوم انَّ قوّة البشر بأسرهم، بل قوَّة جميع الحيوانات منذ خلقها

١٤١

الله تعالى إلى يوم القيامة لا تثبت أمام قوّة ملك الموت فكيف ( والحال هذه ) تمكّن موسىعليه‌السلام من الوقيعة فيه؟ وهلاّ دفعه الملك عن نفسه، مع قدرته على ازهاق روحه، وكونه مأموراً من الله تعالى بذلك؟

ومتى كان للملك عينٌ يجوز أن تفقأ؟!

ولا تنس تضييع حقِّ الملك وذهاب عينه ولطمته هدراً إذ لم يُؤمر الملك من الله بأن يقتصَّ من موسى صاحب التَّوراة التي كتب الله فيها: إنَّ النفس بالنفس، والعين بالعين، والأنف بالأنف، والاُذن بالاُذن، والسنَّ بالسنَّ والجروح قصاص(١) ولم يعاتب الله موسى على فعله هذا بل أكرمه إذ خيَّره بسببه بين الموت والحياة سنين كثيرة بقدر ما تواريه يده من شعر الثّور.

وما أدري ما الحكمة في ذكر شعر الثّور بالخصوص؟! الخ.

هذه جملةٌ ممّا وجدنا من كرامات الإمام أحمد، وكم وكم لها من نظير؟ وأنت حدِّث العاقل بما لا تقبله عقله فإن صافقك عليه فهو معتوهٌ، لكن القوم عقلاء وقبلوها، ونحن إذا عزونا ما هو أخفُّ وأخفُّ وطئةً من هذه ممّا يساعده العقل والمنطق والإعتبار إلى أئمَّة أهل بيت الوحي عليهم السَّلام الذّين أذهب الله عنهم الرِّجس وطهّرهم تطهيرا، فهنالك الجلبة واللغط، والتركاض والصخب، وهتافٌ من شتىّ الجوانب: هذا لا يكون، هذا غير معقول، حديثٌ واه، هذا قول غلاة الشيعة، هذا قول الرافضة، هذا لا يصحُّ وإن صحَّ إسناده، إسناده صحيحٌ غير انَّ في قلبي منه شيئاً، هذا لا يصحُّ وإن جاء بألف طريق. إلى أمثال هذه التهجّمات الفارغة.

_ ٤٤ _

امام المالكية يرى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ كلّ ليلة

ذكر الحريفيش في ( الرّوض الفائق ) ص ٢٧٠ قال: قال المثنّى بن سعيد القصير:

____________________

١ - إشارة الى الآية ٤٥ من سورة المائدة وقد وجدنا في الفقرة الـ‍ ٢٣ من الاصحاح ٢١ من اصحاحات الخروج من التوراة الموجودة فى أيدى اليهود والنصارى فى هذه الايام ما هذا لفظه: ان حصلت أذيّة تعطى نفساً بنفس، وعيناً بعين، وسناً بسن، ويداً بيد، ورجلاً برجل، وكيّا بكّي، وجرحاً بجرح، ورضا برضّ.

١٤٢

سمعت مالكاً - إمام المالكيّة - يقول: ما بتُّ ليلة إلّا رأيت النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيها.

قال الأميني: هل يكذَّب الإمام في دعواه الّذي لا يُعلم إلّا من قبله؟ أو يُرمى ابن سعيد بالإفك وإن كان قصيراً؟ أو يُعاتب الحُريفيش في نقله وإن كان مصغّراً؟

وللإمام مالك موقف خطر مع الملكين العظيمين: منكر ونكير، لا يقلّ عن موقف الإمام أحمد معهما ذكره الشعراني في الميزان ١: ٤٦ قال: لمـّا مات شيخنا شيخ الإسلام الشيخ ناصر الدين اللقاني رآه بعض الصّالحين في المنام فقال له: ما فعل الله بك؟ فقال: لمـّا أجلسني الملكان في القبر ليسألاني أتاهم الإمام مالك فقال: مثل هذا يحتاج إلى سؤال في إيمانه بالله ورسوله؟ تنحيّا عنه، فتنحّيا عنّي.

قال الأميني: ألا من معبّر يعبّر هذه الأحلام؟ ولعلَّ كلّ فرد من المعبّرين يقول: أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين. وإن اتَّخذها الحفّاظ كأصل مسلّم استندوا إليها عند المغالاة في الفضائل. كأنَّ الملكين لم يكن عندهما عرفان بمن يحتاج إلى سؤال في إيمانه، ولم يكن هنالك ناموسٌ مطّردٌ من المولى سبحانه يتَّبعانه، أعوذ بالله من ضئولة العقل.

_ ٤٥ _

الملكان وابو العلاء الهمدانى

قال ابن الجوزي في المنتظم ١٠: ٢٤٨: رأى شخصٌ انَّ يدين خرجتا من محراب مسجد فقال: ما هذه اليدان؟ فقيل: هذه يد آدم بسطها ليعانق أبا العلاء الحافظ - الحسن بن أحمد المتوفّى ٥٦٩ - وإذا بأبي العلاء قد أقبل، قال: فسلّمت عليه فردَّ عليَّ السَّلام وقال: يا فلان! رأيت ابني احمد حين قام على قبري يلقّنني؟ أما سمعت صوتي حين صبحت؟ على الملكين؟ فما قدرا أن يقولا شيئاً فرجعا.

نظراً إلى هذه المزعمة يجب أن يكون أبو العلاء أشجع من عمر الذي خاف النكيرين وارتعد منهما، ثمَّ لمـّا قالا له: نُم. قال: كيف أنام وقد أصابني منكما هذه الرّعدة وقد صحبت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) ولعلّهما قبلا وصيَّة عمر لمـّا انشدهما أن لا يأتيا مؤمناً إلّا بصورة جميلة ففعلا، فلم يهبهما أبو العلاء فصاح عليهما، وخاشنهما الإمام

____________________

١ - مرّ تمام القصة في ص ١٤٠ من هذا الجزء.

١٤٣

أحمد، وطردهما مالك عن ناصر الدين اللقاني، أو أنّهما أتى عليهما الشّيخوخة والهرم منذ عهد الخليفة إلى هذه العصور المتأخّرة، وبلغ منهما الضعف فأخفق بسالتهما، فلم يُهب جانبهما، وإلى الغاية لم ينكشف لنا سرُّ تسليط المولى سبحانه هؤلاء الأعلام على الملكين الكريمين، وفيه اختلال النظام المقرّر المطّرد الإلـ~ـهي، نعوذ بالله من هذه المزاعم التافهة كلّها.

_ ٤٦ _

غمامة تظلّ على جنازة

قال الحافظ الجزري في طبقات القرّاء ٢: ٢٧١: توفّي ابن الأخرم محمّد بن النضر الدّمشقي سنة ٢٤١ / ٢ بدمشق قال عبد الباقي: وصلّيت عليه في المصلّى بعد صلاة الظهر وكان يوماً صائفاً وصعدت غمامة على جنازة من المصلّى إلى قبره فكانت شبه الآية.

قال الأميني:

وفي كلِّ شيىء له آيةٌ

تدلُّ على انَّه واحدُ.

_ ٤٧ _

شابّ ينظر الاذن من ربّه

ذكر الحريفيش في الرّوض الفائق ص ١٢٦ عن ذي النّون المصري انّه قال: رأيت شابّاً عند الكعبة يكثر الرّكوع والسّجود فدنوت منه وقلت له: إنِّك لتكثر الصَّلاة، فقال: أنتظر الإذن من ربّي في الإنصراف، قال: فرأيت رقعةً سقطت فيها مكتوبٌ:

من العزيز الغفور إلى عبدي الصّادق: إنصرف مغفوراً لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر.

قال الأميني: لقد جنى من نزلت إليهم هذه الرُّقاع(١) حيث لم يوصوا بالتّحفّظ عليها لتستفيد بها الاُمّة وتتبرَّك بها في أجيالها المتأخّرة وتتّخذها معتبراً عوضاً عن أن تكون خبراً، وتزدان بها متاحف الآثار، لكن لهم عذراً وهو انّهم لم يشاهدوها فلم يوصوا بها، وإنَّما هي شباكٌ طنّبت لاقتناص الأغرار من امّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

____________________

١ - وما أكثرها وألطفها؟ راجع ما مر في هذا الجزء ص ١٢١، ١٢٥، ١٣٧، وما يأتي.

١٤٤

_ ٤٨ _

شجرة امّ غيلان تثمر رطباً

قال بكر بن عبد الرّحمن رحمه الله: كنّا مع ذي النّون المصري - المتوفّى ٢٤٥ - في البادية فنزلنا تحت شجرة امّ غيلان فقلنا: ما أطيب هذا الموضع لو كان فيه رطب؟ فتبسّم ذو النّون وقال: تشتهون رطباً؟ وحرَّك الشّجرة وقال: أقسمت عليك بالّذي أنبتك وخلقك شجرة إلّا ما نثرت علينا رطباً جنيّا، ثمَّ حرّكها فنثرت رطباً فأكلنا وشبعنا، ثمَّ نمنا وانتبهنا وحرّكنا الشّجرة فنثرت علينا شوكاً.

الرَّوض الفائق ص ١٢٦، مرآت الجنان لليافعي ٢: ١٥١ وقال: ذكره خلائق من الصّالحين، ورواه عنهم كثيرٌ من العلماء العاملين.

قال الأميني: إلى المولى سبحانه نبتهل في أن يهب لأولئك الصّالحين والعلماء العاملين عقلاً وافياً يزعهم عن الخضوع للخرافات.

_ ٤٩ _

ابن ابى الجوارى فى التنّور

روى ابنا عساكر وكثير: انّ أحمد بن أبي الحواري(١) كان قد عاهد أبا سليمان الدّاراني ألّا يغضبه ولا يخالفه فجاءه يوماً وهو يحدِّث النّاس فقال: يا سيِّدي! هذا قد سجروا التنّور، فماذا تأمر؟ فلم يردّ عليه أبو سليمان لشغله بالنّاس، ثمَّ أعادها أحمد ثانية وقال له في الثالثة: إذهب فاقعد فيه. ثمَّ اشتغل أبو سليمان في حديث النّاس، ثمَّ استفاق فقال لمن حضره: إنِّي قلت لأحمد: إذهب فاقعد في التنّور وإنّي أحسب أن يكون قد فعل ذلك، فقوموا بنا إليه فذهبوا فوجدوه جالساً في التنّور ولم يحترق منه شيءٌ ولا شعرة واحدة. تاريخ ابن كثير ١٠: ٣٤٨.

ألا تعجب من ابن كثير يسجّل أمثال هذه الاُسطورة كحقايق ثابتة ثمَّ لمـّا يبلغ به السّير والبحث إلى فضيلة معقولة من فضائل أهل بيت الوحي عليهم السّلام أربد وجهه، وأزبد فمه، وعاد صدره ضيّقاً حرجاً كأنّما يصّعد في السّماء، وأطلق لسانه البذيّ على مَن جاء بذلك الذكر الشّذيّ؟ كذلك يجعل الله الرِّجس على الّذين لا يؤمنون

____________________

١ - احد الاعلام يروى عنه أبو داود وابن ماجة وابو حاتم توفى ٢٤٦.

١٤٥

_ ٥٠ _

كتاب من الله الى ابن الموفّق

عن أبي الحسن عليّ بن الموفّق المتوفّى ٢٦٥ قال: خرجت يوماً لاُؤذِّن فأصبت قرطاساً فأخذته ووضعته في كمّي فأذَّنت وأقمت وصلّيت فلمّا صلّيت قرأته فإذا فيه مكتوبٌ: بسم الله الرَّحمن الرَّحيم يا عليّ بن الموفَّق! تخاف الفقر وأنا ربّك؟.

تاريخ الخطيب البغدادي ١٢: ١١٢، صفة الصَّفوة لابن الجوزي ٢: ٢١٨.

كان حقّاً على الحافظين الخطيب وابن الجوزي أن يذكرا شطراً من حياة هذا الرَّجل بعد الكتاب المذكور المغمورة باليسار والنعمة لتكون تصديقاً للخبر وشاهداً على صحّة المزعمة، لكنّهما أغفلا عن ذلك فلم يقم لنا شاهدٌ ولا حجَّةٌ.

_ ٥١ _

الحوراء تكلم أبا يحيى

قال أبو يحيى زكريّا بن يحيى النّاقد(١) : إشتريت من الله حوراء بأربعة آلاف ختمة، فلمّا كان آخر ختمة سمعت الخطاب من الحوراء وهي تقول: وفيت بعهدك فها أنا الّتي قد إشتريتني.

تاريخ بغداد للخطيب ٨: ٤٦٢، المنتظم لابن الجوزي ٦: ٨، مناقب أحمد لابن الجوزي ص ٥١٠.

ليس لك أن تناقش في المدَّة التي ختم أبو يحيى فيها الأربعة آلاف ختمة، فإنَّ من الممكن عند القوم أن يختمها في بضع دقايق فإنّ أبا مدين المغربي كان يختم في اليوم واللّيلة سبعين ألف ختمة. راجع الجزء الخامس ص ٣٥.

_ ٥٢ _

دعاوى سهل بن عبد الله التسترى

ذكر الشّعراني في طبقات الأخيار ١: ١٥٨ نقلاً عن كتاب « الجواهر » لسهل بن عبد الله التستري المتوفّى ٢٨٣ انَّه قال: أشهدني الله تعالى ما في العُلى وأنا ابن ستّ سنين، ونظرت في اللّوح المحفوظ وأنا ابن ثمان سنين، وفككت طلسم السّماء وأنا

____________________

١ - أحد الاعلام المجتهدين وأئمة الحديث من تلمذة احمد بن حنبل إمام الحنابلة توفى سنة ٢٨٥.

١٤٦

إبن تسع سنين، ورأيت في السّبع المثاني حرفاً معجماً حار فيه الجنُّ والإنس ففهمته، وحمدت الله على معرفته، وحرَّكت ما سكن وسكّنت ما تحرّك بإذن الله تعالى وأنا ابن اربع عشرة سنة.

قال الأميني: ليت شعري متى ما أشهد الله ما في العُلى نبيّه الأعظم صاحب الرِّسالة الخاتمة؟ ومتى ما نظرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في اللّوح المحفوظ وفكّ طلسم السّماء؟ وهل رأى ذلك الحرف المعجم الّذي حار فيه الجنُّ والإنس وفهمه، وهل حرَّك وسكّن باذن الله؟

أيم الله انَّ هذه الأساطير المشمرجة لا يبوح بها إلّا مَن يتخبّطه الشّيطان من المسّ وإن هي إلّا سمُّ ناقع على روح الإسلام، تمسُّ كرامة الأولياء، وتشوّه سمعة الاُمّة المسلمة، وتسوِّد صحيفة تاريخها عند الاُمم، وتضحك الملأ على عقليَّة اولئك المؤلّفين الّذين جمعت بيراعهم أشتات التّاريخ الاسلاميّ.

_ ٥٣ _

سهل وجبل قاف

عن سهل بن عبد الله قال: صعدت جبل قاف فرأيت سفينة نوح مطروحة فوقه. و قيل لأبي يزيد رضي الله عنه: هل بلغت جبل قاف؟ فقال: جبل قاف أمره قريبٌ بل جبل كاف وجبل صاد وجبل عين وهي محيطةٌ بالأرض حول كلّ أرض جبل بمنزلة حائطها، وجبل قاف بهذه الأرض وهي أصغر الأرضين، وهو أيضاً أصغر الجبال، وهو جبل من زمرّدة خضراء وقيل: إنَّ خضرة السَّماء من خضرته. وروى: انَّ الدُّنيا كلّها خطوةٌ للوليِّ. وحكي: إنَّ وليّاً من أولياء الله تعالى احتاج إلى النّار فرفع يده إلى القمر فاقتبس منه جذوة في خرقة كانت معه(١) .

قال الأميني: حقّاً قيل: الجنون فنون: وأيم الله يميت القلب ويجلب الهمَّ ضياع التّاريخ الإسلاميّ بيد هؤلاء المعشوذين الّذين شوَّهوا صحائفه بأمثال هذه الترَّهات الّتي لم يُخلق مثلها في أساطير الاوَّلين.

____________________

١ - روض الرياحين لليافعى ١٧٢.

١٤٧

_ ٥٤ _

وحشيّ أتي بماء الوضوء

قال سهل بن عبد الله رضي الله عنه: أوّل ما رأيت من العجائب والكرامات إنّي خرجت يوماً إلى موضع خالٍ فطاب لي المقام فيه فوجدت من قلبي قرباً إلى الله تعالى وحضرَت الصَّلاة وأردت الوضوء وكانت عادتي من صباي تجديد الوضوء لكلِّ صلاة، فكأنّي اغتممت لفقد الماء، فبينما أنا كذلك وإذا دبٌّ يمشي على رجليه كأنَّه إنسانٌ معه جرَّة خضراء قد أمسك بيديه عليها، فلمّا رأيته من بعيد توهّمت انّه آدميٌّ حتّى دنا منّي وسلّم عليَّ ووضع الجرَّة بين يديَّ، فجاءني إعتراض العلم فقلت: هذه الجرّة والماء من أين هو؟ فنطق الدبّ وقال: يا سهل! إنّا قومٌ من الوحوش قد انقطعنا إلى الله تعالى بعزم المحبّة والتوكّل، فبينما نحن نتكلّم مع أصحابنا في مسألة إذ نودينا: ألا إنَّ سهلاً يريد ماءً ليجدِّد الوضوء. فوضعت هذه الجرَّة بيدي وإذا بجنبي ملكان فدنوت منهما فصبّا فيها الماء من الهواء وأنا أسمع خرير الماء. إلى آخر القصّة. روض الرّياحين ص ١٠٤، ١٠٥.

قال الأميني: سل عن هذه العجائب الدبَّ الطلِق الذَّلِق صاحب الجرّة الخضراء، أو بقيّة الوحوش المنقطعة إلى الله بعزم المحبَّة والتوكّل، أو سل الملكين إن سهل لك السَّبيل إليهما، وإن لم تجدهما فسل عقلك واتَّخذه حكماً، واستعذ بالله من هذه الأوهام المخزية.

_ ٥٥ _

قص ّ ة فيها كرامتان

قال عبد الله بن حنيف رحمه الله: دخلت بغداد قاصداً الحجَّ ولم آكل الخبز أربعين يوماً ولم أدخل على الجنيد وكنت على طهارة فرأيت ظبياً على رأس البئر وهو يشرب وكنت عطشاناً، فلمّا دنوت إلى البئر ولَّى الظبي فإذا الماء في أسفل البئر فمشيت وقلت: يا سيِّدي مالي محلّ هذا الظبي؟ فنوديت من خلفي: جرَّبناك فلم تصبر فارجع وخذ فرجعت فإذا البئر ملآنةٌ ماءً فملأت ركوتي فكنت أشرب منه وأتطهَّر إلى المدينة ولم أنفد، ولّما استقيت سمعت هاتفاً يقول: إنَّ الظبي جاء بلا ركوة ولا حبل، وأنت

١٤٨

جئت معك الرّكوة. فلمّا رجعت من الحجِّ دخلت الجامع فلمّا وقع بصر الجنيد عليَّ قال: لو صبرت ولو ساعة لنبع الماء من تحت رجليك. الرّوض الفائق ص ١٢٧.

قال الأميني: أوهامٌ متراكمة بعضها فوق بعض، وهل ترك الجنيد للأنبياء والرّسل علماً بالمغيب لم يبح به، وهل أتي البئر العميقة وليُّ من الأولياء بلا ركوة ولا حبل كالظباء اللّاتي يفقدنهما ولا يسعهنّ التأهّب بأمثالهما، وأمّا الإنسان العادي فليس له وهو سارٍ في عالم الأسباب إلّا أن يحمل معه أدوات حاجته، هكذا خلق الله البشر، وهو ظاهر كثير من الأحاديث الشريفة. وحسبك سيرة النبيّ الأعظم والمرسلين من الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين. وكلّهم لِلَّه أولياء، وجميعهم أفضل من ابن حنيف.

_ ٥٦ _

حلق اللحية لِلَّه

أخرج الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء ١٠: ٣٧٠ قال: سمعت أبا نصر يقول: سمعت أحمد بن محمّد النهاوندي يقول: مات للشِّبلي(١) إبن كان إسمه غالباً، فجزَّت اُمّه شعرها عليه، وكان للشِّبلي لحيةٌ كبيرةٌ فأمر بحلق الجميع، فقيل له: يا استاذ! ما حملك على هذا؟ فقال: جزَّت هذه شعرها على مفقود، فكيف لا أحلق لحيتي أنا على موجود؟

قال الأميني: أهلاً بالنّاسك الفقيه، ومرحباً بالأولياء أمثال هذا المتخلّع الجاهل بحكم الشّريعة، وزهٍ بمدوِّن أخبارهم، ومنتفي آثار الأوحديِّين منهم كأبي نعيم، كيف خفي على هذا الفقيه البارع في مذهب مالك فتوى مالك وحرمة حلق اللّحية، وإصفاق بقيّة الأئمة معه على ذلك؟ كيف خفي عليه الحكم؟ وهو ذلك الفقيه المتضلّع الذي أجاب في دم الحيض المشتبه بدم الإستحاضة بثمانية عشر جواباً للعلماء، وقد جالس الفقهاء عشرين سنة(٢) ؟ وهلّا وقف وهو مدرِّس الحديث عشرين عاماً على المأثورات النبويّة الدالّة على حرمة حلق اللّحية المرويَّة من عدَّة طرق؟ منها:

١ - عن عائشة مرفوعاً: عشرٌ من الفطرة فذكر منها: اعفاء اللّحية. وجاء من

____________________

١ - أبو بكر دلف بن جحدر فقيه عالم محدث توفى ٣٣٤ / ٥.

٢ - راجع تهذيب التهذيب.

١٤٩

طريق أبي هريرة ايضاً.

صحيح مسلم ١: ١٥٣، سنن البيهقى: ١٤٩، سنن ابى داود ١: ٩، ١٠، صحيح الترمذى ١٠: ٢١٦، مشكل الاثار ١: ٢٩٧، المعتصر من المختصر ٢: ٢٢٠، طرح التثريب ١: ٧٣، نيل الاوطار ١: ١٣٥ عن احمد ومسلم والنسائى والترمذى.

٢ - عن ابن عمر مرفوعاً: اعفوا اللّحى، واحفوا الشّوارب، خالفوا المشركين. صحيح مسلم ١: ١٥٣، سنن النسائى ١: ١٦، جامع الترمذى ١٠: ٢٢١ بلفظ: احفوا الشوارب واعفوا اللحى، سنن البيهقى ١: ١٤٩ عن الصحيحين، المحلى لابن حزم ٢: ٢٢٢، تاريخ الخطيب ٤: ٣٤٥.

٣ - عن ابن عمر مرفوعاً: خالفوا المشركين، وفّروا اللّحى، واحفوا الشوارب.

أخرجه البخارى فى صحيحه، ومسلم فى الصحيح ١: ١٥٣ بلفظ: خالفوا المشركين، وحفوا الشوارب واوقوا اللحى. سنن البيهقى ١: ١٥٠، نيل الاوطار ١: ١٤١ قال: متفق عليه.

٤ - عن ابي هريرة مرفوعاً: جزّوا الشوارب، وارخوا اللّحى، وخالفوا المجوس صحيح مسلم ١: ١٥٣، سنن البيهقى ١: ١٥٠، تاريخ الخطيب ٥: ٣١٧ بلفظ: احفوا الشوارب واعفوا اللحى، زاد المعاد لابن القيم ١: ٦٣ بلفظ: قصّوا الشوارب. وفى ص ٦٤ بلفظ: جّزوا الشوارب. نيل الاوطار ١: ١٤١ عن أحمد ومسلم.

٥ - عن ابن عمر قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر باحفاء الشّوارب واعفاء اللّحى.

صحيح مسلم ١: ١٥٣، صحيح الترمذى ١٠: ٢٢١، سنن ابى داود ٢: ١٩٥، سنن البيهقى ١: ١٥١.

٦ - عن أبي امامة قال: قلنا: يا رسول الله! إنَّ أهل الكتاب يقصّون عثانينهم(١) ويوفّرون سبالهم فقال: قصّوا سبالكم، ووفّروا عثانينكم، وخالفوا أهل الكتاب. أخرجه احمد في المسند ٥: ٢٦٤.

٧ - من حديث ابن عمر في المجوس: إنَّهم يوفّرون سبالهم، ويحلقون لحاهم، فخالفوهم.

أخرجه ابن حبان فى صحيحه كما ذكره العراقى فى تخريج الاحياء للغزالى المطبوع في ذيله ج ١ ص ١٤٦.

٨ - عن أنس: احفوا الشّوارب، واعفوا اللّحى، ولا تشبّهوا باليهود.

أخرجه الطحاوى كما فى شرح راموز الحديث: ١: ١٤١.

٩ - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدَّه: إنَّ النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يأخذ من لحيته

____________________

١ - جمع العثنون: اللحية.

١٥٠

من عرضها وطولها.

صحيح الترمذى ١٠: ٢٢٠.

وكيف عزب عن الشّبلي ما ذهب إليه القوم من أنَّ حلق اللّحية من تغيير خلق الله الوارد في قوله تعالى:( وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ) (١) . وقد أفرط جمعٌ في الأخذ به فقال بحرمة حلق اللّحية والشّارب للمرأة ايضاً.

قال الطبري: لا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقتها الّتي خلقها الله عليها بزيادة أو نقصٍ التماس الحسن لا للزِّوج ولا لغيره، كمن تكون مقرونة الحاجبين فتزيل ما بينهما توهم البلج أو عكسه، ومن تكون لها سنٌّ زائدة فتقلعها، أو طويلة فتقطع منها، أو لحية أو شارب أو عنفقة فتزيلها بالنتف، ومن يكون شعرها قصيراً أو حقيراً فتطوّله أو تغزّره بشعر غيرها، فكلّ ذلك داخلٌ في النهي، وهو من تغيير خلق الله تعالى. قال: ويستثنى من ذلك ما يحصل به الضّرر والأذيَّة كمن يكون لها سنٌّ زائدة أو طويلة تعيقها في الأكل، أو إصبع زائدة تؤذيها أو تؤلمها فيجوز ذلك، والرَّجل في هذا الأخير كالمرأة(٢) .

وقال القرطبّي في تفسيره ٥: ٣٩٣ في تفسير الآية: لا يجوز لها [ للمرأة ] حلق لحية أو شارب أو عنفقة إن نبتت لها، لأنَّ كلَّ ذلك تغيير خلق الله.

وكيف خفي على الشِّبلي ما انتهى إلى ابن حزم الظاهري من الإجماع الّذي نقله في كتابه [ مراتب الإجماع] ص ١٥٧ على انَّ حلق جميع اللّحية مثلةٌ لا تجوز، ولا سيّما للخليفة، والفاضل، والعالم، وعدَّ في ص ٥٢ ناتف اللّحية ممَّن لا تُقبل شهادته. وهلمّ إلى كلمات أعلام الفقه:

١ - قال الحافظ العراقي في طرح التثريب ١: ٨٣: من خصال الفطرة إعفاء اللّحية، وهو توفير شعرها وتكثيره، وإنَّه لا يؤخذ منه كالشّارب. من عفا الشيئ إذا كثر وزاد. وفي الصَّحيحين من حديث ابن عمر الأمر بذلك ( اعفوا اللّحى ) وفي رواية: اوفوا. وفي رواية: وفّروا. وفي رواية: ارخوا وهي بالخاء المعجمة على المشهور وقيل بالجيم. من التّرك والتأخير، وأصله الهمزة فحذف تخفيفاً كقوله: ترجي من تشاء منهنَّ.

____________________

١ - سورة النساء: ١١٩.

٢ - فتح البارى ١٠: ٣١٠.

١٥١

واستدَّل به الجمهور على أنَّ الأولى ترك اللّحية على حالها، وأن لا يقطع منها شيىءٌ وهو قول الشّافعي وأصحابه، وقال القاضي عياض: يكره حلقها وقصّها وتحريقها.

وقال القرطبيّ في المفهم: لا يجوز حلقها ولا نتفها ولا قصُّ الكثير منها قال القاضي عياض: وأمّا الأخذ من طولها فحسن. قال: وتكره الشّهرة في تعظيمها كما يكره في قصّها، وجزّها قال: وقد اختلف السَّلف هل لذلك حدٌّ: فمنهم من لم يحدّد شيئاً في ذلك إلّا أنّه لا يتركها لحدّ الشّهرة ويأخذ منها، وكره مالك طولها جدّاً، ومنهم من حدَّد بما زاد على القبضة فيزال، ومنهم من كره الأخذ منها إلّا في حجّ أو عمرة.

٢ - قال الغزالي في الإحياء ١: ١٤٦: قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اعفوا اللّحى. أي كثّروها وفي الخبر: إنَّ اليهود يعفون شواربهم، ويقصّون لحاهم، فخالفوهم وكره بعض العلماء الحلق ورآه بدعة. وقال في ص ١٤٨: وقد اختلفوا فيما طال منها فقيل: إن قبض الرَّجل على لحيته وأخذ ما فضل عن القبضة فلا بأس، فقد فعله ابن عمر وجماعة من التّابعين، واستحسنه الشعبى وابن سيرين، وكرهه الحسن وقتادة وقالا: تركها عافية احبّ لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اعفوا اللّحى. والأمر في هذا قريب إن لم ينته إلى تقصيص اللّحية وتدويرها من الجوانب، فإنَّ الطول المفرط قد يشوِّه الخلقة ويطلق ألسنة المغتابين بالنبز إليه، فلا بأس بالإحتراز عنه على هذه النيّة.

٣ - قال ابن حجر في فتح الباري ١٠: ٢٨٨ عند ذكر حديث نافع: كان ابن عمر إذا حجَّ أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه: الّذي يظهر أنَّ ابن عمر كان لا يخصُّ هذا التخصيص بالنسك، بل كان يحمل الأمر بالإعفاء على غير الحالة التي تشوّه فيها الصّورة بإفراط طول شعر اللحية أو عرضه، فقد قال الطبري: ذهب قومٌ إلى ظاهر الحديث فكرهوا تناول شيىء من اللحية من طولها ومن عرضها، وقال قومٌ: إذا زاد على القبضة يؤخذ الزائد، ثمَّ ساق بسنده إلى ابن عمر انَّه فعل ذلك، وإلى عمر انَّه فعل ذلك برجل، ومن طريق أبي هريرة انَّه فعله، وأخرج ابو داود من حديث جابر بسند حسن قال: كنّا نعفّي السّبال إلّا في حجّ أو عمرة. وقوله: نعفّي. بضمّ اوّله وتشديد الفاء أي نتركه وافراً، وهذا يؤيِّد ما نقل عن ابن عمر فإنَّ السِّبال بكسر المهملة وتخفيف الموحّدة جمع سبلة بفتحتين وهي ما طال من شعر اللحية فأشار جابر

١٥٢

إلى أنَّهم يقصرون منها في النسك ثمَّ حكى الطبري اختلافاً فيما يؤخذ من اللّحية، هل له حدٌّ أم لا؟ فأسند عن جماعة الاقتصار على أخذ الّذي يزيد منها على قدر الكفّ، وعن الحسن البصري: انّه يؤخذ من طولها وعرضها ما لم يفحش، وعن عطاء نحوه قال: وحمل هؤلاء النهي على منع ما كانت الأعاجم تفعله من قصِّها وتخفيفها، قال: وكره آخرون التعرّض لها إلّا في حجّ أو عمرة، وأسنده عن جماعة واختار قول عطاء، وقال: إنَّ الرجل لو ترك لحيته لا يتعرَّض لها حتى أفحش طولها وعرضها لعرض نفسه لمن يسخر به، واستدلَّ بحدث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه انَّ النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها، وهذا أخرجه الترمذي، ونقل عن البخاري انّه قال في رواية عمر بن هارون: لا أعلم له حديثاً منكراً إلّا هذا، وقد ضعّف عمر بن هارون مطلقا جماعة.

وقال عياض: يكره حلق اللّحية وقصّها وتجذيفها، وأمّا الأخذ من طولها وعرضها إذا عظمت فحسنٌ، بل تكره الشّهرة في تعظيمها كما يكره في تقصيرها كذا قال: وتعقّبه النووي بانّه خلاف ظاهر الخبر في الأمر بتوفيرها قال: والمختار تركها على حالها وأن لا يتعرَّض لها بتقصير ولا غيره. وكان مراده بذلك في غير النسك لأنَّ الشافعي نقصَّ على استحبابه فيه.

وقال في ص ٢٨٩: أنكر ابن التين ظاهر ما نقل عن ابن عمر فقال: ليس المراد أنّه كان يقتصر على قدر القبضة من لحيته بل كان يمسك عليها فيزيل ما شذَّ منها فيمسك من أسفل ذقنه بأصابعه الأربعة ملتصقة فيأخذ ما سفل عن ذلك ليتساوى طول لحيته، قال أبو شامة: وقد حدث قومٌ يحلقون لحاهم وهو أشدّ ممّا نقل عن المجوس انَّهم كانوا يقصّونها. وقال النّووي: يستثنى من الأمر باعفاء اللّحى ما لو نبتت للمرأة لحية فانّه يستحبُّ لها حلقها، وكذا لو نبت لها شاربٌ أو عنفقة.

٤ - قال المناوي في [ فيض القدير ] ١: ١٩٨: اعفوا اللّحى وفّروها، فلا يجوز حلقها ولا نتفها، ولا قصّ الكثير منها، كذا في التنقيح، ثمَّ زاد الأمر تأكيداً مشيراً إلى العلّة بقوله: ولا تشبّهوا باليهود في زيّهم الذي هو عكس ذلك، وفي خبر ابن حبّان بدل اليهود: المجوس. وفي آخر: المشركين. وفي آخر: آل كسرى. قال الحافظ العراقي:

١٥٣

والمشهور أنَّه من فعل المجوس فيكره الأخذ من اللحية، واختلف السَّلف فيما طال منها فقيل: لا بأس أن يقبص عليها ويقصّ ما تحت القبضة كما فعله إبن عمر، ثمَّ جمع من التّابعين واستحسنه الشعبي وابن سيرين، وكرهه الحسن وقتادة، والأصحُّ كراهة أخذ ما لم يتشعَّث ويخرج عن السّمت مطلقا.

٥ - قال السيّد عليّ القاري في شرح الشَّفا للقاضي(١) : حلق اللّحية منهيُّ عنه، وأمّا إذا طالت زيادة على القبضة فله أخذها.

٦ - في شرح الخفاجي على الشّفا ١: ٣٤٣: وتقصير اللّحية حسنٌ كما مرَّ، و هيئته تحصل بقصِّ ما زاد على القبضة، ويؤخذ من طولها أيضاً، وأمّا حلقها فمهنيُّ عنه لأنّه عادة المشركين.

٧ - قال الشّوكاني في [ نيل الأوطار ] ١: ١٣٦: اعفاء اللّحية توفيرها كما في القاموس، وفي رواية للبخاري: وفّروا اللّحى. وفي رواية اخرى لمسلم: اوفوا اللحىّ. وهو بمعناه، وكان من عادة الفرس قصُّ اللّحية فنهى الشّارع عن ذلك وأمر باعفائها. قال القاضي عياض: يكره حلق اللّحية وقصّها وتحريقها، وأمّا الأخذ من طولها وعرضها فحسنٌ. ثمَّ نقل الأقوال في حدَّ ما زاد.

وقال في ص ١٤٢: قد حصل من مجموع الأحاديث خمس روايات: اعفوا. واوقوا. وأرخوا. وارجوا. ووفّروا. ومعناها كلّها تركها على حالها. قوله: خالفوا المجوس. قد سبق انّه كان من عادة الفرس قصُّ اللّحية فنهى الشَّرع عن ذلك.

٨ - في شرح راموز الحديث ١: ١٤١: أشار إلى العلّة في خبر ابن حبّان: المجوس بدل اليهود، وفي آخر: المشركين. وفي اُخرى: كسرى. قال العراقي: المشهور: انَّه فعل المجوس، فكره الأخذ من اللّحية، واختلف السّلف فيما طال. ثمَّ نقل الأقوال الّتي ذكرناها.

٩ - أحسن كلمة تجمع شتات الفتاوى وآراء أئمَّة المذاهب في المسئلة ما أفاده الاستاذ محفوظ في [الإبداع في مضارّ الابتداع ](٢) ص ٤٠٥ قال: ومن أقبح العادات ما اعتاده

____________________

١ - هامش شرح الخفاجى ١: ٣٤٣.

٢ - تأليف الاستاذ الكبير الشيخ على محفوظ أحد مدرسى الازهر الشريف ( الطبعة الرابعة )

١٥٤

الناس اليوم من حلق اللّحية وتوقير الشارب، وهذه البدعة كالتي قبلها سرت إلى المصريِّين من مخالطة الأجانب واستحسان عوائدهم حتّى استقبحوا محاسن دينهم وهجروا سنَّة نبيّهم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعن إبن عمر رضي الله عنه عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: خالفوا المشركين وفروا اللّحى واحفوا الشوارب. وكان ابن عمر إذا حجَّ أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه. رواه البخاري وروى مسلم عن ابن عمر إيضاً عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: احفوا الشَّوارب واعفوا اللّحى [ إلى أن قال بعد ذكر عدَّة من أحاديث الباب ]: والأحاديث في ذلك كثيرةٌ وكلّها نصُّ في وجوب توقير اللّحية وحرمة حلقها والأخذ منها على ما سيأتي.

ولا يخفى أن قوله: خالفوا المشركين وقوله: خالفوا المجوس. يؤيّدان الحرمة فقد أخرج أبو داود وابن حبّان وصحّحه عن ابن عمر قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من تشبَّه بقوم فهو منهم. وهو غاية في الزَّجر عن التشبّه بالفسّاق أو بالكفّار في أيّ شيء ممّا يختصّون به من ملبوس أو هيأة، وفي ذلك خلاف العلماء منهم من قال بكفره وهو ظاهر الحديث. ومنهم من قال: لا يكفر ولكن يؤدّب.

فهذان الحديثان بعد كونهما أمرين دالّان على أنَّ هذا الصّنع من هيآت الكفّار الخاصّة بهم إذ النَّهي إنّما يكون عمّا يختصّون به. فقد نهاناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن التشبّه بهم عامّاً في قوله: من تشبّه. ومن افراد هذا العامّ حلق اللّحية. وخاصّاً في قوله: وفّروا اللّحى خالفوا المجوس، خالفوا المشركين.

ثمَّ ما تقدّم من الأحاديث ليس على اطلاقه فقد روى الترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأخذ من لحيته من عرضها وطولها. وروى ابو داود والنسائي: انَّ ابن عمر كان يقبض على لحيته فيقطع ما زاد على الكفِّ. وفي لفظ: ثمَّ يقصّ ما تحت القبضة. وذكره البخاري تعليقاً.

فهذه الأحاديث تقيّد ما رويناه آنفاً. فيحمل الإعفاء على إعفائها من أن يأخذ غالبها أو كلّها.

وقد اتَّفقت المذاهب الأربعة على وجوب توفير اللّحية وحرمة حلقها والأخذ القريب منه.

الأوَّل: مذهب الحنفيّة قال في [ الدرّ المختار ]: ويحرم على الرّجل قطع لحيته

١٥٥

وصرَّح في النهاية بوجوب قطع ما زاد على القبضة ( بالضمِّ ) وأمّا الأخذ منها وهي دون ذلك كما يفعله بعض المغاربة ومخنّثة الرّجال فلم يبحه أحدٌ. وأخذ كلّها فعل يهود الهند ومجوس الأعاجم ا ه وقوله: وما وراء ذلك يجب قطعه. هكذا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه كان يأخذ من اللّحية من طولها وعرضها، كما رواه الإمام الترمذي في جامعه، ومثل ذلك في أكثر كتب الحنفيّة.

الثاني: مذهب السّادة المالكيّة حرمة حلق اللّحية وكذا قصّها إذا كان يحصل به مثلة. وأمّا إذا طالت قليلاً وكان القصّ لا يحصل به مثلة فهو خلاف الأولى أو مكروهٌ كما يؤخذ من شرح الرّسالة لأبي الحسن وحاشيته للعلّامة العدوي رحمهم الله.

الثالث: مذهب السّادة الشافعيَّة، قال في شرح العباب: فائدةٌ قال الشيخان: يكره حلق اللّحية. واعترضه ابن الرّفعة بأنَّ الشافعي رضي الله عنه نصَّ في الامّ على التحريم. وقال الأذرعي: الصّواب تحريم حلقها جملة لغير علّة بها. ا هـ ومثله في حاشية ابن قاسم العبادي على الكتاب المذكور.

الرّابع: مذهب السَّادة الحنابلة نصَّ في تحريم حلق اللّحية. فمنهم من صرّح بأنَّ المعتمد حرمة حلقها. ومنهم من صرَّح بالحرمة ولم يحك خلافاً كصاحب الإنصاف، كما يُعلم ذلك بالوقوف على شرح المنتهى وشرح منظومة الآداب وغيرهما.

وممّا تقدَّم تعلم أنَّ حرمة حلق اللّحية هي دين الله وشرعه الّذي لم يُشرّع لخلقه سواه، وأنَّ العمل على غير ذلك سفهٌ وضلالةٌ، أو فسقٌ وجهالةٌ، أو غفلةٌ عن هدي سيِّدنا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .اهـ

نعم: لم يكن الشّبلي ولا الحافظ الّذي يثني عليه بحلق لحيته في حبِّ الله، ولا الحفّاظ الآخرون الذين أطنبوا القول حول لحية أبي بكر الصّدّيق محتاجين إلى اللّحية، بل كانوا يفتقرون إلى عقل تامّ كما جاء فيما ذكره السَّمعاني في الأنساب في [ الرّستمي ] عن مطين بن احمد قال: رأيت النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام فقلت له: يا نبيَّ الله! أشتهي لحية كبيرة. فقال: لحيتك جيّدة وأنت محتاج إلى عقل تامّ.

١٥٦

_ ٥٧ _

عمود نور من السماء الى قبر الحنبلى

ذكر ابن العماد الحنبلي في شذرات الذَّهب ٣: ٤٦ في ترجمة أبي بكر عبد العزيز بن جعفر الحنبليّ المعروف بغلام الخلّال المتوفّى سنة ٣٦٣ قال: حكى أبو العبّاس ابن أبي عمرو الشرابيّ قال: كان لنا ذات ليلة خدمة أمسيت لأجلها، ثمَّ إنّي خرجت منها نوبة الناس وتوجَّهت إلى داري بباب الأزج، فرأيت عمود نور من جوف السَّماء إلى جوف المقبرة فجعلت أنظر إليه ولا ألتفت خوفاً أن يغيب عنّي إلى أن وصلت إلى قبر أبي بكر عبد العزيز فإذا أنا بالعمود من جوف السّماء إلى القبر: فبقيت متحيّراً ومضيت وهو على حاله.

قال الأميني: أبو بكر الحنبليّ هذا هو شيخ الحنابلة وعالمهم في عصره صاحب التصانيف وهو الرّاوي عن الخلّال عن الحمصيّ عن إمام الحنابلة أحمد: انَّه سُئل عن التّفضيل فقال: مَن قدَّم عليّاً على أبي بكر فقد طعن على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومن قدَّمه على عمر فقد طعن على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى أبي بكر، ومن قدَّمه على عثمان فقد طعن على أبي بكر وعمر وعثمان وعلى أهل الشّوري والمهاجرين والأنصار.

وليت مثقال ذرّة من ذلك النّور الخياليِّ الممتدِّ من قبر الرِّجل سطع على مكمن بصيرته ابّان حياته، فلا يخضع لكلمة شيخه التافهة هذه الّتي تخالف الكتاب والسنَّة وإنَّ مقدار الرّجل ينبو عن التدخّل في هذا الشأن العظيم الّذي ليس هو من رجاله لكن ( حنَّ قِدحٌ ليس منها ) أنّى يقع قوله في التَّفضيل مع آيتي المباهلة والتطهير؟ ومقتضى الاولى اتّحاد مولانا امير المؤمنينعليه‌السلام مع صنوه النبيِّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيما يمكن اتّحاد شخصين فيه، وليست هي إلّا الفضائل والفواضل والمكارم والمآثُر ما خلا النبوّة فما ظنّك برجل يوازنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيما ذكرناه من الفضل؟ أليس من السَّخف أن يقال: من قدَّم عليّاً. إلخ؟ ومقتضى الثّانية عصمته صلوات الله عليه عن جميع الذّنوب والمعاصي، وهل يوازي المعصوم من يجترح السيّئات ويقترف الآثام؟ لكن صاحب النّور يروي: من قدَّم عليّاً. إلخ. ولا يبالي بما يروي.

فمقتضى المقام أن يقال: من قدَّم أحداً على مولانا أمير المؤمنين فقد طعن على

١٥٧

الكتاب الكريم ومَن صدع بهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومَن أنزله جلّت عظمته.

وأنّى يقع قول صاحب النّور المرويّ عن إمامه أحمد أمام السنَّة المتواترة الواردة من شتّى النّواحي في فضل الإمام صلوات الله عليه المتقدّمة في الأجزاء السّابقة من هذا الكتاب(١) ؟ فمن قدّمه سلام الله عليه على أبي بكر وصاحبيه فقد جاء بالحجّة البالغة، والنّور السّاطع، وأخذ بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها.

_ ٥٨ _

تمرٌ ينقلب رطباً لابن سمعون

أخرج الخطيب في تاريخه ١: ٢٧٥ قال: حدَّثنا أبو بكر محمّد بن محمّد الطاهري قال: سمعت أبا الحسين ابن سمعون(٢) يذكر أنّه خرج من مدينة الرَّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قاصداً بيت المقدس، وحمل في صحبته تمراً صيحانيّاً، فلمّا وصل إلى بيت المقدس ترك التّمر مع غيره من الطّعام في الموضع الّذي كان يأوي إليه، ثمَّ طالبته نفسه بأكل الرّطب فأقبل عليها باللّائمة وقال: من أين لنا في هذا الموضع رطبٌ؟ فلمّا كان وقت الإفطار عمد إلى التمر ليأكل منه فوجده رطباً صيحانيّاً! فلم يأكل منه شيئاً، ثمَّ عاد إليه من الغد عشيّة فوجده تمراً على حالته الاولى فأكل منه.

وذكره ابن العماد في الشّذرات ٣: ١٢٦.

_ ٥٩ _

ابن سمعون يخبر عمّا يراه النائم

أخرج ابن الجوزي في المنتظم ٧: ١٩٩ من طريق أبي بكر الخطيب البغدادي عن أبي طاهر محمّد بن علي بن العلّاف قال: حضرت أبا الحسين ابن سمعون يوماً في مجلس الوعظ وهو جالسٌ على كرسيّه يتكلّم، وكان أبو الفتح القوّاس جالساً إلى جنب الكرسيِّ فغشيه النّعاس ونام، فأمسك أبو الحسين عن الكلام ساعة حتّى استيقظ

____________________

١ - وسيوافيك قول أحمد وجمع آخرين من ائمة الحديث: لم يرد في حق أحد من الصحابة بالاسانيد الحسان اكثر مما جاء فى حق على بن أبى طالب. وقول حبر الامة ابن عباس: ما نزل في أحد من كتاب الله ما نزل فى على.

٢ - الواعظ الشهير الامام القدوة الناطق بالحكمة كما فى المنتظم والشذرات توفى ٣٨٧.

١٥٨

أبو الفتح ورفع رأسه فقال له أبو الحسين: رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في نومك؟ قال: نعم، فقال أبو الحسين: لذلك أمسكت عن الكلام خوفاً أن تنزعج وتنقطع عمّا كنت فيه.

_ ٦٠ _

ابن سمعون وصبية الرصاص

قال إبن الجوزي في المنتظم ٧: ١٩٨: حُكي أنَّ الرّصّاص الزاهد كان يقبّل رجل إبن سمعون دائماً فلا يمنعه فقيل له في ذلك فقال: كان في داري صبيّة خرج في رِجلها الشّوكة فرأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في النوم فقال لي: قل لابن سمعون: يضع رِجله عليها فإنّها تبرأ، فلمّا كان من الغد بكرت إليه فرأيته قد لبس ثيابه فسلّمت عليه فقال: بسم الله فقلت: لعلّ له حاجة أمضي معه وأعرض عليه في الطريق حديث الصبيّة فجاء إلى داري فقال: بسم الله. فدخلت وأخرجت الصبيّة إليه وقد طرحت عليها شيئاً فترك رجله عليها، وانصرف وقامت الجارية معافاةً فأنا اُقبّل رجله أبدا.

_ ٦١ _

ملك ينزل لابى المعالى

كان أبو المعالي البغدادي المتوفّى ٤٩٦ من الصّلحاء الزّهاد، ذكر انّه أصابته فاقةٌ شديدةٌ في شهر رمضان فعزم على الذّهاب إلى بعض الأصحاب ليستقرض منه شيئاً قال: فبينما أنا اُريده إذا بطائر قد سقط على كتفي وقال: يا أبا المعالي! أنا الملك الفلانيّ لا تمض إليه نحن نأتيك به. قال: فبكر إليَّ الرّجل.

رواه ابن الجوزي في المنتظم ٩: ١٣٦، وابن كثير في تاريخه ١٢: ١٦٣.

ألا تعجب من ابن الجوزي لا يمرُّ على منقبة من مناقب آل الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا وحكم عليها بالوضع أو الضعف أو الوهن، لكنّه يرسل هذه الخزعبلات إرسال المسلّم، ولا ينبس في اسنادها ببنت شفة، ولا في متونها بما يقتضيه المقام من التنفيذ والإحالة؟ كلُّ ذلك لأنّه غالٍ فيمن يحبّهم، وقالٍ لمن يشنأهم.

_ ٦٢ _

ألله يكلم أبا حامد الغزالى

قال صاحب مفتاح السّعادة ٢: ١٩٤: قال - أبو حامد الغزالي(١) - في بعض

____________________

١ - أبو حامد محمد بن محمد الطوسى الشافعى حجة الاسلام الغزالى صاحب كتاب ( إحياء العلوم ) ولد بطوس ٤٥٠ وتوفي ٥٠٥.

١٥٩

مؤلّفاته: كنت في بدايتي منكراً لأحوال الصّالحين ومقامات العارفين حتّى حظيت بالواردات، فرأيت الله تعالى في المنام فقال لي يا أبا حامد! قلت: أو الشّيطان يكلّمني؟ قال: لا. بل أنا الله المحيط بجهاتك الستّ ثمَّ قال: يا أبا حامد! ذر أساطيرك وعليك بصحبة أقوام جعلتهم في أرضي محلّ نظري، وهم أقوامٌ باعوا الدّارين بحبّي. فقلت: بعزّتك إلّا أذقتني برد حسن الظنِّ بهم. فقال: قد فعلت ذلك والقاطع بينك وبينهم تشاغلك بحبِّ الدنيا، فاخرج منها مختاراً قبل أن تخرج منها صاغراً، فقد أمضيت عليك نوراً من أنوار قدسي، فقم وقل. قال: فاستيقظت فرحاً مسروراً وجئت إلى شيخي يوسف النسَّاج فقصصت عليه المنام فتبسّم وقال: يا أبا حامد! هذا ألواحنا في البداية فمحوناها، بلى إن صحبتني سأكحل بصر بصيرتك بأثمد التأييد حتّى ترى العرش ومَن حوله، ثُمَّ لا ترضى بذلك حتّى تشاهد ما لا تدركه الأبصار، فتصفو من كدر طبيعتك، وترتقى على طور عقلك، وتسمع الخطاب من الله تعالى - كما كان لموسىعليه‌السلام -: أنا الله ربُّ العالمين.

قال الأميني: مادح نفسه يقرءك السّلام. ليت شعري هل كان يضيق فم الشّيطان عن أن يقول: أنا الله المحيط بجهاتك الستّ، كما لم تضق أفواه المدّعين للربوبيّة في سالف الدَّهر؟ فمن اين عرف الغزالي بصرف الدَّعوى انَّه هو الله؟ ولِماذا لم يحتمل بعدُ انّه هو الشّيطان؟ وإن كان قد صدّق الرؤيا وأذعن بانَّ الله هو الذي خاطبه فلماذا لم يدع الأساطير وقد خوطب ب‍: ذر الأساطير. ولم ينسج على نول النسّاج شيخه إلّا التافهات؟ وليته كان يوجد في صيدليّة النسّاج كحلٌ آخر تحدُّ بصر الغزالي وبصيرته حتّى لا يبوء بإثم كبير ممّا في إحيائه من رياضيّات غير مشروعة محبّذة من قِبله كقصّة لصّ الحمّام وغيرها، وحديث منعه عن لعن يزيد اللّعين في باب آفات اللّسان إلى أمثاله الكثير الباطل.

وما أحدَّ أثمد النسّاج الّذي يترك من اكتحل به لا يرضى بَعد رؤيته العرش ومَن حوله، حتّى يشاهد ما لا تدركه الأبصار، ويسمع الخطاب - كما سمعه موسى -: أنا الله ربُّ العالمين؟ وأنا إلى الغاية لا أدري انَّ موسىعليه‌السلام المشارك له في السّماع هل

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402