الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ١١

الغدير في الكتاب والسنة والأدب14%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 402

الجزء ١ المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١
المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 402 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 159697 / تحميل: 3929
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ١١

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

المقصد الثاني

وهو يشتمل على وقائع الطريق حتى ورود الرَّكْب الحسيني أرض الشام

ويكون على فصلين:

الفصل الأول

الركب الحسينيّ في الكوفة

٨١

٨٢

الفصل الأول

« الرَّكْب الحسينيّ في الكوفة »

الرأس المقدّس يسبق الركْب إلى الكوفة:

مرّ بنا أنّ الطبري من المؤرّخين الذين رووا أنّ عمر بن سعد أرسل برأس الإمامعليه‌السلام - بعد قتله مباشرة - مع خولّي بن يزيد، وحميد بن مسلم الأزدي إلى عبيد الله ابن زياد، لكنّه حينما يواصل روايته(١) . يقول: (فأقبل به خولّي، فأراد القصر فوجد باب القصر مُغلقاً، فأتى منزله(٢) ، فوضعه تحت أُجانه في منزله، وله امرأتان، امرأة من بني أسد، والأُخرى من الحضرميين، يُقال لها: النوّار ابنة مالك بن عقرب، وكانت تلك الليلة ليلة الحضرميّة.

قال هشام: فحدّثني أبي، عن النوّار بنت مالك قالت: أقبل خوّلي برأس الحسين فوضعه تحت أُجانة في الدار، ثمّ دخل البيت فأوى إلى فراشه، فقلت له: ما الخبر عندك؟ قال: جئتك بغنى الدهر! هذا رأس الحسين معك في الدار! قالت:

____________________

(١) تُلاحَظ هنا ثغرة تأريخية؛ إذ لا نعلم كيف انفرد خولّي بالرأس، وكيف اختفى حميد بن مسلم الأزدي عن مسرح قصّة حمْل الرأس إلى ابن زياد!

(٢) وكان منزله على فرسخ من الكوفة. (راجع مقتل الحسينعليه‌السلام للمقرّم: ٣٠٤، ورياض الأحزان: ١٦).

٨٣

فقلت: ويلَك! جاء الناس بالذهب والفضّة، وجئت برأس ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ! لا والله، لا يجمع رأسي ورأسك بيتٌ أبداً!

قالت: فقمت من فراشي فخرجت إلى الدار، فدعا الأسدية فأدخلها إليه، وجلست انظر، فوالله، ما زلت أنظر إلى نور يسطع مثل العمود من السماء إلى الأُجانة! ورأيت طيراً بيضاً تُرفرف حولها!

قال: فلما أصبح غدا بالرأس إلى عبيد الله بن زياد ...)(١).

أمّا السيّد هاشم البحراني فيقول: (إنّ عبيد الله بن زياد لعنه الله، بعدما عُرِض عليه رأس الحسينعليه‌السلام ، دعا بخولّي بن يزيد الأصبحي وقال له: خُذْ هذا الرأس حتّى أسألك عنه.

فقال: سمعاً وطاعة.

فأخذ الرأس وانطلق به إلى منزله، وكان له امرأتان، إحداهما ثعلبية، والأُخرى مُضَرية، فدخل على المضريّة، فقالت: ما هذا؟!

فقال: هذا رأس الحسين بن عليّ وفيه مُلك الدنيا!

فقالت له: أبشِر! فإنّ خصمك غداً جدّه محمّد المصطفى!

ثم قالت: والله، لا كنت لي ببعْل، ولا أنا لك بأهل! ثمّ أخذت عموداً من حديد وأوجعت به دماغه!

فانصرف من عندها وأتى به إلى الثعلبية، فقالت: ما هذا الرأس الذي معك؟

قال: هذا رأس خارجيّ، خرج على عبيد الله بن زياد.

فقالت: وما اسمه؟

فأبى أن يُخبرها ما اسمه، ثمّ تركه على التراب وجعل عليه أُجانة.

قال: فخرجت امرأته في الليل، فرأت نوراً ساطعاً من الرأس إلى عنان السماء! فجاءت إلى الأجانة، فسمعت أنيناً وهو يقرأ! إلى طلوع الفجر! وكان آخر ما قرأ:

____________________

(١) تأريخ الطبري: ٣: ٣٣٥.

٨٤

( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) ، وسمعت حول الرأس دويّاً كدويّ الرعد! فعلمت أنّه تسبيح الملائكة!

فجاءت إلى بعْلها وقالت: رأيت كذا وكذا، فأيّ شيء تحت الأجانة؟!

فقال: رأس خارجي، فقتله الأمير عبيد الله بن زياد، وأُريد أن أذهب به إلى يزيد بن معاوية؛ ليُعطيني عليه مالاً كثيراً!

قالت: ومَن هو؟!

قال: الحسين بن عليّ!

فصاحت وخرّت مغشيّة عليها! فلما أفاقت قالت: يا ويلك! يا شرّ المجوس! لقد آذيت محمّداً في عترته! أما خفت من إله الأرض والسماء؛ حيث تطلب الجائزة على رأس ابن سيّدة نساء العالمين؟!

ثمّ خرجت من عنده باكية، فلما قامت رفعت الرأس وقبّلته ووضعته في حِجْرها وجعلت تُقبّله وتقول: لعن الله قاتلك! وخصمه جدّك المصطفى!

فلما جَنّ الليل غلب عليها النوم، فرأت كأنّ البيت قد انشقّ بنصفين وغشيَه نور! فجاءت سحابة بيضاء، فخرج منها امرأتان، فأخذتا الرأس من حِجْرها وبكَتا!

قالت: فقلت لهما: بالله، مَن أنتما؟

قالت إحداهما: أنا خديجة بنت خويلد! وهذه ابنتي فاطمة الزهراء! ولقد شكرناك، وشكر الله لك عملك، وأنت رفيقتنا في درجة القدس في الجنّة!

قال: فانتبهت من النوم والرأس في حِجرها، فلما أصبح الصبح جاء بعْلُها لأخذ الرأس، فلم تدفعه إليه وقالت: ويلك! طلّقني! فوالله، لا جمعني وإيّاك بيت!

فقال: ادفعي لي الرأس وافعلي ما شئت!

فقالت: لا والله، لا أدفعه إليك!

٨٥

فقتلها وأخذ الرأس، فعجّل الله بروحها إلى الجنّة في جوار سيّدة النساء)(١).

منازل الطريق من كربلاء إلى الكوفة (٢) :

لم نجد في المصادر التأريخيّة - في ضوء مُتابعتنا - ذكراً وتفصيلاً لما جرى على الركب الحسيني في الطريق بين كربلاء والكوفة، غير أنّ هناك خبراً كاشفاً، عن أنّ (الحنّانة) كانت أحد هذه المنازل، يقول الشهيد الأوّل (ره): (فإذا نزلتَ الثويّة، وهي الآن تلّ بقُرب الحنّانة، عن يسار الطريق لمن يقصد من الكوفة إلى المشهد، فصلّ عندها ركعتين، كما روي أنّ جماعة من خواصّ أمير المؤمنينعليه‌السلام دُفنوا هناك، وقُلْ ما تقوله عند رؤية القبّة الشريفة، فإذا بلغت العَلَمَ وهي الحنّانة، فصلّ ركعتين، فقد روى محمّد بن أبي عمير، عن المفضّل قال: جاز الصادقعليه‌السلام بالقائم المائل في طريق الغريّ فصلّى ركعتين، فقيل له: ما هذه الصلاة؟

____________________

(١) مدينة المعاجز: ٤: ١٢٤ رقم ١٨٥، وانظر: ص١١٤، وهذه الرواية بهذا النحو رواها المرحوم السيّد البحراني مُرسلة، ولعلّه قد انفرد بها.

(٢) قال البراقي: كانت الكوفة واسعة كبيرة تتّصل قُراها وجباباتها إلى الفرات الأصلي وقُرى العذار، فهي تبلغ ستّة عشر ميلاً وثُلُثي ميل.

وقال البراقي أيضاً: أحد حدودها خندق الكوفة المعروف (بكري سعد)، والحدّ الآخر القاضي الذي هو بقرب القائم إلى أن يصل قريباً من القرية المعروفة اليوم بـ (الشنافيّة)، والحدّ الآخر الفرات، الذي هو مُمتدّ من الديوانية إلى الحسكة إلى القرية المعروفة اليوم بـ (أبو قوارير) وهي منزل الرماحيّة، والحدّ الرابع قرى العذار التي هي من نواحي الحلّة السيفيّة. (راجع: تاريخ الكوفة: ١٣٤).

وقال ياقوت الحموي: ذكر أنّ فيها من الدور خمسين ألف دار للعرب من ربيعة ومضر، وأربعة وعشرين ألف دار لسائر العرب، وستّة آلاف دار لليمن. (مُعجم البلدان: ٤: ٤٩٢).

٨٦

فقال:(هذا موضع رأس جدّي الحسين بن عليّ عليهما‌السلام ، وضعوه هاهنا لما توجّهوا من كربلاء، ثمّ حملوه إلى عبيد الله بن زياد لعنة الله عليه ...) (١) .

وقال الشيخ محمّد مهدي الحائري: (وقال المرحوم - وحيد عصره - شيخنا النوري نوّر الله مضجعه: إنّه كان قريباً من النجف الأشرف ميل من الجص والآجر، ويقال له: القائم. ويسمّونه: بالعَلَمْ. فلما قُبض أمير المؤمنينعليه‌السلام وجاءوا إلى النجف الأشرف، فلما وصلوا إلى العَلَم والقائم انحنى تعظيماً لأمير المؤمنين كالراكع فسمّوه بالحنّانة، وزيد في شرفه أنّه لما جيء برأس الحسينعليه‌السلام إلى الكوفة ووصل هناك وقد مضى من الليل شطره، فوضع اللعين الحامل الرأس المبارك في ذلك المقام، وهذا أوّل منزل نزل به رأس الحسينعليه‌السلام في طريق الكوفة، بقي غريباً وحيداً في ذلك المقام، ثمّ بنوا مسجداً في ذلك المكان وسُمِّي بمسجد الحنّانة، ويُستحب فيه الدعاء والزيارة وقيل: سُمّي بالحنانة؛ لأنّه لما وضِع رأس الحسينعليه‌السلام في ذلك الموضع سُمِع من الرأس الشريف حنين وأنين إلى الصباح، والله العالم)(٢) .

بقيّة الركب الحسينيّ:

تفاوتت المصادر التأريخية في عدد الباقين من الركب الحسينيّ، وفي أسماء الأسرى منهم، حينما أُخذوا من كربلاء إلى الكوفة، فقد قال ابن سعد في طبقاته: (ولم يفلت من أهل بيت الحسين بن عليّ الذين معه إلاّ خمسة نفر: عليّ بن

____________________

(١) المزار: ٦٩، وانظر: جواهر الكلام: ٢٠: ٩٣.

(٢) معالى السبطين: ٢: ٩٦.

٨٧

الحسين الأصغر، وهو أبو بقيّة وِلْد الحسين بن عليّ اليوم، وكان مريضاً فكان مع النساء، وحسن بن حسن بن عليّ،(١) وله بقيّة، وعمرو بن حسن بن عليّ ولا بقيّة له، والقاسم بن عبد الله بن جعفر، ومحمّد بن عقيل الأصغر، فإنّ هؤلاء استُضعفوا، فقدم بهم وبنساء الحسين بن عليّ وهنّ: زينب، وفاطمة ابنتا عليّ بن أبي طالب، وفاطمة، وسكينة ابنتا الحسين بن علي، والرباب بنت أنيف(٢) الكلبية امرأة الحسين بن علي، وهي أمّ سكينة وعبد الله المقتول ابنَي الحسين بن علي، وأمّ محمّد بنت حسن بن عليّ امرأة عليّ بن حسين، وموالي لهم ومماليك عبيد وإماء، قدم بهم على عبيد الله بن زياد مع رأس الحسين بن علي ورؤوس مَن قُتِل معه رضي الله عنه وعنهم)(٣) .

وقال الطبري: (وأقام عمر بن سعد يومه ذلك والغد، ثمّ أمر حميد بن بكير الأحمري، فأذّن في الناس بالرحيل إلى الكوفة، وحمل معه بنات الحسين وأخواته

____________________

(١) قال السيّد ابن طاووس (ره): (وروى مُصنِّف كتاب المصابيح: أنّ الحسن بن الحسن المثنّى قَتل بين يدي عمّه الحسينعليه‌السلام في ذلك اليوم سبعة عشر نفساً، وأصابته ثماني عشرة جراحة، فوقع فأخذه خاله أسماء بن خارجة، فحمله إلى الكوفة وداواه حتّى برئ وحملَه إلى المدينة) (راجع: اللهوف: ١٩١).

ومفاد ظاهر هذا الخبر، أنّ الحسن المثنّى لم يكن مع الأسرى في الركب الحسينيّ، الذين أُخذوا من كربلاء إلى الكوفة.

(٢) المشهور أنّ الربابّ بنت امرئ القيس.

(٣) ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام ومقتله / من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد / تحقيق السيّد عبد العزيز الطباطبائي (ره): ص٧٨، وانظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: ٣: ٣٠٣ في نقله عن طبقات ابن سعد. وانظر: تسمية مَن قُتِل مع الحسينعليه‌السلام : ١٥٧.

٨٨

ومَن كان معه من الصبيان وعليّ بن الحسين مريض)(١) .

وفي مقاتل الطالبيين: (وحمل أهله أسرى، وفيهم عمرو، وزيد، والحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، وكان الحسن بن الحسن بن عليّ قد ارتثّ جريحاً، فحُمل معهم، وعليّ بن الحسين الذي أمّه أمّ ولد، وزينب العقيلة، وأمّ كلثوم بنت علي بن أبي طالب، وسكينة بنت الحسين ...)(٢) .

وقال الشيخ عماد الدين الطبري في كامل البهائي: (وكنّ جميعهنّ عشرين نسوة، وكان لزين العابدين في ذلك اليوم اثنان وعشرون سنة، ولمحمّد الباقر أربع، وكانا كلاهما في كربلاء وحفظهما الله تعالى)(٣) .

ويُستفاد من (الفائدة الثالثة) التي ذكرها المحقِّق السماوي في كتابه إبصار العين: أنّ زوجة الشهيد جنادة بن الحرث السلمانيرضي‌الله‌عنه كانت في الركب الحسيني أيضاً، وهي أمّ الشهيد عمرو بن جنادةرضي‌الله‌عنه الغلام ذي الإحدى عشرة سنة من العمر، وكذلك كانت عائلة الشهيد مسلم بن عوسجةرضي‌الله‌عنه (٤) في هذا الركب، وأمّ الشهيد وهب الذي كان نصرانيّاًرضي‌الله‌عنه (٥) ، وآخرون قد يكشف عنهم التحقيق الدقيق.

____________________

(١) تاريخ الطبري: ٣: ٣٣٥، وانظر: الكامل في التاريخ: ٣: ٢٩٦، ومقتل الحسينعليه‌السلام / للخوارزمي: ٢: ٤٤، ومُثير الأحزان: ٨٣ وفيه أيضاً في ص ٩٨: (قال علي بن الحسينعليه‌السلام :(أُدخلنا على يزيد ونحن اثنا عشر رجلاً مغلَّلون ...) .

(٢) مقاتل الطالبيين: ١١٩، وانظر: اللهوف: ١٩١، وانظر: تاريخ أبي الفداء: ١: ٢٦٦ وفيه: (ثمّ بعث ابن زياد بالرؤوس وبالنساء والأطفال إلى يزيد بن معاوية وفيهنّ ابنة عقيل بن أبي طالب ...).

(٣) الكامل البهائي لعماد الدين الطبري: ٢٩٠.

(٤) راجع: إبصار العين: ٢٢٠.

(٥) راجع: أمالي الصدوق: ١٣٧ المجلس ٣٠، حديث رقم ١.

٨٩

متى دخل الركب الحسينيّ الكوفة؟

أكثر المصادر التأريخيّة، تذكر أنّ عمر بن سعد كان قد ارتحل من كربلاء إلى الكوفة في اليوم الحادي عشر بعد الزوال، حاملاً معه بقايا الركب الحسينيّ، وفي ضوء حساب المسافة وسرعة الدوابّ في ذلك العصر، فإنّ الأرجح أنّ عمر بن سعد ومَن معه يُمسون عند مشارف الكوفة أوّل الليل - أيّ ليلة الثاني عشر - هذا إذا كان قد جدّوا السير إلى الكوفة.

من هنا؛ فإنَّ الأرجح أنَّ الركب الحسينيّ قد بات ليلة الثاني عشر في صحبة عسكر ابن سعد، في منزل من منازل الطريق القريبة جدّاً من الكوفة أو على مشارفها، والظاهر أنّ عمر بن سعد كان قد دخل الكوفة نهار اليوم الثاني عشر مع عسكره وبقيّة الركب الحسيني أسرى وسبايا، ودخوله الكوفة نهاراً لا ليلاً أمرٌ يقتضيه العامل الإعلامي، وزهو الانتصار، والمباهاة بالظفر، في صدر كلٍّ من ابن زياد وابن سعد وأعوانهما.

وهناك أيضاً إشارات تأريخية، تؤكِّد أنّ دخول عمر بن سعد الكوفة كان في النهار، منها: ما رواه سهل بن حبيب الشهرزوري قال: فدخلتُ الكوفة فوجدت الأسواق مُعطّلة، والدكاكين مُغلّقة، والناس مجتمعون خلقاً كثيراً، حلقاً حلقاً، منهم مَن يبكي سرّاً، ومنهم مَن يضحك جهراً، فتقدّمت إلى شيخ منهم وقلت له: يا شيخ، ما نزل بكم؟! أراكم مُجتمعين كتائب! ألكم عيد لستُ أعرفه للمسلمين؟!

فأخذ بيدي وعدل بي ناحية عن الناس، وقال: يا سيّدي، ما لنا عيد! ثمّ بكى بحرقة ونحيب!

فقلت: أخبرني يرحمك الله؟!

قال: بسبب عسكرين أحدهما منصور، والآخر مهزوم مقهور!

فقلت: لمن هذان العسكران؟!

٩٠

فقال: عسكر ابن زياد، وهو ظافر منصور! وعسكر الحسين بن عليّعليهما‌السلام ، وهو مهزوم مكسور!

ثمّ قال: وا حرقتاه! أن يدخل علينا رأس الحسين!

فما استتمّ إذ سمعت البوقات تُضرب، والرايات تخفق قد أقبلت، فمددت طرْفي وإذا بالعسكر قد أقبل ودخل الكوفة)(١) .

إعلان حالة الطوارئ القصوى في الكوفة!

لما وصل إلى ابن زياد خبر عودة جيشه، بقيادة عمر بن سعد إلى الكوفة، أمر أن لا يحمل أحدٌ من الناس السلاح في الكوفة، كما أمر عشرة آلاف فارس أن يأخذوا السكك والأسواق، والطرُق والشوارع؛ خوفاً من النّاس أن يتحرّكوا حميّة وغيرة على أهل البيتعليهم‌السلام ، إذا رأوا بقيّتهم بتلك الحالة من الأسر والسبي، وأمر أن تُجعل الرؤوس في أوساط المحامل أمام النساء، وأن يُطاف بهم في الشوارع والأسواق؛ حتّى يغلب على الناس الخوف والخشية.(٢)

كما أمر عبيد الله بن زياد أن يضعوا الرأس المقدّس على الرمح، ويُطاف به في سكك الكوفة وقبائلها، واجتمع مئة ألف إنسان للنظر إليه، منهم مَن كان يُهنِّئ، ومنهم مَن كان يُعزّي!(٣).

____________________

(١) مدينة المعاجز: ٤: ١٢١.

(٢) راجع: معالي السبطين: ٢: ٥٧، وروضة الشهداء: ٢٨٨.

(٣) راجع: كامل البهائي: ٢٩٠ / ولا يخفى على المتتبّع العارف أنّ عدد نفوس أهل الكوفة آنذاك (سنة ٦١ هـ ق) قد يربو على ثلاثمئة ألف نسمة؛ ذلك لأنّ الكوفيين الذين كاتبوا الإمام الحسينعليه‌السلام في سنة ٦٠ هـ بعد موت معاوية، ذكروا له عن وجود مئة ألف مقاتل! فلو أنّ كلّ =

٩١

كيف استقبلت الكوفة بقيّة الركب الحسينيّ؟!

كانت الكوفة قد خرجت عن بكرة أبيها؛ لتشهد احتفال ابن زياد بمقدم جيشه الظافر في الظاهر! ولتشهد بقايا العسكر الذي قاتله جيش عمر بن سعد، ولتتصفّح وجوه السبايا!

ومن أهل الكوفة مَن كان يعلم بحقيقة مجرى الأحداث، ويُدرك عُظم المصاب وفظاعة الجناية التي ارتكبتها الكوفة بالأساس، ويدري أنّ السبايا المحمولين مع عمر بن سعد هم بقيّة آل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنّ الرؤوس المشالات على أطراف الأسنّة هي رؤوس ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته وأصحابه، وهم خير أهل الأرض يومذاك، فكان يبكي لعُظم الرزيّة!

ومنهم مَن كان أُمويّ الميل والهوى، أو جاهلاً لم يعلم بحقائق الأحداث، مُتوهّماً أنّ والي الكوفة وأميرها قد فتح فتحاً جديداً على ثغْر من ثغور المسلمين! وجيء إليه بسبايا من غير المسلمين، فكان يضحك جهراً ويُهنِّئ مَن يلقاه بهذه المناسبة!!

قال صاحب رياض الأحزان: (وقد مُلئت شوارعها - أي الكوفة - وسككها وأزقَّتها من الرجال والنسوان، والشيوخ والشبّان، والصبايا والصبيان، من الموالف

____________________

= واحد من هؤلاء ينتمي إلى عائلة من ثلاثة أفراد (في ضوء حساب المعدّل)، لكان مجموع نفوس الكوفة آنذاك حوالي ثلاثمئة ألف نسمة، ويُساعد على ما ذهبنا إليه، أنّ عمر بن الخطّاب في سنة ٢٢ هـ. ق كان قد صرّح بصدد أهل الكوفة قائلاً: وأيّ شيء أعظم من مئة ألف لا يرضون عن أمير ولا يرضى عنهم أمير؟! وأُحيطت الكوفة على مئة ألف مقاتل. (راجع: الكامل في التاريخ: ٣: ٣٢)، وهذا في سنة ٢٢ هـ؛ فلا شكّ أن نفوسهم بعد ٣٨ سنة قد بلغ حوالي ثلاثة أمثال عددهم سنة ٢٢ هـ.

٩٢

والمخالف، وحزب الرحمان، وأولياء الشيطان، منهم باكٍ ومُنتحب، ومنهم ضاحك وطرِب، منهم عارف بالواقعة العظمى، وأنّها جرت على آل النبيّ محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومنهم جاهل غافل عن البلوى)(١) .

وروى الشيخ الطوسي بسنده، عن حذلم بن ستير(٢) ، قال: (قدمت الكوفة في المحرّم سنة إحدى وستّين، مُنصرف عليّ بن الحسينعليهما‌السلام بالنسوة من كربلاء، ومعهم الأجناد يُحيطون بهم، وقد خرج الناس للنظر إليهم، فلما أقبل على الجِمال بغير وطاء جعل نساء الكوفة يبكين ويلتدمْن!(٣) ، فسمعت عليّ بن الحسينعليهما‌السلام وهو يقول بصوت ضئيل - وقد نهكته العلّة! وفي عنُقه الجامعة! ويده مغلولة إلى عنقه! -:(إنّ هؤلاء النسوة يبكين! فمَن قتلنا؟!) (٤) .

ويقول اليعقوبي في تاريخه: (وحملوهنّ إلى الكوفة، فلما دخلن إليها خرجت نساء الكوفة يصرخن ويبكين! فقال عليّ بن الحسين:(هؤلاء يبكين! فمَن

____________________

(١) رياض الأحزان: ٤٨ /، ونقل أيضاً عن تذكرة الأئمّة للعلاّمة المجلسي أنهّ (قال بعض النظّار والمتفرّجين لبعض شماتةً بهم: إنّ الله تعالى نِعْمَ ما كافى هؤلاء به عمّا أحدثوه وأبدعوه وفعلوه!

وكان هو في ذلك، إذ طارت من السماء حجارة وأصابت فمه وسقط ميّتاً لعنه الله).

(٢) في رجال الشيخ الطوسي: ١١٣ ورد اسمه (حذيم بن شريك الأسدي)، وروى الطبرسي في كتابه الاحتجاج عنه حديث ورد الإمام السجّادعليه‌السلام الكوفة مع أهل البيت، وخطبة زينب الكبرى في الكوفة. (راجع: الاحتجاج: ٢: ٣٢٠ رقم ٣٢٢)، وفي البحار: ٤٥: ١٠٨ (بشير بن خزيم الأسدي)، وفي مُستدركات علم رجال الحديث: ٢: ٣٧: (بشير بن جزيم الأسدي: لم يذكروه، وهو راوي خطبة مولاتنا زينبعليها‌السلام بالكوفة.).

(٣) التدمتْ المرأة: ضربت صدرها في النياحة، وقيل: ضربت وجهها في المآتم.

(٤) أمالي الطوسي: ٩١، واللهوف: ١٩٢، وأمالي المفيد: ٣٢٠، والفصول المهمّة: ١٩٢، والمنتخب للطريحي: ٣٥٠.

٩٣

قتلَنا؟!) (١) .

ويقول ابن أعثم الكوفي: (وساق القوم حُرَم رسول الله من كربلاء، كما تُساق الأُسارى! حتّى إذا بلغوا بهم إلى الكوفة خرج الناس إليهم فجعلوا يبكون وينوحون ...)(٢) .

وقال السيد ابن طاووس (ره): (قال الراوي: فأشرفت امرأة من الكوفيّات فقالت: من أيّ الأُسارى أنتنّ؟ فقلن: نحن أُسارى آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله !!

فنزلت المرأة من سطحها، فجمعت لهنّ مُلاء وأُزُراً ومقانع، وأعطتهنّ فتغطّين)(٣) .

ويصف حاجب عبَيد الله بن زياد حال الناس ذلك اليوم فيقول: (.. ثمّ أمر بعليّ بن الحسينعليه‌السلام فغُلّ، وحُمل مع النسوة والسبايا إلى السجن، وكنت معهم، فما مررنا بزقاق إلاّ وجدناه ملاء رجالاً ونساء يضربون وجوههم ويبكون ...!!)(٤) .

مسلم الجصّاص يصف حال الكوفة يومذاك!

قال العلاّمة المجلسي (ره): (رأيت في بعض الكُتب المعتبرة(٥) ، روى مُرسلاً عن مسلم الجصاص، قال: دعاني ابن زياد لإصلاح دار الإمارة بالكوفة، فبينما أنا

____________________

(١) تاريخ اليعقوبي: ٢: ١٧٧.

(٢) الفتوح: ٥: ١٣٩.

(٣) اللهوف: ١٩١.

(٤) أمالي الشيخ الصدوق: ١٤٠ المجلس ٣١ حديث رقم ٣.

(٥) لا يُعرَف السرّ في عدم ذكر العلاّمة المجلسي (ره) اسم هذا الكتاب الذي وصفه من الكُتب المعتبرة.

٩٤

أُجصّص الأبواب، وإذا أنا بالزعقات(١) قد ارتفعت من جنبات الكوفة! فأقبلت على خادم كان معنا، فقلت: ما لي أرى الكوفة تضجّ؟!

قال: الساعة أتَوا برأس خارجيّ خرج على يزيد.

فقلت: مَن هذا الخارجي؟!

فقال: الحسين بن علي!

قال: فتركت الخادم حتّى خرج، ولطمت وجهي حتّى خشيت على عيني أن تذهب!(٢) ، وغسلت يدي من الجصّ، وخرجت من ظَهر القصر وأتيت إلى الكُناس، فبينما أنا واقف والناس يتوقَّعون وصول السبايا والرؤوس، إذ أقبلت نحو أربعين شِقّة(٣) تُحمل على أربعين جَملاً، فيها الحرم والنساء وأولاد فاطمةعليها‌السلام ، وإذا بعليّ بن الحسينعليه‌السلام على بعير بغير وطاء! وأوداجه تشخب دماً! وهو مع ذلك يبكي ويقول:

يا أُمّة السوء لا سَقياً لربعكم

يا أُمّة لم تراعِ جدّنا فينا

لو أنّنا ورسول الله يجمعنا

يوم القيامة ما كنتم تقولونا

تُسيّرونا على الأقتاب عارية

كأنّنا لم نُشيِّد فيكم دينا

بني أُميّة ما هذا الوقوف على

تلك المصائب لا تُلبُّون داعينا(٤)

تُصفِّقون علينا كفَّكم فرحاً

وأنتم في فجاج الأرض تسْبونا

أليس جدّي رسول الله ويلكم

أهدى البريّة من سُبل المضلِّينا

____________________

(١) قال ابن منظور: والزعق: الصياح. (لسان العرب: ٦: ٤٦).

(٢) وفي هذا إشارة إلى أنّ مسلماً الجصّاص كان من مُحبيّ أهل البيتعليهم‌السلام .

(٣) والشِّقّة: الشظيّة أو القطعة المشقوقة من لوح أو خشب أو غيره. (لسان العرب: ١٠: ١٨٢).

(٤) يُلاحَظ في هذا البيت وما بعده ضعف وركاكة ظاهرة، ولعلّ هذه الأبيات من نظم آخرين ثمّ ألحقت بالأبيات الثلاثة الأُولى، والله العالم.

٩٥

يا وقعة الطفّ قد أورثتني حزناً

والله يهتك أستار المسيئينا

قال: وصار أهل الكوفة يُناولون الأطفال الذين على المحامل بعض التمر والخبز والجوز، فصاحت بهم أمّ كلثوم، وقالت: يا أهل الكوفة، إنّ الصدقة علينا حرام!

وصارت تأخذ ذلك من أيدي الأطفال وأفواهم وترمي به إلى الأرض.

قال: كلّ ذلك والنّاس يبكون على ما أصابهم!

ثمّ إنّ أمّ كلثوم أطلعت رأسها من المحمل، وقالت لهم:

صهٍ يا أهل الكوفة! تقتلنا رجالكم وتبكينا نساؤكم؟! فالحاكم بيننا وبينكم الله يوم فصل القضاء!

فبينما هي تُخاطبهنّ إذا بضجّة قد ارتفعت، فإذا هم أتوا بالرؤوس يقدمهم رأس الحسينعليه‌السلام (١) ، وهو رأسٌ زهريٌّ قمرىٌّ، أشبه الخلْق برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولحيته كسواد السّبج(٢) قد انتصل منها الخضاب، ووجهه دارة قمر طالع! والرمح تلعب بها (كذا) يميناً وشمالاً، فالتفتت زينب، فرأت رأس أخيها، فنطحت جبينها بمُقدّم المحمِل، حتّى رأينا الدّم يخرج من تحت قناعها، وأومأت إليه بحرقة وجعلت تقول:

يا هلالاً لما استتمّ كمالا

غاله خسفه فأبدى غروبا

ما توهّمت يا شقيق فؤادي

كان هذا مُقدَّراً مكتوبا

يا أخي فاطم الصغيرة كلِّمها

فقد كاد قلبها أن يذوبا

____________________

(١) ظاهر هذا الخبر يُخالف الأخبار التي مضت قبل هذا، والمصرِّحة بأنّ رأس الإمامعليه‌السلام أُخذ من ساعته إلى ابن زياد بيد خولّي وحميد بن مسلم، إلاّ أنّ الرؤوس المقدّسة جيء من القصر بها إلى حيث يمرّ الركب تلك الساعة داخل الكوفة. والله العالم.

(٢) السَّبَج: حجر أسود شديد السواد برّاق.

٩٦

يـا أخـي قـلبك الشفيق علينا

مـا لـه قد قسا وصار صليبا

يا أخي لو ترى عليّاً لدى الأسر

مـع الـيُتْم لا يُـطيق وجوبا

كـلّما أوجـعوه بالضرب نادا

ك بـذلٍّ يـغيض دمعاً سكوبا

يـا أخـي ضُـمَّه إليك وقرِّبه

وسـكِّـن فؤاده الـمرعوبا

مـا أذلّ الـيتيم حـين يُنادي

بـأبيه ولا يراه مُجيبا) (١) .

إشارة:

لا شكّ بأنّ الصدقة الواجبة حرام على أهل البيتعليهم‌السلام وعلى ذراريهم، وهي - كما ورد في الأثر(٢) - أوساخ الناس، وأنّها لا تحلّ على محمّد ولا آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ إنّه لا خلاف في عدم تحريم الصدقة المندوبة، فلماذا منعَتْ السيّدة أمّ كلثوم أو زينبعليها‌السلام الأطفال من أخذ ما كان يُقدِّمه لهم أهل الكوفة من تمر وخبز وجوز؟ ألأنّ ذلك كان صدقة واجبة وهي محرّمة عليهم؟ أمْ كان ذلك احتياطاً، فلرّبما كان بعض ذلك من الصدقة الواجبة؟ أمْ كان ذلك محمولاً على الكراهة أو الحُرمة بتعليل خاص؟

يقول الشيخ الأنصاري (ره) في كتاب الزكاة(٣) ما نصّه: (ثمّ إنّه لا خلاف في عدم تحريم الصدقة المندوبة، وبه وردت أخبار كثيرة، إلاّ أنّ في بعض الأخبار ما يدلّ

____________________

(١) بحار الأنوار: ٤٥: ١١٤ - ١١٥.

(٢) قال ابن عبّاس: (وكان (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كثيراً ما يقول عن الصدقة: هي أوساخ النّاس، وأنّها لا تحلّ لمحمّد ولا آل محمّد. (كشف الغمّة عن هذه الأمّة للشعراني: ١٥٤). وانظر: وسائل الشيعة: ٦: ١٨٥ باب ٢٩ من أبواب المستحقّين للزكاة.

(٣) كتاب الزكاة: ٣٥٢.

٩٧

على نهي الإمامعليه‌السلام عن ماء المسجد؛ مُعلّلاً بأنّها صدقة، وقد اشتُهر حكاية منع سيدتنا زينب أو أمّ كلثومعليها‌السلام للسبايا عن أخذ صدقات أهل الكوفة؛ مُعلِّلتين بكونها صدقة، ويمكن حملها على الكراهة أو الحرمة، إذا كان الدفع على وجه المهانة كما احتمله في شرح المفاتيح).

وفي طول ذلك، يمكن أن نقول: بأنّ من المحتمل أيضاً، أنّ سيدتناعليها‌السلام أرادت من وراء ردّ عطايا أهل الكوفة ومنع السبايا منها - مع فرض الكراهة - أن تُعرِّف النّاس بأنّ سبايا هذا الركب ليسوا من أيّ الناس، بل هم آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذين فرض الله مودّتهم واتِّباعهم، وأنّ يزيد بن معاوية وعامله ابن زياد قد عصيا الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله بارتكاب ما ارتكبا من آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حتّى ينكشف للنّاس من أهل الكوفة عُظم الجريمة والرزيّة، وفظاعة ما اجترحوه من ذنب الانقياد ليزيد وابن زياد وأتباعهما.

خُطبة بطلة كربلاءعليها‌السلام :

ولما رأت العقيلة زينبعليها‌السلام الحشود الكثيرة من أهالي الكوفة، قد ملأت الشوارع والطرق والسكك، اندفعت إلى الخطابة وإلى التبليغ وإلى تبيان ما جرى على أهل بيت النبوّة، وأخذت تُحمِّل أهل الكوفة مسؤولية نقض العهد والبيعة وقتل ريحانة رسول الله، وتُوخِز ضمائرهم وتُحرق قلوبهم، بتعريفهم عُظم ما اجترحوا من جُرم، وقبح ما ألبسوا أنفسهم من عارٍ لا يُغسَل أبد الدهر!

قال السيّد ابن طاووس (ره): (قال بشير بن خزيم الأسدي: ونظرت إلى زينب بنت عليّ يومئذٍ، ولم أرَ خَفرةً - والله - أنطق منها! كأنّها تُفرغ من لسان أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ! وقد أومأت إلى النّاس أن اسكتوا فارتدّت الأنفاس

٩٨

وسكنت الأجراس!! ثمّ قالت:

الحمد لله، والصلاة على أبي محمّد وآله الطيّبين الأخيار! أمّا بعد، يا أهل الكوفة! يا أهل الختل والغدر! أتبكون؟! فلا رقأت الدمعة، ولا هدأت الرنّة! إنّما مَثَلكم كمَثل الذي نقضت غزلها من بعد قوّة أنكاثاً، تتّخذون أيمانكم دخَلاً بينكم! ألا وهل فيكم إلاّ الصَّلف النَّطف، والصدر الشّنف، وملق الإماء، وغمز الأعداء، أو كمرعى على دِمنة، أو كفضّة (كقصّة خ ل) على ملحودة!؟! ألا ساء ما قدّمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون!

أتبكون وتنتحبون؟! إي والله، فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً! وأنّى ترحضون قتل سليل خاتم النبوّة، ومعدن الرسالة، وسيّد شباب أهل الجنّة، وملاذ خيرتكم، ومفزع نازلتكم، ومنار حجّتكم، ومدره ألسنتكم؟! ألا ساء ما تزرون، وبُعداً لكم وسحقاً، فلقد خاب السعي، وتبّت الأيدي، وخسرت الصفقة، وبؤتم بغضب من الله، وضُربت عليكم الذّلة والمسكنة!

ويلكم يا أهل الكوفة! أتدرون أيّ كبد لرسول الله فريتم؟! وأيّ كريمة له أبرزتم؟! وأيّ دم له سفكتم؟! وأيّ حُرمة له انتهكتم؟! ولقد جئتم بها صلعاء عنقاء سوداء فقماء - وفي بعضها - خرقاء شوهاء، كطلاع الأرض أو ملاء السماء!

أفعجبتم أن مطرت السماء دماً؟! ولعذاب الآخرة أخزى وأنتم لا تُنصرون! فلا يستخفّنكم المهل، فإنّه لا يَحفزه البدار، ولا يخاف فوت الثار، وإنّ ربّكم لبالمرصاد!

٩٩

قال الراوي: فوالله، لقد رأيت النّاس يومئذٍ حيارى يبكون، وقد وضعوا أيديهم في أفواههم! ورأيت شيخاً واقفاً إلى جنبي حتّى اخضلّت لحيته! وهو يقول: بأبي أنتم وأمّي! كهولكم خير الكهول! وشبابكم خير الشباب! ونساؤكم خير النساء! ونسلكم خير نسل، لا يخزى ولا يُبزى!)(١) .

____________________

(١) اللهوف: ١٩٢، وانظر: أمالي المفيد: ٣٢١، والفتوح: ٥: ١٣٩، وأمالي الطوسي: ١: ٩٠، ومُثير الأحزان: ٨٦، ومناقب آل أبي طالبعليهم‌السلام ٤: ١١٥، والبحار: ٤٥: ١٦٢.

وروى المرحوم الطبرسي هذه الخطبة الغرّاء، بتفاوت وفيه زيادة: ثمّ أنشأت تقول:

مـاذا تـقولون إنّ قال النبيّ لكم

مـاذا صـنعتم وأنـتم آخر الأُمم

بـأهل بـيتي وأولادي تـكرمتي

مـنهم أُسارى ومنهم ضُرِّجوا بدم

ما كان ذاك جزائي إذ نصحت لكم

أن تخلفوني بسوءٍ في ذوي رحمي

إنّـي لأخشى عليكم أن يحلّ بكم

مثل العذاب الذي أودى على إرَم

ثمّ ولّت عنهم.

وفيه أيضاً: فقال علي بن الحسينعليه‌السلام :

(يا عمّة اسكتي! ففي الباقي عن الماضي اعتبار، وأنت بحمد الله عالمة غير مُعلّمة، فهمةٌ غير مُفهَّمة، إنّ البكاء والحنين لا يردّان مَن قد أباده الدهر!) .

فسكتت، ثمّ نزلعليه‌السلام وضرب فسطاطه، وأنزل نساءه، ودخل الفسطاط.

الاحتجاج: ٢: ١٠٩ / ويُلاحظ في إضافة الطبرسي (ره) أنّ قوله: (ثمّ نزل وضرب فسطاطه وأنزل نساءه ودخل الفسطاط) كاشف عن أنّ ما نقله من قول الإمام السجادعليه‌السلام ، كان قد صدر منه إلى عمّتهعليها‌السلام عند مشارف المدينة المنوّرة حين العودة إليها - على احتمال أقوى - أو في كربلاء، عند عودتهم إليها من الشام.

ذلك؛ لأنّهعليه‌السلام لم يكن له فسطاط في مسير السبي والأسر، ولم يكن له أن يُنزل النساء باختياره حيث يشاء! فتأمّل!

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

عمر فاتح الفتوح الّذي مهَّد

طرق الهدى بحسن ولاء

سالب الفرس ملكهم وكذا الرو

م ومبدي الصَّلاة بعد الخفاءِ

الأمير الّذي برحمته ما

رعفاة الأرامل الضعفاءِ(١)

فرقاً فرَّ من مهابته الشّيـ

ـ طان عن فجَّه فرار فراءِ(٢)

وبتاليهما ابن عفّان من جهَّز

لِلَّه الجيش في اللأواءِ

الموفّى في يوم بدر وقد خلـ

ـ ف الإذن أوفر الإنصباءِ

جامع الذكر في المصاحف ذي النو

رين شيخ الإحسان كهف الحياءِ

فاسح المسجد المؤسّس بالتّقو

ى وملقى الأملاك باستحياءِ(٣)

وبباب العلوم صنوك مردي

في الرّدى كلَّ مبطل بالرّداءِ

أسد الله في الحروب مجلّي

أزمان الكروب والغمّاءِ

جعل الباب معجز القوم نقلاً

ترسه يوم خيبر بنجاءِ

لم يمله عن التّقى زخرف اللّهو

ولا مال قطُّ للأهواءِ

بَتَّ زهداً طلاق دنياه

ما غرَّ بامِّ الغرور بالاغراءِ

الحسيب النسيب أوَّل لاقٍ

من ثنيّات نسبة الأقرباء

الوزير المشير بالصّوب في الحر

ب الّذي قد علا على الجوزاءِ(٤)

وكفاه حديث من كنت مولاه

فخاراً ناهيك ذا من ثناءِ

أخذنا هذه الأبيات من قصيدة شاعرنا ( الحميدي ) البالغة ٣٣٧ بيتاً يمدح بها النبيّ الأقدسصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أسماها ( الدرّ المنظّم في مدح النبيِّ الأعظم ) طبع ببولاق سنة ١٣١٣ ضمن ديوانه في ١٤٩ صحيفة توجد من ص ٥ - ٢٢.

____________________

١ - مار عياله: اتاهم بالطعام والمؤنة.

٢ - حديث فرار الشيطان فرقاً من عمر من الاكاذيب المضحكة تمسّ كرامة النبي الاقدس راجع الجزء الثامن ص ٦٥ ط ١.

٣ - استوفينا البحث عما لفقه الشاعر من مناقب عثمان، وفصلنا القول حول حيائه في الجزء التاسع ص ٢٧٣ ط ١.

٤ - الصوب: الصواب.

٢٤١

( الشاعر )

زين الدّين عبد الرَّحمن بن أحمد(١) بن عليّ الحميديّ، شيخ أهل الوراقة بمصر، أثنى عليه الشّهاب الخفاجي في ( ريحانة الأدب ) ص ٢٧٠ بقوله: كان أديبا تفتحت بصبا اللطف أنوار شمائله، ورقت على منابر الآداب خطباء بلابله، إذا صدحت بلابل معانيه، وتبرَّجت حدائق معاليه، جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري، نظم في جيد الدَّهر جمانه، وسلّم إلى يد الشَّرف عنانه، خاطراً في رداء مجد ذي حواش وبطانه، ناثراً فرائد بيان وينثرها اللّسان فتودع حقاق الآذان، وله في الطبّ يدٌ مسيحيّة تحُيي ميت الأمراض، وتبدّل جواهر الجواهر بالأعراض.

مبارك الطلعة ميمونها

لكن على الحفّار والغاسلِ

وديوان شعره شائعٌ، ذائعٌ، ولمـّا نظم بديعيَّته أرسلها إليَّ فنظرت فيها في أوائل الصّبا تنافس على أرجه وقد فاح مسك اللّيل وكافور الصّباح.

ولا مقرب إلّا بصدغ مليحة

ولا جور إلّا في ولاية ساقِ إلخ

وترجمه المحبّي في ( خلاصة الأثر ) ٢ ص ٣٧٦ وذكر كلمة الخفاجي مع زيادة. له الدرّ المنظّم، وبديعيَّة وشرحها طبعت مع ديوانه كما مرَّ في ترجمة صفيِّ الدين الحلّي، توفّي سنة ألف وخمس، وللقارئ عرفان مذهبه ممّا ذكرناه من شعره، وميزانه في الشّعر قوّة وضعفاً كما ترى، وله قصيدةٌ يمدح بها النبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مستهلّها:

مالي أراك أهمت هامه؟

أذكرت إفك في تهامه؟

أم رام قلبك ريم رامه

للقا فلم يبلغ مرامه؟

أم فوق أفنان الرِّيا

ض شجاك تفنين الحمامه؟

إلى أن قال في المديح:

ختم الإلـ~ـه ببعثه

بعثاً وفضَّ به ختامه

فهو البداية والنّها

ية والكفاية في القيامة

____________________

١ - فى ريحانة الادب وخلاصة الاثر: محمد بدل أحمد.

٢٤٢

وبه الوقاية والهدا

ية والعناية والزّعامه

فببابه لُذ خاضعاً

متذلّللاً تلق الكرامه

وأفض دموعك سائلاً

متوسِّلاً تُكف الملامه

وأنخ قلوصك في حما

ه ترى النَّجاة من المضامه

وبذا الجناب فقم وقل

: يا من حوى كلَّ الفخامه

أنت الّذي بالجود أخجلـ

ـت الزَّواخر والغمامه

أنت الّذي في الحشر يقبـ

ـ ل ربُّنا فينا كلامه

أنت الّذي لولاك ما

ذكر العقيق ولا تهامه

أنت الّذي لولاك ما اشـ

ـتاق المشوق لأرض رامه

أنت الّذي لولاك ما

ركب الحجاز سرى وسامه

أنت الّذي من لمس كفّك

قد كفى العافي سقامه

فيما حويت من الجمال

بوجهك الحاوي قسامه

القصيدة ٦٦ بيتاً

٢٤٣

القرن الحادي عشر

٨١

بهاء الملة والدين

المولود ٩٥٣

المتوفى ١٠٣١

رعى الله ليلة بتنا سهارى(١)

خلعنا بحبِّ العذارى العذارا

ولمـّا سرى النّجم والبدر حارا

أماطت ذات الخمار الخمارا

وصيّرت اللّيل منها النّهارا

وكنّا بجنح الدُّجى أدعجِ

وبعضٌ إلى بعضنا ملتجي

فقامت لساق لها مدلجِ

وجاءت تشمّر من أبلج

كما طلع البدر حين استنارا

تبدَّت بنورٍ لها لائحِ

ووجهٍ لبدر الدُّجا فاضحِ

وخدٍّ بماء الحيا ناضحِ

وتبسم عن أشنب واضحِ

كزهر الإقاح إذا ما استنارا

شربنا لداء الهموم الدّوا

وشبنا نسيم الهوى بالهوى

حللنا على النيّرين السّوى

وقد حلك الليل عنّا انطوى

ونور الصَّباح لدينا استنارا

هوينا رداحاً حجازيَّةً

فبحنا ضمائر مخفيَّةً

فمدَّت إلينا سراحيَّةً

تناول صهباء قانيَّةً

كأنّا نقابل منها شرارا

سقينا مداماً مجوسيَّةً

كما التّبر حمراء مصريَّةً

____________________

١ - توجد القصيدة وتخميسها في مجموعة العلامة الاوحد شيخنا المرحوم الشيخ على الشيخ محمد رضا آل كاشف الغطا، الاصل لشيخنا البهائى والتخميس للشيخ على المقرى.

٢٤٤

قديمة عهد رمانيَّةً

مشعشةً ار جوانيّةً

تدبّ النّفوس اليها افتقارا

فقم إنّما الدّيك قد نبّها

إلى خمرة فاز من حبّها

جلت حين ساقي الهوى صبّها

كأنَّ الندَّيم إذا عبّها

يقبِّل في طخية اللّيل نارا

وبي غارةٌ رنّحت قدَّها

حميّا الصّبا والفت ضدَّها

وقد جعلت مُقلتي خدَّها

ولم أنس مجلسنا عندها

جلسنا صحاوى وقمنا سكارى

نعمنا أخلّاء دون الأنامْ

بتلك الرُّبوع وتلك الخيامْ

ألم ترنا إذ هجرنا المنامْ

تميل بنا عذبات المدامْ

ونحن نميس كلانا حيارى؟

فلِلّه مجلسنا باللّوى

لكلِّ المنى والهنا قد حوى

إذا نزعت من نزيل الجوى

فقامت وقد عاث فيها الهوى

تستَّر بالغيم الجلّنارا

لها وجه سعد يزيل الشِّقا

وقدُّ حكى غصناً مورقا

وتشفي عليل الهوى منطقا

تريع كما ريع ظبي النّقا

توجّهه خيفة واستنارا

هلال السّما من سناها يغيبْ

ومن قدّها الغصن مضنى كئيبْ

ألا إنَّ هذا لشيئٌ عجيبْ

إذ البدر أبصرها والقضيبْ

تلبّس هذا و هذا توارى

أضاء الدُّجا نورها حين لاحْ

بوجه سبى حسن كلِّ الملاحْ

أزلنا الهموم بذات الوضاحْ

سقتنا إلى حين بان الصّباحْ

وفرَّ الدُّجا من ضياها فرارا

فيا ظبيةً طال يا للرِّجالْ؟!

نقمنا بها في لذيد الوصالْ

٢٤٥

ففرَّ وقد صحَّ فيه المثالْ

كما فرَّ جيش العدا بالنّزالْ

عن الطّهر حيدرة حين غارا

إمام البريَّة أصل الاُصولْ

شفيع الأنام بيوم مهولْ

فتىً حبّه الله ثمّ الرَّسولْ

وصيُّ النبيِّ وزوج البتولْ

حوى في الزَّمان النّدى والفخارا

فيا ويح من لم ينل مرَّةً

لمن فاق بدر السَّما غرَّةً

فطوبى لمن زاره مرَّةً

فيا راكباً يمتطي حرَّةً

تبيد السّهول وتفري القفارا

إذا شئت ترضي إلـ~ـه السَّما

وتُهدي إلى الرُّشد بعد العمى

وتُسقي من الحوض يوم الظّما

إذا ما انتهى السّير نحو الحمى

وجئت من البعد تلك الدّيارا

وقابلت مثوى عليِّ الولي

وأظهرت حبَّ الصِّراط السّوي

وشاهدت حبل الإلـ~ـه القوي

وواجهت بعد سراك الغري

فلا تذق النوم إلّا غرارا

فحطّ الرِّحال بذاك المحلْ

وعن أرضه قدماً لا تزلْ

وكن لسما قبره مستهلْ

وقف وقفة البائس المستذلْ

وسر في الغمار وشمّ الغبارا

فإن طعت ربّ السّما فارضه

فحبّ الأئمّة من فرضه

وضاعف ثوابك من فرضه

وعفّر خدودك في أرضه

وقل: يا رعى الله مغناك دارا

إذا جئت ذاك الحمى سلّما

وكن والهاً بالفنا مغرما

وزر قبر مَن بالمعالي سما

فثمَّ ترى النّور ملؤ السَّما

يعمّ الشّعاع ويغشى الدّيارا

إذا لم تكن حاضراً عصرهُ

فكن بالبكا مدركاً نصرهُ

فقف عنده وامتثل امرهُ

وقل سائلاً: كيف يا قبرهُ!

٢٤٦

حويت الزَّمان وحزت الفخارا؟

وقف والهاً وابرَ من ضدّهِ

وبثَّ إليه الهوى وابدهِ

ولا تبرح الأرض من عندهِ

وأبلغه يا صاح! من عبدهِ

سلام محبٍّ تنائا ديارا

ألا زره ثمّ احظ في قربهِ

لتكسب أجراً وتنجو بهِ

وقم والتثم ترب أعتابهِ

وأظهر عناك بأبوابهِ

معفّر خدّيك فيه احتقارا

ويا من أتى بعد قطع الفلا

إمام الهدى وشفيع الملا!

تمسّك به فهو عفد الولا

فمن كان مستأثراً في البلا

سوى حيدر لا يفكّ الاسارى

وكثّر بكاك بذاك المكانْ

وقل: يا قسيم اللّظى والجنانْ

عبيدك يرجو لديك الأمانْ

دعاه البلا وجفاه الزّمانْ

وفيك من الحادثات استجارا

مواليك مستأثرٌ في يديكْ

ولم يكل الفكّ إلّا عليكْ

أتاك من الذّنب يشكو اليكْ

أبت نفسه الذلّ إلّا لديكْ

وبعد المهيمن فيك استجارا

إليك التجى يا سفين النجاة!

وعن حبّكم ماله في الحياة

فَقِه محنة القبر عند المماة

فأنت وإن حلّت النازلات

فتىً لا يضيم له الدَّهر جارا

إمامٌ له خصَّ ربُّ السّما

وفي يده الحوض يوم الظما

ومأوى الطّريد وحامي الحما

أبى أن يباح حماه كما

أبى أن يرى في الحروب الضّرارا

إمامٌ تحنُّ المطايا إليهْ

وتزوى ذنوب البرايا لديهْ

غداً أرتجي شربة من يديهْ

وليس المعوَّل إلّا عليهْ

ولا غيره كان لي مستجارا

٢٤٧

فما خاب من يشتكي حاله

لمن في الوصيّة أوحى له

إلـ~ـه السَّما وارتضى ماله

فإنّ الّذي ناط أثقاله

به كلّها ووقاه العثارا

إمامٌ به الشّرك عنّي خفى

وللظلم والفسق عنّا نفى

وواخاه واختاره المصطفى

خلاصة أهل التّقى والوفا

وركن الهدى ودليل الحيارى

لنا أظهر الّدين لمـّا خفي

ومن ذكره كم عليل شُفي؟

وليّ الإلـ~ـه التقّيّ الوفي

عليُّ الّذي شهد الله في

فضيلته وارتضاه جهارا

فكم في الوغى بطلاً قد أذلّ

وآوى كريماً وكهفاً أظل

نعم: هو ربُّ العطاء الأجلّ

يحلّ النديُّ به حيث حلّْ

ويرحل في إثره حيث سارا

به انتصر الدّين لمـّا فشا

وأخضبت الأرض لمـّا مشى

له مفخرٌ في البرايا فشى

فتىً قل بتعظيمه ما تشا

سوى ما ادّعته بعيسى النّصارى

إمامٌ لدى الحوض يسقي العطاشْ

بيوم ترى الخلق مثل الفراشْ

عليُّ الذي قدره لا يُناش

فدى أحمداً بمبيت الفراشْ

وصاحبه حيث جاء المغارا

عليٌّ أميري ونعم الأميرْ

مجيري غداً من لهيب السَّعيرْ

وكان لأحمد نعم النّصيرْ

وواخاه أمراً غداة « الغديرْ »

من الله نصّاً به واختيارا

عليٌّ إمامي وإلّا فلا

ومن خصْه الله ربُّ العلا

تولَّيته وهو عقد الولا

أعزُّ الورى وأجلُّ الملا

محلّا وأزكى قريشٍ نجاراً

هدى الخلق في دينه المستقيمْ

كما انتصروا فيه أهل الرَّقيمْ

٢٤٨

ونال الرّضا من إلـ~ـه كريمْ

ويا فلك نوح ونار الكليمْ!

وسرَّ البساط الذي فيه سارا

أيا سيّدي! يا أخا المصطفى!

ومن لك بعد النبيِّ الصَّفا!

عليك سلامي لوقت الوفا

متى ما أصا بارقٌ واختفى

بليل وما حادي العيس سارا

( القصيدة وتخميسها )(١)

( الشاعر )

الشّيخ محمّد بن الحسين بن عبد الصَّمد الحارثي العاملي الجبعي، شيخ الاسلام، بهاء الملّة والدين، واستاذ الأساتذة والمجتهدين، وفي شهرته الطائلة، وصيته الطائر. في التضلّع من العلوم، ومكانته الرّاسية من الفضل والدّين، غنى عن تسطير ألفاظ الثناء عليه، وسرد جمل الإطراء له، فقد عرفه من عرفه، ذلك الفقيه المحقّق، والحكيم المتألّه، والعارف البارع، والمؤلّف المبدع، والبّحاثة المكثر المجيد، والأديب الشّاعر والضَّليع من الفنون بأسرها، فهو أحد نوابغ الاُمّة الإسلاميّة، والأوحديّ من عباقرتها الأماثل، بطل العلم والدين الفذّ على حدّ قول المحبّي في خلاصته ٣: ٤٤٠: صاحب التصانيف والتحقيقات، وهو أحقّ من كلِّ حقيق بذكر أخباره، ونشر مزاياه، وإتحاف العالم بفضائله وبدائعه، وكان اُمّة مستقلة في الأخذ بأطراف العلوم، والتضلّع بدقائق الفنون، وما أظنُّ الزَّمان سمح بمثله، ولا جاد بندّه، وبالجملة فلم تتشنّف الأسماع بأعجب من أخباره، ١ ه‍، ينتهي نسبه إلى التابعيِّ العلويِّ - مذهباً - الكبير الحارث الهمداني، وقد أسلفنا القول فيه عند ترجمة والده الطّاهر الشيخ حسين.

تجد ترجمته والثناء عليه بما هو أهله في غضون كثير من معاجم التراجم أمثال: سلافة العصر ص ٢٨٩، أمل الأمل ص ٢٦. تذكرة نصر آبادي ص ١٥٠. الروضة البهية لسيدنا الشفيع ريحانة الالباء لشهاب الدين الخفاجي ص ١٠٣ - ١٠٧. خلاصة الاثر للمحبي ٣: ٤٤٠

____________________

١ - ولشيخنا البهائى قصيدة آخرى ذكر فيها « الغدير » توجد فى ( الانوار النعمانية ) ص ٤٣، و روضات الجنات ص ٦٣٧.

٢٤٩

- ٤٥٥. جامع الرواة للاردبيلي. اجازات البحار ص ١٢٣ نقد الرجال ص ٣٠٣. محبوب القلوب للاشكوري. لؤلؤة البحرين ص ١٥. رياض الجنة للزنوزي في الروضة الرابعة في حرف الباء بعنوان البهائي. الاجازة الكبيرة للشيخ عبد الله السماهيجى. الاجازة الكبيرة للشيخ ميرزا حيدر علي بن عزيز الله النظري الاصبهاني. تاريخ عالم آراج ١ ص ١١٥. الاعلام للزركلي ٣ ص ٨٨٩. نسمة السحر فيمن تشيع وشعر. روضات الجنات ص ٦٣٢. مستدرك الوسائل ٣ ص ٤١٧ رياض العارفين ص ٤٥ مجمع الفصحاء ٢ ص ٨. روضة الصفاء ج ٨ في ذكر معاصرى الصفوية من العلماء نجوم السماء ص ٢٦. طرائق الحقايق ١ ص ١٣٧، مطلع الشمس ٢ ص ١٥٧، ٣٨٦، تتميم أمل الامل لابن ابي شبانة. تكملة الرجال للشيخ عبد النبي الكاظمي. شرح قصيدته: وسيلة الفوز والامان لاحمد المنيني. قصص العلماء ص ١٦٩. تكملة أمل الأمل لسيدنا ابي محمد الحسن صدر الدين الكاظمي. تنقيح المقال ٣ ص ١٠٧. هدية الاحباب ص ١٠٩. الكنى والالقاب ٢ ص ٨٩ سفينة البحار ١ ص ١١٣. الفوائد الرضوية ٢ ص ٥٠٢ - ٥٢١. مفتاح التواريخ ص ٣٣٢. منن الرحمان ١ ص ٦. دائرة المعارف للبستاني ١١ ص ٤٦٢ - ٤٦٤. تاريخ آداب اللغة العربية ٣ ص ٣٢٨. وفيات الاعلام لشيخنا الرازي. معجم المطبوعات ص ١٢٦٢. مجلة العرفان، الجزء الثامن والتاسع من المجلد الثاني الصادر سنة ١٣٢٨ ص ٣٨٣، ٤٠٧ - ٤١٣، ٤٧٢ - ٤٧٦، ٥٢١.

وألّف تلميذه العلّامة المولى مظفّر الدين علي رسالة في ترجمة استاذه المترجم له، وكذلك أفرد الشّيخ ابو المعالي ابن الحاجّ محمّد الكلباسي في ترجمته رسالة، وطبع أخيراً كتابٌ في تاريخ حياته ألّفه الكاتب الشهير [نفيسي ] الطهراني، وستقف على كلمتنا في آخر الترجمة حول الكتاب.

أساتذته ومشايخه

إنَّ رحلات شيخنا الأكبر ( البهائي ) لاقتناء العلوم ردحاً من عمره، واسفاره البعيدة إلى أصقاع العالم دون ضالّته المنشودة، وتجوّله دهراً في المدن والأمصار وراء اُمنيّته الوحيدة، واجتماعه في الحواضر الإسلاميّة مع أساطين الدّين، وعباقرة المذهب، وأعلام الاُمّة، وأساتذة كلِّ علم وفنّ، ونوابغ الفواضل والفضايل، تستدعي كثرة مشايخه في الأخذ والقرائة والرّواية غير انَّ المذكور منهم في غضون المعاجم:

١ - الشيخ والده المقدَّس الحسين بن عبد الصّمد، أخذ منه ويروي عنه.

٢ - الشيخ عبد العالي الكركي المتوفّى ٩٩٣ ابن المحقّق الكركي المتوفّى ٩٤٠.

٣ - الشيخ محمّد بن محمّد بن أبي اللطيف المقدسي الشافعي، يروي عنه شيخنا

٢٥٠

البهائي وله منه إجازة توجد في اجازات البحار ص ١١٠ مؤرّخة بسنة ٩٩٢.

٤ - الشيخ المولى عبد الله اليزدي المتوفّى ٩٨١ صاحب الحاشية، أخذ منه كما في [ خلاصة الأثر ] وغيرها.

٥ - المولى علي المذهب المدّرس تلمذ له في العلوم الرياضيّة.

٦ - القاضي المولى أفضل القايني.

٧ - الشيخ أحمد الكجائي(١) الكهدمي المعروف بپير أحمد، قرأ عليه في قزوين.

٨ - النطاسيّ المحنّك عماد الدّين محمود، قرأ عليه في الطبِّ.

قال المولى المحبّي في [ خلاصة الأثر ] ٣: ٤٤١: كان يجتمع مدَّة إقامته بمصر بالاستاذ محمَّد بن أبي الحسن البكري، وكان الاستاذ يبالغ في تعظيمه، فقال له مرَّة: يا مولانا! أنا درويش فقير كيف تعظّمني هذا التعظيم؟ قال: شممت منك رائحة الفضل، وامتدح الاستاذ بقصيدته المشهورة الّتي مطلعها:

يا مصر سقياً لك من جنّة

قطوفها يانعةٌ دانيه

ثرابها كالتبّر في لطفه

وماؤها كالفضّة الصّافيه

قد أخجل المسك نسيمٌ لها

وزهرها قد أرخص الغاليه

دقيقة أصناف أوصافها

وما لها في حسنها ثانيه

منذ أنخت الرَّكب في أرضها

نسيتُ أصحابي وأحبابيه

فيا حماها الله من روضة

بهجتها كافيةٌ شافيه

فيها شفاء القلب أطيارها

بنغمة القانون كالداريه

ويقول فيها:

من شاء أن يحيا سعيداً بها

منعّماً في عيشة راضيه

فليدع العلم وأصحابه

وليجعل الجهل له غاشيه

والطبَّ والمنطق في جانب

والنّحو والتّفسير في زاويه

وليترك الدَّرس وتدريسه

والمتن والشرح مع الحاشية

إلام يادهر وحتّى متى

تشقى بأيّامك أيّاميه؟

____________________

١ - قرية من كهدم من بلاد كيلان.

٢٥١

وهكذا تفعل في كلِّ ذي

فضيلة أو همّة عاليه

تحقّق الآمال مستعطفاً

وتوقع النّقص بآماليه

فإن تكن تحسبني منهمُ

فهي لعمري ظنّةٌ واهيه

دع عنك تعذيبي وإلّا فأشكـ

ـوك إلى ذي الحضرة العاليه(١)

وقال في الخلاصة ص ٤٤٠، ٤٤١: زار النبيَّ عليه الصّلاة والسّلام، ثمَّ أخذ في السّياحة، فساح ثلاثين سنة، واجتمع في اثناء ذلك بكثير من أهل الفضل، ثمَّ عاد وقطن بأرض العجم إلى أن قال: وصل إلى أصفهان فوصل خبره إلى سلطانها شاه عبّاس فطلبه لرياسة علمائها فوليها وعظم قدره، وارتفع شأنه، إلّا أنّه لم يكن على مذهب الشّاه في زندقته لانتشار صيته في سداد دينه، إلّا انّه غالى في حبِّ آل البيت.

قال الأميني: ما أجرأ الرَّجل على الوقيعة في مؤمن يقول: ربِّي الله؟ وبذاءة اللسان على العلويِّ الطاهر عاهل البلاد في يومه، ورميه إيّاه بالزَّندقة، ومن المعلوم نزاهة هذا الملك السَّعيد في دينه ومذهبه وأعمال وأفعاله وتروكه، ولم يكن إلّا على مذهب أعلام اُمَّته وفي مقدّمهم شيخنا البهائي، ولم يؤثر عنه إلّا ما هو حسنة وقته، وزينة عصره - وزينة كلِّ عصر - من موالاة العترة الطّاهرة صلوات الله عليهم، وتأييد مذهبهم الحقّ، لكنّ الرّجل مندفعٌ بدافع البغضاء فيقذف ولا يكترث، ويقول ولا يبالي، شنشنة أعرفها من أخزم.

وليت شعري أيّ غلوّ وقف عليه في حبِّ الشّيخ الأجل آل بيت نبيِّه الأطهر؟ نعم: لم يجد شيئاً من الغلوِّ لكنَّه يحسب كلَّ فضيلة رابية جعلها الله سبحانه لآل الرَّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكلّ عظمة اختصّهم بها غلوّاً، وهذا من عادة القوم سلفاً وخلفا، وإلى الله المشتكى.

تلامذته ومن يروى عنه

أخذ عن شيخنا ( البهائي ) علوم الدّين والفلسفة والأدب زرافات لا يستهان بعدَّتهم من العلماء الأفذاذ، كما يروي عنه بالإجازة جمعٌ من الفطاحل الأعلام، فإليك

____________________

١ - وذكرها الخفاجى فى ريحانة الالباء.

٢٥٢

أسماء الفريقين مرتَّبةً على الحروف:

حرف الالف

الشّيخ إبراهيم بن فخر الدّين العاملي البازوري، أمل الآمل ص ٥.

السيّد نظام الدّين أحمد بن زين العابدين العلويّ، له اجازات ثلث من المترجم له كتبها سنة ١٠١٨ توجد في [ إجازات البحار ]

الشّيخ ابو طالب التبريزي، تلمذ لشيخنا البهائي وله منه إجازة كما في [ رياض العلماء ].

السيّد ظهير الدِّين ابراهيم بن قوام الدَّين الهمداني المتوفّى سنة ١٠٢٥ له اجازةٌ من المترجم له « جامع الرّواة. سلافة. نجوم السّماء »

السيّد ابو القاسم الرّازي الغروي، له اجازةٌ من الترجم له ( وفيات الأعلام ).

السيّد أحمد بن عبد الصّمد الحسيني البحراني « سلافة العصر. أمل الآمل » السّيد معين الدين محمّد أشرف الشّيرازي، كتب المترجم له إجازة له على كتابه مفتاح الفلاح سنة ١٠٢١.

السيّد أحمد بن الحسين بن الحسن الموسوي العاملي الكركي، توجد إجازة شيخنا البهائي له المؤرَّخة سنة ١٠١٢ في [ إجازات البحار ] ص ١٣٢.

حرف الباء

السيّد بدر الدِّين بن أحمد العاملي الأنصاري نزيل طوس، شارح الإثنى عشريَّة الصّوميّة والصّلاتيّة لاُستاذه المترجم له « أمل الآمل »

كمال الدِّين الحاجّ بابا بن ميرزا جان القزويني، كتب المترجم له اجازته سنة ١٠٠٧ على ظهر [ الحبل المتين ] الذي كتبه المجاز له « الذريعة ١: ٢٣٧، مستدرك الاجازات » الأمير محمّد باقر الأسترآبادي المشهور بطالبان « أمل الآمل ٦٠ »

المولى محمّد باقر بن زين العابدين اليزدي « تتميم أمل الآمل للقزويني، نجوم السّماء »

المولى بديع الزَّمان القهپاني له اجازة كتبها المترجم له على كتابه الإثنى عشريَّة الصّلاتيّة « الذريعة » ١: ٢٣٧.

٢٥٣

ج ح خ

الشّيخ جعفر بن الشيخ لطف الله بن عبد الكريم الميسي العاملي الأصفهاني، أجاز له ولوالده سنة ١٠٢٠، توجد في [ إجازات البحار ] ص ١٣٠.

الشّيخ جواد بن سعد بن جواد البغدادي المعروف بالفاضل الجواد يروي عن المترجم له « المستدرك ج ٣: ٤٠٦ »

الشّيخ جعفر بن محمّد بن الحسن الخطي البحراني « أمل الآمل، سلافة العصر » وفي السّلافة انّه توفي سنة ١٠٢٨ »

المولى حسن علي بن المولى عبد الله التستري المتوفّى سنة ١٠٦٩ كما في « السّلافة » أو ١٠٧٥، كتب المترجم له اجازته إيّاه سنة ١٠٣٠، توجد في [ إجازات البحار ] ص ١٤٠.

الحاجّ المولى حسين اليزدي الأردكاني، له شرح خلاصة الحساب لاُستاذه المترجم له ولأستاذه تقريظ عليه « رياض العلماء »

السيّد حسين بن السيّد كمال الدين الأبزر الحسيني الحلي، يروي عن المترجم له كما في اجازة الشيخ عبد علي الخمايسي الرّاوي عن السيّد حسين المذكور للشيخ ناجي الحُصيناوي الصادرة سنة ١٧٢ وغيرها من اجازاته.

الشّيخ حسين بن الحسن العاملي المشغري نزيل مشهد الرّضا والمدفون بها يروي بالإجازة عن المترجم له، توجد على كتاب النّكاح من التذكرة « أمل الآمل »

الشّيخ حسين بن علي بن محمّد الحرّ العاملي نزيل اصفهان « أمل الآمل »

السيّد حسين بن محمّد عليّ بن الحسين العاملي الجبعي المتوفّى ١٠٦٩ « أمل الآمل »

السيّد حسين بن حيدر الكركي المتوفّى سنة ١٠٧٦، يروي عن المترجم له بالإجازات الثلث المؤرّخة بسنة ١٠٠٣، و ١٠١٠ و ١٠٢٠ « المستدرك ٣: ٤١٧ »

السيّد الأمير شرف الدّين حسين كتب المترجم له اجازة له سنة ١٠٣٠ على إجازة الشّهيد الثاني لوالد المجيز، توجد في [ إجازات البحار ]

٢٥٤

ميرزا حاتم بيك اعتماد الدولة الاُوردبادي، أخذ الاسطرلاب من المترجم له ٢٥ وكتب استاذه ( البهائي ) له رسالته ( الحاتميّة ) بالفارسيّة ١٣١٩.

المولى خليل بن الغازي القزويني المتوفّى سنة ١٠٨٩، يروي عن المترجم له « سلافة العصر. أمل الآمل، المستدرك » ٣: ٤١٢.

المولى خليل بن محمّد أشرف القايني الاصفهاني يروي غير المترجم له.

ر ز

رضي الدّين ابن أبي اللطيف القدسي « خلاصة الأثر » : ٣: ٤٤٣.

الشيخ زين الدّين بن محمّد حفيد شيخنا الشّهيد الثّاني المتوفّى سنة ١٠٦٤ « الدرّ المنثور »

س ش ص

المولى سعيد بن عبد الله النصيري يوجد بعض تآليف استاذه بخطّه وعليه خطّ استاذه المولى سلطان حسين بن المولى سلطان محمّد الاسترآبادي مؤلّف ( تحفة المؤمنين ) استشهد سنة ١٠٧٨ ( رياض العلماء ).

الشيخ سليمان بن علي بن راشد البحراني الشاخوري المتوفّى سنة ١١٠١ روضات الجنّات ص ٥٣٩ »

كمال الدّين السيّد شاهمير الحسيني كتب المترجم له إجازة له على نسخة من أربعينه سنة ١٠٠٨ « الذريعة ١: ٢٣٨ »

المولى صالح بن احمد المازندراني المتوفّى سنة ١٠٨١ - ١٠٨٦ يروي عن المترجم له « المستدرك ٤١٣٣: »

المولى محمّد صادق بن محمّد علي التويسركاني شارح لغز استاذه « الذريعة »

المولى محمّد صالح الجيلاني نزيل اليمن المتوفّى سنة ١٠٨٨ « نسمة السّحر »

الشيخ صالح بن الحسن الجزائري له أسؤلة عن المترجم له أجاز له في جوابها « أمل الآمل »

ع

الشيخ نجيب الدّين عليّ بن محمّد بن مكّي العاملي الجبعي « أمل الآمل »

٢٥٥

الشيخ زين الدّين عليّ بن سليمان البحراني المتوفّى سنة ١٠٦٤، حكى شيخنا الشّيخ سليمان الماحوزي البحراني اجازة المترجم له ايّاه في تراجم علماء البحرين « لؤلؤة البحرين، المستدرك ٣: ٣٨٨ »

المولى عبد الوحيد بن نعمة الله الديلمي الاسترابادي صاحب التآليف الكثيرة، ( رياض العلماء )

الشيخ علي بن محمود العاملي « أمل الآمل »

الشيخ علي بن نصر الله الجزايري مؤلّف الحاشية على الرّوضة البهيَّة « رسالة الشيخ سليمان الماحوزي في علماء البحرين »

المولى عزّ الدين علي النقي بن أبي العلا محمّد هاشم الكمرئي المتوفّى سنة ١٠٦٠، يروي عن المترجم له « مستدرك النّوري ٣: ٤٠٥ »

الشيخ عبد العليّ بن ناصر بن رحمة الله الحويزي، صاحب تآليف كثيرة « أمل الآمل »

الشيخ عبد اللّطيف بن علي العاملي الحويزي « أمل الآمل، مستدرك الوسايل »

السيّد عبد العظيم بن السيِّد عباس الأسترابادي « رياض العلماء »

السيّد شمس الدّين علي بن محمّد بن علي الحسيني الخلخالي شارح خلاصة الحساب، وتشريح الأفلاك لاستاذه سنة ١٠٠٨ « رياض العلماء »

السيّد بهاء الدّين علي الحسيني التفرشي، أجاز له المترجم له سنة ١٠١٣ سابع شهر رمضان ( مستدرك الاجازات )

السيّد شرف الدّين علي الطباطبائي الشولستاني الغروي المتوفّى ١٠٦٠ يروي عن المترجم له « المستدرك ٣: ٤٠٩ »

الشّيخ نور الدّين علي بن عبد العزيز البحراني، أجاز له المترجم له في شوّال سنة ٩٩٨.

القاضي علاء الدّين عبد الخالق المعروف بالقاضي زاده الكرهرودي « رياض العلماء »

المولى مظفّر الدّين عليّ له رسالة في ترجمة استاذه المترجم له وتعاليق على أربعينه.

الشّيخ علي بن أحمد النباطي العاملي شارح الإثنى عشريّة الصّلاتيّة لاُستاذه

٢٥٦

المترجم له، أجاز له بالإجازات الثلث سنة ١٠١١ و ١٠١٢، توجد بعض تآليف استاذه بخطّه وعليه إجازاته له.

الشيخ زكيّ الدّين عنايت الله بن شرف الدّين علي القهپاني النجفي مؤلّف ( مجمع الرّجال ).

المولى غياث الدّين علي الاصفهاني، يروي عن المترجم له كما في إجازات البحار ص ١٣٦.

السيّد علي العلوي البعلبكّي العامليّ، ولعلّه السيّد عليّ بن علوان الحسيني.

ق ك ل

ميرزا قاضي بن كاشف الدّين محمّد اليزدي نزيل مشهد الرّضاعليه‌السلام ، صاحب ( التحفة الرضويّة في شرح الصَّحيفة السَّجادية ).

المولى محمّد قاسم الجيلاني « نجوم السماء »

السيّد الأمير سراج الدّين قاسم بن المير محمّد الطباطبائي القهپاني، يروي عن المترجم له « جامع الرّواة، المستدرك ٣: ٤٠٩ »

المولى محمّد كاظم بن عبد علي الجيلاني التنكابني شارح تشريح الأفلاك بأمر استاذه « رياض العلماء »

الشيخ لطف الله بن عبد الكريم الميسي العاملي الأصفهاني، أجاز له المترجم له سنة ١٠٢٠ ( إجازات البحار ) ص ١٣٠، توفّي سنة ١٠٣٢ باصبهان ترجمه شيخنا الحرّ في أمل الآمل، والكشميري في نجوم السّماء.

م

السيّد أبو علي الماجد بن هاشم البحراني المتوفّى ١٠٢٨ له إجازتان من المترجم له.

المولى محمّد المحسن الفيض الكاشاني المتوفّى سنة ١٠٩١ يروي عن المترجم له « المستدرك ٣: ٤٢١ »

نظام الدّين محمّد بن الحسين القرشي السّاوجي متمّم الجامع العبّاسي لاُستاذه بعد وفاته.

٢٥٧

السيّد ميرزا رفيع الدّين محمّد النائيني المتوفى سنة ١٠٨١، يروي عن المترجم له [ جامع الرّواة، سلافة العصر، المستدرك ٣: ٤٠٩ ]

الشيخ محمّد بن علي العاملي التبنيني « أمل الآمل »

الشيخ محمود بن حسام الدّين الجزايري، يروي عن المترجم له « لؤلؤة البحرين، المستدرك ٣: ٣٩٠ »

المولى محمّد صدر الدّين بن محبّ علي التبريزي، مترجم الاثنى عشريات ومفتاح الفلاح لاستاذه.

السيد محمد تقي بن أبي الحسن الحسيني الأسترآبادي « أمل الآمل »

المولى علاء الدين محمّد بن بدر الدين محمّد القمي.

المولى محمّد رضا البسطامي أجازه المترجم له سنة ١٠٣٠، وكتبها على نسخة من كتابه [ الحبل المتين ]

المولى محمّد تقي المجلسي المتوفّى سنة ١٠٧٠، يروي عن المترجم له « إجازات البحار ص ١٥٠، ومستدرك الإجازات »

الشّيخ حسام الدّين محمود بن درويشعلي الحلّي النجفي، يروي عن المترجم له ( رياض العلماء المستدرك ٤٢٤ ) وإجازة الشيخ عبد الواحد البوراني للشيخ أبي الحسن الشَّريف.

المولى صدر الدِّين محمّد الشيرازي الشهير بالمولى صدرا المتوفّى سنة ١٠٥٠ يروي عن المترجم له « المستدرك ٣: ٤٤ »

المولى صفيّ الدين محمّد القمي يروي عنه باجازته له سنة ١٠١٥ « إجازات البحار ص ١٣٠ »

المولى محمّد باقر بن محمّد مؤمن السّبزواري المتوفّى سنة ١٠٩٠(١) .

المولى محمّد أمين القاري الرّاوي، يروي بالإجازة عن المترجم له.

الشّيخ بهاء الدّين محمّد العاملي، يروي عن سميّه المترجم له بالإجازة.

____________________

١ - ذكره صاحب الروضات ص ١١٧ ولعله اشتباه حيث ولد المولى السبزوارى هذا سنة ١٠١٧ فكان له عند وفاة الشيخ ١٣ عاماً.

٢٥٨

الأمير شمس الدّين محمّد الگيلاني، شارح خلاصة الحساب.

المولى ملك حسين بن ملك علي التبريزي، أجاز له المترجم له سنة ٩٩٨ « نجوم السَّماء »

السيّد محمَّد علي بن ولي الإصفهاني، أجاز له المترجم له ولوالده « الذريعة ١: ٢٣٨ »

القاضي مجد الدّين العبّاسي القثمي الدزفولي، يروي عن المترجم له ويذكره من مشايخه في إجازته لولده القاضي فصيح الدّين « وفيات الأعلام »

المولى معزّ الدّين محمّد، يروي عن المترجم له « أمل الآمل »

الشّيخ محمّد بن سليمان(١) المقابي البحراني [ لؤلؤة البحرين ] وله من المترجم له إجازة تاريخها شهر شعبان ٩٩٨ توجد في « المستدرك »

الشّيخ محمَّد بن محمَّد بن الحسين الحرّ العاملي المشغري المتوفّى سنة ١٠٩٨ « أمل الآمل »

الشّيخ محمّد بن نصّار الحويزي « أمل الآمل »

الشّيخ ابو الحسن محمّد بن الشّيخ يوسف البحراني العسكري يروي بالإجازات الثلث المؤرّخة بسنة. ٩٩٨ و ٩٩٩ و ١٠٠٠ « الذريعة، ومستدرك الإجازات »،

الشّيخ محمود بن حسام الدّين المشرفي الجزائري « وفيات الأعلام »

المولى مراد بن علي خان التفرشي المتوفّى سنة ١٠٥١ « جامع الرُّواة »

المولى محمّد الشهير بالتقيّ الصّوفي الزيابادي القزويني، صاحب ملحقات الصَّحيفة الكاملة المؤلّفة سنة ١٠٢٣ تلمّذ للمترجم له واُجيز منه.

المولى محمّد بن الشاه مرتضى بن الشّاه محمود الكاشي أخو مولانا محمّد المحسن الفيض يروي عن المترجم له بتصريح ولده الشّاه مرتضى في إجازته لولده نور الدّين محمّد بن المرتضى سنة ١٠٨٨ « الذريعة ١: ٢٥٠، مستدرك الإجازات »

المولى مقصود بن زين العابدين الأسترابادي « رياض العلماء »

____________________

١ - في إجازة المترجم له إياه: محمد بن يوسف.

٢٥٩

الشّيخ محمّد شمس الدّين بن علي بن خاتون العاملي مترجم شرح أربعين استاذه، أجاز له سنة ١٠٢٩ « أمل الآمل، الذريعة ١: ٢٣٩ »

المولى شريف الدّين محمّد الرويدشتي المعروف بشريفا الاصفهاني المتوفّى سنة ١٠٨٧، تاريخ إجازته له سنة ١٠٢٢ « المستدرك ٣: ٤٠٩، إجازات البحار ص ١٣١ » المولى شمسا شمس الدّين محمّد الكشميري، يروي بالإجازة عن المترجم له كما صرَّح به في إجازته لتلميذه المولى هداية الله بن المولى عبد الصّمد الجيلاني في سنة ١٠٤٠ « وفيات الأعلام »

ه‍ ي

الشيخ هاشم بن أحمد بن عصام الدّين الأتكاني، أجاز له المترجم له سنة ١٠٣٠، وكتب إجازته له على نسخة الإثنى عشريات المكتوبة بخطّ المجاز له « الذريعة » ١: ٢٣٩.

الشّيخ يحيى اللّاهجي، له اجازةٌ من المترجم له كتبها سنة ١٠٢٥.

تآليفه القيمة

إن يكن شيخنا المترجم له ( البهائي ) قد طوته طوارق القدَر، فغيَّبه عن العيون حمامه، فقد أبقى له علمه الجمّ وآثاره القيّمة حياةً خالدةً مع الدّهر، وإليك أسماء كتبه الثَّمينة في شتّى العلوم:

١ - العروة الوثقى في التفسير ط

٢ - الجامع العبّاسي في الفقه ط

٣ - رسالة فارسيّة في الاسطرلاب

٤ - رسالة عربيّة في الاسطرلاب

٥ - حاشية على تفسير البيضاوي ط

٦ - حاشية على خلاصة الأقوال

٧ - الإثنى عشريّات الخمس

٨ - رسالة الحساب بالفارسيّة

٩ - عين الحياة في التفسير

١٠ - حاشية على مختلف الشيعة

١١ - حاشية علي رجال النجاشي

١٢ - رياض الأرواح ( منظومة )

١٣ - شرح تفسير البيضاوي

١٤ - حاشية على الفقيه

١٥ - سوانح سفر الحجاز

١٦ - حواشي شرح التذكرة

١٧ - تشريح الأفلاك ط

١٨ - حلّ حروف القرآن

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402