الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ١١

الغدير في الكتاب والسنة والأدب14%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 402

الجزء ١ المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١
المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 402 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 159800 / تحميل: 3938
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ١١

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

وهلّا يأبى لفظ الرِّواية صحّتها؟ هل تجتمع هي مع ما أسلفناه من حديث رسول الله الثابت الصَّحيح، ومن حديث أمير المؤمنين والحسن السبط ومن حديث الحسين السبط نفسه، ومع ما ثبت عنهم من كتاب أو مقال في الرّجل؟ وهل يساعدها ما كان من سيرة معاوية في عليّ أمير المؤمنين طيلة حياته؟ اقرأ واحكم.

١٦ - مرفوعاً: يُبعث معاوية عليه رداءٌ من نور.

أخرجه ابن حبّان من طريق جعفر بن محمّد الأنطاكي وقال: خبرٌ باطل ( ميزان الاعتدال ١: ١٩٣، لسان الميزان ٢: ١٢٤ ) أقرَّ الذهبي وابن حجر بطلان الحديث وعدم ثقة الأنطاكي.

١٧ - أخرج أبو نعيم في الحلية ١٠: ٣٩٣ عن عبد الله بن محمّد بن جعفر عن أحمد بن محمّد البزّاز المدني عن ابراهيم بن عيسى الزّاهد عن احمد الدينوري عن عبد العزيز بن يحيى عن اسماعيل بن عياش عن عبد الرَّحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه عن ابن عمر قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يطلع عليكم رجلٌ من أهل الجنّة. فطلع معاوية، ثمَّ قال مِن الغد مثل ذلك فطلع معاوية، ثمَّ قال مِن الغد مثل ذلك فطلع معاوية. قال الذهبي: انّه ليس بصحيح. راجع لسان الميزان ٢: ٢١٣.

قال الأميني: أحمد بن مروان - الدينوري مالكيٌّ صاحب المجالسة، صرَّح الدار قطني في غرائب مالك بانّه يضع الحديث. وذكر حديث: سبقت رحمتي غضبي فقال: لا يصحّ بهذا الاسناد، والمتَّهم به أحمد بن مروان، وهو عندي ممّن كان يضع الحديث. لسان الميزان ١: ٣٠٩.

وفي الإسناد: عبد العزيز بن يحيى، قال ابن أبي حاتم سمع منه أبي ثمَّ تركه وقال: لا اُحدّث عنه ضعيفٌ. وقال أبو زرعة: ليس بثقة وذكرته لابراهيم بن المنذر فكذَّبه، وذكرته لأبي مصعب فقلت: يحدّث عن سليمان بن بلال، فقال: كذّابٌ أنا أكبر منه وما أدركته. وقال العقيلي: يحدِّث عن الثقات بالبواطيل، ويدّعي من الحديث ما لا يعرف به غيره من المتقدّمين عن مالك وغيره. وقال ابن عدي: ضعيفٌ جدّاً وهو يسرق حديث الناس. ميزان الاعتدال ٢: ١٤٠، تهذيب التهذيب ٦: ٣٦٣.

٨١

وفيه: اسماعيل بن عيّاش، قال يحيى بن معين: ليس به في أهل الشّام بأس، والعراقيّون يكرهون حديثه. وقال الأسدي: إذا حدَّث عن الحجازيّين والعراقيّين خلط ما شئت وقال الجوزجاني: أروى الناس عن الكذّابين وقال ابن خزيمة: لا يحتجّ به. وقال ابن المبارك: لا استحلي حديثه، وضعَّف روايته عن غير الشاميّين ايضاً النسائي وأبو أحمد الحاكم والبرقي والسّاجي وقال الحاكم: إذا انفرد بحديث لم يقبل منه لسوء حفظه. وقال ابن حبّان: كان من الحفّاظ المتقنين في حديثهم فلمّا كبر تغيّر حفظه، فما حفظ في صباه وحداثته أتى به على جهته، وما حفظ على الكبر من حديث الغرباء خلط فيه، وأدخل الإسناد في الإسناد، وألزق المتن بالمتن وهو لا يعلم، فمن كان هذا نعته حتّى صار الخطأ في حديثه يكثر خرج عن حدِّ الاحتجاج به ميزان الإعتدال ١: ١١٢، تهذيب التهذيب ١ ص ٣٢٤ - ٣٢٦.

وفيه: عبد الرَّحمن بن عبد الله بن دينار، ضعَّفه ابن معين. وقال أبو حاتم: فيه لين يُكتب حديثه ولا يُحتجّ به وقال ابن عدي: وبعض ما يرويه منكرٌ لا يتابع عليه وهو في جملة من يُكتب حديثه من الضعفاء. ميزان ٢: ١٠٩، تهذيب التهذيب ٦: ٢٠٦.

١٨ - أخرج الذهبي في الميزان وابن كثير في تاريخه ٨ ص ١٢١ من طريق نصير عن أبي هلال محمّد بن سليم حدَّثنا جبلة عن رجل عن مسلمة بن مخلد انَّ النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: اللهمَّ علّم معاوية الكتاب، ومكّن له في البلاد.

قال الذهبي: جبلة لا يُعرف والخبر منكرٌ بمرَّة. وقال ابن حجر في اللسان ٢: ٩٦: ولعلّ الآفة في الحديث من الرّجل المجهول. قال الأميني: لِمَ لا تكن الآفة من الرَّجل المعلوم ( محمّد بن سليم ) الكذّاب، وقد ترجمه الذهبي في الميزان وابن حجر في لسانه عن يحيى بن معين بانّه كان يكذب في الحديث، راجع الميزان ٣: ٦٢ ولسان الميزان ٥: ١٩٢.

١٩ - أخرج العقيلي من طريق بشر بن بشّار السّمسار عن عبد الله بن بكار المقري من ولد أبي موسى الأشعري عن أبيه عن جدّه عن أبي موسى رضي الله عنه قال: دخل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على اُمّ حبيبة ورأس معاوية في حجرها فقال لها: أتحبِّينه؟ قالت: وما لي لا اُحبّ؟ أخي، قال: فإنَّ الله ورسوله يحبّانه.

٨٢

قال العقيلي: عبد الله بن بكار مجهول النسب وروايته غير محفوظة. وقال الذهبي في الميزان: غير صحيح. راجع ميزان الاعتدال ٢: ٢٦، لسان الميزان ٣: ٢٦٣. وبشر السِّمسار ليس في الجهالة والنكارة أقلّ من نسب ابن بكّار.

٢٠ - عن أنس مرفوعاً: ائتمن الله على وحيه جبرئيل ومحمّداً ومعاوية.

زيّفه الذهبي لمكان محمّد بن أحمد البلخي الضعيف سارق الحديث الذي لم يكن من أهل الحديث. راجع ميزان الإعتدال ٣: ١٥، لسان الميزان ٥: ٣٤.

٢١ - مرفوعاً: انَّ معاوية يُبعث نبيّاً من علمه وائتمانه على كلام ربِّي.

ذكره الذهبي من طريق محمّد بن الحسن وقال: روى عنه إسحاق بن محمّد السّوسي أحاديث مختلقة في فضل معاوية، ولعلّه النقّاش صاحب التفسير فانّه كذّابٌ، أو هو آخر من الدجاجلة. راجع ميزان الاعتدال ٣: ٤٣، لسان الميزان ٥: ١٢٥.

وفي اللسان ١: ٣٧٤: إسحاق بن محمّد السوسي ذاك الجاهل الذّي أتى بالموضوعات السّمجة في فضائل معاوية رواها عبيد الله بن محمّد بن أحمد السقطي عنه، فهو المتَّهم بها أو شيوخه المجهولون.

٢٢ - أخرج البخاري في تاريخه ٤ قسم ١ ص ٣٢٨ من طريق عمرو بن واقد الدمشقي، عن يونس الدمشقي، عن أبي ادريس الدمشقي، عن عمير بن سعد نزيل دمشق قال: لا تذكروا معاوية إلّا بخير فانّي سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: اللّهم اهدِه.

قال الأميني: عمرو بن واقد الدمشقي كان ممِّن لا يشكُّ شيوخ الحديث انَّه يكذب، وانَّه ليس بشيء، وانَّه ضعيف منكر الحديث، وانّه يقلّب الأسانيد، وانّ أحاديثه معضلة منكرة، استحقَّ الترك(١) .

ألم يك في الحواضر الإسلاميَّة من رجال الحديث من قرع سمعه نبأ هذه الأفيكة؟ فلماذا خصَّت بالشّام، وسلسلت حلقة اسنادها بالشاميِّين فحسب؟ أنت تدري لماذا.

٢٣ - أخرج ابن كثير في تاريخه ٨: ١٢٠ من طريق المسيّب بن واضح عن ابن عبّاس قال: أتى جبريل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا محمّد! اقرأ معاوية السّلام واستوص

____________________

١ - راجع ميزان الاعتدال ٢: ٣٠٢، تهذيب التهذيب ٨: ١١٥.

٨٣

به خيراً، فإنَّه أمين الله على كتابه ووحيه ونعم الأمين.

قال الأميني. قال الدارقطني: المسيّب بن واضح ضعيفٌ، قال ابن عدي: قلت لعبدان: أيّهما أحبّ اليك: عبد الوهّاب بن الضحّاك أو المسيّب بن واضح؟ فقال: كلاهما سواء وعبد الوهّاب من الكذّابين الوضّاعين المعروفين، متروكٌ ضعيفٌ جدّاً كثير الخطأ والوهم(١) .

وأخرجه الطبراني في الأوسط قال: حدَّثنا عليّ بن سعيد الرازي، حدّثنا محمّد بن فطر الراملي، حدَّثنا مروان بن معاوية الفزاري، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء ابن أبي رباح عن ابن عبّاس.

وذكره الهيثمي في المجمع ٩: ٣٥٧ وقال: فيه محمّد بن فطر ولم أعرفه، وعليّ بن سعيد الرّازي فيه لين. وحكاه السّيوطي باسناده في اللئالي المصنوعة ١: ٤١٩ وقال: أمّا مروان والرّاوي عنه فلم أر مَن ترجمهما لا في الثقات ولا في الضعفاء.

قال الأميني: عليّ بن سعيد الرازي هو الذي قال الدارقطني لمـّا سُئل عنه: ليس في حديثه بذاك وسمعت بمصر: انَّه كان والي قرية وكان يطالبهم بالخراج فما يعطونه فيجمع الخنازير في المسجد. فقيل: كيف هو في الحديث؟ قال: حدّث بأحاديث لم يتابع عليها. ثمّ قال: في نفسي منه، وقد تكلّم فيه اصحابنا بمصر، وأشار بيده وقال هو كذا وكذا ونقض بيده يقول: ليس بثقة. لسان الميزان ٤: ٢٣١.

لقد أوقفناك فيما سلف ج ٥: ٣٠٩، على أمانة الرّجل على كلّ ما تحسب انّه أمين عليه، ونزيدك هنا إحفاء السئوال عن معنى الأمانة على كتاب الله ووحيه، أليست هي كلائتهما عن التحريف والعمل بمؤدّاهما والجري على مفادهما والأخذ بحدودهما، وقطع الأيدي الأثيمة عن التّلاعب بهما؟ وهل كان معاوية إلّا ردئاً بهذه كلّها وقد قلّب على الكتاب والوحي ظهر المجنّ في كلّ وروده وصدوره، ووجّه إليهما نظرته الشَّزراء في حلّه ومرتحله؟ وهل هو إلّا عدوّهما الألدّ؟ وصحائف تاريخه المظلم تطفح بهذه كلّها، وإنّ ما ذكرناه في هذا الكتاب من نماذج ما أثبتته له الحقيقة وخلّده الدّهر مع ذكره الشائن وحديثه المائن.

____________________

١ - راجع الجزء الخامس من الغدير ص ٢٤٢ ط ٢، ولسان الميزان ٦: ٤١.

٨٤

٢٤ - أخرج الطبراني عن أحمد بن محمّد الصيدلاني عن السري عن(١) عاصم عن عبد الله بن يحيى بن أبي كثير عن أبيه(٢) هشام بن عروة عن عائشة قالت: لمـّا كان يوم امّ حبيبة من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دقّ الباب داقٌّ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انظروا مَن هذا؟ قالوا: معاوية. قال: ائذنوا له، فدخل وعلى اُذنه قلمٌ يخطُّ به فقال: ما هذا القلم على اُذنك يا معاوية؟! قال: قلمٌ أعددته لِلَّه ولرسوله، فقال له: جزاك الله عن نبيّك خيرا، والله ما استكتبتك إلّا بوحي من الله، وما أفعل من صغيرة ولا كبيرة إلّا بوحي من الله، كيف بك لو قمّصك الله قميصاً؟! - يعني من الخلافة - فقامت امّ حبيبة فجلست بين يديه وقالت: يا رسول الله! وإنّ الله مقمّصه قميصاً؟ قال: نعم. ولكن فيه هنات وهنات فقالت: يا رسول الله! فادع الله له. فقال اللّهمَّ اهده بالهدى، وجنِّبه الرَّدى، واغفر له في الآخرة والاولى.

قال الطبراني: تفرّد به السري بن عاصم(٣) قال الأميني: المتفرّد بهذه الاكذوبة الفاحشة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو أحد الكذّابين الوضّاعين، راجع ما أسلفناه في الجزء الخامس ص ٢٣١، و ج ٨ ص ١٤٣.

ليت شعري هل بهذا القلم الذي يزعم معاوية انّه أعدّه لِلَّه ولرسوله كان يكتب تلكم القوارص والقذائف إلى مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام ؟! ويكتب إلى عمّاله أوامره الباتّة بلعن سيّد الوصيّين صلوات الله عليه ولعن من يمتّ به من شبليه الإمامين السبطين وعظماء المؤمنين؟! ويكتب إلى اُمراءه الجائرين بهدر دماء صلحاء الامّة وشيعة أهل بيت الوحي عليهم السّلام؟! وهل كان يكتب به أحكامه الجائرة، وفتاواه النائية عن الحقِّ المبين، وآراءه الشاذَّة عن الكتاب والسنّة، وكلّما يلفظه بفم ويخطّه بقلم من جرائر وجرائم؟!

ثمَّ هل استجيبت هذه الدَّعوة المعزوَّة إلى صاحب الرِّسالة حتّى نعتقد في ابن هند اعتناق الهدى، والتجنّب عن الرَّدى، والمغفرة في الآخرة والاولى؟! لكن موبقات

____________________

١ - الصحيح: السرى بن عاصم.

٢ - كذا والصحيح: عن أبيه عن هشام.

٣ - تاريخ ابن كثير ٨: ١٢٠.

٨٥

معاوية وإصرارها عليها تنبأنا عن انّها لم تكن، إذ لو كانت لَما عداها الإجابة، وكأنَّ تلك الدعوة المزعومة المختلقة ذهبت ادراج الرّياح، وكأنَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا عليه بضدّ ما هو مذكورٌ واستجيبت دعوته.

على انَّ معاوية لو كان على الهدى متجنّباً عن الرَّدى للزم أن يكون صاحب الخلافة الكبرى مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام على قدسه وطهارته خلواً من ذلك كلّه، لأنّه كان يناوئه ويناجزه القتال، وكذلك حُجر وأصحابه وكلّ صالح صحابيّ أو تابعيّ قُتل تحت نير ظلم معاوية، هل يسع لمسلم أن يدَّعي ذلك؟ غفرانك اللّهمَّ وإليك المصير.

٢٥ - أخرج الطبراني عن يحيى بن عثمان بن صالح عن نعيم بن حمّاد عن محمّد بن شعيب بن سابور عن مروان بن جناح عن يونس بن ميسرة بن حلبس عن عبد الله بن بُسر: انّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استشار أبا بكر وعمر في أمر فقال: أشيروا عليَّ. فقالا: الله ورسوله أعلم، فقال: ادعوا معاوية. فقال أبو بكر وعمر: أما في رسول الله ورجلين من رجال قريش ما يتقنون أمرهم حتّى يبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى غلام من غلمان قريش؟ فقال: ادعوا لي معاوية فدُعي له فلمّا وقف بين يديه قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم احضروه أمركم، وأشهدوه أمركم فانه قويٌّ أمين. وزاد نعيم: وحمّلوه أمركم(١)

رجال اسناده:

١ - يحيى بن عثمان. كان يتشيّع وكان صاحب وراقة يحدّث من غير كتبه فطعن فيه لأجل ذلك، تهذيب التهذيب ١١: ٢٥٧.

٢ - نعيم بن حمّاد، كذّابٌ وضّاعٌ. راجع الجزء الخامس ص ٢٦٩ ط ٢.

٣ - محمّد بن شعيب. شاميّ أمويٌّ.

٤ - مروان بن جناح، شاميٌّ أمويٌّ، قال أبو حاتم: لا يحتجُّ به وبأخيه روح.

٥ - يونس بن ميسرة، شاميٌّ أعمي.

٦ - عبد الله بن بُسر، يُعدُّ في الشاميّين وهو آخر من مات بالشّام من الصّحابة.

هلمَّ معي إلى تعمية الجاهلين وتغرير بسطاء الاُمّة بالتمويه على الحقائق، قال

____________________

١ - تاريخ ابن كثير ٨: ١٢٢، مجمع الزوايد ٩: ٣٥٦.

٨٦

إبن كثير في تاريخه بعد ذكر هذا الحديث وعدّة ممّا ذكرناه من الأباطيل في فضائل معاوية: ثمَّ ساق ابن عساكر أحاديث كثيرة موضوعة بلا شكّ في فضل معاوية، أضربنا عنها صفحاً، واكتفينا بما أوردناه من الأحاديث الصّحاح والحسان والمستجادات عمّا سواها من الموضوعات والمنكرات.

وقال بعد ذكر الحديث السّادس والعشرين الذي تفرّد به السَّريُّ الكذّاب الوضّاع: وقد أورد ابن عساكر بعد هذا أحاديث كثيرة موضوعة، والعجب منه مع حفظه واطّلاعه كيف لا ينبّه عليها وعلى نكارتها وضعف رجالها؟ والله الموفِّق للصَّواب.

ترى ابن كثير ها هنا يتحامل على ابن عساكر رجاء أن ينطلي بذلك للأغرار ما سرده من الأكاذيب الموضوعة ويزيّف جملة منها لإثبات بعضها الآخر. ذاهلاً عن أنَّ يد التنقيب تكشف عمّا غطّاه دجله غلوًّا منه في الفضائل.

٢٦ - أخرج ابن عساكر من طريق نعيم بن حمّاد عن محمّد بن حرب عن أبي بكر بن أبي مريم عن محمّد بن زياد عن عوف بن مالك الأشجعي قال: بينما أنا راقدٌ في كنيسة يوحنّا - وهي يومئذ مسجد يصلّى فيها - إذ انتبهت من نومي فإذا أنا بأسد يمشي بين يديَّ، فوثبت إلى سلاحي، فقال الأسد: مَه. إنّما اُرسلت إليك برسالة لتبلّغها، قلت: و مَن أرسلك؟ قال: الله ارسلني إليك لتبلّغ معاوية السَّلام وتعلمه انّه من أهل الجنّة. فقلت له: ومَن معاوية؟ قال: معاوية بن أبي سفيان(١) .

فى الاسناد:

١ - نعيم بن حمّاد، مرَّ القول بأنَّه كذّابٌ وضّاعٌ.

٢ - محمّد بن زياد هو الحمصي، شاميٌّ ناصبيٌّ من ألدّاء أعداء أمير المؤمنين، وثّقه ابن معين، وقال: ثقّة مأمون، وذكره ابن حبّان في الثقات وقال: لا يعتدّ بروايته إلّا ما كان من رواية الثقات عنه. وقال الحاكم: اشتهر عنه النصب كحريز(٢) بن عثمان.

تهذيب التهذيب ٩: ١٧٠.

____________________

١ - تاريخ ابن كثير ٨: ١٢٣، مجمع الزوائد ٩: ٣٥٧.

٢ - كان يلعن عليا كل يوم سبعين مرّة، أحد رجال صحيح البخارى.

٨٧

٣ - أبو بكر بن أبي مريم، شاميٌّ عثمانيٌّ، قال أحمد والنسائي والدارقطني وابن سعد: ضعيفٌ. وضعَّفه ابن معين. وقال أبو زرعة: ضعيفٌ منكر الحديث. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث طرقه لصوصٌ فأخذوا متاعه فاختلط. وقال الجوزجاني: ليس بالقويِّ وقال الدارقطني: متروكٌ. تهذيب التهذيب ١٢: ٢٩.

قال ابن كثير بعد ذكر الحديث: وفيه ضعفٌ وهذا غريبٌ جدّاً ولعلَّ الجميع مناماً ويكون قوله: إذا انتبهت من نومي مدرجاً لم يضبطه ابن أبي مريم. والله أعلم.

قال الأميني: أنا حائرٌ سادرٌ بين رسالة هذا الأسد الضّاري وبشارته معاوية بالجنّة، وبين رسالة النبيِّ المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، وبشارته معاوية بالنّار ولعنه إيّاه.

وكذا بين رسالة الأسد وبين تلكم الصّحاح التي جاءت عن الإمام المعصوم امير المؤمنين وعن عدول الصّحابة أو الصّحابة العدول في معاوية الخؤن ممّا أسلفناه في الجزء العاشر.

وكذا بين رسالة الأسد وبين ما جاء في الكتاب الكريم من عذاب كلّ آثم اقترف سيّئة وأحاطت به خطيئته، ووعيد من حاد عن حدود الإسلام بالنّار، ومن يتعدّ حدود الله فأولئك هم الظالمون، ولا يستوي الحسنة ولا السيّئة ولا المحسن ولا المسيئ.

وكذا بين رسالة الأسد وبين ما جاء عن نبيِّ الإسلام في تلكم البوائق الموبقة التي كان معاوية قد اقترفها وشوّه بها صحيفة تاريخه.

فماذا الذّي خصَّ معاوية برسالة الأسد إليه خاصّة في كنيسة يوحنّا بعد رسالة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الخاتمة، بعد تلكم الأنباء الصّادقة الواردة في الكتاب العزيز والسنَّة النبويَّة الشّريفة، بعد تلكم البشائر السارّة الجمّة العامة لأهل الصَّلاح والفلاح؟

٢٧ - أخرج أحمد ومسلم والحاكم وغيرهم من طريق ابن عبّاس قال: كنت ألعب مع الغلمان فإذا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد جاء فقلت: ما جاء إلّا إليَّ فاختبأت على باب فجاءني فخطاني خطىً أو خطاتين ثمَّ قال: اذهب فادعُ لي معاوية قال: فذهبت فدعوته له فقيل: إنَّه يأكل، فأتيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلت: إنَّه يأكل، فقال: إذهب فادعه،

٨٨

فأتيته الثانية فقيل: إنّه يأكل فأخبرته، فقال في الثالثة: لا أشبع الله بطنه قال: فما شبع بعدها(١) .

هذا الحديث ذكره ابن كثير في عدّ مناقب معاوية فقال: قد انتفع معاوية بهذه الدَّعوة في دنياه واُخراه، أمّا في دنياه فانّه لمـّا صار إلى الشّام أميراً، كان يأكل في اليوم سبع مرّات يجاء بقصعة فيها لحم كثير وبصل فيأكل منها، ويأكل في اليوم سبع أكلات بلحم، ومن الحلوى والفاكهة شيئاً كثيراً ويقول: والله ما أشبع وإنّما أعياه، وهذه نعمةٌ ومعدةٌ يرغب فيها كلُّ الملوك. وأمّا في الآخرة فقد أتبع مسلم هذا الحديث بالحديث الذي رواه البخاري وغيرهما من غير وجه عن جماعة من الصّحابة انّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أللّهم إنَّما أنا بشرٌ فايّما عبد سببته أو جلدته أو دعوت عليه وليس لذلك أهلاً فاجعل ذلك كفّارة وقُربة تقرّبه بها عندك يوم القيامة. فركّب مسلم من الحديث الأول وهذا الحديث فضيلة لمعاوية، ولم يورد له غير ذلك. اه‍.

قال الأميني: هنا يرتج عليَّ القول في مُسائلة هذا المدافع عن ابن هند والناحت له فضيلة مركّبة من رذيلة ثابتة لمعاوية، وأفيكة مفتراة على قدس صاحب الرّسالة، انّه هل عرف النافع من الضارِّ، فحكم بانتفاع معاوية بالدَّعوة المذكورة في دنياه واُخراه؟ وانَّه هل عرف حدود الإنسانيَّة وكمال النفس؟ ولا أظنّه، وإلّا لما حكم بانّ الذي كان يرغب فيه معاوية وحسب انّه يرغب فيه الملوك من كثرة الأكل وقوّة المعدة إلى ذلك الحدّ الممقوت المساوق حدّ البهائم نعمة من نعم الله أتت ابن آكلة الأكباد ببركة دعوة النبيِّ المعصومصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يعرف من سعادة الحياة إلّا أن يملأ أكراشاً جوفا ً وأجربة سغبا، وما ملأ آدميُّ وعاءً شرّاً من بطنه، يحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلثٌ لطعامه، وثلثٌ لشرابه، وثلثٌ لنفسه(٢) .

ثمّ إنّ الذي يتبيّن من تضاعيف الرِّوايات وخصوصيّات المقام انَّ المورد مورد نقمة لا مورد رحمة، وإنّما الدّعاء عليه لا له كيفما تمحَّل ابن كثير، فقد طعن على الرّجل

____________________

١ - صحيح مسلم ٨: ٢٧، تاريخ ابن كثير ٨: ١١٩.

٢ - من قولنا: وما ملأ آدمي إلى آخره حديث اخرجه احمد والترمذى وابن ماجه والحاكم مرفوعاً عن رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌و آله‌ كما في الجامع الصغير.

٨٩

أبو ذر الغفاري بقوله: لعنك رسول الله ودعا عليك مرّات أن لا تشبع(١) واشتهرت عليه هذه المنقصة حتّى جرت مجرى المثل وقيل فيها.

وصاحبٌ لي بطنه كالهاويه

كأنَّ في أحشائه معاويه

وحديث مسلم(٢) الّذي يلوح عليه لوائح الإفتعال إنّما اختلق لمثل هذه الغاية وتأويل ما اليها ممّا صدر عن النبيّ الأقدسصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من طعن ولعن وسبّ وجلد ودعوة على من يستحق كلّها، وللدّفاع عن أولياء الشّيطان وفي الطليعة منهم إبن أبي سفيان والمنع عن الوقيعة فيهم وغمزهم تأسِّياً برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لفّقوا مكابرات عجيبة في دلالة الألفاظ والنّصوص وأنَّ ذلك صدر منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا عن قصد، أو أنّه صدر عن نزعات نفسيَّة تقتضيها فطرة البشر، وقد ذهب على المغفّلين انّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا ينطق عن الهوى إن هو إلّا وحيٌ يوحى، وإنّه لعلى خلق عظيم، وانّ في كتابه الذي جاء به من ربّه قوله تعالى:( وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اکْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَ إِثْماً مُبِيناً ) ( الأحزاب: ٥٨ )

وقد صحّ عنه قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده(٣) .

____________________

١ - راجع الغدير ج ٨: ٣١٢.

٢ - اللهم انما أنا بشر فايّما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له زكاة و رحمة.

أللهم إنى أتخذ عندك عهداً لن تخلفنيه، فانما أنا بشر فأىّ المومنين آذيته شتمته لعنته جلدته فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقرّبه بها إليك يوم القيامة.

أللهم إنّ محمداً بشر يغضب كما يغضب البشر وانّي قد اتخذت عندك عهداً لن تخلفنيه، فايّما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته فاجعلها له كفارة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة.

إنما انا بشر وإنّي اشترطت على ربّي عزوجل أىّ عبد من المسلمين سببته أو شتمته أن يكون ذلك له زكاة وأجرا.

إنّى اشترطت على ربّي فقلت: إنما أنا بشر ارضى كما يرضى البشر، وأغضب كما يغضب البشر، فايما أحد دعوت عليه من امتى بدعوة ليس لها بأهل أن يجعلها له طهوراً وزكاة وقربة يقرّبه بها منه يوم القيامة. هذه الفاظ حديث مسلم فى صحيحه ج ٨: ٢٤ - ٢٧.

٣ - اخرجه البخارى ومسلم واحمد والترمذي والنسائى والطبرانى وابن حبان وابن داود.

٩٠

وقاله:صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : المؤمن لا يكون لعّاناً(١) .

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سباب المسلم فسوقٌ(٢) .

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّي لم اُبعث لعّاناً وإنّما بُعثت رحمة(٣) .

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : المستبّان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان(٤) .

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من ذكر امرءاً بشيء ليس فيه ليعيبه به حبسه الله في نار جهنم حتى يأتي بنفاد ما قال فيه(٥) .

هل هؤلاء القوم يصفون نبيّاً صحّ عندهم من حديث مسلم: انّه غضبت عائشة رضي الله عنها مرّة فقال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مالك جاءك شيطانك؟ فقالت: ومالك شيطان؟ قال: بلى ولكنّي: دعوت الله فأعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلّا بخير(٦) .

وهل يتكلّمون عن نبيّ قال لعبد الله بن عمرو بن العاص: اكتب عنّي في الغضب والرّضا، فوالّذي بعثني بالحقّ نبيّا ما يخرج منه إلّا حقّ. وأشار إلى لسانه(٧) .

وقال عبد الله بن عمرو: أكتب كلّ شيء أسمعه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اريد حفظه فنهتني قريش وقالوا: تكتب كلّ شيىء سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشر يتكلّم في الغضب والرّضا؟ فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأومأ بإصبعه إلى فيه وقال: اكتب فوالّذي نفسي بيده ما خرج منه إلّا حقٌّ(٨) .

وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما وصفه أمير المؤمنينعليه‌السلام لا يغضب للدنيا فإذا أغضبه الحقُّ لم

____________________

١ - مستدرك الحاكم ١: ١٢، ٤٧.

٢ - متفق عليه اخرجه البخارى ومسلم والترمذى والنسائى وابن ماجة والطبرانى والحاكم والدارقطني.

٣ - صحيح مسلم: ٨: ٢٤.

٤ - عن أحمد والطيالسى.

٥ - الترغيب والترهيب ٣: ١٩٧، رواه الطبرانى باسناد جيد.

٦ - احياء العلوم ٣: ١٦٧.

٧ - احياء العلوم ٣: ١٦٧. أخرجه ابو داود.

٨ - سنن الدارمى ١: ١٢٥.

٩١

يعرفه أحدٌ ولم يقم لغضبه شيءٌ حتى ينتصر له(١) .

وهل يُدنّسون بهذا العز والمختلق - لتبرير ذيل أمثال ابن هند - ساحة نبيّ صحَّ عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله: إنّ العبد إذا لعن شيئاً صعدت اللّعنة إلى السَّماء فتغلق أبواب السَّماء دونها، ثمَّ تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها، ثمَّ تأخذ يميناً وشمالاً، فإن لم تجد مساغاً رجعت إلى الّذي لعن، فإن كان أهلاً وإلَا رجعت إلى قائلها(٢) .

وهل يشوّهون بها سمعة قداسة نبيّ كان يؤدِّب اُمَّته بآداب الله وينهى أصحابه عن لعن كلّ شيء حتّى الدوابّ والبهائم والديك والبرغوث والريح؟ وكان يقول: من لعن شيئاً ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه(٣) وقال لرجل كان يسير معه فلعن بعيره: يا عبد الله! لا تسر معنا على بعير ملعون(٤) وقال لمـّا لعنت جارية ناقتها: لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة. وفي حديث المعمر: أيم الله لا تصاحبنا راحلة عليها لعنة من الله(٥) . وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يبالغ في الأمر ويحذّر النّاس عنه حتّى قال سلمة بن الأكوع: كنّا إذا رأينا الرَّجل يلعن أخاه رأينا أن قد أتى باباً من الكبائر(٦) .

دع الأباطيل ولا تشطط في القول فمن لعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو ملعون، ومن سبَّه فهو مستأهل لذلك، ومن جلده فإنَّ ذلك من شرعه المبين، ومن دعى عليه أخذته الدَّعوة، وهل يجد ذو خبرة مصداقاً لتلك المزعمة المخزية ويسع له أن يستشهد بسبِّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحداً من صلحاء اُمَّته كائناً من كان ممّن لا يستحقُّ السبَّ أو بلعنه وجلده إيّاه ودعوته عليه؟ حاشا النبيّ المبعوث لتميم مكارم الأخلاق من هذه الفرية الشاينة.

وإن صحَّت هذه المزعمة لتطرَّق الوهن في أفعاله وأقواله وفي قضاءه وحدوده، فلا يعلم الإنسان انّها بحافز إلهيّ، أو اندفاع إلى شهوة وإطفاء ثورة الغضب، وأيّ

____________________

١ - أخرجه الترمذى فى الشمائل.

٢ - الترغيب والترهيب ٣: ١٩٦.

٣ - الترغيب والترهيب ٣: ١٩٧ وصححه.

٤ - الترغيب والترهيب ٣: ١٩٦ فقال: اسناده جيد.

٥ - صحيح مسلم ٨: ٢٣.

٦ - الترغيب والترهيب ٣: ١٩٥ قال: سند جيد.

٩٢

نبيّ معصوم هذا؟ وكيف تُتبَّع سنّته؟ ويُقتفى أثره عندئذ؟ وفي أيّ من حالتيه هو مقتدى البشر وحجّة الخلق وقدوة الاُمم؟ وما المائز بينه وبين امتَّه وكلُّ يستحوذ عليه الغضب، ويقوده الهوى، وكان لأيّ أحد اُسوة برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقول مثل ذلك حين يقع في المسلمين بالسباب وينال منهم باللّعن فتنقلب المعصية بتلك الدعوة اللّاحقة طاعة وبرّاً وكفّارة وقربة.

ومن هنا بلغت القحّة والصَّلف من ابن حَجر إلى أن تمسّك بذيل حديث مسلم المثبت ما لا يقبله العقل والمنطق وتأباه الاصول الدينيَّة المسلّمة، فمنع بذلك عن لعن الحَكم لعين رسول الله وطريده وابنه الوزغ ابن الوزغ(١)

وللقوم في هذا المقام تصعيدات وتصويبات أو قل: خرافات ومخازي مثل ما حكي عن بعضهم(٢) انَّ ظاهر هذا الحديث يُعطينا إباحة تلكم المحظورات للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فحسب، وعدّ السيوطي(٣) من خصايص رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم [ باب اختصاصهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بجواز لعن من شاء بغير سبب ] وقال القسطلاني في المواهب ١: ٣٩٥: كان لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقتل بعد الأمان، وأن يلعن من شاء بغير سبب، وجعل الله شتمه ولعنه قربة للمشتوم والملعون لدعائهعليه‌السلام . ألا يضحك ضاحكٌ على عقليّة هذا الأرعن؟ وانّه كيف يكون ذلك وقد فرض انَّ مصبَّ هاتيك الطعون مستوجبٌ للرَّحمة والحنان بالدّعوة اللّاحقة إيّاها؟ فما المجوِّز لنبيِّ الرَّحمة هتك ستار اولئك وتفضيحهم بملأ من الأشهاد من غير استحقاق على مرِّ الدهور؟ وهل الدُّعاء الأخير يرفع عنهم شية العار الملحقة بهم من الدَّعوة الاولى؟ وهل لإباحة تلكم الفواحش التي هي بذاتها فاحشة وقبايح عقليّة لا تقبل التخصيص لصاحب الرِّسالة معنى معقول؟ وهل هتك حرمات المؤمنين مع حفظ الوصف لهم والمبدأ فيهم ممّا يُستباح لأحد نبيّاً كان أو غيره؟! أمّا أنا فلا أعرفه وأحسب أنَّ من ذهب إلى ذلك ايضاً مثلي في الجهل.

وهلاّ كان لرسول الله والحالة هذه أن ينصَّ بعد ما سبَّ من لا يستحقُّ أو لعنه

____________________

١ - الصواعق المحرقة ص ١٠٨.

٢ - الخصايص الكبرى للسيوطى ٢: ٢٤٤، المواهب اللدنية ١: ٣٩٥.

٣ - راجع الخصايص الكبرى ٢: ٢٤٤.

٩٣

أو جلده أو دعى عليه، وبعد ما هدأت ثورة غضبه وأطفأ نيران سخطه على أنّ ذلك وقع في غير محلّه، حتّى لا يدنّس ساحة الأبرياء طيلة حياتهم بشية العار ووسمة الشنار، ولا يُشوّه سُمعة اناس نزهين في الملأ الدينيِّ أبد الدَّهر؟

وهلاّ كان للصّحابة أن يستفهموا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جليّة الحال في كلِّ تلكم الموارد ليعرفوا وجه ما أتى به من الهتيكة: هل وقع في أهله ومحلّه؟ حتّى لا يتّخذوا فعله مدركاً مطّرداً في الوقيعة والتحامل، ولا يزري أحدٌ أحداً جهلاً منه بالموضوع اقتفاءً لأثرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟!

وهلاّ كان لمثل أبي سفيان ومعاوية والحَكم ومروان وبقيّة ثمرات الشَّجرة الملعونة في القرآن ونظرائهم الملعونين بلسان النبيّ الأقدس أن يحتجّوا برواية مسلم على من يعيّرهم بلعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيّاهم كعايشة امّ المؤمنين وأمير المؤمنين وأبي ذر ووجوه الصّحابة غيرهم؟

وها هنا دقيقةٌ اُخرى وهي: أنَّ اللّعنات والطعون المتوجّهة في القرآن الكريم إلى اُناس عناهم الذّكر الحكيم ونوّه بذلك الصّادع الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هل هي من الله تعالى كما زعموه في النبيّ الأقدس ومؤوَّلة بمدايح ورحمات وقرب؟! فهي إلى جلالة اولئك القوم وقداستهم أدلُّ من كونهم ملعونين مطرودين من ساحة رحمة الله تعالى، وهل الله سبحانه أعطى عهداً بذلك وآلى على نفسه أن يجعلها رحمةً وزكاةً وقربةً؟ أم أنّها باقيةٌ على مداليلها الّتي هي ناصّة عليها؟! لا أدري ماذا يقول القوم، هل يسلبون الحقايق عن الألفاظ القرآنيَّة كما سلبوها عن الألفاظ النبويّة؟! وفي ذلك ارتاجٌ لباب التّفاهم وسدُّ لطريق المحاورة، غير أنَّ أحمال الكلام لَم تراقب عليها دائرةُ المكوس، فللمُتحذلق أن يقول ما شاء، وللثرثار أن يلهج بما يحبّذه الهوى ولا يكترث. نعوذ بالله من التقوُّل بلا تعقّل.

٢٨ - عن مسرَّة بن عبد الله الخادم قال: حدَّثنا كردوس بن محمّد الباقلاني عن يزيد بن محمّد المروزي عن أبيه عن جدّه قال: سمعت أمير المؤمنين عليّاً رضي الله عنه يقول فذكر خبراً فيه: بينا أنا جالسٌ بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ جاء معاوية فأخذ رسول الله

٩٤

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القلم من يدي فدفعه إلى معاوية، فما وجدت في نفسي إذ علمت أنَّ الله أمره بذلك.

ذكره إبن حجر في لسان الميزان ٦: ٢٠ وعدَّه من موضوعات مسرَّة بن الخادم فقال: متنٌ باطل واسنادٌ مختلق.

وأخرج الخطيب في تاريخه من طريق مسرَّة منقبة لأبي بكر وعمر فقال: هذا الحديث كذبٌ موضوعٌ والرِّجال المذكورون في إسناده كلّهم ثقاتٌ ائمّةٌ سوى مسرّة والحمل عليه فيه، على انّه ذكر سماعه من أبي زرعة بعد موته بأربع سنين(١) .

٢٩ - عن أنس مرفوعاً: أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها، ومعاوية حلقتها.

زيّفه صاحب المقاصد، وابن حجر في الفتاوى الحديثيَّة ص ١٩٧، والعجلوني في كشف الخفاء ١: ٤٦. ٢.

وأكبر ظنّي أنّ مختلق هذه الخرافات لا يبتغي إلّا الاستهزاء بما جاء عن النبيِّ الأعظم من الفضائل في رجال لهم الكفائة لها وحياً من الله العزيز، ولا يذهب على أيّ جاهل انّ ابن هند لا يقدّس ساحة رجاسته ألف تمحلّ، واختلاق ألف حديث مثل هذه، وهو بعدُ معاوية، وهو بعدُ ابن هند، وهو بعدُ هو هو.

٣٠ - أخرج الطبراني من طريق عبد الرّحمن بن أبي عميرة المزني انّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لمعاوية: اللّهم علّمه الكتاب والحساب وقه العذاب.

وفي لفظ الترمذي: أللّهم اجعله هادياً مهديّاً واهدِ به. وبهذا اللّفظ أخرجه ابن عساكر في تاريخه ٢ ص ١٠٦.

زيّفه ابن عبد البرّ في الاستيعاب وقال: لا يثبت. راجع ما أسلفناه في الجزء العاشر ص ٣٧٦.

٣١ - عن عبد الرَّحمن بن أبي عميرة مرفوعاً: يكون في بيت المقدس بيعة هدى.

أخرجه ابن سعد عن الوليد بن مسلم عن شيخ من أهل دمشق عن يونس بن ميسرة بن جليس عن عبد الرّحمن(٢)

____________________

١ - راجع الجزء الخامس من ( الغدير ) ص ٢٥٩ ط ١.

٢ - الاصابة ٢: ٤١٤.

٩٥

انظر إلى سلسلة الش ّ اميّين في اسناد هذه المفتعلة: يروي الوليد مولى بني اُميّة عالم الشّام الذي كان كثير الخطأ، يروي عن الكذّابين ثمّ يدسّها عنهم، روى الأوزاعي عن ضعفاء أحاديث مناكير فأسقطهم الوليد وصيّرها من رواية الأوزاعي، و كان رفّاعاً اختلط عليه ما سمع وما لم يسمع وكانت له منكرات(١) عن شيخ من أهل الشّام لا يعرفه إنس ولا جان، عن يونس الأعمى الشّامي الذي ادرك معاوية وروى عنه واستمرأ رضائخه، عن عبد الرّحمن الذي لا نتبت أحاديثه ولا تصحّ صحبته كما قاله ابن عبد البرّ.

أفهل يروي مثل هذه الاُضحوكة إلّا أمثال هؤلاء؟ وهل تروى إلّا بمثل هذا الإسناد الوعر؟ وهل تدري أيّ بيعة غاشمة يراها النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - العياذ بالله - بيعة هدى؟ هي ذلك الملك العضوض الذي كان ينبأ عنه الصّادع الكريم، ويحضّ أصحابه على قتال صاحبه، بيعة الطليق ابن الطليق التي كانت قوامها البرائة عن ولاية الله الكبرى ولاية أمير المؤمنين التي جاء بها الكتاب الكريم، وأكمل الله بها الدين، وأتمّ بها النعمة، وقرنها بولايته وولاية رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بيعة عمَّت شؤمها الإسلام، وزرعت في قلوب أهلها الآثام، و خلطت الحلال بالحرام، وأباحت الأموال والدّماء للطلقاء واللعناء، وجرّت الويلات على عترة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى امتّه حتّى اليوم.

٣٢ - أخرج ابن عساكر قال: أنبأنا أبو بكر محمّد بن محمّد، أنبأنا أبو بكر محمّد بن علي، أنبأنا أبو الحسين أحمد بن عبد الله، أنبأنا أحمد بن أبي طالب، حدّثني أبي، حدَّثني أبو عمرو السعيدي، حدّثنا عليّ بن روح، حدّثنا عليّ بن عبيد العامري، حدّثنا جعفر بن محمّد وهو الأنطاكي، حدَّثنا اسماعيل بن عياش عن تمام بن نجيح الأسدي عن عطاء عن ابن عمر قال: كنت مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورجلان من أصحابه فقال: لو كان عندنا معاوية لشاورناه في بعض أمرنا، فكأنّهما دخلهما من ذلك شيىء، فقال: انّه اوحي إليَّ أن اُشاور ابن أبي سفيان في بعض أمري، والله أعلم(٢) .

قال الأميني: في الاسناد جمعٌ من المجاهيل، وفيه جعفر بن محمّد الأنطاكي ليس

____________________

١ - تهذيب التهذيب ١١: ١٥١ - ١٥٥.

٢ - اللئالي المصنوعة للسيوطي ١: ٤٢١.

٩٦

بثقة(١) واسماعيل بن عيّاش الحمصي وثّقه جماعة غير انَّ الجوزجاني قال: أمّا اسماعيل فما أشبه حديثه بثياب نيسابور يرقم على الثوب المائة وأقل وشراءه دون عشرة، وكان أروى النّاس عن الكذّابين.

وقال ابو اسحاق الفزاري: لا تكتب عن اسماعيل ما روى عن المعروفين ولا غيرهم وقال: ذاك رجلٌ لا يدري ما يخرج من رأسه. وقال ابن المبارك: لا استحلي حديثه. وقال ابن خزيمة: لا يحتجّ به.وقال الحاكم: هو مع جلالته إذا انفرد بحديث لم يقبل منه لسوء حفظه وقال عليّ بن حجر: ابن عيّاش حجّة لولا كثرة وهمه. إلى آخر ما مرَّ في هذا الجزء صفحة ٨٢.

وفيه: تمام بن نجيح الدمشقي قال أحمد: ما أعرفه. قال حرب: يعني ما أعرف حقيقة حاله. وقال ابو زرعة: ضعيفٌ. وقال أبو حاتم: منكر الحديث ذاهبٌ. وقال البخاري: فيه نظر. وقال ابن عدي: عامَّة ما يرويه لا يتابعه عليه الثقات وهو غير ثقة. وقال ابن حبّان: روى اشياء موضوعة عن الثقات كأنَّه المعتمد لها وقال البزّار: ليس بقويّ. وقال العقيلي: يحدِّث بمناكير. وقال الآجري عن أبي داود: له أحاديث مناكير(٢) .

٣٣ - أخرج ابن عساكر بالاسناد قال: أنبأنا أبو الحسن القرضي: حدّثنا ابو القاسم بن العلاء: أنبأنا أبو بكر عبد الله بن أحمد بن عثمان بن خلف: حدّثنا أبو زرعة محمّد بن أحمد بن أبي عصمة: حدّثنا أحمد بن علي: حدّثنا علي بن محمّد الفقيه: حدّثنا محرز بن عون: حدّثنا شبابة عن محمّد بن راشد عن مكحول قال: دفع النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى معاوية سهمين فقال: خذ هاذين السّهمين سهمي الاسلام فتلقني بهما في الجنّة، فلمّا مات معاوية جعلا معه في قبره، ولمـّا حلق النبيُّ رأسه بمنى دفع إلى معاوية من شعره فصانه فلمّا مات معاوية جعل شعر النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على عينيه والله أعلم(٣) .

قال الأميني: هذا الاسناد باطلٌ مزيَّف، وهو مع ذلك غير مسند الأخير إذ

____________________

١ - لسان الميزان ٢: ١٢٤.

٢ - تهذيب التهذيب ١: ٥١٠.

٣ - اللئالى المصنوعة ١: ٤٢٢.

٩٧

مكحول الدمشقي حديثه مرسلٌ والرَّجل ليس بصحابيّ، ذكره ابن سعد في الطبقة الثالثة من تابعي أهل الشّام، وهو قدريُّ ضعيفٌ يدلِّس.

وفي الاسناد محمّد بن راشد الدمشقي، وهو قدريُّ من أهل الورع والنسك ولم يكن الحديث من صنعته، وكثر المناكير في روايته فاستحقَّ الترك. وقال الدارقطني: يُعتبرُ به. وقال ابن خراش: ضعيف الحديث(١) .

وفيه شبابة الفزاري كان يدعو إلى الأرجاء ويقول به، تركه أحمد ولم يكتب عنه وكان يحمل عليه ولا يرضاه، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا تحجُّ به. وقال أبو بكر الأثرم عن احمد بن حنبل: كان يدعو إلى الارجاء وحكي عنه قولٌ أخبث من هذه الأقاويل قال: إذا قال فقد عمل بجارحته وهذا قولٌ خبيثٌ ما سمعت أحداً يقوله، قيل له: كيف كتبت عنه؟ قال: كتبت عنه شيئاً يسيراً قبل أن أعلم انّه يقول بهذا. وقبل كلّ هذا كان الرَّجل يبغض أهل البيت الطاهر، ومات بإصابة الدَّعوة عليه فلجاً(٢) .

وفي الاسناد مجاهيل لا يُعرفون ولا يوجد لهم ذكرٌ في المعاجم.

٣٤ - أخرج اسحاق بن محمّد السوسي من طريق محمّد بن الحسن بالاسناد مرفوعاً: إنَّ معاوية يُبعث نبيّاً من حلمه وائتمانه على كلام ربِّي.

زيّفه ابن حَجر في لسان الميزان ٥: ١٢٥ وقال: محمّد بن الحسن لعلّه النقّاش صاحب التفسير فإنّه كذّابٌ أو هو آخر من الدجاجلة.

٣٥ - قال سعيد بن المسيِّب: من مات محبّاً لأبي بكر وعمر وعثمان وعليّ، وشهد العشرة بالجنّة، وترحّم على معاوية، كان حقّاً على الله أن لا يناقشه الحساب [ تاريخ ابن كثير: ٨: ١٣٩ ]

قال الأميني: فأوَّل من يناقشه الله الحساب إن صدق هذا الحلم هو النبيُّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووصيّه امير المؤمنينعليه‌السلام للعنهما معاوية كما عرفت حديثه، ويلحقهما في ذلك عيون الصّحابة العدول المتقرِّبين إلى الله بالوقيعة في هذا الإنسان، بل يحقُّ على الله

____________________

١ - تهذيب التهذيب ٩: ١٥٩.

٢ - تهذيب التهذيب ٤: ٣٠١.

٩٨

أن يناقش الحساب مع كلِّ مؤمن صالح مرضيّ عنده لنقمتهم على ابن آكلة الأكباد وأفعاله وتروكه، وذكرهم إيّاه بكلِّ مخزاة وبائقة بكرةً وعشياً.

وهل على الله أن لا يناقش ابن أبي سفيان الحساب أخذاً بهذا الحكم الباتِّ التافه؟ وهل قنوت الرَّجل بلعن عليّ أمير المؤمنين وسبِّه إيّاه ووقيعته فيه وتحامله عليه ودعوته النّاس إلى مقته وعداه وخروجه عليه بالسَّيف وقتاله إيّاه، إلى تلكم الفواحش المبثوثة في صحيفة تاريخ الرَّجل السّوداء من بوائقه وموبقاته مع شيعة أمير المؤمنينعليه‌السلام كانت كلّها آية حبّه إيّاه ورمز شهادته له بالجنّة؟ وبذلك استوجب الترحّم عليه؟

وهل كان تقاعسه عن نصرة عثمان، وتثبّطه عن الدِّفاع عنه، وايصائه بذلك قائد جيوشه عن آيات حبّه إيّاه، وشهادته له بالجنّة، وموجبات الترحّم عليه؟ نعوذ بالله من التقوّل بلا تدبّر.

٣٦ - قال سعيد بن يعقوب الطالقاني: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: ترابٌ في أنف معاوية أفضل من عمر بن عبد العزيز. وفي لفظ: لترابٌ في منخري معاوية مع رسول الله خير وأفضل من عمر بن عبد العزيز. تاريخ ابن كثير ٨: ١٣٩.

وسُئل احمد بن حنبل امام الحنابلة: ايّما افضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز؟ فقال: لَغبارٌ لحق بأنف جواد معاوية بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خيرٌ من عمر بن عبد العزيز. [ شذرات الذهب ١: ٦٥ ].

قال الأميني: إنَّ الحريَّ بعرفان معاوية ومكانته من الفضيلة هم اولئك الّذين عاصروه وشاهدوه من كثب، والذين رأوا بوائقه وتطلّعوا على مخازيه بين ثنايا المشاهدة، والّذين أدركوا أصله ومحتده وعرفوا نفسيّاته وملكاته، ولن تجد فيهم رجل صدق يقيم له وزناً أو يرى له كرامة، ويحقُّ أن تسألهم عنه لا ابني حنبل ومبارك اللّذين أوفر حظّهما من أخبار معاوية السّماع أو ركوب العصبيّة العمياء، وأنت إذا أمعنت النظرة فيما أسلفناه ممّا قيل فيه وذكر عنه ظهرت لك جليّة الحال وعرفت البون الشّاسع بين كلمة الرَّجلين وبين هاتيك الكلم الجوامع المعربة عن حقيقة الرَّجل وعُجره وبُجره.

٣٧ - قال بعض السَّلف: بينا أنا على جبل بالشّام اذ سمعت هاتفاً يقول: مَن

٩٩

أبغض الصّدِّيق فذاك زنديق، ومَن أبغض عمر فإلى جهنّم زمرا، ومَن أبغض عثمان فذاك خصمه الرَّحمن، ومَن أبغض عليّاً فذاك خصمه النبيُّ، ومَن أبغض معاوية سحبته الزبانية إلى جهنّم الحامية يرمى به في الحامية الهاوية. تاريخ ابن كثير ٨: ١٤٠.

عجباً لبيئة دمشق التي لا تربِّي إلّا روح الأمويّة الممقوتة هي وأهلها وضواحيها وجبالها، ومَن يهتف بها من شيطان مريد أو إنسان عنيد، أو مشاغب عن الحقِّ والصَّلاح بعيد، وبُعداً لمن يحتجّ في امور الدين بالهاتف المجهول، وطيف الخيال الممجوج، ويضرب عن الحقايق الراهنة صفحا، ويطوي عن البرهنة الصّادقة كشحا.

٣٨ - قال بعضهم: رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعنده أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاوية إذ جاء رجلٌ فقال عمر: يا رسول الله! هذا يتنقّصنا فكأنَّه انتهره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا رسول الله! انّي لا أتنقّص هؤلاء ولكن هذا - يعني معاوية - فقال: ويلك أوَ ليس هو من أصحابي؟ قالها ثلاثاً. ثمَّ أخذ رسول الله حربة فناولها معاوية فقال: جأ بها في لبَّته، فضربه بها وانتبهت فبكرت إلى منزلي فإذا ذلك الرَّجل قد أصابته الذبحة من الليل ومات، وهو راشد الكندي. تاريخ ابن كثير ٨: ١٤٠.

قال الأميني: عجباً من حفّاظ قوم وأئمّة مذهب يغرّون بسطاء الامّة بالأضغاث الأحلام، ويموّهون على الحقايق الراهنة بالترّهات، ويسوِّدون صحائف التاريخ بالتافه الواهي، ويشوِّهون سمعة الصّحابة ويدنّسون ساحة قدس صلحائهم بعد ابن هند الخمّار الربَّاء من زمرتهم، وجعله وإيّاهم عكمي بعير، قاتل الله الجهل.

ليتني أدري انّ الّذي شهده هذا الرّجل في طيف الخيال هل هو ذلك النبيّ الأقدسصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الّذي كان ينتقص هو معاوية ويلعنه في يقظته وانتباهته، وقد تطابق في ابن هند لسان حاله والمقال، أم هو غيره؟ انتظر ها هنا حتّى يوافيك الجواب عن صاحب الرُّؤيا ولا أظنّ.

وليتني عرفت ما مصير عدول الصّحابة مناوئي معاوية ومنتقصيه بألسنة حداد، والدّاعين عليه في صلواتهم جهارا، والمتحاملين عليه في كلّ ندوة ومجتمع؟ هل انتهرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وناول معاوية حربة جاء بها في لبّتهم؟!.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

وبروايتهم ، ولكن غاية ما يستفاد من هذه العبارة ان الطاطري لا يروي في كتبه إلا عن ثقة ، واما انه لا يروي مطلقاً إلا عن ثقة فلا يدل عليه.

وعلى ذلك كلما بدأ الشيخ سند الحديث باسم الطاطري فهو دليل على ان الرواية مأخوذة من كتبه الفقهية فعندئذ فالسند صحيح إلى اخره ، وهذا غير القول بأنه لا يروي إلا عن ثقة ، حتى يحكم بصحة كل سند وقع فيه الطاطري إلى ان ينتهي إلى المعصوم ، على ان من المحتمل ان يكون كلام الشيخ محمولاً على الغالب ، فلاحظ كتابه واطمأن بوثاقة كثير من رواة كتابه ، فقال في حقه ما قال ، والله العالم.

نعم هذه التوثيقات في حق هؤلاء الرجال ، قرائن ظنية على وثاقة كل من يروون عنه ولو انضمت اليه القرائن الاخر ربما حصل الاطمئنان على وثاقة المروي عنه ، فلاحظ.

و ـ أحمد بن علي النجاشي صاحب الرجال

ان للشيخ ابي العباس أحمد بن علي بن أحمد بن العباس بن محمد بن عبدالله بن إبراهيم بن محمد بن عبدالله النجاشي مشايخ معروفين سنشير اليهم ، وجده النجاشي هو الذي ولي على الأهواز وكتب إلى ابي عبداللهعليه‌السلام يسأله فكتب الإمام اليه رسالة معروفة بالرسالة الأهوازية التي نقلها السيد محيي الدين في أربعينه والشهيد الثاني في كشف الريبة مسنداً اليه(1) .

وقد تقدمت ترجمة النجاشي عند البحث عن الاصول الرجالية.

ويظهر من الشيخ النجاشي ان كل مشايخه ثقات ، بل يظهر جلالة قدرهم وعلوّ رتبتهم فضلاً عن دخولهم في زمرة الثقات ، وهذا ظاهر لمن لاحظ كلماته

__________________

1 ـ رواها الشيخ الانصاري عند البحث عن الولاية ، لاحظ : الصفحة 60 من المكاسب طبعة تبريز.

٢٨١

في احوال بعض مشايخه ، واليك بعض ما قال في حق مشايخه :

1 ـ قال في ترجمة جعفر بن محمد بن مالك بن عيسى بن سابور :

« كوفي كان ضعيفاً في الحديث. قال أحمد بن الحسين : كان يضع الحديث وضعاً ، ويروي عن المجاهيل ، وسمعت من قال : كان ايضاً فاسد المذهب والرواية ، ولا ادري كيف روى عنه شيخنا النبيل الثقة ابو علي ابن همام وشيخنا الجليل الثقة ابو غالب الزراري ـ رحمهما الله ـ وليس هذا موضع ذكره »(1) .

وتعجبه من روايات شيخيه عن هذا الرجل قرينة على انه لم يكن يجوز لنفسه الرواية عن غير الثقة في الحديث ، والاعتماد في النقل على المنحرف الضعيف ، ولكن التعجب من النقل عن واضع الحديث لا يدلّ إلا على التحرز عن مثله لا عن كل ضعيف كما هو المطلوب ، وغاية ما يمكن ان يقال انه كان محترزاً عن مثله لا عمن دونه من الضعفاء.

2 ـ وقال في ترجمة أحمد بن محمد بن عبيدالله بن الحسن بن عياش الجوهري : « كان سمع الحديث فأكثر واضطرب في اخر عمره ، وذكر مصنفاته ثم قال : رأيت هذا الشيخ وكان صديقاً لي ولوالدي وسمعت عنه شيئاً كثيراً ورأيت شيوخنا يضعفونه ، فلم ارو عنه شيئاً وتجنبته وكان من اهل العلم والادب القوي وطيب الشعر وحسن الخط ـرحمه‌الله وسامحه ـ ومات سنة 401 هـ »(2) .

3 ـ وقال في ترجمة اسحاق بن الحسن بن بكران : « ابو الحسين العقرائي التمّار كثير السماع ضعيف في مذهبه ، رأيته بالكوفة وهو مجاور ، وكان يروي كتاب الكليني عنه ، وكان في هذا الوقت علواً فلم اسمع منه شيئاً ، له كتاب الرد على الغلاة ، وكتاب نفي السهو عن النبي ، وكتاب عدد

__________________

1 ـ رجال النجاشي : الرقم 313 ـ ابو علي محمد بن همام البغدادي ( المتوفّى عام 333 هـ ) وابو غالب الزراري هو مؤلف رسالة ابي غالب ( المتوفّى عام 368 هـ ) ويروي النجاشي عنهما مع الواسطة ، كيف وقد تولد النجاشي عام 372 هـ ، كما تقدم.

2 ـ رجال النجاشي : الرقم 207.

٢٨٢

الائمة »(1) .

4 ـ وقال في ترجمة ابي المفضل محمد بن عبدالله بن محمد بن عبيدالله بن البهلول : « كان سافر في طلب الحديث عمره ، اصله كوفي وكان في أول امره ثبتاً ، ثم خلط ، ورأيت جل اصحابنا يغمزونه ، له كتب ـ إلى ان قال : رأيت هذا الشيخ وسمعت منه كثيراً ثم توقفت عن الرواية عنه إلا بواسطة بيني وبينه »(2) .

ولعل استثناء ما ترويه الواسطة لاجل انها كانت تروي عنه حال الاستقامة والثبت ، والاعتماد على الواسطة بناء على ان عدالته تمنع عن روايته عنه ما ليس كذلك ، كذا وجّهه السيد العلاّمة الطباطبائي ، ووجهه المحدّث النوري ، بأن نقله بالواسطة كان مجرد تورع واحتياط عن اتهامه بالرواية عن المتهمين ووقوعه فيه كما وقعوا فيه(3) .

5 ـ وقال في ترجمة هبة الله بن أحمد بن محمد الكاتب ابو نصر المعروف بابن برنية : « كان يذكر أنّ أُمّه ام كلثوم بنت ابي جعفر محمد بن عثمان العمري سمع حديثاً كثيراً وكان يتعاطى الكلام ويحضر مجلس ابي الحسين ابن الشبيه العلوي الزيدي المذهب ، فعمل له كتاباً وذكر ان الائمة ثلاثة عشر مع زيد بن علي بن الحسين ، واحتج بحديث في كتاب سليم بن قيس الهلالي ان الائمة اثنا عشر من ولد اميرالمؤمنينعليه‌السلام . له كتاب في الإمامة ، وكتاب في اخبار ابي عمرو وأبي جعفر العمريين ، ورأيت ابا العباس ابن نوح قد عول عليه في الحكاية في كتابه اخبار الوكلاء. وكان هذا الرجل كثير الزيارات وآخر زيارة حضرها معنا يوم الغدير سنة اربعمائة بمشهد امير المؤمنين

__________________

1 ـ رجال النجاشي : الرقم 178.

2 ـ رجال النجاشي : الرقم 1059.

3 ـ مستدرك الوسائل : 3 / 504.

٢٨٣

عليه‌السلام »(1) .

قال المحدث النوري : « ولم يعتمد عليه في كتابه ، ولا ادخله في طرقه إلى الاصول والكتب لمجرد تأليفه الكتاب المذكور. قال السيد العلاّمة الطباطبائي بعدما نقل ما ذكرناه : ويستفاد من ذلك كله غاية احتراز النجاشي وتجنبه عن الضعفاء والمتهمين ، ومنه يظهر اعتماده على جميع من روى عنه من المشايخ ، ووثوقه بهم ، وسلامة مذاهبهم ورواياتهم عن الضعف والغمز ، وان ما قيل في ابي العباس ابن نوح(2) من المذاهب الفاسدة في الاصول لا أصل له ، وهذا أصل نافع في الباب يجب ان يحفظ ويلحظ »(3) .

6 ـ ونقل في ترجمة عبيدالله بن ابي زيد أحمد المعروف بأبي طالب الأنباري ، عن شيخه الحسين بن عبيدالله قال : « قدم ابو طالب بغداد واجتهدت ان يمكنني اصحابنا من لقائه فاسمع منه فلم يفعلوا ذلك »(4) . وقال المتتبع المحدث النوري : « ان ذلك يدل على امتناع علماء ذلك الوقت عن الرواية عن الضعفاء وعدم تمكينهم الناس من الاخذ عنهم ، وإلا لم يكن في رواية الثقتين الجليلين عن ابن سابور(5) غرابة ولا للمنع من لقاء الانباري وجه ، ويشهد لذلك قولهم(6) في مقام التضعيف : « يعتمد المراسيل ويروي عن الضعفاء والمجاهيل » فان هذا الكلام من قائله في قوة التوثيق لكل من يروي عنه وينبه عليه ايضاً قولهم(7) ضعفه اصحابنا او غمز عليه اصحابنا او بعض

__________________

1 ـ رجال النجاشي : الرقم 1185.

2 ـ ابو العباس ابن نوح من مشايخ النجاشي.

3 ـ مستدرك الوسائل : 3 / 504.

4 ـ رجال النجاشي : الرقم 617.

5 ـ نقل ذلك في ترجمة جعفر بن مالك حيث تعجب النجاشي من نقل ابي علي ابن همام وابي غالب الزراري عنه.

6 و 7 ـ والظاهر افراد الضمير في الكل ، لأن البحث في النجاشي لا في كل عالم رجالي ، اللهم إلا ان يريد المحدث النوري بهذه العبارة ان هذا المسلك لا يختص بالنجاشي ، بل يعم كل من يعبر بهذه الالفاظ.

٢٨٤

اصحابنا من دون تعيين ، إذ لولا الوثوق بالكل لما حسن هذا الاطلاق ، بل وجب تعيين المضعف والغامز او التنبيه على انه من الثقات.

ويدل على ذلك اعتذارهم عن الرواية عن الطاطريين وبني فضال وامثالهم من الفطحية والواقفة وغيرهم ، بعمل الاصحاب برواياتهم ، لكونهم ثقات في النقل ، وعن ذكر ابن عقدة ( مع انه من الزيدية ) باختلاطه بأصحابنا وعظم محله وثقته وأمانته ، وكذا اعتذار النجاشي عن ذكره لمن لا يعتمد عليه ، بالتزامه لذكر من صنف من اصحابنا او المنتمين اليهم ، ذكر ذلك في ترجمة محمد بن عبد الملك والمفضل بن عمر »(1) .

وهذه الكلمات من الشيخ النجاشي تعرفنا بطريقته وانه كان ملتزماً بأن لا يروي إلا عن ثقة ، ولأجل ذلك يمكن أن يقال ، بل يجب ان يقال : إن عامّة مشايخه ثقات إلا من صرح بضعفه.

وقد استخرج المحدّث النوري مشايخه في المستدرك فبلغ اثنين وثلاثين ونقله العلاّمة المامقاني في خاتمة التنقيح(2) . ونحن نذكر مشايخه على ما جمعه واستخراجه المحدث النوري ـ شكرالله سعيه ـ.

مشايخ النجاشي كما استخرجهم النوري

1 ـ الشيخ المفيد وهو المراد بقوله : شيخنا ابو عبدالله.

2 ـ ابو الفرج الكاتب محمد بن علي بن يعقوب بن اسحاق بن ابي قرة القنائي ، الذي وثقه في الكتاب واثنى عليه.

3 ـ ابو عبدالله محمد بن علي بن شاذان القزويني ، الذي اكثر رواياته عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار.

__________________

1 ـ مستدرك الوسائل : 3 / 504.

2 ـ تنقيح المقال : 2 / 90.

٢٨٥

4 ـ ابو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان الفامي القمّي.

5 ـ القاضي ابو الحسين محمد بن عثمان بن الحسن النصيبي.

6 ـ محمد بن جعفر الأديب وقد يعبّر عنه بـ « المؤدب » و « القمي » و « التميمي » و « النحوي ».

7 ـ ابو العباس أحمد بن علي بن العباس بن نوح السيرافي الذي صرح بأنه شيخه ومستنده ومن استفاد منه.

8 ـ ابو الحسن أحمد بن محمد بن عمران بن موسى بن الجراح المعروف بابن الجندي.

9 ـ ابو عبدالله أحمد بن عبد الواحد بن أحمد البزاز.

10 ـ ابو الحسين أحمد بن الحسين بن عبيدالله الغضائري المعروف.

11 ـ أحمد بن محمد بن عبدالله الجعفي ، الذي يروي غالباً عن أحمد بن محمد بن عقدة الحافظ.

12 ـ ابو الحسن أحمد بن محمد بن موسى الاهوازي المعروف بابن الصلت الذي هو من مشايخ الشيخ.

13 ـ والده علي بن أحمد بن علي بن العباس النجاشي.

14 ـ ابو الحسين علي بن أحمد بن ابي جيد القمي.

15 ـ ابو القاسم علي بن شبل بن اسد الملقب بالوكيل وهو من مشايخ الشيخ.

16 ـ القاضي ابو الحسن علي بن محمد بن يوسف.

17 ـ الحسن بن أحمد بن إبراهيم.

٢٨٦

18 ـ ابو محمد الحسن بن أحمد بن الهيثم العجلي الذي قال فيه « انه من وجوه اصحابنا ».

19 ـ ابو عبدالله الحسين بن عبيدالله بن إبراهيم الغضائري ، الذي هو من اجلاء شيوخ الشيخ.

20 ـ ابو عبدالله الحسين بن جعفر بن محمد المخزومي الخزاز المعروف بابن الخمري.

21 ـ ابو عبدالله الحسين بن أحمد بن موسى بن هدية.

22 ـ القاضي ابو اسحاق إبراهيم بن مخلّد بن جعفر.

23 ـ ابو الحسن اسد بن إبراهيم بن كليب السلمي الحرّاني.

24 ـ ابو الخير الموصلي سلامة بن ذكا وهو من رجال التلعكبري.

25 ـ ابو الحسن العباس بن عمر بن العباس بن محمد بن عبد الملك بن ابي مروان الكلوذاني المعروف بابن المروان ، الذي اكثر رواياته عن علي ابن بابويه.

26 ـ ابو أحمد عبد السلام بن الحسين بن محمد بن عبدالله البصري.

27 ـ ابو محمد عبدالله بن محمد بن محمد بن عبدالله الدعجلي.

28 ـ عثمان بن حاتم بن منتاب التغلبي.

29 ـ ابو محمد هارون بن موسى التلعكبري.

30 ـ ابو جعفر او ابو الحسين محمد هارون التلعكبري.

31 ـ ابو الحسين أحمد بن محمد بن علي الكوفي الكاتب الذي روى

٢٨٧

عنه السيد الأجل المرتضى.

32 ـ ابو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن داود الفحّام(1) .

__________________

1 ـ مستدرك الوسائل : 3 / 502 ـ 503 ـ وسقط فيه كـ : « ابو محمد الحسن بن محمد بن يحيى ».

٢٨٨

4 ـ كل من يروي عنه محمد بن أحمد بن يحيى بلا

واسطة في « نوادر الحكمة »

٢٨٩
٢٩٠

ولتوضيح هذا النوع من التوثيق نقدم مقدمة وهي : أن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري القمي الذي يعد من اجلاء الأصحاب ، قد ألَّف كتاباً اسماه « نوادر الحكمة » وهو يشتمل على كتب اولها كتاب التوحيد واخرها كتاب القضايا والأحكام كما ذكره الشيخ في الفهرست(1) .

والنجاشي يصف الكتاب بقوله : « لمحمد بن أحمد بن يحيى كتب منها كتاب « نوادر الحكمة » وهو كتاب حسن كبير يعرفه القميون بـ « دبّة شبيب » قال : وشبيب فامي كان بقم له دبة ذات بيوت ، يعطي منها ما يطلب منه من دهن فشبهوا هذا الكتاب بذلك ».

ويعرف شخصية بقوله : « محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري القمي كان ثقة في الحديث ، إلا ان اصحابنا قالوا : كان يروي عن الضعفاء ، ويعتمد المراسيل ، ولا يبالي عمن اخذ ، وما عليه في نفسه مطعن في شيء وكان محمد بن الحسن بن الوليد(2) يستثني من رواية محمد بن أحمد بن يحيى ما

__________________

1 ـ فهرست الشيخ : 170 ـ 171.

2 ـ محمد بن الحسن بن الوليد القمي ، جليل القدر ، عارف بالرجال ، موثوق به ، له كتب راجع فهرس الشيخ : 148 ـ وقال النجاشي في رجاله : « محمد بن الحسن بن أحمد بن وليد ابو جعفر شيخ القميين وفقيههم ومتقدمهم ووجههم ويقال انه نزيل قم وما كان

٢٩١

رواه عن 1 ـ محمد بن موسى الهمداني ، 2 ـ او ما رواه عن رجل. 3 ـ او يقول بعض اصحابنا 4 ـ او عن محمد بن يحيى المعاذي 5 ـ او عن ابي عبدالله الرازي الجاموراني 6 ـ او عن ابي عبدالله السياري 7 ـ او عن يوسف بن السخت 8 ـ او عن وهب بن منبه 9 ـ او عن ابي علي النيشابوري 10 ـ او عن ابي يحيى الواسطي 11 ـ او عن محمد بن علي ابي سمينة 12 ـ او يقول في حديث او كتاب ولم أروه 13 ـ او عن سهل بن زياد الآدمي 14 ـ او عن محمد بن عيسى بن عبيد بإسناد منقطع 15 ـ او عن أحمد بن هلال 16 ـ او محمد بن علي الهمداني 17 ـ او عبدالله بن محمد الشامي 18 ـ او عبدالله بن أحمد الرازي 19 ـ او أحمد بن الحسين بن سعيد 20 ـ او أحمد بن بشير الرقي 21 ـ او عن محمد بن هارون 22 ـ او عن مموية بن معروف 23 ـ او عن محمد بن عبدالله بن مهران 24 ـ او ما ينفرد به الحسن بن الحسين اللؤلؤي 25 ـ وما يرويه عن جعفر بن محمد بن مالك 26 ـ او يوسف بن الحارث 27 ـ او عبدالله بن محمد الدمشقي(1) .

طبقته في الحديث

يروي هو عن مشايخ كثيرة ، منهم ابن ابي عمير ( المتوفّى عام 217 هـ ) وأحمد بن ابي نصر البزنطي ( المتوفّى عام 221 هـ ) وأحمد بن خالد البرقي ( المتوفّى عام 274 هـ أو 280 هـ ).

ويروي عنه أحمد بن ادريس الأشعري ( المتوفّى عام 306 هـ ) وسعد بن عبدالله القمي ( المتوفّى عام 299 هـ أو 301 هـ ).

__________________

اصله منها ، ثقة ثقة عين مسكون اليه مات سنة 343 هـ » اقول : وهو شيخ الصدوق الذي قال في حقه انه يسكن اليه في تصحيحاته وتضعيفاته ، فكل ما صححه ابن الوليد فهو صحيح وما ضعفه فهو ضعيف. لاحظ الفقيه ج 2 باب صوم التطوع وثوابه من الايام المتفرقة ، ذيل الحديث 241.

1 ـ استثنى ابن الوليد هؤلاء الجماعة من مشايخ مؤلف نوادرالحكمة ومعناه ان غير هؤلاء الواردين في ذلك الكتاب ممن روى عنهم بلا واسطة محكوم بالصحة « رجال النجاشي : الرقم 939 ».

٢٩٢

والرجل من اساتذة الحديث في النصف الثاني من القرن الثالث.

وزاد الشيخ في الفهرس : 28 ـ جعفر بن محمد الكوفي 29 ـ والهيثم بن عدي.

غير ان ابا العباس بن نوح قال : « وقد اصاب شيخنا ابو جعفر محمد بن الحسن بن الوليد في ذلك كله وتبعه ابو جعفر بن بابويهرحمه‌الله على ذلك إلا في محمد بن عيسى بن عبيد فلا ادري ما رابه فيه(1) ، لانه كان على ظاهر العدالة والثقة »(2) .

فاستدلوا بأن في استثناء المذكورين وبالاخص بالنظر إلى ما ذكره ابن نوح في حق محمد بن عيسى بن عبيد الذي يدل على التزامهم باحراز العدالة في الراوي ، شهادة على عدالة كل من روى عنه محمد بن أحمد بن يحيى ولم تستثن روايته(3) .

وباختصار قالوا باعتبار كل من يروي عنه محمد بن أحمد بن يحيى إذا لم يكن ممن استثناه ابن الوليد من روايات محمد بن أحمد عنه ، فان اقتصار ابن الوليد على ما ذكره من موارد الاستثناء يكشف عن اعتماده على جميع روايات محمد بن أحمد غير الموارد المذكورة. والتصحيح والاستثناء راجعان إلى مشايخه بلا واسطة لا كل من جاء اسمه في اسناد ذلك الكتاب منتهياً إلى الإمام.

نظرنا في الموضوع

يستفاد من هذه الكلمات ان مشايخه في الحديث المذكورين في رجال

__________________

1 ـ في بعض النسخ « رايه » والظاهر ما اثبتناه من الريب بمعنى الشك ، أي ما الذي اوجد الشك في حقه.

2 ـ رجال النجاشي : الرقم 939.

3 ـ لاحظ تكملة الوحيد البهبهاني وغيره.

٢٩٣

نوادر الحكمة غير من استثنى ، محكوم بالوثاقة والعدالة عند هؤلاء الثلاثة ( أعني ابن الوليد وابن نوح والصدوق لأجل اعتماد الاخير على تعديل ابن الوليد وجرحه في عامة الموارد ) وتوثيقاتهم حجَّة ما لم تعارض بتضعيف آخر.

وربما يورد عليه بأن اعتماد ابن الوليد أو غيره من الاعلام المتقدمين ، فضلا عن المتأخرين ، على رواية شخص والحكم بصحتها لا يكشف عن وثاقة الراوي او حسنه ، وذلك لاحتمال أن الحاكم بالصحة يعتمد على أصالة العدالة ، ويرى حجيَّة كل رواية يرويها مؤمن لم يظهر منه فسق ، وهذا لا يفيد من يعتبر وثاقة الراوي أو حسنه في حجية خبره(1) .

ولا يخفى أن ما ذكره من الاحتمال لا يوافق ما نقله النجاشي في رجاله عن ابن نوح ، فانه قد اعترض على ابن الوليد في استثناء محمد بن عيسى بن عبيد حيث قال : « لا أدري ما رابه فيه ـ أي ما هو السبب الذي أوقعه في الشك فيه ـ لأنه كان على ظاهر العدالة والثقة » والمتبادر من العبارة أن الباقين ممَّن قد اُحرزت عدالتهم ووثاقتهم ، لا أن عدالتهم كانت محرزة بأصالة العدالة.

وأضعف من ذلك ما ذكره « لعله كان يرى حجية كل رواية يرويها مؤمن لم يظهر منه فسق » فان هذا الاحتمال لا يناسب العبارة.

ويوضح هذا النظر ما ذكره الصدوق في مورد من الفقيه حيث قال : « كان شيخنا محمد بن الحسن لا يصحح خبر صلاة يوم غدير خمّ والثواب المذكور فيه لمن صامه ، ويقول إنه من طريق محمد بن موسى الهمداني وكان كذّاباً غير ثقة ، وكل ما لم يصحّحه ذلك الشيخقدس‌سره ولم يحكم بصحته من الاخبار فهو عندنا متروك غير صحيح ».

وقال أيضا : « كان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ( رضي

__________________

1 ـ معجم رجال الحديث : 1 / 86 ، طبعة النجف ، والصفحة 74 ، طبعة بيروت.

٢٩٤

الله عنه ) سيّئ الرأي في محمد بن عبدالله المسمعي ، راوي هذا الحديث ، وإني قد أخرجت هذا الخبر في هذا الكتاب ، لانه كان في كتاب الرحمة وقد قرأته عليه فلم ينكره ورواه لي »(1) .

فان هذه التعابير تشعر بأن توصيف الباقين بالوثاقة ، والمستثنين بالضعف كان بالاحراز لا بالاعتماد على أصالة العدالة في كل راو أو على القول بحجية قول كل من لم يظهر منه فسق.

أضف اليه أنه لو كان المناط في صحة الرواية هذين الاصلين ، لما احتاج الصدوق في إحراز حال الراوي إلى توثيق او تضعيف شيخه ابن الوليد ، لأن نسبة الاصل إلى الاستاذ والتلميذ سواسية.

هذا وإن العلاّمة المامقاني نقل عن الحاوي : أن استثناء اولئك الجمع لا يقتضي الطعن فيهم ، لأن رد الرواية أعمّ من الطعن لا سيما محمد بن عيسى حيث قبل روايته باسناد غير منقطع(2) .

والظاهر خلافه ، ولاجل كون الاستثناء دليلا على الطعن تعجب ابن نوح استثناء محمد بن عيسى بن عبيد ، مع كونه ظاهر العدالة والوثاقة. نعم لم يرد رواية محمد بن عيسى مطلقاً إلا فيما إذا كانت اسنادها منقطعة.

هذا وان صاحب « قاموس الرجال » فسر « انقطاع الاسناد » بما إذا كان متفرداً بالرواية ولم يشاركه فيها غيره ، واستشهد على ذلك بقول ابن الوليد في موضع اخر ، قال في كتب يونس : « ما لم يتفرد محمد بن عيسى بروايتها عنه ، صحيحة وليس محمد بن عيسى متفرداً بهذا الشرط بل روايات الحسن

__________________

1 ـ عيون أخبار الرضا : ج 2 ، باب في ما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الاخبار المنثورة ، ذيل الحديث 45 ، طبع طهران.

2 ـ تنقيح المقال : 2 / 76 ، في ترجمة محمد بن أحمد بن يحيى الاشعري القمي.

٢٩٥

اللؤلؤي ومحمد بن أورمة كذلك »(1) .

وهذا التوجيه مما يأباه ظاهر العبارة أعني قوله : « منقطع الاسناد » والظاهر هو انقطاع الاسناد بين محمد بن أحمد بن يحيى ومحمد بن عيسى ولاجل ذلك يروي النجاشي كتب محمد بن عيسى بن عبيد عن أحمد بن محمد بن يحيى ، عن الحميري ، عن محمد بن عيسى بن عبيد(2) .

وقد اضاف الشيخ إلى « منقطع الاسناد » قوله « يتفرد به » وهذا يدل على تغايرهما. وعلى كل تقدير فبعض اولئك المستثنين كالحسن اللؤلؤي ممن وثقه النجاشي ، ولابد من اعمال قواعد التعارض في التوثيق والتضعيف.

وعلى كل تقدير فكون الرجل من مشايخ مؤلف كتاب « نوادر الحكمة » يورث الظن او الاطمئنان بوثاقته إذا لم يكن أحد هؤلاء المستثنين ، فلاحظ.

__________________

1 ـ قاموس الرجال : 8 / 41.

2 ـ رجال النجاشي : الرقم 896.

٢٩٦

5 ـ ما وقع في اسناد كتاب « كامل الزيارات »

٢٩٧
٢٩٨

لا شك ان مؤلف كامل الزيارات ( وهو الشيخ الاقدم والفقيه المقدم الشيخ ابو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه المتوفي سنة 367 او 369 على احتمال ، والمدفون بالكاظمية في الرواق الشريف ، وفي محاذاة تلميذه الشيخ المفيد ) احد اجلاء الاصحاب في الحديث والفقه ، ووصفه النجاشي(1) في رجاله بانه من ثقات اصحابنا واجلائهم في الفقه والحديث ، وتوارد عليه النص بالوثاقة في فهرس الشيخ(2) والوجيزة ، والبحار ، وبلغة الرجال للشيخ سليمان الماحوزي ، والمشتركات للشيخ فخر الدين الطريحي ، والمشتركات للكاظمي ، والوسائل ، ومنتهى المقال للشيخ أبي علي ، في ترجمة أخيه ، والسيد رضي الدين ابن طاوس وغيرهم من الاعلام(3) .

__________________

1 ـ رجال النجاشي : الرقم 318 ، وقال : كل ما يوصف به الناس من جميل وفقه فهو فوقه ، وله كتب حسان.

2 ـ الفهرست : الرقم 141 ، وذكر الشيخ في رجاله انه مات سنة 368 هـ ، وقال العلاّمة في الخلاصة : انه مات سنة 369 هـ ويحتمل كون التسع مصحف « السبع ».

3 ـ لاحظ مقدمة كامل الزيارات بقلم العلاّمة محمد علي الغروي الاردوبادي ، فقد حقق احوال المترجم ونقل عبائر العلماء في حقه ، وقال النجاشي : « روى عن ابيه واخيه عن سعد » ومراده سعد بن عبدالله الاشعري القمي ( المتوفّى 301 هـ وقيل 299 هـ ) ولم يرو هو عن سعد إلا حديثين كما في رجال النجاشي في ترجمة سعد الرقم 467 ، او اربعة احاديث كما في ترجمة نفسه ، الرقم 318.

٢٩٩

وكتابه هذا من أهم كتب الطائفة وأصولها المعتمد عليها في الحديث ، أخذ منه الشيخ في التهذيب وغيره من المحدّثين ، وهو من مصادر الشيخ الحر العاملي في وسائله ، وعدَّه فيه من الكتب المعتمدة التي شهد بصحتها مؤلفوها وقامت القرائن على ثبوتها ، وعلم بصحة نسبتها اليه ، وذكره النجاشي في رجاله بعنوان كتاب « الزيارات » كما ذكره الشيخ في الفهرس بعنوان « جامع الزيارات » وعبَّر عنه في بقية الكتب باسم « كامل الزيارة ».

وهوقدس‌سره ذكر في مقدّمة كتابه ما دعاه إلى تصنيف كتابه في هذا الموضوع ، ثم قال : « ولم اُخرج فيه حديثا روي عن غيرهم إذا كان فيما روينا عنهم من حديثهم ـ صلوات الله عليهم ـ كفاية عن حديث غيرهم ، وقد علمنا أنا لا نحيط بجميع ما روي عنهم في هذا المعنى ولا في غيره ، ولكن ما وقع لنا من جهة الثّقات من أصحابنا ـرحمهم‌الله برحمته ـ ولا أخرجت فيه حديثا روي عن الشذاذ من الرجال يؤثر ذلك عنهم عن المذكورين ، غير المعروفين بالرواية ، المشهورين بالحديث والعلم ، وسمَّيته كتاب « كامل الزيارات » وفضلها وثواب ذلك »(1) .

وربما يستظهر من هذه العبارة أن جميع الرواة المذكورين في أسناد أحاديث ذلك الكتاب ممَّن روي عنهم إلى أن يصل إلى الإمام من الثقات عند المؤلف ، فلو اكتفينا بشهادة الواحد في الموضوعات يعدّ كل من جاء في أسناد هذا الكتاب من الثقات بشهادة الثقة العدل ابن قولويه.

وقد وضع الشيخ الفاضل محمّد رضا عرفانيان فهرساً في هذا الموضوع فاستخرج أسامي كل من ورد فيها فبلغت 388 شخصاً.

وقد أشار بما ذكرنا الشيخ الحرّ العاملي في الفائدة السادسة من خاتمة الكتاب وقال : « وقد شهد علي بن إبراهيم أيضاً بثبوت أحاديث تفسيره ، وأنها

__________________

1 ـ مقدمة كامل الزيارات : 4.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402