موسوعة حديث الثقلين الجزء ١

موسوعة حديث الثقلين9%

موسوعة حديث الثقلين مؤلف:
الناشر: ستارة
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 978-600-5213-63-8
الصفحات: 619

الجزء ١ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 619 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 163832 / تحميل: 5133
الحجم الحجم الحجم
موسوعة حديث الثقلين

موسوعة حديث الثقلين الجزء ١

مؤلف:
الناشر: ستارة
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٦٣-٨
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

وذكر في مقدّمة إثبات الهداة في الفائدة التاسعة ، ما نصّه : إعلم أنّ لنا طرقاً إلى رواية الكتب التي نقلنا عنها ، والأحاديث التي جمعناها ، قد ذكرنا بعضها في كتاب تفصيل وسائل الشيعة إلى تحقيق مسائل الشريعة وغيره ، ولا حاجة إلى ذكرها هنا ; لأنّ هذه الكتب(١) متواترة ، وقد ابتدأنا باسم من نقلنا من كتابه ، ومن أراد الطرق فقد دللناه عليها فليرجع إليها(٢) .

وقد رجعنا إلى خاتمة الوسائل في الفائدة الرابعة منه ، فقال هناك : في ذكر الكتب المعتمدة التي نقلت منها أحاديث هذا الكتاب ، وشهد بصحّتها مؤلّفوها وغيرهم ، وقامت القرائن على ثبوتها وتواترت عن مؤلّفيها ، أو علمت صحّة نسبتها إليهم ، بحيث لم يبق فيها شكّ ولا ريب ، كوجودها بخطوط أكابر العلماء ، وتكرّر ذكرها في مصنّفاتهم ، وشهادتهم بنسبتها ، وموافقة مضامينها لروايات الكتب المتواترة ، أو نقلها بخبر واحد محفوف بالقرينة وغير ذلك ، وهي : ، ثمّ عدّ منها في رقم (٤١) كتاب سُليم بن قيس الهلالي.

ثمّ قال في آخر نهاية القائمة : ويوجد الآن ـ أيضاً ـ كتب كثيرة من كتب الحديث غير ذلك ، لكن بعضها لم يصل إليّ منه نسخة صحيحة ، وبعضها ليس فيه أحكام شرعيّة يعتدّ بها ، وبعضها ثبت ضعفه ، وضعف مؤلّفه ، وبعضها لم يثبت عندي كونه معتمداً ، فلذلك اقتصرت على ما ذكرت(٣) .

ومنه يفهم أنّ هذه الكتب المعتمدة لديه والتي نقل عنها وصلت إليه منها نسخة صحيحة ، ولم يثبت ضعفها أو ضعف مؤلّفها ، بل ثبت عنده عكسه ، وأنّها معتمدة.

____________

١ ـ ومنها كتاب سُليم طبعاً.

٢ ـ إثبات الهداة ١ : ٥٣ ، المقدّمة ، الفائدة التاسعة.

٣ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٥٤ ، وما بعدها.

٤١

ثمّ ذكر في الفائدة الخامسة طرقه إلى هذه الكتب ، وقال : في بيان بعض الطرق التي نروي بها الكتب المذكورة(١) عن مؤلّفيها ، وإنّما ذكرنا ذلك تيمّناً وتبرّكاً باتّصال السلسلة بأصحاب العصمة ( عليهم السلام ) ، لا لتوقّف العمل عليه ; لتواتر تلك الكتب ، وقيام القرائن على صحّتها وثبوتها ، كما يأتي إن شاء الله(٢) .

فنقول : إنّا نروي الكتب المذكورة وغيرها عن جماعة منهم :

ثمّ أورد بحدود ١٨ طريقاً إلى الشهيد الثاني زين الدين بن علي العاملي ( ت ٩٦٦ هـ )(٣) ، ومنه بطريقه إلى العلاّمة ( ت ٧٢٦ هـ )(٤) بطريقه إلى النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) ، قال : أخبرنا علي بن أحمد القمّي ، قال : حدَّثنا محمّد بن الحسن بن الوليد ، قال : حدَّثنا محمّد بن أبي القاسم ما جيلويه ، عن محمّد بن علي الصيرفي ، عن حمّاد بن عيسى وعثمان بن عيسى ، قال حمّاد بن عيسى : وحدّثناه إبراهيم بن عمر اليماني ، عن سُليم بن قيس بالكتاب(٥) .

وأيضاً من الشهيد الثاني إلى العلاّمة(٦) ، وأربع طرق أُخرى إلى الشهيد الأوّل محمّد بن مكّي العاملي ( ت ٧٨٦ هـ )(٧) بطريقيهما إلى الشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ )(٨) : عن أبي جيد ، عن محمّد بن الحسن بن الوليد

____________

١ ـ ومنها كتاب سُليم.

٢ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٩١ ، ذكر القرائن في الفائدة السادسة ، و ٣٠ : ٢٤١ ، الفائدة الثامنة ، و ٣٠ : ٢٤٩ ، الفائدة التاسعة.

٣ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٧٠ ، وما بعدها.

٤ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٧٦ و ١٨٥.

٥ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٨٨.

٦ ـ خاتمة الوسائل : ٣٠ : ١٧٦.

٧ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٧٤ ، وما بعدها.

٨ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٧٦ ، ١٧٧.

٤٢

إلى آخر السند كما في مفتتح النسخة ، إلى سُليم(١) .

وذكر الشيخ الحرّ ( ت ١١٠٤ هـ ) طريقاً آخراً في إجازته للفاضل المشهدي ، بطريقه إلى الكليني ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ابن عيسى ، وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، جميعاً عن حمّاد بن عيسى ، عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سُليم بن قيس(٢) .

ووصلت هذه النسخة أيضاً للعلاّمة المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) ، وذكر مفتتحها في أوّل البحار ، وفرّق الباقي في كتابه(٣) .

فإن قيل : إنّ نسخة كتاب سُليم لم تصل إلينا بطريق القراءة والمناولة يداً بيد ، أو بنسخة ذات تواريخ متّصلة ، فإنّ نسخة محمّد بن صبيح كان تاريخها ٣٣٤ هـ ، وآخر تاريخ في نسخة الشيخ الطوسي هو ما نقله راويها من تاريخ التحديث بطرقه الأربع عن شيوخه إلى الشيخ الطوسي ، هو ٥٦٥ هـ ، ٥٦٠ هـ ، ٥٦٧ هـ(٤) ، وإجازات الشيخ الحرّ إجازات عامّة.

____________

١ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٨٨.

٢ ـ البحار ١١٠ : ١٢٠ ، إجازة الشيخ الحرّ العاملي للفاضل المشهدي.

٣ ـ البحار ١ : ٧٧.

٤ ـ كتاب سُليم ٢ : ٥٥٥ ، مفتتح كتاب سُليم.

وهي هكذا : أخبرني الرئيس العفيف أبو البقاء هبة الله بن نما بن علي بن حمدون ( رضي الله عنه ) ، قراءة عليه بداره بحلّة الجامعيين في جمادي الأُولى سنة خمس وستّين وخمسمائة ، قال : حدّثني الشيخ الأمين العالم أبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن طحال المقدادي المجاور ، قراءةً عليه بمشهد مولانا أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ سنة عشرين وخمسمائة ، قال : حدّثنا الشيخ المفيد أبو علي الحسن بن محمّد الطوسي ( رضي الله عنه ) ، في رجب سنة تسعين وأربعمائة.

وأخبرني الشيخ الفقيه أبو عبد الله الحسن بن هبة الله بن رطبة ، عن الشيخ المفيد أبي علي ، عن والده ، في ما سمعته يقرأ عليه بمشهد مولانا السبط الشهيد أبي عبد الله الحسين بن علي ـ صلوات الله عليه ـ في المحرّم من سنة ستّين وخمسمائة.

وأخبرني الشيخ المقرىء أبو عبد الله محمّد بن الكال ، عن الشريف الجليل نظام

٤٣

قلنا : لا أقلّ من أنّ إجازات الشيخ الحرّ تفيد تداول الكتاب على مرّ القرون بأيدي العلماء ، وأنّ الروايات الموجودة في النسخة الحاليّة ( المطبوعة ) مبثوثة في كتب القدماء قبل هذه التواريخ ـ خاصّة تاريخ نسخة الشيخ الطوسي ـ كما عرف من تخريجات حديث الثقلين ، وما ذكره مفصّلا محقّق الكتاب الشيخ الأنصاري في قسم التخريجات(١) .

فممّن أورد رواياته :

الفضل بن شاذان ( ت ٢٦٠ هـ ) في إثبات الرجعة ، كما عن مختصر إثبات الرجعة ، والثقفي ( ت ٢٨٣ هـ ) في الغارات ، وأبو جعفر محمّد بن الحسن الصفّار ( ت ٢٩٠ هـ ) في بصائر الدرجات ، والعيّاشي ( ت حدود ٣٢٠ هـ ) في تفسيره ، وفرات الكوفي ( أواخر القرن الثالث إلى أوائل القرن الرابع ) في تفسيره ، والكشّي ( القرن الرابع ) في اختيار معرفة الرجال ، والكليني ( ت ٣٢٩ هـ ) في الكافي ، وابن جرير الطبري الإمامي ( القرن الرابع ) في المسترشد ، والنعماني ( كان حيّاً سنة ٣٤٢ هـ ) في الغيبة ، والحرّاني ( النصف الثاني من القرن الرابع ) في تحف العقول ، وابن الجُحام ( القرن الرابع ) في ما نزل من القرآن ، والصدوق ( ت ٣٨١ هـ ) في معاني الأخبار وإكمال الدين والخصال والاعتقادات وعلل الشرايع وعيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ومن لا يحضره الفقيه ، والشيخ المفيد ( ت ٤١٣ هـ ) في تصحيح

____________

الشرف أبي الحسن العريضي ، عن ابن شهريار الخازن ، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي.

وأخبرني الشيخ الفقيه أبو عبد الله محمّد بن علي بن شهرآشوب ، قراءة عليه بحلّة الجامعيين في شهور سنة سبع وستّين وخمسمائة ، عن جدّه شهرآشوب ، عن الشيخ السعيد أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي ( رضي الله عنه ) ، قال : حدّثنا ابن أبي حيدر ، عن

١ ـ انظر كتاب سُليم ، الجزء الثالث ، قسم التخريجات.

٤٤

الاعتقاد والاختصاص المنسوب إليه(١) ، والمرتضى ( ت ٤٣٦ هـ ) في الشافي ، والكراجكي ( ت ٤٤٩ هـ ) في الاستنصار ، والطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) في التهذيب والغيبة ، والحسكاني ( أواخر القرن الخامس ) في شواهد التنزيل ، وابن شهر آشوب ( ت ٥٨٨ هـ ) في المناقب ، وغيره في القرن السادس ، ثمّ اتّصل النقل للروايات في القرن السابع والثامن والتاسع والعاشر إلى عصر المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) والحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) والبحراني ( ت ١١٨٦ هـ ) ، ثمّ إلينا ، وهي روايات موجودة في النسخة المطبوعة الآن(٢) .

فمع ما انضمّ إلى هذا من كثرة من ذكر وجود الكتاب أو اطّلاعه عليه ، يصبح لدينا اطمئنان بأنّ الكتاب ـ أصل سُليم ـ إلى عمر بن أُذينة مقطوع به ، وينفرد الطريق منه عن أبان ، عن سُليم ـ لو سلّمنا ذلك وأنّ الكتاب لم يروه عن سُليم غير أبان ، مقابل من قال بوجود طرق أُخَر كما في بعض الأسانيد ـ فتأتي شهادتا الإمامين الباقر ( عليه السلام ) والصادق ( عليه السلام ) لترفع درجة الاطمئنان وتضيف وثاقة إلى وثاقة ، إذ هما ـ على الأقلّ ـ مقدّمتان على نقل ابن أُذينة عن أبان عن سُليم بالنسبة للحديثين الواردين بشأنهما ، ومؤيّدتان وكاشفتان عن صدق محتواه بالنسبة إلى كُلّ الكتاب.

فشهادة الإمام الباقر ( عليه السلام ) أوردها الشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) في الغيبة : وأخبرنا أحمد بن عبدون ، عن أبي الزبير القرشي ، عن علي بن الحسن بن فضّال ، عن محمّد بن عبد الله بن زرارة ، عمّن رواه ، عن عمر ابن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : « هذه وصيّة أمير

____________

١ ـ كتاب الاختصاص ليس للشيخ المفيد ، وإنّما هو لأحد قدماء الشيعة ، وستأتي الإشارة إليه.

٢ ـ راجع للاطّلاع أكثر على الناقلين الجزء الثالث من كتاب سُليم ، قسم التخريجات.

٤٥

المؤمنين ( عليه السلام ) إلى الحسن ( عليه السلام ) » ، وهي نسخة كتاب سُليم بن قيس الهلالي دفعها إلى أبان وقرأها عليه ، قال أبان : وقرأتها على علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، فقال : « صدق سُليم ( رحمه الله ) ».

قال سُليم : فشهدت وصيّة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حين أوصى إلى ابنه الحسن ( عليه السلام ) ، وأشهد على وصيّته الحسين ( عليه السلام ) ومحمّداً وجميع ولده ورؤساء شيعته(١) .

وأورد في التهذيب : عنه ( أبي الحسين بن سعيد ) ، عن حمّاد بن عيسى ـ وهو أحد رواة كتاب سُليم ـ عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، وإبراهيم بن عمر ، عن أبان ، رفعه إلى سُليم بن قيس الهلالي ( رضي الله عنه ) ، قال سُليم : شهدت وصيّة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وزاد فيه إبراهيم بن عمر ، قال : قال أبان : قرأتها على علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، فقال علي بن الحسين : « صدق سُليم »(٢) .

وأوردها الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي ( ت ٦٧٦ هـ ) في الدرّ النظيم : حدّث عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، وعمّن رواه ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن عبد الله ( رضي الله عنه ) ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : « هذه وصيّة علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) إلى ابنه الحسن ( عليه السلام ) » ، وهي نسخة كتاب سُليم بن قيس الهلالي ، دفعه إلى أبان وقرأها عليه ، وقال أبان : قرأتها على علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، قال سُليم : شهدت وصيّة علي بن أبي طالب ( عليه السلام )(٣) .

____________

١ ـ الغيبة : ١٩٤ ح ١٥٧ ، في إبطال قول السبئيّة : في أنَّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حيّ باق ، وعنه المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في البحار ٤٢ : ٢١٢ ح ١٢.

٢ ـ التهذيب ٩ : ١٧٦ ح ٧١٤ ، وعنه الحرّ العاملي ( ت ١١٠٤ هـ ) في إثبات الهداة ٢ : ٢٦٧ ح ٢٦ ، ما رواه الكليني في التهذيب.

٣ ـ الدرّ النظيم في مناقب الأئمّة اللهاميم : ٣٧٨ ، الباب الثاني ، في ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فصل : في ذكر بعض حكم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وخطبه ووصاياه ومواعظه ، وصيّة أُخرى ذكرها بعد ذكر وصيّته ( عليه السلام ) للإمام الحسن ( عليه السلام ).

٤٦

وهذه الأسانيد يدعم بعضها بعضاً ، والوصيّة موجودة بعينها في بعض نسخ كتاب سُليم(١) التي قال عنها محقّق الكتاب الشيخ محمّد باقر الأنصاري : إنّها أكمل وأتمّ النسخ(٢) .

أمّا شهادة الإمام الصادق ( عليه السلام ) فقد أوردها الفضل بن شاذان ( ت ٢٦٠ هـ ) في إثبات الرجعة ، قال : حدَّثنا محمّد بن إسماعيل بن بزيع ( رضي الله عنه ) ، قال : حدَّثنا حمّاد بن عيسى ، قال : حدَّثنا إبراهيم بن عمر اليماني ، قال : حدَّثنا أبان بن أبي عيّاش ، قال : حدَّثنا سُليم بن قيس الهلالي ، قال : قلت لأمير المؤمنين : ، وأعرف قبائلهم(٣) .

قال أحمد بن إسماعيل : ثمّ قال حمّاد بن عيسى : قد ذكرت هذا الحديث عند مولاي أبي عبد الله ( عليه السلام ) فبكى ، وقال : « صدق سُليم ، فقد روى لي هذا الحديث أبي ، عن أبيه علي بن الحسين ( عليهم السلام ) ، عن أبيه الحسين بن علي ( عليهما السلام ) ، قال : سمعت هذا الحديث من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، حين سأله سُليم بن قيس »(٤) .

فالفضل بن شاذان من أجلاّء الطائفة(٥) ، ومحمّد بن إسماعيل بن

____________

١ ـ كتاب سُليم ٢ : ٩٢٤ ح ٦٩ ، القسم الثاني : ما وجد من كتاب سُليم في نسخة أُخرى.

٢ ـ كتاب سُليم ١ : ٣٢٢ ، الفئة الثالثة ، النوع ( ج ) ، نقاط هامّة.

٣ ـ كتاب سُليم ٢ : ٦٢ ح ١٠.

٤ ـ مختصر إثبات الرجعة للفضل بن شاذان : ١٨ ح ١ ، ومجلّة تراثنا العدد (١٥) ـ مختصر إثبات الرجعة : ٢٠١ ح ١.

٥ ـ انظر : رجال النجاشي : ٣٠٦ [ ٨٣٨ ] ، وفهرست الطوسي : ٣٦١ [ ٥٦٤ ] ، وخلاصة الأقوال : ٢٢٩ [ ٧٦٩ ].

٤٧

بزيع من صالحي الطائفة وثقاتهم(١) ، وحمّاد بن عيسى غريق الجحفة ثقة من أصحاب الإجماع(٢) .

وقد ذكرنا الشهادة الأُخرى للإمام الصادق ( عليه السلام ) قبل قليل عن الدرّ النظيم.

ولا يشكل بحمّاد هذا بأنّه كان واقعاً في سند كتاب سُليم ; لأنّا ذكرنا أنّه لم ينفرد برواية الكتاب ، وإنّما تابعه سبعة غيره رووه عن ابن أُذينة أو عن أبان أو عن سُليم على الخلاف السابق ، فلم ينحصر طريقه بحمّاد.

فحمّاد عرض هذه الرواية الموجودة في كتاب سُليم على الإمام الصادق ( عليه السلام ) ليُحكم توثيقها وتوثيق كلّ كتاب سُليم أيضاً ، إذ قد ورد اسمه في سند عرض الرواية الأُخرى على الإمام الباقر ( عليه السلام ) ، كما عرفتَ ، فإنّ مثله الذي يوثّق رواياته بعدّة طرق ، منها العرض على الإمام ، من البعيد جدّاً أن لا يعرض كلّ روايات الكتاب على الإمامين أو أحدهما ( عليهم السلام ) ليوثّقه.

هذا أولا.

وثانياً : لا يخفى ما في كلام الإمام ( عليه السلام ) لحمّاد من تقرير لأبان وسُليم الواردين في السند بصحّة رواية سُليم ، وتوثيق نقل أبان.

إضافة إلى أنّه لم تصل إلينا ولا رواية واحدة تنكر على أبان أو سُليم إحدى روايات الكتاب ، بل على العكس هناك متابعين رووا عن الأئمّة نصوص أو مضامين ما يحتويه الكتاب ، امتلأت بهم وبها كتب الشيعة.

وهناك شهادات أُخر من قبل الأئمّة ( عليه السلام ) بحقّ الكتاب وردت في

____________

١ ـ انظر : رجال النجاشي : ٣٣٠ [ ٨٩٣ ] ، وخلاصة الأقوال : ٢٣٨ [ ٨١٤ ].

٢ ـ انظر : رجال النجاشي : ١٤٢ [ ٣٧٠ ] ، والكشّي : ٣٧٥ ح ٧٠٥ ، تسمية الفقهاء من أصحاب أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، و ٣١٦ ح ٥٧٢ ، ماروي في حمّاد بن عيسى البصري ، ودعوة أبي الحسن ( عليه السلام ) له ، وكم عاش.

٤٨

مفتتح الكتاب ، وفي الحديث العاشر منه ، درجة اعتبارها درجة اعتبار الكتاب(١) .

ثمّ أضف إلى ذلك من تابع سُليم على رواياته(٢) ، فهي شهادات أُخرى بحقّ الكتاب وداعمة له ، ومنها حديث الثقلين موضوع البحث وما سنورده من طرقه الكثيرة.

أمّا ما أُثير حول الكتاب من نسبته إلى الوضع نقلا عن ابن الغضائري ( ت ٤١١ هـ ) ، فقد أُجيب بإجابات شافية ليس هنا موضع إيرادها(٣) وقد أشرنا إليها بإيجاز عند الكلام عن سُليم بن قيس.

ومن أنّه غير موثوق به ، ولا يجوز العمل على أكثره ، وقد حصل فيه تخليط وتدليس ، نقلا عن الشيخ المفيد في أثناء ردّه على الصدوق في تصحيح الاعتقاد(٤) .

فإنّها دعوى من دون دليل ; فإنّه لم يبيّن مواضع التدليس والتخليط ، وهذا الكتاب أمامنا لا يوجد فيه ما ذكر ، فرواياته توافق أُصول الشيعة الإماميّة ، وبالتالي فلا يلتفت إلى هذه الدعوى ، خاصّة بعد اعتماد الصدوق عليه ، وقول مثل النعماني ( حيّاً ٣٤٢ هـ ) تلميذ الكليني ( رحمه الله ) : ليس بين جميع الشيعة ممّن حمل العلم ورواه عن الأئمّة ( عليهم السلام ) خلاف في أنّ كتاب سُليم

____________

١ ـ لخصّنا هذا العنوان من مقدّمة المحقّق الشيخ محمّد باقر الأنصاري لكتاب سُليم مع بعض الإضافات المهمّة ، انظر كتاب سُليم ، الجزء الأوّل ، ( دراسة مستوعبة وتحقيق شامل حول الكتاب والمؤلّف ) ، وانظر كذلك كتاب سُليم بمجلّد واحد لنفس المحقّق ، ومجلّة تراثنا العدد ٦٣ ـ ٦٤.

٢ ـ راجع قسم التخريجات من كتاب سُليم ، الجزء الثالث.

٣ ـ انظر كتاب سُليم تحقيق الأنصاري ، الجزء الأوّل ، القسم السابع ; دراسة في المناقشات التي وجّهت إلى الكتاب ، ومعجم رجال الحديث ٩ : ٢٢٦ رقم ٥٤٠١.

٤ ـ تصحيح الاعتقاد : ١٤٩ ( المجلّد الخامس من مصنّفات الشيخ المفيد ( ( رحمه الله ) ) ، نشر المؤتمر العالمي بمناسبة ذكرى ألفيّة الشيخ المفيد ١٤١٣ هـ ).

٤٩

ابن قيس الهلالي أصل من أكبر الأُصول التي رواها أهل العلم(١) .

فمع تضافر الأعلام الذين ذكرناهم سابقاً على النقل عنه ، ونصّ بعضهم على أنّه أصل من أكبر أُصول الشيعة ; لا يبقى مجال للشكّ في الكتاب ووجوده وعدم وضعه ووثوقه.

أمّا ما موجود فيه من موارد باطلة يسيرة ـ لو سلّمنا بوجودها ، أو لم نقبل الردود عليها ـ فإنّها لا توجب كونه موضوعاً ; إذ أكثر ما في الأمر أنّها قد تسقط النسخة الموجودة فيها(٢) ، مع أنَّ ذلك موجود في كتب أُخرى معتبرة.

وقد قال العلاّمة ( ت ٧٢٦ هـ ) في الخلاصة : والوجه عندي الحكم بتعديل المشار إليه ـ أي سُليم ـ والتوقّف في الفاسد من كتابه(٣) .

أبان بن أبي عيّاش ( ت ١٣٨ هـ ) :

ذكره البرقي ( ت ٢٧٤ أو ٢٨٠ هـ ) في أصحاب الإمامين السجاد ( عليه السلام ) والباقر ( عليه السلام )(٤) .

وذكره الشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) من الذين رووا عن السجاد ( عليه السلام ) والباقر ( عليه السلام ) ، قال : تابعي ضعيف ، وذكره في أصحاب الصادق ( عليه السلام ) وقال : البصري التابعي(٥) .

وعدّه العلاّمة ( ت ٧٢٦ هـ ) في قسم الضعفاء ومن يُردّ قوله أو يتوقّف فيه ، وقال : أبان بن أبي عيّاش ، تابعي ضعيف جدّاً ، روى عن أنس بن

____________

١ ـ الغيبة للنعماني : ١٠١.

٢ ـ تهذيب المقال ١ : ١٨٤.

٣ ـ خلاصة الأقوال : ١٦١ ، الباب (٨).

٤ ـ رجال البرقي : ٤٧ [ ١٦٩ ] ، ٤٩ [ ١٨٢ ].

٥ ـ رجال الطوسي : ١٠٩ [ ١٠٦٨ ] ، ١٢٦ [ ١٢٦٤ ] ، ١٦٤ [ ١٨٨٥ ].

٥٠

مالك ، وروى عن علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، لا يلتفت إليه ، وينسب أصحابنا وضع كتاب سُليم بن قيس إليه ، هكذا قاله ابن الغضائري.

ثمّ نقل كلام العقيقي ، وهو عين ما موجود في مفتتح كتاب سُليم.

ثمّ قال : والأقوى عندي التوقّف في ما يرويه لشهادة ابن الغضائري عليه بالضعف ، وكذا قال شيخنا الطوسي ( رحمه الله ) في كتاب الرجال ، قال : إنّه ضعيف(١) .

وقال ابن داوُد ( ت ٧٠٧ هـ ) : ضعيف ، قيل : إنّه وضع كتاب سُليم بن قيس ( قاله عن الشيخ وابن الغضائري )(٢) ، ثمّ عدّه في من يضع الحديث نقلا عن ابن الغضائري(٣) .

هذه كلمات المتقدّمين من رجاليي الشيعة ، وسيأتي كلام المتأخّرين في مناقشتها.

أمّا أهل السنّة ـ وإن كان كلامهم لا وجه له هنا ; لأنّ الكلام في رجال الشيعة ، والحجّة واقعة عليهم بكلام رجالييهم ، ولكن لا بأس بذكره لما فيه ـ فقد لخّص كلامهم الذهبي ( ت ٧٤٨ هـ ) في ميزانه ، وأورد كلام عدد ممّن يضعّفه ، وأبرزهم شعبة ، الذي قال في أبان كلمات بعضها لا حياء فيها : من أنّه يشرب بول الحمار أو يزني أحبّ إليه من أن يروي عن أبان ، أو أنّ أبان يكذب ، أو أنّه يقدح فيه بالظنّ ، وكذا أورد الذهبي تضعيفه ببعض المنامات ، وأنّ ابن عدي نقل عنه عدّة روايات مناكير(٤) .

ولكنّه نقل أيضاً في نفس الموضع ما يردّ ذلك ، من أنّ أبان كان

____________

١ ـ خلاصة الأقول : ٣٢٥ : القسم الثاني ، الباب (٦) ، في الآحاد.

٢ ـ رجال ابن داود : ٢٢٥ ، الجزء المختصّ بالمجروحين والمجهولين ، باب الهمزة ، رقم (٢).

٣ ـ رجال ابن داوُد : ٣٠٢ ، فصل ١٣ ، في من قيل : إنّه يضع الحديث ، رقم (١).

٤ ـ ميزان الاعتدال ١ : ١٢٤ ، حرف الألف ، رقم [ ١٥ ].

٥١

معروفاً بالخير ، وأنّ ابن عدي ، قال : أرجو أنّه لا يتعمّد الكذب ، وعامّة ما أُوتي به من جهة الرواة عنه ، فلاحظ.

أمّا ما ذكره ابن عدي من المناكير ، فهي مناكير حسب اعتقاده ، منها رواية أنّ الأُمّة ستقتل الحسين ( عليه السلام ) ، وأنّ جبرائيل أرى النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) التربة التي يقتل بها الحسين ( عليه السلام ).

ونقل أيضاً أنّ الآخرين ـ غير شعبة ـ كانوا يسعون في أن يكفّ عن أبان ، وهو يصرّ على ذلك ، ممّا يوحي بوجود غاية خاصّة شخصيّة لشعبة في قدحه لأبان ، ولكنّه مع زعمه أنّه يكذب ، روى عنه ، أو حسب تعبيره شرب بول الحمار أو زنى ، كما أنّ ظنّه لا يغني عن الحقّ شيئاً ، وحال المنامات كما ترى.

وسفيان لم يقدح في شخصه كما فعل شعبة ، وإنّما قال : كان نسيّاً للحديث ، وهذا يرد على ما قاله شعبة فيه(١) .

ونقل ابن حجر ( ت ٨٥٢ هـ ) في التهذيب عن الفلاس أنّه متروك الحديث ، وهو رجل صالح ، وأنّ شعبة سيّء الرأي فيه ، وأنّ أحمد ، قال : كان له هوى ، ومنكر الحديث ، وأنّ أبا حاتم ، قال : كان رجلاً صالحاً ، ولكن بلي بسوء الحفظ ، وأنّ أبا زرعة ، قال : لا يتعمّد الكذب.

وقال ابن حبّان : كان من العبّاد ، ونقل بعض ما مرّ من كلام الذهبي أيضاً(٢) .

وقد أجبنا على بعضها ، ولكن في قولهم رجل صالح ، ومن العبّاد ، وأنّه لا يتعمّد الكذب ، ما يردّ قول القادحين والمضعّفين له بالأخصّ شعبة.

____________

١ ـ انظر أعيان الشيعة ٢ : ١٠٢ ، وتهذيب المقال ١ : ١٨٨ ، وكتاب سُليم تحقيق الأنصاري ١ : ٢٢٢.

٢ ـ تهذيب التهذيب ١ : ٨٥ ، أبان بن أبي عيّاش.

٥٢

أمّا قول أحمد : كان له هوى ، فيدلّ على أنّهم ضعّفوه لتشيّعه ـ كما سيأتي في كلام رجاليي الشيعة المتأخّرين ـ وأنّهم اتّهموه بسوء الحفظ ليردّوا روايته(١) .

وأمّا كلمات المتأخّرين من أعلامنا ، فقد قال الاسترابادي ( ت ١٠٢٨ هـ ) : إنّي رأيت أصل تضعيفه من المخالفين ، من حيث التشيّع(٢) .

وقال المامقاني ( ت ١٣٥١ هـ ) : الجزم بتضعيفه مشكل بعد تسليم مثل سُليم بن قيس كتابه إليه ، وخطابه بابن أخي ، ومن لاحظ حال سُليم بن قيس مال إلى كون الرجل متشيّعاً ممدوحاً ، وأنّ نسبة وضع الكتاب إليه لا أصل لها ، وإذا انضمّ إلى ذلك قول الشيخ أبي علي ( ت ١٢١٦ هـ ) في المنتهى : إنّي رأيت أصل تضعيفه من المخالفين من حيث التشيّع ، تقوّى ذلك ، والعلم عند الله تعالى ، بل بعد إثبات وثاقة سُليم ـ كما يأتي إن شاء الله ـ تثبت وثاقة أبان هذا بتسليمه الكتاب المذكور إليه(٣) .

وقال العلاّمة السيّد الأمين ( ت ١٣٧١ هـ ) : يدلّ على تشيّعه قول أحمد بن حنبل ، كما سمعت ، قيل : إنّه كان له هوى ، أيّ من أهل الأهواء ، والمراد به التشيّع ، والظاهر أنّ منشأ تضعيف الشيخ له قول ابن الغضائري ، وصرّح العلاّمة بأنّ ذلك منشأ توقّفه فيه كما سمعت ، وابن الغضائري حاله معلوم في أنّه يضعّف بكلّ شيء ، ولم يسلم منه أحد ، فلا يُعتمد على تضعيفه.

____________

١ ـ انظر منهج المقال : ١٥ ( الطبعة الحجريّة ) ، وأعيان الشيعة ٢ : ١٠٢.

٢ ـ منهج المقال : ١٥ ( الطبعة الحجريّة ) ، ونقله عنه الشيخ أبو علي محمّد بن إسماعيل المازندراني في منتهى المقال ١ : ١٣٢.

٣ ـ تنقيح المقال : ١ : ٣ ( الطبعة الحجريّة ).

٥٣

وأمّا شعبة فتحامله عليه ظاهر وليس ذلك إلاّ لتشيّعه ، كما هي العادة ، مع أنّه صرّح بأنّ قدحه فيه بالظنّ ، وان الظنّ لا يغني من الحقّ شيئاً ، ولا يسوغ كلّ هذا التحامل بمجرّد الظنّ.

وقد سمعت تصريح غير واحد بصلاحه وعبادته وكثرة روايته وأنّه لا يتعمّد الكذب ، مع قول شعبة : إنّه يكذب على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وكثير ممّا ذكروه لا يوجب قدحه ، كما لا يخفى ، وجعلهم له منكر الحديث لروايته ما ليس معروفاً عندهم ، أو مخالفاً لما يروونه ، مثل حديث القنوت في الوتر قبل الركوع كما مرّ ، ومثل ما رواه حمّاد بن سلمة ، عن أبان ، عن شهر بن حوشب ، عن أُمّ سلمة ، قالت : كان جبرائيل عند النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) والحسين معي ، فبكي فتركته ، فدنا من النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فقال جبرائيل : أتحبّه يا محمّد ، قال : « نعم » ، إلى آخر ما جاء في الحديث ممّا قد يرون فيه شيئاً من الغلو. وأمّا الاعتماد على المنامات في تضعيف الرجال فغريب طريف ، مع أنّ بعض المنامات السابقة دلّ على حسن حاله(١) .

وقال العلاّمة الشيخ موسى الزنجاني ( ت ١٣٩٩ هـ ) : الأقرب عندي قبول رواياته ، تبعاً لجماعة من متأخّري أصحابنا ، اعتماداً بثقات المحدّثين ، كالصفّار ، وابن بابويه ، وابن الوليد ، وغيرهم ، والرواة الذين يروون عنه ، ولاستقامة أخبار الرجل ، وجودة المتن فيها(٢) .

وقال السيّد الأبطحي ( معاصر ) : لا يبعد كون قوله ( أي الشيخ الطوسي ) في أصحاب الباقر ( عليه السلام ) : تابعي ضعيف ، مصحّف تابعي صغير ، كما يظهر من العامّة ، مدّعياً انّه ليس من كبار التابعين ، ويظهر ممّن ضعّفه

____________

١ ـ أعيان الشيعة ٢ : ١٠٢.

٢ ـ الجامع في الرجال : ١١.

٥٤

من العامّة أنّ أبان بن أبي عيّاش كان من العبّاد ، فلعلّ التضعيف كان من جهة المذهب

ثمّ قال : أمّا تضعيف العامّة لأبان ، فلا يوجب وهناً فيه ، بعد ما كان أبان عاميّاً ثمّ استبصر ، فقد يضعّف مثله بما لا يضعّف به سائر الشيعة ، وسيّما إنّ أبان هو الذي لجأ إليه سُليم ، وهو الراوي لكتابه والناشر لحديثه ، وكأنّ أكثر تضعيفات العامّة لأبان عولا على شعبة ، فقد أكثر الوقيعة في أبان وتبعه غيره ، ثمّ ذكر بعض ما قاله شعبة ، وقال : وملخّص ما قالوا عن شعبة وغيره في تضعيفه أُمور :

أحدها : منامات ذكروها

وثانيها : رواية أبان عن أنس بن مالك.

وثالثها : رواية المناكير ، وعُدّ منها روايات في فضل أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وإن شئت فلاحظ ميزان الاعتدال وغيره ، والأمر في ذلك كلّه واضح ، وهل إلاّ العناد؟(١) .

ونقل السيّد الخوئي ( قدس سره ) ( ت ١٤١٣ هـ ) أقوال المتقدّمين بعينها ولم يزد عليها(٢) .

وهذا جلّ ما ذكر في أبان ، وقد عرفت أنّ المضعّف له ابن الغضائري ، وعرفت حاله في التضعيف وحال كتابه.

ويظهر من الشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) والعلاّمة ( ت ٧٢٦ هـ ) وابن داود ( ت ٧٠٧ هـ ) أنّهم اعتمدوا في تضعيفه على ابن الغضائري ، أو ـ على بعد ـ أنّ الشيخ أخذه من العامّة.

____________

١ ـ تهذيب المقال ١ : ١٨٩ ، ١٩٠.

٢ ـ معجم رجال الحديث ١ : ١٢٩ [ ٢٢ ].

٥٥

وتضعيفات العامّة قد مرّ الجواب عليها ، مع أنّها لا مورد لها هنا كما أشرنا سابقاً.

ثمّ وإن قبلنا قول ابن الغضائري والشيخ في تضعيفه ، ولكن قبول أعلام الطائفة لكتاب سُليم المنقول بطريق أبان ـ كما أشرنا إلى ذلك سابقاً ـ يكشف عن أنّه مقبول وغير مضعّف في نقله للكتاب ، وإن سلّمنا ضعفه في الرواية ، وقد عرفت سابقاً أنّه لم يكن ضعيفاً في الاعتقاد أيضاً.

ثمّ أيضاً لا تغفل أنّ الكلام هنا حول الروايات التي في كتاب سُليم الذي رواه عنه أبان ، فإنّه لا كثير فائدة في توثيق أبان بعد أن حصّلنا القول في الكتاب نفسه ، كما عرفت سابقاً ، فما جاء من الروايات عن الأئمّة بتصديق سُليم الذي ناول كتابه إلى أبان وقرأه عليه فهو ـ مع أنّه يفيد توثيق أبان أيضاً ـ كاف في اعتماد وتوثيق الكتاب الذي نقلنا روايات حديث الثقلين منه.

٥٦

حديث الثقلين عند الإماميّة ( الاثني عشريّة )

القرن الثاني الهجري

٥٧
٥٨

(٢) ما وجد من كتاب درست بن أبي منصور (١)

( النصف الثاني من القرن الثاني )

الحديث :

وعنه(٢) ، عن ابن أُذينة ، عن زرارة ، قال : قال أبو جعفر : « أتاني المقبّض الوجه عمر بن قيس الماصر ، هو وأصحاب له ، فقال : أصلحك الله إنّا نقول : إنّ الناس كلّهم مؤمنون.

قال : فقلت : أما والله لو ابتليتم في أنفسكم وأموالكم وأولادكم ، لعلمتم أنّ الحاكم بغير ما أنزل الله بمنزلة سوء ( شرّ محتمل ) ، ولكنّكم عوفيتم ، ولقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، إذا فعل شيئاً من ذلك خرج منه روح الإيمان.

أمّا أنا فأشهد أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد قال هذا ، فاذهبوا الآن حيث شئتم ، ولقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنّي قد تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما : كتاب الله ، وأهل بيتي ، فإنّهما لن يتفرّقا حتى يردا علي الحوض.

قال : وقرن أصبعيه السبّابتين.

____________

١ ـ طبع مع أُصول أُخرى في كتاب واحد بعنوان ( كتاب الأُصول الستّة عشر ).

٢ ـ أي درست ، كما ذكر صريحاً في الروايات التي سبقت هذه الرواية.

٥٩

قال : ولا أقول كهاتين السبّاحة ( سبابة ) والوسطى ; لأنّ أحدهما أطول من الأُخرى ، فتمسّكوا بهما لن تضلّوا ولن تزلّوا ، أمّا أنا فأشهد أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد قال هذا ، فاذهب أنت الآن وأصحابك حيث شئتم »(١) .

درست بن أبي منصور :

قال الكشّي ( القرن الرابع ) في ما روي في أصحاب موسى بن جعفر وعلي بن موسى ( عليهما السلام ) : ، ثمّ درست بن أبي منصور : حمدويه(٢) ، قال : حدّثني بعض أشياخي ، قال : درست بن أبي منصور واسطي ، واقفي(٣) .

وقال النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) : درست بن أبي منصور ، محمّد الواسطي ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن ( عليهما السلام ) ـ ومعنى درست أي صحيح ـ له كتاب يرويه جماعة(٤) .

وقال الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) في الفهرست : درست الواسطي ، له كتاب ، وهو ابن أبي منصور(٥) .

وذكره في رجال الصادق ( عليه السلام )(٦) ، والكاظم ( عليه السلام ) ، وقال في الأخير : درست بن أبي منصور ، الواسطي ، واقفي ، روى عن أبي عبد الله ( عليه السلام )(٧) .

وذكره العلاّمة ( ت ٧٢٦ هـ ) في القسم الثاني من الخلاصة ، وقال : قال الكشّي : ابن أبي منصور ، واسطي ، كان واقفيّاً(٨) .

____________

١ ـ الأُصول الستّة عشر : ١٦٦.

٢ ـ قال في أوّل من ذكره من أصحابهما : سمعت حمدويه .

٣ ـ رجال الكشّي : ٥٥٥ ح ١٠٤٩ ، وانظر التحرير الطاووسي : ١٩٧ [ ١٥٤ ].

٤ ـ رجال النجاشي : ١٦٢ [ ٤٣٠ ] ، وانظر : معالم العلماء : ٤٩ [ ٣٢٦ ].

٥ ـ فهرست الطوسي : ١٨٦ [ ٢٨٨ ].

٦ ـ رجال الطوسي : ٢٠٣ [ ٢٥٩٤ ].

٧ ـ رجال الطوسي : ٣٣٦ [ ٥٠٠٥ ] ، وانظر : عدّة الرجال ١ : ٢٦٨ ، الفائدة الأُولى.

٨ ـ خلاصة الأقوال : ٣٤٥ [ ١٣٦٨ ] ، القسم الثاني ، وانظر : إيضاح الاشتباه : ١٨١

٦٠

حكي انه كان في خدمة العزيز بن المعز العبيدي صاحب مصر، وصنف له كتبا، وكان له شعر مطبوع، وكانت وفاته بالحضرة-أي القيروان-سنة ٤ ١٢ (تيب).

و القزاز بالزاءين، كشداد، نسبة الى عمل القز وبيعه، والقيرواني يأتي في القيرواني.

(و قد يطلق القزاز) على أبى القاسم حبيب بن الحسن بن داود، سمع جماعة كثيرة من المشايخ، وروى عنه الدار قطني وابن شاهين، قال الخطيب وحبيب: عندنا من الثقات، وكان يؤثر عنه الصلاح

و قد سألت أبا نعيم عنه فقال: ثقة، توفى سنة ٣ ٥ ٩، وكان ثقة مستورا دفن في الشونيزية، ذكر ان قوما من الرافضة أخرجوه من قبره ليلا، وسلبوه كفنه الى ان اعاد له ابنه كفنا وأعاد دفنه، انتهى ملخصا

(القزوينى)

زكريا بن محمد بن محمود القزويني، ينتهي نسبه الى مالك بن انس خادم رسول اللّه (ص).

كان عالما فاضلا، ولد في قزوين، ورحل الى دمشق، وتولى قضاء واسط والحلة في زمن المستعصم، فسقطت بغداد وهو في ذلك المنصب.

له مؤلفات، اعجبها: عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات وآثار البلاد وأخبار العباد، جمع فيه ما عرف وسمع وشاهد من خصائص البلاد والعباد، ولكن فيه الغث والسمين كما يوجد في امثاله، توفى سنة ٦ ٨٣.

(و القزويني) نسبة الى قزوين، كتقويم وبكسر القاف ايضا مدينة كبيرة في عراق العجم عند قلاع الاسماعيلية، وهى من بلاد الجبل ثغر الديلم وبلاد الجبل مدن بين اذربيجان وعراق العرب وخوزستان وفارس وبلاد الديلم،

٦١

و القزويني زكريا بن محمد كما علمت. وأما القزويني في هذا الشعر:

يا نصير الدين يا جفر

ألف قزويني ولا عمر

لو رماه اللّه في سقر

لاشتكت من ظلمه سقر

هو رجل ظالم ولاّه نصير الدين ابو سعيد جقر بن يعقوب صاحب الجزيرة والموصل بالموصل، فسار سيرة قبيحة، وكثر شكوى الناس منه فعزله وجعل مكانه عمر بن شكلة فأساء في السيرة ايضا، فعمل ابو عبد اللّه الحسين الموصلي هذا الشعر.

و ورد مدح قزوين في النبوي صلّى اللّه عليه وآله الذى وجد في اصل عتيق من اصول اصحابنا بأنه باب من ابواب الجنة، وللرافعي القزوينى كتاب في تاريخ علماء قزوين.

(ثم اعلم): انه ينسب الى قزوين جماعة كثيرة من علمائنا الربانيين لا مجال لذكر بعضهم، فضلا عن كثير منهم، نعم ينبغي لنا الاشارة الى قليل منهم:

(١) السيد الأجل السيد مهدي القزوينى الحلي، ذكره شيخنا صاحب المستدرك في مشايخ إجازته بالتعظيم والتبجيل بعبارات رائقة.

ثم قال: وهو من العصابة الذين فازوا بلقاء من إلى لقائه تمد الأعناق صلوات اللّه عليه ثلاث مرات، وشاهد الآيات البينات والمعجزات الباهرات.

ثم ذكر انه ورث العلم والعمل عن عمه الأجل الأكمل السيد باقر القزويني صاحب سرّ خاله بحر العلوم، وكان عمه أدبه ورباه واطلعه على أسراره، وذكر انه لما هاجر الى الحلة صار ببركة دعوته من داخل الحلة وأطرافها من طوائف الأعراب قريبا من مائة ألف نفس شيعيا إماميا مخلصا مواليا لأولياء اللّه معاديا لأعداء اللّه.

٦٢

ثم ذكر كمالاته النفسانية ومجاهداته وتصانيفه في الدين وغير ذلك، وقال: كنت معه في طريق الحج ذهابا وايابا، وصلينا معه في مسجد الغدير والجحفة، وتوفي (ره) في ١٢ ع ١ سنة ١٣٠٠ (غش) قبل الوصول الى السماوة بخمس فراسخ تقريبا، وظهر منه حينئذ كرامة باهرة بمحضر جماعة من الموافق والمخالف، انتهى ملخصا.

(٢) سلالة الفقهاء وسلافة الادباء ابو المعز السيد محمد بن السيد مهدي بن السيد حسن بن السيد احمد، الذي هو أول من انتقل من قزوين الى العراق وقطن النجف الأشرف ابن محمد بن الحسين بن الأمير ابى القاسم امير الحاج في الدولة الصفوية، ينتهي نسبه الى محمد بن زيد الشهيد بن علي بن الحسين بن ابى طالب عليه السلام.

ولد في الحلة سنة ١٢ ٦ ٢، وأخذ في التعلم الى ان راهق البلوغ، فهاجر هو وأخويه الاعلام وهم الميرزا جعفر والسيد حسين المتوفى سنة ١٣٢ ٥ الى النجف مقر العلم والعلماء، ومنتدى الأدب والأدباء، فأتقن العلوم العقلية والنقلية على كثير من الأساتذة العظام والفضلاء الفخام.

و كان بعكس أبيه قليل التأليف والتصنيف، لا يكاد يرتضى ما صنفه حتى يغيره بعد الملاحظة والمراجعة، فظهرت له منظومة في المواريث، ورسالة في علم التجويد، ومنسك في الحج، وديوان شعره.

و له آثار إصلاحية كاصلاح نهر الحلة، وتعمير قبور علماء الحلة، كقبر المحقق، وآل طاوس، وابن ادريس، والشيخ ورّام وغيرهم، ومقام الغيبة وتجديد مقام مشهد الشمس.

و لما خلت الحلة من اعلام هذه الأسرة، واستأصل الموت شأفتهم كتب إليه الحليون وحثّوه على المجيئي فلبى دعوتهم، فهاجر الى الحلة سنة ١٣١٣، فاستقبله جمهورهم على مسافة ميلين، وكان يوما مشهودا كيوم وفاته، وأخذت

٦٣

العلماء والشعراء يفدون عليه ليهنئوه، وكان في الحلة الى ان باغتته المنية وأنشبت فيه اظفارها وذلك في أول سنة ١٣٣ ٥ ، ونقل الى النجف الاشرف ودفن في مقبرة آل قزوين قدس اللّه سره.

(٣) السيد حسين بن ابراهيم بن العالم الكامل الأمير محمد معصوم الحسيني القزويني، وهو كما في المستدرك العالم الجليل والسيد النبيل صاحب الكرامات الباهرة، وصاحب كتاب معارج الاحكام في شرح مسالك الافهام، وشرايع الاسلام، وهو كتاب كبير شريف، له مقدمات حسنة نافعة وغير ذلك، وقبره الشريف بقزوين مزار معروف يتبرك به وتظهر منه الخوارق، ويروي عنه العلامة الطباطبائي بحر العلوم، وهو عن والده، وقد تقدم ذكره في جمال الدين عن جماعة أولهم العلامة المجلسي (ره).

( ٤) قال (ضا) في ذيل احوال السيد الأجل المير السيد علي صاحب الشرح الكبير فيمن روى عنه.

و منهم الاخوان الفاضلان الكاملان الفقيهان الباذلان الحاج مولانا محمد تقي والحاج مولانا محمد صالح البرغيان القزوينيان المعاصران المتوفيان بالشهادة وحتف الأنف مع رعاية الترتيب في اللف والنشر في حدود السبعين والمائتين بعد الألف بفاصلة غير كثير اعني صاحبي المجالس ومخزن البكاء في الموعظة ومقاتل الشهداء، وكتب كثيرة في الفقه والاصول: مثل شرحيهما الكبيرين المعروفين في البلاد على الشرائع والارشاد وغير ذلك من المصنفات الجياد انتهى.

(القسطلانى)

ابو العباس شهاب الدين احمد بن محمد بن ابى بكر بن عبد الملك المصري الفاضل المحدث.

٦٤

اخذ عن خالد الأزهري، والفخر المقسمي، والجلال البكري وغيرهم، كان يعظ بالجامع العمري وغيره.

و كان قليل النظير في الوعظ، صنف التصانيف المقبولة، وشرحه على صحيح البخاري معروف اسمه إرشاد الساري، وله المواهب اللدنية بالمنح المحمدية صلّى اللّه عليه وآله.

يحكى ان السيوطي كان يغض منه، ويزعم انه يأخذ من كتبه ويستمد منها ولا ينسب النقل اليها، وانه ادعى عليه بذلك بين يدي شيخ الاسلام زكريا الانصاري، توفى سنة ٩٢٣ (ظكج).

و قد يطلق القسطلاني على قطب الدين أبي بكر محمد بن احمد المالكي صاحب كتاب عروة الوثيق في النار والحريق، صنف في حريق المسجد النبوي صلّى اللّه عليه وآله والنار الظاهرة في الحجاز.

و القسطلاني: نسبة الى قسطلة بلد بالأندلس.

(القشاشى)

صفي الدين احمد بن محمد بن يونس الحسيني المدني، لزم الشيخ الكبير احمد بن علي الشناوي، وتمذهب بمذهبه، وسلك طريقته، وأخذ عنه الحديث وغيره.

له السمط المجيد في تلقين الذكر، وسلاسل أهل التوحيد، توفى سنة ١٠٧١، (قيل) القشاشي نسبة الى القشاشة، وهي سفط المتاع، كان يبيع ذلك بالمدينة.

(القشيرى)

أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك النيسابوري الفقيه الشافعي الصوفي المحدث الفاضل الاديب، جمع بين الشريعة والحقيقة، أصله من ناحية

٦٥

أستوا(١) من العرب الذين قدموا خراسان.

توفى أبوه وهو صغير، فقرأ الادب في صباه، وكانت له قرية مثقلة الخراج، فسافر الى نيسابور ليتعلم طرفا من الحساب ليتولى الاستيفاء ويحمي قريته من مثقلة الخراج، فاتفق حضوره مجلس الشيخ ابى علي الدقاق، فلما سمع كلامه اعجبه ووقع في قلبه، فرجع عن ذلك العزم وسلك طريق الارادة، فقبله الدقاق وأشار عليه بالاشتغال بالعلم، فأخذ عن ابى بكر محمد بن ابي بكر الطوسي وأبى بكر بن فورك، والحاكم بن البيع والاستاذ ابى اسحاق الاسفرايني، ويحضر مجلس أبى علي الدقاق، فزوجه الدقاق ابنته.

و بعد وفاة الدقاق سلك القشيري مسلك المجاهدة والتجريد وصنف التيسير في علم التفسير والرسالة القشيرية في رجال الطريقة.

حكي عن هذه الرسالة انه كتب في باب الجود والسخاء ان عبد اللّه بن جعفر خرج الى ضيعة فنزل على نخيل قوم وفيهم غلام اسود يعمل عليها إذ أتى الغلام بغذائه وهو ثلاثة اقراص، فرمى بقرص منها الى كلب كان هناك فأكله ثم رمى إليه الثانى والثالث فأكلهما وعبد اللّه بن جعفر ينظر، فقال: يا غلام كم قوتك كل يوم؟ قال: ما رأيت، قال: فلم آثرت هذا الكلب؟ قال ان هذه الارض ليست بأرض كلاب، وانه جاء من مسافة بعيدة جائعا فكرهت ردّه، فقال عبد اللّه بن جعفر: فما انت صانع اليوم؟ قال: اطوي يومي هذا، فقال عبد اللّه بن جعفر لأصحابه: ألام على السخاء وهذا اسخى مني، ثم اشترى الغلام فأعتقه، واشترى الحائط وما فيه ووهب ذلك له انتهى.

و له مجالس الوعظ والتذكير، قال الباخرزي في الثناء عليه: لو قرع الصخر بصوت تحذيره لذاب، ولو ربط ابليس في مجلسه لتاب.

و ذكره الخطيب في تاريخه وقال: قدم علينا-يعني الى بغداد-في سنة

____________________

(١) استوا: بضم أوله وسكون ثانيه ناحية بنيسابور كثيرة القرى.

٦٦

٤٤ ٨، وحدث ببغداد وكتبنا عنه.

و كان ثقة حسن الموعظة مليح الاشارة، وكان يعرف الاصول على مذهب الأشعرى والفروع على مذهب الشافعي انتهى، وحكى عن القشيري انه كان كثيرا ما ينشد لبعضهم:

لو كنت ساعة بيننا ما بيننا

و شهدت كيف تكرر التوديعا

أيقنت ان من الدموع محدثا

و علمت ان من الحديث دموعا

ولد سنة ٣٧ ٦ ، وتوفى بنيسابور سنة ٤٦٥ ، ودفن بالمدرسة تحت شيخه أبى علي الدقاق.

(و ابنه) أبو نصر عبد الرحيم كان إماما كبيرا، اشبه أباه في علومه ومجالسه خرج الى بغداد وعقد بها مجلس وعظ، وحصل له قبول عظيم، وكان يعظ في المدرسة النظامية ورباط شيخ الشيوخ، وحضر الشيخ أبو اسحاق الشيرازى مجلسه، توفى بنيسابور سنة ٥ ١ ٤.

(و سبط القشيري) أبو الحسن عبد الغافر بن اسماعيل بن عبد الغافر الفارسي كان إماما في الحديث والعربية، اخذ عن إمام الحرمين، وسمع على جده القشيري وجدته فاطمة بنت ابى الدقاق، وخاليه أبى علي سعد وأبى سعيد ولدي القشيرى ووالده اسماعيل، ووالدته امة الرحيم بنت القشيرى.

و صنف كتبا منها: المفهم لشرح غريب صحيح مسلم، والسياقى لتاريخ نيسابور، ومجمع الغرائب في غريب الحديث وغير ذلك، توفى بنيسابور سنة ٥ ٢٩ (ثكط).

(و القشيري) بضم القاف وفتح الشين المعجمة نسبة الى قشير بن كعب وهى قبيلة كبيرة.

(القضاعى)

انظر القاضي القضاعي

٦٧

(القطامى)

عمير بن شييم-مصغرا-ابن عمرو التغلبي، شاعر نصراني، كان معاصرا للأخطل، له ديوان يعد من الطبقة الاولى.

حكى انه قدم دمشق في خلافة الوليد بن عبد الملك ليمدحه، فقيل له: انه بخيل لا يعطي الشعراء، والشعر الا ينفق عنده، وهذا عبد الواحد بن سليمان فامدحه، فمدحه، فقال: كم أملت من امير المؤمنين؟ قال: املت ان يعطيني ثلاثين ناقة، فقال: قد امرت لك الخمسين ناقة موقرة برا وتمرا وثيابا، ثم امر بدفع ذلك اليه، توفى سنة ٧١٠ الميلادية.

(و القطامي): بالفتح ويضم الصقر أو اللحم منه، قاله الفيروزابادي، ثم قال: وشاعر كلبي اسمه الحصين بن جمال أبو الشرقي وآخر تغلبي واسمه عمير بن شييم.

(القطان)

يطلق على جماعة كثيرة لا يحصى، (منهم) ابو سعيد يحيى بن سعيد البصري محدث زمانه، عده الشيخ من اصحاب الصادق عليه السلام وقال: كان من أئمة الحديث، وظاهره كونه إماميا.

و عده ابن قتيبة من رجال الشيعة واحتج به اصحاب الصحاح الستة وغيرهم توفى سنة ١٩٨ (قصح).

(و قد يطلق) على ابن ابنه احمد بن محمد بن يحيى بن سعيد البصرى، سكن بغداد، وحدث بها عن جده يحيى بن سعيد وغيره.

روى الخطيب عنه باسناده عن زيد بن اسلم عن ابيه قال: ما رجل ضل بعيره بأرض فلاة بأشد اتباعا لأثر بعده من ابن عمر لعمر، توفى سنة ٢ ٥ ٨.

(و قد يطلق) على احمد بن الحسن القطان المعدل، يروي عنه الشيخ الصدوق

٦٨

(رحمه اللّه) وقال: كان شيخا لأصحاب الحديث ببلد الري، ويعرف بأبي علي بن عبد ربه.

(و قد يطلق) على ابى احمد بن ابى منصور بن علي القطيفي صاحب القصيدة اللامية:

يا أيها المنزل المحيل

عادتك مستحفر هطول

ازرى عليك الزمان لما

شجاك من اهلك الرحيل

لا تغترر بالزمان واعلم

ان يد الدهر تستطيل

فان آجالنا قصار

فيه وآمالنا طويل

تفني الليالي وليس يفني

شوقى ولا حسرتي تزول

لا صاحب منصف فأسلو

به ولا حافظ وصول

(الأبيات)

(و قد يطلق) على ابى بكر محمد بن عبد اللّه بن محمد بن احمد بن ايوب القطان، سمع من محمد بن جرير الطبري وجماعة كثيرة ذكرهم الخطيب في تاريخه وقال سمعت الازهري ذكره فقال: كان سماعه صحيحا من ابى جعفر الطبرى إلا انه كان رافضيا خبيث المذهب، سألت القاضى ابا بكر محمد بن عمر الداودى عن ابن ايوب فقال: كان ثقة صحيح السماع، قلت: ذكر انه كان سيّئ المذهب في الرفض فقال ما سمعت منه في هذا المعنى شيئا انكره لكني احسبه كان يذهب الى تفضيل علي حسب، توفى سنة ٣٧٨.

(و قد يطلق) على احمد بن محمد بن عبد اللّه بن زياد ابي سهل القطان سكن دار القطن ببغداد، وحدث عن خلق كثير.

ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وقال: كان صدوقا اديبا شاعرا راوية للأدب عن ابى العباس ثعلب والمبرد وأبى سعيد السكري، وكان يميل الى التشيع.

٦٩

و روى عنه الدار قطني والمرزباني وغيرهما من المتقدمين، ثم روى عن ابى عبد اللّه ابن بشر القطان قال: ما رأيت رجلا احسن انتزاعا لما اراد من آي القرآن من ابى سهل بن زياد، فقيل له: ما السبب في ذلك؟ فقال: كان جارنا وكان يديم صلاة الليل وتلاوة القرآن، فلكثرة درسه صار كأن القرآن نصب عينيه ينتزع منه ما شاء من غير تعب.

قال الخطيب: وكان في ابى سهل مزاح ودعابة، وقال: سئل ابو بكر البرقاني عن ابى سهل بن زياد فقال صدوق.

و قد روى عنه الدار قطني في الصحيح وإنما كرهوه لمزاح كان فيه، توفى سنة ٣ ٥ ٠ (شن) ودفن بقرب قبر المعروف الكرخي.

(و قد يطلق) على شمس الدين محمد بن شجاع القطان مؤلف كتاب معالم الدين في فقه آل يس، وقد تقدم في ابن القطان، والقطان كشداد بياع القطن.

(قطب الدين الاشكورى)

محمد بن شيخ علي الشريف الديلمي اللاهجي الحكيم العارف المتأله الفاضل صاحب كتاب محبوب القلوب ورسالة في العالم المثالي، تلميذ المحقق الداماد (ره)

(قطب الدين الرازى)

الشيخ الأجل ابو جعفر محمد بن محمد البويهي الحكيم الفقيه المتأله المحقق المدقق صاحب شرح الشمسية، وشرح المطالع، وشرح القواعد والمحاكمات وحاشيتين للكشاف: الأصغر بحر الأصداف، والأكبر تحفة الاشراف وغير ذلك أصله من ورامين الري من جهة المولد والبلد، ينتهي نسبه الى آل بويه سلاطين الديالمة، كما عن الشيخ علي بن عبد العالي، أو إلى بابويه القمي، كما عن بعض إجازات الشهيد الثانى.

٧٠

و نقل عن كتاب محبوب القلوب انه قال: المولى العلامة البهي الألمعى قطب الدين الرازى شمس فضله عن مطلع شرح المطالع طالع ومحكمات حكمة من افق كتاب المحاكمات ساطع.

مولده ومنشأه في الورامين من الري، وبعد استفادته عندجم من الاعلام قد فاز بالتلمذية عند العلامة العلم جمال الملة والدين الحلي طاب ثراه، وقد انتسخ كتاب قواعد الاحكام من مصنفات العلامة بخطه وقرأه عنده.

وقد اجازه العلامة في ظهر كتابه بخطه، وعبر عنه بالشيخ الفقيه العالم الفاضل المحقق المدقق زبدة العلماء والافضل قطب الملة والدين محمد بن الرازى وأرخ الاجازة بثالث شعبان سنة ٧١٣ (ذيج) إنتهى.

ونقل شيخناعن الشهيد محمد بن مكى قدس الله روحه قال: اتفق اجتماعي به بدمشق آخريات شعبان سنة ٧٧٦ (ذعو) فاذابحر لاينزف، وأجازني جميع مايجوزعنه روايته.

ثم توفى في (يب) (قع) من السنة المذكورة بدمشق ودفن بالصالحية، قال: وكان إمامى المذهب بغيرشك وريبة صرح بذلك وسمعته منه، وانقطاعه إلى بقية اهل البيت عليهم السلام معلوم.

وقال الشهيد ايضافي إجازته لابن الخازن: ومنهم الامام العلامة سلطان العلماء وملك الفضلاء الحبر البحرقطب الدين محمد بن محمد الرازى البويهي، فاني حضرت في خدمته قدس الله لطيفته بدمشق عام ثمانية وستين وسبعمائة، واستفدت من انفاسه، وأجازلي جميع مصنقاته في المعقول والمنقول ان أرويها عنه وجميع مروياته، وكان تلميذا خاصا للشيخ الامام جمال الدين المشار إليه إنتهى.

وذكره المحقق الثاني " ره " وقال انه من اجل تلامذه العلامة، ومن اعيان اصحابنا الامامية قدس الله تعالى ارواحهم ورضى عنهم اجمعين.

٧١

(قطب الدين الراوندى)

ابو الحسن سعيدبن هبة الله بن الحسن، العالم المتبحر الفقيه المحدث المفسر المحقق الثقة الجليل صاحب الخرائج والجرائح وقصص الانبياء ولب اللباب وشرح النهج وغيره.

كان من اعاظم محدثي الشيعة، قال شيخنا في المستدرك: فضائل القطب ومناقبه وترويجه للمذهب بأنواع المؤلفات المتعلقة به اظهروأشهر من ان يذكر وكان له ايضا طبع لطيف، ولكن اغفل عن ذكر بعض اشعاره المترجمون له، إنتهى.

وهو احد مشايخ ابن شهراشوب، يروى جماعة كثيرة من المشايخ كأمين الاسلام والسيد المرتضى والرازى وأخيه السيد مجتبى وعماد الدين الطبرى وابن الشجري والآمدى، ووالد المحقق الطوسي، وغيرهم رضوان الله عليهم اجمعين.

ويروي عن الشيخ عبد الرحيم البغدادى المعروف بابن الاخوة، عن الفاضلة الجليلة السيدة النقية بنت السيد المرتضى علم الهدى عن عمها الشريف الرضي (ره) وكان والد القطب الراواندى وجده وأولاده كلهم علماء.

وصرح الشيخ منتجب الدين بأن اباالفضل محمد بن القطب الراوندى وأخاه عماد الدين عليا كانا فقيهين ثقتين.

توفى القطب ٤ شوال سنة ٥٧٣ (ثعج) كمافي البحارنقلا عن خط الشهيد (ره)، وقبره ببلدة قم جوار الحضرة الفاطمية عليها السلام، مزار معروف.

ولا يخفى انه غير سعيد بن هبة الله بن محمد بن الحسين الفاضل المشتهرفي العلوم الحكمية، فانه كان من الاطباء المتميزين في صناعة الطب، خدم المقتدى

٧٢

بأمرالله، والمستظهر بالله بصناعة الطب، وكان يتولى مداواة المرضى في البيمارستان العضدي.

له كتاب المغني في الطب، صنفه للمقتدى، وكتاب خلق الانسان، توفى سنة ٤٩٥.

(قطب الدين الشيرازى)

محمودبن مسعودبن مصلح الكازروني الفارسي الشافعي الفاضل الفهامة الملقب بالعلامة، تلميذ الخواجة نصير الدين الطوسي (ره).

قيل: كان وحيد عصره في المعقول، وكان في غاية الذكاء، وله تلاميذ كثيرة وتصانيف شهيرة، منها: شروحه على القسم الثالث من المفتاح وعلى المختصر الحاجبي، وعلى كليات ابن سينا، كان مولده بشيراز، ودخل بغداد ودمشق واستوطن بالآخرة تبريز.

حكي عن شدة ذكائه انه سئل في مجمع من الشيعة والسنة عن افضل الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله هل هو أمير المؤمنين عليه السلام أو ابوبكر؟ فأجاب:

خير الورى من بعدالنبي من بنته في بيته

من في دجى ليل العمى ضوء‌الهدى في زيته

(قلت): تقدم في ابن الجوزي مايشبه ذلك، حكي انه كان مواظبا على الجماعة، لا يصلي فرائضه إلا بالجماعة.

توفى بتبريزسنة ٧١٠ (ذي)، ودفن بقرب البيضاوي، ورثاه ابن الوردي بقوله:

لقد عدم الاعلام حبرا مبرزا

كريم السجايا فيه من بعده قرب

عجيب وقد دارت رحى العلم بعده

وهل للرحى دوروقد عدم القطب

٧٣

(قطب الدين الكوشكنارى)

محمد المعروف بالقطب المحيي، استاذ المولى جلال الدواني، المتوفى في اوائل المائة العاشرة.

وهو أحد مشايخ الصوفية السنية، صاحب المكاتبات المعروفة بمكاتبات القطب المحيي بالفارسية.

(قطب الدين الكيدرى)

ابو الحسن محمد بن الحسين بن الحسن البيهقي النيسابورى الامامى، الشيخ الفقيه، الفاضل الماهر، والاديب الاريب، البحر الزاخر، صاحب الاصباح في الفقه، وأنوار العقول في جمع اشعار أمير المؤمنين عليه السلام، وشرح النهج، وغيرذلك.

وله اشعار لطيفة، وكان معاصرا للقطب الراوندي، وتلميذا لابن حمزة الطوسي، فرع من شرحه على النهج سنة ٥٧٦ (ثعو).

والكيدر قرية من قرى بيهق، وعن طراز اللغة للسيد عليخان انه ضبطه بالذال المعجمة، وعدل بعض الاعلام (أي كاشف اللثام) عن ذلك، وضبطه بالنون نسبة إلى كندر قرية بنيسابور وقرية قرب قزوين.

(قطران)

إمام الشعراء أبومنصور التبريزي الترمذي، قيل: كان في أول أمره دهقانا، فاشتغل بنظم الشعرفصار شاعرا معروفا. وقد اشار الى ذلك بقوله:

يكى دهقان بدم شاها شدم شاعر بناداني

مرا از شاعري كردن توكردى باز دهقاني

له اشعار كثيرة في مدح الاميرابى منصور وهسودان الذى كانت له السلطنة

٧٤

في تبريز إلى حدود ٤٥٠، ومن شعره في الشكر:

گر هزار ستم دهان در هر يكى سيصد زبان

شكر نيكيهات نتوانم يكى گفت از هزار

قيل انه توفي سنة ٤٦٥.

(قطرب)

ابوعلي محمد بن المستنير بن احمد البصرى النحوى اللغوى الاديب البارع اخذ الادب عن سيبويه، فصارمن أئمة عصره.

يروى عن الصادق " ع " روى الشيخ في (يب) في باب (النفرمن منى) عن الحسن بن محبوب عنه عن ابى عبد الله " ع " له مصنفات منها كتاب معاني القرآن وكتاب الرد على الملحدين في متشابه القرآن، وكتاب العلل في النحو وغير ذلك، وهو اول من وضع المثلث في اللغة، وكان معلم اولاد ابى دلف العجلى، وينسب إليه هذان البيتان:

إن كنت لست معى فالذ كرمنك معي

يراك قلبي اذا ما غبت عن بصرى

والعين تبصرمن تهوى وتفقده

وباطن القلب لا يخلو من النظر

قال الدميرى في حياة الحيوان: قطرب طائر يجول الليل كله لا ينام وقالوا: اجول من قطرب واسهر من قطرب.

وقطرب لقب محمد بن المستنير النحوى صاحب المثلث وغيره، وكان من اهل العربية، وكان حريصا على الاشتغال والتعلم، فكان يبكرالى سيبوية قبل حضوراحد من التلامذة، فقال له يوما: ماانت إلا قطرب ليل، فبقى عليه هذا اللقلب توفي سنة ست ومائتين.

٧٥

(القطونى)

خالد بن مخلد أبوالهيثم الكوفي، شيخ البخارى في صحيحه، ذكره ابن سعد في محكي طبقاته من الجزء السادس ص ٢٨٣ فقال: وكان متشيعا توفى بالكوفة في النصف من المحرم سنة ٢١٣ في خلافة المأمون، وكان في التشيع مفرطا وكتبواعنه إنتهى.

وعن ابى داودانه ذكره فقال: صدوق لكنه يتشيع، ونقل البخارى ومسلم في مواضع من صحيحيهما، بل اصحاب السنن كلهم يحتجون بحديثه وهم يعلمون بمذهبه.

(القطيفى)

الشيخ ابراهيم بن سليمان البحراني، المجاورحيا وميتا بالغري السريكان عالما فاضلا ورعاصالحا من كبار المجتهدين، وأعلام الفقهاء والمحدثين، كان في غاية الفضل، معاصرا للشيخ نور الدين المحقق الكركي، ويروي عنه بالاجازة ايضا، وكانت بينهما مناظرات.

نقل ان الامام الحجة القائم صلوات الله عليه دخل عليه في صورة رجل كان يعرفه وسأله عن ابلغ آية في الموعظة، فقرأ الشيخ قوله تعالى:(إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا) الآية فقال له الامام عليه السلام: صدقت ياشيخ ثم خرج فسأل عنه اهل بيته فقالوا: مارأينا داخلا ولاخارجا إنتهى.

(وله) مصهفات كثيرة منها: السراج الوهاج، والهادي إلى سبيل الرشاد وكتاب تعيين الفرقة الناجية من اخبار المعصومين (ع) ونفحات الفوائد ورسالة في احكام الرضاع، ورسالة في الصوم، ورسالة في ادعية سعة الرزق وقضاء الدين، وشرح ألفية الشهيد، وشرح اسماء الله الحسنى، فرغ منه سنة ٩٣٤.

٧٦

وكان عندي رسالة منه الموسومة بالنجفية، وكان في آخرها خطه الشريف وتاريخ كتابته سنة ٩٢٧.

قال (ضا): وله اجازة لتلميذه معز الدين محمد بن تقي الدين الاصفهاني يظهر منها ان الشيخ علي بن هلال الجزائري عمه، وتاريخ الاجازة سنة ٩٢٨ وفيها: انه اجازه عدة من المشايخ أوثقهم الشيخ ابراهيم بن حسن الوزاق عن الشيخ علي بن هلال وتاريخها سنة عشرين وتسعمائة إنتهى.

(والقطيفى) نسبة إلى قطيف، كشريف بلد بالبحرين.

(القعبى)

أبوعبد الرحمن عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي المدني، اخذ العلم والحديث عن الامام مالك، وهو من جملة اصحابه وأحد رواة الموطأعنه، وكان يسمى الراهب لعبادته وفضله، وكان يسكن البصرة، وتوفى بها أوبمكة سنة ٢٢١ (ركا).

(القفال الشاشي)

ابوبكر محمد بن علي بن اسماعيل الفقيه الشافعي المحدث اللفوي، الشاعر الاصولي.

رحل إلى خراسان والعراق والحجاز والشام، وأخذعن ابن سريج، وروى عن ابن جرير الطبرى، وروى عنه الحاكم وابن مندة وجماعة كثيرة، وكان من اعيان تلامذته أبوعبد الله محمد بن احمد الخضرى المروزى الفقيه الشافعي الذى يضرب به المثل في قوة الحفظ، وتوفى في عشر الثمانين والثلثمائة وتوفي الفقال المذكور بالشاش في سنة ٣٣٦ وقيل ٣٦٥ وكان والد القاسم صاحب كتاب التقريب (والشاشي) نسبة إلى الشاش مدينة وراء نهر سيحون.

٧٧

(القفال المروزى)

أبوبكر عبد الله بن احمد بن عبد الله الفقيه الشافعي، كان وحيد زمانه، وله في مذهب الامام الشافعي من الآثار ماليس لغيره من ابناء عصره، كان ابتداء إشتغاله بالعلم على كبر السن بعد ماافنى شبيبته في عمل الاقفال، ولذلك قيل له القفال، وكان ماهرا في عملها.

ويقال: انه لماشرع في الفقه كان عمره ثلاثين سنة، توفى سنة ٤١٧ (تيز) ودفن بسجستان، وهو الذى صلى بين يدى السلطان محمود سبكتكين ركعتين على مذهب الشافعي وركعتين على مذهب ابى حنيفة، فاختار السلطان محمود مذهب الشافعي لذلك، وقصته مشهورة ذكرها الدميري وابن خلكان، ونحن ننقلها هاهنا من ابن خلكان: قال في ترجمة يمين الدولة السلطان ناصر الدولة محمود بن سبكتكين المتوفى سنة ٤٣٣ بغزنة نقلا من كتاب مغيث الخلق في اختيار الاحق لامام الحرمين الجويني ان السلطان محمود المذكور كان على مذهب ابى حنيفة.

وكان مولعا بعلم الحديث، وكانوا يسمعون الحديث من الشيوخ بين يديه وهو يسمع.

وكان يستفسر الاحاديث فوجد اكثرها موافقا لمذهب الشافعي فوقع في خلده حكة فجمع الفقهاء من الفريقين في مرو والتمس منهم ماالكلام في ترجيح احد المذهبين على الآخر، فوقع الاتفاق على ان يصلوا بين يديه ركعتين على مذهب الامام الشافعي وعلى مذهب ابى جنيفة لينظر فيه السلطان ويتفكر ويختار ماهو أحسنهما، فصلى القفال المروزى بطهارة مسبغة وشرائط معتبرة من الطهارة والسترة واستقبال القبلة، وأتى بالاركان والهيئات والسنن والآداب والفرائض على وجوه الكمال والتمام، وقال: هذه صلاة لايجوز الامام الشافعي

٧٨

دونها، ثم صلى ركعتين على مايجوز ابوحنيفة رضي الله عنه فلبس جلد كلب مدبوغا ثم لطخ ربعه بالنجاسة وتوضأ بنبيذ التمر، وكان في صميم الصيف في المفازة واجتمع عليه الذباب والبعوض، وكان وضوء‌ه منكسا منعكسا، ثم استقبل القبلة وأحرم بالصلاة من غير نية في الوضوء، وكبر بالفارسية ثم قرأ آية بالفارسية (دوبرك سبز) ثم نقر نقرتين كنقرات الديك من غير فصل ومن غيرركوع وتشهد، وضرط في آخره من غير نية السلام وقال: أيها السلطان هذه صلاة ابى حنيفة.

فقال السلطان: لولم يكن هذه الصلاة ابى حنيفة لقتلتك لان مثل هذه الصلاة لايجوزها ذو دين، فأنكرت الحنفية ان تكون هذه صلاة ابى حنيفة فأمر القفال باخضار كتب ابى حنيفة، وأمر السلطان نصرانيا كاتبا يقرأ المذهبين جميعا فوجدت الصلاة على مذهب ابى حنيفة على ماحكاه القفال، فأعرض السلطان عن مذهب ابى حنيفة، وتمسك بمذهب الشافعي " رضي الله عنهما " إنتهى.

(قفطان)

كقربان، لقب لجماعة، منهم الشيخ احمد بن الشيخ حسن بن الشيخ علي النجفى، الفاضل الاديب الشاعر، له اشعار وقصائد كثيرة، اشار اليها في اعيان الشيعة، وفيه وروى شيخنا الشيخ محمد طه نجف النجفي عنه انه رأى الامام المنتظر عليه السلام فيما يرى النائم وعاتبه، فأجابه بهذين البيتين:

لنا أوبة من بعد غيبتنا العظمى

فنملاها عدلا كماملئت ظلما

سينجز وعدي قل لمن يكفرون لي

لقد كان ذاحقا على ربنا حتما

توفي بالنجف سنة ١٢٩٣ (غرصج) وأخوه الشيخ ابراهيم من الفضلاء المعروفين.

٧٩

(القفطى)

جمال الدين ابو الحسن علي بن يوسف بن ابراهيم الشيبانى الوزير احد الكتاب المشهورين، كان أبوه القاضي الاشرف كاتبا ايضا بمصر.

ولد بقفط سنة ٥٦٣، وسمع الحديث من ابى طاهر بن بنان بمصر وبحلب من جماعة، فصار مشاركا لارباب كل علم من النحو واللغة والفقه والحديث وعلم القرآن والاصول والمنطق والنجوم والهندسة والتاريخ.

أسكنه أبوه القاهرة طفلا ثم خرج إلى الشام فأقام بحلب، وصحب بها الامير الميمون القيصري، وبعد وفاة الامير لزم منزله فألزم بالخدمة في امور الديوان في ايام الملك الظاهر، ولمامات الملك انقطع في منزله فقلده الملك العزيز وزارته سنة ٦٣٣.

حكي انه اجتمع لديه من الكتب مالا يوصف، وكان لا يحب من الدنيا سواها، ولم يكن له دار ولازوجة، وأوصى بكتبه للناصر صاحب حلب وكانت تساوي خمسين ألف دينار، له تاريخ مصر، وأخبا ر العلماء بأخبار الحكماء، توفى سنة ٦٤٦.

(القلقشندى)

شهاب الدين احمد بن علي بن احمد المصري الشافعي، كان اديبا منشيا قوي الحافظة.

له صبح الاعشى في صناعة الانشاء، ونهاية الارب في معرفة قبائل العرب وضوء الصبح المسفر وجني الدوح المثمز، وهو مختصر صبح الاعشى، قال في أوائل الجزء الثاني من صبح الاعشى ماهذا لفظه: ومن غريب مايحكى ان رجلا اخذ خطرا من قوم على ان يغضب معاوية ابن ابى سفيان مع غلبة حلمه، فعمدالى معاوية وهو ساجد في الصلاة فوضع

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619