موسوعة حديث الثقلين الجزء ٣

موسوعة حديث الثقلين8%

موسوعة حديث الثقلين مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: مفاهيم عقائدية
ISBN: 978-600-5213-65-2
الصفحات: 687

الجزء ١ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 687 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 219812 / تحميل: 4672
الحجم الحجم الحجم
موسوعة حديث الثقلين

موسوعة حديث الثقلين الجزء ٣

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
ISBN: ٩٧٨-٦٠٠-٥٢١٣-٦٥-٢
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

درهم ، فقبض الكندي المال وانحاز الى معاوية في مائتي رجل من خاصته وأهل بيته ، فبلغ الحسن (ع) ذلك فتأثر وقام خطيبا وهو متذمر ومتألم أشد الألم من ذلك المجتمع الذي جرفته الخيانة ، وصار فريسة للباطل والضلال فقالعليه‌السلام :

« هذا الكندي توجه الى معاوية ، وغدر بي وبكم وقد أخبرتكم مرة بعد مرة انه لا وفاء لكم ، أنتم عبيد الدنيا ، وأنا موجّه رجلا آخر مكانه وإني أعلم أنه سيفعل بي وبكم ما فعل صاحبكم ، ولا يراقب الله فيّ ولا فيكم ».

وبعثعليه‌السلام رجلا آخر من مراد في أربعة آلاف ، وتقدم إليه بمشهد من الناس وتأكد عليه ، ولكنه أخبره انه سيغدر كما غدر الكندي فحلف له بالأيمان الموثقة أنه لا يفعل ذلك ، فلم يطمئن منه الحسن وقال متنبئا : « إنه سيغدر ».

وسار حتى انتهى الى الأنبار ، فلما علم معاوية به أرسل إليه رسلا وكتب إليه بمثل ما كتب الى صاحبه ، وبعث إليه بخمسة آلاف ولعلها خمسمائة ألف درهم ، ومنّاه أي ولاية أحب من كور الشام والجزيرة ، فقلب على الحسن وأخذ طريقه الى معاوية ولم يحفظ ما أخذ عليه من العهود(1) .

وارتكب هذه الخيانة جمع غفير من الأشراف والوجوه. وقد أدّى ذلك الى زعزعة كيان الجيش واضطرابه ، وتفلل جميع وحداته.

4 ـ نهب أمتعة الامام :

وانحطت نفوس ذلك الجيش انحطاطا فظيعا ، واستولت على ضمائره

__________________

(1) البحار 10 / 110.

١٠١

سحب قاتمة لا بصيص فيها من نور الكرامة والشرف ، فارتكبوا كل جريمة وموبقة. ومن انحطاط نفوسهم ان بعضهم جعل ينهب بعضا ، ولم يكتفوا بذلك حتى عدوا الى أمتعة الإمام وأجهزته فنهبوها ، وأكبر الظن أن للخوارج ضلعا كبيرا في هذا الإجرام ، فانهم لا يرون حرمة للإمام ، ولا حرمة لأموال غيرهم ، فقد أباحت خططهم الملتوية أموال من لا يدين بفكرتهم ولا يخضع لدينهم ، وقد وقعت جريمة نهب الإمام فى موردين هما :

1 ـ حينما دس معاوية عيونه في جيش الإمام ليذيعون أن الزعيم قيس بن سعد قد قتل فانهم حينما سمعوا ذلك نهب بعضهم بعضا حتى انتهبوا سرادق الحسن(1) وتنص بعض المصادر انهم نزعوا بساطا كان الإمام جالسا عليه واستلبوا منه رداءه(2) .

2 ـ لما أرسل معاوية المغيرة بن شعبة ، وعبد الله بن عامر ، وعبد الرحمن بن الحكم الى الإمام ليفاوضونه في أمر الصلح ، فلما خرجوا من عنده أخذوا يبثون بين صفوف الجيش لإيقاع الفتنة فيه قائلين : « إن الله حقن الدماء بابن بنت رسول الله (ص) وقد أجابنا الى الصلح » ولما سمعوا بمقالتهم اضطربوا اضطرابا شديدا ووثبوا على الإمام فانتهبوا مضاربه وأمتعته(3) .

5 ـ تكفيره :

وخيم الجهل على قلوب ذلك الجيش المصاب بأخلاقه وعقيدته ، فراح يسرح في ميادين الشقاء والغواية متماديا في الإثم والضلال ، وبلغ

__________________

(1) الطبري 4 / 122 ، البداية والنهاية 8 / 14.

(2) البحار ، أعيان الشيعة ، تأريخ اليعقوبي.

(3) البحار ، شرح ابن أبي الحديد.

١٠٢

من طيشه وجهله أن بعضهم حكم بتكفير حفيد نبيهم ، فلقد انبرى له الجراح بن سنان الذي أراد قتله قائلا :

« أشركت يا حسن كما أشرك أبوك من قبل!! ».

إن مجتمعا يرى هذا الاعتداء الصارخ على حفيد نبيهم ولا يقومون بنجدته لجدير بأن ينبذ ويترك لأنه لا ينفعه النصح ، ولا يثوب الى الحق والرشاد ، وأغلب الظن أن الذين حكموا بكفر الإمام كانوا من الخوارج إذ لا يصدر هذا الاعتداء إلا من هؤلاء الأشرار.

6 ـ اغتياله :

ولم تقف محنة الحسن وبلاؤه في جيشه الى هذا الحد فلقد عظم بلاؤه الى أكثر من ذلك فقد قدم المرتشون والخوارج على قتله ، وقد اغتيل (ع) ثلاث مرات وسلم منها وهي :

1 ـ انه كان يصلي فرماه شخص بسهم فلم يؤثر شيئا فيه.

2 ـ طعنه الجراح بن سنان في فخذه ، وتفصيل ذلك ما رواه الشيخ المفيدرحمه‌الله قال : « إن الحسن أراد أن يمتحن أصحابه ليرى طاعتهم له وليكون على بصيرة من أمره ، فأمر (ع) أن ينادى ( بالصلاة جامعة ) فلما اجتمع الناس قامعليه‌السلام خطيبا فقال :

« الحمد لله كلما حمده حامد ، وأشهد أن لا إله إلا الله كلما شهد له شاهد وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالحق وائتمنه على وحيه.

أما بعد : فإني والله لأرجو أن أكون قد أصبحت بحمد الله ومنّه وأنا أنصح خلق الله لخلقه ، وما أصبحت محتملا على مسلم ضغينة ، ولا مريد له بسوء ، ولا غائلة وإن ما تكرهون فى الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة ألا وإني ناظر لكم خير من نظركم لأنفسكم فلا تخالفون أمري ،

١٠٣

ولا تردوا عليّ رأيي ، غفر الله لي ولكم ، وأرشدني وإياكم لما فيه المحبة والرضا ».

ونظر الناس بعضهم الى بعض وهم يقولون ما ترونه يريد؟

واندفع بعضهم يقول :

« والله يريد أن يصالح معاوية ويسلم الأمر إليه!!! »

وما سمعوا بذلك إلا وهتفوا :

« كفر الرجل!!! »

وشدوا على فسطاطه فانتهبوه ، حتى أخذوا مصلاه من تحته ، وشدّ عليه الأثيم عبد الرحمن بن عبد الله بن جعال الأزدي ، فنزع مطرفه من عاتقه ، فبقى الإمام جالسا متقلدا سيفه بغير رداء ، ودعا (ع) بفرسه فركبه ، وأحدقت به طوائف من خاصته وشيعته محافظين عليه ، وطلبعليه‌السلام أن تدعى له ربيعة وهمدان فدعيتا له ، فطافوا به ودفعوا الناس عنه ، وسار موكبه ولكن فيه خليطا من غير شيعته ، فلما انتهى (ع) الى مظلم ساباط بدر إليه رجل من بني أسد يقال له الجراح بن سنان فأخذ بلجام بغلته ، وبيده مغول(1) فقال له :

« الله أكبر ، اشركت يا حسن كما أشرك أبوك من قبل! ».

ثم طعن الإمام في فخذه فاعتنقه الإمام وخرّا جميعا الى الأرض ، فوثب إليه رجل من شيعة الحسن يقال له عبد الله بن حنظل الطائي ، فانتزع المغول من يده فخضض به جوفه ، وأكب عليه شخص آخر يدعى بظبيان بن عمارة فقطع أنفه ، ثم حمل الإمام (ع) جريحا على سرير الى المدائن في المقصورة البيضاء لمعالجة جرحه(2) .

__________________

(1) المغول : آلة تشبه السيف.

(2) الارشاد ص 170.

١٠٤

3 ـ طعنه بخنجر فى أثناء الصلاة(1) .

واتضحت للإمام (ع) بعد هذه الأحداث الخطيرة نوايا هؤلاء الأجلاف وانه سيبلغ بهم الاجرام والشر الى ما هو أعظم من ذلك وهو تسليمه الى معاوية أسيرا فتهدر بذلك كرامته أو يغتال ويضاع دمه الشريف من دون أن تستفيد الأمّة بتضحيته شيئا.

الموقف الرهيب :

وكان موقف الإمام الحسنعليه‌السلام من هذه الزعازع ، والفتن السود التي تدع الحليم حيرانا ، موقف الحازم اليقظ ، فقد كان من حنكته وحسن تدبيره ، وبراعة حزمه فى مثل الانقلاب الذي مني به جيشه أن جمع الزعماء والوجوه ، فأخذ يبين لهم النتائج المرة والأضرار الجسيمة التي تترتب على مسالمة معاوية قائلا :

« ويلكم ، والله إن معاوية لا يفي لأحد منكم بما ضمنه في قتلي ، وإني أظن أني إن وضعت يدي فى يده فأسالمه لم يتركني أدين بدين جدي ، وإني أقدر أن أعبد الله عز وجل وحدي ، ولكن كأني أنظر الى أبنائكم واقفين على أبواب أبنائهم يستسقونهم ويطعمونهم بما جعل الله لهم فلا يسقون ولا يطعمون ، فبعدا وسحقا لما كسبته أيديهم وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ».

ولم تنفع جميع المحاولات التي بذلها الإمام من أجل استقامتهم وصلاحهم فقد أخذ الموقف تزداد حراجته ، ويعظم بلاؤه ، وتشتد فيه الفتن والخطوب وقد وجد زعماء الجيش انشغال الإمام بمعالجة جرحه فرصة إلى الاتصال

__________________

(1) ينابيع المودة ص 292.

١٠٥

المفضوح بمعاوية ، والتزلف إليه بكل وسيلة ، وقد علم الإمام (ع) جميع ما صدر منهم من الخذلان والاتصال بالعدو.

حقا لقد كان موقف الإمام موقفا تمثلت فيه الحيرة والذهول ، ينظر الى معاوية فيرى حربه ضروريا يقضي به الدين ويلزم به الشرع وينظر الى الانقلاب والتفكك الذي أصيب به جيشه ، والى المؤمرات المفضوحة على اغتياله فينفض يده منهم وييأس من صلاحهم ، ومع ذلك أرادعليه‌السلام أن يمتحنهم ليرى موقفهم من الحرب لو اندلعت نارها ، فأمر (ع) بعض أصحابه أن ينادى في الناس ( الصلاة جامعة ) فاجتمع الجمهور فقام فيهم خطيبا فقال بعد حمد الله والثناء عليه :

« والله ما يثنينا عن أهل الشام شك ولا ندم ، وإنما كنا نقاتل أهل الشام بالسلامة والصبر ، فشيبت السلامة بالعداوة والصبر بالجزع ، وكنتم فى مسيركم الى صفين ودينكم أمام دنياكم ، وأصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم ، ألا وقد أصبحتم بين قتيلين ، قتيل بصفين تبكون عليه ، وقتيل بالنهروان تطلبون بثاره ، وأما الباقي فخاذل وثائر ».

وأعرب (ع) بهذا الخطاب البليغ عن بعض العوامل التي أدت الى تفككهم وانحلالهم ، وعرض عليهم بعد هذا دعوة معاوية في الصلح قائلا :

« ألا وان معاوية دعانا لأمر ليس فيه عز ، ولا نصفة فان أردتم الموت رددناه عليه وحاكمناه بظبات السيوف ، وإن أردتم الحياة قبلناه وأخذناه بالرضا ».

وما انتهى (ع) من هذه الكلمات إلا وارتفعت الأصوات من جميع جنبات الجمع وهي ذات مضمون واحد :

١٠٦

البقية ، البقية(1) .

ورأى (ع) بعد هذا الموقف أنه إن حارب معاوية حاربه بيد جذاء إذ لا ناصر له ولا معين ، ولم يكن هناك ركن شديد حتى يأوي إليه ، واستبانت له الخطط المفضوحة التي سلكها زعماء الجيش من تسليمه الى معاوية أسيرا أو اغتياله ، رأى بعد هذا كله ان الموقف يقضي بالسلم واستعجال الصلح.

وحدث يزيد بن وهب الجهني عن مدى استياء الامام وتذمره من أجلاف الكوفة وأوباشهم ، قال : دخلت عليه لما طعن فقلت له :

« يا ابن رسول الله ، ان الناس متحيرون ».

فاندفع الامام يقول بأسى بالغ وحزن عميق :

« والله أرى معاوية خيرا لي ، هؤلاء يزعمون أنهم لي شيعة ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي ، وأخذوا مالي ، والله لئن آخذ من معاوية عهدا أحقن به دمى وآمن به أهلي وشيعتي خير لي من أن يقتلوني فيضيع أهل بيتى ، لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوني إليه سلما ، والله لئن اسالمه وأنا عزيز أحب من أن يقتلني وأنا أسير ، أو يمن عليّ فتكون سبة على بني هاشم الى آخر الدهر ، ولمعاوية لا يزال يمن بها وعقبه على الحي منّا والميت ».

وأعرب الإمام فى حديثه عن مدى ما لاقاه من الاعتداء الغادر على حياته وكرامته من هؤلاء المنافقين الذين يزعمون أنهم شيعة له ، وانه سيبلغ بهم التفسخ الى أقصى حد فسيقتلونه أو يسلمونه أسيرا الى معاوية فيقتله أو يمن عليه فيسجل له بذلك يدا على الإمام وتكون سبة وعارا على بني هاشم الى آخر الدهر.

__________________

(1) حماة الاسلام 1 / 123 ، المجتنى لابن دريد ص 36 ،

١٠٧

وأخذ (ع) بعد هذه الأحداث الخطيرة يجيل النظر ويقلب الرأي على وجوهه ، فى حرب معاوية وتصور المستقبل الملبد بالزعازع والاضطرابات التي تقرر المصير المخوف والنهاية المحتومة لدولته وحياته معا بل وعلى حياة الإسلام أيضا لأن القلة المؤمنة التي يحويها جيشه كانت بين ذرية النبي الأعظم (ص) وبين حملة الدين الإسلامى المقدس ، من بقايا الصحابة وتلامذة أمير المؤمنين (ع) وهؤلاء إن طحنتهم الحرب تفنى معنويات الإسلام ، ويقضى على كيانه وتحطم عروشه ، لأنهم هم القائمون بنشر طاقاته ، ومضافا الى ذلك ان الإسلام لا يستفيد بتضحيتهم شيثا لأن معاوية بمكره سوف يلبسهم لباس الاعتداء ، ويوصمهم بالخروج عن الطاعة والإخلال بالأمن العام والقضاء عليهم أمر ضروري حفظا لحياة المسلمين من القلق والاضطراب.

حقا لقد تمثلت الحيرة والذهول في ذلك الموقف الرهيب والخروج من مأزقه يحتاج الى فكر ثاقب والى مزيد من التضحية والإقدام ، رأى الامامعليه‌السلام أن المصلحة التامة تقضي أن يصالح معاوية ويعمل بعد ذلك على تحطيم عروش دولته ، ويعرب للناس عاره وعياره ، ويظهر لهم الصور الإجرامية التي تتمثل فيه! لقد سالم (ع) وكانت المسالمة أمرا ضروريا يلزم بها العقل ويوجبها الشرع المقدس ، وتقتضيها حراجة الموقف ، واضافة لهذه الأحداث سوف نقدم أسبابا أخرى توضح المقام وترفع أثر الشك وترد شبهات الناقدين

١٠٨

اسباب الصّلح

١٠٩
١١٠

تحوم حول صلح الامام الحسن (ع) مع خصمه معاوية كثير من الظنون والأقوال ، ويستفاد منها حكمان متباينان بكل ما للتباين من معنى والحق أن أحدهما خطأ وبعيد عن الصواب كما هو الشأن في كل حكمين متباينين :

« الأول » من هذين الحاكمين تبرير موقف الامام في صلحه وموفقيته فيه الى أبعد الحدود ، ويختلف مبنى التعليل فيه ، فطائفة من العلماء والبحاث عللته بأنه إمام والإمام معصوم من الخطأ ، فلا يفعل إلا ما هو الصالح العام لجميع الأمّة ، وسنذكر في أواخر هذا البحث الذاهبين الى هذا القول وتعليل آخر يكشف عن مناط القول الأول ، ويوضح مدركه وهو يستند الى العلل المادية التي اضطرت الامام الى الصلح كخذلان جيشه ، وفساد مجتمعه ، وخيانة الزعماء والمبرزين والوجهاء من شعبه وغير ذلك من العوامل ،

« الثاني » من هذين الحاكمين تعود خلاصته الى ضعف ارادة الامام وعدم احاطته بشئون السياسة العامة وعجزه عن ادارة دفة الدولة ، وعدم تداركه للموقف بالاعتماد على الأساليب السياسية وإن منع عنها الدين ، فان نال الظفر فذاك وإلا فالشهادة في سبيل المجد التي هي شعار الهاشميين ، وهدف المصلحين ، وهذا الرأي مبني على ظواهر لا تمت الى الواقع بصلة ولا تلتقي معه بطريق وذلك لعدم ابتنائه على دراسة الظروف المحيطة بالامام ، وعدم الوقوف على اتجاه شعبه الذي اصيب بأخلاقه وعقيدته ، فلذا كان هذا الرأي سطحيا وخاليا عن التحقيق وبعيدا عن الواقع ، أما الذاهبون لهذا الرأي فهم :

1 ـ الصفدي :

قال الصفدي فى شرحه لهذا البيت من لامية العجم :

١١١

حب السلامة يثني عزم صاحبه

عن المعالي ويغري المرء بالكسل

وقد رضى بالخمول جماعة من الرؤساء والأكابر المتقدمين في العلم والمنصب وفارقوا مناصبهم ، وأخلوا الدسوت من تصديرهم ، ثم ذكر جماعة من الذين رضوا بالخمول ونزعوا عن أنفسهم الخلافة ثم قال :

« وهذا الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) قال لمعاوية : إن عليّ دينا فأوفوه عني وأنتم فى حل من الخلافة ، فأوفوا دينه وترك لهم الخلافة »(1) .

2 ـ الدكتور فيليب حتى :

قال الاستاذ فيليب حتى : « وفي بدء حكم معاوية قامت حركة أخرى كان لها شأن كبير في الأجيال التي تلت أعني اعلان أهل العراق الحسن بن علي الخليفة الشرعي ، ولعلمهم هذا أساس منطقي لأن الحسن كان أكبر أبناء علي وفاطمة ابنة النبيّ الوحيدة الباقية بعد وفاته ، ولكن الحسن الذي كان يميل الى الترف والبذخ لا الى الحكم والادارة لم يكن رجل الموقف ، فانزوى عن الخلافة مكتفيا بهبة سنوية منحه إياها »(2) .

3 ـ العلائلي :

قال الاستاذ العلائلي : « ولكنه ( يعني الحسن ) كان قديرا على أن يعد الجماعات المنحلة عن طريق الاستشارة والحماس ، وبث روح العزم والإرادة كما رأينا في القادة الحديديين أمثال « نابليون » الذي تولى شعبا أنهكته الثورة الطويلة كما أنهكت العرب ، وزاد هو فى انهاكه بالحروب

__________________

(1) شرح لامية العجم 2 / 27 وقد خبط الصفدي خبط عشواء ، فان الامام متى باع الخلافة على خصمه بوفاء دينه؟ نعوذ بالله من هذا الافتراء.

(2) العرب ص 78.

١١٢

المتتالية المستمرة التي اخذ بها أوربا ، ولكن القائد غمرته موجة السأم التي غمرت الناس »(1) .

4 ـ المستشرق « روايت م رونلدس » :

قال هذا المستشرق : « فان الأخبار تدل على أن الحسن كانت تنقصه القوة المعنوية والقابلية العقلية لقيادة شعبه بنجاح »(2) .

5 ـ لامنس :

قال هذا الإنگليزي المتهوس الأثيم الذي لم يفهم من التاريخ الإسلامى شيئا : « وبويع للحسن بعد مقتل علي فحاول أنصاره أن يقنعوه بالعودة الى قتال أهل الشام ، وقلب هذا الإلحاح من جانبهم حفيظة الحسن القعيد الهمة ، فلم يعد يفكر إلا في التفاهم مع معاوية ، كما أدى إلى وقوع الفرقة بينه وبين أهل العراق ، وانتهى بهم الأمر إلى اثخان امامهم اسما لا فعلا بالجراح فتملكت الحسن منذ ذلك الوقت فكرة واحدة هي الوصول الى اتفاق مع الأمويين ، وترك له معاوية أن يحدد ما يطلبه جزاء تنازله عن الخلافة ، ولم يكتف الحسن بالمليوني درهم التي طلبها معاشا لأخيه الحسين بل طلب لنفسه خمسة ملايين درهما أخرى ، ودخل كورة فى فارس طيلة حياته وعارض أهل العراق بعد ذلك في تنفيذ الفقرة الأخيرة من هذا الاتفاق ، بيد انه اجيب إلى كل ما سأله حتى ان حفيد النبي اجترأ فجاهر بالندم على أنه لم

__________________

(1) الحلقة الثانية من حياة الحسين ص 283.

(2) عقيدة الشيعة تعريب ع م ص. وهذا المستشرق من الحاقدين على الإسلام ، وقد شحن كتابه بالكذب والطعن على الإسلام والحط من قيمة أعلامه النابهين وقد تعرض الاستاذ السيد عبد الهادي المختار في مجلة البيان الزاهرة في عددها الخاص بسيد الشهداء من السنة الثانية عدد 35 ـ 39 إلى تزيفه وعرض أكاذيبه.

١١٣

يضاعف طلبه وترك العراق مشيعا بسخط الناس عليه ليقبع في المدينة »(1)

وهؤلاء الناقدون لصلح الامام كان بعضهم مدفوعا بدافع الحقد والعداء للإسلام ، وبعضهم لم يكن رأيه خاضعا لحرية الفكر ولم يحتضن

__________________

(1) دائرة المعارف الاسلامية ج 7 ص 400 وهذه الدائرة لم تكن إلا دائرة كذب وافتراءات فقد حفلت بالطعن على الاسلام والسب لأعلامه خصوصا في بحوث ( لامنس ) عن الشيعة وعن أئمتهم فانها مليئة بالبهتان والتهريج عليهم ، والسبب في ذلك ان لجان التبشير المسيحي هي التي تدفع أمثال هذه الأقلام المأجورة لتشويه الاسلام والكيد له ، مضافا الى أن بحوث المستشرقين تعتمد على دراسة سطحية خالية عن التحقيق والتدقيق ، ومن الجدير بالذكر أن بعض المستشرقين زار ( طهران ) عاصمة إيران بعد أن تعلم اللغة الفارسية في مدارس الألسنة الشرقية وقد حاول أن يضع تأريخا عن حالة إيران الاجتماعية والأخلاقية كما يشاهدها فرأى حمالين وعلى رءوسهم أوانيا وأسبابا فاخرة ، وأمامهم الدفوف والمزامير فسأل عن ذلك فقال له بعض الحاضرين إنهم يحملون جهاز عروس ، ثم سأل عن اسم الزوج فقال له بعض الحاضرين ( ما ذا يهمك؟ ) ، وفي المساء رأى هذا المستشرق رجلا يضرب امرأة في الشارع فسأل بعض الحاضرين عن القصة فأخبره أن الضارب زوجها وقد تركته بغير حق ، ثم سأل عن أسم الزوج فقال له ( ما ذا يهمك؟ ) فظن المستشرق ان اسم الرجل ما ذا يهمك ، وإنه العريس الذي رأى جهازه صباحا ، فكتب هذا المستشرق في كتابه تاريخ ايران انه رأى في عاصمتها عريسا يقترن صباحا ويضرب عروسه في الشارع مساء وان اسمه ما ذا يهمك ، هذا حال المستشرقين في الأمور الظاهرة البديهية فكيف حالهم في النظريات الدقيقة الغامضة هذا إذا لم يعتمدوا على التحريف فكيف إذا اعتمدوا عليه ومن المؤسف ان شبابنا قد عكف على دراسة مؤلفاتهم والاعتماد عليها في اطروحاتهم مع انها لا نصيب لها من الصحة والواقع.

١١٤

قولهم الدليل فى جميع أحواله ، وذلك لعدم وقوفهم على العوامل التي أحاطت بالامام حتى دعته إلى مسالمة خصمه ، ويجب على الكاتب الذي يريد أن يمثل للمجتمع صورة عن شخصية مهمة لها من الخطورة شأن كبير أن يحيط بأطرافها من جميع النواحي ليكون رأيه قريبا الى الصواب وبعيدا عن الخطأ وبما أنا وقفنا بعض الوقوف أو أقله على بعض العلل والعوامل التي دعت الامام لمسالمة عدوه ، وهي تتلخص في أمور استنبطنا بعضها من الابحاث السالفة والبعض الآخر استنتجناه من دراسة نفسية معاوية وملاحظة أعماله ، ومن الوقوف على أضواء سيرة الامام الرفيعة ، ومعرفة سياسة أهل البيت (ع) التي لا تتذرع بالوسائل التي شجبها الاسلام في سبيل الوصول الى الحكم وقبل أن نعرض أسباب الصلح نود أن نبين انا قد نعيد نماذج بعض المواضيع السالفة لأجل الاستدلال على ما نذهب إليه فان في الاعادة ضرورة ملزمة يقتضيها البحث ، فان تفصيل هذا الموضوع والاحاطة به أهم من غيره ، ولعل نظر القراء إليه وهي كما يلي :

1 ـ تفلل الجيش :

إن أعظم ما تواجهه الدولة فى جميع مجالاتها مسبب ـ على الأكثر ـ من خبث الجند ، وشدة خلافه ، وعصيانه لقيادته العامة ، وقد مني الجيش العراقي آنذاك بالتمرد والانحلال بما لم يبتل به جيش معاوية فانه ظل محتفضا بالولاء لحكومته ولم يصب بمثل هذه الرجات والانتكاسات ، أما العلل التي أدت الى اضطراب الجيش العراقي وانشقاقه فهي :

أ ـ تضارب الحزبية فيه :

إن الأحزاب إذا تضاربت في الجيش وكانت مدفوعة بالحقد للحكم

١١٥

القائم ، أو كان لها اتصال بدولة أجنبية تعمل بوحي منها ، وتستمد منها التوجيهات للإطاحة به ، فان الدولة لا تلبث أن تلاقي النهاية المحتومة إن عاجلا أو آجلا ، وقد ابتلي الجيش العراقي في ذلك الوقت بحزبين ليس فيهما صديق للدولة الهاشمية ولا محافظ عليها ، وإنما كانا يبذلان المساعي والجهود للقضاء عليها ، وهما :

الحزب الاموي :

وهؤلاء هم أبناء الأسر البارزة وذوو البيوتات الشريفة الذين لا يهمهم غير الزعامة الدنيوية ، والظفر بالمال والسلطان وهم كعمر بن سعد ، وقيس ابن الأشعث ، وعمرو بن حريث ، وحجار بن أبجر ، وعمرو بن الحجاج ، وأمثالهم من الذين لا صلة لهم بالفضيلة والكرامة ، وكانوا أهم عنصر مخيف فى الجيش ، فقد وعدوا معاوية باغتيال الامام أو بتسليمه له أسيرا كما قاموا بدورهم باعمال بالغة الخطورة وهي :

1 ـ إنهم سجلوا كل ظاهرة أو بادرة فى الجيش فارسلوها الى معاوية للاطلاع عليها.

2 ـ كانوا همزة وصل بين معاوية وبقية الوجوه.

3 ـ قاموا بنشر الأراجيف والارهاب فى نفوس الجيش بقوة معاوية وضعف الحسن.

وأدت هذه الأعمال الى انهيار الجيش ، وزعزعة كيانه ، وضعف معنوياته في جميع المجالات.

١١٦

الحزب الحروري :

وهذا الحزب قد أخذ على نفسه الخروج على النظام القائم ، ومحاربته بجميع الوسائل ، وقد انتشرت مبادئه في الجيش العراقي انتشارا هائلا لأن المبشرين بأفكارهم كانوا يحسنون غزو القلوب والأفكار ويجيدون الدعاية وقد وصف زياد بن أبيه مدى قابلياتهم بقوله : « لكلام هؤلاء أسرع الى القلوب من النار الى اليراع »(1) ووصف المغيرة بن شعبة شدة تأثر يهم في النفوس بقوله : « إنهم لم يقيموا ببلد إلا أفسدوا كل من خالطهم »(2) وقد استولوا على عقول السذج والبسطاء من الجيش بشعارهم الذي هتفوا به « لا حكم إلا لله » ولم يقصد بذلك إلا حكم السيف كما يقول فان فلوتن(3)

لقد قضت خطط الخوارج الملتوية بوجوب الخروج على ولي أمر المسلمين إذا لم ينتم إليهم وهو عندهم جهاد ديني تجب التضحية في سبيله وقد قاموا بأعنف الثورات ضد الولاة حتى عسر عليهم مقاومتهم. وكان الخوارج يحملون حقدا بالغا في نفوسهم على الحكومة الهاشمية لأنها قد وترتهم بأعلامهم ، وقضت على الكثيرين منهم فى واقعة النهروان ، وقد فتكوا بالإمام أمير المؤمنين وتركوه صريعا في محرابه انتقاما منه بما فعله فيهم ، كما اغتالوا الإمام الحسن (ع) وطعنوه في فخذه ، وحكموا بتكفيره ، وكانت كمية هذه العصابة كثيرة للغاية فقد نصت بعض المصادر أن أكثرية الجيش

__________________

(1) اليراع : القصب.

(2) الطبري 6 / 109.

(3) السيادة العربية ص 69.

١١٧

كانت من الخوارج(1) .

وهذان الحزبان السائدان في العراق قد بذلا جميع الطاقات لإفساد الجيش ، وبذر الخلاف والانشقاق في جميع وحداته حتى ارتطم في الفتن والأهواء ، ويضاف لذلك أن هناك مجموعة كبيرة منه كان موقفها موقفا سلبيا في قضية الإمام الحسن (ع) لأنها لا تفقه الأهداف الأصيلة التي ينشدها الامام ، ولضيق تفكيرها ترى أن الامام كل من ارتقى دست الحكم من أي طريق كان فالحسن ومعاويه سيان ، وإن حارب الحسن معاوية على الدين ، وحارب معاوية الحسن على الدنيا.

ولم يعد بعد ذلك من يناصر الحكومة الهاشمية ، ويقف الى جانبها سوى الفئة الشيعية التي ترى رأي العلويين في أحقيتهم بالخلافة وهم أمثال الزعيم قيس بن سعد ، وسعيد بن قيس ، وعدي بن حاتم الطائي ، وحجر ابن عدي ، ورشيد الهجري ، وحبيب بن مظاهر ، وأضرابهم من تلامذة أمير المؤمنين (ع) وهم الأقلية عددا كما قال الله تعالى « وقليل ما هم » وليس باستطاعتهم أن ينتشلوا الحكومة من الأخطار الحافة بها فانهم لو كانوا كثرة في الجيش لما اضطر الامام أمير المؤمنين على قبول التحكيم ولما التجأ الامام الحسن الى الصلح.

ب ـ السأم من الحرب :

ان من طبيعة الكوفة التي جبلت عليها نفوس أهلها السأم والملل « ولا رأي لملول » ومضافا لهذه الظاهرة النفسية التي عرفوا بها أن هناك سببين أوجبا زيادته ومضاعفته وهما :

__________________

(1) أعيان الشيعة 4 / 42.

١١٨

1 ـ الحروب المتتالية :

ومما سبب شيوع الملل والسأم فى نفوس الجيش العراقي الحروب المتتالية فان الدولة كانت تستعمله فى الفتوحات والدفاع عنها ، وزاد في ضعف أعصابه وانهياره حرب صفين والنهروان ، فقد طحنت الحرب فيها جمعا غفيرا منهم حتى أصبحوا يكرهون الحرب ويؤثرون السلم ويحبون العافية.

2 ـ اليأس من الغنائم :

ولم يربح الجيش العراقي في حرب الجمل وصفين والنهروان شيئا من العتاد والأموال ، لأن الامام أمير المؤمنين لم يعاملهم معاملة الكفار فيقسم غنائمهم على المسلمين ، وإنما أمر بارجاع جميع الأموال التي اغتنمها جيشه إلى أهلها بعد انتهاء حرب البصرة(1) وقد علم الجيش أن الامام الحسن (ع) لا يتحول عن سيرة أبيه ونهجه ، فلم يثقوا بالأموال والغنائم إن حاربوا معاوية فاعلنوا العصيان وأظهروا التمرد والسأم من الحرب.

إن كراهية الجيش العراقي للحرب وإيثاره للعافية لم يكن ناشئا في « مسكن » وإنما كان عقيب رفع المصاحف وواقعة النهروان فقد خلد بجميع كتائبه إلى السلم ، وقد ذكرنا في الحلقة الأولى من هذا الكتاب صورا من الاعتداءات الغادرة التي قامت بها قوات معاوية على الحدود العراقية وغزوهم لمدن العراق ، وترويعهم للآمنين ، وقتلهم الأبرياء ، وهم متخاذلون متقاعسون عن ردها لا تحركهم العواطف الدينية ولا يهزهم الشعور الانساني لدفع الضيم والذل عنهم ، يأمرهم الامام أمير المؤمنين بالجهاد فلا يطيعونه ، ويدعوهم إلى مناصرته فلم يستجيبوا له ، وقد ترك ذلك أسى مريرا وشجى مقيما في نفسه ، وقد اندفع فى كثير من خطبه إلى انتقاصهم وذمهم يقول (ع) :

__________________

(1) علي وبنوه ص 55.

١١٩

« لقد سئمت عتابكم أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة عوضا ، وبالذل من العز خلفا ، إذا دعوتكم إلى جهاد عدوكم دارت أعينكم كأنكم من الموت في غمرة ، ومن الذهول في سكرة ».

ويستمر في تقريعه ولومه لهم ، وإبداء تأثره على تخاذلهم ونكوصهم عن الحرب فيقول :

« وما أنتم بركن يمال بكم ، وأيم الله إني لأظن أن لو حمس الوغى ، واستحر الموت قد انفرجتم من ابن أبي طالب انفراج الرأس ».

ويصف (ع) فى خطاب آخر عدم اندفاعهم للجهاد في سبيل الله ، ومدى محنته وبلائه فيهم فيقول :

« ودعوتهم سرا وجهرا ، وعودا وبدء فمنهم الآتي كرها ، ومنهم المعتل كاذبا. ومنهم القاعد خاذلا ، واسأل الله أن يجعل منهم فرجا عاجلا والله لو لا طمعي عند لقائي عدوي في الشهادة لا حببت أن لا أبقى مع هؤلاء يوما واحدا ولا ألتقي بهم أبدا »(1) .

ويقول (ع) في خطاب آخر له :

« المغرور والله من غررتموه ، ومن فاز بكم فقد فاز والله بالسهم الأخيب ، ومن رمى بكم فقد رمى بأفوق ناصل(2) أصبحت والله لا أصدق قولكم ، ولا أطمع في نصركم ، ولا أوعد العدو بكم ، ما بالكم! ما دواؤكم

__________________

(1) النهج محمد عبده 3 / 67.

(2) الأفوق من السهام : مكسور الفوق وهو موضع الوتر من السهم ، الناصل : العاري عن النصل أي : من رمى بهم فكأنما رمى بسهم لا يثبت في الوتر حتى يرمى ، وإن رمى به لم يصب مقتلا إذ لا نصل له.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

علي بن محمّد النجري سنة خمسين وثلاثمائة ، وعمره إذ ذاك عشر سنين ، وسمع حديث أهل البيت وفقههم على السيد أبي العبّاس الحسني.

ثمّ قال : قال السيد أبو طالب في موضع : ومنهم يحيى الملقّب بالهادي المدني ، شاهدنا وسمعنا منه الأحكام ، وروى لنا المنتخب ، وقرأ في علم الكلام على الشيخ أبي عبد الله البصري ، وذكر في المجزي أنّه أخذ على أبي هاشم وأبي علي ، وفي أصول الفقه أيضاً على أبي عبد الله البصري ، وأخذ في علم الحديث عن أحمد بن محمّد البغدادي وعلي بن إسماعيل الفقيه ومحمّد ابن عثمان النقاس ، وأبي أحمد عبد الله بن عدي الحافظ ، وعن الحسين بن علي القزويني وعلي بن الحسن العبد وعبيد الله الكرمي ، وغير هؤلاء.

ثمّ قال : ومن تلامذته : أبو جعفر الهوسمي ، وسمع عليه أيضاً أماليه السيدان العالمان محمّد بن جعفر بن علي خليفة الحسني وأبو الحسن علي ابن أبي طالب والمرشد بالله إجازة ، وروى عنه بواسطة أبي علي الحسن بن علي بن الحسن ومحمّد بن محمّد المقري ووالده الجرجاني وأبي عبد الله العلوي(١) .

قال محمد يحيى سالم عزان ـ محقق كتاب الإفادة(٢) ـ : دمج الحافظ ابن حجر في ترجمته(٣) بينه وبين الإمام المرشد بالله ، فذكر أنّه يقال له : الكيا يحيى ، ونسب إليه مقولة في الإماميّة انتقدها عليه الشريف الرضي ، وحكى عن الدقّاق أنّه رآه في الري ، وقال : كان من الأئمّة الحفّاظ ، وهذا كلّه يذكر

____________

١ ـ طبقات الزيديّة ٢ : ٤٢٠.

٢ ـ كتاب الإفادة ليحيى بن الحسين الهاروني ، وهو كتاب تراجم أئمّة الزيديّة.

٣ ـ لسان الميزان ٦ : ٢٤٨.

١٦١

عن الإمام المرشد بالله يحيى بن الحسين الشجري(١) .

القاضي جعفر بن أحمد بن عبد السلام ـ مرتّب الأمالي ـ :

قال محمّد بن علي الزحيف ( النصف الأول من القرن العاشر ) في مآثر الأبرار : العلاّمة جعفر بن أحمد بن يحيى بن عبد السلام ، عالم الزيديّة المخترعة وإمامها ، وقد كان أبوه عالم الباطنيّة.

ثمّ قال : فهدى الله القاضي جعفر فانقطع إلى الزيديّة ، ورحل إلى العراق.

ثمّ قال : نعم وللقاضي جعفر مصنّفات في كل فن ، عليها اعتماد الزيديّة(٢) .

قال أحمد الشرفي ( ت ١٠٥٥ هـ ) في اللآلي المضيّة : وللقاضي جعفر بن أحمد مصنّفات في كلّ فن عليها مدار الزيديّة ، وكان له قصد صالح ووجاهة ، ومن تلامذته السيّد حمزة بن سليمان والد الإمام المنصور بالله ( عليه السلام ) ، وإبراهيم ابن محمّد بن الحسين ، وعبد الله بن الحسين ، ومن بني الهادي الأميران الكبيران يحيى ومحمّد ابنا أحمد بن يحيى ، والسيد عيسى بن عماد

____________

١ ـ الإفادة في تاريخ أئمّة الزيديّة : ١٧ ، مقدّمة المحقق.

وانظر في ترجمته أيضاً : مآثر الأبرار ٢ : ٦٩٧ ، أنوار اليقين : ٣٥١ ، قواعد عقائد آل محمّد ( صلى الله عليه وآله ) : ٣٩٩ ، اللآلي المضيّة في أخبار أئمّة الزيديّة ٢ : ١٤٠ ، المقصد الحسن والمسلك الواضح السنن : ٤٦ ، مطمح الآمال : ٢٣٩ ، عمدة الطالب : ٧٣ ، التحف شرح الزلف : ١٣٩ ، أعلام المؤلّفين الزيديّة : ١١٢١ ، مقدّمة البحر الزخّار : ٢٢٩ ، أئمّة الزيديّة لعبّاس محمّد زيد : ٩٨ ، مؤلّفات الزيديّة في مواضع مختلفة من الكتاب ، انظر الفهرست ، طبقات أعلام الشيعة ، القرن الخامس : ٢٠٦ ، هديّة العارفين ٢ : ٥١٨ ، الذريعة ٢ : ٨ ، الأعلام ٨ : ١٤١ ، مجلّة التراث ٥٦ : ٤٠٨ ، ٦٢ : ١٢٩ ، الزيديّة لأحمد صبحي : ٧٤٦.

٢ ـ مآثر الأبرار في تفصيل مجملات جواهر الأخبار ٢ : ٧٦٩.

١٦٢

السليماني ، والأمير القاسم بن العالم ، والشيخ الحسن بن محمّد الرصّاص ، والشيخ محيي الدين حميد بن أحمد القرشي ، وصنوه محمّد ، وسليمان بن ناصر ، وأحمد بن مسعود ، والقاضي إبراهيم بن أحمد الفهمي ، وعبد الله ومحمّد ابنا حمزة بن أبي النجم ، وغير هؤلاء ، وقبر القاضي جعفر مشهور مزور بستاع(١) .

قال ابن أبي الرجال ( ت ١٠٩٢ هـ ) في مطلع البدور : القاضي الحجّة شيخ الإسلام ، ناصر الملّة ، شمس الدين ، وارث علوم الأئمّة الأطهرين ، جعفر بن أحمد بن أبي يحيى بن عبد السلام ( رحمه الله ) ، شيخ الزيديّة ومتكلّمهم ومحدّثهم.

إلى أنّ قال : وفاة القاضي جعفر ( رحمه الله ) سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة(٢) (٣) قال إبراهيم بن المؤيّد ( ت ١١٥٢ هـ ) في الطبقات : جعفر بن أحمد بن عبد السلام بن أبي يحيى النهمي البهلولي الأبناوي القاضي العلامة شمس الدين ، كان قديماً يرى رأي التطريف حتى وصل الفقيه زيد بن الحسن البيهقي في سنة خمسماية ، فراجعه وقرأ عليه ، فرجع إلى مذهب الزيديّة المخترعة ، وقرأ على الفقيه زيد ، وله منه إجازة عامّة.

ثمّ قال : فرحل القاضي إلى العراق إلى حضرة العلامة أحمد بن أبي الحسن الكني ، فقرأ عليه كتب الأئمّة ومنصوصاتهم ، ثمّ ذكر عدد الكتب التي سمعها ، وقرأها عليه ، وباقي مشايخه وما قرأه عليهم(٤) .

____________

١ ـ اللآليء المضيّة في أخبار أئمّة الزيديّة ٢ : ٢٣٠.

٢ ـ ولكن في هديّة العارفين ١ : ٢٥٣ ، أنّ وفاته حدود ٧٠٠ هـ ، وفي أعلام المؤلّفين الزيديّة : ٢٧٨ ، أنّ وفاته سنة ٥٧٦ هـ ، وقيل : ٥٧٣ هـ. وباقي المصادر : أنّ وفاته ٥٧٣ هـ ، كما أثبتناه.

٣ ـ مطلع البدور ١ : ٣٩٩.

٤ ـ طبقات الزيديّة ٣ : ٤٠.

١٦٣

كتاب تيسير المطالب في أمالي الإمام أبي طالب :

قال حميد المحلّي ( ت ٦٥٢ هـ ) في الحدائق : وله ( عليه السلام ) في الأخبار الأمالي المعروفة بأمالي السيد أبي طالب ( عليه السلام ) ، جمع فيها من غرائب الأحاديث ونفائسها ، ومحاسن الحكايات وملح الروايات ما يفوق ويروق(١) .

قال السيد أحمد الشرفي ( ت ١٠٥٥ هـ ) في اللآلي المضيّة : وله الأمالي المعروفة بأمالي السيد أبي طالب(٢) .

قال إبراهيم بن المؤيّد ( ت ١١٥٢ هـ ) في الطبقات : وسمع عليه أيضاً أماليه السيدان العالمان محمّد بن جعفر بن علي خليفة الحسني ، وأبو الحسن علي بن أبي طالب ، وكان سماعه عليه سنة إحدى وعشرين وأربعمائة(٣) .

وقال أيضاً ـ في ترجمة جعفر بن أحمد بن عبد السلام ـ : ورتّب أمالي أبي طالب على هذا الترتيب المعروف ، وسمّاه « تيسير المطالب إلى أمالي أبي طالب »(٤) .

جاء في أوّل كتاب الأمالي : قال العبد الفقير إلى الله أحمد بن سعد الدين ابن الحسين بن محمّد بن علي بن محمّد المسوري ، وفّقه الله وغفر له :

____________

وانظر في ترجمته أيضاً : الجواهر المضيّة في تراجم بعض رجال الزيديّة : ٢٧ ، التحف شرح الزلف : ١٥٩ ، لوامع الأنوار ٢ : ٣٤ ، أعلام المؤلّفين الزيديّة ٢٧٨ ، مؤلّفات الزيديّة في مواضع متعدّدة ، انظر فهرست الكتاب ، الفلك الدّوار : ٦٦ ، في الهامش ، تيسير المطالب : ١٢ ، مقدّمة المحقّق ، الأعلام ٢ : ١٢١ ، معجم المؤلّفين ٣ : ١٣٢.

١ ـ الحدائق الورديّة ٢ : ١٦٦.

٢ ـ اللآلي المضيّة في أخبار أئمّة الزيديّة ٢ : ١٤١.

٣ ـ طبقات الزيديّة ٢ : ٤٢١.

٤ ـ طبقات الزيديّة ٣ : ٤١.

١٦٤

« أخبرنا مولانا » إلى آخر سنده إلى كتاب الأمالي إلى جامع الكتاب ، ثمّ إلى المؤلّف(١) .

قال مجد الدين المؤيّدي في لوامع الأنوار : أمالي الإمام الناطق بالحق ( عليه السلام ) ، أرويها بالطرق السابقة في السند الجامع لمؤلّفاتهم ، وبالأسانيد المتقدّمة في طرق المجموع إلى الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة ( عليهم السلام )(٢) .

قال عبد السلام الوجيه في أعلام المؤلّفين الزيديّة : الأمالي وهي المعروفة ( بأمالي أبي طالب ) ، وقد رتّبها القاضي جعفر بن أحمد بن عبد السلام ، وسمّاها ( تيسير المطالب في أمالي أبي طالب ) نسخها الخطيّة كثيرة ، وطبعت بدون تحقيق مراراً ، فكانت الطبعة كثيرة الأخطاء والتصحيف والسقط.

وقد حققها الأخ محمّد بن يحيى سالم عزان ، وكذلك المولى مجد الدين المؤيّدي قد صحّح نسخة ، وعمل على ترجمة رجالها(٣) .

وقد طبعت طبعة أخرى بتحقيق عبد الله العزي ، وصدرت عن مؤسسة الإمام زيد بن علي ( عليه السلام ).

____________

١ ـ تيسير المطالب : ١٧ ، سند الكتاب.

٢ ـ لوامع الأنوار ١ : ٤٠٣.

٣ ـ أعلام المؤلّفين الزيديّة : ١١٢١ ، وانظر أيضاً فيمن ذكر كتاب الأمالي ، ونسبه إلى المؤلّف المصادر المتقدّمة في هامش ترجمة المؤلّف.

١٦٥
١٦٦

( ٢٨ ) كتاب الدعامة

الحديث :

الأوّل : قال : فإن قال قائل : ما أنكرتم أن يكون الشرع قد دلّ على أنّ الإمامة لا تصلح في سائر أولاد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) سوى الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ، على ما ذهب إليه بعض الناس وهو قول النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا كتاب الله وعترتي ».

قيل له : هذا لا يصحّ التعلّق به ; لأنّ لفظ العترة لا يتناول على الحقيقة إلاّ ولد الحسن والحسين ( عليهما السلام )(١) .

الثاني : قال : فصل : في الدلالة على أنّ إجماع أهل البيت ( عليهم السلام ) حجّة ، الذي يدلّ على ذلك قول النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا كتاب الله وعترتي أهل بيتيّ »(٢) .

كتاب الدعامة :

قال حميد المحلّي ( ت ٦٥٢ هـ ) في الحدائق : وله كتاب الدعامة في الإمامة ، وهو من عجائب الكتب ، وأودعه من الغرائب المستنبطات ، والأدلّة القاطعة ، والأجوبة عن شبهات المخالفين النافعة ، ما يقضي بأنّه السابق في هذا الميدان ، والمجلي منه في حلبة الرهان ، وهو مجلّد ، فيه من أنواع علوم

____________

١ ـ الدعامة : ١٧٨ ، فصل ما يختصّ الأئمّة بالقيام به للرعيّة.

٢ ـ الدعامة : ٢٤٧ ، فصل في الدلالة على أنّ إجماعهم ( عليهم السلام ) حجّة.

١٦٧

الإمامة ما يكفي ويشفي(١) .

قال : الحسن بن بدر الدين ( ت ٦٧٠ هـ ) في أنوار اليقين : وله ( عليه السلام ) في معنى كتابنا هذا كتاب الدعامة بالإمامة(٢) .

قال أحمد الشرفي ( ت ١٠٥٥ هـ ) في اللآلي المضيّة عند عدّه لمصنّفات أبي طالب : ومنها : كتاب الدعامة في الإمامة وهو من محاسن الكتب(٣) .

ونسبه إليه أيضاً أكثر من ترجم له(٤) .

قال محمّد يحيى سالم عزّان محقق كتاب الفلك الدوّار ـ عند ترجمته لأبي طالب في الهامش ـ : كتاب الدعامة ، قام بتحقيقه الدكتور ناجي حسن ، ولكنّه لم يوفّق إلى ما يلزم على المحقّق من التأكّد من اسم المؤلّف واسم الكتاب ، والمقابلة على النسخ المخطوطة ، فسمّاه أوّلاً « نصرة المذاهب الزيديّة » ، ثمّ نشره ثانياً بعنوان « الزيديّة » ، ونسبه إلى الصاحب بن عبّاد ، ومازال مشوباً بالكثير من الأخطاء المطبعيّة والإملائيّة ، ولو تأمّل في المصادر التي رجع إليها لعرف ما فاته ، ومخطوطة الدعامة عندنا ، وله شرح لطيف للحافظ العلاّمة علي بن الحسين الزيدي ، سمّاه « المحيط بالإمامة » ملأه بالروايات المسندة(٥) .

قال عباس محمّد زيد في كتابه أئمّة أهل البيت : كتاب الدعامة في الإمامة ، طبع بعنوان « نصرة المذاهب الزيديّة » ثمّ بعنوان « الزيديّة » منسوباً

____________

١ ـ الحدائق الورديّة ٢ : ١٦٦.

٢ ـ أنوار اليقين : ٣٥١.

٣ ـ اللآلي المضيّة في أخبار أئمّة الزيديّة ٢ : ١٤٠.

٤ ـ انظر ما قدّمنا ذكره من المصادر في هامش ترجمة المؤلّف.

٥ ـ الفلك الدوّار في علوم الحديث والفقه والآثار : ٦٤ ، الهامش ، وانظر : الإفادة : ١٦ ، تحقيق محمّد يحيى سالم عزّان ، مقدّمة المحقّق ، أعلام المؤلّفين الزيديّة : ١١٢٢.

١٦٨

للصاحب بن عبّاد ، تحقيق ناجي حسن ، ويؤكّد المولى العلاّمة مجد الدين المؤيّدي : أنّ المحقق أخطأ في العنوان وفي نسبته إلى صاحبه ، وأنّه قد قام بمقابلة النسخة المطبوعة على الأصل المخطوطة ( الدعامة ) مؤكّداً نسبته إلى الإمام أبي طالب يحيى بن الحسين ، مع وجود أخطاء مطبعيّة كثيرة في كتاب المحقق(١) .

____________

١ ـ أئمّة أهل البيت : ٩٩.

١٦٩
١٧٠

( ٢٩ ) شرح البالغ المدرك

الحديث :

الأوّل : قال : وفي معرفة مخرج الخاص من العام ما روي عنه ( صلى الله عليه وآله ) : « أصحابي كالنجوم » وقوله ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبداً : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا علي الحوض »(١) .

الثاني : قال : والعالم من أهل البيت ( عليهم السلام ) مع ظهور ورعه وفقهه أولى من نقلت عنه الأخبار ، ولا يبعد ذلك من علماء شيعتهم على هذا الشرط ; لأنّ مأخذ الشريعة منهم أولى ; لقول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا من بعدي أبداً : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(٢) .

كتاب شرح البالغ المدرك :

قال أبو طالب يحيى بن الحسين في مقدّمة الكتاب : ولمّا اتّصل بنا كلام في التوحيد للإمام الباسل ، السيد الفاضل ، أبي الحسين يحيى بن الحسين(٣) وصله الله بأسنى الكرامات ، إلى أن قال : ولم نر تخليته من الشرح صواباً ، ولا

____________

١ ـ شرح البالغ المدرك : ٨٥.

٢ ـ شرح البالغ المدرك : ١٤٩.

٣ ـ وهو الإمام يحيى بن الحسين الهادي إلى الحق ( ت ٢٩٨هـ ) وقد تقدّمت ترجمته وذكر كتبه.

١٧١

تعريته من المدح مثاباً ، فتوخّينا فيه القصد ، وأبلينا فيه الجهد(١) .

نسبه إليه مجد الدين المؤيّدي في التحف(٢) ، وعباس محمّد زيد في أئمّة أهل البيت(٣) ، وعبد السلام الوجيه في أعلام المؤلّفين الزيديّة(٤) ، وفي مصادر التراث(٥) .

قال السيد أحمد الحسيني في مؤلّفات الزيديّة : شرح البالغ المدرك تأليف أبي طالب يحيى بن الحسين الهاروني الديلمي ، شرح مختصر على رسالة « البالغ المدرك » للإمام الهادي يحيى بن الحسين(٦) .

قال محمّد يحيى سالم عزّان ـ محقّق الكتاب ـ : من نافلة القول تأكيد نسبة هذا الكتاب الموسوم بـ ( شرح البالغ المدرك ) إلى مؤلّفه الإمام أبي طالب يحيى بن الحسين الهاروني ; لأنّ ذلك مشهور بين العلماء والباحثين ، متداول بينهم ، ونصّ عليه أكثر أهل الإجازات ، واقتبس منه كثير من المؤلّفين ، مؤكّداً نسبته إلى مؤلّفه.

وإليك سند الكتاب متّصلاً إلى مؤلّفه بالرواية من طريق فطاحلة العلماء وأئمّة الأسانيد(٧) ، ثمّ ذكر السند منه إلى المؤلّف.

____________

١ ـ شرح البالغ المدرك : ٣١ ، مقدّمة المؤلّف.

٢ ـ التحف شرح الزلف : ١٤٠.

٣ ـ أئمّة أهل البيت : ٩٩.

٤ ـ أعلام المؤلفين الزيديّة : ١١٢٢.

٥ ـ مصادر التراث في المكتبات الخاصّة في اليمن ١ : ٤٠٠.

٦ ـ مؤلّفات الزيديّة ٢ : ١٤٠.

٧ ـ شرح البالغ المدرك : ٢٨ ، مقدّمة المحقق.

١٧٢

( ٣٠ ) دعوة أبي هاشم الحسن بن عبد الرحمن

( النفس الزكية ) ( ت ٤٣٣ هـ )

الحديث :

قال حميد المحلّي ( ت ٦٥٢ هـ ) في الحدائق الورديّة ـ عند ترجمة أبي هاشم الحسن بن عبد الرحمن ـ : وله دعوة شريفة ، إلى أن قال : وهي هذه : بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلواته على عباده الذين اصطفى ، أمرهم الله أن يكافئوا جلائل النعم ، ويجاوزوا فواضل هذه القسم بإعظام الذرّيّة ، وإكرام نجل النبوّة ، فرضاً حتمه على كافّة البريّة ، وأكّده رسوله المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) بالوصيّة ، حين قال للسبطين الطيبين الطاهرين السيدين الحسن والحسين ( عليهما السلام ) : ، وحين قال : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، إنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » فجعل الكتاب والعترة وديعتين عظيمتين هاديتين مهديّتين باقيتين(١) .

الإمام أبو هاشم الحسن بن عبد الرحمن ( النفس الزكية ) :

قال حميد المحلّي ( ت ٦٥٢ هـ ) في الحدائق : أبو هاشم الحسن بن عبد الرحمن بن يحيى بن عبد الله بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) كان ( عليه السلام ) من عيون العترة النبويّة ، ونجوم الأسرة العلويّة ، قام ( عليه السلام ) وادّعى الإمامة في سنة

____________

١ ـ الحدائق الورديّة ١ : ١٧١ ، ذكر الإمام أبي هاشم ، النفس الزكيّة.

١٧٣

ست وعشرين وأربعمائة ، ودخل صنعاء في يوم الخميس لثلاث ليال خلون من شعبان ، سنة ست وعشرين وأربعمائة ، ثمّ قال : خرج لفساد مَن عارضه وهو الحسين بن مروان ، وأقام عنها مدّة ، ثمّ حلفت له همدان سوى بني حمّاد في المحرّم سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة ، فدخل صنعاء يوم الأربعاء لثمان عشرة من الشهر المذكور ، فأقام بها ثمانية أيام ، وولّى فيها والياً ، وخرج إلى ريدة ، وأقام آمراً بالمعروف الأكبر ، ناهياً عن الفحشاء والمنكر ، حتّى توفّاه الله حميداً ، وقبضه سعيداً ، وهذه النكتة من أخباره مذكورة في بعض تاريخ صنعاء(١) .

قال الهادي بن إبراهيم الوزير ( ت ٨٢٢ هـ ) في هداية الراغبين : وقام بعد أبي طالب من أئمّة العترة الإمام أبو هاشم الحسن بن عبد الرحمن بن يحيى ابن عبد الله بن الحسين بن القاسم ، وهو من أجداد الإمام المنصور بالله ( عليهم السلام ) ، ثمّ قال : وكان فاضلاً ، عالماً ، زاهداً ، ورعاً ، عابداً ، على سيرة آبائه الأئمّة الطاهرين ، وطريقة سلفه المرضيين(٢) .

قال محمّد الزحيف ( النصف الأول من القرن العاشر ) في مآثر الأبرار : أبو هاشم النفس الزكيّة ، دعا إلى الإمامة ، وكان من فضلاء العترة ، ثمّ قال : ولم تطل أيّامه ، وإن كان قد دخل صنعاء ، واستقام أمره حتّى عارضه الشقي الحسين المرواني ، وتوفّي أبو هاشم في ناعط من بلاد حاشد ، ومشهده هناك مزور مذكور(٣) .

قال أحمد بن المرتضى ( ت ٨٤٠ هـ ) في الجواهر والدرر : أبو هاشم

____________

١ ـ الحدائق الورديّة ٢ : ١٧٠.

٢ ـ هداية الراغبين : ٣١٨.

٣ ـ مآثر الأبرار ٢ : ٧٢٨.

١٧٤

الحسن بن عبد الرحمن بن يحيى بن عبد الله بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم الرسّي ، ومشهده ( بناعط ) قام سنة ٤٢٦ هـ(١) .

قال السيد مجد الدين المؤيّدي في التحف : دعا إلى الله سنة ست وعشرين وأربعمائة ، وذكر القاضي العلاّمة أحمد بن يحيى حابس ( رحمه الله ) المتوفّى سنة أحدى وستّين وألف : أنّه دعا سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة ، ولعلّ موته ( عليه السلام ) سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة(٢) .

دعوة أبي هاشم النفس الزكيّة :

قال حميد المحلّي ( ت ٦٥٢ هـ ) في الحدائق : وله دعوة شريفة ، قال في الأصل : وجدنا على ظهرها مكتوباً : أملانا هذه السيرة تقرّباً إلى الله تعالى ، وابتغاء لمرضاته ، وتحرّياً لما عنده ، والله سبحانه ينفع بها ممليها وقارئها وسامعيها وجميع الناظرين فيها ، ويجعلها عائدة بنظام الدين ، شائعة البركة على جميع المسلمين ، آمين ربّ العالمين ، وذكر أنّه بعث بها من ناعط ، وهو قريب من مدينة ريدة من أرض البون ، وقريب بالغيل من صعدة في آخر جمادى الآخر سنة ثماني عشرة وأربعمائة ، وهي دعوة شريفة جمع فيها ( عليه السلام ) من جواهر العلم الشفافة ، ودرره النفيسة ، ما يشهد ببراعته ، ويكشف عن شريف بلاغته ، وقد رأينا إثباتها بكمالها لما تضمّنته من المواعظ الشافية ،

____________

١ ـ الجواهر والدرر : ٢٣٠ ، ضمن مقدّمة البحر الزخّار.

٢ ـ التحف شرح الزلف : ١٤٣.

وانظر في ترجمته أيضاً : مطمح الآمال : ٢٤٠ ، اللآلي المضيّة ٢ : ١٨٦ ، بلوغ المرام : ٣٦ ، المقتطف من تاريخ اليمن : ١٧٤ ، وفيه أنّه توفّي ( ٤٣هـ ) ، الأعلام ٢ : ١٠٩ ، مؤلّفات الزيديّة ٢ : ١٠٥ ، أعلام المؤلّفين الزيديّة : ٣٢٣.

١٧٥

والحكم البليغة الكافية ، وهي هذه : بسم الله الرحمن الرحيم ، إلى آخر الدعوة(١) .

قال الهادي بن إبراهيم الوزير ( ت ٨٢٢ هـ ) في هداية الراغبين : وله دعوة عظيمة طويلة ، فيها حكم درّيّة ، وفرائد علميّة ، ويواقيت حكميّة ، تدلّ على فضله وعلمه وبراعته ، وقال أيضاً : ودعوته قاضية بفضله ، وشاهدة بغزارة علمه(٢) .

قال السيد أحمد الشرفي ( ت ١٠٥٥ هـ ) في اللآلي المضيّة : وله دعوة عجيبة ، ذكرها في الحدائق(٣) .

قال عبد السلام الوجيه في أعلام المؤلّفين الزيديّة : كتاب دعوته ، نصّه في ترجمته بالحدائق الورديّة(٤) .

____________

١ ـ الحدائق الورديّة ٢ : ١٧٠.

٢ ـ هداية الراغبين : ٣١٨.

٣ ـ اللآلي المضيّة ٢ : ١٨٧.

٤ ـ أعلام المؤلّفين الزيديّة : ٣٢٤.

١٧٦

( ٣١ ) البرهان في تفسير غريب القرآن

الناصر لدين الله أبو الفتح الديلمي ( ت ٤٤٤ هـ )

الحديث :

الأوّل : قال : وقد روى في بعض وصايا السلف أنّه قال : اتّخذ كتاب الله إماماً ، وارض به حكماً وقاضياً ، وهو الذي استخلف رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مع الطاهرين من عترته(١) .

الثاني : قال : قوله( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً ) ، وحبل الله تعالى هو كتاب الله عزّ وجلّ ، وعترة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) الهداة الذين أمر الخلق باتّباعهم ; لأنّ الكتاب والعترة هما السبب الذي بين الله وبين الخلق ، وإنّما سمّياً حبلاً ; لأنّ المتمسّك بهما ينجو مثل المتمسّك بالحبل من البئر أو غيرها(٢) .

أقول : وقصده حديث الثقلين من كلا القولين واضح.

الناصر لدين الله أبو الفتح الديلمي :

قال عبد الله بن حمزة ( ت ٦١٤ هـ ) في الشافي : الإمام الناصر لدين الله أبو الفتح بن الحسين الديلمي ( عليه السلام ) الذي يبهر العلماء علمه ، وبذّ أرباب الفهم فهمه.

ثمّ قال : ودعا إلى الله سبحانه وتعالى بالديلم ، ثم خرج إلى أرض اليمن ،

____________

١ ـ البرهان ١ : ٧ ، مخطوط مصوّر.

٢ ـ البرهان ١ : ٨٥ ، مخطوط مصوّر.

١٧٧

فاستولى على أكثر بلاد مذحج وهمدان وخولان. ثمّ قال : توفّي ( عليه السلام ) شهيداً سنة نيّف وأربعين أو خمسين وأربعمائة بردمان بأرض مذحج(١) .

قال حميد المحلّي ( ت ٦٥٢ هـ ) في الحدائق الورديّة : هو أبو الفتح الناصر بن الحسين بن محمّد بن عيسى بن محمّد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ). وكان غزير العلم ، وافر الفهم.

ثمّ قال : قام ( عليه السلام ) في أرض اليمن بعد وصوله من ناحية الديلم ، وكان قيامه في سنيّ الثلاثين وأربعمائة. إلى أن قال : ولم يزل شجى في حلوق الباطنيّة والمعتدين ، رافعاً لمنار الدين حتّى قتله الصليحي في نيّف وأربعين وأربعمائة سنة ، وقبره ( عليه السلام ) بردمان من بلاد عنس ، وله عقب(٢) .

قال أحمد الشرفي ( ت ١٠٥٥ هـ ) في اللآلي المضيّة : قتله الصليحي في سنة أربع وأربعين وأربعمائة(٣) .

قال خير الدين الزركلي في الأعلام : وفي اسمه ونسبه وتاريخ دخوله اليمن وعام وفاته خلاف(٤) .

____________

١ ـ الشافي ١ : ٣٣٨.

٢ ـ الحدائق الورديّة ٢ : ١٨٧.

٣ ـ اللآلي المضيّة في أخبار أئمّة الزيديّة ٢ : ١٨٨.

٤ ـ الأعلام ٧ : ٣٤٧ ، وانظر في ترجمته أيضاً : أنوار اليقين : ٣٥٤ ، مآثر الأبرار في تفصيل مجملات جواهر الأخبار ٢ : ٧٣١ ، مطمح الآمال : ٢٤٠ ، الزيديّة لأحمد صبحي : ٧٤٧ ، هجر العلم ومعاقله ٤ : ١٩٩٩ ، بلوغ المرام في شرح مسك الختام : ٣٦ ، المقصد الحسن : ٤٧ ، الفلك الدوّار : ١٧ ، في الهامش ، تحقيق محمّد يحيى سالم عزّان ، التحف شرح الزلف : ١٤٥ ، مؤلّفات الزيديّة : انظر الفهرست ، أعلام المؤلّفين الزيديّة : ٧٤٩ ، مقدّمة البحر الزخّار : ٢٣٠ ، لوامع الأنوار ٢ : ٢٧٦ ، الذريعة ٤ : ٢٥٥.

١٧٨

كتاب البرهان في تفسير القرآن :

قال عبد الله بن حمزة ( ت ٦١٤ هـ ) في الشافي : له التصانيف الواسعة والعلوم الرائعة ، منها : كتاب البرهان في علوم القرآن الذي جمع المحاسن والظرائف ، واعترف ببراعة علم مصنّفه المخالف والمؤالف(١) .

قال حميد المحلّي ( ت ٦٥٢ هـ ) في الحدائق : وكان ( عليه السلام ) غزير العلم وافر الفهم ، له تصانيف تكشف عن علوّ منزلته ، وارتفاع درجته ، منها : تفسير القرآن الكريم ، جمع فيه من أنواع المحاسن ، وهو كتاب جليل القدر قد أودع فيه من الغرائب المستحسنات ، والعلوم العجيبة النفيسة ما قضي له بالتبرير والإصابة ، ودلّ على الكمال والنجابة ، وهو أربعة أجزاء(٢) .

ونسبه إليه أيضاً أكثر من ترجم له(٣) .

قال عبد السلام الوجيه في أعلام المؤلّفين الزيديّة : البرهان في تفسير غريب القرآن ـ خ ـ نسخة بمكتبة السيد محمّد محمّد الكبسي ـ خ ـ ١٠٧٨ ، ومنه نسخة مصوّرة بصعدة بمكتبة السيد محمّد بن عبد العظيم الهادي ، ومكتبة الأخوين محمّد يحيى سالم عزان ، وعبد الكريم الرازخي ، وقال الحبشي : منه نسخة مخطوطة في ٢٣٠ ورقة بمكتبة الجامع بصنعاء رقم ٨١ ( تفسير ) ، وأخرى رقم ٢٤٧ ( تفسير ) ، وهناك نسخة النصف الثاني منه بمكتبة السيد المحسن بن محمّد الغيثي ، وأخرى خطّت في القرن السابع بمكتبة المولى مجد الدين المؤيّدي ، وأخرى ـ خ ـ سنة ١٠٠٤ هـ مصوّرة بمكتبة

____________

١ ـ الشافي ١ : ٣٣٨.

٢ ـ الحدائق الورديّة ٢ : ١٨٧.

٣ ـ انظر ما قدّمنا ذكره من المصادر في هامش ترجمة المصنّف.

١٧٩

السيد عبد الرحمن شايم ، وأخرى بمكتبة السيد يحيى بن عبد الله راوية ، وأكثرها في التفسير داخل ضمن تفسير المصابيح للشرفي ( تحت الطبع )(١) .

____________

١ ـ أعلام المؤلّفين الزيديّة : ٧٥٠.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687