مناظرات وحوار ليالي بيشاور

مناظرات وحوار ليالي بيشاور5%

مناظرات وحوار ليالي بيشاور مؤلف:
المحقق: السيّد حسين الموسوي
الناشر: ذوي القربى
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 1199

مناظرات وحوار ليالي بيشاور
  • البداية
  • السابق
  • 1199 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 278555 / تحميل: 5468
الحجم الحجم الحجم
مناظرات وحوار ليالي بيشاور

مناظرات وحوار ليالي بيشاور

مؤلف:
الناشر: ذوي القربى
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

العباد» وأكثر علماء الحنفية انتقدوا كثيراً من الأحاديث المـُدرَجة في الصحيحين وقالوا: إنّها من الروايات الضعاف وهي غير صحيحة.

وبعض المحقّقين من علمائكم مثل كمال الدين جعفر بن ثعلب بالغ في بيان فضائح بعض الروايات من الصحيحين، وأقام الأدلّة العقلية والنقلية على خلافها.

فلسنا وحدنا المنتقدين لصحيحَيْ مسلم والبخاري والقائلين بوجود الخرافات فيهما حتّى تهرّج ضدّنا!

الحافظ: بيّنوا لنا من خرافات الصحيحين كما تزعمون حتّى نترك التحكيم في ذلك للحاضرين.

قلت: أنا لا اُحبّ أن أخوض في هذا البحث، ولكن تلبية لطلبكم، ولكي تعرفوا أنّي لا أتكلّم إلّا عن علم وإنصاف، وعن وجدان وبرهان، أذكر بعض تلك الروايات باختصار:

رؤية الله سبحانه

إذا أردتم الاطّلاع على الأخبار التي تتضمّن الكفر في الحلول والاتّحاد وتجسّم الله سبحانه ورؤيته في الدنيا أو في الآخرة على اختلاف عقائدكم، فراجعوا: صحيح البخاري ج ١، باب فضل السجود من كتاب الصلاة، وج ٤ باب الصراط من كتاب الرقاق، وصحيح مسلم ج ١، باب اثبات رؤية المؤمنين ربّهم في الآخرة، ومسند أحمد ج ٢ ص ٢٧٥، وأنقل لكم نموذجين من تلك الأخبار الكفرية:

١٤١

١- عن أبي هريرة: إنّ النار تزفر و تتقيّظ شديداً، فلا تسكن حتّى يضع الربّ قدمه فيها، فتقول: قطّ قطّ، حسبي حسبي.

وعنه: إنّ جماعة سألوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : هل نرى ربّنا يوم القيامة؟

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : نعم، هل تضارّون في رؤية الشمس بالظهيرة صحواً ليس معها سحاب الى آخرها.

بالله عليكم أنصفوا! أما تكون هذه الكلمات كفراً بالله سبحانه وتعالى.

وقد فتح مسلم باباً في صحيحه كما مرّ ونقل أخباراً عن أبي هريرة وزيد بن أسلم وسويد بن سعيد وغيرهم في رؤية الله تبارك وتعالى.

وقد ردّ هذه الأخبار كثيرٌ من كبار علمائكم وعَدوُّها من الموضوعات والأكاذيب على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، منهم الذهبي في «ميزان الاعتدال» والسيوطي في «اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة» وسبط ابن الجوزي في «الموضوعات» فهؤلاء كلّهم أثبتوا - بأدلّة ذكروها - كذب تلك الأخبار وعدم صحّتها.

وإذا لم تكن هناك أدلّة على بطلانها سوى الآيات القرآنية الصريحة في دلالتها على عدم جواز رؤية الباري عزّ وجلّ لكفى، مثل:( لاَ تُدْرِکُهُ الْأَبْصَارُ وَ هُوَ يُدْرِکُ الْأَبْصَارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) (١) .

وفي قصّة موسى بن عمرانعليه‌السلام وقومه إذ طلبوا منه رؤية الله تعالى وهو يقول لهم: لا يجوز لكم هذا الطلب، ولكنّهم أصرّوا فقال:( رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْکَ قَالَ لَنْ تَرَانِي ) (٢) و( لَنْ ) تأتي في النفي الأبدي.

____________________

١) سورة الأنعام، الآية ١٠٣.

٢) سورة الأعراف، الآية ١٤٣.

١٤٢

قال السيّد عبد الحيّ - وهو إمام جماعة المسجد -: ألم ترووا عن عليّ كرّم الله وجهه أنّه قال: لم أكن أعبد ربّاً لم أره؟!

قلت: حفظتَ شيئاً وغابت عنك أشياء، إنّك ذكرت شطراً من الخبر ولكنّي أذكر لك الخبر كلّه حتّى تأخذ الجواب من نصّ الخبر:

روى ثقة الإسلام الشيخ محمد بن يعقوب الكليني قدّس سرّه(١) في كتاب الكافي كتاب التوحيد باب إبطال الرؤية وروى أيضاً الشيخ الكبير حجّة الاسلام أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي المعروف بالشيخ الصدوق طاب ثراه(٢) في كتاب التوحيد باب ابطال عقيدة رؤية الله تعالى، رويا عن الإمام جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام أنّه قال: جاء حَبْرٌ إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال: يا أمير المؤمنين هل رأيت ربّك حين عبدته؟

فقالعليه‌السلام : ويلك! ما كنت أعبد ربّاً لم أره.

قال: وكيف رأيته.

قالعليه‌السلام : ويلك! لا تدركه العيون بمشاهدة الأبصار، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان.

فكلام أمير المؤمنينعليه‌السلام صريح في نفي رؤيته سبحانه بالبصر، بل يدرك بالبصيرة وبنور الإيمان.

وعندنا دلائل عقلية ونقلية أقامها علماؤنا في الموضوع، وتبعهم بعض علمائكم، مثل: القاضي البيضاوي، وجار الله الزمخشري في

____________________

١) الكافي: ١/٩٨، كتاب التوحيد، الحديث ٦.

٢) التوحيد: ١٠٩، الحديث ٦، الباب ٨.

١٤٣

تفسيريهما، أثبتا أنّ رؤية الله سبحانه لا تمكن عقلاً.

فمن يعتقد برؤية الله سواءً في الدنيا أو في الآخرة، يلزم أن يعتقد بجسميّته عزّ وجلّ، وبأنّه محاط ومظروف، ويلزم أن يكون مادّة حتّى يُرى بالعين المادّية، وهذا كفر كما صرّح العلماء الكرام من الفرقين!!

الأخبار الخرافية

ثمّ إنّي أعجب كثيراً من اعتقادكم بالصحاح الستّة، وبالأخصّ صحيحي البخاري ومسلم على أنّهما كالوحي المنزل، فلو نظرتم فيهما بعين التحقيق والنقد، لا بعين القبول والتسليم، لاعتقدتم بكلامي، ولقبلتم أنّ صحاحكم، وحتّى صحيحي مسلم والبخاري لا تخلو من الخرافات والموهومات، وإليكم بعضها:

١- أخرج البخاري في كتاب الغسل، باب من اغتسل عرياناً، وأخرج مسلم في ج ٢ باب فضائل موسى، وأخرج أحمد في مسنده ج ٢ ص ٣١٥ عن أبي هريرة قال: كانوا بنوا إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى سوأة بعض، وكان موسى يغتسل وحده، فقالوا: والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلّا أنّه آدر - أي ذو أدرة، وهي: الفتق -.

قال فذهب مرّة ليغتسل فوضع ثوبه على حجر، ففرّ الحجر، بثوبه، فجعل موسى يجري بأثره ويقول: ثوبي حجر! ثوبي حجر! حتى نظر بنو إسرائيل إلى سوأة موسى!!! فقالوا: والله ما بموسى من بأس، فقام الحجر بعد حتّى نُظر إليه، فأخذ موسى ثوبه فطفق بالحجر

١٤٤

ضرباً!! فوالله إنّ بالحجر نُدَباً ستّة أو سبعة!!

بالله عليكم أنصفوا.. هل يرضى أحدكم أن تنسب إليه هذه النسبة الموهنة الشنيعة؟! التي لو نُسبَت إلى سوقيّ عاميّ لغضب واستشاط! فكيف بنبيّ صاحب كتاب وشريعة، وصاحب حكم ونظام، يخرج في اُمّته وشعبه عرياناً وهم يمنعون النظر إلى سوأته هل العقل يقبل هذا؟!

وهل من المعقول أنّ الحجر يسرق ملابس موسى ويفرّ بها وموسى يركض خلفه، والحجر يفرّ من بين يديه وموسى ينادي الحجر، والحجر أصمّ لا يسمع ولا يبصر؟!!

وهل من المعقول أنّ موسى بن عمران يقوم بعمل جنوني فيضرب الحجر ضرباً مبرّحاً حتّى يئنّ الحجر؟!!

ليت شعري أبيده كان يضرب الحجر؟! فهو المتألّم لا الحجر!!

أم كان يضربه بالسيف، فالسيف ينبو وينكسر!

أم كان الضرب بالسوط، فالسوط يتقطّع!

فما تأثير الضرب بأيّ شكل كان، على الحجر؟!

فكلّ ما في الحديث من المحال الممتنع عقلاً، وهو من الأحاديث المضحكة التي من التزم بها فقد استهزأ بالله ورسله!!

قال السيّد عبد الحيّ: هل حركة الحجر أهمّ أم انقلاب عصا موسى إلى ثعبان وحيّة تسعى؟!! أتنكرون معاجز موسى بن عمران فقد نطق بها القرآن؟!

قلت: نحن لا ننكر معاجز موسى ومعاجز سائر الأنبياءعليه‌السلام ، بل نؤمن بصدور المعاجز من الأنبياء ولكن في محلهها، وهو مقام تحدّيهم

١٤٥

الخصوم في إحقاق الحقّ ودحض الباطل. وموضوع الحجر في غير محلّ الاعجاز، فأيّ إحقاق حقّ ودحض باطل في التشهير بكليم، وإبداء سوأته على رؤوس الأشهاد من قومه؟! بل هو تنقيص من مقامه! ولا سيّما وهم يشاهدونه يركض وراء حجر لا يسمع فيناديه: ثوبي حجر!!، أو يشتدّ ويغضب على حجر لا يشعر ولا يدرك فينهال عليه ضرباً!!

السيّد عبد الحيّ: أيّ حقّ أعلى من إبراء نبيّ الله؟! فالناس عرفوا بذلك أنْ ليس فيه فتق!

قلت: على فرض أنّ موسى كان ذا أدرة، فما تأثير هذا المرض على مقامه ونبوّته؟!

صحيح أنّ الأنبياء يجب أن يكونوا براء من النواقص مثل: العمى والصمم والحول، وأنّ النبيّ لا يولد فلجاً أو مشلولاً أو به زيادة أو نقيصة في أحد أعضائه، أمّا الأمراض العارضة على البشر فلا تعدّ نواقص، فإنّ يعقوب بكى حزناً لفراق يوسف حتّى ابيضّت عيناه، وإنّ أيّوب اُصيب بقروح في بدنه، والنبيّ الأكرم وهو سيّد الأوّلين والآخرين، كسرت ثناياه في جهاده مع الأعداء في اُحد، فهذه الأشياء لا تنقص شيئاً من شأن الأنبياء ولا تُنزل من مقامهم وقدرهم.

والفتق مرض عارض على جسم الإنسان، فما هي أهمّيّته حتّى يبرىء الله عزّ وجلّ كليمه بهذا الشكل الفظيع المهين. عن طريق خرق العادة والمعجزة، ثمّ تنتهي بهتك حرمة النبيّ وكشف سوأته أمام بني اسرائيل؟! وهل بعده يبقى شأن وقدر لموسى عند قومه؟! وهل بعد ذلك سيطيعوه ويحترموه؟!!

١٤٦

ولكي يقتنع السيّد عبد الحيّ ويقرّ بوجود أخبار خرافية في الصحيحين،أنقل رواية اُخرى عن أبي هريرة مضحكة أيضاً، ولا أظنّ أحداً من الحاضرين - بعد استماع هذه الرواية - سيدافع عن أبي هريرة، أو يعتقد بصحّة روايات البخاري ومسلم!

نقل البخاري في ج ١، باب من أحبّ الدفن في الأرض المقدّسة، وج ٢، باب وفاة موسى، ونقل مسلم في ج ٢ باب فضائل موسى عن أبي هريرة، قال: جاء ملك الموت إلى موسىعليه‌السلام ، فقال له أجب ربّك.

قال أبو هريرة: فلطم موسى عينَ ملَكِ الموت ففقأها!!

فرجع الملك إلى الله تعالى، فقال: إنّك أرسلتني إلى عبدٍ لك لا يريد الموت ففقأ عيني!

قال: فردّ الله إليه عينه وقال: ارجع إلى عبدي فقل: الحياة ترد؟! فإنْ كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور فما توارت بيدك من شعرةٍ فإنّك تعيش بها سنة.

وأخرجه الإمام أحمد في مسنده ج ٢ ص ٣١٥، عن أبي هريرة، ولفظه: إنّ ملك الموت كان يأتي الناس عياناً، فأتى موسى فلطمه ففقأ عينه.

وأخرجه ابن جرير الطبري في تاريخه ج ١، في ذكر وفاة موسى ولفظه: إنّ ملك الموت كان يأتي الناس عياناً حتّى أتى موسى فلطمه ففقأ عينه - إلى أن قال: - إنّ ملك الموت إنّما جاء إلى الناس خفيّاً بعد موت موسى!

١٤٧

وقد علّقتُ فقلتُ : لأنّه يخاف من الجهّال أن يفقوا عَيَنهُ الأخرى.

فضحك جمع من الحاضرين بصوتٍ عالٍ.

ثمّ قلت : بالله عليكم أنصفوا ألم يكن هذا الخبر الذي أضحككم من الخرافات والخزعبلات؟! وإنّي لأتعجّب من رواة هذا الخبر وناقله!!

وأستغرب منكم إذ تصدّقون هذا الخبر وأشباهه، ولا تسمحون لأحد أن يناقشها وينتقدها، حتّى لعلمائكم!!

فإن في هذه الرواية ما لا يجوز على الله تعالى ولا على أنبيائه ولا على ملائكته!!

أيليق بالله العظيم أن يصطفي من عباده، جاهلاً خشناً يبطش بملك من الملائكة المقرّبين وهو مبعوث من عند الله تعالى، فيلطمه لطمة يفقأ بها عينه؟!

أليس هذا العمل عمل المتمرّدين والطاغين الّذين يذمّهم الله العزيز إذ يقول:( وَ إِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ‌ ) (١) ؟!

فكيف يجوز هذا على من اختاره الله الحكيم لرسالته، واصطفاه لوحيه، وآثره بمناجاته، وكلّمه تكليماً(٢) وجعله من اُولي العزم؟!

وكيف يكره الموت هذه الكراهة الحمقاء فيلطم ملك الموت وهو مأمور من قبل الله تعالى، تلك اللطمة النكراء فيفقأ بها عينه مع شرف مقامه ورغبته في القرب من الله تعالى والفوز بلقائه عزّ وجلّ؟!

____________________

١) سورة الشعراء، الآية ١٣٠.

٢) إشارة إلى سورة النساء، الآية ١٦٤، والآية هكذا( وَ کَلَّمَ الله مُوسَى تَکْلِيماً ) .

١٤٨

وما ذنب ملك الموت؟! هل هو إلّا رسول الله إلى موسى؟! فبِمَ استحقّ الضرب بحيث تُفْقَأ عينه؟! وهل جاء إلّا عن الله وهل قال لموسى سوى: أجب ربّك؟!

أيجوز على اُولي العزم من الرسل إيذاء الكرّوبيّين من الملائكة وضربهم حينما يبلّغونهم رسالة ربّهم وأوامره عزّ وجلّ؟!

تعالى الله، وجلّت أنبياؤه وملائكته عن كلّ ذلك وعمّا يقول المخرفون.

إنّ هكذا ظلم فاحش لا يصدر من آدميّ جاهل فكيف بكليم الله!

ثمّ إنّ الهدف والغرض من بعثة الأنبياء وإرسال الرسل: هداية البشر وإصلاحهم، ومنعهم من الفساد والتعدّي والوحشية، فلذلك فإنّ الله سبحانه وكُلَّ أنبيائه ورسله منعوا الإنسان من الظلم حتّى بالنسبة للحيوان، فكيف بالنسبة لَمَلك مقرَّبٍ؟!

فلذا نحن نعتقد ونجزم بأنّ هذا الخبر افتراء على الله وكليمه، وجاعلُ هذا الخبر كذّاب مفترٍ يريد الحطّ من شأن النبيّ موسى ويريد هتك حرمة الأنبياء وتحقيرهم عند الناس.

أنا لا أتعجّب من أبي هريرة وأمثاله، لأنّه كما كتب بعض علمائكم أنّه كان يجلس على مائدة معاوية ويتناول الأطعمة الدسمة اللذيذة، ويجعل الروايات ويضعها على ما يشاء معاوية وأشباهه.

وقد جلده عمر بن الخطّاب لكذبه على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وجعل الأحاديث عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فضربه بالسوط حتّى أدمى ظهره!!!

ولكن أستغرب وأتعجّب من الّذين له مرتبة علمية بحيث لو أمعنوا ودقّقوا النظر لَميَّزوا بين الصحيح والسقيم، ولكنّهم أغمضوا

١٤٩

أعينهم ونقلوا هذه الأخبار الخرافية في كتبهم، وأخذ الآخرون عنهم ونشروها فيكم، حتّى أنّ جناب الحافظ رشيد يعتقد كما يزعم: أنّ هذه الكتب أصحّ الكتب بعد كلام الله المجيد، وهو لم يطالعها بدقّة علمية، وإلاّ لما كان يبقى على الاعتقاد الذي ورثه من أسلافه عن تقليدٍ أعمى.

وما دامت هذه الأخبار الخرافية توجد في صحاحكم وكتبكم ، فلا يحقّ لكم أن تثيروا أيّ إشكال على كتب الشيعة لوجود الأخبار الغريبة فيها، وهي غالباً قابلة للتأويل والتوجيه!

خبر عن إمامنا الحسينعليه‌السلام (١)

كلّ عالم منصف إذا كان يسلك طريق الاصلاح، إذا وجد هكذا خبر مبهم - وما أكثرها في كتبكم وكتبنا - إنْ كان يمكنه أنْ يؤوّله بالأخبار الصريحة الاُخرى فليفعل، وإنْ لم يمكن ذلك فليطرحه ويسكت عنه، لا أنّه يتّخذه وسيلة لتكفير طائفة كبيرة من المسلمين.

والآن لمـّا لم يوجد تفسير الصافي عندنا في المجلس حتّى تراجع سند الخبر وندقّق فيه النظر، ولربّما شرحه المؤلّف بشكل مقبول.

إذ لو عرف المسلم إمام زمانه فقد توصّل عن طريقه إلى معرفة ربّه كالخبر المشهور: من عرف نفسه فقد عرف ربّه عزّ وجلّ.

أو نقول في تقريب الخبر إلى أذهان الحاضرين: إنّنا لو تصوّرنا

____________________

١) هذا العنوان انتخبه المترجم

١٥٠

اُستاذاً تخرج على يده جمع من العلماء، في مراتب مختلفة من العلم، فإذا أراد أحد أن يعرف مدى عظمة ذلك الاُستاذ، يجب عليه أن ينظر إلى أعظم تلامذته وأعلاهم مرتبة حتّى يصل من خلاله إلى حقيقة الاُستاذ وعظمته العلمية.

كذلك في ما نحن فيه: فإنّ آيات الله كثيرة، بل كلّ شيء هو آية الله تعالى، إلّا أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله هو الآية العظمى والحجّة الكبرى، ومن بعده عترته الأبرار الأئمّة الأطهارعليه‌السلام ، فإنّهم محالّ معرفة الله.

وقد ورد عنهم: بنا عُرف الله، وبنا عُبِدَ الله، أي: بسببنا وبواسطتنا عرف الله، وبعدما عرفوه عبدوه.

فهم الطريق إلى الله، والأدلاّء على الله، ومن تمسّك بغيرهم فقد ضلّ ومن يهتد، ولذا جاء في الحديث المتّفق عليه بين الفرقين، والخبر المقبول الصحيح عند الجميع، أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال:

أيّها الناس! إنّي تارك فيكم الثقلين ما إنْ تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، وهما لن يفترقا حتّى يردا عَلَيّ الحوض(١) .

____________________

(حديث الثقلين في كتب العامة)

١) أجمع المسلمون على صدور حديث الثقلين عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإليكم بعض مصادر هذا الحديث الشريف من كتب العامة:

١) مسند أحمد: ٥/١٨١ و ١٨٢، عن الركين بن الربيع بن عميلة الفزاري، وفي ٣/٢٦ عن عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي، وج ٥/١٨٩ عن أبي أحمد الزبيري الحبّال. =

١٥١

. . . . .

____________________

= ٢) صحيح مسلم: ٢/٢٣٧ عن طريق أبي خيثمة النسائي وص ٢٣٨ عن طريق سعيد ابن مسروق الثوري.

٣) صحيح الترمذي ٢/٢٢٠، عن سليمان الأعمش.

٤) المنمّق: ٩، عن محمد بن حبيب البغدادي.

٥) الطبقات الكبرى: ١/١٩٤، عن محمد بن سعد الزهري.

٦) المطالب العالية: حديث رقم ١٨٧٣ عن اسحاق بن مخلّد.

٧) إحياء الميت بفضائل أهل البيت: ١١ و ١٢، الحديث السادس، عن زيد بن أرقم، والحديث السابع عن زيد بن ثابت، والحديث الثامن عن أبي سعيد الخدري، وفي ص ١٩ الحديث الثاني والعشرون عن أبي هريرة، والحديث الثالث والعشرون عن عليعليه‌السلام ، وفي ص ٢٦ الحديث الأربعون عن جابر، وفي ص ٢٧ عن عبدالله بن حنطب وهو الحديث الثالث والأربعون، وفي ص ٣٠ الحديث الخامس والخمسون عن البارودي عن أبي سعيد، والحديث السادس والخمسون عن زيد بن ثابت.

٨) كتاب الإنافة في رتبة الخلافة: ١٠ عبد الله بن حنطب.

٩) البدور السافرة عن اُمور الآخرة: ١٦ عن زيد بن ثابت.

١٠) تفسير الدرّ المنثور: ٢/٦٠ عند تفسير: واعتصموا بحبل الله جميعاً وفي ج ٦/٧ عند تفسير: قل لا أسألكم عليه أجراً إلّا المودّة في القربى.

١١) الخصائص الكبرى: ٢/٢٦٦ عن زيد بن أرقم.

١٢) الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير - بشرح المنّاوي -: ٢/١٧٤ عن زيد بن ثابت.

١٣) النثير في مختصر نهاية ابن الأثير في مادّة: ثقل.

١٤) نوادر الاُصول: ٦٨، عن طريق نصر بن علي الجهضمي، وص ٦٩ عن جابر ابن عبدالله وعن حذيفة بن اُسيد الغفاري.

١٥) المعجم الصغير: ١/١٣١ عن طريق عبّاد بن يعقوب الروجني الأسدي ، وص ١٣٥ عن أبي سعيد الخدري بطرق عديدة. =

١٥٢

. . . . .

____________________

= ١٦) المعجم الكبير ٥/١٧٠ و ١٧١ عن زيد بن ثابت بطرق عديدة، وج ٥/١٨٥ و ١٨٦ و١٨٧ و١٩٠ و١٩٢ عن زيد بن أرقم بطرق عديدة.

١٧) سنن الدرامي ٢/٤٣١ بسنده عن زيد بن أرقم.

١٨) تذكرة خواصّ الاُمّة: ٣٢٢ عن طريق أبي داود.

١٩) صحيح الترمذي: ٢/٢١٩ بسنده عن جابر بن عبدالله، وعن أبي ذرّ الغفاري، عن أبي سعيد الخدري، وعن زيد بن أرقم، وعن حذيفة ين اُسيد.

٢٠) المسترك على الصحيحين: ٣/١٠٩ عن طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، وص ١١٠ عن طريق أبي بكر بن اسحاق ودعلج بن أحمد السجزي.

٢١) الخصائص - للنسائي -: ٩٣ بسنده عن زيد بن أرقم.

٢٢) مسند ابن الجعد: ٢/٩٧٢ عن أبي سعيد الخدري.

٢٣) كنز العمال: ١٥/٩١ عن زيد بن أرقم، وعن أبي سعيد.

٢٤) فرائد السمطين: ٢/٢٦٨ عن زيد بن أرقم، وص ٢٧٢ عن أبي سعيد، وص ٢٧٤ عن حذيفة بن اُسيد الغفاري.

٢٥) لسان العرب: ٤/٥٣٨ مادّة (عترة)، وج ١١ / ٨٨ مادّة (ثقل)، وج ٤/١٣٧ مادّة (حبل).

٢٦) تاج العروس من جواهر القاموس: ٧/٣٤٥ مادّة (ثقل).

٢٧) مجمع البحار - لمحمد طاهر الفتني - مادّة (ثقل).

٢٨) منتهى الأرب: ج ١ / ١٤٣ مادّة (ثقل).

٢٩) المؤتلف والمختلف: ٢/١٠٤٥ عن أبي ذرّ الغفاري، وفي ج/٤ ٢٠٦٠ عن أبي سعيد الخدري.

٣٠) أخرجه أبو اسحاق الثعلبي في تفسيره عند:( وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعاً ) سورة آل عمران، الآية ١٠٣.

٣١) حلية الأولياء لأبي نعيم: ١/٣٥٥، وأخرجه أيضاً في كتابه «منقبة المطهّرين» بطرق عديدة وأسانيد سديدة، عن أبي سعيد الخدري وزيد بن أرقم =

١٥٣

. . . . .

____________________

= وأنس بن مالك والبراء بن عازب وجبير بن مطعم.

٣٢) المناقب - للخوارزمي - : ٩٣، عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم.

٣٣) مصابيح السُنّة بشرح القاري: ٥/٥٩٣، عن زيد بن أرقم، وفي ج ٥/٦٠٠ عن جابر.

٣٤) الشفا بتعريف حقوق المصطفى - بشرح القاري -: ٤٨٥.

٣٥) تاريخ ابن عساكر، ج ٢، من ترجمة عليّعليه‌السلام .

٣٦) تاريخ ابن كثير: ٥/٢٠٨.

٣٧) تفسير ابن كثير: ٥/٤٥٧ عند تفسير آية التطهير، وفي ج ٦/١٩٩ و٢٠٠ عند تفسير آية المودّة.

٣٨) لباب التأويل: ١/٣٢٨ عند تفسير( وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعاً ) .

٣٩) معالم التنزيل: ٦/١٠١ عند تفسير آية المودّة وفي ج ٧ عند تفسير آية( سَنَفْرُغُ لَکُمْ أَيُّهَا الثَّقَلاَنِ ) الآية ٣١ من سورة الرحمن.

٤٠) الفخر الرازي في تفسير عند آية( وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله ) .

٤١) غرائب القرآن:١/٣٤٩ عند تفسير( وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله ) .

٤٢) جامع الأصول لابن الاثير: ١/١٧٨ عن جابر الأنصاري.

٤٣) النهاية - لابن الأثير - في مادّة (ثقل) رواه عن زيد بن أرقم.

٤٤) أسد الغابة: ٣/١٤٧ بترجمة عبدالله بن حنطب. وفي ج ٢/١٢ بترجمة سيّدنا الإمام المجتبىعليه‌السلام عن زيد بن أرقم.

٤٥) مشارق الأنوار - بشرح ابن الملك -: ٣/١٥٧.

٤٦) مطالب السؤول: ٨.

٤٧) كفاية الطالب - للعلامة الكنجي الشافعي - في الباب الأول.

٤٨) تهذيب الأسماء واللغات: ١/٣٤٧.

٤٩) ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربى: ١٦.

٥٠) مشكاة المصابيح: ٣/٢٥٥ و ٢٥٨ عن زيد بن أرقم. =

١٥٤

الحافظ: لا ينحصر الدليل على كفركم وشكركم في هذه الرواية حتّى تؤوّلها وتخلص منها، بل في كلّ الأدعية الواردة في كتبكم نجد أثر الكفر والشرك، من قبيل: طلب حاجاتكم من أئمّتكم من غير أن تتوجّهوا إلى الله ربّ العالمين، وهذا أكبر دليل على الكفر والشرك!!

قلت: ما كنت أظنّك أن تتبّع أسلافك إلى هذا الحدّ، فتغمض

____________________

= ٥١) نظم درر السمطين: ٢٣١ عن زيد بن أرقم.

٥٢) المنتقى في سيرة المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بطرق عديدة وشرح وافٍ.

٥٣) فيض القدير في شرح الجامع الصغير: ٣/١٥.

٥٤) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: ٩/١٦٣.

٥٥) الفصول المهمّة في معرفة الائمة - لابن الصباغ المالكي - : ٢٣.

٥٦) الرسالة العلية في الأحاديث النبوية: ٢٩ و٣٠.

٥٧) المواهب اللدُنّيّة بشرح الزرقاني: ٧/٤ - ٨.

٥٨) الصواعق الحرقة ٢٥ و ٨٦ و ٨٧ و ٨٩ و ٩٠ و ١٣٦، أخرجه بطرق عديدة وألفاظ كثيرة، وقال: رواه عشرون صحابياً.

٥٩) إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون: ٣/٣٣٦.

٦٠) نزل الأبرار بما صح من مناقب أهل البيت الأطهار: ١٢.

٦١) إزالة الخفا عن سيرة المصفى: ٢/٥٤.

٦٢) إسعاف الراغبين: ١١٠.

٦٣) ينابيع المودّة، ج ١ عقد فصلاً خاصّاً بحديث الغدير والثقلين.

٦٤) تتمّة الروض النضير: ٥/٣٤٤.

٦٥) مشكل الآثار: ٢/٣٠٧.

٦٦) الذرّيّة الطاهرة ١٦٨.

هذا قليل من كثير، وكلّه من كتب العامة ليكون أوفع في نفوسهم، وترى فيه الكفاية لمن أراد الهداية. «المترجم»

١٥٥

عينيك، وتتكلّم من غير تحقيق بكلّ ما تكلّموا، فإنّ هذا الكلام في غاية السخافة، وبعيد عن الإنصاف والحقيقة، فاما انك لا تدري ما تقول أو انك لا تعرف معنى الكفر والشرك!!

الحافظ: إنّ كلامي في غاية الوضوح، ولا أظنّه يحتاج إلى توضيح،فإنّه من البديهة أنّ من أقرّ بوجود الله عزّ وجلّ واعتقد أنّه هو الخالق والرازق، وأن لا مؤثّر في الوجود إلّا هو، لا يتوجّه إلى غيره في طلب حاجة، وإذا توجّه فقد أشرك بالله العظيم.

والشيعة كما نشاهدهم ونقرأ كتبهم لا يتوجّهون إلى الله أبداً، بل دائماً يطلبون حوائجهم من أئمّتهم بغير أن يذكروا الله، حتّى نشاهد فقرائهم والسائلين الناس في الأسواق ذِكرهم: يا علي ويا حسين، ولم أسمع من أحدهم حتّى مرّة يقول: يا الله!!وهكذا كلّه دليل على أنّ الشيعة مشركون، فإنّهم لا يذكرون الله تعالى عند حوائجهم ولايطلبون منه قضاءها وإنّما يذكرون غير الله ويطلبون حوائجهم من غيره سبحانه!!

قلت: لا أدري.. هل أنت جاهل بالحقيقة ولا تعرف مذهب الشيعة؟!

أم إنّك تعرف وتحرف، وتسلك طريق اللجاج والعناد؟!

لكن أرجو أن لا تكون كذلك، فإنّ من شرائط العالم العامل:الإنصاف.

وفي الحديث الشريف: إنّ العالم بلا عمل كشجرة بلا ثمر.

ولمـّا نسبت إلينا الشرك في حديثك كراراً والعياذ بالله! وأردت بهذه الدلائل العامّية التافهة أن تثبت كلامك السخيف الواهي، وتكفّر

١٥٦

الشيعة الموحّدين المخلصين في توحيد الله عزّ وجلّ غاية الخلوص، والمؤمنين بما جاء به خاتم الأنبياءصلى‌الله‌عليه‌وآله فإذا كان هذا التكرار والإصرار في تكفيرنا بحضورنا فكيف هو في غيابنا؟!

واعلم أنّ أعداء الإسلام الّذين يريدون تضعيف المسلمين وتفريقهم حتّى يستولوا على ثرواتهم الطبيعية ويغصبوا أراضيهم، فهم فرحون بكلامهم هذا،ويتخذوه وسيلة لضرب المسلمين بعضهم ببعض، كما أنّني أجد الآن في هذا المجلس بعضالعوام الحاضرين من أتباعكم قد تأثّروا بكلامكم، فبدؤا ينظرون إلينا نظراً شزراً، حاقدين علينا باعتقادهم أنّنا كفّار فيجب قتلنا ونهب أموالنا!!!

وفي الجانب الآخر، أنظر إلى الشيعة الجالسين، وقد ظهرت على وجوههم علائم الغضب، وهم غير راضين من كلامك هذا، ونسبة الشرك والكفر إليهم، فيعتقدون أنّك مفترٍ كذّاب، وأنّك رجل مُغْرِضِ، وعن الحقّ مُعرِض، لأنّهم متيقّنون ببراءة أنفسهم ممّا قلت فيهم ونسبت إليهم.

والآن لكي تتنوّر أفكار الحاضرين بنور الحقيقة واليقين، ولكي تتبدَّد عن أذهانهم ظلمات الجهل وشبهات المغرضين، أتكلّم للحاضرين باختصار، موجزاً عن الشرك ومعناه، واُقدّم لكم حصيلة تحقيق علمائنا الأعلام، أمثال: العلّامة الحلّي،والمحقّق الطوسي، والعلّامة المجلسي (رضوان الله عليهم)، وهم استخرجوها واستنبطوها من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث المرويّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وعترته الهادية (سلام الله عليهم).

نوّاب: إنّ انعقاد هذا المجلس كان لتفهيم العوام وإثبات الحقّ

١٥٧

أمامهم، كما قلت سالفاً، فأرجوكم إن تراعوا جانبهم في حديثكم، وأن تتكلّموا بشكل نفهمه نحن العوام.

قلت: حضرة النوّاب! إنّني دائماً اُراعي هذا الموضوع، لا في هذا المجلس فحسب، بل في جميع مجالسي و محاضراتي و محاوراتي العلمية و الكلامية، فإنّي دائماً أتحدّث بشكل يفهمه الخاصّ والعامّ، لأنّ الغرض من إقامة هذه المجالس وانعقادها -كما قلتم - هو تعليم الجهلاء وتفهيم الغافلين، وهذا لا يتحقّق إلّا بالبيان الواضحوالحديث السهل البسيط الذي يفهمه عامّة الناس، والأنبياء كلّهم كانوا كذلك.

فقد رُوي عن خاتم الأنبياء وسيّدهمصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: إنّا معاشر الأنبياء اُمرنا أن نكلّم الناس على قدر عقولهم(١) .

أقسام الشرك

إنّ الحاصل من الآيات القرآنية، والأحاديث المرويّة، والتحقيقات العلمية، أنّ الشرك على قسمين، وغيرهما فروع لهذين، وهما:

الشرك الجلي، أي: الظاهر، والآخر الشرك الخفي، أي المستتر.

«الشرك الجليّ»

أمّا الشرك الظاهري، فهو عبارة عن: اتّخاذ الإنسان شريكاً لله عزّوجلّ، في الذات أو الصفات أو الأفعال أو العبادات.

أ - الشرك في الذات، وهو أن يشرك مع الله سبحانه وتعالى في ذاته أو توحيده،كالثنويّة وهم المجوس، اعتقدوا بمبدأين: النور والظلمة.

وكذلك النصارى فقد اعتقدوا بالأقانيم الثلاثة: الأب

____________________

١) البحار: ٧٧/١٤٠، الحديث ١٩، الباب ٧.

١٥٨

والابن وروح القدس، وقالوا: لكلّ واحد منهم قدرة وتأثيراً مستقلاً عن القسمين الآخرين، ومع هذا فهم جميعاً يشكّلون المبدأ الأوّل والوجود الواجب، أي: الله، فتعالى الله عمّا يقولون علوّاً كبيراً.

والله عزّ وجلّ ردّ هذه العقيدة الباطلة في سوره المائدة، الآية ٧٢، بقوله:( لَقَدْ کَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ الله ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَ مَا مِنْ إِلٰهٍ إلّا إِلٰهٌ وَاحِدٌ ) وبعبارة اُخرى : فالنصارى يعتقدون: أنّ الألوهية مشتركة بين الأقانيم الثلاثة، وهي: جمع اقنيم - بالسريانية - ومعناها بالعربية: الوجود وقد أثبت فلاسفة الاسلام بطلان هذه النظريةعقلاً، وأنّ الاتّحاد لا يمكن سواءً في ذات الله تبارك وتعالى أو في غير ذاته عزّ وجلّ.

ب - الشرك في الصفات وهو: أن يعتقد بأنّ صفات الباري عزّ وجلّ، كعلمه وحكمته وقدرته وحياته هي أشياء زائدة على ذاته سبحانه، وهي أيضاً قديمةكذاته جلّ وعلا، فحينئذٍ يلزم تعدد القديم وهو شرك، والقائلون بهذا هم الأشاعرة أصحاب أبي الحسن علي بن اسماعيل الأشعري البصري، وكثير من علمائكم التزموا بل اعتقدوا به وكتبوه في كتبهم، مثل: ابن حزم وابن رشد وغيرهما، وهذا هو شرك الصفات لأنهم جعلوا لذات الباري جلّ وعلا قرناء في القدم والأزلية وجعلوا الذات مركّباً.والحال أنّ ذات الباري سبحانه بسيط لا ذات أجزاء، وصفاتُه عينُ ذاته.

ومثاله تقريباً للأذهان - ولا مناقشة في الأمثال -:

هل حلاوة السكّر شيء غير السكّر؟

وهل دهنية السمن شيء غير السمن؟

فالسكّر ذاته حلو، أي: كلّه.

١٥٩

والسمن ذاته دهن، أي: كلّه.

وحيث لا يمكن التفريق بين السكّر وحلاوته، وبين السمن ودهنه،كذلك صفات الله سبحانه، فإنّها عين ذاته، بحيث لا يمكن التفريق بينها وبين ذاته عزّوجلّ، فكلمة: «الله» التي تطلق على ذات الربوبية مستجمعة لجميع صفاته، فالله يعني: عالم، حيٌّ، قادر، حكيم إلى آخر صفاته الجلالية والجماليّة والكماليّة.

ج - الشرك في الأفعال وهو الاعتقاد بأنّ لبعض الأشخاص أثراً استقلالياً في الأفعال الربوبية والتدابير الإلهية كالخلق والرّزق أو يعتقدون أن لبعض الأشياء أثراً استقلالياً في الكون، كالنجوم، أو يعتقدون بأن الله عزّ وجلّ بعدما خلقالخلائق بقدرته، وفوّض تدبير الاُمور وإدارة الكون إلى بعض الأشخاص، كاعتقادالمفوّضة، وقد مرّت روايات أئمّة الشيعة في لعنهم وتكفيرهم، وكاليهود الّذين قال الله تعالى في ذمّهم:( وَ قَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ الله مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَ لُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ کَيْفَ يَشَاءُ ) (١) .

د - الشرك في العبادات وهو أنّ الإنسان أثناء عبوديته يتوجّه إلى غير الله سبحانه، أو لم تكن نيّته خالصة لله تعالى، كأن يرائي أو يريد جلبانتباه الآخرين إلى نفسه أو ينذر لغير الله عزّ وجلّ..!!

فكلّ عمل تلزم فيه نيّة القربة إلى الله سبحانه، ولكنّ العامل حين العمل إذا نواه لغير الله أو أشرك فيه مع الله غيره، فهو شرك والله عزّ وجلّ يمنع من ذلك في القرآن الكريم إذ يقول:( فَمَنْ کَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَ لاَ يُشْرِکْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) (٢) .

____________________

١) سور المائدة، الآية ٦٤.

٢) سورة الكهف، الآية ١١٠.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

بنود الصّلح

٢٢١
٢٢٢

واختلف المؤرخون اختلافا كثيرا فيمن بادر لطلب الصلح فأبن خالدون وجماعة من المؤرخين ذهبوا الى أن المبادر لذلك هو الامام الحسنعليه‌السلام بعد ما آل أمره الى الانحلال(1) ، وذهب فريق آخر الى أن معاوية هو الذي بادر لطلب الصلح بعد ما بعث إليه برسائل أصحابه المتضمنة للغدر والفتك به متى شاء معاوية أو أراد(2) ، وذكر السبط ابن الجوزي أن معاوية قد راسل الامام سرا يدعوه الى الصلح فلم يجبه ، ثم أجابه بعد ذلك(3) ، وأكبر الظن ان معاوية هو الذي استعجل الصلح وبادر إليه وذلك خوفا من العراقيين أن ترجع إليهم أحلامهم ، ويثوب إليهم رشدهم وذلك لما عرفوا به من سرعة الانقلاب وعدم الاستقامة على رأي ، ومما يدل على ان معاوية هو الذي ابتدأ في طلب الصلح ، خطاب الامام الحسن الذي ألقاه في المدائن فقد جاء فيه « ألا وإن معاوية دعانا لأمر ليس فيه عز ولا نصفة ».

__________________

(1) تاريخ ابن خالدون 2 / 186 ، وفي الاصابة انه لما طعن الامام بخنجر دعا عمرو بن سلمة الأرحبى وأرسله الى معاوية يشترط عليه ، وفي الكامل 3 / 205 قال لما رأى الامام الحسن تفرق الأمر عنه كتب الى معاوية ، وذكر ذلك ابن أبي الحديد 4 / 8.

(2) الارشاد ص 170 ، كشف الغمة ص 154 ، مقاتل الطالبيين ص 26

(3) تذكرة الخواص ص 206 ، وذكر الحاج احمد افندي في فضائل الأصحاب ص 157 انه يمكن الجمع بين الأخبار بأن معاوية أرسل له أولا في الصلح فكتب الحسن إليه ثانيا يطلب ما ذكر ، وأجملت بعض المصادر الأمر ، فقال اليعقوبي في تأريخه 2 / 192 : لما رأى الحسن أن لا قوة به وأن أصحابه قد افترقوا عنه فلم يقوموا له صالح معاوية ، وكذا ذكر غيره.

٢٢٣

ومهما يكن من شيء فان تحقيق ذلك ليس بذي أهمية ، لأن الامام إن كان هو الذي استعجل الصلح فلا ضير عليه نظرا للمحن الشاقة التي أحاطت به حتى ألجأته الى المسالمة ، وإن كان معاوية هو الذي استعجل الصلح فلا ضير على الامام أيضا لما أوضحناه في أسباب الصلح ، والمهم البحث عن الشروط التي اشترطها الإمام على خصمه.

فقد اختلف التأريخ فيها اختلافا فاحشا ، واضطربت كلمات المؤرخين فى ذلك ، وفيما يلي بعض تلك الاقوال.

1 ـ ذكر بعض المؤرخين ان الامام أرسل سفيرين الى معاوية ، هما عمرو بن سلمة الهمداني ، ومحمد بن الأشعث الكندي ليستوثقا من معاوية ويعلما ما عنده. فأعطاهما معاوية هذا الكتاب وهذا نصه :

« بسم الله الرحمن الرحيم : هذا كتاب للحسن بن علي من معاوية بن أبي سفيان ، إني صالحتك على ان لك الأمر من بعدي ، ولك عهد الله وميثاقه وذمته ، وذمة رسوله محمد (ص) ، وأشد ما أخذه الله على أحد من خلقه من عهد وعقد ، لا أبغيك غائلة ولا مكروها ، وعلى أن أعطيك في كل سنة ألف ألف درهم من بيت المال ، وعلى أن لك خراج پسا ودارابجرد ، تبعث إليهما عمالك ، وتصنع بهما ما بدا لك ». شهد بها عبد الله بن عامر ، وعمرو بن سلمة الكندي ، وعبد الرحمن بن سمرة ، ومحمد ابن الأشعث الكندي ، كتب في شهر ربيع الآخر سنة إحدى واربعين هجرية.

وتنص هذه الوثيقة على اعطاء معاوية للحسن ثلاثة أشياء :

1 ـ جعله ولي عهده.

2 ـ للإمام من بيت المال راتب سنوي ألف ألف درهم.

3 ـ منحه كورتين من كور فارس يرسل إليهما عماله ، ويصنع بهما ما شاء.

٢٢٤

واحتفظ الامام برسالة معاوية ، فأرسل إليه رجلا من بني عبد المطلب وهو عبد الله بن الحارث بن نوفل وأمّه اخت معاوية فقال له : ائت خالك وقل له إن أمنت الناس بايعتك.

ولما انتهى عبد الله الى معاوية وعرض عليه مهمة الامام وهي طلب الأمن العام لعموم الناس ، استجاب له وأعطاه طومارا وختم في أسفله وقال له : فليكتب الحسن فيه ما شاء ، فجاء عبد الله بن الحارث بهذا التفويض المطلق الى الامام ، فكتب (ع) ما رامه من الشروط ، وسنذكر نص ما كتبه عند التعرض لبعض الروايات ، لأنه لا يختلف عنها ، وقد عول على هذه الرواية الدكتور طه حسين(1) .

2 ـ وروى كل من الطبري وابن الأثير صورة غير هذه وخلاصتها ان الامام راسل معاوية فى الصلح واشترط عليه امورا فان التزم بها ونفذها أجرى الصلح وإلا فلا يبرمه ، فلما وصلت رسالة الامام الى معاوية أمسكها واحتفظ بها ، وكان معاوية قبل ورود هذه الرسالة عليه قد بعث للامام صحيفة بيضاء مختوما في أسفلها ، وكتب إليه أن اشترط في هذه الصحيفة ما شئت وقد وصلت هذه الصحيفة الى الامام بعد ما بعث الى معاوية الوثيقة التي سجل فيها ما أراده ، وسجل الامام في تلك الصحيفة البيضاء اضعاف الشروط التي اشترطها أولا ثم أمسكها ، فلما سلم له الأمر طلب منه الوفاء بالشروط التي اشترطها أخيرا ، فلم يف له بها وقال له : « لك ما كنت كتبت إليّ أولا تسألني أن أعطيكه فاني قد أعطيتك حين جاءني كتابك ، فقال له الحسن (ع) : وأنا قد اشترطت حين جاءني كتابك وأعطيتني العهد على

__________________

(1) الفتنة الكبرى 2 / 200.

٢٢٥

الوفاء بما فيه ، فاختلفا في ذلك ، فلم ينفذ للحسن من الشروط شيئا »(1) .

وهذه الرواية لم تذكر لنا الشروط التي اشترطها الامام « أولا » ولا ما سجله. « ثانيا » في الصحيفة البيضاء التي بعث بها معاوية إليه إلا أن أبا الفداء في تأريخه نص على الشروط الاولى التي اشترطها الامام فقال : « وكتب الحسن الى معاوية واشترط عليه شروطا وقال : إن أجبت إليها فأنا سامع مطيع ، فأجاب معاوية إليها ، وكان الذي طلبه الحسن أن يعطيه ما في بيت مال الكوفة ، وخراج دارابجرد من فارس ، وأن لا يسب عليا ، فلم يجبه الى الكف عن سب علي فطلب الحسن أن لا يشتم عليا وهو يسمع فأجابه الى ذلك ، ثم لم يف له به »(2) .

وعندي ان ما ذكره ابن الأثير والطبري بعيد عن الصحة كل البعد وذلك لأن الشروط التي اشترطها الامام أخيرا إن كانت ذات أهمية بالغة فلما ذا أهملها ولم ينص عليها في بداية الأمر؟ ولو اغمضنا النظر عن ذلك فأي فائدة فى تسجيلها مع عدم اطلاع معاوية عليها وإقراره لها ، مضافا لذلك ان معاوية في تلك المرحلة لو سأله الإمام أي شيء لأجابه إليه.

3 ـ وروى ابن عبد البر : « ان الإمام كتب الى معاوية يخبره أنه يصيّر الأمر إليه على أن يشترط عليه أن لا يطلب أحدا من أهل المدينة والحجاز ولا أهل العراق بشيء كان في أيام أبيه ، فأجابه معاوية وكاد يطير فرحا إلا أنه قال : أما عشرة انفس فلا أؤمنهم ، فراجعه الحسن فيهم فكتب إليه يقول : إني قد آليت متى ظفرت بقيس بن سعد أن أقطع لسانه ويده ، فراجعه الحسن إني لا أبايعك أبدا وأنت تطلب قيسا

__________________

(1) الكامل 3 / 205 ، الطبري 6 / 93.

(2) تأريخ ابي الفداء 1 / 192.

٢٢٦

أو غيره بتبعة ، قلت : أو كثرت! فبعث إليه معاوية حينئذ برق أبيض وقال : اكتب ما شئت فيه وأنا التزمه ، فاصطلحا على ذلك ، واشترط عليه الحسن أن يكون له الأمر من بعده ، فالتزم ذلك كله معاوية »(1) .

وقد احتوت هذه الرواية على أن أهم ما طلبه الامام الأمن العام لعموم اصحابه واصحاب أبيه ، ولا شك ان هذا الشرط من أوليات الشروط وأهمها عند الامام أما ان الصلح جرى بهذا اللون فأنا أشك في ذلك.

4 ـ وذكر جماعة من المؤرخين ان الإمام ومعاوية اصطلحا وارتضيا بما احتوته الوثيقة الآتية وقد وقّع عليها كل منهما وهذا نصها :

بسم الله الرحمن الرحيم

« هذا ما صالح عليه الحسن بن علي بن أبي طالب ، معاوية بن أبي سفيان ، صالحه على أن يسلم إليه ولاية أمر المسلمين على ان يعمل فيهم بكتاب الله ، وسنّة رسوله ، وسيرة الخلفاء الصالحين ، وليس لمعاوية بن ابي سفيان ان يعهد الى احد من بعده عهدا ، بل يكون الأمر من بعده شورى بين المسلمين ، وعلى ان الناس آمنون حيث كانوا من ارض الله فى شامهم وعراقهم وحجازهم ويمنهم ، وعلى ان اصحاب علي وشيعته آمنون على انفسهم واموالهم ونسائهم واولادهم ، وعلى معاوية بن ابي سفيان بذلك عهد الله وميثاقه ، وما أخذ الله على احد من خلقه بالوفاء ، وبما اعطى الله من نفسه ، وعلى ان لا يبغي للحسن بن علي ، ولا لأخيه الحسين ، ولا لأحد من اهل بيت رسول الله (ص) غائلة سرا ولا جهرا ، ولا يخيف احدا منهم في افق من الآفاق ، شهد عليه فلان ابن فلان بذلك ، وكفى

__________________

(1) الاستيعاب 1 / 370.

٢٢٧

بالله شهيدا »(1) .

وهذه الصورة افضل صورة وردت مبينة لكيفية الصلح فقد احتوت على امور مهمة يعود صالح الأكثر منها الى عموم المسلمين إلا انا نشك في ان ما احتوت عليه هذه الوثيقة هو مجموع ما طلبه الإمام واراده ، ونذكر فيما يلي مجموع الشروط التي ذكرها رواة الأثر وإن كان كل واحد منهم لم يذكرها بأسرها إلا ان بعضهم نص على طائفة منها ، والبعض الآخر ذكر طائفة اخرى ، وقد اعترف الفريقان ان ما ذكره كل واحد من الشروط ليس جميع ما اشترطه الإمام وإنما هي جزء من كل ، وها هي :

1 ـ تسليم الأمر الى معاوية على ان يعمل بكتاب الله ، وسنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله (2) وسيرة الخلفاء الصالحين(3) .

2 ـ ليس لمعاوية ان يعهد بالأمر الى احد من بعده والأمر بعده للحسن(4)

__________________

(1) الفصول المهمة لابن الصباغ ص 145 ، كشف الغمة للإربلي ص 170 البحار 10 / 115 ، فضائل الأصحاب ص 157 ، الصواعق المحرقة ص 81.

(2) ذكرت هذه المادة في صورة المعاهدة التي ذكرناها ، وذكرها ابن ابي الحديد في شرح النهج 4 / 8.

(3) البحار 10 / 115 ، النصائح الكافية ص 159 ( الطبعة الثانية ) اخذه عن فتح الباري ، وصحيح البخاري.

(4) الاصابة 1 / 329 ، الطبقات الكبرى للشعراني ص 23 ، حياة الحيوان للدميري 1 / 57 ، تهذيب 2 / 229 ، تهذيب الأسماء واللغات للنووي 1 / 199 ، ذخائر العقبى ص 139 ، الامامة والسياسة 1 / 171 ، ينابيع المودة ص 293 ، وجاء فيه ان يكون الأمر من بعده شورى بين المسلمين.

٢٢٨

فان حدث به حدث فالأمر للحسين(1) .

3 ـ الأمن العام لعموم الناس الأسود والأحمر منهم سواء فيه ، وان يحتمل عنهم معاوية ما يكون من هفواتهم ، وان لا يتبع احدا بما مضى ، وان لا يأخذ اهل العراق بإحنة(2) .

4 ـ ان لا يسميه امير المؤمنين(3) .

5 ـ ان لا يقيم عنده الشهادة(4) .

6 ـ ان يترك سب امير المؤمنين(5) وان لا يذكره إلا بخير(6) .

7 ـ ان يوصل الى كل ذي حق حقه(7) .

8 ـ الأمن لشيعة امير المؤمنين وعدم التعرض لهم بمكروه(8) .

9 ـ يفرق في أولاد من قتل مع ابيه في يوم الجمل وصفين الف الف درهم ، ويجعل ذلك من خراج دارابجرد(9) .

__________________

(1) عمدة الطالب في انساب آل ابي طالب لجمال الحسني ص 52.

(2) الدينوري ص 200 ، مقاتل الطالبيين ص 26.

(3) تذكرة الخواص لابن الجوزي ص 206.

(4) اعيان الشيعة 4 / 43.

(5) نفس المصدر.

(6) مقاتل الطالبيين ص 26 ، شرح النهج 4 / 15.

(7) الفصول المهمة لابن الصباغ ص 144 ، ومناقب ابن شهر اشوب 2 / 167.

(8) اعيان الشيعة 4 / 43 ، الطبري 6 / 97 ، علل الشرائع ص 81.

(9) البحار 10 / 101 ، تأريخ دول الإسلام 1 / 52 ، الامامة والسياسة ص 200 ، تاريخ ابن عساكر 4 / 221 ، وجاء فيه ان يعطيه خراج پسا ودارابجرد.

٢٢٩

10 ـ ان يعطيه ما في بيت مال الكوفة(1) ويقضي عنه ديونه ويدفع إليه في كل عام مائة الف(2) .

11 ـ ان لا يبغي للحسن بن علي ولا لأخيه الحسين ولا لأهل بيت رسول الله (ص) غائلة سرا ولا جهرا ولا يخيف احدا منهم في افق من الآفاق(3) .

هذه بنود الصلح ومواده التي ذكرها رواة الأثر اما ان الإمام قد اشترطها كلها او بعضها فسوف نذكر ذلك عند دراسة الشروط وتحليلها ، وقبل ان نلقي الستار على هذا الفصل لا بد لنا من التعرض الى انه فى اي مكان جرى الصلح وفى اي زمان نفذ؟

مكان الصلح :

اما المكان الذي جرى فيه الصلح فقد كان في مسكن حسب ما ذكرته اوثق المصادر ، ففي تلك البقعة ابرم الصلح ونفذ امام جمع حاشد من الجيش العراقي والشامى ، وذهب بعض المؤرخين إلى انه وقع في بيت المقدس(4) ، وذهب بعض آخر إلى انه وقع بأذرح من ارض الشام(5) وهذان القولان من الشذوذ بمكان فلا يعول عليهما.

__________________

(1) تأريخ دول الإسلام 1 / 53.

(2) جوهرة الكلام في مدح السادة الأعلام ص 112.

(3) البحار 10 / 115 ، النصائح الكافية ص 160.

(4) تأريخ الخميس 2 / 323 ، دائرة المعارف للبستاني 7 / 38.

(5) تذكرة الخواص ص 206.

٢٣٠

عام الصلح :

وكما اختلف المؤرخون في المكان الذي وقع فيه الصلح فقد اختلفوا في الزمان أيضا ، فقد قيل : إنه كان سنة 41 هجرية فى ربيع الأول ، وقيل : فى ربيع الآخر ، وقيل : في جمادى الأولى ، وعلى الأول تكون خلافته خمسة أشهر ونصف ، وعلى الثاني فستة أشهر وأيام ، وعلى الثالث فسبعة أشهر وايام(1) ، وقيل : وقع الصلح سنة اربعين من الهجرة فى ربيع الأول(2) ، وقيل غير ذلك ، والأصح ان مدة خلافته كانت ستة اشهر حسب ما ذكره اكثر المؤرخين.

وعلى أي حال فقد اصطلح بعض المؤرخين على تسمية ذلك العام ـ الخالد في دنيا الأحزان ـ بتسميته بعام الجماعة ، نظرا لاجتماع كلمة المسلمين بعد الفرقة ، ووحدتهم بعد الاختلاف ، ولكن الحق ان هذه التسمية من باب تسمية الضد باسم ضده لأن المسلمين منذ ذلك العام قد وقعوا في شر عظيم ، وانصبت عليهم الفتن كقطع الليل المظلم ، حتى تغيرت معالم الدين ، وتبدلت سنن الإسلام ، وآلت الخلافة الإسلامية الى المصير المؤلم تنتقل بالوراثة من ظالم الى ظالم حتى اغرقت البلاد فى الدماء والماسي والشجون ، يقول الجاحظ : « فعندها استوى معاوية على الملك واستبد على بقية

__________________

(1) تأريخ أبي الفداء 1 / 193.

(2) تهذيب التهذيب 2 / 299 ، وجاء فى الاستيعاب ان الإمام سلم الأمر الى معاوية فى النصف من جمادى الاولى سنة 41 ه‍ وكل من قال : إنه كان سنة اربعين فقد توهم ، وفي تأريخ سينا ان الامام تنازل عن الخلافة في 26 ربيع الثاني سنة 41 ه‍.

٢٣١

الشورى ، وعلى جماعة المسلمين من الأنصار والمهاجرين في العام الذي سموه ( عام الجماعة ) وما كان عام جماعة بل كان عام فرقة وقهر وجبرية وغلبة ، والعام الذي تحولت فيه الإمامة ملكا كسرويا ، والخلافة منصبا قيصريا »(1) .

لقد انفتح باب الجور على مصراعيه منذ ذلك العام الذي تم فيه الملك الى ( كسرى العرب ) فقد لا فى المسلمون وخصوصا شيعة آل محمد (ص) من العناء والظلم والإرهاق ما لم يشاهد له التاريخ نظيرا فى فظاعته وقسوته يقول ابن أبي الحديد عما جرى على المسلمين بعد عام الصلح : « ولم يبق أحد من المؤمنين إلا وهو خائف على دمه أو مشرد في الأرض ، يطلب الأمن فلا يجده » ، وبعد هذا الظلم الشامل والجور المرهق هل يصح أن يسمى ذلك العام عام الجماعة والألفة؟

دراسة وتحليل :

ولا بد لنا من وقفة قصيرة للنظر فى تحقيق الشروط التي اشترطها الإمام على معاوية ، كما لا بد من دراستها والإحاطة بها ـ ولو إجمالا ـ لأنها قد احتوت على امور بالغة الأهمية ، فقد الغمت نصر معاوية ببارود ، وعادت عليه بالخزي ، واخرجته من حكام العدل الى حكام الجور والظالمين.

اما الشروط التي ذكرت فانا نؤمن بجميعها سوى شرطين ، وهما : ان يكون للإمام ما في بيت مال الكوفة ، ومنحه راتب سنوي له ، ولأخيه

اما ( الاول ) فهو بعيد لأن ما في خزانة الكوفة من الأمتعة والأموال قد كانت تحت قبضة الإمام وبيده ، يتصرف فيها حيثما اراد ، ولم تكن

__________________

(1) الغدير 10 / 227.

٢٣٢

محجوبة عنه أو ممنوعة عليه حتى يشترط على معاوية أن يمكنه منها ، على أنا نشك ان خزانة الدولة قد احتوت على أموال كثيرة لأن سياسة أهل البيت تقضي بصرف المال فورا على ما خصصه الإسلام لها.

وأما ( الثاني ) فهو بعيد لأن الإمام كان في غنى عن أموال معاوية ، وليس بحاجة لها ، ولو سلمنا ذلك فانه لا ضير على الإمام من أخذها ، لأن انقاذ أموال المسلمين من حكام الجور أمر لازم كما سنوضحه عند التعرض لسفر الإمام الى دمشق ، والذي أراه أن معاوية قد أعطى الامام فى بداية الأمر هذين الشرطين ، فتوهم بعض المؤرخين أنهما من جملة الشروط التي اشترطها الإمام عليه.

وعلى أي حال ، فان تلك الشروط كانت تهدف الى طلب الأمن العام ، والسلم الشامل لجميع المسلمين ، وتدعوهم في نفس الوقت الى اليقظة والتحرر من الاستعباد الأموي ، كما دلت على براعة الإمام في الاحتفاظ بحقه الشرعي ، والتدليل على غصب معاوية له ، وإنه لم يتنازل له عن حقه ، اما محتويات الشروط فهي كما يلي :

1 ـ العمل بكتاب الله :

ولم يخل الإمام بين معاوية وبين المسلمين يتصرف في شئونهم حيثما شاء ، فقد أخذ عليه أن لا يعدو الكتاب والسنة في سياسته وسياسة عماله ، ولو كان يراه يسير على ضوء القرآن ، ويسير على منهج الإسلام لما شرط عليه ذلك ، وجعله من أهم الشروط الأساسية التي ألزمه بها.

٢٣٣

2 ـ ولاية العهد :

وعالج الإمام نقطة مهمة في تلك المعاهدة ، وهي مصير الخلافة الاسلامية بعد هلاك معاوية ، فقد شرط عليه أن تكون الخلافة له ولأخيه من بعده ، وصرحت بعض المصادر ان الامام اشترط عليه أن يكون الأمر شورى بين المسلمين بعد هلاك معاوية ، وعلى كلا القولين فقد أرجع الامام الخلافة الى كيانها الرفيع ، وإنما شرط عليه ذلك لعلمه باتجاهاته السيئة ، وانه لا بد أن ينقل الخلافة الاسلامية من واقعها الى الملك العضوض ، ويجعلها في عقبه من شذاذ الآفاق والمجرمين ، فأراد الامام ايقاظ المجتمع ، وبعثه الى مناجزته إن قدم على ذلك.

3 ـ الأمن العام :

وأهم ما ينشده الإمام من تلكم الشروط هو بسط الأمن ، ونشر العافية بين جميع المسلمين سواء الأسود منهم والأحمر ، وقد دلّ ذلك على مدى حنانه وعطفه على جميع المسلمين ، كما نصت هذه المادة على أن لا يتبع أحدا بما مضى ، وأن لا يأخذ أهل العراق بإحنة مما قد مضى ، وإنما شرط عليه ذلك لعلمه بما سيعاملهم به من الارهاق والتنكيل انتقاما لما صدر منهم فى أيام صفين.

4 ـ عدم تسميته بأمير المؤمنين :

وفي رفض الامام (ع) تسمية معاوية بأمير المؤمنين تجربد له من

٢٣٤

السلطة الدينية عليه وعلى سائر المسلمين ، ولم يلتفت معاوية الى هذه الطعنة النجلاء ، فانه إذا لم يكن على الحسن أميرا لم تكن له بالطبع على المسلمين امرة أو سلطان ، وكان بذلك حاكم جور وبغي ، وقد جرده بذلك من منصب الامامة والخلافة ، وأثبت له الغصب لهذا المركز العظيم.

5 ـ عدم اقامة الشهادة :

وهذه المادة قد فضحت معاوية وأخزته ، ودلت على أنه من حكام الجور ، فان اقامة الشهادة حسب ما ذكره الفقهاء إنما تقام عند الحاكم الشرعي ، فهي من الوظائف المختصة به ، وإذا لم تصح إقامة الشهادة عند معاوية فهو ليس بحاكم عدل وإنما هو حاكم جور ، وحكام الجور لا يكون حكمهم نافذا ، ولا تصرفهم ماضيا عند الشرع ، ويجب على الأمّة أن تزيلهم عن هذا المنصب الذي انيط به حفظ الدماء ، وصيانة الاعراض ، وحفظ الأموال ، وفى هذا الشرط بيّن الامام أنه صاحب الحق ، وان معاوية غاصب له ،

6 ـ ترك سب أمير المؤمنين :

وأظهر (ع) بهذا الشرط تمادي معاوية فى الاثم ، فقد علم أنه لا يترك سبّ أمير المؤمنين والحطّ من كرامته ، فأراد (ع) أن يبيّن للمجتمع الاسلامى مدى استهتاره ، وعدم اعتنائه بشئون الإسلام وتعاليمه ، فان سب المسلم وانتقاصه قد حرّمه الاسلام ، ولكن ابن هند لم يقم للإسلام وزنا ، فقد أخذ بعد إبرام الصلح يسب أمير المؤمنين على رءوس الأشهاد

٢٣٥

كما سنبين ذلك عند التعرض لخرقه شروط الصلح. ولا يخفى أن الامام قد فضحه بهذا الشرط وأماط عنه الستر الصفيق الذي تستر به باسم الدين.

7 ـ الامن العام للشيعة :

كان الامام (ع) حريصا أشد الحرص على شيعته وشيعة أبيه ، فقد صالح معاوية حقنا لدمائهم ، وحفظا عليهم ، وقد اشترط على معاوية أن لا يتعرض لهم بمكروه وسوء ، وهذا الشرط عنده من أهم الشروط وأعظمها قال سماحة المغفور له آل ياسين : « واعتصم فيها ـ أي في المعاهدة ـ بالأمان لشيعته وشيعة أبيه وإنعاش أيتامهم ليجزيهم بذلك على ثباتهم معه ، ووفائهم مع أبيه ، وليحتفظ بهم امناء على مبدئه ، وانصارا مخلصين لتمكين مركزه ومركز أخيه يوم يعود الحق الى نصابه »(1) .

إن أغلب الشروط التي اشترطها الامام كانت تهدف لصالح شيعته وضمان حقوقهم وعدم التعرض لهم بأذى أو مكروه.

8 ـ خراج دارابجرد :

واشترط الامام على معاوية أموالا خاصة ينفقها على شيعته وشيعة أبيه وهي خراج دارابجرد(2) والوجه في هذا التخصيص إن الذي يجلب الى الدولة من الأموال يسمى بعضه بالفيء ، وهو المال المأخوذ من الأراضي

__________________

(1) صلح الحسن ص 258.

(2) دارابجرد : اراض واسعة بفارس على حدود الأهواز قد فتحها المسلمون عنوة.

٢٣٦

المفتوحة عنوة ، وهذا يصرف على المصالح العامة ، وعلى الشؤون الاجتماعية وذلك كتحسين الجيش ، وإنشاء المؤسسات وما شاكل ذلك من المشاريع الحيوية ، وقسم من الأموال يسمى ( بالصدقة ) وهي الضرائب المالية التي فرضها الاسلام في اموال مخصوصة وانواع من الواردات يدور عليها رحى سوق التجارة في العالم فرضها على الأغنياء تجلب منهم وتدفع الى الفقراء لمكافحة الفقر وقلع بذور البؤس ، فقد قال (ص) : « أمرت في الصدقة ان آخذها من اغنيائكم واردها فى فقرائكم » ، وقد كره الحسن ان يأخذ من هذه الأموال لنفسه أو لشيعته ، اما له فانها محرمة عليه لأن الصدقة حرام على آل البيت ، واما كراهة اخذها لشيعته فلأن اموال الصدقة لا تخلو من حزازة عليهم لأنها اوساخ الناس ، وقد كره (ع) ان يأخذ منها لشيعته ، وخصّ ما يأخذه لهم من دارابجرد ، لأنها قد فتحت عنوة ، وما فتح عنوة فهو ليس بصدقة ، وبذلك قد اختار لشيعته من الأموال ما هو ابعد عن الشبهة الشرعية وهي خراج دارابجرد التي هي للمسلمين وعلى الامام أن ينفقها على صالحهم.

9 ـ عدم البغى عليهم :

ومن مواد المعاهدة أن لا يبغي معاوية للحسن والحسين ، ولا لأهل بيت النبي (ص) غائلة ، ولا يخيف أحدا منهم ، وإنما شرط عليه ذلك لعلمه بما سيبغيه لهم من الشر والمكر ، فكان من غوائله لهم أنه دس السم للإمام ـ كما سنبينه ـ فأراد الإمام بهذا الشرط وبغيره من بنود الصلح أن يكشف الستار عن معاوية ، ويبدي عاره وعياره ، وانه لا ذمة ولا حريجة له في الدين.

٢٣٧

هذه بعض بنود الصلح ، وقد حفلت بعناصر ذات أهمية بالغة دلت على براعة الإمام ، وقابلياته الفذة فى التغلب على خصمه ، يقول سماحة المغفور له آل ياسين فى هذه المعاهدة :

« ومن الحق أن نعترف للحسن بن علي على ضوء ما أثر عنه من تدابير ودساتير هي خير ما تتوصل إليه اللباقة الدبلوماسية لمثل ظروفه من زمانه وأهل زمانه بالقابليات السياسية الرائعة التي لو قدر لها أن تلي الحكم في ظرف غير هذا الظرف ، وفي شعب أو بلاد رتيبة بحوافزها ودوافعها لجاءت بصاحبها على رأس القائمة من السياسيين المحنكين ، وحكام الاسلام اللامعين ، ولن يكون الحرمان يوما من الأيام ، ولا الفشل في ميدان من الميادين بدوافعه القائمة على طبيعة الزمان دليلا على ضعف أو منفذا الى نقد ، ما دامت الشواهد على بعد النظر وقوة التدبير ، وسمو الرأي ، كثيرة متضافرة تكبر على الريب وتنبو عن النقاش.

وللقابليات الشخصية مضاؤها الذي لا يعدم مجال العمل ، مهما حدّ من تيارها الحرمان أو ثنى من عنانها الفشل ، وها هي من لدن هذا الرجل تستجد ـ منذ الآن ـ ميدانها البكر القائم على الفكرة الجديدة القائمة على صيانة حياة أمّة بكاملها في حاضرها ومستقبلها ، بما تضعه المعاهدة من خطوط وبما تستقبل به خصومها من شروط »(1) .

__________________

(1) صلح الحسن ص 257.

٢٣٨

موقف الإمام الحسين

٢٣٩
٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800

801

802

803

804

805

806

807

808

809

810

811

812

813

814

815

816

817

818

819

820

821

822

823

824

825

826

827

828

829

830

831

832

833

834

835

836

837

838

839

840

841

842

843

844

845

846

847

848

849

850

851

852

853

854

855

856

857

858

859

860

861

862

863

864

865

866

867

868

869

870

871

872

873

874

875

876

877

878

879

880

881

882

883

884

885

886

887

888

889

890

891

892

893

894

895

896

897

898

899

900

901

902

903

904

905

906

907

908

909

910

911

912

913

914

915

916

917

918

919

920

921

922

923

924

925

926

927

928

929

930

931

932

933

934

935

936

937

938

939

940

941

942

943

944

945

946

947

948

949

950

951

952

953

954

955

956

957

958

959

960

961

962

963

964

965

966

967

968

969

970

971

972

973

974

975

976

977

978

979

980

981

982

983

984

985

986

987

988

989

990

991

992

993

994

995

996

997

998

999

1000

1001

1002

1003

1004

1005

1006

1007

1008

1009

1010

1011

1012

1013

1014

1015

1016

1017

1018

1019

1020

1021

1022

1023

1024

1025

1026

1027

1028

1029

1030

1031

1032

1033

1034

1035

1036

1037

1038

1039

1040

1041

1042

1043

1044

1045

1046

1047

1048

1049

1050

1051

1052

1053

1054

1055

1056

1057

1058

1059

1060

1061

1062

1063

1064

1065

1066

1067

1068

1069

1070

1071

1072

1073

1074

1075

1076

1077

1078

1079

1080

1081

1082

1083

1084

1085

1086

1087

1088

1089

1090

1091

1092

1093

1094

1095

1096

1097

1098

1099

1100

1101

1102

1103

1104

1105

1106

1107

1108

1109

1110

1111

1112

1113

1114

1115

1116

1117

1118

1119

1120

1121

1122

1123

1124

1125

1126

1127

1128

1129

1130

1131

1132

1133

1134

1135

1136

1137

1138

1139

1140

1141

1142

1143

1144

1145

1146

1147

1148

1149

1150

1151

1152

1153

1154

1155

1156

1157

1158

1159

1160

1161

1162

1163

1164

1165

1166

1167

1168

1169

1170

1171

1172

1173

1174

1175

1176

1177

1178

1179

1180

1181

1182

1183

1184

1185

1186

1187

1188

1189

1190

1191

1192

1193

1194

1195

1196

1197

1198

1199