آلاء الرحمن في تفسير القرآن الجزء ٢

آلاء الرحمن في تفسير القرآن25%

آلاء الرحمن في تفسير القرآن مؤلف:
الناشر: مكتبة الوجداني - قم
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 152

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 152 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 65939 / تحميل: 5857
الحجم الحجم الحجم
آلاء الرحمن في تفسير القرآن

آلاء الرحمن في تفسير القرآن الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مكتبة الوجداني - قم
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

رأيتها في المنام، قالوا: وما هي؟ قال: رأيت كِلاباً تَنهشني؛ أشدُّها عليَّ كلبٌ أبقع ».

١٥ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن عليِّ بن إسماعيل بن عيسى؛ ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن عَمرو بن سعيد الزّيّات، عن عبدالله بن بُكير، عن زُرارة، عن ابي جعفرعليه‌السلام « قال: كتب الحسين بن عليٍّ مِن مكّة إلى محمّد بن عليٍّ: « بِسم الله الرَّحمن الرَّحيم؛ مِن الحسين بن عليٍّ إلى محمَّد بن عليٍّ(١) ومَن قَبِلَه مِن بني هاشم؛ أمّا بعد فإنَّ مَنْ لَحِقَ بي اسْتُشْهِد، ومَنْ لَم يَلْحَقْ بي لم يُدرِكِ الفَتْحَ؛ والسَّلام » ».

قال محمّد بن عَمرو: حدَّثني كِرام عبدالكريم بن عَمرو، عن مَيْسَر بن عبدالعزيز، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: كتب الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام إلى محمّد بن عليٍّ من كربلاء: « بِسْم الله الرَّحمنِ الرَّحيم؛ مِن الحسين بن عليٍّ إلى محمَّد بن عليٍّ ومَن قِبَلَه مِنْ بني هاشم، أمّا بعد، فكأنَّ الدُّنْيا لَمْ تَكُنْ، وكأنَّ الآخِرَةَ لمْ تَزَلْ، والسَّلام » ».

الباب الرّابع والعشرون

( ما استدلَّ به على قتل الحسين بن عليٍّ عليهما السلام في البلاد)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد - عن رَجل - عن يحيى بن بشير « قال: سمعت أبا بصير يقول: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : بعث هِشام بن عبدالمَلِك إلى أبي فأشخصه إلى الشّام، فلمّا دخل عليه قال له: يا أبا جعفر أشخصناك لنَسْألك عن مسألةٍ لم يصلح أنْ يسألك عنها غَيري، ولا أعلم في الأرض خَلْقاً ينبغي أنْ يعرف أو عرف هذه المسألة إن كان إلاّ واحداً، فقال أبي: ليسألني أمير المؤمنين عمّا أحبَّ، فإن عَلِمتُ أُجبتُ ذلك؛ وإن لم أعْلَمْ قلتُ: لا أدري؛ وكان الصّدق

__________________

١ - يعني أخاه ابن الحنفيّةرضي‌الله‌عنه .

٨١

أولى بي، فقال هِشام: أخبرني عن اللَّيلة الّتي قُتِل فيها عليُّ بن أبي طالب بما استدلَّ به الغائب عن المصر الَّذي قُتل فيه على قتله، وما العَّلامة فيه للنّاس فإن علمتَ ذلك وأجبتَ فأخبرني هَلْ كان تلك العَلامة لغير عليٍّ في قَتلِه، فقال له أبي: يا أمير المؤمنين إنّه لمّا كان تلك اللّيلة الّتي قُتِلَ فيها أمير المؤمنين لم يرفع عن وجه الأرض حَجَرٌ إلاّ وُجِدَ تحته دَمٌ عَبيط حتّى طلع الفَجر، وكذلك كانت الليلة الَّتي قتل فيها هارون أخو موسى، وكذلك كانتِ اللَّيلة التي قتل فيها يوشع بن نون، وكذلك كانتِ الليلة التي رفع فيها عيسى بن مَريم إلى السّماء، وكذلك كانتِ اللَّيلة الَّتي قتل فيها شَمعون بن حمون الصّفا، وكذلك كانت الليلة التي قتل فيها علي بن أبي طالب، وكذلك كانتِ اللَّيلة الَّتي قتل فيه الحسين بن عليٍّ.

قال: فتربَّد(١) وجهُ هِشام حتّى انتُقع لَونُه(٢) وهَمَّ أن يبطش بأبي، فقال له أبي: يا أمير المؤمنين الواجب على العِباد الطّاعة لإمامهم والصِّدق له بالنَّصيحة؛ وإنَّ الَّذي دعاني إلى أن اُجيب أمير المؤمنين فيما سألني عنه مَعرفتي إيّاه بما يجبُ له عليَّ مِن الطّاعة؛ فليحسن أمير المؤمنين عليَّ الظَّنَّ، فقال له هِشام: انصرف إلى أهلك إذا شِئت، قال: فخرج فقال له هِشام عن خروجه: أعطِني عهدَ الله وميثاقَه أن لا توقع هذا الحديث إلى أحَدٍ حتّى أموت، فأعطاه أبي مِن ذلك ما أرضاه - وذكر الحديث بطوله - »(٣) .

__________________

١ - تربَّدَ وجه فلانٍ أي تغيّر مِن الغضب.

٢ - على بناء المجهول، أي تغيَّر مِن حزنٍ أو سرورٍ.

٣ - ما جاء في هذا الباب كان ممّا تواتر عند المحدِّثين والمؤخِّرين مِن العامّة والخاصَّة واعترف به المخالفون، راجع تفاسيرهم ذيل قوله تعالى: «فما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ - الآية » [الدّخان: ٢٩] وأيضاً تفسير الدّرّ المنثور ج ٦ ص ٣٠، وتاريخ دمشق لابن عساكر ج ٧ ص ١٤٨، والخصائص الكبرى ج ٢ ص ١٢٦، وتهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني ج ٢ ص ٢٥٤، وتاريخ الخلفاء للسّيوطيّ، ومجمع الزَّوائد للهيثميّ، وغيرهم من العامّة، وجلّ المحدّثين من الخاصّة. نقل ابن عساكر بإسناده عن ابن سيرين أنّه قال: « لم تبك السَّماءُ على أحدٍ

٨٢

٢ - حدَّثني أبو الحسين أحمد بن عبدالله بن عليٍّ النّاقِد(١) قال: حدَّثني عبدالرَّحمن البلخيُّ. وقال لي أبو الحسين: وأخبرني عمّي عن أبيه، عن أبي نَضْرة

__________________

بعد يحيى بن زَكريّا إلاّ على الحسن بن عليّ »عليه‌السلام ، وقال: « لم نكن نرى هذه الحمرة في السَّماء حتّى قُتل الحسين بن عليٍّ »عليهما‌السلام ، وعن خلف بن خليفة، عن أبيه قال: « لمّا قتل الحسين اسودَّتِ السّماءُ وظهرتِ الكواكب نهاراً، حتّى رأيتُ الجَوزاء عند العصر وسقط التراب الأحمر ». وعن خَلاّد - وكان ينزل بني جُحدر - قال: « حدَّثتني اُمّي، قالتْ: كنّا زماناً بعد مقتل الحسين، وإنَّ الشَّمس تطلع محمرَّة على الحيطان والجدر بالغداة والعشيّ، قالت: وكانوا لا يرفعون حَجَراً إلاّ يوجد تحته دم »، وعن نصرة الأزديّة قالت: « لمّا أنْ قتل الحسين مطرتِ السَّماء دماً، فأصبحت وكلّ شيءٍ لنا ملآن دَماً » وعن جعفر بن سالم قال: حدَّثَتْني خالتي اُمّ سالم قالت: « لمّا قتل الحسين مطرنا مطراً كالدَّم على البيوت والجدر، قال: وبلغني أنّه كان بخراسان والشّام والكوفة »، وقال بوّاب عبيدالله بن زياد: « لمّا جيء برأس الحسين فوضع بين يديه رأيت حيطان دار الإمارة تَسايَل دَماً »، وعن اُمّ حيّان قالت: « يوم قتل الحسين أظلمت علينا ثلاثاً، ولم يَمَسَّ أحدٌ مِن زعفرانهم شيئاً فجعله على وجهه على وجهه إلاّ احترق، لم يقلب حجر ببيت المقدس إلاّ أصبح تحته دم عبيط ». ( العبيط من الدَّم: الخالص الطّريّ ).

وعن محمّد بن عمر بن عليّ: « أرسل عبدالملك إلى ابن رأس الجالوت فقال: هل كان في قتل الحسين عَلامَة؟ قال ابن راس الجالوت: ما كشف يومئذٍ حجر إلاّ وجد تحته دم عبيط ».

وقال الحافظ نور الدّين عليّ بن أبي بكر الهيثميّ في كتابه المعروف بـ « مجمع الزّوائد » ( ج ٩ ص ١٩٦، دار الكتاب: بيروت - لبنان ) روى الطّبراني بسند - رجاله ثقات - عن الزُّهريّ « قال: قال لي عبدالملك: أيّ واحد أنت إن أعلمتني أيّ علامة كانت يوم قتل الحسين؟ فقال: قلت: لم ترفع حصاة ببيت المقدس إلاّ وجد تحتها دم عبيط، فقال لي عبدالملك، إنّي وإيّاك في هذا الحديث لقرينان ».

وعن الزّهريّ « قال: ما رفع بالشّام حجرٌ يوم قتل الحسين بن عليّ إلاّ عن دم »، وقال: رواه الطّبراني ورجاله رجال الصّحيح.

وعن اُمّ حكيم « قالت: قتل الحسين وأنا يومئذ جويرية، فمكثتِ السّماء أيّاماً مثل العلقة »، قال: رواه الطّبرانيّ ورجاله إلى اُمّ حكيم رجال الصّحيح. أقول: « اُمّ حكيم » صَحابيّة.

١ - تقدّم في ص ٧٤ وفيه: « محمّد بن عبدالله بن عليّ النّاقد، عن عبدالرّحمن الأسلميّ ».

٨٣

- عن رَجل من أهل بيت المقدس - « أنّه قال: والله لقد عرفنا أهل بيت المَقْدِس ونواحيها عَشيّةَ قتل الحسين بن عليٍّ [عليهما‌السلام ]، قلت: وكيف ذاك؟ قال: ما رَفعنا حَجَراً ولا مَدَراً ولا صخراً إلاّ ورأينا تحتها دَماً عَبيطاً يغلي، واحمرَّت الحيطان كالعلق، ومطر ثلاثة أيّام دَماً عَبيطاً، وسمعنا منادياً ينادي في جوف اللّيل يقول:

أَتَرْجُو اُمَّةٌ قَتَلَتْ حُسَيْناً

شَفاعَةَ جَدِّهِ يَومَ الحسابِ

مَعاذَ اللهِ! لا نِلْتُمْ يَقيناً

شَفاعةَ أحْمَدَ وَأبي تُرابِ

قَتَلْتُمْ خَيْرَمَنْ رَكبَ الْمَطايا

وَخَيْرَ الشَّيْبِ طَرّا وَالشَّبابِ

 وانكسفت الشَّمس ثلاثة أيّام(١) ثمَّ تجلّت عنها وانشبكت النُّجوم(٢) ، فلمّا كان مِنَ الغَد اُرجفنا بقتله، فلم يأت علينا كثير شيءٍ حتّى نعي إلينا الحسينعليه‌السلام ».

٣ - حدَّثنا أبو الحسن أحمدَ بن عبدالله بن عليٍّ النّاقد بإسناده قال: قال عُمَر ابن سعد: حدَّثني أبو معشر، عن الزُّهريّ « قال: لمّا قتل الحسينعليه‌السلام لم يبق في بيتِ المَقْدِس حصاةٌ إلاّ وجد تحتها دمٌ عَبيط ».

الباب الخامس والعشرون

( ما جاء في قاتل الحسين وقاتل يحيى بن زكريّا عليهم السلام)

١ - حدَّثني أبي - رحمه الله تعالى -؛ وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى؛ ومحمّد بن الحسين بن أبي الخّطاب، عن جعفر بن بشير، عن حمّاد، عن كُلَيْب بن مُعاويةَ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: كان قاتل

__________________

١ - في البحار: « انكسفت الشّمس ثلاثاً ». والمراد: أنّا رأيناها منكسفاً في أعيننا.

٢ - كذا في النّسخ، وفي البحار أيضاً، والصّواب: « اشتبكت النّجوم »، وفي اللّسان: اشتبكت النّجوم: أي ظهرت جميعها واختلط بعضها ببعض لكثرة ما ظهر منها.

٨٤

يحيى بن زَكريّا ولد زنا، وكان قاتل الحسينعليه‌السلام ولد زنا، ولم تبكِ السَّماء إلاّ عليهما ».

حدّثني محمّد بن الحسن؛ ومحمّد بن أحمد بن الحسين جميعاً، عن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار، عن أبيه، عن الحسن، عن فَضالَةَ بن أيّوب، عن كُلَيْب بن معاوية الأسديِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام مثله.

٢ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن إبراهيم بن هاشم، عن عثمان بن عيسى، عن عَمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنَّ في النار لمنزلة لم يكن يستحقّها أحدٌ من النّاس إلاّ قاتل الحسين بن عليٍّ، ويحيى بن زكريّاعليهم‌السلام ».

٣ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وعليُّ بن الحسين، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد، عن محمّد بن سِنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سمعته يقول: تقتل واللهِ ذَراري قَتَلَةِ الحسين بفعال آبائها »(١) .

٤ - حدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضّال، عن ابن بُكَير، عن زُرارةَ، عن عبدالخالق، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: كان قاتل الحسينعليه‌السلام ولد زنا، وقاتل يحيى بن زَكريّا ولد زنا ».

٥ - حدَّثني محمّد بن جعفر القرشيُّ الرَّزّاز، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخّطاب، عن عليّ بن النّعمان، عن مُثنّى، عن سَدِير « قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: إنَّ الله [جلَّ وعَزَّ] جعل قتل أولاد النَّبيّين من الاُمم الماضية(٢) على يدي أولاد زنا ».

٦ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن صَفوان بن يحيى، عن داود بن فَرقَد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: كان الّذي قتل الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام ولد زنا، والَّذي قتل يحيى بن زَكريّا ولد زنا ».

__________________

١ - لأنّهم يرضون بفعال آبائهم.

٢ - في البحار: « في الأمم الماضية ».

٨٥

٧ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن عليِّ بن أسباط، عن إسماعيلَ بن أبي زياد - عن بعض رجاله - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « في قول فرعونَ: « ذَرُوني أقتُلْ مُوسى(١) »، فقيل له: مَن كان يمنعه؟ قال: كان لَرِشْذَة(٢) ، لأنَّ الأنبياء والحُجَج لا يقتلهم إلاّ أولاد زنا والبغايا ».

وحدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله بن أبي خلف، عن محمّد بن الحسين بهذا الحديث(٣) .

٨ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عُمَير - عن بعض أصحابه - عن ابن مُسكان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قاتل الحسين بن عليِّ ولد زنا ».

٩ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن الحسن، عن سعد بن عبدالله، عن إبراهيم بن هاشم، عن عثمانَ بنِ عيسى، عن عَمرِو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: لا يقتل النَّبيّين وأولاد النَّبيّين إلاّ أولاد زنا ».

١٠ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله؛ وعبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أحمدَ بن أبي عبدالله البرقيِّ، عن أبيه محمّد بن خالد، عن عبدالعظيم ابن عبدالله بن عليِّ الحَسَنيِّ، عن الحسن بن الحسين العَمريّ، عن الحسين بن شَدّاد الجعفيِّ، عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يقتل الأنبياء وأولاد الأنبياء إلاّ ولد زنا ».

١١ - حدّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليِّ بن الفَضّال، عن مَروان بن مسلم، عن إسماعيلَ بن كثير « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: كان قاتل الحسين بن عليٍّ ولد زنا، وكان قاتل يحيى بن زكريّا ولد زنا، ولم تبكِ السّماء والأرض إلاّ لهما - وذكر الحديث - ».

__________________

١ - غافر: ٢٦.

٢ - الرَشدة - بفتح الرّاء وكسرها -: « ضدّ الزّنية، يقال: ولد لرشدة.

٣ - في بعض النّسخ: « بهذه الأحاديث ».

٨٦

الباب السّادس والعشرون

( بكاء جميع ما خلق الله على الحسين بن عليٍّ عليهما السلام)

١ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرزاز القُرَشيُّ قال: حدَّثني خالي محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن إسماعيلَ بنِ بزيع، عن ابي إسماعيلَ السّرّاج(١) ، عن يحيى بن مُعمّر العطّار، عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: بكتِ الإنس والجنّ والطّير والوحش على الحسين بن عليعليهما‌السلام حتّى ذَرَفَتْ دُمُوعها(٢) ».

وحدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله بن أبي خلف؛ ومحمّد بن يحيى العطّار جميعاً، عن محمّد بن الحسين بإسناده مثله.

٢ - حدّثني أبي - رحمه الله تعالى - وعليُّ بن الحسين، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن أحمدَ بن أبي داود، عن سعد [بن] أبي عمر الجَلاّب(٣) ، عن الحارث الأعور « قال: قال عليُّعليه‌السلام : بأبي واُمي؛ الحسين المقتول بظهر الكوفة، واللهِ كأنّي أنظر إلى الوحوش مادّة أعناقها على قبره من أنواع الوحش، يبكونه ويرثونه ليلاً حتّى الصّباح، فإذا كان ذلك فإيّاكم والجفاء(٤) ».

٣ - وحدَّثني محمّد بن جعفر القرشيُّ الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسن بن عليّ بن أبي عثمان، عن عبدالجبّار النّهاونديّ، عن أبي سعيد، عن الحسين بن ثُوَيْر بن أبي فاخِتَه؛ ويونس بن ظَبْيان؛ وأبي سَلَمة -

____________

١ - هو عبدالله بن عثمان بن عمرو الفزاريّ الثّقة، روى عن أبي عبداللهعليه‌السلام . ( صه. جش ).

٢ - ذَرَفَ الدّمع ذَرْفاً وذَرَفاناً: سال.

٣ - في البحار: « عن سعيد بن [أبي] عمرو الجلاّب ». وسيأتي الخبر في الباب ٩٧.

٤ - الجفاء: البعد عن الشّيء، وترك الصّلة والبرّ، وغلظ الطّبع، والأوسط هنا أظهر. ( البحار ).

٨٧

السَّرَّاج؛ والمفضّل بن عُمَرَ كلّهم قالوا: « سمعنا أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: إنّ أبا عبدالله الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام لمّا مضى بكت عليه السَّماوات السَّبع والأرضون السَّبع وما فيهنَّ وما بينهنّ ومَن ينقلب عليهنَّ، والجنَّة والنّار، وما خلق ربّنا وما يرى وما لا يرى ».

وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن عليٍّ بن أبي عثمان بإسناده مثله.

٤ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن الحسين بن عبيدالله، عن الحسن بن عليّ بن أبي عثمان، عن عبدالجبّار النّهاونديّ، عن أبي سعيد، عن الحسين بن ثُوير؛ ويونس؛ وأبي سَلَمة السَّرّاج؛ والمفضّل بن عُمَرَ « قالوا: سمعنا أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: لمّا مضى الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام بكى عليه جميع ما خلق الله إلاّ ثلاثة أشياء البصرة ودمشق وآل عثمان ».

٥ - حدّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن الحسن بن راشد، عن الحسين بن ثُوَير « قال: كنت أنا ويونس بن ظَبيان والمفضّل بن عُمَر وأبو سلمة السَّرّاج جلوساً عند أبي عبداللهعليه‌السلام فكان المتكلّم يونسُ، وكان أكبرنا سِنّاً وذكر حديثاً طويلاً يقول، ثمَّ قال أبو عبداللهعليه‌السلام : إنّ أبا عبداللهعليه‌السلام لمّا مضى بكتْ عليه السّماوات السّبع والأرضون السّبع وما فيهنَّ وما بينهنّ، وما ينقلب في الجنّة والنّار مِن خلق ربِّنا، وما يرى وما لا يرى بكى على أبي عبدالله، إلاّ ثلاثة أشياء لم تَبْكِ عليه، قلت: جُعِلتُ فِداكَ ما هذه الثّلاثة أشياء؟ قال: لم تَبْكِ عليه البصرة ولا دَمشق ولا آل عثمان بن عَفّان - وذكر الحديث ».

٦ - وحدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البصريّ، عن عبدالله ابن عبدالرَّحمن الأصمّ، عن أبي يعقوبَ، عن أبان بن عثمان، عن زُرارَةَ « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : يا زُرارَة إنَّ السّماء بكت على الحسين أربعين صباحاً بالدَّم؛ و

٨٨

إنَّ الأرض بَكَتْ أربعين صباحاً بالسَّواد؛ وإنَّ الشَّمس بَكَتْ أربعين صباحاً بالكُسوف والحُمرَة؛ وإنَّ الجبال تَقَطعتْ وانْتَثَرتْ؛ وإنَّ البحار تَفجَّرت؛ وإنَّ الملائكة بَكَت أربعين صباحاً على الحسينعليه‌السلام ، وما اخْتَضَبتْ منّا امرءةٌ ولا ادَّهَنتْ ولا اكْتَحَلتْ ولا رَجَّلتْ حتّى أتانا راس عبيدالله بن زياد، ومازلنا في عَبرةٍ (١) بعده، وكان جدِّي إذا ذكره بكى حتّى تملأ عيناه لحيته، وحتّى يبكي لبكائه - رحمة له - مَن رَآه، وإنَّ الملائكة الَّذين عند قبره ليَبكون، فيبكي لبكائهم كلُّ مَن في الهَواءِ والسَّماء من الملائكة، ولقد خرجتْ نفسهعليه‌السلام فزَفَرَتْ جهنَّمُ زَفْرَةً كادتِ الأرض تنشقّ لزَفْرَتها، ولقد خَرَجتْ نفسُ عبيدالله بن زياد ويزيدَ بن معاويةَ [لعنهم الله]، فشَهِقَتْ جهنَّم شَهْقَة لولا أنَّ الله حبسها بخزّانها لاُحْرقتْ مَن على ظهر الأرض مِن فَورها، ولو يؤذن لها ما بقي شيء إلاّ ابْتلَعتْه، ولكنّها مأمورةٌ مصفودَةٌ ولقد عَتَتْ على الخُزَّان غير مرَّةٍ حتّى أتاها جبرئيل فضربها بجناحِه فَسَكَنتْ، وإنّها لتبكيه وتَنْدُبه، وإنّها لتتلظّى على قاتِله، ولولا مَن على الأرض مِن حُجَج الله لنقضتِ الأرض وأكفأتْ [بـ]ـما عليها، وما تكثر الزَّلازل إلاّ عند اقتراب السّاعة؛

وما من عَين أحبُّ إلى الله؛ ولا عَبرةٌ مِن عين بَكتْ ودَمَعَت عليه، وما مِن باكٍ يبكيه إلاّ وقد وصل فاطمةعليها‌السلام وأسعدها عليه(٢) ووصَلَ رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأدّى حقّنا، وما من عبد يُحشَرُ إلاّ وعيناه باكيةً إلاّ الباكين على جدِّيَ الحسينعليه‌السلام ، فإنّه يحشر وعينه قَريرة، والبشارة تلقاه والسّرور [بيّن] على وجهه، والخلق في الفزع وهم آمنون، والخلق يعرضون وهم حدّاث الحسينعليه‌السلام تحت العرش وفي ظلِّ العرش، لا يخافون سوءَ يوم الحساب، يقال لهم: ادخلوا الجنّة، فيأبون ويختارون مجلسه وحديثه، وأنَّ الحور لترسل إليهم أنّا قد اشتقناكم مع الولدان المخلّدين فما يرفعون رؤوسهم إليهم لما يرون في مجلسهم

__________________

١ - العَبْرَة: الدَّمعة قبل أن تفيض، وقيل: تردّد الكباء في الصّدر، وقيل: الحزن بلا بكاء ( أقرب الموارد ) ورجَل الشَّعر: سرّحه.

٢ - أسعدها أي عاونها.

٨٩

مِنَ السُّرور والكَرامَة، وإنَّ أعداءَهم مِن بين مَسْحوب (١) بناصيته إلى النّار، ومِن قائل: « ما لَنا مِن شافِعينَ وَلا صَدِيقٍ حَميم (٢) »؛

وإنّهم ليرون منزلهم، وما يقدرون أن يدنوا إليهم ولا يصلون إليهم، وإنَّ الملائكة لتأتيهم بالرِّسالة مِن أزواجهم ومِن خُزّانهم(٣) على ما اُعطوا مِن الكَرامة فيقولون: نأتيكم إن شاء الله، فيرجعون إلى أزواجهم بمقالاتهم، فيزدادون إليهم شوقاً إذا هم خبّروهم بما هم فيه مِنَ الكَرامة وقُربهم مِن الحسينعليه‌السلام ، فيقولون: الحمدلله الَّذي كفانا الفَزَع الأكبرَ، وأهوال القيامة، ونجّانا ممّا كنّا نخاف، ويؤتون بالمراكب والرِّحال على النَّجائب(٤) ، فيستوون عليها، وهم في الثَّناء على الله والحمد ‏لله والصَّلاة على محمَّدٍ وآله، حتّى يَنْتَهوا إلى منازلهم ».

٧ - حدَّثني محمّد بن عبدالله(٥) ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البَصريِّ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ، عن عبدالله بن مُشكانَ، عن أبي بصير « قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام [و] اُحدِّثه، فدخل عليه ابنُه فقال له: مَرْحباً، وضَمَه وقَبَّله، وقال: حَقَر اللهُ مَن حَقّركم، وانتقم مِمَّن وَتَركم(٦) ، وخَذَلَ الله مَن خَذلكم، ولعن الله مَن قتلكم، وكان اللهُ لكم وليّاً وحافظاً وناصراً، فقد طال بُكاء النِّساء وبُكاء الأنبياء والصِّدّيقين والشّهداء وملائكة السَّماء، ثمَّ بكى وقال: يا أبا بصير إذا نظرتُ إلى وُلْدِ الحسين أتاني ما لا أملكه بما اُتي إلى أبيهم وإليهم، يا أبا بصير إنّ فاطمةعليها‌السلام لتبكيه وتشهق، فتَزْفِر جهنَّم زَفْرَة لولا أنَّ الخَزَنة يسمعون بُكاءَها وقد

__________________

١ - سَحَبَه أي جرّه على وجه الأرض.

٢ - مقتبسٌ من الآية ١٠٠ من سورة الشّعراء. وفيه: « فما لنا الآية ».

٣ - في بعض النّسخ: « من خدّامهم ». وفي البحار مثل ما في المتن.

٤ - النَّجائب جمع النَّجيبة، مؤنّث النَّجيب، وهو الكريم الحسيب من الإنسان والحيوان، يقال: رجلٌ وجمل نجيب. ( أقرب الموارد ).

٥ - يعني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريّ.

٦ - أي ظلمكم.

٩٠

استَعدُّوا لذلك مَخافة أنْ يخرج منها عُنُق أو يَشْرَر (١) دُخانها فيحرق أهل الأرض فيَكْبَحونها (٢) ما دامَتْ باكية، ويزجُرونها ويستوثِقون من أبوابها مَخافةً على أهل الأرض، فلا تَسْكنْ حتّى يسكن صوتُ فاطمةعليها‌السلام .

وإنّ البِحار تَكاد أنْ تَنْفَتِق(٣) فيدخل بعضها على بعض، وما منها قَطرةٌ إلاّ بها ملكٌ مُوَكّل، فإذا سمع الملك صوتَها أطفأ نارها بأجْنِحَته(٤) ، وحبس بعضها على بعض مخافةً على الدُّنيا وما فيها ومَن على الأرض، فلا تزال الملائكة مُشفِقين يبكون لبكائِها، ويدعون الله ويتضرَّعون إليه، ويتضرَّع أهلُ العرش ومَن حَوله؛

وترتفع أصواتٌ مِن الملائكة بالتَّقديس للهِ مَخافةً على أهل الأرض، ولو أنّ صوتاً مِن أصواتهم يصل إلى الأرض لصَعِق أهلُ الأرض وتقطّعتِ الجبال(٥) وزَلزلتِ الأرض بأهلها.

قلت: جُعِلتُ فداك إنَّ هذا الأمر عظيم! قال: غَيرُه أعظمُ منه ما لم تسمعه، ثمّ قال لي: يا أبا بصير أما تحبُّ أن تكون فيمن يُسعد فاطمةعليها‌السلام ؟ فبكيت حين قالها فما قدرت على النّطق، وما قدر ( كذا ) على كلامي من البكاء(٦) ، ثمَّ قام إلى المصلّى يدعو، فخرجت مِن عنده على تلك الحال، فما انتفعت بطعام وما جاءَني النَّوم، وأصبحت صائماً وَجِلاً(٧) حتّى أتيته، فلمّا رَأيته قد سكن سكنتُ، وحمدتُ الله حيث لم تُنزل بي عُقوبة ».

__________________

١ - الشَّرَر - محرّكة -: ما يتطاير من النّار.

٢ - كبحتَ الدّابّه: إذا جذبتها إليك باللِّجام لكي تقف ولا تجري.

٣ - أي تنشقّ، أو تشقّق.

٤ - نأرت النّائرة نأراً: هاجت، والمراد ثوران الماء وغليانها.

٥ - في البحار: « تقلّعت الجبال ».

٦ - في البحار: « وما قدرت على كلامي من البكاء ».

٧ - أي خوفاً.

٩١

الباب السّابع والعشرون

( بُكاء الملائكة على الحسين بن عليٍّ عليهما السلام)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن رِبْعيِّ ابن عبدالله، عن الفَضيل بن يَسار، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: ما لكم لا تأتونه - يعني قبر الحسينعليه‌السلام - فإنَّ أرْبعة آلاف ملكٍ يبكونـ[ـه] عند قبره إلى يوم القيامة ».

٢ - وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن موسى بن سَعْدانَ، عن عبدالله بن القاسم، عن عُمر بن أبانَ الكلبيِّ، عن أبان ابن تَغلب « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : إنَّ أربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القِتال مع الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام ، لَمْ يؤذن لهم في القتال فرجعوا في الاستيذان فهبطوا وقد قتل الحسينعليه‌السلام فهم عند قبره شُعْثٌ غُبْرٌ يبكونه إلى يوم القيامة، رئيسهم ملك يقال له: المنصور ».

٣ - وحدّثني أبيرحمه‌الله وجماعةُ مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن عليَّ بن إسماعيل بن عيسى، عن حمّاد بن عيسى، عن رِبْعيّ، عن الفضيل بن يَسار « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : ما لكم لا تأتونه - يعني قبر الحسينعليه‌السلام - فإنَّ أربعة آلاف ملك يبكون عنده إلى يوم القيامة ».

٤ - وحدّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السَّرَّاج، عن يحيى بن مُعمّر العطّار، عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: أربعة آلاف ملك شُعْثٍ غُبرٍ يبكونه إلى يوم القيامة ».

٥ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله وعليُّ بن الحسين جميعاً، عن سعد بن عبدالله،

٩٢

عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن عليِّ بن أبي حمزةَ، عن أبي بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: وكّل الله تعالى بالحسينعليه‌السلام سبعين ألف مَلَك يصلّون عليه كلَّ يوم شُعثاً غبراً منذ يوم قتل إلى ما شا الله - يعني بذلك قيام القائمعليه‌السلام - ».

٦ - وعن سعد، عن إبراهيم بن هاشم، عن ابن فضّالَ، عن ثعلبَةَ(١) ، عن مبارك العطّار، عن محمّد بن قيس « قال لي أبو عبداللهعليه‌السلام : عند قبر الحسينعليه‌السلام أربعة آلاف مَلَك شُعثٍ غُبرٍ يَبكونه إلى يوم القيامة ».

٧ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن الحسن؛ وعليِّ بن الحسين جميعاً، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن إسحاقَ بن إبراهيم، عن هارون(٢) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: وكّل الله به(٣) أربعة آلاف مَلَك شُعثٍ غُبرٍ يبكونه إلى يوم القيامة ».

٨ - حدّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصَّفّار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن صَفوان بن يحيى، عن حَريز، عن الفضيل، عن أحدهما(٤) عليهما‌السلام « قال إنّ على قبر الحسينعليه‌السلام أربعة آلاف مَلَك شُعثٍ غُبرٍ يبكونه إلى يوم القيامة - قال محمّد بن مسلم: يَحرُسُونه - ».

٩ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن العبّاس بن معروف، عن حمّاد بن عيسى، عن رِبْعي « قال: قلت

__________________

١ - يعني ابن ميمون، كان وجهاً في أصحابنا، قارياً فقيهاً، كان حسن العمل، كثير العبادة والزّهد، روى عن الصّادق الكاظم عليهما السالم قصه. جش ).

٢ - هو هارون بن خارجة الصّيرفي الثّقة، كما هو مذكور في الكافي.

٣ - أي بقبر الشهيد المفدّى الحسين عليه الصلاة السلام. والخبر بهذا السّند مذكور في الكافي بزيادة، وهي: « وكّل الله بقبر الحسينعليه‌السلام أربعة آلاف - إلخ ». وسيأتي الخبر مع زيادته مثل ما في الكافي في الباب ٧٧ تحت رقم ١.

٤ - يعني الإمامين الباقر والصادقعليهما‌السلام .

٩٣

لأبي عبداللهعليه‌السلام - بالمدينة -: أين قبور الشُّهداء؟ فقال: أليس أفضل الشُّهداء عندكم؟! والَّذي نفسي بيده إنَّ حوله أربعة آلاف مَلَكٍ شُعثٍ غُبرٍ يبكونه إلى يوم القيامة ».

وحدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصَّفّار، عن العبّاس بن معروف مثله.

١٠ - وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزّاز قال: حدَّثني محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي إسماعيل السَّرَّاج، عن يحيى بن مُعَمّر العطّار، عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال أربعة آلاف مَلَك شُعثٍ غُبر يبكون الحسين إلى يوم القيامة، فلا يأتيه أحدٌ إلا استقبلوه، ولا يمرض أحدٌ اإلاّ عادوه، ولا يموت أحدٌ إلاّ شَهدوه ».

وحدّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين بإسناده مثله.

١١ - وحدّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن الحسن بن عليِّ ابن عبدالله بن المغيرة، عن العبّاس بن عامر، عن أبان(١) ، عن أبي حمزة الثّماليِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّ الله وكّل بقبر الحسينعليه‌السلام أربعة آلاف مَلك شُعثٍ غُبر يبكونه من طلوع الفجر إلى زَوال الشَّمس، فإذا زالتِ الشَّمس هبط أربعةُ آلاف مَلكَ وصَعد أرْبعة آلاف ملك، فلم يزل يبكونه حتّى يطلع الفجر - وذكر الحديث - ».

١٢ - حدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن عبدالله، عن عبدالله بن جعفر الحميريّ، عن إبراهيم بن مَهزيار، عن أخيه عليٍّ بن مَهزيار، عن أبي القاسم(٢) ، عن القاسم بن محمّد، عن إسحاق بن إبراهيمَ، عن هارون « قال: سأل رجلٌ

__________________

١ - يعني ابن عثمان الأحمر البجليّ، روى عن الصّادق والكاظمعليهما‌السلام .

٢ - كأنّه الصّيقل وهو مهمل. ويحتمل أن يكون « عن أبي القاسم » من زيادات النّسّاخ، لأن عليٍّ بن مهزيار يروي عن القاسم بن محمّد الجوهري بدون واسطة.

٩٤

أبا عبداللهعليه‌السلام - وأنا عنده - فقال: ما لمن زارَ قبر الحسينعليه‌السلام ؟ فقال: إنَّ الحسينعليه‌السلام لمّا اُصيب بَكَتْه حتّى البلاد، فوكّل اللهُ به أربعةَ آلاف مَلَك شُعْثاً غُبراً، يبكونه إلى يوم القيامة - وذكر الحديث (١) - ».

١٣ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب، عن صَبَاح الحَذّاء(٢) ، عن محمّد بن مَروانَ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سمعته يقول: زُوروا الحسينعليه‌السلام ولو كلَّ سَنَة، فإنَّ كلَّ مَن أتاه عارفاً بحقِّه غير جاحِد لم يكن له عِوَضٌ غير الجنّة، ورُزِق رِزْقاً واسعاً، وأتاه الله بِفَرَج عاجِل، إنّ الله وكَّل بقبر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام أربعة آلاف مَلَكٍ، كلّهم يبكونه، ويشيّعون مَن زاره إلى أهله، فإنْ مرض عادوه، وإنْ ماتَ شهدوا جنازته بالاستغفار له والتَرحّم عليه ».

حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب بإسناده مثله.

١٤ - وحدَّثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن سَيف بن عَمِيرةَ، عن بكر بن محمّد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: وكّل الله بقبر الحسينعليه‌السلام سبعين ألف ملكٍ شُعْثاً غُبراً بيكونه، إلى يوم القيامة، يصلّون عنده، الصَّلاة الواحدة مِن صلواتهم تعدل ألف صلاة مِن صلاة الآدميّين، يكون ثواب صَلَواتهم وأجر ذلك لِمَن زار قبره ».

١٥ - وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب عن صَفوانَ بن يحيى، عن حَنان بن سَدِير، عن مالك الجهنِّي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّ الله وكّل بالحسينعليه‌السلام ملكاً(٣) في أربعة آلاف ملك يبكونه ويستغفرون لزوَّاره ويدعون الله لهم ».

__________________

١ - سيأتي الخبر بتمامه في الباب السّابع والسّبعين تحت رقم ٨.

٢ - هو صبّاح - بفتح الصّاد وتشديد الباء الموحّدة - ابن صَبيح - كشريف - الحَذّاء الفزاريّ، مولاهم، ثقة، روى عن الصّادقعليه‌السلام .

٣ - يقال له: المنصور، كما مرّ.

٩٥

١٦ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريُّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البصريّ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ قال: حدَّثنا الهَيْثم بن واقِد، عن عبدالملك بن مُقَرِّن(١) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إذا زرتم أبا عبداللهعليه‌السلام فألزموا الصَّمْت إلاّ مِن خير، وإنْ ملائكة اللَّيل والنَّهار من الحفظة تحضر الملائكة الّذين بالحائر، فتصافحهم فلا يجيبونهم مِن شدَّة البُكاء فينتظرونهم حتّى تزول الشَّمس وحتّى ينوّر الفجر، ثمَّ يكلّمونهم ويسألونهم عن أشياء مِن أمر السّماء، فأمّا ما بين هذين الوقتين فإنّهم لا ينطقون، ولا يفترون عن البُكاء والدُّعاء، ولا يشغلونهم في هذين الوقتين عن أصحابهم، فإنّما شغلهم بكم إذا نطقتم(٢) .

قلت: جُعِلتُ فِداك وما الّذي يسألونهم عنه وأيّهم يسأل صاحبه؛ الحفظة أو أهل الحائر؟ قال: أهل الحائر يسألون الحفظة، لأنَّ أهل الحائر مِن الملائكة لا يَبرحون، والحفظة تنزل وتصعد، قلت: فما ترَى يسألونهم عنه؟ قال: إنّهم يمرُّون إذا عرجوا بإسماعيل صاحب الهَواء، فربّما وافقوا النَّبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله وعنده فاطمة والحسن والحسين والأئمّة مَن مضى منهم فيسألونهم عن أشياء، وعمّن حضر منكم الحائر، ويقولون: بَشّروهم بدعائكم، فتقول الحفظة: كيف نُبشِّرُهم وهم لا يَسمعون كلامنا؟ فيقولون لهم: باركوا عليهم وادعوا لهم عنّا فهي البشارة منّا، فإذا انصرفوا فحُفّوهم بأجْنِحَتكم حتّى يحسّوا مكانكم وإنّا نستودِعهم الَّذي لا تضيع ودائعه؛

ولو يعلمون ما في زيارته من الخير ويعلم ذلك النّاس لاقتتلوا على زيارته

__________________

١ - قال العلاّمة الأمينيّرحمه‌الله : كذا في النّسخ، لكن الظّاهر أنّ المرويّ عنه هو « مقرن » لا ولده، حيث إنّه هو الّذي يروي عنه الهيثم بن واقد، وهو الرّاوي عن الإمامعليه‌السلام ، وليس في كتب الرّجال والحديث عن ابنه هذا عين ولا أثر - انتهى. أقول: الظّاهر زيادة لفظة « عبدالملك »، والصّواب: « الهيثم بن واقد، عن مُقَرِّن ».

٢ - في البحار: « فإنّهم شغلهم بكم إذا نطقتم ».

٩٦

بالسّيوف، ولباعوا أموالهم في إتيانه، وأنَّ فاطمةعليها‌السلام إذا نَظرتْ إليهم ومعها ألفُ نبيٍّ وألفُ صِدِّيقٍ وألف شهيدٍ مِن الكَرُوبيّين ألف ألف يُسعدونها عَلى البُكاء، وإنّها لتشهق شَهْقَة فلا يبقى في السّماوات ملك إلاّ بكى رحمةً لصوتها، وما تسكن حتّى يأتيها النَّبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله فيقول: يابُنَيّة قد أبكيتِ أهل السَّماوات وشَغَلْتِهم عن التَّسبيح والتَّقديس فكُفّي حتّى يقدّسوا، فإنَّ الله بالغٌ أمره، وإنّها لتنظر إلى مَن حضر منكم فتسأل الله لهم مِن كلِّ خير، ولا تزهدوا في إتيانه! فإنَّ الخير في إتيانه أكثر مِن أن يُحصى ».

١٧ - وحدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريُّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البَصريّ، عن عبدالله ابن عبدالرَّحمن الأصَمّ قال: حدّثنا أبو عبيدة البَزَّاز(١) ، عن حَريز، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قلت له: جُعِلتُ فِداك ما أقلّ بقاؤكم أهل البيت وأقرب آجالكم بعضها مِن بعضٍ مع حاجة هذا الخلق إليكم! فقال: إنَّ لكلِّ واحدٍ منّا صحيفةٌ فيها ما يحتاج إليه أن يعمل به في مُدَّته، فإذا انقضى ما فيها ممّا اُمر به عرف أنَّ أجله قد حضر، وأتاه النَّبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله ينعى إليه نفسه وأخبره بما له عند الله، وإنَّ الحسينعليه‌السلام قرء صحيفته الّتي اُعطيها وفسّر له ما يأتي وما يبقى، وبقي منها أشياء لم تنقضْ فخرج إلى القتال، فكانَتْ تلك الاُمور الّتي بَقيتْ أنَّ الملائكة سألتِ الله في نُصْرَته فأذن لهم، فمكثت تستعدُّ للقتال وتتأهّب لذلك حتّى قُتِل، فنزلتِ الملائكة قد انقطعت مُدّته، وقتلعليه‌السلام ، فقالت الملائكة: يا رَبِّ أذنت لنا بالانحدار(٢) في نُصرته، فانحدرنا وقد قبضته؟ فأوحى الله تبارك وتعالى إليهم أن ألزموا قبره(٣) حتّى تروه وقد خرج فانصروه، وابكوا عليه وعلى ما فاتكم مِن نصرته، وإنّكم خصّصتم بنصرته والبكاء عليه، فبكتِ الملائكة حُزناً وجَزَعاً على ما فاتهم مِن نصرة الحسينعليه‌السلام ، فإذا خرجعليه‌السلام يكونون أنصاره ».

__________________

١ - في الكافي: « أبو عبدالله البزّاز ».

٢ - الانحدار: النّزول والهبوط.

٣ - في البحار: « أن ألزموا قبّته ».

٩٧

الباب الثّامن والعشرون

( بُكاء السَّماء والأرض على قتل الحسين ويحيى بن زكريّا عليهم السلام)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي: عليُّ بن الحسين؛ ومحمّد بن الحسن، عن سعد بن عبدالله، عن يَعقوبَ بن يزيدَ، عن أحمدَ بن الحسن الميثميِّ، عن عليِّ الأزرق، عن الحسن بن الحكم النَّخَعيِّ(١) - عن رَجل - « قال: سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام في الرُّحْبة وهو يتلو هذه الآية(٢) «فَما بَكَت عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالأرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرين َ(٣) »، وخرج عليه الحسين مِن بعض أبواب المسجد، فقال: أما إنَّ هذا سيُقتل وتبكي عليه السَّماء والأرض ».

٢ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين، عن داود بن عيسى الأنصاريّ(٤) ، عن محمّد بن عبدالرَّحمن بن أبي ليلى، عن إبراهيم النَّخعيِّ « قال: خرج أمير المؤمنينعليه‌السلام فجلس في المسجد واجتمع أصحابه حوله وجاءَ الحسينعليه‌السلام حتّى قام بين يديه فوضع يده على رأسه فقال: يا بني إنَّ الله عَيَّرَ(٥) أقواماً بالقُرآن، فقال: «فما بَكَتْ عَلَيْهِمْ السَّماءُ وَالأرضُ وَما كانُوا مُنظَرينَ »، وأيْمُ اللهِ ليَقتلنّك بَعدي، ثمّ تبكيك السَّماءُ والأرض ».

وحدَّثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، بإسناده مثله.

٣ - وحدَّثني محمّد بن جعفر، عن محمّد بن الحسين، عن وُهَيب بن

____________

١ - هو أبو الحسن الكوفيّ، روى عن إبراهيم النّخعيّ وغيره، من رجال العامّة، مات سنة بضع وأربعين ومائة.

٢ - في البحار: « سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام وهو يقول في الرّحبة وهو يتلو هذه الآية - إلخ ».

٣ - الدّخان: ٢٩.

٤ - في بعض النّسخ: « يزداد بن عيسى الأنصاري ».

٥ - عيّر فلاناً: نسبه إلى العار، وقبّح عليه فعله.

٩٨

حفص النَّحّاس، عن أبي بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّ الحسينعليه‌السلام بكى لقتله السَّماء والأرض واحمرّتا، ولم تبكيا على أحدٍ قطّ إلاّ على يحيى بن زكريّا، [ والحسين بن عليٍّعليهم‌السلام ] ».

وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين، بإسناده مثله.

٤ - وحدَّثني عليُّ بن الحسين بن موسى بن بابويه؛ وغيره، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن عبدالجبّار، عن الحسن بن عليّ بن فَضّال، عن حمّاد بن عثمان، عن عبدالله بن هِلال « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: إنَّ السَّماء بكتْ على الحسين بن عليِّ ويحيى بن زَكريّا، ولم تبك على أحدٍ غيرهما، قلت: وما بكاؤها؟ قال: مكثتْ أربعين يوماً تطلع كالشَّمس بحُمْرَة وتغرب بحُمْرة، قلت: فذاك بكاؤها؟ قال: نعم ».

٥ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن عبدالله بن أحمد، عن عُمرَ بن سَهل، عن عليِّ بن مُسْهِر القُرَشيِّ « قال: حدَّثتني جدَّتي أنّها أدركتِ الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام حين قُتل فمكثنا سنة وتسعة أشهر، والسّماء مثلُ العَلّقةِ مثلُ الدَّم، ما ترى الشَّمس »(١) .

٦ - حدَّثني علي بن الحسين بن موسى، عن عليِّ بن إبراهيمَ بنِ هاشم، عن أبيه، عن ابن فَضّال، عن أبي جَميلَة، عن محمّد بن عليِّ الحلبيِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « في قوله تعالى: «فما بَكَتْ عَلَيهِمُ السَّماءُ وَالأرضُ وَما كانَوا مُنْظَرينَ »، قال: لم تَبكِ السَّماء على أحدٍ منذ قتل يحيى بن زكريّا حتّى قُتل الحسينعليه‌السلام فبَكَت عليه ».

٧ - وحدّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز القرشيُّ قال: حدَّثني محمّد بن الحسين ابن أبي الخطّاب، عن صَفوانَ بن يحيى، عن داودَ بنِ فَرْقَد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام

__________________

١ - تقدّم الكلام فيه، راجع ص ٧٧ و ٧٨.

٩٩

 « قال: احمرَّتِ السَّماء حين قُتل الحسينعليه‌السلام سَنَةً، ويحيى بن زَكريّا، وحُمرتُها بُكاؤها ».

٨ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليِّ بن فَضّال، عن ابن بُكير، عن زُرارةَ، عن عبدالخالق ابن عبدِرَبّه « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: «لم نَجعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَميّاً (١) »، الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام لم يكن له مِن قبلُ سَميّاً، ويحيى بن زَكريّاعليهما‌السلام لم يكن له من قَبلُ سَميّاً، ولم تبك السَّماء إلاّ عليهما أربعين صباحاً، قال: قلت: ما بُكاؤها؟ قال: كانت تطلع حَمراء وتغرب حَمراء ».

٩ - وحدَّثني عليُّ بن الحسين بن موسى، عن عليِّ بن إبراهيم؛ وسعد بن عبدالله جميعاً، عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن أبي جميلَة، عن جابر، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: مابكتِ السَّماء على أحدٍ بعد يحيى بن زَكريّا إلاّ على الحسين بن عليِّعليهم‌السلام، فإنّها بَكتْ عليه أربعين يوماً ».

١٠ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز الكوفيّ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن جعفر بن بَشير، عن كُلَيْب بن مُعاويةَ الأسديّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام » قال: لم تبكِ السَّماء إلاّ على الحسين بن عليٍّ ويحيى بن زَكريّاعليهم‌السلام ».

١١ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن نَصر بن مُزاحم، عن عُمَرَ بن سعد، عن محمّد بن سَلَمة - عمّن حدَّثه - « قال: لمّا قتل الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام أمطرتِ السَّماء تراباً أحمر ».

١٢ - حدًّثني حكيم بن داودَ بن حكيم، عن سَلَمة بن الخطّاب، عن محمّد بن أبي عُمَير، عن الحسين بن عيسى(٢) ، عن أسلم بن القاسم قال: أخبرنا عُمَرُ بنُ وَهْب(*) ، عن أبيه، عن عليِّ بن الحسينعليهما‌السلام « قال: إنَّ السّماء لم تبكِ منذ

__________________

١ - أي لم يسمّ أحدٌ قبله باسمه، وهو قوله تعالى: «يا زَكَريّا إنّا نُبشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يحيى لم نجعَلْ لَهُ مِنْ قَبلُ سَميّاً » [مريم: ٧].

* - في بعض النّسخ: « عمرو بن ثبيت ».

٢ - الظّاهر هو الحسين بن عثمان وصحّف، وله كتاب يرويه ابن أبي عمير.

١٠٠

لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً

____________________________________

من طريق على عن ابن عباس في الآية لا يتمنى الرجل فيقول ليت لي مال فلان واهله : وفي نهي الآية وسوقها توبيخ كبير على غفلة الإنسان عما يتمتع به من النعم العظيمة وعن الله المنعم بها عليه وعن عظيم ملك الله وقدرته ، وجوده ، وحكمته ، فتطمح نفسه الخسيسة إلى خصوص ما عند غيره مما اقتضت حكمة الله ورحمته أن ينعم بها عليه فيتمناه لنفسه مع ان الله قادر على إعطائه مثله وخيرا منه. أفلا يجب على العبد أن يرغب إلى ربه وخالقه مالك الملك القادر المنعم الوهاب. وماذا ينال من التمني إلّا حسراته وخسة الحسد وآلامه( لِلرِّجالِ نَصِيبٌ ) من عطاء الله ونعمته وفضله( مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ ) وحصل لهم بالملك والجدة والاختصاص ولو بالإرث مثلا. وفي النهاية في الحديث أطيب ما يأكل الرجل من كسبه وولده من كسبه. أو ان المراد اشارة إلى الغالب من ان الناس يسعون ويسترزقون الله فينعم الله عليهم بكسبهم. و «من» الجارة في «مما» في كلتا الجملتين وعلى كلا الوجهين هي بيانية لبيان النصيب فإن نصيبهم من عطاء الله هو كل ما اكتسبوه لا بعضه. فما بال الذين يركنون إلى أوهام الأماني وهي التي تجر إلى الشر واختلال النظام. يا ايها الذين آمنوا إلّا تعلمون ان الله هو خالقكم ورازقكم ارحم الراحمين واسع الرحمة ، والخزائن والفضل بيده الأمور فارغبوا إليه( وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كانَ ) ولا يزال( بِكُلِّ شَيْءٍ ) حتى تمنيكم الفاسد وحكمة اعطائكم وتفضيل بعضكم على بعض ومصالحكم ودعائكم ورغبتكم فيما عنده وتوكلكم عليه وتسليمكم لحكمته ومشيئته( عَلِيماً ) - ولا زال القرآن الكريم من أول السورة يستقصي ببيانه الشافي مهمات نظام العدل وتهذيب الأخلاق وحقائق الإصلاح الفردي والاجتماعي من الأمر بالتقوى وهي روح الإصلاح وقوامه إلى التذكير بالاخوة البشرية والخلق من نفس واحدة إلى رعاية الأرحام إلى رعاية اليتامى وأحكامهم وحفظ الوصاة بحفظ أموالهم وحسن معاملتهم والولاية عليهم إلى حقوق المواريث والوصايا واحكام النساء والعدل في معاملتهن إلى احكام النكاح وما فيها من الإرشاد إلى الأصلح. إلى رعاية العدل والحقوق إلى النهي عن سوء التمني لشخص ما أنعم الله به على الغير مع ما يقتضيه اللطف في كل مقام من الترغيب والترهيب والتوبيخ

١٠١

(٣٣)وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ

____________________________________

والإنذار بالحكمة والموعظة الحسنة. ومن هذا الاستقصاء الكريم إشارته جل اسمه إلى رعاية الأطراف من الأقارب في الميراث كالأجداد والأعمام والأخوال وان علوا وأولادهم وأولاد الاخوة والأخوات وان نزلوا فقال جل اسمه ٣٣( وَلِكُلٍ ) من صنفي الرجال والنساء( جَعَلْنا ) بحسب الخلقة وسنة الموت والبقاء وشريعة المواريث على العدل والحكمة( مَوالِيَ ) يرثونهم لأنهم الأولى بهم بحسب القرابة وبميراثهم بقاعدة الأقربين وان اولي الأرحام بعضهم اولى ببعض. أو بسبب الولاء ان لم يكن هناك أولو الأرحام( مِمَّا ) أي من الصنف الذي( تَرَكَ ) أباهم من الأقرباء( الْوالِدانِ ) إذا ماتوا قبل ولدهم وتركوا ممن يمت بهم وارثا للميت كالأجداد من ناحية الأب أو الأم. والأعمام أولادهم من ناحية الأب والأخوال أولادهم من ناحية الأم( وَ ) مما تركه( الْأَقْرَبُونَ ) كأولاد الاخوة والأخوات ونحو ذلك.

في التهذيب في الصحيح عن زرارة عن الصادق (ع) في الآية عنى بذلك اولي الأرحام في المواريث فأولاهم بالميت أقربهم إليه من الرحم التي تجره اليه. إنتهى وفي الآية غير ما ذكرنا من التفسير والإعراب ولكن الظاهر منها هو ما ذكرناه( وَ ) من( الَّذِينَ عَقَدَتْ ) مولويتهم لكم( أَيْمانُكُمْ ) جمع يمين بمعنى القسم أو كما قيل بمعنى اليد اليمنى التي تعطى عادة عند العهد والاول اظهر. واخرج البخاري وابو داود وابن جرير والحاكم وفي الدّر المنثور عن غيرهم أيضا من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس كان المهاجرون حين قدموا المدينة يرث المهاجر الانصاري دون ذي رحمه للأخوة التي آخى رسول الله (ص) بينهم فلما نزلت هذه الآية ولكل جعلنا موالي نسختها ثم قال والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم من النصرة والنصيحة والرفادة والوصية يوصى له وقد ذهب الميراث أقول وما ذكر في الرواية من النسخ ووجهه لا يكاد ان يستقيم فإنه ما كل إنسان جعل له موالي مما ترك الوالدان والأقربون لكي ينحصر الإرث بهم فينسخ بذلك ارث غيرهم ويكون الإرث بالاخوة من المنسوخ واما جعل الموالي للصنفين من الرجال والنساء فلا يدل على نسخ التوارث بين المهاجرين والأنصار بسبب الاخوة لو كان لذلك حقيقة مضافا إلى ان الظاهر من النصيب هو الميراث لا ما ذكر في الرواية. واخرج أبو داود وابن جرير وعن ابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس في الآية كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسب فيرث أحدهما الآخر فنسخ ذلك في الأنفال فقال( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ

١٠٢

أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ) .وفي الدّر المنثور أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنخاس في ناسخه وابن مردويه عن ابن عباس وذكر نحوه. ويعارض الروايات عن ابن عباس ما أخرجه أبو داود وعن ابن أبي حاتم عن ام سعد بنت الربيع وكانت يتيمة في حجر أبي بكر ان قوله تعالى( وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ ) نزلت في أبي بكر وأبيه عبد الرحمن حين ابى الإسلام فحلف أبو بكر ان لا يورثه فلما اسلم امره رسول الله (ص) ان يعطيه سهمه والحديث صحيح في اصطلاحهم. ومع ذلك فالروايتان المذكورتان عن ابن عباس في معنى الذين عقدت ايمانكم وفي الناسخ متعارضة في نفسها. على ان الميراث بالمؤاخاة لو كان له اصل لم يتوقف نسخه على هذه الآية لأنه منسوخ بأولى آيات المواريث وأساس قانون وهو قوله تعالى( لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ ) . وان نظم هذه الآية وسوقها ليشهدان بأن حكم الذين عقدت الأيمان ولاءهم متأخر في الرتبة عن حكم اولي الأرحام والأقربين كما ذهب إليه أبو حنيفة وأصحابه محتجين بالآية وبقوله تعالى فيها( وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ ) . وفي اصول الكافي وعن العياشي في الصحيح عن ابن محبوب عن الرضا انه سأله عن الآية فقال (ع) إنّما عنى بذلك الأئمة (ع) بهم عقد اللهعزوجل ايمانكم إنتهى ولا يخفى ان اليمين تعقد عقدة مؤداها وعليه الآية ويعقدها الحالف وعليه قوله تعالى في سورة المائدة ٨٨( بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ ) ويعقدها المستحلف آخذ الميثاق والآمر بالحلف وإعطاء العهد وعليه جاءت الرواية نظرا إلى ان يمين الولاء وميثاقه قد أخذها الله على العباد وامر بإعطاء عهدها والرواية ناظرة إلى المصداق العام لجميع المسلمين وغير نافية للمصداق الاتفاقي وهو الإرث بولاء النصرة وضمان الجريرة ومنه ولاء السائبة من المعتقين. ومعنى الرواية جار على مبدأ الأئمة من العترة أهل البيت في كونهم كرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اولى بالمؤمنين من أنفسهم على نهج حديث الغدير المتواتر وانهم داخلون في الميثاق المذكور في قوله تعالى في سورة آل عمران( وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ ) إلى قوله تعالى( وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ) كما تقدم في الجزء الأول ص ٣٠٣ حتى ٣٠٦ فإن قيل ان نزول هذه الآية كان قبل واقعة الغدير وما هو على نهجها ولفظ عقدتم فيها للماضي فلا يدخل فيها عهد الغدير وميثاقه - قيل - لا يلزم ان يكون المضي في القرآن الكريم باعتبار زمان النزول بل يأتي باعتبار أمر آخر مثل قوله تعالى في الآية الآتية( وَبِما أَنْفَقُوا ) وفي سورة المزّمل ٢٠( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ ) إذ ليس المراد ما تيسر قبل نزول السورة فإن سورة المزّمل

١٠٣

فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (٣٣)الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى

____________________________________

من أوائل ما نزل من القرآن حال كون الجل من المخاطبين لم يكونوا حينئذ من المسلمين ولم يعرفوا شيئا من القرآن بل المراد ما تيسر عند واجب القراءة. وقوله تعالى في سورة المائدة( بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ ) : وعلى هذا المبدأ يكون الأئمة كرسول الله ورّاث من لا وارث له من أرحامه ومولى العتاقة. أخرج أحمد في مسنده وابو داود في جامعه والحاكم في مستدركه بأسانيد متعددة عن المقدام عن النبي (ص) انا وارث من لا وارث له ارثه واعقل عنه : أو افك عانية وأرث ماله كما في جامع أبي داود. وفي رواية انا ولي من لاولي له افك عنه وأرث ماله. وفي رواية أنا مولى من لا مولى له أرث ماله وأفك عنه. أو افك عانية كما في المستدرك وعلى ما ذكرناه اجماع أهل البيت والإمامية وحديثهم. واما ما جاء في الحديث من ان رسول الله (ص) أمر فيمن لا وارث له بإعطاء ماله لأهل بلده. أو لواحد من قبيلته أو لرجل من قبيلته كما في روايات أبي داود في جامعه فهو تنازل منه (ص) عن حقه كما روى الترمذي عن عائشة انه (ص) أمر بميراث مولاه لأهل القرية(١) كما روى في الوسائل عن الكافي والتهذيب عن علي (ع) في ميراث من لا وارث له انه كان يعطيه أو يأمر بإعطائه لأهل بلده. وقد استفاضت الأحاديث الصحيحة عن الباقر والصادق والكاظم (ع) ان ميراث من لا وارث له من الأنفال المختصة بالرسول (ص) والإمام (ع) كما احصى روايته في الوسائل وعليه اجماع الإمامية ولئن روي عن بعض الأئمة (ع) انه لبيت المال فهو تنازل منهم عن حقهم لمصلحة الوقت( فَآتُوهُمْ ) تفريع على جعل الموالي المتقدم ذكرهم( نَصِيبَهُمْ ) من تركته إذ قد يكون معهم زوج أو زوجة أو وصية أو دين( إِنَّ اللهَ كانَ ) ولا يزال( عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً ) لا يغيب عنه شيء فلا تخونوهم في نصيبهم الذي كتب الله واحذزوا من الله الشهيد ثم استثنى التعليم والإرشاد جلت الطافه في النظام العائلي وامر الأزواج في التأديب والإصلاح فقال جلت الطافه ٣٤( الرِّجالُ قَوَّامُونَ ) القوام كثير القيام. وقام على الشيء أي في تدبيره وإصلاح شؤونه ومنه القيم على اليتيم والمراد من المبالغة هنا دوام قيام الرجل على المرأة في شؤون إرشادها. وتأديبها وتثقيفها ما دامت معاشرة له. فهم قوامون بحسب ناموس الخلقة والفطرة والشريعة( عَلَى

__________________

(١) وفي كنز العمال ومختصرة في رواية الديلمي عن ابن عباس ان مولى لرسول الله (ص) توفى فقال (ص) انظروا همشهريا له فأعطوه ميراثه يعني من هو من أهل بلده

١٠٤

النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ

____________________________________

النِّساءِ ) بالاستحقاق والفضيلة لا تحكما بل بما اقتضته الحكمة في الخلق وحسن النظام وذلك( بِما فَضَّلَ اللهُ ) آلههم وخالقهم على الحكمة به( بَعْضَهُمْ ) أي بعض الرجال والنساء وهم الرجال بحسب النوع والغالب( عَلى بَعْضٍ ) أي النساء بحسب النوع والغالب من قوة المدارك وكمال الخلقة والأخلاق كما لا يخفى ذلك كله حتى ان المشرحين متفقون بحسب ما وجدوه بالتتبع على ان دماغ الرجل وقلبه اكبر من دماغ المرأة وقلبها في جميع الأدوار للقلب والدماغ وقد اقتضت حكمة الاجتماع والاشتباك في العشرة المدنية والتناسل والتربية ان يخلق الله هذين الصنفين من الإنسان على هذا الناموس لكي ينضوي الصنفين في كنف الآخر فتستحكم الروابط ويستوسق الارتباط. مع ان صفات كل من الصنفين هي النعمة بحسب ذلك الصنف فيما يراد منه في حياته الفردية والاجتماعية. وهي النعمة على مجموع النوع في بقائه وانتظام امره. فرب فضل لفاضل يعود بالنعمة على المفضول. ورب مفضولية هي نعمة على المفضول. فشرع للرجال أن يكونوا قوامين على من يرتبط معهم في العشرة من النساء بسبب فضل الرجال( وَبِما أَنْفَقُوا ) في شأنهن وعليهن( مِنْ أَمْوالِهِمْ ) وليس المراد ما مضى من الإنفاق قبل زمان النزول فإن الآية عامة لكل زمان بل المراد الاستلفات إلى ما يتمثل في الوجود من الإنفاق قبل ترتيب الآثار الثابتة للقيمومة من الإرشاد والتعليم والتأديب فإن الإحالة على واجب المستقبل أمر لا يمثل للأذهان فضيلة الإنفاق( فَالصَّالِحاتُ ) من النساء صلاحهن على الاستقامة فيما يراد منهن فهن( قانِتاتٌ ) أي مطيعات وفي تفسير القمّي عن رواية أبي الجارود قانتات أي مطيعات. واطلاق الصفة فضلا عن معنى القنوت يفيد الدوام وملكة الطاعة. وإن كان القنوت مختصا بطاعة الله فإن وصفهن بذلك يتكفل بكونهن مطيعات لأزواجهن على ما أمر الله به( حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ ) الغيب كالغياب والغيبة مصدر غاب خلاف الشهود أي حافظات لغيبة الناس من ان يقع فيها ما لا يرضى الناس ان يقع فيها ولا ينبغي وقوعه فيها مما فيه توهين وغدر لحقوقهن اغتناما لفرصة غيابهم. والظاهر في تمجيدهن بالصفة كونها عن ملكة تعم غيب الناس وأزواجهن فإن ذلك هو المناسب لوصف الصالحات واثبت في حفظهن لغيب أزواجهن

١٠٥

بِما حَفِظَ اللهُ وَاللاَّتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ

____________________________________

في انفسهن وأموالهم ومالهم وغير ذلك من الحقوق. وفي الآية تنبيه على ان الغيب له حرمة ينبغي ان يحفظ فيها عن وقوع المنافي فيه( بِما حَفِظَ اللهُ ) أي بالنحو الذي حفظه الله في شريعته بأوامره ونواهيه وزواجره وما شرعه من الحقوق كما هو مفصل في القرآن الكريم وفي أبوابه من السنة من آداب الشريعة بل حتى الحقوق العرفية التي يريد الأزواج رعايتهم وحفظ شرفهم في حفظها دون ما جوزه الشارع مما يلزم من أداء الشهادة ولوازم نصح المستشير وأمثال ذلك فإنه ليس مما حفظ الله الغيب فيه. وقد ذكر في الآية تفاسير أخر وهذا هو الظاهر والأنسب( وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَ ) اصل الارتفاع وكنى به هنا عن ارتفاع الزوجة بطغيانها عن طاعة زوجها وحقوقه وتباعدها بتمردها عن ذلك. ويكون ذلك بعد التدرج منها بالخروج عن الطاعة وحفظ حقوق الزوج وواجباته فتكون أوائل التدرج في ذلك منها باعمالها وأخلاقها منذرة ببلوغها مقام النشوز الوخيم ، والطغيان في الخروج عن الموافقة والاستقامة. وهذه الأوائل هي مقام الخوف الذي شرع الله فيه التدرج بالاستصلاح واذن فيه بقوله تعالى( فَعِظُوهُنَ ) بما يرجى تأثيره من أنحاء المواعظ من نحو الترغيب بثواب المطيعات لأزواجهن والإنذار بسوء عواقب المعصية ووبال النشوز وعقابه بما جاء في الكتاب والسنة بل حتى من التجارب عواقب النواشز وحسن حال المطيعات( وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ ) في التبيان وقيل هو هجر المضاجعة وهو قول أبي جعفر (ع) وقال «يعني أبي جعفر الباقر «ع») يحول ظهره إليها : ونسبه في المبسوط إلى رواية أصحابنا أقول وهو الظاهر من الآية فإن المضاجع فيها ظرف للهجران لظهور كلمة «في» في الظرفية وان تحويل ظهره إليها مع ما يلزمه من عدم تكليمه لها هو الذي تتجلى منه ظواهر الهجران المؤلم للمرأة دون ترك الكلام معها مع إقباله عليها بمقاديم بدنه إذ يحتمل ان يكون ترك الكلام لفكر أو كسل أو نعاس ونحو ذلك. واما ذكره في الدّر المنثور عما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس «لا تضاجعها في فراشك» فإنه غير الهجران في المضاجع ولا يكون المضجع على هذا ظرفا للهجران نعم يمكن التكلف لتأويله بأن كلمة «في» للسببية داخلة على محذوف يئول إليه تأويل الكلام ولكن فيه من التكلف ومخالفة الظاهر ما لا يخفى. ولا يصح في الآية ما قيل من حملها على المعنيين المذكورين وذلك لما ذكرنا مرارا من ان اللفظ لا يجوز ان يجمع فيه بين المعنيين أو المعاني المتعددة. وفي

١٠٦

وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً (٣٥)وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما

____________________________________

الدّر المنثور ذكر عمن أخرج عن ابن عباس في معنى الهجران في المضاجع روايات متعددة متعارضة( وَاضْرِبُوهُنَ ) في التبيان وأما الضرب فإنه غير مبرح بلا خلاف إنتهى والمبرح هو ما يوجب المشقة والشدة والظاهر اتفاق المسلمين على هذا القيد وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة عن عمرو بن الأحوص عن رسول الله (ص) في خطبته في حجة الوداع. وأخرجه ابن جرير عن حجاج عن رسول الله (ص). ورواه في الدّر المنثور عما أخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس أقول ويلزم ذلك ان لا يكون الضرب مدميا ولا كاسرا بل ولا في المواضع التي هي معرض للخطر وسوء الأثر. وفي التبيان قال أبو جعفر يعني الباقر (ع) بالسواك واخرج ابن جرير عن عطا عن ابن عباس بالسواك ونحوه ولعل المراد بعود مثل عود السواك. وكيف كان فلا تصلح الروايتان من حيث سندهما لتقييد الضرب في الآية نعم يكفي في تقييدها الإجماع على ان لا يكون مبرحا. والمعلوم من الآية كون الضرب للتوصل إلى إصلاح المرأة وانابتها إلى الطاعة فيلزم الاقتصار على اقل ما يرجى به حصول الغرض كما وكيفا ويتدرج فيه ما لم يحصل اليأس من تأثيره. وكذا الكلام بالنسبة إلى التدرج في الوعظ إلى الهجران إلى الضرب والجمع بين بعضها وبينها. والآية الكريمة زعيمة ببيان هذه التفاصيل ببيان ان ذلك لأجل التوصل إلى التأديب والاستصلاح والطاعة بقوله تعالى( فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ ) فيما تجب فيه طاعة الزوجات( فَلا تَبْغُوا ) ولا تتطلبوا( عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً ) بتشبثات التهم وسوء الظن وتكليف القلوب فوق ما تقتضيه الأحوال فإنكم مأمورون بمعاشرتهن بالمعروف وبعض الظن اثم وامر القلوب بيد الله( إِنَّ اللهَ كانَ ) ولا يزال( عَلِيًّا ) في عدله واحكامه وحكمته( كَبِيراً ) في جلاله لا يكلف فوق الطاقة ولا يهمل ارشاد عباده في نظام اجتماعهم وتعليمهم. وسيأتي إن شاء الله في أواخر السورة ما يعود إلى خوف المرأة من نشوز الزوج واعراضه وحكمة إصلاحه ٣٥( وَإِنْ خِفْتُمْ ) يا ايها الذين تعنيهم شؤون الزوجين بسبب الروابط والأمر بالمعروف والإصلاح بين الناس عند ظهور المنافرة بين الزوجين وخشيتهم من عاقبة ذلك( شِقاقَ بَيْنِهِما ) باستمرار الخلاف بحيث ينشق ائتلافهما إلى شقين متباينين في

١٠٧

فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً

____________________________________

العداوة والبغضاء( فَابْعَثُوا ) الخطاب في الآية بصيغة الجمع وليس في عصر الخطاب من له ولاية الحكم الشرعي إلّا واحد وهو رسول الله (ص) فمقتضى ظاهرها ان بعث الحكمين عند خوف الشقاق لا يختص بمن له الولاية العامة. وعن تفسير العياشي وفي الدّر المنثور عن عبيدة السلماني أن امير المؤمنين علي «ع» أمر الفئامين الذين جاءا مع الرجل والمرأة أن يبعثوا حكما من اهله وحكما من أهلها ولم يكن «ع» هو المتصدي للبعث. نعم من يكون له الولاية بسيطرته منفذا لأحكام التحكيم كما في سائر الأحكام الشرعية. لكن في التبيان أن المأمور ببعث الحكمين هو السلطان الذي يترافعان اليه. وجعله أصح الأقوال. وفي المسالك انه قول الأكثر. وفي مجمع البيان وهو الظاهر في الاخبار عن الصادقين «ع» وفي كنز العرفان وهو المروي عن الباقر والصادق «ع» وهو الأصح لأن أول الكلام في «خفتم» يدل عليه أقول اما الرواية عن الباقر والصادق «ع» فلم اعثر على اثر لها بل لعل المستفاد مما سنشير إليه من الروايات خلافه. واما الخطاب في «خفتم» فيدل على خلاف ما ذكره كما ذكرناه( حَكَماً ) الحكم هو من ينصب للتحكيم( مِنْ أَهْلِهِ ) أي من أهل الزوج( وَحَكَماً ) آخر( مِنْ أَهْلِها ) وذكر الأهل لأنهم اقرب إلى الاطلاع على الخفايا ومناهج الإصلاح. والظاهر عدم الانحصار بهم خصوصا مع عدمهم أو عدم صلاحيتهم لذلك ولا بد من كون الحكم بحسب حكمة الآية صالحا للكفاية في المقام بحسب ذاته واهتدائه لما يراد فيه مكلفا عاقلا مسلما إذا كان الزوجان مسلمين أو كان أحدهما مسلما. وفي اعتبار العدالة شك نعم يعتبر الاطمئنان بامانتهما في المقام واما الذكورة والحرية فالإطلاق ينفي اشتراطهما في المقام. وقد استفاض الحديث في ان حكمهما بالفراق موقوف على اذن الزوجين أو اشتراط الحكمين عليهما واتفاق الحكمين كما في موثقة سماعة عن الصادق «ع» وموثقة ابن مسلم عن أحدهما «ع» وصحيحة الحلبي وروايتي أبي بصير عن الصادق «ع» والبطائني عن الكاظم «ع» وعلى ذلك ما أشرنا إليه من رواية عبيدة السلماني عن امير المؤمنين (ع). وان اشتراط الاذن من المرأة واجتماع الحكمين في الفراق جار على الغالب في المقام من كونه بالخلع والمباراة ومن هنا يؤخذ انه لا يمضي إسقاط الحكمين لحقوق أحد الزوجين أو كليهما إلّا باذنه أو إذنهما. نعم يحكمان بما يقتضيه نشوز أحدهما أو كليهما من الأحكام الشرعية فينفذ الحاكم ذلك بسيطرته ان لم يتيسر لهما إصلاح الزوجين( إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً ) الظاهر من السياق كون

١٠٨

يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً (٣٦)وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً

____________________________________

الضمير عائدا إلى الحكمين فإن أرادا إصلاح شأن الزوجين وكان ذلك من نيتهما لا ميل كل واحد لجانب( يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما ) ويجمع رأيهما على الصواب( إِنَّ اللهَ كانَ ) ولا يزال( عَلِيماً ) بحقائق الأمور وحكمتها( خَبِيراً ) بالسرائر والنيات. ثم شاء الله ان يواصل لطفه على الإنسان بهدايته إلى اسباب السعادة وصالح الأعمال ومكارم الأخلاق وحسن السلوك في الحياة الدنيا والقيام بحقوق النوع. وصدّر ذلك بأفضل الأوامر وأساس النجاة وروح الصلاح وجامع الهدى فقال جلت آلاؤه ٣٦( وَاعْبُدُوا اللهَ ) إلهكم يا أيها الناس( وَلا تُشْرِكُوا بِهِ ) في العبادة( شَيْئاً ) وهذا النهي بمنزلة التفسير للأمر المعطوف عليه فإن عبادة الله لا تستقيم لها حقيقة مع الإشراك به في العبادة وقد تقدم بعض البيان لمعنى العبادة في الجزء الأول ص ٥٧ حتى ٥٩ وحاصل الأمر هنا استشعروا مظاهر الخضوع لله إلهكم بالخضوع الذي يوفى به حق امتياز الله إله العالمين بالإلهية. ويقرب ان ينظر في معنى العبادة إلى طاعة الله إله العالمين في أوامره ونواهيه باعتبار الخضوع لمقام إلهيته بالطاعة والإذعان لان الطاعة هي باب السعادة في الدارين وينظر بالشرك هنا إلى ما يعم مخالفة الله بالاتباع للهوى والانقياد للشيطان فإن ذلك وإن لم يوجب منه محض المعاصي في الأعمال كفرا وخروجا عن الدين لكنه خلل في حق الخضوع لله ومقام إلهيته على حد قوله في سورة يس( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ. وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ ) ( وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ) أي أحسنوا إحسانا نائب عن فعله في الدلالة على الأمر والتأكيد في الإغراء بالإحسان يقال احسن إليه وأحسن به كما يقال أساء إليه وأساء به كما في قول كثير : -

اسيئي بنا أو احسني لا ملومة

لدينا ولا مقلية ان تقلت

وقد تكرر قوله تعالى في الوصية بالوالدين( وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ) كما في سورة البقرة ٨١ والأنعام ١٥٠ والاسراء ٢٢. وإن قول القائل احسن به وبالوالدين إحسانا يدل على دوام الإحسان وعدم الإساءة. وذلك لأن معناه جعل فعله به حسنا وإحسانا ومعنى الآية وأحسنوا بالوالدين فعلكم معهم. وهذا الوجه ظاهر من شعر كثير وان كان في استعمال

١٠٩

وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ

____________________________________

القرآن الكريم اظهر. بخلاف احسن إليه فإن معناه أو صل إليه إحسانا وهو يجتمع مع انقطاع الإحسان. وهذا هو السر في دوام تعبير القرآن الكريم في الوصية بالوالدين بهذه العبارة المذكورة في الآية( وَبِذِي الْقُرْبى ) والرحم( وَالْيَتامى ) فإنهم مورد الرحمة والرأفة والإحسان( وَالْمَساكِينِ ) وهم الفقراء مع ضعف يرثى فيه لحالهم. ولا يخفى ما في الإحسان بهؤلاء المذكورين من الأهمية في كرم الأخلاق والرحمة والاسعاف والقيام بالواجب( وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ ) بضم الجيم والنون. وفي الدّر المنثور ذكر جماعة اخرجوا من طرق عن ابن عباس في قوله تعالى( وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى ) يعني الذي بينك وبينه قرابة.( وَالْجارِ الْجُنُبِ ) يعني الذي ليس بينك وبينه قرابة. وعن تفسير العياشي عن ابن عباس نحوه. فيكون التكرار لذي القربى باعتبار امتيازه بحق الجوار ايضا. قال في الكشّاف وانشدوا لبلعان أو بلعاء بن قيس : -

لا يجتوينا(١) مجاور ابدا

ذو رحم أو مجاور جنب

وفي المصباح عن بعض اللغويين أن الجنب بمعنى الأجنبي وهو ظاهر القاموس. ومقتضى القاموس والمصباح أن القربى كالقرابة مختصة بالقرب في الرحم لا في المكان لكن في الكشّاف اختار تفسير الآية بالذي قرب جواره والذي جواره بعيد. وفي مختصر التبيان نوع اضطراب وأظنه من الاختصار أو الناسخ واقتصر في مجمع البيان على نقل الأقوال( وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ ) بفتح الجيم وسكون النون في القاموس هو شق الإنسان وغيره. وفي الدّر المنثور ذكر من أخرج عن ابن عباس انه الصاحب في السفر. ومن أخرج عن علي (ع) انه امرأة الرجل ومن أخرج عن ابن مسعود وابن عباس مثله أقول ولا مانع من شموله للأمرين ويشهد لذلك روايتهما معا عن ابن عباس وكذا من يصاحبه في الحضر بجنبه ماشيا أو جالسا. وفي التبيان نسب الأمرين إلى القيل وقال وقيل هو المنقطع إليك رجاء رفدك وقيل انه جميع هؤلاء وهو أعم فائدة وتبعه على ذلك في مجمع البيان وزاد فيه الخادم الذي يخدمك كما اختار العموم أقول إن إدخال المنقطع رجاء الرفد إذا لم يكن له صحبة إلى الجنب في الخارج يستلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز في الاستعمال( وَابْنِ السَّبِيلِ ) وهو المنقطع به في سفره عن مدد قومه

__________________

(١) من اجتوى البلاد إذا كرهها واستوخمها أو لم يوافقه ماؤها وهواؤها

١١٠

وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً (٣٧)الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (٣٨)وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ

____________________________________

ووطنه وموارد نفعه ورفع احتياجه وفي تفسير القمّي أبناء الطريق الذين يستعينون بك في طريقهم وفي التبيان المسافر وقيل هو الضيف وقال أصحابنا يدخل فيه الفريقان قلت كما يعرف ذلك من مباحث الزكاة( وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) يعني العبيد والإماء كما في التبيان. وان وجوه الرجحان للإحسان بالذين ذكروا لهي راجحة في سنن الأخلاق الفاضلة والنفوس المهذبة ولا يدخل فيها ما هو معصية لله أو يستلزم إساءة إلى شخص آخر. وقد كبر شأن الإحسان بهؤلاء المذكورين إذ قرن وصيته به بالوصية بعبادته وعدم الإشراك به. ولعمر الحق ان هذه الأمور الموصى بها لمما تنادي به الفطرة وتهتف به الحجّة ويشهد بها الوجدان وتحث عليه الفضيلة ، وتبعث عليه الأخلاق الفاضلة والعاطفة الصالحة ولا يحيد عنها إلّا من أعجبته نفسه الساقطة بخيلائها الممقوت واستكباره التعيس ، فيكون مختالا بغروره استكبارا ، فخورا من عجبه بنفسه بما ليس فيه قد اغفله ذلك عن انه عبد مخلوق مربوب لإله واحد قهار ، واغفله أيضا عما يراد منه مما فيه سعادته وارتفاعه من حضيض النقص( إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً ) باستكباره وعجبه بنفسه وما زينه له جهله المركب ،( فَخُوراً ) بالموهومات وهو غريق في ضعة الجهل والنقصان وويل لمن كان الله لا يحبه وكفى بذلك مقتا وشقاء ٣٧( الَّذِينَ ) من لؤمهم وشقائهم الذي جره إليهم ضلال استكبارهم وعجبهم بأنفسهم( يَبْخَلُونَ ) بما آتاهم الله من فضله في موارد السماحة ومكاسب الفضيلة بطاعة الله ومحاسن الإنفاق من مال الله( وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ) من مال أو علم ومنه العلم بنبوة رسول الله وصفاته( وَأَعْتَدْنا ) بما أحضرنا مصداقا للوعيد بما يستحق من العذاب( لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً ٣٨وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ ) إذ سنح لهم ان ينفقوا شيئا أنفقوه لا طاعة لله ولا لحسن الإنفاق في مورده بل( رِئاءَ النَّاسِ ) ولأجل ذلك وقد ذكر معنى الرئاء في الجزء الأول ص ٢٣٤( وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ) يوم المعاد وقد اسلسوا قيادهم

١١١

وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً (٣٩)وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ

____________________________________

للشيطان باتباعه حتى طمع فيهم فلا ينفك في الغواية وصار بسوء اختيارهم قرينا لهم لدوام اغوائه لهم أعاذنا الله منه( وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ ) هذا القرين المشوم المهلك بقبائح غوايته وخسة اقترانه( قَرِيناً ) فهل ترى الشيطان يقف في غوايته للإنسان على حد. إلّا تراه يرديه في أقبح الكفر والنفاق وقبايح الأعمال أفلا ترى انقياد بعض الناس لغوايته إلى اخس الأحوال وأقبحها واشنعها. وكلمة «الذين» في الآية السابقة بدل من «من» في قوله تعالى من كان مختالا. ودعوى انها مرفوعة أو منصوبة على الذم تحتاج إلى شاهد من تغير صورة الإعراب ولا شاهد. ودعوى انها مبتدأ وخبره محذوف كما في الكشّاف وتفسير الرازي تحتاج إلى قرينة وداع لما قدّراه فضلا عن كونه تكلفا بعيدا عن كرامة القرآن. ودعوى ان الخبر قوله تعالى( إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ ) الآية كما ذكره في التبيان ومجمع البيان تحتاج إلى رابط مع أن الآية التي جعلوها خبرا تخرج عن تمجدها؟؟؟ العام إلى محل لا تصلح له واين الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر من قوله تعالى( وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها ) الآية ٣٩( وَما ذا عَلَيْهِمْ ) من الوبال أو الخسران أو النقص أو سوء العاقبة أو غير ذلك من المحاذير( لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) أليس الايمان بالله دين الفطرة ونور المعلومة وسناء الحجّة القيمة. وان الإيمان باليوم الآخر لمن اسمى المعارف الموصولة إلى الحقائق وحق الايمان بذلك زعيم بنوع من تهذيب الإنسان وتكميله وحسن اجتماعه مع نوعه بما يشعر به من الرغبة والرهبة. ذلك اليوم الذي بشر وانذر به الأنبياء الذين قامت الحجج على نبوتهم وعصمتهم والكتاب الكريم الذي حفته الأدلة على انه منزل من الله بل انه بنفسه من وجوه متعددة هو الحجّة على ذلك( وَ ) ماذا عليهم لو( أَنْفَقُوا ) كما أمرهم الله وحكمت العقول مع ذلك بحسنه ومنه الإنفاق في الموارد المذكورة( مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ ) أفلا يعتبرون بأن الإنسان يولد طفلا لا يملك لنفسه شيئا فيتقلب في جميع أدوار حياته في نعم الله ورزقه وقد يصير ذا مال وثروة طائلة فهل من قدرته إنزال اللبن لرضاعه ونمو الزرع والغرس ونتائجهما وسلامة ذلك من الآفات. أم من قدرته انتاج الحيوان الذي ينتفع به أم بيده أرباح المكاسب أفلا يعتبر بأنه كم من كادح في كسبه لم يربح إلّا الخسران والإملاق وكم من ذي ثروة عاد

١١٢

وَكانَ اللهُ بِهِمْ عَلِيماً (٤٠)إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً

____________________________________

بالرغم عليه فقيرا. أفلا يشعرون بان ما في أيديهم هو رزق الله من خزائن رحمته التي لا تنقص فلما لا ينفقون كما أمرهم الله ويطلبون منه الثواب المضاعف والخلف( وَكانَ اللهُ ) ولا يزال( بِهِمْ ) في أمر ايمانهم وإنفاقهم ونياتهم وجميع شؤونهم( عَلِيماً ) يجزيهم جزاءهم ٤٠( إِنَّ اللهَ ) الغني القدوس المتعال( لا يَظْلِمُ ) الظلم معروف ويتعدى إلى مفعولين يقال ظلمه حقه وماله( مِثْقالَ ) أي ثقل ووزن( ذَرَّةٍ ) ذكروا أن الذرة هي أصغر النمل وفي مجمع البيان والكشاف وقيل هي جزء من اجزاء الهباء في الكوة من اثر الشمس. وهذا أقصى ما يعرفه بالحسّ نوع الناس من الصغر لضرب المثل( وَإِنْ تَكُ ) أي تكن ويطرد في مثل هذا حذف النون( حَسَنَةً ) بالنصب لأنها خبر. والحكم المذكور وفائدة الكلام إنّما هي باعتبار الخبر وعنوانه فلذا اعتبر الاسم المقدر مؤنثا لأن الحكم إنّما هو لما يتحد مع الخبر كما في قوله تعالى( «فَإِنْ كُنَّ نِساءً ) .( وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً ) .( إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً ) .( فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ» ) أي وإن تكن التي بمقدار الذرة حسنة. وفي مجمع البيان وان تك زنة الذرة حسنة. ويدفعه ان الزنة والمقدار ليس هي الحسنة بل هي المقدر وزنه بزنة الذرة. وكذا قول الكشّاف وان يك مثقال ذرة حسنة وانّما انّث ضمير المثقال لأنه مضاف إلى مؤنث إنتهى ويدفعه مضافا إلى ما ذكرناه ان تأنيث المضاف باعتبار المضاف إليه شاذ لا يناسب كرامة القرآن على ان الاعتبار لا يساعد على تأثير المضاف إليه المحذوف هذا الأثر. وفي التبيان «وان تك فعلته حسنة» وهو جيد يرجع إلى ما ذكرناه والعجب من مجمع البيان إذ لم يذكر هذا الوجه الوجيه مع انه لا يغادر شيئا من التبيان لا يذكره( يُضاعِفْها ) بما يشاء من المضاعفة. والمضاعفة هي ان يزاد على الشيء مثله في المقدار أو أمثاله. ومضاعفة الحسنة هي ان يعتبرها الله برحمته للواسعة في مقام الجزاء بمقدار ضعفها أو أضعافها أي يضاعف جزاءها. وفي سورة البقرة ٢٤٤ أضعافا كثيرة( وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ ) من فضله العظيم ورحمته الواسعة على الحسنة بمقدار الذرة( أَجْراً عَظِيماً ) بحسب ما يشاء من المضاعفة ويجعل الكل بعنوان الأجر تكريما للمطيع ، وإكمالا لابتهاجه. فويل للذين لم يعبدوا الله وأشركوا به. ولم يتبعوا سبيل الرشاد في امتثال أوامره ونواهيه بعد ما قامت عليهم الحجج في الدنيا وانقطعت المعاذير.

١١٣

(٤١)فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (٤٢)يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً

____________________________________

وما أعظم حسرتهم وأسوأ حالهم يوم الحساب ٤١( فَكَيْفَ ) حالهم( إِذا جِئْنا ) يوم القيامة( مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ ) أرسل إليهم رسول أو قام فيهم نبي أو امام هدى( بِشَهِيدٍ ) يشهد عليهم في ذلك المحشر العظيم بأنه قد بلغهم وبشر وانذرهم وأقام لهم الحجج وقطع المعاذير وأظهر دين الحق ونصر دلالة العقل عليه وحفظ لهم احكام الشريعة. ولا حاجة في ذلك اليوم إلى الشهيد ولكن يؤتى به عليهم زيادة في خزيهم ببيان ما كانوا عليه من البغي والعناد للحق لحسرة ندامتهم جزاء بما كانوا يكسبون( وَجِئْنا بِكَ ) يا رسول الله( عَلى هؤُلاءِ ) الذين كانوا موجودين حين النزول( شَهِيداً ) تعلن ما جئتهم به في دار الدنيا من الحجج على دعوتك الصالحة وما قمت به احسن قيام في التبليغ والإنذار والدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة وما قاسيته منهم من عناد الضلال وشدة الأذى وتألبهم عليك مجاهرة ونفاقا. وفي رواية الكافي وسعيد بن عبد الله ما يعطي ان المراد من «هؤلاء» في الآية هم الشهداء على الأمم ورسول الله شهيد عليهم. لكن في الروايات ضعف. وفي تفسيرها للآية إشكال وفيما ذكر في تفسير البرهان من روايات العياشي نوع معارضة لها ٤٢( يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ ) فيما جاءهم به من الله ومن الدين والشريعة( لَوْ (١) تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ ) أي تكونون ترابا وجزءا منها فتسوى بهم وتكون سواء لا يمتازون عنها بوجه( وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً ) يقال كتمت زيدا الحديث والخبر. وقد اختلفت كلمات المفسرين كما ذكره في التبيان ومجمع البيان فمنها ما يؤدي إلى أن الجملة وعدم كتمانهم للحديث داخلة فيما يودونه يومئذ ومعطوف على جملة لو تسوى. وهو مؤدى ما في الدّر المنثور في ذكر ما أخرج عن ابن عباس في السؤال عن هذه الآية. ومنها أن الجملة معطوفة على جملة «يود» وعليه ما صححه الحاكم في المستدرك عن حذيفة ثم عقبة بن عامر الجهني وأبي مسعود الأنصاري بسماعهم من فم رسول الله (ص) ومنها لا يكتمون الله في جوارحهم كما في الدّر المنثور عن ابن عباس بل وما صححه الحاكم

__________________

(١) قد ذكرنا الكلام في «لو» بعد «يود» في الجزء الأول ص ١٠٩ و ١١٠

١١٤

(٤٣)يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ

____________________________________

عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : وعن العياشي عن مسعدة بن صدقة عن الصادق عن أبيه عن جده قال قال امير المؤمنين في خطته يصف هول القيامة ختم الله على الأفواه فلا تكلم وتكلمت الأيدي وشهدت الأرجل ونطقت الجلود بما عملوا فلا يكتمون الله حديثا. فالراجح كما هو الصواب كون الجملة معطوفة على جملة «يود» أو مستأنفة ٤٣( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ) أخرج الترمذي في تفسير جامعه عن عطا عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي امير المؤمنين (ع) قال صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاما فدعانا وسقانا من الخمر فأخذت الخمر منا وحضرت الصلاة فقدموني فقرأت قل يا أيها الكافرون لا اعبد ما تعبدون ونحن نعبد ما تعبدون فأنزل الله وذكر الآية. وأخرج أبو داود في كتاب الأشربة بسنده عن سفيان عن عطا عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي (ع) أن رجلا من الأنصار دعاه وعبد الرحمن بن عوف فسقاهما قبل أن تحرم الخمر فأمّهم علي في المغرب فقرأ قل يا أيها الكافرون فخلّط فيها فنزلت الآية. وأخرج الحاكم في تفسير المستدرك بسنده عن سفيان عن عطا عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي (ع) دعانا رجل من الأنصار قبل تحريم الخمر فحضرت صلاة المغرب فتقدم رجل فقرأ قل يا أيها الكافرون فالتبس عليه فنزلت الآية. وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وفيه فائدة كبيرة وهي أن الخوارج تنسب هذا السكر وهذه القراءة إلى امير المؤمنين علي دون غيره وقد برأه الله منها فإنه روى هذا الحديث. وفي الدّر المنثور أخرج عبد بن حميد وابو داود والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس والحاكم وصححه عن علي قال صنع لنا عبد الرحمن طعاما إلى آخر المتن الذي رواه الترمذي. وقد سمعت روايتي أبي داود والحاكم ولم أطلع على رواية الباقين ممن ذكرهم السيوطي لكي أعرف خطأه في النقل عنهم كما أخطأ في النقل عن أبي داود والحاكم(١) وأخرج ابن جرير وفي الدّر المنثور عن ابن المنذر عن علي (ع) أنه كان هو وعبد الرحمن ورجل آخر شربوا الخمر فصلى بهم عبد الرحمن فقرأ قل يا أيها الكافرون

__________________

(١) وصاحب المنار تبع السيوطي في هذا الخطأ أو فقال في تفسيره (روى أبو داود والترمذي والنسائي والحاكم وصححه صنع لنا عبد الرحمن إلى آخر ما ذكره الترمذي. ولم أجد أثرا لهذه الرواية في مجتبى النسائي

١١٥

فخلط فيها. وفيه أيضا أخرج ابن المنذر عن عكرمة في الآية قال نزلت في أبي بكر وعمر وعلي وعبد الرحمن بن عوف وسعد صنع لهم علي طعاما وشرابا فأكلوا وشربوا ثم صلى علي بهم المغرب فقرأ قل يا أيها الكافرون حتى خاتمتها فقال ليس لي دين وليس لكم دين فنزلت الآية. وأخرج أحمد والترمذي وابو داود والنسائي وفي كنز العمال ومختصره ذكروا أيضا جماعة ممن أخرجوه أيضا عن عمر لما نزل تحريم الخمر قال اللهم بين لنا في الخمر بيانا فنزلت الآية التي في البقرة فقال اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الآية التي في النساء يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى الآية وفي الدّر المنثور في آية المائدة أخرج ابن المنذر عن محمد ابن كعب القرضي وذكر حديثا فيه ثم أنزلت التي في النساء بينا رسول الله «ص» يصلي إذ غنى سكران خلفه فانزل الله لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى الآية. وإنك لتعرف سقوط الرواية وانها من جنايات الأهواء إذا نظرت إلى الروايات الست المتقدمة واختلافها واضطرابها(١) وإلى نسبة السيوطي وصاحب المنار متن الترمذي إلى رواية أبي داود والنسائي والحاكم وتزيد بصيرة إذا عرفت ما في تهذيب التهذيب عن الواقدي من أن أبا عبد الرحمن السلمي عبد الله ابن حبيب شهد مع علي صفين ثم صار عثمانيا أي معاديا لعلي ومواليا لمعاوية وجرى اصطلاحهم على ان مثل هذا في عداوة علي وموالاة معاوية يسمى عثمانيا. ومما يدل على معاداته لعلي ما أخرجه أحمد في مسند علي برجال الصحة عندهم عن سعد بن عبيدة قال تنازع أبو عبد الرحمن السلمى وحبان بن عطية فقال أبو عبد الرحمن قد علمت ما الذي جرّأ صاحبك «يعني علياعليه‌السلام » قال حبان فما هولا أبا لك قال وذكر عن علي «ع» حديث طلبه للمرأة التي كتب معها حاطب بن بلتعة إلى قريش يخبرهم بان رسول الله يريد ان يغزوهم فأراد عمران يضرب عنق

__________________

(١) ففي حديث الترمذي أن صاحب الدعوة والطعام والشراب هو عبد الرحمن بن عرف وإمام الجماعة هو علي (ع) والتخليط هو نعبد ما تعبدون. وفي حديث أبي داود أن صاحب الدعوة رجل من الأنصار وعبد الرحمن مدعو وإمام الجماعة علي. وفي حديث أن صاحب الدعوة رجل من الأنصار ولم يذكر اسما. وفي حديث ابن جرير لم يذكر دعوة وذكر أن إمام الجماعة هو عبد الرحمن ولم يذكر تخليطه. وفي رواية عكرمة أن صاحب الدعوة هو علي (ع) وهو إمام الجماعة وأن التخليط لم يكن في قراءة السورة بل بعدها وهو ليس لي دين وليس لكم دين. ومقتضى حديث عمران هذه الاية نزلت بعد تحريم الخمر وفي روايتي أبي داود والحاكم أن الخمر عند نزوله لم تكن محرمة. فانظر وتعجب!

١١٦

حاطب فقال له رسول الله (ص) لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة الحديث فإنه لا يفد على هذه الجرأة على امير المؤمنين (ع) إلّا من كان معاديا له يقول في شأنه المقدس انه يجترئ على الكبائر اغترارا بكونه بدريا

ثم نقول في امالي الصدوق بسند معتبر عن الصادق (ع) قال قال رسول الله (ص) أول ما نهاني عنه ربي جل جلاله عبادة الأوثان وشرب الخمر الحديث وفي الدّر المنثور أخرج البيهقي في الشعب عن علي (ع) سمعت رسول الله (ص) يقول لم يزل جبرائيل ينهاني عن عبادة الأوثان وشرب الخمر الحديث وأخرج البيهقي عن أمّ سَلَمة ان رسول الله (ص) قال كان من أول ما نهاني عنه ربي وعهد إلي بعد عبادة الأوثان وشرب الخمر ملاحاة الرجال. وفي كنز العمال ومختصره عن الطبراني عن أبي الدرداء وعن معاذ عن النبي (ص) نحوه وعن أبي نعيم في الدلائل عن علي (ع) قيل للنبي هل عبدت وثنا قط قال (ص) لا ، قالوا هل شربت خمرا قط قال لا ، وفي الكافي والتهذيب وعيون الصدوق وعلله عن علي بن إبراهيم عن الريان وفي التفسير عن ياسر الخادم عن الرضا (ع) ما بعث الله نبيا قط إلّا بتحريم الخمر. وفي الكافي والتهذيب في الصحيح عن زرارة عن الصادق (ع) ما بعث الله نبيا قط إلّا وفي علم الله انه إذا أكمل دينه كان فيه ترحيم الخمر ولم تزل الخمر حراما وانّما ينقلون من خصلة إلى خصلة ولو حمل ذلك عليهم جملة لقطع بهم دون الدين. ونحوه ما في الكافي والتهذيب عن إبراهيم اليماني عن الصادق (ع). وما في الكافي عن زرارة عن الباقر (ع) والمعنى أن الخمر لم تزل حراما عند الله وفي كل دين ولكن قد يستفحل الضلال وحكم الجاهلية في الأمم إلى أن يروها حلالا فإذا بعث الله نبيا آخر قد لا يفاجئهم في أول نبوته وتبليغه بتحريمها لأن الحكمة تقتضي أن يتدرج معهم في بيان المحرمات ببيان خصلة خصلة ولو حملهم دفعة على ترك جميع المحرمات لما انقادوا إلى الدين ولقطع بهم دونه. ويشهد تدرج القرآن الكريم ببيان أن فيها إثما كبيرا وإثمها اكبر مما يزعمه الناس كما مضى في سورة البقرة وانها رجس من عمل الشيطان ليوقع بها العداوة والبغضاء بينهم. كما في سورة المائدة. وما كان كما ذكرناه لا بد من ان يكون النبي عالما بتحريمه من أول الأمر ولا بد في كماله وعصمته وأهليته للنبوة ودعوتها من أن لا يكون مدة عمره الشريف قد لوث قدسه بشربها قبل النبوة وبعدها. اذن فمن تربى بتربية رسول الله (ص) ونهج من صغر سنه نهجه وتأدب من طفوليته بآدابه وآمن برسالته من أولها وكان أطوع له (ص)

١١٧

من ظله كيف يقال في شأنه انه كان يشرب الخمر امّ الخبائث والموقعة في الفواحش والسالبة للعقل وشرف الإنسانية والملحقة للإنسان بمجنون الوحوش.

وايضا ان الإنسان إذا سكر وعربد ظهر عليه في هذيانه ما كان مطويا في نفسه من عادياته ومألوفاته ومرتكزات مخيلته ، ومكتومات خواطره في الحب والبغضاء. وأن مثل امير المؤمنين (ع) إذا عربد ظهر مرتكزات ذهنه وآثار عاداته ومألوفاته وما نشأ عليه من أوائل شعوره من بغض الأوثان وتسفيه عبادة الجاهلية والشرك فيقول وينادي لا اعبد رجس الأوثان. سفها لكم ايها المشركون لا اعبد الحجر والخشب المنحوت وكيف اجعل من ذلك آلهة مع الله وكيف أكون من المشركين وينشد ما قاله أبوه أبو طالب

ولقد علمت بأن دين محمد

من خير أديان البرية دينا

ولكن قصاص الرواة قد نسبوا لقدس رسول الله في مناكير رواياتهم ما هو اشنع من ذلك رووا أنه (ص) - وحاشا قدسه - قرأ في مكّة بمحضر قريش سورة النجم ولما تلا( أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى ) قال على الأثر تلك الغرانيق العلى منها الشفاعة ترتجى ونسبوا لقدس جميع الأنبياء والرسل إذا قرءوا القى الشيطان في قراءتهم مثل خرافة الغرانيق وفسروا بذلك قوله تعالى في سورة الحج المدنية وما من نبي ولا رسول إلّا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته. وتتابعت على ذلك جملة من التفاسير كما أشرنا إليه في الجزء الأول من كتاب الهدى ص ١٢٣ - ١٢٨ ولينظر على الأقل إلى ما ذكره في الدّر المنثور في الآية المذكورة من سورة الحج. ولم تترك بعض الروايات قدس رسول الله (ص) بدون ان تلوثه بالخمر ففي الدّر المنثور عن تميم الداري انه كان يهدى لرسول الله (ص) كل عام راوية من خمر فلما كان عام حرمة الخمر جاء برواية فلما رآها رسول الله (ص) ضحك الحديث(١)

__________________

(١) وزيد على ذلك بالنسبة لأمير المؤمنين (ع) فقد ذكر السيد الرضي في حقائق التأويل عن كتاب أبي الحسن الكرخي في كتاب الاشربة من مختصره حيث قرأه على القاضي عبد الله بن محمد الاكفاني وأجاز له روايته عن مصنفه بسنده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى «صاحب امير المؤمنين وخاصته من أهل الكوفة» قال شربت عند علي بن أبي طالب نبيذا فخرجت من عنده عند المغرب فأرسل معي قنبر مولاه يهديني إلى بيتي إنتهى فذكرت الرواية الظالمة الضالة بذلك ان امير المؤمنين (ع) بعد تحريم الخمر وفي ايام خلافته يسقي بعض خواصه في بيته نبيذا يسكره بحيث

١١٨

ومقتضى روايات الدّر المنثور عن ابن عباس ان آية( وَأَنْتُمْ سُكارى ) نسختها آية( إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ ) وفي رواية آية الوضوء وفي اخرى انها قبل أن تحرم الخمر وأن المراد سكر الخمر. ولكن ذكر ان عبد بن حميد أخرج عن ابن عباس أنه قال النعاس ويشبه أن يكون من ذلك ما أخرجه البخاري عن أنس عن رسول الله (ص) إذا نعس أحدكم وهو يصلي فلينصرف ولينم حتى يعلم ما يقول وفي الكافي في الموثق عن الصادق (ع) سئل عن الآية فقال سكر النوم. وفي الصحيح عن الباقر (ع) يعني سكر النوم وروى العياشي عن الباقر (ع) نحوه. والسكر ضد الصحو وهو حالة تعتري الإنسان تعبث بشعوره وتخرجه عن استقامته الطبيعية. ومن ذلك ان يذهل عما يقول أو يفعل كلا أو بعضا فيفعل أو يقول ما لا يعلمه ولا يريده. وللسكر مراتب مختلفة ومنه الحالة التي تعتري الإنسان بهذه الصفة من شدة النعاس وهي المرادة من سكر النوم أي السكر الذي يكون من مقدمات النوم أو بقاياه في الاستيلاء على الحواس والشعور ومنه قول الطرماح

مخافة ان يرين النوم فيهم

بسكر سنانة كل الريون

وانشد الرضي في حقائق التأويل شاهدا على ذلك

وركب سروا حتى كأن رقابهم

من السكر في الظلماء خيطان خروع

نعم قد كثر استعماله في سكر الخمر لكن هذه الكثرة لا تمنع ارادة المعنى العام في الآية خصوصا مع اقتضاء الغاية لإرادته فإن قوله تعالى( حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ) يدل على أن المراد حفظ صورة الصلاة والالتفات إليها. وصونها عن الذهول عنها والتخليط في افعالها وأقوالها. فإن إحرازهم لكونهم يعلمون ما يقولون فيها يلزمه الصحو العادي. ولو قيل ان السكر حقيقة في سكر الخمر مجاز في سكر النوم لكانت الغاية على ما قررنا قرينة على إرادة معنى يعم ما زعموه من الحقيقة والمجاز. وانّما خص بالذكر سكر النوم في روايات ابن عباس والباقر والصادق (ع) نظرا إلى حال السائلين واكثر المسلمين في ان محل ابتلائهم الذي يقتضي بيان الحكم لهم هو سكر النوم لا لحصر مدلول الآية به. واما قوله تعالى( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا ) فالخطاب فيه للمؤمنين الموجودين في حال الخطاب نهيا لهم عن ان يقربوا الصلاة على تلك الحالة في المستقبل فإن خطاب المعدومين ودخولهم فيه قبيح كما هو المذهب الصحيح نعم يعم الحكم غير الموجودين

__________________

يحتاج من سكره إلى من يهديه إلى بيته مع انه كثير التردد إلى امير المؤمنين ليس غريبا يضل الطريق فأرسل معه قنبر مولاه ليهديه ونعم الحكم الله والموعد القيامة

١١٩

من المؤمنين للإجماع على الاشتراك في احكام الإسلام. ودعوى ان الخطاب للمؤمنين السكارى في حال الخطاب مجازفة باردة ومن اين علم بوجود السكارى حال الخطاب. فلا وقع لوقوع البعض في الحيص والبيص في صحة خطاب السكران وتكليفه. ولا يدل هذا النهي بإحدى الدلالات على ان شرب الخمر والمسكر حلال لكي يقال ان الآية باعتبار دلالتها على حل شرب الخمر والمسكر قد نسختها آية إنّما الخمر والميسر كما ذكر في الدّر المنثور من أخرجه عن ابن عباس ومنهم أبو داود والنسائي. ومن الغريب ما ذكر من انه أخرج عن ابن عباس أنَّ آية السكارى نسختها آية( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إلى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ) الآية ومن المعلوم ان كون الإنسان يعلم ما يقول يلزمه صحوه من السكر ولكن ذكر العلم بما يقولون لكي يشعر بوجه النهي والجهة التي تصان عنها الصلاة وللاشارة إلى رذيلة السكر والخروج به عن حالة العقلاء وشرف الشعور والإنسانيه. والآية بنهيها وحكمة غايتها تدل على فساد الصلاة في حالة السكر. وقوله تعالى( لا تَقْرَبُوا ) هو على معنى القرب تأكيدا لاحترام الصلاة واجتنابها حال السكر حتى باجتناب القرب منها. ومن أنحاء القرب منها دخول المسجد. وحكى عن بعضهم ان المراد لا تقربوا موضع الصلاة وهو المسجد فحذف المضاف وهو «موضع» وذكر له بعض وجها آخر وهو أنَّ المسجد سمّي في الآية بالصلاة باعتبار كثرة وقوعها فيه أو سمي بذلك تعريبا لتسمية اليهود موضع عبادتهم «صلاتا» أقول ومع ان هذا كله خلاف الظاهر في نفسه يلزم منه أن تكون الأحكام الآتية في الآية أحكاما للمسجد واللازم باطل لأن المساجد خصوصا في زمان الخطاب ليست معرضا لأن تكون في الاسفار حيث لا يوجد الماء كما في البراري فيتيمم لدخولها كما في قوله تعالى( أَوْ عَلى سَفَرٍ ) و( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً ) . ولأن الإجماع قائم على انه ليس من أحكام المساجد ان الذي يجيء من الغائط منهي عن دخولها حتى يتيمم ان لم يجد ماء بل ما الحكمان إلّا من احكام الصلاة على حقيقتها : وجملة( وَأَنْتُمْ سُكارى ) حالية والواو فيها لبيان الحال. ولا يخفى ان التتبع في صحيح الكلام والتدبر له يقضي بأن الجملة الاسمية يؤتى بها في ضمن النهي حالا في مقام يكون مضمونها ظاهر المنافاة للفعل المنهي عنه فيؤتى بها استلفاتا إلى تلك المنافاة واحتجاجا لحكمة النهي. فكأنه قيل ان الصلاة المطلوب بها الطاعة في الإتيان بها بحدودها والإقبال بها في الخضوع لله وعبادته والتدبر في قراءتها وأذكارها والتوسل بدعائها كيف يؤتى بها في حال السكر مع ما يعرف من منافاة ما هو المطلوب لطيش السكر

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152