تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء ٦

مؤلف: الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي
المحقق: حسين درگاهى
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 472
مؤلف: الشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي المشهدي
المحقق: حسين درگاهى
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 472
ملاحظة
هذا الكتاب
نشر الكترونياً وأخرج فنِيّاً برعاية وإشراف
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي
وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً
قسم اللجنة العلميّة في الشبكة
الفهرس
الفهرس ٧
تَفْسِيرُ سُورَةِ يُونُس ١٠
سورة يونس ١٢
تفسير سورة هود ١٠٤
سورة هود ١٠٦
سورة يوسف ٢٥٢
سورة يوسف ٢٥٤
تفسير سورة الرّعد ٣٩٠
سورة الرّعد ٣٩٢
كلمة المحقِّق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين والصّلوة والسّلام على نبيّنا وآله الطيّبين الطاهرين ولا سيّما بقية الله في الأرضين واللّعنة الدّائمه على أعدائه وأعدائهم أجمعين.
النسخ التي استفدنا منها في تحقيق الربع الثاني من تفسير كنز الدقائق وبحر الغرائب (من أوّل سورة الأنعام الى آخر سورة الكهف) :
١ ـ نسخة مكتوبة في حياة المؤلّف سنة ١١٠٥ ه. ق. في مكتبة آية الله العظمى النجفي المرعشي العامّة، قم، رقم ١٢٨٣، مذكورة في فهرسها ٤/٨٣ (رمز ج).
٢ ـ نسخة في نفس المكتبة، رقم ٣٠٧، مذكورة في فهرسها ١/٣٥٠. (رمز ب).
٣ ـ نسخة في مكتبة مدرسة الشهيد المطهّري، رقم ٢٠٥٤، مذكورة في فهرسها ١/١٦٢، مكتوبة في سنة ١٢٤٠ ه ز ق. (رمز س).
٤ ـ نسخة في مكتبة مجلس الشورى الاسلامي (١)، رقم ١٢٠٧٣، مكتوبة في حياة المؤلّف وعلى ظهرها تقريض العلّامة المجلسي ـ رحمة الله تعالى عليه ـ , (رمز ر).
والحمد لله أوّلا وآخرا
تَفْسِيرُ
سُورَةِ يُونُس
سورة يونس
مكّيّة. وهي مائة وتسع آيات.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
في كتاب ثواب الأعمال(١) ، بإسناده: عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: من قرأ سورة يونس في كلّ شهرين أو ثلاثة، لم يخف عليه أن يكون من الجاهلين. وكان يوم القيامة من المقرّبين.
وفي مجمع البيان(٢) : أبيّ بن كعب، عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال: من قرأها، أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من صدّق بيونس وكذّب به، وبعدد من غرق مع فرعون.
( الر ) :
فخّمها(٣) ابن كثير ونافع وحفص. وأَمالها الباقون، إجراء لألف الرّاء مجرى المنقلبة من الياء.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٤) : هو حرف من حروف الاسم الأعظم المنقطع في القرآن. فإذا ألفّه الرّسول أو الإمام فدعا به، أجيب.
وفي تفسير العيّاشي(٥) : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ حديث طويل، مضى بتمامه
__________________
(١) ثواب الأعمال / ١٣٢، ح ١.
(٢) المجمع ٣ / ٨٧.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٤٣٨.
(٤) تفسير القمّي ١ / ٣٠٨.
في أوّل آل عمران وأوّل الأعراف. وفي آخره: وليس من حروف مقطّعة حرف ينقضي أيّامه، إلّا وقد قام قائم من بني هاشم عند انقضائه.
ـ إلى قوله ـ: ثمّ كان بدو خروج الحسين بن عليّ ـ عليهما السّلام ـ «الم [، الله». فلمّا](١) بلغت مدّته(٢) مقدمته، قام قائم ولد العبّاس عند «المص». ويقوم قائمنا عند انقضائها ب «المر»(٣) . فافهم ذلك، وعه، واكتمه.
وفي كتاب معاني الأخبار(٤) ، بإسناده إلى سفيان بن سعيد الثّوريّ: عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. يقول فيه الصّادق ـ عليه السّلام ـ: و «الر» معناه: أنا الله الرّؤوف الرّحيم.
( تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ ) (١): إشارة إلى ما تضمّنته السّورة، أو القرآن من الآي. والمراد من «الكتاب»: أحدهما. ووصفه بالحكيم، لإشتماله على الحكم، أو لأنّه كلام حكيم، أو محكم آياته لم ينسخ منها.
( أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً ) : استفهام إنكار، للتّعجّب.
و «عجبا» خبر كان، واسمه( أَنْ أَوْحَيْنا ) .
وقرئ(٥) ، [بالرفع على أن الأمر](٦) بالعكس. أو على أن «كان» تامّة، و «أن أوحينا» بدل من عجب و «اللّام» للدّلالة على أنّهم جعلوه أعجوبة لهم يوجّهون نحوه إنكارهم واستهزاءهم.
( إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ ) : من أفناء رجالهم، دون عظيم من عظمائهم.
قيل(٧) : كانوا يقولون: العجب أنّ الله لم يجد رسولا يرسله إلى النّاس إلّا يتيم أبي طالب. وهو من فرط حماقتهم وقصور نظرهم على الأمور العاجلة، وجهلهم بحقيقة الوحي والنّبوّة. هذا وإنّه ـ صلّى الله عليه وآله ـ لم يكن يقصر عن عظمائهم فيما يعتبرونه، إلّا في المال وخفّة الحال أعون شيء في هذا الباب(٨) . ولذلك كان أكثر الأنبياء ـ عليهم
__________________
(٥) تفسير العيّاشي ٢ / ٣، ح ٣.
(١) من المصدر.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ: «مقدمته» بدل «مدّته».
(٣) المصدر: الرا.
(٤) المعاني / ٢٢، ح ١.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ٤٣٨.
(٦) من المصدر.
(٧) نفس المصدر والموضع.
(٨) كذا في المصدر. وفي أ: البال، وفي سائر
السّلام ـ قبله كذلك.
وقيل(١) : تعجّبوا من أنّه بعث بشرا رسولا، كما سبق ذكره في سورة الأنعام.
( أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ ) .
«أن» هي المفسّرة. أو المخفّفة من الثّقيلة، فتكون في موضع مفعول «أوحينا».
( وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا ) : عمّم الإنذار، إذ قلّما أحد ليس فيه ما ينبغي أن ينذر منه. وخصّص البشارة بالمؤمنين، إذ ليس للكفّار ما يصحّ أن يبشّروا به.
( أَنَّ لَهُمْ ) : بأنّ لهم.
( قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) : سابقة ومنزلة رفيعة. سمّيت: قدما، لأنّ السّبق بها، كما سمّيت النّعمة: يدا، لأنّها تعطى باليد. وإضافتها إلى الصّدق، لتحقّقها والتّنبيه على أنّهم إنّما ينالونها بصدق القول والنّيّة.
وفي أصول الكافي(٢) : الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن يونس قال: أخبرني من رفعه إلى أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ تعالى ـ:( وَبَشِّرِ الَّذِينَ ـ إلى قوله ـعِنْدَ رَبِّهِمْ ) .
قال: ولاية أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٣) : حدّثني أبي، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليمانيّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله:( قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) .
قال: هو رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
وفي روضة الكافي(٤) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليمانيّ، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ مثله سواء.
وفي مجمع البيان(٥) :( أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) . قيل: إنّ معنى( قَدَمَ صِدْقٍ ) : شفاعة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ. وهو المرويّ عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ.
وقيل(٦) : هو تقديم الله إيّاهم في البعث يوم القيامة.
__________________
النسخ: المال.
(١) أنوار التنزيل ١ / ٤٣٩.
(٢) الكافي ١ / ٤٢٢، ح ٥٠.
(٣) تفسير القميّ ١ / ٣٠٨.
(٤) الكافي ٨ / ٣٦٤، ح ٥٥٤.
(٥) المجمع ٣ / ٨٩.
(٦) نفس المصدر والموضع.
أقول: ما روي من أنّها ولاية أمير المؤمنين، أو هو رسول الله، أو شفاعة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ، أو قيل: هو تقديم الله إيّاهم في البعث يوم القيامّة، مرجعه إلى شيء واحد. فإنّ شفاعة محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ لمن له الولاية، ومن له الولاية هو الّذي يقدّمه الله في البعث.
( قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا ) ، يعنون: الكتاب وما جاء به رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
( لَساحِرٌ مُبِينٌ ) (٢).
وقرأ(١) ابن كثير والكوفيّون: «لساحر»، على أنّ الإشارة إلى الرّسول. وفيه اعتراف بأنّهم صادفوا من الرّسول أمورا خارقة للعادة، معجزة إيّاهم عن المعارضة.
وقرئ(٢) : «ما هذا إلّا سحر مبين».
( إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ) : الّتي هي أصول الممكنات.
( فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ) : يقدّر أمر الكائنات على ما اقتضته حكمته وسبقت به كلمته، ويهيّء بتحريكه أسبابها وينزلها منه.
و «التّدبير» النّظر في أدبار الأمور، لتجيء محمودة العاقبة.
وفي تفسير العيّاشي(٣) : عن الصّباح بن سيابة، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: إنّ الله خلق السّنة اثني عشر شهرا، وهو ثلاثمائة وستّون يوما، فحجز(٤) منها ستّة أيّام خلق فيها السّموات والأرض. في ستّة أيّام(٥) فمن ثمّ تقاصرت الشّهور.
عن أبي جعفر(٦) ، عن رجل، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال إنّ الله خلق السّموات والأرض في ستّة أيّام، فالسّنة تنقص ستّة أيّام.
عن جابر(٧) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: قال أمير المؤمنين ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ: إنّ الله ـ جلّ ذكره وتقدّست أسماؤه ـ خلق الأرض قبل السّماء، ثمّ استوى على العرش لتدبير الأمور.
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٤٣٩.
(٢) نفس المصدر والموضع.
(٣) تفسير العيّاشي ٢ / ١٢٠، ح ٧.
(٤) المصدر: فخرج.
(٥) ليس في ب: في ستة أيام.
(٦) نفس المصدر والموضع، ح ٦.
(٧) نفس المصدر والموضع، ح ٨.
وفي كتاب التّوحيد(١) ، بإسناده إلى أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ حديث طويل.
وفيه قوله:( الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ) .
يقول: على الملك احتوى.
وفيه(٢) ، خطبة ـ أيضا ـ للرّضا ـ عليه السّلام ـ. وفيها: مدبّر لا بحركة.
وبإسناده(٣) إلى أنس: عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ، عن جبرئيل ـ عليه السّلام ـ، عن الله ـ تعالى ـ حديث طويل. وفيه: وأنّ من عبادي المؤمنين لمن يريد الباب من العبادة فأكفه عنه، لئلّا يدخله العجب فيفسده ذلك. وأنّ من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلّا بالفقر، ولو أغنيته لأفسده(٤) . وأنّ من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه إلّا بالغنى، ولو أفقرته لأفسده ذلك. وأنّ من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه [إلّا بالسّقم، ولو صححت جسمه لأفسده ذلك. وأنّ من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه](٥) إلا بالصّحّة، ولو أسقمته لأفسده ذلك. إنّي أدبّر من عبادي لعلمي بقلوبهم، فإنّي عليم خبير.
( ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ) : تقرير لعظمته وعزّ جلاله، وردّ على من زعم أنّ آلهتهم تشفع لهم عند الله. وفيه إثبات الشّفاعة لمن إذنه له.
( ذلِكُمُ اللهُ ) ، أي: الموصوف بتلك الصّفات المقتضية للألوهيّة والرّبوبيّة.
( رَبَّكُمُ ) : لا غير. إذ لا يشاركه أحد في شيء من ذلك.
( فَاعْبُدُوهُ ) : وحّدوه بالعبادة.
( أَفَلا تَذَكَّرُونَ ) (٣): تتفكّرون أدنى تفكّر، فينبّهكم على أنّه المستحقّ للرّبوبيّة والعبادة، لا ما تعبدونه.
( إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً ) : بالموت أو النّشور، لا إلى غيره، فاستعدّوا للقائه.
( وَعْدَ اللهِ ) : مصدر مؤكّد لنفسه. لأنّ قوله: «إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ » وعد من الله.
( حَقًّا ) : مصدر آخر مؤكّد لغيره، وهو ما دلّ عليه «وعد الله».
( إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) : بعد بدئه وإهلاكه.
__________________
(١) التوحيد / ٣٢١، ح ١.
(٢) نفس المصدر / ٣٧.
(٣) نفس المصدر / ٣٩٨، ح ١.
(٤) ليس في أ، ب، ر: لأفسده.
(٥) ما بين المعقوفتين ليس في ب.
( لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ ) ، أي، بعدله.
أو بعدالتهم، وقيامهم على العدل في أمورهم.
أو بإيمانهم، لأنّه العدل القويم، كما أنّ الشّرك ظلم عظيم. وهو الأوجه، لمقابلة قوله:( وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ ) (٤): فإنّ معناه: ليجزي الّذين كفروا بشراب من حميم وعذاب أليم بسبب كفرهم. لكنّه غير النّظم للمبالغة في استحقاقهم للعقاب، والتّنبيه على أنّ المقصود بالذّات من الإبداء والإعادة هو الإثابة، والعقاب واقع بالعرض. وأنّه ـ تعالى ـ يتولّى إثابة المؤمنين بما يليق بلطفه وكرمه ولذلك لم يعيّنه، وأمّا عقاب الكفره فكأنّه داء ساقه إليهم سوء اعتقادهم وشؤم أفعالهم.
والآية كالتّعليل لقوله: «مرجعكم جميعا». فإنّه لـمّا كان المقصود من الإعادة مجازاة الله المكلّفين على أعمالهم، كان مرجع الجميع إليه لا محالة. ويؤيّده قراءة من قرأ: «أنّه يبدأ» بالفتح، أي: لأنّه. ويجوز أن يكون منصوبا أو مرفوعا بما نصب «وعد الله» حقّاً».
( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً ) ، أي: ذات ضياء. وهو مصدر، كقيام. أو جمع ضوء، كسياط وسوط. والياء فيه منقلبة عن الواو.
وعن ابن كثير(١) برواية قنبل: «ضئاءا» بهمزتين في كلّ القرآن، على القلب بتقديم اللّام على العين.
( وَالْقَمَرَ نُوراً ) ، أي: ذات نور. وسمّي «نورا» للمبالغة. وهو أعمّ من الضّوء، كما عرفت.
وقيل(٢) : ما بالذّات ضوء(٣) ، وما بالعرض نور.
وقد نبّه ـ سبحانه ـ بذلك على أنّه خلق الشّمس نيّرة بذاتها والقمر نيّرا بعرض، مقابلة الشّمس والاكتساب منها.
وفي روضة الكافي(٤) : عليّ بن محمّد، عن عليّ بن العبّاس، عن عليّ بن حمّاد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: فضرب [الله](٥) مثل
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٤٤٠.
(٢) نفس المصدر والموضع.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ: منورة.
(٤) الكافي ٨ / ٣٧٩، ح ٥٧٤.
محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ الشّمس، ومثل الوصي القمر. وهو قول الله ـ عزّ وجلّ ـ:( جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً ) . والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
وفي كتاب التّوحيد(١) : حدّثنا محمّد [بن](٢) موسى بن المتوكّل قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفيّ، عن موسى بن عمران النّخعيّ، عن عمّه، الحسين بن يزيد، عن إسماعيل بن مسلم قال: حدّثنا أبو نعيم البلخيّ، عن مقاتل بن حيان(٣) ، عن عبد الرّحمن بن ذرّ(٤) ، عن أبي ذرّ الغفاريّ ـ رحمه الله ـ قال: كنت آخذا بيد النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ ونحن نتماشى جميعا، فما زلنا(٥) ننظر إلى الشّمس حتّى غابت.
فقلت: يا رسول الله، أين تغيب؟
قال: في السّماء. ثمّ ترفع من السّماء السّابعة(٦) حتّى تكون تحت العرش، فتخرّ ساجدة فتسجد معها الملائكة الموكّلون بها. ثمّ تقول: يا ربّ، من أين تأمرين أن أطلع، أمن مغربي أم من مطلعي؟ فذلك قول الله ـ عزّ وجلّ ـ:( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) ، يعني بذلك: صنع الرّبّ العزيز في ملكه [العليم](٧) بخلقه.
قال: فيأتيها جبرئيل ـ عليه السّلام ـ بحلّة ضوء من نور العرش على مقادير ساعات النّهار في طوله في الصّيف وفي قصره في الشّتاء، أو ما بين ذلك في الخريف والرّبيع.
قال: فتلبس تلك الحلّة، كما يلبس أحدكم ثيابه، ثمّ تنطلق بها في جوّ السّماء حتّى تطلع من مطلعها.
قال النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ: فكأنّي بها قد حبست مقدار ثلاث ليال ثمّ لا تكسى ضوءا، وتؤمر أن تطلع من مغربها(٨) . فذلك قوله ـ عزّ وجلّ ـ:( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ) . والقمر كذلك مطلعه ومجراه في أفق السّماء ومغربه
__________________
(٥) من المصدر.
(١) التوحيد / ٢٨٠، ح ٧.
(٢) من المصدر.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ: مقاتل بن جنان.
(٤) المصدر: عبد الرحمن بن أبي ذرّ.
(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ: فجاز لنا.
(٦) المصدر: «ثم ترفع من سماء إلى سماء حتّى ترفع إلى السماء السابعة العليا» بدل «ثمّ ترفع من السماء السابعة».
(٧) من المصدر.
(٨) كذا في المصدر. وفي المتن: مطلعها.
وارتفاعه إلى السّماء السّابعة، ويسجد تحت العرش. ثمّ يأتيه جبرئيل ـ عليه السّلام ـ بالحلّة من نور الكرسيّ، فذلك قوله ـ عزّ وجلّ ـ:( جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً ) .
( وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ ) :
الضّمير لكلّ واحد، أي: قدّر مسير كلّ واحد منهما منازل، أو قدّره ذا منازل، أو للقمر.
وتخصيصه بالذّكر لسرعة سيره ومعاينة منازله وإناطة أحكام الشّرع به، ولذلك علّله بقوله:( لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ) : حساب الأوقات من الأشهر والأيّام(١) في معاملاتكم وتصرّفاتكم.
( ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِ إلّا ) : إلّا ملتبسا بالحقّ، مراعيا فيه مقتضى الحكمة البالغة.
( يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) (٥): فإنّهم المنتفعون بالتّأمّل فيها.
وقرأ(٢) ابن كثير والبصريّان وحفص: «يفصّل» بالياء.
( إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) : من أنواع الكائنات.
( لَآياتٍ ) : على وجود الصّانع ووحدته وكمال علمه وقدرته.
( لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ ) (٦): العواقب. فإنّه يحملهم على التّدبّر والتّفكر.
( إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا ) : لا يتوقّعونه، لإنكارهم بالبعث وذهولهم بالمحسوسات عمّا وراءها.
( وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا ) : من الآخرة، لغفلتهم عنها.
( وَاطْمَأَنُّوا بِها ) : وسكنوا إليها مقصرين هممهم على لذائذها وزخارفها، أو سكنوا فيها سكون من لا يزعج عنها.
( وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ ) (٧): لا يتفكّرون فيها، لانهماكهم فيما يضادّها.
والعطف، إمّا لتغاير الوصفين والتّنبيه على أنّ الوعيد على الجمع بين الذّهول عن الآيات رأسا والانهماك في الشّهوات، بحيث لا تخطر الآخرة ببالهم أصلا. وإمّا لتغاير
__________________
(١) ب: من الأشهر والأيام والليالي.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٤٤٠.
الفريقين.
والمراد بالأوّلين: من أنكر البعث، ولم ير إلّا الحياة الدّنيا. وبالآخرين: من ألهاه حبّ العاجل عن التّأمّل في الآجل والإعداد له.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(١) : قال: «الآيات» أمير المؤمنين والأئمّة ـ عليهم السّلام ـ. والدّليل على ذلك قول أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ: ما لله آية أكبر منّي.
( أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ) (٨): بما واطبوا عليه وتمرّنوا به من المعاصي.
( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ ) : بسبب إيمانهم إلى سلوك سبيل يؤدّي إلى الجنّة. أو لإدراك الحقائق، كما قال ـ عليه السّلام ـ: من عمل بما علم، ورثه الله علم ما لم يعلم. أو لما يريدونه في الجنّة.
ومفهوم التّرتيب وإن دلّ على أنّ سبب الهداية هو الإيمان والعمل الصّالح، لكن دلّ منطوق قوله: «بإيمانهم» على استقلال الإيمان بالسّببيّة، وأنّ العمل، كالتّتمّة والرّديف له.
( تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ ) : إستئناف. أو خبر ثان. أو حال من الضّمير المنصوب على المعنى الأخير. وقوله:( فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ) (٩): خبر. أو حال أخرى منه، أو من «الأنهار». أو متعلّق «بتجري»، أو «بيهدي».
وفي كتاب التّوحيد(٢) : حدّثني عليّ بن عبد الله الورّاق ومحمد بن أحمد السّنانيّ(٣) وعليّ بن أحمد بن محمّد بن عمران الدّقاق ـ رضي الله عنه ـ قالوا: حدّثنا أبو العبّاس، أحمد بن يحيى بن زكريّا القطّان قال: حدّثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدّثنا تميم بن بهلول، عن أبيه [عن](٤) ، جعفر بن سليمان البصريّ(٥) ، عن عبد الله بن الفضل الهاشميّ قال: سألت أبا عبد الله، جعفر بن محمّد ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ:( مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً ) .
__________________
(١) تفسير القمّي ١ / ٣٠٩.
(٢) التوحيد / ٢٤١، ح ١.
(٣) كذا في المصدر وتنقيح المقال ٢ / ٧١. وفي النسخ: محمد بن علي السناني.
(٤) من المصدر.
(٥) كذا في المصدر وجامع الرواة ١ / ١٥٢. وفي النسخ: جعفر بن سليمان النضريّ.
موسى الرضا عليه السلام أنه قال له رجل من أهل خراسان: يا بن رسول الله، رأيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في المنام كأنه يقول لي: كيف أنتم إذا دفن في أرضكم بضعتي، واستحفظتم وديعتي، وغيب في ثراكم نجمي؟ فقال له الرضا عليه السلام: أنا المدفون في أرضكم، وأنا بضعة من نبيكم، وأنا الوديعة والنجم، ألا فمن زارني وهو يعرف ما أوجب الله تبارك وتعالى من حقي وطاعتي، فأنا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة، ومن كنا شفعاؤه نجا ولو كان عليه مثل وزر الثقلين الجن والانس.
ولقد حدثني أبي، عن جدي، عن أبيه عليهم السلام أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: من رآني في منامه فقد رآني، لان الشيطان لا يتمثل في صورتي، ولا في صورة أحد من أوصيائي، ولا في صورة أحد من شيعتهم، وإن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزءا من النبوة(١) .
١١٢/١١ - حدّثنا محمّد بن عمر الحافظ البغدادي، قال: حدثني أبوعبدالله محمّد بن أحمد بن ثابت بن كنانة، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن العباس أبوجعفر الخزاعي، قال: حدّثنا حسن بن الحسين العرني، قال: حدّثنا عمرو بن ثابت، عن عطاء بن السائب، عن أبي يحيى، عن ابن عباس، قال: صعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم المنبر فخطب، واجتمع الناس إليه، فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا معشر المؤمنين، إن الله عزّوجلّ أوحى إلي أني مقبوض، وأن ابن عمي عليا مقتول، وإني - أيها الناس - أخبركم خبرا، إن عملتم به سلمتم، وإن تركموه هلكتم، إن ابن عمي عليا هو أخي ووزيري، وهو خليفتي، وهو المبلغ عني، وهو إمام المتقين، قائد الغر المحجلين، إن استرشدتموه أرشدكم، وإن تبعتموه نجوتم، وإن خالفتموه ضللتم، وإن أطعتموه فالله أطعتم، وإن عصيتموه فالله عصيتم، وإن بايعتموه فالله بايعتم، وإن نكثتم بيعته فبيعة الله نكثتم. إن الله عزّوجلّ أنزل علي القرآن، وهو الذي من خالفه ضل، ومن ابتغى
______________
(١) عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢: ٢٥٧/١١، من لا يحضره الفقيه ٢: ٣٥٠/١٦٠٨، بحار الانوار ٤٩: ٢٨٣/١.
علمه عند غير علي هلك.
أيها الناس، اسمعوا قولي، واعرفوا حق نصيحتي، ولا تخلفوني في أهل بيتي إلا بالذي أمرتم به من حفظهم، فإنهم حامتي(١) وقرابتي وإخوتي وأولادي، وإنكم مجموعون ومساءلون عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. إنهم أهل بيتي، فمن آذاهم آذاني، ومن ظلمهم ظلمني، ومن أذلهم أذلني، ومن أعزهم أعزني، ومن أكرمهم أكرمني، ومن نصرهم نصرني، ومن خذلهم خذلني، ومن طلب الهدى في غيرهم فقد كذبني.
أيها الناس، اتقوا الله، وانظروا ما أنتم قائلون إذا لقيتموه، فإني خصم لمن آذاهم، ومن كنت خصمه خصمته، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم(٢) .
وصلّى الله على رسوله محمّد وآله
______________
(١) الحامة: الخاصة من الاهل والولد.
(٢) بشارة المصطفى: ١٦، بحار الانوار ٣٨: ٩٤/١٠.
[ ١٦ ]
المجلس السادس عشر
وهو يوم الثلاثاء
الثاني عشر من شهر رمضان سنة سبع وستين وثلاثمائة
١١٣/١ - حدّثنا الشيخ الفقيه أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل، قال: حدّثنا عبدالله بن وهب البصري، قال: حدثني ثوابة بن مسعود، عن أنس بن مالك، قال: توفي ابن لعثمان بن مظعون رضي الله عنه، فاشتد حزنه عليه حتى اتخذ من داره مسجدا يتعبد فيه، فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقال له: يا عثمان، إن الله تبارك وتعالى لم يكتب علينا الرهبانية، إنما رهبانية امتي الجهاد في سبيل الله. يا عثمان بن مظعون، للجنة ثمانية أبواب، وللنار سبعة أبواب، أفما يسرك أن لا تأتي باب منها إلا وجدت ابنك إلى جنبك آخذا بحجزتك(١) ، يشفع لك إلى ربك؟ قال: بلى. فقال المسلمون: ولنا - يا رسول الله - في فرطنا(٢) ما لعثمان؟ قال: نعم، لمن صبر منكم واحتسب.
ثم قال: يا عثمان، من صلى صلاة الفجر في جماعة ثم جلس يذكر
______________
(١) الحجزة: موضع التكة من السراويل، ويقال: أخذ بحجزته، أي التجأ إليه واستعان به.
(٢) الفرط: السابق المتقدم، والمراد هنا موتانا الذين سبقونا.
الله عزّوجلّ حتى تطلع الشمس، كان له في الفردوس سبعون درجة، بعد ما بين كل درجتين كحضر(١) الفرس الجواد المضمر(٢) سبعين سنة، ومن صلى الظهر في جماعة كان له في جنات عدن خمسون درجة بعد ما بين كل درجتين كحضر الفرس الجواد خمسين سنة، ومن صلى العصر في جماعة كان له كأجر ثمانية من ولد إسماعيل كل منهم رب بيت يعتقهم، ومن صلى المغرب في جماعة كان له كحجة مبرورة وعمرة مقبولة، ومن صلى العشاء في جماعة كان له كقيام ليلة القدر(٣) .
١١٤/٢ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رحمه الله، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الهمداني، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن صالح بن سعد التميمي، عن أبيه، قال: حدّثنا أحمد بن هشام، قال: حدّثنا منصور بن مجاهد، عن الربيع بن بدر، عن سوار بن منيب، عن وهب، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إن لله تبارك وتعالى ملكا يسمى سخائيل يأخذ البروات(٤) للمصلين عند كل صلاة من رب العالمين جل جلاله، فإذا أصبح المؤمنون وقاموا وتوضؤوا وصلوا صلاة الفجر، أخذ من الله عزّوجلّ براءة لهم، مكتوب فيها: أنا الله الباقي، عبادي وإمائي في حرزي جعلتكم، وفي حفظي، وتحت كنفي صيرتكم، وعزتي لا خذلتكم، وأنتم مغفور لكم ذنوبكم إلى الظهر.
فإذا كان وقت الظهر فقاموا وتوضؤوا وصلوا، أخذ لهم من الله عزّوجلّ البراءة الثانية، مكتوب فيها: أنا الله القادر، عبادي وإمائي بدلت سيئاتكم حسنات، وغفرت لكم السيئات، وأحللتكم برضاي عنكم دار الجلال.
فإذا كان وقت العصر فقاموا وتوضؤوا وصلوا أخذ لهم من الله عزّوجلّ البراءة الثالثة، مكتوب فيها أنا الله الجليل، جل ذكري وعظم سلطاني، عبيدي وإمائي حرمت
______________
(١) الحضر: ارتفاع الفرس في عدوه.
(٢) ضمر الفرس للسباق: ربطه وعلفه وسقاه كثيرا مدة، ثم يركضه في الميدان حتى يخف ويدق ويقل لحمه.
(٣) بحار الانوار ٧٠: ١١٤/١، و ٨٢: ١١٤/١.
(٤) كذا، ولعلها: البراءات.
أبدانكم على النار، وأسكنتكم مساكن الابرار، ودفعت عنكم برحمتي شر الاشرار. فإذا كان وقت المغرب فقاموا وتوضؤوا وصلوا، أخذ لهم من الله عزّوجلّ البراءة الرابعة، مكتوب فيها: أنا الله الجبار الكبير المتعال، عبيدي وإمائي صعد ملائكتي من عندكم با لرضا، وحق علي أن أرضيكم وأعطيكم يوم القيامة منيتكم.
فإذا كان وقت العشاء فقاموا وتوضؤوا وصلوا، أخذ لهم من الله عزّوجلّ البراءة الخامسة، مكتوب فيها: إني أنا الله لا إله غيري، ولا رب سواي، عبادي وإمائي في بيوتكم تطهرتم، وإلى بيوتي مشيتم، وفي ذكري خضتم، وحقي عرفتم، وفرائضي أديتم، أشهدك يا سخائيل وسائر ملائكتي أني قد رضيت عنهم.
قال: فينادي سخائيل بثلاث أصوات كل ليلة بعد صلاة العشاة: يا ملائكة الله، إن الله تبارك وتعالى قد غفر للمصلين الموحدين. فلا يبقى ملك في السماوات السبع إلا استغفر للمصلين، ودعا لهم بالمداومة على ذلك، فمن رزق صلاة الليل من عبد أو أمة، قام لله عزّوجلّ مخلصا، فتوضأ وضوءا سابغا، وصلى لله عزّوجلّ بنية صادقة وقلب سليم وبدن خاشع وعين دامعة، جعل الله تبارك وتعالى خلفه تسعة صفوف من الملائكة، في كل صف ما لا يحصي عددهم إلا الله تبارك وتعالى، أحد طرفي كل صف بالمشرق والآخر بالمغرب. قال: فإذا فرغ كتب له بعددهم درجات.
قال منصور: كان الربيع بن بدر إذا حدث بهذا الحديث يقول: أين أنت - يا غافل - عن هذا الكرم؟ وأين أنت عن قيام هذا الليل؟ وعن جزيل هذا الثواب، وعن هذه الكرامة(١) ؟
١١٥/٣ - حدّثنا الحسين بن إبراهيم رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن أبي الصلت الهروي، قال: إن المأمون قال للرضا عليه السلام: يابن رسول الله، قد عرفت فضلك وعلمك وزهدك وورعك وعبادتك، وأراك أحق بالخلافة مني. فقال الرضا عليه السلام: بالعبودية لله عزّوجلّ افتخر، وبالزهد في الدنيا
______________
(١) فلاح السائل: ١٨٩، بحار الانوار ٨٢: ٢٠٣/٣.
أرجو النجاة من شر الدنيا، وبالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم، وبالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند الله عزّوجلّ.
فقال له المأمون: إني قد رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة وأجعلها لك وأبايعك. فقال له الرضا عليه السلام: إن كانت الخلافة لك وجعلها الله لك، فلا يجوز أن تخلع لباسا ألبسك الله وتجعله لغيرك، وإن كانت الخلافة ليست لك، فلا يجوز لك أن تجعل لي ما ليس لك.
فقال له المأمون: يا بن رسول الله، لا بد لك من قبول هذا الامر، فقال: لست أفعل ذلك طائعا أبدا، فما زال يجهد به أياما حتى يئس من قبوله. فقال له: فإن لم تقبل الخلافة ولم تحب مبايعتي لك، فكن ولي عهدي لتكون لك الخلافة بعدي.
فقال الرضا عليه السلام: والله لقد حدثني أبي، عن آبائه، عن أميرالمؤمنين، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إني أخرج من الدنيا قبلك مقتولا بالسم مظلوما، تبكي علي ملائكة السماء وملائكة الارض، وأدفن في أرض غربة إلى جنب هارون الرشيد. فبكى المأمون، ثم قال له: يا بن رسول الله، ومن الذي يقتلك، أو يقدر على الاساءة إليك وأنا حي؟ فقال الرضا عليه السلام: أما إني لو أشاء أن أقول من الذي يقتلني لقلت. فقال المأمون: يا بن رسول الله، إنما تريد بقولك هذا التخفيف عن نفسك، ودفع هذا الامر عنك، ليقول الناس: إنك زاهد في الدنيا. فقال الرضا عليه السلام: والله ما كذبت منذ خلقني ربي عزّوجلّ، وما زهدت في الدنيا للدنيا، وإني لاعلم ما تريد. فقال المأمون: وما أريد؟ قال: لي الامان على الصدق؟ قال: لك الامان. قال: تريد بذلك أن يقول الناس: إن عليّ بن موسى لم يزهد في الدنيا، بل زهدت الدنيا فيه، ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعا في الخلافة. فغضب المأمون، ثم قال: إنك تتلقاني أبدا بما أكرهه، وقد أمنت سطواتي، فبالله أقسم لان قبلت ولاية العهد وإلا أجبرتك على ذلك، فإن فعلت وإلا ضربت عنقك.
فقال الرضا عليه السلام: قد نهاني الله عزّوجلّ أن ألقي بيدي إلى التهلكة، فإن كان الامر على هذا فافعل ما بدا لك، وأنا أقبل ذلك، على أني لا اولي أحدا، ولا أعزل
أحداً، ولا أنقض رسما ولا سنة، وأكون في الامر من بعيد مشيرا. فرضي منه بذلك، وجعله ولي عهده على كراهة منه عليه السلام لذلك(١) .
وصلّى الله على رسوله محمّد وآله الطيبين الطاهرين وسلم كثيرا
______________
(١) عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢: ١٣٩/٣، علل الشرائع: ٢٣٧/١، بحار الانوار ٤٩: ١٢٨/٣.
[ ١٧ ]
المجلس السابع عشر
وهو يوم الجمعة
النصف من شهر رمضان سنة سبع وستين وثلاثمائة
١١٦/١ - حدّثنا الشيخ الفقيه أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي رحمه الله، قال: حدّثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، قال: حدّثنا أحمد بن أبي عبدالله، قال: حدّثنا أبي، عن محمّد بن أبي عمير، عن مالك بن أنس، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، عن علي عليه السلام، قال: جاء الفقراء إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقالوا: يا رسول الله، إن للاغنياء ما يعتقون به وليس لنا، ولهم ما يحجون به وليس لنا، ولهم ما يتصدقون به وليس لنا، ولهم ما يجاهدون به وليس لنا.
فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: من كبر الله تبارك وتعالى مائة مرة كان أفضل من عتق مائة رقبة، ومن سبح الله مائة مرة كان أفضل من سياق مائة بدنة، ومن حمد الله مائة مرة كان أفضل من حملان مائة فرس في سبيل الله بسرجها ولجمها وركبها، ومن قال: لا إله إلا الله مائة مرة كان أفضل الناس عملا ذلك اليوم إلا من زاد.
قال: فبلغ ذلك الاغنياء فصنعوه، قال: فعادوا إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقالوا: يا رسول الله، قد بلغ الاغنياء ما قلت فصنعوه. فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: ذلك فضل الله يؤتيه
من يشاء(١) .
١١٧/٢ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار، قال: حدّثنا أبوطالب عبدالله بن الصلت القمي، قال حدّثنا يونس بن عبد الرحمن، عن عاصم بن حميد، عن محمّد بن قيس، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهما السلام، قال: إن اسم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في صحف إبراهيم: الماحي، وفي توراة موسى: الحاد، وفي إنحيل عيسى: أحمد، وفي الفرقان: محمّد.
قيل: فما تأويل الماحي؟ فقال: الماحي صورة الاصنام، وماحي الاوثان والازلام وكل معبود دون الرحمن.
قيل: فما تأويل الحاد قال: يحاد من حاد الله ودينه، قريبا كان أو بعيدا.
قيل: فما تأويل أحمد؟ قال: حسن ثناء الله عزّوجلّ عليه في الكتب بما حمد من أفعاله.
قيل: فما تأويل محمّد؟ قال: إن الله وملائكته وجميع أنبيائه ورسله وجميع أممهم يحمدونه ويصلون عليه، وإن اسمه لمكتوب على العرش: محمّد رسول الله.
وكان صلّى الله عليه وآله وسلّم يلبس من القلانس اليمنية والبيضاء والمضربة(٢) ذات الاذنين في الحرب، وكانت له عنزة(٣) يتكئ عليها ويخرجها في العيدين، فيخطب بها، وكان له قضيب يقال له الممشوق، وكان له فسطاط يسمى الكن، وكانت له قصعة تسمى المنبعة(٤) ، وكان له قعب(٥) يسمى الري، وكان له فرسان، يقال لاحدهما: المرتجز، وللآخر: السكب، وكانت له بغلتان، يقال لاحدهما: دلدل، وللاخرى:
______________
(١) ثواب الاعمال: ١٠، تنبيه الخواطر ٢: ١٥٥، بحار الانوار ٩٣: ١٧٠/١١.
(٢) في نسخة: المضرية.
(٣) العنزة: أطول من العصا، وأقصر من الرمح، في أسفلها زج كزج الرمح، يتوكأ عليها.
(٤) في نسخة: السعة، وفي اخرى: المنيعة.
(٥) القعب: قدح من خشب مقعر.
الشهباء، وكانت له ناقتان، يقال لاحدهما: العضباء، وللاخرى: الجدعاء، وكان له سيفان، يقال لاحدهما: ذو الفقار، وللآخر: العون، وكان له سيفان آخران، يقال لاحدهما: المخذم، وللآخر: الرسوم(١) ، وكان له حمار يسمى يعفور، وكانت له عمامة تسمى السحاب، وكانت له درع تسمى ذات الفضول، لها ثلاث حلقات فضة: حلقة بين يديها، وحلقتان خلفها، وكانت له راية تسمى العقاب، وكان له بعير يحمل عليه يقال له: الديباج، وكان له لواء يسمى المعلوم، وكان له مغفر يقال له: الاسعد.
فسلم ذلك كله إلى علي عليه السلام عند موته، وأخرج خاتمه وجعله في إصبعه، فذكر علي عليه السلام أنه وجد في قائمة سيف من سيوفه صلّى الله عليه وآله وسلّم صحيفة فيها ثلاثة أحرف: صل من قطعك، وقل الحق ولو على نفسك، وأحسن إلى من أساء إليك(٢) .
قال: وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: خمس لا أدعهن حتى الممات: الاكل على الحضيض مع العبيد، وركوبي الحمار مؤكفا(٣) ، وحلبي العنز بيدي، ولبس الصوف، والتسليم على الصبيان لتكون سنة من بعدي(٤) .
١١٨/٣ - حدّثنا أحمد بن زياد الهمداني، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، قال: دخلت على عليّ بن موسى الرضا عليه السلام، فقلت له: يا بن رسول الله، إن الناس يقولون: إنك قبلت ولاية العهد مع إظهارك الزهد في الدنيا! فقال عليه السلام: قد علم الله كراهتي لذلك، فلما خيرت بين قبول ذلك وبين القتل اخترت القبول على القتل، ويحهم أما علموا أن يوسف عليه السلام كان نبيا رسولا، فلما دفعته الضرورة إلى تولي خزائن العزيز قال له:
______________
(١) كذا في النسخ: وفي النهاية ٢: ٢٢٠ كان لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم سيف يقال له: الرسوب، أي يمضي في الضريبة ويغيب فيها.
(٢) من لا يحضره الفقيه ٤: ١٣٠/٤٥٤.
(٣) يقال: أكف الحمار: شد عليه الاكاف، والاكاف أو الوكاف: البرذعة والكساء يلقى على ظهر الحمار وغيره.
(٤) بحار الانوار ١٦: ٩٨/٣٧.
اجعلني على خزائن الارض إني حفيظ عليم، ودفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على إكراه وإجبار بعد الاشراف على الهلاك، على أني ما دخلت في هذا الامر إلا دخول خارج منه، فإلى الله المشتكى وهو المستعان(١) .
١١٩/٤ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رحمه الله، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد الهمداني، عن عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضال، عن أبيه، قال: قال الرضا عليه السلام: من تذكر مصابنا وبكى لما ارتكب منا كان معنا في درجتنا يوم القيامة، ومن ذكر بمصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون، ومن جلس مجلسا يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب(٢) .
١٢٠/٥ - قال: وقال الرضا عليه السلام في قول الله عزّوجلّ:( إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ) (٣) رب يغفر لها(٤) .
١٢١/٦ - قال وقال الرضا عليه السلام في قول الله عزّوجلّ:( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) (٥) ، قال: العفو من غير عتاب(٦) .
١٢٢/٧ - قال: وقال الرضا عليه السلام في قول الله عزّوجلّ:( هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا ) (٧) ، قال: خوفا للمسافر، وطمعا للمقيم(٨) .
١٢٣/٨ - قال: وقال الرضا عليه السلام: من لم يقدر على ما يكفر به ذنوبه فليكثر من الصلاة على محمّد وآله، فإنها تهدم الذنوب هدما(٩) .
______________
(١) علل الشرائع: ٢٣٩/٣، عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢: ١٣٩/٢، بحار الانوار ٤٩: ١٣٠/٤.
(٢) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢٩٤/٤٨، بحار الانوار ٤٤: ٢٧٨/١، ٢.
(٣) الاسراء ١٧: ٧.
(٤) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢٩٤/٤٩، بحار الانوار ٧١: ٢٤٤/٨.
(٥) الحجر ١٥: ٨٥.
(٦) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢٩٤/٥٠.
(٧) الرعد ١٣: ١٢.
(٨) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢٩٤/٥١.
(٩) عيون أخبار الرضا عليه السلام: ١: ٢٩٤/٥٢.
١٢٤/٩ - وقال عليه السلام: الصلاة على محمّد وآله تعدل عند الله عزّوجلّ التسبيح والتهليل والتكبير(١) .
١٢٥/١٠ - حدّثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدّثنا بكر بن عبدالله بن حبيب، قال: حدّثنا عليّ بن زياد، قال: حدّثنا الهيثم بن عدي، عن الاعمش، عن يونس بن أبي إسحاق، قال: حدّثنا أبوالصقر، عن عدي بن أرطاة، قال: قال معاوية يوما لعمرو بن العاص: يا أبا عبدالله، أينا أدهى؟ قال عمرو: أنا للبديهة، وأنت للروية. قال معاوية: قضيت لي على نفسك، وأنا أدهى منك في البديهة. قال عمرو: فأين كان دهاؤك يوم رفعت المصاحف؟ قال: بها غلبتني يا أبا عبدالله، أفلا أسألك عن شئ تصدقني فيه؟ قال: والله إن الكذب لقبيح، فسل عما بدا لك أصدقك.
فقال: هل غششتني منذ نصحتني؟ قال: لا. قال: بلى والله، لقد غششتني، أما إني لا أقول في كل المواطن، ولكن في موطن واحد، قال: وأي موطن هذا؟ قال: يوم دعاني عليّ بن أبي طالب للمبارزة فاستشرتك، فقلت: ما ترى يا أبا عبدالله؟ فقلت: كفؤ كريم، فأشرت علي بمبارزته وأنت تعلم من هو، فعلمت أنك غششتني.
قال: يا أمير المومنين، دعاك رجل إلى مبارزته عظيم الشرف جليل الخطر، فكنت من مبارزته على إحدى الحسنيين، إما أن تقتله فتكون قد قتلت قتال الاقران، وتزداد به شرفا إلى شرفك وتخلو بملكك، وإما أن تعجل إلى مرافقة الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
قال معاوية: هذه شر من الاول، والله إني لاعلم أني لو قتلته دخلت النار، ولو قتلني دخلت النار.
قال له عمرو: فما حملك على قتاله؟! قال: الملك عقيم، ولن يسمعها مني
______________
(١) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢٩٤/٥٢.
أحد بعدك(١) .
١٢٦/١١ - حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رحمه الله، قال: حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن عمه عبدالله بن عامر، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من دان بديني وسلك منهاجي واتبع سنتي، فليدن بتفضيل الائمة من أهل بيتي على جميع امتي، فإن مثلهم في هذه الامة مثل باب حطة في بني إسرائيل(٢) .
١٢٧/١٢ - حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن عليّ بن الصلت، عن عمه عبدالله بن الصلت، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام، قال: أوحى الله عزّوجلّ إلى رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أني شكرت لجعفر بن أبي طالب أربع خصال، فدعاه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فأخبره، فقال: لو لا أن الله أخبرك ما أخبرتك، ما شربت خمرا قط، لاني علمت أن لو شربتها زال عقلي، وما كذبت قط، لان الكذب ينقص(٣) المروءة، وما زنيت قط، لاني خفت أني إذا عملت عمل بي، وما عبدت صنما قط لاني علمت أنه لا يضر ولا ينفع.
قال: فضرب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يده على عاتقه، فقال: حق لله عزّوجلّ أن يجعل لك جناحين تطير بهما مع الملائكة في الجنة(٤) .
وصلّى الله على رسوله محمّد وآله وسلم
______________
(١) بحار الانوار ٣٣: ٤٩/٣٩٣.
(٢) بحار الانوار ٢٣: ١١٩/٣٩.
(٣) في نسخة: ينقض.
(٤) علل الشرائع: ٥٥٨/١، بحار الانوار ٢٢: ٢٧٢/١٦.
[ ١٨ ]
المجلس الثامن عشر
مجلس يوم الثلاثاء
التاسع عشر من شهر رمضان سنة سبع وستين وثلاثمائة
١٢٨/١ - حدّثنا الشيخ أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رضي الله عنه، قال: حدّثنا عليّ بن الفضل بن العباس البغدادي شيخ لاصحاب الحديث، قال: أخبرنا أبوالحسن عليّ بن إبراهيم، قال: حدّثنا أبوجعفر محمّد بن غالب بن حرب الضبي التمتامي وأبوجعفر محمّد بن عثمان بن أبي شيبة. قالا: حدّثنا يحيى بن سالم، ابن عم الحسن بن صالح، وكان يفضل على الحسن بن صالح، قال: حدّثنا مسعر، عن عطية، عن جابر، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: مكتوب على باب الجنة لا إله إلا الله، محمّد رسول الله، علي أخو رسول الله، قبل أن يخلق الله السماوات والارض بألفي عام(١) .
١٢٩/٢ - حدّثنا عليّ بن الفضل بن العباس البغدادي، قال: قرأت على أحمد ابن محمّد بن سليمان بن الحارث، قلت: حدثكم محمّد بن عليّ بن خلف العطار، قال: حدّثنا حسين الاشقر، قال: حدّثنا عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: سألت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عن الكلمات التي تلقى آدم من
______________
(١) الخصال: ٦٣٨/١١، بحار الانوار ٨: ١٣١/٣٤، و ٢٧: ٢/٢.
ربه فتاب عليه، قال: سأله بحق محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي، فتاب عليه(١) .
١٣٠/٣ - حدّثنا يعقوب بن يوسف بن يعقوب الفقيه شيخ لاهل الري، قال: حدّثنا إسماعيل بن محمّد الصفار البغدادي، قال: حدّثنا محمّد بن عبيد بن عتبة الكندي، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن شريك، قال: حدّثنا أبي، عن الاعمش، عن عطاء، قال: سألت عائشة عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فقالت: ذاك خير البشر، ولا يشك فيه إلا كافر(٢) .
١٣١/٤ - حدّثنا يعقوب بن يوسف بن يعقوب، قال: أخبرنا عبد الرحمن الخيطي، قال: حدّثنا أحمد بن يحيى الاودي، قال: حدّثنا حسن بن حسين العرني، قال: حدّثنا إبراهيم بن يوسف، عن شريك، عن منصور، عن ربعي، عن حذيفة، أنه سئل عن علي عليه السلام، فقال: ذاك خير البشر، ولا يشك فيه إلا منافق(٣) .
١٣٢/٥ - حدّثنا محمّد بن أحمد الصيرفي وكان من أصحاب الحديث، قال: حدّثنا أبوجعفر محمّد بن العباس بن بسام مولى بني هاشم، قال: حدّثنا أبوالخير، قال: وحدثنا محمّد بن يونس البصري، قال: حدّثنا عبدالله بن يونس وأبو الخير قالا: حدّثنا أحمد بن موسى، قال: حدّثنا أبوبكير(٤) النخعي، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن أبي وائل، عن حذيفة بن اليمان، عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، أنه قال: علي ابن أبي طالب خير البشر، ومن أبى فقد كفر(٥) .
١٣٣/٦ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطار، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن محمّد
______________
(١) الخصال: ٢٧٠/٨، معاني الاخبار: ١٢٥/١، بحار الانوار ١١: ١٧٦/٢٢، و ٢٦: ٣٢٤/٤.
(٢) بحار الانوار ٣٨: ٥/٧.
(٣) بحار الانوار ٣٨: ٥/٨.
(٤) في نسخة: أبوبكر.
(٥) بحار الانوار ٣٨: ٦/٩.
ابن السندي، عن عليّ بن الحكم، عن فضيل بن عثمان، عن أبي الزبير المكي، قال: رأيت جابرا متوكئا على عصاه وهو يدور في سكك الانصار ومجالسهم، وهو يقول: علي خير البشر، فمن أبى فقد كفر. يا معشر الانصار، أدبوا أولادكم على حب علي، فمن أبى فانظروا في شأن أمه(١) .
١٣٤/٧ - حدّثنا محمّد بن عمر الحافظ البغدادي، قال: حدثني أبومحمّد الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عليّ بن العباس الرازي، قال: حدثني أبي عبدالله بن محمّد بن عليّ بن العباس بن هارون التميمي، قال: حدثني سيدي عليّ بن موسى الرضا عليه السلام، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي محمّد بن علي، قال: حدثني أبي عليّ بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أخي الحسن بن علي، قال: حدثني أبي عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: قال لي النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: أنت خير البشر، ولا يشك فيك إلا كافر(٢) .
١٣٥/٨ - حدّثنا الحسن بن محمّد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله ابن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: حدثني جدي يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله، قال: حدثني إبراهيم بن عليّ والحسن بن يحيى، قالا: حدّثنا نصر بن مزاحم، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي عليهم السلام، قال: كان لي عشر من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يعطهن أحد قبلي ولا يعطاهن أحد بعدي، قال لي: يا علي، أنت أخي في الدنيا وفي الآخرة، وأنت أقرب الناس مني موقفا يوم القيامة، ومنزلي ومنزلك في الجنة متواجهان كمنزل الاخوين، وأنت الوصي، وأنت الولي، وأنت الوزير، عدوك عدوي وعدوي عدو الله، ووليك
______________
(١) علل الشرائع: ١٤٢/٤، بحار الانوار ٣٩: ٣٠٠/١٠٨.
(٢) عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢: ٥٩/٢٢٥، بحار الانوار ٣٨: ٤/٣.
وليّي ووليّي وليّ الله عزّوجلّ(١) .
١٣٦/٩ - حدّثنا عبدالله بن النضر بن سمعان التميمي الخرقاني رحمه الله، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد المكي، قال: أخبرنا أبومحمّد عبدالله بن إسحاق المدائني، عن محمّد بن زياد، عن المغيرة، عن سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه عروة بن الزبير، قال: كنا جلوسا في مجلس في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فتذاكرنا أعمال أهل بدر وبيعة الرضوان، فقال أبوالدرداء: يا قوم، ألا أخبركم بأقل القوم مالا، وأكثرهم ورعا، وأشدهم اجتهادا في العبادة؟ قالوا: من؟ قال: عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
قال: فو الله إن كان في جماعة أهل المجلس إلا معرض عنه بوجهه، ثم انتدب له رجل من الانصار، فقال له: يا عويمر، لقد تكلمت بكلمة ما وافقك عليها أحد منذ أتيت بها.
فقال أبوالدرداء: يا قوم، إني قائل ما رأيت، وليقل كل قوم منكم ما رأوا، شهدت عليّ بن أبي طالب عليه السلام: بشويحطات(٢) النجار، وقد اعتزل عن مواليه، واختفى ممن يليه، واستتر بمغيلات(٣) النخل، فافتقدته وبعد علي مكانه، فقلت: لحق بمنزله، فإذا أنا بصوت حزين ونغمة شجي وهو يقول: إلهي، كم من موبقة حملت عني فقابلتها(٤) بنعمتك، وكم من جريرة تكرمت عن كشفها بكرمك، إلهي إن طال في عصيانك عمري، وعظم في الصحف ذنبي، فما أنا مؤمل غير غفرانك، ولا أنا براج غير رضوانك.
فشغلني الصوت واقتفيت الاثر، فإذا هو عليّ بن أبي طالب عليه السلام بعينه،
______________
(١) الخصال: ٤٢٩/٧، أمالي الطوسي: ١٣٧/٢٢٢، بحار الانوار ٣٩: ٣٣٧/٧.
(٢) الشوحط: شجر يتخذ منه القسي.
(٣) المغيل: النابت في الغيل والداخل فيه، والغيل: الشجر الكثير الملتف. وفي نسخة: ببعيلات النخل، قال المجلسي رحمه الله: هي جمع بعيل، مصغر بعل: وهو كل نخل وشجر لا يسقى، والذكر من النخل. « بحار الانوار ٤١: ١٣ ».
(٤) في نسخة: حلمت عن مقابلتها، وهما بمعنى واحد، يقال حمل عنه: أي حلم وصفح وستر.
فاستترت له، وأخملت(١) الحركة، فركع ركعات في جوف الليل الغابر، ثم فزع إلى الدعاء والبكاء والبث والشكوى، فكان مما ناجى به الله أن قال: إلهي، أفكر في عفوك، فتهون علي خطيئتي، ثم أذكر العظيم من أخذك فتعظم علي بليتي. ثم قال: آه إن أنا قرأت في الصحف سيئة أنا ناسيها وأنت محصيها، فتقول: خذوه، فيا له من مأخوذ لا تنجيه عشريته، ولا تنفعه قبيلته، يرحمه الملا إذا أذن فيه بالنداء. ثم قال: آه من نار تنضج الاكباد والكلى، آه من نار نزاعة للشوى(٢) ، آه من غمرة من ملهبات(٣) لظى.
قال: ثم أنعم(٤) في البكاء، فلم أسمع له حسا ولا حركة، فقلت: غلب عليه النوم لطول السهر، أو قظه لصلاة الفجر. قال أبوالدرداء فأتيته فإذا هو كالخشبة الملقاة، فحركته فلم يتحرك وزويته(٥) فلم ينزو، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، مات والله علي ابن أبي طالب. قال: فأتيت منزله مبادرا أنعاه إليهم، فقالت فاطمة عليها السلام: يا أبا الدرداء، ما كان من شأنه ومن قصته؟ فأخبرتها الخبر، فقالت: هي والله - يا أبا الدرداء - الغشية التي تأخذه من خشية الله، ثم أتوه بماء فنضحوه على وجهه، فأفاق ونظر إلي وأنا أبكي، فقال: مم بكاؤك، يا أبا الدرداء؟ فقلت: مما أراه تنزله بنفسك. فقال: يا أبا الدرداء، فكيف لو رأيتني ودعي بي إلى الحساب، وأيقن أهل الجرائم بالعذاب، واحتوشتني(٦) ملائكة غلاظ وزبانية فظاظ(٧) ! فوقفت بين يدي الملك الجبار، قد أسلمني الاحباء، ورحمني أهل الدنيا، لكنت أشد رحمة لي بين يدي من لا تخفى عليه خافية.
______________
(١) أي أخفيت.
(٢) الشوى: جمع شواة، وهي جلدة الرأس، والشوى أيضا: الاطراف.
(٣) في نسخة: لهبات.
(٤) أي أطال وزاد، وفي نسخة: انغمر.
(٥) زوى الشئ: جمعة وقبضه.
(٦) احتوش القوم القاسي.
فقال أبوالدرداء: فو الله ما رأيت ذلك لاحد من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم(١) .
١٣٧/١٠ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن عليّ بن مهزيار، عن الحسين ابن سعيد، عن عليّ بن النعمان، عن داود بن فرقد، قال: سمعت أبي يسأل أبا عبدالله الصادق عليه السلام: متى يدخل وقت المغرب؟ فقال: إذا غاب كرسيها. قال: وما كرسيها؟ قال: قرصها. قال: متى يغيب قرصها؟ قال: أذا نظرت فلم تره(٢) .
١٣٨/١١ - حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، قال: حدّثنا أبوجعفر أحمد بن محمّد بن عيسى وموسى بن جعفر بن أبي جعفر البغدادي، عن أبي طالب عبدالله بن الصلت القمي، عن الحسن بن عليّ بن فضال، عن داود بن أبي يزيد، قال: قال الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام: إذا غابت الشمس فقد دخل وقت المغرب(٣) .
١٣٩/١٢ - حدّثنا محمّد بن الحسن رحمه الله، قال: حدّثنا الحسين بن الحسن ابن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبدالله، عن أبي أسامة زيد الشحام أو غيره، قال: صعدت مرة جبل أبي قبيس والناس يصلون المغرب، فرأيت الشمس لم تغب، وإنما توارت خلف الجبل عن الناس، فلقيت أبا عبدالله الصادق عليه السلام فأخبرته بذلك، فقال لي: ولم فعلت ذلك؟ بئس ما صنعت، إنما تصليها إذا لم ترها خلف جبل غابت أو غارت، ما لم يتجللها سحاب أو ظلمة تظلها، فإنما عليك مشرقك ومغربك، وليس على الناس أن يبحثوا(٤) .
١٤٠/١٣ - حدّثنا أبي ومحمّد بن الحسن رحمه الله، قالا: حدّثنا سعد بن
______________
(١) تنبيه الخواطر ٢: ١٥٦، بحار الانوار ٤١: ١١/١، و ٨٧: ١٩٤/٢.
(٢) علل الشرائع: ٣٥٠/٤، بحار الانوار ٨٣: ٥٦/١٣، و: ٦٥/٣٠.
(٣) بحار الانوار ٨٣: ٥٦/١٢.
(٤) التهذيب ٢: ٢٦٤/١٠٥٣، بحار الانوار ٨٣: ٥٧/١٤، وفي نسخة: يتجسسوا.
عبدالله، عن موسى بن الحسن، والحسن بن علي، عن أحمد بن هلال، عن محمّد بن أبي عمير، عن جعفر بن عثمان، عن سماعة بن مهران، قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام في المغرب: إنا ربما صلينا ونحن نخاف أن تكون الشمس خلف الجبل، أو قد سترها منا الجبل؟ فقال: ليس عليك صعود الجبل(١) .
١٤١/١٤ - حدّثنا محمّد بن الحسن رحمه الله، قال: حدّثنا الحسين بن الحسن ابن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن محمّد بن يحيى الخثعمي، قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يصلي المغرب ويصلي معه حي من الانصار يقال لهم: بنو سلمة، منازلهم على نصف ميل، فيصلون معه، ثم ينصرفون إلى منازلهم وهم يرون مواضع نبلهم(٢) .
١٤٢/١٥ - حدّثنا جعفر بن عليّ بن الحسن بن عليّ بن عبدالله بن المغيرة الكوفي، قال: حدثني جدي الحسن بن علي، عن جده عبدالله بن المغيرة، عن عبدالله بن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: سمعته يقول: صحبني رجل كان يمسي بالمغرب ويغلس بالفجر، فكنت أنا أصلي المغرب إذا غربت(٣) الشمس، واصلي الفجر إذا أستبان لي الفجر، فقال لي الرجل: ما يمنعك أن تصنع مثل ما أصنع، فإن الشمس تطلع على قوم قبلنا وتغرب عنا وهي طالعة على آخرين بعد؟ قال: فقلت: إنما علينا أن نصلي إذا وجبت الشمس عنا، وإذا طلع الفجر عندنا، ليس علينا إلا ذلك، وعلى اولئك أن يصلوا إذا غربت عنهم(٤) .
١٤٣/١٦ - حدّثنا أبي ومحمّد بن الحسن وأحمد بن محمّد بن يحيى العطار (رضي الله عنهم)، قالوا: حدّثنا سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين بن أبي
______________
(١) من لا يحضره الفقيه ١: ١٤١/٦٥٦، التهذيب ٢: ٢٦٤/١٠٥٤، بحار الانوار ٨٣: ٥٧/١٥.
(٢) بحار الانوار ٨٣: ٥٨/١٦.
(٣) في نسخة: وجبت، وكلاهما بمعنى.
(٤) بحار الانوار ٨٣: ٥٨/١٧.