تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء ٦

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب12%

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب مؤلف:
المحقق: حسين درگاهى
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 472

  • البداية
  • السابق
  • 472 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 17641 / تحميل: 4960
الحجم الحجم الحجم
تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب الجزء ٦

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

وهما وهذا المضطجع معى فى مكان واحد يوم القيامة ، قال : أخرجه ابن عساكر.

[الهيثمى فى مجمعه ج ٩ ص ١٨٤ ] قال : وعن أبى موسى الأشعرى قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : أنا وعلى وفاطمة والحسن والحسين يوم القيامة فى قبة تحت العرش ، قال : رواه الطبرانى.

[كنز العمال ج ٦ ص ٢١٦ ] و لفظه : إن فاطمة وعليا والحسن والحسين فى حظيرة القدس فى قبة بيضاء سقفها عرش الرحمن ، قال : أخرجه ابن عساكر عن عمر ـ يعنى عن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم.

[كنز العمال ج ٧ ص ١٠٢ ] قال : عن على عليه السلام عن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم قال : فى الجنة درجة تدعى الوسيلة فاذا سألتم اللّه فسلوا لى الوسيلة ، قالوا : يا رسول اللّه من يسكن معك فيها؟ قال : علىّ وفاطمة والحسن والحسين ، قال : أخرجه ابن مردويه.

[الرياض النضرة ج ٢ ص ٢٠٨ ] قال : قال ابن عمر على ( عليه السلام ) من أهل البيت لا يقاس بهم أحد ، على ( عليه السلام ) مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فى درجته إن اللّه عز وجل يقول ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذريتهم ) فاطمة مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله فى درجته ، وعلى ( عليه السّلام ) مع فاطمة ، قال : أخرجه على بن نعيم البصرى.

١٤١

باب

إن عليا عليه السّلام قصره بين قصر

النبى صلّى اللّه عليه وآله وسلم وقصر ابراهيم عليه السلام

[كنز العمال ج ٦ ص ١٥٦ ] و لفظه : إن اللّه اتخذنى خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ، فقصرى فى الجنة وقصر إبراهيم فى الجنة متقابلين ، وقصر على بن أبى طالب بين قصرى وقصر إبراهيم ، فياله من حبيب بين خليلين ( قال ) أخرجه الحاكم فى تاريخه والبيهقى فى فضائل الصحابة وابن الجوزى عن حذيفة ( أقول ) وذكره المحب الطبرى أيضا فى الرياض النضرة ( ج ٢ ص ٢١١ ) وقال : أخرجه أبو الخير الحاكمى.

[كنز العمال ج ٦ ص ١٥٦ ] و لفظه : إذا كان يوم القيامة ضربت لى قبة من ياقوتة حمراء على يمين العرش ، وضربت لابراهيم عليه السلام قبة من ياقوتة خضراء على يسار العرش ، وضربت فيما بيننا لعلى بن أبى طالب قبة من لؤلؤة بيضاء ، فما ظنك بحبيب بين خليلين؟ قال : أخرجه البيهقى فى فضائل الصحابة وابن الجوزى عن سلمان ( أقول ) وذكره المحب الطبرى أيضا فى الرياض النضرة ( ج ٢ ص ٢١١ ) وقال أخرجه الحاكمى.

١٤٢

باب

في جنة علي وفاطمة عليهما السلام

[الهيثمى فى مجمعه ج ٩ ص ٢٠٤ ] قال : وعن عبد اللّه بن مسعود قال سأحدثكم بحديث سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، فلم أزل أطلب الشهادة للحديث فلم أرزقها ، سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فى غزوة تبوك يقول ـ ونحن نسير معه ـ إن اللّه لما أمرنى أن أزوج فاطمة من علىّ ففعلت ، قال جبريل عليه السلام ان اللّه تعالى بنى جنة من لؤلؤة قصب ، بين كل قصبة الى قصبة لؤلؤة من ياقوتة مشذرة بالذهب ، وجعل سقوفها زبرجدا أخضر ، وجعل فيها طاقات من لؤلؤة مكللة باليواقيت ، ثم جعل عليها غرفا لبنة من فضة ولبنة من ذهب ، ولبنة من در ، ولبنة من ياقوت ، ولبنة من زبرجد ، ثم جعل فيها عيونا تنبسع فى نواحيها ، وحفت بالأنهار ، وجعل على الأنهار قبابا من در قد شعبت بسلاسل ، وحفت بانواع الشجر ، وبنى فى كل غصن قبة ، وجعل فى كل قبة اريكة من درة بيضاء غشاؤها السندس والاستبرق ، وفرش أرضها بالزعفران ، وفتق بالمسك والعنبر ، وجعل فى كل قبة حوراء ، والقبة لها مائة باب ، على كل باب حارسان وشجرتان فى كل قبة مفرش ، وكتاب مكتوب حول القباب آية الكرسى ، قلت لجبريل لمن بنى اللّه هذه الجنة؟ قال : بناها لفاطمة ابنتك وعلى بن أبى طالب سوى جنانهما تحفة اتحفهما أقر عينيك يا رسول اللّه ، قال : رواه الطبرانى.

١٤٣

باب

إن عليا عليه السّلام رفيق النبي (ص) في الجنة

[تاريخ بغداد للخطيب البغدادى ج ١٢ ص ٢٦٨ ] روى بسنده عن محمد بن على بن الحسين عن أبيه عن على عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : يا على أنت أخى وصاحبى ورفيقى فى الجنة.

[مستدرك الصحيحين للحاكم ج ٣ ص ١٩٩ ] روى بسنده عن المسيب ابن نجبة عن على بن ابى طالب عليه السلام : إن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم قال : كل نبى اعطى سبعة رفقاء وأعطيت بضعة عشر ، فقيل لعلى عليه السّلام من هم؟ فقال : أنا وحمزة وابناى ، قال الحاكم ثم ذكرهم ( ثم قال ) الحاكم هذا حديث صحيح الاسناد ( أقول ) إن الحديث الشريف وإن كان مطلقا ليس فيه تصريح بانهم رفقاؤه فى خصوص الجنة ولكن المقصود منه هو ذلك قطعا لان رفقاءه صلى اللّه عليه وآله وسلم فى الدنيا أكثر من ذلك وأكثر.

١٤٤

باب

إن عليا عليه السّلام وقومه آية الجنة

ومعاوية وقومه آية النار

[الهيثمى فى مجمعه ج ٩ ص ٤٠٥ ] قال : عن عمرو بن الحمق قال : بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم سرية ( وساق الحديث الى أن قال ) ثم هاجرت الى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فبينا أنا عنده ذات يوم فقال لى : يا عمرو هل لك أن اريك آية الجنة تأكل الطعام وتشرب الشراب وتمشى فى الأسواق؟ قلت : بلى بابى أنت قال : هذا وقومه ـ وأشار بيده الى على بن أبى طالب عليه السلام ـ وقال : لى يا عمرو هل لك أن اريك آية النار تأكل الطعام وتشرب الشراب وتمشى فى الأسواق؟ قلت : بلى بابى أنت قال : هذا وقومه آية النار ـ وأشار الى رجل ـ فلما وقعت الفتنة ذكرت قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : ففررت من آية النار إلى آية الجنة ( الى أن قال ) واللّه إن كنت فى حجر فى جوف حجر لاستخرجنى بنو امية حتى يقتلونى ، حدثنى به حبيبى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إن رأسى أول رأس يحتز فى الاسلام وينقل من بلد الى بلد قال : رواه الطبرانى فى الأوسط.

[كنز العمال ج ٧ ص ٦٣ ] قال : عن الأجلح بن عبد اللّه الكندى

١٤٥

قال : سمعت زيد بن على وعبد اللّه بن الحسن وجعفر بن محمد ومحمد بن عبد اللّه ابن الحسن يذكرون تسمية من شهد مع على عليه السلام من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم كلهم ذكره عن آبائه وعمن أدرك من أهله ، وسمعته أيضا من غيرهم فذكرهم وذكر فيهم عمرو بن الحمق الخزاعى ، وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال له : يا عمرو أتحب أن أريك آية الجنة؟ قال : نعم يا رسول اللّه فمر على عليه السلام : فقال : هذا وقومه آية الجنة ، فلما قتل عثمان وبايع الناس عليا عليه السلام لزمه فكان معه حتى أصيب ( الحديث ) قال : أخرجه ابن عساكر.

[كنز العمال ج ٧ ص ٦٣ ] قال : عن عبيد اللّه بن رافع إن معاوية طلب عمرو بن الحمق ليقتله فهرب منه نحو الجزيرة ومعه رجل من أصحاب على عليه السلام يقال له زاهر ، فلما نزلا الوادى نهشت عمرا حية من جوف الليل فاصبح منتفخا ، فقال لزاهر تنح عنى فان خليلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قد أخبرنى انه سيشترك فى دمى الانس والجن ولا بد لى من أن اقتل فقد أصابتنى بلية الجن بهذا الوادى ، فبينماهم كذلك إذ رأيا نواصى الخيل فى طلبه فامر زاهرا يتغيب ، قال : فاذا قتلت فانهم يأخذون رأسى فارجع الى جسدى فادفنه ، فقال له زاهر بل أنثر نبلى ثم أرميهم حتى إذا فنيت نبلى قتلت معك؟ قال : لا ولكنى سأزودك منى ما ينفعك اللّه به فاسمع منى آية الجنة محمد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وعلامتهم على بن أبى طالب عليه السلام ، وتوارى زاهر فاقبل القوم فنظروا الى عمرو فنزل اليه رجل منهم آدم(١) فقطع رأسه ، وكان أول رأس فى الاسلام نصب فى الناس وخرج زاهر اليه فدفنه ، قال أخرجه ابن عساكر.

___________________

١ ـ آدم : بالمد أى أسمر.

١٤٦

باب

إن عليا عليه السّلام وشيعته في الجنة

[حلية الأولياء لأبى نعيم ج ٤ ص ٣٢٩ ] روى بسنده عن الشعبى عن على عليه السلام قال : قال لى النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم : إنك وشيعتك فى الجنة ، الحديث ( أقول ) ورواه الخطيب البغدادى أيضا فى تاريخ بغداد ( ج ١٢ ص ٢٨٩ ).

[تاريخ بغداد ج ١٢ ص ٣٥٨ ] روى بسنده عن أبى سعيد الخدرى عن أم سلمة قالت : كانت ليلتى من رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فأتته فاطمة عليها السلام ومعها على عليه السلام ، فقال له النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم : أنت وأصحابك فى الجنة ، أنت وشيعتك فى الجنة ، الحديث ( أقول ) وذكره الهيثمى أيضا فى مجمعه ( ج ١٠ ص ٢١ ) وقال : رواه الطبرانى فى الاوسط.

[الهيثمى فى مجمعه ج ٩ ص ١٧٣ ] قال : وعن أبى هريرة إن على بن أبى طالب عليه السلام قال : يا رسول اللّه أيما أحب اليك أنا أم فاطمة؟ قال : فاطمة أحب إلىّ منك وأنت أعز علىّ منها ، وكأنى بك وأنت على حوضى تذود عنه الناس وإن عليه لأباريق مثل عدد نجوم السماء ، وإنى وأنت والحسن

١٤٧

والحسين وفاطمة وعقيل وجعفر فى الجنة ( إخوانا على سرر متقابلين ) أنت معى وشيعتك فى الجنة ثم قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ( إخوانا على سرر متقابلين ) لا ينظر أحد فى قفا صاحبه ، قال رواه الطبرانى.

[الصواعق المحرقة لابن حجر ص ٩٦ ] قال : وأخرج أحمد فى المناقب إنه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال لعلى عليه السّلام : أما ترضى انك معى فى الجنة والحسن والحسين وذريتنا خلف ظهورنا وأزواجنا خلف ذريتنا وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا؟ ( أقول ) وذكره المحب الطبرى أيضا فى الرياض النضرة ( ج ٢ ص ٢٠٩ ) وقال أخرجه أحمد فى المناقب وأبو سعد فى شرف النبوة

[كنز العمال ج ٢ ص ٢١٨ ] ولفظه : يا على إن أول أربعة يدخلون الجنة أنا وأنت والحسن والحسين وذرارينا خلف ظهورنا وأزواجنا خلف ذرارينا وشيعتنا عن أيماننا وعن شمائلنا ، قال : أخرجه ابن عساكر عن على عليه السلام ، وأخرجه الطبرانى عن أبى رافع.

١٤٨

باب

في حورية علي عليه السّلام فى الجنة

[تاريخ بغداد للخطيب البغدادى ج ٤ ص ٢٧٨ ] روى بسنده عن أبى سعيد إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال : لما أسرى بى دخلت الجنة فناولنى جبريل تفاحة فانفلقت بنصفين فخرجت منها حوراء فقلت لها : لمن أنت؟ فقالت : لعلى بن أبى طالب.

[الرياض النضرة ج ٢ ص ٢١١ ] قال : عن أنس قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : لما أسرى بى إلى السماء أخذ جبريل بيدى وأقعدنى على درنوك(١) من درانيك الجنة وناولنى سفر جلة فكنت أفليها إذا انفلقت وخرجت منها حوراء لم أر أحسن منها ، فقالت : السلام عليك يا محمد ، قلت : وعليك السلام من أنت؟ قالت : أنا الراضية المرضية خلقنى الجبار من ثلاثة أصناف ، أعلاى من عنبر ، ووسطى من كافور وأسفلى من مسك ، عجننى بماء الحيوان ، ثم قال : كونى فكنت ، خلقنى لأخيك وابن عمك على بن أبى طالب.

__________________

١ ـ الدرنوك نوع من البسط له خمل.

١٤٩

باب

إن عليا عليه السّلام يزهر

في الجنة ككوكب الصبح

[كنز العمال ج ٦ ص ١٥٣ ] ولفظه : على بن أبى طالب يزهر فى الجنة ككوكب الصبح لأهل الدنيا ، قال : أخرجه البيهقى فى فضائل الصحابة والديلمى فى الفردوس عن أنس ـ يعنى عن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم ( أقول ) وذكره فى ( ص ١ ٥٥ ) أيضا وقال : أخرجه الحاكم فى التاريخ والبيهقى فى فضائل الصحابة والديلمى وابن الجوزى عن أنس ( انتهى ) ، وذكره المناوى أيضا فى فيض القدير فى المتن وصححه ، وذكره جمع آخرون أيضا من أئمة الحديث غير المذكورين.

١٥٠

المقصد الثالث

في فضائل فاطمة عليها السلام

وفيه أبواب :

(أقول ) قد تقدم جملة من فضائل فاطمة سلام اللّه عليها فى جملة من أبواب فضائل على عليه السلام ، مثل باب آدم سأل اللّه بحق محمد وعلىّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، وباب علىّ وفاطمة والحسن والحسين هم آل محمد ، وباب آية التطهير نزلت فى النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم وعلىّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، وباب باهل النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم بعلى وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، وباب فى قول النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم لعلى وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم إلى غير ذلك من أبواب كثيرة ، وهذه جملة أخرى من فضائل فاطمة سلام اللّه عليها مما ظفرنا عليه على العجالة ، نذكرها فى هذا المقصد الثالث المختص بها فنقول :

١٥١

باب

في انعقاد نطفة فاطمة عليها السلام من ثمار

الجنة وأنها حوراء إنسية لم تحض ولم تطمث

[السيوطى فى الدر المنثور ] فى ذيل تفسير قوله تعالى :( سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام ) قال : وأخرج الطبرانى عن عائشة قالت : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : لما أسرى بى إلى السماء ادخلت الجنة فوقفت على شجرة من أشجار الجنة لم أر فى الجنة أحسن منها ولا أبيض ورقا ولا أطيب ثمرة فتناولت ثمرة من ثمرتها فأكلتها فصارت نطفة فى صلبى فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة فاذا أنا اشتقت إلى ريح الجنة شمعت ريح فاطمة.

[مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ١٥٦ ] روى بسنده عن سعد بن مالك قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : أتانى جبريل عليه الصلاة والسلام بسفر جملة من الجنة فأكلتها ليلة أسرى بى فعلقت خديجة بفاطمة فكنت إذا اشتقت إلى رائحة الجنة شمعت رقبة فاطمة.

[ذخائر العقبى ص ٣٦ ] قال : وعن ابن عباس قال : كان النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم يكثر القبل لفاطمة عليها السلام فقالت له عائشة : إنك تكثر تقبيل فاطمة ، فقال : إن جبريل ليلة أسرى بى أدخلنى الجنة

١٥٢

فأطعمنى من جميع ثمارها فصار ماء فى صلبى فحملت خديجة بفاطمة ، فاذا اشتقت لتلك الثمار قبلت فاطمة فأصبت من رائحتها جميع تلك الثمار التى أكلتها قال : خرجه أبو الفضل بن خيرون.

[ذخائر العقبى ص ٤٤ ] قال : روى الملا فى سيرته إن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم قال : أتانى جبريل بتفاحة من الجنة فأكلتها وواقعت خديجة فحملت بفاطمة ، فقالت : إنى حملت حملا خفيفا فاذا خرجت حدثنى الذى فى بطنى ( الحديث ) وسيأتى تمامه إن شاء اللّه فى باب ولادتها.

[تاريخ بغداد للخطيب البغدادى ج ٥ ص ٨٧ ] روى بسنده عن عائشة قالت : قلت : يا رسول اللّه ما لك إذا جاءت فاطمة قبلتها حتى تجعل لسانك فى فيها كله كأنك تريد أن تلعقها عسلا؟ قال : نعم يا عائشة إنى لما أسرى بى إلى السماء أدخلنى جبريل الجنة فناولنى منها تفاحة فأكلتها فصارت نطفة فى صلبى ، فلما نزلت واقعت خديجة ، ففاطمة من تلك النطفة وهى حوراء إنسية ، كلما اشتقت إلى الجنة قبلتها ، ( أقول ) وذكره المحب الطبرى أيضا فى ذخائره ( ص ٣ ٦ ) و قال : خرجه أبو سعد فى شرف النبوة.

[تاريخ بغداد أيضا ج ١٢ ص ٣٣١ ] روى بسنده عن ابن عباس قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : ابنتى فاطمة حوراء آدمية لم تحض ولم تطمث ، وإنما سماها فاطمة لأن اللّه فطمها ومحبيها عن النار ( أقول ) وذكره ابن حجر أيضا فى صواعقه ( ص ٩ ٦ ) و قال : أخرجه النسائى.

[ذخائر العقبى ص ٤٤ ] ذكر حديثا عن أسماء فى ولادة فاطمة بالحسن عليهما السلام قالت أسماء : فقلت : يا رسول اللّه إنى لم أر لها دما فى حيض ولا فى نفاس ، فقال صلى اللّه عليه وآله وسلم : أما علمت أن ابنتى طاهرة مطهرة لا يرى لها دم فى طمث ولا ولادة؟.

١٥٣

باب

فى أن فاطمة عليها السلام حدثت أمها فى بطنها

ووليت ولادتها حواء وآسية وكلثم ومريم

فولدت ووقعت على الأرض ساجدة

[ذخائر العقبى ص ٤٤ ] قال : روى الملا فى سيرته إن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم قال : أتانى جبريل بتفاحة من الجنة فأكلتها وواقعت خديجة فحملت بفاطمة ، فقالت : إنى حملت حملا خفيفا فاذا خرجت حدثنى الذى فى بطنى ، فلما أرادت أن تضع بعثت إلى نساء قريش لتأتينها فيلين منها ما تلى النساء ممن تلد فلم يفعلن وقلن : لا نأتيك وقد صرت زوجة محمد ، فبينما هى كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة عليهن من الجمال والنور ما لا يوصف فقالت لها إحداهن : أنا أمك حواء ، وقالت الأخرى : أنا آسية بنت مزاحم وقالت الأخرى : أنا كلثم أخت موسى ، وقالت الأخرى : أنا مريم بنت عمر ان أم عيسى ، جئنا لنلى من أمرك ما تلى النساء قالت : فولدت فاطمة سلام اللّه عليها ، فوقعت حين وقعت على الأرض ساجدة رافعة إصبعها.

١٥٤

باب

فى وجه تسميتها بفاطمة وبالبتول وبيان كنيتها

(أقول ) قد تقدم فى باب انعقاد نطفة فاطمة عليها السلام حديث ابن عباس عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قوله : وإنما سماها فاطمة لأن اللّه فطمها ومحبيها عن النار ، وهذه بقية ما جاء فى ذلك مما ظفرت عليه على العجالة.

[ذخائر العقبى ص ٢٦ ] قال : عن على عليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لفاطمة : يا فاطمة تدرين لم سميت فاطمة؟ قال على عليه السلام : يا رسول اللّه لم سميت فاطمة؟ قال : إن اللّه عز وجل قد فطمها وذريتها عن النار يوم القيامة ، ( قال ) أخرجه الحافظ الدمشقى ( ثم قال ) وقد رواه الإمام على بن موسى الرضا ( عليه السّلام ) فى مسنده ( قال ) ولفظه : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال : إن اللّه عز وجل فطم ابنتى فاطمة وولدها ومن أحبهم من النار ، فلذلك سميت فاطمة.

[كنز العمال ج ٦ ص ٢١٩ ] ولفظه : إنما سميت فاطمة لأن اللّه فطمها ومحبيها عن النار ، قال : أخرجه الديلمى عن أبى هريرة ـ يعنى

١٥٥

عن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم ( ابن الاثير ) فى النهاية فى مادة بتل قال سميت فاطمة البتول لانقطاعها عن نساء زمانها فضلا ودينا وحسبا ( وقيل ) لانقطاعها عن الدنيا الى اللّه تعالى ( وقال ) عبيدة الهروى ( فى الغريبين ) سميت فاطمة بتولا لانها بتلت عن النظير.

[أسد الغابة لابن الأثير ج ٥ ص ٥٢٠ ] فى ترجمة فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال : وكانت فاطمة تكنى أم أبيها.

[الاستيعاب لابن عبد البر ج ٢ ص ٧٥٢ ] ذكر عن جعفر بن محمد عليه السّلام أنه قال : كانت كنية فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أم أبيها

١٥٦

باب

فى شباهة فاطمة عليها السلام بالنبى صلّى اللّه عليه وآله وسلّم

من وجوه وتقبيل النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لها

[صحيح الترمذى ج ٢ ص ٣١٩ ] روى بسنده عن عائشة أم المؤمنين قالت : ما رأيت أحدا أشبه سمتا ودلا وهديا برسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فى قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قالت : وكانت إذا دخلت على النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم قام اليها فقبلها وأجلسها فى مجلسه وكان النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبلته واجلسته فى مجلسها ( الحديث ).

(أقول ) ورواه أبو داود أيضا فى صحيحه ( ج ٣٣ ) فى باب ما جاء فى القيام ( ص ٢٢٣ ) ورواه الحاكم أيضا فى مستدرك الصحيحين ( ج ٤ ص ١٧٢ ) ورواه البخارى أيضا فى الأدب المفرد ( ص ١٣ ٦ ) و ذكر العسقلانى فى فتح البارى ج ٩ ص ٢٠٠ انه رواه ابن حبان‌ايضا.

[مستدرك الصحيحين ج ٣ ص ١٥٤ ] روى بسنده عن أم المؤمنين عائشة إنها قالت : ما رأيت أحدا كان أشبه كلاما وحديثا من

١٥٧

فاطمة برسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، وكانت إذا دخلت عليه رحبّ بها وقام اليها فأخذ بيدها فقبلها وأجلسها فى مجلسه ، قال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ( أقول ) ورواه فى ( ص ١ ٥ ٩ ) أيضا ، ورواه البخارى أيضا فى الأدب المفرد ( ص ١ ٤ ١ ) ورواه أبو عمرو أيضا فى استيعابه ( ج ٢ ص ٧ ٥ ١ ) ورواه البيهقى أيضا فى سننه ( ج ٧ ص ١٠١ ) وزاد فى آخره فقال : وكان ـ يعنى النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم ـ إذا دخل عليها رحبت به وقامت فأخذت بيده فقبلته.

[مسند الإمام أحمد بن حنبل ج ٣ ص ١٦٤ ] روى بسنده عن أنس ابن مالك قال : لم يكن أحد أشبه برسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم من الحسن بن على عليهما السلام وفاطمة سلام اللّه عليها.

[صحيح مسلم ] فى كتاب فضائل الصحابة فى باب فضائل فاطمة عليها السلام روى بسنده عن عائشة قالت : اجتمع نساء النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم فلم يغادر منهن امرأة فجاءت فاطمة تمشى كأن مشيتها مشية رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال : مرحبا بابنتى فأجلسها عن يمينه أو عن شماله ( الحديث ) وسيأتى تمامه إن شاء اللّه فى باب فاطمة سيدة النساء ، ( أقول ) ورواه ابن ماجة أيضا فى صحيحه فى باب ما جاء فى ذكر مرض رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ، ورواه أحمد بن حنبل أيضا فى مسنده ( ج ٦ ص ٢٨٢ ) ورواه جمع كثير أيضا من أئمة الحديث.

[كنز العمال ج ٧ ص ١١١ ] قال : عن عائشة إن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم كان كثيرا ما يقبل عرف فاطمة عليها السلام قال : أخرجه ابن عساكر ، ( أقول ) وقال المناوى فى فيض القدير ( ج ٥ ص ١٧ ٦ ) : وكان كثيرا ما يقبلها فى فمها أيضا وذكر عن أبى داود

١٥٨

ويمص لسانها.

[أسد الغابة لابن الأثير ج ٥ ص ٥٢٢ ] روى عن ابن عباس أن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم كان إذا قدم من سفر قبل ابنته فاطمة عليها السلام ، ( أقول ) وذكره الهيثمى أيضا فى مجمعه ( ج ٨ ص ٤ ٢ ) وقال : رواه الطبرانى فى الأوسط ورجاله ثقات ، وذكره المحب الطبرى أيضا فى ذخائر العقبى ( ٣ ٦ ) و قال : خرجه ابن السرى.

[ذخائر العقبى ص ٣٦ ] قال : وعن عائشة إن النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم قبل يوما نحر فاطمة عليها السلام ، قال : خرجه الحربى ، قال :

وخرجه الملا فى سيرته وزاد : فقلت له : يا رسول اللّه فعلت شيئا لم تفعله فقال : يا عائشة إنى إذا اشتقت الجنة قبلت نحر فاطمة.

(أقول ) وقد تقدم فى باب انعقاد نطفة فاطمة عليها السلام حديث عائشة ، قالت : قلت : يا رسول اللّه ما لك إذا جاءت فاطمة قبلتها حتى تجعل لسانك فى فيها كله كأنك تريد أن تلعقها عسلا ( إلى آخره ) وحديث ابن عباس كان النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم يكثر القبل لفاطمة فقالت له عائشة : إنك تكثر تقبيل فاطمة ( إلى آخره ).

١٥٩

باب

فى حنوّ فاطمة عليها السلام على أبيها وحنوّ أبيها عليها

[صحيح مسلم فى كتاب الجهاد والسير ] فى باب ما لقى النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم من أذى المشركين ، روى بسنده عن ابن مسعود قال : بينما رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يصلى عند البيت وأبو جهل وأصحاب له جلوس وقد نحرت جزور بالأمس ، فقال أبو جهل : أيكم يقوم إلى سلا جزور بنى فلان فيأخذه فيضعه فى كتفى محمد إذا سجد؟ فانبعث أشقى القوم فأخذه فلما سجد النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم وضعه بين كتفيه ، قال : فاستضحكوا وجعل بعضهم يميل على بعض وأنا قائم أنظر لو كانت لى منعة طرحته عن ظهر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم والنبى صلى اللّه عليه وآله وسلم ساجد ما يرفع رأسه حتى انطلق إنسان فأخبر فاطمة عليها السلام فجاءت وهى جويرة فطرحته عنه ثم أقبلت عليهم تشتمهم ، فلما قضى النبى صلى اللّه عليه وآله وسلم صلاته رفع صوته ثم دعا عليهم ، وكان إذا دعا دعا ثلاثا ، وإذا سأل سأل ثلاثا ، ثم قال : اللهم عليك بقريش ثلاث مرات فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك وخافوا دعوته ، ثم قال : اللهم عليك بأبى جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

وقرئ(١) : «والأرض» بالرّفع، على أنّه مبتدأ خبره «يمرّون»، فيكون لها الضّمير في «عليها». وبالنّصب، على ويطئون الأرض.

وقرئ(٢) : «والأرض يمشون عليها»، أي: يتردّدون فيها فيرون آثار الأمم الهالكة.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٣) : قال: «الآيات» الكسوف والزّلزلة والصّواعق.

( وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ ) ، أي: في إقرارهم بوجوده وخالقيّته.

( إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ) (١٠٦) :

في تفسير عليّ بن إبراهيم(٤) : قال: حدّثنا أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن الفضيل، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: شرك طاعة وليس شرك عبادة، والمعاصي الّتي يرتكبون فهي شرك طاعة أطاعوا فيها الشّيطان فأشركوا بالله في الطّاعة لغيره، وليس بإشراك عبادة أن يعبدوا غير الله.

وفي كتاب التّوحيد(٥) ، بإسناده إلى حنان بن سدير: عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ حديث طويل، يقول فيه: وله(٦) الأسماء الحسنى الّتي لا يسمّى بها غيره، وهي الّتي وصفها في الكتاب فقال:( فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ ) جهلا بغير علم. فالّذي يلحد في أسمائه بغير علم يشرك وهو لا يعلم، ويكفر به وهو يظنّ أنّه يحسن، فلذلك قال:( وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ) فهم الّذين يلحدون في أسمائه بغير علم ويضعونها غير مواضعها.

وفي أصول الكافي(٧) : عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن سماعة، عن أبي بصير وإسحاق بن عمّار، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله ـ عزّ وجلّ ـ:( وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ ـ إلى قوله ـمُشْرِكُونَ ) .

قال: يتبع الشّيطان من حيث لا يعلم فيشرك.

عليّ بن إبراهيم(٨) ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس [عن](٩) ابن بكير، عن ضريس، عن أبي عبد الله ـ (عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ:( وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ ) (الآية) قال: [شرك طاعة وليس شرك عبادة](١٠) .

__________________

(١ و ٢) أنوار التنزيل ١ / ٥١٠.

(٣) تفسير القمّي ١ / ٣٥٨.

(٤) تفسير القمّي ١ / ٣٥٨.

(٥) التوحيد / ٣٢٤، ح ١.

(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ: وأمّا.

(٧) الكافي ٢ / ٣٩٧، ح ٣.

٣٨١

[عن زرارة(١) ، قال: سألت أبا جعفر ـ عليه السّلام ـ عن قول الله( وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ) قال :](٢) من ذلك قول الرّجل: لا، وحياتك.

عن محمّد بن الفضيل(٣) ، عن الرّضا ـ)(٤) عليه السّلام ـ قال: شرك لا يبلغ به الكفر.

أبو بصير(٥) ، عن أبي إسحاق قال: هو قول الرّجل: لو لا الله وأنت ما فعل بي كذا وكذا، ولو لا الله وأنت ما صرف عنّي كذا وكذا، وأشباه ذلك.

عن مالك بن عطيّة(٦) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قوله:( وَما يُؤْمِنُ ـ إلى قوله ـوَهُمْ مُشْرِكُونَ ) قال: هو الرّجل يقول: لو لا فلان لهلكت، ولو لا فلان لأصبت كذا وكذا، ولو لا فلان لضاع عيالي. ألا ترى أنّه قد جعل لله شريكا في ملكه يرزقه ويدفع عنه؟

قال: قلت: فيقول: لو لا أن منّ الله عليّ بفلان لهلكت؟

قال: نعم، لا بأس بهذا.

عن زرارة(٧) وحمران ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد الله ـ عليهما السّلام ـ قالوا: سألناهما.

فقالا: شرك النّعم.

وفي مجمع البيان(٨) : اختلف في معناه على أقوال :

أحدها: أنّهم مشركوا قريش، كانوا يقرّون بالله خالقا ومحييا ومميتا ويعبدون الأصنام ويدعونها آلهة، مع أنّهم كانوا يقولون: الله ربّنا وإلهنا يرزقنا، وكانوا مشركين بذلك.

وثانيها: أنّها نزلت في مشركي العرب، إذ سئلوا: من خلق السّماوات والأرض وينزّل القطر(٩) ؟ قالوا: الله، ثمّ هم يشركون. وكانوا يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك

__________________

(٨) نفس المصدر والموضع، ح ٤.

(٩ و ١٠) من المصدر.

(١) تفسير العيّاشي ٢ / ١٩٩، ح ٩٠.

(٢) من المصدر.

(٣) نفس المصدر والموضع، ح ٩٢.

(٤) ما بين القوسين ليس في ب.

(٥) نفس المصدر والموضع، ح ٩٤.

(٦) تفسير العيّاشي ٢ / ٢٠٠، ح ٩٦.

(٧) تفسير العيّاشي ٢ / ٢٠٠، ح ٩٦.

(٨) المجمع ٣ / ٢٦٧ ـ ٢٦٨.

(٩) أ، ب: المطر.

٣٨٢

لك، إلّا شريك هو لك تملكه وما ملك.

وثالثها: أنّهم أهل الكتاب، آمنوا بالله واليوم الآخر والتّوراة والإنجيل، ثمّ أشركوا بإنكار القرآن وإنكار نبوّة نبيّنا ـ صلّى الله عليه وآله ـ. [عن الحسن](١) . وهذا القول مع ما تقدّمه رواه دارم بن قبيصة، عن عليّ بن موسى الرّضا، عن أبيه، عن جدّه، أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ.

ورابعها: أنّهم المنافقون، يظهرون الإيمان ويشركون في السّرّ.

وخامسها: أنّهم المشبّهة، آمنوا في الجملة وأشركوا في التّوحيد.

وسادسها: أنّ المراد بالإشراك: شرك الطّاعة لا [شرك](٢) العبادة. عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ.

( أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ ) : عقوبة تغشاهم وتشملهم.

( أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً ) : فجأة من غير سابقة علامة.

( وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) (١٠٧): بإتيانها، غير مستعدّين لها.

( قُلْ هذِهِ سَبِيلِي ) ، يعني: الدّعوة إلى التّوحيد، والإعداد للمعاد. ولذلك فسّر السّبيل بقوله:( أَدْعُوا إِلَى اللهِ ) .

وقيل(٣) : هو حال من الياء(٤) .

( عَلى بَصِيرَةٍ ) : بيان وحجّة واضحة، غير عمياء( أَنَا ) : تأكيد للمستتر في «أدعو» أو «على بصيرة»(٥) ، لأنّه حال منه. أو مبتدأ خبره «على بصيرة».

( وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) : عطف عليه.

وفي أصول الكافي(٦) : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الأحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: ذلك رسول الله ـ صلّى الله عليه

__________________

(١) من المصدر.

(٢) من المصدر.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٥١٠.

(٤) أي ياء المتكلّم الّذي يضاف إليه «سبيل». ولعلّه باعتبار أنه مفعول مصدر مقدّر، أي: سبيل سلوك.

(٥) لأنّ تقديره: أدعو كائنا على بصيرة فيكون فاعل الظرف ضمير المتكلّم المستقرّ.

(٦) الكافي ١ / ٤٢٥، ح ٦٦.

٣٨٣

وآله ـ وأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ والأوصياء من بعدهم.

عليّ بن إبراهيم(١) ، عن أبيه قال: قال عليّ بن حسّان لأبي جعفر الجواد: يا سيّدي، إنّ النّاس ينكرون عليك حداثة سنّك.

قال: وما ينكرون؟ ذلك قول الله ـ عزّ وجلّ ـ، لقد قال لنبيّه:( قُلْ هذِهِ سَبِيلِي ) (الآية) فو الله ما تبعه إلّا عليّ ـ عليه السّلام ـ وله تسع سنين، فأنا ابن تسع سنين.

وفي روضة الواعظين(٢) : قال الباقر ـ عليه السّلام ـ:( قُلْ هذِهِ ـ إلى قوله ـوَمَنِ اتَّبَعَنِي ) قال: عليّ اتّبعه.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٣) : وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قوله:( قُلْ هذِهِ ـ إلى قوله ـوَمَنِ اتَّبَعَنِي ) ، يعني: نفسه، ومن تبعه، [يعني](٤) عليّ بن أبي طالب وآل محمّد ـ صلّى الله عليه وعليهم أجمعين ـ.

وفي الكافي(٥) : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن يزيد، عن أبي عمرو الزّبيريّ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: قلت له: أخبرني عن الدّعاء إلى الله والجهاد في سبيله، أهو لقوم لا يحلّ إلّا لهم ولا يقوم به إلّا من كان منهم، أم هو مباح لكلّ من وحّد الله ـ عزّ وجلّ ـ وآمن برسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ، ومن كان كذا فله أن يدعو إلى الله ـ عزّ وجلّ ـ إلى طاعته وأن يجاهد في سبيله؟

فقال: ذلك لقوم لا يحلّ إلّا لهم، ولا يقوم بذلك إلّا من كان منهم.

قلت: من أولئك؟

قال: من قام بشرائط الله ـ عزّ وجلّ ـ في القتال والجهاد على المجاهدين، فهو المأذون له في الدّعاء إلى الله ـ عزّ وجلّ ـ. ومن لم يكن قائما بشرائط الله ـ عزّ وجلّ ـ في الجهاد على المجاهدين، فليس بمأذون له في الجهاد ولا الدّعاء إلى الله، حتّى يحكّم في نفسه ما أخذ الله عليه من شرائط الجهاد.

قلت: فبيّن لي، يرحمك الله.

قال: إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ أخبر في كتابه الدّعاء إليه، ووصف الدّعاة إليه.

__________________

(١) الكافي ١ / ٣٨٤، ح ٨.

(٢) روضة الواعظين ١ / ١٠٥.

(٣) تفسير القمّي ١ / ٣٥٨.

(٤) من المصدر.

(٥) الكافي ٥ / ١٣، ح ١.

٣٨٤

... إلى أن قال: ثمّ أخبر عن هذه الأمّة، وممّن هي، وأنّها من ذريّة إبراهيم ومن ذريّة إسماعيل، من سكّان الحرم، ممّن لم يعبدوا غير الله قطّ، والّذين وجبت لهم الدّعوة دعوة إبراهيم وإسماعيل، من أهل المسجد الّذين أخبر عنهم في كتابه أنّه أذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا، الّذين وصفناهم قبل هذا في صفة أمّة إبراهيم ـ عليه السّلام ـ، الّذين عناهم الله ـ تبارك وتعالى ـ في قوله:( أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) ، يعني: أوّل من اتّبعه على الإيمان به والتّصديق له وبما جاء به من عند الله ـ عزّ وجلّ ـ من الأمّة الّتي بعث فيها ومنها وإليها قبل الخلق، ممّن لم يشرك بالله قطّ، ولم يلبس إيمانه بظلم، وهو الشّرك. والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

وفي تهذيب الأحكام(١) ، في الدّعاء بعد صلاة يوم الغدير المسند إلى الصّادق ـ عليه السّلام ـ: ربّنا آمنا، واتّبعنا مولانا ووليّنا وهادينا وداعينا، وداعي الأنام وصراطك المستقيم السّويّ، وحجّتك وسبيلك الدّاعي إليك على بصيرة، هو ومن اتّبعه، وسبحان الله عمّا يشركون بولايته وبما يلحدون وباتّخاذ الولائج دونه.

( وَسُبْحانَ اللهِ ) : وأنزّهه تنزيها من الشّركاء.

( وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) (١٠٨): عطف على سبيل التّفسير.

وفي أصول الكافي(٢) : عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن هشام بن الحكم قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن( سُبْحانَ اللهِ ) .

فقال: أنفة لله(٣) .

أحمد بن مهران(٤) ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنيّ، عن عليّ بن أسباط، عن سليمان، مولى طربال، عن هشام الجواليقيّ قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله:( سُبْحانَ اللهِ ) ما يعني به؟

قال: تنزيهه(٥) .

__________________

(١) التهذيب ٣ / ١٤٥، ح ٣١٧.

(٢) الكافي ١ / ١١٨، ح ١٠.

(٣) يعني: تنزيه لذاته الأحديّة عن كلّ ما لا يليق بجنابه. يقال: أنف من الشيء: إذا استنكف عنه وكرهه وشرف نفسه عنه قاله في الوافي.

(٤) الكافي ١ / ١١٨، ح ١١.

(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ: تنزيه.

٣٨٥

وفي الكافي(١) : عليّ، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة [عن هشام بن الحكم](٢) قال: قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ: ما تفسير( سُبْحانَ اللهِ ) ؟

قال: أنفة لله. أما ترى الرّجل إذا عجب من الشّيء قال: سبحان الله.

( وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً ) : ردّ لقولهم:( لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً ) .

وقيل(٣) : معناه: نفي استنباء النّساء.

( نُوحِي إِلَيْهِمْ ) ، كما أوحي إليك، وتميّزوا بذلك عن غيرهم.

وقرأ(٤) حفص: «نوحي» في كلّ القرآن، ووافقه حمزة والكسائي في الحرف الثّاني في سورة الأنبياء.

وحمزة والكسائي يميلانه على أصلها ها هنا، وفي النّحل، والأوّل من سورة الأنبياء.

( مِنْ أَهْلِ الْقُرى ) : لأنّ أهلها أعلم وأحلم من أهل البدو.

وفي عيون الأخبار(٥) :( وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ ) ، يعني: إلى الخلق.( إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى ) فأخبر أنّه لم يبعث الملائكة إلى الأرض ليكونوا أئمّة أو حكّاما، وإنّما أرسلوا(٦) إلى أنبياء الله.

( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) : من المكذّبين بالرّسل والآيات، فيحذروا تكذيبك. أو من المشغوفين بالدّنيا المتهالكين عليها، فيقلعوا عن حبّها ويزهدوا فيها.

( وَلَدارُ الْآخِرَةِ ) : ولدار الحال، أو السّاعة، أو الحياة الآخرة.

( خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ) : الشّرك والمعاصي.

( أَفَلا تَعْقِلُونَ ) (١٠٩): يستعملون عقولهم ليعرفوا أنّها خير.

وقرأ(٧) نافع وابن عامر وعاصم ويعقوب، بالتّاء، حملا على قوله: «قل هذه سبيلي» [أي قل لهم: أفلا تعقلون](٨) .

__________________

(١) الكافي ٣ / ٣٢٩، ح ٥.

(٢) من المصدر.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٥١٠.

(٤) أنوار التنزيل ١ / ٥١٠.

(٥) العيون ١ / ٢٧٠.

(٦) المصدر: إنّما كانوا أرسلوا.

(٧) أنوار التنزيل ١ / ٥١١.

(٨) من المصدر.

٣٨٦

( حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ ) : غاية محذوف دلّ عليه الكلام، أي: لا يغررهم تمادي أيّامهم، فإنّ من قبلهم أمهلوا حتّى أيس الرّسل عن النّصر عليهم في الدّنيا.

أو عن إيمانهم، لانهماكهم في الكفر مترفّهين متمادين فيه من غير وازع.

( وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا ) ، أي: كذّبتهم أنفسهم حين حدّثتهم بأنّهم ينصرون.

أو كذّبهم القوم بوعد الإيمان.

وقيل(١) : الضّمير للمرسل إليهم، أي: وظنّ المرسل إليهم أنّ الرّسل قد كذّبوهم بالدّعوة والوعيد.

وقيل(٢) : الأوّل للمرسل إليهم. والثّاني للرّسل، أي: وظنّوا أنّ الرّسل قد كذبوا وأخلفوا فيما وعد لهم من النّصر، وخلط الأمر عليهم.

وفي الجوامع(٣) : أنّ قراءة التّخفيف قراءة أئمّة الهدى ـ عليهم السّلام ـ.

وقرأ(٤) غير الكوفيّين، بالتّشديد، أي: وظنّ الرّسل أنّ القوم قد كذّبوهم فيما أوعدوهم.

وقرئ(٥) : «كذبوا» بالتّخفيف وبناء الفاعل، أي: أنّهم قد كذبوا فيما حدّثوا به عند قومهم لما تراخى عنهم ولم يروا له أثرا.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٦) : حدّثني أبي، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: وكلهم الله إلى أنفسهم، فظنّوا أنّ الشّياطين قد تمثّلت لهم في صورة الملائكة.

وفي تفسير العيّاشي(٧) : عن ابن شعيب(٨) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال: وكلهم [الله](٩) إلى أنفسهم أقلّ من طرفة عين.

عن زرارة(١٠) قال: قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ: كيف لم يخف رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فيما يأتيه من قبل الله، أن يكون ذلك ما ينزغ به الشّيطان؟

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٥١١.

(٢) نفس المصدر والموضع.

(٣) الجوامع / ٢٢٤.

(٤) أنوار التنزيل ١ / ٥١١.

(٥) أنوار التنزيل ١ / ٥١١.

(٦) تفسير القمّي ١ / ٣٥٨.

(٧) تفسير العيّاشي ٢ / ٢٠١، ح ١٠٣.

(٨) ب: أبي شعيب.

(٩) من المصدر.

(١٠) نفس المصدر والموضع.

٣٨٧

قال: فقال: إنّ الله إذا اتّخذ عبدا رسولا أنزل عليه السّكينة والوقار، فكان يأتيه من قبل الله مثل الّذي يراه بعينه.

( جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ ) : النّبيّ والمؤمنين. وإنّما لم يعيّنهم للدّلالة على أنّهم الّذين يستأهلون أن يشاء نجاتهم، لا يشاركهم فيه غيرهم.

وقرأ ابن(١) عامر وعاصم ويعقوب، على لفظ الماضي المبنيّ للمفعول.

وقرئ(٢) : «فنجى».

( وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ) (١١٠): إذا نزل بهم.

وفي عيون الأخبار(٣) ، في باب مجلس الرّضا ـ عليه السّلام ـ عند المأمون في عصمة الأنبياء ـ عليهم السّلام ـ: حدّثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشيّ ـ رضي الله عنه ـ قال: حدّثنا أبي، عن حمدان بن سليمان النّيشابوريّ، عن عليّ بن محمّد بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرّضا ـ عليه السّلام ـ.

فقال له المأمون: يا ابن رسول الله، أليس من قولك: إنّ الأنبياء معصومون؟

قال: بلى.

قال: فما معنى قول الله ـ عزّ وجلّ ـ؟

... إلى أن قال: فأخبرني عن قول الله ـ تعالى ـ:( حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا ) .

قال الرّضا ـ عليه السّلام ـ: يقول الله ـ تعالى ـ:( حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ ) من قومهم، وظنّ قومهم أنّ الرّسل قد كذبوا جاء الرّسل نصرنا.

فقال المأمون: لله درّك، يا أبا الحسن.

( لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ ) : في قصص الأنبياء وأممهم. أو في قصّة يوسف وإخوته.

( عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ) : لذوي العقول المبرّأة من شوائب الإلف والرّكون إلى الحسّ.

( ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى ) : ما كان القرآن حديثا يفترى.

( وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ) : من الكتب الإلهيّة.

__________________

(١ و ٢) أنوار التنزيل ١ / ٥١١.

(٣) العيون ١ / ٢٠٢.

٣٨٨

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(١) : يعني من(٢) كتب الأنبياء.

( وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ ) : يحتاج إليه في الدّين.

( وَهُدىً ) : من الضّلالة.

( وَرَحْمَةً ) : ينال بها خير الدّارين.

( لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) (١١١): يصدّقونه.

__________________

(١) تفسير القمّي ١ / ٣٥٨.

(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ: به.

٣٨٩

تفسير سورة الرّعد

٣٩٠
٣٩١

سورة الرّعد

مدنيّة.

وقيل(١) : مكّيّة، إلّا قوله:( وَيَقُولُ الَّذِينَ ) (الآية).

وآياتها ثلاث(٢) وأربعون.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

في كتاب ثواب الأعمال(٣) ، بإسناده إلى أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال: من أكثر قراءة سورة الرّعد لم يصبه الله بصاعقة أبدا ولو كان ناصبيّا(٤) ، وإذا كان مؤمنا دخل(٥) الجنّة بلا حساب ويشفع في جميع من يعرفه(٦) من أهل بيته وإخوانه.

وفي مجمع البيان(٧) : أبيّ بن كعب، عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال: من قرأ سورة الرّعد أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد كلّ سحاب مضى وكلّ سحاب يكون إلى يوم القيامة، وكان يوم القيامة من المؤمنين(٨) بعهد الله.

( المر )

قيل(٩) : معناه: أنا الله أعلم وأرى.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٥١٢.

(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ: خمس.

(٣) ثواب الأعمال / ١٣٣، ح ١.

(٤) المصدر: ناصبا.

(٥) المصدر: أدخله.

(٦) المصدر: يعرف.

(٧) المجمع ٣ / ٢٧٣.

(٨) المصدر: الموفين.

٣٩٢

وفي كتاب معاني الأخبار(١) ، بإسناده إلى سفيان بن سعيد الثّوريّ: عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ حديث طويل، يقول فيه ـ عليه السّلام ـ [و «المر» معناه :](٢) أنا الله المحيي المميت الرّزاق.

وفي تفسير العيّاشي(٣) : عن أبي لبيد(٤) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال: يا أبا لبيد، إنّ لي في حروف القرآن المقطّعة لعلما جمّا. إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ أنزل( الم ) (٥) ( ذلِكَ الْكِتابُ ) فقام محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ حتّى ظهر نوره وثبتت كلمته وولد يوم ولد، وقد مضى من الألف السّابع مائة سنة وثلاث سنين.

ثمّ قال: وتبيانه في كتاب الله في الحروف المقطّعة إذا عدّدتها من غير تكرار، وليس من حروف مقطّعة حرف تنقضي أيّامه إلّا وقائم من بني هاشم عند انقضائه.

ثمّ قال: «الألف» واحد، و «اللّام» ثلاثون، و «الميم» أربعون، و «الصّاد» تسعون(٦) ، فذلك مائة وإحدى وستّون(٧) . ثمّ كان بدو خروج الحسين بن عليّ ـ عليهما السّلام ـ «الم [الله](٨) ». فلمّا بلغت مدّته، قام قائم(٩) ولد العبّاس عند «المص»، ويقوم(١٠) قائمنا عند انقضائها ب «المر»(١١) ، فافهم ذلك وعه(١٢) واكتمه.

( تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ ) :

قيل(١٣) : المراد بالكتاب: السّورة، و «تلك» إشارة إلى آياتها، أي: تلك الآيات آيات السّورة الكاملة. أو القرآن.

( وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) : هو القرآن كلّه.

ومحلّه الجرّ بالعطف على «الكتاب» عطف العامّ على الخاصّ، أو إحدى الصّفتين على الأخرى.

__________________

(٩) نفس المصدر والمجلّد / ٢٧٤.

(١) المعاني / ٢٢، ح ١.

(٢) من المصدر.

(٣) تفسير العيّاشي ٢ / ٢٠٢، ح ٢.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ: أبي سعيد.

(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ: المرا.

(٦) المصدر: ستّون.

(٧) المصدر: ثلاثون.

(٨) من المصدر.

(٩) المصدر: زيادة «من».

(١٠) كذا في المصدر. وفي النسخ: ويقول.

(١١) المصدر: الر.

(١٢) كذا في المصدر. وفي النسخ: «وعد».

(١٣) أنوار التنزيل ١ / ٥١٣. والمجمع ٣ / ٢٧٤.

٣٩٣

أو الرّفع بالابتداء، وخبره( الْحَقُ ) . والجملة كالحجّة على الجملة الأولى.

( وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ ) (١): لإخلالهم بالنّظر والتّأمّل فيه.

( اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ ) : مبتدأ وخبره الموصول. ويجوز أن يكون الموصول صفة، والخبر( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ) .

( بِغَيْرِ عَمَدٍ ) : أساطين، جمع عماد، كإهاب وأهب. أو عمود، كأديم وأدم.

وقرئ(١) : «عمد»، كرسل.

( تَرَوْنَها ) : صفة «لعمد»، أو استئناف للاستشهاد برؤيتهم السّماوات كذلك. وهو دليل على وجود الصّانع الحكيم، فإنّ ارتفاعها على سائر الأجسام المساوية لها في حقيقة الجرميّة، واختصاصها بما يقتضي ذلك، لا بدّ وأن يكون المخصّص ليس بجسم ولا جسمانيّ، يرجّح بعض الممكنات على بعض بإرادته، وعلى هذا المنهاج سائر ما ذكر من الآيات.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم(٢) : حدّثني أبي، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرّضا ـ عليه السّلام ـ قال: فثمّ(٣) عمد، ولكن لا ترونها.

وفي نهج البلاغة(٤) : قال ـ عليه السّلام ـ: فمن شواهد خلقه خلق السّماوات موطدات(٥) بلا عمد، قائمات بلا سند.

وفيه(٦) كلام له ـ عليه السّلام ـ يذكر فيه خلق السّماوات: جعل سفلاهنّ موجا مكفوفا، وعلياهنّ سقفا محفوظا وسمكا مرفوعا، بغير عمد يدعمها، ولا دسار(٧) ينتظمها(٨) .

وفي كتاب الإهليلجة(٩) : قال الصّادق ـ عليه السّلام ـ: فنظرت العين إلى خلق مختلف متّصل بعضه ببعض، ودلّها القلب على أنّ لذلك خالقا، وذلك أنّه فكّر حيث دلّته العين على أنّ ما عاينت من عظم السّماء وارتفاعها في الهواء بغير عمد ولا دعامة تمسكها، وأنّها لا تتأخّر فتنكشط، ولا تتقدّم فتزول، ولا تهبط مرّة فتدنو، ولا ترتفع فلا

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٥١٢.

(٢) تفسير القمّي ٢ / ٣٢٨.

(٣) فثمّ: فهناك.

(٤) النهج / ٢٦١ خطبة ١٨٢.

(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ: موطرات. ووطد الشيء: دام وثبت ورسا.

(٦) نفس المصدر / ٤١ خطبة ١.

(٧) الدسار ـ واحد الدسر ـ: المسامير.

(٨) المصدر: ينظمها.

(٩) البحار ٣ / ١٦٢.

٣٩٤

ترى.

( ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ) : سبق معناه.

( وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ) : ذلّلهما لما أراد منهما، كالحركة المستمرّة على حدّ من السّرعة ينفع في حدوث الكائنات وبقائها.

( كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ) : لمدّة معيّنة يتمّ فيها أدواره. أو لغاية مضروبة ينقطع دونها سيره، وهي( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ، وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ) .

( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ) : أمر ملكوته من الإيجاد والإعدام، والإحياء والإماتة، وغير ذلك.

( يُفَصِّلُ الْآياتِ ) : ينزلها ويبيّنها مفصّلة. أو يحدث الدّلائل واحدا بعد واحد.

( لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ) (٢): لكي تتفكّروا فيها وتحقّقوا كمال قدرته، فتعلموا أنّ من قدر على خلق هذه الأشياء المخلوقات وتدبيرها قدر على الإعادة والجزاء.

( وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ ) : بسطها طولا وعرضا، لتثبت عليها الأقدام ويتقلّب عليها الحيوان( وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ ) : جبالا ثوابت. من رسا الشّيء: إذا ثبت. جمع، راسية. والتّاء للتّأنيث، على أنّها صفة أجبل، أو للمبالغة.

( وَأَنْهاراً ) : ضمّها إلى الجبال، وعلّق بهما فعلا واحدا من حيث أنّ الجبال أسباب لتولّدها.

( وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ ) : متعلّق بقوله:( جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ) ، أي: وجعل فيها من جميع أنواع الثّمرات صنفين اثنين، كالحلو والحامض، والأسود والأبيض، والصّغير والكبير، والرّطب واليابس.

( يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ ) : يلبس ظلمة اللّيل ضياء النّهار، فيصير الجوّ مظلما بعد ما كان مضيئا.

وقرأ(١) حمزة والكسائي، بالتّشديد.

( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) (٣): فيها، فإنّ تكوّنها وتخصيصها

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٥١٣.

٣٩٥

بوجه دون وجه دليل على وجود صانع حكيم دبّر أمرها وهيّأ أسبابها.

( وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ ) : بعضها طيّبة، وبعضها سبخة، وبعضها رخوة، وبعضها صلبة، وبعضها يصلح للزّرع دون الشّجر، وبعضها بالعكس. ولو لا تخصيص قادر موقع لأفعاله على وجه دون وجه لم يكن كذلك، لاشتراك تلك القطع في الطّبيعة الأرضيّة وما يلزمها ويعرض لها بتوسّط ما يعرض من الأسباب السّماويّة، من حيث أنّها متضامّة متشاركة في النّسب والأوضاع.

( وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ ) : وبساتين فيها أنواع الأشجار والزّروع.

وتوحيد الزّرع، لأنّه مصدر في أصله.

وقرأ(١) ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وحفص: «وزرع ونخيل» بالرّفع عطفا على «وجنّات».

( صِنْوانٌ ) : نخلات أصلها واحد.

( وَغَيْرُ صِنْوانٍ ) : ومتفرّقات مختلفة الأصول. أو أمثال وغير أمثال.

وفي الحديث النّبويّ(٢) : عمّ الرّجل صنو أبيه.

وقرأ(٣) حفص، بالضّمّ، وهو لغة تميم، كقنوان في جمع قنو.

( يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ ) : في الثّمر شكلا وقدرا ورائحة وطعما. وذلك ـ أيضا ـ ممّا يدلّ على الصّانع الحكيم، فإنّ اختلافها مع اتّحاد الأصول والأسباب لا يكون إلّا بتخصيص قادر مختار.

وقرأ(٤) ابن عامر وعاصم ويعقوب: «يسقى» بالتّذكير على تأويل ما ذكر.

وحمزة والكسائي: «ويفضّل» بالياء ليطابق قوله( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ) .

وفي تفسير العيّاشي(٥) : عن الخطّاب الأعور، رفعه إلى أهل العلم والفقه من آل محمّد ـ عليهم السّلام ـ قال:( فِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ ) ، يعني: هذه الأرض الطّيّبة مجاورة لهذه الأرض المالحة وليست منها، كما يجاور القوم وليسوا منهم.

__________________

(١) أنوار التنزيل ١ / ٥١٣.

(٢) المجمع ٣ / ٢٧٦.

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٥١٣.

(٤) أنوار التنزيل ١ / ٥١٣.

(٥) تفسير العيّاشي ٢ / ٢٠٣، ح ٤.

٣٩٦

وفي مجمع البيان(١) : وروي عن جابر قال: سمعت النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ يقول لعليّ ـ عليه السّلام ـ: النّاس من شجر شتّى، وأنا وأنت من شجرة واحدة. ثمّ قرأ هذه الآية.

( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) (٤): يستعملون عقولهم بالتّفكّر، فيهتدون إلى عظمة الصّانع وعلمه وحكمته وقدرته.

( وَإِنْ تَعْجَبْ ) : يا محمّد بإنكارهم البعث.

( فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ ) : حقيق بأن يتعجّب منه، فإنّ من قدر على إنشاء ما قصّ عليك كانت الإعادة أيسر شيء عليه، والآيات المعدودة، كما هي دالّة على وجود المبدأ، فهي دالّة على إمكان الإعادة.

( أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ) : بدل من قولهم، أو مفعول له، والعامل في «إذا» محذوف دلّ عليه( أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ) .

( أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ) : لأنّهم كفروا بقدرته على البعث.

( وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ ) : مقيّدون بالضّلال لا يرجى خلاصهم، أو يغلّون يوم القيامة.

( وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) (٥): لا ينفكّون عنها. وتوسيط الفصل، لتخصيص الخلود بالكفّار(٢) .

( وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ ) : بالعقوبة قبل العافية، وذلك أنّهم استعجلوا بما هدّدوا به من عذاب الدّنيا استهزاء.

( وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ ) : عقوبات أمثالهم من المكذّبين، فما بالهم لم يعتبروا بها، ولم يجوّزوا حلول مثلها عليهم؟

و «المثلة» بفتح الثّاء وضمّها، كالصّدقة والصّدقة: العقوبة، لأنّها مثل المعاقب عليه. ومنه المثال للقصاص. وأمثلت الرّجل من صاحبه: إذا اقتصصته منه.

وقرئ(٣) : «المثلات» بالتّخفيف. و «المثلات» بإتباع الفاء العين. والمثلات

__________________

(١) المجمع ٣ / ٢٧٦.

(٢) فيكون الخلود بمعنى: الأبد هنا. وإن كان بمعنى المكث الطويل في المواضع الاخر والمقصود بالفصل هنا: «هم».

(٣) أنوار التنزيل ١ / ٥١٤.

٣٩٧

بالتّخفيف بعد الإتباع. و «المثلات» على أنّها جمع، مثلة، كركبة وركبات.

وفي نهج البلاغة(١) : واحذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلات بسوء الأفعال وذميم الأعمال، فتذكّروا في الخير والشّرّ أحوالهم، واحذروا أن تكونوا أمثالهم.

وفيه(٢) : قال ـ عليه السّلام ـ: فاعتبروا بما أصاب الأمم المستكبرين من قبلكم من بأس [الله](٣) وصولاته ووقائعه ومثلاته، واتّعضوا بمثاوي(٤) خدودهم ومصارع جنوبهم.

( وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ ) : مع ظلمهم أنفسهم.

ومحلّه النّصب على الحال، والعامل فيه «المغفرة». والتّقييد به دليل على جواز العفو قبل التّوبة، فإنّ التّائب ليس على ظلمه(٥) . ومن منع ذلك خصّ الظّلم بالصّغائر المكفّرة لمجتنب الكبائر، أو أوّل «المغفرة» بالسّتر والإمهال.

( وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ ) (٦): للكفّار، أو لمن شاء.

وفي مجمع البيان(٦) : وروي عن سعيد بن المسيّب قال: لـمّا نزلت هذه الآية قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ: لو لا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحد بعيش، ولو لا وعيد الله وعقابه لا تكل كلّ واحد.

وفي كتاب التّوحيد(٧) : حدّثنا أبو عليّ، الحسين بن أحمد البيهقيّ بنيشابور سنة اثنين وخمسين وثلاثمائة قال: أخبرنا محمّد بن يحيى الصّوليّ قال: حدّثنا أبي ذكوان(٨) قال: سمعت إبراهيم بن العباس(٩) يقول: كنّا في مجلس الرّضا ـ عليه السّلام ـ فتذاكروا الكبائر وقول المعتزلة فيها: «إنّها لا تغفر».

فقال الرّضا ـ عليه السّلام ـ: قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ: قد نزل القرآن بخلاف قول المعتزلة، قال الله ـ جلّ جلاله ـ:( وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ ) .

__________________

(١) النهج / ٢٩٦ خطبة ١٩٢.

(٢) نفس المصدر / ٢٩٠ خطبة ١٩٢.

(٣) من المصدر.

(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ: بمساوئ. والمثاوي ـ جمع المثوى ـ: المنزل.

(٥) أي: فإنّ التائب من الذنب كمن لا ذنب له.

(٦) المجمع ٣ / ٢٧٨.

(٧) التوحيد / ٤٠٦، ح ٤.

(٨) كذا في المصدر. وفي النسخ: أبو ذكران.

(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ: إبراهيم العيّاشي.

٣٩٨

( وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ) : لعدم اعتقادهم بالآيات المنزلة عليهم، واقتراحا لنحو ما أوتي موسى وعيسى ـ عليهما السّلام ـ.

( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ) : مرسل للإنذار، كغيرك من الرّسل، وما عليك إلّا الإتيان بما تصحّ به نبوّتك من جنس المعجزات لا بما يقترح عليك.

والآيات كلّها متساوية الأقدام في حصول الغرض.

( وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) (٧): يهديهم إلى الحقّ، ويدعوهم إلى الصّواب.

وفي مجمع البيان(١) : عن ابن عبّاس قال: لـمّا نزلت هذه الآية قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ: أنا المنذر وعليّ الهادي من بعدي، بك يا عليّ يهتدي المهتدون.

وروي الحاكم أبو القاسم الحسكانيّ(٢) في كتاب «شواهد التّنزيل» بالإسناد [عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير، عن أبيه، عن حكم بن جبير](٣) عن أبي بردة الأسلميّ قال: دعا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بالطّهور، وعنده عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ. فأخذ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بيد عليّ ـ عليه السّلام ـ بعد ما تطهّر فألزقها(٤) بصدره، ثمّ قال: إنّما أنت منذر، يعني: نفسه، ثمّ ردّها إلى صدر عليّ ـ عليه السّلام ـ ثمّ قال: ولكلّ قوم هاد.

ثمّ قال: إنّك منار الأنام، وغاية الهدى، وأمير القرى، أشهد على ذلك إنّك كذلك.

وفي أمالي الصّدوق(٥) ، بإسناده إلى عبّاد(٦) بن عبد الله قال: قال عليّ ـ عليه السّلام ـ: ما نزلت من القرآن آية إلّا وقد علمت أين نزلت، وفيمن نزلت، [وفي أيّ شيء نزلت ،](٧) وفي سهل نزلت أو في جبل نزلت.

قيل: فما نزل فيك؟

قال: لو لا أنّكم سألتموني ما أخبرتكم، نزلت فيّ هذه الآية( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) . فرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ المنذر، وأنّا الهادي إلى ما جاء به.

__________________

(١) المجمع ٣ / ٢٧٨.

(٢) نفس المصدر والموضع.

(٣) من المصدر.

(٤) المصدر: فألزمها. ولزق الشيء بالشيء: اتّصل به لا يكون بينهما فجوة.

(٥) أمالي الصدوق / ٢٢٧ ـ ٢٢٨، ح ١٣.

(٦) أ، ب، ر: عبّاد الله بن عبد الله.

(٧) من المصدر.

٣٩٩

وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة(١) ، بإسناده إلى محمّد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ:( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ) (الآية).

فقال: كلّ إمام هاد لكلّ قوم في زمانه.

وفي أصول الكافي(٢) : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النّظر بن سويد وفضالة بن أيّوب، عن موسى بن بكر، عن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ:( وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) .

قال: كلّ إمام هاد للقرن الّذي هو فيهم.

عليّ بن إبراهيم(٣) ، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بريد العجليّ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ:( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) .

فقال: رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ المنذر، ولكلّ زمان إمام منّا هاد يهديهم إلى ما جاء به نبيّ الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ثمّ الهداة من بعده عليّ، ثمّ الأوصياء واحدا بعد واحد.

الحسين بن محمّد الأشعريّ(٤) ، عن معلّى بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن محمّد بن إسماعيل، عن سعدان، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ:( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ) .

فقال: قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ: أنا المنذر وعليّ الهادي.

يا أبا محمّد، هل من هاد اليوم؟

قلت: بلى، جعلت فداك، ما زال منكم هاد من بعد هاد حتّى دفعت إليك.

فقال: رحمك الله، يا أبا محمّد، لو كانت إذا نزلت آية على رجل ثمّ مات ذلك الرّجل ماتت الآية مات الكتاب، ولكنّه حيّ يجري فيمن بقي، كما جرى فيمن مضى.

محمّد بن يحيى(٥) ، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن منصور، عن عبد الرّحيم القصير، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ تبارك وتعالى ـ :

__________________

(١) كمال الدين ٢ / ٦٦٧ قريب منه.

(٢) الكافي ١ / ١٩١.

(٣) الكافي ١ / ١٩٢، ح ٢.

(٤) الكافي ١ / ١٩٢، ح ٣.

(٥) الكافي ١ / ١٩٢، ح ٤.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472